تعدد الزوجات في الإسلام والنصرانية واليهودية

تعدد الزوجات في الإسلام والنصرانية واليهودية:

يهدف هذا الكتاب لتفنيد شبهة تعدد الزوجات لمن التبس عليه الأمر من غير المسلمين وتقديم الجواب الشافي بإذن الله لهم عن تلك المسألة، ومن النقاط التي يتناولها هذا الكتاب الآتي:

١- الفرق بين تعدد الزوجات في الإسلام وشروطه وحدوده وبين تعدد الزوجات في اليهودية والنصرانية بلا أي قيد أو شرط أو حد أقصى لعدد الزوجات.

٢- الفرق بين تعدد الزوجات في الإسلام وتعدد العشيقات وتبادل الزوجات في القوانين الوضعية. 

٣- الفرق بين الزوجة الثانية في الإسلام والعشيقة الثانية في القوانين الوضعية. 

٤- تعدد الزوجات تشريع حكيم لصالح المرأة والرجل والمجتمع من لدن عليم خبير.

تعدد الزوجات في الإسلام والنصرانية واليهودية: 

يهدف هذا الكتاب لتفنيد شبهة تعدد الزوجات لمن التبس عليه الأمر من غير المسلمين وتقديم الجواب الشافي بإذن الله لهم عن تلك المسألة، ومن النقاط التي يتناولها هذا الكتاب الآتي:

١- الفرق بين تعدد الزوجات في الإسلام وشروطه وحدوده وبين تعدد الزوجات في اليهودية والنصرانية بلا أي قيد أو شرط أو حد أقصى لعدد الزوجات.

٢- الفرق بين تعدد الزوجات في الإسلام وتعدد العشيقات وتبادل الزوجات في القوانين الوضعية. 

٣- الفرق بين الزوجة الثانية في الإسلام والعشيقة الثانية في القوانين الوضعية. 

٤- تعدد الزوجات تشريع حكيم لصالح المرأة والرجل والمجتمع من لدن عليم خبير.

تعدد الزوجات في الإسلام والنصرانية واليهودية

 

كتبه

أحمد الأمير

 

www.islamland.com

 

 

الفهرس

  • المقدمة
  • تعدد الزوجات وتعدد العشيقات وتبادل الزوجات.

الفصل الأول:

  • تعدد الزوجات وتعدد العشيقات في القوانين الوضعية.
  • الفرق بين الزوجة الثانية والعشيقة الثانية.

الفصل الثاني:

  • تبادل الزوجات في القوانين الوضعية.

الفصل الثالث:

  • تعدد الزوجات في اليهودية والنصرانية.

الفصل الرابع:

  • تعدد الزوجات في الإسلام.

 

 

المقدمة

الحمد لله الذي أرسل محمدا بشيراً ونذيراً، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وفضل صحابته ومنحهم فضلا كبيراً، فصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه صلاة وسلاماً متتابعاً كثيراً.

أما بعد:

فإن من أكثر الأمور التي يتردد السؤال عنها من غير المسلمين هي مسألة "تعدد الزوجات في الإسلام"، فمنهم من يسعى للحصول على جواب شافي لمعرفة الحقيقة، ومنهم من فقط قد تضايق مما رآه من تدفق الناس على الدخول في الإسلام أفواجا، فاستخدم مسألة تعدد الزوجات لخلق شبهة عن الإسلام وصد عنه الناس، ولهذا فقد كتبت هذا الكتاب كجواب شافي بإذن الله لمن يسعى لمعرفة الحق، ولتفنيد شبهات من لا يريد إلا صد الناس عن دين الله باختلاق الأكاذيب التي لا فرع لها ولا أصل!

ولهذا إبتداءاً نقول: إن تعدد الزوجات ليس أمراً حصرياً على الإسلام، بل هو موجود في جميع العقائد والأديان الآخرى، فضلا عن وجوده في جميع القوانين الوضعية التي شرعها الناس. وبالنظر في الأمر نجد أن الشريعة الإسلامية قد أباحت للرجل تعدد الزوجات ولكن في إطار يحافظ على إستقرار المجتمع والأسرة، أما القوانين الوضعية فقد أباحت تعدد الخليلات والعشيقات في إطار يدمر المجتمع والأسرة، وسنورد بأمر الله تعالى مقارنة بين التعدد في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي لنرى التشريع الذي يتفق مع الفطرة ويضمن حق المرأة وكرامتها.

ثانياً نقول: أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي نص صراحة على تحديد تعدد الزوجات ووضع قيود له، فقد قال الله تعالى :" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا." سورة النساء الآية 3.

 أما بقية الأديان فإن تعدد الزوجات هو أمر مسموح به بلا قيود أو شرط. وقبل أن نستطرد في موقف الأديان من تعدد الزوجات نعرض في الفصل القادم موقف القوانين الوضعية منه.

 

أحمد الأمير

 

 

تعدد الزوجات وتعدد العشيقات وتبادل الزوجات

الفصل الأول

تعدد الزوجات وتعدد العشيقات في القوانين الوضعية:

 إن تعدد الزوجات أو تعدد العشيقات له معنى واحد عام، هو أن الرجل قد احتاج لأن يكون عنده أكثر من امرأة واحدة لأسباب خاصة به يمكن سرد بعض منها فيما بعد، ولكن النتيجة النهائية واحدة، وهي أن للرجل زوجة وزوجة آخرى غيرها، أو زوجة وعشيقة أخرى غيرها!! ومن المنظور القانوني فإن بعض القوانين الوضعية تجرم تعدد الزوجات قائلة أنه أمر ينافي الأخلاق الرفيعة، في حين أنها في الوقت ذاته تقنن تعدد العشيقات بل وتقنن أيضا ممارسة الفاحشة والبغاء!! أي أنه لو تزوج رجل بامرأة آخرى وعلمت الحكومة بهذا فإنه سوف يخضع للمحاكمة بسبب هذا الجرم والشهوانية والانحطاط الأخلاقي من وجهة نظرهم ويعاقب بالسجن، أما إذا اتخذ عشيقة على زوجته، بل واكتسب حتى منها أولادا غير شرعيين، فلا بأس بذلك ، فلا يجرم أو يعاقب، لأن هذا في نظرهم ليس بجريمة أو شهوانية أو انحطاط أخلاقي وإنما هو حرية شخصية وانفتاح أخلاقي!! مع العلم أن الفرق بين تعدد الزوجات وتعدد العشيقات هو فقط وجود ورقة زواج هي بمثابة عقد يضمن حقوق الزوجة الثانية في حالة الزواج، وعدم وجود تلك الورقة يعني أن المرأة الثانية ستظل مجرد عشيقة بلا حقوق رسمية معترف بها!! فهل حقا تحارب الحكومات أن يتخذ الرجل امرأة ثانية غير زوجته سواء بأن يتخذها زوجة ثانية أو حتى عشيقة، أم تحارب تلك الورقة وذلك العقد الذي يربطه بزوجته الثانية ويضمن لها حقوقها عليه ويلزمه بأداء تلك الحقوق؟!! بمعنى آخر هل الجرم هو اتخاذه لامرأة آخرى غير زوجته سواء كزوجة أو عشيقة ثانية أم الجرم هو إمضاءه على ورقة؟!! فإن كان تحريم تعدد الزوجات هو بسبب ألا يتخذ الرجل إلا زوجة واحدة فقط فمن الواجب أيضا تجريم وتحريم تعدد العشيقات!! بل والكثير من الرجال الآن في البلاد الغربية قد عزفوا عن الزواج وفضلوا أن يعيشوا حياتهم دون الإرتباط بامرأة واحدة، وذلك ليكون بمقدوره أن يغير كل عدة أشهر صديقته بصديقة جديدة يعاشرها معاشرة الأزواج دون إرتباطات. فهل كافحت القوانين الوضعية هذا الأمر وجرمته ؟!! أم أن هذا يعد حرية شخصية في أن يعاشر الرجل الواحد العديد من النساء دون حد أعلى لعددهن؟!! والأدهى من هذا كله هو أن القوانين الوضعية قد قننت مهنة البغاء، بحيث توجد أماكن مرخص لها من الحكومة، تقوم بإستعباد بعض النساء وتأجيرهن بالساعة للرجل الذي يريد أن يخون زوجته. وكل امرأة من تلك النساء تحصل على رخصة رسمية من الدولة بممارسة البغاء ولها ملف ضريبي حيث تدفع ضرائبها في آخر العام شأنها شأن أي مواطن صالح!! وقد انتشر هذا الأمر جدا في كثير من الدول التي هي نفسها تجرم تعدد الزوجات، فلا يكاد يخلو شارع من شوارعها من دار للبغاء!! وهنا نقول أن تعدد الزوجات أيضاً يعتبر من الحرية الشخصية إذا كان الغرب يريد تطبيقها، خاصة إذا علمنا أنه لايكون إلا برضى كل من الطرفين، كما إن اتخاذ العشيقات والبغاء لايكون إلا برضى كل منهما، ولكنه العداء لكل ماهو إسلامي، وصدق الله العظيم :" وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ." سورة البقرة الآية 120.

