عن المقال

المؤلف :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

التاريخ :

Thu, Sep 18 2014

التصنيف :

فتوى

تحميل

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 219

الشيخ : ... اليوم مثلا نحن نعلم يقينا أن من آفة العالم الإسلامي هو الانكباب على الدنيا ؛ ومن آثار هذا الانكباب استحلال ما حرم الله عزوجل من الربا بأدنى الحيل فضلا عن غير ذلك من المحرمات ؛ أبمثل هؤلاء الناس يمكن إذا خرج المهدي أو نزل عيسى عليه السلام أن يجاهد به الكفار أو بهم الكفار ؟ الجواب لا ، إذا على المسلمين كافة في كل بلاد الإسلام أن يعملوا بفهم الإسلام أولا فهما صحيحا وأن يطبقوه في ذوات أنفسهم وفي أهاليهم وذراريهم ثانيا حتى إذا جاء المهدي أو نزل عيسى وجد القوم ليسوا بحاجة إلى إصلاح ما أفسده هذا الزمن الطويل وإنما وجدهم بحاجة إلى رجل موفق ملهم يقودهم إلى الجهاد في سبيل الله ؛ فإذا الإسلام يأمرنا بالعمل وينهانا عن التواكل والاعتماد على الأشخاص وإنما نعمل إن نزل اليوم أو جاء اليوم وجدنا متهيئين والله أنا أقول لو نزل الآن عيسى عليه السلام لما استطاع أن يعمل بالمسلمين إلا بدون ما فعل الرسول سيد الأنبياء والمرسلين في قومه ، دون ذلك بينما قام الرسول عليه السلام كان عددهم محصورا قليلا ، اليوم المسلمون ملايين مملينة فإذا وجد المسلمين هكذا وجدهم متفرقين بددا وعقائد وطرق قددا إلى آخره متى يتوفر هو لإصلاح هذا الفساد ولتوحيد هذا التفرق و إلى آخره .

الشيخ : ... لذلك نحن يجب علينا الآن أن نطبق كلمتين أنا أدندن حولهما في كثير من الأحيان بمثل هذه المناسبة لابد من التصفية والتربية ، لا ننتظر عيسى عليه السلام ولا المهدي عليه السلام وإنما نعمل ونسير في الطريق فإن جاء ووجدونا متهيئين قادونا إلى الخير وإلى إقامة دولة الإسلام كما أمر الله عزوجل ؛ وإلا فنحن نكون ماضين في الطريق كما هو الواجب شرعا بل والمعقول عقلا ؛ وبهذه المناسبة أنا أذكر بيت ذلك الشاعر الجاهلي ، هو شاعر جاهلي لكنه كان عاقلا وكان يسعى وراء الملك ، ما كان يسعى وراء إقامة دولة مسلمة فنحن أولى أن نعقل ذلك الذي عقله هو في سعيه في دنياه ، من هو امرؤ القيس ، ماذا قال ؟ ساعدوني لأني لست بشاعر ولا أحفظ الشعر إذا أخطأت ، قال :

" بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه *** وظن أنا ملاقين قيسرا فقلت له ؛ هنا الشاهد ، فقلت له :

... لا تبك عينك إنما  ***  نحاول ملكا أو نموت فنعذرا " .

هذا الشاهد قال لا تبكي عينك وإنما نحاول ملكا ، ملك دنيا ؛ أو نموت فنعذرا ؛ يعني أحد الشيئين كما يقول الإسلاميون اليوم إما النصر وإما أيش الشهادة هذا الجاهلي ما فيه عنده الشهادة بطبيعة الحال كان عنده ملك قال لا تبك عينك فإنما نحاول ملكا نصل إليه أو نموت فنعذرا أيش يعذرون ؟ يعني والله نحن سعينا وعملنا جهدنا واستطاعتنا وما قدرنا نصل إلى الملك ، نحن أولى بأن يكون عندنا هذا المنطق وهو جاهلي لكن عقله سليم فنحن علينا أن نعمل للإسلام ونهيئ الجو لمجيء أي مصلح ؛ وأنا أعتقد أنه ليس بعيدا على الله تبارك وتعالى وليس عزيزا عليه أن يصلح حال المسلمين قبل مجيء عيسى عليه السلام والمهدي ؛ لأن الأمر كما قال الله تعالى : (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )) لكن هذا يذكرني بكلمة كنت أقولها هناك كثيرا في سوريا يقولون " هذه الشغلة بدها هز أكتاف " بدها هز اكتاف يعني كناية عن الجد والسعي والكد في العمل ؛ وكنت أبشرهم بما بشرنا به نبينا صلوات الله وسلامه عليه بشر أصحابه بفتحين عظيمين فتح القسطنطينية وفتح روما التي هي عاصمة البابا اليوم " الفاتكان " ولذلك جاء السؤال في حلقة من الحلقات التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلم فيها أصحابه جاءه السؤال الآتي قال يا رسول الله أقسطنطينية نفتحها أولا أم رومية ؟ قال ( لا بل قسطنطينية ) ؛ وفعلا التاريخ الإسلام بل وكل تاريخ على وجه الأرض يثبت أن المسلمين فتحوا القسطنطينية والفاتح هو عثمان التركي المعروف بالفاتح .

السائل : محمد الفاتح .

الشيخ : نعم محمد الفاتح العثماني ، فتح فعلا القسطنطينية ؛ إذا البشارة الأولى تحققت لما سألوا أي الفتحين أول أقسطنطينية أم رومية ؟ قال ( لا بل قسطنطينية ) ، هذا الفتح الأول تحقق فبقي على المسلمين أن يفتحوا رومية وهي " روما " لكن فتح روما بدها هز أكتاف ، لا يمكن للمسلمين أبدا ؛ يا إخواننا العبرة عندكم بجانبكم ، لا يمكن للمسلمين اليوم أن يعيدوا الفلسطين إلى المسلمين مش يفتحوا روما عاصمة البابا ؛ لماذا ؟ الأمر بسيط جدا ، آية في القرآن الكريم فيها الجواب (( إن تنصروا الله ينصركم )) هل المسلمون كأمة أو ككتلة متكتلة ينصرون الله ؟ ونصر الله طبعا ليس هو بالدفاع عنه خشية أن يقتله عدو له ، حاشاه فهو سبحانه وتعالى العلي القدير ؛ لكن نصر الله هو باتباع أحكام شرعه ؛ فهذا معنى (( إن تنصروا الله ينصركم )) فيوم وهذه خلاصة الجواب يوم يفهم المسلمون إسلامهم فهما صحيحا ويطبقونه تطبيقا كاملا ولست أعني هذه الملايين المملينة هذا يكاد أن يكون مستحيلا وإنما أعني الطائفة المنصورة والناجية التي أخبر عنها الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح وآخذ منه الشطر الأخير لأنه معروف لدى الجميع  إن شاء الله ( كلها في النار ) الفرق الثلاث والسبعين كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) ، اليوم لو عرفنا ما كان عليه الرسول عليه السلام وحده اسمعوا هذا قد يكون غريبا على بعض الناس لو عملنا بما كان عليه الرسول فقط لما استطعنا أن نعمل ؛ لماذا ؟ لأن الرسول قال ما أنا عليه وأصحابي ؛ فإذا يجب أن نعلم ما كان عليه الصحابة لأنهم هم الذين عرفوا ما كان عليه الرسول عليه السلام ؛ ولذلك فنحن ندعوا إلى اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح فيوم يفيء المسلمون ويتيقظون  لهذه الحقيقة وهي أنه يجب عليهم كأمة كطائفة تريد حقيقة أن تقيم حكم الله على وجه الأرض فلا سبيل لها إلى شيء من ذلك إلا بأن تأخذ الإسلام المصفى المبني على الكتاب وعلى السنة الصحيحة وعلى منهج السلف الصالح ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله . نعم .

الحلبي : يقول السائل ذكرتم بهذا الجواب أن المعتزلة لا يكفرون ؛ فكيف ذلك وهم يقولون بخلق القرآن وغيره من الأمور العقدية المخالفة فما هو الضابط في قضية الكفر ؟ .

الشيخ : نعم هذا سؤال مهم ، الحقيقة أن هناك شيء وسط ، لا يلزم من وقوع الإنسان في الكفر أن يقع الكفر عليه .

الشيخ : ... ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه ؛ لكن إذا أردنا أن نقول إنه كفر وارتد عن الدين فلا بد من إقامة الحجة عليه حتى تتجلى له الحقيقة وتزول عنه الشبهة التي هي كانت السبب في انحرافه عن الحق الذي جاء به الشرع وخالفه فوقع في الضلال المبين ؛ هذا جواب يشمل كل الفرق الإسلامية التي لا تزال مسلمة معنا لا تنكر شيئا من الأحكام المتعلقة بالإسلام يعني الأحكام العملية فمادام مسلما لا ينكر ما هو ثابت من الدين بالضرورة  كما يقول الفقهاء  فهو مسلم ولو ضل سواء السبيل في بعض الأفكار وفي بعض العقائد ؛ فمن أنكر كما قلنا عن المعتزلة وغيرهم من الجبرية وأمثالهم من المبتدعة قديما وحديثا ، حديثا اليوم جبرية ما شئت من المسلمين جبرية يقول لك ما في فائدة الإنسان مجبور وكلمة سائرة على الألسنة يمكن كلكم يشترك في معرفته ، الإنسان مسيير أم مخير ، شو بقولوا ؟ مسيير ؛ شو معنى مسيير ؟ يعني مجبور ؛ فإذا أمة يغلب عليها هذه العقيدة أن الإنسان مسير مش مخير مش ممكن تنهض بدها علاج بدها تصحيح مفهوم هل نكفر هؤلاء ؟ نقول لا ؛ لماذا ؟ لأنهم يعيشون في جو جاهلي في الحقيقة ، نرجع للمعتزلي موجودين اليوم ؟ نعم موجودين اليوم ، كثير منهم بقول لك إن الإنسان مش معقول أن الله يكتب عليه أنه شقي وبعدين أيش يعذبه ؛ فأنكروا الكتاب الإلهي السابق ، قال تعالى : (( وكل شيء مستطر )) يعني مسجل .

