قولوا آمنا بالله

                                   بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة19
بادئ ذي بدء لقد تنصل اليهود من معظم أسفار العهدين القديم والجديد ولم يؤمنوا إلا بالأسفار الخمسة الأولى وزاد بعض الفرق عليها بعض الأسفار ورفضوا الباقي والعجيب أن حمل المسيحيون العهدين القديم والجديد دون تفكير أو بحث ولوأنهم تروا قليلا وأمعنوا النظر فيهما لوصلوا إلى الحقيقة وهى الإيمان بالله جل وعلا وبنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم . 
 والعهدين القديم والجديد فى حاجة إلى تنقيح لأن بهما من التجاوزات والالفاظ التي لا يقبلها العقل والمنطق فضلا عن الدين , ولذا وجب علينا نحن المسلمين  أن نظهرها من باب { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأعراف164ولعل سائلا يسأل ألم يكن  فى العهدين أى بقايا لدين سليم سبق الإسلام ؟
 وإحقاقا للحق نقول :إن الحق سبحانه وتعالى كما أعمى أعين فرعون وجنوده عن موسي عليه السلام بل وجعل فرعون يربى موسي عليه السلام  فى قصره فى الوقت الذي أرسل فيه جنوده ليقتلوا من هم فى مثل سنه عليه السلام  ؛ و يربى من سيزول ملكه على يديه ليصدق قول الحق سبحانه { وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } الأنفال  24
فكذلك صرف الحق سبحانه وتعالى نظر اليهود والمسيحيين عن بعض النصوص الحقيقية لتظل شاهد صدق على قول الحق سبحانه {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ } المائدة 44 وقوله تعالى{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }المائدة46 
وكذلك النصوص التي تشهد بأن الحق سبحانه وتعالى اخبرهم عن نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم  فقد اخبرنا جل وعلا فى القرآن الكريم بذلك حين قال سبحانه وتعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157

   *   قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ  *
 * * * * * * * * * * * * *
  إعداد
أ / أحمد إسماعيل زيد
محاضر بالأكاديمية الإسلامية
لدراسات الأديان والمذاهب
محاضر بقناة الأمة الفضائية




                    المقدمة
                                   بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة19
بادئ ذي بدء لقد تنصل اليهود من معظم أسفار العهدين القديم والجديد ولم يؤمنوا إلا بالأسفار الخمسة الأولى وزاد بعض الفرق عليها بعض الأسفار ورفضوا الباقي والعجيب أن حمل المسيحيون العهدين القديم والجديد دون تفكير أو بحث ولوأنهم تروا قليلا وأمعنوا النظر فيهما لوصلوا إلى الحقيقة وهى الإيمان بالله جل وعلا وبنبيه محمد  صلى الله عليه وسلم . 
 والعهدين القديم والجديد فى حاجة إلى تنقيح لأن بهما من التجاوزات والالفاظ التي لا يقبلها العقل والمنطق فضلا عن الدين , ولذا وجب علينا نحن المسلمين  أن نظهرها من باب { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأعراف164ولعل سائلا يسأل ألم يكن  فى العهدين أى بقايا لدين سليم سبق الإسلام ؟
 وإحقاقا للحق نقول :إن الحق سبحانه وتعالى كما أعمى أعين فرعون وجنوده عن موسي عليه السلام بل وجعل فرعون يربى موسي عليه السلام  فى قصره فى الوقت الذي أرسل فيه جنوده ليقتلوا من هم فى مثل سنه عليه السلام  ؛ و يربى من سيزول ملكه على يديه ليصدق قول الحق سبحانه { وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } الأنفال  24
فكذلك صرف الحق سبحانه وتعالى نظر اليهود والمسيحيين عن بعض النصوص الحقيقية لتظل شاهد صدق على قول الحق سبحانه {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ } المائدة 44 وقوله تعالى{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }المائدة46 
وكذلك النصوص التي تشهد بأن الحق سبحانه وتعالى اخبرهم عن نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم  فقد اخبرنا جل وعلا فى القرآن الكريم بذلك حين قال سبحانه وتعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157











                    

                                  
                            
                            ( بين يدى الكتاب )
  كنت وأنا اقرأ قول الله سبحانه وتعالى { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } (التوبة : 33 ) وأنظر إلى حال أمتنا لا فى تلك الأونة فحسب بل من زمن بعيد ؛ قد يرجع إلى ما قبل الألفية الثانية وإلى ما تعرضت أمتنا الغالية له من تفتت وفرقة مما جعل الأعداء يطمعون فيها وفى خيراتها ومن يومها وهم يطبقون على انفاسنا وجاثمون عى صدورنا .
 وكنت أتسال أى ظهور تقصده الأية الكريمة ؟ ولكن سرعان ما دار بخلدى قول الحق سبحانه  {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }(سبأ : 46 وقول الحق سبحانه { ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ } (الملك : 4 ) وحينها أدركت مغزى الأية الكريمة . وأن القصور فى فهمنا نحن لا فى الأية الكريمة .
لأن الأية الكريمة لا تقول ليظهر المسلمين على أجناس الأرض وإنما بين جل وعلا أن الظهور للرسول الكريم وللدين العظيم وهذه حقيقة لامراء فيها وبخاصة حين منّ الله جل وعلا على بالإطلاع على كتب السابقين سماوية كانت أو وضعية .
 سماوية مثل ما بقى من التوراة والإنجيل والذين أصبحا تحت مسمى العهد القديم والعهد الجديد . والكتب الوضعية من أمثال ما كتب  عن بوذا , وزرادشت , وكونفشيوس  وغيرهم من أصحاب الكتب الكبرى من أمثال " فصة الحضارة " لكاتبها  "ول ديورانت"  و "توماس كارليل " وغيرهم .
 وجدت أن هذه الكتب جميعا أو مفرقة لا تستطيع أن تقيم مجتمعا مثاليا كما وصف رب العزة جل وعلا الأمة الإسلامية التى قام القرآن الكريم بإرساء دعائما وأقام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بنيانها حتى قال عنها جل وعلا {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } ال عمران 110  
وأن تبلغ مثاليتها الأفاق فيتعامل أهلها مع الأخرين بنفس المبادئ التى يتعاملون بها مع اخوتهم , وأكبر دليل على أن ديننا أظهره الحق سبحانه وتعالى وسيظهره  على الدين كله وإلى قيام الساعة أن من ينظر للمسلمين يراهم فى ضعف وهوان ومع هذا إذا أرادت الأمم الأخرى الإحتكام إلى أمر ما فلا يجدون أمامهم إلا الإسلام  . فإذا أرادت أسرة من أهل الكتاب تقسيم ميراث أو تركة تجدهم دون تفكير يلجأون إلى الإسلام ليقسم لهم الميراث .
ولذا رأيت أن أتناول فى هذا الكتاب ما قام به أهل الكتاب من تقول على الله جل وعلا من تسجيل أوصاف لا تليق بجلاله سبحانه وتعالى فى كتبهم . كما نبين ما فى العهدين القديم والجديد من إختلافات  لا تليق بكتب زعم أصحابها أنها من عند الله العزيز الحكيم  لأنه من غير المعقول أن تختلف الأمور على الحق سبحانه وتعالى " حاشاه " وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
 وحتى لا يكون الكلام مرسلا رأيت أن أضيف إلى ما سبق حياة أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام وأتناولها بالتوضبح من العهد القديم والعهد الجديد وإنجيل برنابا والتلمود لعلهم يتفقون. ولكن هيهات وصدق الحق حين قال { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } (النساء : 82 )
والسبب هو تدخل الأحبار والكهنة فىكتبهم بما لا داع  له , وصدق الحق حين قال ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (البقرة : 79 )
وقسمت الكتاب الى خمسة فصول :
الأول :"بنوا إسرائيل وتقولهم على الله جل وعلا " وبينت فيه ما أقدم عليه بنوا إسرائيل من تسجيل أوصاف لا تليق بالله جل وعلا فى كتبهم والتى يزعمون انها مقدسة وتركوها رغم غلوها وشططها لتظل نموذجا لأبناءهم ولأن أهل الكتاب كثيرا ما يحرفون الكلم رأيت أن أدعم بعض النصوص من العهد الفديم بنصوص إنجيليزية من التراجم المعتمدة لديهم مثل ترجمة الملك جيمس .
الثانى : " ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " وبينت فيه حقيقة سيدنا عيسى كما بينها القرآن الكريم  وذكرت ما قاله أهل الكتاب وافتراءاتهم على نبى الله عيسى عليه السلام  وبينت فيه كيف أنصف القرآن الكريم نبى الله عيسى عليه السلام  .
الثالث :" البشارات بالمعصوم صلى الله عليه وسلم " وبينت فيه عددا من البشارات من العهدين القديم والجديد والتى حرصت على أن أبينها بالإنجليزية والعبرية فى بعض الأحيان لأن أهل الكتاب يطوعون اللغة حسب مفاهيمهم  ليحرفوا الكلم عن مواضعه .
الرابع : " برنابا وبولس  " وبينت فيه حقيقة كلا الرجلين وما قاما به تجاه الدين المسيحى وأيهما خدم الدين  , ومن منهما أرسى  مبادئ  لا تمت للدين بصلة ؟
الخامس: " نبى الله إبراهيم عليه السلام بين القرآن وكتب المسيحين " وبينت فيه الإختلافات التى تسبب فيها الأحبار فى العهدين القديم والجديد والعجيب انها فى موصوع واحد كان ينغى أن لا يختلفوا فيه.