 

الفرق بين الزوجة الثانية والعشيقة الثانية:

 إن الرجل قبل أن يقرر اتخاذه لزوجة ثانية يفكر بمسئولية كبيرة بسبب ما يترتب على هذا الزواج من التزامات عليه وحقوقا لزوجته الثانية سواءً مالية أو شرعية، أما في حالة إتخاذه عشيقة فما أبسط الأمر لديه لعلمه أنها سوف تبقى عشيقة فقط بلا التزامات عليه أوحقوق لها أو لأبناءها منه إذا حملت!! وهذا يفتح باب الشر والفساد في المجتمع لأنه يدفع الرجل للتنقل بين عشيقة وعشيقة هدفه التسلية والتمتع، كلما قضى متعته وشهوته من عشيقة بحث عن عشيقة أخرى أو بمعنى أصح ضحية أخرى يلعب بأحاسيسها ومشاعرها ويدمر مستقبلها!! ولا يتورع عادة هذا الرجل من الكذب على عشيقته برغبته من الزواج منها وأن ما يمنعه كون الحكومة لا تسمح بتعدد الزوجات وأنه سوف ينفصل عن زوجته من أجل أن يتزوجها ، فمن كذب وخان زوجته فما الذي يمنعه من أن يخدع ويكذب على عشيقته ؟!!

 علماً أن هذا العمل (اتخاذ العشيقات) له أضراره السلبية على الرجل نفسه ، فحياته ستكون تعيسة يعيشها كما يعيش المجرمون يتوارى دائما محاولاً أن لا تراه زوجته معها أو تسمعه يحدثها، وهذا السلوك دليل دلالة قاطعة على خطأ العمل الذي يقوم به، إذ لو كان عملاً طيباً لما حاول إخفاؤه !! وكذلك له اضراره السلبية على المرأة أيضاً لأن المرأة التي رضيت بأن تكون عشيقة لرجل متزوج لن تكون أبدا على نفس القدر من زوجته الأولى بل ستعتبر نفسها امرأة من الدرجة الثانية تعرف أنها تعيش مع رجل ليس بزوجها وإنما هو زوج امرأة أخرى، فلا تستطيع أن تعيش معه حياة طبيعية سواءً داخلياً أو خارجياً فلا تستطيع أن تستمتع بوقتها بالتنزه معه مخافة أن يراهما أحد معا، أيضاً عدم استقرارها النفسي والعاطفي فهي معرضة للترك في أي لحظة يرى عشيقها أنه قد سئمها .

 والأمر الآخر الذي قد تغافلت عنه القوانين الوضعية أو تحاول تجاهله هو أن تعدد الزوجات يصب في مصلحة المرأة قبل الرجل، فعدد النساء حول العالم أضعاف عدد الرجال وذلك لعدة أسباب منها :-

١- الولادة:

فالإحصائيات الدولية تدل على أن معدل عدد المواليد الرضع من الإناث يفوق عدد الذكور.

٢- معدل الوفاة:

حيث أن معدل الوفاة بين الرجال مرتفع جدا بسبب الحروب الطاحنة مثل الحرب العالمية الأولى والثانية والحروب التي تشن بين الدول بين فترة وأخرى وكذلك الحوادث المرورية الذي يكون أغلب ضحياها من الرجال أو بسبب معدل الوفاة في سن مبكرة والذي يرتفع عند الذكور عنه عن النساء.

