عن المقال

المؤلف :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

التاريخ :

Tue, Sep 16 2014

التصنيف :

فتوى

تحميل

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 130

السائل : بعد ما أنهينا الصلاة قال الأخ أبو الحارث واحد قال تقبل الله ، الثاني قال له يعني قول الله يقبل .

الشيخ : والثالث شو قال ؟

السائل : يتقبل الله .

الشيخ : يتقبل الله .

السائل : فأي الأقوال أصح من هذه الأقوال ؟

الشيخ : إذا كان السؤال من الناحية اللغوية العربية فلا فرق ، ولكن ما أظن أن السؤال يتعلق بالناحية العربية ، وإذا كان السؤال كما أظن هو من ناحية شرعية ، فكل هذه الصور لا أصل لها في السنة ؛ لأنه من الناحية العربية ، إذا قال القائل تقبل الله ، مثل يتقبل الله ، تقبل الله في الماضي ، كما يقول القائل بالنسبة للميت المسلم رحمه الله ، أو يقول يرحمهم الله ، فكلاهما في معنى واحد ، كذلك إذا قال رحم الله فلاناً ، بمعنى اللهم ارحم فلاناً ، لأن هذه جملة دعائية ولذلك الألفاظ الثلاثة في الدعاء لتقبل الصلاة ، من الناحية العربية كلها تؤدي غرضاً واحداً ، لكن الحقيقة أن النبي  صلى الله عليه وسلم  طيلة حياته المباركة التي عاشها وهو يصلي بالناس إماماً ويعلمهم الصلاة وهو القائل كما نعلم جميعاً : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ما جاء عنه إطلاقاً ، أنه قال يوماً لأصحابه تقبل الله ، أو يتقبل الله ، أو اللهم يتقبل منكم ، كما أن العكس لم ينقل أي أن أحداً من أصحاب الرسول عليه السلام قال له شيئاً من هذه الألفاظ الثلاثة ، كل ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم  لا توجيهاً منه إلى أصحابه ، ولا توجيهاً ، ولا توجيهاً من أصحابه غليه ، ولعلكم تعلمون قول الرسول عليه السلام ، الذي كان يخطب به في الناس : ( خير الهدي هدي محمد ) صلى الله عليه وسلم ولذلك فالسنة أن المصلي إذا انتهى من الصلاة وكان لم يلق أحد المصلين من قبل فالسنة أن يسلم عليه وأن يصافحه ، أما دخل اثنان فأكثر المسجد ثم خرجوا مع بعض فيقول أحدهما للآخر : تقبل الله منك ، فهذا كما قلنا لم يرد في السنة إطلاقاً .

السائل : طيب ، يا سيدي إذا أصر الإنسان على هذا الدعاء فهل تعتبر من البدع ؟

الشيخ : والله المسألة تختلف إذا كان إصراره بعد أن جاءته البينة فمعنى ذلك أنه معاند وتعتبر بالنسبة إليه ولا شك بدعة ، أما وأنت تعلم أن أكثر الناس لا يعلمون ، أكثر الناس هات ايدك وامشي يعني يشوفوا بعضهم البعض يقولوا هذه الكلمة فيقولها، وأكثر الناس لا يعلمون هدي الرسول عليه السلام وسنته في عبادته كلها وبصورة خاصة في صلاته ، ولذلك فالأصل أن هؤلاء يعذرون لكن إذا بُيّن لهم ، ثم عاندوا وأصروا ، فهناك يقال إنهم يؤاخذون بأنهم مبتدعون .

 

السائل : سيدي في الصلاة لما سلمت أنت في الصلاة على اليمين قلت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن اليسار قلت السلام عليكم ورحمة الله ، في كثير من المساجد بعض الأئمة من يفعل ذلك ، وبعضهم يكتفي بقوله السلام عليكم ورحمة الله عن اليمن وعن الشمال ، الأكمل في الصلاة ؟

الشيخ : الأكمل هو الذي سمعته ، هو الذي سمعته ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان له أنواع من السلام ، حينما يخرج من الصلاة فأهونها وأيسرها تسليمة واحدة وليس على اليمين تماماً هكذا ، وإنما ينحرف برأسه قليلاً ، فيقول السلام عليكم ، بس انتهت الصلاة . التسليمة الثانية أو الصورة الثانية والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها أحياناً السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ، ما في هنا ورحمة الله وهذا من أدب الإسلام في تميز جهة اليمين على جهة اليسار ، الصورة الثالثة هي يلي بتسمعوها في كل المساجد تسوية بين اليمين واليسار السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله . الصورة الرابعة والأخيرة : هي التي سمعتها في هذه الليلة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم ورحمة الله ، هذا أفضلها ومعنى هذا الكلام كله أن الرسول صلى الله عليه وسلم  كان تارة يسلم هكذا ، وتارة  هكذا ، وتارة  هكذا ، وتارة هكذا ،  ونعود لنقول : خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم .

السائل : تسمح شيخنا ، بخصوص لما بتتكلم السلام عليكم ، هل يلفظ السلام عليكم مقابل القبلة أم على اليمين مباشرة ؟

الشيخ : في الصورة الأولى أم على أي صورة ؟

أبو ليلى : في أي صورة من الصور .

الشيخ : لا ما يقصد إنما يلتفت يميناً ويبدأ بالسلام أما الصورة الأولى ، هذه خاصة بين أمامه ويمينه ، يقول السلام عليكم .

السائل : يعني يكون إلى القبلة متجه ؟

الشيخ : بين أمامه وبين يمينه .

أبو ليلى : أينعم ، يكون انحراف .

الشيخ : أما بقية السلامات أو الأنواع فهي إلى اليمين ، فإلى اليسار ، أما أن يبدأ من أمامه وينتهي عن يمينه وعن يساره فهذا ليس له أصل .

 

السائل : أحد الإخوان أذن ، ثم أمرته فضيلتك بالإقامة ، طيب نحن نعرف أنه أذن للمغرب .

الشيخ : أذان الحي يكفينا ، تعرفون قولهم أذان الحي يكفينا ، لكن هل كان هذا قبل هذا ، ...

هناك حديث عند علماء الحديث عنوانه حديث المسيء صلاته ، حديث المسيء صلاته وهو عبارة عن شخص صلى والرسول صلى الله عليه وسلم يراقبه ، وأساء صلاته ، فعلمه الرسول عليه السلام كيف يصلي ، ووضع عنوان هذا الحديث ، حديث المسيء صلاته أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى المسجد ليصلي فلما انتهى من الصلاة ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله ، قال : ( وعليك السلام ارجع فصلي فإنك لم تصل )، رجع وأعاد الصلاة ، لكن هي نسخة طبق الأولى ، لأنه لا يحسن غيرها ، وبعد ما انتهى من الصلاة جاء إلى الرسول وقال السلام عليك يا رسول الله ، قال : ( وعليك السلام ، ارجع فصل فإنك لم تصل ) وهكذا ثلاث مرات ، لما قال له عليه السلام في المرة الثالثة : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) قال : والله يا رسول الله لا أحسن غيرها ، فعلمني ، فقال : إذا أنت قمت إلى الصلاة ، فتوضاً كما أمرك الله ، ثم استقبل القبلة ، ثم أذن هنا الشاهد ، ( ثم أقم ) الأذان والإقامة في بعض طرق الحديث في سنن أبي داوود : ( ثم أذن ثم أقم ، ثم كبر تكبيرة الإحرام ، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ) وفي رواية : ( ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تطمئن قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ، فإذا أنت فعلت ذلك فقد أتممت صلاتك ، وإن أنت أنقصت من ذلك ، فقد أنقصت من صلاتك ) فإذاً الأذان والإقامة اللتان يهملهما جماهير المصلين خارج المسجد ، هذه غفلة منهم ، أو جهل بهذه السنة التي جاءت في هذا الحديث الصحيح ولعله من المفيد أن نذكر ما هو أهم من ذلك لأنه نحن نتكلم عن الأذان والإقامة لصلاة الجماعة خارج المسجد ، أما الآن فأنا أريد أن أتكلم لشخص يريد أن يصلي وحده ، سواء في داره أو حوشه ، أو في صحرائه ، حيثما صلى وحده ، فمن السنة أن يؤذن ويقيم ؛ لأن الرسول عليه السلام قد صح عنه أنه قال : ( إذا حضرت المسلم الصلاة في أرض قي ) أرض قي يعني أرض صحراء كما يقولون تشول في بضع اللغات ، ( فأذن وأقام ، صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طرفاه ) صلى خلفه وهو يصلي لوحده ، لكن ما يصلي لوحده ، ونستطيع أن نقول عم يصلي وحده إذا ما أذن وما أقام بكون يصلي لوحده لكنه إذا أذن وأقام ، صلى خلفه من خلق الله م لا يرى طرفاه من هؤلاء ؟ أما الملائكة الموصوفون بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون وأما من مؤمني الجن ، إذاً الأذان والإقامة ليس خاصاً بالمسجد ، وإنما هو ذكرٌ لله وشعيرة إسلامية عظيمة جداً ، على المسلم أن يحافظ عليهما ، سواء صلى في جماعة في المسجد أو في جماعة خارج المسجد ، أو صلى وحده هذه معلومات ثابتة في كتب السنة الصحيحة وجب علينا أن نبينها لكم ، حتى تكونوا على بصيرة من دينكم ، كما قال ربكم في كتابه : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) الرسول (( أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) .

