About the fatwa

Date :

Mon, Oct 27 2014
Question

حاديث في استحباب صيام العشر الأول من ذي الحجة

من خلال المقالة التي على موقعكم ، والمعنونة بـ" العشر الأول من ذي الحجة "، فهمت أنه يُستحب صيام يوم التاسع ، ولكن لم تذكروا ما إذا كان من السنة صيام بقية أيام العشر. وهناك أحاديث لا أدري صحتها ، تُبَيِّنُ فضل هذه الأيام ، وتحث على التزود بالطاعات فيها ، بما في ذلك الصيام . هذه الأحاديث هي كالتالي : 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة ، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة ، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ) رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي. 2- عن حفصة رضي الله عنها قالت : ( خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن : صيام يوم عاشوراء ، وعشر من ذي الحجة ، وثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتين قبل الفجر...) رواه أحمد والنسائي . فمِن هذه الأحاديث أفهم أنه ليس من السنة فقط صيام اليوم التاسع ، بل بقية العشر كذلك . فهل هذا صحيح ؟ ولماذا لم يُذكر ذلك في المقالة ؟ وهل الأحاديث المذكورة صحيحة ؟
Answer
Answer
الجواب : الحمد لله أولا : سبق في موقعنا تقرير استحباب صيام الأيام التسعة الأولى مِن ذي الحجة ، وذلك في جواب السؤال رقم : (41633) ، (49042) ، (84271) ثانيا : أما الحديث الوارد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) فرواه الترمذي (رقم/758)، والبزار (رقم/7816)، وابن ماجه (رقم/1728) من طريق أبي بكر بن نافع البصري ، قال: حدثنا مسعود بن واصل ، عن نهاس بن قهم ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة به . وهذا إسناد ضعيف بسبب النهاس بن قهم ، ومسعود بن واصل ، ولذلك اتفقت كلمة علماء الحديث على تضعيفه : قال الترمذي رحمه الله : " هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل ، عن النهاس . وسألت محمدا – يعني البخاري - عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا . وقد روي عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا شيء من هذا . وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس بن قهم من قبل حفظه " انتهى. وقال البغوي رحمه الله : " إسناده ضعيف " انتهى. " شرح السنة " (2/624) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فيه ضعف " انتهى. " شرح العمدة " (2/555) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " إسناده ضعيف " انتهى. " فتح الباري " (2/534) وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (رقم/5142) يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله – بعد أن أورد هذا الحديث وغيره في الباب - : " وفي المضاعفة أحاديث أخر مرفوعة ، لكنها موضوعة ، فلذلك أعرضنا عنها وعما أشبهها من الموضوعات في فضائل العشر ، وهي كثيرة " انتهى. " لطائف المعارف " (ص/262) ثالثا : أما الحديث الثاني الوارد في السؤال : ( خمس لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدعهن .. ) ، فمداره على هنيدة بن خالد الخزاعي ، وقد جاء عنه على أوجه إسنادية كثيرة ، وبألفاظ مختلفة : الوجه الأول : هنيدة بن خالد ، عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها . وقد رواه عنه الحر بن الصيَّاح ، ورواه عن الحر على هذا الوجه ثلاثة من الرواة : 1- عمرو بن قيس الملائي : يرويه النسائي في " السنن " (2416)، وأحمد في " المسند " (44/59)، والطبراني في " المعجم الكبير " (23/205)، وابن حبان في صحيحه (14/332)، وأبو يعلى في " المسند " (12/469) ولفظه : ( أَرْبَعٌ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صِيَامَ عَاشُورَاءَ ، وَالْعَشْرَ ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَالرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْغَدَاةِ ) والراوي عن عمرو بن قيس هو أبو إسحاق الأشجعي : مجهول ، ولذلك ضعفه به محققو المسند ، والشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (4/111) . 