إنهم يكيدون كيدا


ما تعجبت من قوم قدر تعجبى من بنى إسرائيل ؛ يرسل الحق سبحانه وتعالى إليهم الأنبياء والمرسلين فإذا بهم ( فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ) ولما سئلوا لما تقتلون الأنبياء قالوا ( قلوبنا غلف ) وأنزل الحق سبحانه وتعالى على أنبياءهم الكتب لتخرجهم من الظلمات إلى النور ؛ فإذا بهم  يحرفون الكلم عن مواضعه ظانين أن الكتب لم تأتى بما تهواه أنفسهم وسولت لهم أنفسهم أن يغيروا فيها ما يوافق أهواءهم زاعمين أنهم أبناء الله وأحباءه .
وبرغم قتلهم الأنبياء وابتعادهم عن منهج الله سبحانه وتعالى وتماديهم فى الباطل وإصرارهم على البغى والعدوان إلا أن الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى أمهلهم وأرسل إليهم وإلى العالم  أجمع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ليرحم به العالم كله ؛ فقال سبحانه وتعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فناداهم الحق سبحانه وتعالى هم وأمثالهم مبينا لهم أنه جل وعلا    ( لا يرضى لعباده الكفر )
فقال سبحانه وتعالى ( وربك الغفور ذو الرحمة ولو يؤاخذ الله    الناس بما كسبو ما ترك على ظهرها من دابة  ) فهذا أكبر دليل على أن الحق سبحانه وتعالى  إنما يريد لعباده الخير فلوا أراد بهم شرا لأخذهم من أول خطأ يرتكبونه وحينها لن يبقى على ظهر الأرض من دابة . فيالرحمة الله سبحانه وتعالى !!!
ولأن بنى إسرائيل خالفوا وعاندوا كثيرا حتى اختلف أول كتبهم عن أخرها: فإذا تصفحت العهد الجديد تجد أصحابه حرصوا كل الحرص على مخالفة ما هو مراد منهم فى العهد القديم , ومن ثم حين اطلعوا هم على الكتاب المقدس اعترض بعضهم على بعض ؛ فمنهم من يؤمن بالكتاب كله , ومنهم من يؤمن ببعض أسفاره ويكفر بالأخر حتى كفر بعضهم بعضا وسجل القرآن إختلافهم فقال سبحانه وتعالى  {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }البقرة113
وليس هذا فحسب بل قاتل بعضهم بعضا ولذا جاء  القرآن الكريم ليهديهم إلى التى هى أقوم ولبيين لهم الذى هم فيه يختلفون فقال سبحانه   وتعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }النمل76
ولذا دعاهم سبحانه وتعالى إلى ما دعا إليه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وامته حين أمره سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }آل عمران84 
ولبنى إسرائيل يهودا أو نصارى أمرهم الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا {قُولُواْ آمَنَّا    بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا      أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } البقرة136
ولأن الصهاينة وأعوانهم استطاعوا فى غفلة من المسلمين انتزاع قطعة غالية من أرضنا الحبيبة وملاؤا الدنيا ضجيجا زاعمين إنما هى لهم وقاموا بقتل الأطفال والرجال والنساء غير مبالين بالعواقب وكأنهم لا يرون أمامهم أحدا يعملون له أى حساب لدرجة ظن معها الأجيال  الحالية أنهم على حق  .
 ولذا رأيت أن استعرض فى هذا الكتاب حقيقة بنى إسرائيل من بدايتهم إلى وقتنا الحاضر والحقيقة أنى كنت قد نويت أن أجعل (إسرائيل من المهد إلى اللحد) عنوانا لهذا الكتاب إلا أننى وجدت صفحات الكتاب وصلت إلى ما يزيد عن ثمانمئة صفحة فآثرت أن اكتفى بحياة  بنى إسرائيل من المهد إلى الآن وأن يكون عنوان الكتاب النداء الذى نادانا به القرآن  الكريم محذرا إيانا من صنيعهم ألا وهو قوله تعالى ( إنهم يكيدون كيدا )
وحرصت أن أضع فى الكتاب صورة من المجازر التى قام ويقوم بها بنوا إسرائيل ضد المسلمين حين يكون الأمر لهم ,ورغم تباعد الزمان والمكان بين الأحداث الماضية والحاضرة  إلا أنها شديدة الشبة لدرجة تشعرك أنها من صنع نفس الأفراد .
وحتى لاينخدع بعض أبناء جلدتنا بما يقول بنوا إسرائيل وبما يظهروه لنا من مظاهر براقة     لأنها فى الحقيقة ما هى إلا بريق الأفعى التى جعلوها عنوانا ورمزا لهم ولعل قومنا يدركوا حقيقة هؤلاء القوم وان يعملوا بقول الله سبحانه وتعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51

                           


                  إنهم يكيدون كيدا

 

                                                          إعدادأ/ أحمد إسماعيل زيد

محاضر بالأكاديمية الإسلامية

لدراسات الأديان والمذاهب

محاضر بقناة الأمة الفضائية





                                  الإهداء 
إلى العلماء العاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وزوداً عن حياض الإسلام ونخص بالذكر:-* فضيلة الأستاذ الشيخ / أبو إسلام أحمد عبد الله ..رئيس قناة  الأمة , فلقد عاوننى كثيراً وأخذ بيدى إلى الصواب فجزاه الله خيراً *وفضيلة الأستاذ الشيخ / وحيد عبد السلام بالى ..الداعية الإسلامى ، فلقد قدم لى العديد من الخدمات والتى أسهمت فى إخراج أعمالى إلى النور فأدعوا الله أن يجعلها فى ميزان حسناته وأن يوفقه وينفع به العباد ..* كما اهدى هذا العمل إلى زوجتى وأولادى الذين سهروا معى فى إعداد هذا العمل الطيب فكثيراً ما كنت أكلفهم بالبحث عن رقم الآيات أو تخريج الأحاديث النبويه فجزاهم الله خيراً .* ولا ننسى الأخوة الأخيار الذين دعوا الله أن يوفقنى فى هذا العمل الطيب .فجزى الله الجميع خيراً .     المؤلف :-                                        أحمد إسماعيل زيد
                                        




                                             المقدمة :  ما تعجبت من قوم قدر تعجبى من بنى إسرائيل ؛ يرسل الحق سبحانه وتعالى إليهم الأنبياء والمرسلين فإذا بهم ( فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ) ولما سئلوا لما تقتلون الأنبياء قالوا ( قلوبنا غلف ) وأنزل الحق سبحانه وتعالى على أنبياءهم الكتب لتخرجهم من الظلمات إلى النور ؛ فإذا بهم  يحرفون الكلم عن مواضعه ظانين أن الكتب لم تأتى بما تهواه أنفسهم وسولت لهم أنفسهم أن يغيروا فيها ما يوافق أهواءهم زاعمين أنهم أبناء الله وأحباءه .وبرغم قتلهم الأنبياء وابتعادهم عن منهج الله سبحانه وتعالى وتماديهم فى الباطل وإصرارهم على البغى والعدوان إلا أن الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى أمهلهم وأرسل إليهم وإلى العالم  أجمع سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ليرحم به العالم كله ؛ فقال سبحانه وتعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فناداهم الحق سبحانه وتعالى هم وأمثالهم مبينا لهم أنه جل وعلا    ( لا يرضى لعباده الكفر ) فقال سبحانه وتعالى ( وربك الغفور ذو الرحمة ولو يؤاخذ الله    الناس بما كسبو ما ترك على ظهرها من دابة  ) فهذا أكبر دليل على أن الحق سبحانه وتعالى  إنما يريد لعباده الخير فلوا أراد بهم شرا لأخذهم من أول خطأ يرتكبونه وحينها لن يبقى على ظهر الأرض من دابة . فيالرحمة الله سبحانه وتعالى !!!ولأن بنى إسرائيل خالفوا وعاندوا كثيرا حتى اختلف أول كتبهم عن أخرها: فإذا تصفحت العهد الجديد تجد أصحابه حرصوا كل الحرص على مخالفة ما هو مراد منهم فى العهد القديم , ومن ثم حين اطلعوا هم على الكتاب المقدس اعترض بعضهم على بعض ؛ فمنهم من يؤمن بالكتاب كله , ومنهم من يؤمن ببعض أسفاره ويكفر بالأخر حتى كفر بعضهم بعضا وسجل القرآن إختلافهم فقال سبحانه وتعالى  {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }البقرة113وليس هذا فحسب بل قاتل بعضهم بعضا ولذا جاء  القرآن الكريم ليهديهم إلى التى هى أقوم ولبيين لهم الذى هم فيه يختلفون فقال سبحانه   وتعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }النمل76 ولذا دعاهم سبحانه وتعالى إلى ما دعا إليه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وامته حين أمره سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }آل عمران84  ولبنى إسرائيل يهودا أو نصارى أمرهم الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا {قُولُواْ آمَنَّا    بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا      أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } البقرة136ولأن الصهاينة وأعوانهم استطاعوا فى غفلة من المسلمين انتزاع قطعة غالية من أرضنا الحبيبة وملاؤا الدنيا ضجيجا زاعمين إنما هى لهم وقاموا بقتل الأطفال والرجال والنساء غير مبالين بالعواقب وكأنهم لا يرون أمامهم أحدا يعملون له أى حساب لدرجة ظن معها الأجيال  الحالية أنهم على حق  .  ولذا رأيت أن استعرض فى هذا الكتاب حقيقة بنى إسرائيل من بدايتهم إلى وقتنا الحاضر والحقيقة أنى كنت قد نويت أن أجعل (إسرائيل من المهد إلى اللحد) عنوانا لهذا الكتاب إلا أننى وجدت صفحات الكتاب وصلت إلى ما يزيد عن ثمانمئة صفحة فآثرت أن اكتفى بحياة  بنى إسرائيل من المهد إلى الآن وأن يكون عنوان الكتاب النداء الذى نادانا به القرآن  الكريم محذرا إيانا من صنيعهم ألا وهو قوله تعالى ( إنهم يكيدون كيدا )وحرصت أن أضع فى الكتاب صورة من المجازر التى قام ويقوم بها بنوا إسرائيل ضد المسلمين حين يكون الأمر لهم ,ورغم تباعد الزمان والمكان بين الأحداث الماضية والحاضرة  إلا أنها شديدة الشبة لدرجة تشعرك أنها من صنع نفس الأفراد . وحتى لاينخدع بعض أبناء جلدتنا بما يقول بنوا إسرائيل وبما يظهروه لنا من مظاهر براقة     لأنها فى الحقيقة ما هى إلا بريق الأفعى التى جعلوها عنوانا ورمزا لهم ولعل قومنا يدركوا حقيقة هؤلاء القوم وان يعملوا بقول الله سبحانه وتعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51

                                    بين يدى الكتاب إن مما أنعم به الحق سبحانه وتعالى على أمتنا الإسلامية أن أنزل إلينا خير كتبه القرآن    الكريم . وإن من أجل ما نادى به القرآن الكريم أن بين لنا مايصلح أحوالنا فى الدنيا والأخرة كما أن القرآن الكريم بين لنا كيف نتعامل مع الأخرين وكيف نجادلهم بالتى هى أحسن .وبين لنا سبحانه وتعالى أن بنى إسرائيل من الجماعات الذين يجب أن نتعامل معهم بحذر    لأنهم خانوا الله من قبل ألا يجدر بهم أن يبذلوا قصارى جهدهم  ليضلوا الناس عن سواء السبيل ولذا يجب أن ننتبه لما يفعله هؤلاء, فالحق جل وعلا حذرنا منهم , فعلينا أن نأخذ  الأمر بجد لأن القاعدة العامة تقول( من حذرك فقد سلحك )ومع هذا يرى البعض أن اليهود من القوة بمكان إلا أنهم مخطئون لأن اليهود ماهم            إلا جبناء ؛ لا مكر لديهم ولا ذكاء لأن الذكى أو الماكر هو من يتحايل لمصلحته ومصلحة أهله .أما هؤلاء فدمروا أنفسهم وأهليهم فقتلوا أنفسهم بعبادة العجل والباقى دمرهم  أهل بابل وأشور ثم الفرس والرومان إلى أن شتتهم الروم تحت كل سماء وفى كل أرض . ولما رأوا فينا هذا الإستسلام وتلك المحبة وهذا الهدؤ الغير مبرر فإذا يهم يسوموننا سؤ  العذاب وما يحدث فى فلسطين والعراق ليس عن العيون ببعيد وقد يتخيل البعض أن     إعتداء بنى إسرائيل يهودا أم مسيحين هى وليدة الظروف والأحداث إنما هى مبيتة منذ      أمد بعيد .  فمن يطالع التاريخ و يرى الحروب الصليبية وما فعلوه مع أجدادنا وبعدها الحروب     العالمية وما فعله بنوا إسرئيل مع بنى جلدتهم ومعنا وما خلفته تلك الحروب من دمار .و لا زالت بعض البلاد تعانى من جراء تلك الحروب ولذ رايت أن القى الضوء على حدثين   قاما بهما بنوا إسرائيل يهودا و مسيحين ضد المسلمين ورغم أن الحدثين بينهما ما يقرب   من الف ومائتى عام إلا أن النتائج متشابهة وتكاد تكون واحدة كما لوكان القائمون  أمام بعضهم البعض ويتبارى كل منهم فى إتمام الحدث الموكل إليه .فالحدث الأول هو ماقام به النصارى من بنى إسرائيل مع أجدادنا المسلمين فى الأندلس وما قاموا به من مذابح ومجاذر والأخر مابقوم به اليهود من بنى إسرائيل فى فلسطين من مذابح ومجاذر وما أشبه الليلة بالبارحة وصدق الحق حين قال  {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2ولكن من يطالع القرآن الكريم ويرى الآيات التى تتحدث عن بنى إسرائيل يظن أنها      تتناول اليهود فحسب بل إن الأمر يتعداهم إلى إخوانهم وشركائهم فى الدين وهم     النصارى . ومن رحمة الله وعدله وكذلك من حكمة الله سبحانه أنه جل وعلا أعطى كل    ذى قدر قدره فلما وقف اليهود لأنبيائهم بالمرصاد وقتلوا فريقا منهم وكذبوا الأخرين  وناصبوا كل نبى العداء دون وجه حق فقال جل وعلا عنهم  {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ }المائدة82  ولما كان إستقبال النصارى لنبى الله محمد صلى الله عليه وسلم أخف وطأة من اليهود   وقبلوا النقاش معه صلى الله عليه وسلم كما حدث من وفد نصارى نجران والنجاشى      فقال جل وعلا عنهم {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة82وهكذا فلم  يبخس القرآن الكريم أحدا حقه فمن المعتاد عند كثير من الناس  إن كان     الخطأ أكثر من تسعين فى المائه يقولون الكل مخطئ ؛ إلاالقرآن الكريم فرغم تذمر بنى     إسرائل على نبى الله موسى عليه السلام ورفضهم دخول الأرض المقدسة إلا أن هناك    رجلين وقفا وقفة صدق مع نبى الله موسى عليه السلام فقال عنهما القرآن الكريم {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }المائدة23وكذلك حين آمن عدد قليل من قوم موسى عليه السلام قال سبحانه وتعالى {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ }يونس83وقال جل وعلا {وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } الأعراف159 وحين آمن بنبى الله عيسى عليه السلام عدد من قومه ونصروه ضرب الحق جل وعلا       بهم المثل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ }الصف14إذن فالقرآن الكريم أعطى كل ذى حق حقه بخلاف العهد القديم أوالجديد الذين  بذل كاتبوها فيهما جهدا ليشوهوا صور الأنبياء بل وقالوا عن الحق سبحانه وتعالى مالا يليق بجلاله جل وعلا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ }المائدة 64والجزاء من جنس العمل فقال سبحانه   وتعالى { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ }وأكد سبحانه وتعالى الحقيقة الواضحة للعيان      فقال جل وعلا (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} ثم بين جل وعلا جزاءهم فقال تعالى   { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }   المائدة 64   ولذا رأيت ان أستعرض فى هذا الكتاب إجابات على بعض الأسئلة الهامة والتى تشغل بال الكثيرين ومنها :  مدى علاقة بنى إسرائيل بالمسلمين ؟ وكيف تصرفوا مع المسلمين حين كانت الدولة لهم ؟ وهل عاملهم المسلمون بالمثل حين تمكنوا منهم ؟ وما هو واجب الأمة الآن نحوا        التحالف الصهيو- نصرانى ؟ و كذلك كيف استوطن الصهاينة فى وسط المسلمين ومن اتى بهم الى هنا ؟ ومن أهان المسلمين فى الأندلس ومن يهينهم فى العراق وفى افغانستان وكذلك  فى فلسطين ؟ وركزت على ما حدث فى تلك البلدان وما يحدث لأنها من النشابه لدرجة ترى معها         أن الأيدى المنفذة للقتل والتدمير هى هى نفس الأيدى ونفس القلوب المتحجرة             وإن إختلفت الأزمان والعهود . فسبحان الله القائل (أتواصوا به ) وكأن كل جيل يوصى من يليه بما يفعله مع المسلمين       إن تمكنوا منهم . ولذا فإن نظرنا لليهود على أنهم فقط هم العدو نكون قد إختزلنا القضية فى عدد بسيط    من أهل الكتاب وأهملنا العدد الكثير الذى يسوم إخواننا سوء العذاب وهم المسيحيون , والعجيب انهم متفقون فتراهم يقومون بخدمة بعضهم بشكل منقطع النظير.  ألم تراهم وهم يدمرون العراق لمجرد أن صرح رئيسها صدام حسين يوما أو هدد بأنه        من الممكن أن يضر إسرائيل وكذلك شغلوا بال العالم بضرب افغانستان لمجرد أن علموا أن   بها مقاومة إسلامية قد تمتد وتعاون الأقطار الإسلامية أوتمدهم بالمقاومين . إذن فما هما إلا وجهان لعملة واحدة وجهه يرتب والأخر ينفذ والنتيجة بالنسبة لنا      واحدة ؛ أنهم هم العدوا فعلينا أن نحذرهم وألا نكون من البلادة لهذه الدرجة العجيبة التى  لا نعرف فيها العدو من الصديق .وبفضل الله تعالى قد قسمت هذا الكتاب إلى أربعة عشر بابا متدرجا من بداية بنى إسرائيل منذ أن كانوا إثنا عشر ولدا ثم رحيلهم إلى مصر وخروجهم منها  ثم ما أصابهم من إحتلال وسبى وتشريد إلى أن أكرمهم الله جل وعلا بالإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم   وكيف عاملهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتى هى أحسن وكيف قابلوا ذلك الإحسان بالإساءة إلى أن تم طردهم من الجزيرة ثم ما خططه بنوا إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحين لإغتصاب قطعة غالية من أرض المسلمين ليفعلوا بها ما فعلوه من قبل فى الأندلس .                                


















                                  الباب الأولتمهيد:-    أولا :من هم الصهاينة وكيف جاؤء إلينا وكيف ينظمون حياتهم ؟إن المجتمع الإسرائيلي ليس مجتمعا ٌ ملائكيا ٌ كما يشيع البعض أو كما يحاول الإسرائيليون أن يظهروا أمام العالم  . بل إن هذا المجتمع هو مجتمع وحشي مادي لا يحترم أي  قوانين   أو  أعراف سماوية  كانت أم وضعيه .فالصهاينة يرتكبون من الفواحش مالا يخطر لاحد  على بال  فلقد أكدت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أن إسرائيل تعتبر أكبر مركز للدعارة          في العالم حيث تبيح الزنا في مراكز متخصصة ومعدة لهذا الغرض وتجني من وراء هذه      المهنه القذرة أموالاٌ طائلة حيث تحصل إسرائيل على أكثر من مليون دولار ونصف في    صورة ضرائب تدفعها مراكز المتع الجنسية .  هذا بالإضافة إلى الملايين الطائلة التي تحصل عليها من خدمة التليفون الجنسي التي  تقدمها لمواطنيها كما أن إسرائيل لا تقدم الجنس بطريقته المعتادة فقط بل أيضا ٌ تقدم مراكز متخصصة للخدمات الجنسية الشاذة كاللواط و السحاق .. وتعتبر دعارة القاصرات في إسرائيل من أكثر التجارات ربحا ٌ .حيث يوجد في تل أبيب وحدها أكثر من 2000  طفلة تعمل بالدعارة بعضهن يمارسها   في المراكز المتخصصة للمتع الجنسية وبعضهن يمارسها علنا في الشارع و البعض الآخر يمارسها في مراكز التدليك و اللياقة البدنية .ويوجد في إسرائيل قوادون يجلبون القاصرات من دول الكومنولث حيث يضغطون عليهم   عن طريق المال بسبب حالتهم الاقتصادية الصعبة و قد استوردت إسرائيل 400.000  فتاة للعمل بالزنا من أوكرانيا وحدها وتؤكد بعض هؤلاء العاهرات من اللائى يعملن  في ماخور تروبيكانا ( أكبر ماخور في إسرائيل ) أن أكثر المترددين عليهن من جنود الجيش الإسرائيلي أو من الشخصيات الإسرائيلية العامة .وبالنسبة للتحصيل الدراسي عند التلاميذ الإسرائيليين فقد أكدت دراسة أجرتها          وزارة المعارف الإسرائيلية أن التلاميذ الإسرائيليون يعانون من زيادة معدلات الغباء   وأرجعت ذلك إلى حالة القلق التي يعيشها هؤلاء التلاميذ وفي الوقت نفسه لم تستطع   الوزارة تبرير تفوق التلاميذ العرب بالرغم من أن حالة القلق التي يعيشها هؤلاء التلاميذ  أكثر من الإسرائيليين .وفي الوقت نفسه الذي يعلن فيه الإسرائيليون وقوفهم بجانب المرأة وإيمانهم بتحريرها      لقيت أكثر من 17 سيدة إسرائيلية مصرعهن علي أيدي أزواجهن من شدة الضرب  المبرح في عام 1996 و الأكثر من ذلك أن إحصائية إسرائيلية أكدت أن 200.000 سيدة إسرائيلية تتعرض للضرب المبرح من أزواجهن سنويا ٌ هذا هو المجتمع الذي يدعي أنه رسول سلام للبشرية ويدعي بأنه يحمل رسالة حب و سلام لكل البشرية.وهذا ما هو الا صورة مصغرة للمجتمع الغربى المنحل . وسنورد فيما بعد بابا نتحدث فيه عن الصهاينة وكيف تكونت هذه العصابات ورايت أن أسردها فى سياقها ليكتمل المعنى . أما الآن فسنتحدث عن أقسام المجتمع الصهيونى .                 ثانيا: أقسام المجتمع الصهيوني  ينقسم المجتمع الصهيوني إلى عدة أقسام :-القسم الأول :اليهود الغربيون الأشكنازيم وهم اليهود القادمون من أوروبا.وهم الجماعة الأكثر تأثيرا في الدولة من النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية حيث يتمتعون بمستوى عال من الكفاءة والمؤهلات,وإليهم تعود الهجرات اليهودية الأولى بل وغالبية الهجرات قبل قيام الدولة الصهيونية.واليهم يعود كذلك الفضل في الإعداد العسكري والإقتصادي والسياسي لقيام دولة إسرائيل .وبناء على ذلك فليس غريبا أن نراهم يسيطرون على الحياة السياسية سواء السلطة التنفيذية أم السلطة التشريعية فهم كانوا يشكلون الغالبية السكانية بالنسبة لليهود الشرقيين.         القسم الثاني :اليهود الشرقيون السفارديموهم اليهود الذين هاجروا من دول أسيا وأفريقيا وخاصة دول الشرق الأوسط ومنها الدول العربية .أكبر الطوائف الشرقية في إسرائيل اليوم هم اليهود المغاربة يليهم العراقيون ثم اليمنيون والإيرانيون وهؤلاء اليهود الشرقيون ينتمون الى الطبقات الوسطى والفقيرة ولايتمتعون بمواقع متقدمة في الدولة والجيش وغالبيتهم يمتهن المهن المتواضعة القسم الثالث: يهود الصابرا وهم اليهود الذين ولدوا في فلسطين بغض النظر عن منشأ أبائهم شرقيون كانوا أم غربيون.ولأنهم الجيل الجديد فينظر إليهم بأنهم جيل الوطنية ورمزهاحيث أن ميلادهم        في فلسطين يترتب عليه التزامهم بالولاء للأرض التي لم يعرفوا غيرها ونسبة هؤلاء تزداد باستمرار وذلك لتراجع الهجرة وازدياد نسبة المواليد وهذا الجيل هو الجيل الذي اخذ     يصل الى المواقع المتقدمة في الدولة ليخلف بدوره الجيل القديم من الأشكنازيم .والسؤال الآن من أين جاء هؤلاء وكيف ؟ وهل الصهاينة الآن هم أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام  ؟ وما هى الأساليب التى سلكوها لإقتطاع واغتصاب أرض المسلمين ؟         ثالثا :  بنوا إسرائيل ولماذا أتوا إلى مصر قديما :        أما إسرائيل :- فهو سيدنا يعقوب بن سيدنا إسحاق بن سيدنا إبراهيم عليهم جميعاً          وعلى نبينا محمد صلوات الله وسلامه ويذكر العهد القديم أن سبب تغير الإسم من ( يعقوب )  الى ( إسرائيل ) هو : أن يعقوب كان يصارع الرب طوال الليل حتي قدر عليه ومن ثم غير الرب اسمه من يعقوب إلي إسرائيل فيقول العهد القديم في ذلك تحت عنوان يعقوب يصارع مع الله ( فبقي يعقوب وحده وصارعه إنسان حتي طلوع الفجر ولما رأي أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعتة معه وقال أطلقني لأنه قد طلع الفجر فقال لا أطلقك إن لم تباركنى فقال له ما اسمك؟ فقال يعقوب فقال لا يدعي اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت وسأل يعقوب وقال أخبرني بإسمك فقال لماذا تسأل عن اسمي ؟وباركه هناك) أما تعريف إسرائيل في الإسلام فيذكر الإمام القرطبي في المجلد الأول في سورة البقرة ص311....أن ابن عباس قال :-إن إسرائيل ينقسم إلي (إسرا) وهي تعني بالعبرانية         عبد, أو صفوة وأما (إبل) فتعني ( الله ) جل وعلا وعليه فإن إسرائيل تعني عبد الله أو صفوة الله .والقرآن الكريم ذكر الاسمين يعقوب     وإسرائيل فقال جل وعلا (أم كنتم شهداء إذا حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون    من  بعدي  قالوا نعبد إلهك وإله أباءك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن  له مسلمون) البقرة 133. وقوله تعالي"ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة" المائدة 12. رابعا: أبناء يعقوب عليه السلام هم بنو إسرائيل وهم اثني عشر وهم:-1-رأوبين      2- شمعون      3-لاوي     4- يهوذا      5- زبولون    6 - يساكر        7- دان    8- جاد        9- أشير     10- نفتالي     11- يوسف    12- بنيامين.ويسمون الأسباط  , والأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب ويقول القرآن الكريم "وقطعناهم في الأرض اثني عشر أسباط أمماً".وكان يوسف عليه السلام أحب إلي أبيهم لصغر سنه ولعلمه من الله تعالي بأن ليوسف عليه السلام مستقبلاً عظيماً وبأنه ستحدث في حياته أمورا لا يتحملها إلا نبي ومن هنا كان  يعقوب عليه السلام ينظر إلي سيدنا يوسف بإشفاق إلا أن الأخوة الكبار لم يدركوا هذه  المعاني السامية التي يشعر بها  سيدنا يعقوب عليه السلام ولذا دبروا لأخيهم مكيدة كادت أن تودي بحياته لولا عناية الله جل وعلا . ونجاه الحق سبحانه وتعالي كما نجا أبيه إبراهيم عليه السلام من قبل وصدق الحق حين  قال ( وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأسفلين) الصافات98. وسرعان ما عقد أخوه يوسف اجتماعاً خطيراً يدبرون فيه النهاية التي يرغبون بها التخلص من أخيهم يوسف عليه السلام وكان الرأي الأول قاتلا فقالوا "كما حكي عنهم القرآن الكريم( اقْتُلُواْ يُوسُفَ)يوسف9.  إلا إنهم شعروا أن مسألة القتل مسألة عنيفة وقد تكون عاقبتها وخيمة فرأوا رأيا أخر فقالوا كما حكي عنهم القرآن الكريم: (أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا)يوسف9 . والعجيب انهم ظنوا ذلك  يرضي أباهم أو  أن يشعر بهم ثم يتوبوا بعد ذلك ويكونوا قوماً صالحين ( يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين ) يوسف 9. وهم بذلك مخطئون لأن سيدنا يعقوب عليه السلام لم يكن يفرق بين أبناءه. فإن الأنبياء هم أعلم الناس بالأمور الأسرية ولكنهم عميت عيونهم وبصائرهم عن رضي أبيهم.ولذلك      رحم الله الجميع بأن جعل أخوة يوسف يفكرون في حل آخر وهو كما حكي القرآن الكريم :  -( قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) يوسف 10 . وشاء الله أن تمر قافلة وأخذت يوسف عليه السلام وذهبت به إلي مصر( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ  لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا )يوسف 19-20.  والحمد لله الذي نجا يوسف عليه السلام بقدرته وحكمته وبدلاً من العيش في البداوة والجفاف أراد الله جل وعلا له أن يربي في قصر العزيز.ليضيف إلي عظمة النبوة مكانته من الملك ومرت الأيام والسنون سريعاً إلي أن أصبح يوسف عليه السلام بعد مرور الصعوبات والعقبات والتي تحتاج إلي مجلدات لتوضيحها ولكننا  نريد هنا أن نركز على سبب مجئ بني إسرائيل إلي مصر واستقرارهم فيها فترة من الزمن.            خامسا : رحلات أبناء يعقوب عليه السلام إلى مصر وحين أكرم الله جل وعلا سيدنا يوسف عليه السلام  وأصبح على الخزانة وشاءت حكمة الله جل وعلا أن ينقذ مصر ويجعلها مقصداُ للجميع آنذاك لأنه وبفضل الله الذي علم سيدنا يوسف تأويل الأحاديث والرؤى حافظ على المزروعات وأنقذ مصر من مجاعة محققه. ولأن البلاد المجاورة ليس بها سيدنا يوسف عليه السلام فقد عانت الكثير من الجوع فكانوا يأتون إلي مصر ليأخذوا منها ما يسد به رمقهم ومن صفوف الذين كانوا يأتون إلي مصر أخوة يوسف ( وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون)  يوسف58.  فأراد يوسف عليه السلام أن يعرفهم بنفسه ولكن رأي أن الوقت لم يحن بعد ولكن طلب منهم طلباً ربما يكون المطلوب منه أن يحضر أخيه الشقيق ليكون بجانبه في هذا القصر أو بهذا الطلب يعرف أبوه بفضل الله وبالنبوة ويطمئن على وجوده وحين جاءوا المرة الثانية ومعهم أخوهم( آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) يوسف 69.  ولذلك فكر يوسف عليه السلام في حيلة يبقي بها على أخيه  معه في القصر( فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ )  يوسف 70 وحتي لا تكتشف الحيلة بدأ بتفتيشهم أولاً قبل أخيه (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ) يوسف 76. وكان حكم السرقه آنذاك أن يؤخذ السارق فيخدم من سرقه  مقابل سرقته ( مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) يوسف 75.  وقال الحق جل وعلا في ذلك( كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )يوسف 76.إلا أن الأخوة كانوا قد قطعوا ميثاقاً مع أبيهم على أن يعودوا بأخيهم ولكن لم يكن في حسبانهم ما حدث ومن ثم قال أخوهم الأكبر( قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )يوسف 80.وحين عادوا إلي أبيهم نصحهم أن يعودوا إلي مصر مرة ثالثة قائلاً:-(يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ ) يوسف 87 .وفي المرة الثالثة دخلوا على يوسف عليه السلام :-( قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) "يوسف88. وهنا أدرك يوسف عليه السلام أنه قد حان الوقت أن يعرفهم بنفسه ولكن بطريقة مهذبة فقال( قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ ) يوسف 89 .ويبدو أن الوقوف والحديث المتكرر بينهم وبين سيدنا يوسف قد قرب المسافة بينهم وجعل دماء الإخوة تتحرك لأنه حين وجه يوسف عليه السلام هذا النداء في الحال قالوا ( أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ) يوسف 90ويدل ذلك على أنهم كانوا قد اقتربوا من معرفته ولكن كانت مكانة يوسف عليه السلام وهيبته تمنعهم من التجرؤ وتوجيهه السؤال إليه ولكن حين كلمهم سيدنا يوسف عليه السلام ( قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا)  يوسف 90 .ثم بين لهم حقيقة إيمانية قائلاً:-( إنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف 90  وهنا أدرك أخوة يوسف ما فعلوه قديماً ولكنهم توسموا في أخيهم الصلاح والتقوى والعفو وأدركوا أن أخيهم يوسف عليه السلام عرفهم من أول مرة ولو أراد أن ينتقم منهم لأنتقم ولذلك قالوا (تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ )يوسف 91  ثم ظهرت عظمة النبوة فقال يوسف عليه السلام( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم) يوسف 92 ثم  قال ( إ اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) " يوسف 93 وحين وضعوا القميص على وجه أبيهم ورد الله عليه بصره , انطلقوا جميعاً إلي مصر وهذه  هي المرة الرابعة لدخول الأخوة مصر ولكن هذه المرة معهم والديهم وبنيهم  للإستقرار في خير مصر وبجوار أخيهم الذي أصبح في مكانة راقية وأصبح عزيز مصر وجمع الله له بعد العبودية الملك والنبوة فقال لأهله ( ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاءَ اللّهُ آمِنِين)  يوسف 99 (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا) يوسف 100  حينئذ قال يوسف عليه السلام معلناً فضل الله عليه وعلى أهله ( وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "يوسف 100/101    سادسا : استقرار أبناء يعقوب عليه السلام في مصرواستقر أخوة يوسف عليه السلام وهم جميعاً بنوا إسرائيل:-* ودخل إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام مصر في ستة وسبعين نفساً من ولده وولد ولده فأنمي الله عددهم وبارك في ذريته حتي خرجوا إلي البحر يوم فرعون وهم ستمائة ألف من المقاتلة سوي الشيوخ والذرية والنساء" وكان هذا الدخول في القرن الرابع عشر قبل الميلاد وتذكر كتب التاريخ:- أن الملك لم يسمح لأل يعقوب بدخول وادي النيل للإقامة وذلك لأن المصريين حين كانوا في تلك الفترة خلال حكم الأسرة الثامنة في القرن السادس عشر قبل الميلاد يضعون قيوداً على هجرة الكنعانين إلي بلادهم لأنه حدث قبل ذلك بثلاثة قرون أن نزح عدد كبير من الأقوام الآسيوية ليقيموا في الأرض الخصبة في الدلتا الشرقية وكانت قليلة السكان في تلك الفترة ومع مرور الزمن أتي هؤلاء الأقوام بجماعاتهم وعائلاتهم للإقامة معهم . وصاروا يشكلون أغلبية السكان في المنطقة الواقعة بين فرع النيل وسيناء وتحين هؤلاء فرصة وجود ملوك ضعفاء على عرش مصر وفرضوا إرادتهم على كل الدلتا ثم بعد ذلك على مصر كلها وهم الهكسوس الذين استمرت سيطرتهم على مصر ما يزيد على مائة عام إلي أن تمكن أحمس من طردهم وتأسيس الأسرة الثامنة عشر ومن يومها والمصريون يتخوفون من السماح لجماعات كبيرة من الرعاة بالهجرة إلي بلادهم " .




                                  الباب الثانى         من بعثة موسى عليه السلام إلى الخروج من مصرأولا : ميلاد سيدنا موسي عليه السلامرأينا كيف جاء بنوا إسرائيل إلي مصر وأين استقروا بها .فيذكر العهد القديم  انه بعد رحيل سيدنا يوسف عليه السلام حكم مصر ملك جديد لم يكن يعرف يوسف عليه السلام وبالتالي لم يحسن لأخوته لأنه كان يخشي أن يحدث في عهده ما حدث لأجداده من قبل ويترك المجال لهم ليزيدوا حتي يسيطروا على البلاد ."ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف فقال لشعبه هو ذا بنوا إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا هلم نحتال لهم لئلا ينموا فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلي أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي بذلوهم بأثقالهم "   وازداد بطش الحاكم والذى كان يلقب آنذاك فرعون حتي أصدر امراً. بقتل الأبناء الذكور من أبناء بنى إسرائيل واستحياء البنات "وكلم ملك مصر قابلني العبرانيات...وقال حينما تولدان العبرانيات وتنتظرانهن على الكراسي إن كان أبنا فاقتلاه وإن كان بنتاً فتحيا ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا كما كلمهما ملك مصر... "  وحين اكتشف ملك مصر ذلك الأمر أصدر أوامره "ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلاً:- كل أين يولد يطرحونه في النهر لكن كل بنت تستحيونها". والقرآن الكريم يؤكد ذلك بقول الحق جل وعلا :-" نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "القصص3،2.ولكن يضيف القرآن الكريم أن الحق جل وعلا أراد أن يفرج هم هؤلاء المكروبين وأن يأخذ بأيديهم وأن يلقن فرعون درساً غالياً ومن ثم قال جل وعلا ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ " وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون)َ القصص.5-6في هذه الأثناء تزوج عمران بن فاهت بن لاوى من يوكايد بنت لاوى ومن المعلوم أن لاوى من أبناء يعقوب عليه السلام فأنجبا سيدنا موسي إلا أن العهد القديم يذكر أموراً كثيرة في شأن موسي عليه السلام . أن التي تلقته ابنة فرعون وهي تغتسل في النهر فوجدته بين الحلفا على جانب النهر فأمرت الجواري أن يأتين به فلما رأته رقت له فقالت أخت سيدنا موسي عليه السلام سآتيكم بمرضعة من العبرانيات فجاءت بأمة وأرضعته وأطلقت عليه اسم موسي اى إني انتشلته من الماء . والقرآن الكريم يصحح هذه المفاهيم فيقول جل وعلا:-( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)  القصص 9،8،7.وأوفى الحق سبحانه وتعالي بوعده لأم موسي عليه السلام فحرم عليه المراضع مما جعلهم في حاجة إلي مرضعة ,حينئذ تدخلت أخته كناصحة قائلة :-(هل أدلكم على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)  القصص12. وفي الحال وافقوا فجئ بأم موسي عليه السلام وصدق الحق حين قال( إ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )القصص7 . فقال سبحانه ( فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ)ٌ القصص13. وبفضل الله نشأ موسي عليه السلام في قصر فرعون ليعلم الجميع أن الله جل وعلا قادر على أن "يحول بين المرء وقلبه"وبلغ موسي عليه السلام مبلغ الشباب وأتاه الله جل وعلا الحكمة والقوة والعلم فيقول سبحانه" وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ "القصص14.ثانيا: خروج سيدنا موسى عليه السلام من مصرإلا أن حنين سيدنا موسي لقومه وتعاطفه معهم وإشفاقه لما يحدث لهم من فرعون وجنوده جعله يسارع لنجدة أحدهم وهو يتشاجر مع أحد المصرين وفي هذا يقول القرآن الكريم:( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ - القصص 15. إلا أن القدر كان أسرع واسبق فشاء الله أن تنتهي حياة المصري في اللحظة التي وكزه فيها موسي عليه السلام وهذا من ترتيب الله جل وعلا فكأن الحق جل وعلا : يريد لموسي أن يتعلم ويتربى  في صحبة نبي فيصبح مهيأً للرسالة كما أن الحق جل وعلا أراد لموسي عليه السلام أن يبتعد فترة عن فرعون وجنوده حتي إذا عاد إليهم استطاع أن يواجههم ويخاطبهم . والله سبحانه وتعالي أراد لموسي عليه السلام وهو في عودته إلي مصر يمر في طريقه بجبل الطور في سيناء ليتلقى الرسالة .وإلا كيف كان يعيش موسي الأربعون عاماً في قصر فرعون ثم يخرج عليهم قائلاً:- إنه نبي ورسول رب العالمين.فعلى الرغم من أن موسي عليه السلام كان بعيداً لفتره, وتلقي الرسالة بعيداً عن فرعون إلا أن فرعون لم ينس أنه رباه صغيراً قائلاًكما حكي القرآن الكريم" (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ )  الشعراء 18.ولذلك حين مات المصري ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) القصص18. إلي أن جاء ناصح أمين قائلاً:( وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ  فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  . وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ )   القصص20/21.وشاء الله جل وعلا أن يتجه إلي مدين حيث نبي الله شعيب عليه السلام وليس هذا فحسب بل دخل المدينة بشكل عزيز مشرف فيحكي القرآن الكريم :-(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) القصص23-24. وسرعان ما اخبرت الفتاتان اباهما عن شهامة وشجاعة وعفة موسي عليه السلام فأمر بأن تعود إحداهما إليه وتدعوه إليه في الحال , إن دل ذلك فإنما يدل على مدي ثقة النبي شعيب بنبي الله موسي عليه السلام وهذا دليل على أن الأنبياء كلهم يرون بنور الله جل وعلا ( فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا )القصص25.  وبمجرد أن دخل موسي عليه السلام المنزل ودار الحوار بينه وبين نبي الله شعيب( فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) "القصص25 .حينئذ قالت أحدي الفتاتين (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) القصص 26.  والحمد لله الذي قال( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)  النمل59.  ومن ثم أراد نبي الله شعيب عليه السلام أن يكون وجود  نبي الله موسي عليه السلام وجودأ سليماً شرعياً حتي لا يكون هناك مدخل لمنافق أو متصيد ولذا قال نبي الله شعيب  ( إإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) القصص27. بهذا اصبح البيت وكأنه بيت موسي عليه السلام فسيدنا شعيب وزوجته حمواه وإحدى البنات زوجته والأخرى محرمة عليه ( قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)  القصص28.مما سبق رأينا كيف تناول القرآن الكريم حياة سيدنا موسي عليه السلام قبل البعثة بشكل منطقي وبطريقة سهلة يسيرة وصدق الحق حين قال:-( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) القمر 17 . إلا أن العهد القديم ذكر أموراً غريبة لا تليق بنبي الله موسي عليه السلام منها,أولاً:- يقول العهد القديم عن الرجل المصري الذي وكزه موسي عليه السلام "ولما كبر موسي انه خرج إلي إخوانه لينظر في أثقالهم فرأي رجلاً مصرياً يعذب رجل عبرانياً من إخوته فالتفت إلي هنا وهناك ورأي أن ليس أحداً فقتل المصري وضمره في الرمل" هنا أخطاء واضحة وهي :-1-العهد القديم يركز على أن المصري هو الذي يضرب الإسرائيلي وكأنهم يريدون أن يظهروا المصرين معتدين على الدوام بسبب وبدون سبب في حين حكي القرآن الكريم كما ذكرنا "رجلين يقتتلان"إذا فهما أي المصري والعبراني يقتتلان .2-يذكر العهد القديم أن موسي عليه السلام حين شاهد المنظر التفت إلي هنا وهناك مثل اللص او المجرم (حاشاه) الذي يخطط لإرتكاب جريمة ونبي الله موسي عليه السلام برئ من هذه التهمة ولكنها طبيعة اليهود الدنيئة فأرادوا أن يجعلوها سنة متبعة ولم لا وقد أكدوها في التلمود بقولهم"إذا وجدت إنسان في بئر فانظر حولك فإذا وجدت أحداً فكن أول من ينقذه وإذا لم تجد أحداً فاردم البئر عليه".3-يذكر العهد القديم أن موسي عليه السلام أراد أن يخفي الجريمة فدفن المصري في الرمل وهذه عادة اليهود  وحاشا لنبي الله موسي أن يفعل ذلك لأن اليهود يحاولون إخفاء معالم أي جريمة يرتكبوها ظانين أنهم بذلك يستطيعون التنصل منها , ولكن نبي الله موسي اعترف أكثر من مرة كما ذكر القرآن الكريم(قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) القصص15 ثم طلب المغفرة من ربه لأنه قتل خطأ ولم يكن يقصده فقال( َقالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)  القصص 16.  وحين واجهه فرعون بعد ذلك قائلاً له كما حكي القرآن الكريم (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) الشعراء 19 فرد موسي عليه السلام قائلاً( قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ . فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الشعراء 20/21.ثانياً:- و عن بنات نبى الله  شعيب يذكر العهد القديم "وكان لكاهن مديان سبع بنات فأتين واستقين وملأن الأجران ليسقين غنم أبيهن فأتى الرعاه وضربوهن فنهض موسي ونجدهن وسقي غنمهن" وهذا لا يليق ببنات نبي الله شعيب والذي يسمونه في العهد القديم "يثرون "لأن القرآن الكريم ذكر أن لدى البنات من الحياء والأدب ما منعهن من الإختلاط بالرجال فقال جل        وعلا( وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) القصص23 ثم مكث سيدنا موسى عليه السلام فى مدين عشر سنوات تزوج خلالها بنتا من بنات سيدنا شعيب عليه السلام  طبقا للإتفاق الذى كان بينهما وبعد  أن قضى موسى عليه السلام المدة المتفق عليها مضى ليعود إلى مصر فاكرمه الله سبحانه  وتعالى بالرسالة .ثالثا:- موسي عليه السلام والرسالةيذكر العهد القديم أن موسى عليه السلام أثناء  عودته إلى مصر ووصل  إلي جبل الله حوريب والمعروف عندنا  بـ( جبل الطور ) حينئذ قال العهد القديم  "وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة (شجرة)فنظر إذا العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق فقال موسي:- أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم .لماذا لا تحترق العليقة؟فلما رأي الرب أنه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة وقال موسي ،موسي فقال هأنذا فقال لا تقترب إلي هنا أخلع حذائك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه ارض مقدسة" ثم قال له الرب:-"أنا إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب" والقرآن الكريم يحكي عن ذلك فيقول جل وعلا:-( فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ - فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) القصص29-30 وفي سورة طه يكمل الحق سبحانه وتعالي ما حدث فيقول جل وعلا :- ( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى - إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى - فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى - إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى - وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى - إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي".طه 9-14من الآيات الكريمة يتضح لنا أن الله سبحانه وتعالي أوحي إلي سيدنا موسي عليه السلام واعلمه أنه سبحانه وتعالي الإله الأعظم رب العالمين كما يتضح لنا أن في بعض نصوص العهد القديم صدق توافقها آيات القرآن الكريم وهذا له فائدة :  بما أن هناك نصوص من العهد القديم  تتوافق مع الآيات من القرآن الكريم إذاً النصوص التي  تختلف مع القرآن الكريم نجزم بأنها باطلة لأنها لو بقيت التوراة على حالتها لكانت كل آياتها متوافقة مع القرآن الكريم .وحتي يطمئن سيدنا موسي عليه السلام أن النور الذي رآه هو نور الله جل وعلا وأنه حقاً رسول رب العالمين فأراه الله آيات ومعجزات لا يمكن أن يأت بها إلا الله رب العالمين:-1-سأل الحق جل وعلا موسي عليه السلام ما يمسك بيده فأخبره موسي عليه السلام إنها (عصا) فأمره جل وعلا أن يلقها فألقاها فإذا هي حية تسعي ولكون موسي عليه السلام بشر فخاف من المنظر ولكن الحق علمه أن الرسل لا تخاف وامره أن يمسك بها فعادت كما كانت .وفي هذا يقول الحق سبحانه ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى -قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى -  قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى - فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى -قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى"طه17-21وفي آية أخري(  فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)   النمل 10.  وفي آية ثالثة (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) الشعراء32.فلعل سائل يسأل هل العصا تحولت إلي حية أم إلي ثعبان أم إلي جان والحق أن الثلاثة      صفات لشيء واحد فالعصا تحولت إلي ثعبان في ضخامة الحية وسرعة الجان وهو صغار الثعابين وهذه لحكمة يريدها الحق سبحانه وتعالي فالناس اعتادوا أن يروا كل نوع من الثلاثة على   حدة فالثعبان له حركة معينة تختلف عن حركة الحية وتختلف عن حركة الجان ولكن بما أنها معجزة فلابد أن تكون خارقة للعادة ومما لا يخطر لأحد على بال وهذا الذي بهر السحرة   فحين رأوا ثعبان بضخامة الحية وسرعة الجان ويلقف ما صنعوا خروا لله ساجدين معترفين بقدرته جل وعلا وصدق الله جل وعلا حين قال :-(وما يؤمن بآياتنا إلا العالمون)2-كان سيدنا موسي عليه السلام أسمر اللون فأمره ربه أن يضع يده في جيبه والجيب هو   فتحة في الثياب فوق  الصدر فلما وضعها وأخرجها فإذا هي بيضاء من غير برص أو مرض   وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالي:-( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) النمل12.ولكن لماذا؟ أي لماذا أظهر الحق جل وعلا هذه الآيات لموسي عليه السلام الآن؟أولاً:- ليتدرب عليها موسي عليه السلام  وتذهب عنه الرهبة لأنه لو ظل الأمر مخبوء إلي وقت الحاجة وجمع السحرة ثم صنعوا ما صنعوا وحينها يؤمر موسي عليه السلام بإلقاء العصا فلا ندري كيف كان سيتصرف موسي عليه السلام.ثانياً:- لأن الله جل وعلا سيرسل موسي عليه السلام إلي طاغية من طواغيت الأرض ولابد   أنه سيطلب من موسي عليه السلام برهان على نبوته وأنه رسول رب العالمين كما أن الحق  يعلم أن قوم فرعون بارعون فى السحر فقد يقومون بأعمال لا تخطر لسيدنا موسي على  بال فإذا كان هناك موقف بين فرعون وموسي عليه السلام فسيكون الموقف عصيباً لأنه ليس من المعقول أن يحضر فرعون السحرة وما معهم ثم يأتي موسي عليه السلام بلا شيء  يتفوق به على هؤلاء .تماماً مثل ما حدث مع نبي الله عيسي عليه السلام فكان قومه قد برعوا في الطب لا على   درجة إلا أن الله جل وعلا أيد عيسي عليه السلام بمعجزات يعجز الطب عن القيام بها       فأنى للطبيب أن يداوي الأكمة الذي ولد أعمي فيعيد إليه بصره بل والأعظم من ذلك        من يستطيع أن يحيي الموتى فكانت معجزة عيسي عليه السلام من جنس ما برع فيه قومه وتفوق عليهم بفضل الله وقدرته. وكذلك نبيناً محمد صلي الله عليه وسلم أرسله ربه          إلي  قوم بلغوا القمة في اللغة والبلاغة والفصاحة فجاءهم بكتاب كريم بهر عقولهم وعجزوا عن الإتيان ولا بسورة من مثله. وهكذا حين أصبح موسي عليه السلام مستعداً لحمل الرسالة جاءت الأوامر:- أولاً:- كان الغرض من إرسال موسي عليه السلام هو أن يسمح فرعون لبني إسرائيل بالخروج من مصر لأن موسي عليه السلام أرسل لبني إسرائيل وأراد الحق جل وعلا أن يمن عليهم وينجيهم من بطش فرعون وجبروته.ثانياً:-لن يستطيع موسي عليه السلام أن يأخذ بني إسرائيل دون الرجوع إلي فرعون وبالتالي لابد أن يزود موسي عليه السلام بما يجعله يستطيع به مواجهة هذا الجبار فكانت المعجزات ولم يكتف موسي عليه السلام بذلك فحين اخبره ربه جل وعلا بقوله(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) النازعات17 على الفور دعا موسي عليه السلام ربه جل وعلا (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي*اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي *كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا) طه25/37. واستجاب الحق جل وعلا فــ(قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) طه36 ومن ثم أصبح سيدنا هارون مكلف بالنبوة مع سيدنا موسي عليهما السلام ومع هذا قال الحق سبحانه وتعالى  لهما (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) طه43/44.ويبدو أن سيدنا موسي وأخيه سيدنا هارون عليهما السلام يعرفان جيداً قوة فرعون ولذلك قالا :-(رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى)طه45 .إلا أن الحق جل وعلا طمأنهما بقوله سبحانه قال( لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) طه46. وأخبرهما الحق جل وعلا أن ما عليهما إلا تبليغ الرسالة (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)طه 47.**يذكر العهد القديم أنه بعد ما أخبر الحق جل وعلا موسي عليه السلام بقوله"أنا إله أبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب"  أمره الرب أن يذهب إلي فرعون فقال الرب "فالآن هلم فأرسلك إلي فرعون وتخرج شعبى بني إسرائيل من مصر"  .ثم أخبره الرب أن يخبر بنى إسرائيل أيضاً أنه رسول من رب العالمين"هكذا تقول لبني إسرائيل "يهوه إله أباءكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم " .ولما اخبر موسي عليه السلام أن القوم قد لا يصدقوة " ولكن هاهم لا يصدقونني ولا يسمعون لقولي بل يقولون : لم يظهر لك الرب"  ”حينئذ قال له الرب ما هذه التى فى  يدك ؟ فقال موسي :- عصا فقال الله: أطرحها إلي الأرض فكانت حية فهرب موسي منها ثم قال الرب لموسي مد يدك وامسك بذنبها فمد يده وأمسك بها فصارت عصا في يده   ثم قال له الرب أيضاً:-"ادخل يدك في عبك فادخل يده في عبه ثم أخرجها وإذ يده بيضاء مثل الثلج" إلا أن العهد القديم يذكر امور اخرى غريبه منها:-1-بخصوص عدم مقدرة سيدنا موسي عليه السلام على إيضاح الكلام ولذا طلب من ربه جل وعلا أن(َاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)ولو طلب موسي عليه السلام أن يطلق الله جل وعلا لسانه لطلب (قدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى)طه 26. لأن هذه طبيعة الأنبياء فهم لا يطلبون لأنفسهم إلا بقدر الحاجة ومادام موسي عليه السلام بعد استجابة ربه استطاع الكلام فلا بأس ولكن ذكر العهد القديم قول موسى عليه السلام لربه "ها أنا أغلف الشفتين كيف يسمع لي فرعون؟" 2- كما يذكر أن الرب جل وعلا قال عن هارون ( وهو يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً )  هنا يزعمون ان الرب جل وعلا جعل موسى عليه السلام الهًا لأخيه هارون والحق ما قاله القرآن الكريم ( واذكر فى الكتاب موسى إنه كان مخلصاوكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً ووهبنا له من رحمتنا اخاه هارون نبيا) مريم51-52. ومع هذا يزعمون أن موسى عليه السلام اعترض على ربه قائلاً ( استمع ايها السيد ارسل بيد من ترسل فحمى غضب الرب على موسى وقال : اليس هارون اللاوى اخاك؟ )  ولم يهدأ موسى إلا بعد هذا التصريح ( فقال الرب لموسى أنظر أنا جعلتك  إلهً لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك)  .    3 -  يزعمون أن الرب اخبر موسى عليه السلام بأنه جل وعلا هو الذى سيشدد قلب فرعون فلا يجعله يؤمن وقال الرب لموسى (وعندما تذهب لترجع الى مصر ,انظر جميع العجائب التى جعلتها في يدك واضعها قدام فرعون ولكنى اشدد قلبه )  وهذا غير ممكن لأنه لو كان تشدد قلب فرعون من عند الله فلماذا إذا يعذبه الحق جل وعلا ولكن الحق ما ذكره القرآن الكريم ويبين أن فرعون كان طاغية من تلقاء نفسه وأنه استخف قومه فاأطاعوه فهل الحق جل وعلا هو الذى أمر فرعون أن يخبر الناس أنه إله؟  فيقول سبحانه وتعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) القصص .384- يزعمون أن بنى إسرائيل بمجرد ما جاءهم موسى عليه السلام واخبرهم بما أمر به الرب جل وعلا خروا سجدا فيقولون ( ثم مضى موسى وهارون وجمعا جميع شيوخ بنى اسرائيل فتكلم هارون بجميع الكلام الذى كلم الرب موسى به وصنع الايات امام عيون الشعب , فامن الشعب ولما سمعوا ان الرب افتقد بنى اسرائيل وانه نظر مذلتهم خرجوا وسجدا)  وهذا لم يحدث لأن الرب جل وعلا  اخبرنا بقوله سبحانه (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ) يونس 83 وفى العهد القديم نصوصاً تظهر عدم إيمان بنى إسرائيل جميعا بما جاء به موسى عليه السلام فيقولون ( فتكلم موسى امام الرب قائلا هو ذا بنى اسرائيل لم يسمعوا لى فكيف يسمعنى فرعون ) , وفى موضع آخر يذكرون تذمر بنى إسرائيل على سيدنا موسى عليه السلام ( فرأى مدبرو بنى إسرائيل أنفسهم في بليه إذا قيل لهم لا تنقصوا من لبنكم امر كل يوم بيومه وصادفوا موسى وهارون واقفين للقائهم حين خرجوا من لدن فرعون فقالوا لهما لينظر الرب اليكما ويقضى لأنكما انتنتما رائحتنا فى عين فرعون  وفى عيون عبيده حتى تعطيا سيفا فى ايديهم ليقتلونا )   وصدق الحق حين قال عنهم قولهم ( أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) الأعراف 139.5- يزعمون أن موسى عليه السلام ضاق صدراً وهو فى بداية الدعوة واظهر غضبه فقالوا ( فرجع موسى الى الرب وقال يا سيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب لماذا ارسلتنى ؟ فانه منذ دخلت الى فرعون لأتكلم بإسمك أساء إلى هذا الشعب وانت لم تخلص شعبك )  6 – يزعمون أن الرب خطط لقتل موسى عليه السلام فيقولون ( وقال الرب لموسى : عندما تذهب لترجع إلى مصر انظر جميع العجائب التى جعلتها فى يدك  )( وحدث فى الطريق فى المنزل ان الرب التقاه وطلب ان يقتله )  7 – يزعمون أن الرب جل وعلا وضع لبنى إسرائيل خطة ليسلبوا المصريين فيقولون  (وأعطى نعمة لهذا الشعب فى عيون المصريين فيكون حينما تمضون انكم لاتمضون فارغين بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا وتضعونها على بنينكم وبناتكم فتسلبون المصريين)  8 – يزعمون أن الرب جل وعلا طلب من بنى إسرائيل أن يعلموا بيوتهم بالدم حتى لا يهلكهم مع بيوت المصريين ولا حول ولا قوة إلا بالله فيقولون ( وخذوا باقة زوفاء واغمسوها في الدم الذي في الطشت ومسوا العتبه العليا والقائمتين بالدم الذي في الطشت وأنتم لايخرج أحد منكم من باب بيته حتى الصباح فإن الرب يجتاز  ليضرب المصريين فحين يرى الدم على العتبة العليا والقائمتين يبعد الرب عن الباب ولا يدع المهلك يدخل بيوتكم ليضرب فتحفظون هذا الأمر فريضة لك ولأولادك إلى الأبد )   رابعا : موسى عليه السلام وبداية الدعوةالصعوبات التي واجهت سيدنا موسى عليه السلام:-لقد رأينا كيف تعرض سيدنا  محمد صلى الله عليه وسلم لشقاق قومه له ومعاندتهم إياه  ورأينا فى النهاية كيف دخل جميع القبائل فى دين الله أفواجا وفتح الله سبحانه وتعالى  له مكة أم القرى وأقر الله عينه بهذا الفتح المبين .والآن نستعرض بعض ما واجهه سيدنا موسى عليه السلام ولكن الغريب هنا أمران :-1-  أن القوم الذين عاندوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الشرك والكفر ولذلك كانوا يطلبون أدلة جديدة وبراهين تثبت نبوته صلى الله عليه وسلم بينما كان ينبغي على  قوم موسى عليه السلام يحمدوا الله الذي أرسل اليهم سيدنا موسى عليه السلام الذى جاء لينفذهم من بطش فرعون وجبروته إلا أنهم عاندوه وناصبوه العداء وأرهقوه أكثر من فرعون وعانى منهم عليه السلام أكثر من معاناته من فرعون لأن فرعون كان واضح العداوة مما جعل نبى الله موسى عليه السلام يدعو ربه أن يخلص قومه من فرعون وقد كان ولكن ماذا يفعل موسى عليه السلام مع قومه وبنى جنسه أيدعو عليهم بالابادة وهو مرسل اليهم لهدايتهم.2- رأينا بفضل الله كيف هدى الله جل وعلا قريش والطائف والجزيرة كلها حتى جاءت الوفود فى العام التاسع الهجرى معلنةً ولائها  لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانها بالله الواحد الأحد وبالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم حتى قال سبحانه ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفتح *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أفواجا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا *) سورة النصر .أما قوم موسى عليه السلام لم يراعوا حق الله ولاحق رسوله موسى عليه السلام وعاندوه وآذوه عليه السلام وعبدوا العجل وتمردوا عليه وطلبوا منه عليه السلام مالاطاقة له به    حتى كاد أن يهلك عليه السلام (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ) الأعراف 155.  يكفيهم أن يطلق عليهم نبي الله موسى عليه السلام ( السفهاء ) والعجيب أنهم هم الصفوة فما بالك بضعاف الإيمان والآخرين . ولذلك نشعر أن نبى الله موسى  عليه السلام عانى الأمرين من قومه طيلة حياته وعانى العالم منهم بعده عليه السلام .1-إن أول الصعوبات التى واجهت سيدنا موسى عليه السلام هي مقابلة فرعون لأن سيدنا موسى عليه السلام يعلم أنه قتل منهم نفسا ثم هو يعود اليهم الآن رسولاً ويعلم أن فرعون جبارا فقد يفاجئهم بالعذاب أو يتجاوز الحد فى العصيان على قومه وهذا ما حدث , فقد ذكره فرعون بما سبق وزاد فى تعذيب قومه وفى هذا يقول القرآن وهو يحكى عن فرعون قوله لموسى عليه السلام قال فرعون ( وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) الشعراء 23... لأن فرعون كان يزعم أنه إله فعرض السؤال على سيدنا موسى عليه السلام لعله يؤكد هذا الزعم فإذا به عليه السلام يقول (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ) الشعراء24 .وفرعون ومن حوله يعلمون أن فرعون أحط من أن يكون رب السموات والأرض جميعا ومن ثم حاول فرعون الهجوم بالقول على موسى عليه السلام قائلا ( ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التى فعلت وأنت من الكافرين) فرد سيدنا موسى عليه السلام مبينا أن ما حدث كان عن غير عمد كما أن ذالك كان فى  فتره صبا موسى عليه السلام ولم يكن وقتها نبيا ولا رسولا أما الآن فقد غفر له رب العالمين ومنَ عليه بالرسالة ثم قال موسى عليه السلام هل تربيتك ورعايتك لى تعادل استعباد بنى إسرائيل فــ( قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ  * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ * وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الشعراء 20/21/22حينئذ خرج فرعون بالحوار الى مجال آخر وأراد أن يستفز موسى عليه السلام أو أن يؤلب عليه ملائه فــ( قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) الشعراء  27. فشعر موسى عليه السلام بالخطر ومن ثم لا مجال ولا نجاة من هذا الموقف إلا أن يظهر  الآيات الباهرات التى تثبت لفرعون ومن معه أنه رسول رب العالمين فــ(قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ )الشعراء 30.( قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ) الشعراء31/32/33. وسرعان ما رماه فرعون بالسحر فــ( قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ )الشعراء 34/35. فأشار الملأ على فرعون باحضار السحره وتحدى موسى عليه السلام  فقال سبحانه وتعالى عنهم (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ  * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ ) الشعراء 37/38. واجتمع الناس ليشاهدوا هذا الحدث ووعد فرعون السحره بمكافئه عظيمه ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) الأعراف 113/114. وهنا سأل السحرة  موسى  عليه السلام أن يلقى هو  أو يدعهم يبدأون   فــ (قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ) الأعراف 115(قَالَ أَلْقُوْاْ  فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)  الاعراف 116.ولأن موسى عليه السلام بشر " فأوجس فى نفسه خيفة موسى "  إلا أن الحق سبحانه    وتعالى ذكر موسى عليه السلام بأنه من المرسلين وأنهم لا ينبغى لهم أن يخافوا ولا يخشون  أحدا إلا الله (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) طه 68/69  ولكن فوجئ فرعون وملائه بل وموسى عليه السلام وقومه بما لم يخطر لهم على بال (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ العالمين رب َمُوسَى وهارون ) طه70. وحتى لايظن فرعون   أنه المقصود فبين السحرة أن رب العالمين هو سبحانه وتعالى  (  رب موسى وهارون ) وهنا استشاط فرعون غيظا وشرع يتوعد ويهدد الجميع فقال للسحرة (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ) طه 71 . إلا أن السحرة تصرفوا بشكل إيمانى منقطع النظير بعكس بنى إسرائيل الذين كانوا أحق    بهذا الايمان ليشدوا من أذر نبيهم، ففوجئ فرعون بقول السحرة فـ (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا   بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه 72/73 ثم توجهه فرعون لبنى إسرائيل مضاعفا لهم العذاب فقال لجنوده ( سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )الأعراف.127 وهنا بدأت الآيات التى ابتلى الله بها فرعون ولكن العهد القديم يذكر كما بينا أن فرعون تشدد قلبه ولم يطلق يطلق بنى إسرائيل والقرآن الكريم بين أن الآيات إنما كانت تتتابع على فرعون لعله يفيق ويرجع عن غيه ويعلم أن الله هو الحق المبين ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ  ) الاعراف 133 والعجب أن مع كل ابتلاء يلجأ فرعون إلى نبى الله موسى عليه السلام قائلا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) الاعراف 134 . يا سبحان الله ،فرعون يعلم أن رب موسى عليه السلام هو القوى , والفعال لما يريد  ,   قادر على أن يرسل عليهم عذابا ؛ وقادر أن يخفف عنهم العذاب ؛ والغريب أن فرعون  الذى يدعى الألوهيه والربوبيه يقول لموسى ( ادع لنا ربك ) فأين ربوبيته هو إذا؟ وحين كشف الحق عنه العذاب (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ  يَنكُثُونَ) الاعراف  135.وتتابعت الآيات وظل فرعون فى عناده لانه فى كل مره يصر على ان يثبت ربوبيته والوهيته ورغم لجؤئه الى موسى عليه السلام وربه جل وعلا  لأنها (لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج 46 إلى أن قال الحق جل وعلا (وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى) طه56 فلم يبقى إذن      إلا الخلاص من فرعون وملأه ولو أراد الحق سبحانه وتعالى لأهلكهم في أى آيه من الآيات والإبتلاءات السابقة .ولكن أراد الحق جل وعلا أن يأخذ فرعون وجنوده وأن ينجى بنى إسرائيل فى آن واحد فأرادها الحق جل وعلا معجزه لا تنسى فاستدرجهم الحق سبحانه وتعالى من حيث لا يعلمون فجعل فرعون ينادى (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ) الشعراء54-59 وهرع فرعون وجنوده بعدما علم أن موسى عليه السلام أسرى بقومه ليلاً (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ) الشعراء52. ولما انتهى بهم الأمر إلى البحر فكعادة بنى إسرائيل دائما يجزعون لاقل الأشياء ولم يبلغوا من الإيمان ما يجعلهم يثقون فى نبى الله موسى ولا فى قدرة الله جل وعلا على أن ينجهم من هذا الموقف العصيب فــ(قالوا إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) الشعراء 62.  إلا أن سيدنا موسى عليه السلام قال لهم (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء 63.  وهنا أمر الحق جل وعلا موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) الشعراء 63.ثم امر الرب جل وعلا موسى عليه السلام (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا) الدخان 24.حتى ينخدع فرعون ومن معه وينزلوا جميعا  فى قاع البحر . أرايت كيف وصل الطغيان بفرعون درجةً جعلته لا يرى هذه المعجزة الباهرة فدفعه غروره الى متابعة موسى عليه السلام وهنا حدثت المفاجاه (وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ) الشعراء64.  واغرقناه ومن معه أجمعين ) والعجب أن فرعون أفاق فى هذه الحظه قائلا (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)يونس 90.  إلا أن الحق سبحانه وتعالى قال ( آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يونس91  ثم أراد الحق سبحانه وتعالى أن يخرج جثة فرعون ثم يعلم أهل مصر القدره على التحنيط ليحنطوا بها جثة فرعون وامثاله ليظل عبرة ودلاله على قدرة الحق جل وعلا الذى لا يعجزه شئ لا فى الأرض ولا فى السماء وليعلم أى طاغية أنه مهما وصل من العلم والحضاره والقوة والجبروت فلن يصل إلى ما وصل إليه فرعون ومع هذا فما نهايته (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) يونس 92.   وأظهر الله جل وعلا جثة فرعون هامدة ليره الجميع حتى لا يظنوا انهم مختفى فى مكان ما وأنه لم يغرق وأنه سيعود يوم ما،  وأراد الحق جل وعلا أن يعلم كل من يعاون طاغية أن مصيره كمصير الظالم سواء بسواء فلم ينل إلا سؤ الخاتمه مع ذل الحياة سابقا لمن كان يعاونه. وقبل أن نتكلم عن الصعوبات التي واجهها سيدنا موسى عليه السلام مع قومه نذكر بعض النصوص من العهد القديم بخصوص ما سبق.ثم كلم الرب موسى قائلا " أنت تتكلم بكل ما آمرك وهارون أخوك يكلم فرعون ليطلق بنى اسرائيل من ارضه  ولكنى اقسى قلب فرعون واكثر آياتى وعجائبى فى ارض مصر ”  -  ثم يذكر العهد القديم أنه بعد معجزة العصا التى ابتلعت ثعابين السحره إذداد طغيان فرعون ( فطرح هارون عصاه امام فرعون وامام عبيده فصارت ثعباناً فدعا فرعون أيضا الحكماء والسحرة. إطرحوا كل واحد عصاه فصارت العصى ثعابين ولكن عصا هارون ابتلعت عصيهم . وقسى الرب قلب فرعون فلم يسمع لهما )    هذا النص يصور لنا أن موسى عليه السلام تحول إلى مرشد وموجه لهارون عليه السلام فى حين أن النبى موسى عليه السلام هو صاحب معجزة العصا وكان هارون عليه السلام بمثابة المعين حيث قال جل وعلا على لسان سيدنا موسى عليه السلام ( وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معى ردءا يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون ) القصص34  ولم يطلب موسى عليه السلام أن يتحمل هارون عليه السلام المشقة وحده، إلا أن  النص فى العهد القديم يذكر أن هارون هو الذى القى العصا أولا ثم القى الآخرون ما معهم , والحكمة تقتضى أن يلقى الآخرون أولاً ليكون للتحدي معنى وقوة وليشعر فرعون ومن معه ولو للحظه  بنشوة العزة والغلبة حتى إذا قهرهم الحق بعزته وهزمهم بعظمته وأمر موسى عليه السلام  أن يلق عصاه فتلقف ما صنعوا فتكون الحسرة مضاعفة وهذا ما حكاه القرآن الكريم   كما بيننا من قبل .-  ثم يذكر النص أن فرعون ظل قاسيا ولم يسمع لما أراده موسى وهارون عليهما السلام  ومن ثم بدأت الضربات تنزل عليه وعلى قومه فيذكر العهد القديم أن ماء النهر تحول دماً ( ورفع هارون العصا وضرب الماء الذى فى النهر امام عين فرعون وامام عيون عبيده فتحول كل الماء الذي في النهر إلى دما) وعن ضربة الضفادع (فمد هارون يده على مياه مصر فصعدت الضفادع وغطت ارض مصر )  ( فدعا فرعون موسى وهارون وقال صليا إلى الرب ليرفع الضفادع عنى وعن شعبى فاطلق الشعب ليمجدوا الرب )  ويذكر العهد القديم أن  فرعون طلب من موسى وهارون عليهما السلام  أن يصليا للرب لتنتهى الضفادع .( ثم خرج موسى وهارون من لدن فرعون وصرخ موسى إلى الرب من اجل الضفادع التى جعلها على فرعون ففعل الرب كقول موسى فماتت الضفادع من البيوت والدور )   وهكذا مع كل ضربة ولقد ذكر العهد القديم أن مع كل ضربة يرفع هارون يده على شعب مصر فيصاب الشعب بما أراد الرب جل وعلا ثم يلجأ فرعون إلى موسى واخيه هارون عليهما السلام ليصليا إلى الرب فيرفع عنهم ما ابتلاه وشعبه به ولكن كما ذكر القرآن الكريم أن فرعون لم يؤمن رغم هذه الآيات ولم يطلق بنى إسرائيل كذلك ذكر العهد القديم فيقول   ( ولكن شدد الرب قلب فرعون فلم يطلق بنى إسرائيل من ارضه)                خامسا : خروج بني إسرائيل من مصر- وكما ذكر القرآن الكريم أن الله أمرموسى عليه السلام أن يسر ببني إسرائيل ليلاً  ليخرجوا من مصر ولينجيهم من فرعون وبطشه فكذلك يقول العهد القديم فدعا موسى وهارون ليلا وقال : ( قوموا واخرجوا من بين شعبى أنتما  وينو إسرائيل جميعاً)     ثم ذكر العهد القديم أن مدة إقامة بنى إسرائيل منذ دخول يعقوب عليه السلام وأبناءه  إلى مصر و إلي خروج موسى عليه السلام وبنو اسرائيل هى:  ( وأما اقامة بنى إسرائيل التى اقاموها فى مصر فكانت اربعمائه وثلاثين سنه وكان عند نهاية اربعمائه وثلاثين سنه فى ذلك اليوم عينه ان جميع أجناد الرب خرجت من ارض مصر) كما ذكر العهد القديم عددهم ( فارتحل بنو إسرائيل من رعمسيس الى سكوت نحو   ست مئه الف ماش من الرجال عدا الاولاد )  وهنا أمر عجب ألا وهو : يذكرون أن يعقوب عليه السلام دخل مصر فى سبعين نفسا وخرجوا ستمائه الف عدا الاولاد  .(فلما أخبر ملك مصر ان الشعب قد هرب تغير قلب فرعون وعبيده على الشعب)     (فشد مركبته واخذ قوسه معه واخذ ست مئه مركب منتخبه وسائر مركبات مصر)  ( فلما اقترب فرعون رفع بنو اسرائيل عيونهم واذا المصريون راحلون وراهم     ففزعوا وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب )   وهذا لم يحدث فلم يلجأ بنو إسرائيل إلى الرب ولكنهم قالوا كما حكى عنهم القرآن  الكريم  ( فلم ترآى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ) الشعراء 61.  فهذا ما حدث  فهم لم ينظروا إلى الرب  ؛ بل سيدنا موسى عليه السلام هو الذى ذكرهم بأنه نبي الله  رب العالمين وأن الله لن يتركه لفرعون فقال موسى عليه السلام كما حكى القرآن الكريم  فقال موسى عليه السلام ( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء62.وما يؤكد أنهم لم يصرخوا إلى الرب كما ذكر فى العهد القديم عند هذا الموقف : أن بنى إسرائيل تذمروا على موسى عليه السلام قائلين ( وقالو لموسى : هل لأنه ليست قبور فى مصر أخذتنا  لنموت في البرية ؟وماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر ؟ هذا هو الكلام الذى كلمناك به فى مصر قائلين كُف عنا فنخدم المصريون ؟ لأنه خير لنا أن نخدم المصريين من أن نموت في البرية)  إلا أن موسى عليه السلام (قال لهم لا تخافوا قفوا وانظروا إلى خلاص الرب الذى يصنعه لكم اليوم )   ويذكر العهد القديم أن الرب أمر موسى عليه السلام أن يضرب البحر بالعصا فقال الرب لموسى ( ما لك تصرخ الى ؟ قل لبنى إسرائيل أن يرحلوا وارفع انت عصاك ومد يدك على البحر وشقه فيدخل بنى إسرائيل فى وسط البحر على اليابسة)  ثم يعقب قائلاً ( وتبعهم المصريون ودخلوا ورائهم جميع رجال فرعون ومركباته وفرسانه الى وسط البحر)  (فرجع الماء وغطى جميع مركبات وجيش فرعون الذى دخل ورائهم فى البحر لم يعدى منهم ولا واحد)  



















                                الباب الثالث من خروج بنى إسرائيل من مصر وبقائهم فى التيه إلى إنتقال موسى عليه السلام إلى جوار   ربه جل وعلا :أولا: سيدنا موسى عليه السلام والألواحيذكر القرآن الكريم أن الحق سبحانه وتعالى هوصاحب الفضل والمن على بنى إسرائيل إذ نجاهم جل وعلا مما كان بفعله بهم فرعون فقال تعالى {وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ }الدخان30  ونقلهم إلى جانب الطور ومنّ عليهم بكرمه وفضله -{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى } طه80إلا أن بنى إسرائيل بهم من الضعف وعدم اليقين بالله رب العالمين فبرغم المعجزة الكبرى      إلا أنهم بدر منهم مالم يخطر لأحد على بال فقال تعالى عنهم -{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ  فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ  قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }الأعراف138وذكرهم سيدنا موسى عليه السلام بنعم الله عليهم وفى هذا يقول القرآن الكريم {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } إبراهيم6يذكر الزمخشرى في الكشاف أن سيدنا موسى عليه السلام كان قد وعد قومه إن أهلك      الله عدوهم ومكنهم في الأرض أن يسأل الله أن ينزل عليهم كتاب ينظم فيه حياتهم وهذا     ما كان يتمناه سيدنا موسى عليه السلام وأكده الحق جل وعلا فى القرآن الكريم إذ        يقول (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ ) الاعراف 129.  وما أن صدق الله وعده ومكن نبيه موسى عليه السلام وأهلك عدوه إلا وأسرع موسى    عليه السلام أن يدعو ربه لينزل عليهم الكتاب الذى وعد قومه به ليكون لهم شريعة ومنهجاً   فأمره ربه أن يصوم ثلاثين يوما واتمها الله بعشرة ايام وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) الاعراف 142  ثم أمر سيدنا موسى عليه السلام أخاه أن يراعى بنى إسرائيل ويشد من أذرهم ويذكرهم بفضل الله عليهم الذي أخرجهم من مصر ونجاهم من فرعون وجنوده ووهبهم حياة جديدة مع أنبياء عظماء (وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) الأعراف 142.  ولا بأس أن ينبه سيدنا موسى سيدنا هارون عليهما السلام   فهو يعلم أن بنى إسرائيل قساة القلوب وأنهم قد يقدموا على أفعال فاسدة فإن لم يستطع تقويمهم فعليه أن يتحمل ولا يركن إليهم، وإن قال قائل أليس هارون عليه السلام نبياً فكيف يخشى عليه نبى الله موسى عليه السلام وكيف يحذره وينبهه ؟  نقول إن هذا يدل على تنبؤ سيدنا موسى عليه السلام  بما سيحدث من قومه من فساد . وحين أتم موسى عليه السلام الميقات وذهب للقاء ربه جل وعلا أنزل الله جل وعلا  عليه الألواح وكانت بمثابة التوراة الإجماليه وكان هذا فى عام 1445ق.م وكان فى الألواح  بيان الحلال والحرام وتوضيح المحاسن والقبائح ليكون ذلك موعظة لهم من شأنها تؤثر فى قلوبهم ترغباً وترهباً إن تمسكوا بها وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى فى القرآن       الكريم ( وكتبنا له فى الألواح كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوه وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) الأعراف 145 . ثم حذرهم سبحانه بأنهم إن ضلوا  فإن لهم عاقبة السوء وفى هذا يقول سبحانه وتعالى (سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) الاعراف 145.  وهذا يدل على أن هؤلاء القوم لن يأخذوا بأحسنها بل سيكونوا من الفاسقين وقد كان، فقال الحق سبحانه وتعالى لنبيه موسى عليه السلام حين ذهب للقاء ربه الآيات التى نذكرها فى الفقرة التالية . ثانيا : بنو إسرائيل وعبادتهم العجل(وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى* قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ *فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ     يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي* قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ* فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ) طه 83-88.- فحدث ما كان يخشاه موسى عليه السلام وما نبه الحق سبحانه وتعالى عليه ولقد قام  هارون عليه السلام بدوره كنبى إلا أنهم بنو إسرائيل الذين قال عنهم نبيهم موسى         عليه السلام فى القرآن الكريم ( السفهاء) في قوله تعالى ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) الأعراف 155.  وعن دور هارون عليه السلام قال القرآن الكريم (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ  مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) طه 90. إلا أن    بنى إسرائيل رفضوا أمره فـ (قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى )  طه 91 فلما عاد إليهم سيدنا موسى عليه السلام كاد الحزن أن يفلق كبده لأنهم قوم معاندون    حمقى سفهاء فإذا به ( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ      فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) طه 94  ثم اتجه موسى عليه السلام إلى السامرى فقال ( ما خطبك يا سامرى ) فإذا به يقول :  (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً  مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) طه 96 .وأما السامرى فيذكر أنه رأى جبريل عليه السلام يسير أمام بنى إسرائيل في البحر والقوم     لم  يروه ، وجبريل عليه السلام روح فسولت للسامرى نفسه إن التقط شيئاً من أثره          أن يدب فيها الحياة ،  فالتقط قبضة من أثره ليستعملها  في الوقت المناسب وإن دل ذلك    فإنما يدل على نيته المبيته للشرك ولا حول ولا قوه إلا بالله .  بدليل أنه بمجرد أن ذهب  موسى عليه السلام إلى لقاء ربه  جل وعلا  ألقى السامرى في روع القوم أن موسى عليه السلام تأخر عنهم وبما أن القوم حديثي عهد بالمصريين الذين كانوا يعبدون الأصنام فجمع السامرى ذهب القوم وخلطه بالقبضة التى قبضها من أثر جبريل    عليه السلام وصنع منه عجلا له خوار وهو صوت البقر مما أدهش القوم والعجيب أنهم سرعان ما عبدوه عازفين عن نبي الله هارون عليه السلام ولا حول ولا قوة إلا بالله . ولذا أمر موسى عليه السلام بالعجل فأحرق وبما أنه من ذهب فقد يزداد نقاءً فينخدع القوم ،  ولذلك أرسل الله  جل وعلا عليه ريحا فألقت به رمادا فى البحر، وتوعد موسى عليه السلام السامرى بأنه لن يحيا فى أمان ما عاش وفى الآخره فله عذاب عظيم (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) طه97.  وأكد موسى عليه السلام الحقيقة الواضحة بقوله  ( إنما إلهكم الله الذى لا إله إلا هو وسع كل شئ علما  ) ولكن ما جزاء من عبد العجل فهل يتركون ؟ بالطبع لا . فقد عوقبوا  عقابا أليما يستحقونه ،  ولولا أن القرآن الكريم  أخبرنا بأن المفسدين من قوم نوح عليه السلام هلكوا فى الطوفان لقلنا أن بنى إسرائيل هم أحفاد أولئك الفاسقين فقد قال عنهم سبحانه وتعالى ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) نوح17 ومن ثم كتب الله جل وعلا على من عبد العجل من بنى إسرائيل الإباده لأنهم إن فعلوا ذلك الإثم العظيم لقوله تعالى ( ان الشرك لظلم عظيم ) لقمان 13  ثم ظلوا بعدها على قيد الحياة منعمين ؛  هنالك سيطمع الآخرون ويزدادوا بغيا وظلما ولذلك الحكمة تقتضى أن نتخلص   من هؤلاء حتى يعتبر بهم غيرهم ولذلك حكى القرآن الكريم  ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم  إنكم ظلمتم أنفسكم بإتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) البقره 54  ثم بدأت الأحكام والعبادات والمعاملات المدنية والحربية والعقوبات ينزلها الحق جل وعلا   على نبيه موسى عليه السلام فى وقت الحاجة شأنها فى ذلك شأن كل الرسالات وقبل         أن نواصل مع باقى الرساله نستعرض ما قاله العهد القديم في ما سبق لنرى كيف تناول     هذه القضية وهل انصف الأنبياء كما نزههم القرآن الكريم عن الوقوع فى الخطيئة .فيذكر العهد القديم أنه بعد نجاة موسى عليه السلام من فرعون وجنوده واستقر بهم الأمر    في سيناء فيقول  ( فى الشهر الثالث بعد خروج بنى اسرائيل من أرض مصر في ذلك اليوم جاءوا الى برية سيناء )   . ثم يذكر العهد القديم أن موسى عليه السلام ترك بنى إسرائيل وصعد إلى الجبل وعن الاستعداد للميقات قالوا ( وأما موسى فصعد الى الله وكان هناك عند الرب اربعين نهارا واربعين ليله لم يأكل خبزاً ولم يشرب ماءا فكتب على اللوحين كلمات العهد)  .- ثم انزل الله عليه الوصايا العشر نشرحها فى وقتها ان شاء الله وأهم ما فيهـــــا ( لا يكن لك الهه اخرى امامى لا تصنع لك تمثالاً  منحوتا ولا صوره ما مما فى السماء من فوقك وما في الأرض من تحت وما فى الماء من تحت الارض لا تسجد لهن ولا تعبدهن أنا الرب إلهك إله غيور)  هذا مما أوحى به الله جل وعلا نبيه موسى عليه السلام والعجيب انهم أعادوا تلك الوصية مرة أخرى ( فقال الرب لموسى : هكذا نقول لبنى اسرائيل :أنتم رأيتم اننى من السماء تكلمت معكم .لا تصنعوا معى الهه فضه ولا تصنعوا لكم الهه ذهب )  ومع هذا فوجئنا بشر البلية فإذا بهم يقولون:- ( ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من  الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له قم اصنع لنا الهه تسير امامنا لان هذا موسى الرجل الذى اصعدنا من ارض مصر لا تعلم ماذا اصابه . فقال لهم هارون انزعوا اقرض الذهب التي في أذان نسائكم وبنيكم وبناتكم واتونى بها فنزع الشعب اقراط الذهب التى فى آذانهم وأتوا  بها إلى هارون فاخذ ذلك من ايديهم وصوره بالأزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً فقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من ارض مصر فلما نظر هارون بنى مذبحاً أمامه ونادى هارون وقال غداً عيد للرب )  يذكر هذا النص أمورا عجيبة منها :-1- أن الشعب جاء إلى هارون عليه السلام لا ليبكون على غياب نبي الله موسى عليه  السلام ولا ليسألوا عن سبب استبطائه عليهم بل ليطلبوا منه أن يصنع لهم آلهة تسير     أمامهم ، يالهم من سفهاء أغبياء بدلوا الثمين بالغث فبعدما كانوا يقولون  " أن الرب         كان يسير أمامهم في عمود سحاب وبالليل فى عمود نار يهديهم الطريق فإذا بهم        يطلبون من هارون أن يصنع لهم عجلا " ولا حول ولا قوة إلا بالله .2- يزعم بنوا إسرائيل أنهم ذهبوا إلى هارون عليه السلام فأمرهم أن ينزعوا أقراط     الذهب التي في آذان النساء والبنين والبنات ثم صنع منها عجلا مسبوكا والعجيب أنهم يذكرون أن هارون عليه السلام بنى لهم مذبحا وأعلن أن غدا عيدا للرب ولا حول ولا قوة  إلا بالله ،  ونحن المسلمين نتبرأ إلى الله مما ذكر فى حق نبى الله هارون لأنه من المستحيل أن  يقدم نبى الله هارون عليه السلام على هذا الأمر لأن الحق جل وعلا قال عن هارون  ( سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ) القصص 35  وقال سبحانه ( ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ) مريم 53  وقال جل وعلا           عنه وعن موسى عليه السلام ( وأتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم ) الصافات 116  وكذلك قال تعالى ( ونصرناهم فكانوا هم الغالبين ) الصافات 147 وحين آمن السحرة قالوا كما قال القرآن الكريم ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) كما أن نبى الله هارون من النبيين الذين قال عنهم الحق سبحانه وتعالى ( وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار ) فهل بعد ذلك يريدون منا أن نصدق ما قالوه فى حق نبى الله هارون  عليه السلام ولذلك  نحن نحمد الله جل وعلا أن حفظ القرآن الكريم بقدرته لنعلم أن صدق الله حين قال( الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) النمل 59  وقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء جميعا ومنهم هارون  عليه السلام بالطبع ( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده ) الأنعام 90  ثم يذكر العهد القديم ان الرب جل وعلا أخبر موسى عليه السلام بما حدث وبما قام به موسى عليه السلام معهم وما أمرهم الله به :-1- فقال الرب لموسى ( إذهب فأنزل لأنه قد فسد شعبك الذى اصعدته من ارض مصر زاغوا سريعا عن الطريق الذى أوصيتهم  به صنعوا لهم عجلا مسبوكا وسجدوا له وذبحوه له )   وصدق الحق جل وعلا حين قال عنهم ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) ثم يذكر العهد القديم : ( رأيت الشعب وإذ هو شعب صلب الرقبة ، فالان اتركني ليحمى غضبى عليهم وأفنيهم)  فهذا الجزاء الذي يستحقونه، إلا أننا نفاجأ بهم يذكرون أن موسى عليه السلام خاطب ربه بطريقة غريبة من أجل هذا الشعب ( تضرع موسى أمام   الرب الهه وقال لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك الذى اخرجته من ارض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة ؟)   2- ويزعمون أن موسى عليه السلام قال لربه جل وعلا ( ارجع عن حمو غضبك واندم    على الشر بشعبك)  هل يجوز ذلك فى حق الأنبياء أن يخاطبوا الرب جل وعلا بهذه   الطريقة : يحث موسى عليه السلام الرب جل وعلا أن يهدأ بل ويندم على ما فكر فيه بخصوص  بنى إسرائيل ولا حول ولا قوة إلا بالله والعجيب أنهم يذكرون أن الرب حاشاه  أفاق  وأنب نفسه وندم على ما كان سيقدم عليه فيقولون (فندم الرب على الشر الذى قال إنه يفعله بشعبه )  من هذا النص نفهم أن الأمر انتهى،  أي نصح موسى الرب أن يرجع عن غضبه ويندم فرجع الرب عن غضبه وندم،  ولكن نرى فى نص آخر أن موسى عليه السلام  قال لهم ( هكذا   قال الرب إله اسرائيل ضعوا  كل واحد سيفه على فخذه ومروا وارجعوا  من باب إلى  باب في المحلة واقتلوا كل واحد آخاه وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه ففعل بنو لاوى بحسب قول موسى ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل )  ويزعمون أن موسى عليه السلام قال لهارون ( ماذا اصنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطيئة عظيمة فقال هارون لايحمى غضب سيدى انت تعرف الشعب انه فى شر فقالوا اصنع لنا الهه تسير امامنا )  ثم شرح هارون لموسى عليه السلام كيف قام بصناعة العجل؟ 3- يزعمون ما هو أغرب مما سبق : فيقولون أن موسى عليه السلام قال للرب (والان          إن غفرت خطيئتهم والا فامحنى من كتابك الذى كتبت )  هل نصدق ذلك عزيزى القارئ ؟ وهل نصدق  أن الرسالة عقد عمل مما جعل موسى عليه السلام يضغط على الرب ويهدده بأن ينسحب من هذه المهمة ومن أجل من ؟ عبدة العجل ؟؟؟؟4- وأكبر دليل على افترائهم على نبي الله هارون عليه السلام وصناعته العجل بأنه          لم يحدث له شئ ولم يقتل نفسه أو يقتله أحد رغم أنه حسب زعمهم كان أولى بالقتل          ( حاشاه) لأنه هو من صنع لهم العجل . أرأيت عزيزي القارئ أن حقا قد صدق الله فيما حاكاه في القرآن الكريم لأنه فى العهد القديم ذكروا أن هارون عليه السلام كان موجود بعد ما قتل ثلاثة ألاف رجل بعضهم قالوا إن هارون وجمع من بنى إسرائيل استقبلوا موسى عليه السلام ومعه الألواح ( فنظر هارون وجميع بنى اسرائيل موسى واذا جلد وجهه يلمع  فخافوا ان يقتربوا منه )  ويذكر العهد القديم ان موسى عليه السلام غضب وتغير وجهه حين علم بفساد قومه وعبادتهم العجل ، وعن الألواح يقول العهد القديم  ( وقال الرب لموسى احضر إلي الجبل وكن هناك فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم)   ( ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه فى جبل سيناء لوحى الشهادة ..لوحي حجر مكتوبين بإصبع الله وهذه هى الشريعة التى وضعها موسى امام بنى اسرائيل . هذه هى الشهادات والفرائض والاحكام التى كلم بها موسى بنى اسرائيل عند خروجهم من مصر)   ( فانصرف موسى ونزل من الجبل ولوحي الشهادة في يده .لوحان مكتوبان على جانبيهما من هنا ومن هنا كانا مكتوبين واللوحان هما صنعة الله والكتابة كتابة الله منقوشة على اللوحين )  ألا انه عليه السلام ألقى الالواح فكسرت حين علم بفساد قومه ( فحمى غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهم في أسفل الجبل )   ثم قال الرب لموسى ( انحت لك  لوحين من حجر مثل الأوليين فاكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأوليين الذين كسرتهما )  هكذا  يتبين لنا  صدق الحق جل وعلا فيما أخبر به عن الألواح وإن دل ذلك فإنما يدل على أنه كانت هناك توراة حقيقية وبها الآيات الحقيقية كما انزلها الحق سبحانه وتعالى إلا أنه   بمرور الوقت عجز ينو إسرائيل في الحفاظ عليها فضاع منها الكثير، ثم بدأت الأحكام والشرائع تتنزل منها : وكلم الرب موسى قائلا ( كلم بنى إسرائيل قائلا : كل شحم ثور أو كبش أو ماعز لا تأكلوه وأما شحم الميتة وشحم المفترسة  فيستعمل لكل عمل لكن أكلا لا تأكلوه )  رأينا كيف صدق الحق جل وعلا حين قال :"وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ "  الانعام 146 2- ويقول العهد القديم أيضا عن الشرائع ، ( وإن حصلت أذية تعطى نفسا بنفس وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل وكيا بكى وجرحا بجرح )  وهنا أيضاً نرى صدق القرآن الكريم حين قال جل وعلا : (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) المائدة 45 3- ( لايقتل الأباء عن الأولاد ولا ولايقتل الأولاد عن الآباء كل انسان بخطيئتة يقتل )  والقرآن الكريم يؤكد ذلك المعنى بمعنى أكثر وضوحا فى قوله جل وعلا ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) 4- ( لايقوم شاهد واحد على إنسان فى ذنب ما أو خطيئه ما من جميع الخطايا التى يخطئ بها على فم شاهدين أو على فم ثلاثة شهود يقوم الأمر )   وفى هذا المعنى يقول القرآن الكريم (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282 .5- ( اسمع يا إسرائيل : الرب الهنا رب واحد . فتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك )   وهذا النص من العهد القديم  يؤكده القرآن الكريم فى قوله جل وعلا ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) بل هذه الآية هي أصل العقيدة والإيمان بها يصبح الإنسان مؤمنا ويدونها يصبح الإنسان كافراً .- ( أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب الهك لكى تطول أيامك ولكى يكون لك خير على الأرض التى يعطيك الرب الهك  )......وهذا النص أيضا من الأسس الأولى التى نادى بها الإسلام فقال تعالى فى القرآن الكريم         ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا * إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) الإسراء 23-24...وقوله تعالى ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ الأحقاف 15-16 .... وكثير من هذه النصوص والشرائع التى يوافقها العقل والمنطق ويوافق عليها القرآن الكريم إلا أن العهد القديم  يذكر الكثير من النصوص والشرائع التى ربما كانت صالحة لزمانهم ولكن حين جاء القرآن  الكريم أكد على ما هو صالح وغير ما افسدوه فجعله صالحا ومنها: 1-وكلم الرب موسى قائلا ( كلم بنى اسرائيل قائلا . إذا حبلت إمرأة وولدت ذكرا تكون نجسه سبعة أيام كما فى أيام طمث علتها تكون نجسه وفى اليوم الثامن يختن لحم غرلته ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما فى دم تطهر كل شئ مقدس لا تمس و إلى المقدس لا تجى حتى تكتمل أيام تطهيرها وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين كما فى طمثها ثم يقيم ستة وستين يوما فى دم تطهيرها )   أرأيت كيف ينظرون إلى المرأة ففى أيام طمثها عدوها نجسة لاتمس شيئا والعجيب أنهم احتقروا المرأة حتى وهى طفلة فيقولون إذا ولدت أنثى تزيد فترة نجاستها من ثلاثة وثلاثين  يوما إلى ستة  وستين يوما بسبب الأنثى التى ولدتها ثم هم الآن يزعمون أن الإسلام هو الذى أهان المرأة ولاحول ولاقوة إلا بالله .2- والأعجب من ذلك فيذكرون نصا غريبا كشريعة لهم حتى تطهر من طمثها ( ومتى كملت أيام تطهرها لآجل ابن أو ابنة تأتى بخروف حولي محرقة .فرخ حمامة أو يمامة ذبيحة إلى باب خيمة الإجتماع إلى الكاهن .فيقدمها أمام الرب ويكفر عنها فتطهر من ينبوع دمها هذه شريعة التى تلد  ذكر أو أنثى  ) .... كأنهم يعتبرون المرأة بلغت من النجاسة قدرا يحتاج إلى تكفير .  ثم لماذا فتذهب إلى الكاهن فما علاقة الكاهن بالطهارة ...؟!3- يذكر العهد القديم  نصا في منتهى الغرابة والعجيب أنهم يعتبرونه نصا مقدسا لأنهم يزعمون أن هذا النص ذكر فى الوصايا العشر وهو ( وجمع موسى كل جماعة بنى اسرائيل وقال لهم هذه الكلمات التى أمر الرب أن تصنع : ستة أيام يعمل عمل وأما اليوم السابع ففيه يكون لكم سبت عطلة مقدس للرب كل من يعمل فيه عملا يقتل لاتشعلوا نارا فى جميع مساكنكم يوم السبت  ) في هذا النص يزعمون أن الرب جل وعلا أنما أمرهم بتقديس يوم السبت لأنه اليوم الذى استراح فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله فيقولون "  فأكملت السماوات والأرض وكل جندها وفرع الله فى اليوم السابع من عمله الذى عمل فاستراح فى اليوم السابع من جميع عمله الذى عمل وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذى عمله الله خالقا . .. ويوضحون ذلك فى أكثر من موضوع فيقولون ( لأنه فى ستة أيام صنع الله السماء والأرض والبحر وكل مافيها واستراح فى اليوم السابع لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه )  لا حول ولا قوة إلا بالله وهل الله جل وعلا فى حاجة للراحة بعد العناء والخلق سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ولكنها عقول ونفوس بنى إسرائيل المريضة .والحمد لله الذي حفظ القرآن الكريم وقال فيه جل وعلا  (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بينتهما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)ق 38  فإن ما يقولونه فى العهد القديم  عن يوم السبت لايقبله عقل ولامنطق والعجيب أنهم لو أرادوا الراحة وجعلوه من عند أنفسهم لألتمسنا لهم العذر ولكن أن يجعلوه نصا وشريعة هذا لا يجوز بأى حال من الأحوال وعلى سبيل المثال عندنا يوم الجمعة يوم مبارك كريم قال عنه الحق سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)  إذن المسلمون في عمل وبيع وشراء إلى وقت الصلاة ولما ينه الحق جل وعلا عن العمل فى هذا اليوم ولكن أمرهم بالسعى إلى ذكر الله وإقامة الصلاة فى المساجد ثم  أمرهم بعد الصلاة أن ينتشروا في الأرض ويعملو فيها فيقول (جل وعلا (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَالجمعه 104- يذكر بنى إسرائيل شيئاُ عجيبا آخر فيقولون ( هذه هى الشريعة إذا مات إنسان فى خيمة فكل من دخل الخيمة و كل من في الخيمة   يكون نجسا سبعة أيام وكل إناء مفتوح ليس عليه سداد يغطي به فإنه نجس .)  أرأيت أنهم لم يحتقرون المرأة فحسب بل إن الإنسان إذا مات أصبح مهانا ونجسا وكل      من مسه أو دخل المكان الذي مات فيه ينجس سبعة أيام ولا حول ولا قوة إلا بالله أين      هذا الكلام الغريب الغث من قول الحق جل وعلا في القرآن الكريم " ولقد كرمنا بنى      آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " فلله الحمد الذي منّ علينا بكرمه وأنزل علينا خير رسله ونحمده أن حفظ القرآن الكريم بعظمته ليصحح فيه ما أفسده السابقون. وكثير من هذه الشرائع الباطلة الفاسدة التي   لا يتسع المجال لذكرها الآن ولكن سنذكرها في حينها إن شاء الله .ولكن نؤمن بأن الشرائع حين نزلت على سيدنا موسى كانت شرائع سليمة يقبلها العقل والمنطق لأنها من عند الله العزيز الحميد ولكن يبدو أن ما ذكر في العهد القديم  من شرائع باطلة هو من عند أبناء القردة والخنازير بدليل أننا رأينا نصوصا وشرائع لا يقبلها العقل والمنطق .: فقالوا "وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بنى لاوى حامل تابوت عهد الرب وأمرهم موسى قائلاً فى نهاية السبع سنين تقرأ هذه التوراة أمام كل إسرائيل في مسامعهم"   إلا أن الرب جل وعلا أخبر موسى عليه السلام بما سيحدث من بنى إسرائيل من تمرد يجلب عليهم غضب الرب وانتقامه ( ها أنت ترقد مع آبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء   آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها فى ما بينهم ويتركني وينكث عهدي الذي قطعته معه فيشتعل غضبى عليه في ذلك اليوم واتركه واحجب وجهي  عنه فيكون مأكله وتصيبه شرور كثيرة وشدائد حتى يقول في ذلك اليوم إما  لأن الهي ليس في وسطي اصابتنى هذه الشرور )   ولذا حذر موسى عليه السلام قومه قائلاً ( لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبه هو ذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحرى بعد موتى )   وجمع شيوخ الأسباط من بنى إسرائيل لكي يشهدهم على ما قد يحدث منهم فقال( لأني عارف أنكم بعد موتى تفسدون وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم به ويصيبكم الشر فى آخر الأيام لأنكم تعملون الشر إمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم )   وأوصاهم سيدنا موسى عليه السلام أن يعملوا بالتوراة فقال ( وجهوا قلوبكم الى جميع الكلمات  التي أنا أشهد عليكم بها اليوم لكي توصوا بها أولادكم ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة لأنها ليست أمرا باطلا عليكم بل هي حياتكم)  ثم تذكر التوراة بعد ذلك أن موسى عليه السلام صعد إلى الجبل ومات هناك ودفن وأكد   بنوا إسرائيل أنه لم يقم فيهم نبي مثله ( وصعد موسى من عربات مؤاب إلى الجبل الذي      قبالة اريحا . فمات هناك موسى عبد الرب في ارض مؤاب حسب قول الرب ودفن في  الجواء في ارض مؤاب.. ولم يقم بعد في بنى إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب   وجهاً لوجه )   وكان عمر سيدنا موسى حينئذ مائه وعشرون عاماً وكان هذا في عام 1406ق.م




                                   الباب الرابع بنوا إسرائيل من بعد موسى عليه السلام إلى نبى الله عيسى عليه السلام أولا : بنوا إسرائيل من بعد موسى عليه السلاملقد تبدل الحال ببني إسرائيل بعد رحيل موسى عليه السلام ، فبعدما كانوا أعزة بنبيهم  موسى عليه السلام وأفضل عالمي زمانهم وكان وجود نبي الله موسى عليه السلام بين ظهرانيهم رحمةً ووقاية لهم من الدمار رغم ما فعلوه وما قاموا به من عصيان وتمرد . فمن ينقذهم من بأس الله إن ضلوا عن سواء السبيل فلم يتمسكوا بالتوراة بل وارتكب  الكهنة من الموبقات ما لم يخطر لأحد على بال مما تسبب في ضياع التوراة أكثر من مرة   فقالوا ( وفعل ينو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم وتركوا الرب اله آبائهم الذي أخرجهم من ارض مصر وساروا وراء آلهة أخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرب فحمى غضب الرب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بأيدي عدوهم حولهم ولم يقدروا بعد على الوقوف إمام أعدائهم )   ومن ثم ضاعت التوراة التي في التابوت مع ضياعهم وهزيمتهم فقالوا ( فحارب الفلسطينيون وانكسر إسرائيل وكانت الضربة عظيمة جداً وسقط من إسرائيل ثلاثون ألف رجل واخذ تابوت الله )   فيا ترى ماذا فعل الأعداء بالتابوت فهل أبقوا عليه بما فيه أم ماذا ؟  وأراد الحق جل وعلا  أن  يأخذ بيد بنى إسرائيل فأرسل إليهم نبيه داوود عليه السلام ( وجاء جميع أسباط بنى إسرائيل إلى داوود وتكلموا قائلين هو ذا عظمك ولحمك نحن ومنذ أمس وما قبله حين كان شاؤل ملكاً عليه قد كنت تخرج وتدخل إسرائيل وقد قال لك الرب أنت ترعى شعب إسرائيل وأنت تكون رئيساً على إسرائيل)  ومن ثم أصبح داوود عليه السلام ملكاً على إسرائيل ونبيا كريما وعاشت إسرائيل في عهده أزهى عصورها فأسس مملكته عام 1095ق.م  وأول ما قام به هو فتح أورشليم ( وعلم داوود    أن الرب قد أثبته ملكاً على إسرائيل وانه قد رفع ملكه من اجل شعبه إسرائيل )   ثم قالوا ( فقال الرب لداود اصعد لأني دفعاً ادفع الفلسطينيين ليدك )   ثانيا : داود عليه السلام والتابوتوعن التابوت قالوا إن داوود عليه السلام بعد ما فتح أورشليم ( وقام داوود وذهب هو وجميع الشعب الذين معه ليصعدوا من هناك تابوت الله الذي يدعى عليه بالاسم اسم رب الجنود الجالس على الكرويم فاركب تابوت الله على عجلة جديدة )    إلا أنهم يذكرون شيئاً عجيباً إلا وهو أن الرب غضب على أحد بنى إسرائيل حين مد يده ليلمس التابوت فمات فيقولون ( مد عزة يدة إلى تابوت الله وامسكه لأن الثيران انشمطت فحمى غضب الرب على عزة وضربه الله هناك فمات هناك لدى تابوت الله )    فإن كان الأمر كذلك فلما لم يقتل الرب الفلسطينيون حين اخذوا التابوت ؟والأعجب من ذلك أنهم يذكرون أن داوود عليه السلام رفض أن يدخل التابوت مدينته فجربه في أحد البيوت أولا  ( فإغتاظ داوود لأن الرب أقحم عزة إقحاماً.......وخاف داوود من الرب في ذلك اليوم وقال كيف يأتي إلى تابوت الرب ولم يشأ داوود أن ينقل تابوت الرب إليه إلى مدينة داوود فأمر به داوود إلى بيت عوبيد أدوم الحثى )   ثم يقولون حين علم داوود بأن عبيد لم يصبه شيئاً اخرج التابوت ليدخله المدينة ومن شدة فرحة رقص أمامه مما جعل إحدى النساء هاجمته ( فأخبر الملك داوود وقيل له قد بارك الرب بيت عوبيد أدوم وكل ما له بسبب تابوت الله فذهب داوود واصعد تابوت الله من بيت عوبيد أدوم إلى مدينة داوود بفرح .وكان داوود يرقص بكل قوته إمام الرب .أشرفت ميكال بنت شاؤل من الكوة ورأت الملك داوود يرقص إمام الرب فاحتقرته في قلبها )     فيقولون ( فخرجت ميكال  لاستقبال داوود وقالت ما كان أكرم ملك إسرائيل اليوم حيث تكشف اليوم في أعين إماء عبيده كما يتكشف احد السفهاء )    ويزعم ينوا إسرائيل أن الرب جل وعلا طلب مطلباً غريباً وهو ( حاشاه  ) لم يسترح منذ اصعد بنى إسرائيل من مصر فكان يسير أمامهم إما في سحاب وإما في عمود نار وأخيرا في خيمة فطلب أن يبنى له بيت ليستقر فيه .فقالوا ( وفى تلك الليلة كان كلام الرب إلى    ناثان قائلاً اذهب وقل لعبدي داوود "أأنت تبنى لي بيتاً لسكناي لأني لم اسكن في بيت منذ يوم أصعدت بنى إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم بل كنت اسبر في خيمة وفى مسكن ....ولكن رحمتي لا تنذع منه كما نزعتها من شاؤل الذي أنزلته من أمامك وبأمن بيتك ومملكتك الى الأبد أمامك)    إلا أن كتبة الأسفار زعموا أن داوود عليه السلام اشترط على الرب أولا ( والآن أيها الرب الإله أقم إلى الأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته وأفعل كما نطقت وليعظم اسمك إلى الأبد )    ولم يكتفوا بذلك بل ذكروا أن داوود عليه السلام ( كان في وقت المساء قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح إمرأه تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً فأرسل إليها فأخبروه أنها بثشبع بنت اليعام امرأة اوريا الحثى)    ثم جئ بها إليه فذكروا أنه ضاجعها ( فأرسلت وأخبرت داوود وقالت انى حبلى ) فأصبح داوود ( حاشاه ) في ورطة مما جعله يستدعى زوجها ( وقال داوود لأوريا انزل إلى بيتك واغسل رجليك فاخبر داوود قائلا انه لم ينذل إلى بيته فقال له داوود أما جئت من السفر فلما لم تنزل الى بيتك فقال اوريا لداوود ان التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون فى الخيام  وسيدي بوأب وعبيد سيدى نازلون على وجة الصحراء وانا اتى الى بيتى لأكل واشرب واضطجع مع مراتى وحياتك وحياة نفسك لأفعل هذا الأمر وفى الصباح كتب داوود مكتوباً الى بؤاب وار سلة إلى بيد اوريا وكتب فى المكتوب يقول اجعلوا اوريا في وجة الحرب الشديدة وارجعوا من ورائة فيضرب ويموت ......فسقط بعض الشعب من عبيد داوود ومات اوريا الحثى أيضا )  نحن نبرأ إلى الله مما ذكره بنو إسرائيل في حق الأنبياء ولكن نذكر ما ذكروه في كتبهم      لنعلم ( فأي الفريقين أحق بالأمن ) ونعود إلى التابوت فذكروا أن ابشالوم قام بمؤامرة على داوود عليه السلام مما دفعة للهروب ( فقال داوود لجميع عبيدة الذين معه فى أورشليم قوموا بنا نهرب لأنه ليس لنا نجاة من وجة ابشالوم ) فهربوا جميعاً ومعهم الكهنة المكلفون بحماية التابوت . ( وإذ بصادوق أيضاً وجميع اللاوين معه يحملون تابوت عهد الله فوضعوا تابوت عهد الله .... فقال الملك ارجعوا تابوت الله الى المدينة .. فأرجع صادوق وايماثار  تابوت الله الى اورشليم )   فلما لم يضعوا التابوت فى وجه العدو ليهلكوه كما ذكروا من قبل ؟  أم أنهم لم يتمسكوا بما فيه من توراة أو أن التوراة ليست فية فضاعت بركتة ؟؟ ثم يذكر العهد القديم أن داوود عليه السلام لحظة إنتقاله إلى جوار ربة نادى ابنه سليمان  قائلا له ( أنا ذاهب في طريق الأرض كلها فتشدد وكن رجلا احفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طريقة وتحفظ فرائضة ووصاياة واحكامة وشهاداتة كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت)   .ثالثا :  التابوت ونبي الله سليمان عليه السلاميذكر العهد القديم أن نبي الله سليمان أصبح ملكاً ونبيا كريما  بعد أبيه في عام 1055ق.م وبعد الوصية السابقة كان ينبغي أن يذكروا أن نبي الله سليمان سار على نهج أبيه وهذا ما ذكره القرآن الكريم حين قال جل وعلا (  وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ) النمل15 .  ولقد كان نبى الله سليمان عليه السلام من الأنبياء العظماء حتى قال عنه الحق سبحانة ( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ )ص30  .إلا أن بنى إسرائيل صوروا سيدنا سليمان بصور لا يقبلها عقل ولا منطق فقسموا حياته جزأين في بدايتها ذكروا تمسكه    بالعهد والشريعة وفى أخرها ضل عن سواء السبيل  (حاشاة )  قالوا ( وأحب سليمان الرب سائراً في فرائض داوود أبيه ) ثم يذكرون ان سليمان عليه السلام طلب من ربه جل وعلا أن يعطيه الحكمة قائلاً ( فأعطى عبدك قلباً فهيماً لأحكم على شعبك وأميز بين الخير والشر لأنه من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا )   وذكروا أن الرب جل وعلا استجاب لطلبه فقالوا ( فحسن الكلام في عيني الرب لأن سليمان سأل هذا الأمر .... هو ذا قد فعلت حسب كلامك هو ذا قد أعطيتك قلبا حكيما مميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقم بعدك نظيرك وقد أعطيتك أيضاً ما لم تسأله غنا وكرامه حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل أيامك )  إلا أن القرآن الكريم في هذا الخصوص بين أن سليمان عليه السلام هو الذي  (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) ص 35.  وقد كان ، فأعطاه  الله ملكاً لن يملكه أحد من العالمين إلى يوم القيامة لا في زمانه فحسب كما يزعمون .أما عن التابوت فذكروا أن سليمان عليه السلام أراد أن يبنى بيتاً للرب لان أباه لم ينفذ  وصية الرب فقال ( أنت تعلم داوود أبى انه لم يستطع أن يبنى بيتا بإسم الرب الهه بسبب الحروب التى احاطت به .....وها انا ذا قابل على بناء بيت لاسم الرب الهى ....فبنى سليمان البيت واكمله وهيا محراب فى وسط البيت من الداخل ليضع هناك تابوت عهد الرب )   ويذكرون أن سليمان عليه السلام ( جمع شيوخ اسرائيل وكل رؤوس الاسباط رؤساء الاباء من بنى اسرائيل فى اورشليم لإصعاد تابوت عهد الرب من مدينة داوود ....وحمل الكهنة التابوت واصعدوا تابوت الرب وخيمة الاجتماع ...وادخل الكهنة تابوت عهد الرب الى مكانة فى محراب البيت فى قدس الاقداس )  *ولكن ياترى ماذا بداخل التابوت الذى انتقل عشرات المرات من الفلسطينيين إلى داوود عليه السلام ثم من اورشليم إلى سليمان عليه السلام إلى قدس الأقداس ؟؟؟أذكرك عزيزى القارئ بأنهم قالوا ( وكتب موسى هذه التوراة وسلمها للكهنة بنى لاوى حاملى تابوت عهد الرب )   أما الآن ومع سليمان عليه السلام فأصر الكهنة والحاضرون على فتح التابوت لمعرفة ما بداخلة فقالوا ( لم يكن فى التابوت الا لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك )                                                فأين التوراة إذن ؟؟يذكرون أن الرب جل وعلا تجلى لسليمان عليه السلام وأوصاه بوصايا حكيمة إلا أنهم بعد هذه التجليات خاضوا فى عرض سليمان وذكروا أنه لم يلتزم بما أوصاه به الرب ( ان الرب ترأى لسليمان ثانية كما ترأى له ....وقال له الرب وانت ان سلكت امامى كما سلك داوود ابوك بسلامة قلب واستقامة وعملت حسب كل ما اوصيتك وحفظت فرائضى واحكامى اقيم كرسى ملكك على اسرائيل الى الابد ....ان كنتم تقلبون انتم وابنائكم من ورائى ولا تحفظون وصاياي وفرائضى التى جعلتها امامكم بل تسجدون وتعبدون الهة اخرى وتسجدون لها فإنى اقطع اسرائيل عن وجه الارض )    ألا ينبغى بعد هذا التحذير الشديد أن يتمسك سليمان عليه السلام وشعبه بأوامر الرب   جل وعلا ؟؟ نحن المسلمين نؤمن بأن نبى الله سليمان عليه السلام تمسك بكل ما أمره به الله عز وجل      الا أنهم قالوا ( واحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موأبيات وعمونيات وصيدونيات وادوميات وحيثيات من الامم الذين قال عنهم الرب لبنى اسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون اليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم ...فأمالت نساؤه قلبة وكان فى زمان شيخوخة سليمان ان نساؤه أملن قلبة وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبة كاملاً مع الرب الهه كقلب داوود ابيه ...وعمل سليمان الشر  فى عينى الرب ولم يتبع الرب تماماً كداوود ابيه )   فزعموا " قاتلهم الله " أن الله سبحانه وتعالى غضب على سليمان عليه السلام  (فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب اله اسرائيل الذى ترأى له مرتين )   ثم زعموا أن هذا الغضب جلب على سليمان  عليه السلام أن مزقت مملكته بعده ولم يكن لها بقاء. ( فقال الرب لسليمان من اجل ان ذلك عندك ولم تحفظ عهدى وفرائضى التى اوصيتك بها فإنى امزق المملكة عنك تمزيقاً )   فهولاء هم بنو اسرائيل كالجار السوء إن وجد حسنة أخفاها وإن وجد سيئة أفشاها  ؛ وهم كما يقول القائل  " ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى " فهل يعقل أن نبى الله سليمان  عليه السلام هو الذى جلب عليهم الشر والهلاك ؟؟ أم أنهم هم المفسدون وجلبوا على أنفسهم ما يستحقون ..فهم يذكرونى بقول القائل :        ( جنت على نفسها براكش ) فهم بهذا أسأوا لأنبيائهم ولم يحفظوا عهد الله جل وعلا  وبائوا بخسران مبين ؛  أما الأنبياء فقد أنزل الحق جل وعلا القرآن الكريم وصحح فية  ما  افسده بنوا  إسرائيل وطهر الأنبياء مما يقوله ابناء القردة والخنازير وصدق الحق حين قال ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) النمل 59رابعا : بنو اسرائيل بعد سليمان عليه السلام  وبعد سليمان عليه السلام  تولى ابنه رحبعام وانقسمت المملكة فى عهده إلى قسمين :-مملكة اسرائيل فى الشمال وعاصمتها السامرة مملكة يهوذا فى الجنوب وعاصمتها اورشليم وبم أن بنى إسرائيل لم يحفظوا عهد الرب ولا وصاياه فنحاهم الرب عن وجه الأرض  ( وكان أن بنى إسرائيل اخطاوا الى الرب الههم ....وعمل بنو اسرائيل سراً ضد الرب الههم امور ليست بمستقيمة .....وعملوا اموراً قبيحة لإغاظة الرب وعبدوا الاصنام التى قال الرب لهم عنها لا تعملوا هذا الأمر ...واشهد الرب على اسرائيل وعلى يهوذا عن يدى جميع الأنبياء وكل راء قائلا ارجعوا عن طرقكم الرزيلة واحفظوا وصاياي وفرائضى حسب كل الشريعة التى اوصيت بها ابائكم والتى ارسلتها اليكم عن يدى عبيدى الانبياء فلم يسمعوا بل صلبوا اقفيتهم كأقفية ابائهم الذين لم يؤمنوا بالرب الههم ورفضوا فرائضه وعهدة الذى قطعة مع ابائهم )    وهذا العناد والطغيان له ما بعده ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) فقالوا ( حتى نحى الرب إسرائيل من أمامهم ، فسبى إسرائيل من أرضه إلى آشور ... واتى ملك آشور بقوه من بابل فامتلكوا السامرة وسكنوا فى مدنها)   فأين الأحبار والكهنة بل وأين التوراة التى اخذ الحق جل وعلا وموسى عليه السلام العهد عليهم ان يعملوا بها ؟؟ وصدق الحق حين قال(لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ  )  المائدة 63 ومن الأنبياء الذين ظهروا في هذه الفترة وبذلوا جهودا للأخذ بأيدي بني إسرائيل من مستنقع الرذيلة والمعصية هو نبي الله اشعياء الذي حاول أن يخرج قومه من الظلمات إلي النور ولكن بني إسرائيل فضلوا الظلمات على النور حتي وصفهم بأنهم أجهل من الدواب فقال "الثور يعرف قانية والحمار معلف صاحبه إما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم ويل للامه الخاطئه الشعب الثقيل الآثم نسل  فاعلي الشر أولاد مفسدين تركوا الرب.) وفي هذا يقول صاحب قصة الحضارة :- (أصبح اليهود كغيرهم من الشعوب فقد كانوا يخافون شياطين الهواء ويعبدون الصخور والماشية والضان ولم يتخلوا قط عن عبادة العجل وكان اليهود يعبدون الأفعى النحاسية إلي أيام حزقيا ) وفي هذا يذكر العهد القديم  (عمل المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل داود أبوه هو أزال المرتفعات وكسر التماثيل وقطع السواري وسحق حية النحاس التي عملها موسي لأن بني إسرائيل كانوا إلي تلك الأيام يوقدون لها وكانوا يعظمون بعل الذي يرمز إليه حجارة مخروطية لأنه كان كثير الشبه بالنجا إله الهندوس).مما استوجب عليهم الضياع إلي الأبد (  وصعد سلمنا سر ملك أشور على السامرة وحاصرها وأخذوها في نهاية ثلاث سنين...أخذت السامرة وسبي ملك أشور إسرائيل إلي أشور..لأنهم لم يسمعوا لصوت الرب إلههم بل تجاوزوا عهده وكل ما أمر به موسي عبد الرب فلم يسمعوا ولم يعملوا )   فأين كانت التوراة ؟ وبعد ما ضيعوا الأمانة ولم يحفظوا فرائض الرب جل وعلا . سلط الحق سبحانه وتعالي عليهم أعداءهم .أما مملكة يهوذا فتعرضت إلي غزوات عديدة :- 1- تحداها الأشوريون عام 677ق.م وتغلبوا عليها وأسروا ملكها منسي  فقالوا  ( أضلهم منسي ليعملوا ما هو أقبح من الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل )   وتكلم الرب عن يد عبيده الأنبياء إنه من اجل منسي  ملك اليهود قد عمل هذه الأرجاس  .... قال الرب اله إسرائيل هاأنذا جالب شرا علي أورشليم  ويهوذا  حتى أته كل من يسمع به أذناه     فقتل منسي و خلقه ابنه ولم يكن أحسن حظا من والده فقد فعل ماهو أقبح منه  حني قتل  وتولي ابنه يوشيا .                             خامسا: يوشيا والتابوت وظل الأمر كذلك من تخلف بنى إسرائيل وعبادتهم للأصنام حتى ملكهم يوشيا وفى بداية عهده لاحظ الكهنة انه إذا ظل بنى إسرائيل في هذا الضلال وكل على شاكلته يعبد ما يراه فقد يذهب هذا الشعب في اختلاطه الشعوب الأخرى في المأكل والمشرب والزواج وهذا الإندماج قد يؤدى بهم إلى النهاية ومن ثم رأوا أنه لا مخرج من هذا إلا تجميع بنى إسرائيل والتجديد عليهم فلم يروا إلا الدين ليدخلوا من خلاله .( فلقد كان الدين عند اليهود مصدر شريعتهم ودولتهم وآمالهم وكانوا يظنون أنهم إذا رضو أن يذوب هذا الدين في غيرهم من الشعوب كان هذا بمثابة انتحار لقوميتهم ومن ثم نشأت تلك البغضاء بين اليهود وغير اليهود التي جعلت تلك الأمة الصغيرة تقضي حياتها كلها في نزاع عنصري واضطراب سياسي وحروب متصلة) ( وكان الدين قائماً من خلال الكهنة وما قاموا به من شرح وتفسير مختلف القوانين اليهودية المنقولة بطريق السماع ويضيفون إليها قصصاً وعظات من عند أنفسهم وبقيت هذه التفاسير يتناقلها العلماء الحفاظ المحترفون جيلاً بعد جيل فكانوا  هم النصوص الحية لشريعة موسي عليه السلام)  فبعد الشرور التي حلت ببني إسرائيل وضياع السامرة ثم الشرور التي حلت بأورشليم شعر الكهنة أن الشريعة أصبحت هي الرابطة القوية التي لا غني عنها لتؤلف بين اليهود المشتتين الذين لا تؤلف بهم دولة حينئذ .واخذ الكهنة يتساءلون ألم يأن لهم أن يقفوا وقفة واحدة قوية يمنعون بها تدهور العقيدة القومية . ثم رأي الكهنة أن الأنبياء يعزون إلي يهوه ما يدور في صدورهم من عواطف يؤمنون بها ويعتقدونها فاعتزموا أن يبلغوا الناس رسالة من الله نفسه في صورة سنن إلهية تبعث على النشاط والقوة في حياة الأمة الخلقية ويضمنون بها معونة الأنبياء وذلك بما تضمنه من أراهم القليلة التطرف.وسرعان ما ضموا إلي جانبهم الملك يوشيا فلما كانت السنة الثامنة عشر من حكمه أبلغ الكاهن حلقيا الملك أنه وجد في سجلات الهيكل ملفاً عجيباً قضي فيه موسي بنفسه جميع المشكلات التاريخية والخلقية التي كانت مثار الجدل العنيف بين الأنبياء والكهنة ( فقال حلقيا الكاهن العظيم لشافان الكاتب :- قد وجدت سفر الشريعة في بيت الرب وسلم حلقيا السفر لشافان فقرأه) .... فلما سمع الملك كلام سفر الشريعة مزق ثيابه ......وأمرهم أن يذهبوا إلي (خلدة النبيه) ليسألوها عن مدي صحة هذه الشريعة فذهب حلقيا الكاهن واصفان وعكور وشافان وعسابا إلي خلدة النبيه)   فطمأنت الرسل والملك بأن هذا السفر حقيقي ومن ثم ( صعد الملك إلي بيت الرب وجميع رجال يهوذا وكل سكان أورشليم معه والكهنة والأنبياء وكل الشعب من الصغير إلي الكبير وقرأ في آذانهم كل كلام سفر الشريعة الذي وجد في بيت الرب وقطع عهداً أمام الرب للذهاب وراء الرب ويحفظ وصاباه وشهاداته وفرائضة بكل القلب وكل النفس لإقامة كلام هذا العهد المكتوب في هذا السفر )   ولذلك اثنوا على يوشيا فقالوا"ولم يكن قبله ملك مثله قد رجع إلي الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته حسب كل شيء بعد موسي وبعده لم يقم مثله"   فهذا الثناء على يوشيا يجعلنا نشعر بريبه فهل يوشيا أفضل من سليمان عليه السلام وأبيه داوود عليه السلام.أما لأنه نفذ ما خططه الكهنة وما أرادوه ومن ثم اثنوا عليه كل هذا الثناء ودليل ذلك أن   بنى إسرائيل ومعهم يوشيا لم يلتزموا بسفر الشريعة الذي زعموا أنهم عثروا عليه لأنهم     أعلم الناس بحقيقته لأن العهد القديم ذكر بعد ذلك ( أن الرب لم يرجع عن حمو غضبه ودمر أورشليم واحتلت وقتل يوشيا "ولكن الرب لم يرجع عن حمو غضبه فقال الرب إنه نزع يهوذا أيضاً من أمامي كما نزعت إسرائيل )   فسلط الرب عليها (نخاو) فرعون مصر وغلب جيش يهوذا وقتل الملك يوشيا عام 610ق.مأتدري عزيزي القاري المدة التي بين موسي عليه السلام وشريعته التي عهد بها إلي بني لاوي وبين الشريعة التي عُثر عليها في عهد يوشيا هي من 1406ق.م إلي 610 ق.م اى ما يقرب من ثمانمائة عام وقد رأيت عزيزي القاري ما حدث لبني إسرائيل طوال هذه الفترة من اضطراب وتشريد وقتل واحتلال ..الخ ثم يزعمون إنها هي نفس شريعة موسي عليه السلام .وكانت الأسفار التي تليت على الشعب بأمر يوشيا هي التي صيغت منها القوانين الموسوية التي قامت عليها الحياة اليهودية كلها فيما بعد وعنها يقول رينان "قد صارت تلك  الشريعة أحسن رداء شد على جسم الحياة الإنسانية فقد جعلت الطعام والشراب والدواء والشئون الصحية الفردية والشئون الصحية العامة وشئون الحيض والولادة والانحراف الجنسي كل هذه جعلها من الفروض والهداية ألإلهيه" 

  سادسا:- عزرا الكاهن وسفر الشريعة  بعد ما سبق من معاناة وتشريد لبنى إسرائيل  أراد الحق جل وعلا أن يمنحهم فرصة جديدة لعلهم يفيقون من غيهم تذكرنا بقول الحق جل وعلا على لسان نبيه موسي عليه السلام لبني إسرائيل (عسي ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفنكم في الأرض فينظر كيف تعملون)الأعراف 129 ومن هنا فتح الله جل وعلا لهم باباً جديداُ لعلهم يرجعون إلي الصواب ومن باب(عفا الله عما سلف) ومع أن الله جل وعلا حذرهم قائلاً (ومن عاد فينتقم الله منه)إلا إنهم أبوا إلا أن يعملوا الشر والفساد فماذا حدث؟في عام 536 ق.م منَ الحق جل وعلا على بني إسرائيل فأعادهم إلي أورشليم على يد كورش الفارسي وفي هذا يقول العهد القديم  ( وهكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك الأرض دفعها إلي الرب إله السماء وهو  أوصاني أن ابني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا من منكم من كل شعبه ليكن إلهه معه ويصعد إلي أورشليم التي في يهوذا )    ثم يذكرون  أنه "اجتمع الشعب كرجل واحد إلي أورشليم " ومن هؤلاء الكاهن عزرا الذي ذكر العهد القديم إن نسبه يرجع إلي سيدنا هارون عليه السلام ( عزرا بن سرايا بن عزرا بن حلقيا.....بن فنحاص  بن اليعازرا بن هارون الكاهن الرأس )   ويذكر العهد القديم  أن عزرا كان ماهراً في كتابة الشريعة أيام السبي في بابل .ونفهم من هذا انه لم يحافظ على سفر الشريعة التي تركها موسي عليه السلام فقالوا (عزرا    هذا صعد من بابل وهو كاتب ماهر في شريعة موسي التي أعطاها الرب إله إسرائيل . وفي أول الشهر الخامس جاء إلي أورشليم حسب يد الله الصالحة عليه لأن عزرا هيأ قلبه لطلب شريعة الرب والعمل بها )   إذن هو كتب وأضاف للشريعة ولم يبقى عليها كما هي. المهم أصدر الملك مرسوماً إلي عزرا الكاهن وأكد فيه أن عزرا كاتب للشريعة ولم يقل المحافظ على الشريعة كما هي (من ارنخشثننا ملك الملوك إلي عزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء الكامل إلي آخرة أما أنت يا عزرا فحسب حكمه إلهك التي بيدك ضع حكاماً وقضاة  يقضون لجميع الشعب الذي في عبر النهر من جميع من يعرف شرائع إلهك والذين لا يعرفون فعلموهم وكل من لا يعمل شريعة إلهك وشريع الملك فليقضي عليه عاجلاً أما بالموت أو بالنفي أو بغرامة المال أو بالحبس )  أما عن الشريعة فيذكرون أن عزرا أتي بسفر الشريعة وما أشبه الليلة بالبارحة فبالأمس البعيد قام يوشيا عندما زعم الكاهن حلقيا أنه عثر على سفر الشريعة في الهيكل واليوم يزعم عزرا أن معه سفر الشريعة ؟؟ كيف أتى بها ولم يذكر العهد القديم  نبأ عن هذا السفر من أيام يوشيا  من عام 622ق.م  وحتى444 ق.م وهذه المدة تعرضوا فيها للدمار فمع من كان هذا السفر وقد حدث هذا  بعد موسي عليه السلام بحوالي تسعمائة وستون عاماً تقريباً فقد قام نبوخذ نصر باحتلالها في عام 606 ق.م  ( وفي ذلك الزمان صعد عبيد نبوخذ نصر  ملك بابل إلي أورشليم فدخلت المدينة تحت الحصار فقاومت المدينة فتغلب عليها حتى دفعت له الجزية  )  فأعاد الكرة عليها عام 599 ق.م.فسبى من شعبها عشرة آلاف أسير من أشهر أغنيائها وأشرافها وكنوز الهيكل ( وسبى كل أورشليم وكل الرؤسا وجميع جبابرة البأس 10 آلاف مسبى وجميع الصناع والأعيان لم يبقى أحدا إلا مساكين الأرض . وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت الكهنة ولم ينجي أحد من النار وجميع أسوار أورشليم قد تم تدميرها )   في عام 588ق.م إذن فأين التوراة وأين سفر الشريعة في ظل هذا التدمير الذي لم يبقى شيئاً ؟  أم أن عزرا كتبه وزعم  أنه سفر الشريعة والعجيب أنهم يذكرون (  اجتمع كل الشعب كرجل واحد إلي الساحة التي أمام باب الماء وقالوا لعزرا الكاتب أن يأتي بسفر شريعة موسي التي أمر بها الرب إسرائيل فأتى عزرا الكاهن بالشريعة أمام الجماعة من الرجال والنساء وكل فاهم ما سمع  وقرأ فيها أمام الساحة التي أمام باب الماء من الصباح إلي نصف النهار   وظننا أن الأمر إلي هذا الحد أي إنها قُرأت في نصف يوم فكان هذا طبيعي لأن السفر في    أيام يوشيا قُرئ مرتين كاملتين في يوم واحد ولكن سفر الشريعة  الذي أتي به عزرا قالوا إنه قرأ فيها من الصباح إلي نصف النهار ولم يقولوا قرأها من الصباح إلي نصف النهار وإذا بها أكبر من ذلك بكثير بدليل أنهم أكدوا على ذلك فيما بعد فيقول العهد القديم "وكان يقرأ في سفر شريعة الله يوماً بيوم فيقرأ من اليوم الأول إلي اليوم الآخر وعملوا عيداًً سبعة أيام"     أذكرك عزيزي القارئ أنهم قالو من قبل  أن يشوع بن نون كتب التوراة علي حجاره (وكتب هناك علي الحجارة نسخة توراة موسي التي كتبها أمام إسرائيل )  فهل ما كتب علي حجارة  يقرا في سبعة أيام ؟وحين فرغوا من قرأة سفر الشريعة بعد هذه الأيام المتوالية أقسم الكهنة والزعماء والشعب على أن يضعوا هذه الشرائع موضع الجد ويتخذونها دستوراً لهم إلي ابد الأبديين وعلى ما سبق يعلق صاحب قصة الحضارة قائلاً : بالطبع لم يكن كتاب الكاهن عزرا هو بعينه كتاب العهد الذي قراه الملك يوشيا من قبل على الشعب مرتين كاملتين في يوم واحد على حين أن قرأة كتاب عزرا استغرق سبعة أيام متوالية لينتهو منه " ولذا تري ماذا كان كتاب شريعة موسي الذي قراه عزرا يقولون أن الكتاب كان من ضمن ما يحتوي الإسفار الخمسة التي يسميها اليهود(تورة) والتي تعني الهدي والإرشاد ويقول " كيف كتبت هذه الأسفار ومتي كتبت؟وأين كتبت ثم يعلق صاحب قصة الحضارة على هذه الأسئلة قائلاً :- هذا السؤال لا ضير منه إلا أنه سؤال كتب فيه خمسون الف مجلد  .مما سبق يتضح لنا أن الكهنة بذلوا جهداً خارقاً للحفاظ على الشعب وعلى الدين ولكنهم أضافوا إليها كثيرا والمشكلة أنهم نسبوا هذا السفر والدين لسيدنا موسي عليه السلام وإن كانت هناك بعض النصوص في الأسفار الخمسة الأولي بها شي من الحقيقة وهي بقايا توراة أصيلة إلا أن هناك العديد من النصوص الواضحة للعيان لا تخص سيدنا موسي عليه السلام بصلة ويؤكد ذلك أن العهد القديم  الذي استغرقت كتابته ألف عام لا يمكن أن يكون   جميعه من عند الله ولا من عند موسي عليه السلام وحتي نوضح ذلك نلقي نظرة سريعة على بعض الأسفار في العهد القديم لتري هل هي من عند الله أ م من عند الكهنة ؟


                                     الباب الخامس  بنوا اسرائيل من زمن عيسى عليه السلام الى بعثة المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم أولا : بنوا إسرائيل قبل نبى الله عيسى عليه السلاموبعد عزرا أصبح اليهود تابعين للفرس إلي أن جاء الإسكندر الأكبر عام 332ق.م فكانوا تحت سيطرته إلي أن مات عام 323ق.م ثم أصبحوا تحت حكم البطالسة وحين حاول اليهود مقاومتهم دكوا أسوار القدس وأرسلوا مائة ألف أسير من اليهود إلي مصر عام 320ق.مإلي أن تمكن السلوقيون من السيطرة على القدس فنهب أنطونيوس القدس والهيكل وهدم أسوار القدس وقتل من اليهود ثمانون ألف في ثلاثة أيام ثم ظهرت طائفة من اليهود تسمي (المكايون) وتمكنوا من الإستقلال بالقدس إلا أن هذه المدة لم تدم طويلاً بسبب الخلافات فيما بينهم مما جعل روما تدخل واحتلت القدس عام 63ق.م  وأرسلت روما يوليوس قيصر عام 49ق.م وعامل اليهود بالحسنى إلي عام 37ق.م حيث تولي أمرهم هيرودس وكان من أصل أدومي فأعتنق اليهودية وكان حاقداً على المكايين الذين قتلوا أباه فحاربهم وقضي عليهم وحكم القدس مباشرة لحساب روما وفي زمنه ولد المسيح عليه السلام في بيت لحم وتوفي هيرودس عام 4م.ثم تعاقب على القدس ولاة رومانيون حتي جاء بيلاطس النبطي ما بين عامي 26-36م وتفرقت اليهود إلى فرق عدة وكان أشهرها :                                     1-  الفريسيون:أي المتشددون , ويسمون بالأحبار أو الربانيين هم متصوفة رهبانيون لا يتزوجون لكنهم يحافظون على مذهبهم عن طريق التبني ,يعتقدون بالبعث وبالملائكة وبالعالم الأخر.                                     2- الصدوقيون:وهي تسمية من الأضداد لأنهم مشهورون بالإنكار فهم ينكرون البعث والحساب والجنة والنار وينكرون التلمود كما ينكرون الملائكة والمسيح المنتظر.3  -المتعصبونفكرهم قريب من فكر الفريسيين لكنهم اتصفوا بعدم التسامح وبالعدوانية قاموا في مطلع القرن الميلادي الأول بثورة قاتلوا فيها الرومان وكذلك كل من يتعاون من اليهود مع هؤلاء الرومان فاطلق عليهم اسم السفاكين.الكتبة او النساخ:عرفوا الشريعة من خلال عملهم في النسخ والكتابة فاتخذوا الوعظ وظيفة لهم يسمون بالحكماء وبالسادة وواحدهم لقبه (أب)وقد أثروا ثراء فاحشا على حساب مدارسهم ومريديهم.- 4                           القراءون: هم قلة من اليهود ظهروا عقب تدهور الفريسين وورثوا أتباعهم لا يعترفون إلا بالعهد القديم ولا يخضعون للتلمود ولا يعترفون به بدعوى حريتهم في شرح التوراة .                                 5- السامريون :طائفة من المتهودين الذين دخلوا اليهودية من غير بني إسرائيل كانوا يسكنون جبال بيت المقدس وحاليا يتمركزون بمدينة نابلس ,أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون دون نبوة من بعدهم,ظهر فيهم رجل يقال له الألفان ادعى النبوة وذلك قبل المسيح بمائة سنة وقد تفرقوا الي دوستانية وهم الالفانية والى كوستانية اي الجماعة  المتصوفة وقبلة السامرة الى جبل يقال له غرزيم بين بيت المقدس ونابلس ويتحدثون العبرية والعربية بطلاقة ..ثانيا : بعثة المسيح عليه السلام وبنوا إسرائيل وفي عام 33م أعلن المسيح عليه السلام انه رسول الله إليهم"وإذا قال عيسي بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة "الصف /6.ووضح ذلك في الإنجيل قائلاً " لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأ نقض بل لأكمل.  ومن لحظتها و اليهود ناصبوه العداء ولأسباب في أنفسهم ومنها :- 1-الوحدانية :- لأنهم كانوا قد ضلوا الطريق وعبدوا العديد من الآلهة التي نهاهم الحق سبحانه وتعالى عن عبادتها ولذا دعاهم المسيح عليه السلام الى عبادة الله جل وعلا الإله الواحد الأحد 2-المحبة:- فقد ناداهم المسيح عليه السلام بالمحبة ليس فيما بينهم فحسب بل نصحهم أن يحبوا أعداءهم قائلاً "أحبوا أعدائكم أحسنوا إلي مبغضيكم صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم"  ولكن لم يقبل اليهود هذا النداء الجميل بالطبع فهم الذين امتلأت صدورهم غلاً وحسداً على البشرية.3-المساواة :- بين لهم المسيح عيسي عليه السلام أن البشر متساوون وانهم ينبغي على كل فرد أن يعمل لإرضاء ربه ولكنهم أبوا إلا أن يكونوا كما يكذبون على العالم بزعمهم أنهم شعب الله المختار . وما أدري ما هي علامة اختيارهم فلو كانوا أبناء الله وأحباءه كما زعموا فلما أوقعهم الله جل وعلا في الأسر أكثر من مرة وأذاقهم العذاب الأليم ولكنهم اليهود وكفي.4-السلام والأمان:-  ودعاهم المسيح عليه السلام إلي نشر الأمان وكذلك  الاستقرار مع أنفسهم و مع جيرانهم أيضاً ولكنهم أبوا إلا القتال والدمار الذي ما جر عليهم إلا الوبال والتشتت وهذا ما يستحقون.5-البشارة بالمعصوم محمد صلي الله عليه وسلم:- وأخبرهم المسيح عليه السلام كما حكي القرآن الكريم "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"الصف/6 وفي الأنجيل :-"وأما المعزي الروح القدس الذي برسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم  وهنا جن جنونهم لأنهم كانوا يعيشون على أمل أن يأتيهم نبي غير عيسي عليه السلام نبي  ليس بهذه  الرحمة وإنما كانوا يريدونه جباراً سفاحاً سفاكاً للدماء ومن ثم رفضوا دعوته زاعمين انه ليس هو الذي بشرت به كتبهم وزاد الأمر حرجا حين أخبرهم بأن النبي الخاتم ليس من بني إسرائيل ولكنه من بني إسماعيل ومن ثم سقط في أيديهم ورأوا إنهم قد ضلوا عن سواء السبيل فبدلاً من الإذعان للأمر والإيمان  بعيسى عليه السلام  والاستعداد للإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم ناصبوا عيسي عليه السلام العداء وأضمروا العداء مسبقا لمحمد صلي الله عليه وسلم قبل مجيئه فاخذوا يدبرون و يكيدون ثالثا : بنوا إسرائيل وتغيير تعاليم المسيح عليه السلام فلما أصر بنوا إسرائيل على العداء ضلهم أخوهم إبليس حين سول لهم قتل المسيح عليه السلام رغبة منهم أن يسكتوه ولكن الله حال بينهم وبين ما يشتهون بأن رفع المسيح     عيسي بن مريم إلى السماء معززاً مكرماً ونالوا هم الخزي في الدنيا والعذاب في الدنيا  والأخرة  فماذا يفعلون إذن وقد أخبر المسيح الدنيا بالرسول الخاتم محمد صلي الله عليه  وسلم . فظنوا أن الحل في العهد القديم فأعادوا النظر فيه بعد ما انتهوا منه في عصر عزرا الكاهن ليضيفوا إليه أو يحذفوا منه ما يشاءون .مما جعل طائفة منهم وهم السامريون لا يسلمون ولا يعتقدون إلا ببعض من الكتاب المقدس وهي الأسفار الخمسة الولي – التكوين ويسمي سفر الخليقة – سفر الخروج – سفر اللاوين ويسمي الأحبار – سفر العدد – سفر التثنية  ويسمي سفر الاستثناء هي المعروفة باسم التوراة  ثم سفر يشوع وسفر القضاة ومن ثم تخالف التوراة السامرية نسخة التوراة الموجودة مع   باقي اليهود. وهناك العديد من الأسفار  التي لم يعترف بها ولا ندري لماذا استبعدوها من العهد القديم فمن يدري أكانت صالحة  أم هي من عند أنفسهم؟والأسفار المحذوفة هي:- سفر باروخ – سفر طوبيا – سفر يهوديت – سفر وزدم – سفر إيكليزيا  ستكس- سفر المقابين الأول – سفر المقابين الثاني.ولقد ذكر رحمت الله الهندي أن المسيحيين شكوا في صحة أسفار العهدين القديم والجديد ثم اعترفت مجالسهم بها إلا أن بعض الفرق نقضت هذا الاعتراف ومن ذلك:- عام 325م انعقد مجلس علماء المسيحية في عهد قسطنطنين في بلده(ناتس) لبحث الكتب المشكوك فيها فقرروا بعد المشاورة أن سفر يهوديت واجب التسليم وابقوا سائر الأسفار المشكوك فيها كما كانت.وفي عام 364م انعقد مجلس آخر يسمي مجلس ( لوديسيا ) فأبقي حكم المجلس الأول كتاب يهوديت على حالة وزاد عليه سبعة أسفار أخري وجعلها واجبة هي :- سفر استير – رسالة يعقوب – الرسالة الثانية لبطرس – الرسالة الثانية ليوحنا – الرسالة الثالثة ليوحنا – رسالة يهوذا – رسالة بولس إلي العبرانين ولم يدخلوا سفر مشاهدات يوحنا في هذين المجلسين.وفي عام 397م:- انعقد مجلس آخر وحضره 127 من العلماء المشهورين فابقوا حكم المجلسين الأولين وزادوا على حكمهما هذه الأسفار:-سفر وزدم – سفر طوبيا – سفر باروخ – سفر إنكليزيا سبنكس – سفر المقايين الأول – سفر المقايين الثاني – رؤيا يوحنا.لكن أعتبر أهل المجلس سفر باروخ بمنزلة جزء من كتاب آرميا لأن باروخ كان بمنزلة النائب والخليفة لأرميا.ثم انعقدت ثلاث مجالس :- 1- ترلو       2- فلورانس         3- ترست وفيه أبقي العلماء حكم المجلس المنعقد في عام 397م على حاله .وأما المجلسين الأخرين كتبوا سفر باروخ في فهرست أسماء الكتب على حده فبعد انعقاد هذه المجالس صارت هذه الأسفار المشكوك فيها مسلمة بين جمهور المسيحين وبقيت هكذا حتي ظهرت فرقة البروتستانت في القرن السادس عشر الميلادي فرد علماؤها حكم هؤلاء الأسلاف في :- سفر باروخ – سفر طوبيا – سفر يهوديت – سفر وزدم – سفر ايكليزيا ستكس وسفري المقايين وقالوا أن هذه الأسفار واجبة الرد وغير مسلمة ص51-55رحمت الله الهندي إظهار الحق.رابعا :عقاب الله جل وعلا لبنى إسرائيل نعود إلي عهد ببلاطس الذي عاصر السيد المسيح عليه السلام والذي يزعم العهد الجديد أن المسيح عليه السلام صلب في عهده وظل الأمر باليهود تحت حكم الرومان إلي أن جاء تيطس عام 70م وفي عهده تم تدمير أورشليم وقتل اليهود واسر من أسر من شعبها وذاق اليهود على يد تيطس العذاب والهوان.في عام 106م عاد بعض اليهود في عهد الامبراطور تراجان إلا أنهم أخذوا في أعمال الشغب والتوراة إلي أن جاء أوريانوس ما بين عامي 117-138م فحول القدس إلي مستعمرة رومانية وحظر على اليهود الاختتان وقرا التوراة واحترام السبت ولم يتحمل اليهود ذلك فثاروا بقيادة باركوخيا عام 135م فأرسلت روما والياً حازماً هو يوليوس سيفروس فاحتل المدينة وقهر اليهود وقنل باركوخيا وذبح من اليهود في تلك الموقعة 580 ألف نسمة وتشتت الأحياء من اليهود تحت كل كوكب ولكي ينسي اليهود أورشليم دمرها أوريانوس وأنشأ مكانها مدينة جديدة أسماها  " إبليا " ومن يومها واليهود مشتتون في كل بقاع الأرض وصدق فيهم قول الحق جل وعلا  "ليبعثن عليهم إلي يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب"الأعراف 167 وقوله سبحانه "فقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض" ثم تفرقوا  وأصبح كل حزب منهم يحمل بعض من الكتاب المقدس ظناً إنه الحق"كل حزب بما لديهم فرحون" ومنهم من سكن في أطراف الجزيرة العربية(في المدينة المنورة وكانوا يبشرون الناس بالنبي الخاتم وان بمجيئه سيقاتلون به العرب"وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا"البقرة 89 فكانوا إذا حاربوا أحداُ من القبائل المجاورة فكانوا يدعون الله ويتوسلون إليه بمحمد صلي الله عليه وسلم فينصرون وكان من أهم الأسباب التي جعلت أهل المدينة يؤمنون برسول الله صلي الله عليه وسلم لكثرة حديثهم عنه صلي الله عليه وسلم ويا سبحان الله "فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به"البقرة 89 وليس هذا بجديد عليهم فقد رأيناهم وهم يكفرون بالأنبياء بل ويقتلونهم فناصبوا المعصوم العداء وحاولوا أن يدمروا الإسلام "وبآبي الله إلا أن يتم نوره ولوكره الكافرون"التوبة /32 فطردهم الرسول من المدينة فعادوا إلي أطراف الدولة الرومانية على أطراف الجزيرة وما هي إلا فترة وجيزة وجاءت جيوش المسلمين وطهرت الشام من رجسهم ورجس الروم الذين أثقلوا كاهل الناس بالضرائب وأذلوهم واستعبدوهم وأخرجهم عمر بن الخطاب من الشام تماماً مع انه لم يكن في الشام منهم كثير. بدليل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عقد صلحاً مع أهل ايلياء أوصي بأن تبقي كنائس المسيجين  وبيعهم وصلواتهم وألا يرغم احد على الدخول في الإسلام ولهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين إن أعطوا الجزية والتزموا بالعهد ولم يذكر رضى الله عنه لليهود شيئاً فإن دل ذلك فإنما يدل على أن اليهود لم يكن لهم وجود سياسي أو ديني آنذاك يفرض على الواقع احترامه أو إبرام معاهدات معه كما حدث في المدينة المنورة وعقد الرسول صلي الله عليه وسلم مع يهود المدينة صلحاً وعهداً إلا أنهم خالفوه عليه الصلاة والسلام مما كان سبباً في هلاكهم وإمعاناً في تشتيتهم في البلاد.ومن ثم عمدوا إلي أسفار العهد القديم فغيروا في نسب المسيح وطعنوا في نسبه فاتهموا سيدنا داود في شرفه ونسبوا إلي سيدنا سليمان أعمالاً لا تليق به عليه السلام إلا إنهم بفضل الله ابقوا على النبؤات التي تبشر بالنبي الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم ظانين أنها لهم وظلوا يحلمون بالمسيح المنتظر الذي يحكمون به العالم أما الأناجيل فلم تسلم من أيدي اليهود فعمدوا إلي ما نادي به المسيح عليه السلام وكتبوا ضده تماماً فمثلاً:-حين نادي المسيح عليه السلام بالمحبة والسلام نادوا هم بالعداوة فقالوا "أتظنون أني جئت لألقي سلاماً على الأرض ما جئت لألقي سلاماً  بل جئت لألقى نارا ماذا أريد لو اضطرمت "وحين نادي المسيح عليه السلام بالوئام والتوافق نادوا هم بالتفرقة العنصرية فقالوا "أذن  أيها الأخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحرة  "وحين نادي المسيح عليه السلام بأن هناك أمة أخرى ستحمل الرسالة حين قال"أن ملكوت الله ينزغ منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره"  وأخبرهم بأن هذه الأمة هي من نسل إبراهيم فردوا إلي سفر التكوين وغيروا  وزعموا زورا وبهتانا أن  إسحاق هو الابن الذبيح وليس إسماعيل عليه السلام. وصدق الحق حين قال "يا بني إسرائيل لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون"وقوله تعالي" وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون"البقرة /75 خامسا : تآثير بنى إسرائيل على فكر المسيحيينكما أن المسيح عليه السلام وأمه الصديقة مريم العذراء عليهما السلام لم يسلما من طعن اليهود واتهامهم لمريم بالبهتان فحين أخبرهم المسيح عليه السلام أن يعملوا عمل أبيهم إبراهيم قائلاً:-"قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم"  إلا إنهم قالوا له "إنا لم نولد من زنا" والعجيب أن النصارى يذكرون ذلك في كتبهم دون حرج أو استحياء ولكن إن دل هذا فإنما يدل على صدق القرآن الكريم حين قال جل وعلا"وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً"والله الذي لا اله إلا هو  لولا القرآن الكريم لظل اليهود والنصارى يصدقون فيما يسنبونه من بهتان للعذراء عليها السلام ولكن " الحمد لله  الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين" ولكن كيف وصلت فكرة الثلاثية إلى الأجيال التالية فإليك ماذكره يوحنا فى هذا المضمار : - يذكر يوحنا فى إنجيله فى الإصحاح الأول عن المسيح تحت عنوان " الكلمة صار جسداً " ( فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله , وكان الكلمة الله , والكلمة صار جسداً وحل بيننا ) (   من هذه الفقرة يتضح لنا أن يوحنا يعنى أن عيسى عليه السلام فى البداية كان كلمة من الله وأثناءها كان عند الله ومعه سبحانه وتعالى لأن الكلمة ملازمة لله رب العالمين فلما أطلق الله – جل وعلا – الكلمة والتى بها خلق – سبحانه وتعالى – سيدنا عيسى أصبح سيدنا عيسى الكلمة من الله أى أصبح جزءاً من الله وبها يصبح إلها , ولأن البشر لن يستجيبوا إلا إلى بشر مثلهم يعاشيهم ويتقرب إليهم فألبس الله هذه الكلمة جسداً ليستطيع العيش مع الناس . هذا ما يعتقده النصارى من هذا النص محاولين أن يلووا عنق الحقيقة , وكأنهم يستنتجون معادلة رياضية متجاهلين قدرة الله العظيم الذى لا يعجزه شىء : فتفسيرهم هذا غير منطقى بحال من الأحوال لأســباب أ- : أن عيسى عليه السلام – بهذه الطريقة مخلوق بكلمة من الله وهو بهذا لن يرق إلى مقام الألوهية مطلقاً وهذا ما أكدة القرآن حين قال – سبحانه وتعالى = " لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله  النساء 162ب- : لو كان عيسى عليه السلام – إلها لما مر بمراحل الحمل .. أن يحمل فى بطن امرأة ثم يولد ثم يكون طفلاً الخ  فأى إله هذا الذى حوته بطن سيده وتغذى على دم الحيض ؟ج- : إذا كان هذا هو منطق النصارى فلا حرج إذن على من يعبد الشمس والقمر و الأصنام فكل هذه الأشياء بل والكون كله خلق بكلمة من الله فهل نعتبر الكون بما فيه إلهة من دون الله ؟د- : لقد تبرأ المسيح – عليه السلام – مما نسبه إليه النصارى أى أنه إلها أو ابن إله فى أكثر من موضوع فى الإنجيل : (أ) يعترف المسيح – عليه السلام – بأن الله جل وعلا إله واحد لا إله غيره وذكر ذلك فى الإنجيل تحت عنوان " الوصية العظمى " حين جاءه واحد من الكتبة وسأله " أى وصيه هى أول للكل " فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هى : أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك (  هذا النص يبن لنا أن المسيح – عليه السلام – يؤمن بأن الله إله وأحد لا شريك له كما أنه يؤمن بأنه عبد الله ورسوله بدليل قوله " الرب إلهنا رب واحد "(ب) وليس هذا فحسب بل أن المسيح فى يوم القيامة يتبرأ ممن رفعوه لمقام الالوهيه ويؤكد ذلك ما ذكر فى إنجيل متى " كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم يا رب . يا رب , أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة – حينئذ أصرخ فيهم إنى لم أعرفك قط إذهبو يا فاعلى الإئم " (  ) ولقد ذكر (زكى شنودة ) فى كتابه ( تاريخ الأقباط ) المجامع والكنائس ورأيت أن أسرد أهم هذه المجامع  بشئ من التلخيص حتى يسهل على القارئ فهمها ورايت فيها كيف تخبط النصارى طوال عقودهم فمنهم من يزعم ان المسيح إله ومنهم من يقول بأن المسيح وأمه الهين ومنهم من يقول إنه بشر في صورة إله أو إله فى صورة بشر وكان نتيجة هذا الخلاف أن انسحب عدد كبير من القساوسة والأساقفة ولم يبقى من هذا العدد سوى (324) وهؤلاء تم  بهم عقد المجمع المعروف بـ(مجمع نيقية ) عام 325م   وفيه صدر قرار بإدانة أريوس ووصلوا فيه الى قرار عجيب يحير العقول وأكدوا فيه على التثليث فقالوا نؤمن باله واحد ضابط الكل , خالق السموات والأرض كل ما يرى ومالا يرى , وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور اله حق مولود غير مخلوق مساو للاب فى الجوهر الذى من اجلنا نحن ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العزراء وتائنس وصلب على عهد بيطلاس النبطي ونألم وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب وسيأتى بمجده ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه وبروح القدس الرب المحي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن السجود له  )إن ما صدر في هذا المجمع لا يقبله عقل ولا منطق إذا أنهم جعلوا المسيح عليه السلام منبثق من الله جل وعلا بل مساو له سبحانه في الخلق والأمر والثواب والعقاب ثم تمادوا وجعلوا سيدنا جبريل الروح الأمين متحداً من الله والمسيح لتكمل الثلاثية .والحق سبحانه وتعالى حذر أهل الكتاب من هذا الخلط الذي يحير العقول ولا طائل من وراءه فقال سبحانه وتعالى " وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ ". ثم هل الله سبحانه وتعالى في حاجة إلى من يعينه في أمر الخلق ؟ بالطبع لا فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.ولكن من أين جاءوا بهذه الثلاثية بهذا الترتيب العجيب وبهذا الإطار الغريب ؟يبدو أنهم تأثروا بالأساطير القديمة وبخاصة الأساطير اليونانية والهندية :  فيذكر الإمام محمد أبو زهرة في كتابه محاضرات في النصـرانية ص 33 , 34  أن أمينوس المتوفى سنة 242 اعتنق في صدر حياته الديانة المسيحية ثم ارتد عنها إلى وثنية اليونان الأقدمين وجاء من بعده تلميذه أفلوطين المتوفى سنة 270 وقد تعلم في مدرسة الإسكندرية أولا ثم رحل إلى فارس والهند وهناك استقى ينابيع الصوفية الهندية واطلع على تعاليم بوذا وديانته وبراهمة الهند وديانتهم ثم عاد إلى الإسكندرية واخذ يلقى بآرائه على تلاميذه وكان أهم ما فيها :-إن العلم يرجع في تكوينه وتدبيره إلى ثلاثة عناصر أو إلى ثالوث مقدس هو( العلم ) المنشى  الأول و(العقل ) الذي تولد منه كما يتولد الولد من أبيه و( الروح )الذي يتصل بكل حي ومنه  الحياة فإذا عبرنا عن المنشى الأول ( بالأب ) وعن العقل المتولد منه( بالابن ) وعن الروح (بروح القدس ) كما هو ثالوث النصارى الذي اخذ ببعضه بجمع نيقية " وهذه حقيقة لان الأساطير الهندية القديمة تحكى ما هو قريب من ذلك فيقول ما لفير " في كتابه المطبوع سنة 1895  ( لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة عن عقيدة الهنود القدماء ما نصه " نؤمن " بسافسترى " اى الشمس اله واحد ضابط الكل خالق السموات والأرض وبابنه الوحيد " أتى " اى النار نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من " فايو " اى الروح في بطن " مايا " العزراء ونؤمن بفايو الروح ألحى المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له ويمجد ( ) 