السائل : واحد يا سيدي صلى ولم يقم وهو قد نسي وما أقام الصلاة ؟

الشيخ : لا ما تقول أنت نسيت ، لأنه بس تقول نسي بتخرب سؤالك .

السائل : طيب ما أقام الصلاة .

الشيخ : طيب هيك قول ، لأنه أنت بتسأل أنه واحد ، الآن واحد مثل حكايتك ، أو مثل الأخ هنا سمع هذا الوعظ والإرشاد والأحاديث ، ومع ذلك قام حسب العادة ، مش عن نسيان ، لأنه النسيان كما قال تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) على شان هيك بقول لك ارفع كلمة النسيان ، لأنه كما تعرف بالنسيان ما في مؤاخذة واحد في رمضان إذا شبع طعاماً وشراباً وكان ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه ، لذلك ارفع كلمة النسيان ؛ لأنك تريد أن تقول : صلى ولم يؤذن ولم يقم ، صلاته صحيحة أم لا ؟ نقول : نعم صلاته صحيحة ؛ لأن الأذان والإقامة ليس ركن من أركان الصلاة ، أخذت جوابك الآن ؟

السائل : نعم .

الشيخ : آه ، وبعد ما تأخذ هذا الجواب بتشعر معي تماماً أن تقديم النسيان في سؤالك ليس له طعمة ...

 

السائل : في حديث أنه لا يجوز الصلاة في مسجد فيه قبر أو أكثر من قبر ?

الشيخ : لا يجوز الصلاة في إيش ؟

السائل : لا يجوز الصلاة في مسجد فيه قبر ، هل هذا الحديث صحيح أم غير صحيح ؟

الشيخ : هذا أحاديث .

السائل : علماً أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل الحرم الشريف .

الشيخ : أي نعم .

السائل : وفي المسجد الأموي يوجد قبر وكذلك شعيب وأبي عبيدة ، يعني كثير من المقامات فيها قبور يوجد فيها الصلاة ؟.

الشيخ : الجواب سؤالك فيه شُعب ، يعني ممكن تقسيمه إلى أسئلة ، فالجواب عن السؤال الأول : أن الحديث الوارد في النهي عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور ليس فقط صحيحاً بل هو صحيح متواتر ، ولعلكم تعلمون المقصود من لفظة متواتر الحديث الصحيح يأتي من طريق من إسناد واحد ، صحيح عند علماء الحديث ، هذا حديث صحيح ، لكن الحديث إذا جاء من أسانيد متعددة ، وعن جماعة من الصحابة كثر ، يقال في هذا الحديث ، حديث صحيح متواتر ، والحديث الصحيح المتواتر يعني من حيث الثبوت ، يكون في قوة القرآن الكريم ، فالحديث الذي ينهى عن الصلاة في المساجد المبنية على القبور ليس حديثاً فرداً ، ليس حديثاً فرداً صحيحاً ، بل هو مجموعة أحاديث أكثر من عشرة أحاديث ، أنا كنت تتبعت في زماني هذه الأحاديث فجاوزت العشرة الأحاديث عن عشرة من  الصحابة أو أكثر كل هذه الأحاديث تدندن وتدور حول النهي عن الصلاة في المسجد أو المساجد المبنية على القبور ، لا بأس من أن نذكر شيئاً من هذه الأحاديث مما يحضرنا . من ذلك مثلاً ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها  قالت : لما رجعت أم سلمة وأم حبيبة من الحبشة ، كانوا من المهاجرات إلى الحبشة ، ورجعوا إلى المدينة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في الحبشة ، وذكرتا من حسن وتصاوير فيها ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( أولئك ) يعني النصارى ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) ، انتبهت يا شيخ لآخر الحديث .

السائل : نعم .

الشيخ : يقول الرسول عليه السلام في آخر الحديث : ( أولئك ) يعني النصارى ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجداً ، وصوروا ) أي نقشوا فيه تلك النقوش ، يعني الزخارف ، ( أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) ، هذا حديث .

الحديث الثاني : أيضاً في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) قالت عائشة رضي الله تعالى عنها  " ولولا ذاك أبرز قبره عليه الصلاة والسلام ، ولكن خُشي أن يتخذ مسجداً "، الجملة هذه أرجوا أن تبقى في ذاكرتكم ، لأن لها صلة وثقى بالجواب عن الشطر الثاني من السؤال ، حيث قلت إن قبر الرسول في مسجد الرسول ، هذا الحديث الثاني .

الحديث الثالث : وهو في صحيح مسلم ، من حديث سمرة بن جُندُب أو جُندَب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يموت عليه السلام بخمس ليال أو ثلاث ليال الشك من عندي ، ( ألا ) شو معنى ألا ، انتبهوا أيها السامعون ، ( إلا أن من أَمنَ الناس عليَّ في صحبته وماله ، أبا بكر ولو كنت متخذ خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن الله اتخذني خليلا ، كما اتخذ إبراهيم خليلا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبياءهم مساجد ، ألا فلا تتخذوها مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك ) ، هذا الحديث الثالث يؤكد الحديثين الأولين ، ويزيد عليهما بياناً ؛ لأن بعض الناس الذين اعتادوا وعاشوا على خلاف السنة الصحيحة ، يقول يا أخي نحن شو دخلنا بالنصارى ، هؤلاء النصارى ، والرسول عم يحكي عنهم وبقول إنهم شرار الخلق عند الله يوم القيامة وعم يلعنهم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، نحن شو دخلنا في الموضوع ، يأتي هذا الحديث يؤكد معنىً معروفاً عند العلماء ، أن نبينا عليه الصلاة والسلام ، لما يروي لنا أموراً وقعت قبل الرسول عليه السلام ، ويحذر من هذه الأمور فما يحكيها لنا للتسلية ، وإنما لنأخذ منها موعظة وعبرة ، ولذلك جاء الحديث الأول وجاء الحديث الثاني ، ولكن لدفع الإشكال قد يقول قائل كما قلنا آنفاً ، الحديث الأول والثاني ما له علاقة في الأمة المحمدية ، فيأتي الحديث الثالث كما يقال اليوم ، يضع النقاط على الحروف ، يقول بعد أن يحدث عمن قبلنا ، ( ألا وأن من كان قبلكم ) ، يعني اليهود والنصارى الذين ذكروا في الحديثين ، ( ألا وإن من كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا ) يعني معشر الأمة الإسلامية ( ألا فلا تتخذوها مساجد ، أني أنهاكم عن ذلك ) ، هذا حديث ثالث .

وأحاديث وأحاديث كثيرة، منها قوله عليه الصلاة والسلام ، ( إن من شرار الناس ، من تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ) ، فهذا كمان يشمل غير اليهود والنصارى لأن الرسول عليه السلام يقول في بعض الأحاديث الصحيحة ، ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله ) ، ( لا تقوم الساعة )معنى الحديث : لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض موحدين لله لا يشركون به شيئاً ، ولذلك جاء في الحديث الآخر قوله عليه السلام : ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق ) فإذاً من شرار الخلق أولئك الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، فهؤلاء سيكونون ، بعد الرسول عليه السلام ، من أجل هذه الأحاديث وغيرها ، يحرم بناء المسجد على القبر ويحرم بالتالي اتخاذ ذلك المسجد مصلاً لماذا ؟

الجواب : مع الأسف معروف عملياً ؛ لأن هذا القبر سيدعى من دون الله تبارك وتعالى ، ومعنى يدعى من دون الله : أنه يُعبد من دون الله ، وهذا بحث طويل .

الآن نؤجله إلى مناسبة أخرى إن شاء الله . لندخل في الجواب عن السؤال الثاني ، أو الشق الثاني من السؤال الواحد ، فنقول صحيح أن قبر الرسول اليوم في مسجد الرسول ، لكن هل حينما مات الرسول عليه السلام ، دفن في مسجده ؟ الجواب لا ، وحديث عائشة الذي لفت نظركم إليه ، هو دليل صريح في ذلك ، حيث قالت : ( لولا ذاك ، أبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجداً ) أي لولا تحدث الرسول عليه السلام عن اليهود والنصارى ، وأنهم لعنوا بسبب اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ، لولا هذا كان قبر الرسول عليه السلام يدفن في أرض بارزة أرض مثل الأرض التي أمامكم هنا ، لكن لم يفعل بقبره عليه السلام ذلك لماذا ؟ خشيت أن يتخذ مسجداً إذاً أين دفن الرسول عليه السلام ؟ هنا قصة لما مات عليه الصلاة و السلام  (( كل من عليها فان ... )) اختلف أصحابه في مكان دفنه ، أكثرهم كان لا علم عنده ، في أين يدفن النبي عليه السلام ، وهم في هذا التشاور ، أين ندفنه عليه السلام ؟ دخل عليهم أبو بكر الصديق ، قال لهم : جوابا ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من نبي إلا دفن في الموضع الذي مات فيه ) ، ( إلا دفن في الموضع الذي مات فيه ) أين مات الرسول عليه السلام ؟ في بيته ، في بيت السيدة عائشة ولذلك الصحابة رضي الله عنهم كانوا أحرص الناس على الشرع وأكثرنا لا يهتم بها ، ما كادوا يسمعون هذا الحديث إلا سحبوا السرير الذي مات عليه الرسول وحفروا تحت منه وذلك في بيت عائشة ، وبيت عائشة كان بجنب مسجد الرسول عليه السلام ، لذلك تواترت الأحاديث أن الرسول عليه السلام كان يخرج من بيته إلى المسجد حتى يوم الجمعة كان إذا أذن بلال يوم الجمعة أو قبل ما يؤذن بلال يوم الجمعة ، كان الرسول يخرج من البيت إلى المنبر فوراً ، وبس بلال يشوف الرسول صعد المنبر ، يؤذن الأذان ، ثم يبدأ الرسول عليه السلام بالخطبة إلى آخره ، فإذاً رسول الله دفن في بيته ، لكن ماذا جرى بعد ذلك ؟ وقع شيء مؤسف ، في زمن أحد ملوك بني أمية ، أو خلفاء بني أمية ، رأوا من الضروري توسعة المسجد النبوي ، علماً أنه كان عمر بن الخطاب ، قد أدخل توسعة على المسجد النبوي وكذلك من بعده عثمان بن عفان ، انظروا الفرق الآن بين الصحابة وعملهم ، وبين من جاؤوا بعدهم ، توسعة عمر بن الخطاب ، وبتوسعة عثمان لم تكن على حساب حجرات أم المؤمنين التي منها حجرة السيدة عائشة ، وإنما كانت في الجهة الجنوبية يلي بقولوا إلى اليوم زيادة عمر كانت هناك ، وزيادة عثمان في جهة أخرى لا تحضرني الآن ، لكن في زمن بني أمية وجدوا حاجة بتوسعة المسجد فوسعوه من جهة قبر الرسول عليه السلام ، رفعوا الجدار الفاصل بين بيت عائشة وبيوت سائر أمهات المؤمنين ، وبين المسجد ، فصار القبر في المسجد ، حيث ترونه اليوم فتظنون أن الرسول عليه السلام دفن في مسجده فيشكل عليكم الأمر حينما تسمعون هذه الأحاديث وتسمعون ما يدل عليها من تحريم الصلاة في المساجد المبنية على القبور .

يبقى جواب ثالث وأخير : هل حكم الصلاة في المسجد النبوي كحكم الصلاة في المساجد كلها ؟ ومنها ما ذكرت أنت أو غيرك بني أمية عندنا في الشام ؟ نقول : مسجد الرسول عليه السلام ليس كذلك ، لماذا ؟ لأن مسجد الرسول له فضيلة خاصة ، حيث قال : ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام )، هذه الفضيلة سوف تستمر إلى يوم القيامة ، لكن الذين أدخلوا القبر في المسجد أخطئوا السنة ، والواجب حين ذاك أن المسلم ما يقصد أن يصلي تجاه القبر ، وإنما يصلي في الروضة والنواحي الأخرى ، وبهذا القدر كفاية ، نعم تفضلوا .

السائل : ...

 

الشيخ : لا يجوز ، هو مكلف شرعاً أنه إذا مر بمقابر النصارى ، أن يقول أبشركم بالنار ، فكيف يحفر لهم حفرة النار .

السائل : إذا ضاق المسجد بأهله فهل يجوز الصلاة في مكان تابع للمسجد مع العلم إن طريقاً يقطع بينهما ؟

الشيخ : للضرورة يجوز . أعد السؤال .

السائل : إذا ضاق المسجد بأهله ، فهل تجوز الصلاة في مكان تابع للمسجد مع العلم إن طريقاً يقطع بينهما ؟

الشيخ : يجوز للضرورة ، ومن الضرورة أن يكون المسجد قد امتلأ بالمصلين أما إذا كان في المسجد ما يزال فراغا فلا يجوز الصلاة خارج المسجد ، إلا بعد تشغيل وتملئة هذا الفراغ .

 

السائل : قد جاء في صحيح البخاري أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يكره تكثير إلقاء المواعظ وكان يخرج لأصحابه كل يوم خميس ، وكان يعزوا هذه الكراهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يمكن الاقتداء به بإلقائنا للدروس في المساجد ؟

الشيخ : هو ما احتج به ، ابن مسعود هو قوله : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا " ، وهذا بسبب أن الدروس عامة ، أما إذا كانت الدروس خاصة ، ويتفق عليها طلاب العلم ولو كان في كل يوم ، أو في كل ليلة فذلك لا مانعا منه وهذا شيء لابد منه ، أما بالنسبة لعامة الناس فإنما هو كما قال ابن مسعود يتخولهم بالموعظة ، أي لا يتابعهم بحيث يملهم ، وإنما تارة وتارة ، نعم .