2- وزهير بن معاوية أبو خيثمة : عند النسائي في " الكبرى " (2/135) ولفظ زهير : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، أول اثنين من الشهر ، ثم الخميس ، ثم الخميس الذي يليه ) 3- وشريك : أخرجه النسائي في " الكبرى " (2/135) ، وأحمد في " المسند " (9/460) طبعة مؤسسة الرسالة، وجعله شريك من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهير . يقول ابن أبي حاتم رحمه الله : " سألتُ أبِي ، وأبا زُرعة ، عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ شرِيكٌ ، عنِ الحُرِّ بنِ الصياحِ ، عنِ ابنِ عُمر : أنَّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، كان يصُومُ مِن الشّهرِ الاثنين ، والخمِيس الّذِي يلِيهِ ، ثُمّ اثنين الّذِي يلِيهِ . فقالا : هذا خطأٌ ، إِنّما هُو الحُرُّ بنُ صياحٍ ، عن هُنيدة بنِ خالِدٍ ، عنِ امرأتِهِ ، عن أُمِّ سلمة ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " انتهى. " العلل " (1/231) وقال محققو المسند : " إسناده ضعيف، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -، سيئ الحفظ ، وقد اختلف عليه في لفظ الحديث – ثم ذكروا ذلك الاختلاف - " انتهى. " المسند " (9/460) الوجه الثاني : عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. يرويه أبو عوانة ، عن الحر بن الصياح ، عن هنيدة ، على هذا الوجه : أخرجه أبو داود (رقم/2437)، والنسائي (2372)، (2418)، وأحمد (37/24)، (44/69)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (4/284)، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2/76) ولفظه عند أبي داود : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر ، أول اثنين من الشهر والخميس ) الوجه الثالث : عن هنيدة ، عن أمه ، عن أم سلمة من طريق محمد بن فُضَيل ، قال : حدثنا الحسن بن عُبيد الله ، عن هنيدة الخزاعي ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت : ( كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَأمُرُ بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ : أوَّلَ خَمِيسٍ ، وَالاثْنَيْنَ وَالاثْنَيْنَ - وفىِ رواية - : كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَاْمُرُنِي أَنْ أصُومَ ثَلاثَةَ أيَّام مِنَ الشَّهْرِ : الاثْنَيْن ، وَالْخَمِيس ، وَالاثْنَيْن مِنَ الْجُمُعَةِ الأخْرَى - وفي رواية -: كَانَ رَسُولُ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرنِي أَنْ أصُومَ ثَلاثَةَ أيَامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، أوَّلُهَا الاثْنَيْنَ ، وَالْجُمُعَة ، وَالْخَمِيس ) أخرجه أحمد (44/82) ، وأبو يعلى في " المسند " (12/315) ، وأبو داود (2452)، والنَّسائي (4/221)، وليس فيه ذكر لصيام تسع ذي الحجة ، وصيام يوم عاشوراء ، بل اقتصر على صيام ثلاثة أيام من كل شهر . الوجه الرابع : عن هنيدة ، عن امرأته ، عن أم سلمة من طريق عبد الرحيم بن سليمان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحر بن صياح ، عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن أم سلمة – باللفظ السابق - رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/216)، (23/420)، وأبو يعلى في " المسند " الوجه الخامس : عن هنيدة بن خالد ، قال : دخلتُ على أم المؤمنين – ولم يعين اسمها - . من طريق زهير بن معاوية ، عن الحر بن الصياح ، قال سمعت هنيدة الخزاعي قال : دخلت على أم المؤمنين سمعتها تقول : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام : أول اثنين من الشهر ، ثم الخميس ، ثم الخميس الذي يليه ) يرويه النسائي (رقم/2415) والحاصل أن نقاد الحديث اختلفوا في الحكم على هذا الحديث بسبب كل هذا الاختلاف في سنده ومتنه : فضعف الحديثَ الزيلعي في " نصب الراية " (2/157)، ومحققو مسند أحمد ، والشيخ ابن باز – كما في " مجموع فتاوى ابن باز " (15/417) – وذلك لاضطراب سنده ومتنه ، ولعل هذا هو المتجه في الحكم على الحديث . وصحح الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " (7/196-199) روايتي زهير بن معاوية وأبي عوانة عن الحر بن الصياح . وجاء في " العلل " للدارقطني (15/121-122): " وسئل عن حديث هنيدة بن خالد الخزاعي ، عن حفصة ، قالت : أربعة لم يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء ، والعشر ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتان قبل الغداة . فقال : يرويه الحر بن الصياح ، عن هنيدة بن خالد الخزاعي ، عن حفصة . وخالفه الحسن بن عبيد الله ، واختلف عنه : فرواه عبد الرحيم بن سليمان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن أمه ، عن أم سلمة ؛ ورواه أبو عوانة ، عن الحر بن الصياح ، عن هنيدة ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمها " انتهى. والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب