About the article
سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 472
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم , شيخ جنابكم الفاضل قد وضّح يعني في أشرطة كثيرة الأزمة الّتي تمرّ بها , أزمة الخليج الّتي سمّيت و لكنّنا في بغداد سمعنا أقوالا قد تكون متناقضة يعني أناس يقولون الشّيخ يفتي بكذا و الشّيخ يفتي بكذا و أناس آخرون يقولون لا الشّيخ قد غيّر فتواه الأولى و قال آخر شيء كذا بعد أن حصل ما حصل و انتهى كلّ شيء فالواقع نحن لا نريد أن نطيل عندنا أسئلة إن كان جنابكم يسع لتسع أسئلة أو عشرة أسئلة , شيء مختصر و أنا لا أريد أن أثقّل الواقع أنا محرج من هذه المسألة لا أريد أثقل شيء مختصر ما وصلت إليه الأزمة ما تقولون فيما جرى بشيء مختصر من غير أن نثقل عليكم .
الشيخ : على كلّ حال نحن أجبنا بأجوبة مفصّلة عن فتنة الخليج و نزولا عند رغبتك نقول اعتداء العراق على الكويت لا شكّ أنّه مخالفة شرعيّة صريحة مهما قيل من مسوّغات و مبرّرات من الّذين كانوا يتعصّبون للعراق و لما فعله العراق من الاعتداء على الكويت تلا هذا الخطأ خطأ آخر و كلّ من الخطأ الأوّل و الخطأ الآخر الّذي سيأتي بيانه سببه مع الأسف الشّديد أنّه لا يوجد هناك حكومة إسلاميّة قويّة تحكم بما أنزل الله بمعنى هذه الكلمة نتج من وراء هذا الاعتداء العراقي على جاره الكويت خطأ آخر ألا و هو إهمال تطبيق النّصّ القرآني ألا و هو قوله عزّ و جلّ (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) إذن انطلاقا من هذا النّصّ القرآني الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه كان يجب على الدّول الإسلاميّة مجتمعة لو كانت حقيقة تريد أن تحكم بما أنزل الله على الأقلّ في خصوص هذه الآية الكريمة و هذه الفتنة الّتي ابتدأها النّظام العراقي كان الواجب إمّا محاولة الإصلاح و يقال بأنّه كانت هناك محاولات كثيرة من بعض الدّول العربيّة لتحقيق الإصلاح يقال هذا و ما ندري بطبيعة الحال ماذا كان يجري كما يقولون من وراء الكواليس لكن الّذي لا يمكن لأيّ إنسان إلاّ أن يعرفه أنّ الاعتداء وقع فحينئذ إن كانت قامت بعض الدّول العربيّة بالواجب الأوّل المنصوص عليه في أوّل الآية الكريمة (( فأصلحوا بينهما )) ثمّ لم يفد هذا الإصلاح .
سائل آخر : السّلام عليكم .
الشيخ : و عليكم السّلام و رحمة الله . ثمّ لم يفد هذا الإصلاح كان عليهم يطبّقوا الأمر الثّاني ألا و هو قوله تعالى (( فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) فإن كانت هناك محاولات صحيحة وحقيقيّة للإصلاح فيقينا لم يطبّق الأمر الثّاني في الآية و إن لم يكن هناك محاولة الإصلاح فقد خولفت الآية جذريّا خولفت في الأمر بالإصلاح و خولفت في الأمر بمقاتلة الفئة الباغية قلت آنفا ما ندري هل هناك كانت فعلا محاولات للإصلاح كما يقال أو لم يكن و هذا ليس يهمّ الجماهير المسلمين و إنّما يهمّهم هذا الّذي شوهد و صار أمرا مقطوعا به ألا و هو الاعتداء على الكويت فكان الواجب إذن على الدّولة الإسلاميّة الّتي تعلن أنّها تحكم بما أنزل الله من بين الدّول الإسلاميّة الأخرى فكان عليها أن تقاتل الفئة الباغية لكنّها تعلم كما نحن نعلم و هذا من عجائب الأمور أنّ الفرد منّا يعلم كما تعلم الدّولة أنّها لا تستطيع أن تقوم بهذا الواجب مقاتلة الفئة الباغية لماذا ؟ لأنّ هذه الفئة الباغية باعتراف الدّولة المظلومة و المعتدى عليها و الدّول الّتي كان عليهم أن يدفعوا الظّلم عنها كلّهم يعلمون أنّهم لا يستطيعون أن يدفعوا بغي هذا الباغي لما عرف في تجربته الطّويلة الأمد مع الشّيعة الإيرانيّين و أنّهم أخيرا تغلّبوا عليهم فاعترفت ضمنا الدّولة السّعوديّة بأنّها لا تستطيع أن تردّ اعتداء العراق على الكويت حيث أنّ هذا الرّدّ كان واجبا على المسلمين بحكم الآية السّابقة (( فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله )) و لكن أقول مع الأسف ..