 

السائل : ما هو حكم التوظف لتعليم القرآن وكذا الإمامة ... ؟

الشيخ : لا يجوز للمسلم أن يطلب مثل هذه الوظيفة ، فإذا طلب منه وكان أهلاً للوظيفة ، جاز له أن يعمل فيها شريطة أن لا يبتغي من وراء توظفه فيها أجراً غير أجر الآخرة ، وما يأتيه من راتب لا يأخذه أجرة ؛ لأن ذلك يبطل عمله ؛ لقوله تعالى : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) فأن يطلب المسلم الوظيفة من هذه الوظائف الدينية فذلك مما يبطل أجره ، ظهر الفرق لديك ؟

السائل : نعم .

السائل : الإمام والمؤذن ، يعني ما يأخذون أجر ؟

الشيخ : الجواب سبق بوضوح ، ومع ذلك نجيب حسب سؤالك ، الإمام والمؤذن والخطيب والمدرس وكل وظيفة دينية لا يجوز للمسلم أن يأخذ عليها أجراً ، لأن الأجر إنما يبتغى من الله تبارك وتعالى لكن يأخذ ما يأخذه راتباً ، وليس أجراً ، راتب صرفته الدولة له يأخذه بحق انصرافه بحق القيام بهذه الوظيفة لكن لا يجوز أن ينوي في نفسه ، أن هذا أجر لقيامه بهذه الوظيفة ؛ لأن هذه الوظيفة وظيفة عبادة وطاعة ، ولذلك جاء في الحديث الصحيح : أن وفد ثقيف لما وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لاحظ الرسول عليه السلام وبعض الصحابة في بعض أفراد هذا الوفد نبوغاً ، واستعداداً واهتماماً بالدين كان من هؤلاء الصحابي الجليل عثمان ابن أبي العاص الثقفي ، فقال له عليه السلام : ( أنت إمامهم واقتد بأضعفهم ، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ) ، أظنكم تعلمون جميعاً أن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام والمؤذن كما قال عليه السلام : ( المؤذنون يوم القيامة أطول الناس أعناقاً ) ؛ لذلك هذا المؤذن لا يجوز أن يقصد بأذانه المادة ، الأجر الدنيوي ؛ لأنه إن فعل ذلك أذهب عنه الأجر الأخروي ، كما قال تعالى : (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ))، العمل الصالح هو ما كان على وفق السُنة ثم يبتغي من وراء ذلك الأجر عند الله وهذا معنى قوله تعالى (( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ))،  فهذا المؤذن أو ذاك الإمام ، إذا ابتغى من وراء وظيفته هذه غير وجه الله ، فقد حبط عمله ؛ ولذلك قال عليه السلام في الحديث الصحيح ( بشر هذه الأمة بالرفعة والسناء والمجد والتمكين في الأرض ، ومن عمل منهم عملاً للدنيا ، فليس له في الآخرة من نصيب ) ، وقد يشكل على بعض الناس حينما نقول هذا الإمام وذاك المؤذن لا يجوز أن يأخذ ما يأخذه أجراً لعبادته ، وإنما يأخذه راتباً .

 

السائل : ما حكم إلقاء درس أو موعظة قبل خطبة الجمعة ؟ علماً أن الناس عندنا في الجزائر لا يلقون هذه الموعظة إلا يوم الجمعة ؟

الشيخ : ليس ذلك مشروعاً ؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحلق يوم الجمعة . هذا أولاً .

وثانياً : هذا الدرس الذي يُلقى يفسد على أهل المسجد عباداتهم ؛ لأن الثابت في السُنة أن من أتى المسجد يوم الجمعة فعليه أن يشغل نفسه بعبادة من العبادات المشروعة . من ذلك مثلاً أن يصلي ما بدا له أو ما كتب الله له ، يصلي على الأقل ركعتين تحية المسجد ، فإن زاد ، زاد الله له ، (( فمن تطوع خيراً فهو خير له ))ثم جلس إن كان حافظاً لسورة الكهف قرأها ؛ لأن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة كان له من النور ما بينه وبين الجمعة التي تليها ، أو ما بينه وبين البيت العتيق ، وإن كان لا يحفظ سورة الكهف غيباً ، وكان يحسن القراءة من المصحف حضوراً ، يأخذ المصحف ويقرأ سورة الكهف ، وإن كان لا يُحسن القراءة وكان أمياً فليذكر الله كما يحفظ ، ولو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فقد قال عليه الصلاة والسلام :( أربع كلمات أفضل الكلام بعد القرآن ، أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر )، مهما كان الإنسان ذهنه كليل وعيان وتعبان ، فما أسهل عليه أن يحفظ هذه الجمل الأربعة : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وعليه أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه فرصة تسنح له في المسجد لقوله عليه السلام : ( أكثروا عليّ من الصلاة يوم الجمعة ؛ فإن صلاتكم تبلغني ) وفي لفظ : ( تعرض عليّ ) قالوا : كيف ذاك وقد أرمت ؟ يعني فنيت وبليت وصرت تراب ، كما هو شأن كل الناس ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء )، هذه خصوصية للأنبياء جميعاً ، وفي مقدمتهم نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، إذاً من يأتي المسجد يوم الجمعة فهو ما بين مصل أو تال أو ذاكر ، أو مصلٍ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي هذه الحالة حينما يقوم المدرس يدرس ، يؤذي هؤلاء الناس ويشوش عليهم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( يا أيها الناس ، كلكم يُناجي ربه ، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة ، فتؤذوا المؤمنين ، فتؤذوا المؤمنين ) ؛ لذلك للحديث المذكور آنفاً نهى عن التحلق يوم الجمعة ، ولهذه المجموعة من الأدلة لا يجوز للمدرس يُدرس على الناس قبل صلاة الجمعة ، إن كان ولابد من التدريس فليكن ذلك بعد الصلاة ، وأنا أعلم أن كثيراً من الناس يحتجون أننا إذا لم ندرس قبل الصلاة انفض الناس بعد الصلاة ، وما بقي معنا أحد ، فنقول لهم إذاً أنتم تريدون أن تفرضوا على الناس أن يسمعوا دروسكم غصباً عنهم .

السائل : يعني أصبح فرضاً .

الشيخ : وهذا لا يجوز ، وهذا يذكرني ببدعية أموية لعلكم تعلمون أن السُنة في صلاة العيد الخطبة بعد الصلاة ، خلافاً للجمعة ، صلاة العيد تُصلى ثم بعدها الخطبة ، فأحد خلفاء بني أمية وهو مروان بن الحكم عكس ، خطب قبل الصلاة فقام إليه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال له : " خالفت السُنة يا مروان " قال له قد ذهب ما هناك ، لا يهتم يعني هذه راحت بوفاة الرسول ، شو حجته هذا المسكين ؟ قال : لأن الناس إذا هو مشى على السُنة صلى الصلاة صلاة العيد ، ثم خطب فما أحد يجلس ويستمع له ، لماذا ؟ لأنه ما كان يخطب خطبة يستفيد منها الحاضرون ، شايف كيف ؟ وهكذا يفعل الأمراء الذي يحكّمون أهواءهم  وهكذا يفعل الخطباء والمدرسون الذين يحكّمون أهواءهم ، فأنت أيها المدرس ، إذا كنت حقيقة تريد أن تنفع الناس فأنت لا تكره الناس على أن يسمعوا منك ، وإنما خبرهم ربنا قال بالنسبة لما هو أعظم من ذلك ، بالنسبة للإيمان : (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))، أفأنت تكره الناس على أن يكونوا مؤمنين ؟ لا ، فإذا هذا الخطيب المدرس إذا كان يريد الفائدة فعلاً للناس في آخر الخطبة يقول : أيها الناس عندي موعظة عندي كلمة ، عندي درس سألقيه عليكم بعد سنة الجمعة البعدية فمن شاء جلس يُصغي ، ومن شاء فلينصرف ، هكذا ينبغي أن يكون الأمر .

السائل : شيخنا ، شو موقف الأئمة والوعاظ الذي يؤمروا بهذا أمر لازم تعطي درسا .

الشيخ : هذا طبعاً المؤاخذة بترجع إلى فوق ، أو هذا يستقيل من العمل هذا ، ويدبر أمره إذا كان يستطيع نعم .

 

السائل : هل يجوز لرجل يؤم الناس في صلاة التراويح وهو يحمل المصحف ؟

الشيخ : هذه مسألة اختلف فيها العلماء منذ القديم ، منهم من أجاز ذلك ، ومنهم من كرهه ، أنا بصف نفسي مع الذين كرهوا لسببين اثنين :

السبب الأول : وقبل هذا حتى ما يفوتني نصيحة أوجهها لهذا الأخ من أجل أن نريحه ، أنه لما دخل المجلس بسلم كل واحد من الجالسين ، السلام عليكم ، السلام عليكم ، السلام عليكم ، السلام عليكم يوم رايح يأتيك رايح تتعب وأنت بتقول السلام عليكم ، والله أراحك ؛ لأنه لما أنت بتقول السلام عليكم شمل الجميع ؛ لذلك هذه بتريح نفس إن شاء الله ، بنقول لسببين اثنين :

