عن المقال

المؤلف :

محمد بن علي بن جميل المطري

التاريخ :

Sat, Apr 11 2015

التصنيف :

سير وأعلام

تحميل

مِن قصص أغنياء التابعين ومَن بعدهم

مِن قصص أغنياء التابعين ومَن بعدهم



ذكر المؤرخون أنه كان ناسٌ مِن أهل المدينة يعيشون لا يدرون مِن أين كان معاشهم، فلمَّا مات علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمه الله فقَدوا ذلك الذي كانوا يُؤتَون باللَّيل.
 
وقال أبو السَّوَّار العدويُّ: كان رجالٌ مِن بني عدي يصلُّون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قطُّ وحده، إن وجد مَن يأكل معه أكل، وإلَّا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع النَّاس، وأكل النَّاس معه.
 
وقال عبدالله بن الوسيم الجمَّال: أتينا عمران بن موسى بن طَلْحَة بن عبيدالله نسأله في دَيْنٍ على رجلٍ مِن أصحابنا، فأمر بالموائد فنُصِبَت، ثمَّ قال: لا، حتى تصيبوا مِن طعامنا، فيجب علينا حقُّكم وذمامكم، قال: فأصبنا مِن طعامه، فأمر لنا بعشرة آلاف درهمٍ في قضاء دَينه، وخمسة آلاف درهمٍ نفقةً لعياله.
 
وفي ترجمة عبدالله بن المبارك في سير أعلام النبلاء لمؤرخ الإسلام الذهبي (8/ 409 - 410): كان عبدالله بن المبارك غنيًّا، شاكرًا، رأس ماله نحو الأربع مائة ألف.
 
قال حبان بن موسى: رأيت سفرة ابن المبارك حملت على عجلة.
 
وقال أبو إسحاق الطالقاني: رأيت بعيرينِ محملين دجاجًا مشويًّا لسفرة ابن المبارك.
 
وعن محمد بن عبدالرحمن بن سهم، قال: كنت مع ابن المبارك، فكان يأكل كل يوم، فيشوى له جَدْيٌ، ويتخذ له فالوذق [وهو حلوى فاخرة]، فقيل له في ذلك، فقال: إني دفعتُ إلى وكيلي ألف دينار، وأمرته أن يوسِّعَ علينا.
 
قال نعيم بن حماد: قدم ابن المبارك أيلة على يونسَ بن يزيد، ومعه غلام مفرَّغ لعمل الفالوذج، يتخذه للمحدِّثين.
 
قال الحسن بن حماد: دخل أبو أسامة على ابن المبارك، فوجد في وجهه عبدالله أثرَ الضر، فلما خرج، بعَث إليه أربعة آلاف درهم، وكتب إليه:
وفتًى خلا من ماله 
ومِن المروءة غيرُ خال 
أعطاك قبل سؤاله 
وكفاك مكروه السؤال 
 
وقال المسيب بن واضح: أرسل ابن المبارك إلى أبي بكر بن عياش أربعة آلاف درهم، فقال: سُدَّ بها فتنة القوم عنك.
 
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة الوزير ابن هبيرة (15/ 298 - 301):
الوزير العادل علي بن عيسى بن داود البغدادي، الإمام، المحدِّث، الصادق، الوزير، العادل، أبو الحسن علي بن عيسى بن داود بن الجراح البغدادي، كان على الحقيقة غنيًّا شاكرًا، ينطوي على دِينٍ متين، وعلم وفضل، وكان صبورًا على المِحَن، ولله به عناية، وهو القائل يعزِّي ولدَي القاضي عمر بن أبي عمر القاضي في أبيهما: مصيبةٌ قد وجَب أجرها خيرٌ مِن نعمة لا يؤدى شكرها.
 
وكان - رحمه الله - كثيرَ الصدقات والصلوات، مجلسه موفورٌ بالعلماء، قال الصولي: لا أعلم أنه وزر لبني العباس مثله؛ في عفَّتِه وزهده، وحفظه للقرآن، وعلمه بمعانيه، وكان يصوم نهاره، ويقوم ليله، وكان الوزير متواضعًا، قال: ما لبستُ ثوبًا بأزيدَ من سبعة دنانير، قال أحمد بن كامل القاضي: سمعتُ علي بن عيسى الوزير، يقول: كسبت سبعمائة ألف دينار، أخرجت منها في وجوه البِرِّ ستمائة ألف وثمانين ألفًا، توفي في آخر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.