سائل آخر : السّلام عليكم و رحمة الله .
الشيخ : و عليكم السّلام , أنّ المسلمين المخاطبين في هذه الآية (( فقاتلوا الّتي تبغي )) هذا الأمر ليس موجّها لطائفة من المسلمين أو لدولة من المسلمين و إنّما هذا الخطاب موجّه إلى عامّة المسلمين فأقول مع الأسف هؤلاء المسلمون حكومة و شعوبا كما نعلم من واقعنا الإسلامي السّيّء متفرّقون مختلفون أشدّ الاختلاف و لذلك كانت النّتيجة العمليّة أنّ الدّولة السّعوديّة الّتي كان الظّنّ بها أن تكون هي الّتي تبادر إلى تطبيق النّصّ القرآني لم تفعل و عذرها من النّاحية الماديّة واضح جدّا أنّها لا تستطيع أن تجابه بقوّتها القليلة الضّعيفة قوّة الجيش العراقي القويّة إذن ماذا كان يجب عليها , كان يجب عليها أن تستعين بالدّول الإسلاميّة الأخرى ولكن هل هذه الدّول الإسلاميّة الأخرى بإمكانها أن تتجاوب مع رغبة الدولة السعودية أن تدفع الشّرّ عن نفسها و عن أراضيها و ثانيا أن تردّ المعتدي على أعقابه هل هذه الدّول الإسلاميّة تتجاوب مع الدّولة السّعوديّة لردّ ذلك البغي الجواب مع الأسف (( و لا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك )) .
الشيخ : و لذلك أعلنت هي و من عندهم من العلماء أنّه يجب عليهم أن يستعينوا بالكفّار لردّ ظلم الظّالم و الباغي على الكويت و على ما قد يلي هذا البغي من بغي آخر , فهنا بدأ خطأ آخر و هو الاستعانة بالكفّار نحن كنّا نقول أوّلا بأنّه لمّا ظهر للنّاس أنّ الأمريكان يريدون أن يقاتلوا العراق كنّا نقول للمتحمّسين من المسلمين أن يقاتلوا مع العراقيّين كنّا نقول لهم رويدا و تأنّوا لأنّكم إن استطعتم أن تقاتلوا مع العراق فقصدكم أن تقاتلوا الأمريكان لكن سوف تقاتلون إخوانكم المسلمين ذلك لأنّ الأمريكان و من معهم من الفرنسيّين و البريطان سوف يقدّمون كبش الفداء لهذه المعركة الّتي ستقع . المسلمون يقاتلون بعضهم بعضا و هم استعملوا قوّة لهم فإنّما هي قوّة السّلاح و هم أشدّ النّاس حرصا على الحياة و لذلك فهم يضنّون بدماء شعبهم و يفدونهم بدماء المسلمين الّذين استعانوا بهم لذلك كنّا نقول لهؤلاء المتحمّسين بلفظ الحديث الصّحيح ( كونوا أحلاس بيوتكم ) لأنّ هذه الفتنة الّتي بدأت تذرّ قرنها ليس هناك في طرف من الأطراف المتخالفة قتال يمكن أن يقال إنّه جهاد في سبيل الله لم يكن هناك جهاد إطلاقا و إنّما كان هناك قتال و هذا القتال كان مقصودا به ليس هو الجهاد في سبيل الله و إلاّ كان الطّريق كما قلنا أن يتعاون المسلمون لردّ بغي الباغي ثمّ بدأت الأمور تتفاقم و تتجلّى و فعلا هجمت الدّول الّتي سمّيت بالحلفاء على العراق هنا بدا لي أنّه من الواجب على من بقي من الدّول الإسلاميّة أن يكونوا مساعدين للعراق على قتال الحلفاء و لكن لم يتحرّك منهم إلاّ الأفراد من الشّعوب فكنت أنصح أيضا هؤلاء الأفراد أن لا يتقدّموا للذّهاب للعراق لأنّ ذهابهم سوف لا يتحقّق منه نصر لردّ الكفّار الحلفاء على أعقابهم لأنّ هذه حماسات قائمة على الأفراد و ليس هناك جيش نظامي فهذا كان موقفنا أوّلا ( كونوا أحلاس بيوتكم ) ثمّ لمّا وقعت الواقعة و رأينا أنّ الحلفاء سيقضون على الجيش العراقي و الشّعب العراقي قلنا يجب على الدّول الإسلاميّة الباقية أن يكونوا مع العراق و لكن كما تعلمون حتّى هذه الدّول الباقية لا تزال تمشي في ركاب الأمريكان هذا رأيي في ما وقع و لعلّي أجبتك عن ما سألت و لو كان سؤالك موجزا و قد يكون هناك شيء فاتني فتذكّرني إن شاء الله
السائل : جزاك الله خيرا
الشيخ : وإياك .