 والله جل وعلا أسأل أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم .وأرجو منك عزيزى القارئ إن وجدت خيرا أن تدعوا الله جل وعلا لى وللأمة بالخير ,  وإن وجدت تقصيرا فسل الله جل وعلا أن يعيننى وأن يبصرنى بالحق إنه ولى ذلك والقادر عليه  فلقد علمنا سبحانه وتعالى ذلك فى قرانه الكريم حين قال جل وعلا  { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (البقرة : 286 )                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        0                                             إعداد /  أحمد إسماعيل زيد 
                                                             محاضر بالأكاديمية الإسلامية
                                                                لدراسات الأديان والمذاهب

                                الفصل الأول
      " تقول بنوا إسرائيل على الله جل وعلا "

1-زعم بنوا إسرائيل أن الرب ( حاشاه ) سكن فى الضباب .
2-زعمة بنوا إسرائيل أن الرب (حاشاه ) فى إسرائيل فقط .
3-  صوت مشى الله (حاشاه ).
4-زعموا أن الرب (حاشاه ) يركب ملاكا ويطير فوقه .
5-زعموا أن الرب ( حاشاه ) يرضخ لتهديد نبى الله موسى عليه السلام .
6-زعموا أن الرب (حاشاه ) يسبنبى الله داود عليه السلام .
7-زعموا أن الرب ( حاشاه ) وجل حروب .
8- زعموا أن الرب (حاشاه )يبكى .
9-زعموا أن الرب (حاشاه )يخشى من إجتماع خلقه .
10-زعموا أن الرب (حاشاه ) عاقب نساء نبى الله داود عليه السلام .
11-ذكر فى العهد القديم أن الله سبحانه وتعالى على كل شئ قدير .
12-ذكر فى العهد القديم أن الله جل وعلا صادق .



                                           مقدمة :
وسنبين الأن ما وضعه الأحبار والكهنة من عند أنفسهم من صفات لا تليق بجلال الله سبحانه وتعالى زاعمين أنهم بذلك قادرون على النيل من الذات العلية (حاشاه )جل وعلا (قاتلهم الله ) 
فلقد صور العهدين القديم والجديد الحق تبارك وتعالى بصورٍ لا تليق أبداً بجلاله سبحانه وتعالى ، فالعهد القديم وحده به ما يربوا عن مائة وصف لاتليق بجلال الله سبحانه وتعالى ويعلم الله جل وعلا أننا لا نطيق ذكرها ولا تكرارها ولكن نذكرها لنكشف للجميع زيف بنى إسرائيل لأن لهذه الصفات مغزى عندهم نبينها فى حينها بإذن الله تعالى  .
 ولنعلم أنه مادام لا أمان لهم فى الحفاظ على منهج الله وماداموا قد تجرؤا على الله سبحانه وتعالى فلا مانع لديهم من إرتكاب الموبقات لأن القرآن الكريم أخبرنا عن هؤلاء فقال تعالى ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (آل عمران : 118 )
ومن ثم فعلينا الحذر وألا نأمن جانبهم  , لأنه من كذب على الله جل وعلا فهو على غيره سبحانه وتعالى أكذب . ومن المعلوم أن الكذب نقيصة من أسوأ النقائص التى قد يتصف بها بشر , ألا تذكر  عزيزى القارئ أن علماءنا الأجلاء كانوا ولا يزالون يرفضون أى حديث تشوبه أى بادرة كذب ؛ كأن يكون الراواى للحديث بعيدا عن عصر الصحابة أو عرف عنه التدليس إلى أخر تلك الأمور .
 لأن النبى صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الكذب صفة زميمة لا يتخلق بها مؤمن  , ولذا حذر النبى صلى الله عليه وسلم من الكذب فقال " إياكم والكذب , فإن الكذب يهدى إلى الفجور , والفجور يهدى إلى النار , ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " وهنا منتهى الخطورة لأن الحق سبحانه وتعالى يقول{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (الزمر : 60 )             
 إلا أن بنى إسرائيل بلغوا من الجراة وخفة العقل إلى أن وصفوا الله جل وعلا بصفات عجيبة منها :
1-الرب ساكن في الضباب !!!
فذكروا فى العهد القديم وعلى لسان سيدنا سليمان  عليه السلام الآتى :
( حينئذ قال سليمان. قال الرب إنه يسكن في الضباب ) 
وفى ترجمة الملك جيمس    :  
THEN said aSolomon, The LORD hath said that he would dwell in the thick darkness.
-But I have built an house of habitation for thee, and a place for thy dwelling for ever.
حاشاه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا فآى ضباب وأى مكان  هذا الذى يحوي الحق جل وعلا وإنما هى نفوس بنى اسرائيل وعقولهم المظلمة والتى لاتستطيع العمل إلا فى الظلام كالخفافيش ؛ لأنهم وما يعملون من خبائث لا يستطيعون الجهر بها . والعهد القديم يشهد ببذاءت وسفاهات لايقبلها العقل والمنطق فضلا عن الدين فما من نبى ولا صالح إلا وأصابه من بغى بنى إسرائيل وفسادهم ما يغيظ ولم يشف صدورنا إلا حفظ الحق سبحانه وتعالى القرآن الكريم  فبه راينا وعلمنا الأخبار صادقة لسير الأنبياء العظماء وبشكل مشرف راق قدر مرسلهم ومعلمهم سبحانه وتعالى وصدق الحق حين قال ( َإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (فصلت :41/ 42 )
ولعل قائلا يقول ربما يقصد بنوا إسرائيل قربهم من الله أو قرب الله جل وعلا منهم تماما مثل قوله تعالى فى القرآن الكريم (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (الزخرف 84 ) فيقولون أليس من فى الضباب على الأقل أفضل من فى الأرض ؟ نقول لهم شتان بين قولهم وقول القرآن الكريم , وكذلك شتان بين إستحضار المسلمين لعظمة ربهم جل وعلا وشعورهم بقربه سبحانه منهم وبين فهم بنوا إسرائيل لقرب الله منهم ففى الوقت الذى يؤمن فيه المسلمون بأن الله جل وعلا فى السماء عرشه وفى الأرض سلطانه .
 بمعنى أن يؤمن المسلمون بأن الله جل وعلا موجود فى الأرض بقدرته وعلمه واطلاعه على اعمال خلقه  وتسيره جل وعلا لشئون خلقه سبحانه وتعالى ( يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (الرحمن : 29 ) فسبحانه وتعالى يرفع أقواما ويضع أخرين كما أننا نؤمن بأنه جل وعلا القائل  (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (يونس : 61  وهذا يعنى أننا لانؤمن بأن الله جل وعلا مجسدا فى الأرض أو أنه ( حاشاه ) موجود فى الحجر أو الشجر أو الضباب الى أخر هذه الخرافات  التى ملأ بها بنوا إسرائيل كتبهم .
 وإن قيل بأنهم يقصدون وجوده عن قرب منهم  نقول لهم : لا؛  لأنهم  لم يقدروا الله حق قدره فكان ينبغى أنهم ماداموا يذكرون أن الله جل وعلا منهم بهذا القرب أن يراعوا منهج الله حق رعايته وأن يخشوا الله حق خشيته .إلا أنهم ذكروا فى العهد القديم العديد من النصوص عن إرتكابهم الفواحش جهارا بل وفى الخيمة التى هى فى شرعهم مهبط إلاله ومستقره بينهم .
هذا بخلاف مانؤمن به نحن السلمين فنحن نستحضر عظمة ربنا فى كل وقت وحين بل نحن نخشى الله جل وعلا سرا وعلانية بل إن لنا حدودا لا نتعداها ونواهى لا نقربها ودليلنا فى ذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم فكان دائما  يقول (انى لاتقاكم لله واخشاكم له ) مع أنه صلى الله عليه وسلم  غفر له ما تقدم من ذنبه وما تاخر ) وعن هذا يحدثنا الصحابى الجليل أنس بن مالك رضى الله عنه  فيقول :
{ جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني } !مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
إلا أنه كان يعبد الله جل وعلا حتى تورمت قدماه فلما سالته الصديقة عائشة بنت الصديق رضى الله عنهما قائلة : لما كل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟  قال صلى الله عليه وسلم (أفلا أكون عبدا شكورا )
فعن أم المؤمنين  عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت  " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لم تصنع هذا يا رَسُول اللَّهِ وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا "  متفق عَلَيْهِ. هذا لفظ البخاري. ونحوه في الصحيحين من رواية المغيرة بن شعبة
 وليس هذا فحسب بل لعلك عزيزى القارئ تذكر موقف جبريل عليه السلام ليلة الاسراء والمعراج حين توقف عند السماء السابعة وقال لرسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم تقدم أنت يا محمد فلو تقدمت أنت لأخترقت ولو تقدمت أنا لأحترقت  , وتلا قول الله تعالى (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (الصافات : 164 )
إذن فزعمهم بأن الله جل وعلا يسكن الضباب لا يدل إلا على قوم بهت لا يقدرون الله حق قدره كما يدل على أنهم إنما يريدون أن يؤصلوا لأبنائهم مبدأ غاية فى الغرابة ألا وهو إذا كان لجلال الله سبحانه أن يختبئ فى سحاب أو ضباب ليرشدهم أو يعلمهم فمن الأولى أن تكون تحركاتهم وأفعالهم كذلك فى الخفاء لا يعلم بها أحد وعلى أن يكون الظاهر للبشر غير ما يدبرونه لهم من مؤمرات .
فليفعلوا ما يشاؤون فــ (َاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ (البروج : 20 )) لأنه جل وعلا القائل (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (الزخرف :79/ 80 )
وما أذكر ذلك إلا تذكرة لأمتى الحبيبة فلا يؤمنوا إلامن تبع الإسلام ومنهج الحبيب صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ( وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (آل عمران : 73 )
2-الله موجود في إسرائيل فقط !!!
كم كنت أود أن يطلع العرب والمسلمون وبخاصة الشخصيات المنوط إليها التعامل مع بنى إسرائيل على كتبهم ومناهجهم الخاصة بهم ؛  لأنها تمثل  المبدأ الأصلى الذى بستندون إليه وقت الحاجة فهم لا يطبقون سوى منهجهم ولا يراعون غير أراء علماءهم  ولن يتسنى لنا معرفة أسرارهم إلا إذا راينا وعرفنا طريقة تفكيرهم فيقال ( المرء مخبؤء تحت لسانه)
 ولذا يقال ( تكلم حتى أراك ) فهيا نفترب من بنى إسرائيل لنرى كيف يؤصلون لأبنائهم المبادئ التى نراها ؟ فبعدما ذكروا أن الله جل وعلا ( حاشاه ) يسكن الضباب فإذا بهم يرون أن الضباب بعيدا عنهم  وهم يريدونه أقرب إليهم من ذلك فقالوا أنه جل وعلا ( إله إسرائيل فقط ) فذكروا فى العهد القديم ما نصه :
 (( فرجع إلي رجل الله هو وكل جيشه ودخل ووقف أمامه وقال هو ذا قد عرفت انه ليس اله في كل الأرض إلا في إسرائيل. والآن فخذ بركة من عبدك.) 
And he returned to the man of God, he and all his company, and came, and stood before him: and he said, Behold, now I aknow that there is no bGod in all the earth, but in Israel: now therefore, I pray thee, take a cblessing of thy servant.
   سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ؛  لأن الصالح لبنى إسرائيل لوا أنهم يفكرون : أن يكون الله جل وعلا لكل العالمين , لأنه بمنتهى البساطة لولا أن الله جل وعلا إله ورب لكل العالمين  لدمرت الأجناس الأخرى بنى إسرائيل وإلى الأبد وإنما هى رحمة الله جل وعلا الذى جعل البلاد المجاورة قديما لبهم يعاملوهم معاملة حسنة لأنهم أصحاب الأنبياء والرسالات.
 فلو ترك الحق سبحانه وتعالى الأمم  لأبادوهم من على وجه البسيطة ومع هذا كان  الحق جل وعلا يعرضهم للإحتلال والتشريد وبعرض بيوتهم للدمار والتخريب وكل هذا لتتحرك مشاعرهم وليثوبوا إلى رشدهم وليتفكروا ما سبب هذه الإنتهاكات التى تحدث لهم عملا بقوله تعالى( فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (الأنعام : 43 )
 إلا أن بنى إسرائيل بلغت بهم القسوة درجة نسوا معها المنهج الأصيل الذى جاءهم به موسى عليه السلام ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (الأنعام : 44 إلا أن حقد بنى إسرائيل وتعاليهم على البشر جعلهم يثيرون حفيظة الشعوب المجاورة مما دفعهم أن يسومومهم سؤء العذاب فتحقق فيهم قول ربنا سبحانه وتعالى ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأعراف : 167 )
ولكن هناك ثمة سؤال ألا وهو : ما يضيرنا نحن المسلمين من قول بنى إسرائيل أن الله جل وعلا موجود فى إسرائيل ؟ نجيب على ذلك بأنه قد صورت لهم عقولهم بعدما راوا من الله جل وعلا لهم وتفضيله سبحانه إياهم على عالمى زمانهم بالنبوة والكتاب كما حكى القران الكريم على لسان سيدنا موسى عليه السلام فقال سبحانه (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ (المائدة : 20 ) ومن ثم أرادوا أن يخبروا أبنائهم :  أنه لو كان فى الشعوب المجاورة خير لأكرمهم الله سبحانه بالوجود بينهم كذلك .
ولعل قائلا يقول : ألا يشبه ذلك قول رسولنا صلى الله عليه وسلم لأبى بكر الصديق ليلة الغار حين قال له " والله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرأنا "حينها قال المعصوم صلى الله عليه وسلم " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " فيفهم من قول المعصوم وجود الرب جل وعلا معهم فى الغار وهو أقل مساحة من المكان الذى كان يسكنه بنوا اسرائيل ؟
 نقول : نعم  , ولكن شتان بين إعتقاد المعصوم صلى الله عليه وسلم والصديق رضى الله عنه بالله جل وعلا وبين إعتقاد بنى إسرائيل فى الله سبحانه وتعالى , فالمعصوم صلى الله عليه وسلم  يؤمن إيمانا راسخا بأن الله جل وعلا( عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (سبأ : 3
وأنه سبحانه وتعالى سيعصم نبيه محمد صلى الله عليه وسلم  ليبلغ رسالة ربه  وكذلك يؤمن المعصوم صلى الله عليه وسلم بأن لله جل وعلا صفات جلال يهب الحق بعض خلقه شيئا منها فالله جل وعلا " الغنى " ولا يمنع ذلك أن يهب الحق سبحانه بعض خلقه بعضا من المال فيصبحون فى عرف الناس أغنياء  أو يهب بعض خلقه ملكا فيصبحون ملوكا وحكاما على خلقه ولم ينكر عليهم سبحانه ذلك بل أعلمنا أن الملك بيده يؤتيه من يشاء فقال سبحانه { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(آل عمران : 26 )
فعلى نفس السياق يؤمن المعصوم صلى الله عليه وسلم بأن الله جل وعلا لا تدركه الأبصار ومن ثم فقد يفيض جل وعلا عليه وعلى صاحبه بهذه المنة فلا يراهما أحد حتى تمر المحنة وتصبح معجزة للمعصوم وكرامة للصديق وتثبيتا له حتى إذ وكل الأمر إليه فلا يخشى فى الله لومة لائم بل وليعلم أنه لا يحدث فى كون الله إلا ما أراده الله سبحانه وتعالى , وقد كان فحين ولى الصديق رضى الله عنه الخلافة وارتدت بعض القبائل ومنع البعض الأخر الزكاة وادعى اناس ماكرون النبوة فإذا به يقابل هذه المواقف بقلب شجاع قوى ودحض الله به هذه الردة . فلما سألوه : آنى لك تلك الثقة دوننا ؟ قال قولته الشهيرة ( والله ما دخل اليأس قلبى من ليلة الغار )
فهل كان لبنى إسرائيل مثل هذا الإعتقاد الطيب ؟  بالطبع لا ؛  لأنهم كثيرا ما عاندوا الله ورسوله ولقولهم أنه لا يوجد إله فى كل الأرض إلا فى إسرائيل له خطورته :
 أولا : فهم بذكرهم وتأكيدهم بأنه لايوجد إله فى كل الأرض إلا فى إسرائيل فهذا عين الكفر لأن الحق سبحانه وتعالى له مافى السموات وما فى الأرض بل لا يغيب عنه سبحانه وتعالى شئ منهما فقال جل وعلا .
{ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة : 255 )
 ثانيا: إنما ذكروا ذلك ليوهموا الشعوب المجاورة : بما أن الله جل وعلا  فضلهم على غيرهم وسكن أرضهم فهم إذن أفضل منهم  , ودائما يذكرون فى نصوصهم هذه الخصوصية وهى أن  الله جل وعلا إنما هو إله لبنى إسرائيل فحسب , ومن ثم اختلقوا فكرة أنهم  أبناء الله وأحباءه 
ولهذه المقولة خطر أشد إذ أنهم أقنعوا أبناءهم أنهم من الله بمكانة الإبن من ابيه ولعلك تدرك الفارق الشاسع بين تصرف الابن وتصرف الخادم أو العبد فالابن إنما يتصرف فى ملك ابيه وكأنه ملكه لا يعترضه أحد ؛ بينما لا ينسى الخادم أو العبد مهما  أسند إليهم من مهام أنهم فى النهاية إنما يقومون بحدمة أسيادهم وليس لهم من الأمر شئ وعليه فلا شئ علي بنى إسرائيل إن حاربوا  أو قتلوا  و طردوا  الشعوب من أوطانهم  ظانين أنهم بذلك أفضل منهم وأولى بالسكن فى أى مكان يرغبونه .
ولذا فلينتبه الجميع فبنوا إسرائيل لن يخرجوا من أرضنا بالمفاوضات والمعاهدات إنما هى فى نظرهم هدنة يدعمون فيه أنفسهم ويزيدون فيها من تسليحهم  ويكسبون فيها رايا عالميا أكثر , فى الوقت الذى يبذلون فيه قصارى جهدهم ليصيبوا المجتمعات الإسلامية بالفرقة والعزلة عن بعضها البعض مما يزيد ويضاعف من المشاكل السياسية والإجتماعية لأنه بمنتهى البساطة إن كا هناك توحد بين المسلمين فلن تجد عاريا ولا عاطلا وستصبح المشكلات شئ من الماضى , لا أقول بأن الوحدة بين المسلمين لا يوجد معها مشاكل البته ولكن أعنى أن نسبتها حينئذ لن تذكر لما نراه الأن . 
ولذا حسم الحق سبحانه تلك القضية فحين قالوا (نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ) رد عليهم جل وعلا على الفور بقوله سبحانه ( قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (المائدة : 18 )) إذن فبنوا إسرائيل مثلهم مثل كل البشر يخضعون للنظام العام ألا وهو { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } (الروم : 44 )
 ثالثا: قولهم هذا دفع ببعض أفرادهم أن يتحدثوا عن الله جل وعلا بزعم أنهم يبلغون الناس أوامر الله والرسل ألا وهم الكهنة والأحبار . فأوهموا أتباعهم بما أنهم الأبناء فإن لديهم من العلم ما يقارب ماعند الله أو بمعنى أوضح إن تكلم الإبن أو أصدر قرارا ولو من عند نفسه سيظن العاملون أنه من عند ابيه  , ولعب الأحبار على هذا الوتر فأصبحوا يحلون ويحرمون وفقا لرغباتهم لا وفق منهج الله .