٣- عزوف الرجال عن الزواج:

بسبب عدم الرغبة في القيام بالإلتزامات الزوجية والعائلية أو بسبب الشذوذ حيث يتجه الكثير من الذكور في كثير من بعض الدول المتقدمة نحو الشذوذ الجنسي أو بسبب الرهبنة حيث أنه في المجتمعات النصرانية يتجه الكثير من الرجال نحو البتولية وعدم الزواج.

٤- السجن:

حيث أن نسبة معدل المساجين من الذكور مرتفع أكثر من النساء.

 كل هذه الأسباب تجعل من العسير على المرأة أن تحصل على زوج يشاركها حياتها. وقد دفعت القوانين الوضعية بتحريمها لتعدد الزوجات الكثير من النساء أن يرضين بأن يصبحن مجرد عشيقات حتى يحصلن على رجل ولو كان هذا الرجل هو زوجا لامرأة آخرى!! وكان الأحرى بالقوانين الوضعية أن تقنن تعدد الزوجات تاركة الأمر لحرية واختيار المرأة، فالزواج بوجه عام لا يتم إلا بتراضي الطرفين، وتجريم تعدد الزوجات هو في الواقع ينافي الحريات الشخصية التي تنادي بها تلك الدول نفسها.

 فلو أن شخصا قال لامرأة من تلك النساء اللاتي لم يستطعن الحصول على زوج وأرادت الزواج برجل متزوج سواء أكانت نصرانية أو يهودية أو مسلمة أو بوذية أن تعدد الزوجات أمرغير لائق أخلاقيا وأنها من الأفضل أن تبقى عذراء بلا زوج ومحرومة من حقها في العيش حياة طبيعية كأي امرأة آخرى متزوجة، أو أنه الأفضل لها أن تعيش كعشيقة لرجل متزوج بالفعل من امرأة آخرى ثم بعد أن يتركها، عليها أن تبحث عن عشيق آخر وهكذا تمضي حياتها، فسوف ترد عليه قائلة: "وما شأنك أنت ؟ إن كنت لا ترغب في تعدد الزوجات أو ترى أنه غير لائق فهذا شأنك ولا تفرض رأيك على غيرك ممن يرون خلاف ذلك، فمن شاء فليعدد ومن لم يشأ فليقتصر على الزواج بواحدة!!"

 

الفصل الثاني

تبادل الزوجات في القوانين الوضعية

ينتشر الأن وبشكل كبير في العديد من البلدان المتقدمة ظاهرة تبادل الزوجات[1]، حيث يقوم رجلان بتبادل الزوجات فيضاجع كلا منهما زوجة الآخر، أو أن يقوم الرجل بمضاجعة زوجته وزوجة الرجل الآخر في نفس الوقت ثم بعدها يقوم الآخر بمضاجعة زوجته وزوجة الرجل الأول في نفس الوقت. والسبب في هذا كما ذكره العديد من الأزواج هو رغبتهم في التغيير والتعدد الجنسي وإعتباره وسيلة للتقارب بين الأصدقاء وتوطيد العلاقات بينهم. وقد ذكر الكاتب كورتيس بيرجستراند في كتابه "تبادل الزوجات في أمريكا" أن تلك العادة أخذت في الإنتشار في أمريكا أولا بين الطيارين الحربيين أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث كان معدل الوفيات بين الطيارين مرتفعا، وكان الطيارون قد شكلوا مجتمعا خاص بهم ليربط بين عائلاتهم بشكل أفضل، وهكذا كان الطيارون يعتنون بزوجات الطيارين الآخرين في حالة فقدانهم أو موتهم، وكان هذا الإعتناء يمتد إلى الإعتناء العاطفي والجنسي أيضا، ومن أشكال تبادل الزوجات التي بدأت في الظهور والإنتشار بين الأزواج في المجتمع المدني الأمريكي، ما يعرف بنوادي المفاتيح، حيث يقوم الرجال بإلقاء مفاتيح بيوتهم على الأرض بشكل عشوائي ومن ثم تقوم كل زوجة بالتقاط أي مفتاح بشكل عشوائي، وهكذا تكون تلك الزوجة من نصيب ذلك الرجل صاحب المفتاح لتلك الليلة[2]. وقد نشر في موقع القناة الإخبارية السي إن إن بتاريخ 15 سبتمبر لعام 2011 أن عدد الأزواج الذين يمارسون تبادل الزوجات قد وصل إلى ما يقارب 15 مليون!! وتوجد الآن العديد من المنظمات العالمية التي تشجع ظاهرة تبادل الزوجات وتنظم رحلات ونوادي وحفلات خاصة لممارسة تبادل الزوجات، حيث لايسمح في تلك الحفلات للرجال بالدخول إن لم يكن معهم زوجاتهم أما النساء فيسمح لهن أن يدخلن ولو كن بدون أزواجهن، وتوجد في تلك الحفلات غرف مخصصة لممارسة الجنس، وهكذا يستطيع الرجل بعد الإنتهاء من ممارسة الجنس مع زوجة رجل آخر أن يعيد الكرة في نفس الليلة مع زوجة رجل غيره، ونفس الوضع بالنسبة لزوجته تستطيع تكرار ممارسة الرذيلة مع عدة أزواج كل واحد منهم على حدة!! وبالطبع فإن تبادل الزوجات غير مجرم في القوانين الوضعية وإنما يعتبرونه حرية جنسية وشخصية، ويعتبرون أنه من اللائق أخلاقيا أن يعتني طيار بزوجة طيار آخر متوفي أو مفقود بأن يشبع رغباتها الجنسية والعاطفية، أما تعدد الزوجات فيعتبرونه جريمة !!! فلو أن طيارا متزوجا قد تزوج زوجة طيار آخر متوفي ليعتني بها لاعتبروه مجرما وسجنوه بتهمة تعدد الزوجات!! ولكنه انتكاس الفطرة!!