السائل : الحمد لله يا شيخ قد أوفيت الموضوع , نحن والله فقط نريد ما استجدّ من أمور فوضحت . الشّيخ الكريم مسألة عندنا بالعراق يعني يجري اتّفاق بين المواطن و بين الدّولة على بيع سلع مخصوصة بسعر محدّد على أن يبيعها بهذا السّعر ثمّ يريد المواطن الزّيادة على البيع المقرّر فهل في ذلك إثم ؟
الشيخ : هذا يعني ليس أمرا جديدا بالنّسبة للنّظم القائمة اليوم , أظنّكم تعلمون جميعا أنّ الأصل في بيع الحاجات أنّه لا يجوز التّسعير فيه كما جاء في الحديث الصّحيح لمّا طلبوا منه عليه الصّلاة و السّلام التّسعير قال ( المسعّر الله ) و على هذا جرى العالم الإسلامي كلّه طيلة القرون الماضية ثمّ ظهر نظام التّسعير الإجباري بسبب النّظام القائم في بلاد الكفر و لعلّه هذا بسبب أنّه كان هناك شيء من الإجحاف بالنّسبة للّذين يشترون الحوائج و ليس هناك وازع شخصيّ لأنّهم كفّار فكان القانون الوضعي يوجب عليهم فعلا أن يفرض على الشّعب التّسعير فجرت الدّول الإسلاميّة اسما على هذا النّظام الأوروبي فسلكوا سبيل تسعير كثير من الحاجيات الفقه الإسلامي يفرّق فيقول الأصل عدم فرض التّسعير على الشّعب إلاّ في ظروف معيّنة أي إذا كانت هناك ظروف طارئة توجب على الحاكم المسلم أن يراعي فيها مصلحة المسلمين فحينئذ الحاكم المسلم له أن يفرض نظام التّسعير على الحاجيات الضّروريّة لكن أين هذا النّظام الإسلامي في هذه الحكومات مثلا القائمة اليوم مع الأسف الشّديد الآن هذا النّظام عندكم هل هو طارئ أم كان من قبل ؟ فإن كان موجودا من قبل كما هو موجود في كثير من البلاد حينذاك الجواب ينبغي أن ينطلق من القاعدة السّابقة الأصل عدم التّسعير إلاّ لظروف طارئة فإن فرض أنّ الّذين وضعوا هذه التّسعيرة راعوا في ذلك مصلحة الشّعب فيجب نحن أن نلتزم التّسعير مراعاة للمصلحة و ليس تمسّكا بالنّظام و القانون الحاكم أمّا إذا كانت المصلحة على خلاف ذلك فبدهيّ جدّا أنّه لا يجب التزامه هذا التّسعير و أنّه بالتّالي يجوز مخالفته و خلاصة الكلام أنا لا أستطيع أن أقول يجوز أو لا يجوز لأنّي لست ملمّا بالباعث على هذا التّسعير و لكنّي أعلّق القول بالجواز أو بعدم الجواز على تحقّق مصلحة التّسعير أو لا . فإن كانت المصلحة تتحقّق بالتّسعير وجب التزامه و إلاّ فلا . نعم .
السائل : شيخنا الفاضل تباع السّلع بسعرين يعني عندنا نظام أن تباع السّلع بسعرين أحدهما نقدا و الآخر بالقسط .
الشيخ : هذا بلاء يشمل العالم الإسلامي مع الأسف في العصر الحاضر مع أنّه نظام لم يكن معروفا تعاطيه في قديم الزّمان و في بلاد الإسلام فمع الأسف يوجد هناك بعض الأقوال لبعض المذاهب المتّبعة اليوم تجيز بيع السّلعة الواحدة بثمنين ثمن النّقد و ثمن الأجل حتّى إنّ بعضهم يقول إنّ للأجل ثمنا و هناك أقوال أخرى تعتبر أنّ الزّيادة هذه مقابل الأجل و زيادة على بيع النّقد هذه الزّيادة ربا لا يجوز أخذها و أنا من سنين طويلة و طويلة جدّا كنت مقتنعا و لا أزال أزداد اقتناعا بأنّ هذا القول الأخير ألا وهو أنّ الزّيادة مقابل التّقسيط ربا هو ربا عين حقيقة لسببين اثنين , السّبب الأوّل النّصّ من قوله صلّى الله عليه و سلّم -اسحب الفيش من هنا- النّصّ من النبي صلّى الله عليه و سلّم على أنّ هذه الزّيادة ربا و هناك أحاديث من أشهرها حديثان اثنان و يلاحظ الباحث و المتفقّه فيهما أنّهما يلتقيان في تحريم الزّيادة و يفترقان في الإفادة من جانب آخر حيث أنّ كلاّ من الحديثين بعد التقائهما في التّحريم يعطيان فائدة الحديث الأوّل هو حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الرّبا ) من باع بيعتين في بيعة فله أنقصهما ثمنا أو الزّيادة ربا . فهذا الحديث يصرّح بشيء لا يصرّح به الحديث التّالي ألا و هو أن البيوع المنهي عنها شرعا فالنّهي عنها يفيد بطلان البيع أمّا هذا الحديث بالرّغم عن أنّه ينهى عن بيعتين في بيعة فهو يسلّك البيعة الّتي وقع فيها هذا الشّرط و لكنّه يعتبر الشّرط لاغيا و البيع صحيحا ذلك قوله ( فله أوكسهما أو الرّبا ) هذه الحاجة نقدا بمائة