 والعجيب أن بنى إسرائيل أطاعوا الأحبار أكثر من طاعتهم للأنبياء مما أخرجهم من دائرة الإيمان فقال تعال ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة : 31 ) وليس معنى ذلك أنه تصريح من الرب بأن يتخذوهم آلهة ولكن تبكيت من الرب لهم . وكانت عبادتهم إياهم أن نفذوا تعاليمهم وأوامرهم تاركين أوامر الله جل وعلا وتوجيهات الرسل صلوات الله وسلامه عليهم .
 بل الأخطر من ذلك أن الكهنة أوهموا أتباعهم بأن الأنبياء قد يؤثروا سلبا على عقولهم وإيمانهم ومن ثم فلا خلاص ولا نجاة إلا إذا تخلصوا من الأنبياء ومن سار على نهجهم وفى هذا يقول تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (آل عمران : 21 )
رابعا :تسببت هذه المقولة فى طغيان الأحبار والحاخامات حتى ظنوا أنهم يستطيعون أن يبلغوهم  من التعاليم مثل ما ينزل الله جل وعلا على أنبياءه بل وأكثر  .وبما أن الأحفاد يسيرون على نهج الأباء والأجداد وصدق القائل " من شابه أباه فما ظلم"  فنحن نرى  بنى إسرائيل نصارى كانوا  أو يهود إنما يضربون  باراء المجتمعات وكتبهم عرض الحائط ولا ينفذون إلا ما يمليه عليهم البابوات والحاخامات وإن أبدوا إلينا خلاف ذلك .
ألا تذكر من أشعل الحروب الصليبية والتى راح ضحيتها الملايين من المسلمين والمسيحين على السواء بخلاف  التخريب والنهب الذى حل بديارنا آنذاك  ؟ إنه البابا أوربان الثانى والعجيب أنه أرجعها الى الله لتاخذ القدسية فقال " انها ارادة الله "
وليتهم مع هذا أخلصوا العبادة لله سبحانه فقد رايناهم أكثر الأمم كفرا بالله وبنعمه عليهم بل إن الشعوب المجاورة لهم آنذاك كانت تخلص فى العبادة لاصنامها وأوثانها أكثر من إخلاص بنى إسرائيل العبودية لله رب العالمين  فبعدما ذكروا أن الله سبحانه ( حاشاه ) يسكن الضباب ) لم يكتفوا بذلك بل قالوا إنه فى إسرائيل وقلت لهذا الأمر خطورته فإذا بهم  يؤصلون هذه الفكرة لأبناهم ويحاولون جاهدين أن يبينوا لهم بأن الله جل وعلا أقرب إليهم من هذا . بل من اليسير أن يسمعوا صوته وأن يخاطبوه وأن يختبؤ منه ان أخطأو ولا حرج عليهم فقد زعموا  أن الرب هو الذى علمهم ذلك بنفسه ( حاشاه ) وبين لهم ماحدث من آدم عليه السلام  معه جل وعلا  ليكون لهم فيه القدوة ( قاتلهم الله ) وإليك عزيزى القارئ ما يزعمونه بهذا الخصوص .
3-صوت مشي الله !!
كأنى بك عزيزى القارئ وأنت تقول ما هذا ؟ " صوت مشى الله " لعل الكاتب يقصد " صوت الله " فإن كان يقصد صوت الله جل وعلا فماذا فيه ؟ ألم يخبرنا القرآن الكريم أن الله جل وعلا كلم موسى تكليما  إذن  مادام هناك كلام إذن فهناك صوت وفى القرآن الكريم {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (الشعراء : 10 )
( حاشا لله ) أن ننكر ذلك ولكننى أبين  ما ذكره بنوا إسرائيل من وصف لله جل وعلا حين وصفوه سبحانه وهو ( حاشاه ) يتريض فى الجنة  يتمشى فيها  وليتهم وقفوا عند هذا الحد لقلنا أنه قصور فهم أو عدم إدراك . ولكنهم  أرادوا أن يبينوا لأبناهم أن الرب  جل وعلا قريبا منهم كما راينا من قبل بل ويستطيعون أن يتخفوا منه إن أرادوا  أو  إرتكبوا إثما .
والعجيب أو إن شئت قل المفزع أنهم ذكروا تلك الأحداث مع نبى الله آدم عليه السلام وفى بداية كتبهم والتى ينبغى أن تكون مقدسة لأنهم جميعا يجزمون بأن الأسفار الأولى هى التى نزلت على موسى عليه السلام فإليك عزيزى القارئ النص فيقول كاتب سفر التكوين مشيراً إلي آدم وحواء : (( وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار ))   ولهذا النص حكاية أغرب من الخيال نحكيها بالتفصيل لأنه سبب فى العديد من القضايا ذات الإهتمام والتى نختلف فيها مع بنى إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحين :
فكنت أظن أن الكهنة والأحبار حين وقعوا هم وأبنائهم اليهود فريسة لأهل أشور وبابل وغيرهم من الشعوب ظننت أنهم سيلجئون إلى الله جل وعلا ليفرج ما هم فيه من كرب وبلاء عملا بقول الحق جل وعلا {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ }الانعام/43  إلا أنهم عميت بصائرهم فبدلا من إتباع أوامر الحق جل وعلا واجتناب نواهيه , وأن يلزموا أبنائهم بالعوده إلى كتاب الله ومنهج الأنبياء فإذا بهم ينسبون ماهم فيه إلى الله جل وعلا فيتهمونه سبحانه( حاشاه ) بأنه نسيهم مما أوقعهم فى ذل العبودية والشقاء 
 لأن بنى إسرائيل لم يعترفوا بأن ذنوبهم وقتلهم الأنبياء هو الذى تسبب فيما هم فيه  ولكنهم جعلوا النسيان صفة من صفات الحق سبحانه (حاشاه ) وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
  والعجيب أنهم سجلوا  ما يقولون وما يزعمون فى كتاباتهم لتكون دستورا  لهم على مر السنين  فأول ما ذكروه فى ذلك أن الرب لم يعلم  بما حدث من آدم وزوجته حين اكلا من الشجرة فقالوا إن آدم وحواء " سمعا صوت الرب الاله  ماشيا فى الجنه عند هبوب ريح النهار فاختبا  ادم وامراته  من وجه الرب الاله فى وسط الجنه  فنادى  الرب الاله ادم  وقال  له اين انت  قال سمعت صوتك فى الجنه فخشيت لانى عريان فاختبات  فقال له من اعلمك انك عريان هل اكلت من الشجرة التى اوصيتك الا تاكل منها  "      
      وفى ترجمة الملك جيمس :                             
 -And they heard the voice of the LORD God awalking in the garden in the cool of the day: and Adam and his wife hid themselves from the presence of the LORD God amongst the trees of the garden.
  -And the LORD God called unto Adam, and said unto him, Where art thou?
  -And he said, I heard thy voice in the garden, and I was afraid, because I was naked; and I hid myself.
  -And he said, Who told thee that thou wast naked? Hast thou eaten of the tree, whereof I commanded thee that thou shouldest not eat?
  -And the man said, The woman whom thou gavest to be with me, she gave me of the tree, and I did eat.
  ولقد  ذكر بنوا إسرائيل هذا النص لحاجات فى أنفسهم ومنها:
- أرادوا أن يصوروا الذات الإلهيه وهو يتريض فى الجنه) حاشا لله (لأنه سبحانه وتعالى  لا يحيطه زمان ولا مكان والصواب أن الحق جل وعلا إن أراد أن يسمع أحدا من خلقه فليس بحاجة أن يقترب منه أو أن ينتظر هبوب رياح لتساعد الصوت على الوصول إلى مراده جل وعلا فهو سبحانه يسمع من يشاء
-كما أنهم أرادوا تأصيل مبدا غاية فى الغرابة ألا وهو أن الرب قد لا يعلم كثيرا مما يعملون) قاتلهم الله ( و الله جل وعلا  يقول ( وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)  يونس / 61  فزعموا أن الرب جل وعلا لم يعلم  بما حدث من آدم وزوجته إلا بعد أن أخبراه جل وعلا بما بدر منهم .