 

الفصل الثالث

تعدد الزوجات في اليهودية والنصرانية:

في الغالب أنه لم يُذكر نبي في الكتاب المقدس إلا وله العديد من الزوجات، مثل نبي الله سليمان وداود وإبراهيم ويعقوب وغيرهم عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام، فقد ذُكر عن نبي الله سليمان عليه السلام في سفر الملوك الأول (11/3): (وكانت له سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري.). وقد ذكر في سفر التثنية (21/15): (إذا كان رجل متزوجا من امرأتين، إحداهما محبوبة والآخرى مكروهة ...). سفر الخروج (21/10): (أما إذا أعجبته وتزوجها، ثم عاد فتزوج من آخرى، فإنه لا ينقص شيئا من طعامها وكسوتها ومعاشرتها.)

 كما أنه لم يرد نص واحد في الكتاب المقدس لا العهد القديم ولا العهد الجديد يحرم تعدد الزوجات أو حتى يحدد عدد الزوجات!! فمن النصوص التي تثبت وجود التعدد في العهد الجديد:

رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس (3/1): (1 صادقة هي الكلمة: إن ابتغى أحد الأسقفية، فيشتهي عملا صالحا. 2 فيجب أن يكون الأسقف: بلا لوم، بعل امرأة واحدة، صاحيا، عاقلا، محتشما، مضيفا للغرباء، صالحا للتعليم ... 12 ليكن الشمامسة كل: بعل امرأة واحدة، مدبرين أولادهم وبيوتهم حسنا) وفي هذا النص نجد أن تعدد الزوجات مباح لجميع الناس إلا لمن أراد أن يصبح أسقفا أوشماسا. وقد ذكرت الكاتبة ماتيلدا جوسلين في كتابها المرأة والكنيسة والدولة ما يلي[3]: (أليس هذا دليلا واضحا من أقوال بولس عن مؤهلات الأسقف أن يكون (زوج امرأة واحدة) بأن تعدد الزوجات كان مسموحا به في الكنيسة الأولى بموافقة الرسل تلاميذ السيد المسيح؟! .. إن كان الأمر كذلك فلماذا إذن يتم الآن تبني معايير مختلفة عن تلك المعايير التي أقرها الرسل أنفسهم؟!)

