عن المقال

المؤلف :

محمد بن علي بن جميل المطري

التاريخ :

Sat, Apr 11 2015

التصنيف :

عبادات ومعاملات

تحميل

الحث على صلاة أربع ركعات بعد العشاء

الحث على صلاة أربع ركعات بعد العشاء



عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بِتُّ عند خالتي ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء فصلى أربعًا، ثم نام"؛ رواه أحمد في مسنده (3170 )، وصححه الأرناؤوط، وذكر هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتابه السنن الكبرى (2/ 670)، في باب مَن جعل بعد العشاء أربع ركعات أو أكثر.
 
وروى أبو داود (1346)، وصححه الأرناؤوط، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها سُئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل، فقالت: "كان يصلي العشاء في جماعة، ثم يرجع إلى أهله، فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه، وينام وطَهوره مغطى عند رأسه، وسواكه موضوع، حتى يبعثه الله ساعته التي يبعثه من الليل، فيتسوَّك، ويُسبغ الوضوء، ثم يقوم إلى مُصلاَّه، فيصلي ثماني ركعات".
 
وقد صح - أيضًا - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء، كما في الصحيحين، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهذا هو المشهور عنه، وصلاة الأربع الركعات بعد العشاء يُحمل على أنه كان في بعض الأوقات، فهذا الخلاف من التنوع في العبادات، فمن صلى ركعتين أو أربع ركعات فقد أحسن وأصاب، فالسنة صلاة ركعتين بعد العشاء أو أربع ركعات، قال العلامة العيني في البناية شرح الهداية (2/ 511): "في المبسوط: لو صلى أربعًا بعد العشاء فهو أفضل، فلما اختلف الخبران خُيِّرَ المصلِّي إن شاء صلى أربعًا، وإن شاء صلى ركعتين"؛ انتهى باختصار.
 
وينبغي لمن كان مقصرًا في قيام الليل أن يحرص على صلاة أربع ركعات بعد صلاة العشاء؛ فإن الصلاة بعد العشاء من قيام الليل، وقد كان كثير من السلف الصالح يصلون أربع ركعات بعد العشاء، ويحثون عليها، قال الألباني رحمه الله: "صح ذلك موقوفًا عن جمع من الصحابة، فأخرج ابن أبي شيبة، وابن نصر، عن عبدالله بن عمرو، قال: "من صلى أربعًا بعد العشاء، كُنَّ كقدرهن من ليلة القدر"، قلت: وإسناده صحيح، ثم أخرج ابن أبي شيبة مثله عن عائشة، وابن مسعود، وكعب بن ماتع، ومجاهد، وعبدالرحمن بن الأسود، موقوفًا عليهم، والأسانيد إليهم كلهم صحيحة، باستثناء كعب، وهي وإن كانت موقوفة، فلها حكم الرفع؛ لأنها لا تقال بالرأي، كما هو ظاهر"، انتهى مختصرًا من سلسلة الأحاديث الضعيفة (11/ 103).
 
قلت: وهذه هي الآثار التي أشار إليها الألباني، وصحح أسانيدها، أنقلها بألفاظها من مصنف ابن أبي شيبة، وقد عقد في مصنفه (2 /127) بابًا في أربع ركعات بعد العشاء، وذكر هذه الآثار، وهي:
1- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: "من صلى أربعًا بعد العشاء، كن كقدرهن من ليلة القدر" (7273).
 
2- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "أربع بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر" (7274).
 
3- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "من صلى أربعًا بعد العشاء، لا يفصل بينهن بتسليم، عدلن بمثلهن من ليلة القدر" (7275).
 
4- عن كعب بن ماتع رحمه الله، قال: "من صلى أربعًا بعد العشاء يُحسِن فيهن الركوع والسجود، عدلن مثلهن من ليلة القدر" (7276 - 7277).
 
5- عن مجاهد رحمه الله، قال: "أربع ركعات بعد العشاء الآخرة يكن بمنزلتهن من ليلة القدر" (7278).
 
6- عن عبدالرحمن بن الأسود رحمه الله، قال: "من صلى أربع ركعات بعد العشاء الآخرة، عدلن بمثلهن من ليلة القدر" (7279).
 
وتوجد آثار أخرى في الحث على أربع ركعات بعد صلاة العشاء، غير ما ذكره ابن أبي شيبة؛ منها: ما رواه عبدالرزاق الصنعاني (4727)، عن هشام بن حسان، عن عطاء، عن تبيع، قال: "من صلى بعد العشاء أربع ركعات يحسن فيهما القراءة والركوع والسجود، كان له مثل أجر ليلة القدر".
 
وروى محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم قدر الصلاة (114) بسند صحيح، عن القاسم بن أبي أيوب، قال: "كان سعيد بن جبير رحمه الله يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات، فأكلمه وأنا معه في البيت، فما يراجعني الكلام".
 
هذا، ومن شاء صلى هذه الركعات الأربع متصلة، أو منفصلة؛ ركعتين ثم ركعتين، وهو الأفضل، والله الموفق.