الشيخ : ... (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) الكتاب هنا ليس كما تسمعون أحيانا من بعض الكتاب المعاصرين يعني القرآن ، ويريدون أن يتفاخروا على سائر الأديان بباطل والمسلمون ليسوا بحاجة إلى مثل هذا الافتخار بالباطل حين يقولون إن القرآن كل شيء مذكور فيه (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ ، الكتاب في هذه الآية هو اللوح المحفوظ وليس القرآن الكريم ، القرآن الكريم بشهادة أهل السنة والجماعة ليس فيه كل شيء مما يتعلق بإصلاح عبادة الإنسان وسلوكه وإنما تمام ذلك في سنة نبيه كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )، فإذا كانت السنة متممة للقرآن فكيف يقال إن القرآن فيه كل شيء من الاختراعات والابتكارات وعلم الفلك والجغرافيا ، هذه مبالغة ليس الإسلام بحاجة إليها أبدا (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) أي اللوح المحفوظ ؛

الشيخ : ... الناس اليوم ينكرون هذا الكتاب ويتوهمون شيئا آخر وهو الذي وقع فيه المعتزلة أن القدر الإلهي هو العلم الإلهي بينما القدر ليس هو العلم الإلهي كالكتابة ؛ القدر مشتق من التقدير من تفصيل كل شيء ووضعه في مكانه اللائق به ؛ فالقدر الإلهي هو فعل الإله عزوجل لكن حسب العلم الإلهي الأزلي ؛ كذلك الكتابة كتب كل شيء في اللوح المحفوظ كما جاء في الحديث الصحيح لما خلق الله القلم ( أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال ما أكتب ؟ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيمة )، هذه عقيدة المسلمين كافة إلا المعتزلة يقولون لا قلم ولا كتابة ؛ إذا ليس فقط إلا العلم الإلهي ؛ الحقيقة أنهم حينما يؤمنون بالعلم الإلهي من جهة يجعلهم في دائرة الإسلام لكن من جهة يخرجون عن الإيمان كما قلنا آنفا بعض الخروج بإنكارهم التقدير الإلهي والتسطير الإلهي والكتابة الإلهية ؛ لكن من عجائب عقولهم أنهم ما استفادوا شيئا من تعطيل هذه النصوص التي قصدوا بهذا التعطيل تخليص جماهير الجبريين من الجبر ، ما استفادوا شيئا لماذا ؟ لأن الذي قدره الله وفق علمه ، ولأن الذي كتبه الله هو وفق علمه ؛ فإذا بزعمهم الجبر لا يزال ملازما لهذا الإنسان المخلوق ، إذا رفعنا الآن من أذهاننا كما يريد المعتزلة لا كتابة ولا قدر ، طيب ألم يسبق في علم الله أن فلانا من أهل النار ، مثلا إبليس هو في أسفل الدرك من النار ؟ نعم سبق في علم الله ؛ طيب هل يستطيع أن لا يفعل ذلك ؟ نفس الشبهة هم يريدونها على أهل السنة حينما يقولون بالقدر ويقولون بالكتابة ، الشبهة واردة عليهم أيضا لأن الكتابة لا تزيد على أكثر مما في العلم الإلهي بلا تشبيه ولا تشبيه ؛ إنسان منا عنده فكرة جاء وكتبها ، هذه الكتابة ما زادت على ما في فكره وفي عقله ، فهي تبقى في هذا الفكر فما أدت بشيء جديد إلا لماذا يكتب أحدنا الآن ليبين للناس الحقيقة التي في مخه بلا تشبيه ربنا عزوجل أراد أن يبين ما سبق بعلمه ، فقدر  كل شيء وكتب كل شيء وذلك لتأكيد أن الله عزوجل على كل شيء قدير ؛ إذا الجواب لابطال شبهة الجبر ليس هو بانكار الكتابة والقدر وإنما بأن نلاحظ شيئا واحدا وهو أن ندرس طبيعة هذا الإنسان الذي خلقه ربنا عزوجل في أحسن تقويم هل هو فعلا مجبور ، أو هو بالتعبير العامي مسير وليس مخير ؟ الجواب لا يصح أن نقول كما يقولون الإنسان مسير مش مخير ، ولا يصح العكس أيضا أن نقول إن الإنسان مخير وليس مسير وإنما نقول إنه تارة يكون مسيرا أي مجبورا وتارة يكون مخيرا أي مختارا ؛ فلا نطلق لا سلبا ولا إيجابا ، لا نقول كما تقول العامة مسير مش مخير ، ولا العكس نكاية بالعامة ونقول لا هو هو مخير مش مسير ؛ لأن الواقع يشهد أن الإنسان تارة مسير وتارة مخير بدليل حينما يكون الإنسان في أي شيء ما صدر منه لوحظ في ذلك أنه كان مجبورا كان مسيرا من الغير وهو رب العالمين ولم يكن مخيرا ، هل عليه مسئولية عند الله تبارك وتعالى ؟ الجواب لا مسئولية ؛ لماذا ؟ لأنه ثابت كتابة وسنة وعقلا أن المسئولية والجبر لا يجتمعان كما قال الجبري المقيت واصفا ربه عزوجل بما لا يصح أن نصف به جبارا ظالما مبيرا ، قال في الله واصفا علاقة العبد مع ربه " ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له إياك إياك أن تبتل بالماء "، هكذا الإنسان مع رب الأنام ؟ حاشا لله عزوجل ، قال بصريح القرآن (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أراد الحج فليتعجل ومن أراد أن يضحي ودخل عليه عشرة ذو الحجة فلا يأخذن من شعره وظفره ) إلى غير ذلك من النصوص ؛ إذا الإنسان له إرادة له اختيار ، فإذا سلبت منه هذه الإرادة رفع عنه التكليف وإذا ثبتت هذه الإرادة وهذا الاختيار ترتب من وراءه التكليف ؛ فإذا الإنسان تارة يكون مسيرا تارة يكون مخبرا ؛ الذي يقتل إنسانا خطأ هذا مسير ، رمى عصفور رمى غزال رمى أرنب راحت الرصاصة وأصابت وراء الأكمة مزارع يعمل في الأرض ، هذا قتل خطأ ، لا يقول لهذا الإنسان رب العالمين لماذا قتلت فلانا ؛ لأنه غير مختار ؛ وعلى العكس من ذلك الذي يريد قتل زيد من الناس ويتخذ الأسباب ويعزم على قتله ويقتله كما يقولون اليوم في لغة المحامين عن سابق أيش تصور وتصميم ، هذا يستوي مع ذلك ؟ لا يستويان مثلا ، هذا سيقول رب العالمين لماذا قتلت فلانا  ؟ ولماذا عزمت على قتله ؟ وسيحاسبه حسابا عسيرا جدا ؛ فكل نصوص الشريعة فضلا عن العقل والفطر السليم يحكمان معا على أن الإنسان تارة يكون مختارا وتارة مجبورا ؛ فلما يأتي الجبري ويقول لا قدر ، كيف لا قدر يا أخي هذا الذي أرغم قتل إنسان خطئا ، هذا هو القدر ؛ لكن أين الذي قتل الإنسان بإرادته وبسابق تصوره ، هذا أيضا بقدر ؛ لكن الذي أردت بهذه الأمثلة أن أقول كتب الله على فلان هكذا في اللوح المحفوظ وفق العلم الإلهي كتب الله إبليس أنه سيكون في أسفل السافلين ، في الدرك الأسفل من النار لماذا ؟ لأنه يؤمر بالسجود وهو مستطيع فيستكبر على أمر ربه ويقول ناسبا إلى الله الظلم (( أأسجد لمن خلقت طينا )) ؟ إذا هو لا يسجد وباستطاعته أن يسجد فإذا كتب من أهل النار بل أشقى على النار ؛ لكن على العكس الآن ترجع لموضوع المعتزلة الذي مات في القطب الشمالي أو القطب الجنوبي ولم يطرق سمعه شيء اسمه دين الإسلام ، أو إنسان اسمه محمد بن عبد الله نبي الإسلام ما طرق سمعه فعاش يعبد الأصنام التي كان يعبدها أهل الجاهلية الأولى هل يقال لهذا يوم القيمة لماذا كفرت ؟ لا ؛ قال تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) هذا باب واسع جدا ؛ ولذلك فلا أريد أن أذهب بعيدا عن السؤال فالمعتزلة وكل الفرق الضالة إذا ضلوا سواء السبيل وظلوا مع المسلمين يقومون بالواجبات الدينية فهم ضالون ولاشك ولكن لا نخرجهم من دائرة الإسلام إلا بعد إقامة الحجة عليهم ؛ فإذا أقيمت الحجة عليهم فهناك أمران اثنان : أمر يتعلق برب العالمين ، ونحن ما ندري ماذا يكون عاقبة أمره عند الله ؛ وأمر يتعلق بحاكم المسلمين ، حاكم المسلمين هنا يظهر أهمية الحكم بالإسلام ، يؤتى بهذا الإنسان إليه ويؤتى ببعض علماء المسلمين ويقيمون الحجة عليه فإذا أصر على ضلاله بعد أن تبينت له حجة الله عليه قتلوه ردة ، قتلوه ردة لأنه كفر فعلا وأقيمت الحجة عليه ؛ أما إنسان لم يتح له مثل هذه الفرصة أن تقام عليه الحجة فنحن نكتفي وبخاصة بالنسبة للماضيين المعتزلة والخوارج والجهمية والمرجئة إلى آخره ، نقول أمرهم إلى الله فمن يعلم الله عزوجل بأنه كابر وجحد فحسبه جهنم ومن يعلم الله عزوجل بأنه ما جحد شيئا وهو يؤمن بحقيقة الأمر هذا لا يحاسب محاسبة الكفار ، يجوز أن يحاسب بأنه قصر ما سلك الطريق يلي يوصله لمعرفة الحق ؛ فحينئذ ربنا عزوجل هو حسيبه ؛ أما نحن فلا نخرج مسلما من دائرة الإسلام مهما كان ضالا إلا بعد إقامة الحجة . هذا جواب آخر جواب .