 ولقد استشهد بعض النصارى ببعض النصوص من العهد الجديد على تحريم التعدد، مثل:

إنجيل مرقس (10/2): (2 فتقدم الفريسيون وسألوه: "هل يحل للرجل أن يطلق امرأته؟". ليجربوه. 3 فأجاب وقال لهم: "بماذا أوصاكم موسى؟". 4 فقالوا: "موسى أذن أن يكتب كتاب طلاق، فتطلق". 5 فأجاب يسوع وقال لهم: "من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية، 6 ولكن من بدء الخليقة، ذكرا وأنثى خلقهما الله. 7 من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، 8 ويكون الإثنان جسدا واحدا. إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. 9 فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان". 10 ثم في البيت سأله تلاميذه أيضا عن ذلك، 11 فقال لهم: "من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزني على زوجته الأولى. 12 وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني")

إنجيل لوقا (16/14): (14 وكان الفريسيون أيضا يسمعون هذا كله، وهم محبون للمال، فاستهزأوا به. 15 فقال لهم: "أنتم الذين تبررون أنفسكم قدام الناس! ولكن الله يعرف قلوبكم. إن المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله. 16 كان الناموس والأنبياء إلى يوحنا. ومن ذلك الوقت يبشر بملكوت الله، وكل واحد يغتصب نفسه إليه. 17 ولكن زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس. 18 كل من يطلق امرأته ويتزوج بأخرى يزني، وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني")

إنجيل متى (5/31): (31 وقيل: من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. 32 وأما أنا فأقول لكم: إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني)

 وكما نرى من تلك النصوص الثلاثه أن النص يتحدث عن الطلاق وليس عن تعدد الزوجات، وفي عبارة (ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما الله) المقصود هنا آدم وحواء ككلاما سيق بوجه العموم، ولم يقل أن التعدد محرما منذ بدء الخليقة، لأن هذا يتعارض مع ما هو متعارف عليه في الكتاب المقدس من تعدد الزوجات وخصوصاً للأنبياء. وعلى هذا فهذه النصوص لايصلح الإستشهاد بها لتحريم تعدد الزوجات وإنما يستشهد بها لتحريم الطلاق، سواءً أكان للرجل امرأة واحدة أو أكثر. وذكرت النصوص أن الحالة الوحيدة المسموح فيها بالطلاق هي إن زنت الزوجة، فعندها للرجل أن يطلقها، ولكن إن طلقها ظلماً وعدواناً دون أن تكون قد زنت، ومن ثم تزوج بغيرها فهو قد زنى عليها (أي خانها وكأنه قد عاشر امرأة آخرى لا تحل له)، ولا يقول النص أن من تزوج على زوجته دون أن يطلقها بأنه زنى أو خانها، وهي نفس الحالة في عبارة (وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزني) فهنا ربط صفة الزنى بتطليق الزوج وليس بالتعدد، ولو كان المقصود هو التعدد فكيف يكون التعدد في حالة أن امرأة طلقت زوجها وتزوجت بآخر (مفرد) أو الرجل طلق زوجته وتزوج بآخرى (مفردة)؟!! أي لو كان الإشكال هو التعدد لكان تطليق الزوج زوجته والزواج بآخرى حلالا!! ولكن المقصود هو عدم تطليق الزوج لزوجته حتى ولو كان عنده أكثر من زوجة. وفي عبارة (وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني) فهنا تشير العبارة بوضوح أن الرجل الذي يتزوج بامرأة مطلقة حتى ولو كانت هي المرة الأولى التي يتزوج فيها، فإن هذا يعد زنى له، ليس بسبب التعدد فهو لم يعدد، ولكن بسبب أنه تزوج بمطلقة. وهنا نرى مدى الإختلاف في النص بين إنجيل مرقس وبين إنجيل لوقا، فكلاهما ذكر نفس القصة ولكن بنص مختلف جدا مما يعني عدم صلاحية الإستشهاد بكليهما واعتبارهما نصاً مقدساً موحي به من عند الله أو نسبتهما للسيد المسيح عليه السلام .

رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس (7/1): (1 وأما من جهة الأمور التي كتبتم لي عنها: فحسن للرجل أن لا يمس امرأة. 2 ولكن لسبب الزنا، ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها... 8 ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل، إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. 9 ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن التزوج أصلح من التحرق.)

