عن المقال

المؤلف :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

التاريخ :

Mon, Sep 15 2014

التصنيف :

فتوى

تحميل

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 020

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، (( يا أيها الذي آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))، (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))  (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ))، أما بعد ، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ،وبعد فإنه مما يحسن ذكره في هذه المناسبة المباركة إن شاء الله وهي بناء أخينا غازي على زوجته هذا البناء الذي نرجو أن يكون فيه خير السعادة في الدنيا والآخرة ، ولكن ينبغي أن نذكر بالسنة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلمها أصحابه بمثل هذه المناسبة الطيبة حيث كانت في الجاهلية يهنئ بعضهم بعضا بعبارة لا خير فيها في كثير من الأحيان وهي قول بعضهم لبعض وقد تزوج " بالرفاء والبنين " ولعل جميع الحاضرين يعلمون أن هذه العادة قد عادت في عصرنا الحاضر على صفحات الجرائد ، فيكتب بالخط الأسود والأكبر عنوان " بالرفاء والبنين " ثم يعلن عن فلان بأنه عقد عقده على فلانة فيهنئونه بهذه التهنئة الجاهلية التي أبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءنا بخير منها كما هو عادته عليه الصلاة والسلام وديدنه فما جاءنا إلا بخير ما جاءت به الأنبياء من قبل فضلا عن أنه جاء بخير ما كان في عهد الجاهلية وقد جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما من نبي إلا وكان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم )، ما من نبي بعثه الله عز وجل إلا وكان حقا واجبا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعا منه لمن تقدمه من الرسل والأنبياء إعمالا منه وتطبيقا لقول ربنا تبارك وتعالى (( فبهداهم اقتده ))،وأكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر حيث قال فيه عليه الصلاة والسلام ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ،وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا نهيتكم عنه )، فبماذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل تلك الجاهلية القديمة وهذه الجاهلية العصرية " بالرفاء والبنين " ما هو البديل ؟ الذي جاء به سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام الا هو قوله عليه الصلاة والسلام ( بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير )، هذا الدعاء هو الذي ينبغي على المسلمين جميعا أن يلتزموه وأن يهنئوا أخاهم المسلم حينما يتزوج بأخت له مسلمة ، فيقول له ( بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) أنا أعلم أن هذه العادة أو هذه التبريكة هو أمر مغمور مهجور عند كثير من المسلمين إن لم نقل أكثر المسلمين اليوم،وذلك بسبب بعدهم عن تعلم سنة نبيهم من جهة،وابتعادهم عن تطبيق ما يعلمون من السنة من جهة أخرى هذا في الرجال فما بالكم بالنساء ، إنهن أبعد بكثير عن أن يتعاطين هذه السنة بعضهن مع بعض أن تقول الواحدة لأختها المسلمة بمناسبة زواجها ( بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير ) ، فهذا التبريك هو الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ،وعلمنا إياه بديل تبريك الجاهلية القديمة والحديثة ألا وهي قولهم " بالرفاء والبنين " .