  لأنهم نقلوا عن الرب قوله لآدم عليه السلام "من أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التى نهيتك الا تاكل منها "فإن قالوا بأن السؤال قد يكون تقريرى آى أن الرب أراد أن  ينطق آدم عليه السلام  بما بدر منه نقول لهم بأن القرآن عبر عن ذلك بطريقة أكثر بلاغة وأوضح وأبعد عن الشك فقال سبحانه وتعالى( فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ) الأعراف/22
-وأراد الأحبار أن يبينوا لأبنائهم أن الحق جل وعلا أصيب (حاشاه ) بذهول حين علم أن آدم عليه السلام أكل من الشجرة تدرى لماذا ؟ لأنهم ذكروا أن الرب جل وعلا حين أسكن آدم الجنه لم يخبره بالحقيقه التى أخبر عنها القرآن الكريم حين قال تعالى (  إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى )طه/118 ولن يحظى بذلك إلا إذا اتبع أوامر ربه حين قال سبحانه وتعالى (  َقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ   ( البقرة /35 
 ففى القرآن الكريم ينبه الحق جل وعلا آدم عليه السلام بأنه سيجلب على نفسه الشقاء إن إقترب من الشجرة وأكل منها وعصى ربه سبحانه وتعالى لأنه فى الجنة فى النعيم المقيم الذى لايبذل جهدا للحصول عليه فإن أخطأ وأكل من الشجرة  سينزل إلى الأرض ويعمل فيها ويكد للحصول على ما يسد رمقه هو وابنائه ولذا قال الحق سبحانه وتعالى ) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) طه/117  وذكر القرآن  ذلك  لأكثر من فائد:
حين  يصدر الحق سبحانه وتعالى نهيا لعباده فلا ينهاهم عن ارتكابه أو الوقوع فيه فحسب بل ينهاهم جل وعلا عن الإقتراب إلى المنكر فيقول سبحانه وتعالى(  وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (الانعام 151 وبين الرسول صلى الله عليه وسلم سبب ذلك حين قال :كراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)     
فـبين القرآن الكريم من أول وهله لآدم عليه السلام ما ينفعه وما يضره ولم يكذب عليه أو يخدعه كما  بين القرآن الكريم أن الفترة التى قضاها آدم عليه السلام فى الجنة إنما كانت فترة إعداد وليتعلم آدم عليه السلام وبالتجربة ثواب من يطع الله سبحانه وتعالى وجزاء من يعص الحق سبحانه وتعالى لأن الله جل وعلا إنما خلق آدم لإعمار الأرض فقال سبحانه وتعالى { هُوَأ َنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فيها ) هود/61 ثم إن لهم ميعاد قال عنه سبحانه ( وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ  البقرة / 281  بخلاف ما ذكر فى العهد القديم بهذا الخصوص فقالوا:
-  أن الرب جل وعلا  ( حاشاه ) خدع آدم عليه السلام  حين قال "  من جميع شجر الجنة تاكل اكلا  أما شجرة معرفة  الخير والشر  فلا تأكل منها  لانك  يوم تاكل منها  موتا تموت " فذكروا أن الرب جل وعلا حدد نوع الشجرة حتى لايأكل آدم منها ويصبح عارفا لكل شى ولذلك حين أكل من الشجرة غضب الرب لا لأنه عصى اوامره بل لأنه اصبح مصدر خطر حتى زعموا أن الرب جل وعلا قال    "   هوذا الانسان اصبح كواحد منا عارفا الخير والشر " 
   ولذلك سرعان ما فكر الرب فى طريقة يتخلص بها من آدم عليه السلام  مبررا ذلك "والأن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة  ايضا  ويأكل  ويحيا إلى الأبد ' فسارع الرب بإخراجه من الجنة أخرجه الرب  الإله  من جنة عدن  ليعمل الارض التى اخذ منها  فطرد الإنسان' 
 مما شجع  اليهود  على إرساء مبدأ من أشد المبادئ خطورة  بناء على ما قام به الرب فقالوا فى) البروتوكول السادس(  " وفى الوقت نفسه سنعمل بكل وسيله ممكنه لطرد كل ذكاء  اممى من الارض "  أرايت عزيزى القارئ كيف رسم الأجداد الطريق للأحفاد لاستئصال كوادر الأرض ونرى هذا بين الحين والأخر بما يقومون به من إغتيالات)  قاتلهم الله)
 - زعموا أن الرب جل وعلا إنما وضع آدم عليه السلام فى الجنة لا ليتعلم كما ذكرنا ولكن ليعملها وليحفظها فقالوا"ووضع الرب الإله آدم  فى الجنة  ليعملها وليحفظها " وذكروا ذلك ليبينوا لأبنائهم  إن هناك امورا قد يوكلها الرب لبعض خلقه ليتولوا حفظها  لأنه فى شغل دائم  ولايستطيع متابعة كل شى( حاشاه) وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وأكدوا ذلك فقالوا إن الرب دائما فى حاجة إلى حاخاماتهم بدليل أنهم ذكروا بعد نزول آدم عليه السلام  الى الأرض   'واقام شرقى  جنة عدن  الكرويم  ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة"
  - كما أراد الكهنة  والأحبار أن يبينوا لأبنائهم أن المرأة هى سبب كل الشرور  فهى فى نظرهم  أول من تشككت فى كلام الرب حين سالت الحية " فقالت المراة للحية  من ثمر الجنة نأكل  وأما ثمر الشجرة التى فى وسط  الجنة  فقال الله  لاتاكلا  منها  ولاتمساها لئلا تموتا "
- ثم ذكروا أن آدم عليه السلام  ما أكل من الشجرة إلا بعد أن أغوته حواء"  فقال المراة التى اعطيتنى هى التى  أغرتنى فاكلت منها وما قالوا ذلك إلا ليقللوا من مكانة المراة  فجعلوا ذلك سببا فى عبوديتها للرجل فزعموا أن الرب جل وعلا بعد هذه الواقعه  قال "تكثيرا  أكثر أتعاب حبلك  بالوجع تلدين أولاد وإلى رجلك يكون اشتياقك  وهو يسود عليك"  
ومن ثم فهم أول من أهان المراة ولولا أن القرآن الكريم أخبرنا بمكانة المراة من الرجل فقال سبحانه وتعالى ) وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )البقرة /  228ووعد الحق سبحانه وتعالى الجميع نساء ورجال بقوله جل وعلا (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ) ال عمران /195 لو لا ذلك لظلت المراة ترزخ تحت نير الذل والعبودية .
  زعموا أن الحية استطاعت أن تكشف  ما حاول الرب إخفاءه عن آدم عليه السلام  فقالوا  إن الحية" قالت الحية للمراة  لن تموتا  بل الله عارف اته يوم تاكلان منها  تتفتح اعينكما  وتكونان كالله عارفين الخير والشر وصدق الحق جل وعلا حين قال " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ) الكهف/5
وهذا يفسرلنا سبب اتخاذهم الحية شعارا لهم فهم يحاولون تقليدها بكل السبل فى ليونتها إذا أرادوا الوصول إلى غرض ما وفى خداعها وتربصها بمن حولها للإنقضاض عليه حين تحين لها الفرصة والعجيب انهم انما يناقضون انفسهم فى قضية رؤية الله جل وعلا :  فصرح يوحنا  بأن الله لم  يره أحد قط . واكد يوحنا في رسالته الأولى بقوله : ( ما من أحد رأى الله ) وجاء في سفر الخروج قول الرب لموسى وَلَكِنَّكَ لَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإنسانَ الَّذِي يَرَانِي لاَ يَعِيشُ) 
 إلا أننا نجد أن هناك نصوصاً تناقض هذا و تؤكد رؤية الله !فقد جاء في سفر التكوين [أن نبي الله يعقوب رأى الله وجهاً لوجه فهو يقول : (( لأني نظرت الله وجهاً لوجه ) )وجاء في سفر الخروج أيضاً أن الرب كلم موسى وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه !
وورد في سفر الخروج: بل وقالوا ان كثير من بنى اسرائيل راؤ الله جل وعلا حاشاه فقالوا ( ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَرُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إسرائيلَ، وَرَأَوْا إِلَهَ إسرائيلَ، وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَرْضِيَّةٌ كَأَنَّهَا مَصْنُوعَةٌ مِنَ الْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ تُمَاثِلُ السَّمَاءَ فِي النَّقَاءِ، وَلَكِنَّ اللهَ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ لِيُهْلِكَ أَشْرَافَ بَنِي إسرائيلَ. فَرَأَوْا اللهَ وَأَكَلُوُا وَشَرِبُوا. 
.4-الرب يركب ملاكاً ويطير فوقه  ! 
حقا (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً (الكهف : 5 ))وها هى كذبة اخرى وافتراء على الذات العلية سبحانه وتعالى  فلادرى أي أيد استطاعت أن تكتب مثل هذا الهراء فى حق الله جل وعلا  (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ  المائدة64 وها هى مقالتهم
( عِنْدَئِذٍ ارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَتَزَلْزَلَتْ. ارْتَجَفَتْ أَسَاسَاتُ السَّمَاوَاتِ وَاهْتَزَّتْ لأَنَّ الرَّبَّ غَضِبَ. نَفَثَ أَنْفُهُ دُخَاناً، وانْدَلَعَتْ نَارٌ آكِلَةٌ مِنْ فَمِهِ، فَاتَّقَدَ مِنْهَا جَمْرٌ. طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، فَكَانَتِ الْغُيُومُ الْمُتَجَهِّمَةُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. امتطى مَرْكَبَةً مِنْ مَلاَئِكَةِ الْكَرُوبِيمِ وَطَارَ وَتَجَلَّى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ)    
  -Then the earth shook and trembled; the foundations of heaven moved and shook, because he was wroth.
-There went up a smoke out of his nostrils, and fire out of his mouth devoured: coals were kindled by it.
  -He bowed the heavens also, and came down; and darkness was under his feet.
-And he rode upon a acherub, and did fly: and he was seen upon the wings of the wind.
  -And he made adarkness pavilions round about him, dark waters, and thick clouds of the skies.
-Through the brightness before him were coals of fire kindled.
  -The LORD thundered from heaven, and the most High uttered his voice.
 لا حول ولا قوة إلا بالله وليس هذا فحسب بل قالوا فى نص أخر مطابق لما سبق فى سفر زكريا عن الله جل وعلا والسيد الرب ينفخ في البوق ويسير في زوابع الجنوب  وكذلك قالوا "الرب له أنف يخرج منه دخان وله فم يخرج منه نار ( كتنين ضخم )
لقد كتبها بنوا إسرائيل وهم فى التيه وزمان السبى والتشريد لأن أعداءهم كانوا إذا بطشوا بهم لم يرحموهم بسبب معصيتهم لله جل وعلا ولأنهم "  فعلوا الشر في عيني الرب وعبدوا " البعليم "  فكان إنتقام الرب سبحانه منهم  بأن " دفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم ، وباعهم بيد أعداهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم "       وإليك عجب العجاب فيزعمون أن الرب حين راى ما حدث لهم وسمع آنينهم وصراخهم أدرك أنه غالى في غضبه ، وأنه كان متسرعاً في قراره ، فيعلن ندمه (حاشاه )فقالوا  ( لأن الرب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم ومزاحميهم ) أرايت المعنى الضمنى الذى يريدون تعليمه لأبنائهم من هذه النصوص ؟ أرايت مدى خطورتها ؟ لعل الأمور تكون قد اتضحت بعض الشئ وفهمنا إصرارهم على حربنا  وطرد إخواننا وتعذيبهم .