                                  الباب السادس        المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم وبقايا بنى إسرائيل أولا: بنوا إسرائيل قبل بعثة المعصوم صلى الله عليه وسلم لقد تحدثت كتب السيرة عن اليهود وسبب مجيئهم إلى المدية المنورة وما قاموا به من غدر وخيانة وإشعال نار الفتنة والتآمر على المسلمين مما أدى بهم فى نهاية المطاف للتشريد مرة أخرى والطرد كما طردوا من قبل فسنذكر ما تحدثت عنه كتب السيرة بتصريف يسير يواكب ما نتحدث عنه من كيد بنى إسرائيل بالمسلمين وتنبيها لامتنا الحبيبة عملا بقول الحق سبحانه وتعالى ( إنهم يكيدون كيدا )  فلقد ذكرت كتب السيرة أن االيهود  انحازوا إلى الحجاز فى زمن الإضطهاد الأشورى والروماني كما أسلفنا، وكانوا في الحقيقة عبرانيين، ولكن بعد الإنسحاب إلى الحجاز اصطبغوا بالصبغة العربية في الزى واللغة والحضارة، حتى صارت أسماؤهم وأسماء قبائلهم عربية، وحتى قامت بينهم وبين العرب علاقة الزواج والصهر، إلا أنهم احتفظوا بعصبيتهم الجنسية، ولم يندمجوا في العرب قطعًا، بل كانوا يفتخرون بجنسيتهم الإسرائيلية ـ اليهودية ـ وكانوا يحتقرون العرب احتقارًا بالغًا وكانوا يرون أن أموال العرب مباحة لهم، يأكلونها كيف شاءوا، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 75‏]‏‏.‏ ولم يكونوا متحمسين في نشر دينهم، وإنما جل بضاعتهم الدينية هي‏:‏ الفأل والسحر والنفث والرقية وأمثالها، وبذلك كانوا يرون أنفسهم أصحاب علم وفضل وقيادة روحانية‏.‏وكانوا أصحاب دسائس ومؤامرات وعتو وفساد؛ يلقون العداوة والشحناء بين القبائل العربية المجاورة، ويغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعره تلك القبائل، فكانت تتطاحن في حروب، ولم تكد تنطفئ نيرانها حتى تتحرك أنامل اليهود مرة أخرى لتؤججها من جديد‏.‏ فإذا تم لهم ذلك جلسوا على حياد يرون نتائج هذا التحريض والإغراء، ويستلذون بما يحل بهؤلاء المساكين ـ العرب ـ من التعاسة والبوار، ويزودونهم بقروض ثقيلة ربوية حتى لا يحجموا عن الحرب لعسر النفقة‏.‏ وبهذا التدبير كانوا يحصلون على فائدتين كبيرتين‏:‏ هما : - الاحتفاظ على كيانهم اليهودى، - وإنفاق سوق الربا؛ ليأكلوه أضعافًا مضاعفة، ويكسبوا ثروات طائلة‏.‏ * وكانت في يثرب منهم ثلاث قبائل مشهورة‏ :-‏ 1ـ بنو قَيْنُقَاع ‏:‏ وكانوا حلفاء الخزرج، وكانت ديارهم داخل المدينة‏.‏ 2ـ بنو النَّضِير‏:‏ وكانوا حلفاء الخزرج، وكانت ديارهم بضواحى المدينة‏.‏ 3ـ بنو قُرَيْظة‏:‏ وكانوا حلفاء الأوس، وكانت ديارهم بضواحى المدينة‏.‏واليهود لم يكن يرجى منهم أن ينظروا إلى الإسلام إلا بعين البغض والحقد؛ فالرسول لم يكن من أبناء جنسهم حتى يُسَكِّن جَأْشَ عصبيتهم الجنسية التي كانت مسيطرة على نفسياتهم وعقليتهم، ودعوة الإسلام لم تكن إلا دعوة صالحة تؤلف بين أشتات القلوب، وتطفئ نار العداوة والبغضاء، وتدعو إلى التزام الأمانة في كل الشئون، وإلى التقيد بأكل الحلال من طيب الأموال .  ومعنى كل ذلك أن قبائل يثرب العربية ستتآلف فيما بينها، وحينئذ لابد من أن تفلت من براثن اليهود، فيفشل نشاطهم التجارى، ويحرمون أموال الربا الذي كانت تدور عليه رحى ثروتهم، بل يحتمل أن تتيقظ تلك القبائل، فتدخل في حسابها الأموال الربوية التي أخذتها اليهود، وتقوم بإرجاع أرضها وحوائطها التي أضاعتها إلى اليهود في تأدية الربا‏.‏ ثانيا:إستقبال بنوا إسرائيل للمعصوم صلى الله عليه وسلم كان اليهود يدخلون كل ذلك في حسابهم منذ عرفوا أن دعوة الإسلام تحاول الإستقرار في يثرب؛ ولذلك كانوا يبطنون أشد العداوة ضد الإسلام، وضد رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن دخل يثرب، وإن كانوا لم يتجاسروا على إظهارها إلا بعد حين‏.‏ ويظهر ذلك جليًا بما رواه ابن إسحاق عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها  :قال ابن إسحاق‏:‏ حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت‏:‏ كنت أحَبَّ ولد أبي إليه، وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه‏.‏ قالت‏:‏ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي؛ حيى بن أخطب، وعمى أبو ياسر بن أخطب مُغَلِّسِين، قالت‏:‏ فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس، قالت‏:‏ فأتيا كَالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهُوَيْنَى‏.‏ قالت‏:‏ فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلىَّ واحد منهما، مع ما بهما من الغم‏.‏ قالت‏:‏ وسمعت عمى أبا ياسر، وهو يقول لأبي حيي بن أخطب‏:‏ أهو هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم والله، قال‏:‏ أتعرفه وتثبته‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ فما في نفسك منه‏؟‏ قال‏:‏ عداوته والله ما بقيت‏.‏ ويشهد بذلك أيضًا ما رواه البخاري في إسلام عبد الله بن سَلاَم رضي الله عنه فقد كان حبرًا من علماء اليهود، ولما سمع بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في بني النجار جاءه مستعجلًا، وألقى إليه أسئلة لا يعلمها إلا نبى، ولما سمع ردوده صلى الله عليه وسلم عليها   آمن به ساعته ومكانه. ثم قال له‏:‏ إن اليهود قوم بُهْتٌ، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُونِى عندك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت اليهود، ودخل عبد الله بن سلام البيت‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أي رجل فيكم عبد الله بن سلام‏؟‏‏]‏ قالوا‏:‏ أعلمنا وابن أعلمنا، وأخيرنا وابن أخيرنا ـ وفي لفظ‏:‏ سيدنا وابن سيدنا‏.‏ وفي لفظ آخر‏:‏ خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏أفرأيتم إن أسلم عبد الله‏؟‏‏]‏ فقالوا‏:‏ أعاذه الله من ذلك ‏[‏مرتين أو ثلاثا‏]‏، فخرج إليهم عبد الله فقال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، قالوا‏:‏ شرّنا وابن شرّنا، ووقعوا فيه‏.‏ وفي لفظ‏:‏ فقال‏:‏ يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق‏.‏ فقالوا‏:‏ كذبت‏.‏                                       نموذج من مكيدة اليهود‏‏ قال ابن إسحاق‏:‏ مر شاس بن قيس ـ وكان شيخاً ‏[‏يهودياً‏]‏ قد عسا ، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأي من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية. فقال‏:‏ قد اجتمع ملأ بني قَيْلَةَ بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم                                 إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتي شاباً من يهود كان معه، فقال‏:‏ اعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم اذكر يوم بُعَاث وما كان من قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه‏:‏إن شئتم رددناها الآن جَذَعَة ـ يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بينهم ـ وغضب الفريقان جميعاً.وقالوا‏:‏ قد فعلنا، موعدكم الظاهرة ـ والظاهرة‏:‏ الحَرَّة ـ السلاح السلاح، فخرجوا إليها ‏[‏وكادت تنشب الحرب‏]‏‏.‏ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم. فقال‏:‏ ‏‏(‏يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوي الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم‏)‏ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس‏.‏ هذا نموذج مما كان اليهود يفعلونه ويحاولونه من إثارة القلاقل والفتن في المسلمين، وإقامة العراقيل في سبيل الدعوة الإسلامية.ثالثا :غـزوة بني قينقـاع لقد عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهود معاهدة سلمية ، وقد كان حريصاً كل الحرص على تنفيذ ما جاء في هذه المعاهدة، وفعلاً لم يأت من المسلمين ما يخالف حرفاً واحداً من نصوصها‏.‏ ولكن اليهود الذين ملأوا تاريخهم بالغدر والخيانة ونكث العهود، لم يلبثوا أن تمشوا مع طبائعهم القديمة، وأخذوا في طريق الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق والاضطراب في صفوف المسلمين‏.‏ وهاك مثلاً من ذلك‏:‏   وقد كانت لهم خطط شتي في هذا السبيل‏.‏ فكانوا يبثون الدعايات الكاذبة، ويؤمنون وجه النهار، ثم يكفرون آخره؛ ليزرعوا بذور الشك في قلوب الضعفاء، وكانوا يضيقون سبل المعيشة على من آمن إن كان لهم به ارتباط مالى، فإن كان لهم عليه يتقاضونه صباح مساء، وإن كان له عليهم يأكلونـه بالباطل، ويمتنعون عن أدائه وكانوا يقولون‏:‏ إنما كان علينا قرضك حينما كنت على دين آبائك. فأما إذ صبوت فليس لك علينا من سبيل‏.‏ كانوا يفعلون كل ذلك قبل بدر على رغم المعاهدة التي عقدوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصبرون على كل ذلك؛ حرصاً على رشدهم، وعلى بسط الأمن والسلام في المنطقة‏.‏                                                  بنو قَينُقَاع ينقضون العهد‏ لكنهم لما رأوا أن الله قد نصر المؤمنين نصراً مؤزراً في ميدان بدر، وأنهم قد صارت لهم عزة وشوكة وهيبة في قلوب القاصي والداني‏.‏ تميزت قدر غيظهم، وكاشفوا بالشر والعداوة، وجاهروا بالبغي والأذي‏.‏وكان أعظمهم حقداً وأكبرهم شراً كعب بن الأشرف ـ وسيأتي ذكره ـ كما أن شر طائفة من طوائفهم الثلاث هم يهود بني قينقاع. كانوا يسكنون داخل المدينة ـ في حي باسمهم ـ وكانوا صاغة وحدادين وصناع الظروف والأواني، ولأجل هذه الحرف كانت قد توفرت لكل رجل منهم آلات الحرب، وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة، وكانوا أشجع يهود المدينة، وكانوا أول من نكث العهد والميثاق من اليهود‏.‏ فلما فتح الله للمسلمين في بدر اشتد طغيانهم، وتوسعوا في تحرشاتهم واستفزازاتهم. فكانوا يثيرون الشغب، ويتعرضون بالسخرية، ويواجهون بالأذي كل من ورد سوقهم من المسلمين حتى أخذوا يتعرضون بنسائهم‏.‏ وعندما تفاقم أمرهم واشتد بغيهم، جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعظهم ودعاهم إلى الرشد والهدي، وحـذرهم مغـبة البغـي والـعدوان، ولكنهم ازدادوا في شرهم وغطرستهم‏.‏روي أبو داود وغيره، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع‏.‏ فقال‏:‏ ‏‏(‏يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا. فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ‏ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏آل عمران 12، 13‏]‏‏.‏ كان في معني ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر عن الحرب، ولكن كظم النبي صلى الله عليه وسلم غيظه، وصبر المسلمون، وأخذوا ينتظرون ما تتمخض عنه الليالى والأيام‏.وازداد اليهود ـ من بني قينقاع ـ جراءة، فقلما لبثوا أن أثاروا في المدينة قلقاً واضطراباً، وسعوا إلى حتفهم بظلفهم، وسدوا على أنفسهم أبواب الحياة‏.‏ روي ابن هشام عن أبي عون‏:‏ أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع‏.‏                          الحصار ثم التسليم ثم الجلاء‏‏ وحينئذ عِيلَ صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر، وأعطي لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار، وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة 2 هـ، ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، وقذف الله في قلوبهم الرعب ـ فهو سبحانه وتعالى  إذا أرادوا خذلان قوم وهزيمتهم أنزل الرعب عليهم وقذفه في قلوبهم ـ فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا‏.‏وحينئذ قام عبد الله بن أبي بن سلول بدور نفاقه، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدر عنهم العفو، فقال‏:‏ يا محمد، أحسن فـي موإلى ـ وكـان بنـو قينـقاع حلفـاء الخزرج ـ فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرر ابن أبي مقالته فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏أرسلني‏)‏. وغضب حتى رأوا لوجهه ظُللاً ، ثم قال‏:‏ ‏‏(‏ويحك، أرسلني‏)‏‏.‏ ولكن المنافق مضى على إصراره وقال‏:‏ لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالى أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة ‏؟‏ إني والله امرؤ أخشي الدوائر‏.‏وعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المنافق ـ الذي لم يكن مضي على إظهار إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب ـ عامله بالحسنى‏.‏ فوهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم‏.‏ وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أموالهم، فأخذ منها ثلاث قِسِي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة رماح، وخمس غنائمهم، وكان الذي تولي جمع الغنائم محمد بن مسلمة‏.‏                              رابعا :  غزوة بني النضير‏ قد أسلفنا أن اليهود كانوا يتحرقون على الإسلام والمسلمين إلا أنهم لم يكونوا أصحاب حرب وضرب، بل كانوا أصحاب دس ومؤامرة، فكانوا يجاهرون بالحقد والعداوة، ويختارون أنواعاً من الحيل ؛ لإيقاع الإيذاء بالمسلمين دون أن يقوموا للقتال مع ما كان بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق، وأنهم بعد وقعة بني قينقاع وقتل كعب بن الأشرف خافوا على أنفسهم فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت‏.‏ ولكنهم بعد وقعة أحد تجرأوا، فكاشفوا بالعداوة والغدر، وأخذوا يتصلون بالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سراً، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين ‏.‏ وصبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى ازدادوا جرأة وجسارة بعد وقعة الرَّجِيع وبئر مَعُونة، حتى قاموا بمؤامرة تهدف القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وبيان ذلك‏:‏ أنه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في نفر من أصحابه، وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضَّمْرِي ـ وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة ـ فقالوا ‏:‏ نفعل يا أبا القاسم، اجلس ها هنا حتى نقضي حاجتك‏.‏ فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم ينتظر وفاءهم بما وعدوا، وجلس معه أبو بكر وعمر وعلى وطائفة من أصحابه‏.‏ وخلا اليهود بعضهم إلى بعض، وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم، فتآمروا بقتله صلى الله عليه وسلم. وقالوا ‏:‏ أيكم يأخذ هذه الرحي، ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش‏:‏ أنا‏.‏ فقال لهم سَلاَّم بن مِشْكَم‏:‏ لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه‏.‏ ولكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم‏.‏ ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله صلى الله عليه وسلم يعلمه بما هموا به، فنهض مسرعاً وتوجه إلى المدينة، ولحقه أصحابه فقالوا ‏:‏ نهضت ولم نشعر بك، فأخبرهم بما هَمَّتْ به يهود‏.‏ وما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعث محمد بن مسلمة إلى بني النضير يقول لهم ‏:‏ ‏‏(‏اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشراً، فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه‏)‏‏.‏ ولم يجد يهود مناصاً من الخروج، فأقاموا أياماً يتجهزون للرحيل، بيد أن رئيس المنافقين ـ عبد الله بن أبي ـ بعث إليهم أن اثبتوا وتَمَنَّعُوا، ولا تخرجوا من دياركم، فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونكم ‏{‏لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏11‏]‏ وتنصركم قريظة وحلفاؤكم من غطفان‏.‏ وهناك عادت لليهود ثقتهم، واستقر رأيهم على المناوأة، وطمع رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رأس المنافقين، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك‏.‏ ولا شك أن الموقف كان حرجاً بالنسبة للمسلمين، فإن اشتباكهم بخصومهم في هذه الفترة المحرجة من تاريخهم لم يكن مأمون العواقب. وقد رأوا كَلَب العرب عليهم وفتكهم الشنيع ببعوثهم، ثم إن يهود بني النضير كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد الاحتمال، وتجعل فرض القتال معهم محفوفاً بالمكاره، إلا أن الحال التي جدت بعد مأساة بئر معونة وما قبلها زادت حساسية المسلمين بجرائم الاغتيال والغدر التي أخذوا يتعرضون لها جماعات وأفراداً، وضاعفت نقمتهم على مقترفيها، ومن ثم قرروا أن يقاتلوا بني النضير ـ بعد همهم بإغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم ـ مهما تكن النتائج‏.‏فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم جواب حيي بن أخطب كبر وكبر أصحابه، ثم نهض لمناجزة القوم، فاستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وسار إليهم، وعلى بن أبي طالب يحمل اللواء، فلما انتهي إليهم فرض عليهم الحصار‏.‏ والتجأ بنو النضير إلى حصونهم، فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة، وكانت نخيلهم وبساتينهم عوناً لهم في ذلك، فأمر بقطعها وتحريقها، وفي ذلك يقول حسان‏:‏    وهان على سَرَاةِ بني لُؤي ** حـريـق بالبُوَيْرَةِ مسـتطيـر‏[‏البويرة ‏:‏ اسم لنخل بني النضير‏]‏ وفي ذلك أنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 5‏]‏‏.‏  واعتزلتهم قريظة، وخانهم عبد الله بن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فلم يحاول أحد أن يسوق لهم خيراً، أو يدفع عنهم شراً. ولهذا شبه سبحانه وتعإلى قصتهم، وجعل مثلهم‏:‏‏{‏كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 16‏]‏ ولم يطل الحصار ـ فقد دام ست ليال فقط، وقيل ‏:‏ خمس عشرة ليلة ـ حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، فاندحروا وتهيأوا للاستسلام ولإلقاء السلاح، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ نحن نخرج عن المدينة‏.‏ فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح‏.‏فنزلوا على ذلك، وخربوا بيوتهم بأيديهم، ليحملوا الأبواب والشبابيك، بل حتى حمل بعضهم الأوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير، فترحل أكثرهم وأكابرهم كحيي بن أخطب وسلاَّم بن أبي الحُقَيق إلى خيبر. وذهبت طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجلان فقط ‏:‏ يامِينُ بن عمرو وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما‏.‏ وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاح بني النضير، واستولي على أرضهم وديارهم وأموالهم، فوجد من السلاح خمسين درعاً وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفاً‏.‏ وكانت أموال بني النضير وأرضهم وديارهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ يضعها حيث يشاء، ولم يخَمِّسْها لأن الله أفاءها عليه، ولم يوجِف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكاب. فقسمها بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطي أبا دُجَانة وسهل بن حُنَيف الأنصاريين لفقرهما‏.‏ وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكُرَاع عدة في سبيل الله‏.‏كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول سنة 4 من الهجرة، أغسطس 625م وأنزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها، فوصف طرد اليهود، وفضح مسلك المنافقين، وبين أحكام الفيء، وأثني على المهاجرين والأنصار، وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح الحربية، وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض، وأوصي المؤمنين بالتزام التقوي والاستعداد للآخرة، ثم ختمها بالثناء على نفسه جل وعلا وبيان أسمائه وصفاته‏.سورة الحشر ‏:‏ أو‏:‏ سورة النضير.‏وكان ابن عباس يقول عن  سورة الحشر ‏:‏ قل ‏:‏ سورة النضير ‏.هذه خلاصة ما رواه ابن إسحاق وعامة أهل السير حول هذه الغزوة‏.‏ وقد روي أبو داود وعبد الرزاق وغيرهما سبباً آخر حول هذه الغزوة، وهو أنه لما كانت وقعة بدر فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود ‏:‏ إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خَدَم نسائكم شيء ـ وهو الخلاخيل ـفلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبراً، حتى نلتقي في مكان كذا، نَصَفٌ بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبراً من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض ‏:‏ كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلاً من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله، فأرسلوا إليه ‏:‏ كيف تفهم ونفهم ونحن ستون رجلاً ‏؟‏ اخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة نفر من أصحابه واشتملوا ‏[‏أي اليهود‏]‏ على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت امرأة  ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أخوها سريعاً حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحاصرهم، وقال لهم ‏:‏ ‏‏(‏إنكم لاتأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه‏)‏ فأبوا أن يعطوه عهداً، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحَلْقة ـ والحلْقة‏:‏ السلاح ـ فجاءت بنو النضير واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم فيهدمونها، فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام ‏.‏عاد الأمن والسلام، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعوث التي استغرقت أكثر من سنة كاملة، إلا أن اليهود ـ الذين كانوا قد ذاقوا ألواناً من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم ومؤامراتهم ودسائسهم ـ لم يفيقوا من غيهم، ولم يستكينوا، ولم يتعظوا بما أصابهم من نتيجة الغدر والتآمر‏.‏ فهم بعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين من خلال المناوشات التي كانت قائمة بين المسلمين والوثنيين، ولما تحول مجري الأيام لصالح المسلمين، وتمخضت الليإلى والأيام عن بسط نفوذهم، وتوطد سلطانهمخامسا : بنوا قريظة   تحرق هؤلاء اليهود أي تحرق‏.‏ وشرعوا في التآمر من جديد على المسلمين، وأخذوا يعدون العدة، لتصويب ضربة إلى المسلمين تكون قاتلة لا حياة بعدها‏.‏ ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على قتال المسلمين مباشرة، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة‏.‏ خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش،   وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها‏.ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين‏.‏ وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ـ وقائدهم أبو سفيان ـ في أربعة آلاف، ووافاهم بنو سليم بمَرِّ الظَّهْرَان، وخرجت من الشرق قبائل غطفان‏:‏ بنو فَزَارة، يقودهم عُيينَة بن حِصْن، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف، وبنو أشجع، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ، كما خرجت بنو أسد وغيرها‏.‏ واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه‏.‏ وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عَرَمْرَم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ‏.‏وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم‏:‏ انطلق كبير مجرمي بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة فأتي كعب بن أسد القرظي ـ سيد بني قريظة وصاحب عقدهم وعهدهم، وكان قد عاقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب، كما تقدم ـ فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه.  فقال حيي‏:‏ إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه‏.‏ فقال له كعب‏:‏ جئتني والله بذُلِّ الدهر وبجَهَامٍ قد هَرَاق ماؤه، فهو يرْعِد ويبْرِق، ليس فيه شيء‏.‏ ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء‏.فلم يزل حيي بكعب يفْتِلُه في الذِّرْوَة والغَارِب، حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً‏:‏ لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك، حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين‏.‏ وفعلاً قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب‏.‏ وقال ابن إسحاق‏:‏ كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت، وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية‏:‏ فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا حسان، إن هذا اليهودي كما تري يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا مِنْ يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله‏.‏ قال‏:‏ والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت‏:‏ فاحتجزت ثم أخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن وقلت‏:‏ يا حسان، انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سبله إلا أنه رجل، قال‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة‏.‏ وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول صلى الله عليه وسلم أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام والحصون في منعة من الجيش الإسلامي ـ مع أنها كانت خالية عنهم تماماً ـ فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن، كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملاً‏.‏ وانتهي الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه، حتى يستجلي موقف قريظة، فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية، وبعث لتحقيق الخبر السعدين؛ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وعبد الله بن رواحة وخَوَّات بن جبير، وقال‏:‏ ‏‏(‏انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا ‏؟‏ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحناً أعرفه، ولا تَفُتُّوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس‏)‏‏.‏ فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون، فقد جاهروهم بالسب والعداوة، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وقالوا‏:‏ من رسول الله ‏؟‏ لا عهد بيننا وبين محمد، ولا عقد‏.‏ فانصرفوا عنهم، فلما أقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لحنوا له، وقالوا‏:‏ عَضَل وقَارَة ؛ أي إنهم على غدر كغدر عضل وقارة بأصحاب الرَّجِيع‏.‏ وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجلية الأمر، فتجسد أمامهم خطر رهيب‏. وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون، فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف، بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه، وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ، وصاروا كما قال الله تعالي‏:‏ ‏{‏وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}‏‏[‏ الأحزاب‏:‏10، 11‏]‏وفي اليوم الذى فرج فيه الحق سبحانه وتعالى كرب المسلمين ونصرهم على عدوهم وأرسل على الأعداء ريحا وجنودا من عنده جل وعلا أطاحت بخيامهم وأطفأت قدورهم وانصرفوا مأزورين غير مأجورين  . وحين عاد الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى المدينة، جاءه جبريل  عند الظهر، وهو يغتسل في بيت أم سلمة، فقال‏:‏ أو قد وضعت السلاح‏؟‏ فإن الملائكة لم   تضع أسلحتهم، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل في موكبه من الملائكة‏.‏ وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأذن في الناس‏:‏ من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببني قريظة، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطي الراية على بن أبي طالب، وقدّمه إلى بني قريظة، فسار على حتى إذا دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في موكبه من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‏:‏ بئر أنَّا‏.‏ وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة، وأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم‏:‏ لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا، حتى إن رجالاً منهم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة. وقال بعضهم‏:‏ لم يرد منا ذلك، وإنما أراد سرعة الخروج، فصلوها في الطريق، فلم يعنف واحدة من الطائفتين‏ .‏ هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار‏.‏ ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال‏:‏ إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم في دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم .وقد قال لهم‏:‏ والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم ـ وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيوف مُصْلِِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت. لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ـ في انزعاج وغضب‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‏.‏ ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين، لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفاً لهم، وكانت أمواله وولده في منطقتهم، فلما رأوه قام إليه الرجال. وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا‏:‏ يا أبا لبابة، أتري أن ننزل على حكم محمد‏؟‏ قال‏:‏ نعم ؛ وأشار بيده إلى حلقه، يقول‏:‏ إنه الذبح، ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضي على وجهه، ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي المسجد النبوي بالمدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً‏.‏ فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ـ وكان قد استبطأه ـ قال‏:‏ ‏(‏أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه‏)‏‏.‏وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون؛ ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب، إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب، فقد قذف الله في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، وبلغ هذا الانهيار إلى نهايته أن تقدم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وصاح علي‏:‏ يا كتيبة الإيمان، والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم‏.‏ وحينئذ بادروا إلى النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقال الرجال، فوضعت القيود في أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري. وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال‏:‏ ‏(‏ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فذاك إلى سعد بن معاذ‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ قد رضينا‏.‏ فأرسل إلى سعد بن معاذ، وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي كان قد أصاب أكْحُلَه في معركة الأحزاب‏.‏ فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ‏:‏ يا سعد، أجمل في مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال‏:‏ لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعي إليهم القوم‏.‏ ولما انتهى سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة‏:‏ ‏(‏قوموا إلى سيدكم‏)‏، فلما أنزلوه قالوا‏:‏ يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك‏.‏ قال‏:‏ وحكمي نافذ عليهم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وعلى المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ وعلى من هاهنا‏؟‏ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له وتعظيمًا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، وعلي‏)‏‏.‏ قال‏:‏ فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبي الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات‏)‏‏.‏ وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف، فإن بني قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‏.‏ وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبست بنو قريظة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار، وحفرت لهم خنادق في سوق المدينة، ثم أمر بهم، فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً، وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم‏.‏ فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد‏:‏ ما تراه يصنع بنا‏؟‏ فقال‏:‏ أفي كل موطن لا تعقلون‏؟‏ أما ترون الداعي لا ينزع‏؟‏ والذاهب منكم لا يرجع‏؟‏ هو والله القتل ـ وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة، فضربت أعناقهم‏.‏ وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة، الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد، وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين في أحرج ساعة كانوا يمرون بها في حياتهم، وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب الذين يستحقون المحاكمة والإعدام‏.‏ وقتل مع هؤلاء شيطان بني النضير، وأحد أكابر مجرمي معركة الأحزاب حيي بن أخطب   والد صفية أم المؤمنين رضي الله عنها كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان ؛ وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه حينما جاء يثيره على الغدر والخيانة أيام غزوة الأحزاب، فلما أتي به ـ وعليه حُلَّة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يُسْلَبَها ـ مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما والله ما لمت نفسي في معاداتك، ولكن من يُغالب الله يُغْلَب‏.‏ ثم قال‏:‏ أيها الناس، لا بأس بأمر الله، كتاب وقَدَر ومَلْحَمَة كتبها الله على بني إسرائيل، ثم جلس، فضربت عنقه‏.‏ وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت قد طرحت الرحى على خَلاَّد بن سُوَيْد فقتلته، فقتلت لأجل ذلك‏.‏ وكان قد أمر رسول الله بقتل من أنْبَتَ، وترك من لم ينبت، فكان ممن لم ينبت عطية القُرَظِي، فترك حياً فأسلم، وله صحبة‏.‏  واستوهب ثابت بن قيس، الزبير بن باطا وأهله وماله ـ وكانت للزبير يد عند ثابت ـ فوهبهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له ثابت بن قيس‏:‏ قد وهبك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ، ووهب لي مالك وأهلك فهم لك‏.‏ فقال الزبير بعد أن علم بمقتل قومه‏:‏ سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبة، فضرب عنقه، وألحقه بالأحبة من اليهود، واستحيا ثابت من ولد الزبير بن باطا عبد الرحمن بن الزبير، فأسلم وله صحبة‏.واستوهبت أم المنذر سلمي بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل القرظي، فوهبه لها فاستحيته، فأسلم وله صحبة‏.‏وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول، فحقنوا دماءهم وأموالهم وذراريهم‏.‏وخرج تلك الليلة عمرو بن سعدي ـ وكان رجلاً لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فرآه محمد بن مسلمة قائد الحرس النبوي، فخلي سبيله حين عرفه، فلم يعلم أين ذهب‏.‏وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة بعد أن أخرج منها الخمس، فأسهم للفارس ثلاثة أسهم؛ سهمان للفرس وسهم للفارس، وأسهم للراجل سهماً واحداً، وبعث من السبايا إلى نجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصاري فابتاع بها خيلاً وسلاحاً‏.‏  واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه من نسائهم رَيْحَانة بنت عمرو بن خُنَافة، فكانت عنده حتى توفي عنها وهي في ملكه.  هذا ما قاله ابن إسحاق‏.‏وقــال الكلبي‏:‏ إنه صلى الله عليه وسلم أعتقها، وتزوجها سنة 6 هـ، وماتت مرجعـه مـن حجة الـوداع، فدفنها بالبقيـع‏.‏ولما تم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ رضي الله عنه ـ التي قدمنا ذكرها في غزوة الأحزاب ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب له خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما تم أمر قريظة انتقضت جراحته‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فانفجرت من لَبَّتِهِ فلم يَرُعْهُمْ ـ وفي المسجد خيمة من بني غفار ـ إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا‏:‏ يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قبلكم، فإذا سعد يغذو جرحه دماً، فمات منها‏سادسا : دخول الإسلام أرض الشامتوجهت خيول الفتح نحو بلاد الشام منذ عهد الصديق رضي الله عنه , ولكن شاء الله تعالى أن تفتح مدينة القدس على يدي الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 17هـ . وقد قدم رضي الله عنه إلى المدينة لإستلام مفاتيحها من بطريكها صفرانيوس راكبا على بعير أحمر عليه غرارتان في إحداهما سويق وفي الأخرى تمر وبين يديه قربة مملوءة بالماء وخلفه   جفنة للزاد وكان معه ثلة من الصحابة الأجلاء منهم الزبير وعبادة بن الصامت . وكان أثناء مسيره يتناول ركوب البعير مع خادمه وعندما بلغوا سور القدس كان          دور الركوب لخادمه ,فلما رآه المحصورون من النصارى آخذا بمقود الراحلة وغلامه      فوقها أكبروه وبكى بطريركهم صفرانيوس وقال :(إن دولتكم باقية على الدهر , فدولة الظلم ساعة ودولة العدالة إلى قيام الساعة ) . ولما تسلم مفاتيح المدينة كتب للنصارى أمانا وهو المشهور بالعهدة العمرية , وقد أمنهم فيه على أموالهم وذراريهم وكنائسهم وكان من شروط النصارى في الأمان أن لا يسكن اليهود مدينة القدس وظلت القدس تحت رعاية الخلفاء المسلمين وقد تعاهدوا أسوارها ومسجدها بالبناء والترميم وكثير من مرافقها بلمسات البناء الأيوبية والمملوكية والعثمانية حتى اليوم . وبقيت القدس تحت الحكم الإسلامي منذ الفتح العمري سنة 17هـ /638م وحتى إجتزاء اليهود قسما منها عام 1368 هـ/1948م (عام النكبة) , ثم إحتلوا ماتبقى منها عام 1387هـ /1967م (عام النكسة) وهي الآن بأسوارها ومسجدها تنتظر الفاتحين المسلمينسابعا : نص العهدة العمرية :  بسم الله الرحمن الرحيم          هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبريئها وسائر ملتها , انه لاتسكن كنائسهم ولاتهدم ولاينقص منها ولا من حيزها ولامن صلبهم ولامن شيء من أموالهم ولايكرهون على دينهم ولايضار أحد منهم ولايسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود . وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن وعليه أن يخرجوا منها الروم واللصوص . فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ماعلى أهل إيلياء من الجزية ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بيعهم وصلبهم , فإنهم آمنون على أنفسهم حتى يبلغوا مأمنهم ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد , وعليه مثل ماعلى أهل إيلياء من الجزية ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله لايؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم , وعلى مافي هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية .                 ثامنا :  الحروب الصليبية وبنوا إسرائيلإن الحديث عن الحروب الصليبية ذو شجون فهو يذكرنا بالمآسى التى تعرضت لها امتنا     على أيدى الصليبين الذين يزعمون ان المسيح عليه السلام امرهم فى الانجيل بقوله             " من لطمك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر " والعجيب أننا ما لطمنا لهم خدا لا    أيمن ولا أيسر  ومع هذا اجتاحوا بلادنا وساموا اخواننا سؤ العذاب لا لشئ الا اننا ننادى    بالمحبة والحق والسلام القائم على الاخوة وحسن الجوار الذى لا يعلموا عنه شيئا ولاننا بصدد الحديث عن فلسطين والقدس فلن اتمادى فى ذكر الحروب الصليبية بالتفصيل انما اركز على المنطقة التى نحن بصدد الحديث عنها وهى فلسطين من الحروب الصليبية وإلى الآن .فقد سقطت يافا أثناء حصار بيت المقدس على يد سفن جنوية في 15 يونيو 1099م ، وسيطر الصليبيون على شرق بحيرة طبرية (منطقة السواد) في مايو 1100م، واستولوا على حيفا عنوة في شوال 494 هـ - أغسطس 1100م بمساعدة أسطول كبير من البندقية، وملكوا أرسوف بالأمان إلا انهم خدعوهم كعادتهم وأخرجوا أهلها منها عنوة ، ثم احتلوا قيسارية 17 مايو 1109م بالسيف وقتلوا أهلها ونهبوا ما فيها وذلك في 17 مايو 1101م وهكذا فرض الصليبيون هيمنتهم على فلسطين غير أن عسقلان ظلت عصية عليهم وكان المصريون (الفاطميون) يرسلون لها كل عام الذخائر والرجال والأموال، وكان الصليبيون يقصدونها ويحاصرونها كل عام فلا يجدون لها سبيلاً، ولم تسقط عسقلان بأيديهم إلا في سنة 1153م-548هـ، وكان أهلها قد ردوا الصليبيين مقهورين في ذلك العام، وعندما آيس الصليبيون وهموا بالرحيل أتاهم خبر أن خلافاً وقع بين أهلها فصبروا. وكان سبب الخلاف أن أهلها لما عادوا قاهرين منصورين ادعى كل طائفة أن النصرة كانت من جهتها، فعظم الخصام بينهم إلى أن قتل من إحدى الطائفتين قتيل، واشتد الخطب وتفاقم الشر، ووقعت الحرب بينهم فقتل بينهم قتلى!! فطمع الصليبيون . وزحفوا إلى عسقلان وقاتلوا «فلم يجدوا من يمنعهم فملكوه»!! وتلك هى الطامة الكبرى . ولذا حذر الرسول صلى لله عليه وسلم صحابته بعد انتصارهم فى غزوة بدر فقال " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر , قالوا وما الجهاد الأكبر قال صلى  الله عليه وسلم  "جهاد النفس"  وكذلك قال صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه " والله ما الفقر أخشى عليكم  وإنما اخشى عليكم أن تبسط لكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"  وصدق الحق جل وعلا حين قال {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}. وبذلك أصبحت ممالك الصليبيين كالجزر وسط محيط من الأعداء، ومع ذلك كتب لها الاستمرار 196 سنة حتى تم اقتلاع آخرها!! بسبب الإمدادات والحملات التي كانت تأتيهم بين فترة وأخرى، وبسبب ضعف المسلمين وتشرذمهم، وعدم استغلالهم لفرصة انسياب وانتشار الصليبيين على مساحات واسعة من الأرض بأعداد قليلة ليقضوا عليهم، ولكن المسلمين تأخروا حتى قويت شوكة الصليبيين وأصبح من الصعب اقتلاعها .

         تاسعا: العهد العثماني وبنوا إسرائيلخضعت فلسطين للحكم العثماني في عام 923هـ , ودام حكمهم فيها مدة أربعة قرون إلى عام 1336هـ  وقد بدأت الصهيونية تخطط لتحقيق حلم اليهود بالعودة إلى أرض الميعاد في فلسطين منذ القرن الحادي عشر الهجري . غير أن أوضاع اليهود في شرق أوروبا وفرنسا في القرن الثالث عشر الهجري حفزت الصحافي اليهودي تيودور هرتزل زعيم الصهيونية لمقابلة السلطان عبدالحميد الثاني في عام1314هـ  وطلب منه الحصول على مستعمرة واحدة لليهود بالقرب من القدس مقابل دعم مادي كبير يدفعه اليهود للدولة العثمانية . غير أن السلطان عبدالحميد(رحمه الله) رفض الطلب بشدة . وفي عام1314هـ , عقد الصهاينة أول مؤتمر لهم في مدينة بال بسويسرا حيث وضعوا برنامجا للعمل حددوا بموجبه أهدافهم ووسائلهم لإحتلال فلسطين . وكرر الصهاينة محاولتهم لإقناع السلطان عبدالحميد بمطالبهم في عام1320هـ وعرضوا عليه هذه المرة تسديد جميع ديون الدولة العثمانية وبناء أسطول لها على حسابهم وتقديم  قرض كبير لها دون فوائد مقابل أن يسمح لهم السلطان عبدالحميد بإقامة مستعمرة في القدس . ومن هنا كانت نقمة الصهاينة على السلطان عبدالحميد الثاني مما جعلهم يطلقون عليه السب والشتائم ومنها  قولهم البذئ " إنه الرجل المريض " وتآمرهم عليه مع جمعية الإتحاد  والترقي (بزعامة مصطفى كمال أتاتورك) التي أطاحت به عام 1327هـ. إثر إنقلاب عسكري عليه وتغير موقف اليهود بعد خلع السلطان عبدالحميد وبدأت هجرتهم إلى فلسطين . فبعد أن كان عددهم لايتجاوز (20000) في عام1298هـ , أصبحوأ (56000) في عام 1337هـ . 



                          الباب السابع                                     الصهيونية          أولا : الصهيونية و بنوا إسرائيل             لقد قدم د.وليد الخالدى بحثا رائعا بين فيه ما قام به بنوا إسرائيل من إعداد مجموعة الصهاينة وإحتلال قطعة من أرض المسلمين نذكره الآن بتصريف يسير لتعلم الأجيال الحالية ما قام  به الصهاينة من حروب وتدمير وأنهم لا يرقبون فى المسلمين إلا ولا ذمة وكم نقضوا من  عهود وكم خدعوا من قادة ورغم تحذير الحق سبحانه وتعالى لنا فى قوله تعالى " إنهم يكيدون كيدا " إلا أن المسلمين تركوهم حتى تحقق لهم ما أرادوا . فإليك عزيزى القارئ المراحل والتطورات التى أعدوها وكيف أشرفوا على تنفيذها خطوة خطوة وكأنهم يقراؤن كتابا مفتوحا فلم تتخلف لهم خطة ولم يصيبهم الوهن لهزيمة وانما هم حريصون كل الحرص على تحقيق أهدافهم مهما كانت التضحيات فيا قومنا أفيقوا واقراؤ التاريخ والأحداث جيدا ليتسنى لكم معرفة فكر وخطر عدوكم  قبل فوات الآوان . فقد كنا نتعجب حين نقرأ عن سقوط الأندلس وضياعها من التاريخ إلى الأبد فإذا بنا بكارثة أفجع منها فى العصر الحديث على مرأى ومسمع من الحرية والديمقراطية فدمُرت العراق, وفلسطين الآن تترنح تحت ضغط الإحتلال فيا قومنا " أليس منكم رجل رشيد وإليكم الأطوار  التى دبرها الصهاينة لإحتلال فلسطين .أول مؤتمر للصهاينةفي كازينو بلدية بازل في سويسرا في 29 آب (أغسطس) عام 1897 افتتح المؤتمر الصهيوني الأول بدعوة من الصحفي اليهودي الهنغاري تيودور هرتزل ووضع الحجر الأساسى للمنظمة الصهيونية التي انبثقت عنها "إسرائيل" بعد نصف قرن وهي المنظمة التي ما زالت تمد الدولة اليهودية منذ لحظة ولادتها إلى يومنا هذا بكل أصناف المؤازرة والدعم. بإفتتاح المؤتمر الصهيوني الأول وبتأسيس المنظمة الصهيونية زرعت بذور ما سمي بالقضية الفلسطينية والأدق أن يسمى بالصراع الصهيوني - العربي الذي انطوى على ما انطوى    عليه من سعي دؤوب عنيد من قبل الصهيونية لقلب موازين القوى الراهنة في فلسطين وجوارها ولإحداث ثورة جذرية في الأوضاع القائمة فيها على المستويات كلها وعلى حساب شعوبها . إذ غدت "إسرائيل" اليوم بعد مئة عام وعبر سلسلة من التطورات المحلية والإقليمية   والدولية وما رافقها من ويلات وحروب، الدولة العظمى في موضع القلب من الوطن    العربي بين  محيطه وخليجه وباتت الأمة العربية أمام خطر أدعى وأعظم من كل ما سبق أن هددها منذ إندحار الصليبيين والمغول ووضعت علامة استفهام كبرى على مجمل مصير المشرق العربي ومستقبله. واستند الفكر الصهيوني في كل هذا (وحتى العلماني منه) إلى مقدمة ( Premise) أساسية "أخلاقية عجيبة مفادها أن الصلة التاريخية القديمة المزعومة بفلسطين وإن انقطعت منذ آلاف السنين تمنح اليهود المعاصرين اليوم حيثما كانوا أحقية في الحقوق السياسية المصيرية تعلو   على حقوق سكان فلسطين وجوارها من غير اليهود منذ آلاف السنين وتبرر فى نظرهم اقتلاع أهلها والحلول محلهم باسم "إحقاق الحق" عن طريق "عودة" اليهود من "شتاتهم" الى البلاد "الأصل . واستغل الفكر الصهيوني الدعم المعنوي من هذه المقولة المزعومة وكذلك من نظرة    الإستعلاء التى اختلقها الصهاينة على سائر الشعوب   وليس هذا فحسب بل رفض الفكر الصهيوني منذ المؤتمر الصهيوني الأول رفضاً          قاطعاً اي ربط بين الفعل الصهيوني البادىء وردة الفعل العربية التالية له واعتبر منذ أن رأى النور أن حصانته المعنوية تجاه من ستقع وطأته عليهم أمر مسلم به سلفاً بل حق أزلي     لليهود لا جدال فيه ولا نقاش. وإذا كانت مجريات التاريخ أحياناً أعجب من الخيال فمن أعجب مجريات التاريخ تطور الحركة الصهيونية منذ بداياتها أواخر القرن التاسع عشر وبخاصة منذ مؤتمر بازل الأول إلى ما وصلت إليه اليوم. ثانيا :ما هي أطوار الصهيونية ومراحلها الكبرى كما تبدو لنا؟ ومن الممكن أن نختصرمراحل تطور الصهيونية فى أربعة أطوار رئيسية تنقسم بدورها إلى مراحل مميزة ؛  ونعتبر نهاية كل طور منها محطة مفصلية تتلوها مراحل تشكل في تراكم آثارها التقدم نحو المحطة التالية وهي تلخص نمو الصهيونية من البدايات : فأول طور اقتصر عملياً على البكاء على الأطلال (وهي حائط المبكى) ثم تطور إلى وضع هيمنة "اسرائيل" على المشرق العربي الذي نعيش اليوم في وسطه. وها هى البدايات التى مثلت  البنية التحتية لكل ما تلاها من أحداث إلى أن إكتملت عناصر نجاح الحركة الصهيونية اللازمة  بوعد بلفور الذى صدر عام 1917: 1-  تعبئة للإرادة السياسية اليهودية الهادفة .2-  بلورة فكرة الدولة اليهودية كحل "للمعضلة اليهودية"  3- اتفاق على برنامج تنفيذي لتحقيق الدولة .4- تأسيس الحركة الصهيونية  في إطار تمثيلي تشريعي أعلى تحت مسمى (المؤتمر الصهيوني والمنظمة الصهيونية) 5– خلق الآليات المركزية القومية المنفذة ميدانياً من مؤسسات جباية واستثمار 6- تدشين الدبلوماسية والدعاية الصهيونية الدولية .7- وضع الأسس التنظيمية السياسية للجاليات اليهودية في بلاد الشتات .8-  الحصول على دعم الدولة الإحتلالية العظمى حينذاك وهي بريطانيا. وكانت فكرة الدولة اليهودية مجرد حركة يهودية اوروبية المنشأ ظهرت في أوائل الثمانينات من القرن قبل الماضي 1890 غايتها العامة الهجرة إلى فلسطين بحجة "العودة اليها بدوافع دينية أو دنيوية أو خليطة بينها بهدف استيطانها أملاً بيوم آت أو غير آت يتم فيه إعادة تأسيس الدولة اليهودية فيها. ومن ثم إنتقلت مجموعات من اليهود إلى فلسطين عبر العصور إثر الفتح الإسلامي لغايات  دينية صرفة من زيارة  بل إن الأوساط الدينية اليهودية  وحتى  بعد ظهور الصهيونية السياسية بمفهوم هرتزل والى الأمس القريب ظلت في سوادها الأعظم مناهضة للصهيونية على إعتبار أن "عودة" الشعب اليهودي الجماعية إلى فلسطين إنما هي مرهونة بالإرادة الإلهية وظهور المسيح وإن أي محاولة لإستباق هذه الإرادة بالمبادرة السياسية البشرية إن هي إلا بدعة تنبذها تعاليم الدين ولا تقرها اطلاقاً. ومع هذا وجدت في فلسطين قبيل ظهور الحركة الصهيونية جاليات يهودية متدينة        نصفها من اليهود الشرقيين (السفرديم) والنصف الأخر من الأوروبيين (اشكناز) على عداوة وخلاف مزمن مع بعضهم بعضاً ؛ أقامت في المدن الأربع المقدسة في نظرهم (الخليل والقدس وطبريا وصفد). وسبب إستقرارهم  فى هذه الأماكن هو زعمهم أن العيش خارج هذه المدن والعمل لكسب العيش في أي حرفة أو صنعة كانت إنما هو منافٍ للدين يصرفهم عن التعبد والصلاة  فكانوا لذلك عالة دائمة على ابناء دينهم في اوروبا حيث جمعت لهم الصدقات سنوياً كسباً للأجر والثواب لسد حاجاتهم المعيشية ووفق نظام عرف بـ"الهالوكا" وكان عدد هؤلاء اليهود المدعيين للدين المقيمين في فلسطين عند بدء الحركة الصهيونية في أوائل الثمانينات من القرن التاسع عشر حوالى 40,000 وكان البكاء عند حائط البراق ("حائط المبكى") بالقدس من أهم أعرافهم بدأ العمل به في أوائل القرن السادس عشر ميلادي بعد دخول العثمانيين المدينة علماً بأن العرف الأقدم كان الوقوف على جبل الزيتون شرقي القدس في مناسبات معينة لتأمل ما اعتبر موقع الهيكل المزعوم  والتحسر على أطلاله. ثالثا : بذور الصهيونية :سبق عدد من مفكري اليهود هرتزل في بلورة الفكر الصهيوني أهمهم خمسة: 1- كاليشير (1795-1874) 2- وموزيس هس (1812-1875) 3- وينسكر (1821-1891) 4- وموهيليفير (1824-1898) 5- وغينزبرغ (1856-1927).وكان لكل منهم رأى خاص بهذه القضية نعرضها كالآتى : -1- فقد تحدى الحاخام كاليشير البروسي المولد الإجماع الديني السائد بأن أفتى بأن العمل الميداني الإستيطاني في فلسطين يجب أن يسبق ظهور المسيح المنتظر وأن المعجزة الربانية في خلاص اليهود ستلي حتماً مثل هذا العمل , فزرع بهذه الفتوى "المارقة" بذور التوليف  اللاحق بين الصهيونية والفكر الديني اليهودي. 2-وجزم موزيس هس الألماني المولد والإشتراكي العلماني زميل كارل ماركس بإستحالة النهوض باليهودية في الشتات الأوروبي المسيحي وبوجوب إقامة دولة يهودية                 في  فلسطين كشرط مسبق لإعادة إحياء اليهودية سياسياً وكان على قناعة بأن الدول المسيحية وعلى رأسها فرنسا ستقدم العون لليهود لتحقيق هذا الهدف . 3- وحذر بنسكر الروسي المولد من الوهم بأن اللاسامية على طريق الإضمحلال نظراً        لأن اليهود يعتبرون أغراباً حيثما وجدوا وأنه كلما وصل عددهم في أي بلد ما  "حد الإشباع" نتج اضطهادهم تلقائياً تبعاً لذلك، ودعا إلى إنشاء مركز قومي وسياسي         خاص بهم من دون تحديد مكانه وإلى تنظيم مؤتمر قومي لاختيار البلد وتنظيم الهجرة إليه. 4- وصب فكر الحاخام موهيليفر الروسي المولد في مصب فكر سلفه كاليشير إذ دعا إلى  دراسة علوم الزراعة إضافة إلى الدراسات الدينية وذهب في حثه على الإستيطان إلى القول "بأن الله يفضل أن يعيش مع ابنائه في أرضهم (فلسطين) حتى ولو لم يتقيدوا بتعاليم       التوراة على أن يظلوا في الشتات متقيدين بها".5- وشدد غنزبرغ الروسي المولد على أن الدولة اليهودية المرتجاة لا يجوز أن تكون ملجأ فحسب للشعب اليهودي وأنه لا بد من فترة إنتقال طويلة قبل إنشائها يتم فيها عن طريق تثقيف الذات قومياً وروحياً التخلص من أدران الشتات البغيضة ومن الميوعة   في الأخلاق اليهودية والنزعة الجانحة إلى تقليد الغرب، لذلك وقف موقف الناقد لحركة الإستيطان الصهيونية الجارية قبل المؤتمر الصهيوني الأول وبعده. ولأن هناك نظرة موغلة في التشاؤم بالنسبة لأوضاع اليهود المستقبلية في البلاد الأوروبية يردفها نفور من النزعة اليهودية المتزايدة إلى الإندماج فيها مع توكيد على وجوب المحافظة على الهوية اليهودية التراثية وتثبيتها ولذلك قرروا اللجؤء إلى فلسطين عن طريق هجرة إستيطانية جماعية إليها. وزاد من هذا الشعور هو ظهور اللاسامية الاوروبية العلمانية منذ أواسط القرن التاسع    عشر المتزامنة مع منح اليهود الحقوق المدنية الكاملة في معظم الدول الاوروبية خلال     القرن الماضى بتأثير الثورة الفرنسية  كما أحدثت تشريعات " نابليون " صدمة نفسية عنيفة   لدى اليهود قاطبة حتى في الأوساط الداعية إلى الإندماج والتكيف في أوطانهم الاوروبية  بوحي من تعاليم المصلح اليهودي الاأماني موزز مندلسون (1729-1786) واللاسامية العلمانية رافقت ظهور العقيدة القومية الاوروبية القائمة على مبدأي : -- النقاء العنصري  -والدولة الامة Nation State  على أن تكون هذه الدولة متأثرة بالنظرية الداروينية التي اكتسحت دول اوروبا خلال القرن فجاءت لتضيف بعداً معاصراً للبعد اللاهوتي لعداء اوروبا لليهود المتوارث منذ نشوء المسيحية. وعبر عن هذه اللاسامية الحديثة عدد من مفكري الغرب في كتب تدل عناوينها على فحواها ومن اشهرها :1-كتاب "التفاوت بين الأجناس" لغوبينو   الفرنسي الصادر عام 1853، 2- كتاب مار الالماني بعنوان "انتصار اليهودية على الالمانية" عام 1869" 3-كتاب درومنت الفرنسي بعنوان "فرنسا اليهودية" عام 1886. ولعل محاكمة الضابط اليهودي في الجيش الفرنسي دريفوس عام 1894 من أشهر الأحداث المرتبطة بإنتشار اللاسامية العلمانية في اوروبا الغربية، وحضرها هرتزل بصفته الصحفية وكان لها الأثر الحاسم في تطور عقيدته الصهيونية. ولم تمض سنتان على حضور الصحفي الهنغاري هرتزل محاكمة دريفوس حتى وضع مقال  بالالمانية عام 1896 يحتوى (23,000 كلمة) بعنوان "دولة اليهود" واعقبه بالدعوة الى انعقاد مؤتمر يهودي عام لتنفيذ ما ورد فيه .  مع أن  هرتزل لم يأت بجديد في تشخيصه للمعضلة اليهودية أو في وصفه للدولة اليهودية كعلاج لها ؛ لكن الجديد كان في طرحه المنهجي الهادىء وتوكيده الواثق على الدولة كحل أكيد لما يعانيه اليهود في المجتمعات الغربية واطمئنانه التام إلى إمكان تحقيق الدولة عبر مقترحاته. واعتبر هرتزل أن فكرة الدولة وامكان تحقيقها تحتوي على قوة كامنة قادرة على تحريك الشعب اليهودي وأن اللاسامية الحديثة جعلت من اليهود الذين فرقتهم تيارات التنوير والأندماج شعباً Volk واحداً متحداً وأعظم قوة من ذي قبل وأن القضية اليهودية    ليست قضية دينية أو اجتماعية (وإن اتخذت هذه الأشكال أحياناً) ولكنها في الصميم     قضية قومية وأن لا بد من تحويلها إلى قضية سياسية دولية لكسب التأييد الدولي للدولة اليهودية كحل لها. رابعا : فلسطين أم الأرجنتين واقترح هرتزل لتحقيق الدولة قيام هيئتين  :1- "جمعية اليهود" Society of Jews  2- الشركة اليهودية The Jewish Company   واعتبر الجمعية الأداة السياسية ذات سلطة التقرير : -على أن تقوم بكل الأعمال السياسية المطلوبة من توعية الرأي العام اليهودي والعالمي ؛  إلى تنظيم الهجرة الجماعية ؛ إلى إختيار البلد المهاجر إليه  ؛ إلى  إجراء المفاوضات مع الدول الكبرى للحصول على "البراءة" والتي تعترف بالسيادة اليهودية على البلد المختار. أرايت عزيزى القارئ : آى بلد مختار  فإلى ذلك الحين لم تكن لديهم نية محددة تجاه الإستيطان فى فلسطين ولم يكن لديهم اهتمام بالأماكن المقدسة التى يزعمونها الآن !!!!!!!ويُذكر أن هرتزل لم يحدد هذا البلد في كتابه بل تساءل "هل يكون البلد فلسطين أم الأرجنتين؟ سنأخذ ما يعرض علينا وما يختاره الرأي العام اليهودي". أما الشركة  : - فتتولى جمع المال  ؛ وتنظيم التجارة والصناعة في البلد المختار ؛  وتصفية ممتلكات اليهود في اوروبا  ؛ وشراء الأراضي ؛  ومدّ المهاجرين بالمساكن والأدوات والقروض وتكون الشركة مساهمة محدودة برأس مال قدره مئتا مليون دولار تسجل في لندن تحت الحماية البريطانية  . أما المال فأسهل مصدر للحصول عليه هو كبار المتمولين اليهود فإن تعذر     فيحصل عليه من البنوك الصغيرة وإن تعذر فمن الإكتتاب الشعبي اليهودي . وقبيل المؤتمر الصهيوني الأول وعند بداية الهجرة الإستيطانية إلى فلسين في أوائل الثمانينات  من القرن قبل الماضي كان عدد يهود العالم 7,750,000 وكانت أعلى نسبة منهم : -(حوالى 75 في المئة) تقطن بلاد اوروبا الشرقية وبخاصة روسيا  - تليها يهود اوروبا الوسطى والغربية (13,15 في المئة) - ثم يهود الدول الأسيوية (8 في المئة) - بينما نسبة يهود الولايات المتحدة لم تتعد 3,5 في المئة. وكان اكبر مستودع بشري يهودي يضم حوالى خمسة ملايين منهم يخضع للحكم القيصري الذي حصر اقامتهم في مقاطعاته الغربية البولندية من دون سائر انحاء روسيا وعرفت هذه المقاطعة التي  امتدت من بحر البلطيق إلى البحر الأسود وضيق عليهم وتكررت الهجمات الجماهيرية الروسية التي عرفت بـالبغروم  على الجاليات اليهودية فيها مما دفعها الى الهجرة خارج روسيا فتدفقت جموعهم نحو الولايات المتحدة الأمريكية ودخلها منهم 600,000 بين 1881 و1899 و 1,450,000 آخرون ما بين 1899 و 1914. مقارنة بهذه الهجرة لمئات الآلاف من اليهود إلى الولايات المتحدة لم تزد هجرة اليهود        إلى فلسطين بدافع الصهيونية خلال الفترة ذاتها أي في العقدين السابقين والتاليين للمؤتمر الصهيوني الأول (1880-1914) على 50,000 وجاءت هذه الهجرة في موجتين: 1- الاولى من "الفناء" ومن رومانيا بين 1882-1903 وعددها حوالى 6000 2-الثانية معظمها من "الفناء" بين 1904-1914 وعددها حوالى 40,000. وعلى رغم قلة عدد هؤلاء المهاجرين فقد كان لدخولهم فلسطين في هذه الفترة بالغ الأثر  على مستقبل الحركة الصهيونية ذلك أنهم شكلوا النواة البشرية اللازمة للمجتمع     الصهيوني الجديد المزمع انشاءه من حيث نظرتهم الاستعلائية على أهل البلاد من العرب وطموحاتهم القومية وخبراتهم المتنوعة المستقاة من بيئة "الفضاء" القاسية ونظرياتهم   الإجتماعية حصيلة إحتكاكهم بتيارات روسيا واوروبا الفكرية عشية الثورة البلشفية. وضع المؤتمر الصهيوني الأول بزعامة هيرتزل برنامج الحركة الصهيونية الذي عرف     "ببرنامج بازل" واستمر العمل به إلى أن حل محله عام 1951 "برنامج القدس" الذي وضع في أول مؤتمر ينعقد بعد قيام دولة "إسرائيل". وحدد البرنامج غاية الصهيونية بالالمانية      على أنها "خلق مسكن ( Heimstatte) للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه   "القانون العام" واقرب تعبير بالانكليزية لـ Heimstatte   هو Homestead  الذي يعني "مكان منزل المرء"  وكان هدف هرتزل من الإصرار على هذه الصياغة، وهو الداعي جهاراً إلى قيام الدولة اليهودية، التخفيف من مخاوف كل من الدولة العثمانية وحلفائها والمتدينين اليهود وكبار اثريائهم من دعاة الإندماج بالمجتمعات الاوروبية فأرسى بذلك سابقة في التمويه على     الهدف من دون التخلي عنه أصبحت من أهم ركائز الاستراتيجية الصهيونية فيما بعد. أما الوسائل التي حددها برنامج بازل لتحقيق الغاية المعلنة فهي:1 - الاستيطان الزراعي وغير الزراعي.2 - تنظيم الشعب اليهودي بأسره.3 - تعزيز الشعور بالهوية اليهودية.4 - الاتفاقات مع الحكومات لتحقيق هدف الصهيونية وهي وسائل لا تزال تعمل الصهيونية بها إلى يومنا هذا علماً بأن المؤتمر الصهيوني الأول بدأ سلسلة مؤتمرات لم تنقطع منذئذٍ كان آخرها المؤتمر الثاني والثلاثين المنعقد في القدس عام 1992. خامسا : من لا يملك أعطى لمن لا يستحق !!!!  وصل هرتزل مبكراً إلى قناعة راسخة بأن أولى أولويات العمل الصهيوني يجب أن         تكون الحصول على "براءة" شرعية  لاستيطان فلسطين من الدولة العثمانية ولا شك في أن نموذجية للبراءة كانت تلك البراءات التي منحتها الدول الإحتلالية الكبرى بريطانيا  وهولندا عبر القرون إلى شركات خاصة للإستثمار والاستيطان في مناطق اسيوية وافريقية بدأ بـ"شركة الهند الشرقية" البريطانية في أوائل القرن السابع عشر وانتهاء بالبراءة         التي منحتها الحكومة البريطانية عام 1899 إلى "شركة افريقيا الجنوبية" التابعة لسيسل  رودس لإحتلال منطقة "الزمبيزي" واستعان هرتزل بقيصر المانيا للتأثير على السلطان عبدالحميد عام 1898 فسأله القيصر "قل لي بكلمة ماذا تريدني أن اطلب من السلطان" فأجاب هرتزل "شركة ذات براءة  تحت الحماية الالمانية" وفشل هرتزل في مساعيه مع القيصر كما فشل في مساعيه مع السلطان عبدالحميد الذي قابله عام 1901. وعلى إثر فشله هذا لدى اسطنبول اتجه هرتزل في سعيه نحو مانحة البراءات العظمى: بريطانيا… وفي عام 1902 قابل وزير المستعمرات البريطاني جوزيف شمبرلين واقترح   هرتزل عليه استيطان منطقة العريش في سيناء فوافق شمبرلين إلا أن المحادثات مع الحكومة المصرية اخفقت فما كان من شمبرلين نفسه إلا أن عرض عام 1903 على هرتزل براءة لاستيطان افريقيا الشرقية ولحرص هرتزل على الحصول على براءة من بريطانيا بالذات اقترح على المؤتمر الصهيوني السادس عام 1903 إيفاد بعثة لتقصي أوضاع المنطقة الافريقية المقترحة مما اثار        معارضة شديدة داخل المؤتمر اتهمت هرتزل "بخيانة الصهيونية" لتخليه عن فلسطين. ومع أن مشروع افريقيا لم يتحقق وتوفي هرتزل في العام التالي فقد نجح هرتزل في تنبيه  حركته إلى أهمية البراءة القصوى كما نجح عبر المؤتمر الصهيوني واتصالاته مع صانعي القرار  في وضع الحركة الصهيونية على خريطة الدبلوماسية الدولية وفي استدرار عرضين    استيطانيين من اكبر عاصمة استغلالية في العالم ألا وهى بريطانيا آنذاك .  وقامت خلال هذه المرحلة اثناء حياة هرتزل وبعد وفاته بعض أهم المؤسسات الصهيونية وعلى رأسها المنظمة الصهيونية ذاتها التي اصبح المؤتمر هيئتها التشريعية والسياسية العليا وضمنت المنظمة امكان كسب قاعدة شعبية لها على اسس تمثيلية ديمقراطية عبر نظام  "الشاقل" بقيمة رمزية قدرها مارك واحد أو فرنك أو شلن ينتخب كل مئة دافع شاقل     ممثلاً واحداً عنهم في المؤتمر. وأمن هذا المصدر دخلاً لتغطية نفقات المؤتمر ذاته ونفقات لجنته التنفيذية ومكتبها المنبثقتين  عنه عن طريق الانتخاب ايضاً. وضمنت هذه الترتيبات استمرار المنظمة كمؤسسة لا ذاتية تؤمن انتقال السلطة بالتتابع. وقام التنظيم الصهيوني في مختلف البلاد على أساس اللامركزية والتوافق مع القوانين المرعية . فارتبطت الجمعيات الصهيونية المحلية طوعاً باتحاد عام Federation   لكل بلد ارتبط بدوره باللجنة التنفيذية المركزية وأقر مبكراً مبدأ التعددية واضيف لتنظيم الاتحادات الافقي تنظيم عمودي افسح المجال لانضمام أحزاب عقائدية غير مرتبطة ببلد معين عرفت بالاتحادات المنفصلة Separate Unions انتسبت عن طريقها إلى المنظمة فئات اشتراكية ومتدينة. وهكذا ورغماً عن المعارضة الشديدة التي واجهتها الصهيونية في بادىء الأمر من   الاندماجيين ومن المتدينين عموماً، أوجدت الأطر والمبادىء الكفيلة بتوسيع دائرة التأييد لها  إلى اقصى الحدود عند توفر الظروف الملائمة وغدت المنظمة الصهيونية الهيئة اليهودية   القادرة على الادعاء بصدقية بتمثيل الشعب اليهودي بأسره.  إضافة إلى المنظمة الصهيونية، تأسست مؤسستان خطيرتان رسميتان أخريان اثناء حياة   هرتزل بقرار من المؤتمر   ( الإستعمارى ) الاحتلالى الإغتصابى اليهودي Jewish Colonial Trust ( عام 1899) والصندوق اليهودي القومي Jewish National   Fund ( عام 1901). أما الصندوق الاستعماري :- وهو الهيئة المالية الرئيسية للمنظمة الصهيونية، فكان التجسيد لفكرة "الشركة اليهودية"   التي ذكرها هرتزل في كتابه "دولة اليهود" والمرشحة لاستلام  البراءة من مانحيها وتأسس الصندوق في لندن كشركة مساهمة محدودة برأس مال معلن قدره مليونا جنيه اكتتب منه حوالى 400,000 جنيه فقط بسبب إحجام كبار المتمولين اليهود عن المساهمة فيه، بيد انه لاقى تجاوباً واسعاً لدى الفقراء اليهود الذين اقبلوا على شراء أسهمه بسعر جنيه واحد للسهم، لكونه يجمع للمرة الاولى في تاريخ المؤسسات اليهودية بين هدفي الربح    المادي والخدمة القومية. وتفرع عن الصدوق عدة شركات مصرفية بدت على انها     الأدوات الميدانية الصهيونية المفضلة آنذاك واهمها :-- "شركة الانجلو بالستين" (1803) و"شركة انجلو ليفانتين المصرفية" (1908) -و"شركة تطوير اراضي فلسطين" Palestine Land Development Co. ( 1908 ) وجميعها سجلت في لندن كشركات مساهمة محدودة وأسست "الانجلو بالستين" فروعاً لها في كل من بيروت والقدس ويافا والخليل وحيفا وصفد وطبريا، بينما أسست "الانجلو ليفانتين" فرعاً في اسطنبول،- اما "شركة تطوير أراضي فلسطين" فأصبحت الأداة الرئيسة لشراء الأراضي باسم "الصندوق القومي اليهودي" وهو الصندوق الذي خصص لتمويل شراء الأراضي في فلسطين على أن تبقى ملكاً للشعب اليهودي غير قابل للتصرف وتؤجر لليهود من دون سواهم ولا يسمح لغير اليهود العمل فيها. وتم تسجيل الصندوق في لندن كشركة "محدودة بالكفالة وبدون رأس مال موزع في اسهم"، وقام الصندوق على أساس الجباية الشعبية بواسطة طوابع بريد وصناديق صغيرة خاصة وضعت في المنازل والمؤسسات العامة حيثما وجدت جاليات يهودية في العالم ، فخلق بذلك حلقة واسعة من اليهود العاديين المؤيدين مباشرة لأهداف الصهيونية. والصندوق، وإن لم يلعب دوراً حاسماً في شراء الأراضي في هذه المرحلة بالذات، فإنه لعبه في الطور المقبل وهو على كل حال جسد منذ البداية عبر المبادىء التي قام عليها خطوط الاستراتيجية الصهيونية الإقتصادية الكبرى الهادفة الى انشاء اقتصاد مستقبل منفصل عن اقتصاد عرب فلسطين  قاعدة لقيام الكيان السياسي عليها لاحقاً.  ومن أهم المؤسسات الصهيونية في هذه المرحلة، إن لم يكن أهمها ميدانياً، مكتب فلسطين The Palestine Office الذي تأسس عام 1908 وعكس في نشاطاته  توجه الحركة الصهيونية بعد وفاة هرتزل وتجميد السعي للحصول على البراءة نحو العمل الاستيطاني المكثف  .وتولى إدارته البيروقراطي البروسي  ارثور روبين (1876-1943) الذي جعل من المكتب الهيئة المشرفة العليا على كافة النشاطات الصهيونية في فلسطين، ونسق من خلاله عمليات شراء الأراضي، من قبل المؤسسات الصهيونية الرسمية أو من قبل شركات خاصة أو أفراد ووضع خطة جغراسية geopolitical لشراء الأراضي تعتمد وجوب الاستيطان المتصل على محاور ثلاثة: اولها : السهل الساحلي بين يافا وحيفا، وثانيها : السهل الداخلي بين حيفا وطبريا، وثالثها : حوض الاردن من طبريا الى اعالي النهر، وهي الخطة التي تم تنفيذها في الطور التالي وارست البنية التحتية الارضية للدولة اليهودية. وروبين هو الذي رعى في هذه المرحلة التجارب الأولى للقربة الجماعية التعاونية (الكيبوتس) التي اصبحت لاحقاً رأس حربة في اعقاب وعد بلفور.  وتميزت هذه المرحلة ايضاً بظهور تنظيم عمالي حزبي بين صفوف مهاجري الموجة الثانية (1903-1914) انبثق عن حزب "بوعالي زيون" الماركسي والروسي الاصل وتزعم  التنظيم الفلسطيني منه ديفيد بن غوريون الروسي البولوني الاصل (1886-1973)    الذي دعا الى ضرورة تكييف النظريات الماركسية والاشتراكية الدولية مع ظروف العمال اليهود في فلسطين، ذلك ان هؤلاء يسعون الى تأسيس وطن قومي لهم فيها فطالب بـ"الاستيلاء على العمل" Conquest of Labour في المستعمرات. والمنشآت اليهودية في فلسطين، اي عدم السماح للعرب بالعمل فيها. وهكذا تم التلاقي بين القاعدة العمالية الشعبية والمؤسسة السياسية الصهيونية حول     وجوب انفصال الاقتصاد الصهيوني عن الاقتصاد العربي، ووضعت اسس التحالف السياسي اللاحق بينهما وفي الوقت نفسه تألفت أول مجموعة عمالية مسلحة يهودية باسم Hashomer ( 1908 ) " الحارس" التي كان من اهم اهدافها اخراج الحراس  العرب من المستعمرات اليهودية فجاءت نذيراً مبكراً بما هو آت.  والمفارقة الكبرى طوال هذه الفترة هي حاجة المنظمة الصهيونية إلى المال، بسبب موقف   كبار المتمولين اليهود منها، غير أن كبار المتمولين  هم الذين سدوا هذه الثغرة ليس         عبر المنظمة أو مؤسساتها، لكن بما قدموه مباشرة الى المستوطنين في فلسطين، وكان على   رأس هؤلاء المتمولين من غير الصهاينة اسماً ( Non-Zionist) البارون ادموند  روتشيلد (1845-1935) عميد الفرع الفرنسي للعائلة الذي لولا ما تبرع به          لانهار حركة الاستيطان الصهيونية بكاملها ما بين أوائل الثمانينات وعام 1914، فقد بلغ مثلاً ما انفقته جمعية "احباء صهيون" وهي اكبر جمعية روسية صهيونية في "فناء الاستيطان" مثلت عشرات الآلاف من الاتباع، بلغ ما انفقته في فلسطين بين 1884 وانعقاد المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 مليوني فرنك، بينما بلغ ما انفقه روتشيلد  بمفرده خلال الفترة ذاتها اربعين مليون فرنك. وهكذا مهما اختلفت دوافع الاطراف اليهودية العدة،     فان الظاهرة المواكبة لتطور الصهيونية إلى الآن تشير إلى أن مساعي هذه الأطراف جميعاً  تصب دوماً في مصب واحد. سادسا :أثناء الحرب العالمية الأولى : إذا كانت الحرب تصنع التاريخ وتحدث تغييرات جذرية في سنين أو أشهر أو حتى أيام       ما يحتاج السلم إلى عقود بل إلى قرون للإتيان بمثلها فإن الحرب العالمية الاولى خلال السنوات 1914-1918 صنعت تاريخ مشرقنا العربي الذي تلاها إلى يومنا هذا. وزعموا أن الإمبراطورية العثمانية في القرن التاسع عشر "رجل أوروبا المريض" فهذا المصطلح الذى يذكره التاريخ عن الدولة العثمانية آنذاك , ولكنه مصطلح خاطئ بدليل أنهم عجزوا عن إقناع السلطان عبد الحميد باعطائهم أى براءة ولو لشركات تعمل فى بلاده ولكنهم اختلقوا هذا المصطلح ليوهموا الأجيال القادمة بالحالة التى وصلت اليه دولة الخلافة حتى اذا قوضوها يوما ما فلا يبكى عليها باعتبار انها كانت مريضة وليس بعد المرض إلا الموت . ولا حول ولا قوة إلا بالله .ويؤكد هذا سياسة بريطانيا العظمى الثابتة كانت الحفاظ عليها تجاه اطماع روسيا القيصرية  إلى أن قررت بريطانيا إحتلال مصر عام 1882 ومنذ ذلك الحين اخذت الهوة تتسع  بين اسطنبول ولندن وهكذا عند اندلاع الحرب العالمية الاولى حاربت الدولة العثمانية بجانب المانيا والنمسا و هنغاريا ضد التحالف الثلاثي المؤلف من روسيا وبريطانيا وفرنسا الذي انضمت اليه الولايات المتحدة لاحقاً. وباشتراك اسطنبول في القتال برز احتمال هزيمتها وبالتالي مصير ولاياتها العربية بما فيها فلسطين بعد الحرب وعلى إثر فشل جمال باشا قائد الجيش العثماني الرابع في اقتحام قناة السويس عام 1915 واستلام القوات البريطانية المرابطة في مصر تحت قيادة الجنرال اللنبي زمام المبادة زاد احتمال هزيمة الدولة العثمانية ودخول جيوش اللنبي الولايات العربية وزاد معه نشاط الأطراف المعنية في التداول والتفاوض فيما بينها بالنسبة لمستقبل هذه الولايات. فكانت المحادثات بين الشريف حسين والمندوب السامي البريطاني في مصر - السير هنري مكماهون (تموز / يوليو 1915 آذار / مارس 1916)  ومعاهدة سايكس - بيكو البريطانية - الفرنسية (ايار / مايو 1916) -والمحادثات بين بريطانيا وأمريكا والمنظمة الصهيونية (1915 - 1917) التي افضت إلى وعد بلفور. معاهدة سايكس -بيكو أما معاهدة سايكس-بيكو  فقد عكست اعتراف الحليفين المحاربين الكبيرين التبادل بـ"حقوق" في المشرق العربي كما عكست شرههما على اقتسام غنائم الحرب فيما       بينهما والواقع أن هذا الاتفاق الثنائي كان جزءاً من اتفاق ثلاثي ضم روسيا القيصرية    وشمل تقسيم الولايات العربية، ويلاحظ بالنسبة الى الدول العربية المزمع انشاؤها انها محاطة باليابسة لا منفذ لها الى البحر سوى عبر النقب جنوب غزة بينما الساحل اللبناني - السوري يقع تحت الحكم البريطاني المباشر ويقع النصف الجنوبي من العراق والمحاذي لخليج العرب تحت الحكم البريطاني المباشر اما بالنسبة الى فلسطين فنصت معاهدة سايكس - بيكو ان تكون من غزة الى  شمال عكا وغرب نهر الاردن تحت حكم "دولي" International من دون تحديد صفته على ان تحكم بريطانيا خليج عكا - حيفا والسهل بينهما. لم تكن المنظمة الصهيونية عند اندلاع الحرب أو خلالها في وضع تحسد عليه بصفتها منظمة دولية لها فروع في جميع الدول التجارية. فبينما كان مقر لجنتها التنفيذية الرسمي (المكتب) في برلين كان معظم مؤيديها في "فناء الاستيطان الروسي" ومستعمراتها في فلسطين حين  أمر جمال باشا بطرد احد عشر الف يهودي منها لكونهم من التبعية الروسية بينما كانت مؤسساتها المالية الكبرى في لندن، وتمكنت المنظمة ليس من تخطي هذه العقبات الكأداء فحسب بل وايضاً من التقدم بخطوات عملاقة تجاه اهدافها وبزغت المنتصرة الاولى في الشرق الاوسط في تسوية ما بعد الحرب على رغم وجود مقرها في عاصمة الحلف المنهزم، فكيف كان ذلك ؟ كان من الطبيعي أن يفكر مكتب اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية في بادىء الأمر  بالانتقال إلى عاصمة محايدة على أنه ما لبث أن أدرك أن انسحابه من برلين سيؤدي          إلى فقدان أي نفوذ له فيها، وبالتالي إلى فقدان وسائل التأثير على اسطنبول عبر برلين للتخفيف من تدابير الأولى ضد المستوطنين في فلسطين. لذلك قرر البقاء في برلين  إضافة إلى فتح مكتب له في عاصمة محايدة (كوبنهاجن) ليكون صلة الوصل بينه وبين سائر العالم إلا أن الخطوة الأخطر والأكبر شأناً كان القرار بنقل مركز الثقل للنشاط السياسي الصهيوني إلى الولايات المتحدة لوجود اغنى جالية يهودية في العالم  فيها واكبرها خارج "فناء الاستيطان" الروسي ولكون الولايات المتحدة بلداً محايداً حافظ على حياده إلى نيسان (ابريل) 1917 عندما أعلن الحرب على المانيا من دون الدولة العثمانية ..وأردف المكتب قراره هذا بإيفاده احد اعضائه ناحوم سوكولوف (1859-1936) الروسي - البولوني المولد إلى بريطانيا لتمثيل المنظمة فيها وشهدت السنون القليلة التالية الحصيلة العجيبة للتنسيق المحكم بين النشاط الصهيوني الدبلوماسي في كل من البلدين: الولايات المتحدة وبريطانيا. بلغ عدد يهود امريكا عند اندلاع الحرب العالمية الاولى حوالى ثلاثة ملايين جاء معظمهم    من "فناء الاستيطان" الروسي كما اسلفنا. أما النخبة فكان معظمهم من أصل الماني        جاؤوا قبل اليهود الروس وكانوا باستثناء أقلية صهيونية من دعاة الإصلاح ( Reform) والاندماج وحريصين على إثبات ولائهم إلى الولايات المتحدة . فكان شعارهم "هذا البلد فلسطيننا وهذه المدينة قدسنا وبيت الله هذا معبدنا" ولم       يتجاوز أعضاء الاتحاد الصهيوني الامريكي عام 1914 الـ.12,00 بينما لم تتجاوز ميزانية 15,000 دولار، إلا أنه لم يلبث أن انقلب الوضع في بضعة سنين ويعود ذلك في اكثره الى فرد يهودي واحد هو القانونى لويس برانديس (1856-1941) الامريكي المولد. برانديس والإتحاد الصهيونىتخرج براندس في الحقوق من جامعة هارفرد وتخصص في النزاعات بين العمال واصحاب  العمل وتبنى جانب المستهلك والعالم واشتهر وسمي "نصير الشعب" وجلب انظار        الدوائر الليبيرالية وكان من ابرز من اعجب به وودرو ولسن (1856-1924)  رئيس الولايات المتحدة (1913-1921) الذي اصبح برانديس من اهم مستشاريه  ومن اقرب المقربين لديه وعينه عضواً في محكمة الولايات المتحدة العليا عام  1916 وهو أول يهودي يحتل هذا المنصب الرفيع. قبل برانديس طلب المنظمة الصهيونية في آب (أغسطس) 1914 أي بعد اندلاع  الحرب ان يتولى رئاسة اللجنة التنفيذية المؤقتة Provisional Executive Committee التي تألفت في الولايات المتحدة وقامت عملياً مقام مكتب المنظمة  المعطل في برلين وكان من أول اولوياتها حماية المستوطنين في فلسطين ومدهم بالمساعدات  والمال والتخطيط والتسوية بعد الحرب بالنسبة لفلسطين ولأوضاع الاقليات اليهودية    عموماً في اوروبا، فاندفع برانديس في تنظيم الاتحاد الصهيوني الأمريكي والتجنيد له وفي زيادة موارده       وجمع المال والمؤن وارسالها على سفن البحرية الامريكية الى فلسطين واقنع واشنطن        بنقل اليهود الذين طردهم جمال باشا الى مصر على هذه السفن ايضاً، وحفّز الخارجية الامريكية للتوسط لدى اسطنبول للتخفيف على المستوطنين وبدء سلسلة لقاءات            مع سفيري بريطانيا وفرنسا في واشنطن بالنسبة لمستقبل المشرق، وتم كل هذا بمعرفة    الرئيس ولسن ورضاه. وتصدى برانديس لما له من نفوذ معنوي وسياسي لتهمة "الولاء المزدوج" التي             وسمت الصهيونية بها من قبل انصار الاصلاح من اليهود ومن غيرهم من اعدائها فدعا    جهاراً الى رفض نظرية "وعاء الانصهار" Melting Pot نموذجاً للمجتمع الامريكي المختلط العناصر وطالب باعتماد "التعددية الحضارية" Cultural Pluralism نموذجاً بديلاً معلناً أن "امريكا تعتبر التنوع دون النسق الموحد درب التقدم الصحيح  وان كل يهودي امريكي يساعد في استيطان اليهود فلسطين حتى اذا لم يرغب لنفسه او لأحفاده الهجرة اليها يغدو انساناً افضل وامريكياً افضل بهذه المساعدة"  ففتح الباب بذلك للنشاط الصهيوني في امريكا على مصراعيه والى يومنا هذا. وما إن  حل عام 1919 حتى كان عدد اعضاء الاتحاد الصهيوني الامريكي قد قفز نتيجة   لذلك الى 176,000 وميزانيته الى 3 ملايين دولار. حاييم وايزمان ومتابعة الإتحاد الصهيونى .في هذه الأثناء كان يتحرك على الساحة البريطانية زعيم صهيوني اخر  هو الدكتور حاييم وايزمان (1874-1952) الروسي المولد وخريج جامعات المانيا في الكيمياء، وكان  وايزمان في المؤتمرات الصهيونية المتعاقبة من اشد المعارضين لسياسة هرتزل القائمة على "البراءة اولاً" ولمشروع افريقيا الشرقية بالذات وغادر اوروبا سنة وفاة  هرتزل (1904) لينتقل نهائياً الى بريطانيا حين التحق بجامعة مانشستر محاضراً في  مادة الكيمياء. وعلى رغم كونه عضواً في لجنة المنظمة التنفيذية إلا أن وايزمان لم يكن عضو مكتب      اللجنة وبالتالي لم تكن له صفة رسمية لتمثيل المنظمة . ومع ذلك اصبح لقوة شخصيته    ودهائه وسعة اتصالاته القائد الفعلي للدبلوماسية الصهيونية في بريطانيا خلال الحرب.      وقد وصف وايزمان نفسه بانه "جنائني" وليس مهندساً فهو يزرع "بصلة" في التربة الخصبة حيثما يجدها ويرعاها جميعاً بعناية وطول نفس إلى أن  تنضج ويحين قطافها. ولم يكن الوضع بالنسبة للحركة الصهيونية في بريطانيا ليختلف كثيراً عنه في الولايات   المتحدة عند بدء الحرب بأكثرية النخبة اليهودية اندماجية النزعة حريصة كل الحرص       على تفادي تهمة "الولاء المزدوج" ومناهضة الصهيونية على أساس أن اليهودية دين       واليهود لا يشكلون شعباً بحاجة الى وطن غير البلاد التي تقطنها الجاليات اليهودية العدة. وكانت تمثل هذه الأكثرية النخبوية تجاه الحكومة البريطانية "لجنة مشتركة للشؤون  الخارجية" انتظمت فيها الهيئات الرئيسية اليهودية في بريطانيا وكان ابرز قادتها            اللورد ادوين مونتاغيو (1879-1924) الوزير في وزارة كل من هربرت اسكويت (1906-1922) التي تلتها واللتين قادتا البلاد خلال سني الحرب. على أنه كما في الولايات المتحدة كان للصهيونية بؤر ملتزمة ناشطة ذات صلات واسعة بالمؤسسة الحاكمة البريطانية ما لبث أن اقام وايزمان معها أوثق العلاقات ليصبح قائدها         ومرشدها في الشؤون الصهيونية ومسخراً إياها لأغراض منظمته. سابعا : وعد بلفور ومعاهدة سايكس - بيكووينقسم نشاط وايزمان منذ قدومه الى بريطانيا عام 1904 وإلى وعد بلفور (1917) الى اقسام ثلاثة: 1- فترة ما قبل الحرب، 2- فترة ما تبقى من وزارة هربرت اسكويت (1914-1916) في سني الحرب الاولى، 3- وفترة وزارة لويد جورج، 1- ففي الفترة الاولى كانت قاعدة وايزمان الأساسية العدائل الثلاثة اليهود الصهيونيين    المقيمين في مانشستر الذين عرفوا بـ"عصبة مانشستر" وهم  :- سايمون ماركس ابن مؤسسة شبكة مخازن "ماركس اند سبنسر" الكبرى-  واسرائيل سيف رئيس الشبكة - وهاري ساكر كاتب الافتتاحيات في جريدة "المانشستر جارديان" اليومية الواسعة الانتشار لصاحبها شارلز سكوت المسيحي عضو حزب الاحرار في البرلمان والصديق الحميم والمستشار المقرب لـ لويد جورج وزير المال ثم العتاد الحربي في وزارة اسكويت، وخلف اسكويت في رئاسة الوزارة الذي كان بصفته محام قد مثل المنظمة الصهيونية في المحادثات الخاصة في افريقيا الشرقية بينها وبين الحكومة البريطانية عام 1903. ولعل اهم حدث بالنسبة لنشاط وايزمان في هذه الفترة كان مقابلته الاولى لـ آرثر       بلفور (صاحب الوعد المشئوم) عام 1906 بواسطة عضو البرلمان المحافظ اليهودي    الصهيوني شارلز درايفوس بطلب من بلفور الذي كان حريصاً على معرفة الأسباب     الحقيقية لرفض المنظمة الصهيونية لمشروع افريقيا الشرقية الذي كانت الحكومة       البريطانية قد قدمته اليها عندما كان بلفور نفسه رئيساً للوزارة (1901-1905) وأرست هذه المقابلة اسس صداقة متينة واعجاب متبادل بين وايزمان وبلفور. 2- وما ان اندلعت الحرب حتى باشرت "المانشستر جارديان" بالدعوة بتوجيه صاحبها      سكوت إلى ضم فلسطين في أي تسوية بعد الحرب إلى الامبراطورية البريطانية         وبالتحذير من "سقوطها" تحت الحكم الفرنسي حفاظاً على مصلحة الامبراطورية العليا  وضماناً لأمن قناة السويس. وفي الوقت نفسه ارتفع صوت من داخل وزارة اسكويت        في شخص الوزير هربرت صموئيل اليهودي الصهيوني (1870-1963) - واول مندوب سام بريطاني في فلسطين لاحقاً (1920-1925) الذي ذهب الى        ابعد مما ذهب اليه سكوت (ولم يكن بعد قد قابل وايزمان) واقترح على زميله في الوزارة  لويد جورج انشاء دولة يهودية في فلسطين بعد الحرب باسم الحفاظ على امن الامبراطورية البريطانية ايضاً واردف ذلك بعد مقابلة وايزمان بمذكرة خطية الى الوزارة بهذا المعنى في كانون الثاني (يناير) 1915 ولم يلبث ان تعرف سكوت على وايزمان بواسطة هاري ساكر كاتب الافتتاحيات في "المانشستر جارديان" اياه فعرفه بدوره على صديقه لويد جورج وهكذا وجد وايزمان نفسه في قلب دائرة صنع القرار البريطانية. ومما زاد في ترسيخ اقدامه داخل هذه الدائرة أنه وهو الكيميائي الماهر اكتشف في هذه    الفترة وسيلة لانتاج مادة "الاسيتون" الأساسية لصنع المتفجرات مما ازال اعتماد بريطانيا   على استيراد موادها من وراء البحار فعين عام 1916 رئيساً لمختبر الاميرالية البريطانية (الوزارة البحرية) في لندن  ؛ الأمر الذي يسر عليه اتصالاته وقربه اكثر فأكثر من كبار الوزراء امثال ونستون تشرشل وزير البحرية ولويد جورج وزير العتاد الحربي وآرثر بلفور وزير الخارجية. وفي هذه الاثناء تبلورت المطالب الصهيوني بإرشاد وايزمان وقدم في تشرين الأول    (اكتوبر) "برنامجاً" الى الحكومة البريطانية "لاعادة" استيطان فلسطين من قبل اليهود          عن طريق الهجرة الجماعية من الخارج بهدف انشاء "مسكنهم" ( Home) فيها وعلى اساس الاعتراف بالجنسية اليهودية المنفصلة Separate Jewish Nationality على ان تمنح المنظمة الصهيونية "براءة" ( Charter) تتولها    "شركة يهودية" Jewish Company لهذا الغرض. وطالب البرنامج بسلطات واسعة للشركة تتضمن حق الافضلية في الحصول على "أراضي الدولة وأي أراض أخرى… وعلى جميع أو أية إمتيازات Cojncessronsa كما طالب بحق إنشاء السكك الحديدية والطرق وشبكات التلغراف والتلفون وبناء الموانىء وأحواض السفن وتأسيس شركات الشحن البحري. ويلاحظ التطابق التام بين برنامج وايزمان مع إزاء هرتزل ومساعيه ومع "برنامج بازل" الذي وضعه المؤتمر الصهيوني الأول. لم يتأثر رئيس الوزارة اسكويت بهذا كله بل كان هزأ من مذكرة هربرت صموئيل لعام 1915 وأعرب عن دهشته أن تصدر عنه مثل هذه الأراء الخيالية ولكن ايام اسكويث      في الحكم كانت قد قاربت من النهاية. 3-  وتبدأ فترة نشاط وايزمان الثالثة والحاسمة بسقوط اسكويت في كانون الأول (ديسمبر) 1916 وتولى لويد جورج رئاسة الوزارة مع حفاظ بلفور على منصب وزير الخارجية. وفي كانون الثاني (يناير) 1917 يلتقي وايزمان بسايكس للمرة الأولى وكان سايكس غير مرتاح للصفة الدولية التي نصت عليها معاهدته مع بيكو ذلك ان بمفهوم 1917 كانت هذه الصفة تعني عملياً حكماً مشتركاً بريطانياً-فرنسياً لم تكن بريطانيا لتسعد له فكانت هذه الأرضية المشتركة بين سايكس ووايزمان علماً بأن سايكس كان المسؤول الأول عن شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية ومساعد سكرتير وزارة الحرب لشؤون المنطقة. وبدأت منذ هذا اللقاء سلسلة اجتماعات بين الاثنين نصح سايكس وايزمان فيها بالاكتفاء في تلك المرحلة بصيغة مختصرة لمطالب الصهيونية تعرض على وزارة الحرب عوضاً عن "برنامج 1916". وبدخول امريكا الحرب ضد المانيا (وليس ضد الدولة العثمانية) في نيسان (ابريل) 1917 حرصت بريطانيا على التنسيق مع واشنطن وبرزت اهمية موقع برانديس فيها نظراً لقربه من وونرو ويلسون فزار بلفور واشنطن وقابل كل من ويلسون وبرانديس. وكان برانديس في هذه الاثناء قد تلقى صيغة أولى لمطالب الصهيونية من وايزمان عملاً بنصيحة سايكس كان قد بحثها مع ويلسون قبل مجيء بلفور ولم يبحث بلفور المطالب الصهيونية مع ويلسون مباشرة لكنه اطلعه على معاهدة سايكس - بيكو السرية وبالمقابل بحث هذه المطالب مع برانديس الذي اكد له تأييد ويلسون لها. وبانتشار أنباء الاتصالات بين الحكومة البريطانية والحركة الصهيونية اشتد في لندن النزاع العلني بين مؤيدي الصهيونية ومعارضيها من اليهود. وكما حصل في الولايات المتحدة عزز التأييد الرسمي الحكومي للصهيونية موقف الفريق الصهيوني تجاه الفريق اليهودي المعارض ولكن في الوقت نفسه اربكت المعارضة اليهودية الشديدة للصهيونية مؤيدي الصهيونية داخل الحكومة البريطانية. وفي 24 ايار (مايو) 1917 نشرت  "اللجنة المشتركة اليهودية للشؤون الخارجية" رسالة في جريدة "التايمز" رفضت فيها المطالب الصهيونية  وانكرت أن الشعب اليهودي مشرد وبحاجة إلى وطن لإيوائه. ففجرت الرسالة اللجنة من الداخل مما افسح المجال لوايزمان أن يطلب من بلفور     بالاشتراك مع اللورد ليونيل روتشيلد (1868-1937) عميد فرع العائلة البريطاني والرئيس الفخري للاتحاد الصهيوني الذي اصبح وايزمان رئيساً له ان تقدم الحكومة   البريطانية رسمياً على الاعتراف بالمطالب الصهيونية. وبين تموز (يوليو) 1917 اشترك الطرفان البريطاني والصهيوني في إعداد نص لتصريح يصدر عن الحكومة البريطانية بتأييد المطالب الصهيونية، وقدمت مسودة الى وزارة الحرب في 3 ايلول (سبتمبر) تنص على أن بريطانيا "تقبل مبدأ اعادة تكوين فلسطين مسكناً قومياً   للشعب اليهودي" Reconstituted As " The National Homea " ويبدو ان هذا النص كان يلقى تأييداً من بلفور إلا أن اللورد منتاغيو اليهودي المعارض للصهيونية وزير الدولة لشؤون الهند في وزارة لويد جورج عارض اصدار مثل هذا التصريح بشدة جعلت الوزارة تقرر احالة الأمر إلى الرئيس الأمريكي ويلسون للإلتفاف على منتاغيو فلم يصدر عن ويلسون ما ينم عن تأييده له فاستغاث وايزمان ببرانديس  وحثه على استصدار تأييد من ويلسون واكد هذا له "عطف ويلسون الكامل" على  الصهيونية  . فدخلت الحركة الصهيونية في أزمة ؛  لأن جدول أعمال وزارة الحرب حافل باخطر   القضايا المصيرية الأخرى وتدخل سكوت مع صديقه لويد جورج لإعادة وضع الموضوع   على جدول الأعمال ونظرت وزارة الحرب ثانية فيه بتاريخ 4 تشرين الأول (اكتوبر) 1917 وكانت الصيغة قد عدلت أملاً بإرضاء منتاغيو فجاءت تنص على ان بريطانيا    "تنظر بعطف الى إنشاء مسكن قومي للشعب اليهودي في فلسطين" Establishment In Palestine Of A National Homea مما جعل الوزارة تقرر إحالة الأمر ثانية إلى ويلسون واستغاث وايزمان مكرراً ببرانديس     وحضه على إقناع ويلسون  بالاجابة السريعة "  Now " وارسل اليه نص التصريح   المعدل وكان ذلك في 10 تشرين الأول / أكتوبر.  وفي 13 تشرين الأول قال ويلسون لمستشاره الأول الكولونيل هاوس: "أجد في جيبي مذكرتك حول الحركة الصهيونية واأخشى أني لم اذكر لك أنني اوافق على الصيغة التي يقترحها الطرف الاخر، انني اوافق على الصيغة واكون ممتناً لو اخبرتهم بذلك" فكان هذا الضوء الاخضر لإصدار وعد بلفور المشؤوم في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1917. ثامنا : دعم الدول العظمى لإسرائيل :-بحصول الحركة الصهيونية على تأييد الدولة الاستعمارية الكبرى عن طريق وعد بلفور  توفرت للحركة عناصر النجاح اللازمة وكان الوعد هو "البراءة" التي سعى اليها هرتزل    منذ المؤتمر الصهيوني الاول والمفارقة ان "البراءة" جاءت على حاييم وايزمان الذي كان      من اشد معارضي اعطاء هرتزل البراءة الاولوية التي اعطاها اياها غير ان كلاهما كان على  حق فلولا "انجازات" الحركة الصهيونية (قبل البراءة) لما كانت البراءة ولولا البراءة لما ادت الانجازات الى ما ادت اليه بعد وعد بلفور. وكان لوعد بلفور فعل السحر في الجاليات اليهودية الغربية أزال تحفظات العديدين من   اليهود على الصهيونية وتخوفهم من تهمة "الولاء المزدوج" فاستغلت الحركة الصهيونية     ذلك إلى ابعد الحدود وعوضت عن انقطاع الاتصال بيهود روسيا بسبب الثورة البلشفية بحشد التأييد الشعبي لها في الولايات المتحدة على نطاق لم تكن لتحلم به قبلاً وذلك       تمهيداً لعرض مطالبها بالتنسيق الوثيق مع الراعي البريطاني على مؤتمر الصلح المقبل       فانعقد في كانون الأول (ديسمبر) 1918 بقيادة الاتحاد الصهيوني الامريكي المؤتمر  اليهودي الامريكي American Jewish Congress   الذي ضم الصهيونيين وغير الصهيونيين ممثلاً لثلاثة ملايين من اليهود وطالب مؤتمر الصلح بإقرار وعد بلفور والإعتراف بالحقوق التاريخية لليهود في فلسطين وبجعل فلسطين "كومنولث يهودي"  تحت الوصاية البريطانية كما قرر المؤتمر اليهودي هذا إرسال وفد لمؤتمر الصلح للتعاون مع وفد المنظمة الصهيونية بإشراف برانديس. وفي شباط (فبراير) 1919 وبعد التشاور بين وايزمان وبلفور قدمت المنظمة الصهيونية مذكرة إلى مؤتمر الصلح في باريس بمطالب المؤتمر الأمريكي نفسها مع تحديد مفصل    للحدود الشمالية والشرقية ومما ذكرته بالنسبة للحدود الشمالية أن جبل الشيخ هو        "ابو المياه" ويجب ان يكون بكامله وكذلك "جميع مصادر" مياه نهر الاردن والليطاني      داخل حدود فلسطين  .أما الحدود الشرقية فهي خط سكة الحديد الحجازي جنوباً الى العقبة وذكرت المنظمة        أنها كانت ميناء يهودية في أيام سليمان. ووقع على المذكرة كل من سكولوف ووايزمان   باسم كل من المنظمة الصهيونية العالمية ويهود فلسطين وسبعة يهود امريكيون عن المنظمة الصهيونية الأمريكية وممثل واحد عن يهود روسيا. ومثل وايزمان وسكولوف أمام المؤتمر وطالب وايزمان بهجرة خمسة ملايين يهودي. واجابة عن سؤال من وزير خارجية امريكا روبرت لانسينغ ولم يكن متعاطفاً مع الصهيونية عن معنى عبارة "السكن القومي" National Home الواردة في وعد بلفور قال وايزمان إن القصد أن تصبح فلسطين تدريجياً يهودية كما انجلترا انجليزية وامريكا امريكية. وحضر بلفور الجلسة وارسل من يهنىء وايزمان بعدها على شهادته. كان لبريطانيا والصهيونية في هذه المرحلة بالنسبة لفلسطين هدف واحد اساسي هو إضفاء الشرعية الدولية على وعد بلفور وعلى بقاء بريطانيا في فلسطين وذلك ضمن اطار التسوية للشرق الاوسط التي يقرها مؤتمر الصلح. وعلى رغم الهدف المشترك هذا لم تكن وجهات  نظر الطرفين دوماً متطابقتين كما ظهرت دونه عقبات صعبة التذليل. أما العقبات فأهمها اثنتان  :- اولاهما : - أن ميثاق عصبة الأمم الذي اقر نظام الانتداب في 28 حزيران (يونيو) 1919 عند التوقيع على معاهدة فرساي استند في إقراره لهذا النظام إلى المادة 22 منه     التي استندت بدورها الى مبدأ تقرير المصير الذي اعلنه ويلسون ضمن نقاطه الاربع عشرة. وعملاً بهذا المبدأ وبتأثير من صديقه رئيس الجامعة الامريكية في بيروت هاورد بليس وعلى رغم تأييده لوعد بلفور سراً (بتأثير برانديس) طالب ويلسون بإيفاد لجنة تمثل المؤتمر الى الشرق الاوسط للاستفسار عن رغبات اهالي البلاد وإثر رفض  فرنسا وبريطانيا الاشتراك بهذه اللجنة اوفد ويلسون صديقيه شارلز كرين  وريتشارد كينغ في حزيران / يونيو 1919 إلى الشرق الأوسط اللذين انتقدا في تقريريهما الصهيونية انتقاداً شديداً ونقلا رغبة أهالي البلاد في الاستقلال اولاً وإذا كان  لا بد من وصاية فلتكن وصاية امريكية مؤقتة وليست فرنسية أو بريطانية. كما أنه لم يسفر تقرير كينغ - كرين عن اية نتيجة بسبب موجة الانعزالية العارمة التي اكتسحت امريكا في اعقاب معاهدة فرساي ضد انضمام امريكا الى عصبة الأمم وانهماك ويلسون عبثاً في مجابهتها ثم اصابته بجلطة دموية جعلته قعيداً وحدّت من نشاطه اعقبها فوز وارن هاردينغ الانعزالي في انتخابات 1920 الرئاسية. والواقع أن صنع القرار الأمريكي بالنسبة لفلسطين اتصف في هذه الفترة بصفات لازمته لاحقاً والى الامس القريب من حيث الانفصام بين سياسة البيت الابيض والكونغرس من   جهة وسياسة الخارجية من جهة ثانية وهو انفصام التام في عهد رونالد ريغان وكمل      التئامه في عهد بيل كلينتون . فها هو ويلسون يضطر عملاً بمبادئه الى ايفاد لجنة كينغ كرين لكنه يتجاهل توصياتها    ويسعى بالخفاء لإصدار وعد بلفور عن طريق مستشاره في البيت الابيض الكولونيل      هاوس من دون علم وزير خارجيته لانسينغ. ولانسينغ يكتب لويلسون قبل وعد بلفور  وبعده ناصحاً بعدم تأييد الصهيونية ولا يشير الى ارشاداته الى الوفد الامريكي الى          مؤتمر الصلح بالنسبة الى فلسطين أو وعد بلفور أو اليهود. وألن دالاس (لاحقاً رئيس الــ ( سي. آي. آي) والمسؤول آنذاك عن الشرق الاوسط في الخارجية يدعو علناً الى عدم الرضوخ الى الضغوط الصهيونية بينما تنجح هذه الضغوط   في استصدار قرار بالإجماع من الكونغرس الشديد الانعزالية في ايلول (سبتمبر)  1922 بتأييد فحوى وعد بلفور من دون ذكره تخصيصاً. - أما العقبة الثانية فكانت التطورات في الساحة العربية من انعقاد المؤتمر السوري في      حزيران /يونيو  1919 الى بيعة فيصل ملكاً على سوريا ولبنان وفلسطين في آذار (مارس) 1920 الى معركة ميلسون ودخول الفرنسيين دمشق وإخراجهم لفيصل منها في تموز (يوليو) 1920 الى دخول عبدالله شرق الاردن. ورافق هذه الأحداث هيجان الشعب الفلسطيني ضد الأنباء عن وعد بلفور التي لم تجرؤ بريطانيا إعلانه في البلاد إلا في شباط / فبراير  1920 فيعقب ذلك اشتباكات عربية  يهودية عنيفة في الجليل ويافا في شباط /فبراير  ونيسان /إبريل 1920 وتكررت هذه الاشتباكات بالقدس في ايار (مايو) 1921 عقب تعيين هربرت صموئيل اياه اول مندوب سامٍ بريطاني في فلسطين في تموز / يوليو من نفس العام . ازاء هذه التطورات تنقل المسؤولية عن الشرق الاوسط من الخارجية البريطانية الى وزارة المستعمرات ويتولاها وزير المستعمرات ونستون تشرشل الذي يزور المنطقة في ايار / مايو 1921 ويقرر في ما يقرر على رغم صهيونيته اخراج شرق الاردن بحجة وجود  الملك عبدالله فيها من نطاق تطبيق وعد بلفور وبالتالي من الحدود الشرقية التي طالبت المنظمة الصهيونية بها ويصبح نهر الاردن ذاته حدود فلسطين الشرقية بالمفهوم البريطاني الرسمي. خلال هذه الاثناء تستمر المفاوضات البريطانية-الصهيونية حول موقع وعد بلفور ووصاية بريطانيا له من ضمن اطار التسوية النهائية المقرة من قبل مؤتمر الصلح. وينعقد مؤتمر سان ريمو في نيسان / إبريل  1920 وتنهال عليه مئات البرقيات من الاتحادات الصهيونية   في العالم بما فيها جنوب افريقيا وكندا مطالبة بمنح بريطانيا الانتداب على فلسطين وإدراج وعد بلفور في معاهدة الصلح مع تركيا. ويمنح مؤتمر سان ريمو الانتداب على سورية لفرنسا والانتداب على فلسطين لبريطانيا. ومع أن هذا التطور كان من باب تحصيل الحاصل بسبب غياب أمريكا عن المؤتمر وتمثيلها فيه بمراقب فحسب وخلو الساحة للضبعين الكبيرين بريطانيا وفرنسا إلا أنه شكل انجازاً مهماً للصهيونية على دربها نحو الشرعية الدولية. وتأتي الخطوة التالية على هذا الدرب في معاهدة سيفر في آب (اغسطس) 1920 اذ   تتخلى تركيا فيها عن سيادتها على فلسطين وتتضمن نص وعد بلفور والموافقة على تطبيق نظام الانتداب عليها. ويبقى أمام الطرفين البريطاني والصهيوني الاتفاق على نص صك الانتداب ذاته الذي يحدد غاية الانتداب ذاته الذي يحدد غاية الانتداب وآليات التنفيذ ومسؤوليات كل منهما ثم إقرار هذا الصك من قبل عصبة الأمم. وتدوم المفاوضات حول صك الانتداب من مؤتمر سان ريمو نيسان / إبريل  1920 إلى  تموز /يوليو  1922 ويعيد الطرف الصهيوني اثارة مطالب سبق ان طالب بها قبيل اصدار وعد بلفور (برنامج 1916) وفي مذكرته الى مؤتمر الصلح عام 1919 ويدور النقاش حول نقاط اربع رئيسة:1 - حقوق اليهود في فلسطين بسبب "العلاقة التاريخية".2 - غاية الانتداب.3 - وضع طرف الصهيوني أو اليهودي المتعاقد تجاه الدولة المنتدبة وصلاحياته.4 - مسألة الحدود.  1- واصرّ الطرف الصهيوني اصراراً شديداً على ان تتضمن ديباجة صك الانتداب الاشارة الى هذه العلاقة والى "الحق الذي تعطيه للشعب اليهودي لاعادة تكوين فلسطين مسكناً  قومياً لهم" The claim this gives them to reconstitute Palestine as their National Home. وادعى وايزمان في مراسلاته مع اللورد كيرزون  خلف بلفور في وزارة الخارجية وغير المتعاطف مع الصهيونية ان لا سبيل له لحشد التأييد اليهودي لوعد بلفور من دون       الإقرار  بهذه العلاقة. وعلق كيرزون على ذلك في مذكرة الى رئيس الوزارة لويد جورج  بقوله ان سبب الاصرار على هذه العلاقة انما هو "حتى تكون هذه الصياغة الاساس عند    كل مرحلة للمطالبة بحق الافضلية بغاية السيطرة الكاملة على حكم البلد"، لم يستمع      لويد جورج الى نصيحة كيرزون وبقيت الاشارة الى العلاقة التاريخية مع تعديل ينص على    انها "الاساس" Grounds ، "لإعادة تكوين مسكنهم القومي في فلسطين".  2- بالنسبة لغاية الانتداب طالب الطرف الصهيوني أن تكون صراحة "كومنولث     يهودي" أي دولة يهودية وهو تعبير رفضه كيرزون فاعادوا "الكرة باقتراح" "كومنولث Self Governing Commonwealth يتمتع بحكم ذاتي كتعبير      ملطف فرفض هذا ايضاً واصر الطرف البريطاني على "تنمية مؤسسات الحكم الذاتي" Development Of Self Governing Institutions. واعتبر وايزمان أن هذا تعبير خطر معناه إمكان "تنمية مؤسسة تمثيلية قبل ان يصبح     اليهود اكثرية في البلاد" لذلك بعد رضوخه لكيرزون طالب بتطمينات شفهية من لويد  جورج يدعي أنه حصل عليها وأن لويد جورج قال لونستون تشرشل وزير المستعمرات بحضور وايزمان "يجب الا تمنح فلسطين حكماً تمثيلياً" : You Mustn’t Give Representative Government To Palestine.3-  بالنسبة لموقع المنظمة الصهيونية طالب الطرف الصهيوني بالإعتراف بوكالة         يهودية Jewish Agency تمثل جميع يهود العالم من صهيونيين وغير صهيونيين    على أن تعتبر المنظمة الصهيونية هي هذه الوكالة الى حين قيام الأخيرة وعلى أن يكون  للوكالة / المنظمة حق الافضلية Preferential Right ، في انشاء وادارة المنافع والمرافق العامة وفي استغلال موارد البلاد الطبيعية، رفض الطرف البريطاني حق الافضلية   لكنه وافق على الوكالة اليهودية واعطاها صلاحيات مهمة سنأتي لاحقاً على ذكرها. 4- اما بالنسبة للحدود فقد حسمت التطورات التي ذكرنا على الساحة العربية مسألة الحدود الشرقية ورفضت فرنساً رفضاً قاطعاً الحدود الشمالية الصهيونية فأنقذت بذلك الجنوب اللبناني من الاستيطان الصهيوني طوال فترة الانتداب على لبنان وبعده. وبهذه التعديلات اقرت عصبة الأمم صك الانتداب في 24 تموز (يوليو) 1922 وأفضت على البراءة (وعد بلفور) الشرعية بالمفهوم القانوني الغربي الدولي السائد الى يومنا هذا      فسبحان الله !!!!وشهدت هذه المرحلة احداثاً جساماً داخل كل من المنظمة الصهيونية ذاتها وداخل الجالية اليهودية في فلسطين أما بالنسبة للمنظمة فقد انفجر الخلاف عام 1920 في القمة بين عملاقيها وايزمان وبرانديس حليفي الأمس اللذين التقيا للمرة الاولى في تموز / يوليو 1919.  وسبب الخلاف قضيتان جوهريتان الاولى: - الأولى : تقييم دور العمل السياسي الصهيوني بعد وعد بلفور ومؤتمر سان ريمو. - والثانية: ادارة "صندوق تأسيس فلسطين" Kerren Hayesod برأس مال 25 مليون جنيه قرره مؤتمر لندن London Conference ، الصهيوني عام 1920 الذي كرس رئاسة وايزمان للمنظمة الصهيونية وانتخب برانديس رئيساً فخرياً لها الذي  سبق انعقاد المؤتمر Congress الصهيوني الثاني عشر في كارل سباد وهو اول  مؤتمر Congress يعقد بعد انتهاء الحرب.  خلاصة الأمر أن برانديس رأى بأن وعد بلفور ومؤتمر سان ريمو انهيا دور المنظمة   الصهيونية السياسي وأن العمل السياسي مستقبلاً يجب أن يناط بالجالية اليهودية في     فلسطين ضمن اطار الانتداب وهو رأي رفضه وايزمان بشدة متناهية معتبراً أن وعد      بلفور وسان ريمو إن هما بالعكس إلا بداية العمل السياسي المكثف والدؤوب للمنظمة   الذي من دونه لا امل بتحقيق الدولة اليهودية اطلاقاً. أما بالنسبة إلى صندوق التأسيس فرأى برانديس انه يجب ان يخضع في كل بلد الى الاتحاد الصهيوني للبلد ذاته وليس للسلطة المركزية للجنة المنظمة التنفيذية. ورفض وايزمان هذا الرأي بشدة لا تقل عن رفضه لرأي برانديس الأول ونقل المعركة إلى داخل معقل      برانديس في الولايات المتحدة وانتصر عليه فأمن بذلك حفاظ اللجنة التنفيذية على موارد الصندوق التأسيس التي كان معظمها امريكي المصدر.  أما التطورات داخل الجالية اليهودية في فلسطين في هذه المرحلة فأهمها نمو الحركة العمالية الاشتراكية القومية بقيادة بن غوريون الذي سبق ذكره نتيجة موجة الهجرة الثالثة (1919-1923) منذ بدء الاستيطان والاولى تحت الحماية البريطانية التي ادخلت الى البلاد 35,000 مهاجر وكان معظمهم من اعضاء حركة الشبيبة الرواد Halutzim ، الذين عملوا في المستعمرات التعاونية الجماعية Kibbutz والتحقوا بحزب "وحدة العمل" Ahdut Avoda الذي اسسه بن غوريون عام 1920 حول نواة حزب "باعولي زيون" القائم.  وفي السنة ذاتها تأسس "الاتحاد العام للعمال اليهود" (الهستدروت) بمساهمة بن غوريون    ايضاً كما تأسست المنظمة العسكرية الصهيونية "الهاغانا" التي كانت على صلة وثيقة بكل   من "الاتحاد العام للعمال" و"حزب وحدة العمل". 
تاسعا :الدولة اليهودية والإحتضان البريطانى أما بشأن توصية اللجنة الملكية بالتهجير القسري للفلسطينيين من الدولة اليهودية فيعلق  عليها بن غوريون عام 1937 بقوله: "من المؤكد أن بريطانيا لن تقوم بذلك إذا لم نصرّ    عليه بكل ما أوتينا من قوة ونفوذ وإذا لم يتم هذا الأمر بسبب تقاعسنا فإننا نصرّ عليه     بكل  ما اوتينا من قوة ونفوذ واذا لم يتم هذا الامر بسبب تقاعسنا فإننا سنخسر فرصة لم تسنح  لنا من قبل وقد لا تعود لنا ثانية ابداً". ويستطرد بن غوريون بقوله "يجب ان ننتزع من قلوبنا الافتراض بان هذا الامر (يعني   التهجير القسري) مستحيل بل هو ممكن والخطوة الحاسمة الاولى هي ان نعد انفسنا لتوليه بأنفسنا". ولم يكتفِ بن غوريون بالتعليق على تقرير التقسيم لكنه كلف عام 1937 ضابطاً كبيراً  في "الهاغانا" باسم افنير ( AVNER)  بوضع خطة لاحتلال فلسطين كلها على ثلاث مراحل في حال انسحاب البريطانيين من البلاد. في مؤتمر الصلح المنعقد في سان ريمو بإيطاليا عام 1339هـ أوكل لبريطانيا مهمة الإنتداب على فلسطين على أن تتولى تنفيذ ماجاء بتصريح بلفور من حيث إنشاء وطن قومي لليهود   في فلسطين وعينت الصهيوني اليهودي هربرت صموئيل أول مندوب سام بريطاني في   فلسطين . وبدأت بريطانيا بتغيير معالم فلسطين العربية المسلمة وأخذ سيل الهجرة اليهودية يتدفق      على فلسطين . وتولت تنظيم ذلك الوكالة اليهودية التي تأسست في نفس العام والتي       هي اليوم أكبر منظمة لليهود في العالم لرعاية مصالحهم . وأعطت الوكالة اليهودية   صلاحيات واسعة وتعاونت معها بريطانيا إلى أقصى حد وكانت تعمل في فلسطين وكاأها    دولة داخل دولة . فأنشأت المستعمرات اليهودية في فلسطين وأقامت بها مخازن للسلاح والذخيرة وتدفقت الأموال اليهودية على هذه المستعمرات . وفي عام 1365هـ  نسف الصهاينة فندق الملك داود بالقدس مقر الحكومة الإستعمارية الإنجليزية في فلسطين وتعاظم شغب اليهود فرأت بريطانيا أن تعرض قضية فلسطين على   هيئة الأمم المتحدة وفي عام   1366هـ   أقرت الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة بأغلبية 33 صوتا من بينها الولايات المتحدة الامريكية والإتحاد السوفيتي السابق وفرنسا مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع تدويل القدس . وعارضت هذا المشروع 13 دولة من بينها الدول العربية وتركيا وباكستان .وأمتنعت بريطانيا عن التصويت . وماإن أقر مشروع تقسيم فلسطين في هيئة الأمم المتحدة حتى أعلن اليهود عن قبولهم له      في حين رفضه العرب . وأعلنت برطانيا أنها ستنسحب من فلسطين في عام 1367هـ  وهكذا أمكن الإحتلال البريطاني بالهجرة اليهودية التي فرضها على فلسطين في أيام    الإنتداب . من ان يرتفع عددها ليصبح ثلث سكان فلسطين في عام 1368هـ  بينما لم تكن نسبتهم تزيد عن 1/12 من الفلسطينيين في بداية عهد الإنتداب عام 1339هـ.   وبهذا نمت الدولة اليهودية داخل رحم الانتداب البريطاني منطلقة من انجازات الصهيونية السابقة وارست قواعد الدولة خلال الربع القرن الفاصل بين إقرار عصبة الأمم لصكّ الانتداب عام 1922 وتوصية هيئة الأمم عام 1947 بتقسيم البلاد الى دولتين - إحداهما يهودية - والأخرى عربية وكل يهودي دخل فلسطين في هذه السنين دخلها بحماية الحرب البريطانية، وانجزت الصهيونية ما انجزته خلالها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً بفضل بريطانيا وتشريعاتها الانتدابية وقمعها العسكري للمقاومة الفلسطينية لكنها انجزته ايضاً بفضل زعامتها الفذة ومتانة تنظيمها واستعداد اليهود للتضحية والعطاء لتحقيق اهدافها في فلسطين. وكان عدد سكان فلسطين من اليهود في نهاية الحرب العالمية الاولى 56 الفاً توزعوا بين  المدن الرئيسية (القدس، يافا، تل ابيب، حيفا، صفد وطبريا) وفي حوالى 50 مستعمرة  زراعية وكانت نسبتهم من مجموع سكان البلاد (حوالى 750,000) اقل من 10 في  المئة وارتفع عدد اليهود خلال الانتداب البريطاني الى 608,000 عام 1946 وزاد عدد المستعمرات الى 259 مستعمرة فأصبحت نسبتهم من مجموع سكان البلاد (1,912,000) اكثر من 31 في المئة. وعاد 74 في المئة من زيادة اليهود الى الهجرة و26 في المئة فقط الى النمو الطبيعي بينما عاد 96 في المئة من زيادة السكان العرب الى النمو الطبيعي و4 في المئة فقط الى الهجرة. ونمت بسبب هذه الهجرة الجاليات اليهودية في المدن فارتفع عدد سكان تل ابيب من اليهود من 15,000 عام 1922 الى 166,000 عام 1944، وسكان حيفا من 6,000 (1922) الى 66,000 (1944)، وسكان القدس من 62,000 (1922) الى 97,000 (1944). وارتفع سكان المستعمرات من حوالى 5,000 (عام 1918) الى 144,000 (1944) وجاءت اعلى نسبة من المهاجرين اليهود من بولونيا لغاية 1938 عندما زادت نسبة المهاجرين من المانيا اليها. وبلغ مجموع ما تملكه اليهود من اراضي فلسطين في اوائل الثمانينات من القرن الماضي     وإلى اندلاع الحرب العالمية الاولى (1914) 420,600 دونم اي 1,5 في المئة من مساحة فلسطين (27 مليون دونم) وزادت ملكية اليهود عام 1946 الى 1,624,000 دونم اي الى 6 في المئة فقط من مساحة فلسطين. لكن خطورة ملكية الـ 6 في المئة لم تكن في حجم الاراضي بل في مواقعها ونمط انتشارها وفي تنظيمها والغاية من اقتنائها. فالمستعمرات كانت بمثابة التخوم تحدد حدود الدولة المنتظرة وانتشارها وتتبع خطة سابقة التصميم وضعها قبل الحرب العالمية الاولى كما اسلفنا "مهندس" الاستيطان الصهيوني اليهودي البروسي ارثور روبين. وتهدف الخطة الى السيطرة العسكرية المستقبلية على الحد الادنى من الاراضي المتاخمة    لبعضها البعض الكافية لتأمين قيام كيان سياسي عليها قادر على اتخاذها منطلقاً للتوسع خارجها، وكل من ينظر ببعض العناية الى خرائط تطور نمو المستعمرات في فلسطين قبل  الحرب العالمية الاولى واثناء الانتداب لا يسعه الا ان يلاحظ ان انتشارها يتبع شكل      حرف النون  (  N  ) بالانجليزية اذ يشكل الضلع الايسر الاستيطان الساحلي بين يافا وحيفا والضلع الايمن الاستيطان بين بحيرة طبريا واعالي حوض الاردن والضلع الاوسط الاستيطان عبر السهل الداخلي (مرج ابن عامر) الرابط بين الضلعين الآخرين. والحكمة في هذا كله تكمن في أن الاستيطان الساحلي يؤمن الاتصال بالخارج عبر البحار واستيطان أعالي نهر الاردن يهدف الى السيطرة على موارد مياهه بينما الاستيطان البيني       لا يربط بين الضلعين الاخرين فحسب بل ايضاً يفصل شمال فلسطين (الجليل) عن سائر البلاد كما يتحكم عند طرفه الشرقي بـ"البوابة" الشرقية لفلسطين عند بدء مرج ابن عامر. ومما يجعل ايضاً النوع اكثر خطورة من الكم في الاستيطان الصهيوني لفلسطين خلال هذه المرحلة الزمنية ان معظم المستعمرات خلال الانتداب البريطاني اقيمت على اراضي "الصندوق القومي اليهودي" (الكيرين كايميت) الذي انشأه هرتزل عام 1901 وبتمويل من "صندوق تأسيس فلسطين" (الكيرين هايسود) الذي انشأه وايزمان عام 1920 بعد صراعه مع برانديس فكان الصندوق القومي يعتبر كل اراضيه كما اسلفنا ملكاً ابدياً للشعب اليهودي يؤجرها حصراً لليهود دون مقابل للسنوات الخمس الاولى وبعدها بشروط متناهية السهولة. بينما كان صندوق التأسيس يقدم القروض الطويلة الاجل بفائدة 2 في المئة لفترة 40-50 سنة لاعمال الانشاء والبناء. وزادت ملكية الصندوق القومي من 16,000 دونم          عام 1914 الى حوالى نصف الاراضي اليهودية في فلسطين البالغة 1,624,000 دونم    عام 1946 اما صندوق التأسيس فقد موّل تأسيس 25 مستعمرة عام 1922 زادت       الى 76 مستعمرة عام 1936 والى 153 مستعمرة عام 1944 فكانت نسبة المستعمرات التي مولها الى مجموع مستعمرات فترة الانتداب حوالى 60 في المئة. وهكذا ارتبطت هذه المستعمرات وارتبط سكانها ومصالحهم وولاؤهم بسلطة المنظمة الصهيونية المركزية من ناحية كما ارتبطت من ناحية اخرى بكل من الهستدروت (الاتحاد  العام للعمال) عبر تعاونياته وبتنظيمه العسكري "الهاغانا". 
بعض ملامح الدولة الكامنة في المجتمع اليهوديسنكتفي بذكر بعض ملامح الدولة الكامنة في المجتمع اليهودي المتنامي في فلسطين اثناء الانتداب البريطاني فمن حيث البنية الاقتصادية الاجتماعية الاساسية وبسبب نوعية   المهاجرين الثقافية وتوفر رأس المال الخارجي - اتخذ المجتمع بنية المجتمعات الصناعية الغربية. فنسبة انتاج اليهود في قطاع الصناعة  والتعدين والبناء عام 1947 من مجموع انتاجهم كانت 37  في المئة وقريبة من نسبة      الانتاج في هذا القطاع في بريطانيا (44 في المئة) بينما نسبة انتاج العرب الفلسطينيين في   هذا القطاع كانت 14 في المئة وكانت نسبة انتاج اليهود في قطاع الزراعة لا تتعدى  12 في المئة بينما نسبة العرب فيها كانت 41 في المئة وعمل 10 في المئة الطبقة العاملة   اليهودية في الزراعة و 31 في المئة في الصناعة والبناء بينما نسبة العرب كانت 50 في المئة في الزراعة و11 في المئة في الصناعة والبناء وبلغ معدل دخل الفرد اليهودي 141 جنيهاً مقابل 50 جنيهاً للفرد العربي. - اما في حقل الخدمات الاجتماعية فكان حضور الطلاب في سني 5-14 المدارس بنسبة 97 في المئة لليهود و32,5 للعرب وكان لدى اليهود 33 مدرسة فنية وزراعية      مقابل 6 مدارس عربية.  - وبلغ ما انفقته الحكومة الانتدابية على الصحة عام 1944 (وكان اعتماد العرب          في معظمه على الخدمات الحكومية في هذا المجال) نصف مليون جنيه بينما بلغ ما انفقه  صندوق الصحة في الاتحاد العام للعمال اليهود "الهستدروت" لوحده في هذا العام مليون  ومئتي الف جنيه وكان لدى الفلسطينيين 125 جمعية اقراض Credit قروية تعاونية عضويتها 6000 ورصيدها 27,000 جنيه بينما كانت عضوية اليهود في الجمعيات التعاونية 355 الفاً ورصيدها عشرة ملايين جنيه وبلغت عام 1946 ودائع اليهود           في البنوك وجمعيات الإقراض التعاونية 77 مليون جنيه مقابل 18 مليون جنيه للعرب. - ولم يزد عدد العمال العرب المنتظمين في نقابات لهم عام 1945 على 20,000 عامل بينما ضم "الهستدروت" 143,000 عامل من الراشدين بما فيهم 38,000 امرأة  كما ضم 8,500 من الشبيبة العمالية وشكلت عضوية الهستدروت 75 في المئة من مجموع اجراء اليهود ولم يكن "الهستدروت" اتحاد عمال بالمعنى العادي فكانت شركة  قابضة عملاقة  تفرعت عنها شبكة عجيبة من النشاطات العمالية والزراعية والتجارية والاقتصادية والثقافية والصحية في كل مجال من مجالات حياة المجتمع اليهودي وكانت ذات علاقة حميمة بـ 200 مستعمرة عبر تعاونياتها الزراعية كما كانت وثيقة الصلة بمنظمة "الهاغانا" العسكرية واشرفت على الهستدروت هيئة تنتخب من قبل القاعدة الشعبية   وتعكس انتماءات اعضائها الحزبية وكان ديفيد بن غوريون امينها العام من 1921 الى 1935 اما تمويل نشاطاتها فكان معظمه يرد من الخارج عبر المنظمة الصهيونية العالمية. - وتميز المجتمع اليهودي في فلسطين ايام الانتداب بتنظيمه السياسي وكانت الحكومة البريطانية اصدرت عام 1926 "مرسوم الجاليات الدينية" التي اذنت به للجاليات في فلسطين ان تنظم نفسها بموجبه ورفض الفلسطينيون العرب من حيث المبدأ ان ينتظموا في طائفتين: اسلامية ومسيحية ولم يشكل المرسوم اي حرج لليهود الذين سارعوا الى  تنظيم انفسهم بموجبه فانتخبوا مجلساً عاماً Va’ad Leumi انتخب بدوره لجنة  تنفيذية مثلت يهود فلسطين تجاه حكومة الانتداب وخول المجلس العام جباية الضرائب من طائفته التي انفقها على الخدمات الاجتماعية لها. - لكن مركز السلطة اليهودية لم يكن هذا المجلس العام المحلي على اهميته المستند الى تشريع سلطة الانتداب في فلسطين بل كان الوكالة اليهودية Jewish Agency التي نص عليها صك الانتداب ذاته ومنحت المادة الرابعة من الصك الوكالة حق "النصح والتعاون" Advising and cooperating مع ادارة فلسطين في "الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الشؤون التي قد تؤثر في تنمية المسكن القومي اليهودي" كما    نصت المادة السادسة منه على ان على الادارة البريطانية، بالتعاون مع الوكالة اليهودية… تشجيع استيطان اليهود المكثف على اراضي فلسطين" close settlement… on the land. وهكذا كانت الوكالة شريكاً فعلياً للادارة البريطانية، على ان الاهم حتى من هذا         وذاك هو انه بموجب صك الانتداب ايضاً كان على الوكالة "ان تضمن تعاون جميع اليهود الراغبين في المساعدة في انشاء المسكن القومي اليهودي" اي انها كان لها صفة دولية  قانونية رسمية تشمل العالم بأسره. إعتراف بريطانيا بالمنظمة الصهيونية- اعترفت الحكومة البريطانية بالمنظمة الصهيونية على أنها الوكالة إلى حين قيام الوكالة،      ذلك أن الوكالة كان من المفترض فيها أن تضم كلاً من اليهود الصهيونين وغير الصهيونيين ورسمياً تأسست الوكالة بهذا المعنى عام 1929 وطغت الصفة الدولية طبعاً على المنظمة الصهيونية ذاتها منذ البداية. ففي 1897 لم يزد عدد الأعضاء اليهود الفلسطينيين في   المؤتمر الصهيوني الأول عن الأربعة من أصل 196 عضواً وحتى عام 1939 في آخر  مؤتمر صهيوني قبل الحرب العالمية الثانية (وهو المؤتمر الواحد والعشرون المنعقد في جنيف) كانت نسبة دافعي "الشاقل" للتصويت في المؤتمر من يهود المنعقد في جنيف) كانت نسبة دافعي "الشاقل" للتصويت في المؤتمر من يهود فلسطين 16 في المئة وتبين    الأرقام الاتية سعة القاعدة الدولية للمنظمة الصهيونية. فمن اصل 1,040,450 دافع  شاقل لمؤتمر 1939 كان 299,165 من بولندا و 263,741 من الولايات  المتحدة       و 167,562 من فلسطين و 60,013 من رومانيا و 23,513 من بريطانيا و 22,343 من جنوب افريقيا و 15,220 من كندا… الخ. وكان مكتب الوكالة التنفيذي في القدس ولها مكاتب في كل من لندن وواشنطن ونيويورك وجنيف وكانت لها دوائر لكل من الاستيطان والشؤون المالية، والعمل، والتجارة والصناعة، والشؤون السياسية و(بصفة سرية) الامن اي شؤون "الهاغانا" وكانت تعمل بجانب "المجلس العام" المنتخب المحلي Va’ad Leumi وتدعمه تجاه السلطة البريطانية لكن خلافاً لهذا المجلس لم تكن لا الوكالة ولا المنظمة الصهيونية خاضعة لسلطة الانتداب بل كانتا رقيبتين عليها وذلك باعتراف دولي. وكان للمنظمة الصهيونية / الوكالة اليهودية ثلاث وظائف رئيسة :-- أولها الضغط على المراكز العصبية لصنع القرار في لندن مباشرة وعليها في العواصم   الغربية الأخرى الكبرى كوسيلة للضغط غير المباشر على لندن، - وثانيها الجباية لمؤسساتها المالية المركزية الكبرى وبخاصة "الصندوق اليهودي القومي" و"صندوق تأسيس فلسطين" الكيرين هايسود، - وثالثها الدعاية الملحة المتصلة والمتنوعة لدعم الوظيفتين الاوليين، وبلغ ما ارسلته المنظمة الصهيونية الى يهود فلسطين من يهود الولايات المتحدة فقط بين 1930 و1948 (396 مليون دولار) وهو مبلغ ضخم جداً بمقاييس ذلك الزمن. عاشرا : اليهود وإغتصاب أرض فلسطين مرت الحرب الصهيونية العربية الاولى 1947 - 1948 في مرحلتين رئيستين: - مرحلة الحرب غير النظامية بين القوات الصهيونية من جهة والقوات الفلسطينية الشعبية المدعومة لاحقاً بمتطوعين من الدولة العربية الذين انتظموا فيما سمي بجيش الانقاذ الذي اشرفت عليه الجامعة العربية وهي فترة امتدت من 29 تشرين الثاني (نوفمبر)  1947 إلى 15 ايار (مايو) 1948 وهو تاريخ انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين  وانسحاب القوات البريطانية من البلاد وإعلان قيام دولة "اسرائيل" فيها، - ومرحلة الحرب النظامية بين قوات دولة "اسرائيل" وجيوش عربية ارسلتها سورية     ولبنان ومصر والعراق وشرق الاردن بإشراف الجامعة العربية (اضيفت اليها فيما بعد قوات رمزية من السودان والسعودية) وامتدت من 15 ايار 1948 الى أن تم التوقيع على اتفاقيات الهدنة في نهاية 1948 ومطلع 1949 بين "اسرائيل" من ناحية وكل من مصر وشرق الاردن، ولبنان وسورية من الناحية الاخرى.  وليس الغرض من هذا الفصل وصف القتال في هاتين المرحلتين فلهذا وقت ومجال غير  هذا انما الغرض من هذا الفصل هو تفحص الرواية الصهيونية لاسباب وقوع هذه الحرب الصهيونية العربية الاولى وهي رواية تجذرت في ضمير اليهودية العالمية وبالتالي في الضمير الغربي. تقول الرواية الصهيونية إن الحرب قامت بسبب رفض العرب من فلسطينيين وغير   فلسطينيين لقرار هيئة الأمم بالتوصية بـ "حل وسط" Compromise بتقسيم فلسطين الى دولتين احداهما يهودية والاخرى عربية ومقاومتهم المسلحة لهذا الحل ما اضطر الدولة اليهودية أن تخوضها دفاعاً عن نفسها وبكلمة فإن فحوى الرواية الصهيونية ان  الطرف العربي هو المعتدي البادىء والطرف الصهيوني هو المعتدى عليه البريء. وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال ( إنهم يكيدون كيدا ) والحقيقة في نظرنا هي على خلاف كلي مع الرواية الصهيونية ذلك أن التقسيم لم يكن      حلاً وسطاً بأي مفهوم عادل ومعتمد لهذا التعبير. فالحل الوسط بالمصطلح الاخلاقي       وحتى اللغوي يعطي كل ذي حق حقه، يحافظ على جوهر حقوق كل طرف في النزاع   القائم، ويقيم التوازن بين تنازلات كل منهما، وهو لا يعطي طرفاً ما ليس له على حساب الطرف الاخر ويصدر غالباً عن طرف محايد حريص على مصلحة الطرفين المتنازعين  تم الاحتكام اليه والقبول المسبق بحكمه بالتراضي ويتم الاقرار بهذا الحكم من قبل المتنازعين ولو على شيء من المضض المتساوي بينهما. فأين هذا المفهوم للحل الوسط من مبدأ التقسيم (اي قيام دولة يهودية قسراً على جزء    كبير او صغير من فلسطين) في سياق تاريخ القضية الفلسطينية منذ ظهور الصهيونية       واين هو من اسلوب طرح التقسيم على هيئة الأمم عام 1947 وتوقيته ومن تفاصيل التقسيم التي اقرتها هيئة الأمم بل ومن الطريقة التي انتزعت بها الولايات المتحدة القرار به منها ناهيك عن الابتهاج الذي وصل سمت الرأس عند طرف لدى سماعه به وعن الغضب العارم الذي استولى على الطرف الاخر منه. فمبدأ الدولة اليهودية غاية الصهيونية ومبتغاها وهو مبرر وجودها من قبل المؤتمر الصهيوني الاول ومن بعده ونجمها القطبي الذي اهتدت بهديه في كل كلمة صيغت لتغليفه وتمويهه ان في برنامج بازل (1897) او وعد بلفور (1917) او صك الانتداب (1922) والصهيونية لم تلجأ الى التغليف والتمويه الا لخداع فريستها الشعب الفلسطيني الذي تعرف مبكراً على الساعي لاغتياله فيها وذلك بالتواطؤ مع راعيها وحاميها بريطانيا المنتدبة لريثما يشتد ساعدها وتتجمع لديها عناصر القوة اللازمة وترسى القواعد الثابتة لقيام الدولة اليهودية وهو الذي تم خلال الانتداب البريطاني كما أسلفنا. ولم ينص قرار التقسيم الصادر عن هيئة الأمم عام 1947 على أن يحتفظ كل طرف         بما لديه من الاراضي بل "منح" الطرف الصهيوني الذي كان لا يملك اكثر من 6 في المئة     من مساحة البلاد منحه 57 في المئة منها فبينما كانت ملكية اليهود لا تتعدى 1,624,000 دونم قبل قرار التقسيم وذلك على رغم كل ما بذلته الصهيونية خلال ستة عقود منذ  مطلع الثمانينات من القرن الماضي من جهد ومال وتخطيط وتحايل وحشد وضغوط سياسية ودعاية عالمية غدت مساحة الدولة اليهودية بعد قرار التقسيم 15 مليون دونم  أي انه بين عشية 29 وضحى 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 قفزت "ملكية" اليهود اكثر من 900 في المئة وذلك لاعتبارات سياسية لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد الى أي  قيم او قواعد قانونية او خلقية. لم يحدد قرار التقسيم الكيفية التي ستمتد بها سلطة الدولة اليهودية من حيز مساحته 1,624,000 دونم الى حيز مساحته 15 مليون دونم يقطنه ويملكه العرب الفلسطينيون لكن الدول الأعضاء التي كانت وراء القرار بطلب وبضغوط هائلة من الصهيونية وعلى رأسها الولايات المتحدة كانت تعلم علم اليقين أن القيادة الصهيونية مصممة على تحقيق التقسيم بالقوة وأن العرب يرفضون ذلك رفضاً باتاً ومصممون على الدفاع عن ديارهم، وهكذا كان قرار التقسيم بمثابة الضوء الأخضر للقوات الصهيونية للقيام بإحتلال الحيز العربي الواسع والآهل بالعرب الذي ضم اعتباطاً وتعسفاً ومن دون سابق إقرار  من العرب إلى حدود الدولة اليهودية المقترحة فكان قرار التقسيم بالتالي نفسه قراراً  بإعلان الحرب على العرب بالتواطؤ مع المنظمة الصهيونية ونيابة عنها . قرار الحرب الصهيوني لم يؤخذ عام 1947 لا قبيل قرار التقسيم ولا بعيده لكنه           ينبع نظرياً من صميم العقيدة الصهيونية من حيث انها محررة منذ البدء وبطبيعتها من قيد الإعتماد على الرضى أو القبول العربي المسبق لها أو لسياساتها وكما قال حاييم وايزمان       إلى الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت عام 1944 "شرحت له نظريتي بانه لا يمكننا       ان نربط قضايانا بقبول العرب ونحن لو فعلنا لحجبوا عنا قبولهم". ولعل من ابلغ           الادلة على تجاهل الصهيونية لرفض العرب أو قبولهم لجوئها المتوال الفوقي إلى الدول   الكبرى للاستحصال إلى "براءتها" المنشودة. ويمكننا تتبع بلورة قرار الحرب في ذهن الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون قبل قرار   التقسيم باكثر من عشر سنوات ذلك أن بن غوريون هو الذي أخذ هذا القرار وهو الذي أشرف على التخطيط والإعداد للحرب من أواسط الثلاثينات بصفته رئيس اللجنة    التنفيذية للوكالة اليهودية (1935-1948)  والمسؤول عن شؤون الأمن. وفي عام 1920 أسس بن غوريون حزب "وحدة العمل" (احدوت افودا) الاشتراكي القومي وفي عام 1930 اشرف على دمج الحزب بحزب   "العامل الشاب" (هابوعيل هاتسعير) ليؤلفا حزب "الماباي" الذي قاده وبقي العمود     الفقري السياسي للوكالة اليهودية إلى قيام دولة "اسرائيل" ولوزاراتها المتعاقبة بعدئذٍ إلى انتصار حزب "الليكود" بقيادة مناحيم بيغن على "الماباي"  في انتخابات "اسرائيل" النيابية عام 1977. ودعا برنامج حزب "وحدة العمل" إلى "تأسيس الجمهورية الاشتراكية اليهودية               في جميع انحاء فلسطين وإلى نقل ملكية أراضي فلسطين ومياهها ومواردها الطبيعية إلى شعب "إسرائيل" لتصبح ملكاً ابدياً له"، كما دعا حزب "العامل الشاب" منذ تأسيسه عام 1905 الى السيطرة Conquest  على العمل العبري اي منع العمال العرب بالقوة من  العمل على الاراضي اليهودية وبهذه الخلفية الحزبيةومن موقع المسؤولية في لجنة الوكالة اليهودية التنفيذية اخذ بن غوريون يفكر بعمق في مستقبل "العلاقة" بين الحركة الصهيونية والفلسطينيين وفي توازن القوى بينهما، فوصل الى قناعة ثابتة في اوائل 1936 كما يجزم بذلك شبتاي تيفيث Tevech كبير الخبراء الاسرائيليين في سيرة بن غوريون وسياساته، بأن لا أمل في السلام مع الفلسطينيين ما داموا يرفضون قيام اكثرية يهودية  في البلاد ولا يقبلون بهجرة يهودية غير مقيدة إليها وأن لا بد من أن تكون العلاقة المستقبلية معهم علاقة عسكرية وليس سياسية. ويضيف تيفيث أن هذا الاستنتاج لم  يكن مصدر غم أو كدر لــ بن غوريون بل بالعكس كان قد وصل في الوقت نفسه الى قناعة ثانية وهي أن الحركة الصهيونية قد اجتازت مرحلة الخطر في ميزان القوى مع الفلسطينيين بسبب تدفق الهجرة اليهودية على البلاد  في السنين الخمسة السالفة حين تضاعفت الجالية اليهودية عدداً فوصلت الى 355,157 سنة 1935 بينما لم تتعد 164,950 سنة 1930.ويؤكد تيفيث ان لهذا السبب لم يعد بن غوريون مهتماً باي اتصالات مع الفلسطينيين  التي كان قد بدأها قبل 1936 وانه لم يسعَ الى مقابلة اي   فلسطين بين 1936 وقيام الدولة اليهودية عام 1948. - ويشكل مشروع التقسيم للجنة الملكية البريطانية برئاسة اللورد بيل Peel الذي صدر في تموز (يوليو) 1937 في اعقاب المرحلة الاولى من الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) منعطفاً خطيراً اخراً بالنسبة للقضية الفلسطينية والحركة الصهيونية ولبلورة  تفكير بن غوريون  الاستراتيجي. فهذه المرة الاولى منذ وعد بلفور التي يدعو فيها طرف بريطاني رسمي الى    اقامة دولة يهودية مترجماً الوعد اياه الى دولة كما تدعو اللجنة الملكية  الى الهجرة القسرية ( Compulsory Transfer) للجاليات العربية من الدولة اليهودية   والى ضم المناطق العربية الى شرق الاردن. وتنفجر الثورة الفلسطينية ثانية في اعقاب صدور تقرير التقسيم لتصل الى ذروتها في السنتين (1937-1939) وينعقد المؤتمر الصهيوني العشرون في زوريخ عام 1937 ويلقى تقرير التقسيم معارضة شديدة بخاصة من الاعضاء الامريكيين من حيث المبدأ لكونه يتضمن التخلي عن كل "ارض اسرائيل" والقبول بجزء منها فقط .ويتزعم بن غوريون الرأي بقبوله مشروطاً ويلقي فيما يقوله في حينه اضواء كاشفة على  نظرته الى مشروع التقسيم عام 1947 الذي نحن بصدده. ففي تموز 1937 يقول في   رسالة الى زعيم صهيوني بولندي "الدولة هي خطوة اولى نحو الحل الشامل للشعب اليهودي وأداة جبارة لتحرير جميع ارض اسرائيل " وفي خطاب لحزب "الماباي" في تشرين الاول (اكتوبر) 1937 يقول "ان تحقيق الدولة اليهودية  يمر في مرحلتين الاولى مرحلة البناء وارساء القواعد وتستمر من عشر الى خمس عشرة سنة وهي مقدمة الى المرحلة الثانية التي هي مرحلة التوسع ( Expansion). وغاية المرحلتين تجميع المنفيين ( exiles) من الشتات في جميع ارض اسرائيل". ويقول في رسالة إلى اولاده في تشرين الاول 1938 "ان قيام الدولة في جزء من فلسطين ليس غاية الصهيونية النهائية بل وسيلة باتجاهها". ويقول تيفيث انه حتى قبل تقرير اللجنة الملكية وبدءاً بنهاية العشرينات كان بن غوريون يصف نفسه بانه يمارس "الصهيونية    العميقة" ( Deep Zionism) وان "المبتدئين" في الصهيونية لا يفهمون استراتيجية "المراحل" وان الظروف غير المؤاتية تقتضي صياغة اهداف تبدو لهؤلاء المبتدئين على انها تنازلات وهي ليست كذلك. 