هذا الكلام يوصلنا إلى التحدث عن مسألة أخرى ، ألا وهي البنون من المستحب بالنسبة للمسلم والراغب في الزواج أن يبحث عن الزوجة التي يظن أنها ولود ، أقول يظن أنها ولود لأنه لا يمكن القطع بأن الفتاة الفلانية هي ولود ولكن ممكن بالظن الغالب أن يحكم على ذلك بالنظر إلى أبيها وأمها وجدتها ونحو ذلك من السلالة ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد صح عنه أنه قال ( تزوجوا الودود الولود فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) ففي هذا الحديث حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على أن يتقصدوا الاقتران والزواج بالفتاة الولود وقد عرفتم كيف يمكن بغلبة الظن التعرف على الفتاة الولود و،وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح علة أمره المذكور في قوله ( تزوجوا الودود الولود ) ذلك هو قوله صلى الله عليه وسلم ، في تمام الحديث ( فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) إذا عرفنا هذا الحديث النبوي الكريم استطعنا بعد ذلك أن ننفذ وأن نتوصل إلى مسألة طالما ابتلي بها كثير من الأزواج وهو الذي عرف في العصر الحاضر بتحديد النسل أو بتنظيم النسل، يجب أن نعلم أن هذا التحديد أو التنظيم هو من الأمور الدخيلة في الإسلام والتي يشجع المسلمين عليها أعداء الإسلام ، ذلك لأن توالد المسلمين لا شك أنه قوة لهم ، ومن أجل ذلك قال عليه السلام في الحديث السابق ( فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة ) فإذا رزق المسلم زوجة ولودا فقد حقق بذلك ذاك الأمر النبوي الكريم ( تزوجوا الولود الودود ) فحينئذ لا ينبغي للمسلم أن يتعاطى من الأسباب ما يقف في سبيل تحقيق هذه الرغبة النبوية الكريمة ألا وهو تحديد النسل أو تنظيم النسل، لا يليق بالمسلمين أن يغتروا بتقاليد الكافرين، لاسيما إذا كانوا يصدرون بعض تقاليدهم لغاية سياسية يرمون من ورائها إلى تضعيف شوكة المسلمين والذهاب بقوتهم من ذلك ما أرسلوه وأوفدوه إلينا بطرقهم الشتى وزينوا لنا ما سبق ذكره من تحديد النسل وتنظيمه ، قد يتبنى ذلك بعض الشعوب والأمم التي لا دين لها، يوجهها إلى صالح دنياها وأخراها كالوثنين مثلا والهندوس ونحو ذلك والصين الشيوعين حيث جروا مدة وسنين يتعاطون طريقة قطع النسل بطريقة الربط المعروف لعرق عند النساء قد يتبنى هذا الكفار الذين لا دين لهم أما المسلمون فينبغي أن يكونوا بعيدين كل البعد عن أن يتأثروا بمثل هذه النظم التي يصدرها الكفار إلى بعض الشعوب الأخرى بسبب تضعيفهم والذهاب بقوتهم وشوكتهم ، لاغرابة أن يتبنى ذلك من ليس مسلما لأن غير المسلم لا يرجوا من هذه الحياة الدنيا إلا أن يتمتع فيها كما وصفهم الله عز وجل في كتابه أنهم يتمتعون كما تتمتع الأنعام ، المسلم ليس كذلك إنه يحيى ليس لهذه الحياة وإنما لحياة أخرى هي الحياة الأبدية يعيش فيها المسلم إما كما هو المرجو به حياة سعيدة في جنات نعيم أو يعيش لا سمح الله حياة تعيسة شقية في النار والجحيم معرضين عن الاهتداء بشرع الله عز وجل الذي أرسل به محمدا صلى الله عليه وسلم ، كما قال عز وجل (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ))، إن المسلم حينما يرزقه الله تبارك وتعالى امرأة صالحة ولودا فهذه نعمة من الله عز وجل أرسلها إليه لأنه سيرزق من الأولاد ما يزداد به تقربا إلى الله تبارك وتعالى لأنه يتزوج ليس للتمتع كما تتمتع الأنعام للتسافد كما تتسافد الحمر والبهائم وإنما هو ليتقرب بذلك إلى الله عز وجل تجاوبه بمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )، الرجل المسلم أو الشاب المسلم حينما يتزوج فإنما يتزوج تنفيذا لحكم شرعي وليس اتباعا لهوى النفس فقط ، وأقول ليس اتباعا لهوى النفس فقط لأن المسلم يؤجر على قضائه لشهوته خلاف الكافر وخلاف الفاجر وذلك ما جاء به النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حينما جاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن الفقراء جاء رسولا من أصحابه الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ليقول يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويحجون كما نحج ويتصدقون ولا نتصدق قال عليه الصلاة والسلام ( إن لكم بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تكبيرة صدقة ويكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وإصلاح بين اثنين صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ) الشاهد هنا قال عليه السلام ( وفي بضع أحدكم صدقة )، أي وفي مجامعة أحدكم لزوجته صدقة ، قالوا متعجبين يا رسول الله ، ( أياتي أحدنا شهوته وله عليه أجر ، قال نعم، أليس إذا وضعها في الحرام يكون عليه وزر ؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له على ذلك أجر ) فالمسلم حينما يتزوج لا يقصد فقط قضاء وطره وأداء شهوته وإنما يقصد أيضا مع ذلك تنفيذ أمر الله عز وجل في مثل قوله تعالى (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )) ، وقول الرسول عليه السلام السابق الذكر ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )، المسلم أيضا يبتغي من وراء تزوجه شيئا آخر وهو أن يكثر من نسل أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحقيقا للرغبة النبوية السابقة ( تزوجوا الولود الودود ) كذلك يقصد أنه إذا رزق ولدا أو أولادا أن يعني بتربيتهم وان يكونوا خلفا لسلفهم الصالح للوالد الذي قان بتربية أولاده ، يترتب له من الأجر بعد وفاته كل ما فعله أولاده من بعده من الخير، لذلك قال ربنا تبارك وتعالى (( ونكتب ما قدموا وآثارهم ))،وقال الرسول صلى الله عليه وسلم تأكيد لجزء من هذا المعنى العام في هذه الآية ،  (( ونكتب ما قدموا وآثارهم ))، قال عليه السلام ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فإذا  المسلم حينما يرزق من الأولاد ما شاء الله فتلك نعمة قدمها الله تبارك وتعالى إليه ليقوم بواجب تربية هؤلاء الأولاد وليأتيه من أجورهم من بعد وفاته إلى يوم القيامة وقد يصاب المسلم كما هو الواقع والمشاهد بوفاة ولد له أو أكثر فتأتيه أجورا أخرى غير تلك الأجور التي أشرنا إليها آنفا ، من ما لو أحياهم الله عز وجل له وعاشوا بعد وفاته فجاءه من حسناتهم دون أن يكون هو قد فعل هذه الحسنات ، فالآن الصورة الأخرى إذا أصيب المسلم بوفاة بعض أولاده ثم صبر على ذلك ورضي بقضاء الله وقدره ضمن له الجنة، قال عليه الصلاة والسلام ( ما من مسلمين ) - أي زوجين - ( يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسه النار إلا تحلة القسم ، قالوا : واثنان يا رسول الله ، قال : واثنان ، قال أصحابه عليه الصلاة والسلام : حتى ظننا أننا لو قلنا وواحد لقال وواحد )، إذا المسلم المتزوج يعيش بين حسنتين لابد من أحداهما أن عاش أولاده من بعده جاءته أجورهم وهو في قبره وإن مات شيئا من ولده في قيد حياته فقد ضمن له الله تبارك وتعالى الجنة وأنه لن تمسه النار إلا تحلة القسم، ولا بد هنا أن نقف قليلا عند هذه الكلمة إلا تحلة القسم، ما معنى تحلة القسم يشير عليه الصلاة والسلام إلى قول الله عز وجل في القرآن (( وإن منكم إلا ورادها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، وإن منكم معشر الإنس والجن إلا واردها أي داخل النار لابد ولا مناص من ذلك ، لا فرق في ذلك بين بار ، وشقي كلهم (( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، الورود هن هو المرور على جسر جهنم الذي يحيط به لهيب نار جهنم ، الذين  يمرون على الجسر ، لابد أن تحيط بهم النار سواء كانوا صالحين أو طالحين ،ولكن الصالحين منهم وهنا الشاهد لا تمسهم النار بسوء أي أن النار في حق الصالحين المارين في جسر جهنم تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم ، فقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق  المرور لكل الثقلين الإنس والجن مع فارق هام جدا أن الأبرار لا تمسهم النار إلا مجرد المرور تنفيذا لهذا القسم الإلهي (( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذي اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))، المتقون يمرون على جهنم ولا يتساقطون فيها بخلاف الكفار فهم الذين يهوون في جهنم وبئس المصير ، إذا لماذا يسعى المسلم إلى تقليل نسله؟ هذه كرجل غني أنعم الله عليه تبارك وتعالى بكثير من المال فهو يضيعه ويحرقه مثل هذا كمثل هذا تماما بل الذي يضيع ولده ويقطع نسله أو يقلل نسله أمره شر من الذي يضيع ماله أو يقلل ماله، فهذه العادة التي بدأ بعض المسلمين اليوم يعتادونها مما ذكرنا آنفا من تحديد النسل أو تنظيمه هذه عادة كافرة لا صلة لها بالإسلام ولا تتفق مع عقلية المسلم الذي يحيا لله ويعيش مع أولاده ليصبحوا عبادا لله عز وجل صالحين تكتب أجورهم في صحيفة ليصبحوا أبويه إن عاشوا من بعده وإن ماتوا فقد ضمن الله تبارك وتعالى له الجنة وأن النار لن تمسه بسوء وأنه لا يدخلها إلا تحلة القسم هذا ما خطر في بالي أن أتحدث به إليكم وقد طلبت مني تلك الكلمة وإلا فأنا كنت متعبا وحضرت فقط لتهنئة أخينا ولكن لا ينبغي لنا أن نرد طلبا لأخ كريم لنا ما دمنا نجد إلى ذلك سبيلا، وهذا ما يسره الله لنا ونسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يلهمنا العمل بما علمنا والحمد لله رب العالمين .