 

الحلبي : يقول السائل نسمع من البعض أحيانا بأن الدعوة السلفية دعوة رجعية تناقض التقدم العلمي وتنافي التطور المدني ؛ فما ردكم على هذا القول ؟ .

الشيخ : جوابي على هذا ـ والمستعان الله ـ يقينا الذين يدعون هذه الدعوى الباطلة هم لا يعرفون الدعوة السلفية ، ومن البداهة في مكان أن نقول " من جهل شيئا عاداه " الدعوة السلفية يا إخواننا أظن يعني سمعتم آنفا لمحة هي أولا فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ؛ فمن ذا الذي وهو مسلم وليس ضالا ما نقول ليس كافرا من ذا الذي يجرأ أن يقول وهو مسلم إذا سمع أن الدعوة السلفية هي العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح من الذي يستطيع أن يقول هذه دعوة رجعية ؟ الذي يقول هذا هم الكفار بلا شك أو أهون من هذه الكلمة هم الذين لا يعلمون ؛ فنحن نسأل هؤلاء الذين يقولون هذه الكلمة العوراء هل تؤمن بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ؟ إن كان مسلما حقا فسيكون جوابه نعم أؤمن بذلك فهو يشترك معنا ، إذا في هذه الحقيقة العلمية الشرعية سنمشي معه ونقول له الإسلام الذي وصلنا الآن هل وصلنا بمفهوم واحد أم بمفاهيم عديدة ؛ فإن قال بفهوم واحد تبين أنه رجل جاهل وحينئذ علينا أن نأخذ الموضوع معه جذريا أنت عايش الآن في هذا الزمان تعرف أنه في طرق صوفية مثلا ؛ فإن أنكر معناه أنه عايش في المريخ مش عايش في الأرض ؛ فحينئذ يسقط الكلام معه الحقيقة ؛ وإن اعترف أنه في طرق كثيرة ...

الشيخ : ... سيأتي سؤال ثاني هل تعتقد أنه بالإضافة إلى هذه الطرق هي التي بالخرافة التي تقول " الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق " هل تعتقد بهذه الخرافة ، ويوجد اليوم بين المسلمين من يقول بها " الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق " . ويوجد اليوم بين المسلمين من يقول بها " الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق " هذا كفر بالله ورسوله ، كفر بكتاب الله وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لماذا ؟ آية واحدة تكفي لنبين أن من يقول هذه الكلمة ويعرف عاقبة أمرها بأنه كافر بالله ، آية واحدة ، قال تعالى : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) هل أمر الرسول بهذه الآية أن يقول قل هذه سبلي أم قال قل هذه سبيلي ، قال : (( قل هذه سبيلي ))، لفظ مفرد في اللغة العربية (( أدعوا إلى الله )) أي إلى هذا السبيل واحد ، أم بعدد أنفاس الخلائق ؟ الجواب واحد (( أدعوا إلى الله الله على بصيرة )) (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) فأنت الذي تقول بأن الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، أنت ممن اتبعت الرسول ؟ لا ، الرسول يقول سبيلي ولا يقول سبلي ؛ وفي الآية الأخرى قال تعالى : (( وأن هذا صراطي )) سبيلي ، لفظان مختلفان لفظا متحدان معنا ، سبيلي وصراطي وطريقي (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) هذه الآية أوضح من الآية الأخرى ، الآية الأولى اكتفت بقوله تعالى (( قل هذه سبيلي لكن هنا زاد على هذا المعنى بقوله : (( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيلي )) وهذا بحث طويل ولا نستطرد كثيرا لنعود إلى هذا الذي يسأل هذا السؤال ، فأنت عارف إن المسلمين اليوم متفرقون في مذاهبهم في طرقهم في أفكارهم في سلوكهم في في ... إلى آخره أشد التفرق ، لابد أن ترى هذه الحقيقة ، ولابد إذا كان في العقل بقي ذرة من المعرفة والعلم أن يعترف بها حينئذ نسأله حينئذ نسأله هل هذا من الإسلام ؟ فإن قال هذا من الإسلام كفر بما أنزل الله كما سمعتم آنفا ؛ وإن قال لا هذا ليس من الإسلام نقول له إذا ما هو الإسلام ؟ نحن نقول قلنا قولتنا واضحة بينة قال الله قال رسول الله قال أصحاب رسول الله ، أنت شو عندك الإسلام ؟ فإذا اشترط معنا في هذا فأين التنطع وأين التشدد ؟ أنا أدري ماذا يرمون إليه ، يريدون من كل مسلم أن يكون مثلا فيلسوفا أن يكون فلكيا ، أن يكون جغرافيا ، أن يكون مخترعا ، إلى آخره ؛ هذا أمر مستحيل كما لو قلنا نحن نريد من كل مسلم أن يكون مفسرا ومحدثا وفقيها ولغويا و و ما أدري هذا مستحيل لكن الجماعة المسلمة ، الجماعة المسلمة إذا فرضناها مائة شخص ، هذه المئة يجب كلها كمجموعة أن تقوم بواجب هذه العلوم ، واحد مثلا تخصص في الشريعة تتعلق بالشرع في الحديث في التفسير في الفقه ، آخر يتخصص في اللغة ، ثالث في الطب ، رابع في الكيمياء  في الفيزياء إلى آخره ؛ هذه الجماعة تقوم بهذه المجموعة ؛ أما أنتم تريدون من الذين يدعون إلى اتباع الكتاب والسنة أن يكون عالما بالفلك عبثا ما تطلبون لأنه أنا أدعوك أن تكون عالما في الحديث ، أن تكون عالما في التفسير ، أن تكون عالما في الفقه وأنت جاهل ؛ ولذلك يصدر منك مثل هذا السؤال ؛ خلاصة الكلام الذي يسأل هذا السؤال لا يعلم ما هي الدعوة السلفية وإذا علم أنها فهم الإسلام على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح ، وتبرأ من ذلك فليس من الإسلام في شيء ؛ والحمد لله رب العالمين . نعم .