 ولأنهم عاشوا تقريبا طوال تاريخهم ما بين سبى وتشريد و إحتلال وعبودية فأرادوا أن يخيفوا أعداهم فبعدما أخبروهم بأن الرب العظيم إله هذا الكون إنما هو لهم هم دون غيرهم ولذا فهو سبحانه يسكن بديارهم وأنه يرى ما يفعله الأعداء بأبنائه واحبائه ومن ثم فهو يستعد لياتيهم فوق مركبات وعلى أجنحة الملائكة وكله غيظ وحنق على الأعداء ليبيدهم  وليأكدوا لأبناهم هذا الشعور قالوا هذه السفاهات وسجلوها فى العهد القديم .
ولكن فوق وقاحتها  مازالت باقية وقد انتهى زمن التشريد فإن دل هذا فإنما يدل على أنهم مازالت فى نفوسهم بقية من حقد وحنق على البشرية لدرجة انهم يتمنون ان ماكانوا  يخيفون به الأعداء يوما ما يصبح حقيقة  . وبما أن هذه الأمور لا أساس لها أخبرنا الحق سبحانه بقوله ( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران : 175
وركز القرآن الكريم على ذلك لأنه فى كل جيل تظهر طبقة ممن يميلون للتعامل معهم رغم تحذير الحق لهم بقوله تعالى (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (النساء : 139 )وبمكر اليهود يوقعون من تعامل معهم تحت قيود ومعاهدات  تجعله لا يستطيع التفلت منهم و الحق سبحانه ينبه هؤلاء بقوله تعالى  (َأتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (التوبة : 13
5-  الرب يرضخ لتهديد موسى !!
وليبينوا لأولادهم أنهم من الله بمكان  وأن الله جل وعلا  لا يؤخر لهم طلبا أو رجاء بل بإمكانهم أن يأمروه جل وعلا ( حاشاه ) فيلبى طلبهم على الفور فقالوا فى العهد القديم :
وَقَالَ مُوسَى لِلرَّبَّ: هَا أَنْتَ قَدْ قُلْتَ لِي: قُدْ هَذَا الشَّعْبَ، وَلَكِنْ لَمْ تُعْلِمْنِي مَنْ سَتُرْسِلُ مَعِي. ثُمَّ قُلْتَ: إِنِّي عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ وَحَظِيتَ بِرِضَايْ. فَالآنَ إِنْ كُنْتُ حَقّاً قَدْ حَظِيتُ بِرِضَاكَ، فَأَرْشِدْنِي إلي طَرِيقِكَ لِكَيْ أَسْلُكَ حَسَبَ قَصْدِكَ، وَأَحْظَى بِمَسَرَّتِكَ، وَاذْكُرْ أَيْضاً أَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ هِيَ شَعْبُكَ».فَأَجَابَهُ: إِنَّ حُضُورِي يُرَافِقُكَ فَأُرِيحُكَ».فَقَالَ مُوسَى: إِنْ لَمْ تُرَافِقْنَا بِحُضُورِكَ، فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ هُنَا إِذْ كَيْفَ يُدْرَكُ أَنَّنِي وَشَعْبَكَ قَدْ حَظِينَا بِرِضَاكَ؟ أَلَيْسَ بِمُرَافَقَتِكَ لَنَا، فَنَتَمَيَّزُ أَنَا وَشَعْبُكَ بِذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ السَّاكِنِينَ فِي الأَرْضِ؟» فَأَجَابَ الرَّبُّ مُوسَى: «سَأَفْعَلُ عَيْنَ هَذَا الأَمْرِ الَّذِي الْتَمَسْتَ. لأَنَّكَ حَظِيتَ بِرِضَايْ وَأَنَا عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ )) 
And Moses said unto the LORD, See, thou sayest unto me, aBring up this people: and thou hast not let me know whom thou wilt send with me. Yet thou hast said, I bknow thee by cname, and thou hast also found grace in my sight.
  -Now therefore, I pray thee, if I have found agrace in thy sight, bshew me now thy cway, that I may know thee, that I may find grace in thy sight: and consider that this nation is dthy epeople.
  -And he said, My apresence shall go with thee, and I will give thee brest.
  -And he said unto him, If thy presence go not with me, carry us not up hence.
  -For wherein shall it be known here that I and thy people have found grace in thy sight? is it not in that thou agoest with us? so shall we be bseparated, I and thy people, from all the people that are upon the face of the earth.
 - And the LORD said unto Moses, aI will bdo this thing also that thou hast spoken: for thou hast found grace in my sight, and I know thee by name.
هل أدركت عزيزى القارئ من أين جاءت فكرة شعب الله المختار ؟  فهم كمن اختلق الكذبة وصدقها بل دعا إليها فأى إمتياز وهم بهذه السفاهة إذن كل ما أريد أن ابلغه لك عزيزى القارئ أن تدرك أن هؤلاء لا وزن لهم ولا قيمة إنما هم يعيشون على إفتراءات الماضى . 
والمحزن أننا نجد من بنى جلدتنا من يردد وراهم تلك الخرافات بل وقد يزيدون عليه كما قالوا قديما : أنهم القوة التى لا تقهر ومع أن الحق سبحانه وتعالى كشف زيفهم للأمة فى موقعة العاشر من رمضان الموافق السادس من اكتوبر عام 1973 وبارك جل وعلا  فى جنود مصر الأخيار وحطم بهم الاسطورة وكشف سؤاة بنى إسرائيل فى ساعات معدودة إلا أننا نرى من يلهث خلفهم لما ؟  لا ندرى فاخشى ما أخشاه هو قول الحق سبحانه (َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (المائدة : 51 )
ومن المعلوم ان المرء يحشر مع من يحب فليختر كل امرء رفيقه من الأن بل والمكان الذى يرغبه  إما مع الأحبة  محمد صلى الله عليه وسلم وصحبة فى مقعد صدق عند مليك مقتدر واما مع فرعون وهامان وشارون فى جهنم وبئس المصير .
وإن قال فائل إنما انت تتجنى عليهم فهم قد طووا تلك الصفحة وبداؤ معنا صفحة اخرى فلما كل هذا السواد ؟ نقول له أى سواد تعنى ما بداخلنا ام ما بداخلهم  ؟ أنحن من إغتصب الأرض وهتك العرض  ؟ ولا يزال قابع على صدور أبنائنا بل ويمنع مليار مسلم واكثر من دخول المسجد الأقصى ؟ أى صفحات يا أخى أفق فالحق سبحانه وتعالى نبهنا وحذرنا منهم اكثر من مرة وهو جل وعلا أعلم بهم فقال سبحانه وتعالى { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) المائدة 82 
 ولكى أبين لك عزيزى القارئ  أنهم لن يتخلوا عن تلك المزاعم فإليك نص أخر على لسان نبى بعد موسى عليه السلام بسنوات عديدة مما يدل على أنهم حريصون على تجديد مثل هذه الأمور على مر الزمان حتى تؤخذ مأخذ الجد من الأبناء  ويعلمون أنها من القدسية بمكان فقالوا :
: أن داود وجميع الشعب أخذوا تابوت الله الذي يسمى رب الجنود الجالس على الكروبيم ، وجروا التابوت على عجلة والرب جالس في التابوت يتفرج عليهم ، وهم يرقصون فرحاً بعودته من الأسر من عند الفلسطينيين بعد أن ضربهم الرب بالبواسير . وكان الرب جالساً في التابوت طوال الوقت . ونبي الله داود وكل الشعب يرقص ويغني ويلعب بالربابة ، وينفخ بالمزمار ، ويضرب بالدفوف والجنوك ، ابتهاجاً بالنصر وبعودة رب الجنود الجالس على الكروبيم داخل التابوت من الأسر !  
 أرايت قدر الفرحة التى يصفونها عند عودتهم لدرجة جعلتهم يقولون أى شئ فجعلوا داود عليه السلام ( حاشاه )  يرقص  وينفخ بالمزمار وأن الرب جالس فى التابوت " هزيان  ما بعده هزيان ". ونحن نثق أن هذا لم يحدث من نبى الله داود عليه السلام لأن أنبياء الله لا يتصرفون مثل الصبية حين يمن الله جل وعلا عليهم بالنصر ونستطيع قياس ذلك لما كان يحدث من المعصوم صلى الله عليه وسلم عند النصر فكان يسجد لله شكرا فنحن نشهد ببراءة نبى الله  داود ومن فبله نبى الله موسى عليهما السلام من بذاءات بنى اسرائيل .