السائل : سؤال نرجو أن تزيدنا حوله إيضاحا وعلما .

الشيخ : تفضل .

السائل : بالنسبة لزواج المتعة هل لنا  أن ننطلق من عدم تحريم الرسول صلى الله عليه وسلم له في عدم تحريمه ؟

الشيخ : ... جوابي أن السؤال خطأ من أصله لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المتعة وليس لم يحرمها فقد جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم أحاديث عديدة في النهي عن نكاح المتعة ومن هذه الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( حرم المتعة إلى يوم القيامة )، فأظن أن الجواب واضح وأن السؤال ما أدري من أين جاءك في قولك أن الرسول ما حرم .

السائل : الشائع عند الناس أن عمر بن الخطاب هو الذي حرم هذا الأمر .

الشيخ : هذا سؤال له جوابه أيضا ينبغي أن نتذكر قاعدة ، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرم شيئا من عنده ، لأن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله ، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحرم ولا يحلل إنما هو مبلغ عن المحلل والمحرم ألا وهو الله تبارك وتعالى ذلك لأن التحليل والتحريم هو تشريع، والتشريع ليس لأحد من البشر أن يشرع للناس شيئا من عند نفسه لأن المشرع إذا صح  التعبير هو الله وحده لا شريك له ، ولذلك نجد غير ما آية في القرآن الكريم تندد بالمشركين الذين كانوا يحرمون أشياء ويحللون أخرى فقال عز وجل (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )) وقال في حق النصارى (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ))، أشكل هذا النص القرآني ((أربابا من دون الله ))، أشكل على بعض الأصحاب الكرام الذين كانوا في المجلس الذي تلا فيه الرسول هذه الآية الكريمة وقد كان من العرب الذين تنصروا في الجاهلية ألا وهو عدي بن حاتم الطائي ، فلما سمع هذه الآية يقول في بني دينه النصارى (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )) قال : ( يا رسول الله ما اتخذناهم اربابا من دون الله ) لماذا يقول هذا لأنهلم يفهم الآية كما أراد الله تبارك وتعالى، فهم الآية أربابا يعني خلقوا السموات والأرض مع الله تبارك وتعالى لكن الرسول عليه الصلاة والسلام، سرعان ما بين له المعنى الصحيح الذي أطاح بإشكاله فقال له مجيبا بسؤاله إياه ( ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالا حرمتموه وإذا حللوا لكم حراما حللتموه ؟ قال أما هذا فقد كان ، فقال عليه السلام فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله ) ، أريد أن أقول إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الناس يوم القيامة بما فيهم آدم فمن دونه من الأنبياء ليس له أن يحلل أو يحرم وإنما ذلك لله عز وجل ، فهل لأحد دون الرسول عليه السلام أن يحرم ما دام أن الرسول لا يحرم ؟ الجواب الآن لإتمام توضيح السؤال إذا حرم الله شيئا وبلغنا إياه نبينا صلى الله عليه وسلم فهل نحن نحرمه أم نحلله ؟ إذا حرم الله شيئا فما هو موقفنا ؟ نحلله أم نحرمه ؟  نحرمه ، فأنت مثلا قد تنقل عني تقول فلان حرم المتعة، الأمر بدهي لأن هذا التحريم محرم على بلاغ الرسول عليه السلام الذي وصف في القرآن بقوله عز وجل : (( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ))، فإذا لما حرم عمر المتعة إنما حرمها بناء على تحريم الرسول إياها ، ولما حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حرمها من عند نفسه لأنه ليس له صفة التحليل والتحريم وإنما هو من عند ربه تبارك وتعالى ، تحريم عمر بن الخطاب للمتعة هو تنفيذ منه لنص شرعي، نريد بهذا أن نلفت النظر أن تحريم المتعة ليس فقط بالسنة بل السنة وضحت وبينت تحريم القرآن لها، كلنا يقرأ في أول سورة المؤمنون (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ، والذين هم عن اللغو معرضون ... والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ))، إذا ربنا عز وجل في هذه الآية المحكمة قد بين أنّ لا سبيل للمسلم لقضاء شهوته إلا من طريقين اثنين لا ثالث لهما الزواجوالتسري. المتعة متعة وليست زواجا ، ولذلك أكد الرسول عليه السلام ما أفادته هذه الآية من التحريم فعمر كان مبلغا عن الرسول بتحريم المتعة والرسول كان مبلغا عن الله عز وجل بتحريم المتعة فعل عمر بتحريم المتعة له شبه كبير جدا أقول الآن على سبيل المجاز بتشريعه قيام رمضان فإن كثيرا من الناس يتوهمون أن عمر بن الخطاب هو الذي ابتدع بدعة القيام في رمضان وصلاة قيام الليل مع الجماعة في رمضان وهو لم يصنع شيئا وإنما أحيى سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم ، من قبله حيث ولا أريد أن أطيل الآن إنما قصدت التقريب للموضوع لا أريد أن أفصل الكلام على صلاة التراويح لكني أذكر والذكرى تنفع المؤمنين ، فالرسول صلى صلاة القيام في رمضان جماعة ثلاث ليال ثم تركها خشية أن تفرض على الناس ولكنه في الوقت نفسه حض المسلمين على صلاة قيام رمضان جماعة فقال عليه الصلاة والسلام ( من صلى صلاة العشاء في رمضان مع الجماعة ثم قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )، إذا صلى صلاة العشاء  مع الجماعة ثم صلى صلاة القيام قيام الليل في رمضان مع الإمام ، كأنه قام الليل كله، فلو لم يكن في السنة إلا هذا الحديث الصريح في شرعية صلاة القيام مع الإمام في رمضان ففعل ذلك عمر بن الخطاب فهو لم يأت بشيء من عنده ، فكيف وقد انضم إلى هذا القول النبوي بالحض على صلاة القيام مع الإمام فعله لها عليه السلام ثلاثة أيام من رمضان فإذا عمر أحيى هذه السنة ولم يشرعها من عنده كذلك عمر حرم المتعة اتباعا لنبيه ولم يحرمها من عند نفسه ولعل في هذا جوابا لما سبق . تفضل .