                                          الباب الثامن :                                قيام أول حكومة صهيونية أولا :إنعقاد أول مجلس للحكومة الصهيونية                  عقد المجلس الوطني اليهودي جلسة فوق العادة في تل ابيب في الثاني عشر من ايار / مايو 1948 برئاسة ديفيد بن غوريون حيث قدم بن غوريون تقريرا يشرح فيه الوضع         العام في البلاد , وطلب أثناء الإجتماع التصويت على موضوعين : 1-    إعلان قيام الدولة اليهودية فورا .2  - قبول هدنة مؤقته بين اليهود والعرب .  وقد جرى التصويت على هذين الإقتراحين , حيث وافق المجلس الوطني على قيام الدولة اليهودية مع هدنه مؤقته . كما عرض بن غوريون اقتراح الرئيس الامريكي ترومان تأجيل إعلان قيام الدولة اليهودية لوقت قصير , وطلب أن يتم الإعلان عن قيام الدولة في جلسة سرية في متحف تل أبيب في الساعة الرابعه من بعد ظهر يوم الجمعة 14 أيار/ مايو  1948 . وقد تم عقد إجتماع المجلس الوطني في متحف تل ابيب , ليلة الرابع عشر من أيار / مايو 1948 , ولم تكن جلسات الإجتماع سرية , كما تقرر لها من قبل , وناقش المجتمعون   إسم الدولة الجديدة وحدودها , فأقترح البعض أن تأخذ إسم (إله إسرائيل) , واقترح  آخرون إسم (جوريع) , وغيرهم طرح إسم (صخرة إسرائيل) , كما طرح البعض لإسم صهيون , وعندما قال بن غوريون إن اسمها سيكون (إسرائيل) , صفق جميع الحاضرين , وأقترح البعض أن يكون حدودها حدود التقسيم , حسب قرار هيئة الأمم المتحدة , الصادر في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947 , ولكن بن غوريون إعترض على ذلك ,   وقال إن العرب رفضوا التقسيم , وهم الآن يحاربوننا , وإننا سنحاربهم وحينما نحتل كل الجليل وجميع الطرق المؤديه إلى القدس نتحدث عن الحدود , وأشار بن غوريون إلى الولايات المتحدة قائلا : هذه الولايات المتحده الأمريكية حين أعلنت إستقلالها لم تعين حدودها , وجيشنا هو الذي يعين حدوده .               خطاب بن غوريون الذي أعلن فيه قيام إسرائيل : (( نحن اعضاء مجلس الشعب , ممثلي المجتمع اليهودي في أرض إسرائيل , والحركة الصهيونية , في يوم إنتهاء الإنتداب البريطاني على أرض إسرائيل , وبفضل حقنا الطبيعي والتاريخي بقوة القرار الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة , نجتمع لنعلن بذلك قيام الدولة اليهودية في أرض إسرائيل , والتي تدعى دولة اسرائيل . ونعلن أنه منذ لحظة الإنتداب هذه الليلة عشية السبت السادس من أيار (مايو) 1948   حتى قيام سلطة رسمية ومنتخبه للدولة , وفقا للدستور الذي تقره الجمعية التأسيسة      المنتخبه , في مدة لا تتجاوز أول تشرين الأول (أكتوبر) 1948 , منذ هذه اللحظه   سيمارس مجلس الشعب سلطات مجلس دولة مؤقت , سيكون جهازه التنفيذي الإدارة  الشعبية , بمثابة الحكومة المؤقته للدولة اليهودية , التي تدعى إسرائيل ))إسرائيل الحكومة الموقتة .صفحة رسمية : رقم 1 تل أبيب الخامس من أيار / مايو عام 5708 حسب التقويم العبري الموافق 14/5/1948 ثانيا : إعلان الصهاينة لإقامة إسرائيل   تم إعلان وثيقة الاستقلال  ‎1948 في مدينة تل أبيب عند انتهاء  الانتداب البريطاني     على فلسطين يوم الجمعة الرابع عشر من شهر أيار, وقد حضر  الإعلان  مندوبو المنظمات والأحزاب اليهودية في البلاد وهذا هو نصها : " نشأ الشعب اليهودي في أرض إسرائيل , وفيها أكتملت صورته الروحانية والدينية والسياسية , وفيها عاش حياة مستقلة في دولة ذات سيادة , وفيها أنتج ثرواته الثقافية والقومية والانسانية وأورث العالم أجمع كتاب الكتب الخالد . وعندما أجلي الشعب اليهودي عن بلاده بالقوة , حافظ على عهده لها وهو في بلاد مهاجره بأسره ولم ينقطع عن الصلاة والتعلق بأمل العودة إلى بلاده واستئناف حريته السياسية فيها . وبدافع هذه الصلة التاريخية التقليدية أقدم اليهود في كل عصر على العودة إلى وطنهم    القديم والاستيطان فيه , وفي العصور الأخيرة أخذوا يعودون إلى بلادهم بآلاف مؤلفة        من طلائعيين ولاجئين ومدافعين , فأحيوا القفار وبعثوا لغتهم العبرية وشيدوا القرى      والمدن وأقاموا مجتمعها آخذا في النمو شيد اقتصادياته وثقافته ينشد السلام ويدافع عن   ذماره ويزف بركة التقدم إلى جميع سكان البلاد متطلعا إلى الإستقلال الدولي . وفي عام ‎5657 عبرية الموافق عام ‎1897 ميلادية عقد المؤتمر الصهيوني تلبية لنداء    صاحب فكرة الدولة اليهودية  ثيودور هرتزل وأعلن حق اليهود في النهضة الوطنية          في  بلادهم . وقد أعترف بهذا الحق في تصريح بلفور في اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني / نوفمبر       عام ‎1917 . وتمت المصادقة على هذا الحق في صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم والذي أكسب بصفة خاصة مفعولية دولية للصلة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي    بأرض  ( إسرائيل )  آى فلسطين ولحق الشعب اليهودي في إعادة تشييد وطنه القومي  المزعوم .  واختلق اليهود فكرة الهولكست وانهم اصابتهم كارثة فى المانيا وأن  هذه الكارثة التي    حلت باليهود في الآونة الأخيرة والتي كان من ضحاياها الملايين من يهود أوروبا .قد عادت وأثبتت بالفعل ضرورة حل مشكلة الشعب اليهودي المحروم من الوطن والاستقلال   باستئناف الدولة اليهودية في أرض إسرائيل لتفتح باب الوطن على مصراعيه من أجل كل يهودي وتؤمن للشعب اليهودي حياة أمة متساوية الحقوق مع سائر الأمم في العالم . وأن البقية الباقية التي أنقذت من المجزرة النازية الفظيعة في أوروبا مع يهود سائر البلدان       لم يكفوا عن اللجوء إلى أرض فلسطين رغم جميع الصعوبات والعراقيل والأخطار . ولم  ينقطعوا عن المطالبة بحقهم في حياة من الكرامة والحرية والعمل الشريف في وطنهم . وفي الحرب العالمية الثانية ساهم المجتمع اليهودي في أرض فلسطين  بنصيبه كامل في نضال الأمم نصيرة الحرية والسلام ضد قوى الظلم النازية , وقد اكتسب اليهود بدماء جنودهم وبجهودهم الحربية حق اعتبارهم من الشعوب التي وضعت الأسس لميثاق الأمم المتحدة . وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني  / نوفمبر عام ‎1947 اتخذت الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة قرارا ينص على إقامة دولة يهودية في فلسطين وطالبت الجمعية العمومية للأمم المتحدة أهالي فلسطين باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار بأنفسهم . إن اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعب اليهودي في إقامة دولته غير قابل للإلغاء . إنه لمن    الحق الطبيعي للأمة اليهودية في أن تكون أمة مستقلة في دولتها ذات السيادة مثلها في      ذلك مثل سائر أمم العالم . أعضاء مجلس الشعب الصهيونى وقرار الأمم المتحدةوعليه فقد إجتمعنا نحن أعضاء مجلس الشعب . ممثلو المجتمع اليهودي في البلاد والحركة الصهيونية في يوم انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين . وبحكم حقنا الطبيعي والتاريخي بمقتضى قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة , نعلن عن إقامة دولة يهودية في أرض إسرائيل في " دولة إسرائيل " . وإننا لنقرر أنه ابتداء من اللحظة التي ينتهي فيها الانتداب الليلة , ليلة ‎6 أيار / مايو        عام ‎5708 عبرية , الموافق ‎15 أيار / مايو   عام ‎1948 ميلادية , وإلى أن تقام سلطات الدولة المنتخبة والنظامية طبقا للدستور الذي يضعه المجلس التأسيسي المنتخب                في موعد لا يتأخر عن مطلع شهر تشرين الأول /نوفمبر  عام ‎1948 , يقوم مجلس الشعب مقام مجلس الدولة الموقت وتكون هيئته التنفيذية . أي الإدارة الشعبية - هي الحكومة    الموقتة للدولة اليهودية التي تسمى إسرائيل . وأصدروا القرارات الأتية :- تكون دولة إسرائيل مفتوحة الأبواب للهجرة اليهودية ولجمع الشتات - تدأب على ترقية البلاد لصالح سكانها جميعا -وتكون مستندة إلى دعائم الحرية والعدل والسلام  بين ابناءهم الصهاينة لا غيرهم من الشعوب الاخرى   - مستهدية بنبوءات أنبياء إسرائيل التى وضعها الحاخامات فى كتبهم بعد إنتقال أنبياءهم إلى جوار ربهم جل وعلا . - نقيم المساواة التامة في الحقوق اجتماعيا وسياسيا بين جميع رعاياها من غير تغيير في الدين والعنصر والجنس - وتؤمن حرية الأديان والضمير والكلام والتعليم والثقافة - وتحافظ على الأماكن المقدسة لدى كل الديانات-  وتكون أمينة لمبادىء ميثاق الأمم المتحدة - إن دولة إسرائيل لمستعدة للتعاون مع مؤسسات وممثلي الأمم المتحدة على تنفيذ قرار   الجمعية العمومية الصادر بتاريخ ‎29 تشرين الثاني /نوفمبر  عام ‎1947 . وللعمل على  إنشاء اتحاد اقتصادي يشمل أرض إسرائيل برمتها . - إننا نناشد الأمم المتحدة أن تمد يد المساعدة للشعب اليهودي في تشييد دولته وقبول دولة إسرائيل ضمن أسرة الأمم . إننا ندعو أبناء الشعب العربي سكان دولة إسرائيل - رغم الحملات الدموية علينا خلال شهور - إلى المحافظة على السلام والقيام بنصيبهم في         إقامة الدولة على أساس المساواة التامة في المواطنة والتمثيل المناسب في جميع مؤسساتها    الموقتة والدائمة . - إننا نمد يد السلام وحسن الجوار لجميع البلدان المجاورة وشعوبها وندعوهم إلى التعاون       مع الشعب اليهودي المستقل في بلاده , وإن دولة إسرائيل مستعدة لأن تساهم بنصيبها      في مجهود مشترك لرقي الشرق الأوسط بأسره . - إننا ندعو الشعب اليهودي في جميع مهاجره إلى التكاتف والالتفاف حول يهود هذه    البلاد في الهجرة والبناء والوقوف إلى جانبهم في كفاحهم العظيم لتحقيق أمنية الأجيال     وهي  تحرير إسرائيل . - نثبت تواقيعنا على هذا الإعلان في اجتماع مجلس الدولة الموقت في أرض الوطن , في مدينة تل أبيب اليوم , يوم الجمعة الخامس من شهر  أيار / مايو  عام ‎5708 عبرية الموافق الرابع عشر من شهر أيار / مايو  عام ‎1948 م " . ثالثا : مساندة بريطانيا للصهاينة طبعاً لم ينسحب البريطانيون في حينها من فلسطين بل عدلوا عن مشروع التقسيم بسبب اشتداد الثورة الفلسطينية ودعوا الى مؤتمر في لندن عام 1939 صدر كتاب ابيض في    اعقابه يحدد الهجرة اليهودية وانتقال الأراضي وينص على استقلال فلسطين دولة موحدة ضمن فترة عشر سنوات شرط اتفاق الطرفين الفلسطينيين واليهود ولا شك في أن الكتاب الأبيض هذا جاء نتيجة تلبد الأجواء الدولية واقتراب موعد اندلاع الحرب العالمية الثانية. أدت المجابهة العسكرية بين الفلسطينيين وبريطانيا خلال الأعوام 1936-39 19   هجرية الى توسيع الهوة في توازن القوى بين الفلسطينيين والصهيونيين لصالح الأخيرين فحطمت بريطانيا القوة العسكرية والتنظيمات السياسية الفلسطينية خلالها من ناحية   بالمقابل  وبالتعاون مع بن غوريون ضاعفت القوة العسكرية الصهيونية بإنشاء وتدريب  وتسليح    قوة يهودية رسمية رديفة للهاغانا اطلقت عليها اسم "شرطة المستعمرات اليهودية" Jewish Settlement Police قوامها 20,000 مسلح اضيفت الى الهاغانا "غير الرسمية" وقوامها 25,000 مسلح فأصبح لدى بن غوريون جيش قلما   توفر لليهود مثله من قبل قادر على تولي العلاقة "العسكرية" مع الفلسطينيين ومع الدول العربية .  فها هو بن غوريون يجتمع بمالكولم مكدونلد وزير المستعمرات البريطاني في شباط       (فبراير) 1939 فيسأله الاخير "الى متى تعتقدون اننا سنضع حرابنا تحت تصرف      هجرتكم الى فلسطين ؟" فيجيبه بن غوريون "لسنا بحاجة الى حرابكم". فيقول مكدونلد "وكيف يكون هذا؟ هم اكثر منكم عدداً وسيأتي لنجدتهم جيش عربي من العراق". فيجيب بن غوريون "ان اجتياز البحر اسهل من اجتياز الصحراء". غضب بن غوريون غضباً شديداً على سياسة الكتاب الأبيض لكنه أدرك أن مصلحة الصهيونية هي في انتصار بريطانيا على المانيا كما أدرك اهمية القتال بجانب بريطانيا بالنسبة "للعلاقة العسكرية" مع العرب بعد الحرب فدفع بشبابه للانخراط في الجيش البريطاني فانخرط منهم خلال السنوات 1939-1945 (27,000) حصلوا على احسن خبرة وتدريب فازداد الصهيونيون بهم قوة على قوة. في الوقت نفسه ادرك بن غوريون ان الكتاب الأبيض مؤشر لإنحسار التأييد البريطاني للصهيونية وان القوة العالمية الصاعدة هي الولايات المتحدة وان لدى الصهيونية امكانات ضخمة هناك قابلة للتعبئة فانتقل اليها ونظم في ايار / مايو  1941 انعقاد مؤتمر         يهودي في فندق ييلتمور في نيويورك استحصل منه على قرار بـ"انشاء فلسطين كومنولثاً يهودياً"  وهي الصيغة التي اقترحتها المنظمة الصهيونية على بريطانيا بعد مؤتمر سان ريمو 1920  عند بداية المفاوضات حول صك الانتداب ورفضتها بريطانيا في حينه كما اسلفنا. وهكذا الزم بن غوريون يهود امريكا بإنشاء الدولة اليهودية وفق مخططه هو في جميع انحاء فلسطين وليس في جزء منها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. حتى قبيل مؤتمر بيلتمور كان بن غوريون طلب من الهاغانا بوضع خطط عسكرية لمواجهة سيناريوهات عدة تأخذ في الاعتبار درجات مختلفة من تدخلات اعتراضية من قبل بريطانيا   أو الدول العربية. وبالفعل وضعت بين 1940-1945/1946 اربع خطط  عرفت بالخطط  الف ، باء،  جميم،  ودال  وكانت الاخيرة تهدف الى احتلال فلسطين  بكاملها مذكرة بخطة افنير AVNER عام 1937 كما حرص بن غوريون في مطلع الاربعينات على تكوين قوة ضاربة خاصة داخل الهاغانا عرفت بـ"البالماخ" وكان قبل ذلك قد أولى الصناعة العسكرية اهتمامه فبلغت طاقة      عشية الحرب العالمية الثانية مكنتها من صنع مدافع الهاون Mortar وقذائفها والقنابل اليدوية وذخيرة من عيار 9 ملم. وفي حزيران (يونيو) 1945 قام بزيارة الى الولايات المتحدة لتوسيع قاعدة هذه الصناعة وطلب الاجتماع بعشرين من كبار رجال الاعمال اليهود المهتمين في "شؤون الامن".       وفي 12 تموز (يوليو) 1945 وفي جلسة صباحية تم تخصيص 15 مليون دولار للهاغانا   انفق نصفها على شراء آلات لصناعة السلاح من "ادارة موجودات الحرب الامريكية" Administration War Assets التي كانت بدأت تصفية هذه الموجودات وبيعها خردة. وعلى سبيل المثال تم شراء 50 آلة لاختبار Test الذخيرة سعر كل منها العادي 18,000 دولار تم شراءها كلها بسعر 150 دولاراً للخمسين آلة. وهكذا شحنت الى فلسطين 2000 ماكينة تزن مئات الاطنان وصلت جميعاً سالمة على   رغم الحصار البحري البريطاني الذي سمعنا عنه الكثير في الدعايات الصهيونية ولعل ابلغ   دليل على ذهنية الحرب التي استحوذت على بن غوريون وارتباط هذه الاستعدادات بها    هي بدء حملة شرسة على وايزمان لازاحته عن زعامة الحركة الصهيونية (وهي حملة نجحت   في غرضها في المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرين المنعقد في بازل عام 1946) بحجة كما قال بن غوريون عام 1942 ان وايزمان "اعجز من ان يقود الصهيونية على الدرب الملتوي المؤدي الى الدولة ولا هو مكون لقيادة الشعب اليهودي في فلسطين او الامة اليهودية في الحرب لتأسيسها". وضع بن غوريون نصب عينيه هدف احراج بريطانيا والضغط عليها بعد انتهاء الحرب   العالمية الثانية لاخراجها من فلسطين حتى يتسنى له تنفيذ خططه العسكرية (الخطتين         جيم  ودال) وافترضت الخطة  ج  حياد بريطانيا في قتاله مع العرب، اما الخطة دال  فافترضت غياب بريطانيا وتدخل جيوش الدول العربية وتحاشى بن غوريون بعناية متناهية المجابهة العسكرية مع بريطانيا معتبراً ان "العلاقة" معها سياسية وان "العلاقة العسكرية" انما هي مع العرب. ونجح بمعونة المنظمتين الارهابيتين "الارغون" و"الشتيرن" المنشقتين عن "الحركة التنقيحية" اليمينية    Revisionist التي اسسها فلاديمير جابوتنسكي في مطلع العشرينات و"الخارجتين" عن طاعة الهاغانا في دفع بريطانيا باتجاه التخلي عن الانتداب ومغادرة  البلاد. وكان حليف بن غوريون الاكبر في الضغط على بريطانيا الولايات المتحدة كما توقع      سالفاً خصوصاً بعد وفاة فرانكلين روزفلت واستلام نائبه هاري ترومان الرئاسة عام 1945. وكان ترومان دشن سياسته الشرق اوسطية عندما صرف وفداً حاشداً من   سفرائه في الدول العربية ابقاه واقفاً جاء "ليتنحنح" على موالاته للصهيونية بقوله  "انني آسف ايها السادة ولكنني مضطر للاستجابة لمئات الآلاف الحريصين على نجاح الصهيونية وليس بين ناخبيي مئات الآلاف من العرب". على هذه الأرضية المتينة وضع بن غوريون في آب (اغسطس) الخطة الصهيونية الجديدة لتقسيم فلسطين اي لقيام الدولة اليهودية على 75 في المئة من مساحة البلاد. وفي تشرين الاول (اكتوبر) 1946 ايد ترومان هذه الخطة في معرض تهنئة ناخبيه اليهود بعيد الغفران (يوم كيبور) فكانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لبريطانيا اذ ما لبث ان احالت القضية الفلسطينية الى هيئة الأمم حين تبنى الاتحاد السوفيتي بدوره ولأسبابه في ربيع 1947 مبدأ التقسيم اي قيام دولة يهودية فحصل بن غوريون بذلك على دعم العملاقين الكبيرين في آن واحد. وفي 6 تشرين الأول (اكتوبر) اي قبل قرار هيئة الأمم بتقسيم فلسطين في 29 تشرين    الثاني (نوفمبر) 1947 اصدر بن غوريون امراً لصناعته العسكرية لانتاج 20,000 بندقية و10,000 مدفع رشاش و10,000 مسدس و500 رشاش و4,5 مليون طلقة. وكان شعور بن غوريون في تلك اللحظة بالقوة اقل من شعوره عام 1936 بسبب وصول عدد اليهود في فلسطين الى 355 الفاً وهل نسي عام 1947 كل ما قاله عن "الصهيونية العميقة" ومراحل تحقيق الاحلام الصهيونية؟. رابعا : برنامج للإستيلاء على أى أرض وبآى وسيلة  في اعقاب 1905 الّف الزعيم الصهيوني الروسي مناحيم سوشكين (1863-1941) كتيباً في اعقاب زيارته فلسطين بعنوان "برنامجنا" يتساءل فيه "كيف يتسولى على الارض في اي بلد ما؟" ويجيب "ثمة طرق ثلاثة:1- القوة، اي بانتزاع الارض من مالكها بالعنف، 2- وبالبيع القسري اي باستملاك الملك الخاص لاغراض عامة،3-  وبالبيع الطوعي". وبالفعل لجأت الصهيونية تباعاً الى الطرق الثلاثة. ففي الفترة العثمانية اعتمدت البيع   الطوعي بالتحايل على قوانين البلاد فدرّ عليها 440,000 دونم خلال حوالى اربعين عاماً (1880-1918). وفي الفترة البريطانية اعتمد مزيجاً من البيع الطوعي للبيع القسري     فدرّ ذلك عليها 1,200,000 دونم خلال ثلاثين عاماً (1917-1948) ولجأت  الى الحرب فدرّ عليها 20,666,000 دونم في اقل من سنة واحدة (تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 تشرين الثاني 1948) وكان اربح الصفقات وانجزها. وهكذا بعد خمسين  عاما من المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 تحققت الغاية الاساسية من "برنامج بازل". ومن اشد نتائج الحرب الصهيونية العربية الاولى هولاً بعد هزيمة جيوش خمس دول       عربية، اخراج 750 الفاً من سكان فلسطين من ديارهم وتشردهم لاجئين في الدول     العربية المجاورة (لبنان، سورية، شرق الاردن، مصر، العراق والسعودية)، واحتلال   "اسرائيل" لاثنتي عشرة مدينة فلسطينية (عكا، صفد، الناصر، طبريا، حيفا، بيسان، يافا، المجدل،  اشدود، اللد، الرملة والقدس الغربية)، اضافة الى 518 قرية فلسطينية ما لبثت "اسرائيل" ان هدمت 400 منها للحيلولة         دون عودة اصحابها اليها، ودست معالمها وسوتها مع حقولها، ووزعت اراضيها على المستعمرات المجاورة والجديدة التي حلت محلها، واعطت مواقعها اسماء عبرية مستحدثة  لازالتها من الذكر والذاكرة اضافة الى ازالتها من الطبيعة، واضحى من تبقى من الفلسطينيين داخل "اسرائيل" اقلية غربية في بلدهم. واشتغلت يد النهب والسرقة في طول البلد وعرضها واشترك في اختطاف الغنائم    والاسلاب رجال الجيش والمدنيون وتوزعت المكاتب والشقق والفيلات والمزارع على     كبار ضباط الجيش والسلك المدني على السياسيين وغيرهم. واختفت من المنازل والمكاتب والمتاجر المنقولات على اشكالها من اثاث واجهزة وكتب وسجاد واوانٍ ومجوهرات وثياب ونقود، ومن القرى المواشي والدواجن والمؤن والآلات الزراعية، ومن الشوارع السيارات والشاحنات .وبلغ مثلاً ما سلبه الجيش الاسرائيلي من بلدة صغيرة نسبياً هي   اللد، بتقدير توم سيغيف الكاتب الاسرائيلي، حمولة 1,800 شاحنة. ووصل الامر الى حد جعل بن غوريون  نفسه يتذمر حسب رواية سيغيف ايضاً قائلاً: "الشيء الوحيد الذي فوجئت به وفوجئت به بمراراة هو اكتشافي لمدى الانحطاط الخلقي المتفشي بيننا الذي  لم اكن لأشتبه به على الاطلاق، واعني هذه اللصوصية الجماعية التي اشترك فيها جماعات قطاعات شعبنا على حد سواء". بيد أن اللص الاكبر كان دولة "اسرائيل" بزعامة المتذمر إياه ذلك أن الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) اصدر عام 1950 "قانون املاك الغائبين" حول بموجبه حارس الاملاك Custodian بنقلها الى "سلطة التنمية" Development Authority  التي خولت بدورها ببيعها الى "الصندوق القومي اليهودي" Jewish NationalFund المعروف بالعبرية بـ Keren Kayemet الذي اسسه هرتزل عام 1901 وتنص لوائحه على بقاء اراضيه ملكاً ابدياً للشعب اليهودي غير قابل للتصرف تجوز ايجارها فقط وحصراً لليهود ولا يجوز عمل غير اليهودي عليها .وبذلك اصبحت 92 في المئة من مساحة "فلسطين" ملكاً ابدياً ليهود "اسرائيل" من دون غيرهم من مواطنيها ولم يتعد ما بقي في ايدي الجالية العربية 1-2 في المئة مع ملكية        يهود افراد وغيرهم للرصيد، ولم "ترث" "اسرائيل" املاك الفلسطينيين المنقولة وغير     المنقولة فحسب لكنها ورثت ايضاً كل موجودات القطاع العام من العهدين العثماني والبريطاني من أراض وسكك حديد وطرقات ومرافىء ومنشآت ومبان ومكاتب ومستشفيات وثكنات ومستودعات كان للفلسطينيين النصيب الاكبر فيها بصفتهم اكثرية البلاد قبل شتاتهم. وإذا كانت "إسرائيل" استغلت سلطة الدولة لحسم استيلائها على الارض الذي كان شغل الصهيونية الشاغل منذ بدء الاستيطان في مطلع الثمانينات من القرن الماضي فانها لجأت الى السلطة عينها لحسم أمر لم يقل استحواذاً على الصهيونية ألا وهو الهجرة الجماعية . فسنّت في تموز (يوليو) 1950 "قانون الودة" الذي كرس حق كل يهودي في الهجرة  الى فلسطين عملاً بالمبدأ الصهيوني الاصيل الداعي الى "تجميع المنفيين" Ingathering of Exiles اي تفريغ الشتات اليهودي فيها. وكان بن غوريون من غلاة الداعين الى تطبيق هذا المبدأ الى درجة اعتباره الصهيونية    مرادفة للهجرة ( Aliya) ومطالبته بحل المنظمة الصهيونية بعيد تأسيس الدولة على    أساس أن واجب اليهودي في الشتات اصبح بعد قيامها "العودة" إلى "اسرائيل" ليس إلا. وفتح بن غوريون بقانون العودة باب الهجرة الجماعية على مصراعيه ووضع نصب عينيه مضاعفة عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنوات ووظف كل امكانات الصهيونية المالية والتنظيمية والسياسية لهذا الغرض. ودل أول احصاء لإسرائيل في تشرين الثاني 1948 على أن في البلاد 713,000  يهودي و69,000 عربي. وما كادت سنة 1951 تصل إلى نهايتها حتى كان قد دخل البلاد 689,275 يهودياً. هكذا خلال أقل من أربع سنوات وبفضل سلطة الدولة دخل "اسرائيل" من اليهود أصبح عدد اليهود يساوي العدد الذي دخلها خلال سبعين عاماً منذ بدء الاستيطان الصهيوني بما فيه نموه الطبيعي خلال هذه السنين، واستطراداً نقول إن عدد يهود "اسرائيل" وصل عشية حرب حزيران (يونيو) 1967 الى 2,375,000  بسبب ما قامت به الدول من  ارسال ما لديها من يهود الى اسرائيل  . وكانت على النحو التالى :1- (ايران 39,000، تركيا 37,000 وافغانستان 3,800)2- والبلاد العربية لـ 359,000 (العراق 123,000، المغرب 120,0003- مصر 75,000، اليمن 48,000، ليبيا 35,000، تونس 30,000 4-سورية 26,000، عدن 6,500، الجزائر 3,500)، وهكذا افرغت الدول العربية ما لديها على فلسطين  بخفة وقلة بصيرة مذهلة حقاً لعواقب ما تفعل. ونتيجة لهذه الهجرة تغيرت بنية المجتمع الإسرائيلي اليهودي الاثني فهبطت نسبة الاوروبيين  فيه من 84,9 في المئة عام 1948 الى 56,8 في المئة عام 1961 بينما ارتفعت نسبة   اليهود "الاسيويين" من 12,5 في المئة الى 24,8 في المئة واليهود "المغربيين" من 2,6   في المئة الى 18,4 في المئة. وقد حمل بعض هؤلاء حنيناً الى اوطانهم الاسلامية والعربية لكن السواد الاعظم منهم شكل مستودعاً لا قاع له من الحقد والبغضاء عليها وضعه بتصرف الأحزاب الإسرائيلية اليمينية. وبتأسيس الدولة وتحقيق الغاية من "برنامج بازل" غدا لزاماً على "إسرائيل" والمنظمة الصهيونية ان تحددا الغاية من الصهيونية بعد قيام الدولة وان تنظما العلاقة فيما بينهما بعد ان اصبح احدهما ذا سيادة، فانعقد المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرون في القدس ايام 24  نيسان (ابريل) - 7 ايار (مايو) 1951 في جو سادته نشوة الغلبة والنصر ولكن ايضاً وبخاصة للاعضاء الامريكيين تحت سحابة مقولة بن غوريون بمرادفة الصهيونية حصراً للهجرة الى "اسرائيل". واحتدم النقاش والخلاف على صياغة الهدف كما وقع في المؤتمر الصهيوني الأول واستقر الرأي على الصيغة الاتية: غاية الصهيونية انما هي توطيد Consolidation        دولة "اسرائيل" وتجميع منفيين في ارض "اسرائيل" Of Exiles Ingathering ورعاية وحدة الشعب اليهودي". وكانت الصيغة التي اصر عليها بن غوريون بادىء الامر تنص على "تجميع المنفيين" بـ ال التعريف اطلاقاً على ميع اليهود خارج الدولة مما اثار حفيظة الممثلين الامريكيين الذين  نفوا بشدة عن انفسهم صفة "النفي" في بلدهم الولايات المتحدة فكانت الصيغة التي اقرت. اما مهمات المنظمة في المرحلة الجديدة فتحددت: - بتشجيع الهجرة واستيعاب المهاجرين وتنشيط الاستيطان الزراعي والتنمية الاقتصادية والحصول على الارض ملكاً للشعب وتدريب الرواد الرزاعيين Halutzim والجهد المكثف لجمع المال لهذه الاغراض بما فيه استثمار رأس المال الخاص وتعميق الهوية        والثقافة اليهوديين وتعبئة الرأي العام العالمي لتأييد "اسرائيل" سيادة في سائر المجالات. - وادرك بن غوريون أن لا واردات الدولة ولا العائدات العادية من "الصندوق القومي اليهودي" Keren Kayemet و"صندوق التأسيس" Krem Hatesod وقدرها حوالى 300 مليون دولار سنوياً تكفي لسد نفقات برنامج الطموح لمضاعفة      عدد اليهود في البلاد خلال اربع سنين وانه كما يقول في مذكراته "- لا يمكن تحمل هذا العبء من دون تعبئة الطاقة الهائلة Tremendous Capacity ليهود امريكا لهذا الغرض". فقرر اصدار سندات Bonds بمقدار     بليون دولار تباع في الولايات المتحدة ودعوة كبار رجال الاعمال الامريكيين الى مؤتمر      في القدس لإقرار فكرته فيل له ان السندات لا تعفى من الضرائب كما هي الحال بالنسبة    الى التبرعات الى الصندوقين السالفي الذكر في امريكا لكنه اصر على رأيه وعقد المؤتمر     وتم بيع سندات بقيمة 827 مليون دولار بين 1951 و1965. - وفي تشرين الاول (اكتوبر) 1951 قابل ناحوم غولدمان الروسي المولد (1894-1982) ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية الرئيس الالماني اديناور على رأس     وفد يمثل23 هيئة يهوية للمطالبة بالتنسيق مع بن غوريون بتعويضات لما اصاب اليهود     على ايدي الحكومة النازية وتم الاتفاق بين الطرفين في ايلول (سبتمبر) 1952 دفعت     المانيا بموجبه 822 مليون دولار نقداً وسلعاً الى "اسرائيل" ما بين 1952 و1965 غير  مبلغ 450 مليون مارك دفع الى سائر الهيئات اليهودية. - ووصل جزء كبير منها ايضاً الى "اسرائيل" بطرق غير مباشرة. ولاقى الاتفاق معارضة شديدة في الكنيست من قبل مناحيم بيغن زعيم "الحزب اليميني" (الحيروت) المنبثق عن  الحركة التنقيحية Revisionist وكذلك من احزاب اليسار وحرض بيغن اتباعه     على مهاجمة الكنيست ورشقه بالحجارة مما استدعى تدخل الجيش لحمايته وتعليق عضوية   بيغن في الكنيست لمدة ثلاثة اشهر. - ووصلت الطاقة الإسرائيلية في مجالي الزراعة والصناعة الى ما وصلت اليه بفضل      احدث الآلات الالمانية التي تدفقت عليه بموجب هذه الاتفاقية وبنت المانيا اسطول   "اسرائيل" التجاري الحديث اذ سلمتها 60 سفينة حمولتها 450,000 طن و8         ناقلات بترول حمولتها 200,000 طن اضافة الى حوض جاف للسفن وحدثت     "اسرائيل" شبكتها الهاتفية وسككها الحديد ومحطات توليد الكهرباء بفضل هذه        الاتفاقية،  كما دفعت المانيا ثم الوقود لهذه المطات وتم كل هذا ما بين 1952 و1964 مما مكن "اسرائيل" من انشاء 172 مستعمرة جديدة ومضاعفة قطاعها المديني خلال          هذه الفترة. - وفي عهد الرئيس الامريكي ترومان (1945-1953) الذي اعترف "باسرائيل"      خلال دقائق من اعلانها يوم 15 ايار 1948، كون 1948 سنة انتخابية رئاسية،       قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" (بين 1949 و1953) قروضا بقيمة 135      مليون دولار ومعونات بقيمة 160 مليون دولار. ورغماً عن الخلافات مع الرئيس ايزنهاور الذي خلف ترومان (1953-1961) الذي       لم يكن بحاجة الى اصوات اليهود بحكم قيادته لجيوش الحلفاء خلال الحرب قدمت الولايات المتحدة الى "اسرائيل" خلال السنوات الثلاثة من هذه المرحلة (1954-1956) معونات بقيمة 178 مليون دولار. خامسا : هيئة الامم المتحدة ودعمها للصهاينةوفي 29 تشرين الثاني / نوفمبر 1948 قدمت "اسرائيل" طلباً لعضوية هيئة الأمم       المتحدة ورفض هذا الطلب. وفي كانون الاول (ديسمبر) 1948 اصدرت الجمعية العامة  لهيئة الأمم قراراً (194111) بإنشاء لجنة توفيق "لمساعدة الحكومات… لتحقيق  تسوية سلمية نهائية لجميع القضايا العالقة بينها". كما نصت الفقرة الحادية عشرة منه على حق اللاجئين "الراغبين في العيش بسلام            مع  جيرانهم" في العودة "الى منازلهم" او في التعويض لمن يرغب في العودة، وفي نيسان /   إبريل 1949 وافقت كل من الدول العربية (مصر والاردن ولبنان وسوريا) و"اسرائيل"  على حضور مؤتمر برعاية لجنة التوفيق يعقد في لوزان في سويسرا. وفي ايار /مايو  - من نفس العام وقع الطرفان مستقلين عن بعضهما البعض مسودتين متطابقتين في نصيهما تفيدان بانهما على استعداد لاعتماد خريطة لتقسيم فلسطين وفق      قرار هيئة الأمم الصادر عام 1947 الحقت بكل المسودتين "كنقطة بداية واطار Starting Point &Framework لبحث القضايا الاقليمية". واصر الطرف العربي على عودة اللاجئين وفق قرار كانون الاول/ ديسمبر  1948      وكان اقصى عدد وافقت "اسرائيل" على عودته 100,000 لاجىء على ان يشمل       هذا الرقم من دخل البلاد من الفلسطينيين منذ وقف القتال قدرتهم "اسرائيل" بـ 35      الفاً فرفض العرب الاقتراح وقدمت "اسرائيل" جانبياً اقتراحاً بضم قطاع غزة بسكانه  ولاجئيه على ان يكون هذا بديلاً عن اقتراحها الاول فرفض هذا ايضاً طبعاً. وهكذا لم تسفر محادثات لوزان عن اية نتيجة، اللهم الا انها استعملت كورقة تين لقبول "اسرائيل" في عضوية هيئة الأمم في ايار /مايو  1949 ما لبثت بعد الحصول عليها          ان اعلنت "اسرائيل" رفضها لـ"اطار" التقسيم لعام 1947 ولقرار هيئة الأمم بعودة اللاجئين. وهكذا تم ضمناً الاقرار الدولي بما فعلته "اسرائيل" خلال الحرب وحصلت هي  على الشرعية الدولية رغماً عن ذلك وكان هذا الاساس "القانوني" لتدفق المعونات عليها الذي اسلفنا ذكره. ونصت اتفاقات الهدنة التي عقدت عند وقف القتال 1949 بين "اسرائيل" من ناحية      وكل من مصر والاردن ولبنان وسوريا (سحب العراق جيشه من فلسطين من دون      التوقيع على اتفاق هدنة) من ناحية اخرى على انها اتفاقات "املتها اعتبارات عسكرية     على وجه الحصر" Dicated exclusively by military considerations وانه لا يقصد منها ان تضعف او تبطل ولا بشكل من الاشكال اي حقوق اقليمية او غير اقليمية لاي من الاطراف وان خطوط الهدنة ليست بأي معنى  من المعاني In any sense خطوطاً سياسية او اقليمية وانها رسمت من        دون الاخلال Without prejudice لحقوق الاطراف السياسية عند التسوية النهائية. وعلقت اتفاقات الهدنة مسألة السيادة على المناطق المجردة من السلاح التي تضمنتها          الى حين التوقيع على معاهدات السلم النهائية وحددت هذه المناطق على كل من الحدود   الاردنية والمصرية والسورية المشتركة مع "اسرائيل" وخولت الرئيس الدولي لكل لجنة     هدنة مشتركة على كل من الجبهات الثلاث اعادة الحياة المدنية العادية داخل هذه       المناطق وحرمت على الاطراف العدة ادخال قوات بوليس او عسكرية خارجية اليها كما حرمت عليها احداث اي تغيير في الوضع العسكري الراهن فيها لمصلحة اي منها. وفي ايار /مايو  1950 اصدرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بياناً ثلاثياً التزمت      به بمقاومة اللجوء الى القوة بين دول المنطقة وبالا تزود الدول العربية و"اسرائيل"      بالسلاح  الا بما تحتاجه منه لاغراض الدفاع عن النفس المشروعة Legitimate self defence .  بقي بن غوريون رئيساً للوزارة ووزيراً للدفاع منذ اعلان قيام الدولة إلى كانون الاول (ديسمبر) 1953 عندما قرر التخلي عن الحكم والانزواء في مزرعة انشأها في النقب    المحتل حديثاً وتولى رئاسة الوزارة من بعده زميله موشيه شاريت (1894-1965) الروسي المولد وتولى وزارة الدفاع بنحاس لافون مرشح بن غوريون، وفي شباط (فبراير) 1955 عاد بن غوريون من خلوته الى الحكم وزيراً للدفاع خلفاً لـ لافون اثر استقالة الاخير بسبب فضيحة العملاء الذين أرسلهم إلى مصر وبقي بن غوريون وزيراً للدفاع  الى ان استقال شاريت من الرئاسة في تشرين الاول (اكتوبر) 1955 وخلفه فيها بن غوريون الذي بقي طوال هذه الفترة  في مزرعته او في منصب وزير الدفاع الصوت الاقوى في صنع القرار الاسرائيلي. ورافق هضم مغانم الحرب وتوطيد الذات نشاط في المناطق الحدودية ما لبث ان اسفر         عن مخطط يرعاه بن غوريون بمعاونة كبار ضباطه وعلى رأسهم رئيس الاركان موشيه دايان الروسي الاصل والفلسطيني المولد (1915-1981) وهو مخطط يتطلع الى مرحلة من التوسع تلي مرحلة هضم المغانم. وتجسدت اولى بوادر هذا المخطط في عنف ما سمي بالغارات "الانتقامية" على الجبهة    الاردنية رداً على حوادث تسلل عبر الحدود. وكانت حرب 1948 زلزلت اوضاع الفلسطينيين المعيشية وفصلتهم عن مصادر كسبهم ورزقهم في مدنهم وقراهم وقطعت  الاتصال بين ما تبقى من تراب البلاد في الضفة الغربية وقطاع غزة والقت بمئات الآلاف     في العراء عالة على احسان الاخرين. اضافة الى هذا وذاك فصلت حدود الهدنة الاردنية الاسرائيلية الممتدة 350 كيلومتراً   حوالى مئة قرية عربية عن اخصب اراضيها الزراعية وشاهد اهلها الصامدون الاغراب  يأكلون ثمارها فكان من الطبيعي ان يحصل تسلل كان في بدايته من قبل افراد عزل من السلاح وكانت الغارة على قرية قبيه العربية في تشرين الاول 1953 من اعنف هذه الغارات الانتقامية حين قتل 42 اردنياً وجرح 15 "انتقاماً" لمقتل ثلاثة اسرائيليين. وتجلى مخطط بن غوريون على الحدود السورية في اصرار "اسرائيل" على سيادتها على   المناطق المجردة من السلاح وفي دخولها اليها بقواتها المسلحة وطرد مزارعيها العرب منها    كما تجلى  في منعها سكان الجولان من الصيد في بحيرة طبريا وهو حق مارسوه منذ        الازل وادخالها قوارب مسلحة الى البحيرة لتطبيق سياستها هذه، ولعل اعنف غارة    اسرائيلية على هذه الحدود هي غارتها المفاجئة في 10 كانون الاول 1955 على         المواقع السورية التي ادت الى مقتل 56 جندياً سورياً وجرح 7 وفقد 32 من دون           ان تكون قد وقعت اصابة اسرائيلية واحدة في المناوشات التي سبقت الغارة.بيد ان اخطر تطور على الجبهة السورية كان محاولة "اسرائيل" الاولى عام 1953 لتحويل مجرى نهر الاردن تحويلاً من جانب واحد من دون الالتفات الى حقوق الدول النهرية الاخرى (الاردن، سورية، لبنان) وما تنم عنه هذه المحاولة من عنجهية واستعداد للتوسع   على حساب الاخرين. وتجلى مخطط بن غوريون اكثر ما تجلى على الجبهة المصرية حين طبقت "اسرائيل" السياسة عينها التي طبقتها على الجبهة السورية بالنسبة للمناطق المصرية المجردة من السلاح فدخلت عام 1953 منطقة العوجا الاستراتيجية من الحدود وطردت منها سكانها من   البدو واقامت فيها "كيبوتسا" عسكرياً. لكن اخطر ما حدث على هذه الجبهة هو ارسال وزارة الدفاع الاسرائيلية عام 1954 عملاء لها داخل مصر لنسف مؤسسات امريكية وبريطانية املاً في افساد العلاقات الطيبة   بين مصر وهذين البلدين التي تلت الثورة المصرية واتفاق الجلاء عن قناة السويس      البريطاني المصري في تموز (يوليو) 1954. بيد ان السلطات المصرية اعتقلت العملاء      ويعد محاكمتهم اعدمت اثنين منهم في 31 كانون الثاني (يناير) 1955 فقرر بن غوريون الانتقام وكان قد استلم وزارة الدفاع في 21 شباط (فبراير) بعد     استقالة لافون اثر فضيحة العملاء، وانتهز بن غوريون فرصة حادث مقتل اسرائيلي       واحد في حادث تسلل من قطاع غزة بتاريخ 23 شباط 1955 ليضرب في 28 منه ضربته فجاءت على شاكلة هجوم مفاجىء مركز على ثكنة الجيش المصري في غزة                 قتل فيه 38 جندياً وجرح 31. وشكل هذا الحادث منعطفاً من اخطر منعطفات تاريخ المشرق في القرن العشرين بعد    الحرب العالمية الثانية، ذلك انه ادى الى صفقة السلاح "التشيكية" التي ادت الى تأزم  العلاقات المصرية الامريكية فسحب العرض الامريكي المساعد في بناء السد العالي        فتأميم شركة قناة السويس. وتدهورت في هذه الاثناء ايضاً العلاقات بين مصر من ناحية وكل من بريطانيا وفرنسا       من ناحية اخرى بسبب الخلاف حول حلف بغداد بالنسبة لبريطانيا وتأييد مصر لثورة   الجزائر بالنسبة لفرنسا واملت بريطانيا في القضاء على عبدالناصر ان تعيد مجدها في     المشرق العربي، واملت فرنسا في القضاء عليه ان يستتب لها الامر في "الجزائر         الفرنسية" والمغرب العربي، وتلألأت امام بن غوريون فرصته الذهبية .سادسا : الصهاينة والعدوان الثلاثى  فكان العدوان الثلاثي الذي كانت "اسرائيل" رأس حربته واعلن بن غوريون بعد احتلاله سيناء ان سيناء ليست ارض مصرية وبلدة "رأس محمد" في جنوب سيناء الاقصى على البحر الاحمر انما اسمه الحقيقي هو "مفراتس شلومو". ولعل بن غوريون تذكر وهو يقول   ذلك ما كان قد دونه في مفكرته اليومية بتاريخ 14 ايار 1948 عشية اعلانه  لدولة "اسرائيل" اذ قال "لو اخذنا اعلان استقلال امريكا مثلاً لوجدنا انه لا ذكر لاي   حدود فيه لذلك نحن لسنا مضطرين لذكر حدود دولتنا" قال ذلك قبل دخول الجيوش  العربية البلاد.  فصلت احدى عشرة سنة حرب حزيران (يونيو) عام 1967 عن حرب السويس عام 1956 وكانت المحطة الكبرى على طريق السويس ثانية تحويل "اسرائيل" لنهر الاردن      عام 1964 وفشل الدول العربية في الحيلولة دون ذلك. واقول "السويس ثانية" لان    المتأمل  في مسار الصهيونية منذ البدء وفي مجريات هذا العقد في سياق هضم "اسرائيل" لمكاسب حرب 1948 وتثبيت ذاتها منذئذٍ، لا يسعه الا ان يصل الى قناعة بحتمية         اعادة "اسرائيل" للكرة بعد ان ارغمها الرئيس دوايت ايزنهاور على الانسحاب من سيناء. فالقوى الاسرائيلية الذاتية متنامية والبيئة الاقليمية العربية ميسرة وموازين القوى          محفزة والظروف الدولية ملائمة والاوضاع الداخلية الاسرائيلية مشجعة والذارئع لشن  الحرب متوفرة مستساغة. هدد ايزنهاور "اسرائيل" بالمقاطعة الاقتصادية كما هددها بإلغاء الاعفاء الضريبي للتبرعات اليهودية فرضخت "اسرائيل" بالطبع واثبت ايزنهاور بإصراره على انسحاب "اسرائيل" انسحاباً كاملاً من قطاع غزة وسيناء وعلى عودة الوضع الى ما كان عليه قبل الحرب ( Status quo ante bellum) ان واشنطن قادرة على فرض ارادتها على "اسرائيل" اذا ما عقدت النية فعلاً على ذلك على رغم كل ما لدى الصهيونية والجاليات اليهودية الامريكية من سطوة ونفوذ في الولايات المتحدة. والتعديل الوحيد الذي طرأ على وضع ما قبل الحرب هو نشر قوات طوارىء دولة UNEF على حدود قطاع غزة وفي مضيق تيران عند مدخل خليج العقبة مما سمح بمرور السفن الاسرائيلية فيه ورافق ذلك تأكيد من واشنطن على انها تعتبر مياه الخليج مياهاً دولية واعلن الامين العام للأمم المتحدة يوثانت ان وجود القوات الدولية تم بموافقة مصر وان القوات تسحب في حال طلب مصر لذلك. ورفضت "اسرائيل" ان تنشر القوات على جانبها من الحدود ايضاً وكان هذا من المؤشرات المبكرة على نياتها المستقبلية  في  هذه المرحلة. ان موقف واشنطن الصارم تجاه "اسرائيل" خلال حرب 1956 تلى موقفاً صارماً سابقاً  اتخذته عام 1953 عندما هددت ايضاً بإلغاء الاعفاء الضريبي للتبرعات اليهودية وقطعت بالفعل مساعدتها المالية لتلك السنة لإرغام "اسرائيل" على ايقاف محاولتها الاولى لتحويل نهر الاردن من المنطقة المجردة من السلاح على الحدود السورية-الاسرائيلية، وهذان الموقفان يلقيان اضواء كاشفة على صنع القرار الامريكي تجاه "اسرائيل" منذئذٍ والى يومنا هذا. فكيف ولماذا اتخذ؟ الجواب هو ان ايزنهاور وصل الى الرئاسة بسبب كونه بطلاً قومياً دفعته الى القمة         موجة ضخمة من التأييد الشعبي العارم من دون ان يكون لاحد اي فضل عليه وهي حال فريدة ووليدة ظروف استثنائية غير قابلة للتكرار، ثم امضى ايزنهاور حياته في بيئة عسكرية محافظة لم يكن لليهود بعد فيها اي وجود او اثر يذكر فلم تشمل دارة زملائه واصدقائه ولا حتى معارفه يهودا، خلافاً للوضع العام بالنسبة لجمهرة السياسيين الامريكيين. واختار ايزنهاور وزيراً للخارجية جون دالاس المحافظ جداً ايضاً والمنتمي الى النخبة الانكلوسكسونية المغلقة على نفسها والبعيدة، ان لم نقل النافرة، من الاوساط اليهودية.    وهو الى ذلك ذو نظرة فاحصة ناقدة للصهيونية يشاركه فيها اخوه آلان دالاس الذي       دعا الكونغرس عام 1922 لرفض "الضغوط الصهيونية" من موقع المسؤول عن         شؤون الشرق الاوسط في وزارة الخارجية. وآلان دالاس هذا اصبح رئيساً للـ  "سي آي آي" اثناء ولاية ايزنهاور. نشأ عن هذا الوضع ان الصهيونية افتقرت اثناء هذه الولاية الى "المدخل" Access ان  قمة صنع القرار الامريكي في الشؤون الخارجية: الرئيس ووزير الخارجية. وكان شعورها بالفاقة اكثر ايلاماً نظراً لما تمتعت به من حرية ذهاب واياب في عهد الرئيس هاري ترومان السابق، ونشأ عن الغياب شبه المطلق لاي "مدخل" يهودي فعال عليه ان استطاع ايزنهاور ان يحدد سياسته تجاه "اسرائيل" خلال حرب 1956 في ضوء المصلحة الامريكية العليا من دون ان تشوبها الاعتبارات الداخلية الفئوية او بالاحرى بالحد الدنى من التلوث منها  ذلك ان النفوذ اليهودي في الكونغرس كان قائماً. غير ان أثر الكونغرس في صنع السياسة الخارجية إلى حرب فيتنام كان اقل مما اصبح  بعدها. وكان ليندن جونسون الوثيق الصلة باليهود رئيس الاكثرية الديمقراطية Majority Leader في مجلس الشيوخ وهو الذي ضغط على ايزنهاور حتى لا يلغي الاعفاء الضريبي عام 1956. شكلت "المجابهة" بين ادارة ايزنهاور و"اسرائيل" خلال الخمسينات منعطفاً خطيراً              في  تطور التنظيم الصهيوني في الولايات المتحدة وصممت الحركة الصهيونية منذها ان     تحول دون تكرارها مع ادارة لاحقة وذلك باحكام ادارة اللوبي اليهودي. فتأسست عام 1954 لجنة "الايباك" American Israel Public Affairs Committee بإيعاز من ابا ايبان سفير "اسرائيل" لدى هيئة الأمم وانشأ عام 1955 "مؤتمر رؤساء  الهيئات الامريكية اليهودية الكبرى" الذي ضم في بدايته رئيس 16 هيئة يهودية كتنظيم   قائم يعقد عند كل طارىء للضغط على كبار المسؤولين . وما زال هذان التنظيمان الركنين الاساسيين للنشاط الصهيوني المباشر في واشنطن واصبحت "الايباك" اليوم المدرسة لتخريج موظفي وزارة الخارجية والبيت الابيض من اليهود الذين حلوا محل "المستعربين" Arabists بينما بلغ عدد رؤساء التنظيمات اليهودية الكبرى المنضمة الى المؤتمر 37 رئيساً. استمرت "اسرائيل" في هذه المرحلة في توطيد ذاتها وتثبيتها :--  واصبح عدد سكانها من اليهود عشية حرب حزيران /يونيو  حوالى 2,400,000 -وبلغ عدد الناخبين المسجلين  لانتخابات الكنيست السادس (عام 1956) 1,499,709 - بينما كان عددهم  لانتخابات الكنيست الاول (عام 1949) 506,567 - وزاد عدد سكان المدن الرئيسية فبلغ عدد سكان تل ابيب، مثلاً، 380,000 عام 1967- بينما كان 220,000 عام 1948. -وقفزت القيمة الاجمالية لصادراتها من 28,5 مليون دولار عام 1949 الى 503 ملايين دولار عام 1966وبلغت نسبة الصادرات الى الواردات عام 1966 58,8 في المئة بينما لم تتعد 11,3 في المئة عام 1949 وكانت اهم صناعاتها في الاجهزة الكهربائية والآلية والالكترونية. وشهدت "اسرائيل" نمواً مماثلاً في حقل الزراعة فزاد عدد قراها الى 750 قرية عشية     حرب حزيران  / يونيو وبينما استهلكت 300 مليون متر مكعب من الماء عام 1949 استهلكت ما يزيد على 1,300,000 متر مكعب عام 1965 وذلك بفضل تحويل  نهر الاردن الذي تم في السنة السابقة من نقطة انطلاق مختلفة عن نقطة 1953 مما مكنها  من زيادة مساحة اراضيها تحت الري من 300,000 دونم عام 1948 الى 1,450,000 دونماً عام 1967 وزيادة انتاجها الزراعي ستة اضعاف خلال الفترة ذاتها. وعززت "اسرائيل" خلال هذه الفترة علاقاتها الدولية على رغم سلسلة القرارات الصادرة  عن هيئة الأمم في شجب تصرفاتها فاقامت علاقات دبلوماسية مع تسعين دولة، ستون منها  من افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية، واسست علاقات وثيقة في افريقيا خصوصاً مع  الحبشة وغانا وغينيا وساحل العاج اضافة الى افريقيا الجنوبية. وحافظت على علاقات جيدة مع الدول الاوروبية الكبرى: المانيا الاتحادية وبريطانيا وفرنسا وتم الاعتراف المتبادل  مع المانيا الاتحادية عام 1965. وباعت المانيا الاتحادية "اسرائيل" طائرات هليكوبتر ودبابات امريكية الصنع بإيعاز من  امريكا. وباعت بريطانيا "اسرائيل" سفناً حربية ودبابات "سنتيوريان" الثقيلة. لكن اهم   علاقة في مجال التسلح كانت مع فرنسا. وكان معظم طائرات "اسرائيل" الحربية قبل     حرب حزيران /يونيو  وخلالها فرنسية الصنع كذلك دباباتها ومدفعيتها الثقيلة. بيد ان   الفتور بدأ يدب تدريجياً بينهما بعد استقلال الجزائر عام 1962 بسبب حرص الرئيس   شارل ديغول على اعادة العلاقات الطيبة مع الدول العربية وخصوصاً مع مصر. وكان اخطر بعد على موازين القوى بين "اسرائيل" والعرب في العلاقة الفرنسية - الاسرائيلية التعاون السري في المجال النووي العسكري، الذي بدأ عام 1954 بإشراف شمعون  بيريز (مهندس الشرق اوسطية في ايامنا) ممثلاً لاسرائيل بوصفه وكيلاً لوزارة الدفاع    وكانت "اسرائيل" بدأت تفكر في حيازة السلاح النووي بعيد اعلان قيامها عام 1948 ، وانشأت عام 1952 لهذا الغرض لجنة الطاقة النووية. وفي عام 1955 استغلت       مشروع ايزنهاور النووي السلمي Atoms for Peace لتبني بمعونة امريكا     مفاعلاً  بحثياً Research Reactor صغيراً في ناحل سوريك طاقته 5 ميغاواط  وتضمن الاتفاق مع فرنسا قيامها بمساعدة "اسرائيل" على بناء مفاعل نووي في            ديمونا تتراوح تقديرات طاقته بين 25 ميغاواط و40 ميغاواط مقابل ان تعين "اسرائيل"  فرنسا في صناعة الماء الثقيل Heavy Water الذي يبدو انها كانت قد طورته وهذه  مادة تستعمل في تبريد المفاعلات. وثمة دلائل على ان مفاعل ديمونا بدأ العمل عام 1963   في انتاج مادة البلوتنيوم التي تصنع منها القنبلة النووية فاذا كانت طاقته 25 ميغاواط فهذه تكفي لصناعة قنبلة واحدة في السنة، واذا كانت 40 ميغاواط فهي تكفي لصناعة 3-4 قنابل سنوياً. واكدت مصادر رسمية امريكية وفرنسية على حيازة "اسرائيل" للسلاح النووي.            كما اكد على ذلك عام 1986 الاسرائيلي " فعنونو " الذي كان يعمل مساعداً فنياً في        ديمونا، و"اسرائيل" تنكر حيازتها السلاح النووي وترفض رفضاً باتاً كلاً من التوقيع        على معاهدة عدم نشر الاسلحة النووية او التفتيش الدولي على مفاعلها في ديمونا. وبحيازة السلاح النووي اصبحت "اسرائيل" سادس دولة نووية عسكرية في العالم بعد   امريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا واكتسبت قوة ردع هائلة لا مثيل لها لدى     العرب اضافة الى قواتها النظامية التقليدية الضخمة المتفوقة على جيوش الدول العربية    المتاخمة لها. لم يتخذ ايزنهاور موقفه من "اسرائيل" عام 1956 حباً بالعرب، بل املاه عليه حذره من الصدام مع حليف القاهرة الاتحاد السوفيتي الذي لمح الى وجوب قيام العملاقين الاثنين    بطرد المعتدين او الى قيامه هو بمبادرة عسكرية من جانب واحد علماً بان تهديد  موسكو المباشر لكل من لندن وباريس وتل ابيب تلا اتخاذ ايزنهاور لموقفه الحازم تجاههم. ولم يلبث هذا الاخير بعد اخراج الغزاة من مصر الا ان اطلق مشروعه "لحماية" المشرق العربي وكان هذا هو الخطر المحدق به وهو انما فعل ذلك لان واشنطن نظرت الى كل مناطق العالم طوال الحرب الباردة من خلال منظار صراعها مع موسكو ولان اخراج بريطانيا وفرنسا بهذه الشاكلة المهينة من مصر احدث في نظرها "فراغاً" غربياً في المنطقة كان لا بد لواشنطن من ان تملؤه، حماية لمصالح الغرب البترولية. وبالرغم من موقفه المتشدد من "اسرائيل" حصلت "اسرائيل" على معونات مالية من واشنطن خلال عهد ايزنهاور (1953-1960) قدرها 493 مليون دولار مما يدل على قوة نفوذها في الولايات المتحدة حتى بوجود ادارة غير متعاطفة. وباقتراب نهائية "كابوس" ايزنهاور تطلع اللوبي الاسرائيلي الى المرشح كينيدي الذي كان     له "مدخل" Access عليه رغم تخوفهم منه بسبب مواقف والده جوزيف المناصرة    لألمانيا النازية ايام عمله سفيراً في لندن في الثلاثينات ولكنه كاثوليكياً. اضافة الى انه لم    يهرع الى تأييد "اسرائيل" خلال العدوان الثلاثي كما فعل المرشحان الديمقراطيان الاخران ليندن جونسون وهوبرت همفري. واجرى الزعيم اليهودي كلوتزنيك صاحب "المدخل" امتحاناً مبكراً لكينيدي في القضية الفلسطينية ووجد اجوبته في روايته للحادث "ضبابية" Cloudy كما اظهر كينيدي لممتحنه اهتماماً بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، فما كان من كلوتزنيك الا ان قال له       "اذا كنت تنوي ان تقول مثل هذا الكلام اثناء معركتك الانتخابية فأخرجني من حساباتك واخرج معي عديدين اخرين". وسأله كينيدي "ماذا يريد اليهود ان اقول؟" فنصحه كلوتزنيك "ان موقف ايزنهاور في السويس لم يكن حسنا وموقف ترومان عام 1948 اصاب الهدف بإحكام On The Marka . وعقب ذلك حضر كينيدي اجتماعاً مع رجال اعمال يهود كان بينهم كلوتزنيك فوعده  بمبلغ 500,000 دولار لصندوقه فوقف في مؤتمر للمنظمة الامريكية الصهيونية Zionist Organization Of America بعد ذلك ليقول "ان هرتزل  كان في السابعة والثلاثين من عمره عندما اعلن حتمية قيام دولة "اسرائيل" وذلك جواباً على بعض منتقديه من الجمهوريين على صغر سنه، واضاف "ان الشعب اليهودي منذ انتصار داوود على جوليت Goliath لم يعتبر صغر السن حائلاً دون الزعامة" وحصل كينيدي في انتخابات 1960 ضد منافسه نيكسون على 80 في المئة من اصوات اليهود مما رجح كفته عليه ولو بنسبة قليلة فتأكدت بذلك اهمية هذه الاصوات لكل طامح الى الرئاسة من بعده. وعبر كينيدي عن تقديره بتعيين كلوتزنيك نائباً لرئيس الوفد الامريكي في الأمم المتحدة. وقال لـ"بن غوريون" عندما التقيا في نيويورك في ربيع عام 1961 (حسب رواية بار زوهار مترجم سيرة الاخير) "انني اعرف بانني انتخبت بفضل اصوات اليهود الامريكيين فهل استطيع ان اعمل شيئاً للشعب اليهودي"، يقول بار زوهار ان بن غوريون ذهل لهذه الصراحة واجاب "عليك ان تعمل ما هو الافضل للعالم الحر". ورغماً عن ذلك كان كينيدي مؤيداً لثورة الجزائر ومعجباً بعبدالناصر ومتطلعاً الى لقائه  وآملاً بالتعاون معه للوصول الى تسوية خصوصاً فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين عملاً  بقرار العودة 194 الصادر عن هيئة الأمم عام 1948. وفعلاً ايد كينيدي مشروعاً   اعده جاوزيف جونسون عامي 1961-1962 (هو غير ايريك جونستون مبعوث ايزنهاور لشؤون المياه) يتضمن مبدأ اعطاء اللاجئين الخيار بالعودة او التعويض ولاقامة صندوق تشارك "اسرائيل" فيه للتعويض عليهم. اغضب المشروع بن غوريون غضباً شديداً فكتب الى سفيره في الولايات المتحدة حسب  رواية ساي كينين مؤسس "الايباك" ان يخبر اللوبي الصهيوني بان "اسرائيل" تعتبر هذا المشروع خطراً على وجودها اشد وادهى من تهديدات جميع الديكتاتوريين والملوك العرب ومن جميع الجيوش العربية وصواريخ ناصر وطائراته السوفياتية"فقضي بذلك على المشروع. وفي  الوقت نفسه وافق كينيدي على بيع "اسرائيل" صواريخ هوك Hawk ، المضادة للقاذفات فزادت بذلك قوة "اسرائيل" الدفاعية وبالتالي الهجومية وكانت هذه اول صفقة سلاح متطور امريكية-اسرائيلية منذ قيام الدولة تبعها سيل لا ينقطع الى يومنا هذا. وباغتيال كينيدي وتولي نائبه ليندن جونسون الرئاسة تعددت "المداخل" اليهودية الى البيت الابيض …. مستشار الامن القومي واخوه يوجين الرجل الثالث في الخارجية وارثور غولد برغ السفير في هيئة الأمم وجون روش المساعد الخاص في البيت الابيض وارثور كريم Krim ، وزوجته صديقان مقربان ينزلان على البيت الابيض وعلى "عزبة" الرئيس. والسيدة كريم مسيحية تهودت وهي عضو سابق في منظمة الارغون الارهابية بقيادة مناحيم بيغن. واستحوذ القتال في فييتنام على ذهن جونسون، وعند استلامه الحكم في تشرين الثاني (نوفمبر) 1963 كان وصل عدد القوات الامريكية هناك الى 15 الف جندي فارتفع    الى 184,300 في نهاية 1965 والى حوالى نصف مليون في نهاية 1966. وامتد القتال الى كمبوديا. وامر جونسون بقصف منطقة هانوي قصفاً متواصلاً وكلما ازداد  الضغط الشيوعي على جونسون في جنوب شرق آسيا ازداد الحافز لديه لرد التحية في غربها. وتميز الوضع السياسي الداخلي في "اسرائيل" خلال هذه الفترة بظاهرتين: اولاهما تفاقم   ذيول فضيحة لافون مما ادى الى استقالة بن غوريون نهائياً من الحكم وثانيهما احتدام التنافس بين احزاب اليمين بزعامة مناحيم بيغن والاحزاب العمالية بزعامة بن غوريون. وبقي بن غوريون رئيساً للوزارة ووزيراً للدفاع من نوفمبر 1955 (بعيد استقالة        موشيه شاريت) لغاية حزيران (يونيو) 1963 عندما استقال بسبب فشله في اقناع       زملائه بإدانة لافون الذي اصر على انه كان ضحية خداع المؤسسة العسكرية اي بمعنى     اخر ضحية بن غوريون نفسه وظل بعد خروجه من الحكم الاب الروحي لهذه المؤسسة     كما كان رئيس الاركان بين 1964-1968 اسحق رابين احد اقرب المريدين العسكريين اليه. وخلف بن غوريون في الحكم ليفي اشكول الذي بقي رئيساً الى ان توفي   عام 1969. وبقي حزب "الحيروت" اليميني المنبثق عن العصابتين الارهابيتين الارغون والشتيرن في     مرتبة ادنى من حزب الماباي العمالي في انتخابات الكنيست الاولى (1949) والكنيست الثاني (1951) فكانت مرتبته الرابعة في الاولى، والخامسة في الثانية، لكنه قفز الى المرتبة الثانية بعد الماباي في كل من انتخابات الكنيست الثالثة (1955) والرابعة (1959) ووحد الطرفان صفوفهما عام 1965 استعداداً لانتخابات الكنيست الخامسة في هذه السنة فتجمعت احزاب اليسار فيما سمي بـ الائتلاف Alignment ، وتجمعت احزاب اليمين فيما سمي بحزب "الجاحال" واحتفظ حزب "الجاحال" بمرتبته الثانية في هذه الكنيست وكان "الجاحال" يزايد على العمال في السياسة الخارجية خصوصاً تجاه الدول العربية. 
سابعا : أسباب بغض الصهاينة لمصر وللرئيس عبد الناصر كانت هذه خلفية الأحداث الجسام التي شهدها الوطن العربي خلال هذه الفترة من الوحدة (1958) الى الانفصال (1961) ومن استقلال المغرب فتونس (1956) والكويت (1961) والجزائر (1962) ومن ثورة لبنان (1958) والعراق (1958) ونزول قوات المارينز في لبنان وخروجها منه في السنة ذاتها الى ثورة اليمن (1962) ونزول القوات المصرية فيه في السنة ذاتها الى سقوط عبدالكريم قاسم (1962) الى فشل محادثات الوحدة بين العراق وسورية ومصر عام 1963 وما بعد. وكانت هذه الأحداث الدولية والإسرائيلية والعربية خلفية سعي "اسرائيل" الحثيث مجدداً الى تحويل نهر الاردن الذي تم لها في صيف 1964 وهي سنة انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة اعيد فيه ليندن جونسون الى الحكم وهو الذي وصفه ساي كينين مؤسس "الايباك" في مذكراته عام 1981 بانه "افضل صديق The Best Friend لاسرائيل من بين رؤساء الولايات المتحدة". وانعقد مجلس الجامعة العربية عام 1960 اثناء الوحدة ليعلن ان مواصلة "اسرائيل" السعي لتحويل النهر "عمل عدواني ضد العرب يبرر تدابير دفاعية مشتركة" فجاء ما جاء بعد هذا الاعلان ولم يجتمع رؤساء الاركان العرب الا في كانون الاول (ديسمبر) 1963 بطلب من سوريا الانفصالية فقرروا ان لا مندوحة من القوة العسكرية لايقاف اعمال التحويل فدعا عبدالناصر الى اجتماع قمة في كانون الثاني (يناير) 1946 (وهو اول اجتماع قمة عربية بعد اجتماع انشاص في مصر عام 1946 قبيل قرار التقسيم عام 1947). وتخلل اجتماع القمة تلاسن وتطاول وتجريح لا يشرف المتفوهين به وقرر القيام بتحويل مضاد لروافد النهر الواقعة في الدول العربية (الحاصباني، والبانياس، واليرموك) وانشاء قيادة عسكرية موحدة للدفاع عنه كما قرر الطلب من ممثل فلسطين في الجامعة احمد الشقيري المثابرة في انشاء "الكيان الفلسطيني". وفي ايلول (سبتمبر) 1964 وبعد بدء تدفق مياه الاردن الى النقب في جنوب "اسرائيل" عبر الجليل والسهل الساحلي في انابيب قطرها 108 بوصات انعقدت قمة ثانية لتقرر بناء السدود على البانياس والحاصباني واليرموك وقناة تمتد 80 ميلاً داخل الاراضي السورية تربطها ببعضها البعض. وهددت "اسرائيل" وتوعدت وقامت بغارات متتالية جوية ومدفعية على لاقرى السورية ومواقع التحويل المضاد في تشرين الثاني 1964 واذار (مارس) وايار (مايو) 1965 وتموز (يوليو) 1966 اوقفت عملياً هذا المشروع العربي المشترك فتبين لها ميدانياً هزالة العمل العربي الجدي مع انه لم تكن بحاجة الى دليل عليه. وتم لها سرقة المياه العربية بعدما سرقت معظم الاراضي الفلسطينية قبل ذلك بعشرين عاماً وكانت المجابهة بصدد التحويل بمثابة "بروفة" عسكرية لما هو آت. واضاف الى فقاقيع الشقيري (رحمه الله) اللفظية برزت في الميدان حركة "فتح" الجهادية تنادي بالقياس بين حرب تحرير شعبية في فلسطين وحرب التحرير في الجزائر وفيتنام والصين مع ان لا قياس بين هذه وتلك. ولم تخفِ "فتح" غايتها في توريط الجيوش العربية النظامية في حرب مع "اسرائيل" بحجة تقاعس الدول العربية عن القيام بواجبها اتجاه فلسطين فقامت بسلسلة غارات صغيرة من الاراضي السورية والاردنية لم يكن لها اي اثر عسكري يذكر على رغم بطولة من قام بها، لكنها اضافت الى مستودع الذرائع التي كانت "اسرائيل" تحرص على تجميعها كما شهد بذلك موشيه دايان في التصريح الذي روي عنه مؤخراً. وتوج عبدالناصر (رحمه الله) هذه الذرائع  تحت تأثير ضغوط عربية هائلة تعرض لها من كل صوب فاقترف رابع الاخطاء الاستراتيجية الكبرى في حياته السياسية: احجامه عن ممارسة صلاحياته الدستورية في الحفاظ على الوحدة (1961) وقرار التأميم (1961) وارسال جيشه الى اليمن (1962) اما رابع الاخطاء وادهاها فكان طلبه سحب قوات الدولية من قطاع غزة ومضيق تيران. 
ثامنا : نكسة يونيو 67 التى تسبب فيها الصهاينة - حرب حزيران هي ثالث الزلازل الكبرى التي غيرت معالم مشرقنا منذ مطلع القرن الجاري بعد الحرب الكونية الاولى والحرب الصهيونية العربية عام 1948. وعكست السرعة البرقية التي حسمت "اسرائيل" فيها النتيجة العسكرية، مقدار تفوقها على الجيوش العربية قيادة وتخطيطاً، تنظيماً واداء، ففي غضون ساعات قلائل عرت "اسرائيل" قواتنا البرية عن مظلتها الجوية وجعلتها لقمة سائغة لطيرانها في بيئتنا الصحراوية الجرداء بعد ان حطمت قواتنا الجوية ومعظمها جاثمة على الارض في ضربات ماحقة استباقية ومفاجئة. واستولت "اسرائيل" بعد قتال لم يدم اكثر من ستة ايام على مساحة من الارض العربية ثلاثة اضعاف مساحتها قبل العدوان فغدت محتلة لـ100 في المئة من الارض الفلسطينية ما بين النهر والبحر بما في ذلك القدس بأكملها، واشرفت من على جبل الشيخ على دمشق شمالاً، وفي سيناء على قناة السويس غرباً واعماق البحر الاحمر جنوباً وهجرت "اسرائيل" خلال القتال وبعيده 250,000 لاجىء من الضفة الغربية وقطاع غزة و100,000 من اهالي الجولان وآلافاً من بدو سيناء، كما استولت على الحقول البترولية فيها. واستشهد حوالى 15,000 جندي عربي معظمهم من المصريين وخسرت الجيوش العربية 70 في المئة من اسلحتها الثقيلة بما فيها 400 طائرة تحطمت و500 دبابة تحطمت او غنمت. وبلغت خسائر "اسرائيل"  "ما يزيد على 700 قتيل و60 دبابة و20 طائرة" كما تصفها مصادرها الرسمية. واختلفت ردة الفعل الامريكية على هذا العدوان مقارنة بردة فعلها على العدوان الثلاثي عام 1956 اختلاف جونسون عن ايزنهاور نشأة وبيئة اجتماعية وعلاقات مع اليهود ونظرة اليهم، كما عكست نمو اللوبي اليهودي منذ العدوان الثلاثي ونتيجة الموقف بالذات الذي اتخذه ايزنهاور من العدوان. وهكذا لم يكن وارداً في ذهن جونسون على الاطلاق ان يطالب بعودة الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب Status quo ante bellum او ما يقترب من ذلك بل بالعكس حرص جونسون عملياً على ان تبقى الاراضي المحتلة في ايدي "اسرائيل" الى ما شاء الله او حتى توظفها لفرض التسوية التي تبتغيها بشروطها هي اذا ما حلا لها ذلك. وتجسدت نظرة جونسون هذه بمشورة الاخوين روستو والسفير غولدبرغ في القرار 242 الذي لا يحدد اية مهلة للتسوية المطالب بها ويترك هامشاً واسعاً (بالانكليزية) للادعاء بعدم وجوب الانسحاب من جميع الاراضي ويهمل كلياً اي اشارة الى فلسطين أو الفلسطينيين معتبراً ان القضية انما هي بين الدول العربية ودولة "اسرائيل" مع تأكيد ديباجية القرار على عدم جواز الاستيلاء على الاراضي بالقوة حفظاً لماء الوجه. وكان القرار 242 من منظور الحرب الباردة جواب جونسون الى موسكو على المأزق الذي حشرت امريكا نفسها فيه في فيتنام. اسكر النصر الساحق الشعب اليهودي حيثما وجد واثار الاستيلاء على القدس الشرقية وحائط البراق وكامل التراب الفلسطيني وهزيمة القاهرة ودمشق وعمان معاً دفين الغرائز لدى عدد متزايد منهم وجعل من كل يهودي امريكي من دون استثناء يذكر صهيونياً ملتزماً فزاد بذلك اللوبي اليهودي واثره على المؤسسة السياسية الامريكية قوة على قوة، وبلغت تبرعات يهود امريكا خلال ثلاثة اسابيع من بدء القتال 100 مليون دولار معظمها نقداً، ونمت موجة من الهجرة الى "اسرائيل" بلغت 30,000 امريكي يهودي بين 1967-1973 مما استدعى انشاء وزارة للهجرة والاستيعاب لتولي امورهم. وعزرت نتائج حرب حزيران الشعور القومي بين يهود روسيا وحفزتهم الى المطالبة بالهجرة الى "اسرائيل". اما في "اسرائيل" نفسها فبلغ الزهو والاعتداد بالنفس الذروة وكان الشعور السائد "ان ليس بالامكان احسن مما كان" وان الزمن لصالح "اسرائيل" وان المفاوضات تعني التخلي عما باليد وبالتالي لا وجوب لها وان العرب في عجز سحيق وتجسد هذا الشعور اكثر ما تجسد في القدس الشرقية وبخاصة في البلدة القديمة اذ هدمت احياء بكاملها بجوار حائط البراق وطرد الآلاف من سكانها ودعا بن غوريون المتقاعد الى هدم اسوار المدينة القديمة التي يناها السلطان سليمان القانوني لكونها تضفي الطابع الاسلامي على القدس الشرقية. لم تكتفِ مصر وسوريا بـ لاءات قمة الخرطوم الثلاث بل اردفتها بالمبادرة بمناوشات بالمدفعية على حدودهما الجديدة ما لبثت ان تطورت الى ما سمي "بحرب الاستنزاف" التي دامت من حزيران (يونيو) 1967 الى تموز (يوليو) 1970. وكان الهدف منها اثبات الذات على رغم الهزيمة والضغط على الولايات المتحدة لكسر الجمود التي سعت "اسرائيل" الى تثبيته في المنطقة. في هذه الاثناء كان ولاية جونسون قد انتهت عام 1968 وخلفه ريتشارد نيكسون الذي عين هنري كيسنجر مستشاره للأمن القومي ووليم روجرز وزيراً للخارجية. اما في "اسرائيل فقد توفي ليفي اشكول عام 1969 واعقبته في الحكم غولدا مائير (1898-1978) الروسية المولد والامريكية النشأة .وكانت الحكومة الاسرائيلية ما زالت حكومة اتحاد وطني منذ تأسيسها عشية حرب حزيران تضم حرب "الجاحال" اليميني بزعامة مناحيم بيغن اضافة الى حزب "الائتلاف" العمالي بزعامة غولدا مايير. ولم يكن لليهود "مدخل" مميز على نيكسون على رغم تعيينه لهنري كيسنجر ولا كان متعاطفاً معهم مثله مثل معظم الجمهوريين في حينه وكان الذي يجمع بينه وبين كيسنجر نظرة متطابقة بالنسبة للتعامل مع موسكو في الشرق الاوسط وخارجه. وتتلخص نظرة نيسكون الى الصراع الصهيوني-العربي بصرف النظر عن الضغوط اليهودية والاعتبارات الانتخابية في ضرورة المحافظة على التفوق العسكري الاسرائيلي في وجه حلفاء الاتحاد السوفياتي من العرب مع الحرص على التخفيف من حدة توتر الصراع لتلافي الصدام بين الجبارين. وبعبارة لم يكن لدى نيكسون اهتمام خاص خارج هذا الاطار في الشرق الاوسط ولا رغبة معينة في تسوية النزاع الصهيوني -العربي وهو توجه شجعه كيسنجر في المحافظة عليه. وكانت خلفية روجرز الاجتماعية شبيهة بخلفية الاخوين دالاس على دماثة خلق وتوضع جم. بيد ان القتال خصوصاً في الجبهة المصرية استمر في التصاعد وكان نيكسون قد وصف الوضع في المنطقة في اول مؤتمر صحافي له على انه "برميل بارود" Powder Keg فقام روجرز في كانون الاول (ديسمبر) 1969 بإعلان مبادرة عكست من دون شك وجهة نظر "المستعربين" Arabists في الوزارة الخارجية اكثر منها البيت الابيض، ناهيك عن كيسنجر، تقوم على ضرورة ان تكون سياسة الولايات المتحدة "متوازنة" Balanced وعلى رفض التوسع Expansionism وعلى ان التسوية الاقليمية يجب الا تعكس ثقل الانتصار العسكري Weight of conquest ورفضت المبادرة اي خطوات احادية الجانب ودعت الى الانسحاب الكامل من سيناء مقابل معاهدة صلح اسرائيلية مصرية، ولم تتعرض المبادرة الى الجولان، وبالنسبة للاردن دعت الى الانسحاب الى حدود الهدنة مع بعض التعديلات والى مشاركة الاردن و"اسرائيل" في القدس كما لمحت الى اعطاء اللاجئين حق الخيار بين العودة والتعويض. وهبطت السماء على رأس روجرز في اعقاب مبادرته وعلقت غولدا مايير عليها بقولها: "لم نخض ثلاث حروب حتى ننتحر الان". ونظمت "الايباك" في الولايات المتحدة مظاهرة لـ 1400 زعيم يهودي من 31 ولاية هبطوا دفعة واحدة على واشنطن وقابلوا 250 عضواً في الكونغرس وشنت "اسرائيل" في خطوة تصعيدية غارات جوية في اعماق مصر للتدليل على صلابة عزمها تجاه كل من القاهرة وواشنطن وموسكو وطار عبدالناصر الى موسكو وهدد بالاستقالة لمصلحة خلف "مقبول" لدى الولايات المتحدة فأرسل الاتحاد السوفياتي اكبر حملة له خارج حدوده قبل غزو افغانستان فكان الصدام الجوي الاسرائيلي الروسي في اجواء مصر وتجدد نشاط روجرز. طالب روجرز بوقف فوري للقتال وقدم صيغة "ملطفة" لاقتراحه الاول قائمة على "مبادىء" قرار 242 قبلتها مصر والاردن ولم تقبلها "اسرائيل" في تموز 1970 الا كما انهكت الحرب عبدالناصر فوق انهاكه بحوادث الاردن المتزامنة وتوفاه الله في ايلول (سبتمبر) عام 1970. 