 ثم المضحك لماذ ضربهم الرب بالبواسير ؟ أكانوا يعانون منها فى زمان السبى والتشريد؟ ندعوا الله العلى القدير ان يضربهم  بها الأن " امين "
والعجيب أنهم ذكروا أن الرب غضب على داود عليه السلام مما يدل على تخبطهم فى ذكر الأحداث لأنه كان ينبغى أن يحمد لداود ما فعل  . إلا انهم قالوا إن الله سب داود  عليه السلام وأمر الأخرين بسبه لماذا ؟
6-يقولون :الله يسب نبيه داود عليه السلام !!:  
))وَعِنْدَمَا وَصَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ إلي بَحُورِيمَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ هُنَاكَ يَنْتَمِي إلي عَشِيرَةِ شَاوُلَ، يُدْعَى شِمْعِي بنَ جِيرَا، وَرَاحَ يَكِيلُ لَهُ الشَّتَائِمَ، 6وَرَشَقَ دَاوُدَ وَرِجَالَهُ وَالشَّعْبَ الَّذِي مَعَهُ وَالأَبْطَالَ الْمُلْتَفِّينَ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ بِالْحِجَارَةِ. 7وَهُوَ يُرَدِّدُ فِي شَتَائِمِهِ: اخْرُجْ! اخْرُجْ يَارَجُلَ الدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيِّعَالَ! 8لَقَدْ رَدَّ الرَّبُّ عَلَيْكَ كُلَّ مَا سَفَكْتَهُ مِنْ دِمَاءِ بَيْتِ شَاوُلَ الَّذِي مَلَكْتَ عِوَضاً عَنْهُ، وَقَدْ سَلَّمَ الرَّبُّ الْمَمْلَكَةَ إلي أَبْشَالُومَ ابْنِكَ. وَهَا أَنْتَ غَارِقٌ فِي شَرِّ أَعْمَالِكَ لأَنَّكَ رَجُلُ دِمَاءٍ. 9
فَقَالَ أَبِيشَايُ ابْنُ صُرُوِيَّةَ لِلْمَلِكِ: «لِمَاذَا يَشْتِمُ هَذَا الْكَلْبُ الْمَيْتُ سَيِّدِي الْمَلِكَ؟ دَعْنِي أَهْجُمُ عَلَيْهِ فَأَقْطَعَ رَأْسَهُ. 10فَقَالَ الْمَلِكُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِكُمْ يَابَنِي صُرُوِيَّةَ. دَعُوهُ يَشْتِمْ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ اشْتِمْ دَاوُدَ. فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْأَلَ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هَذَا؟ 11وَقَالَ الْمَلِكُ لأَبِيشَايَ وَسَائِرِ رِجَالِهِ: هُوَذَا ابْنِي الَّذِي خَرَجَ مِنْ صُلْبِي يَسْعَى لِقَتْلِي، فَكَمْ بالْحَرِيِّ هَذَا الْبَنْيَامِينِيُّ. دَعُوهُ يَشْتِمْ لأَنَّ الرَّبَّ أَمَرَهُ بِشَتْمِي. 12لَعَلَّ الرَّبَّ يَنْظُرُ إلي مَذَلَّتِي، وَيُكَافِئُنِي خَيْراً عِوَضَ شَتَائِمِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ . )) 
والعجيب أن أعداءهم لم يتأثروا بهذا الهراء ؛ لأنهم يعلمون أن الرب سبحانه وتعالى مالك هذا الكون أكبر من أن يحيط به زمان أو مكان بدليل انهم ماعبدوا الأصنام إلا أنهم ظنوا أنها تقربهم إلى الله جل وعلا  . ولكن بنوا إسرائيل ظلوا وكانهم يحدثون أنفسهم وزرعوا فى نفوس أبنائهم هذه الصور الخاطئة عن الله جل وعلا (حاشاه ) وتعالى عن ذلك علوا كبيرا بل ووصفوه فى العهد القديم بأنه رجل حروب ليرهبوا أعداهم إذا علموا أن الرب جبار ورجل حرب ويصرخ فى وجهه الأعداء لعلهم يرتدعون .فقالوا فى العهد القديم :
7-ان الرب جبار ورجل حرب !!
فذكروا أن سيدنا موسى عليه السلام  قال "هذا الهي فأمجده إله أبى فارفعه الرب رجل الحرب الرب اسمه  مركبات فرعون وجيشه القاهما  في البحر"  في هذا النص يزعمون أن سيدنا موسى عليه السلام يصف الرب جل وعلا بأنه رجل الحرب مشبها إياه سبحانه(حاشاه ) بالأبطال الأشداء الذين تعدهم الأوطان لمجابهة الصعاب .
  وهذا التشبيه لا يليق بجلال الله سبحانه لأنهم يناقضون أنفسهم فيذكرون نصا يحذرهم فيه الرب أن يشبهوه سبحانه بأحد" بمن تشبهونني فأساويه  يقول القدوس  ارفعوا أعينكم إلى العلا  وانظروا  من خلق هذه من الذي يخرج بعدد جندها يدعوا كلها بأسماء لكثرة القوة  وكونه شديد القوة  ولا يفقد احد"  
ومع هذا فبنوا إسرائيل يصرون على تشبيه الحق سبحانه بالبشر فيذكرون نصا في) سفر اشعياء) يقولون فيه " الرب كالجبار  يخرج كرجل حروب  يهتف ويصرخ  ويقوى على أعدائه " 
وليس هذا فحسب بل يقولون انه من شدة حزنه على شعبه يشرب الخمر فيعتريه ما يعتر الشاربون  فيقول كاتب المزمور عن الله سبحانه وتعالى : (( فاستيقظ الرب كنائم كجبار معيط من الخمر يصرخ عالياً من الخمر ))    
- كما يصف بنوا اسرائيل الرب جل وعلا (حاشاه) بانه شره وغضوب ومتعطش للدماء
  لم يجد بنوا إسرائيل ما ينفثون به عن سمومهم وعما يدور بخلدهم إلا كتبهم فسجلوا  فيها نصوصا تتفق إلى حد كبير وطبائعهم ونفوسهم المريضه إلا أنهم نسبوها لله جل وعلا ليبرروا لابنائهم بأنهم انما يتشبهون بالرب فى افعاله ) قاتلهم الله ) ومن الصفات العجيبه التى نسبها بنوا إسرائيل للذات العلية سبحانه وتعالى ) شره و غضوب ومتعطش للدماء( .
فذكروا فى العهد القديم أن الرب جل وعلا لديه رغبة ملحة فى رؤية الدماء فقالوا إن الرب قال لموسى)  كلم بنى إسرائيل  أن ياخذوا لى تقدمة  من كل من يحبه قلبه  وهذه هى التقدمه  التى تاخذونها  منهم ذهب  وفضه  ونحاس واسمانجونى  وارجوانى  وقرمز وبوصى وسفر مقدس  وجلود كباش محمرة  وجلود     (
ولقد تأثر كتبة العهد القديم بهذه الصفات فنسبوها لله جل وعلا فصوروا قاتلهم الله الرب جل وعلا (حاشاه ) بوصف عجيب فقالوا (هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه ربُّ الأرباب وملك الملوك ) )وليس هذا فحسب بل قالوا (اللهُ أَخْرَجَهُ مِنْ مِصْرَ، وَقُوَّتُهُ مِثْلُ الثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ.)  
بل أكدوا هذا بنص بأخر )  كلم بنى إسرائيل  وقل لهم  إذا قرب إنسان  منكم قربانا  للرب من البهائم  فمن البقر والغنم  تقربون قرابينكم  ويذبح العجل امام الرب ويرشون  الدم  على المذبح  الذى لدى باب خيمة الاجتماع  اما اذا كان يمام  او حمام  يعصر دمه على حائط المذبح        (
من الفقرتين السابقتين  نرى:
ـ إن الأحبار نسبوا للرب جل وعلا حاشاه الرغبة فى إمتلاك كل شى واى شى بداية من الذهب الى البوص والجلود وهذا لايجوز لان الحق جل وعلا له ملكوت السموات والارض وخذائنه جل وعلا لاتنفد ( وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (المنافقون : 7 ) وإن قالوا بأن  هذه قرابين دعا إليها موسى عليه السلام  قومه للتقرب لله جل وعلا نقول لهم نعم ونحن المسلمين أمرنا بتقديم الأضاحى ولكن ليست بهذه الطريقه والحق جل وعلا بين ذلك حين قال ( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ( الحج  /37 فإن دل ذلك إنما يدل على رغبة بنى إسرائيل انفسهم فى رؤية الدماء
 بهذا أصل بنوا إسرائيل  لابنائهم  إراقة دماء الاخرين  فبه يتقربون الى الله جل وعلا  وهو سبحانه وتعالى برئ مما يزعمون  بدليل أنهم قالوا)    انه يجب علينا حين نستحوذ على السلطه ان نمحق كلمة الحرية من معجم الانسانية  باعتبار ان السلطة رمز القوة  الوحشية  الذى يمسخ الشعب حيوانت متعطشه للدماء  ( وفى التلمود قالوا) :  اقتل الصالح من غير اليهود) كما يقولون ) محرم على اليهودى  ان ينجى احدا من باقى الامم من الهلاك  او يخرجه من حفرة يقع فيها(
حقا انهم( يبغونها عوجا   (
أرايت كيف غرس بنوا إسرائيل فى نفوس ابنائهم حقد الأخرين والرغبة فى التخلص منهم أين هذا الحقد الأعمى من التوجيهات الرحيمة التى أوصى  بها الحق جل وعلا  فى القران الكريم  فقال سبحانه وتعالى(   يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13  فى هذه الأية الكريمة  يخبر الحق جل وعلا  العباد بأنهم  جميعا  ابناء لاب واحد  فلا ينبغى أن يتعالى بعضهم على بعض أو أن يظلم بعضهم بعضا  وأكد الحق جل وعلا ذلك فى الحديث القدسى
 حين قال  ) يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلاتظالموا فالحق جل وعلا أمر خلقه  أن يتجنبوا الظلم بكل أشكاله  ومن اشد انواع الظلم هو ان يظلم الانسان اخيه بلا ذنب إلا انه يختلف عنه فى اللون أو الجنس  أو الدين  فالحق جل وعلا يأبى ذلك كله وكذلك أوصى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  أصحابه والأمة بأسرها ألا تمتد ايديهم بسوء إلى أحد أيا كان جنسه أو لونه أو دينه  حتى قال صلى الله عليه وسلم ( من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامه  ( بخلاف ما يدعوا إليه بنوا إسرائيل  كما راينا
  
   مع أنهم يقولون في نص أخر " ليس مثل الله "  وبنوا إسرائيل يعلمون أن هذه النصوص ليست من عند الله ولكنهم يذكروها ليرهبوا  الأمم الأخرى  لأن في إعتقادهم أن الله جل وعلا إنما هو لهم وليس لكل العالمين   فدائما يؤكدون أن الله سبحانه وتعالى  إنما هو اله ) إبراهيم واله إسحاق واله يعقوب ) فهم بهذا إنما يرغبون  في تخويف الأعداء
  فحين يعلم الأعداء أن إله بنى إسرائيل من القوة حتى أنه يصرخ ويهتف ويصيح ويخيف الأعداء لاشك أنهم سيفكرون أكثر من مرة إذا أرادوا الإقدام على هؤلاء والحقيقة أن هذا ما يدور بخلد بنى إسرائيل  لأنهم ذكروا في (البروتوكول التاسع ( ما يكشف عن ما بداخلهم  فيقولون " إن لنا طموحا لا يحد شرها لا يشبع نقمة لاترحم  وبغضاء لا تحس إننا مصدر إرهاب بعيد المدى"  فهذه الفقرة أظهرت ما يضمره بنوا إسرائيل للبشرية من أحقاد وبغضاء ورغبة جامحة في تدميره مؤكدين ذلك  بفقرة أخرى  في )البروتوكول الرابع عشر)
"بقولهم  حينما نمكن لأنفسنا  فنكون سادة الأرض  لن نبيح قيام دين  غير ديننا  لهذا السبب  يجب علينا تحطيم كل عقائد الأديان بل ويرغبون فى إمتلاك كل شئ وحذروا أبنائهم بأن الرب قد يقضى بالهلاك على كل من يفرط فى هذا الأمر وإن كان ملكا بأمر الله من قبل وحتى تضح هذه الفكرة أكدوها فى العهد القديم فقالوا أن  الرب أمر شاؤول ، أول ملك يهودي بما يلي :
)اذْهَبِ الآنَ وَهَاجِمْ عَمَالِيقَ وَاقْضِ عَلَى كُلِّ مَالَهُ. لاَ تَعْفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَلِ اقْتُلْهُمْ جَمِيعاً رِجَالاً وَنِسَاءً، وَأَطْفَالاً وَرُضَّعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جِمَالاً وَحَمِيرً.)  