السائل : سؤال عن إفشاء السلام ، هل إفشاء السلام مقيد للرجال فقط أم على الرجال والنساء على

عمومه ؟

الشيخ : أظن أنك تعني بسؤالك أن يسلم الرجال على النساء .

السائل : نعم والعكس .

الشيخ : وأن يسلم النساء بعضهم على الرجال ، ولا تعني في سؤالك بالطبع أن يسلم النساء بعضهن على بعض، فتعني في جملة ما تعني أن الشاب المسلم إذا مر بشابة مسلمة يقول لها السلام عليكم، ويكون خيرهما من الاثنين الذي يبدأ الآخر بالسلام ، فإذا هي لقيت شابا فتبادره بالسلام، قبل الشاب ويصير في مسابقة ... هذا من مضمون السؤال بالطبع فأقول لا بد قبل أن أقول يجوز أولا يجوز، أن أذكر بقاعدة هامة جدا ليتمكن بها طالب العلم، من التفقه في الدين، هذه القاعدة هي أنّ النصوص العامة التي جاءت في السنة فينبغي تطبيقها على النحو الذي طبقت أو طبق ذلك الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن نأخذ من الحديث معنى جديدا لم يجر عليه عمل السلف الأول، أنا أضرب لكم مثلا من عادتي أن أذكره لبعض أخواني في مثل هذه المناسبة ، كل المصلين الذين أنعم الله عليهم ، بأن يؤدوا فرائضهم في مساجد المسلمين حينما يأتون المسجد يدخل الواحد منهم، ويصلي السنة القبلية وحده وتجد المسجد فيه العشرات من المسلمين واحد هنا وواحد هنا واحد يركع وواحد ينهض إلى آخره أعني يصلون فرادى لا يصلون جماعة ، فلو أن واحدا من هؤلاء قال للجماعة تعالوا نصلي جماعة أحسن من أن نصلي متفرقين ، تعالوا لنصلي جماعة وقد قال عليه السلام ( يد الله على الجماعة ) حديث صحيح ، بل قال ما هو أصرح من ذلك  بمثل هذه المناسبة وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ) وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين وهكذا ، كلما كثر العدد كثر الأجر، فلو أن قائلا استدل على ما أراده الرسول عليه السلام ، الجواب لا فهذه القاعدة يدخل تحتها مئات المسائل وهي كل نص يتضمن أجزاء كثيرة بعض هذه الأجزاء التي تؤخذ من عموم النص لم يجر عمل السلف عليه ، فلا يجوز العمل به، وهو الابتداع في الدين وبسبب غفلة جماهير المسلمين في القرون المتأخرة عن هذه القاعدة الهامة أحدثوا في الدين من البدع ما أضاعوا بها كثيرا من السنن مصداقا لقول بعض السلف ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة، أي شخص منكم سواء كان مقتنعا بعموم قوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، فالبدعة تنقسم إلى أقسام خمسة سواء كان أي واحد الآن من الحاضرين يقول بأن الحديث على عمومه أو من العام المخصوص ، فقد يأتي بأي بدعة يراها هو بدعة أنا آتيه بحجة من دليل عام ،كل بدعة موجودة اليوم الا ما ندر لها دليل عام  فلماذا ننكر هذه البدع ، لأن السلف لم يعملوا بتلك البدع ، ومعنى ذلك أن السلف لم يفهموا أن هذه الجزئيات التي نفهم أنها تدخل في النص العام ، ما فهم السلف أنها تدخل في النص  العام لذلك لم يعملوا بهذا الجزء ،مثاله صلاة السنن مع الجماعة، مثاله سلام الشباب على الشابات ... فما دام أنه لم يجر العمل بذلك فلا يجوز أن نعمل نحن به، لذلك قال العلماء لا يجوز السلام على المرأة الشابة وإنما إذا كانت امرأة مسنة عجوز وأحلى أن تكون عجوزا شمطاء ، فحينئذ يسلم عليها لماذا لأن امتناع السلف عن إلقاء السلام على النساء عموما وفيهن الشابات هو من باب سد الذريعة ، ومثل ما قال شاعر مصر قديمة

" نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء "

 فمن باب سد الذريعة قطع الشارع الحكيم دابر الافتتان، فما سمح بإلقاء السلام من الشاب على الشابة وبالعكس ، لعلي أجبتك على سؤالك .