وهنا أيضا يقول (ليكن لكل واحد امرأته) والمعنى هنا لا علاقة له بتحريم تعدد الزوجات، وإنما المقصود ألا يمس الرجل امرأة ليست بامرأته، أي لا يقرب الزنى، وهذا على سياق أن يقال: ليراعي كل واحد منا ابنه، أو ليحمي كل واحد منا بيته أو ماله أو تجارته، وكما قيل في سفر صموئيل الأول (15/3): (3 فالأن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له، ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا) فليس المقصود أن اقتل رجلا واحدا وامرأة واحدة وطفلا واحدا وحمارا واحدا، بل المقصود كل ما هو من جنس الرجال والنساء والأطفال والحمير إلخ. وفي قوله (لأن التزوج أصلح من التحرق) ليس فيه أي إشارة لتحريم تعدد الزوجات، بل هو قال التزوج وتركها مفتوحة.

وهناك الكثير من القساوسة والنصارى من طوائف عدة يقرون بعدم وجود تحريم لتعدد الزوجات في النصرانية، وقد تزوج العديد منهم بأكثر من امرأة، مثل الملك شارلمان، الإمبراطور فالنتينيان الأول، لوثر وغيرهم، وقد ذكرت الكاتبة ماتيلدا جوسلين ذلك قائلة: "إنه ومن المعترف به تاريخيا بشكل لا يقبل الجدال فيه، هو أن كلا من الكنيسة المسيحية والدولة المسيحية عبر العصور المختلفة وتحت العديد من الظروف المختلفة، قد أعطوا نفوذهم لصالح تعدد الزوجات. فالإمبراطور فالنتينيان الأول في القرن الرابع الميلادي أعطى للمسيحيين الحق في التزوج بامرأتين، وفي القرن الثامن الملك شارلمان والذي كان رأس الكنيسة والدولة المسيحية، تزوج بستة نساء وبعض المؤرخين يذكرون أنهن كن تسع ... لوثر نفسه ممسكا بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يقول: أعترف من جهتي بأنه إذا أراد رجل التزوج بامرأتين أو أكثر، فلا أستطيع تحريم ذلك عليه، ولا يخالف تصرفه هذا الكتب المقدسة"[4]. وقد قال القديس أغسطينوس: "والآن في الواقع في عصرنا هذا، بعد أن استخدمنا القانون الروماني، لا يستطيع الرجل أن يتزوج زوجة آخرى إضافية طالما أن زوجته الأولى مازالت على قيد الحياة"[5]. وهذا يدل على أن تحريم التعدد كان بسبب إعتماد القانون الروماني وليس بسبب نصوص دينية. ويقول أيضا القديس أغسطينوس: "مرة آخرى، يعقوب ابن اسحاق اتهم بإرتكاب جريمة كبرى لأنه تزوج بأربعة زوجات، ولكن لا يوجد اساس لهذا الإتهام، لأن تعدد الزوجات لم يكن بجريمة لأنه كان العرف، ولكن الآن أصبح جريمة لأنه لم يعد في العرف ... والسبب الوحيد لاعتبار تعدد الزوجات جريمة الآن هو فقط لأن العرف والقانون يحرمانه"[6].

 

الفصل الرابع

تعدد الزوجات في الإسلام:

لفهم المنظور الإسلامي من تعدد الزوجات فيجب علينا معرفة الآتي:

  1. أن الإسلام ليس الدين الوحيد الذي شرع تعدد الزوجات، ولكنه الدين الوحيد الذي حد من تعدد الزوجات والذي كان مسموحا به في جميع الأديان الآخرى. فقد قال الحارث بن قيس: (أسلمت وعندي ثمان نسوة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر منهن أربعا") أبو داود وصححه الألباني.
  2. أن التعدد في الإسلام ليس من الأموار الواجبة على كل مسلم التي يأثم من تركها ويعتبر نقصاً في دينه ولكنه من الأمور المباحة فمن شاء عدد ومن شاء فلا، مثله مثل كثير من المباحات في الاسلام .التي لايؤاخذ المسلم بتركها.
  3. معرفة سبب نزول آية التعدد فقبل قراءة الآية القرآنية الشريفة التي تبيح تعدد الزوجات وتقصره على أربع علينا أن نقرأ الآيات القرآنية التي تسبقها ونفهمها ونفهم سبب نزولها لنعلم أنها لم تنزل إلا دفاعاً عن المرآة وحفظاً لحقوقها .

 قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)) سورة النساء.