                                 الباب التاسع                حرب اكتوبر وكسر شوكة الصهاينةأولا : استراتيجية الرئيس الراحل  "  أنور السادات "قامت استراتيجية الرئيس الراحل " أنور السادات " منذ البدء على الإبتعاد عن الإتحاد السوفيتي والإقتراب من الولايات المتحدة وعلى اطلاق المبادرات "الايجابية" بالتوالي أملاً        باستدرار اهتمام امريكا وإحراج "إسرائيل" مع التنسيق الوثيق مع السعودية. وفي 4      شباط (فبراير) 1971 اقترح السادات أن تنسحب "إسرائيل" إلى الممرات على أن تعبر القوات المصرية القناة إليها وتحافظ على وقف اطلاق النار وتفتح قناة السويس وتقيم العلاقات الدبلوماسية مع امريكا وتعلن استعداداً لعقد اتفاق سلمى مع "إسرائيل" عن      طريق هيئة الأمم. وتقول الصحيفة الإسرائيلية "هآرتس" إن اقتراح السادات هذا أوقع "جولدا مايير "        في  حال ذعر Panic ذلك أنه اخر ما كان في ذهنها هو التفاوض من أجل السلم. وأكد السادات في تصريح له في مجلة "نيوزويك" الأمريكية رغبته في التعايش السلمي مع  "إسرائيل". وفي نيسان (ابريل) 1971 أعاد اقتراحه بفتح القناة (الملائم لامريكا) كخطوة اولى تجاه اتفاق سلمى مقابل التزام "اسرائيل" بالانسحاب من جميع الاراضي المحتلة فرفضت "اسرائيل" بعد ان حصلت على تطمينات من نيكسون نفسه فحواها أن    الانسحاب الاسرائيلي لن يكون بالضرورة الى حدود 1967 وإن تسوية قضية اللاجئين لن تضعف الصبغة اليهودية لاسرائيل وان الولايات المتحدة  ستؤمن التوازن (اي التفوق) في السلاح واعقب ذلك ارسال امريكا لـ 45 طائرة      فانتوم مقاتلة وثمانين طائرة سكاي هوك قاذفة كان روجرز قد اخّر وصولها الى "اسرائيل"   قبل موافقتها على مبادرته. ومع ذلك استقال مناحيم بيجن من حكومة الاتحاد الوطني في آب (اغسطس) 1970 غاضباً حانقاً ومعلناً أن مبادرة روجرز ستؤدي الى محرقة Holocaust يهودية               ثانية. وهكذا لم تفض مبادرتا " روجرز " بسبب حرب الإستنزاف عن اي نتيجة ملموسة       على الأرض سوى وقف القتال واسفرت الحرب ذاتها عن 10,000 شهيد مصري و1000 قتيل اسرائيلي اضافة الى خسائر مادية فادحة في مدن القناة وريفها واقترحت امريكا محادثات جوار Proximity Talks برعايتها فامتنعت "اسرائيل" وحاول روجرز الضغط عليها ثانية باعاقة دفعة جديدة من المقاتلات والقاذفات، لكنه اضطر بسبب الضغوط عليه من الكونجرس ان يفرج عنها في كانون الثاني (يناير) 1972.ثانيا :رفض الصهاينة لقبول الصلاح والتعايش مع العرب وبإيعاز من مصر زار "اسرائيل" في خريف 1971 اربعة رؤساء افريقيون للاستحصال  على تعهد من "إسرائيل" بعدم ضم اي من الاراضي العربية فصدوا كما صد مسعى قام           به امين الأمم المتحدة حينئذ " كورت فالدهايم " بعد ذلك بقليل. وفي عام 1972 اعلن الكنيست  "ان حقوق الشعب اليهوي في ارض "اسرائيل" فوق التحدي". واستمر انشاء المستعمرات  في كل من الجولان والضفة والقطاع وسيناء واعلنت "اسرائيل" عن نيتها في بناء مدينة  ياميت Yamit في سيناء ليقطنها 200,000 يهودي. وفي  تموز / يوليو  1972 اخرج السادات من مصر الخبراء العسكريين السوفيت وعددهم  بين 15,000 - 20,000 وتطلع الى نهاية عام 1972 وهي سنة انتخابات رئاسية امريكية أملاً بان يتحرر نيكسون كلياً في ولايته الثانية من الضغوط اليهودية. ولم تلقَ اي من هذه الخطوات اي استجابة من "اسرائيل" ذلك ان الولايات المتحدة في    تعليق للكاتب الصهيوني البريطاني المخضرم " جون كيمشي " قد عززت القوات الاسرائيلية بحيث اصبحت سيدة Master الشرق الأوسط فلماذا يقدمون التنازلات الى مصر أو لغيرها"؟ اما بالنسبة لنيكسون فلم تتحقق الأمال في ولايته الثانية بل بالعكس خف تخوفه وتخوف كيسنجر من الصدام مع السوفيت بخروجهم من مصر واستجاب لطلب مايير في آذار (مارس) 1973 لارسال 48 مقاتلة وقاذفة جديدة. ووظف نيكسون ذلك لتثبيت الوفاق entente مع السوفيت، من دون اشراكهم في شؤون الشرق الاوسط واقتصر البيان اثر اجتماع لقمة بينه وبين " ليونيد برجنيف " في حزيران  / يونيو 1973 على عبارة عابرة عن المنطقة دونما ذكر لقرار 242 وكانت اهتمامات نيكسون منصبة في معظمها في فيتنام من ناحية وفي العلاقات مع موسكو وبكين من الناحية  الثانية، وهو الذي زار بكين في مطلع عام 1972 للضغط على موسكو. واخذت فضيحة "وترجيت " تستحوذ اكثر فأكثر عليه بدءاً بعام 1973. ثالثا : الصهاينة وحرب أكتوبروبدأ خلال هذه المرحلة (عام 1972) تطورا سيكون له اخطر العواقب لاحقاً             وهو يشهد مجدداً على جاذبية الأصوات اليهودية في سوق الانتخابات الأمريكية ذلك       أن السناتور " هنري جاكسون " الديمقراطي والطامح للرئاسة في انتخابات 1972 استجاب لمطلب صهيوني قديم يعود الى المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين المنعقد في القدس عام 1951 جرى تكراره في المؤتمرات التالية منذئذٍ يؤكد على حق يهود الاتحاد السوفيتي في الهجرة  إلى "اسرائيل". وقرر " جاكسون " ان يلحق تعديلات بهذا المعنى على مشروع قانون لتنظيم التجارة بين امريكا والاتحاد السوفيتي قيد التداول في الكونجرس ينص على حرمان السوفيت من منافع التجارة مع امريكا في حال عدم تجاوبهم. وتم له ذلك على رغم طلب " نيكسون "  شخصياً من " مايير " أن تقنع جاكسون     بإيقاف  مسعاه حرصاً منه على الوفاق مع السوفيت. وما قاله نيكسون لجولدا مائير أنه حصل على   تعهد من " بريجينيف "  بالسماح في هجرة 35,000 يهودي الى الخارج شرط عدم  سن قانون جاكسون.  وبالفعل سمحت موسكو في الفترة 1971-1981 لـ 270,000 يهودي  بالهجرة   ذهب 165 الفاً منهم الى "اسرائيل" وكان هذا قبل السيل العارم الذي اطلقه ميخائيل غورباتشوف، وليس مصادفة ان تأتي مبادرة جاكسون في الوقت الذي كانت "اسرائيل" تخطط لاسكان 200,000 يهودي في "ياميت في سيناء". أهم ملامح الصراع الصهيوني-العربي فى هذه المرحلة :ما سبق كان باختصار شديد بعض اهم ملامح الصراع الصهيوني-العربي على محوره الرئيسي في هذه المرحلة: فالجبهة المصرية التي شكلت الخلفية لحرب رمضان كانت المحطة الكبرى على منتصف الدرب بين  حرب يونيو 1967 وكامب ديفيد. فقد قامت حرب رمضان على الثلاثي: القاهرة ودمشق والرياض وكانت المحاولة العسكرية   الاولى والاخيرة المشتركة للتصدي للقوة العسكرية الصهيونية منذ 1948 لكنها تميزت عن محاولة 1948 بالبون الشاسع في احجام القوات المتصارعة على الطرفين وفي انظمة اسلحتها وقوة نيرانها فبينما لم يكن لدى جيوش الدول العربية مجتمعة اكثر  من 22 دبابة وعشرة مقاتلات عام 1948 دفعت سوريا وحدها على جبهتها بـ 1400 دبابة. وكما كان الحال عام 1948 لم يقصد عام 1973 الى حرب مجابهة الى النهاية              مع العدو بقدر ما كان القصد خصوصاً في حرب رمضان افهام تل ابيب وحليفتها الكبرى واشنطن استحالة بقاء الوضع الراهن على حاله وجعل الاولى تدفع ثمنا غالياً لتشبثها الصلف به وارغام الثانية على اعطاء المنطقة قسطاً اوفر من اهتمامها السامي الموزع بين موسكو  وبكين وفيتنام. وتميزت حرب رمضان بفضل المغفور له الملك فيصل بنية الثلاثي للمرة الاولى والاخيرة في استخدام موجودات الامة من وسائل عسكرية وغير عسكرية مجتمعة، كما تميزت بدقة التنسيق في مراحلها الاولى بين الجبهتين الشمالية والجنوبية وبالحفاظ المحكم غير المعهود عربياً على عنصر المفاجأة المطلقة عند بدايتها. ترنحت "اسرائيل" من هول الضربة الاولى والاقتحام الموفق لخط "ماجينو"-"بارليف" الذي اقامته على القناة وتوغل القوات      السورية في الجولان .ونتيجة عدم تقدم القوات المصرية لاحتلال الممرات التقطت انفاسها واكملت تعبئتها العامة واستندت الى جسر جوي امريكي نقل 22,000 طن من العتاد الثقيل مباشرة الى ميدان القتال للعبور الى الضفة الغربية من القناة فكان التهديد السوفيتي بالتدخل المباشر وكان اعلان امريكا لحال التأهب حرب عالمية ثالثة فكان اعلان وقف القتال بعد ان استردت "اسرائيل" الجولان واستولت على اراضٍ سورية خارجه. وخسرت "اسرائيل" على الجبهتين 2770 قتيلاً و7400 جريح و800 دبابة و120 طائرة وكانت الخسائر العربية 15,000 شهيد مصري و3,000 شهيد سوري و800 دبابة سورية و650 دبابة مصرية و160 طائرة سورية و180 طائرة مصرية. واخيراً استرعى الصراع الصهيوني-العربي اهتمام واشنطن الجدي وتولى ادارة الازمة     هنري كيسنجر شبه مطلق اليد بسبب انغماس نيكسون في معالجة ذيول فضيحة واترجيت  التي اضطرته الى الاستقالة في آب/ أغسطس 1974 ليخلفه " جيرالد فورد "  نائبه الذي كان قليل الخبرة في الشؤون الخارجية لكنه ذو استقامة وحسن خلق. رابعا : كامب ديفيد فى عيون الصهاينةكانت لدى " كيسنجر " عند مباشرته لمهمته الشرق أوسطية صورة ذهنية واضحة شاملة     لما يريد أن ينجزه وما لا يريد وحيثيات الشطرين. ففي المدى الاقرب كان الهدف فصل   القوات على الجبهتين لتثبيت وقف اطلاق النار ورفع الحظر البترولي، ويلي ذلك تشجيع المفاوضات بين "اسرائيل" من ناحية ومصر والاردن من ناحية اخرى بغية الوصل الى   اتفاقات ثنائية بين "اسرائيل" وكل من البلدين العربيين. ولم يكن كيسنجر ليؤمن أو يرغب في حل "شامل وعادل" للصراع الصهيوني _ العربي لأن ذلك سيكون من منظوره الصهيوني "على حساب اسرائيل". وكان الهدف من الاتفاق الثنائي المصري - الاسرائيلي تحييد مصر عسكرياً عملاً بنظرية توازن القوى Balance Of Power وهي بمفهوم كيسنجر تعني ترجيح كفة "اسرائيل" على كفة سائر الدول العربية عن طريق "ارضاء" مصر. اما الاتفاق الاردني - الاسرائيلي فكان هدفه بتصوره الالتفاف حول "القضية الفلسطينية" ومنظمة التحرير والحقوق الفلسطينية التي لم يكن ليوليها جميعاً اي اهتمام بالذات. كما ان كيسنجر لم يكن معنيا كثيراً في اتفاق ثنائي سوري - اسرائيلي بعد اتفاق فصل القوات بحجة ان سورية حليفة موسكو وبالتالي جديرة بالجفاء والعزل والعقاب. وكان كيسنجر شديد الحرص على ابعاد موسكو عن الادارة المركزية لهذه الازمة مع استعداده لالقاء بعض الفتات امامها عن طريق اشراكها في مؤتمرات دولية طقوسية في جنيف وغيرها. وظهرت نتائج دبلوماسية كيسنجر في الميدان في اتفاقي فصل القوات بين "اسرائيل" ومصر في كانون الثاني 1974 وبينها وبين سورية في ايار (مايو) 1974 واعقب الاخيرة رفع  الحظر البترولي واصطدم مسعى كيسنجر في دفع الاتفاق المصري - الاسرائيلي الثنائي الى  امام بتعنت "اسرائيل" حين تولى رئاسة الوزارة اسحاق رابين في نيسان (ابريل) 1974 بعد استقالة غولدا مايير بسبب حرب تشرين الاول/ أكتوبر73  .وكان من آثاره في الوضع الداخلي الاسرائيلي تقوية احزاب اليمين التي انضمت الى تكتل جديد باسم "الليكود" في انتخابات الكنيست الثامن (كانون الاول 1973) اذ انخفض الفارق بين حزب العمال (الائتلاف) وبين حزب "الجاحال" / "الليكود" اليميني من 56: 26 مقعداً في انتخابات 1969 الى 51: 39 مقعداً في انتخابات 1973. وعلى رغم مرونة السادات وانسجامه "الفكري" مع كيسنجر لم يفلح هذا الاخير في     بادىء الامر في زحزحة رابين عن موقفه. وكان هذا يعلم علم الخبير مدى النفوذ اليهود     في واشنطن وهو الذي امضى خمس سنوات سفيراً ومرشداً للوبي اليهودي فيها وكان رابين  على قناعة تامة بان ضغط واشنطن عليه انما بسبب النفوذ العربي البترولي وان هذا النفوذ ظاهرة تدوم لسبع سنين عجاف يتبعها السمان فلا ضير في الجمود Immobilism والصمود الى ان يأتي الفرج الاكيد. وقالت "النيويورك تايمز" عن رابين انه اشد عناداً من غولدا مايير فحيث قالت             "كلا" No يقول رابين "ابداً" Never . وغضب فورد لموقف رابين وهدد بـ"اعادة النظر" Reassessement في العلاقات الامريكية - الاسرائيلية "فقبلت "اسرائيل" اخيراً بعد ان غمرها كيسنجر بـ"التعويضات" والاسلحة والتطمينات والمغريات. وكان الاتفاق الثنائي الاسرائيلي - المصري المرحلي Interim Agreement في ايلول (سبتمبر) 1975 الذي وصفه رابين نفسه بقول انه "اعطى "اسرائيل" حرية عمل اعظم في المجال السياسي ووضع سورية في وضع اضعف سياسياً وعسكرياً ومكن "اسرائيل" من ان تبرز منه وهي اقوى سياسياً وعسكرياً". في هذه الاثناء ومع انه لم يشترك في حرب رمضان طالب الاردن بعقد اتفاق ثنائي           بينه وبين "اسرائيل" على غرار ما حصل على الجبهتين السورية والمصرية وكان من جملة مغريات كيسنجر الى "اسرائيل" في "مذكرة التفاهم" Memorandum of Understanding الملحقة بالاتفاقية المرحلية مع مصر ان تعهدت الولايات    المتحدة لاسرائيل بالا تتحدث مع منظمة التحرير حتى تعترف هذه من طرف واحد بحق "اسرائيل" بالوجود وبقرار 242 وهو التعهد الذي جمد العلاقات الفلسطينية - الامريكية  إلى عام 1989 وكان اكثر بلد عربي تحمل مضاعفاته هو لبنان الذي انتقلت اليه منظمة التحرير الفلسطينية بعد اخراجها من الاردن عام 1970 - 1971. وفي اعقاب هذا الحدث الاخير اخذت "اسرائيل" تفكر اكثر فأكثر في "الخيار الاردني "    حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية للإلتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية عن طريق اتفاق   ثنائي مع عمان. ووضعت سلسلة تصورات لخارطة الضفة الغربية على هذا الاساس بدأ بمشروع يغال الون عام 1970 وزير التربية في حينه، ولب فكرة الخيار الاردني       "التقاسم الوظيفي" Functional compromise بين الاردن و"اسرائيل"   يتولى بموجبه الاردن الادارة المدنية لمناطق فلسطينية معينة وتبقى لاسرائيل السلطة على الارض والمياه والمستعمرات والامن، ولم تصل المفاوضات الاردنية - الاسرائيلية على هذه المشاريع الى اي نتيجة على رغم حض كيسنجر لاسرائيل على "اغراء" الاردن .واتبعت "اسرائيل" خطة رديفة تجاه منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان مستغلة خطأ الاخيرة الاستراتيجي في اعتبار لبنان "هانوي" عربية وفي تورطها المتزايد في السياسة الداخلية اللبنانية ولم تعوض مكاسب منظمة التحرير الفلسطينية المعنوية في هيئة الامم على  سلبيات ما حصدته في لبنان ولا عن اهمالها لشؤون الاراضي المحتلة النتائج عن هذا التورط. واذا كانت حرب رمضان المحطة الكبرى على منتصف الدرب بين حرب حزيران (يونيو) وكامب ديفيد فان الاتفاق المرحلي المصري-الاسرائيلي كان المحطة الكبرى بين حرب رمضان نفسها وكامب ديفيد ولعل اهم ما قدمه كيسنجر علاوة على ما اسلفنا لاسرائيل خلال وجوده في مركز القرار في ولايتي نيكسون (1969-1974) وفورد (1974-1976) مساهمته الفعالة في رفع المعونات المالية السنوية اليها الى مستويات لم يسبق ان اقتربت منها. فقبل ولاية نيكسون كان اعلى رقم وصلت اليه المعونة الامريكية الرسمية في اي سنة واحدة بين 1949-1968 (عهود ترومان وايزنهاور وكينيدي وجونسون) هو 127 مليون دولار (عام 1966 في عهد جونسون) لكنها وصلت الى بليونين و646 مليون دولار  عام 1974 وبليونين و362 مليون دولار عام 1976 وكان مجموع ما تلقته "اسرائيل" من امريكا في العشرين سنة (1949-1968) بليون و324 مليون دولار بينما  وصلها في السنوات الثمانية اثناء وجود كيسنجر في الحكم سبعة بلايين و966 مليون دولار. وفي كانون الثاني (يناير) 1977 تولى جيمي كارتر الرئاسة بعد جيرالد فورد وعين  سايروس فانس وزيراً للخارجية والكاثوليكي البولوني الاصل زفيجنييف بريجنسكي   مستشاراً للأمن القومي ولم يكن لليهود "مدخل" access خاص على اي منهم وكانت نظرتهم الى كيفية معالجة الصراع الصهيونية - العربي تختلف اختلافاً كلياً عن نظرة كيسنجر وكان كارتر اول رئيس امريكي يبدي اهتماماً شخصياً بالفلسطينيين ومأساتهم. واستندت سياسة كارتر تجاه القضية الى تقرير كان قد صدر عن مؤسسة بروكينكز     للابحاث ساهم بريجنسكي ومساعده وليام كوانت في اعداه، اسسه: سرعة التحرك نحو     حل شامل، الانسحاب الى حدود 1967 ومعاهدة صلح وتطبيع واقامة دولة فلسطينية      او اتحاد Federation مع الاردن شرط اعتراف منظمة التحرير بحق "اسرائيل"       في الوجود وبالقرار 242 واشراك الاتحاد السوفياتي بعد نضوج الحل في مؤتمر يعقد          في جنيف. وفي غضون اشهر سقطت حكومة رابين في انتخابات الكنيست التاسع في ايار 1977،   اثر فوز احزاب اليمين بالاكثرية للمرة الاولى منذ تأسيس "اسرائيل" وتولي مناحيم بيغن  رئاسة الوزارة. وكانت نظرة بيغن على نقيض تام مع نظرة واشنطن الجديدة، فشعار             حزبه الموروث عن حركة "التنقيحيين" Revisionist بندقية تصل بين فلسطين    وشرق الاردن، وهو الذي قال عن القرار 242 انه سيؤدي الى محرقة Holcaust جديدة، واستقال بسببه من حكومة الاتحاد الوطني عام 1960 والضفة الغربية لم تحتل      عام 1967 بل حررت Liberated واسمها الحقيقي السامرة ويهودا وحق اليهود     في استيطان كل شبر من ارض "اسرائيل" ازلي ابدي ولا اعتراف ولا اتصال بمنظمة التحرير الارهابية حتى ولو اعترف باسرائيل، واعتقد البعض ان هذ الآراء ستنفر اليهود الامريكيين حلفاء حزب العمل التقليديين، ولكن العكس حصل والتف هؤلاء من حول بيغن بقيادة الحاخام اليكساندر شيندلر     رئيس مؤتمر رؤساء الهيئات اليهودية الامريكية الكبرى التي تضم 37 عضواً وباشروا بالضغط على كارتر. لم يكتفِ بيغن بالكلام فاتبعه بالعمل على خطين، اولهما الاسراع                 في وتيرة الاستيطان والدعم لحركة "غوش امونيم" التي تأسست عام 1974 وهي التي  تقول بعدم جواز اعادة الارض اليهودية المقدسة بعد احتلالها الى "الغرباء" وتعتبر الاستيطان  في "اسرائيل" واحدة موحدة فرضاً دينياً واجباً على جميع اليهود. وترجمت غوش امونيم  هذه الاراء في الاستيطان المتعمد داخل المناطق المخصصة في مشاريع حزب العمل للفلسطينيين. اما خط بيغن الثاني فكان تكثيف الدعم للأحزاب اليمينية المسيحية اللبنانية وتصعيد الضربات "الانتقامية" رداً على عمليات منظمة التحرير من لبنان وفي الوقت نفسه خطط بيغن بمعونة وزير خارجيته موشيه دايان الذي كان قد ترك الحزب العمالي للانضمام اليه للاتصال بمصر لاستكشاف امكانات صلح منفرد معها. وارتاح كارتر للسادات، لكنه صدم بنجاح بيغن وبسياساته وهو الذي دعا في              آذار (مارس) في مطلع عهده الى انشاء وطن Homeland للفلسطينيين وحاول طيلة صيف وخريف 1977 زحزحة بيغن عن موقفه، وطلب منه في مقابلة معه وقف الاستيطان واعلن فانس انه "غير قانوني" Illegal فلم يأبه بيغن بكارتر بسبب الدعم الذي تلقاه    من يهود امريكا، وعاد من احدى رحلاته منها ليردد قول يوليوس قيصر المشهور veni vidi vici " جئت ورأيت وانتصرت". وفكر كارتر بمجابهة علنية مع بيغن Public showdown يخاطب فيها الشعب الامريكي شاكياً من بيغن، لكنه عاد وعدل عن ذلك وارسل الى السادات رسالة يطلب منه فيها القيام بدور بطولى لينقذ الموقف ,ولكن السادات لم يتحرك على الفور بل انتظر علام ستسفر الاحداث وحتى لا يكون موجها من قبل كارتر . وحاول كارتر الالتفاف على بيغن بالاتفاق في اول تشرين الاول (اكتوبر) عام 1977   مع الاتحاد السوفياتي على صيغة لمؤتمر صلح في جنيف تضمنت الاعتراف بـ"حقوق الفلسطينيين المشروعة" ومشاركة فلسطينية (من دون الاشارة الى منظمة التحرير الفلسطينية) في مؤتمر جنيف، فقامت الدنيا ولم تقعد بسبب ضجيج اللوبي اليهودي، ما اضطر كارتر الى التراجع عن الاتفاق في 4 تشرين الاول / اكتوبر. وكان السادات يراقب كل هذا، واعتبر رسالة كارتر اليه وتراجعه عن بيان اول تشرين  الاول  / اكتوبر دليل ضعفه تجاه اللوبي اليهودي فخطا خطوته نحو القدس التي اوصلته      الى كامب ديفيد فالمعاهدة. والمفارقة ان كارتر مكن بيغن من تنفيذ سياسة نقيضة لسياسته هو تنطوي على تحييد       اقوى دولة عربية من دون الالتزام بإيقاف الاستيطان الكفيل بنسف اسس "الوطن الفلسطيني" الذي كان كارتر يسعى اليه، والمفارقة ايضاً ان كارتر اضطر "لتعويض" بيغن على  ما فعله الاخير، فدفعت ادارته اكثر معونة مالية لاسرائيل دفعتها ادارة امريكية منذ 1948،  اذ بلغ ما قدمه كارتر لاسرائيل عشرة بلايين و669 مليون دولار، وهو مبلغ يزيد عما وصلها حتى في سنوات كيسنجر. ولعل ام المفارقات ان كارتر"كوفىء" على كل هذا بان هبطت نسبة اليهود الذين صوتوا اليه في الانتخابات ضد رونالد ريغان الى 45 في المئة   مقارنة بنسبة الـ 68 في المئة الذين صوتوا له في انتخابات 1976. خامسا : إستغلال الصهاينة لمعاهدة كامب ديفيد - زادت سرعة تدهور اوضاعنا تجاه الصهيونية و"اسرائيل"  منذ المعاهدة المصرية-الاسرائيلية الى ان وصلنا الى الدرك الذي نحن فيه اليوم وكان اجتياح صدام الغير مدروس للكويت المحطة الرئيسية على منتصف درب هذا الانحدار المريع. طبعاً لم يكن ميزان القوى الفعلي (وليس الكامن) بيننا وبين "اسرائيل" في يوم من الايام منذ تأسيسها وإلى كامب ديفيد لصالحنا بيد ان قاهرة المعزّ كانت الوزن الاهم في الكفة العربية والعمود الفقري لاي عمل عربي مشترك جاد فنتج عن تحييد مصر العسكري واخراجها من الحلبة تعزيز لكفة "اسرائيل" بوزن مصر وانقاص لنا بقدره ايضاً وكسب منطق "القطر" ازاء منطق  "القوم" جولة جديدة بعد كسبه جولتين سابقتين في الانفصال عام (1961) وفشل  محادثات الوحدة بعده وترسخت تدريجياً شرعية الانفراد الكياني في التعامل مع الصهيونية و"اسرائيل". وتزامنت  المعاهدة المصرية - الاسرائيلية ومضاعفاتها المباشرة وغير المباشرة في السنين التي فصلت ما بينها وبين اجتياح صدام للكويت مع الحروب الروسية الافغانية (1979-1989) والحرب العراقية - الايرانية (1980-1988) وحولت الاولى انظار  موسكو وواشنطن عن الشرق الادنى بينما ادخلت الحرب الثانية العرب في مجابهة                  ماحقة مع نظام قضى لتوه على اكبر حليف لاسرائيل بعد الولايات المتحدة (شاه ايران) وابدى تعاطفاً خاصاً مع القضية الفلسطينية فهدرت في محاربته عشرات البلايين من الدولارات وزهقت مئات الآلاف من الارواح العربية والمسلمة في وقت تولى الحكم فيه في تل ابيب  زعيم غلاة "اسرائيل" واشدهم بأساً وبطشاً. وتزامن مع كل هذا استلام رونالد ريجان لرئاسة الولايات المتحدة (كانون الثاني / يناير 1981 - 1989) وتعيينه للجنرال الكسندر هيغ تلميذ هنري كيسنجر وزيراً للخارجية. وكان ريجان خال الذهن خلواً تاماً بالنسبة للعالم العربي وغيره ويضاهي جونسون في علاقاته الوثيقة باليهود بسبب خلفيته كممثل محترف في هوليوود. واعتمد ريجان خاصة في الشؤون الاسرائيلية على يوجين روستو المحامي الامريكي اليهودي الصهيوني العتيق الذي  سبق ان اشرنا الى دوره ودور اخيه في عهد جونسون (1963-1969)  وكانت نظرة أمريكا للإتحاد السوفيتي انما هو امبراطورية شريرة evil empire.      اما بالنسبة لاسرائيل فهي جزء اصيل من "نحن" ( أى أمريكا ) وهو بكلامه هو "الموجود asset الاستراتيجي  الوحيد المتبقي لنا الذي يمكننا الاعتماد عليه في الشرق الاوسط بعد سقوط نظام الحكم فى ايران  (يعني الشاه)". اما هيغ فطموحه منذ قيادته لقوات الحلف الاطلسي رئاسة الجمهورية وما وزارة الخارجية الا وسيلة للوصول اليها، لذا كانت سياسته في الشرق الاوسط اشد خطراً على العرب من سياسة كيسنجر نفسه لاستدراجه لرضى اليهود واعقب هيغ وزيراً للخارجية لمعظم الثمانينات (1982-1988) رجل الاعمال جورج شولتز الذي كان اول وزير للخارجية للعرب "مدخل" عليه فاذا به فور اعتلائه كرسيه يصد الابواب في وجوه شركاء الامس كل الايصاد خوفاً من اولاد عمهم وارتعاشاً. لم تخف على بيجن هزالة الاوضاع العربية ولا متنانة وضعه في واشنطن خصوصاً وفي وجود القيادة الجديدة في البيت الابيض" ودشن ريجان سياسته الشرق اوسطية اثناء تبادل "س. وج." في اول مؤتمر صحافي عقده بعد انتخابه حين اجاب على سؤال حول    "لاشرعية" الاستيطان في الاراضي المحتلة بقوله ان الاستيطان برأيه "ليس غير شرعي" not illegal ، وهكذا وبكل بساطة نقض ريغان سياسات كل اسلافه ونسخها نسخاً واعطى بيغن ضوءاً اخضر مشعاً كان ينتظره، وليس مصادفة ان السؤال طرح على ريغان في مطلع عهده بل اغلب الظن انه من وحي يوجين روستو ملقن ريغان الاجابة عنه بالتنسيق المحكم مع "الايباك" وتل ابيب، واطلق بيغن وخلفه شامير (1983-1992) الاستيطان من  عقاله رقعة وانتشاراً واسكاناً دونما رادع او وازع كما اطلق يد ارييل شارون وزير دفاعه للتخطيط "لمشروعه (مشروع شارون) الكبير" great plan لاعادة رسم خريطة لبنان السياسية الذي بحثه شارون مع هيغ في تشرين الاول (اكتوبر) 1981 وشباط (فبراير) وايار (مايو) 1982. وصال بيجن وجال في هذ الاجواء فأعلن القدس بنصفها الشرقي عاصة ابدية "لاسرائيل"  عام 1980 وضرب المفاعل العراقي في حزيران (يونيو) 1981 من دون ان يحرك  صدام ساكنا لانهماكه في محاربة اعداء العرب فى رايه هو  وهم  "الفرس". وصرح بيجن بعد ضربة المفاعل ان "اسرائيل" لن تسمح لاي بلد عربي او غير عربي (يعني ايران وباكستان) بتطوير اسلحة الدمار الشامل". وقام في تموز (يوليو) 1981 بالغارة على حي الفاكهاني في بيروت     ذهب ضحيتها 300 شهيد لبناني وفلسطيني، وفي كانون الاول (ديسمبر) 1981 اعلن ضم الجولان الى "اسرائيل" وهي ثاني ارض عربية تضم رسمياً منذ 1967 بعد القدس الشرقية واول ارض عربية خارج حدود فلسطين الانتدابية ضمتها "اسرائيل". وعلق اسحاق شامير وزير الخارجية في حينه على تصويت الولايات المتحدة في مجلس الامن على ادانة ضم الجولان (من دون ان تفرض امريكا على "اسرائيل" اية عقوبة) بقوله: "ان مصالح "اسرائيل" والولايات المتحدة ليست متطابقة ولا بد لنا بين الحين والاخر من ان نهتم في مصالحنا". وكان ضم الجولان عملياً رد تل ابيب على مبادرة ولي العهد آنذاك الامير فهد في تشرين الثاني (نوفمبر) حين وضع اسساً لتسوية تتضمن التعايش  مع اسرائيل" شرط الانسحاب الى حدود 1967 وقيام دولة فلسطينية بما فيها القدس الشرقية. ولم يكتفِ بيجن بضرب المفاعل العربي لكنه سعى للحيلولة دون حصول المملكة السعودية على اسلحة تقليدية من واشنطن في معركة "الايواكس" AWACS الشهيرة عام 1981 اي انه كان يريد ان يكون لتل ابيب واللوبي اليهودي حق "الفيتو" على اية صفقة سلاح بين واشنطن وعاصمة عربية. ومع ان اللوبي اليهودي خسر هذه المعركة بالذات الا ان تفاصيل خسارته تدل بالعكس على فائق قوته ذلك ان ايقاف الصفقة كان يحتاج الى اكثرية  في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ . وحصل اللوبي بالفعل على اكثرية مجلس النواب (301 صوت مقابل 111 صوتاً) وفشل في مجلس الشيوخ بأربعة اصوات فقط (52 مقابل 48) وذلك بعد ان تدخل ريجان شخصياً في المعركة واعلن على التلفزيون انه "ليس من شأن الشعوب الاخرى ان تصنع السياسة الخارجية الامريكية" وايده علناً كل الرؤساء السابقين الاحياء: كارتر، وفورد، ونيسكون. واستغل بيجن محاولة اغتيال سفير "اسرئيل" في لندن لاجتياح لبنان في حزيران /يونيو  1982 تمهيداً لتنفيذ "المشروع الكبير" الهادف الى تحطيم البنية المدنية والعسكرية الفلسطينية على ارض لبنان واخراج القوات السورية منه وتسليم "القوات اللبنانية  اليمينية" الحكم وعقد معاهدة سلام وتطبيع معها. ايضاً يراقب بيروت تحترق وتقصف  من البر والبحر والجو بأحدث اسلحة الترسانة الامريكية وافتكها إلى 4 آب (اغسطس) عندما تفوه بملاحظة فحواها ان افعال "اسرائيل" "غير مناسبة" بعد ان اوفد فيليب حبيب وبعد ان استشهد 17,500 لبناني وفلسطيني معظمهم من المدنيين. نجح بيجن في اخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وكاد ينجح بفرض المعاهدة      عليه بفضل الدعم العنيد الذي تلقاه من جورج شولتز خليفة هيغ في وزارة الخارجية لولا بطولة المقاومة اللبنانية وصمود القوات السورية وظهور معارضة شعبية اسرائيلية ضد    وجود "اسرائيل" في لبنان في اعقاب مذبحة صبرا وشاتيلا واكتشاف "اسرائيل" حسب قول معلق اسرائيلي "ان آل الجميل ليسوا كل الكتائب والكتائب ليسوا كل الموارنة والموارنة ليسوا كل المسيحيين والمسيحيون ليسوا كل اللبنانيين".  وكان قد خلف بيجن في الوزارة شامير (1983-1984) ثم شمعون بيريز الذي        تعاقب على الحكم مع شامير في حكومة اتحاد وطني (1984-1988) بسبب حصول حزب العمال على اكثرية ضئيلة (44-41) ازاء حزب الليكود في انتخابات الكنيست الحادي عشر عام 1984. ولم تنسحب "اسرائيل" من لبنان حتى 1985 لكن انسحابها لم يكن كاملاً وهي لا تزال تحتل ما مساحته حوالى 10 في المئة من مجمل مساحة لبنان تضم اكثر من مئة قرية وضيعة يسكنها اكثر من ربع مليون مواطن لبنان ويقع رأس الضلع الشرقي لجنوب لبنان المحتل    عند جزين في موقع اقرب الى بيروت منه الى الحدود الاسرائيلية وهو يلتف ويسيطر على  اكثر من مئة قرية لبنانية اخرى جنوب صيدا وخارج المنطقة المحتلة. سادسا : الصهاينة وإنهيار الإتحاد السوفيتىويشكل الجنوب اللبناني المحتل الارض العربية الثانية بعد الجولان التي تحتلها "اسرائيل"    خارج حدود فلسطين الانتدابية. ومن اخطر الاحداث ما بين المعاهدة المصرية - الاسرائيلية واجتياح الكويت واعظمها اثراً على ميزان القوى بين العرب و"اسرائيل" بدء انخلال الاتحاد السوفيتي الذي كان اندروبوف 1980-1984) آخر زعيم صلب العود فيه وهو الذي دعم سورية خلال اجتياح "اسرائيل" للبنان، غير ان غورباتشوف (1985-1991) ما لبث ان افهم سورية انه اعجز من ان يحافظ على التوازن الاستراتيجي  بينها وبين "اسرائيل" التي كانت دمشق تعتمد عليه لسد الفراغ الناتج عن المعاهدة المصرية - الاسرائيلية فزادت كفة "اسرائيل" بذلك ثقلاً على ثقل، وتجسد الانحلال السوفيتي ايضاً في رضوخ موسكو لضغوط "اسرائيل" وواشنطن والسماح للهجرة اليهودية الجماعية. وفي المقابل وافقت واشنطن على طلب شامير بتقييد الهجرة اليهودية اليها فتدفق 700,000 مهاجر سوفياتي يهودي على "اسرائيل" ما بين 1989 و1996 فزادت "اسرائيل" بهم قوة بشرية وخبرات فنية على اعلى المستويات وعادل     عدد اليهود السوفيتي الذين دخلوا "اسرائيل" خلال هذه السنوات السبع عدد سكان "اسرائيل" عند قيامها عام 1948 بعد سبعين سنة من الهجرة منذ مطلع الثمانينات في    القرن الماضي. وقام ريجان بضغط من المستعربين Arabists في الخارجية بإعلان مبادرته لتسوية    القضية الفلسطينية بعد يومين من خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في          اول ايلول (سبتمبر) 1982، واكدت المبادرة على عدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية حتى تعترف الاخيرة باسرائيل وبقرار 242 كما اكدت عدم تأييد امريكا لدولة فلسطينية  او لضم الاراضي المحتلة من قبل "اسرائيل" وطالبت بحكم ذاتي فلسطيني مرتبط بالاردن وبتجميد الاستيطان والمفاوضة على مستقبل القدس. كانت هذه المبادرة ثاني مبادرة امريكية "شاملة" بعد مبادرة روجرز عام 1969 واخر معزوفة لمستعربي الخارجية رفضها بيغن رفضاً فظاً في اليوم التالي لإعلانها واجابت عليها الدول العربية في قمة فاس في تشرين الثاني (نوفمبر) 1982 اجابة استندت الى مشروع الامير  فهد لعام 1981. غير ان المبادرة بقيت كسابقتها حبراً على ورق ولم يتوقف الاستيطان لحظة بسببها واصبح شغل جورج شولتز الشاغل بعد فشله في فرض المعاهدة الاسرائيلية على لبنان الثأر من العرب ولم يعد ينظر الى المنطقة الا من ثقب ابرة "الارهاب" وكثف الضغوط على منظمة التحرير الفلسطينية لينتزع منها الاعتراف باسرائيل وبالقرار 242 و"بنبذ" الارهاب (وهو شرط ثالث اضيف الى شرطي هنري كيسنجر السابقين) من دون اي مقابل من "اسرائيل"  وتم له ذلك في كانون الاول (ديسمبر) 1988، وكان هذا البند الوحيد في مشروع ريجان الذي نفذ واعتبره شولتز فتحاً مبيناً فنشر      صورة عن رسالة عرفات بذلك في مذكراته وهي الصورة الوحيدة لوثيقة ديبلوماسية     نشرها في هذه المذكرات التي تملأ مئات الصفحات. وصمم شولتز خلال ولايته كما يقول  هو ان يعزز العلاقة بين امريكا و"اسرائيل" (وكأنها ما زالت بحاجة الى تعزيز) بنيوياً حتى  لا تستطيع ادارة امريكية لاحقة ان تعكسها وكان من اهم تدابيره تحقيقاً لذلك اخراج معالجة شؤون الصراع الصهيوني - العربي من ايدي المستعربين وحصرها في فريق يهودي  من "خريجي" "الايباك" وبلغ ما وصل "اسرائيل" من المعونات خلال عهد ريغان وبمشورة شولتز 22 بليوناً و881 مليون دولار وهو ضعف ما وصلها في عهد كارتر. ولعل ابلغ مؤشر على تعاسة اوضاعنا تجاه "اسرائيل" عشية اجتياح صدام الجنوني للكويت قيام اطفال الضفة والقطاع بالتصدي لاسرائيل بالحجارة نيابة عن القيادة الفلسطينية والعواصم العربية على روعة هذا العمل ونبله فجاء الاجتياح ليردف الزلزال الرابع الكارثي بالزلازل الشرقية الثلاثة التي سبقته عام 1967 و1948 و1914-1918، وليضيف ذيوله السلبية وما اكثرها على ذيولها ذلاً متراكماً وهواناً وكسباً صافياً مجانياً للصهيونية و"اسرائيل". وما مؤتمر مدريد الذي حضره جميع العرب باستثناءات قليلة الا اخطر هذه الذيول    وافدحها ومرآة صادقة لمجمل ما وصل اليه ميزان القوى عبر هذه الاطوار والمراحل التي  اسلفنا بين العرب من ناحية و"اسرائيل" والصهيونية العالمية والولايات المتحدة من ناحية اخرى. سابعا :الصهاينة ورؤساء أمريكالست من المدافعين عن اتفاق اوسلو وهو الطافح بالفجوات والنواقص ولا عن القيادة الفلسطينية واخطائها الاستراتيجية التي لا تحصى من السعي لتوريط الجيوش العربية في  أواسط الستينات الى نظرية ايجاد "هانوي" عربية الى التورط في السياسة الداخلية اللبنانية    الى التجافي المتعمد تجاه دمشق وعمان الى نسيان البعد العربي الاصيل للقضية الفلسطينية الى عدم شجب اجتياح صدام للكويت. بيد انني لست من المستسهلين الطلب بإلغاء اتفاق  اوسلو ومحاربته وميزان القوى هو على ما وصل اليه، بخاصة بعد اجتياح الكويت وولاية كلينتون والاتفاق في نهاية المطاف يخرج كثيراً عن كونه الناتج الطبيعي على الصعيد الفلسطيني لمؤتمر مدريد وشروطه. ولم يكن جورج بوش خلف ريجان (كانون الثاني / يناير 1989-1993) نصيرا للصهيونية او متعاطفاً مع "اسرائيل"، ولا كان وزير خارجيته جيمس بيكر، ولا كان  لليهود "مدخل" على ايهما، وكان بوش اكثر الرؤساء الامريكيين معرفة بالشؤون الخارجية  لا يضاهيه فيها سوى نيسكون مع الفارق انه خلافاً لنيكسون كان بالغ الاهتمام بالشرق الاوسط وبالصراع الصهيوني العربي بالذات وهو الرئيس الامريكي الوحيد الذي سبق له قبل توليه الرئاسة ان قال كلاماً قاسياً كممثل لامريكا في الأمم المتحدة استنكاراً لسياسة الاستيطان الاسرائيلية كما ان الرئيس الوحيد الذي كانت له صداقات عربية، اما بيكر  فقد كان المسؤول في البيت الابيض عن ادارة معركة "الايواكس" ضد اللوبي اليهودي وكان حانقاً عليه ومزمعاً مع رئيسه بوش على عدم الرضوخ له. وغدت امريكا سيدة العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي انهياراً كاملاً، عامي 1990-1991 وطبعاً كانت سيدة الشرق الاوسط من دون منازع في اعقاب عاصفة الصحراء، وضم التحالف الذي رأسته ليس دول الخليج فحسب بل ومصر وسورية ايضاً، وبلغت شعبية بوش في امريكا الذروة بعد اخراجه صدام من الكويت، ومع ذلك فقد كانت شروط مؤتمر مدريد الاساسية هي شروط اسحاق شامير: من حيث ابعاد هيئة الأمم وتهميش دور الراعيين واعتماد التفاوض الثنائي المباشر، واقصاء م.ت.ف، وعدم تمثيل الفلسطينيين تمثيلاً مستقبلاً، وتزامن المفاوضات على الجبهات المختلفة وتحويل قضية اللاجئين الى لجنة متعددة الاطراف تمييعاً لمسؤولية "اسرائيل"، وكان الفريق الخبير المرافق لبيكر هو في معظمه ممن عينهم جورج شولتز. وكانت "اسرائيل" قد بدأت في اواخر عام 1990 وبعد اجتياح الكويت تطالب الولايات المتحدة بضمان قرض بعشرة بلايين دولار لاسكان المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق فاستغل بوش الأمر لاعادة التأكيد على خطورة الاستيطان والتعويض عن سكوت ريجان وشولتز المشين ازاءه فربط منح القرض بإيقاف الاستيطان وهو اصلب موقف وقفه رئيس امريكي بشأنه منذ 1967، وكانت المجابهة العلنية وهبطت الوفود اليهودية على الكونغرس فلجأ بوش الى الرأي العام وتراجع اللوبي ولو الى حين، وكان هذا التأزم بين واشنطن وتل ابيب من اسباب فشل الليكود في انتخابات 1992 ونجاح رابين. ولكن ما لبث بوش ان سمح بالقرض الى رابين من دون ان يحصل منه على التزام بوقف الاستيطان تحت ضغط مقتضيات الانتخابات الرئاسية عام 1992 التي خسرها لصالح كلينتون. بيت القصيد هنا هو ان حتى بوش رضخ فكيف بنا اذا كان الرئيس بيل كلينتون ونائبه الطامح آل جور؟ ولقد اصبح الشعب اليهودي هو اليوم شعب امريكي من حيث العدد والثروة المادية  والبشرية والنفوذ السياسي، وهو جزء عضوي من المجتمع الامريكي ومن النخبة السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية فيه، وهو متعاطف تعاطفاً كلياً مع "اسرائيل" ومؤيد لها تلقائياً مهما فعلت .وهو قادر تنظيماً ونفوذاً ومواد ان يؤثر في اية ادارة حالية او قادمة تأثيراً حاسماً لمصلحة "اسرائيل" كما فعل في الماضي ولقد نجح نجاحاً لا حدود له في تدجين الكونغرس الذي اصبح اداة طيعة بين يديه وان الصراع الصهيوني العربي اصبح جزءاً من اللعبة السياسية الامريكية الداخلية لا علاقة لاعتباراتها بحقائق الميدان السياسي المشرقي .وان المال الذي يتدفق على "اسرائيل" من حكومة الولايات المتحدة اصبح اليوم اضعاف ما ترسله المؤسسات الصهيونية وان لا رقابة او محاسبة على انفاق هذا المال ولا سياسة لواشنطن في صراعنا مع تل ابيب سوى سياسة تل ابيب وان الممول لاحتلال جنوب لبنان وللاستيطان في القدس والجولان والضفة والقطاع هو واشنطن وهي المحافظة على تفوق "اسرائيل" العسكري النوعي والكمي والمتغاضية عن برنامجها النووي والمدافعة عنها في هيئة الأمم والمعاقبة لكل من تصدى لها والراعية لجعل "اسرائيل" القطب المهيمن على مشرقنا من خلال معاهدات ثنائية بينها وبين كل بلد عربي على انفراد. وان الكلام عن امريكا كوسيط نزيه هراء والقول باهتمام امريكي جدي بتسوية عادلة   خرافة وان الحكومة (وليس الشعب الامريكي الساذج الطيب المرفه المعني اولاً واخيراً   بالالعاب والفن ) منحازة انحيازاً شبه كلي بسبب ما اسلفنا، وان هذا  الوضع باقٍ لن يتغير واننا بالتالي في صراع ليس مع "اسرائيل" والصهيونية ولا مع هذه  الادارة او تلك ولكن مع الحكومة الامريكية بالذات اليوم وغداً وبعد غد اننا دخلنا بالفعل عقد الانتداب الاسرائيلي - الامريكي علينا وان ما هو آت لن يكون اقل هولاً  مما فات. ولذا أقول  لك عزيزى القارئ ما قاله الحق سبحانه وتعالى ( إنهم يكيدون كيدا ) وعليه فإما أن نحذرهم وإلا .                                       










                                    الباب التاسع              العلاقة بين الماسونية والصهيونية أولا : ما هى الماسونية ؟جاءت تسمية الماسونية من كلمة (( ميسن )) أو ماسون التي تعني بالإنجليزية والفرنسية:  ((البناء)) , وتضاف إليها عاة لفظة أخرى هي : ((Free)) ومعناها بالإنجليزية :      ((حرّ)) أو  ((فرانك)) بالفرنسية , أي الصادق , فتصبح (( فري ميسن )) أو (( فرانك ماسون )) وكان هذا الإسم يلفظ في العهد العثماني (( فرمسون )) , ومن هذا الإستعمال التركي المحرف قليلا انتقلت الكلمة إلى العراق والشام , وكانت تلفظ في الإستعمال العامّي (( فرمصون )) . والماسونية في الإصطلاح : هي منظمة يهودية سرية إرهابية غامضة محكمة التنظيم تهدف     إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم , وتدعوا إلى الإلحاد والإباحية والفساد . والعديد من أعضائها من الشخصيات المرموقه في العالم , يوثقهم عهد بحفظ الأسرار ويقومون ما يسمى  بالمحافل للتجمع والتخطيط والتّكليف بالمهام . -- وعرفها بعضهم بأنها : (( جمعية سرية تحوي حشدا من الناس ينتمون إلى مذاهب        وديانات ونحل وجنسيات وأوطان مختلفة , تضم الملحد والمؤمن , والشيوعي والديموقراطي والديكتاتوري والعلماني والقومي والوطني والعربي وغير العربي والمسلم واليهودي    والنصراني والعامل ورب العمل , تجمعهم غاية واحده ويعملون لها ولايعلم حقيقتها إلا آحـاد , وسواد أعـضاء الجمعية عمي القلوب , يجهلون لها كل الجهل , ويوثقهم عهد يحفظ الأسرار وعدم البواح بها . والماسونية هي القنطرة التي عبرت عن طريقها الصهيونية العالمية , إذ أسسها تسعة من اليهود  في عام 1943م بغية الوصول إلى تحقيق الحلم الصهيوني الممثل في إنشاء حكومة يهودية تسيطر على العالم , فأعدت خططها وبرامجها المحققه لأهدافها وأطلقت على نفسها إسم ((القوة الخفية )) . وأتخذت في ذلك السرية والعهود والمواثيق التي كانت تأخذها على العضو المنضم إليها وسيلة ضغط عليه بحيث يصبح آلة توجهه كما تريد . وقد إستشرى فساد الماسونية في المجتمعات الغربية وأستطاعت أن تجذب الكثير من الأعضاء عن طريق شعارها الظاهري :الحرية الإخاء والمساواة كما كان لهذا الشعار دور فعال في إصطياد الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة من المسلمين الذين ساروا في ركاب الماسونية ,إما بسبب جهلهم بدينهم , وإما بسبب شهواتهم الآثمة ,ولما تفاقم أمر الماسونية وظهر خطرها في العالم بدّلت ثيابها في مسميات مختلفة في صور نواد وجمعيات مثل: الروتاري , والليونز , وشهود يهوه , وبناي برث  .... بحجة أن  هذه النوادي أسست من أجل التعارف والثقافة والترفيه عن النفس , وأنها تدعو إلى البر والإحسان . وهي في باطنها تحمل السم الزعاف الذي يتمثل في : تهديم المباديء الدينية , والأخلاقية , والفكرية , ونشر الفوضى والإ نحلال , والفسق , والدعوة إلى الرذيلة والإنغماس           في الشهوات , والإلحاد , والإرهاب وزينت ذلك بأسماء شيطانية , تارة بإسم الفن , وتارة بإسم تحرير المرأة ومساواتها مع الرجل ومشاركتها له في كل شيء وتارة في الدعوة إلى الإختلاط بين الجنسين . أراء مؤسسى الماسونية:--- ويطلق عليهم (( أي الماسونيون )) لفظ (( البناؤون الأحرار )) , وفي تعليق الأب         لويس شيخو اليسوعي في كتابه (( السر المصون في سعة الفرمسون )) : (( فرمسون ))   إسم مركب من لفظتين فرنسيتين (( فران )) : ومعناها الصادق , و (( ماسون )) أي الباني , أي ((البناؤون الأحرار )) . ويقول (( لويس شيخو )) : ومن غريب الأمور أن الفرمسون مع رضاهم بهذا الإسم الكاذب لايحبون أن يجاهروا به . وإذا نظرنا إلى تلك اللفظة وجدنا أن معظم حروفها مشكلة من كلمة (( موسى )) عليه السلام المرسل إلى بني إسرائيل بالتوراة قد صاغها اليهود تللك الصياغة لتكون جارية على الألسنة في كل لغة . --  وقال المستشرق الهولندي (( دروزي )) : إنها جمهور كبير من المذاهب المختلفة يعملون لغاية واحدة هي : (( إعادة هيكل سليمان وإقامة دولة يهودية )) .   ثانيا : العلاقة بين الصهيونية والماسونية : إن الماسونية والصهيونية ترتبطان ببعضهما إرتباطا وثيقا ويسيران على خط واحد ويسعيان لتحقيق هدف واحد فالماسونية يهودية الأصل والمنشأ , إذ أن الحركة الصهيونية الحديثة التي بشّر ودعى إليها بعد أن أرسى الكثير من قواعدها العصرية: ((تيودور هرتزل)) , بإعتبارها ظاهرة عدوانية في التاريخ الحديث , لا كما يدّعي الفكر الصهيوني من أنها حركة تحرير للوجود اليهودي لم يكن ليتاح لها إمكانية النفاد إلى مقدرات العالم الغربي حيث نشأت وخاصة في المراحل الأولى من عام  1897م إلا بالخدمات والإنجازات التي قامت بها الجمعيات الماسونية . ذلك أنه لم تكن هناك جهودا يهودية قد بذلت في الإعداد لكسب عواطف كثير من     قيادات الفكر الغربي وعناصر السلطة فضلا عن إستغلال التيار التاريخي لحركة الإستعمارالرأسمالي وصراعاته على إستثمار البلدان المتخلفة وخاصة في المجال الدولي . ومما يجدر ذكره في التدليل على أن الجهود الخفية لليهودية العالمية كانت تبذل على       الدوام , بل وفي دأب متواصل لتحقيق هدف إمكانية العمل اليهودي المنظم المعلن من      أجل التجمع اليهودي وتشكيل عناصر القوة في شكل عمل موحد محدد الهدف والغاية ,    انه قبل مؤتمر بازل في عام 1897م كانت هناك محاولات على طول التاريخ اليهودي   تتعلق بالعودة إلى فلسطين والإرتباط بصهيون كحركة المكابين , وحركة باركوخبا , وحركة موزس الكريتي , وحركة دافيد روبين , وحركة منشة بن إسرائيل وغيرها . وظهرت آرأهم جلية واضحة فيما بعد فى البروتوكولات .نظرة على البروتوكولات :   إن جميع البروتوكولات الأربعة والعشرين تؤكد نصا أوضمنا أن الماسونية واحدة من    بنات أفكار اليهود , ومن النصوص التي تبين دور المحافل الماسونية في العمل لخدمة     الصهيونية العالمية ما جاء فى البروتوكولات ومنها:-- في البروتوكول الثالث حيث يقول : (( أنّ المحافل الماسونية تقوم في العالم أجمع دون أن تشعر بدور القناع الذي يحجب أهدافنا الحقيقية , على أن  الطريقة التي ستستخدم بها هذه القوة في خطتنا , بل في مقر قيادتنا لازالت مجهولة من العالم بصفة عامة )) . --وفي البروتكول الرابع : (إن المحفل الماسوني المنتشر في كل أنحاء العالم ليعمل في غفلة      كقناع لأغراضنا ) . --وفصّل البروتوكول الحادي عشر الأهداف التي ترمي إليها الصهيونية من إفساح           المجال لغير اليهود للإنظمام إلى المحافل الماسونية . فقد جاء فيه : ((ماهو السبب الذي      دفعنا إلى أن نبتدع في سياستنا ونثبت أقدامنا عند غير اليهود , لقد رسخناها في أذهانهم   دون أن ندعهم يفقهون ماتبطن من معنى , فما هو السر الذي دفعنا إلى أن نسلك هذا المسلك , اللهم إلا أننا جنس مشتت وليس في وسعنا بلوغ غرضنا بوسائل مباشرة .- هذا هوالسبب الحقيقي لتنظيمنا " الماسونية " التي لم يتعمق هؤلاء الخنازير من غير اليهود  في  فهم معناها , أو الشك في أهدافنا , إننا نسوقهم إلى محافلنا التي لاعداد لها ولاحصر , تلك   المحافل التي تبدو ماسونية فحسب , كي نذر الرماد في عيون رفاقهم )) . --وأهم ماجاء في البروتوكولات بخصوص علاقة الماسونية بالصهيونية : ماجاء في البروتوكول الخامس عشر : (( وإلى أن يأتي الوقت الذي نصل فيه إلى السلطة سنحاول أن ننشيء ونضاعف خلايا الماسونية الأحرار في جميع أنحاء العالم . وسنجذب إليها كل من يصير  أو من لا يصير أو من يكون معروفا بأنه ذو روح عامة , هذه الخلايا ستكون الأماكن الرئيسية التي سنحصل من خلالها على مانريد من أخبار , كما انها ستكون أفضل مراكز الدعاية وسوف نركز هذه الخلايا تحت قيادة واحدة معروفة لنا وحدنا , هذه القيادة من علمائنا وسيكون لها أيضا ممثلوها الخصوصيون كي تحجب المكان الذي تقيم فيه قيادتنا حقيقة . -- ويضيف هذا البروتوكول يقول : (( ومن الطبيعي أننا كنا الشعب الوحيد الذي يعرف أن يوجهها , ونعرف الهدف الأخير لكل عمل على حين أن الأميين  ( غير اليهود )جاهلون بمعظم الأشياء الخاصة بالماسونية , ولايستطيع رؤية النتائج العاجلة لما هم فاعلون )) . وتتضح العلاقة بين الماسونية والصهيونية كما يوضحها الأستاذ علي السعدني في كتابه :      (( أضواء على الصهيونية )) من خلال إتفاقها في أمور كثيرة : -1-   كل منهما يرسم في الظلام ويخطط في السر . 2-   الماسونية والصهيونية قائمة على أساس تلمودي . 3-   تتفق الماسونية والصهيونه في عدائهما لكل الأديان ماعدا اليهودية  .وبالمناسبة فمؤسس الماسونية الحديثة الأول هو – جيمس أندرسون – كان يهوديا وقد       إنضم اليهود إلى المحافل الماسونية في منتصف القرن الثامن عشر لا في إنجلترا وحدها        وإنما في هولندا وفرنسا وألمانيا وفي سنة 1793م أسس يهود لندن محفلا ماسونيا       أطلقوا عليه إسم : محفل إسرائيل .وبهذا يتضح بأن الماسونية تتحرك بتعاليم الصهيونية وتوجيهاتها وتخضع لها زعماء العالم ومفكريه .                 ثالثا :  نظام التعليم في إسرائيل مما لا شك فيه أن العلم و التكنولوجيا الطريق لأي دولة لتثبيت أقدامها على أرض المجتمع الدولي وهذه الحقيقة أدركتها قيادة دولة الصهاينة التى لا عمل لها إلا إغتصاب الأرض حتى من قبل قيام دولتهم على الأراضي العربية المحتلة .. حيث بدؤوا في إنشاء مدارسهم في فلسطين منذ  عام 1912 حيث أقام بعض رجال الأعمال اليهود ما عرف وقتئذ باسم المدرسة التقنية العليا والتي تعرف حالياٌ باسم التخنيون و بالنظر إلى عملية التعليم الإسرائيلية  سنجد أن وزارة المعارف هي المسؤولة مسؤولية قانونية وسياسية عن عمل جهاز التعليم الإسرائيلي الذي ينقسم إلى ثلاثة أجهزة هم :-1 جهاز تعليم حكومي  2جهاز تعليم حكومي _ ديني   3جهاز تعليم مستقل وقد سن الكنيست الإسرائيلي أربعة قوانين لتنظيم عمل جهاز التعليم الإسرائيلي وهي :- -1 قانون التعليم الإلزامي لسنة 1949 وهو يلزم التعليم المجاني على الأولاد من سن 5 : 15 سنة أما التلاميذ من سن 16 : 17 فتعليمهم غير إلزامي و لكنه مجاني .2 - قانون التعليم الحكومي لسنة 1953 وهو يلزم الدولة بإدارة العملية التعليمية و الإشراف على المنهج الذي يقره وزير المعارف .-3  قانون مجلس التعليم العالي لسنة 1958 يفرض على كل مؤسسة للتعليم فوق الثانوي أن تحصل على تصريح من المجلس و يعطى للمجلس حق الأشراف عليها .-4  قانون الأشراف على المدارس لسنة 1969 وهو يلزم جميع مؤسسات التعليم أن تحصل على اعتراف من وزارة المعارف ويلزمها القبول بإشراف الوزارة عليها .                           رابعا : مراحل التعليم في إسرائيل ينقسم التعليم في إسرائيل إلى ستة مراحل هي:-  -  1 مرحلة الطفولة المبكرة وهي تبدأ من سن 3 أشهر إلى سن سنتان ويلتحق بها حوالي 67% من الأطفال في سن السنتين وهي لا تدخل ضمن مراحل التعليم الرسمي ومعظمها ممول من هيئات نسائية . 2   - مرحلة التعليم قبل الإلزامي وهي تبدأ من 3سنوات إلى 4 سنوات وهي تنقسم إلى ثلاثة أنواع ا- حضانات تابعة للسلطات المحلية .ب- حضانات تابعة للمنظمات النسائية .ج- حضانات تابعة لوزارة المعارف. وفي النوع الأول والثاني يسهم أهالي الأطفال في دفع أقساط تختلف بحسب اختلاف حالتهم المادية أما في النوع الثالث فإن الأهالي هي التي تدفع التكاليف كاملة ويذكر أن 95% من الأطفال يلتحقون بهذه الحضانات وهم في سن الثالثة أما وهم في سن الرابعة فيلتحق 99% منهم في هذه الحضانات . 3  - المرحلة الابتدائية . و هي حسب النظام القديم تضم التلاميذ من الصف الأول حتى الصف الثامن أما في النظام الحديث فهي تضم التلاميذ من الصف الأول حتى الصف السادس و ينقسم التلاميذ في هذه المرحلة إلى قسمين هما .. قسم رياض الأطفال والذي يدخل رسمياٌ ضمن مراحل الابتدائية و لكنه لا يندرج في صفوفها و القسم الثاني يبدأ من الصف الأول. - 4  المرحلة الإعدادية وهي أنشئت سنة 1968 بموجب قرار للكنيست أقره بهدف إصلاح نظام التعليم الإسرائيلي حيث قرر إقامة مدارس إعدادية وهذا عن طريق تقسيم المرحلة الابتدائية إلى قسمين .. قسم ابتدائي ( من الصف الأول حتى الصف السادس ) وقسم إعدادي ( من الصف السابع حتى الصف التاسع ) ويهدف هذا التقسيم إلى توحيد فكر ودراسة التلاميذ اللذين أتموا دراستهم الابتدائية التي تنتمي لشرائح مختلفة بعضها حكومي و بعضها حكومي _ ديني وبعضها مستقل.  - 5  المرحلة الثانوية وهي تضم الصفوف من العاشر حتى الثاني عشر وبعد أن يجتاز الطالب هذه الصفوف يحصل إلى شهادة البغروت ( الثانوية العامة ) التي تؤهله للالتحاق بتعليمه العالي .                 التعــليـــم العـــــالي وهو ينقسم إلى ثلاثة أنواع هم1-تعليم فوق الثانوي :- وهي معاهد متخصصة تعلم مهن محددة 2-تعليم عالي غير جامعي :- وهي مؤسسات حصلت على اعتراف مجلس التعليم العالي ولكنها لا تمنح لقب جامعي-3 التعليم الجامعي :- وهي مؤسسات شبيهة لسابقتها ولكنها تمنح للطالب لقب جامعي تعليم المعاقين ورعاية المحتاجين : - في سنة 1988 أقر الكنيست الإسرائيلي قانونا يقر بإقامة مدارس خاصة لتعليم التلاميذ الذين يعانون من الإعاقة وهذا لتحسين قدراتهم لتأهيلهم للاندماج في سوق العمل أما بالنسبة للتلاميذ المحتاجين فيتم رعايتهم في المدارس الإسرائيلية بعد تصنيف التلاميذ إلى تلاميذ عاديين وآخرين محتاجين للرعاية ويقوم هذا التصنيف على دراسة دخل العائلة ومستوى تعليم الوالد وحجم العائلة والشقة . مناهج التدريس ورعاية الموهوبين تدرس المدارس الإسرائيلية حوالي 14 مادة دراسية أهمها اللغة العبرية – اللغة الأجنبية – ديانة يهودية – الوطن والمجتمع – تاريخ وجغرافياأما عن برنامج الدولة اليهودية لاختيار الطلاب الموهوبين فيتم عن طريق إجراء اختبارات خاصة على الطلاب يتم بناء عليها اختيار الطلاب الموهوبين الذين يشكلون 3% من مجموع الطلاب والطلاب ذوي المواهب والقدرات الخاصة ونسبتهم 1% ويدرس هؤلاء الطلاب مواد إضافية يتم وضعها بالتعاون مع أساتذة الجامعات وتهدف آلية التعليم في الدولة العبرية من هذا الاهتمام إلى إنتاج نخبة من الباحثين العلماء في شتى المجالات وتطوير المواهب الفردية والوصول بها إلى أعلى                           خامسا :  الجامعات و المعاهد تبلغ ميزانية إسرائيل للبحث العلمي حوالي 3% من إجمالي دخلها القومي وهو ما يؤكد اهتمام قادة الدولة العبرية بالبحث العلمي .. وقد أدى هذا الاهتمام إلى ارتفاع نسبة العلماء في إسرائيل عن غيرها من الدول العربية حيث تتراوح نسبة العلماء في إسرائيل إلى 45 عالماٌ من كل 1000 مواطن ليس هذا فحسب بل إن حوالي 33% من مجموع الطاقة البشرية الإسرائيلية تعمل في مجال البحث العلمي وبالنسبة للجامعات والمعاهد في إسرائيل فهي كما يلي:- -1  الجامعة العبرية وهي أقدم الجامعات الإسرائيلية حيث تم وضع حجر الأساس لها في عام 1918 وتم افتتاحها في حفل كبير عام 1925 وتضم هذه الجامعة حوالي 5 , 21 % من إجمالي الطلاب الجامعيين في إسرائيل .. وهذه الجامعة بها مركز للدراسات قبل الجامعية ( مركز شالتئيل ) أنشأ لمساعدة الطلاب اللذين لم يكملوا دراستهم الثانوية بسبب ظروف مادية أو اجتماعية2- جامعة بار – إيلان- وهم حوالى 16.2من مجموع الطلاب الاسرائيلين 3- جامعة تل أبيب وتبلغ نسبة الطلاب فيها حوالى27.5من مجموع الطلاب الجامعيين فى دولة الاحتلال وتم افتتاحها عام 1956 جامعة بن جوريون – 4ويشكل طلابها حوالى9.9 من مجموع الطلاب الجامعيين من اسرائيل وتم افتتاحها 1969 - جامعة حيفا5 تم إنشاؤها سنة 1966 و يشكل طلابها نسبة 5 , 12 % من مجموع الطلاب الجامعيين في إسرائيل   الجامعة المفتوحة -  6ويدرس بها حوالي 6 , 45 % من إجمالي الطلاب الجامعيين في إسرائيل


                                       الباب العاشر                                                  نظام الحكم فى إسرائيل الصهيونيةلنظام الحكم الإسرائيلي عدة أجهزه مهمة كالحكومة و الوزارات ولكن أهم جهاز في هذه الأجهزة هو الكنيست الإسرائيلي الذي يعد بمثابة السلطة التشريعية الإسرائيلية و أجهزة الحكم الإسرائيلية تشمل :-أولا : الكنيست هو الجهاز الأكثر قوة من أي جهاز حكومي أخر في الدولة العبرية و يضمن القانون الإسرائيلي حرية الترشيح لانتخابات الكنيست بشرط أن لا يقل سن المتقدم عن 21 عام يوم تقديم أوراق ترشيحه و حسب القانون الإسرائيلي يذهب المواطنون إلى لجان الانتخابات كل حسب موقع سكنه ولابد للناخب من صورة شخصية له أثناء إدلاؤه بصوته .. ويدلي الناخب بصوته لصالح قوائم من المرشحين تضعها الأحزاب و ليس لصالح مرشح واحد كما هو الحال عندنا في مصر وتحصل الأحزاب على تمويل لحملاتها الانتخابية من الدولة بحسب قوتها في الكنيست السابق ويشرف على الانتخابات لجنه يرأسها أحد أعضاء محكمة العدل العليا و تتألف من مندوبي الأحزاب بحسب قوتها في الكنيست السابق . يوجد على الساحة السياسية عدد كبير من الأحزاب تتنافس وبكل قوتها للوصول إلى سدة الحكم في إسرائيل .ثانيا : الأحزاب  وتنقسم الأحزاب في إسرائيل أحزاب عربية وهى قليلة جدا والأحزاب اليهودية التي تنقسم إلى ثلاثة معسكرات هم   :- 1 معسكر اليسار  (2) معسكر اليمين  (3)  المعسكر الديني ونتحدث عنه بالتفصيل فيما بعد .أولا معسكر اليسار ويشمل : (1) حزب العمل :- هو حزب اشتراكي ديموقراطي صهيوني تأسس عام 1968 … ويعتبر حزب العمل امتداد لحزب الماباى الذي أسسه بن جوريون و جولدامائير  (2) مابام:- وهو حزب اشتراكي صهيوني تأسس 1948 وقد حدث فيه كثير من الإنشقاقات بسب تباين أراء قادته بشأن العمليات الإرهابية ضد العرب .  (3)راتس :- حزب صهيوني تأسس عام 1973 على يد مجوعة من أعضاء حزب العمل كانوا قد انشقوا عنه .  (4)شينوى :- هو حزب صهيوني ليبرالي تأسس عام 1974 يذكر أن الأحزاب الثلاثة الأخيرة ( مابام _ راتس _ شينوى) قد أقامت تكتل فيما بينها عام 1992 عرف باسم ( كتلة ميرتس               ثانيا :- معسكر اليمين (1) الليكود :- حزب يميني شديد التطرف تأسس سنة 1973 على يد مجرم الحرب أرئيل شارون ووصل حزب الليكود لسدة الحكم لأول مره في تاريخه عام 1977 وكان ذلك عن طريق التحالف مع الأحزاب الدينية وقد تأسس الليكود نتيجة اتحاد قام بين أحزاب أربع أهمها :-أ -- حيروت :- حزب يميني قومي شديد التطرف أسسه مناحم بيجن القائد العام لمنظمة إيتسل الإرهابية ورئيس الوزراء الصهيوني الأسبق عام 1948  ب -- الأحرار :- تأسس عام 1961 من اتحاد حزب اتحاد الصهيونيين العموميين و الحزب التقدمي ثالثا : جيش الدفاع الإسرائيلي                                            في يوم 29 أيار 1948 أصدرت الحكومة المؤقتة لإسرائيل قرارا يأمر بتشكيل جيشا للدفاع . مكون من أسلحة بحرية وجوية وفى 28 حزيران من نفس العام أدى جميع جنود الجيش الإسرائيلي قسم الولاء لدولة إسرائيل في حفل كبير.  والمعروف أن الجيش الإسرائيلي ليس وليد هذا التاريخ ولكننا يمكننا أن نقول أن هذا التاريخ قد شهد ولادة اتحاد بين مختلف المنظمات الإرهابية التى كانت قد قامت على ارض فلسطين منذ بداية الانتداب البريطاني كالهاجاناه واشتيرن وايتسل وغيرهم  وقد قسمت إسرائيل إلى ثلاثة مناطق عسكرية هي :- -1 المنطقة الشمالية :- وهى مسؤولة عن الجليل والحدود مع لبنان وسوريا ووادي بيسان في الحدود مع الأردن .-2منطقة الوسط :- وهى مسؤولة عن الجزء الأوسط من إسرائيل والضفة الغربية. -3 المنطقة الجنوبية :- وتتولى مسؤولية الدفاع عن النقب والحدود مع مصر وتبلغ ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية حوالي عشرة مليار دولار نقسمه على أسلحة الجيش .رابعا : رئاسة الدولةموقع رئيس الدولة في إسرائيل موقع رمزي , إذ لايتمتع الرئيس بإختصاصات واسعة في المجالات السياسية , فالصلاحيات في معضمها تتركز في أيدي الحكومة التي تتولى إدارة البلاد وبناء السياسة الداخلية , والخارجية على حد سواء , وفي العادة يأتي رئيس الدولة من بين صفوف الحزب الذي يحوز على اكبر المقاعد في البرلمان .   كيفية إنتخاب رئيس الدولة : رغم ان انتخاب رئيس الدولة يتم بواسطة الكنيست فإن التجربة اثبتت ان انتخاب المرشح للرئاسة يتم اولا بواسطة الأحزاب , ومن ثم يقدم إلى الكنيست كعملية معدة وجاهزة من قبل هذه الأحزاب . وقد حدد القانون الإنتقالي لعام 1949 وقانون رئيس الدولة لعام 1951 الصادر في 16 حزيران (يونيو) 1964 كيفية إنتخاب رئيس الدولة . وينتخب رئيس الدولة بالاقتراع السري في اللجنه المخصصة للإنتخابات ولمدة خمس سنوات تحسب بالتقويم العبري , ويحق لعشرة نواب أو أكثر أن يقدموا إسم مرشح , على أن يكون ذلك في كتاب ترفق  به موافقة المرشح , وخلال فترة لاتقل عن عشرة أيام قبل يوم الإنتخاب  ويعلن رئيس الكنيست لجميع أعضاء الكنيست كتابه , خلال فترة لاتقل عن سبعة ايام , قبل يوم الإنتخاب , عن كل مرشح وعن أسماء اعضاء الكنيست الذين رشحوه . ويجري انتخاب الرئيس في فتره لا تسبق فترة انتهاء الرئاسة بتسعين يوما , ولاتقل عن 30 يوما . أما إذا شغر المنصب , فيجري انتخاب الرئيس الجديد خلال 45 يوما ويشترط أن يحصل المرشح لمنصب الرئاسة على أكثر من نصف الأصوات , أي أكثر من 60 صوتا من اعضاء الكنيست , لكي يفوز بالمنصب . كما يشترط  في المرشح ان يكون مواطنا إسرائيليا , وان يكون مقيما في إسرائيل , وان لايكون قد شغل المنصب أكثر من مرتين متتاليتين . وبعد نجاح انتخاب رئيس الدولة بالاقتراع السري  فإنه يقسم اليمين القانوني التالي : (( اتعهد انا ............. أن التزم بدولة إسرائيل وبقوانينها , وان أكون مخلصا في تنفيذ مهام رئيس دولة إسرائيل )) صلاحيات الرئيس : لا يتمتع رئيس الدولة في إسرائيل بصلاحيات مهمة في إسرائيل , وتتسم علاقته بالكنيست بصفة فخرية , فهو يقوم بإفتتاح دوراته , كما يقوم بتوقيع القوانين التي يصدرها دون ان يكون له الحق في الإعتراض على هذه القوانين , وردها إلى الكنيست لإعادة النظر فيها, أما بالنسبة لعلاقته بالحكومة فتقتصر على مايلي : -  1-     تعيين رئيس الحكومه رئيس الحكومة وتكليفة بتأليفها . 2-     تسلم إستقالة رئيس الحكومة والوزارة .3-     توقيع الأوراق الرسمية الخاصة بالحكومة .4-     الإطلاع على التقارير الرسمية عن اعمال الحكومة المقدمة إليه من امين سر الحكومة .  ولا يحضر رئيس الدولة اجتماعات الحكومة , إلا بناء على دعوة خاصة , ويقوم رئيس الدولة , بتعيين الهيئات الدبلوماسية والقنصلية الإسرائيلة في الخارج بناء على توصيات وزير الخارجية , كما يتسلم أوراق الهيئات المماثلة الأجنبية في إسرائيل , ويوقع المعاهدات التي تعقدها إسرائيل مع الدول الأخرى بعد الموافقة عليها من قبل الكنيست , ورفعها إليه بالطرق الرسمية , كما يقوم بتعيين مراقب الدولة , وعميد بنك إسرائيل , والقضاة المدنيين , والقضاة الشرعيين للطوائف المختلفة  .        خامسا : مجلس الوزراء (الحكومة)يكلف رئيس الدولة , في العادة  زعيم الحزب الذي يحتل أكبر عدد من المقاعد في الكنيست , بتشكيل الحكومة ويجب أن يكون الرئيس المكلف عضو كنيست بعكس الوزراء الذين يمكن ان يكونوا من خارج البرلمان , ويتم تشكيل الحكومة بعد مشاورات يجريها الرئيس المكلف مهلة قانونية مدتها (21) يوما قابلة للتجديد لمرة واحدة لإنهاء مشاوراته وتشكيل الحكومة فإذا لم يستطع رئيس الدولة يكلف شخصا أخر بذلك وهو في العادة , الزعيم التالي من الناحية العددية في البرلمان فإذا لم يستطع هو الأخر تشكيل الحكومة , ومن ثم تفشل الاحزاب في الوصول إلى مرشح يحوز على ثقة الكنيست , فإن الكنيست تقرر حل نفسها , ومن ثم تدعو لإنتخابات عامة مبكرة . ويعتبر مجلس الوزراء هو السلطة التنفيذية العليا في إسرائيل , وهي بهذه الصفة تحتفظ بحقها في إدارة البلاد وممارسة السلطة العامة فيها , وهي التي تقوم بسن القوانين التي يوافق عليها الكنيست , كما تقوم بتحديد صلاحيات كل وزير , وتقرر توزيع السلطة بينهم . كما انها تمنح رئيس الوزراء أو أي وزير آخر المزيد من السلطة مادام ذلك لا يتعارض مع قوانين الدولة , وتضع الإجراءات الخاصة بممارسة عملها , وهي تمارس سلطة واسعة في التشريع خاصة في حالة الطواريء وبشكل عام فهي تمارس عملية صنع السياسة العامة في الدولةوتجتمع الوزارة مرة اسبوعيا في يوم الاحد لتتناقش في القضايا السياسية العامة ولإقرار بعض التشريعات وتقديمها للكنيست , ورغم أن قرارات الحكومة يمكن أن تكون بالاغلبية إلا ان المسؤولية عنها اما الكنيست تكون جماعية وصوت رئيس الوزارة مساو لصوت أي وزير آخر عند التصويت .سادسا :الكنيست الإسرائيليتتكون الكنيست من مجلس واحد وهي تضم (120) عضوا , ويتم إنتخاب هؤلاء لمدة أربع سنوات , تبدأ من يوم أول إجتماع يعقده الكنيست بعد انتهاء الانتخابات العامة , ويرأس المجلس بأغلبية الأصوات , كما يجري انتخاب نواب رئيس المجلس بنفس الطريقة . وقد وصل نواب رئيس المجلس إلى ثمانية مما أتاح لكثير من الاحزاب ان يكون لها نائب في رئاسة المجلس . ونظرا للنظام الإنتخابي المعمول به في اسرائيل فإن رئاسة الكنيست قد ظلت منذ إنشائها حتى الآن في أيدي الحزبين الكبيرين التجمع  والتكتل (الليكود) وذلك في عمليه تبادليه بين الطرفين , تبعا لعدد المقاعد التي يحتلها كل حزب من هؤلاء في الكنيست . ويتمتع رئيس الكنيست بسلطات واسعة تعادل سلطات رئيس الجمهورية بل تفوقها . ومنها تحديد موعد إجراء الإنتخابات الجديدة , وهو يدلي برأيه القاطع في أمور المناقشات وخاصة فيما يتعلق بطرق وقواعد سير العمل في المجلس , كما انه يتولى رئاسة الجمهورية في حالة غياب أو مرض أو عزل أو إستقالة رئيس الجمهورية , ويلاحظ انه يتم تنظيم المقاعد داخل الكنيست من اليسار إلى اليمين حسب حجم الحزب , وليس حسب مبادئه , فالحزب الذي يحوز على أكثرية المقاعد يجلس على اليسار ويتدرج هذا الوضع إلى ان يجلس أقل الأحزاب تمثيلا في المجلس في اقصى اليمين .











                                 الباب الحادى عشر                التلمود والتلموديون أولا : التلمود : مستخرجة من كلمة : لاموت التي تعني تعاليم . وفي الإصطلاح : الكتاب الذي يحتوي على التعاليم اليهودية , ويرى ((الرابيون)) جمع رابي – وهو رجل الدين اليهودي – أن موسى عليه السلام – هو المؤلف لهذا الكتاب . وينقسم التلمود إلى قسمين هما : 1-   المشناة : Mishnah  وهو الأصل ((المتن)) . 2-   جمــارا:  Gemara   شرح مشناة أول لائحة قانونية وضعها اليهود لأنفسهم بعد التوراة جمعها يهوذا هاناس فيما بين 190 و 200 م . ** أما جمــارا فإثنان : جمارا أورشليم ((فلسطين)) وجمارا بابل ((العراق)) جمارا أورشليم هو : سجل للمناقشات التي أجراها حاخامات فلسطين لشرح أصول المشناة وتاريخ جمعه عام 400م . جمارا بابل هو سجل مماثل للمناقشات حول تعاليم المشناة وتاريخ جمعه سنة 500م تقريبا   فمشناة مع شرحه جمارا أورشليم يسمى : ((تلمود أورشليم)) , ومشناة مع شرحه جمارا بابل يسمى : ((تلمود بابل)) , وكلاهما يطبع على حدة . 

                                        ثانيا : التلموديون :   وهم الأشخاص الملتزمون بتعاليم التلمود أو كما يطلق عليهم هناك ((المتدينون)) ومن أشهر الأحزاب التلمودية داخل الكيان الصهيوني ((حزب شاس )) والتلموديون حاليا لايتخذون القرار الكامل في إسرائيل لأن القرار بيد العلمانيين ولكن التلموديون قادمون إلى السلطة بلاشك وقد بدؤا الأن حملاتهم الترويجيه بين طلاب المدارس حكام إسرائيل في المستقبل . وتصريحاتهم دائما تكون عنصرية وهي تعبر عن وجه الكيان الصهيوني الحقيقي ومن آخرها أحدث هذه التصريحات تصريح الحاخام يوسف الزعيم الروحي لحزب شاس حيث قال في هذا التصريح إن الله عز وجل لم يرضى عن ذرية إسماعيل (العرب) وأنهم يكنون العداء لابناء إسرائيل والله نادم على خلقهم (تعالى الله عما يصفون علوا كبيرا) ووصف فيه الفسطينيين بالأفاعي وأستنكر محاولات السلام معهم .  الإله فى التلمود : يزعمون فى التلمود : أن الله جل وعلا ( حاشاه ) يقسم النهار على إثنتي عشرة ساعة , في الساعات الثلاث الأولى يجلس ((الله)) ويدرس الشريعة , وفي الساعات الثلاث الثانية يدين الشعب , وفي الساعات الثلاث الثالثة يغدي العالم بأسره , وفي الساعات الثلاث الأخيرة يلعب مع اللافياتن ((ملك الأسماك)) , ثم يقول التلمود : (( إن الله لم ينقطع عن البكاء والنحيب لأنه إرتكب خطيئة ثقيلة ... , ثم يصرخ : الويل لي لأني تركت بيتي ينهب وهيكلي يحرق , وأولادي يتشتتون ..... إن الله –تعالى( حاشاه ) قد تاب عن تركه بني إسرائيل يرتطمون في الشقاء , ولذلك فإنه يهمر كل يوم : (( دمعتين سخينتين في البحر ...)) .. وبهذا سولت لهم أنفسهم أن يتخيلوا الله رب العالمين بهذا التصور انما يدل على أن عقولهم ليست سليمة ومن الطبيعى ان يكون فيها خلل وصدق فيهم قول ربنا جل وعلا  ( وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين )   فإلاههم هذا يخطيء ويصيب ويلطم خديه , فهو الذي أوجدوه في مخيلتهم وصنعـوه على صورة عجل له خوار !!!  - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - .    التلمود والمسيح : قال التلمود : (( إن يسوع النصارى موجود في لجات الجحيم بين الزفت والقطران والنار ,وإن أمه مريم أتت به من العسكري باندارا بمباشرة الزنا وأن الكنائس بمقام قاذورات وأن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة ..)) . وصدق الحق جل وعلا حين قال ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) وما داموا قد " خانوا الله من قبل " فلا ننتظر منهم إلا الهراء والسخف .                                                     وقال : (( يسوع المسيح إرتد عن الدين اليهودي وعبد الأوثان , وكل مسيحي لم يتهود فهو وثني عدوا لله ولليهود )) .والعجيب هو إيمان النصارى بالكتاب المقدس الذى يسب نبى الله عيسى عليه السلام وامه ويرفضون القرآن الذى ذكاه ورفع ذكره واثبت طهره وطهر امه البتول فقال تعالى                                                                                           فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا *قال إني عبدالله آتاني الكتاب* وجعلني نبيا . وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا . وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا . والسلام  علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم أبعث حيا . ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون )) . ويقول التلمود عن النصارى : (( قتل المسيحي من الأمور الواجب تنفيذها , وإن العهد مع المسيحي لايكون عهدا صحيحا يلتزم به اليهودي , وإن الوجب الديني أن يلعن اليهودي ثلاث مرات رؤساء المذهب النصراني , وجميع الملوك الذين تظاهرون بالعداوة ضد بني إسرائيل )) , ثم يقول : (( قتل النصارى من الأفعال التي يكافيء عليها الله ... وواجب عليه  - أي اليهودي – أن يتسبب في هلاكهم في أي وقت وعلى أي وجه )) .ولذا ننادي النصارى بما ناداهم به الحق سبحانه وتعالى " فأعتبروا يأولى الأبصار" 

التلمود وغير اليهود  يقول التلمود : (( إن اليهودي أحب إلى الله من الملائكة , فالذي يصفع اليهودي كمن يصفع العناية الإلهية سواء بسواء , ( قاتلهم الله ) وهذا يفسر لنا إستحقاق الوثني وغير الوثني الموت إذا ضرب يهوديا )) . ويقول إن المفاضلة موجودة بين جميع الأشياء فكما أن الإنسان يعلو البهيمة كذلك اليهود هم أرفع من شعوب الأرض )) .                                                                                      ويقول الرباني ((إيديل)) : ((إن غير اليهودي لايختلف بشيء عن الخنزير البري , ((ولهذا)) فالمرأة اليهودية التي تخرج من الحمام عليها أن تستحم ثانية إذا وقع نظرها لأول مرة على نجس كالكلب والحمار والمجنون وغير اليهودي والجمل والخنزير والحصان والأبرص )) .   أرأيت عزيزى القارئ كيف يرى بنوا إسرائيل العالم والعجيب هو عدم إخفائهم هذه الأقوال بل ويفتخرون بها .والأعجب هو إصرار العالم على التطبيع والتعامل معهم على انهم شعب لديه مبادئ وقيم ويحترم الأخر .والغريب بل والمذهل حين نادى الإسلام العالم بقول الحق سبحانه وتعالى    (( ياأيها الذين الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )  اتهموا الإسلام بالإرهاب  ولا حول ولا قوة الا بالله ولذا صدق فيهم قول  الحق سبحانه وتعالى ( أم لهم قلوب يفقهون بها أم لهم آذان يسمعون بها فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القوب التى فى الصدور )التلمود والمرأة : جاء في العهد القديم وفى الوصايا العشر : (( لا تشته إمرأة قريبك ومن يرتكب الفحشاء مع إمرأة قريبه يستحق الموت )) , والتلمود يعلم أتباعه أن إرتكاب الفحشاء حرام على اليهود مع إمرأة القريب فقط أما نساء الأجانب فمباحة له . ومع هذا فقد كذبوا فكتابهم المقدس مكتظ بالعلاقات الآثمة المحرمة من أمثال حكاية يهوذا وزوجة ابنه ثامار  وكذلك حكاية آمنون واخته ثامار وغيرها من الحكايات التى نخجل من ذكرها ولايتسع المجال لها الآن .!!!!!!!!!                                                             ويؤكد التلمود على الفحشاء فقال على لسان الربانيين : راش , ولاوي , وجرش , هم أصحاب رأي واحد في :أن اليهودي لايرتكب الفحشاء عندما يفض بكارة فتاة نصرانية  !!! وصدق الحق حين قال " إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل "                               ثالثا : الشعائر اليهودية: نذكر لك عزيزى القارئ بعضا من عادات اليهود والتى تخصهم هم دون غيرهم من الأمم*- الأوامر والنواهي " מצוות " المتسفوت. تشتمل هذه الأوامر والنواهي على 613 منها 248 أمر و356 نهي وهي موجه لليهود فقط دون غيرهم.ومن بلغوا سن التكليف من الرجال والصبيان ولك أن تعلم أنهاأوامر ونواهى على طريقتهم وما يتجاوب مع فساد عقولهم وغلظة قلوبهم .
*- الختان " ברית מלה " بريت ملاهيختن الطفل اليهودي بعد ميلاده بسبعة أيام على الأكثر حتى ولو صادف اليوم السابع يوم السبت أو يوم الغفران. ويحضر حفل الختان عشرة أفراد. يجلس جد الطفل على الكرسي ويترك جواره كرسي أخر خاليا يسمى "الياهو" ويقوم _ " الموهيل" מוהל " _ الختان بأجراء عملية الختان ويحل محله الآن الطبيب. وإذا مات الطفل قبل أن يختن يقومون بختن جثمانة ويعطى اسما عبريا ليكتسب الهوية اليهودية.وبالمناسبة يذكر النصارى أن المسيح أختتن فى فقالوا " وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.لوقا 2/21 ثم يزعمون أنه إله  (أفلا تعقلون )*- بلوغ سن التكليف " בר מצווה" بر متسفاسن التكليف عند اليهود هو عندما يبلغ اليهودي سن 13 عام ويسمى" بر متسفا" واليهودية عند بلوغها 12 عام وتسمى "בת מצווה" بت متسفاه.  ومن المعلوم ان الإبن قد يسمى باسم أب غير ابيه الحقيقى ؛ وهذا لانهم اذا مات الزوج دون أن ينجب يرغموا أخاه  ليتزوج زوجة اخيه بشرط أن يكتب اسم الإبن الأول بإسم أخيه المتوفى وبهذا قد تختلط الأنساب ويضيع الحابل بالنابل .* -الصوم "צום" يصوم اليهود عدة أيام متفرقة في السنة ومعضمها مرتبطة بأحزان يهودية ولا نريد الخوض فيها الآن وأهمها:-1صوم يوم الغفران. " التاسع من تشري حسب الأشهر العبرية 2-التاسع من آب. رغم زعمهم انه يوم هدم الهيكل فهم يحرصون على صومه تذكرة لأبنائهم-3السابع عشر من تموز.4-العاشر من طيبت.-5الثالث من تشري.-6الثالث عشر من آذار.7-صوم أسابيع الحداد الثلاثة . بين 17 من تموز و9 من آب.وهناك الكثير من الأيام التي يصومها اليهودي قررها الحاخامات وأيام خاصة فيصوم اليهودي في ذكرى موت أبيه وكذلك الزوجين في ذكرى زواجهم.وفي صوم يوم الغفران والتاسع من آب يمتنع اليهود عن الأكل والشرب والجماع وكذلك لبس الأحذية الجلدية لمدة 25 ساعة من غروب الشمس في اليوم السابق حتى غروب شمس يوم الصيام. أما أيام الصوم الأخرى من شروق الشمس حتى الغروب ويمتنعون عن الأكل والشرب فقط.• - الصلاة " התפלות" هتفلوت• أ- الصلوات الواجبة على اليهودي. يجب أن يصلى اليهودي ثلاث صلوات كل يوم وهي:1-صلاة " שחרית" شحريت. ووقتها منذ أن يتبن الخيط الأبيض من الخيط الأزرق إلى ارتفاع عمود النهار.2-صلاة " מנחה " منحاه. وتجب منذ انحراف الشمس عن نقطة الزوال إلى ما قبل الغروب.3-صلاة " ערבית " عرفيت. ووقتها من غروب الشمس إلى ظلمة الليل الكاملة. طقوس الصلاة: هى طقوس فى منتهى الغرابة  ولا تدل على خشوع أو اتصال بالله جل وعلا  فالصلاة تبدأ بغسل اليدين فقط ثم بوضع الشال الصغير على الكتفين ويسمى هذا الشال الطاليت" טלית ", ولهذا الشال في طهارته أحكام أهمها أن لا تمسه النساء.ويجب في الصلاة تغطية الرأس وهي عموما تقليد عندهم إذا ذكروا اسم الرب أو قرأو النصوص المقدسة. كما يضعون " תפלין " تفلين, وهي عبارة عن علبة من الخشب أو الجلد بداخلها رقعة من رق الغزال أو الجلد مكتوب عليها قراءة الشماع " ومعنى شماع - إسمع" وهي أهم قسم من الصلاة وهي أول كلمة من أية التوحيد عند اليهود, وتثبت هذه العلبة في شريط من الجلد ويجب وضعها عند الصلاة في وسط الجبهة وواحدة أخرى على الكف الأيسر. رابعا: بعض المعتقدات والافكار المنتشرة في المجتمع الصهيوني يعتقدون بان الذبيح من ولد ابراهيم هو نبى الله إسحاق المولود من سارة .والصحيح أنه نبى الله اسماعيل المولود من هاجرعليهم السلام.#لم يرد في دينهم شيء ذو بال عن البعث والخلود والثواب والعقاب إلا إشارات بسيطة غير عميقة ذلك أن هذه الامور بعيدة عن تركيبة الفكر اليهودي المادي.#التابوت:هو صندوق كانوا يحتفظون فيه اغلى مايملكون من ثروات ومواثيق وكتب مقدسة.#المذبح:مكان مخصص لايقاد البخور يوضع امام الحجاب الذي امام التابوت.#الهيكل:هو البناء الذي أمر به داود واقامه سليمان,فقد بني بداخله المحراب اي قدس الاقداس وهيا كذلك بداخله مكانا يوضع فيه تابوت عهد الرب كما يزعمون .#الكهانة:إنها تختص بأحد ابناء يعقوب عليه السلام  ,فهم وحدهم لهم حق تفسير النصوص وتقديم القرابين وهم معفون من الضرائب وشخصياتهم وسيلة يتقرب بها الى الله فاصبحوا بذلك اقوى من الملوك.#القرابين:كانت تشمل الضحايا البشرية الى جانب الحيوان والثمار ثم اكتفى الاله بعد ذلك بجزء من الانسان وهو مايقتطع منه في عملية الختان التي يتمسك بها اليهود الى يومنا هذا فضلا عن الثمار والحيوان الى جانب ذلك#يعتقدون بانهم شعب الله المختار وأن ارواح اليهود جزء من الله واذا ضرب امي (جوييم)اسرائيليا فكانما ضرب العزة الالهية .وان الفرق بين درجة الانسان والحيوان هو بمقدار الفرق بين اليهودي وغير اليهودي#يجوز غش غير اليهودي وسرقته واقراضه بالربا الفاحش وشهادة الزور ضده وعدم البر بالقسم امامه ذلك ان غير اليهود كالكلاب والخنازير والبهائم ,بل انهم يتقربون الى الله بذلك!#بسبب ظروف الاضطهاد نشات لديهم فكرة المسيح المنتظر كنوع من التنفيس والبحث عن امل ورجاء.#يقولون ان يعقوب صارع الرب.وان لوطا قد شرب الخمر وزنا بابنتيه بعد نجاته الى جبل صوغر,وان داود قبيح في عين الرب."قاتلهم الله آنى يؤفكون"#لقد فقدت توراة موسى بعد تخريب الهيكل ايام بخنتصر فلما كتبت مرة ثانية ايام (ارتحتشتا)ملك فارس جاءت محرفة عن اصلها,وفى هذا يقول الله تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به)#الديانة اليهودية خاصة بهم مقفلة على الشعب اليهودي.#الولد الاكبر هو اول من يرث وله حظ اثنين من اخوته,ولافرق بين المولود بنكاح شرعي او غير شرعي في الميراث.#بعد الزواج تعد المراة مملوكة لزوجها ,ومالها ملك له .ولكن لكثرة الخلافات فقد اقر بعد ذلك ان تملك الزوجة أصل أو رأس المال والزوج يملك المنفعة.#من بلغ العشرين ولم يتزوج فقد استحق اللعنة.#تعدد الزوجات جائز شرعا بدون حد فقد حدده الربانيون(الأحبار أو المتشددون) بينما اطلقه القراءون(جماعة لا تعترف الا بالعهد القديم ولايخضعون للتلمود.خامسا : الفرق اليهودية :  من المعلوم أن لدى اليهود ما يزيد عن سبعين فرقة لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ...) ولكن سنكتفى بذكر الفرق الظاهرة ومنها :1 - الفريسيون اي المتشددون,ويسمون بالأحبار أو الربانيين هم متصوفة رهبانيون لا يتزوجون لكنهم يحافظون على مذهبهم عن طريق التبني ,يعتقدون بالبعث وبالملائكة وبالعالم الاخر. 2 - الصدقيون وهي تسمية من الأضداد لأنهم مشهورون بالإنكار فهم ينكرون البعث والحساب والجنة والنار وينكرون التلمود كما ينكرون الملائكة والمسيح المنتظر.  3 - المتعصبونفكرهم قريب من فكر الفريسيين لكنهم اتصفوا بعدم التسامح وبالعدوانية قاموا في مطلع القرن الميلادي الأول بثورة قتلوا فيها الرومان وكذلك كل من يتعاون من اليهود مع هؤلاء الرومان فاطلق عليهم اسم السفاكين.4 - الكتبة او النساخ:عرفوا الشريعة من خلال عملهم في النسخ والكتابة فاتخذوا الوعظ وظيفة لهم يسمون بالحكماء وبالسادة وواحدهم لقبه (أب)وقد أثروا ثراء فاحشا على حساب مدارسهم ومريديهم.  5 - القراءون هم قلة من اليهود ظهروا عقب تدهور الفريسين وورثوا أتباعهم لا يعترفون إلا بالعهد القديم ولا يخضعون للتلمود ولا يعترفون به بدعوى حريتهم في شرح التوراة. 6 - السامريون:طائفة من المتهودين الذين دخلوا اليهودية من غير بني اسرائيل كانوا يسكنون جبال بيت المقدس وحاليا يتمركزون بمدينة نابلس ,أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون دون نبوة من بعدهم  ظهر فيهم رجل يقال له الألفان ادعى النبوة وذلك قبل المسيح بمائة سنة وقد تفرقوا الي دوستانية وهم الالفانية والى كوستانية اي الجماعة المتصوفة وقبلة السامرة الى جبل يقال له غرزيم بين بيت المقدس ونابلس ويتحدثون العبرية والعربية بطلاقة سادسا : بعض الواجبات الدينية 1  - زيارة بيت المقدس:يتحتم على كل يهودي ذكر رشيد ان يزور بيت المقدس مرتين في العام وان يبقى به اسبوعا كل مرة,ويبدا الاسبوع يوم الجمعة,وتقام خلاله احتفالات يحضرها الوافدون ويقودها الكهنة واللاويون.وقد قصد بهذه الزيارة ان تتيح فرصة لليهود ايا كانت مناطقهم ان يتعارفوا ويتّحدوا.وليكسبوا شرعية لزيارتهم المتكررة 