السائل : بارك الله فيك .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا أبا لطفي .

السائل : رجل من المسلمين يطرق الباب على بيت من المسلمين ، فتطرق الباب فتسأل الزوجة من في الباب ، فيقول لها السلام عليكم أنا فلان، فهل هذا مشروع أيضا ؟

الشيخ : هذا مشروع لأن هذا ما فيه فتنة .

السائل : جزاك الله خيرا .

الشيخ : وإياك .

السائل : ما حكم السارق يأخذ الولد من مال أبيه دون علم أبيه أو العكس  .

الشيخ : أما أخذ الولد من مال أبيه دون علم الأب فلا يجوز ، فهو حرام عليه ، أما أخذ الوالد من مال ولده إذا كان محتاجا إليه فيجوز ، لقوله عليه الصلاة والسلام ( أنت ومالك لأبيك )، إذا كان الوالد بحاجة لمال ولده أخذه لأنه كما قال عليه السلام في حديث آخر ( أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده وإن أولادكم من كسبكم )، فإذا أخذ الوالد من مال ولده دون إذنه ، فهو جائز ولا عكس .

السائل : هل يجوز للرجال الضرب على الدف ؟

الشيخ : لا .

السائل : وهل هناك مناسبات أخرى غير الزواج يضرب بها على الدف في الإسلام ؟

الشيخ : في العيد فقط ، ليس هناك إلا الزواج والعيد ولذلك أنكر الرسول عليه الصلاة والسلام على أبي بكر الصديق ، حينما دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد وهو مسجى أي مغطى ، وعنده جاريتان تغنيان تضربان عليه بدف ، دخل أبو بكر الصديق ، ولما سمع الضرب على الدف في بيت النبوة قال أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فالاستفهام للاستنكاري ، فرفع الرسول عليه السلام رأسه وقال ( دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا )، لذلك قال العلماء يجوز الضرب على الدف في الزواج لقوله عليه السلام ( فصل ما بين النكاح والسفاح الضرب على الدف )  وكذلك في العيد لحديث أبي بكر الصديق ،ذلك لأن أبا بكر كان معذورا في إنكاره على الجاريتين لضربهما على الدف، لأنه هو الأصل أي أن الضرب على الدف هو من الملاهي التي يحرم تعاطيها أبد الدهر هكذا تفيد النصوص العامة في الشريعة الإسلامية وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، تعلم من الرسول عليه السلام في جملة ما تعلم تحريم الملاهي، ولذلك لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وسمع الجاريتين تضربان بالدف ، استعمل العلم السابق أن هذا من الملاهي التي حرمها الرسول لكنه كان بعد ما علم أبو بكر الصديق أن الشارع الحكيم استثنى من الملاهي المحرمة ، أبد الدهر الدف ، ليس فقط بالعرس بل وفي يوم العيد ، لم يكن أبو بكر الصديق قد علم ذلك من قبل ... محاطة بجلد من وجه واحد وليس عليه القطعة النحاسية المدورة حيث تعطي نغمة زيادة على طبيعة الضرب على هذا الدف هذا هو فقط ليس أكثر .

السائل : امرأة نذرت إذا ابنها نجح في التوجيهي أن تضرب على الدف ؟

الشيخ : هذا نذر معصية لقد أكدنا آنفا بأن الضرب على الدف حرام أبد الدهر إلا بمناسبة العرس والعيد فهذه التي نذرت أن تضرب على الدف بمناسبة ما ، هذا نذر معصية وقد قال عليه السلام ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، نعم وقع في زمن الرسول عليه السلام أمر لن يتحقق أبدا بعد وفاته عليه السلام ذلك أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن جاء منتظرا على أعدائه في بعض المعارك ، قالت : " إني نذرت أنك إذا رجعت سالما أن أضرب بين يديك بالدف " قال ( فافعلي ) ، وهذا نص يجب أن يفهم بملاحظة أمرين اثنين ، الأمر الأول عظمة الرسول عليه السلام والكفار هذا فيه حفظ للدين وهذا لا يتحقق بالنسبة لغيره أبدا والشيء الثاني أن للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصيات لا يشاركه فيها أحد من الناس أبدا ، فلا ينبغي أن يتوهم متوهم أنه يجوز لإنسان أن ينذر الضرب على الدف بمناسبة فرح له قياسا على ما فعلته المرأة مع النبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا قياس كما يقول الفقهاء قياس مع الفارق ، أو كما يقول بعضهم من باب قياس الحدادين على الملائكة فأين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نذرت إذا عاد سالما وأين من بعده حتى قيل إن عاد سالما ، بينما هنا ما في عاد سالما إنما نجح في الامتحان وما قيمة هذا الامتحان ممكن السقوط فيه خير له ، بعض الامتحانات تكون هكذا فإذا لا يجوز الوفاء بمثل هذا النذر إطلاقا . لعلكم بلغتهم .

السائل : نعم .

الشيخ : وجاهزون إن شاء الله .

