من أبحاث المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الإمارات-دبي 1425هـ - 2004م
أ. نجيب بوحنيك و أ. سلاف لقيقط
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه و نستغفره و نتوب إليه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد، و من يضلل فلا هادي له، و الصّلاة و السّلام على أشرف الخلق الذي بعث رحمة للعالمين، و على آله و صحبه أجمعين، و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين، و بعد :
عند قراءتنا لمجالات البحوث التي عرضتها الأمانة العامة للمؤتمر العالمي السّابع حول الإعجاز العلمي في القرآن و السنة، استوقفنا مجال : علم الحياة، عند مسألة : ولوغ الكلب، فبحثنا في كتب الفقه و دواوين السنة. فإذا بنا أمام موروث ضخم يشمل في غالبيته كثيرا من الحقائق العلمية المعاصرة التي توصّل إليها العلم الحديث بعد مرور آلاف السنين، من نزول الوحي الكريم، على محمد المصطفى الأمين، عليه أفضل الصّلاة و أزكى التسليم.
و بعد قراءة مع تدبّر.. و بعد نظر و تفحّص.. اطمأنّ قلبينا لهذا الموضوع، فعزمنا -مستعينين بالله- على بحثه و إثرائه.. و اعتبرنا هذا الفتح نعمة من عليم لغير عليم، و من قدير لغير قدير.
فرجعنا إلى آراء الفقهاء من خلال مؤلفاتهم و موسوعاتهم في مجال الفقه و التفسير و الحديث و غيرها... فعرضنا مختلف آراء المذاهب الأربعة مع مذهب الظّاهرية في حكم –غالب- المسائل التي تضمّنها هذا البحث، باعتماد مصادر و مراجع كل مذهب، و التي تعبّر حقيقة عن قول أصحابها.
و كذلك رجعنا إلى البحوث العلميّة و الطبيّة التي بحثت هذه المسألة من خلال التجارب والتحاليل العلميّة الدقيقة، و التي نقلت إلينا من أطباء و علماء أمناء من خلال كتبهم و مجلاتهم –وقد تيسّر لنا منها القليل- و قد اعتمدنا هذا المنهج في جمع المادة العلميّة، و ذلك لكي تتجلّى الفكرة في أسمى صورها باعتماد الرأيين : الشّرعي و العلمي.
و قد حاولنا الموازنة بين مختلف الآراء في المسألة، مع اختيار ما نراه قريبا إلى وجه الصّواب ثم التدليل عليه ما أمكن ذلك، في حدود نظرنا القاصر الشبيه بالعدم، أمام أدلة هؤلاء الجهابذة وحججهم من الفقهاء و الأطباء على حدّ سواء، مع إبراز منهج الأقدمين في كتاباتهم، و بيان أنّهم لا يخبطون في دين الله خبط عشواء، بل كانوا يُحْكمون الخطة، و يحدّدون المنهج، ثم يخْطُون إلى أهدافهم بخطى ثابتة و عقل واع، فإذا بهم يدركون الغاية من وجهها الصّحيح، و من ثمّ يدرك القارئ يقينا عبقرية تلك العقول المبدعة التي عرفت كيف تضع المنهج الصّحيح لإدراك غاية صحيحة، مستلهمة في ذلك عون الله أولا... و الأخذ بالأسباب ثانيا..
و بعد جمع المادة العلميّة و تهذيبها و ترتيبها، وفق ما تتطلبه المنهجية العلمية المقرّرة في مثل هذه البحوث، جاءت خطّة هذا البحث متضمنة مطلبا تمهيديا، و ستة مطالب، كلّ مطلب مفرّع إلى ثلاثة فروع حسب التفصيل و التّرتيب الآتي :
ولوغ الكلب بين استنباطات الفقهاء واكتشافات الأطباء