 2 - الأعياد:تكثر الاعياد عند اليهود كثرة بالغة ومنها مايتصل بالاحداث التاريخية ومنها مايتصل بمواسم الزراعة والحصاد ومنها مايتصل بالهلال أو التوبة والتكفير عن الذنوب وقد وردت اكثر هذه الأعياد في الاصحاح الثالث والعشرين من سفر اللاويين وسنذكر هنا بعضا من اهم هذه الأعياد: 1 - عيد الفصح:هذا العيد هو يوم الذكرى لخروج بني اسرائيل من مصر ومن العبودية التي كانو يخضعون لها ويقول علماء اليهود ان هذه الذكرى لايمكن ان تنسى فقد جاء الرب بنفسه دون ان يكتفي بملائكته وقاد شعبه واخرجهم من اطار العبودية وكان خروجهم سريعا فلم يعدو خبزهم كالعادة.وانما اعدوه فطيرا دون ان يختمر .وعلى هذا ففي خلال عيد الفصح الذي يستغرق الاسبوع الثالث من شهر ابيب(نيسان او ابريل)من اليوم الرابع عشر مساء الى اليوم الحادي والعشرين مساء يكون طعام اليهود خبزا غير مختمر ويبدا اليوم الأول من هذا الاسبوع بحفل مقدس ويختم الاسبوع بحفل مقدس ايضا وفي هذين الحفلين تتلى ادعية وتقام صلوات وتحرق القرابين.2- الهلال الجديد:يلقى الاحتفال بالهلال الجديد عناية كبيرة في الفكر اليهودي ,وكان يسمى عيد النفير لان الابواق كانت تستعمل في الاعلام بظهوره وكان الناس يتبارون في مراقبة الهلال ومحاولة السبق في رؤياه وكان الذي يراه اولا يسارع الى بيت المقدس ليخبر الكهنة بذلك او الرؤساء .واحيانا كان يقام سباق بين الذين شاهدوا الهلال وكل منهم يحاول ان يكون له قصب السبق وينفخ في الابواق اعلانا بالشهر الجديد وتشعل النيران على جبال الزيتون وعندما يراها سكان التلال البعيدة يشعلون هم ايضا النيران على تلالهم.3- السبت:يوم السبت من الأيام المقدسة عند اليهود والتي تجب مراعاة حرمتها مراعاة تامة فلا يجوز ليهودي الاشتغال فيه ومن خالف حرمة هذا اليوم ودنسه بالاشتغال فيه يكون قد ارتكب جرما عظيما.4- يوم التكفير هو يوم في العام يحاول فيه اليهودي ان يعبد الله لا كانسان بل كملاك!!والملاك لا ياكل ولا يشرب ويمضي وقته كله في العبادة وتعظيم الله فعلى اليهودي ان يعيش هذا اليوم كما تعيش الملائكة في صوم جاد وعبادة دائمة وهذا اليوم يسبق بتسعة ايام تسمى ايام التوبة حيث يُطهّر اليهودي خلالها تطهيرا يكفل له النقاء خلال العام القادم وفي اليوم العاشر يوم الصوم والعبادة تكمل طهارة اليهود وتغفر لهم سيئاتهم عن الماضي ويعدون لاستقبال عام جديد وتقع هذه الايام في الشهر السابع من شهور السنة اليهودية.5- عيد المظلاتفي شهر اكتوبر (تشرين الاول)يحتفل اليهود في العالم بعيد المظلات او عيد الخيام وفي هذا العيد يذهبون الى المعبد حاملين السعف واغصان الاشجار وفي الطريق الى المعبد يقيمون الخيام او اكواخا من القش يمضون بها عدة ايام رمزا للتاريخ الطويل الذي مر بهم وهم ضياع ليس لهم بيوت ثابتة حيث كانت مساكنهم من الاغصان وسعف النخيل وهم يذهبون الى المعبد لشكر الرب ان انهى عنهم حياة المكابدة والتطواف ومنحهم الاستقرار ويمتد هذا العيد مدة عشرة ايام ويكون اليومان الاخيران حافلين بالبهجة والرقص والشراب والبخور  سابعا : سمات المجتمع الاسرائيلي : يميز المجتمع الاسرائيلي العديد من السمات والمميزات منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر انه مجتمع يتجه نحو الشيخوخة والتفسخ فمع قيام الدولة عام 1948وصلت نسبة كبار السن في المجتمع اليهودي 3%وبعد مرور 50 عاما وصلت الى 15%ويفسر الدكتور (مريان ريبوفيتش)المتخصص بامراض الشيخوخة السبب في ارتفاع اعداد ونسبة الشيوخة الى قلة الانجاب من جهة والهجرة العكسية.ومن الامور اللافتة في المجتمع الاسرائيلي هي ظاهرة الامركة التي بدات تغزوه فقد حذر رئيس الدولة منها ومن ظواهر الهيبز وعبدة الشيطان واللوطيين والسحاقيات والهروب من الخدمة العسكرية والهروب الى تايلند والشرق الاقصى لتعاطي المخدرات وحفلات الاسيد التى تشهدها غابات البلاد وحفلات البوب التي يحضرها عشرات الاف من الشباب والفتيات وارتفاع نسبة متعاطي السموم الثقيلة الهيروين اضافة الى انتشار العنف في المدراس والاغتصاب .ففي اخر بحث اشارت الاحصائيات الى ان نسبة العنف والجريمة بالمدراس زادت عن 50 % في مدارس تل ابيب كما اشارت الاحصائيات الى وجود ازمة هوية تعصف في الشباب اليهود العلمانيين الذين يعبرون عن انفسهم غالبا على انهم ليسو بيهود!!!ثامنا : المستوطنات الإسرائيليةوإلى اليوم وا لمستوطنات الصهيونية لم تنفطع ولأن اليهود الصهاينة يصرون على الإستيطان فى فلسطين فهم يبيدون سكان المدن والقرى وكذلك بيوتهم حتى لايبقى أثر لأى فلسطينى يطالب به فيما بعد وكذلك ليبينوا لأبنائهم فيما بعد أنهم هم أصحاب الأرض الأصليين وليس الفلسطينين ونضرب لذلك مثالا :  لو أن شخصا غريبا جاء من منطقة بعيدة إلى جوار قرية ما وسكن فى خيمة ؛ ثم جاء أخر ليسكن أيضا فى نفس القرية , ولكن الأخر آبى أن يسكن فى خيمة بل تحايل واستغل كل الطرق المشروعة وغير المشروعة إلى أن بنى له بيتا على أساس متين فأى الاسرتين فيما بعد تؤكد انها من أهل البلد وأنها صاحبة المكان ؟ بالطبع الأسرة الثانية لأنه من البديهى سيقال إن لم تكن لأبيهم جذور فى هذا المكان لم يكن لأهل البلدة أن يتركوه يستقر بينهم . أما الأسرة الأولى فبدون أدلة فمن الواضح أنها غريبة لأنها تعيش في خيمة ومن السهل حملها أو إشعالها إن آبى . وهذا ما فعله الصهاينة فقد استغلوا وقوف الدول العظمى الظالمة بجوارهم وكذلك استغلوا صمت العرب والمسلمين وابادوا القرى والمنازل وقبلها أصحابها وساكنيها وأقاموا بدلا منها الستوطنات حتى اذا جاء جيل بعد أخر و دافع حينئذ سيقال أنهم إنما يدافعون عن مساكنهم . وصدق الحق حين قال ( انهم يكيدون كيد )ولذا علينا أن نحذرهم وأن نقف لهم بالمرصاد قبل أن نفاجئ بأندلس اخرى .وإليك عزيزى القارئ بعض أسماء الستوطنات : -1 الحي اليهودي في القدس: ويمتد هذا الحي من الحائط الغربي للمسجد الاقصى حتى دير اللاتين، والارض المقام عليها هذا الحي تدخل ضمن الاوقاف الاسلامية والممتلكات الفلسطينية، ويتضمن - - حي المغاربة المدمر وحي الشرف. وقد صمم هذا الحي اليهودي ليستوعب 5.500 مستوطن، ولا يسمح لاي فلسطيني بالشراء أو الاستئجار أو الاقامة فيه. 
-2 رمات اشكول: وهي مستوطنة سكنية بنيت على ارض السمر، وهي ملك للفلسطينيين من قرية "لفتة"، التي دمرها "الاسرائيليون" عام 1948 ، ومساحتها 600 دونم، وتحتوي على 2115 وحدة سكنية وتربط بين القدس الشرقية والقدس الغربية. -3 مبنى الجامعة العبرية: كان هذا المبنى يسمى مركز "هاداسا" الطبي ومستشفاه في عام 1948، وهما المبنيان اليهوديان الوحيدان التابعان للجامعة العبرية، وقد تم بناؤهما عام 1926 على ارض تخص قرية لفتة الفلسطينية على جبل سكوبس. وفي عام 1967 تضخم هذان المبنيان ليتحولا  إلى مبنى جامعي هائل، يضم كليات جديدة، ومساكن للطلبة وموظفي الكليات.. وغيرهم.  -4 التلة الفرنسية: بنيت هذه المستوطنة السكنية عام 1969م، على الطريق بين رام الله والقدس شرقي جبل سكوبس، وارضها ملك للفلسطينيين وللدير اللاتيني والحكومة الاردنية، وتم بناء 5 آلاف وحدة سكنية-5 راموت: بنيت هذه المستوطنة على اراضي طيلة، وبيت حمودة، اللتين ترجع ملكيتهما لاراضي قرية بيت اكسا، وبيت حنينا، وقد صودر 3000 دونم من ممتلكات الفلسطينيين، ودمر 100 منزل بغرض بناء هذه المستوطنة. وبحلول عام 1975 ، كان بها 2000 وحدة سكنية. -6 النبي يعقوب: بنيت هذه المستوطنة على ارض"راجيوم الغراب"، وركبا وشعب السيرة ودير سلام، التي تخص قرية بيت حنينا الفلسطينية وتقع على الطريق بين القدس ورام الله، على بعد 7 كيلومترات من وسط القدس. وبحلول عام 1980 كان في هذه المستوطنة 2500 وحدة سكنية. - 7عتاروت: بنيت هذه المستوطنة على ارض الغازية التابعة لقرية قلنديا الفلسطينية وتقع على الطريق بين القدس ورام الله، وبحلول عام 1973 ، بلغ عدد المصانع التي بنيت  فيها 61 مصنعا، وضمت المنطقة كلها إلى القدس الموسعة.  -8 جيلو: بنيت على ارض الصليب وحرم الله، التابعة لمدينتي بيت جالا وبيت ساحور الفلسطينيتين، وقد صودر عند بنائها 4 آلاف دونم من ممتلكات الفلسطينيين، وبلغ عدد الوحدات السكنية فيها عام 1980 نحو 1500 وحدة سكنية-9 نحلات دنا: حتى يتسنى بناء هذه المستوطنة، قامت السلطات "الاسرائيلية" بمصادرة الأراضي التي تمتلكها الاسر الفلسطينية التالية: امينة الخالدي، وال الخطيب، وعارف العارف، وكانت هذه الأراضي حتى عام 1967 مدرجة ضمن الأرض الفلسطينية. وفي عام 1980 كان عدد الوحدات السكنية المبنية فيها قد بلغ 5 آلاف وحدة-10 جمعات همفتار: تقع هذه المستوطنة إلى الشمال الشرقي من القدس، على اراضي تل الذخيرة في منطقة   الشيخ جراح، ووصل عدد الوحدات السكنية فيها عام 1980 إلى 3.000 وحدة سكنية-11 منتزه كندا: شيدت "إسرائيل" هذا المنتزه الضخم عام 1967 في منطقة اللطرون، على القرى الفلسطينية المدمرة : بالو وعمواس وبيت توبا، وقد مول الصندوق الوطني اليهودي عملية التشجير لهذه المنطقةتقع هذه المستوطنة على تل شرقي قرية أو ديس الفلسطينية، وتضم ثلاثة اجزاء أ ب ج وتشمل اراضي الحزمة، والعيزرية، وابو ديس الفلسطينية. وبحلول عام 1980 بلغ عدد الوحدات السكنية التي بنيت فيها 5 آلاف وحدة، واعلنتها الحكومة "الاسرائيلية" مدينة يهودية جديدة بيتونيا وبيت دقور مستوطنة جبعات زتيف: اقيمت عام 1977 على اراضي قري عام 1974 على اراضي قرية أبو ديس 12 - مشور ادوميم: عبارة عن منطقة صناعية، قريتي بيت سوريك  وهارادار: اقيمت عام 1985 على اراضي  جفعون حدشاه: اقيمت عام 1980 على اراضي قرية بيت اجزا -13 دونما جبعات بنيامين: اقيمت عام 1983 على اراضي قرية جبع بعد مصادرة 383ا  علمون: اقيمت عام 1983 على اراضي صودرت من قرية عناتا- 14 بسكان عومير: اقيمت عام 1987 بعد مصادرة ألف دونم من الأراضي العربية، وجرى توسيعها بعد ذلك 15-قرية داود: اقيمت عام 1990، غرب باب الخيل في اراضي المنطقة    الحرام التى تفصل القدس الشرقية عن القدس الغربية، وذلك بهدف دمج قسمي المدينة، وتمت مصادرة الأراضي التي اقيمت عليها القرية عام 1970 من الاملاك العربية واملاك الكنيسة. - 16-جبعان همطوس: اقيمت عام 1991 على اراضي قريتي بيت صفافا وبيت             جالا واراض أخرى يملكها دير الروم الارثوذكس، وتبلغ سماحة المستوطنة  170دونما- 17-مستعمرة هارحومة: اقيمت عام 1991 على اراضي جبل أبو غنيم من اراضي بيت ساحور، وصور باهر، بعد مصادرة 1855 دونما.                                تاسعا : المستوطنات وإتفاقيات السلام تعد المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة إحدى القضايا الشائكة في صراع الشرق الأوسط كما اكتسبت مشكلة المستوطنات بعدا جديدا منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الراهنة في28 سبتمبر 2000، حيث أعرب المحتجون الفلسطينيون عن اعتزامهم إجبار المستوطنين على الرحيل وطبقا لاتفاقات المرحلة الانتقالية الموقعة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، فإن المستوطنات ستظل على حالها إلى حين تحديد مصيرها ضمن اتفاق الوضع النهائي وبالحقائق والأرقام  يقطن حوالي مئتي ألف مستوطن يهودي في مئة وخمسة وأربعين مستوطنة وسط حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وتتركز غالبية المستوطنين في أراضي الضفة الغربية، أما تعداد المستوطنين في قطاع غزة فلا يزيد عن سبعة آلاف شخص يتوزعون على ثلاث مستوطنات رئيسية أقيمت المستوطنات على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب سبعة وستين وهي الأراضي التي يرغب الفلسطينيون في أن تكون جزءا من دولتهم المستقلة، ولا يعترف المجتمع الدولي ظاهريا بشرعية المستوطنات كما يعتبرها عقبة في طريق السلام تشكل المستوطنات نسبة 1.8% من أراضي الضفة والقطاع، ويعيش فيها المستوطنون مسلحين أو تحت حماية الجيش الإسرائيلي كما ترددت تقارير مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك عرض على الزعيم الفلسطيني الراحل  ياسر عرفات خلال قمة كامب ديفيد، خطة سلام تقضي بإبقاء 80% من المستوطنين حيث هم ضمن اتفاق سلام نهائي، لكن الفلسطينيين أكدوا أن حلا كذلك سيجعل من دولتهم المستقبلية مجموعة جزر بسبب المستوطنات ويزعم المستوطنون،و معظمهم من اليهود المتشددين، أن أراضي الضفة الغربية هي جزء من إسرائيل التوراتية أو الأرض الموعودة كما يزعمون في العهد القديم، كما دافعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبةعن احتلال الأراضي الفلسطينية باعتباره ضروريا لحماية أمن إسرائيل .عاشرا : مفاعل ديمونة الإسرائيلي:مفاعل ديمونة الإسرائيلي : أنتجت إسرائيل من خلاله أكثر من مائتي رأس نووي كلها موجهة للعرب والمسلمين ولاتزال في طريقها لإنتاج المزيد والمزيد , ولكن سبحان الله القائل ( إنهم يكيدون كيد * وأكيد كيدا * فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) لأن مفاعل ديمونة هذا يعاني من تردي في خدماتة الوقائية مما يهدد المنطقة في القريب العاجل بكوارث لاقبل لنا بها ولايزال يشوب طريقة إسرائيل في التخلص من نفاياتها النووية الكثير من السرية ولكن البعض يؤكد بأنها تقوم بدفنها في صحراء النقب وفي البحر الأحمرزيادة كبيرة في قدرات إسرائيل النووية: كشفت صور حديثة التقطتها الأقمار الصناعية عن احتمال أن تكون إسرائيل قد أنتجت كمية من البلوتنيوم تكفي لتصنيع ما يصل إلى مئتي رأس نووي وتتعلق الصور الجديدة بمفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي في صحراء النقب، وقد نشرت على موقع خاص برابطة العلماء الأمريكيين وقد اُلتقطت الصور التي فحصها العلماء الأمريكيون بعناية عن طريق قمر صناعي تابع لمؤسسة إيكونوس للتصوير الفضائي .وأخضع العلماء هذه الصور الحديثة للمقارنة مع صور أخرى التقطها قمر استطلاع أمريكي لمفاعل ديمونة في عام واحد وسبعين وبناء على ذلك توصلوا إلى هذه النتيجة وتعني رابطة العلماء الأمريكيين  ( إف  ايه  إس ) بمراقبة تطور الأسلحة غير التقليدية في العالم أجمع. وقد خلص التقرير الذي أعدته إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تزود مفاعل ديمونة بأبراج تبريد جديدة منذ عام واحد وسبعين، وهو ما يشير إلى أن قوة تشغيل المفاعل لم تتغير كثيرا منذ ذلك الحين ويشير التقرير كذلك إلى أن المعدل السنوي لإنتاج البلوتنيوم في المفاعل يبلغ عشرين كيلو جراما .حادى عشر : ترسانة نووية ويقول التقرير إنه بالاستناد إلى الحدود الدنيا والقصوى لطرق تشغيل المفاعل، فإنه يمكن الاستنتاج أن إسرائيل أنتجت من البلوتنيوم ما يكفي لتصنيع مئة سلاح نووي على الأقل   وما لا يزيد عن مئتي سلاح على الأكثر .وقد نشرت الصور التي يزخر بها الموقع في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية كما عرضها التليفزيون الإسرائيلي. وتسمح قوانين الرقابة الإسرائيلية بالنقل عن تقارير أجنبية بشرط الإشارة إلى المصدر وتعتبر إسرائيل في الوقت الراهن هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة نووية لكنها ترفض الاعتراف بملكية هذه الأسلحة. وقد رفضت باستمرار السماح لإجراء تفتيش دولي لمفاعل ديمونة، كما أنها ترفض التوقيع على معاهد حظر الانتشار النووي وتتبع إسرائيل ما تصفه بسياسة الغموض النووي وتقول إنها لن تكون أول دولة تقوم   بإدخال الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط ( فأعتبروا يأولى الأبصار ) وفي عام ستة وثمانين صدر حكم بالسجن لمدة 18 عاما على موردخاي فعنونو وهو فني  سابق في ديمونة بسبب كشفه معلومات عن المفاعل تتضمن صورا نشرتها صحيفة صنداي  تايمز البريطانية ويعمل مفاعل ديمونة منذ عام 1965 ، وتقول رابطة العلماء الأمريكيين إن تقديرات جهات المخابرات لقدرات إسرائيل النووية في عام تسعين كانت تشير إلى امتلاكها ما يتراوح بين خمسة وسبعين ومئة وثلاثين سلاح نووي .فليمتلك الصهاينة ما يشاؤؤن فنحن لنا الله أقوى وأعز وأكبر من ترسانتهم وأسلحتهم  وعلينا أن لا نخشاهم . فبدلا من التعامل معهم ومجاراتهم علينا أن نعبد الله حق عبادته وأن نخشى الله حق خشيته  . حينها يتولى الحق سبحانه وتعالى الدفاع عنا لقوله تعالى ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا )  ولنا معهم مواقف كثيرة أهمها الموقف الذى ذكره القرآن الكريم حين قال تعالى ( سبح لله مافى السموات ومافى الأرض وهو العزيز الحكيم * هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر * ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله* فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا فقذف فى قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين ( فأعتبروا ياأولى الأبصار )  ونحن فى انتظاره بإذن الله تعالى إن اتقينا الله جل وعلا فسيخربون بيوتهم ومستوطناتهم بأيديهم وأيدينا إن شاء الله تعالى  . 








                               الباب الثانى عشر                            الصهاينة والإرهابلقد كتب أحد كتاب الغرب المنصفين  مقالا يصف فيه أحداث الحادى عشر من سبتمبر اعجبنى فيه أنه فى الوقت الذى يدين فيه المسلمون أنفسهم ويبررون لأمريكا ما تقوم به من عمليات عسكرية واحتلال وتدمير ضد المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها ,فإذا بهذا الكاتب وهو يفسر الأمر بشكل منطقى وسليم فرأيت من واجبى أن اطلعك معى عزيزى القارئ على المقال لنرى سريا كيف يرى الغرب أو المنصفون منهم حقيقة الأمور فهذا هو المقال بتصريف يسير فيقول  : إن من بين العديد من الامور التي أثارتها أحداث الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 ، أود أن أتناول قلة منها. أن ركاب الطائرات المختطفة ضحايا أبرياء ، وكذلك الألاف الذين لاقوا حتفهم عندما انهار برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك، على الذين لم يجدوا الوقت الكافي لمغادرة المبنى، أو الذين تعرضوا للإحتجاز بداخله، أو الذين دخلوا إليه للتو لمساعدة وانقاذ أكبر عدد ممكن من الضحايا .وأما الذين لاقوا حتفهم في وزارة الدفاع (البنتاجون) بواشنطن فهم يمثلون فئة       مختلفة ، وسواء كانوا أهدافا مشروعة أم لم يكونوا ، فالحقيقة هي أنهم ما كانوا سيلقون حتفهم دون أن يلقي ركاب الطائرة المختطفة حتفهم نتيجة اصطدام الطائرة بمبنى البنتاجون. ولا يمكن للمرء أن يجد مبررا لعمل ما سواء أكان القصد من ذلك العمل أن يكون    بياناً سياسياً قوياً ، أم انذاراً أم انتقاماً أم فعلاً يائساً ، ما دام هذا العمل ورط عددا     كبيرا من المدنيين وتسبب في قتلهم. لهذا السبب فأنني أدين الهجمات الارهابية التي أدت في 11 سبتمبر الى مصرع العديد       من الضحايا الابرياء. وبعد شجبي للهجمات الارهابية هل ينبغي علىّ شجب الارهابيين    ايضا ؟ فمن هم الإرهابيون ؟ لا أحد يعرف حتى الآن هوية أولئك الإرهابيين ، أو المنظمات التي ينتمون إليها ، ودوافعهم الرئيسية . وعلى أية حال ، نحن نعرف عنهم ما يلي: 1-  إنهم يؤمنون إيماناً قوياً بقضيتهم. 2- وقضيتهم ترتبط بإدراكهم للمعاناة والآلام الرهيبة وغير العادلة التي تعرضت لها شعوبهم. 3-  وهم مثاليون ومستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل ما يرون أنه يخدم مصلحة شعبهم. 4- وفي هذا السياق – وهو سياق لا عقلاني ومحزن للغاية، وكنه حقيقي – فهم صفوة الصفوة في المجتمع. 5-وهم ينتمون لطراز من الناس يقبل من أجل مصلحة الشعب ، أن يتم حقنه بجرثومة  مرض عضال ، حتى تتم تجربة أمصال مجهولة الفعالية في أجسامهم. 6-وهم ليسوا من النوع الأناني ، بل يمتازون بالايثار وحبهم غير المحدود للآخرين. ومن الجائز انهم يعتبرون أنفسهم في حالة حرب مع الولايات المتحدة، ولكن حتى الحروب لها قواعدها ، ويفترض في المحاربين احترام معاهدات جنيف بعدم إيذاء المدنيين . ولكن :الحقيقة أن أمريكا هى صانعة الإرهاب بما قامت به من انتهاكات للعديد من أراضى وحدود الدول على إختلاف دينها وجنسياتها مما أوغر الصدور تجاهها فان ما يقوم به هؤلاء انما هو رد فعل لما فعلته امريكا بهم وردا عن دولهم العاجزة بالقيود والمعاهدات    عن رد او صد هجمات امريكا واليك عزيزى القارئ توضيحا لذلك :1- لقد تجاهلت الولايات المتحدة وحليفاتها في كثير من الأحيان ما يقومون به من عداءات . فقصف الحلفاء مدينة دريسدن الألمانية في فبراير 1945 ، وهو عمل وحشي ارتكبه البريطانيون . فمدينة دريسدن لم تكن لها أهمية صناعية أو عسكرية. وقد لقي أكثر من 100,000 ألماني من غير العسكريين مصرعهم خلال الغارة. وكانت تلك الجريمة انتهاكاً صريحاً لمعاهدات جنيف، ولكن الذين ارتكبوها هم البريطانيون  أليسوا بإرهابيين! 2-وهناك أيضاً القصف العشوائي في فيتنام ، واستخدام المواد الكيماوية المحظورة ،   وهو عمل وحشي وانتهاك فاضح لمعاهدات جنيف ، وقام به  الأمريكان أليسوا بإرهابيين! 3-وهناك قصف بلجراد وتدمير الجسور والإنشاءات المدنية ، وكلها أعمال تعارضت    مع معاهدات جنيف ، قامت بها دول حلف شمال الأطلنطي (ناتو) أليسوا بإرهابين! 4-ولا ننسى قصف العراق ، والتدمير التام لمحطات المياه والكهرباء ... الخ، وهي  جرائم تتنافي ومعاهدات جنيف ، قام به التحالف المناوئ للعراق ألم يكن هذا إرهاباً!! إذن ، لماذا يجب على مرتكبي الأعمال الإجرامية ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر ، أن يعتبروا أنفسهم ارهابيين من طراز يفوق ارهاب الولايات المتحدة؟ - ولذا إذا كان الذين نفذوا الهجمات عراقيين ، فربما كان دافعهم لتنفيذ الهجمات الاتنقام لـ 500,000 طفل عراقي قضوا نحبهم نتيجة للحصار الاقتصادي الذي فرضه الناتو على بلادهم. - وإذا كانوا جواتيماليين فربما كان دافعهم هو التدخل الإجرامي الأمريكي ، الذي نتج عنه انقلاب عسكري أطاح بالزعيم الشعبي النزيه والمتنافي أربنز، واستبداله بحاكم تتحكم الولايات المتحدة فيهم وتحركهم كما تشاء  ونتيجة لهذا ، لقي ألاف الجواتيماليين مصرعهم ، وتم إغلاق الطريق المؤدي للتقدم الاقتصادي والديمقراطي أمام بلادهم ، وتم بدلاً عنه فتح طريق الانكفاء والقمع. - وإذا كان المنفذون من بنما ، فربما كان الهاجس الذي دفعهم للقيام بما قاموا به، هو الغزو الأمريكي لبلادهم الذي أدى إلى مصرع آلاف الضحايا الأبرياء. - وإذا كان المنفذون اندونيسيين ، فربما كان دافعهم هو الانقلاب الذي دبرته وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (CIA) والذي استبدل سوهارتو بالزعيم الراحل أحمد سوكارنو ، وهو الانقلاب الذي تلاه حمام دم راح ضحيته عدد يقدر بمليون شخص، كانت أسماء معظمهم على قوائم قدمتها (CIA) إلى سوهارتو ، وضمت جميع الناشطين في النقابات العمالية وأعضاء الاحزاب اليسارية. - وإذا كان منفذو الهجمات من الأكراد، فربما كان دافعهم هو حقيقة أن الشعب الكردي ظل محظوراً عليه ، ولعدة عقود، ممارسة حقوقه في تقرير المصير. وقد وقفت الولايات المتحدة – لأسباب استراتيجية – خلف تركيا والعراق عندما نفذ البلدان سياسات قمعية ضد الأكراد . ومؤخراً ، وعندما ثار الاكراد في العراق ، ساعدت الولايات المتحدة النظام العراقي على اعادة السيطرة على الوضع ، وسمحوا له بإرسال مروحياته بالتحليق عبر منطقة المحظر الجوي للقضاء على ثورة الاكراد. وصحيح ان الولايات المتحدة  كانت تفضل التخلص من الرئيس العراقي ، ولكن ليس من خلال ثورة شعبية يمكن أن تؤدي الى ديمقراطية حقيقة ، وانما عبر انقلاب من داخل القصر يستبدل طاغية بأخر ، أكثر رغبة في الانصياع لإرادة الولايات المتحدة . - وإذا كان المنفذون تشيليين فربما كان دافعهم هو انهم تذكروا ان بلادهم عانت من نظام كريه تسبب في موت عشرات الالاف من أفضل أبناء تشيلي، وهو نظام فرضته عليهم وكالة (CIA) لان الولايات المتحدة لم ترضى عن الرئيس الراحل سلفادور أليندي، الذي تم أنتخابه ديمقراطيا في انتخابات حرة. - وإذا كانوا يوغسلافيين ، فربما كان الدافع لديهم هو انهم تذكروا أن بلادهم كانت في وقت من الاوقات موحدة تعيش فيها جميع القوميات والجماعات العرقية جنبا الى جنب في ود وسلام. وربما تذكروا أنه وعلى إثر إعلان بعض القادة القوميين استقلال بعض أجراء يوغسلافيا ، اعترفت الدول الغربية باستقلالها وزودتها بالاسلحة . وربما تذكروا أن بلجراد تعرضت للقصف.وربما أدى ذلك القصف لفقدانهم بعض الأعزاء. وربما وجدوا المبرر للتفكير في أنه لولا التدخل الخارجي في شؤونهم الداخلية، لظلت يوغسلافيا دولة متحدة تعطي النموذج لتنوع الجماعات العرقية التي تعيش في انسجام مع بعضها البعض. - وإذا كانوا فيتناميين فربما تذكروا الحرب الجائرة والمرعية وغير المعلنة التي شنتها الولايات المتحدة على شعبهم الذي كان قد حقق استقلاله للتو أنذاك ، بعد هزيمة الجيوش الفرنسية. وربما تذكروا الأكاذيب التي استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير تدخلها ، وربما تذكروا استخدام مادة اورانج السامة التي ألحقت ضرراً رهيباً بالنباتات الفيتنامية ، وبصحة ملايين البشر . وربما تذكروا ان تلك الحرب الجائرة أدت إلى مقتل ملايين الفيتناميين. -وإذا كانوا كمبوديين ، فربما تذكروا الحرب السرية التي شنتها الولايات المتحدة عليهم. -وإذا كانوا لاسيين فربما تذكروا أيضاً الحرب السرية الامريكية ضد بلادهم. - وإذا كانوا كونجوليين فلا بد أنهم تذكروا أن طريق بلادهم نحو التقدم ، تم إغلاقه عندما قررت الولايات المتحدة أن الزعيم الكونجولي باتريس لوممبا يجب اغتياله. -إذا كانوا  أنجوليين فربما تذكروا كيف أشعلت الولايات المتحدة حرباً أهلية وحافظت على اشتعالها. -وإذا كانوا مواطنيين امريكيين فربما تذكروا السنوات الطويلة التي عانى خلالها السود –ومازالوا يعانون – من التمييز العنصري . ويسري هذا على مواطنيين أمريكا الجنوبية وامريكا اللاتينيةفربما تذكر هؤلاء أن الولايات المتحدة – من خلال وكالة (CIA) – كانت أكبر متعامل في المخدرات ، وانها تتحمل مسؤولية ضخمة في ما يتعلق في ادمان المخدرات في الولايات المتحدة. وربما تذكروا أن هناك الكثير من الاطفال الجوعى والمشردين في أمريكا ، على رغم من غناها الفاحش ، ... الخ ... الخ .... الخ. - وإذا كانوا فلسطينيين ، فربما تذكروا أن ( اسرائيل ) هي الدولة الوحيدة التي لم تتعرض لعوقبة لسنوات عديدة ، وهي ترفض تنفيذ قرارات الامم المتحدة التي تستند الى معاهدات جنيف ، والتي تلزم (اسرائيل ) بالانسحاب من جميع الاراضي المحتلة وراء حدود عام 1967 ، وتلزمها بقبول عودة لاجئيين الفلسطينيين وتفكيك المستوطنات اليهودية وراء حدود 1967. وتستطيع (إسرائيل) تجاهل قرارات الامم المتحدة لان الولايات المتحدة تؤيدها وتحبط أي محاولة لفرض أية عقوبة ضدها ونتيجة لهذا كله ، يعيش اللاجئون الفلسطينييون داخل مخيمات منذ عدة أجيال. ونتيجة لهذا ، تستطيع (إسرائيل) تنفيذ سياسة قمع وحشي في الارضي التي تحتلها بشكل غير قانوني. ونتيجة لذلك تستطيع (إسرائيل) تقسيم هذه الارضي الى جزر معزولة دون أتصال بين جزيرة واخرى من غير رقابة (إسرائيلية). وتتم ممارسة هذه الرقابة بطريقة تزيد خنق الفلسطينيين إقتصاديا ، وتضاعف إذلالهم ، وتجعل من المستحيل بالنسبة للأطفال الحصول على المساعدة الطبية ، والتعليم السليم وعلاوة على ذلك يقصف الجيش (الاسرائيلي) المباني ويدمرها ، ويستهدف الفلسطينيين لإغتيالهم ويقتل الاطفال إذا تجرأ أحدهم ورمى حجرا كفعل مقاومة ضذ الاحتلال. - هناك مواطنون فرنسيون يمكنهم الشعور بالغضب الشديد إزاء الولايات المتحدة ، إذا تذكروا إن الاستخبارات السرية الامريكية قامت – من أجل التأثير على الانتخابات الفرنسية خلال السنوات الاولى بعد الحرب – بدفع أموال للمافية الفرنسية لإغتيال القادة العماليين الفرنسيين في مرسيليا. ويمكن لهؤلاء الفرنسيين أن يتذكروا كيف نجحت الولايات المتحدة – من خلال استخدام إغراء الاموال الطائلة في إحداث إنشقاق في إتحاد النقابات العمالية (CGT) . - ومن المؤكد إن لدى بعض الطليان شكوى ضد الولايات المتحدة ، عندما يتذكرون كيف أفرج الامريكيون عن رجال المافية من السجون الايطالية ، في إستخدامهم في حرب ضد المقاومة الايطالية المناوئة للفاشية ، وعندما يتذكرون المتدخل الامريكي المستمر بأموال طائلة لمساعدة الحزب الديمقراطي المسيحي للفوز في الانتخابات. وهناك جميع أنواع الاشخاص الذين خاطروا بحياتهم – ويتفجعون على رفاقهم – في المقاومة ضد الجستابو و النازية بشكل عام ، والذين يثير سخطهم منح الولايات المتحدة حق اللجوء لكبار النازيين ، وحصول بعضهم على الجنسية الامريكية ، وتوفير المساعدة لبعض منهم – وهم مجرموا حرب معروفون – للحصول على ملاذات في أمريكا الجنوبية. ولا شك إن الاشخاص المحبطين الذين قاتلوا ضد النازية لديهم ما يتذمرون منه إزاء الولايات المتحدة . - وإذا كان المنفذون يابانيين فلا بد إنهم تذكروا هيروشيما وناجازاكي . ولا يوجد سلاح يقتل البشر عشوائيا كما تفعل القنبلة الذرية فهي السلاح الاكثر وحشية الذي يتعارض مع معاهدات جنيف . - وإذا كانوا صينيين فلا بد انهم تذكروا الوقت الطويل الذي ساندت خلاله الولايات المتحدة النظام الفاسد للزعيم التايواني الراحل شيانج كاي تشيك. - كما ان هناك  أناس في الولايات المتحدة وحول العالم يعرفون مدى ضخامة مسئولية الولايات المتحدة عن تدهور نوعية الحياة في العالم الثالث ، ومدى عظمة الدور الامريكي في الاستغلال القاسي للفقراء ، ومدى دورها الهائل في التلويث المستمر لكوكب الارض. - وهناك كوبيون يتذكرون كيف كانت بلادهم متخلفة في ظل حكم الديكتاتور باتيستا ، وكيف كان يحصل باتيستا على الدعم القوي من الولايات المتحدة ، ومدى التقدم الذي تحقق في كوبا في ظل ثورة فيدل كاسترو. وهم يتذكرون خليج الخنازير والحصار المفروض على بلادهم ، ولديهم لا شك الكثير من التذمر تجاه الولايات المتحدة. من إذن ؟ لاندري ؟  من الذي قام بالهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001.         لا ندري. ولكننا نعرف أن كون الولايات المتحدة هي الهدف ليس بالمفاجأة‍ ‍‍‍‍ ‍! فلا توجد دولة في العالم يضمر لها الاخرون الكراهية والحقد كالولايات المتحدة. وإنني أعلن وقوفي بضد اعمال الارهاب ، ولكنني لا أستطيع دائما شجب من يقومون بها . فالرجل المسالم الذي يحاصره قطاع طرق ويخشى على حياته يمكن أن يصبح ضاريا. وعندما يتم اللجوء إلى العنف ، يجب أن نتذكر أن العنف الأساسي هو عنف الاحتلال . وهو عنف منع الناس من حكم أنفسهم والعنف الذي يقع كرد فعل الناس ضده هو نوع ثانوي من العنف ، نشأ وترعرع بسبب العنف الاساسي. ولو أن (الاسرائيليين) انسحبوا من الارضي الفلسطينية المحتلة ، وفككوا المستوطنات اليهودية القائمة وراء حدود 1967 ، فإن معظم العنف الدائر في فلسطين و(إسرائيل) سيتوقف. أنا ضد الارهاب ، ولكنني أعرف أن الظلم والاستغلال و التمييز يولد العنف سواء  أكان على نحو مبرر أم لا. ولذلك ، وعندما يتعلق الامر بالنضال ضد " الارهاب" يجب علينا جميعا أن نتذكر اننا مهما بلغت كراهيتنا للإرهاب ، يتعين علينا أن نكره أكثر الظروف التي دفعت لوقوعه. وأمل أن يدرك مدبرو ومخططو الأعمال الارهابية أن الأعمال التي يستطيعون تبريرها لأنفسهم هي أعمال تأتي بنتائج عكسية. وأنا لا أعرف من الذي نفذ هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة . وانني أدين الهجمات والذين قاموا بها . ولكن رئيس الوزراء "الاسرائيلي" الأسبق أرييل شارون   بدأ بالفعل في جني بعض الثمار. ونحمد الله جل وعلا أن أصبح اليوم طريح الفراش بين الموت والحياة " فأعتبروا ياأولى الأبصار "هو يستطيع التظاهر بتشبيه الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة ، بالهجمات   التي تقع ضد (إسرائيل). وبالنسبة للذين يبررون رد الفعل الامريكي ضد الهجمات ، لن يكون صعبا على شارون تبرير عدوانه على الفلسطينيين 




















                             الباب الثالث عشر                          الأندلس وبنوا إسرائيل                         1: الأندلس قبل الإسلامتمهيد : سنتحدث بشكل يسير عن الأندلس قديما قبل الفتح الإسلامى لها ثم ووجود السلمين بها فترة من الزمان لا تقل عن ثمان قرون  ثم القضاء عليهم والمذابح التى حدثت لمن بقى منهم ولأن هذه الأحداث فى حاجة إلى مجلدات رأيت أن أركز على الأهم منها لترى عزيزى القارئ الفارق بين حكم السلمين للبلاد وبين حكم أبناء القردة والخنازير ومن يعاونهم  .فتشير الأدوات الحجرية ورسوم الكهوف إلى أن الإنسان استوطن شبه جزيرة أيبريا منذ    أكثر من 10,000 سنة. وقد أقام الفينيقيون مدنا على السواحل. ثم ضمها الرومان  إلى إمبراطوريتهم، حتى غزاها القوط الغربيون (Visigoth) حوالي عام 450 ضمن اجتياح مختلف قبائل البربر للإمبراطورية الرومانية. طرد القوط الغربيون قبائل الوندال البربرية إلى شمال أفريقيا. وجاء اسم الاندلس من كلمة "وندال "حيث اصبحت واندالش ومنها اندلس والاندلس هي كل ارض دخلها المسلمون    في شبه جزيرة ايبيريا حتى اصبحت في النهايه حوالي ثمان مدن                        2- دخول المسلمينفي عام 711 م أرسل موسى بن نصير الوالي الأموي للمغرب القائد الشاب طارق    بن زياد من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب يوم 30 أبريل 711، عبر المضيق  الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الإنتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم    لذريق (Roderic or Rodrigo) في معركة جواداليتي في 19 يوليو  711.أو معركة وادى برباط في 28 رمضان 92هجرية بحلول عام 718 سيطر الأمويون على معظم أيبريا عدا جيب صغير في الركن الشمالي الغربي حيث أسس النبيل القوطي  بيلايو مملكة أستوريا في نفس العام 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمين في معركة كوفادونجا عام 722،    ولجأ إلى مملكته المسيحيين الرافضين للحكم الإسلامي. تعتمد إسبانيا ذلك العام، 718، كبداية استرداد إسبانيا للمسيحية (Reconquista).                         3-  التوسع الإسلاميواصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أبيريا لينتقلوا شمالا عبر جبال البيرانيس  حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (تورز) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل.                   4 - فتح البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الفتوحات في غرب الأندلس   حتى وصل إلى لشبونه عاصمه البرتغال الآن أما موسى بن نصير وطارق بن زياد فقد إتجها شمالا إلى بارشلونه ثم سراقسطه ثم شمال تجاه الوسط والغرب حتى إنتهى فتح كل الأندلس    في 3 سنين ونصف                5-  امارة و خلافة قرطبة تشمل هذة الفترة ممابين دخول عبد الرحمن الداخل إلى الاندلس 136 هجرية حتى      سقوط الخلافة الاموية بعد اخر خليفة اموي و هو المستكفي سنة 416 هجرية و انتهاء الدولة الاموية و بدء عصر ملوك الطوائف و قد تحولت هذه الدولة من امارة إلى           عهد عبد الرحمن الناصر الذي سمى الدولة بالخلافة .                     6- ملوك الطوائف[Link nur für registrierte Benutzer sichtbar]ملوك الطوائف هي فترة تاريخية في الأندلس بدأت بحدود عام 422 هـ لما أعلن الوزير    أبو الحزم بن جهور سقوط الدولة الأموية في الاندلس ، مما حدا بكل أمير من أمراء    الأندلس ببناء دويلة منفصلة ، وتأسيس أسرة حاكمة من أهله وذويه .في العقدين 1020، 1030 سقطت الخلافة بسبب ثورة البربر ونشوء ملوك الطوائف الذين قسموا الدولة إلى 22 دويلة، منهم غرناطة وأشبيلية والمرية وبلنسية وطليطلة وسراقسطة و البرازين والبداجوز وبلنسية ودانية والبليار ومورور. وبينما ورثت تلك الدويلات ثراء الخلافة، إلا أن عدم استقرار الحكم فيها والتناحر المستمر بين بعضها البعض جعل منهم فريسة لمسيحيي الشمال, ووصل الأمر إلى أن ملوك الطوائف كانوا يدفعون الجزية للملك ألفونسو السادس . وكانوا يستعينون به على أخوانهم دولتي المرابطين و الموحدينبسبب ضعف دول الطوائف عن الدفاع عن التراب الاندلسي ضد الهجوم الاسباني           و سقوط طليطلة في ايدي الاسبان طلب الاندلسيون المعونة من قائد المرابطين في المغرب    الامير يوسف بن تاشفين ان يهب لمساعدة الاندلس و انتهت مساعدته بهزيمة            كاسحة للاسبان في موقعة الزلاقة و استعادة بعض المدن لكنه فشل في استعادة           طليطلة و القضاء على ملوك الطوائف. و اصبحت الأندلس تابعة لدولة المرابطين في الاندلس الذين دافعو عن الاندلس            ضد الاسبان في عدة مواقع الا انهم فشلو في الدفاع عن سراقسطة بقيام الثورة               في المغرب بقيادة الموحدين . و بانهيار دولة المرابطين تحولت تبعية الاندلس إلى الموحدين الذين حملو راية الدفاع          عن الاندلس في عدة مواقع اشهرها معركة الارك و لكن جيوش الموحدين ما لبث            ان هزمت في موقعة العقاب على الرغم من ضخامتها و كبرها مما تسبب في انهيار دولة الموحدين نهائيا و مع انهيار الحكم الموحدي في الاندلس بدءت مرحلة جدية من الانهيار في الاندلس .            7- مملكة غرناطة انهيار دولة الموحدين جعل الاندلس معرضة للهجمات الاسبانية دون حماية من الانهيار فسقطت العديد من الحواضر الاندلسية الكبرى فريسة للاسبان و بدا للعيان ان انسحاب العرب من الاندلس قد اصبح وشيكا الا ان الله قيض للاندلس ابن الاحمر ليحمي ما تبقى من التراث الاندلسي في مملكة غرناطة اخر القلاع العربية الباقية في الاندلس لمدة قرنين  من الزمان .                8- بداية سقوط الأندلسظهر في أواخر عهد الموحدين ابن هود الذي سعى لتخليص الأندلس من الموحدين ، ومن النصارى أيضاَ ، وحكم قواعد شرقي الأندلس ، ودخلت في طاعته جيان وقرطبة وماردة وبطليوس ، وانتزع غرناطة من المأمون الموحدي سنة 628 هـ   وحكم ابن الأحمر قواعد أخرى في الجنوب.وخاض ابن هود مع فرديناند الثالث ملك قشتالة معركة انتهت بسقوط ماردة وبطليوس     في يد الإسبان النصارى سنة 628هـ ، و هزم مرة أخرى فسقطت أبدة عام 631هـ      ثم سار ابن هود لمحاربة خصمه ومنافسه ابن الأحمر في أحواز غرناطة فوجد النصارى الفرصة سانحة للزحف على قرطبة التي سقطت بيدهم سنة 633 هـ فكانت من أشد الضربات القاصمة .وتوفي ابن هود سنة 635 هـ وبوفاته انهارت دولته ، فسقطت بلنسية في يد النصارى    سنة 636 هـ ، ثم شاطبة ودانية ، وانضوت مرسية تحت حماية ملك قشتالة سنة 641هـ .ومع انهيار دولة ابن هود سارع محمد بن يوسف ابن الأحمر إلى غرناطة ودخلها في أواخر رمضان سنة 635هـ فغدت مقر حكمه .                        9- حصار غرناطةورأى النصارى أن ابن الأحمر أصبح منافسهم الأول بعد موت ابن هود ، فكانت معركة صغيرة سنة 636 انتصر فيها ابن الأحمر ، فاغتاظ فرديناند الثالث فأرسل ابنه ألفونسو فاستولى على حصن أرجونة ، وحاصر غرناطة سنة 642 فردهم ابن الأحمر بخسائر فادحة . ولمس ابن الأحمر تفوق النصارى عليه فهادن ملك قشتالة ورضي أن يحكم باسمه ، وأن يؤدي له الجزية سنوياً وقدرها مائة وخمسون ألف قطعة من الذهب ، وأن يعاونه في حروبه ضد أعدائه بتقديم عدد من الجند ، وأن يشهد اجتماع مجلس قشتالة النيابي ، وسلم جيان وأرجونة وغيرها رهينة لحسن طاعته . وسيطرت إسبانية بذلك على الولايات الشرقية وبقي التهام الولايات الغربية ، وفي عام 645 ضم النصارى طلبيرة وشلب والخزانة ومرشوشة والحرة ، وفتحت قرمونة بمعاونة ابن الأحمر ، وبدأ حصار أشبيلية ودام الحصار ثمانية أشهر ثم استسلمت المدينة للنصارى في 27 رمضان 646هـ ، ثم سقطت مدن أخرى تباعاً لهذا السقوط الكبير ، كل هذا بمعاونة ابن الأحمر وبدأ ابن الأحمر يواجه النصارى بعد أن رأى الخطر يحوم حوله فبدأ يخرج عن طاعتهم فغزوا أرضه عام 660هـ فردهم ، ثم شددوا الهجوم عليه بدءاً من عام 663 هـ وبدأت الهزائم تتوالى عليه فاضطر ثانية لمهادنة النصارى وتنازل لهم عن أكثر من مائة موضع معظمها غربي الأندلس ، وفي عام 668 هـ ساءت العلاقة بينه وبين النصارى فطلب ابن الأحمر العون   من دولة المرينيين حكام المغرب الأقصى ، وهنا مات ابن الأحمر وحكم ابنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف الذي كان شاعراً وفقيهاً وسمي محمد الفقيه ، ونهض أمير المرينيين أبو يوسف يعقوب المنصور المريني ابن عبد الحق لنجدة غرناطة ، وهزم النصارى في معركة قوية في 25 ربيع الأول سنة 674هـ ، ووطد لحكم بني الأحمر قرابة مدة مائتين وخمسين عاماً أخرى .ومرت سنون طويلة كانت العلاقة تسوء بين بني الأحمر وبين ملك قشتالة ومرة تهدأ الأوضاع ، وكلما ساءت العلاقة وجاءت نذر الحرب استغاث بنو الأحمر بحلفائهم بني مرين الذين كانوا يجوزون البحر في كل مرة ليغيثوا إخوانهم من مجازر النصارى ، حتى سقطت دولة بني مرين وقامت على أنقاضها دولة بين وطاس الضعيفة التي لم تكن بقوة بني مرين ولا تستطيع جواز البحر لنجدة المسلمين هناك .                      10- إتحاد فرديناند وإيزابيلاوتوحد الأسبان في مملكة واحدة بزواج فرديناند ملك أراغون بإيزابيلا وريثة عرش قشتالة ، واستقر العرش لهما ، وكانا ذوي نزعة صليبية حاقدة ، وكانت غرناطة غارقة في حرب أهلية بين أمير غرناطة أبي الحسن الملقب الغالب بالله وبين أخيه أبي عبد الله محمد المعروف بالزغل الذي طلب عون النصارى على أخيه أبي الحسن مراراً ، ثم اتفق الأخوان على الهدنة والصلح وأن يبقى أبو عبد الله بمالقة وأحوازها.وحاول أبو الحسن أن يجدد الهدنة مع قشتالة ولكن الملكين الجديدين رفضا إلا بعد دفع    جزية سنوية فرفض أبو الحسن طلبهما وزحف لقلعة الصخرة وفتح مدينة رندة .وكان أبو الحسن قد تزوج من عائشة ابنة عمه السلطان أبي عبد الله الأيسر وهي المعروفة بعائشة الحرة ، وكانت قوية الشخصية مع سمو في الروح مع رفيع القيم والمثل ، ورزقت    من أبي الحسن بولدين هما : أبو عبد الله محمد ، وأبو الحجاج يوسف ، وكان أبو الحسن قد ترك الجهاد وعشق حياة الدعة وغرق في عشق رومية نصرانية اسمها ثريا . وأصبح أبو الحسن أداة سهلة في يد زوجته ثريا التي كانت ذات دهاء وأطماع ، وتريد أن يكون ولدها يحي ولياً للعهد ، وتقدمه على أخيه الأكبر من عائشة الحرة أبي عبد الله ، وتمكنت ثريا من إقناع أبي الحسن بإقصاء عائشة وولديها حتى أقنعته باعتقالهم ، فتم ذلك في برج قمارش أمنع أبراج الحمراء ، وشدد الحجر عليهم ، وانقسم المجتمع الغرناطي إلى فريقين : فريق  يؤيد السلطان وثريا ، وفريق يؤيد الأميرة الشرعية عائشة وولديها . ولم تستسلم عائشة  الحرة فاتصلت بمؤيديها وتمكنت من الهرب من قصر الحمراء سنة 887 هـ وظهرت في وادي آش عند أنصارها .وقرر فرديناند وإيزابيلا البدء بالحرب بعد أن رأوا أن الحرب الأهلية بدأت تؤتي ثمارها، واستولوا على مكان اسمه الحامة ، الذي يمهد لهم احتلال غرناطة ومالقة معاً ، وتم لهم ذلك ، ولم يستطع أبو الحسن استردادها ، ونشبت الثورة داخل غرناطة تعاطفاً مع عائشة وولديها ففر أبو الحسن إلى مالقة عند أخيه أبي عبد الله محمد بن سعد المعروف بالزغل .وجلس أبو عبد الله محمد مكان أبيه على عرش غرناطة سنة 887 هـ ، وعمره 25 سنة ، وأراد أن يحذو حذو المجاهدين فخرج في قوات هزم بها النصارى في عدة معارك ، ولما عاد مثقلاً بالغنائم داهمه النصارى في ظاهر قلعة اللسانة ، فخسر المعركة وأسر على أثرها ، وعاد الجيش دون ملكه .  وحاولت غرناطة إعادة أبا الحسن إلى عرشه بدل ابنه الأسير ولكن الإعياء هدمه والمرض فتك به فتنازل عن العرش لأخيه محمد أبي عبد الله الزغل حاكم مالقة .عرضت أم عبد الله الصغير ووالده الذي خشي من مكر فرديناند وخبثه في التلاعب بابنه  دفع فدية كبيرة للنصارى مقابل تسليمه لهم فرفض فرديناند ، واستغل فرديناند قلة خبرة    أبي عبد الله الصغير وانعدام حزمه وضعف إرادته وطموحه للحكم ليس غير فاتخذه أداة   رائعة يوجهها كيف يشاء .  فأقنع فرديناند أبا عبد الله الصغير أن الصلح مع قشتالة خير ، فأرسل أبو عبد الله الصغير من يقنع المسلمين بذلك ، وسير فرديناند في اللحظة ذاتها ينتزع ما يمكن انتزاعه من مملكة غرناطة ، فاحتل رندة سنة 890 هـ فهددوا بذلك مالقة من الغرب ، وحاولوا احتلال حصن مكلين على مقربة من غرناطة ولكن أبا عبد الله الزغل ردهم .وفي هذه الأثناء قامت فتنة عاملها الرئيس أبو عبد الله الصغير وحزبه ، حيث دعاه حي البيازين ، فشغل أبو عبد الله الزغل بإخماد الفتنة عن مقاتلة الإسبان ، وفي أحرج المواقف  أطلق فرديناند سراح أبي عبد الله الصغير بعد أن وقعه على معاهدة أعلن بها خضوعه    وطاعته لملك قشتالة لمدة عامين ، وأن تطبق في جميع البلدان التي تدين بالطاعة لأبي          عبد الله الصغير ، وأخذ يبث أبو عبد الله الصغير دعوته في شرق الأندلس ، والحرب الأهلية في غرناطة منذ بداية سنة 891 هـ .                               11- الفتنةوفي هذه الحروب ضرب القشتاليون الحصون الإسلامية بالأنفاط أي المدافع التي بها صخور من نار فتهلك كل من نزلت عليه وتحرقه ، وحينما نشبت الثورة في حي البيازين أمدوا   فريقاً من الثوار بالرجال والأنفاط والبارود .وفي شوال 891 هـ ظهر أبو عبد الله الصغير في حي البيازين ومن حوله أنصاره وأمده فرديناند بالرجال والذخائر والمؤن ، فزادت الفتنة اضطراباً ، واستغل فرديناند الفتنة القاتلة واحتل بلش مالقة على الرغم من استبسال أهلها في الدفاع عنها بمساعدة الزغل ، فعاد الزغل منها باتجاه غرناطة ليجدها قد خضعت لأبي عبد الله الصغير وتبوأ عرشها في 5 جمادى الأولى 892 هـ ، فارتد الزغل إلى وادي آش ، وبذلك انقسمت مملكة غرناطة إلى قسمين : غرناطة وأعمالها ويحكمها أبو عبد الله الصغير ، ووادي آش وأعماله ويحكمه عمه محمد بن سعد أبو عبد الله الزغل . وهذا ماكان يسعى إليه فرديناند.وترك فرديناند أبا عبد الله الصغير الخاضع له وبدأ بالأنحاء الشرقية والجنوبية التي تخضع لعمه أبي عبد الله الزغل ، وزحف على مالقة وطوقها براً وبحرا ًفي جمادى الآخرة 892 هـ وخاف الزغل أن يسير إلى إنجادها من وادي آش أن يغدر به ابن أخيه ، فاستنجد بسلطان مصر الأشرف قايتباي ولكن مالقة سقطت في أواخر شعبان 892 هـ ونكث فرديناند بوعوده فغدر بأهل المدينة واسترقهم جميعاً .ثم سقط ثغر المنكب والمرية عام 895 ، فلم يبق ثغر واحد يصل غرناطة بالمغرب ، وتطور سير الأحداث فانضوى الزغل تحت لواء النصارى فقد رأى أنه يغالب المستحيل ، ودخل النصارى وادي آش في صفر 895 هـ، وبقي الزغل يحكم وادي آش تحت حماية ملك قشتالة ، ولم يقبل بهذا الوضع المهين فجاز البحر إلى المغرب ونزل وهران ثم استقر في تلمسان حزيناً على ضياع الأندلس .وبقيت غرناطة آخر القواعد الإسلامية وعلى عرشها أبو عبد الله الصغير تنتظر الضرب القاضية . ثم أرسل الملكان الكاثوليكيان - فرديناند وإيزابيلا - وفداً يطلبان من أبي عبد الله الصغير تسليم غرناطة فثارت نفسه لهذا الغدر والخيانة وأدرك فداحة الخطأ الذي ارتكبه في محالفة هذا الملك الغادر فرفض التسليم وقرر الدفاع .اغتاظ فرديناند وسخط وعاث في بسائط غرناطة وخرب الضياع والقرى ، وجرت ملاحم دموية على أسوار غرناطة ذاتها ، وارتحل فرديناند على أثرها ليرمم القلاع ويشحن الأبراج القريبة من غرناطة استعداداً للمعركة القادمة .ودبت روح المقاومة في غرناطة ، وثار أهل البشرات ، وفتح المسلمون بعض الحصون القريبة من غرناطة .وسار فرديناند بجيش تراوح ما بين 50-80 ألفاً ، مع مدافع وعدد ضخمة ، وذخائر وأقوات ، وعسكر على مقربة من غرناطة في 12 جمادى الآخرة سنة 896 هـ ، وأتلف القرى والحقول والزروع حتى لا تمد غرناطة بأي طعام ، وحاصر غرناطة المدينة الوحيدة المتبقية من ملك تليد .                          12- القائد موسى بن غسان وكان دفاع غرناطة من أمجد ما عرف في تاريخ المدن المحصورة ، ولم يكن هذا الدفاع قاصراً على تحمل ويلات الحصار على مدى أشهر ، بل كان يتعداه إلى ضروب رائعة من الإقدام والبسالة ، فقد خرج المسلمون خلال الحصار لقتال العدو المحاصر مراراً عديدة ، يهاجمونه ويثخنونه في مواقعه ، ويفسدون عليه خططه وتدابيره .وقرر فارس عربي شجاع المقاومة والجهاد إلى آخر رمق وهو موسى بن أبي غسان ، ومن أقواله : ليعلم ملك النصارى أن العربي قد ولد للجواد والرمح ، فإذا طمح إلى سيوفنا فليكسبها ، وليكسبها غالية ، أما أنا فخير لي قبر تحت أنقاض غرناطة في المكان الذي أموت فيه مدافعاً عنه ، من أفخر قصور نغنمها بالخضوع لأعداء الدين .وتولى موسى قيادة الفرسان المسلمين ، يعاونه نعيم بن رضوان ومحمد بن زائدة ، وتولى آل الثغري حراسة الأسوار ، وتولى زعماء القصبة والحمراء حماية الحصون .وقطعت غرناطة عما حولها تماماً باستثناء طريق البشرات الجنوبية من ناحية جبل شلير فجلبت منها بعض الأقوات والمؤن الضرورية ، وحل الشتاء وقلت المؤن والذخائر ، ودخل الوزير المسؤول عن غرناطة أبو القاسم عبد الملك مجلس أبي عبد الله الصغير وقال : إن المؤن الباقية لا تكفي إلا لأمد قصير ، وإن اليأس قد دبّ إلى قلوب الجند والعامة ، والدفاع عبث لا يجدي ولكن موسى بن أبي غسان قرر الدفاع ما أمكن ، فقال للفرسان : لم يبق لنا سوى الأرض التي نقف عليها ، فإذا فقدناها فقدنا الاسم والوطن .وزحف فرديناند على أسوار المدينة المحاصرة ، فخرج المسلمون إلى لقائه ، وكان القتال رائعاً ، ولكن مشاة المسلمين لم يصمدوا ، فأوصد المسلمون أبواب غرناطة ، وامتنعوا خلف أسوارها يلاقون قدر تمزقهم .استمر الحصار سبعة أشهر ، واشتد الجوع والحرمان والمرض ، و أعيد تقويم الموقف في بهو الحمراء فأقر الملأ التسليم إلا موسى بن أبي غسان الذي قال بحزم : لم تنضب كل مواردنا   بعد .. ولنقاتل العدو حتى آخر نسمة ، وإنه لخير لي أن أحصى بين الذي ماتوا دفاعاً عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها . وكانت هذه الكلمات تخاطب يائسين قرروا المفاوضة والتسليم .وكلّف بهذه المهمة الوزير أبو القاسم عبد الملك في أواخر سنة 896 هـ فاوض الوزير أبو القاسم فرناندو دي فافرا وجونز الفودي كردوفا ، فوضعوا معاهدة وافق عليها أبو عبد الله الصغير وفرديناند في 21 المحرم 798 هـ ، واشترط المسلمون أن يوافق البابا على الالتزام والوفاء بالشرط إذا مكنوا النصارى من حمراء غرناطة والمعاقل والحصون ويحلف على عادة النصارى في العهود .       13 – خداع النصارى لمسلمى الأندلسوفي ثاني ربيع الأول من السنة نفسها استولى النصارى على الحمراء ودخلوها بعد أن  استوثقوا من أهل غرناطة بنحو خمسمائة من الأعيان رهناً خوفاً من الغدر ، وكانت الشروط سبعاً وستين ، منها :- تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال . - إبقاء الناس في  أماكنهم ودورهم ورباعهم وعقارهم . -  إقامة شريعتهم على ما كانت .- لا يحكم  على أحد منهم إلا بشريعتهم . -أن تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كذلك .- أن لا يدخل النصارى دار مسلم .- لا يغصبوا أحداً . -أن لا يولى على المسلمين نصراني ولا يهودي ممن يتولى عليهم من قِبل سلطانهم قَبل .- أن يفك جميع من أسر في غرناطة من حيث كانوا . -أن لا يقهر من أسلم على الرجوع للنصارى ودينهم ويسير المسلم في بلاد النصارى آمناً في نفسه وماله .- لا يمنع مؤذن و لا مصل ولا صائم ولا غيره من أمور دينه .                             إقتداء النصارى بإبليسنعلم نحن المسلمين أن إبليس اللعين حاول جاهدا مرارا وتكرارا أن يخدع آدم عليه السلام وزوجته السيدة حواء  ليأكلا من الشجرة التى نهاهما الحق سبحانه وتعالى عنها إلا أنه فشل فشلا زريعا ؛ فلما ضاق بهما زرعا ورآى أنهما يؤمنان بالله جل وعلا وليس لديهما استعداد ان يخالفا له جل وعلا أمرا ؛ فلم يجد بدا إلا أن يدخل لهما من هذه الناحيه فأقسم لهما بالله  انه لهما لمن الناصحين , وكان آدم عليه السلام والسيدة حواء لا يظنان ولو مجرد الظن ان أحدا يقسم بالله جل وعلا كذبا والعجيب ان النصارى اقتدوا بابليس  . لأنه لما أنس فرديناند وإيزابيلا ريب المسلمين وتوجسهم من عدم إخلاص النصارى في عهودهم أعلنا في يوم 29 نوفمبر مع قسم رسمي بالله أن جميع المسلمين سيكون لهم مطلق الحرية في العمل في أراضيهم ، أو حيث شاؤوا ، وأن يحتفظوا بشعائر دينهم ومساجدهم كما كانوا ، وأن يسمح لمن شاء منهم بالهجرة إلى المغرب .وأما فارس الأندلس موسى بن أبي غسان فرفض وقال للزعماء حينما اجتمعوا ليوقعوا على قرار التسليم : اتركوا العويل للنساء والأطفال ، فنحن رجال لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع ، ولكن لتقطر الدماء ، وإني لأرى روح الشعب قد خبت حتى ليستحيل علينا أن ننقذ غرناطة ، وسوف تحتضن أمنا الغبراء أبناءها أحراراً من أغلال الفاتح وعسفه ، ولئن لم يظفر أحدنا بقبر يستر رفاته فإنه لن يعدم سماء تغطيه ، وحاشا لله أن يقال إن أشراف غرناطة خافوا أن يموتوا دفاعا ًعنها .وساد سكون الموت في ردهة قصر الحمراء ، واليأس ماثل في الوجوه ، عندئذ صاح أبو عبد الله الصغير : الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله ، و لاراد لقضاء الله ، تالله لقد كتب لي أن أكون شقياً ، وأن يذهب الملك على يديّ .ونهض موسى وصاح : لا تخدعوا أنفسكم ، ولا تظنوا أن النصارى سيوفون بعهدهم ، ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم ، إن الموت أقل ما نخشى ، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها ، وتدنيس مساجدها ، وتخريب بيوتنا ، وهتك نسائنا وبناتنا ، وأمامنا الجور الفاحش ، والتعصب الوحشي ، والسياط والأغلال ، وأمامنا السجون والأنطاق والمحارق ، هذا ما سوف نعاني من مصائب الموت الشريف ، أما أنا فوالله لن أراه .ثم غادر غرناطة واخترق بهو الأسود عابساً حزيناً ، فوصل داره ، ولبس سلاحه ، وسار على جواده مخترقاً شوارع غرناطة ، وعلى ضفة نهر شنيل قابل موسى سرية من الفرسان النصارى تبلغ نحو الخمسة عشر ، فطلبوا إليه أن يقف ، وأن يعرف بنفسه ، فلم يجب ، بل وثب إلى وسطهم وانقض يثخن فيهم طعاناً ، وكانت ضرباته قاتلة ، حتى أفنى معظمهم ، غير أنه أصيب في النهاية بجرح أسقطه عن جواده ، ولكنه ركع على ركبتيه واستل خنجره وأخذ يجاهد عن نفسه ، فلما رأى أن قواه قد نضبت ولم يرد أن يقع أسيراً في يد خصومه ارتد إلى الوراء بوثبة أخيرة فسقط في مياه نهر شنيل فدفعه سلاحه الثقيل إلى الأعماق .وفي يوم 20 ديسمبر أرسل أبو عبد الله الصغير وزيره يوسف بن كماشة إلى فرديناند مع رهائن من الأعيان ووجوه القوم مع بعض الهدايا ، واتفق مع ملك قشتالة على تسليم المدينة في الثاني من ربيع الأول سنة 897 هـ ، وأرسل فرديناند المطران مندوسا ليحتل قصر الحمراء وليمهد الطريق لمقدم الموكب الملكي ، وما كاد النصارى يجوزون إلى داخل القصر حتى رفعوا فوق برجه الأعلى صليباً فضياً كبيراً ، وأعلن من فوق البرج أن غرناطة أصبحت ملكاً للملكين الكاثوليكيين  . ودخل فرديناند وإيزابيلا قصر الحمراء مع فرقة رهبان ترتل .وهكذا انتهت آخر الحواضر الإسلامية في إسبانية ، أما أبو عبد الله الصغير فقد خرج وأسرته ليستقروا في البشرات حاكماً باسم فرديناند وتحت حمايته ، وغادر غرف القصر وأبهاءه وهو يحتبس الزفرات في صدره ، وسار بركب حزين ، وعلى ضفة نهر شنيل التقى مع فرديناند وقدم إليه أبو عبد الله مفاتيح الحمراء قائلاً : إن هذه المفاتيح هي الأثر الأخير لدولة العرب في إسبانية ، ولقد أصبحت أيها الملك سيد تراثنا وديارنا وأشخاصنا ، وهكذا قضى الله ، فكن في ظفرك رحيماً عادلاً .ثم سار مع فرديناند حيث إيزابيلا فقدم الطاعة والتحيات ، واتجه إلى طريق البشرات ، وفي شعب ( بل البذول أو بادول ) أشرف على غرناطة فأجهش بالبكاء فصاحت به أمه عائشة الحرة : أجل ، فلتبك كالنساء ملكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال .وبعد شهور من مصرع غرناطة غادر أبو عبد الله الصغير إلى المغرب مع أسرته وأمواله ونزل مدينة مليلة ، ثم استقر في فاس ، في دولة بني وطاس، بعد أن عجّل بوقوع مأساة غرناطة بالجنوح إلى الدعة والخمول والحرب الأهلية ، وترك شؤون الدفاع والعدو من ورائه متربص متوثب يرقب الفرص .أما النصارى فقد نقضوا العهود ومنعوا المسلمين من النطق بالعربية في الأندلس ، وفرضوا إجلاء العرب الموجودين فيها ، وحرق من بقي منهم ، وأمر الكردينال (كمينس ) بجمع كل ما يستطاع جمعه من الكتب العربية وأحرقها .وأجبر المسلمون على اعتناق النصرانية ، ولما قاوموا التنصير وأبوه اعتبروا ثواراً متصلين بالمغرب والقاهرة ، وبدأ القتل فيهم ، فثاروا بالفعل في غرناطة والبيازين والبشرات ، فمزقوا بلا رأفة .وفي 20 يوليه 1501 أصدر الملكان فرديناند وإيزابيلا أمراً خلاصته : إنه لما كان الله قد اختارهما لتطهير مملكة غرناطة من الكفرة فإنه يحظر وجود المسلمين فيها .. ويعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال . فهاجرت جموع المسلمين إلى المغرب ناجية بدينها ومن بقي من المسلمين أخفى إسلامه وأظهر تنصره فبدأت محاكم التفتيش نشاطها الوحشي المروع .                 14 – تعذيب النصارى للمسلمين بلا رحمةوبعد سقوط غرناطة –آخر قلاع المسلمين في إسبانيا- سنة (897 هـ=1492م)،       كان ذلك نذيرًا بسقوط صرح الأمة الأندلسية الديني والاجتماعي، وتبدد تراثها الفكري والأدبي، وكانت مأساة المسلمين هناك من أفظع مآسي التاريخ؛ حيث شهدت تلك الفترة أعمالاً بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التحقيق (التفتيش)؛ لتطهير أسبانيا من آثار الإسلام والمسلمين، وإبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان. وهاجر كثير من مسلمي الأندلس إلى الشمال الإفريقي بعد سقوط مملكتهم؛ فراراً بدينهم  وحريتهم من اضطهاد النصارىالأسبان لهم . وعادت أسبانيا إلى دينها القديم، أما من بقي من المسلمين فقد أجبر على التنصر أو الرحيل، وأفضت هذه الروح النصرانية المتعصبة إلى مطاردة وظلم وترويع المسلمين العزل، انتهى بتنفيذ حكم الإعدام ضد أمة ودين على أرض أسبانيا ونشط ديوان التحقيق أو الديوان المقدس الذي يدعمه العرش والكنيسة في ارتكاب الفظائع ضد الموريسكيين (المسلمين المتنصرين)، وصدرت عشرات القرارات التي تحول بين هؤلاء المسلمين ودينهم ولغتهم وعاداتهم وثقافتهم، فقد أحرق الكردينال "خمينيث" عشرات الآلاف من كتب الدين والشريعة الإسلامية،وصدق الحق حين قال ( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء................ وصدر أمر ملكي يوم (22 ربيع أول 917 هـ/20 يونيو 1511) يلزم جميع السكان الذي تنصروا حديثًا أن يسلموا سائر الكتب العربية التي لديهم، ثم تتابعت المراسيم   والأوامر الملكية التي منعت التخاطب باللغة العربية وانتهت بفرض التنصير الإجباري على المسلمين، فحمل التعلق بالأرض وخوف الفقر كثيرًا من المسلمين على قبول التنصر ملاذًا للنجاة، ورأى آخرون أن الموت خير ألف مرة من أن يصبح الوطن العزيز مهدًا  للكفر، وفر آخرون بدينهم، وكتبت نهايات متعددة لمأساة واحدة هي رحيل الإسلام عن الأندلس. وإليك عزيزى القارئ صورة قامت بها محاكم التفتيش ضد الدستور الأعلى للمسلمين وهو القرآن الكريم ليدل على أنهم يعلمون علم اليقين بأن القرآن هوالمنهج الأسمى والأرقى  ولكنهم يبغونها عوجا ويصرون على العيش والبقاء فى ظلمات لتوافق ظلمات أنفسهم وعقولهم فهم يخشون من النور الذى يفضح خباياهم  ويظهر عيوبهم  .ولترى عزيزى القارئ بعينيك مدى السعادة والغبطة فى عيونهم وهم يحرقون المصاحف ( قاتلهم الله ) والعجيب لا ندرى لماذا يكنون كل هذا الحقد لنا ولكتابنا القرآن الكريم      رغم أنه ما عاملهم أحد بالحسنى إلا المسلمين فاليهود كثيرا ما ساموهم سؤء العذاب  والتاريخ يشهد بذلك . فهذه صورة للوحة زيتية قديمة تظهر إحراق المصاحف والكتب الإسلامية من قبل أعضاء محاكم التفتيش في أسبانيا                        15 - محاكم التفتيش توفي فرناندو الخامس ملك إسبانيا في (17 ذي الحجة 921 هـ=23 يناير 1516م) وأوصى حفيده شارل الخامس بحماية الكاثوليكية والكنيسة واختيار المحققين ذوي الضمائر الذين يخشون الله لكي يعملوا في عدل وحزم لخدمة الله، وتوطيد الدين الكاثوليكي، كما يجب أن يسحقوا طائفة محمد! وقد لبث "فرناندو" زهاء عشرين عامًا بعد سقوط الأندلس ينزل العذاب والاضطهاد بمن بقي من المسلمين في أسبانيا. وكانت أداته في ذلك محاكم التحقيق التي أنشئت بمرسوم بابوي صدر في (رمضان 888 هـ= أكتوبر 1483م) وعين القس "توماس دي تركيمادا" محققًا عامًا لها ووضع دستورًا لهذه المحاكم الجديدة وعددًا من اللوائح والقرارات .وقد مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب، وقلما أصدرت هذه المحاكم حكمًا بالبراءة، بل كان الموت والتعذيب الوحشي هو نصيب وقسمة ضحاياها، حتى إن بعض ضحاياها كان ينفذ  فيه حكم الحرق في احتفال يشهده الملك والأحبار، وكانت احتفالات الحرق جماعية،تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات، وكان يمتدح الأحبار المحققين كلما نظمت حفلة منها .وبث هذا الديوان منذ قيامه جوًا من الرهبة والخوف في قلوب الناس، فعمد بعض هؤلاء الموريسكيين إلى الفرار، أما الباقي فأبت الكنيسة الكاثوليكية أن تؤمن بإخلاصهم لدينهم الذي أجبروا على اعتناقه ؛ لأنها لم تقتنع بتنصير المسلمين الظاهري، بل كانت ترمي  إلى إبادتهم . وإليك عزيزى القارئ صورة أخرى لما كان يقوم به الأسبان من إحراق جماعى  وإبادة جماعية للمسلمين حتى بعدما قاموا بتنصيرهم .  
وليس هذا فحسب بل إنهم كانوا يقيمون الإحتفالات لحرق المسلمين والمحزن أنها بأمر من البابوات . ونقول محزن لأن البابوات ينبغى أن يكونوا أكثر رحمة ورقة من غيرهم فهم يزعمون أنهم خلفاء المسيح عليه السلام الذى دعا إلى الرحمة والتسامح ألم يقولوا أنه عليه السلام قال : من لطمك على خدك الأيمن فادر له خدك الايسر ؟  فاين الرحمة والشفقة اذن ؟
 
صورة لبعض اللوحات الزيتية لبعض حفلات إحراق المسلمين في الأندلس من قبل محاكم التفتيش 16 - شارل الخامس والتنصير الإجباري تنفس الموريسكيون(المسلمون المنصرون قسراً) الصعداء بعد موت فرناندو وهبت عليهم رياح جديدة من الأمل، ورجوا أن يكون عهد "شارل الخامس" خيرًا من سابقه، وأبدى الملك الجديد –في البداية- شيئًا من اللين والتسامح نحو المسلمين والموريسكيين، وجنحت محاكم التحقيق إلى نوع من الإعتدال في مطاردتهم، وكفت عن التعرض لهم بسبب توسط النبلاء والسادة الذين يعمل المسلمون في ضياعهم. ولكن هذه السياسة المعتدلة لم تدم سوى بضعة أعوام، وعادت العناصر الرجعية المتعصبة    في البلاط وفي الكنيسة، فغلبت كلمتها، وصدر مرسوم بابوى في (16 جمادى الأولى 931 هـ=12 مارس 1524م) يحتم تنصير كل مسلم بقي على دينه، وإخراج كل من أبى النصرانية من إسبانيا، وأن يعاقب كل مسلم أبى التنصر أو الخروج في المهلة الممنوحة     بالرق مدى الحياة، وأن تحول جميع المساجد الباقية إلى كنائس .ولما رأى الموريسكيون هذا التطرف من الدولة الإسبانية، استغاثوا بالإمبراطور شارل الخامس، وبعثوا وفداً منهم إلى مدريد ليشرح له مظالمهم، فندب شارل محكمة كبرى من النواب والأحبار والقادة وقضاة التحقيق، برئاسة المحقق العام لتنظر في شكوى المسلمين، ولتقرر ما إذا كان التنصير الذي وقع على المسلمين بالإكراه، يعتبر صحيحًا ملزمًا، بمعنى أنه يحتم  عقاب المخالف بالموت .وقد أصدرت المحكمة قرارها بعد مناقشات طويلة، بأن التنصير الذي وقع على المسلمين صحيح لا تشوبه شائبة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين سارعوا بقبوله اتقاء لما هو شر منه، فكانوا بذلك أحراراً في قبوله. وعلى أثر ذلك صدر أمر ملكي بأن يرغم سائر المسلمين الذين تنصروا كرهًا على البقاء في أسبانيا، باعتبارهم نصارى، وأن ينصر كل أولادهم، فإذا ارتدوا عن النصرانية، قضى عليهم بالموت أو المصادرة، وقضى الأمر في الوقت نفسه، بأن تحول جميع المساجد الباقية في الحالة  إلى كنائس .وكأن قدر هؤلاء المسلمين أن يعيشوا في تلك الأيام الرهيبة التي ساد فيها إرهاب محاكم التحقيق، وكانت لوائح الممنوعات ترد تباعًا، وحوت أوامر غريبة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظرالإستحمام والإغتسال، وحظر ارتداء الملابس العربية. ولما وجدت محكمة تفتيش غرناطة بعض المخالفات لهذه اللوائح، عمدت إلى إثبات تهديدها بالفعل، وأحرقت اثنين من المخالفين في (شوال 936هـ/مايو 1529م) في احتفال ديني. وإليك صورة مما قام به البابوات من إحراق المسلمين بناء على أوامر محاكم التفتيش وتحت سمع وبصر الكنيسة وهنا نذكر ماقالوه فى انجيل متى زاعمين انه على لسان المسيح والان ظهر لنا جليا انه من زعمهم هم لانهم قالوا فيه " اتظنون انى جئت لالقى سلاما بل جئت لألقى نارا 


 صورة للوحة زيتية قديمة تظهر إحراق مسلمين في أثناء حفل ديني17   – وشهد شاهد من أهلهاوبعد مرور أربعة قرون على سقوط الأندلس، أرسل نابليون حملته إلى أسبانيا وأصدر مرسوماً سنة 1808 م بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الأسبانية.                 ولنستمع إلى هذه القصة التي يرويها لنا أحد ضباط الجيش الفرنسي الذي دخل إلى إسبانيا بعد الثورة الفرنسية ( كتب (الكولونيل ليموتسكي) أحد ضباط الحملة الفرنسية في إسبانيا قال: " كنت سنة 1809 ملحقاً بالجيش الفرنسي الذي يقاتل في إسبانيا وكانت فرقتي بين فرق الجيش الذي احتل (مدريد العاصمة )  وكان الإمبراطور نابيلون أصدر مرسوماً سنة 1808 بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الإسبانية غير أن هذا الأمر أهمل العمل به للحالة والإضطرابات السياسية التي سادت وقتئذ وصمم الرهبان الجزوبت أصحاب الديوان الملغى على قتل وتعذيب كل فرنسي يقع في أيديهم انتقاماً من القرار الصادر وإلقاءً للرعب في قلوب الفرنسيين حتى يضطروا إلى إخلاء البلاد فيخلوا لهم الجو.وبينما أسير في إحدى الليالي أجتاز شارعاً يقل المرور فيه من شوارع مدريد إذ باثنين مسلحين قد هجما عليّ يبغيان قتلي فدافعت عن حياتي دفاعاً شديداً ولم ينجني من القتل إلا قدوم سرية من جيشنا مكلفة بالتطواف في المدينة وهي كوكبة من الفرسان تحمل المصابيح  وتبيت الليل ساهرة على حفظ النظام .فما أن شاهدها القاتلان حتى لاذا بالهرب. وتبين من ملابسهما أنهما من جنود ديوان التفتيش فأسرعت إلى (المارشال سولت) الحاكم العسكري لمدريد وقصصت عليه النبأ وقال لا شك بأن من يقتل من جنودنا كل ليلة إنما هو من صنع أولئك الأشرار لا بد من معاقبتهم وتنفيذ قرار الإمبراطور بحل ديوانهم والآن خذ معك ألف جندي وأربع مدافع وهاجم دير الديوان واقبض على هؤلاء الرهبان الأبالسة  " وحدث إطلاق نار من اليسوعيين حتى دخلوا عنوة ثم يتابع قائلاً " أصدرتُ الأمر لجنودي بالقبض على أولئك القساوسة جميعاً وعلى جنودهم الحراس توطئة لتقديمهم إلى مجلس عسكري ثم أخذنا نبحث بين قاعات وكراس هزازة وسجاجيد فارسية وصور ومكاتب كبيرة وقد صنعت أرض هذه الغرفة من الخشب المصقول المدهون بالشمع وكان شذى العطر يعبق أرجاء الغرف فتبدو الساحة كلها أشبه بأبهاء القصور الفخمة التي لا يسكنها إلا ملوك قصروا حياتهم على الترف واللهو، وعلمنا بعد أنَّ تلك الروائح المعطرة تنبعث من شمع يوقد أمام صور الرهبان ويظهر أن هذا الشمع قد خلط به ماء الورد " وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا   الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئاً يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج  من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهماً باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن "دي ليل" استمهلني قائلاً: ( أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتىالآن ؟ . قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئاً مريباً. فماذا تريد يا لفتنانت؟!.. قال :إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السرتحتها عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة – وكنا نرقب الماء – فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه. وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب   رئيس الدير  أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان،  وعلتها الغبرة .وفُتح الباب،فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها  على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت  بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفاً، وقال لي: يابني: لا تحمل هذه  الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة .قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟!.  وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتـقزز طوال حياتي.               ورأينا غرفاً صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممداً بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجيوقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية مازالت في أغلالها كان السجناء رجالاً ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم ، وهم في الرمق الأخير من الحياة .وكان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعاً عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء أخرجنا السجناء إلى النور تدريجياً حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحاً، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهداً يبكي الصخور. 