الله عزوجل في بداية الآيات الشريفة يأمر الناس أن يتقوه ويخشوه وأن يعطوا اليتامى الذين هم أوصياء عليهم أموالهم إذا وصلوا سن البلوغ ورأوا منهم القدرة على حفظ أموالهم، وألا يظلموهم بأكل أموالهم، فقد كان العرب قبل الإسلام إذا كان تحت وصية الرجل منهم يتيما ذا مال، فإنه يخلط أموال اليتيم بأمواله ويأخذ منها الجيد ويترك له الردئ من أجل أن يحتالوا عليهم!! وقد ذكر السدي في ذلك: "كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم، ويجعل مكانها الشاة المهزولة، ويقول: "شاة بشاة"، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف، ويقول: "درهم بدرهم"." وقد نهى الله عزوجل عن تلك الجريمة من سرقة مال اليتيم فقال: (إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) أي إثما عظيما كبيرا.

 ويستمر مسلسل الإحتيال على اليتيم وأكل ماله خاصةً إذا كان اليتيم فتاة، فقد سأل عروة بن الزبير رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) قالت : (يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن). (البخاري)

 وهكذا فإن الأية الكريمة نزلت في الرجل يأكل حق اليتيمة التي تحت وصيته ورعايته، فإنه كان إن أراد أن ينكحها كان لا يعطيها مهرا كما هو المعتاد لغيرها من النساء، فنهاه الله عز وجل عن هذا وأمره أن يعطيها مهرها المتعارف عليه كما لغيرها من النساء، أو أن يتركها ولا يتزوجها وله أن يتزوج بامرأة آخري غيرها، أو حتى اثنتين أو ثلاثة أو أربع من النساء كحد أقصى. ولكن كثيرا ما يأتي بعض من أعداء الإسلام بمقصهم السحري المعتاد والمعروف، فيقصوا من الآيات الكريمة كل ما سبق قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) ويقصوا أيضا ما بعده، وهو شرط التعدد وهو العدل بين الزوجات!!

 

شرط التعدد في القرآن:

الإسلام لم يأمر الرجل بأن يتخذ زوجة أخرى غير زوجته، وإنما أباح له ذلك ووضع له من الشروط ما يجعل الرجل يأخذ الأمر بغاية الجدية قبل أن يقرر الزواج بزوجة ثانية فمن تلك الشروط تحقيق العدل بين الزوجات في المأكل والملبس والمشرب والمبيت، قال الله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) سورة النساء الآية 3.

ونهى عن الجور والظلم للزوجات والميل نحو إحداهن على حساب الآخرى، فقال عزوجل: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما) سورة النساء الآية 129

 وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل" صحيح. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه.

ويجب الأخذ في العلم عزيزي القارئ أن الإسلام دينا عالميا أنزل لكل البشر في كل زمان ومكان ولم ينزل لأشخاص أو مجتمعات معينه فتأتي قواعده وشرائعه لتتناسب مع تفكيرهم ورغباتهم، ولهذا فقد أباح الإسلام للرجل أن يتزوج بأكثر من زوجة تفهما لواقعهم الحياتي وظروفهم المعيشية فما يعتقد أنه لا يصلح في هذا المجتمع قد يصلح في مجتمع آخر وما لا يصلح في هذا الزمان قد يصلح في زمان بعده ، وأيضاً رحمة بالنساء اللاتي سيظللن عوانس في حالة عدم التعدد، فمن أراد ان يأخذ بهذه الرخصة فليأخذ بها ويلتزم بشروطها ومن أراد عدم الأخذ فله ذلك!!

 

تم بحمد الله وفضله

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

www.islamland.com

 

 


[1] Swinging، wife swapping، wife sharing، partner sharing، wife trading or wife lending.

[2] Swinging in America: Love، Sex، and Marriage in the 21st Century، By Curtis R. Bergstrand، Jennifer Blevins Sinski.

[3] Matilda Joslyn Gage، ‘‘Women، Church and State’’، Chapter VII، Polygamy، page 404.

[4] Matilda Joslyn Gage، ‘‘Women، Church and State’’، Chapter VII، Polygamy، page 398.

[5] St. Augustine of Hippo، ‘‘Moral Treatises Of St. Augustine’’.

[6] Philip Schaff، ‘‘Nicene and Post-Nicene Fathers’’: First Series، Volume IV St. Augustine: The Writings Against the Manichaeans، and Against the Donatists، Book XXII، Page 289.