السائل : ما بعرف لكن في سؤال من بعض الإخوة ، أنه بالنسبة لبعض الزوايا من الصوفيين يضربون على الدف ويستعملون الشيش أي نعم ما هو الحكم في هذه المسألة ؟

الشيخ : علم حكم الضرب على الدف من كلامنا السابق ، لكننا الآن نزيد شيئا الضرب على الدف كلهو من الملاهي حرام لكن أشد من هذا الحرام إدخال هذا الحرام في العبادة في الذكر لله عز وجل ، فهذا حرام لا يجوز لأن الإتيان بالمعصية معصية ، لكن أشد من هذه المعصية التقرب إلى الله بها، فهؤلاء الصوفيون أو الطرقيون الذين يرقصون في الذكر ويضربون عليه بالدف بل بالطبل هذا يصدق فيهم قول بعض أهل العلم  " متى علم الناس في ديننا بأن الغناء سنة تتبع

 وأن يأكل المرء أكل الحمار ويرقص في الجمع حتى يقع

 وقالوا سكرنا بحب الإله وما أسكر القوم إلا القصع

 كذلك البهائم يرقصها ريها والشبع

 فيا للعقول ويا للنهي إلا منكر منكم للبدع

تهان مساجدنا بالسماع وتكرم مثل ذاك البيع "

 وكما قال آخر

" أيا جيل ابتدع شر جيل لقد جئتم بأمر مستحيل

 أفي القرآن قال لكم الإله كلوا مثل البهائم وارقصوا لي ؟ "

 حاشا ، إذا الضرب على الدف أو الطبل في الذكر هذا أشد تحريما من الضرب على الدف في اللهو، لأنهم يصدق فيهم قول ربنا عز وجل في كتابه (( اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا )) ((اتخذوا دينهم لهوا ولعبا )) وقال تبارك وتعالى في حق المشركين ما الآية (( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية )) ، ما كانت صلاتهم عبادتهم لله عند البيت الحرام إلا مكاء صفيرا وأنتم ترون الشباب الآن كيف يصفرون هذا إرث ورثه الكفار بعضهم من بعض وكان المشركون في عهد الجاهلية في بيت الله الحرام يتقربون إلى الله بالصفير والتصفيق (( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية )) هكذا اليوم يفعل بعض المسلمين ممن عرفتم ذم فقهاء المسلمين لهم، وإنكارهم عليهم أشد الإنكار حتى أفتى بلغ  بعضهم بأن المكان الذي يذكر فيه هؤلاء الرقصة الأكلة يجب أن يحرث لأنه تلون أتي فيه بمعصية الله عز وجل ذلك الذكر الذي زعموا أنه ذكر وإنما هو لهو أما الضرب بالشيش فهذه مصيبة المصائب ، أن يكون هناك المئات الألوف من المسلمين يتوهمون أيضا هذا الإيذاء للنفس هو معجزة هو كرامة لهؤلاء الناس الذين يزعمون أنهم على شيء من الدين وليسوا على شيء لأن الدين هو اتباع ما كان عليه الرسول عليه السلام، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا  أصحابه الكرام يذكرون الله بهذه الصفة التي عرفتم شيئا منها من تلك الأشعار التي أسمعتكم إياها، فهنا حرامان اجتمعا عند هؤلاء الضرب على الدف في الذكر وضرب هؤلاء الناس لأنفسهم بالشيش وهذا إيذاء للنفس يقترن به تضليل للمسلمين ، وإيهامهم أن هذه كرامة والحقيقة أنها ليست كرامة بل هي إهانة ، ثم هي تمرين يستطيعه أفجر الفاجرين أن يفعل فعلهم ، يستطيع أن يفعل ذلك الكافر ، الكافر الذي لا يؤمن بالله ورسوله لماذا لأنه تمرين رياضة وأنتم لعلكم جميعا سمعتم بعض غرائب الهندوس والوثنين الذين يدفن أحدهم على مرأى من شهود بل وأطباء فحاصين حضروا خصيصا كيف يدفن هذا في الأرض ثم يخرج حيا من أين يتنفس ؟ هل معنى هذا الوثني لأنه عاش تحت التراب أياما ليس ساعات ثم خرج حيا، هذا من أولياء الله الكبار ؟حاشا لله هذه تمارين ورياضة والرياضة تأتي بعجائب الأمورانتم مثلا ترون حوادث كثيرة وكثيرة جدا حبل ممدود على ... نحن لو مشينا على جسر ضيق ننقلب وهو يمشي على الحبل ايش هذه كرامة ليس لها علاقة بالكرامة أبدا، هذا هو التمرن ويشترك فيه الصالح والطالح والمؤمن والكافر ، وعلماء المسلمين قديما وحديثا لهم تجارب مع هؤلاء الناس ، الذين لا يعرفون من دينهم سوى هذه التمارين التي اعتادوها ثم يضللون الناس بها  مع أن العلماء يقولون

" إذا رأيت شخصا قد يطير   وفوق ماء البحر قد يسير

 ولم يقف على حدود الشرع    فإنه مستدرج وبدعي " .

لماذا قالوا ؟

قالوا لأن هناك خوارق العادات تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، معجزة كرامة استدراج ، المعجزة من النبي والكرامة من الولي والاستدراج من الكافر والمنافق  لستم بحاجة لنتحدث عن المعجزات فهي في الكتاب والسنة ما شاء الله كثيرة والكرامات ايضا كرامات الأولياء الصادقين الصالحين فهي والحمد لله كثيرة (( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ))، هذه كرامة لمريم عليها السلام ، وهنا كتب مؤلفة في هذا الصدد ومن أحسنها كتاب ابن تيمية رحمه الله ما اسمه ؟ نعم

السائل : ...

الشيخ : ذكرونا باسمه يا جماعة

السائل : ...

الشيخ : لا ، الخلاصة اما الحديث الذي ينبغي أن نتحدث عنه هو الاستدراج ، لقد جاء في أحاديث كثيرة وصحيحة بل ومتواترة أن الدجال الأكبر في آخر الزمان يقول للسماء أمطري فتمطر ، يقول للأرض  انبتي نباتك فتنبت ، يقول للخرابة " الأرض الخربة " ، أخرجي كنوزك فتخرج وتتبعه ، يقطع الرجل قسمين بالسيف ثم يعيده حيا، هل هذه كرامات ، هذه خوارق عادات يجريها الله على هذا الدجال الأكبر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( ما بين خلق آدم والساعة فتنة أكبر من فتنة المسيح الدجال )، فهو  هذا المسيح الدجال يأتي بهذه الخوارق خوارق العادات ، فإذا الخارق للعادة ما يدل على الصلاح أبدا، الصلاح هو العمل الصالح ، لذلك قال الشاعر السابق

" إذا رأيت شخصا قد يطير يطير"

بدون أجنحة ليس بالطائرة الكفار يطيرون وسبقونا بالطيران .