و تقسيطا بمائة و عشر مثلا البيع صحيح لكن الشّرط باطل . العشرة هذه زيادة هي ربا فإن أخذ البائع المائة فهي حقّه و حلاله و إن أخذ مائة و عشرة فالزّيادة هذه هي العشر هي ربا إذن الحديث هذا أفادنا فائدتين صحّة البيع و بطلان الزّيادة , نأتي للحديث الثّاني فهو سيلتقي مع الحديث الأوّل في وصف البيع بيعتين في بيعة و لكنّه يظلّ عند النّهي الّذي الأصل فيه إبطال البيع ذلك هو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال " نهى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم عن بيعتين في بيعة " و في لفظ " عن صفقتين في صفقة " إلى هنا الحديث يلتقي مع الحديث الأوّل ينهى عن بيعتين في بيعة و ذاك يقول ( من باع بيعتين في بيعة فله اوكسهما أو ربا ) الفائدة الّتي جاءت في هذا الحديث أنّ راويه و هو سماك بن حرب سئل ما بيعتين في بيعة ؟ قال و هنا الفائدة " أن تقول أبيعك هذا بكذا نقدا و بكذا و كذا نسيئة " و هذا هو بيع التّقسيط أبيعك هذا بكذا نقدا بمائة و تقسيطا بمائة و عشر هذا هو بيعتين في بيعة لا يخفى على أحد أنّ مثل هذه الأحاديث من المستبعد جدّا أن لا تصل بعض أولئك الأئمّة أمّا أن يستبعد أن لا تصل إلى الجميع فهذا غير مستبعد فكثير من الأئمّة فاتتهم أحاديث كثيرة جدّا و ذلك يعود إلى سبب من سببين اثنين إمّا أن لا تطرق هذه الأحاديث أسماعهم مطلقا أو أنّها طرقت أسماعهم و لكن بأسانيد لم تصحّ عندهم و لذلك أعرضوا عن العمل بها فهم على كلّ حال سواء كانوا على الاحتمال الأوّل أو الآخر فهم معذورون بعض هؤلاء الّذين وصلت إليهم هذه الأحاديث و أكثرهم من المقلّدين المتّبعين للأئمّة المجتهدين لمّا وقفوا على هذه الأحاديث كان موقفهم منها موقف المقلّد ممّا سواها من النّصوص فقد تأوّلوها بحيث أنّها لا تتعارض مع مذهبهم الّذي ينصّ على أنّ للأجل ثمنا و أنّه يجوز أخذ الزّيادة مقابل الأجل فماذا قالوا نهى عن بيعتين في بيعة , قالوا هذا محمول النّهي فيه على جهالة الثّمن أي حينما يقول البائع هذا بكذا نقدا و بكذا و كذا نسيئة صار هنا ثمنان فحينما يقع البيع , يقع البيع على الجهل بالثّمن لأنّه لم يكن محدّدا كان يتراوح في مثالنا بين المائة و المائة و عشر هكذا قالوا . لكن الحديث يعطينا نصّا أنّ علّة هذا النّهي في هذا الحديث أو في الحديث الآخر ليس هو الجهالة بالثّمن إنّما هو الرّبا لأنّه قال ( فله أوكسهما أو الربا ) بناء على ذاك التّأويل جاؤوا بصورة هي ألصق ما تكون بما يسمّى عند بعض الفقهاء بالحيل الشّرعيّة يقول إذا جاءك الشّاري يريد أن يشتري منك تلك الحاجة و أنت تعلم أنّه يريد أن يشتريها منك إلى أجل بالتّقسيط فقلت له ثمنها مائة و عشر هنا لا يوجد بيعتين في بيعة إذن هنا لا مخالفة للحديث لكنّكم لعلّكم تشعرون معي بأنّ هذا أوّلا هو تمسّك باللّفظ دون المعنى حقيقة هنا لم يقع بيعتين في بيعة لأنّه ما عرض سعر النّقد و سعر التّقسيط و إنّما عرض سعرا واحدا هو سعر التّقسيط فهنا زال الغرر في رأيهم و بالتّالي صحّ البيع أمّا إذا قلت نقدا بمائة و تقسيطا أو إلى أجل بمائة وعشر هنا جهالة في الثّمن فما دام أنّ الجهالة انتفت أي انتفت العلّة فانتفى المعلول و هو النّهي عن هذه البيعة . عرفنا أنّ هذا بني على علّة جاءوا بها من عند أنفسهم أوّلا و ثانيا أنّ هذه العلّة ليست منصوصة ثانيا بل النصّ يخالفها تماما حيث جعل الزّيادة ربا و لم يجعل سبب النّهي هو الجهالة الّتي تستلزم عند المتمسّكين بهذه العلّة تستلزم بطلان البيع و قد ذكرنا لكم آنفا أنّ الحديث يفيد جواز البيع ثمّ يعطينا العلّة بأنّها الرّبا فجاؤءوا بهذه الشّكليّة و الآن تتجلّى لكم هذه الشّكليّة لو جاء رجل يريد أن يشتري هذه الحاجة و يعلم منه أنّه يريد أن يشتريها منه نقدا فسيبيعها له بمائة إذن هو لماذا هو باع بسعرين , البيعة الأولى بزيادة عشرة في مثالنا في البيعة الأخرى بنقص العشر قال لأنّه ما في هنا بيعتين في بيعة أي العرض و الصّورة و الشّكل اختلف لكن هل في الإسلام مثل هذا التّمسّك بالشّكليّات .