الحلبي : يقول السائل ما هو معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) ؟ .

الشيخ : أي نعم ، المهدي منا أهل البيت يعني يكون قرشيا من ذرية نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، ويكون صالحا لأن يقوم باعباء الدعوة والسير بالأمة إلى عزها ومجدها الغابر ؛ ومن علامات هذا الرجل المبشر به في الأحاديث الصحيحة أنه يسمى محمد باسمه عليه الصلاة والسلام وأبوه باسم أبيه وهو عبد الله ، فهو محمد بن عبد الله ؛ ولذلك كان من الحكمة بمكان ومن عظمة الإسلام الذي يعلم ما سيكون في الأزمان الآتية أنه قدم للمسلمين بعد هذه الأوصاف حتى لا يغتروا ببعض الدعاة الذين يستغلون هذه البشائر المحمدية فيدّعون وهذا التاريخ حصل به أن كثيرا ادعوا المهدوية ، يدعون أنه هو المهدي المبشر من الرسول عليه السلام في هذه الأحاديث الصحيحة ويكون الله عزوجل قد قدّر أنه لا يصدق عليه أنه محمد بن عبد الله ، ومن العبر الحادثة قبل نحو قرن من الزمان أنه خرج في قرية من قرى الهند اسمها قاديان رجل ادعى أول ما ادعى أنه المهدي المبشر به في أحاديث الرسول عليه السلام ، استغل هذه الأحاديث وجلب كثيرا من الناس بها نحوه وآمنوا بأنه المهدي ، وقام علماء الهند وباكستان عليه ، يومئذ كانت الهند واحدة يعني لم تكن باكستان قد فصلت عن الهند ، قاموا علماء المسلمين هناك قومة رجل واحد وردوا عليه برسائل عديدة جدا منها ، اسم هذا الرجل الدعي ميرزا غلام أحمد ، هكذا أسماء الأعاجم في الهند ميرزا غلام أحمد أي غلام أحمد ميرزا لقب عندهم للتعظيم ، اسمه غلام أحمد وكما ترون هم يركبوا أسماء مفرداتها من اللغة العربية لكن على كل حال يظهر فيها اللكنة الأعجمية غلام أحمد مضاف ومضاف إليه لكن هذا التعبير غير شائع عند المسلمين العرب يعني شو معنى غلام أحمد عندهم  يعني خادم أحمد ، إذا هو ليس مسمى بأحمد وإنما بغلام أحمد يعني غلام الرسول عليه السلام ، غلام محمد يتشرف بكلمة الرسول ، هذه لغتهم هناك في الهند ؛ فلما جوبه بأن الاسم المبشر به اسمه محمد وأنت اسمك غلام أحمد ، ماذا فعل ؟ أخذ يشطب كلمة غلام في مؤلفاته وبقي اسمه أيش ؟ أحمد ؛ كذاب هو ليس اسمه أحمد ، اسمه غلام أحمد ؛ ثم استغل آية في القرآن (( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ))، الأحمد بينما أحمد هو من أسمائه عليه السلام أحمد ومحمد والماحي و، أسماء كثيرة موجودة في الحديث الصحيح ؛ الشاهد بدأ يظهر رائحة كذبه حتى بالنسبة لبعض أتباعه فكان من السر الإلهي أن الله ألهم النبي أن يقول ( إن اسمه على اسمي واسم أبيه على اسم أبي محمد بن عبد الله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ) سبحان الله ! كم جاء مهديين ما ظهرت هذه النبوءة ولن تظهر أبدا إلا حينما يأتي المهدي محمد بن عبد الله حقا ، حينئذ سيصدق تمام الحديث ( يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ) قال عليه السلام في أول الحديث : ( لا تنقضي الدنيا ) وفي رواية ( لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا يوافق اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يمكث في الأرض سبع سنين أو ثمان سنين ) هذه إقامة المهدي وهذا يؤكد كلامي السابق نحنما بدنا نسنى المهدي ، شو بده يساوي بهذه الثمان سنين ، بده يشتغل فينا في إصلاحنا وتوحيد كلمتنا أم نحن بدنا نكون عونا له ؟ هذا هو المنطق الصحيح أنه نحن يجب أن نجهز أنفسنا وأن نكون كجنود لشخص منتظر قد يكون هو هذا أو قد يكون شخص قبله الله أعلم ؛ أما أن نتواكل على خروج المهدي أو نزول عيسى عليه السلام فهذا ليس هو من عقيدة الإسلام ؛ الله عزوجل ألهم نبيه أن يخبر أمته عليه السلام بهذه البشائر خروج المهدي ونزول عيسى حتى ما ييأسوا ما يقولوا خلاص ما في نجاة ، لم يبق عزه ، لم يبقى مكنة في الأرض ؛ لا ، أمامكم ؛ لكن اعملوا كما قال تعالى : (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله )) إلى آخر الآية . نعم غيره . في شيء ؟

الحلبي : السؤال نفسه معنى قوله ( يصلحه الله في ليلة ) ؟ .