السبب الأول : أنه لم يكن من عمل السلف ، السلف الصالح ، ما كانوا يقرؤون في صلاة التراويح يؤمون الناس والمصاحف بأيديهم ، وهذا أمر طبيعي جداً لماذا ؟ شوفوا النتائج كيف تختلف لأن أئمتهم ما كانوا مثل أئمتنا ، أئمتهم كانوا علماء ، كانوا حفاظا لكتاب الله عز وجل ، اليوم أكثر أئمتنا محوشين ولا مؤاخذة تحويش ؛ لأنه  صارت الإمامة وظيفة كأي وظيفة من وظائف الدولة ، المفروض في الإمام أن يحفظ قسماً كبيراً إذا ما قلنا يحفظ القرآن كله من أوله إلى آخره ، فأن يحفظ قسماً كبيراً من كلام الله عز وجل حتى يؤم الناس وما يملوا قراءته ؛ لأن الإنسان طبيعته الملل ، ولو كان يسمع كلام الله ، فهو يمل لكن لما ينوع الإمام كل كم يوم يسمع آية جديدة ؟ خاصة فيما إذا وضع ذهنه فيما يتلوا الإمام فتصبح الفائدة مزدوجة ، فالأمر الأول إذا هو لأن السلف الصالح ، ما كانوا يؤمون الناس والمصاحف في أيديهم .

والسبب الثاني : فهم ضمناً أننا إذا فتحنا باب تجويز إمامة الأئمة للناس من المصحف صرفنا الأئمة عن العناية بحفظ القرآن علماً بأن القرآن حفظه ليس بالأمر السهل ، وقد أشار الرسول عليه السلام إلى هذا الأمر ، بقوله : ( اقرءوا هذا القرآن وتغنوا به ، فوالذي نفس محمد بيده إنه أشد تفلتاً من صدور الرجال من الإبل من عقلها ) ، أنتم معشر العرب تعرفون هذا الكلام يلي يقوله الرسول عليه السلام أشد تفلتاً من الإبل من عقلها ، هكذا القرآن يتفلت من صدر الحافظ إلا ما دام عليه قائما بالحفظ ، الناس اليوم يطلبون الراحة وأنت لما بتقول للناس اقرءوا من المصحف أرحتهم ، وليس هذا من مقاصد الشريعة ، المقاصد هي أنك تحضهم على العناية بالقرآن كما قال عليه السلام : ( اقرءوا هذا القرآن ) مفهوم ( وتغنوا به ) ما معناه ؟ فسره العلماء على وجهين : الوجه الأول : تغنوا به أي استغوا به على أن تطلبوا به أجر الدنيا دون الآخرة ، كما يفعل بعض القراء اليوم مع الأسف ، حيث يُدعون بمناسبة وفيات ومآتم يدعى القارئ المشهور أو المقرئ المشهور فيتفق معه على أجر مسمى من أجل أن يقرأ على روح الميت مثلاً سورة يس ، وعلى قدر طول القراءة يكون طول الأجر ؛ لأنه صارت تجارة ، هذا الذي أشار الرسول عليه السلام إلى الانصراف عنه لقوله : ( وتعنوا به ) أي استغنوا بتلاوة القرآن عن تحصيل أجر الدنيا ، المعنى الثاني : معقول ووجيه جداً ( تغنوا به ) يعني كما قال عليه السلام في الحديث الآخر : ( حسنوا أو زينوا القرآن بأصواتكم ) ، ( زينوا القرآن بأصواتكم ) ، وأصرح منه قوله عليه السلام : ( من لم يتغن بالقرآن فليس منا ) ، وحديث آخر : ( لله أشد أذناً لنبي يقرأ القرآن يتغنى به يجهر به )، أي أن الله عز وجل أشد ما يكون استماعاً لصوت ليس هناك شيء أكثر من صوت نبي يقرأ القرآن يتغنى به ، يرفع صوته به ، فالتغني بالقرآن أمر مرغوب فيه جداً، لكن ليس المقصود بهذا التغني بالمعنى الثاني هو أن نقرأ القرآن على التقاسيم الموسيقية ، وعلى القوانين الغربية ، هذا ينبغي أن نرفع القرآن عن مثل ذلك ، لأنه كلام الله عز وجل ، وإنما ينبغي أن يقرأ القرآن كما قال عليه الصلاة والسلام : ( خيركم ) أو كما قال عليه السلام ، ( قراءة من إذا رؤي يقرأ القرآن رؤي أنه يخشى الله ) ، هذا خير الناس قراءة، من إذا سمعه يقرأ القرآن ، تظن فيه أنه يخشى الله ، أما هذا التطريب ، هذا الصعود وهذا النزول وذاك التنغيم الذي يتبع بعض القراء ، يا الله ، زادك الله كذا ، اللهم صل على النبي ، من الصياح والزعاق ، هذا ليس من الأدب في تلاوة القرآن الكريم أبداً ، وإنما واجب المستمعين الإصغاء لما يتلى عليه من كتاب الله والتدبر فيه ، أما هذا الصياح و الزعاق يصرفهم عن الإصغاء لما يُتلى عليهم من كلام الله تبارك وتعالى ، الشاهد ...