الشيخ : الشّكليّات كما أظنّ تعلمون معي جميعا الإسلام لا يقيمون لها وزنا و من أبرز الأمثلة في ذلك نكاح التّحليل نصّا و الّذي يسمّى في بعض البلاد " التّلحيشة " , نكاح التّحليل شروط النّكاح المعروفة شرعا قائمة ذلك مثلا معروف من قوله عليه السّلام ( لا نكاح إلاّ بوليّ و شاهدي عدل ) فتلك المرأة الّتي طلّقها زوجها ثلاثا فلا تحلّ له من بعد حتّى تنكح زوجا غيره حينما جيء بمن سمّاه الرّسول بحقّ بالتّيس المستعار حينما جيء به تظاهر بأنّه يريد أن يخطب المطلّقة و لو بعد انتهاء عدّتها و الزّوجة وافقت و وليّ أمرها وافق و الشّهود أيضا شهدوا فأركان النّكاح الشّرعي تجمّعت و توفّرت فهل اعتبر الشّارع الحكيم هذا النّكاح صحيحا أم اعتبره باطلا ؟ لا شكّ حيث قال عليه السّلام ( لعن الله المحلّل و المحلّل له ) فكلاهما ملعون و لذلك كلّ من بلغه هذا الحديث من الأئمّة و على رأسهم الإمام أحمد رحمه الله حكم ببطلان هذا النّكاح فإذن هنا يأتي قوله عليه السّلام ( إنّما الأعمال بالنّيّات ) فهذا النّكاح الّذي قام على الشّروط المعروفة شرعا ماذا كان القصد من ورائه ؟ تحليل ما حرّم الله و على ذلك أمثلة كثيرة و لا نطيل في ذلك .
الشيخ : فأنتم تعلمون قصّة اليهود و صيدهم يوم السّبت بطريقة الاحتيال و هذا مذكور في القرآن الكريم و هناك حديث قد يخفى على البعض يقول عليه الصّلاة و السّلام ( لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشّحوم فجملوها ثمّ باعوها و أكلوا أثمانها و إنّ الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه ) و الشّاهد قوله عليه السّلام ( جملوها ) أي أخذوا الشّحوم المحرّمة باعتقادهم الحقّ هذه الشّحوم محرّمة و هذا منصوص في القرآن الكريم (( فبظلم من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّبات أحلّت لهم )) نصّ في آية أخرى الشّحوم و الحوايا و نحو ذلك فهم يعتقدون بأنّ أكل هذه الشّحوم لا يجوز فماذا فعلوا ؟ أخذوها و ألقوها في القدور و أوقدوا النّار من تحتها فأخذت شكلا آخر هذا الشّكل زيّن لهم الشّيطان أنّ الحكم اختلف التّحريم زال لأنّ هذا لم يبق ذلك الشّحم الّذي حرّمه الله في القرآن الكريم فلعنهم الرّسول بالنّصّ الصّريح ( لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشّحوم فجملوها ) أي ذوّبوها ( ثمّ باعوها و أكلوا أثمانها و إنّ الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه ) .
الشيخ : فالرّسول صلّى الله عليه و سلّم يحكم على هذه الزّيادة مقابل الأجل بأنّها ربا فالقول الآن بأنّ العلّة هي الجهالة باطل لأنّ الحديث يجعل العلّة ربويّة و بعضهم يقول بأنّ البيعتين هنا لم تتحقّق فإذن خلصنا من مخالفة الحديث شكلا لكن العلّة و هي العلّة الرّبويّة موجودة لا تزال قائمة و لو في صورة بيعة واحدة هذا من حيث النّص . نأتي الآن من حيث التّفقّه في عموم تعامل المسلمين بعضهم مع بعض , تعامل المسلمين الأغنياء مع الفقراء , تعامل المسلمين الأغنياء مع المتوسّطين حالهم من المسلمين هل هذا التّعامل في أخذ الزّيادة مقابل الصّبر على الأخ المسلم في الوفاء هذا يتجاوب مع الخلق الإسلامي و الأخلاق الإسلاميّة ؟ الجواب لا . المسلم وجد في هذه الحياة هو لعبادة الله عزّ و جلّ كما نعلم جميعا الكفّار أذهانهم و أفكارهم و عقائدهم خاوية على عروشها ليس فيها شيء من هذا المعنى التّعبّدي (( و ما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبدون )) فالمسلم في كلّ منطلقه في حياته فهو يتعبّد إلى الله تبارك و تعالى سواء في إتيانه بما أمره به أو في اجتنابه ما نهاه عنه فالآن هؤلاء التّجّار لقد يسّر الله لهم هذه الوسيلة وسيلة التجارة وكسب المال بطرق مشروعة كانوا يستطيعون أن يكونوا كأولئك الأغنياء الّذين كانوا في عهد الرّسول عليه السّلام و جاء الفقراء يشكون حالهم بالنّسبة لحال أولئك الأغنياء فيقولون " يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلّون كما نصلّي و يصومون كما نصوم و يحجّون كما نحجّ و يتصدّقون و لا نتصدّق " قال ( أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم و لم يدرككم من بعدكم إلاّ من فعل مثلكم ) ففرح الرّسول الفقير لمّا سمع هذه البشارة و هي كما تعلمون 33 عقب الصّلاة فذهب هذا الرّسول الفقير و بشّر الفقراء بما سمع من الرّسول عليه السّلام ثمّ لم يطل الأمد بهم حتّى عاد رسولهم إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقول " يا رسول الله ما كاد لأغنياء يسمعون بما قلت لنا إلاّ فعلوا مثل فعلنا " فقال عليه الصّلاة و السّلام ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) فضل الله للأغنياء . أنا أقول هؤلاء الأغنياء الّذين يستغلّون حاجة المحتاجين فيزيدون عليهم في الثّمن هذه مناسبة يتعرّض لها الغنيّ ربّما مرّات و مرّات في اليوم يقول الرّسول عليه السّلام حضّا على عدم الزّيادة مقابل الأجل يقول ( قرض درهمين يساوي صدقة درهم ) رجل أقرض أخاه المسلم درهمين , مائتين , ألفين , كما لو تصدّق من جيبه حيث لا رجعة للصّدقة لجيبه مرّة أخرى بنصف ما تصدق به , فهنا في مثالنا السّابق نقدا بمائة و تقسيطا بعشرة زائد عشرة فلو أنّه باعه بمائة تقسيطا فكأنّه تصدّق بخمسين دينارا فتأمّلوا الآن لو أنّ الأغنياء كانوا مسلمين حقّا كم يكونون يعني ممّن يغبطون من أولئك الفقراء الّذين أجابهم الرّسول عليه السّلام بقوله ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) إذن إضافة هذه الزّيادة أوّلا هو أسلوب غربيّ مادّيّ محض لا يعرفه المسلمون من قبل ثانيا فيه تطبيع أغنياء المسلمين على التّكالب على المادّة و عدم التّطوّع بإعانة الأخ المسلم و لو قرضا علما بأنّه يربح نصف ما لو كان يعني أقرض المسلم فيعتبر نصف ما أقرضه صدقة لوجه الله تبارك و تعالى لهذا كلّه نحن نعتقد أنّ التّاجر المسلم لا يجوز أبدا أن يأخذ زيادة مقابل التّقسيط و أنا أعتقد أنّ المسلمين لو سلكوا هذا السّبيل القويم لكان رضاء الله عزّ و جلّ يحفّهم من كلّ جانب وصلنا إلى زمن نستحلّ الرّبا المكشوف , فضلا عن هذا الرّبا الّذي قال بجوازه بعض المسلمين المتقدّمين الأوّلين لأنّهم كما ذكرت لكم آنفا إمّا أنّهم لم يبلغهم الحديث من الأصل أو بلغهم بإسناد لا تقوم به حجّة عندهم فإذا وصل الأمر إلى استحلال الرّبا المكشوف ببعض الفتاوى الّتي تصدر و لابدّ أنّكم سمعتم الشّيء الكثير منها من مصر فكيف يكون حال المجتمع الإسلامي الّذي أوجد في العصر الحاضر بنوكا عناوينها البنك الإسلامي مصداق قوله عليه السّلام ( يسمّونها بغير اسمها ) هذا جواب ما سألت أيضا .
السائل : جزاك الله خيرا .
الشيخ : وإياك .
السائل : الشيخ الفاضل هل يجوز و قد تكون يعني جاوبت عليه لكن ... هل يجوز إيداع في البنوك عندنا في البلد , بنوك فيها قسم يعطي بفائدة و قسم لا يعطي بفائدة يعني نفس البنك يعني هنا فائدة و هنا ... أنا يعني مسلم أدّخر في المال الذي ليس فيه فائدة فهل في ذلك بأس ؟
الشيخ : طبعا المسألة الأولى واضحة أمّا الأخرى الّتي لا تعطي فائدة فيجب النّظر فيها الّذي يودع ماله هل يدفع شيئا ؟
السائل : لا يدفع .
الشيخ : الّذي يودع ماله في القسم الّذي لا يعطي فائدة ؟
السائل : لا . مجرّد الأمانة .
الشيخ : مجرّد الأمانة , هل البنك يستعمل هذا المال وإلا فعلا أمانة في صندوق الأمانات ؟ ما أظنّ ذلك لكنّي أعلم أنّه يوجد في بعض البنوك الضّخمة صناديق تسمّى بصناديق الأمانات لكن الّذي يودع ماله في صندوق من هذه الصّناديق هو يدفع أجرا , المودع للمال بدل أن يأخذ ما يسمّونه أيضا و أرجو الانتباه فأنا أريد من إخواننا المسلمين و بخاصّة منهم السّلفيّين الّذين ينهجون منهج السّلف الصّالح أن لا يتلفّظوا بكلمة الفائدة لأنّ هذه اللّفظة أيضا أجنبيّة غربيّة ترجمت إلى اللّغة العربيّة بفائدة و اسمها في لغة القرآن الكريم ربا . و لذلك فأنا أرجو أن ما تجري على ألسنتكم هذه اللّفظة و إنّما تحيون تلك اللّفظة الّتي أماتها الكفّار و الفسّاق الّذين لا يحرّمون و لا يحلّلون , إذن لنستعمل كلمة الرّبا مكان الفائدة . أنت ذكرت أنّ هناك بنك يعطي ربا مقابل المال المودع فيه و قسم آخر لا يعطي ربا فإذا كان هذا المال يستعمله البنك و هو مرابي فهنا يأتي قوله عليه الصّلاة و السّلام ( لعن الله آكل الرّبا و موكله و كاتبه و شاهديه ) فإذن هنا رجلان زيد و عمر , زيد يودع ماله في البنك الّذي يعطي الرّبا هذا واضح أنّه حرام . عمر يودع ماله في البنك الّذي لا يعطي ربا يتوهّم كثير من النّاس أنّ هذا يجوز لكن نسي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم لم يحرّم فقط على المرابي أن يأكل الرّبا بل حرّم أيضا على الّذي يعطي المرابي ماله فيرابي به فهنا يرد الحديث السّابق ( لعن الله آكل الرّبا و موكله ) إذن البنكان هنا لا يجوز التّعامل معهما . لكن هناك قسم ثالث توجد هناك صناديق أمانات يودع المال في هذا الصّندوق كما بلغنا و هذا الخبر أظنّه صحيحا لتواتره فهذا الصّندوق له مفتاحان . مفتاح يأخذه المودع و مفتاح يبقى عند الموظّف المختصّ في البنك هذا المال الّذي يودع فيه لا تمتدّ إليه يد الرّبا حينما يريد مالك المال أن يأخذ شيئا منه يتقدّم إلى البنك فيأتي بمفتاحه فيأتي الموظّف و يفتح و يأخذ ما يشاء منه ثمّ يغلق و لا تمتدّ إليه يد الرّبا لكن هذا كأيّ عمل يقوم به أيّ إنسان مقابل أجر هذا حلال هذا النّوع هو المخرج لبعض المعاملات الّتي يبتلى بها الأغنياء المسلمين لكن أنا أعترف أنّ هذا لا يحلّ مشكلتهم التّجاريّة لأنّه مشكلتهم لازم يكون عندهم في البنك ماذا يسمّون ؟
سائل آخر : الحساب الجاري .
الشيخ : الجاري هذا نعم . لكن الغاية لا تبرّر الوسيلة . شرعا الغاية لا تبرّر الوسيلة فيمكن إذن استئجار صندوق من بنك من هذه البنوك و يدفع أجرة شهريّة أو سنويّة بحسب الاتّفاق فهذا هو المخرج فقط والجواب للّذين يقولون يا أستاذ نحن نخشى على أموالنا من السّراق نخشى كذا و كذا كلام نسمعه كثيرا الجواب أوّلا بالنّسبة للمؤمن (( و من يتّق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )) ثانيا ربّنا لا ينهى عباده عن أن يتّخذ أسباب الوقاية مهما كانت هذه الوقايات أنواعها إذا كانت هذه الأسباب مشروعة و هذا هو السّبب المشروع و هو استئجار صندوق من البنك لإيداع المال الّذي يخشى الغنيّ عليه من أن يسطو عليه اللّصوص . إذن هذا هو جواب ما سألت أخيرا .