الشيخ : يصلحه يعني ما يكون متهيئا من الناحية النفسية ، هذه ممكن كثير من الناس لم يرون الفساد قد عم وطم ، ينطوي على نفسه ربنا عزوجل يصلحه في ليلة واحدة  يعني أشبه ما يكون بلا تشبيه الرسول عليه السلام كان يعتزل الكفار في الجاهلية ويعتزل بينه وبين ربه في الغار حتى نزل جبريل عليه السلام وقال له اقرأ ، إلى آخر القصة ؛ فجاءه الوحي مباشرة وأخذ بعد ذلك ويتصل مع الناس ويدعوهم لعبادة الله تبارك وتعالى ، ولاشك أن أي إنسان مصلح لا يمكن إلا أن يتشبه بالرسول عليه السلام فيمكن حينما يشتد الظلم في المجتمع أن ينطوي هذا الإنسان بعلمه وخلقه إلى آخره كما يفكر بعض الناس اليوم وإن لم يبلغوا تلك المنزلة ، فيصلحه الله ليكون قائدا للأمة في ليلة واحدة وليس معنى ذلك يكون فاسقا ثم يصبح صالحا ، ليس معنى ذلك أن يكون جاهلا ويصبح عالما ما بين عشية وضحاها ، لا ، إنما يصلحه لقيادة الأمة . نعم .

الحلبي : نرجوا التفصيل القول في حكم الزواج من الكتابيات ، فإن كان المنع فنرجوا تفصيل سبب التحريم وبيانه ؟

الشيخ : لاشك أن الأصل في الزواج بالكتابيات هو الإباحة ، وذلك منصوص في الكتاب في قوله تعالى : (( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم )) لكن هذه الإباحة ليست واجبة ، وكثير من المباحات قد يحيط بها في بعض الأحيان ما يدخلها في باب الممنوع وغير الجائز بل والمحرم ؛ خلينا نضرب مثل بسيط جدا ، رجل عنده زوجة وزوجة صالحة لا عيب فيها ويريد أن يتزوج عليها ، وهذا جائز أيضا كالتزوج بالكتابية (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )) لكنه يعتقد بأنه لا يستطيع أن يعدل بين القديمة وبين الجديدة ؛ فما حكم هذا الزواج الثاني الذي أصله الإباحة ؟ يتقلب هذا الحكم بأنه لا يجوز ؛ لماذا ؟ لأن هذه الإباحة مقيدة بنقص القرآن بالعدل ، معدله بنص القرآن الكريم فلا يجوز ؛ كذلك حينما ربنا عزوجل أباح للمسلم أن يتزوج بالكتابية كانت هذه الإباحة ليس في أول الإسلام ، لم تكن الاباحة والمسلمون ضعفاء وفي مكة ، كانت هذه الإباحة حينما بدأت الدولة الإسلامية ، تثبت وجودها وتنشر ظلها على ما حولها من البلاد بحيث أنه صدق في ذلك الوقت وليس وهو في مكة ، صدق قوله عليه السلام وهناك قال عليه السلام : ( فضلت على الأنبياء قبلي بخمس منها ونصرت بالرعب مسيرة شهر ) ؛ حينذاك شرع الله عزوجل للمسلمين أن يتزوجوا من الكتابيات ؛ لأن الدولة والصولة والمجتمع صار إسلاميا ، فكل من دخل فيه بطريق الزواج بل وبطريق الاسترقاق استفاد من حيث أنه هو رقيق ؛