" إذا رأيت شخصا يطير وفوق ماء البحر قد يسير "

" ولم يقف عند حدود الشرع، فإنه مستدرج وبدعي "

فهؤلاء الذين يضربون أنفسهم بالشيش هذه تمارين ومن أكبر الأدلة على ذلك أنك إذا قلت لأحدهم هات أنا ضربك موس صغير يقول لك لا لماذا إذا كان هو صاحب كرامة فعلا خليه كرامته لأي شخص يضربه في أي مكان ، يقول لا لماذا لأنه هو ليس متمرنا يضرب حاله هنا في الصدر في القلب ولا هنا ولا هنا وإنما هنا ، حيث العظم حيث اللحم ، ليس حيث الأعصاب وحيث العظام .

قلت آنفا لعلماء المسلمين على مر الزمان تجارب مع هؤلاء الدجالين من أشهرهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي تحدى شيخ الرفاعيين في زمانه والمعروف بالبطائحين الذي كان يتظاهر بأنه يدخل النار ولا يحترق ، فتحداهم ووصل خبر التحدي إلى أمير دمشق يومئذ فاستدعى شيخ الطريق وشيخ الإسلام ابن تيمية حتى يرى كيف يتجادلان وماذا يفعلان بالنهاية، فتكلم شيخ الإسلام بما عنده من علم وإن هؤلاء من أشرار الخلق من شرار الخلق وأنهم لا علم ولا تقوى ولا صلاح وإنما يدجلون الناس بأمور يشترك في فعلها الصالح والطالح والمؤمن والكافر وقال في جملة ما قال : " إن هؤلاء يدهنون أبدانهم بمادة خاصة وثيابهم كذلك ، فيدخلون التنور ولا تحرقهم النار ،وأنا أتحداهم بشرط واحد ، تأمر يا حضرة الأمير أن يخلعوا هذه الثياب وتأتيهم ثياب غسيل من عندك وتأمرهم أن يغسلوا بالماء والخل أبدانهم ، ثم يلبسون هذه الثياب البياض وأدخل أنا حينذاك معهم التنور ، فمن احترق منا فهو الكاذب" فلما انكشف الأمر لذلك الدجال ، إيش نكص على عقبيه، حوادث كثيرة وكثيرة .

لعل من المفيد أن أذكر لكم بسيط قصة ، قصة بسيطة جدا وقعت لي أنا ، وأنا العبد الفقير ، كنت سافرت إلى حلب من دمشق في سبيل الدعوة ألقينا الدرس وانفض الناس ويبقى عادة اربعة خمسة من إخواننا الأصدقاء ، تأخر معهم شخص ما رأيته البتة قبل تلك الساعة، جالس هناك بعيدا عني وبطنه كبير وما هو بالبدين نحيف مع ذلك كرشته هكذا كبيرة، قلت له أيه هذا ؟ قال هذه الرحمانية ، أنا أول مرة أسمع كلمة الرحمانية هناك في حلب، قلت إيش يعني الرحمانية؟ قال يعني الشيش ،قلت أنت جئت به لماذا، أنا أعرف ، قال حتى تروا كراماتنا قلت له الأمر سهل، كنت أحمل يومئذ موسى ذي نصلين ، كل نصل هكذا طوله صغير لأجل براية القلم قلت له إذا أضربك بهذه الموسى بيدي ، فقال بيدي ، يعني هو يضرب حاله بالموسى التي أعطيه إياه بيده ، قلت لا بيدي ، قال بيدي ، فالناس بدأوا يفرجون على هذه الكلمة التي تتكرر من الفريقين أنا أقول بيدي وهو يقول بيدي ، بيدي بيديبيدي وبطبيعة الحال أنا أصبر منه أولا محق وثانيا مضى علي ما شاء الله من سنين أنا أدعو الناس أشكالا وألوانا إلى دين الله الحق ، فكلّ وملّ ولذلك طلع منه آخر كلمة ما الفرق، أنا أقول له بيدي وهو يقول بيدي بيديبيدي ، بعد هذا ملّ وكلّ وقال إيش الفرق؟ قلت له ما دام ما فيه فرق فبيدي، فبهت الذي ضل ،وحوّل الموضوع رأسا وهذا من تجهيلهم ونادى صاحب الدار واسمه كان أبو أحمد ، أي نعم، وقال يا أبا أحمد هات المنقل ، تقولون أنتم منقل الفحم ، فهمت أنا ما يريد ، قلت أنا يا أبا أحمد لا تأتي بالمنقل هات الكبريتة ، ... سبحان الله كان هو من الصوفية يعتادوا يحطون حطة بيضاء دون عقال ، فجاء بالكبريت أشعلت الكبريت و قمت إليه ، قلت له ارجع عن دعواك بالباطل ولا بعدك مسكين وجم يعني خرس ولا كلمة ولا يحكي ولا كلمة وأنا أتقدم إليه خطوة، خطوة حتى اقتربت منه فعلا وضعت الكبريت في الغضاضة الحطة حقه وبدأت تلتهب ثم أخذت هكذا فحركتها خشية أن يزداد الشرر عملتها هكذا صارت فتحة هكذا قلت اذهب عند شيوخكم قل لهم هذه كرامات السلفيين .

السائل : نصلي يا شيخ العشاء .

الشيخ : طيب نصلي الآن .