السائل : جزاك الله خيرا الشيخ الفاضل هل تجوز الرّشوة لإخراج حقّ مغتصب أو لا يعطى الحقّ ؟
الشيخ : الحقيقة هذه المسألة لها صور فيجب أن تحدّد السّؤال لأنّي أعتقد أنّه لا يجوز في أكثر الأحيان . ما هو المال المغتصب مثلا في كلامك صورة؟
السائل : صورة رجل عنده حقّ مثلا في دائرة الموظّف إذا لا تعطيه مالا لا يطلع حقّك أو يطلع الموظّف و يظلمك ..
الشيخ : ما وضحت لي المسألة يعني هذا الموظّف له مال للدّولة ؟
السائل : أنا عندي حقّ في دائرة في الدّولة .
الشيخ : لك مال وإلا ماذا ؟
سائل آخر : في الجمارك أستاذ لا تطلع البضاعة إلاّ تعطيه رشوة حتّى يخرجها إذا لم تعطه رشوة ستتأخّر البضاعة و ممكن هذه تضرّك يعني كلّ ما تتأخّر ستتضرّر .
الشيخ : هذا مثال ؟
سائل آخر : نعم .
الشيخ : طيّب , إذا كان المقصود من هذا المثال أنّ البضاعة لا تخرج من الجمارك إلاّ برشوة تدخل لجيب الموظّف فهذا يجوز إمّا إن كان المقصود لا تخرج إلاّ بدفع الضّريبة الّتي فرضتها الدّولة فلا يجوز إعطاء الرّشوة للخلاص من الضّريبة واضح الصّورتان ؟الصورتان واضحتان ؟ يعني لا نستطيع نحن الآن و بخاصّة بالنّسبة لهذه القوانين القائمة في هذا الزّمان لا نستطيع نحن أن نطوّر القوانين الوضعيّة دفعة واحدة و كلّ واحد منّا حسب رأيه و اجتهاده هذا لا يمكن أبدا لأنّ قسما من هذه القوانين لا يمكن لعالم فقيه إلاّ أن يعترف بصلاحها للأمّة قسما منها و في الوقت نفسه لا بدّ من أن يعترف أنّ هناك ضرائب لا ينبغي أن تشرع و لكن من الّذي يستطيع أن يميّز هذه من هذه ؟ عامّة النّاس ؟ عامّة المكلّفين ؟ لا. إذن فيما يتعلّق مثلا بالجمارك و الضّرائب الّتي تفرض إذا كان هناك نظام عامّ مفروض على كلّ النّاس الّذين يدخلون ببضاعة ما أن يفرض على هؤلاء النّاس ضريبة عامّة من قبل الدّولة فهنا لا يجوز أن يدفع المسلم لأحد الموظّفين من أجل أن يخالف النّظام الّذي تبنّته الدّولة لكي هو يرتاح من هذه الضّريبة لأنّه هنا سيترتّب أمران اثنان الأمر الأوّل ما أشرت إليه آنفا أنّه يا أخي ما أدراك أنّ هذه الضّريبة ظلم يجوز أنّها تكون عدل فلا يجوز أن نفتح الباب لكلّ فرد من أفراد المسلمين أن يتحكّموا في القوانين حسب آرائهم إن لم نقل حسب أهوائهم , الشّيء الثّاني أنّك بدفعك الرّشوة لهذا الموظّف عوّدته على أن تكون وظيفته ثمّ الوظيفة هذه تارة لا يكون فيها ظلم إجماعا أنا أضرب لكم مثلا سهلا سمحا مثلا وجد يريد أن يقدم طلبا في أمر ما ووجد أمامه عشرات الأشخاص فهو يرشي الموظّف ليقدّمه على الآخرين هذه الرّشوة مقطوع بأنّها محرّمة و أنّ تجاوزه هو نظام التّرتيب الّذي يأمر به الإسلام يعني كما يقال في حديث معناه صحيح و مبناه غير صحيح ( من سبق إلى مباح فهو له ) فأنت تصوّر أنّك كنت الأوّل ليقدّم طلبك فجاء العاشر و بطريقة ملتوية مخالفة لنظام الشّرع صار هو الأوّل أيرضيك ذلك ؟ طبعا لا .والرّسول عليه السّلام يقول ( لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ) فإعطاء هذا المسلم الرّشوة لذاك الموظّف لكي يقدّم معاملته على معاملة السّابقين له هذه رشوة محرّمة بلا شكّ لا يجوز للرّاشي أن يقدّمها للمرتشي كما أنّه لا يجوز للمرتشي أن يأخذها ففتح باب الرّشوة لمخالفة القانون القائم و الماشي على النّاس جميعا فيه مفسدة أخرى و هي تعويد الموظّفين على قبض الرّشوة و هنا نقع في مخالفة قوله تبارك و تعالى (( و تعاونوا على البرّ و التّقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان )) على هذا النّظام يمكن أن تأخذ الجواب على سؤالك السّابق
ابو ليلى : الأخ صار له ساعة ..