الشيخ : ... انظروا هذه الملاحظة فإن فيها دقة . يقول الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح ( إن ربك يعجب من أقوام يجرون إلى الجنة في السلاسل ) من هم ؟ الأسرى من الكفار يصبحون أرقاء فيوزعون على المسلمين الذين انتصروا عليهم فيصبح خادما رقيقا في بيت المسلم ؛ لكن هذا الرق يعود عليه بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة لأنه يصبح مسلما عارفا بالله وبرسوله فيسعد السعادة التي كان يشقاها من قبل كما يشهد بذلك قوله تعالى أولا ثم واقع الكفار اليوم ثانيا (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )) ، فالغرب اليوم يعيش هذه الحياة الضنك ، وهكذا طبيعة الكفار في كل زمان وفي كل مكان ؛ فحينما ينتقل الرقيق بطريق لا يعجبهم بطبيعة الحال مأسور مغلل في الأصفاد ينتقل إلى بلاد الإسلام ويعيش رقيقا خادما رغم أنفه لا يأخذ أجرا وإن حصل هو أجرا بمهنة له فهذا الأجر يعود إلى سيده ؛ لكن مع ذلك و التاريخ يشهد أن من كبار علماء المسلمين من كان أصله رقيقا فصاروا من العلماء الصالحين الأتقياء ، نحن الأحرار نأخذ علما عن أولئك العبيد لكنهم هم في الحقيقة هم الأحرار ؛ من أين جاء هذا ؟ من الرق ، فاحفظوا هذا أولا حديث آخر يقول عليه السلام وهذا من عجائب بلاغة الرسول عليه السلام ( استوصوا في النساء خيرا فإنهن عوان عندكم ) أيش عوان عندكم ؟ يعني أسيرات يعني مثل أولئك الذين جروا بالسلاسل كمان هؤلاء النساء اللواتي تزوجتموهن استوصوا بهن خيرا فإنهن عوان عندكم ؛ ليش عوان ليش أسيرات ؟ لأنها مأمورة أن تطيع زوجها (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ))، فإذا هذا الرق يعود بالفائدة إلى من ؟ الزوجة ، لو كانت مسلمة فما بالكم إذا كانت كتابية ؛ فشأنها شأن الرقيق الأول الكافر حينما يأتي مغللا إلى بلاد الإسلام شأن هذه المرأة النصرانية أو اليهودية حينما يتزوجها المسلم أنها بطريق الزواج تصبح تتعرف على الإسلام عن كثب وعن قرب فينشرح قلبها للإسلام ، بينما وهي بيعدة عن هذا الجو الخاص كانت أكبر عدو للإسلام ؛ وهذا يذكرني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحديث كما يقال ذو شجون لكن الحقيقة من عجائب أحاديث الرسول عليه السلام وسيرته الكريمة يذكرني بأنه عليه السلام حينما استصفى لنفسه صفية اليهودية وكانت وقعت أسيرة وخرجت من نصيب رجل من الصحابة فقال بعض الناس قال إنها لا تصلح إلا لك ، الخلاصة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم استصفاها لنفسه وأعطى من كانت من حصته خمس أو ست رؤوس من الأسرى أو من العبيد ؛ الشاهد تقول صفية إنه كنت قبل ذلك أبغض الرسول كأشد ما أبغض إنسان على وجه الأرض لكنها لما دخلت في عصمة الرسول وشافت لطفه وتحققت من وصف الله له (( وإنك لعلى خلق عظيم ))، صار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إليها ممن على وجه الأرض كلهم ؛ إذا لاحظنا هذه المعاني حينئذ نعرف السر لماذا أباح الله عزوجل للمسلمين أن يتزوجوا الكتابيات لأنه كما يعبرون اليوم باللغة الأجنبية بالبوتقة يعني الظرف الذي ستوجد فيه ستدمغها وتطبعها بطابعها ؛ أما اليوم فالأمر اختلف أشد الاختلاف ، اليوم لا يوجد هذا الطابع الإسلامي ، وهذا الظرف المسلم الذي يطبع هذه المرأة اليهودية أو النصرانية بطابع الإسلام بل على العكس من ذلك كما هو مشاهد في كثير من الأزواج الذين يتزوجون بكتابيات يأتون بفساد يدخلونه إلى دارهم وإلى بيتهم فتقوم هي تربي الأولاد التربية الأوروبية وربما تتولى تربية الزوج أيضا لأنه ليس عنده تلك الحصانة من التربية الإسلامية .

الشيخ : ... لهذا نحن نقول إنه لا يجوز اليوم أي مسلم أن يسافر إلى بلاد الغرب ولو في سبيل ما يسمونه اليوم بالعلم إلا بشرطين اثنين الشرط الأول أن يكون محصنا ، ... فلسفة في التعبير لكنها لطيفة أن يكون محصنا بالأخلاق الإسلامية ؛ أما محصنا فهذا معروف هذا تعبير شرعي أن يكون متزوجا وبذلك يحفظ نفسه من أن يتسرب إليه شيء من فساد ذلك المجتمع الذي اضطر للذهاب إليه من أجل تحصيل العلم الذي ارتضاه لنفسه وبشرط أن يكون هذا العلم في نظر الإسلام مقبولا مشروعا جائزا على الأقل فإذا نحن نقول اليوم لا يجوز أن يتزوج المسلم بغير المسلمة لأن هذه غير المسلمة ليست تدخل جوا إسلاميا تنطبع بأخلاقه لأن نفس الجو هذا ليس إسلاميا لأننا نرى نحن نساءنا المسلمات وبناتنا المسلمات لا نستطيع أن نربيهم تربية إسلامية إلا ما قل وندر جدا ، والنادر لا حكم له كما يقال ، فكيف ندخل إلى بيوتنا من يكون أبعد ما يكون عن عقائدنا وأخلاقنا وسلوكنا فضلا عن عاداتنا ؛ لذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا للتفقه في كتاب ربنا وفي سنة نبينا وعلى منهج سلفنا الصالح فإنهم هم القوم لا يشقى جليسهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.