... هذه نصيحة من الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عبر الهاتف لفتاةمن جماعة الحبشي التي تفاجأت وأظهرت النكير عند رؤيتها لكتاب من كتب الشيخ ناصر .

الشيخ : ... يجب أن تعلمي أننا في الزمان الأخير وآخر الزمان ويجب أن تعلمي مع هذه الحقيقة الواقعية التي لا شك فيها إنسان يجب أن تعلمي معها حقيقة أخرى وهي أننا في زمان تفرق المسلمون فيه، تفرقا شيء منه ورثوه ، عن التفرق السابق، وشيء منه تفرقوا فيه في هذا الزمن اللاحق ، مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح معروف، أوله ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا من هي يا رسول الله ، قال هي ما أنا عليه وأصحابي ) فأرجوا أن تقفي معي عند هذه الكلمة ، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الفرقة الناجية التي هي فرقة واحدة ، من ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا هذه الفرقة الناجية ، وقطع النبي صلى الله عليه وسلم بأنها التي تكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس هذا فقط بل أضاف إلى ذلك قوله وأصحابي ، ولاشك أن التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وحدها هو الكافي وهو الهدي والنور ولكن ما دام أن بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم اربع عشر قرنا ، وهناك الفرق الكثيرة التي أشار إليها الرسول عليه السلام في الحديث السابق فيجب على المسلم فوق اعترافه أو تعرفه على السنة أن يتعرف على ما كان عليه الصحابة ولذلك قال عليه السلام ( هي التي ما أنا عليه واصحابي ) ذلك لأن أصحاب الرسول عليه السلام  تلقوا البيان منه للشريعة من فمه غضا طريا ، أما نحن فبيننا وبينه عليه السلام وسائط كثيرة، وهذه الوسائط من أجل تمييز ما يجوز التمسك بها مما لا يجوز ، أو ما يجوز الاحتجاج بها مما لا يجوز وجد علم اسمه علم الحديث ، واسم علم التجريح والتعديل ، ولذلك فإذا ما أردنا أن نعرف ما كان عليه الرسول عليه السلام فنحن نعرفه من طريق علماء الحديث، الذين يسندوننا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه أصحابه الكرام ، بعد هذه المقدمة الوجيزة ، نأتي إلى ذلك المثال الذي حدثنا به أخونا أبو أحمد جزاه الله خيرا، وهي حديث الجارية الثابتفي كتب السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه و سلم سأل الجارية ( أين الله ، فقالت : في السماء ) فأنت تبعا للشيخ عبد الله الهرري ، تنكرون هذا الذي أقره الرسول عليه السلام من القول من الجارية أنّ الله عز وجل في السماء علما أن ما قالته الجارية هو ما نص عليه ربنا عز وجل في القرآن الكريم في قوله في سورة تبارك (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ))، وأنا اعلم أن هناك تأويلات لمثل هذه الآية تصدر من مثل الحبشي وغيره، وهنا أقول عليك أن تعودي في فهم الكتاب والسنة إلى الصحابة الذي جعلهم الرسول عليه السلام دليلا على أنّ من تمسك بما كانوا عليه تبعا ، للرسول عليه السلام فهو من الفرقةالناجية، فهل علمت بواسطة كتب الحبشي أو غيره أن أحدا من السلف أنكر هذا الذي أنكره الحبشي من القول بمثل ما قالت الجارية أن الله عز وجل في السماء ثم من أنكر أن الله في السماء فهو سيكون أحد شيئين لا ثالث لهما الشيء الأول : أنه تحت السماء وهذا كفر صريح بواح وإما أن يقول إن الله في الوجود كله كما يقول به المعتزلة به قديما صراحة ومن تشبه بهم حديثا ضمنا وليس صراحة حيث يقولون بمناسبة  وبغير مناسبة الله موجود في كل مكان " الله موجود في كل الوجود " وهذا هو الكفر لأنه يعني القول بوحدة الوجود التي يقول بها غلاة الصوفية، وهم الذي يقولون لا خالق ولا مخلوق إنما هو شيء واحد ، كما يقول بعض غلاتهم كل ما تراه في عينك فهو الله ، ويقول آخر لما عبد المجوس النار ؟ ما عبدوا إلا الواحد القهار ، ذلك لأنهم يعتقدون قول الطبائعيين والدهريين  أنه ليس هناك خالق متميز بصفاته عن المخلوقات ما هو إلا هذا الدهر، وهذا ما صرح به القرآن الكريم (( إن يهلكنا إلا الدهر ))، عن الكافرين الأولين ، فلذلك فنفي القول بأن الله في السماء المصرح به في القرآن وحديث الجارية وغيره يلزم هؤلاء النفاة أن يقولوا  إن الله تحت السماء أو أن يقولوا إن الله في كل مكان ،وسواء قالوا هذا أو هذا فهو الكفر ، أما حينما يقول المسلم ، إن الله على العرش استوى ، استواء يليق بجلاله وكماله ، هذا الاستواء والعلو الذي يسبح الله به حينما يسجد متواضعا لربه فيقول سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى ، ما الذي ينبغي على المسلم أن يفكر وأن يفسر قوله سبحان ربي الأعلى إذا لم يؤمن بانه حقيقة أن الله على العرش استوى ؟ وإنما آمن بأنه معه في الأرض أو تحت السماء بينما الله كما هو عقيدة السلف (( الرحمن على العرش استوى ))، استوى ، استوى استواء يليق بجلاله ويفسر عبد الله بن المبارك هذا الاستواء بقوله : " الله تبارك وتعالى فوق العرش بذاته وهو بائن من خلقه ، وهو معهم بعلمه " فالله لا تغيب عليه غائبة في الأرض ولا في السماء ، ولكنه على العرش استوى ، هذه الكلمة خلاصتها أنه يجب على كل مسلم ، أن يتفهم الإسلام على ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه الكر<