وهذه واحدةمن الصور التى التقطها 
  صور للوحات زيتية قديمة تظهر عمليات التعذيب البشعة التي تعرض لها المسلمون من قبل محاكم التفتيش في الأندلس وهذا تابوت السيدة الجميلة وهو عبارة عن آلة أخرى للتعذيب وهى على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادةكانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إرباً إرباً.                    وهذه صورة للوحة قديمة تبين عملية تعذيب أعضاء ديوان التفتيش لضحاياهم حتى الموت              صورة للوحة قديمة تبين أحد عمليات التعذيب التي كان يتعرض لها المسلمون وذلك بإجبارهم على شرب كميات كبيرة من الماء حتى تنفجر معدتهم ليموتوا  
  

  صورة للوحة قديمة تبين أحد عملية تعذيب لأحد النساء المسلمات في الأندلسثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم.  هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين، ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت صورة لكرسي حديدي له مسامير حادة لتعذيب الضحية حتى الموت كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم. وصل الخبر إلى مدريد فهب الألوف ليروا وسائل التعذيب فأمسكوا برئيس اليسوعيين ووضعوه في آلة تكسير العظام فدقت عظامه دقاً وسحقها سحقاً وأمسكوا كاتم سره وزفوه إلى السيدة الجميلة وأطبقوا عليه الأبواب فمزقته السكاكين شر ممزق ثم أخرجوا الجثتين وفعلوا بسائر العصابة وبقية الرهبان كذلك. ولم تمض نصف ساعة حتى قضى الشعب على حياة ثلاثة عشر راهباً ثم أخذ ينهب ما بالدير.زززززززززز

























                    الباب الرابع عشر               الصهاينة ومذابح فلسطين                    أولا : فماأصل اسم فلسطين ؟تمهيد :-برجع المؤرخون أن كلمة فلسطين إلى رأيين الأول :- حاول الغرب أن يدسونه بين السطور كعادتهم وهم يلبسون الحق بالباطل ليلبسوا على الناس الامور  فقالوا عن الفلسطينين: 1- أنهم أناس قدموا من جزيره ( ببحر أيجه ) والمقصود هنا البحر المتوسط و الجزيره ( قبرص )  وقالوا أن اسم القبائل كان ( البالست )  و عربت إلى أن اصبحت ( الفالسط) وقام بطرح هذا الإحتمال مؤرخون من أصول صهيونية وأميركية وأوروبية ولذا يجب الحذر من مثل هذه الإقتراحات .أما الرأى الثانى :- والذى قدمه المؤرخون العرب عن الفلسطينين فقالوا:2- أنهم عرب من شبه الجزيره العربيه إسمهم قبائل الفلسطر و قد سموا بهذا الإسم لأنهم   أول من استخدم النقد بالتبادل التجاري ( أي الفلس و منه الفلوس) وبعدها اكتشفو خصوبة التربه بالأرض التي استقروا فيها فعملوا بالزراعه فتمت تسميتهم بالفلسطينين اي فلس (النقد) و الطين( الزراعه) فلسطين. مما يدل على براعتهم فقد كانوا تجاريين  وحتى لا يستغلهم احد قاموا هم بزراعة الأرض حتى يكونوا هم المتحكمون فى المصدر والسوق .               ثانيا : أهمية القدس وفضلها:-أما القدس ..زهرة المدائن ومهبط الأنبياء فيها المسجد الأقصى أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي الكريم صلي الله عليه وسلم فهي قلب العالم الإسلامي من أجلها خاضوا الحروب والغمار ومن أجل سلامتها تدفقت الدماء ومن أجل تحريرها من دنس الغاصبين قدمت الأرواح فداء الله .واليوم القدس تتعرض لمحنة عبر المفاوضات فالجانب الإسرائيلي المتغطرس يريد ابتلاع    القدس وتهويد المدينة المقدسة والجانب الفلسطيني يرفض علي استحياء مع أن الكل يعلم     أن اليهود لا يجدى معهم سلام ولا يفيد معهم مفاوضات فالقدس لن تعود إلا من خلال الجهاد في سبيل الله وفي محاولة منا لتعريف الأجيال المسلمة أهمية القدس وفضلها كانت    تلك الكلمات عن تاريخ القدس وفضل المسجد الأقصى فالقدس تعريفه في اللغة:            هو البيت المنزه، أو المطهر. وقيل : الأرض المباركة. انظر معجم البلدان 5/166ولقد سكنت القبائل العربية بيت المقدس منذ عهد بعيد فقد استوطنها العموريون والأراميون والكنعانيون وكان اسمها آنذاك ( يبوس )نسبة لليبوسيين وهم بطن من بطون العرب  ثم اطلق عليه بعد ذلك اسم " يور سالم "  الذى تطور الى "  أور شاليم  " ثم استوطنها الأشوريون والبابليون  ثم الفرس فالإغريق فالرومان الذين اطلقوا عليها " إيلياء " إلى أن فتحها المسلمون فى عهد عمر بن الخطاب عام 15 هجرية وبقيت فى أيدى المسلمين إلى أن احتلها الصليبيون   عام 492 هجرية وبقى القدس اسير الصليبين الى ان اسنعيدت الى المسلمين على يد صلاح الدين الأيوبى بعد حطين عام 535 هجرية والى الان وهى تتعرض للاحتلال بين الحين والاخر وكأنها الترمومتر لايمان المسلمين فحين تضعف شوكة المسلمين يقتنصها اليهود منهم وحين تقوى عزيمة المسلمين ويتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم يعيدوها وينعموا بالصلاة فيها فقد تسلمها الفاروق عمر بن الخطاب وحررها فيما بعد الناصر صلاح الدين فمن لها الان ؟              ثالثا: بناء المسجد الأقصى    عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً ؟    قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما ؟       قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصلِّ، فإن الفضل فيه . ومن المعلوم أن الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم عليه السلام. وعليه فإن المسجد الأقصى      لا يُدرى من بناه، وأنّ سليمان جدّد بناءه كما جدد ابراهيم عليه السلام بناء الكعبة  ولم يثبت عن النبي شيء في تعيين بنائه.و من فضائل المسجد الأقصى : أن النبي صلى الله عليه وسلم  أسري به إليه ، وعُرج به    منه إلى السماء قال تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )وأنه في أرض مباركة قال تعالى عنها  : ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين . وفي مسند أحمد 6/463 وسنن ابن ماجه 1/429 عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال : أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه .. وهو أولى القبلتين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه في بداية فرض الصلاة،    ثم أمر بالتحول إلى الكعبة.             رابعا :كلمة حق من أجل فلسطين:عزيزى القارئ اقتطفت لك مقالين كتبهما محبون لله جل وعلا ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولدينه كما أنهما مثل كل المسلمين غيورين على أوطان  المسلمين فهيا نقرأهما سويا لعل الله جل وعلا ينفعنا بما فيهما أو لعلهما يحركان مشاعرنا تجاه الأرض المقدسة  اذكرهما بتصريف يسير فالأول يقول :أحبائى الكرام أيهيج نفوسكم ويؤلمكم حبيب يعرض عنكم ؟ أو ليلة وصال منه تخسرونها ؟   أو ابتسامة يحجب عنكم نورها ؟ ولا يؤلمكم أمة في فلسطين تضيع بقضها وقضيضها،   يهاجمها في عقر دارها أذل شعب وأخسه وأهونه على الله والتاريخ يستلب بالثمن الغالي أرضها؟! ألا يؤلمكم أن تصبحوا يوماً فتجدوا أن فلسطين صارت لغيركم وأنكم صرتم    غرباء في أرضكم أو تائهين مشردين في أرض الناس؟!فبما أن الأدب هو محرك الشعوب، ومثير الهمم، وباعث العزائم، وبما أن الأدب يوقظ   النائم، وينبه الغافل، فأين أنتم يا أدباء العرب من قضية فلسطين؟ إن خطبة طارق بن زياد  فتحت الأندلس،  فأين القصائد الفلسطينيات؟ أين الأقلام الحرة المؤمنة التي يتطوع    أصحابها ليكونوا جنودا  في معركة فلسطين: تصف نكبة فلسطين وتحرك الدنيا لنصرة فلسطين، بل تهزّ قبل ذلك  أهل فلسطين وجيران فلسطين؟لينظم الشعراء القصائد في نكبة فلسطين ولينشد المنشدون بشعر فلسطين ولتؤلف اللجان  في كل بلد عربي في كل بلد مسلم لإنقاذ فلسطين. لم تأتِ الآن معركة الدم والحديد، فلنحارب بالمال لنرد عدوان اليهود بالفكر السديد، بالخطط المدروسة، بالاتحاد وقبل هذا كله وبعد ذلك كله بالعودة إلى الله لأن العدو مهما كبر ومهما كبر من يعينه وينصره فالله أكبر فمن كان مع الله لم يخف أحداً. ونقول إن فلسطين أمانة في عنق كل عربي عقيدة   في  كل قلب مسلم، فأنقذوها أنقذوا المسجد الأقصى مسرى نبيكم، قبلتكم الأولى  أما المقال الثانى فيقول :-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما راع في غنمه عدا الذئب، فأخذ منه شاة، فطلبه الراعي، فالتفت إليه الذئب، فقال: من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري.... رواه الشيخان. إن ما يفعله إخوان القردة والخنازير اليوم في ربوع فلسطين وعلى الأخص في غزة من    مذابح مفتوحة, ودماء على أشدها مسفوحة لأكبر دليل على أننا نعيش زمان رعى فيه  الذئاب القطعان, فلا حامي للحمى مهاب ولا راع يخاف له جناب. حكام تركوا شريعة   ربهم وباعوا الأمانة التي وضعها الله في أعناقهم, وشعوب تهتم بمباريات الكرة وأحوال المهرجين أكثر مما تهتم بدماء أبنائها . " فإنا لله وإنا إليه راجعون."نداء للشعوب :-إن تجرؤ اليهود اليوم وعدم قيام الأمة بحق النصرة تجاه أبناء غزة وعموم فلسطين لهو الخزي الحقيقي والعار الذي يذكره التاريخ في صفحاته لهذا الجيل .ولا أظنه يمحى إلا بممحاة اليقظة من الرقاد والعودة إلى الجهاد.إن اليهود لا يؤمنون إلا بمنهج القوة والمادة وفقط, وإلا فقد عابوا الذات الإلهية وحاربوا أولياء الرحمن على مر العصور, فلا يرهبهم إلا السيف ولا يردعهم إلا الحديد أما سلام الضعاف وخنوع اللئام, فلم يعد يستساغ حتى لدى الأغبياء.فحكام الأمة الإسلامية اليوم أمام اختبار شديد سقط معه كل ورق التوت فلم يعد بعد ما يستر عوراتهم إلا العودة إلى منهج الرحمن ومصالحة الشعوب وإعلان الجهاد, على الشعوب أن تبادر وتهب وتستيقظ فلا تنام وتطالب بالجهاد لردع يهود وحقن هذه الدماء الطاهرة.على الشعوب الإسلامية أن تعلنها مدوية مطالبة بتطبيق الشرع المطهر ورفع راية الإسلام, وأن تصم آذانها عن كلام المنافقين الذين يخوفونها من شريعة السماء تحت دعاوى حرية الرأي والإباحية وغيرها مما يسفر عنه مرض قلوبهم ليل نهار.وليعلم الجميع أن الإسلام هو المنقذ الوحيد للأمة اليوم والمنتشل لها مما هي فيه من غم.فإن من يحارب الشريعة اليوم من داخل الأمة ما هو إلا بوق للأعداء لا يعدو كونه بوق لصرف الأمة عن تحكيم الشرع ومن ثم رفع راية الإسلام والجهاد تحت لوائه ومحاسبة كل متطاول على دماء المسلمين ونبيهم وشريعتهم وثرواتهم.إن تخلية الأمة اليوم من أمراضها أصبح واجبًا ملحًا وإن استئصال المرض أصبح ضرورة لا يخالجها ريب وأول من يجب أن تنظف منه الأمة هم الصفوة الخائنة من حكام باعوا دينهم بدنياهم ونهبوا ثروات شعوبهم ومعهم حشود من المنافقين والملأ الذين ارتضوا لأنفسهم  أن يكونوا بمثابة النخاسين الذين باعوا أعرض أمتهم بثمن بخس فشوهوا عقائد الناشئة  وأبعدوا أهل الحق عن صدارة الأمة وإعلامها وطاردوهم.كما ينبغي أن تتماشي هذه التخلية مع تخلية لقلوب الأمة من الشركيات والبدع بالعودة الحقة لمنهج السماء والارتماء في أحضان العلماء.أما التحلية وهي الجانب المكمل, فتكون باستبدال الخونة بنخب صالحة فاعلة محبة        لدينها ولأوطانها ومعها تحلية القلوب بالإيمان المبني على صحيح المعتقد واتباع الكتاب والسنة.ومع تحقق التخلية للنخب الفاسدة والمعتقدات الفاسدة والتحلية بالنخب المؤمنة العاملة والمعتقدات الصحيحة تقف الأمة من جديد  ويومها لن تبقى يهود ليلة واحدة  ولن يستمر الاحتلال  لبلاد المسلمين ساعة من دهر. فهل آن يا شعوب الأمة أن تقفي لله وتذودي عن عرينك وتصالحي ملك الملوك ويعلن كل فرد من اليوم أنه من جند الملك, وأنه لن يكون معول هدم في يد أعداء الأمة بل لبنة     صالحة في بنائها من جديد. يا أمة: جند الله هم المنصورون جند الله هم المنصورون جند الله هم المنصورون. فهلا أعلناها صريحة أننا من جنده ؟؟ - نداء للعلماء الأجلاءيا علماء الأمة وحدوا صفوف جند الرحمن وانصحوا أولياء الأمور بأنهم لو تابوا فهم أولىالناس بقيادة الجند فوالله ما نكره أشخاصهم ولكن نلعن فعالهم ولو عادوا لربهم       فنحن جند الله جندهم المخلصين وهم قادتنا الأبرار ورثة جيش محمد صلى الله عليه وسلم.  فيا حكامنا هلا قدتم الأمة وصففتم جند الرحمن.ويا علماءنا هلا نصحتم الحكام وجهرتم بكلمة الحق ولم تخافوا في الله لومة لائم وهلا صففتم أبناء الأمة ووحدتم كلمتهم على لا إله إلا الله محمد رسول الله.الأمر يحتاج لمزيد جهد وجهاد وبذل للغالي والثمين لعودة التمكين ولكن يومها يا أمة الإسلام أبشري بعزك ويومها يا أمة الإسلام لن يتطاول على نبي الإسلام راعي بقر ولن يمس دماءك الطاهرة نجس من البشر.والله أسأل لك النصر والتمكين وصلاح الحال وحقن الدماء الطاهرة. ووالله إنها ظفرة من قلب محب يئن بأنين وجروح أمته, ويحترق شوقًا لرؤية عزتها قبل أن يموت.                              خامسا : المذابحإن الحديث عن فلسطين وما يحدث فيها من مذابح حديث له شجون يدمى القلب والعين  ويزيد الامر سؤا هو وقوفنا مكتوفى الأيدى لما ؟ لا ندرى !!!!!! فقد كنا ونحن صغار فى عمر الزهور نشعر بأسى وحزن شديدين ونحن نقرأ عن ضياع الأندلس وتفتت الأمة بعد الوحدة وتمنينا لو كنا فى ذاك الزمان لدافعنا بالغالى والنفيس عن كل حبة رمل شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , وسجد المسلمون عليها يوما ما لله رب العالمين . ولكن ما فتئ الزمان يدور حتى عايشنا مآساة اخرى نراها رآى العين.  فلا يكاد يمر يوم إلا ويذبح شاب أو يقتل طفل أو يدمر منزل  أو منشاة أو تغتصب فتاة إلى أخر هذه المآسى على مرآى ومسمع منا والعالم .وها نحن بلغنا مبلغ الرجال وعلى استعداد للتضحية بكل ما نملك من أجل الأقصى والقدس المبارك . إلا أننا فوجئنا بقيود لم تكن تخطر لنا على بال . وكأن الأعداء على علم بأنه سيأتى جيل يود الدفاع عن الأرض المقدسة بروحة ودمه , فأسرع ليكبل الكبار بالقيود فمنهم من عاهدهم ألا يحاربهم ماداموا بعيدين عن أرضه ومنهم من تاجر معهم ومنهم من غض الطرف عنهم ومنهم من لا يعنيه الامر بالكلية ومنهم من اشتغل باموره الداخلية ....الخوالاسؤا مما سبق هو وجود القواعد العسكرية لأمريكا وحلفاءها على بعد امتار من كل بلد عربي .  فكان من الممكن قديما أن نبيد الصهاينة قبل أن يتحرك من يعاونها كما حدث فى العاشر من رمضان الموافق  السادس من اكتوبر عام 1973  والعجيب أننا دائما نرفع ما يفعله الصهاينة لألد أعدئنا وأقرب الأصدقاء لهم . تدرى لماذا ؟ لأنه من المعلوم ونراه رى العين هو ان الصهاينة هم الأبناء المدللون لأمريكا فهم يفعلون ما يشاؤؤن ويعلمون أن وراءهم من يحمى ظهورهم .  ألا يعلم هؤلاء وهولاء " أن وراءهم يوما ثقيلا  "  وليت أمريكا وحدها هى التى ترغب فى بقاء الصهاينة بين البلدان العربية وإنما اوروبا ايضا لأنها اكتوت بنار اليهود قديما فكثيرا ما تسببوا فى اشعال الحروب والفرقة بين شعوبها فلم تنعم اوروبا بوحدة وارتياح إلا بعد أن خرج الصهاينة منها .  وبدا يفكر باقى اليهود فى اللحاق بهم فلم نرى لاوروبا عملة واحدة من  زمن الرومان ولم نرى لها جيشا واحدا كذلك منذ امد بعيد  فاوروبا  لديها استعداد أن تبذل اكثر من ذلك فى سبيل بقاء الصهاينة بعيدين عن ارضها بل ستيذل الكثير والكثير حتى تطرد من بقى منهم لديها كل هذا ونحن فى ثبات عميق . نشجب ما يحدث تارة وندين تارة اخرى .ومادام الصهاينة لم يروا منا ما يدل على استعدادنا لابادتهم فهم يسرعون فى ابادة اخواننا من الفلسطينين حتى اذا هلكنا واستبدل ربنا جيلا افضل منا عانى من بعدنا الامرين ليعيد الامر على ماكان عليه وحينها نكون  قد اخطأنا مرتين مرة حين تركناهم يبيدون اخواننا واخرى حين صمتنا ولم نخيفهم فلم يبقى لمن بعدنا اثر يهتدى به ولا حول ولا قوة الابالله  فلو راى الصهاينة ان فى البلاد قوما جبارين ما دخلوها وهذا يعنى أننا غثاء كغثاء السيل  ولذا فما يمر يوم إلا والمذبحة تلى الاخرى وهى من الكثرة حتى لا تعد . ولكن رايت أن اذكر المذابح القاسية منها والتى سنحاسب عليها جميعا " يوم يقوم الناس لرب العالمين " أولا - مذبحة الدوايمة  المكان : قرية الدوايمة , قضاء الخليل , فلسطينالتوقيت : 14 يونيو 1949الأحداث :-هاجمت الكتيبة 89 التابعة لمنظمة ليحي وبقيادة موشيه ديان قرية الدوايمة الواقعة غرب   مدينة الخليل. ففي منتصف الليل حاصرت المصفحات الصهيونية القرية من الجهات كافة   عدا الجانب الشرقي لدفع سكانها إلى مغادرة القرية إذ تشبثوا بالبقاء فيها رغم خطورة الأوضاع  في أعقاب تداعي الموقف الدفاعي للعرب في المنطقة. وصدق الحق حين قال : لا يقاتلونكم جميعا إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر ) ثم قام المستوطنون الصهاينة بتفتيش المنازل واحداً واحداً وقتلوا كل من وجدوه بها رجلاً     أو امرأة أو طفلاً، كما نسفوا منزل مختار القرية. إلا أن أكثر الوقائع فظاعة كان قتل 75 شيخاً مسناً لجؤوا إلى مسجد القرية في صباح اليوم التالي وإبادة 35 عائلة فلسطينية كانت  في إحدى المغارات تم حصدهم بنيران المدافع الرشاشة. وصدق الحق حين قال ( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ) وحين تسلل بعض الأهالي لمنازلهم  ثانية للنزول بالطعام والملابس جرى اصطيادهم وإبادتهم ونسف عدد من البيوت بمن فيها  وقد حرص الصهاينة على جمع الجثث وإلقائها في بئر القرية لإخفاء بشاعة المجزرة التي لم يتم الكشف عن تفاصيل وقائعها إلا عندما نشرت صحيفة حداشوت الإسرائيلية  تحقيقاً عنها. ويُلاحَظ أن الصهاينة أقاموا على أرض القرية المنكوبة مستعمرة أماتزياهأريت عزيزى القارئ كيف يتصرف الصهاينة حين لا يرون فينا شهامة أو بأسا ويدفع اخواننا الثمن من ابادة للمسكن والأرواح . ويقيم الصهاينة مكان ما ابادوه مستوطنة حتى لا يعرف من ياتى من الاجيال الحقيقة . ثانيا- مذبحة دير ياسين.المكان : دير ياسين، التي تقع غربي القدسالتوقيت : 9 أبريل عام 1948و نلحظ فيها غدر الصهاينة ونكثهم للعهود كالعادة فقد  حدثت مذبحة دير ياسين في قرية دير ياسين، التي تقع غربي القدس في 9 أبريل عام 1948 على يد الجماعتين الصهيونيتين: أرجون و شتيرن. أي بعد أسبوعين من توقيع معاهدة  سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسبن  وراح ضحية هذه المذبحة أعداد كبيرة   من السكان لهذه القرية من الأطفال، وكبار السن والنساء والشباب. عدد من ذهب ضحية هذه المذبحة مختلف عليه، أذ تذكر المصادر العربية والفلسطينية أن ما بين 250 إلى 360 ضحية تم قتلها، بينما تذكر المصادر   الغربية أن العدد  لم يتجاوز 107 قتلى.كانت مذبحة دير ياسين عاملاً مهمّاً في الهجرة الفلسطينبة إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين. ولعلّها الشعرة         التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948. وأضفت    المذبحة حِقداً إضافياً على الحقد الموجود أصلاً بين العرب والإسرائيليين.تنامت الكراهية والأحقاد بين الفلسطينيين واليهود في عام 1948واشتعلت الإحقاد        بعد   قرار المملكة المتحدة سحب قواتها من فلسطين مما ترك حالة من عدم الاستقرار        في فلسطين. واشتعلت الصراعات المسلحة بين العرب واليهود بحلول ربيع 1948 عندما   قام جيش التحرير العربي والمؤلّف من الفلسطينيين ومتطوعين من مختلف البلدان العربية     على تشكيل هجمات على الطرق الرابطة بين المستوطنات اليهودية وقد سمّيت تلك الحرب بحرب   الطرق، حيث أحرز العرب تقدّماً في قطع الطريق الرئيسي بين مدينة تل أبيب وغرب القدس مما ترك 16% من جُل اليهود في فلسطين في حالة حصار.قرر اليهود تشكيل هجوم مضاد للهجوم العربي على الطرقات الرئيسية فقامت عصابة   شتيرن والإرجون بالهجوم على قرية دير ياسين على اعتبار ان القرية صغيرة ومن الممكن السيطرة عليها مما سيعمل على رفع الروح المعنوية اليهودية بعد خيبة أمل اليهود من      التقدم العربي على الطرق الرئيسية اليهودية.المذبحةقامت عناصر من منظمتي الإرجون وشتيرن اللتان توصفان بأنهما ارهابيتان بشن هجوم     على قرية دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالي من     الهجوم ويبادرون إلى الفرار من القرية. وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كي يتسنّى     لليهود الإستيلاء على القرية. إنقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفّحة على         القرية وفوجيء المهاجمون بنيران القرويين التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4       من القتلى و 32 جرحى. طلب بعد ذلك المهاجمون المساعدة من قيادة الهاجاناه في       القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية    على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة. ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة    من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا كمية من القرويين الأحياء بالسيارات وقاموا          على استعراضهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالأسرى إلى قرية دير ياسين والإجهاز عليهم.ووصل عدد الشهداء الى 254 شهيدا من أهل دير ياسين غير الأسرى والمجروحين .النتيجةتزايدت الحرب الإعلامية العربية اليهودية بعد مذبحة دير ياسين وتزايدت الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دبّ في نفوس الفلسطينيين من أحداث   المذبحة، وعملت بشاعة المذبحة على تأليب الرأي العام العربي وتشكيل الجيش الذي  خاض حرب الـ 1948. وبعد مذبحة دير ياسين، إستوطن اليهود القرية وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الإرجون الذين نفّذوا المذبحة.ثالثا – مذبحة الأقصى الأولىالمكان : ساحة المسجد الأقصىالتوقيت : صبيحة يوم الاثنين 8/10/1990محدثت هذه المذبحة في صبيحة يوم الاثنين 8/10/1990م حيث حاول متطرفون يهود وضع حجر الأساس للهيكل الثالث في ساحة المسجد الأقصى فقام  أهل القدس على عادتهم لمنع المتطرفين اليهود من ذلك فوقع اشتباك بين المصلين وعددهم قرابة أربعة آلاف مصل وبين المجموعة اليهودية المتطرفة المسماة أمناء جبل الهيكل ، فتدخل على الفور جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في ساحات المسجد وأمطروا المصلين بوابل من الرصاص مما أدى إلى استشهاد 21 وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً ، تم إعاقة حركة سيارات الإسعاف وأصيب بعض الأطباء والممرضين أثناء تأدية واجبهم، ولم يتم إخلاء القتلى والجرحي إلا بعد 6 ساعات من بداية المجرزة.

رابعا- مذبحة الأقصى الثانيةالمكان : كافه أرجاء فلسطينالتوقيت : يوم الاثنين 23/9/1996م  مذبحة الأقصى الثانية كما تسمى انتفاضة النفق. حدثت هذه المذبحة بعد إعلان سلطات الاحتلال فتح النفق المجاور للجدار الغربي للمسجد الأقصى يوم الاثنين 23/9/1996م  حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين أبناء فلسطين وجنود الاحتلال اليهودي في كافه        أرجاء فلسطين دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك، وقد أسفرت هذه المواجهات عن   استشهاد أربعين فلسطينيًا وإصابة المئات، بعضهم جراحه خطيرة واستمرت هذه المواجهات ثلاثة أيام.خامسا - مذبحة الأقصى الثالثةالمكان : المسجد الأقصىالتوقيت : يوم الخميس 28/9/2000ممذبحة الأقصى الثالثة حيث قام شارون بزيارة إلى المسجد الأقصى يوم الخميس 28/9/2000م الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون تدنيس لأرض المسجد الطاهر هذا أدى    إلى قبام الشباب الفلسطيني المسلم بالتصدي له لإفشال زيارته رغم أنه كان بحماية 3000 جندي محتل.وفي اليوم التالي الجمعة 29/9/2000م قام جنود الاحتلال بفتح النيران على رؤوس   المصلين قبل التسليم من صلاة الجمعة وجرت مواجهات في ساحات الأقصى بين المصلين وجنود الاحتلال أسفرت عن سبعة شهداء و250 جريحا ، ثم امتدت الاشتباكات إلى كل أرجاء فلسطين و الضفة الغربية وقطاع غزه ومناطق الـ 48 مما شكل بداية للانتفاضة المباركة الثانية، وقدم فيها المسلمون في الأرض المباركة مئات الشهداء وآلاف الجرحى    دفاعًا عن دينهم وأقصاهم.سادسا - مذبحة بلدة الشيخالمكان : بلدة الشيخالتوقيت : يوم 31 ديسمبر من سنة 1947مذبحة بلدة الشيخ هي مذبحة قامت تنفيذها منظمات الهاغاناه حيث قامت في يوم 31 ديسمبر من سنة 1947 بمهاجمة قرية بلدة الشيخ (و التي يطلق عليها اليوم اسم تل غنان) ولاحقت المواطنين العزل، وقد أدت المذبحة إلى مصرع العديد من النساء والأطفال وكانت حصيلة المذبحة نحو 600 قتيل وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية.سابعا- مذبحة قرية أبو شوشةالمكان : قرية أبو شوشةالتوقيت : فجر يوم 14/5/1948 ,في فجر يوم 14/5/1948 , وفي اللحظات التي ستبدأ فيها اولي تباشير النهار بالانسلال   من جوف الليل, وبينما كان المؤذن يدعو المؤمنين مبشرا بأن "الصلاة خير من النوم",    وبينما كان صدى "لا اله الا الله" يتردد في السهول والوديان, شنت وحدات من لواء  جفعاتي هجوما نهائيا علي قرية أبوشوشة الي الشرق من مدينة الرملة بهدف احتلالها  وطرد أهلها . كانت تلك بداية مذبحة رهيبة مجهولة, لم يكشف النقاب عنها حتى الآن, راح ضحيتها   حوالي 60 شهيدا من النساء والرجال والشيوخ والاطفال. المحظوظون منهم قتلوا رميا بالرصاص فرادى, أو جماعات صفوا امام الجدران, اما الاخرون فقد فلقت هاماتهم    بالبلطات في ازقة القرية أو داخل البيوت حيث لمحت عيونهم في انفراجتها الاخيرة,         وعن قرب, التعبيرات الوحشية عديمة الإنسانية لوجوه قاتليها. كانت المذبحة بحجمها وأبعادها المأساوية صدمة مذهلة لأبناء القرية, فاقت بكثير أبشع كوابيسهم. في 13/5/1948 ونتيجة المذابح والذعر والهلع الذي يلف فلسـطين, فرضت معادلة" الموت أو الرحيل ", فان أهل أبوشوشة - وفوق معرفتهم بما يمكن ان يصيبهم - اتخذوا قرار البقاء : البقاء في منازلهم والدفاع عن ديارهم,عن ملاعب صباهم وبيادرهم,    عن مستقبل أطفالهم وحقهم, عن ذكرياتهم وقبور اجدادهم. كان في القرية 70 بندقية     منها 20 اقرب الي العدم, بالاضافة الي رشاش "برن" قديم وبضعة الغام. وتوزع المقاتلون حول القرية التي كانت تتراص بيوتها. ابتدأالهجوم الإسرائيلي, بقصف  عنيف بمدافع الهاون طال منازل القرية وازقتها ودروبها تمهيدا لتقدم القوات الإسرائيلية، وشرعت هذه القوات بالتقدم بعد توقف القصف , واستشهد عدد من المدافعين في خنادقهم أو خلف استحكاماتهم نتيجة المقاومة, غير ان الاختلال الحاد لموازين القوى والتجهيزات  ادى لانهيار خطوط الدفاع. وبدأت عملية "تطهير القرية" أو إن شئت فقل  "تدنيس القرية "وقتل عدد من الطاعنين بالسن في ازقة القرية حيث لم يشفع لهم شيبهم أو شيخوختهم. وقتل الرجال بالبلطات وبعضهم بالرصاص . لم تكن هذه  نهاية المأساة, حيث لم يكن يعرف الجنود بعد احتلال القرية ان هناك مئات المدنيين  المحاصرين برفقة مواشيهم داخل المغارة الابعد يومين, حينما انسلت إحدى النساء من مغارة باتجاه بيتها, تطلب الطعام لاقربائها. وبعد القاء القبض عليها واستدلالهم علي المغارة, وخروج النساء والاطفال . في هذه اللحظة تجلت عظمة النساء، بمواراة احبائهن التراب. حيث بكت النساء طيلة الوقت, وكانت دموعهن اخر ما اصطحبه الاعزاء الي باطن الأرض. دفن القتلي بدون صلاة في المكان الذي سقطوا فيه, وفي كثير من الاحيان حثي التراب علي  الجثث لعدم القدرة علي حفر قبور لهذه الاعداد الكبيرة, وفي احيان استخدمت الخنادق  والمغارات كمقابر جماعية.خلال عملية الدفن وقعت حوادث قتل فردية بدم بارد, فبلا رحمة انتزع أحد الجنود طفلا في الثالثة عشر من عمره من يد امه وبدلا من أن يرحم  توسلاتها, شطر رأسه امامها ببلطة, كما قتلو عجوزا تمسكت ورفضت التخلي عن   بقرتين كانتا بالنسبة لها مصدر رزقها وضمان بقائها. ومن مهازل المفارقات , انه في تمام الساعة الواحدة ظهرا من 14/5/1948 ؟ اي بعد     عدة ساعات من اكتمال مجزرة أبوشوشة في ضحى ذلك اليوم ؟ كان " مجلس الشعب اليهودي يصادق في تل ابيب على وثيقة اعلان دولة إسرائيل, كانت الوثيقة تعد سكان  الدولة العرب ؟ والتي كان اهل أبوشوشة ضمن حدودها ؟ بالمواطنة التامة القائمة على  المساواة والتمثيل المناسب في جميع مؤسسات الدولة ؟. تشترك أبوشوشة مع غيرها  من حوالي 450 قرية فلسطينية عربية مدمرة عام 1948, في قدر ومصير التدمير  والابادة كمجتمع إنساني محلي, كما تشترك في حقيقة أن تدميرها لم يأت بفعل الأحداث التي ترافق الحروب وويلاتها,     وانما نتيجة لمخطط مدروس لم يكن يرى في القرى التي دمرها مجتمعا يمر بدورة الحياة,     يزرع ويفلح, يحصد ويغني, يزف ابنائه ويندب موتاه وانما نقطة على خارطة تضم          عربا يجب اقتلاعهم لصالح الاستيطان الصهيوني .ثامنا - مذبحة الطنطورةالمكان : قرية الطنطورةالتوقيت : الليلة الواقعة بين 22 و 23 أيار / مايو  1948مذبحة الطنطورة حدثت في الليلة الواقعة بين 22 و 23 أيار 1948 حيث هاجمت  كتيبة 33 التابعة للواء الكسندروني (التي دعيت آنذاك باسم "كتيبة السبت" لأنه كان  يلقى على عاتقها في كل نهاية أسبوع, إبان حرب العام 1948, مهمة جديدة) قرية طنطورة. احتلت القرية بعد عدة ساعات من مقاومة أهالي البلده لقوات الاحتلال الإسرائيلي,  وفي ساعات الصباح الباكر كانت القرية كلها قد سقطت في يد جيش الاحتلال، وانهمك الجنود الإسرائيليون لعدة ساعات في مطاردة دموية شرسة لرجال بالغين بهدف  قتلهم. في البداية أطلقوا النار عليهم في كل مكان صادفوهم فيه في البيوت في الساحات  وحتى في الشوارع. وبعد ذلك أخذوا يطلقون النار بصورة مركزة في مقبرة القرية. وقد خلفت المذبحة أكثر من 90 قتيلا دفنوا في حفرة كبيرة وفي المقبرة التي دفنت فيها جثث  القتلى من أهالي القرية في قبر جماعي, أقيمت لاحقا ساحة لوقوف السيارات كمرفق     لشاطئ "دور" على البحر المتوسط جنوبي حيفا.تاسعا- مذبحة قبية   المكان : قرية قبية     التوقيت : 12 أكتوبر 1953مذبحة قبية حدثت عام 1953 عندما قام جنود إسرائيليون تحت قيادة أرئيل شارون   بمهاجمة قرية قبية الواقعة في الضفة الغربية (التي كانت حينها تحت السيادة الأردنية). قتل   فيها 69 فلسطينيا، العديد منهم أثناء اختبائهم في بيوتهم التي تم تفجيرها. تم هدم   45    منزلا و مدرسةً واحدة ومسجدا.شجب العملية مجلس الأمن الدولي، و وزارة الخارجية الأمريكية وتم تعليق المعونات الأمريكية لإسرائيل بشكل مؤقت.• أطلق الجيش الإسرائيلي عليها اسم "عملية شوشانة" (بالعبرية מבצע שושנה، تلفظ ميفتساع شوشانا) ونفذتها وحدتان: وحدة مظليين ووحدة 101 للقوات الخاصةالأسبابتعود أسباب المذبحة إلى عملية تسلل في 12 أكتوبر 1953 قام بها متسللين من الأردن   إلى مستوطنة يهود، وقام المتسللين بإلقاء قنبلة داخل بيت ((كنياس)) قتلت الأم وولديها  (18 شهر,4 سنوات) وأصيب الثالث بجروح ولاذ المتسللين بالفرار. في 14 أكتوبر    أدانت لجنة الهدنة الإسرائيلية الأردنية الجريمة، ووعد جون غلوب قائد الفيلق العربي     القبض على الفاعلين.في 13 أكتوبر قرر دافيد بن غوريون مع حكومته (التي لم تحتوي في حينها على وزير  الخارجية موشيه شاريت) القيام بعملية انتقامية قاسية ضد قرية قبية، وتم تمرير القرار     بشكل مباشر إلى قسم العمليات والتنفيذ، وصدر الأمر إلى قيادة المنطقة العسكرية     الوسطى التي أصدرت أوامر إلى الوحدة رقم 101 بقيادة الميجور اريئيل شارون       وكتيبة المظليين رقم 890، ونص الأمر على:"تنفيذ هدم وإلحاق ضربات قصوى بالأرواح بهدف تهريب سكان القرية من   بيوتهم" (أرشيف الجيش الإسرائيلي 207/56/644 ) المذبحةفي ليلة بين 14 أكتوبر و 15 أكتوبر، تم قصف قرية بُدرس وقامت بعض خلايا الوحدة  رقم 101 إطلاق النار على قريتي شُقبا و نعلين، وتم في قبية هزم حفنة ضئيلة من الحرس الوطني، وأخذت الوحدة تتنقل من بيت إلى آخر في عملية حربية في منطقة مدنية، تم        فيها قذف قنابل عبر الثغرات و إطلاق النار عشوائيا عبر الأبواب والنوافذ المفتوحة، وتم إطلاق النار على من حاول الفرار، بعد ذلك فجر المظليون خمسة وأربعين من بيوت القرية ومسجد وخزان مياه القرية. وتم قتل تقريبا 60 مواطنا غالبيتهم نساء وأطفال، ولم تقع إصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي.ردود الفعل المفتعلة للتغطية على هذه الجرائم :--- مجلس الأمن ندد بالعملية ورفض طلب إسرائيل إدانة "عمليات الإرهاب العربية". --  الولايات المتحدة علقت أمريكا إرسال منحة مساعدة خارجية كبيرة إلى إسرائيل. --  المملكة المتحدة أرسلت سلاحا لتقوية الحرس الوطني الأردني. -- جميع الصحف الإسرائلية أستخدمت عناوين حيادية عن عملية قبية ما عدا صحيفة كول هعام (صحيفة الحزب الشيوعي الإسرائيلي باللغة العبرية). -- صحيفة هآرتس عنونة عن عملية المتسللين في مستوطنة يهود "قتل لمجرد القتل" -- صحيفة يديعوت أحرنوت عنونة عن عملية المتسللين في مستوطنة يهود "ألقوا قنبلة على البيت ! الجميع قتلوا" -- أنفردت صحيفة كول هعام بعنوان حاسم "إرتكاب عملية قتل جماعية في قرية قبية العربية" 16/10/1953 ، وأكدت على تسمية العملية بالمذبحة بخلاف جميع الصحف الإسرائلية الأخرى التي أسمتها عملية أو نحوه. -- صحيفة كول هعام في مقال افتت احي "ضد القتل: القتل الجماعي على أيدي إسرائيليين مسلحين جريمة رهيبة. دير ياسين جديدة" -- صحيفة جيروزاليم بوست في مقال أفتتاحي "إسرائيل استخدمت الوسيلة المطلوبة". -- في 19 أكتوبر وجه بن غوريون عبر راديو صوت إسرائيل خطابه أكد فيه "أن سكان  الحدود هم من قام بالعملية وليس الجيش" -- أكد الجنرال فان بيتيكه كبير مراقبي الأمم المتحدة في تقريره إلى مجلس الأمن الدولي في 27 أكتوبر 1953 أن الهجوم كان مدبراً ونفذته قوات نظامية. -- ذكر شارون في مذكراته أن الجنود نبهوا أهل القرية وتفحصوا البيوت قبل تفجيرها. -- أدت مذبحة قبية إلى زيادة الاحتكاك بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية التي أدت إلى حرب 56 بين إسرائيل ومصر بالإضافة إلى بريطانيا و فرنسا. عاشرا- مذبحة قلقيليةالمكان : قرية قلقيليةالتوقيت : عام 1948مذبحة قلقيلية حيث هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي ومجموعة من المستوطنين قرية قلقيلية الواقعة على الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة عام 1948 والضفة     الغربية، حيث شارك في الهجوم مفرزة من الجيش وكتيبة مدفعية وعشرة طائرات مقاتلة.   وقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف القرية بالمدفعية قبل اقتحامها، حيث راح ضحية  المجزرة أكثر من 70 شهيدا .حادى عشر- مذبحة كفر قاسمالمكان : مدينة كفر قاسمالتوقيت : 29 أكتوبر عام 1956وقعت مذبحة كفر قاسم في مدينة كفر قاسم الواقعة الآن في إسرائيل، حيث كانت في ذلك الحين واقعةً على الخط الأخضر -الفعلي- بين إسرائيل والأردن. ففي 29 أكتوبر عام 1956 قام حرس الحدود الإسرائيلي بقتل 48 مدنياً عربياً بينهم نساء و23 طفلاً    يتراوح عمرهم بين 8 - 17 سنةً. وقد أفادت مصادر أخرى بأن عدد الضحايا بلغ 49 وذلك لإضافة جنين إحدى النساء إلى عدد الضحايا.في 29/10/1956 أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود الإسرائيلية   الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل إسرائيل والمتاخمة للحدود: كفر قاسم.الطيره.كفر برا، جلجولية، الطيبة، قلنسوة، بير السكة وإبثان. أوكلت مهمة حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي. على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود يسخار شدمي. أعطيت الوامر أن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً. وطلب شدمي من ملينكي أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار. وقال له " من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال... ولا أريد عواطف..."، ملينكي جمع قواته وأصدر الأوامرالواضحة بتنفيذ منع التجول دون اعتقالات و" من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى" . وزعت المجموعات على القرى العربية في المثلث. اتجهت مجموعة بقيادة الملازم جبريئل دهان إلى قرية كفر قاسم. وزع هذا مجموعنه إلى أربع زمر. رابطت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة. في الساعة 16:30 من اليوم نفسه استدعى رقيب من حرس الحدود مختار كفر   قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي. قال المختار إن 400 شخصاً يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم. فوعد الرقيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة. في الخامسة مساء بدأت المذبحة طرف القرية الغربي حيث رابطت وحدة العريف شلوم عوفر فسقط 43  شهيداً، وفي الطرف الشمالي سقط 3 شهداء، وفي داخل القرية سقط شهيدان. أما في  القرى الأخرى سقط صبي عمره 11 سنة شهيداً في الطيبة. كان من بين الشهداء في كفر قاسم 10 أطفال و 9 نساء. كان إطلاق النار داخل القرية كثيفا وأصاب تقريباً كل بيت. حاولت الحكومة إخفاء الموضوع ولكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق. توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية. استطاع عضوا الكنيست توفيق طوبي ومئبر فلنر اختراق الحصار المفروض على المنطقة يوم 20/11/1956 . ونقلا الأخبار إلى الصحافي أوري أفنيري. استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين.    في 16/10/1958 صدرت بحقهم الأحكام التالية: حكم على الرائد شوئل ملينكي    بالسجن مدة 17 عاماً وعلى جبريئل دهان وشلوم عوفر بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة              قتل 22 عربياً. لم تبق العقوبات على حالها. قررت محكمة الاستئنافات تخفيفها: ملينكي – 14 عاماً، دهان – 10 أعوام، عوفر – 9 أعوام. جاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة. ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان. ثم قامت لجتة تسريح المسجونين وأمرت بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين. وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960. أما العقيد يسخار شدمي ، صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد. كان ذلك في اليوم الذي بدأت فيه حرب العدوان الثلاثي على مصر.ثانى عشر- مذبحة خان يونسالمكان : خان يونسالتوقيت : 12 نوفمبر 1956مذبحة خان يونس في 12 نوفمبر 1956 هي مذبحة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا. وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى 12 نوفمبر 1956 نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيدا من المدنيين في نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم.ثالث عشر- مذبحة الحرم الإبراهيميالمكان : الحرم الإبراهيميالتوقيت : 25 فبراير 1994مذبحة الحرم الإبراهيمي ، بقيادة باروخ جولدشتاين أو باروخ جولدستين ، وهو طبيب يهودي و المنفذ لمذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية في 1414 هـ / الموافقة لـ 25 فبراير 1994 التي قام بها مع تواطئ عدد من المستوطنين و الجيش في حق المصلين ، حيث أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم  جمعة في شهر رمضان ، وقد قتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه. قتل أيضا 20 مواطنا في المستشفى الذي تواجد هناك الاسرئيليون.عند تنفيذ المذبحه قام جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون في الحرم بإغلاق أبواب المسجد لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد  وفي أثناء تشييع جثث الشهداء مما رفع مجموع الضحايا إلى 50 شهيدا قتل 29 منهم داخل المسجد.أراد باروخ جولدشتاين من خلاله عمله أن يفشل محادثات السلام بين الإسرائيليين            و الفلسطينيين اثر توقيع اتفاقية أوسلو. كان يهدف كذلك إلى إثارة الفتنة بين الفلسطينيين   مما سيؤدي إلى اشتباكات بينهم و تقويض الاتفاقية.على إثر المجزرة تم فرض حركة منع تجول على المدينة من قبل السلطات الإسرائيلية. تم كذلك حظر حركتي كاخ و كاهان شاي بموجب قوانين مكافحة الارهاب.رابع عشر- معركة جنينالمكان : جنينالتوقيت : من 3 إلى 12 أبريل/نيسان 2002مجزرة جنين هو اسم يطلق على عملية التوغل التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جنين في الفترة من 3 إلى 12 أبريل/نيسان 2002 واستمرت نحو 10 أيام. وتشير رواية الحكومة الإسرائيلية وقوع معركة شديدة في جنين، مما اضطر جنود الجيش الإسرائيلي إلى القتال بين المنازل. بينما تشير مصادر السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات دولية أخرى أن القوات الإسرائيلية أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين قامت بارتكاب أعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية .وقد كانت هذه العملية ضمن عملية اجتياح شاملة للضفة الغربية، أعقبت تنفيذ عملية تفجير في فندق في مدينة نتانيا، وقد هدفت عملية الاجتياح القضاء على المجموعات الفلسطينية المسلحة التي كانت تقاوم الاحتلال، وكانت جنين وبلدة نابلس القديمة مسرحاً لأشرس المعارك التي دارت خلال الاجتياح، حيث قرر مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين محاربة القوات الإسرائيلية حتى الموت، الأمر الذي أدى إلى وقوع خسائر طفيفة في صفوف القوات الإسرائيلية، ومن ثم قامت باجتياح مخيم جنين والقضاء على المجموعات المقاتلة حيث تم قتل واعتقال معظمهم، كما قامت القوات الإسرائيلية بعمليات تنكيل وقتل بحق السكان - حسب المصادر الفلسطينية ومعظم المصادر الاخبارية العالمية المحايدة والجمعيات الدولية أدى إلى سقوط العشرات، فيما حملت إسرائيل المقاتلين الفلسطينيين مسؤولية تعريض حياة المدنيين للخطر.. نتائج المجزرةوقد قتل في هذه المجزرة بحسب تقرير الامم المتحدة 58 فلسطينيا  , ومن الذين شهدوا المجزرة واكدوا على وقوعها:--لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة-- منظمة العفو الدولية--تيري رود لارسن - منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط-- الوفد البرلماني الحزبي الأوروبي--وفد (الأدباء والمفكرين العالميين) الذي يمثل (البرلمان العالمي للكتّاب). وهو وفد يضم شخصيات ثقافية وأدبية عالمية مثل: الروائي الأمريكي راسل بانكس --رئيس البرلمان العالمي للكتاب وول سوينكا، الحائز على جائزة نوبل للآداب-- رئيس البرلمان السابق البرتغالي خوسيه ساراماغو، الحائز - كذلك -على جائزة نوبل للآداب --وبي داوو الصيني وهو أحد مؤسسي برلمان الكتاب--والشاعر والروائي برايتن برايتناخ (جنوب أفريقيا)-- وكرستيان سالمون (فرنسا) --وفيشنزو كونولو (إيطاليا)--وخوان غويتسولو (اسبانيا)أقوال بعض الشهودومن ضمن روايات الشهود المحايدين على هذه المجزرة: -- قال خوسيه ساراماغو بعد زيارته للمخيم ابّان المجزرة: «كل ما اعتقدت أنني أملكه من معلومات عن الأوضاع في فلسطين قد تحطم، فالمعلومات والصور شيء، والواقع شيء آخر، يجب أن تضع قدمك على الأرض لتعرف حقاً ما الذي جرى هنا.. يجب قرع أجراس العالم بأسره لكي يعلم.. ان ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف.. لا توجد أفران غاز هنا، ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز. هناك أشياء تم فعلها من الجانب الإسرائيلي تحمل نفس أعمال النازي أوشفيتس. انها أمور لا تغتفر يتعرض لها الشعب الفلسطيني».-- وقال راسل بانكس رئيس البرلمان العالمي للكتاب : «ان الساعات التي قضيتها في فلسطين حتى الآن حفرت في ذاكرتي مشاهد لن أنساها أبداً.. عندما اجتزنا الحاجز أحسست  بأن الباب أغلق خلفي واني في سجن. إن جميع أعضاء الوفد متأكدون أنه سيتم اتهامهم  بـ (اللاسامية) خصوصاً في الولايات المتحدة. لكن هذا لا يخيفنا. يجب أن نرفض هذا النوع من (الإرهاب الثقافي) الذي يدعي أن توجيه الانتقادات للجرائم الإسرائيلية  ضد الفلسطينيين هو نوع من معاداة السامية».-- أما خوان غويتسولو فقد قال: «كيف يفسر حق الدفاع عن النفس بأنه إرهاب، والإرهاب دفاع عن النفس!! إني أستطيع أن أعدد دولاً تمارس الإرهاب، واسرائيل هي احدى هذه الدول. يجب أن نخرج أنفسنا من الكليشهات، وألا نساوي بين القاتل والضحية، بين  القوة المحتلة والشعب الذي يرزح تحت الاحتلال ويقاومه. ونحن ممثلو شعوبنا غير المنتخبين. وعلينا أن ننقل بأمانة ما تشاهده أعيننا، وتحسه قلوبنا».-- وعلى لسان تيري رود لارسن منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط: ان الوضع في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين مذهل ومروع لدرجة لا تصدق، إن الروائح الكريهة     المنبعثة من الجثث المتحللة تحوم في أنحاء المخيم، يبدو كما لو أنه (أي المخيم) تعرض لزلزال، شاهدت فلسطينيين يخرجون جثثا من بين حطام المباني المنهارة، منها جثة لصبي في الثانية   عشرة من عمره، أنا متأكد بأنه لم تجر عمليات بحث وإنقاذ فعلية.أما عن الأفلام لتوثيق أحداث المجزرةفقد أعد أكثر من فيلم سينمائي ووثائقي لتصوير المجزرة وايصالها للعالم مثل فيلم (جينينغراد) وفيلم (جنين) للمخرج محمود بكري.خامس عشر- محرقة غزةالمكان : غزةالتوقيت : (فبراير 2008)محرقة غزة هي تسمية لعملية إسرائيلية موسعة جرت في قطاع غزة على مدار خمسة أيام      في شهر فبراير 2008 بدعوى القضاء على عناصر حركة حماس المطلقة للصواريخ       على الأراضي الإسرائيلية. وقد جاءت هذه التسمية بعد أن وصف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ما تفعله القوات الإسرائيلية في غزة بهولوكوست أو إبادة عرقية أو محرقة للفلسطينيين في قطاع غزة إثر مقتل جنديين إسرائيليين على يد عناصر من حركة حماس    أثناء مقاوماتها للقوات الإسرائيلية؛ فتبنى التسمية عدد كبير من الكتاب والمفكرين والشخصيات السياسية والدينية العرب والمسلمين، حيث يرونها اسم مناسب للعملية، حيث راح ضحيتها 116 شخص من ضمنهم 26 طفلاً فضلاً عن غيرهم من المدنيين ما بين قتيل وجريح. وفي نفس اليوم الذي أعلنت فيه انتهاء العمليات العسكرية في غزة؛ أعلنت مصادر إسرائيلية أنها كانت مرحلة أولى، وأنه قد تكون هناك عمليات أخرى في القريب.  تسمية العمليةاشتهرت تسمية محرقة غزة على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في أغلب وسائل    الإعلام العربية، في حين أطلق عليها جيش الدفاع الإسرائيلي اسم عملية الشتاء الساخن     في ظل رفض تام لتسمية الهجوم بالمحرقة، حيث تشير بعض المصادر الإسرائيلية إلى وجود   خطأ في ترجمة تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، وتقول أن تصريح رئيس الوزراء يقول:  «ما دام إطلاق صواريخ القسام يتكثف وما دام مدى الصواريخ تُطوّل، يعرض الفلسطينيون أنفسهم إلى كارثة أكبر» حيث يكمن الخلاف حول كلمة "شؤواه" (بالعبرية|שואה)   وتعني الكارثة في حين كان اليهود أنفسهم يستخدمون ذات الكلمة للإشارة إلى محرقة  اليهود الشهيرة بالهولوكوست. أهداف العمليةفي الوقت الذي تصرح فيه إسرائيل بأن هذة العملية تستهدف ناشطي حركة حماس وإيقاف إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية؛ يرى بعض المحللين أن هناك أهدافاً خفية  لهذة العمليات بالإضافة لاجتثاث حركة حماس من الوجود، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك "  أولمرت " للتغطية على تقرير فينوغراد والتخلص من تداعياته، كما يهدف كذلك لتحسين موقفه أمام الرأي العام الإسرائيلي بعد خسارته في جنوب لبنان في صيف 2006، وذلك بعد أن بزغ نجم إيهود باراك مرة أخرى على الساحة الإسرائيلية مع اقتراب  موعد الانتخابات. ومن وجهة نظر أخرى يرى بعض المحللين العمليات رسالة دموية  لتثبيط المقاومة الفلسطينية عن القيام بما اعتبروه حقها الشرعي في الدفاع عن أراضيها ، كما يعتبرونه  إجهاضاً للتجربة الإسلامية في قطاع غزة. ردود الفعل العالميةتباينت ردود الفعل العالمية على العملية، حيث نددت بها الحكومات والشعوب العربية واعتبرتها مذبحة للفلسطينيين وطالبت بوقفها، وخرجت المظاهرات في العديد من المدن العربية مستنكرة للعمليات ومطالبة بوقف الاعتداء على المدنيين في غزة. وعلى مستوى الحكومات، جائت ردود الفعل كالتالي : -- فلسطين: وصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ما حدث في غزة بأنه أكثر من محرقة، وإرهاب دولي.  -- الولايات المتحدة: وعلى النقيض تماماً جاء الموقف الأمريكي داعماً لإسرائيل، حيث حملت وزيرة الخارجية الأمريكية آنئذ كوندوليزا رايس حركة حماس مسؤولية ما يحدث للمدنيين في غزة، واعتبرت ما تفعله إسرائيل دفاعاً عن النفس.  -- فرنسا: اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير أن الاستفراس لن يأتي باي نتيجة. --  ألمانيا: التزمت الحكومة الألمانية الصمت التي وصفته جريدة الراية القطرية بالمخجل،ويعزي المحللون هذا الصمت تجاه أفعال إسرائيل الوحشية ضد الفلسطينيين إلى شعور الألمان بالذنب تجاه اليهود أو ما سموه العقدة الألمانية.  -- مصر: أعادت السلطات المصرية فتح حدودها مع قطاع غزة لاستقبال حوالي مائتي  جريح فلسطيني، وتعد هذه هي المرة الأولى التي تسمح فيها السلطات المصرية بفتح  الحدود بينها وبين قطاع غزة منذ أن قام مسلحون فلسطينيون بتفجير الجدار الحدودي   بينهما. --  إسرائيل: رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وقف العمليات الإسرائيلية         في   قطاع غزة؛ وقال: "إسرائيل ليس لديها النية لوقف القتال ضد المنظمات الإرهابية           (في غزة) ولو للحظة واحدة"، مضيفاً قوله: "لو أن هناك أحد يتوهم أن زيادة              مدى (الصواريخ) سيدفعنا إلى تقليص عملياتنا العسكرية، فإنه بذلك يرتكب خطئاً جسيماً". وعلى مستوى المنظمات الدولية الحكومية والغير حكومية :-- مجلس الأمن الدولي: أدان مجلس الأمن الدولي العنف المتصاعد في غزة، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن إسرائيل والفلسطينيين إلى وقف المواجهات بين الطرفين. -- جامعة الدول العربية: وصف مجلس جامعة الدول العربية الهجوم الإسرائيلي بانه إرتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة. -- حركة حماس: حمل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رئيس السلطة محمود عباس والحكام العرب مسؤولية ما وصفها بالمحرقة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. حصاد المعركةخلفت العمليات الإسرائيلية 116 قتيل فلسطيني وأعداد كبيرة من الجرحى مات         منهم 9 لتصبح الحصيلة 125 قتيل. وعلى الجانب الإسرائيلي قتل جنديين إسرائيليين ومواطن إسرائيلي إثر إطلاق حماس للصواريخ على الأراضي الإسرائيلية. تأتي العملية بعد انتهاء تهدئة دامت ستة أشهر كان قد تم التوصل إليها بين حركة        المقاومة الإسلامية (حماس) من جهة وإسرائيل من جهة أخرى برعاية مصرية في             يونيو 2008  وخرق التهدئة من قبل الجانب الإسرائيلي وعدم التزامه باستحقاقاته       من التهدئة من حيث رفع الحصار الذي يفرضه على القطاع وبالتالي عدم قبول            حماس لتمديد التهدئة. قبل أنتهاء التهدئة في تاريخ 4 نوفمبر 2008 قامت إسرائيل، بخرق جديد لاتفاقية  التهدئة، وذلك بتنفيذ غارة على قطاع غزة نتج عنها قتل ستة أعضاء مسلحين من       حماس. ، ومنذ انتهاء التهدئة يوم الجمعة 19 ديسمبر 2008 قامت عناصر تابعة    لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة بإطلاق أكثر من 130 صاروخاً وقذيفة هاون     على مناطق في جنوب إسرائيل  بدأت العملية يوم السبت 27 ديسمبر 2008 في الساعة 11:30 صباحاً بالتوقيت المحلي، 9:30 صباحاً بتوقيت غرينيتش، وأسفرت عن استشهاد 1417 فلسطينياً على   الأقل (من بينهم 926 مدنياً و281 طفلاً و111 امرأة) وإصابة 4336 آخرين،                      إلى    جانب مقتل 13 إسرائيليين (من بينهم 3 مدنيين) وإصابة 228 آخرين حسب  اعتراف الجيش الإسرائيلي لكن المقاومة اكدت انها قتلت قرابة 100 جندي خلال      المعارك بغزة . وقد ازداد عدد شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع            إلى 1328 شهيداً والجرحى إلى 5450.بعد أن تم انتشال 114 جثة لشهداء منذ        إعلان إسرائيل وقف إطلاق النار. -- أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن العملية "قد تستغرق وقتاً ولن تتوقف حتى تحقق أهدافها   بإنهاء إطلاق الصواريخ من غزة على جنوب إسرائيل" ، فيما أعلنت حماس نيتها "متابعة  القتال إلى أن توقف إسرائيل هجماتها وتنهي الحصار المفروض على القطاع".كان اليوم الأول من الهجوم اليوم الأكثر دموية من حيث عدد الضحايا الفلسطينيين         في يوم واحد منذ عام 1948؛ إذ تسبب القصف الجوي الإسرائيلي في مقتل أكثر           من 200 فلسطينياً وجرح أكثر من 700 آخرين، مما حدا إلى تسمية أحداث اليوم     الدامية بمجزرة السبت الأسود في وسائل الإعلام.  مقدمةنتيجة للأحداث التي أدت إلى عملية الرصاص المصهور، التي شنتها إسرائيل على            غزة في 27 كانون الأول / ديسمبر ، والتي بدأت بشكل أو باخر في كانون الثاني / يناير 2006. وكان في ذلك الوقت عندما فازت حماس الانتخابات التي جرت في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل ، وأصبح حزب الأغلبية لتشكيل الحكومة. فوز حماس  لم يكن مفاجئ ولا يرجع إلى أن غالبية الفلسطينيين (بما في ذلك حوالي 20 ٪ من المسيحيين) قد أصبحت من الحزب الإسلامي. ولكنة كان نتيجة أسباب عديدة ، منها إفلاس سياسة من هو ، تاريخيا ، أكبر حزب علماني فلسطيني ، "فتح". في شرح الأسباب ، فإن وسائل الاعلام الغربية ابرزت بشكل عام فساد حركة فتح ، لكنها أهملت السبب الأكثر أهمية وهو ان نتيجة سياسة المفاوضات الجارية منذ عام 1993 لم تسفر عن أي مكاسب مادية ، ولكنها ، بدلا من أن تمهد الطريق لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ، كانت تغطية لتوسيع نطاق عملية الاستيطان التي لم يسبق لها مثيل في الضفة الغربية ، بما فيها القدس الشرقية. 
                                                 الخاتمة بعد الإطلالة السريعة على ماقام به اليهود والنصارى من تدمير وتشتيت ومذابح لإخواننا المسلمين عبر العصور أصبح واضحا للعيان أن المجتمع الإسرائيلي والأمريكى ومن يعاونهم  ليسوا مجتمعات ٌ ملائكيه ٌ كما يشيع البعض أو كما يحاول الإسرائيليون والغرب أن يظهروهم أمام العالم  . بل إن هذه المجتمعات هي مجتمعات وحشية مادية لا تحترم أي  قوانين  أو  أعراف سماوية  كانت أم وضعيه .فالصهاينة وأعوانهم النصارى يرتكبون من الفواحش مالا يخطر لاحد  على بال ؛ فمن دمر الأندلس قديما ؟ ومن أشعل الحروب الصليبية التى استمرت ما يقرب من مائتى عام ؟ ومن احتل العالم العربى والاسلامى فى القرنين التاسع عشر والعشرون ؟ ومن أنهى الخلافة الإسلامية ؟ ومن دمر أفغانستان ؟ ومن دمر العراق ؟ومن يحطم فلسطين ؟ومن يدنس الأقصى؟  ومن يخطط لتقسيم السودان ؟ ومن يتأمر ليل نهار على إبادة المسلمين واضعاف عزيمتهم ؟ ومن ....؟ ومن ...؟ ومن...؟ فيا قومنا أفيقوا فهم ليسوا أصدقائنا ؛ مهما ابتسموا لنا فهو ابتسام الليوث الماكرين للفريسة وهم يتأمرون بها ليلتهموها.وصدق الحق جل وعلا حين حذرنا منهم فقال تعالى {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2 كما نبهنا سبحانه وتعالى بألا نتخذهم أولياء فقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51 وقال تعالى {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ }آل عمران28                    ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد ........




                                         المراجع1- القرآن الكريم 2- الجامع لاحكام القرآن – أبو عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي – دار الفكر للطباعة والنشر 19913- مختصر الطبري للامام محمد بن جرير الطبري 4- الميزان فى تفسير القرآن 5- فتح الرحمن فى تفسير القران 6- تفسيرالبضاوى7- التفسير الشامل 8- الكشاف الزمخشرى 9- كتب السنة 10- البخاري11- الموطأ للامام مالك 12- المسند للامام أحمد 13- الترمذي14- أبو داود15- ابن ماجة16- البداية والنهاية لابن كثير17- سير أعلام الحديث 18- كتاب السنن19- شذرات الذهب20- علوم الحديث للامام ابن كثير21- سير أعلام النبلاء 22- فتح الباري-- للبخاري23- تهذيب التهذيب--  للحافظ ابن حجر العسقلاني24- رياض الصالحين للامام شرف الدين النووي الدمشقي – دار المنار للطباعة والنشر25- لسان العرب-- ابن منظور  26- معجم الادباء – ياقوت الحموي27- السنن– البيهقي28- تحفة المودود-- ابن القيم 29- الرحيق المختوم – صفي الرحمن المباركفوري30- المستدرك --للحاكم  31- الزواجر--- للهيثمى 32- الفتح  ---الحافظ بن حجر 33- فتح البارئ --للخطابى 34- المجموع-- للنووى35- الإرواء للألبانى36- ديوان ألفية محمد – د. -  صلاح القوسي37- ديوان هاشم الرفاعي 38- إظهار الحق – رحمت الله الهندي 39- هداية الحيارى – ابن قيم الجوزية40- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح-- ابن تيمية 41- الصفة على المذاهب الاربعة --عبد الرحمن الحريرى 42- محمد فى التوراة والإنجيل والقرآن --- إبراهيم خليل أحمد43- محمد فى الكتاب المقدس--- عبد الأحد داود 44- قصة الحضارة . ويل ديورانت – ترجمة محمد بدران45- بروتوكولات حكماء صهيون ترجمة د / أحمد السقا 46- تاريخ الأقباط  -- زكى شنودة 
47 -  أحمد الرشيدي , المجتمع الدولي والقضية الفلسطينية , معهد البحوث والدراسات العربية , القاهرة , 1993.    48- أحمد خليفة , مفاوضات السلام : الموقف الإسرائيلي عشية مؤتمر مدريد , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 8 , خريف 1991.   49-  أحمد سعيد نوفل , القدس بين التهويد والأمم المتحدة ومشاريع السلام , المستقبل العربي , عدد 74 , إبريل 1985.50- أحمد فارس عبد المنعم , الإتحاد السوفييتي والصراع العربي الإسرائيلي منذ حرب 1973 , شؤون فلسطينية , عدد 27 , 1983.51-  إبراهيم أبو حليوة, القدس في السياسة الأمريكية من 1947 – 2000 , مركز الدراسات الاستراتيجية للبحوث والتوثيق , بيروت, ط 1 ,2001.52-  الأمم المتحدة , قضية فلسطين والأمم المتحدة , منشور إعلامي , نيويورك 2001.53-   بيار فايس , حركة عدم الانحياز وقضية فلسطين , شؤون عربية ,    ع 33 / 34 نوفمبر / ديسمبر 1983.54  - تقرير الندوة الدولية بشأن القدس بعنوان " القدس مدينة السلام " , القاهرة , 12 – 14/3/1995.55-تيسير جبارة , تاريخ فلسطين , دار الشروق للنشر والتوزيع , عمان , ط 1 , 1998.56- جامعة الدول العربية , جامعة الدول العربية وقضية القدس في المجال الدولي , شؤون عربية , الأمانة العامة , عدد 40 , يونيو 1993.57- جمال عبد الجواد , السياسة الأوروبية والصراع العربي الإسرائيلي , شؤون عربية , عدد 34 , 33 نوفمبر / ديسمبر 1983.58-   حازم نسيبة , القدس في ضوء الأوضاع الراهنة واستشراف المستقبل , رابطة العالم الإسلامي, جدة, سلسلة دعوة الحق, العدد 155, 1415هـ.59-حسن عبد القادر صالح , فلسطين المحتلة 1967 الجغرافيا والديمغرافيا , شؤون عربية 60 , ديسمبر 1989.60-  خالد بن سلطان بن عبد العزيز , موسوعة مقاتل من الصحراء , الرياض.61- خليل السواحري , الخطة الصهيونية لتهويد القدس العربية , شؤون عربية عدد 19 , جامعة الدول العربية , أكتوبر 1982.62-   خليل إسماعيل الحديثي, القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة    ""مرحلة أخري من الصراع بين الشرعية والقوة"" , شؤون عربية ,       عدد 56 , ديسمبر 1988.63-   خليل حسين , المفاوضات العربية الإسرائلية , بيان للنشر والتوزيع , بيروت , ط 1 , 1993.64-  ديفيد ماكدوول , فلسطين وإسرائيل : الانتفاضة وما بعدها , عرض : عماد فزي شعيب , شؤون عربية , عدد 60.65-  رفيق الخطيب التميمي , إجراءات تهويد القدس , سلسلة دعوة الحق رابطة العالم الاسلامي , عدد : 155 , مكة المكرمة , 1415 هـ.66-  روحي الخطيب, المؤتمرات الإسرائلية علي القدس 1965 – 1975 , أمانة القدس.67-  روحي الخطيب , تهويد القدس , لجنة إنقاذ القدس , عمان 1970.68- زعيف سكيف , مجلة الشؤون الخارجية الإسرائيلية , العدد 70 , ربيع 1971 , ص 19 , عن مجلة الدراسات الفلسطينية , مؤسسة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 7 , صيف 1991.69-   زياد أبو زياد , نقطة الانطلاق الإسرائيلية بين الوهم والواقع , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.70-   جيفري أرونسون , مستقبل المستعمرات الإسرائيلية في الضفة والقطاع , مؤسسة الدراسات الفلسطينية , بيروت , 1990.71-  سعيد الحسن , حول اتفاق غزة – أريحا أولاً ""وثائق ودراسات "" , تقديم وإشراف خالد الحسن (أبو السعيد), ط الثاني , يناير 1995.72-   سليم نوران الجنيدي, المستقبل السياسي للأراضي المحتلة في المنظور الإسرائيلي, شؤون عربية, عدد60 , فبراير1986, ص52, 53.73-سليمان فتوح , اليهود والقدس – دراسة تاريخية للادعاءات الصهيونية وممارساتها في المدينة.74-  سمير جريس , " القدس " المخططات الصهيونية , الاحتلال , التهويد , مؤسسة الدراسات الفلسطينية, بيروت , العدد 61, ط 1 , 1981.75-  صالح مسعود أبو يصير , جهاد شعب فلسطين , ط 2 , دار الفتح , القاهرة 1969.76-  صلاح العقاد , تطور النزاع العربي الإسرائيلي 1956- 1967 , معهد البحوث والدراسات العربية , القاهرة , ص 233.77-  صلاح عبد المقصود , القدس ولعبة المفاوضات , مجلة القدس , مركز الإعلام العربي , العدد : 0 , 1998 , القاهرة.78- طاهر شاش , مفاوضات التسوية النهائية والدولة الفلسطينية الآمال والتحديات , دار الشروق , القاهرة , ط 1 , 1999.79-  عبد العزيز محمد الشناوي , الدولة العثمانية دولة إسلامية مفتري عليها , ج 2 , مكتبة الأنجلو المصرية , القاهرة , 1970.80-  عبد العزيز المهنا , فلسطين وإسرائيل , مطابع دار الهلال , الرياض , ط 1 , 1994.81-   عبد الله الأشعل , القدس في المنظورين العربي والإسرائيلي , مجلة القدس , العدد :30 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , يونيو , 2001.82-  عبير ياسين , القدس الشرقية و 36 عاما من الضم , مجلة القدس , العدد : 55 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , يوليو 2003.83-  علي الدين هلال , السلام الإسرائيلي – دراسة لمشروعات التسوية الإسرائيلية , شؤون عربية عدد 33 نوفمبر / ديسمبر 1983.84-   عمران أبو صبيح , دليل المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة , دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية  ,      ط 1 عمان , 1993.85-   فايز جابر وآخرين , القدس في ضمير العالم الإسلامي , رابطة العالم الإسلامي , سلسلة دعوة الحق , العدد 155 , 1415 هـ .86-   فوزي طايل , الجولة الإسرائيلية العربية السادسة , مجلة استراتيجيا , بيروت , العدد 109 , نوفمبر 1991.87-   فوزي طايل , القدس بين المواثيق الدولية والأطماع الصهيونية , سلسلة قراءة في فكر علماء الاستراتيجية , إعداد : جمال عبد الهادي وعبد الراضي أمين , دار الوفاء , المنصورة , ط 1 , 2001.88-  فوزي محمد طايل , النظام السياسي في اسرائيل , دار الوفاء , المنصورة , 1992.89-  كامل محمود خلة , تشويه تعليم وتاريخ وجغرافية الوطن العربي في المرحلة الابتدائية في فلسطين , شؤون عربية 19 , أكتوبر 1982.90-   اللجنة الملكية لشؤون القدس , عمان – الأردن , 1994.91-  محسن صالح , القضية الفلسطينية خلفياتها وتطوراتها حتي سنة 2001 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , ط 1 , 2002.-92-  محسن محمد صالح , فلسطين , دراسات منهجية في القضية الفلسطينية , سلسلة دراسات فلسطينية , العدد :1 , مركز الإعلام العربي , ط 1 , 2003 , القاهرة.93-   محمد السيد سليم , منظمة المؤتمر الإسلامي والقضية الفلسطينية , شؤون عربية , عدد 56 , أكتوبر 1985.94-  محمد الفرا , قضية القدس علي الساحتين العربية والدولية , شؤون عربية , عدد 40 , ديسمبر 1984.95-  محمد جاد الله , عام من محادثات التسوية – نظرية نقدية , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.96-  محمد خالد الإزهري , القوي الأوروبية الكبري وقضية فلسطين , شؤون عربية , عدد 50 , يونيو 1987.97-   محمد خليفة حسن, القدس والاستيطان " مؤامرة التهويد والمواجهة " , المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة , القاهرة 1999.98-   محمد علي حلة , القدس الشريف حقائق التاريخ وآفاق المستقبل , رابطة العالم الإسلامي, جدة, سلسلة دعوة الحق, عدد 192 , لعام 1421.99-      محمد علي حلة , الحركة الصهيونية , ج 2 , القاهرة.100-  محمد نصر الدين مهنا, مشكلة فلسطين والصراع الدولي 1945-1967 , معهد البحوث والدراسات العربية , سلسلة الدراسات الخاصة رقم : 14 , القاهرة 1978.101-    محمود شيت خطاب , أهداف إسرائيل التوسعية , دار الاعتصام , القاهرة , ط 3.102-   معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني , استراتيجية أمريكا لعملية السلام العربية  لإسرائيلية, مجلة الدراسات الفلسطينية , عدد 12,      خريف 1992.103-  ممدوح الروسان , إسرائيل مصلحة قومية أمريكية , شؤون عربية , الأمانة العامة لجامعة الدول العربية , القاهرة , عدد 33/34 نوفمبر / ديسمبر 1983.104-   منظمة المؤتمر الإسلامي , القرارات الخاصة بالقدس الشريف وفلسطين , الأمانة العامة , الجماهرية العظمي.105-   ميرون بنفينسيتي , العناق الحاسم " الانتفاضة - حرب الخليج - عملية السلام " , ترجمة أوري ديفيز , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.106-   ناصر الفضالة , أرض الإسراء دروس في العزة والفداء , مركز الإعلام العربي , القاهرة , سلسلة كتاب القدس , العدد رقم : 28 , الطبعة الأولي , 2005 م , ص 50.107-  نظام محمود بركات , الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , 1988.108-   هنري كتن , قضية فلسطين , ترجمة : رشدي الأشهب , السلطة الوطنية الفلسطينية , مطبوعات وزارة الثقافة , ط 1 , 1999.109-  وحيد عبد المجيد , إدارة ريجان الثانية "" مرحلة ثالثة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط "" , المستقبل العربي , عدد 73.110-سفر  التكوين111-سفر الخروج112-سفر التثنية113-سفر اللاوين114-سفر العدد115-سفر يشوع116-سفر القضاة117-سفر صموئيل118-سفر الملوك119-سفر أشعياء120-سفر عزرا121-سفر دانيال122-سفر عاموس 123-سفر نشيد الانشاد124-سفر الجامعة125-سفر ايوب126-المزامير127-انجيل متي 128-انجيل يوحنا129-انجيل لوقا130-أعمال الرسل131-إنجبل برنابا 132-رسائل بولس الى أهل غلاطيا133-رسائل بولس الى أهل رومية







                                                                                    الفهرسمسلسل الموضوع الصفحة1 الإهداء 22 المقدمة 34 بين يدى الكتاب 55 الباب الأول ./ الصهاينة وكيف جاؤءا إلينا 96 أقسام المجتمع الصهيوني 107 بنوا إسرائيل ولماذا أتوا إلى مصر ؟ 108 رحلات ابناء يعقوب عليه السلام إلى مصر 129 استقرار ابناء يعقوب عليه السلام فى مصر 1410 الباب الثانى / من بعثة موسى عليه السلام إلى الخروج من مصر 1511 موسى عليه السلام والرسالة 1912 خروج بنى إسرائيل من مصر 3213 الباب الثالث- سيدنا موسى عليه السلام والالواح 3414 بنوا إسرائيل وعبادتهم العجل 3515 الباب الرابع –بنوا إسرائيل من بعد موسى إلى نبى الله عيسى عليهما السلام 4716 داود عليه السلام والتابوت 4817 التابوت ونبى الله سليمان عليه السلام 5018 بنوا إسرائيل بعد سليمان عليه السلام 5319 يوشيا والتابوت 5520 عزرا الكاهن وسفر الشريعة 5721 الباب الخامس – بنوا إسرائيل قبل نبى الله عيسى عليه السلام 6122 بعثة المسيح عليه السلام وبنوا إسرائيل وتغيير تعاليم المسيح عليه السلام 6223 عقاب الله جل وعلا لبنى إسرائيل 6524 تأثير بنى إسرائيل على فكر المسيحين 6825 الباب السادس – المعصوم صلى الله عليه وسلم وبقايا بنى إسرائيل 7326 استقبال بنوا إسرائيل للمعصوم صلى الله عليه وسلم 7427 نموذج من مكيدة اليهود 7528 دخول الإسلام أرض الشام 8929 الحروب الصليبية وبنوا إسرائيل 9030 العهد العثمانى وبنوا إسرائيل 9231 الباب السابع – الصهيونية  //  أول مؤتمر للصهاينة 9332 أطوار الصهيونية 9533 بذور الصهيونية // فلسطين أم الأرجنتين 9634 من لا يملك أعطى لمن لا يستحق// الحرب العالمية الأولى 10235 معاهدة سايكس –بيكو // وعد بلفور والمعاهدة 10836 دعم الدول العظمى لإسرائيل 11637 الدولة اليهودية والاحتضان البريطاني 12438 اليهود واغتصاب أرض فلسطين 13139 الباب الثامن – اول حكومة صهيونية // مساندة بريطانيا للصهاينة 13740 برنامج للإستيلاء على آى أرض // هيئة الأمم المتحدة ودعمها للصهاينة 14641 الصهاينة والعدوان الثلاثى // بغض الصهاينة لمصر وللرئيس عبد الناصر 15642 الصهاينة ونكسة يونيو 16743 الباب التاسع – حرب اكتوبر وكسر شوكة الصهاينة 17145 الصهاينة وحرب اكتوبر// كامب ديفيد فى عيون الصهاينة 17346 الصهاينة وانهيار الاتحاد السوفيتى 18447 الصهاينة ورؤساء امريكا 18648 الباب التاسع – العلاقة بين الماسونية والصهيونية 19049 نظام التعليم فى إسرائيل 19450 الباب العاشر – نظام الحكم فى إسرائيل 19951 الباب الحادى العشر – التلمود والتلموديون 20552 المستوطنات الإسرائيلية // مفاعل ديمونة الإسرائيلى 21653 الباب الثانى عشر-الصهاينة والإرهاب 22354 الباب الثالث عشر – الأندلس وبنوا إسرائيل 23155 اتحاد فرديناند وإيزابلا                                   23556  القائد موسى بن غسان                                         23857 خداع النصارى لمسلمى الأندلس                         23958 إقتداء النصارى بإبليس                                   23959 تعذيب النصارى لمسلمى الأندلس بلا رحمة                   24360 محاكم التفتيش                                                   24561 شارل الخامس والتنصير الإجبارى                                   24762 الباب الرابع  عشر – الصهاينة ومذابح فلسطين                 26063  كلمة حق من أجل فلسطين   26264   المذابح 26565 مذبحة دير ياسين                                                                                             26766 مذابح الأقصى                                                               26967 مذبحة قبية                                               27468 معركة جنين                                         28069 محرقة غزة                                             28370 الخاتمة                                                 28871 المراجع   28972 الفهرس   297
           
                      





إنهم يكيدون كيدا

تحميل

عن الكتاب

المؤلف :

أحمد إسماعيل زيد

الناشر :

www.islamland.com

التصنيف :

مقارنة الأديان