أرايت كم الحقد والغيظ فما ذنب الأطفال والنساء والحيوانات ؟ لاشئ سوى رغبة بنى إسرائيل فى ابادة الجنس البشرى تماما أو ما يذكرهم بهم فهم يخشون إن بقى فى الأرض حيوانا فإنه سيحاربهم  ويطالبهم بأرض أصحابه فعلى الأقل فإنه لن يدنسها بسفك دماء ولن يعص الله جل وعلا . هذا يدلنا على أنهم أجبن خلق الله فإنهم إن وجدوا فرصة ظنوا أنها النهاية فلابد أن ينتهزوها وإلا دارت عليهم الدائرة  .
وحينها لن يبق الأخرون منهم نسمة وصدق الحق حين قال ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأعراف : 167   فيا قومنا أفيقوا وقولوا لهم ما قاله الحق سبحانه {قولوا أمنا بالله }. نعود لشاؤول فإذا به اجتهد برايه فقتل كل من قابله من البشر من الأطفال إلى الشيوخ إلا انه استبقى الغنم والخراف تدرى ماذا حدث ؟
 استشاط الرب  غضباً من تصرف شاؤول ، لعدم قتله الغنم والبقر والخراف ، فأعلن الرب ندمه لأنه جعل شاؤول ملكاً !!!  فقالوا ان الرب قال  للنبي صموئيل : (( لَقَدْ نَدِمْتُ لأَنِّي جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، فَقَدِ ارْتَدَّ عَنِ إتِّبَاعِي وَلَمْ يُطِعْ أَمْرِي )  
-It brepenteth me that I have set up Saul to be king: for he is turned back from following me, and hath not performed my commandments. And it grieved Samuel; and he cried unto the LORD all night.
  -And when Samuel rose early to meet Saul in the morning, it was told Samuel, saying, Saul came to Carmel, and, behold, he set him up a place, and is gone about, and passed on, and gone down to Gilgal.
  -And Samuel came to Saul: and Saul said unto him, Blessed be thou of the LORD: I have performed the commandment of the LORD.
ومن ثم شرع الرب فى البحث عن ملك أخر لإسرائيل ألا وهو داود عليه السلام واعانه على التخلص من شاول .
   ولذا حذرنا الحق جل وعلا من مولاة بنى إسرائيل فقال سبحانه وتعالى ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة /51  وبين سبحانه وتعالى السبب في ذلك فقال جل شانه) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون)  َالممتحنه/  2
  لأن طبيعة اليهود هي العداء السافر لبنى البشر وكأنهم لايريدون بشرا يجاورونهم  وبخاصة من يؤمن بالله حق الإيمان فقال سبحانه وتعالى) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُود) َالمائدة /82 ومن ثم دعا الحق جل وعلا المؤمنين به سبحانه وتعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحيوا حياة كريمة  بعيدة عن المذلة والمسكنة والهوان ان يلتزموا بما امروا به فى القرآن الكريم فقال جل وعلا) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ  (الأنفال /24 
ولأن مولاة اليهود ومن على شاكلتهم لا يسمن ولا يغنى من جوع  بل إن مولاة المغضوب عليهم لاتجلب إلا الغضب من الله سبحانه وتعالى  فاليهود لايؤمن شرهم ولايرجى خيرهم  فماذا ينتظر من قوم غضب الله عليهم وأذلهم وأذاقهم الخزى إلا أن يذيقوا من والاهم مما ذاقوه من مذلة ومسكنة والتاريخ كله يشهد بذلك فمن الذى سعد بمولاته لليهود ؟
  فلقد عانت كل الدول التى نزل بها اليهود أشد المعاناة لأنهم ما إن يستقروا بمكان حتى ينشروا فيه الفساد بعاملاتهم بالربا  والرشا ناهيك عن الإباحية وتجارة السلاح والغش لأنهم دائما وأبدا) يبغونها عوجا(
5-والعجيب أن لديهم من الأساليب الخداعية ما يعجب له الإنسان لأنه لاشك أن أبنائهم أو أعدائهم سألوهم مادمتم بهذا القرب من ربكم وأنه ساكن فى وسطكم وسيأتى على مركبات ويصرخ ويخبف الأعداء فلماذا إذن لا تكادوا تنتهوا من إحتلال أو سبى حتى تقعون فى أخر ؟ فوجدناهم  سرعان ما يتفلتون من هذه المواقف بأعذار هى فى الحقيقة أقبح من الذنب فإذا بهم يخبرونهم بأن الرب ندم ندما شديدا على تفريطه فى حقهم أو أنه تركهم نهبا لأعدائه ومن ثم حين يفيق من الندم و البكاء سيتفرغ للأعداء ويتخلص منهم ولا حول ولا قوة إلا بالله فاذا بهم يقولون :
8-الله يبكي وعيناه تذرفان الدموع ليلاً ونهاراً على أورشليم !!!
فزعموا أن الرب قال لنبيه ارمياء :
)َقُلْ لَهُمْ هَذَا الْكَلاَمَ: لِتَذْرِفْ عَيْنَايَ دُمُوعاً لَيْلاً وَنَهَاراً، وَلاَ تَكُفَّا أَبَداً لأَنَّ أُورُشَلِيمَ سُحِقَتْ سَحْقاً عَظِيماً بِضَرْبَةٍ أَلِيمَةٍ جِدّاً.)  وليس هذا فحسب بل زعموا أن  : الله يدعو على نفسه بالهلاك والويل !!! لأنه هكذا قال الرب . ويل لي من أجل سحقي . ضربتي عديمة الشفاء .فقلت إنما هذه مصيبة فأحتملها . خيمتي خربت وكل أطنابي قطعت . بني خرجوا عني . ليس من يبسط بعد خيمتي ويقيم شققي 
-Gather up thy wares out of the land, O inhabitant of the fortress.
-For thus saith the LORD, Behold, I will sling out the inhabitants of the land at this once, and will distress them, that they may find it so.
  -Woe is me for my hurt! my wound is grievous: but I said, Truly this is a grief, and I must bear it.
  -My atabernacle is spoiled, and all my cords are broken: my children are gone forth of me, and they are not: there is none to stretch forth my tent any more, and to set up my curtains
وليتهم انتهوا إلى هذا الهراء إلا أنهم غالوا فى أمرهم فزعموا أن الرب جل وعلا يعانى الأمرين من أجلهم  . أنظر كم يبذلون من الجهد والكذب ليرسخوا لأبنائهم مهجا لا يحيدون عنه ونحن لدينا منهج صدق ووعد حق .فهل من مستجيب ؟ و لا حول ولا قوة الا بالله .
فإذا بهم يزعمون : أن الله سبحانه وتعالى يقول عن نفسه ( لِهَذَا أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ وَأَمْشِي حَافِياً عُرْيَاناً، وَأُعْوِلُ كَبَنَاتِ آوَى، وَأَنْتَحِبُ كَالنَّعَامِ )   وأنا أيضاً أصفق كفي على كفي وأسكن غضبي ، أنا الرب تكلمت )    ( إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً )الكهف : 5 )
بل وزعموا انه جل وعلا يتلوى الما :فيحكي أرميا على لسان الله عز وجل ( حاشاه )  لَشَدَّ مَا أَتَعَذَّبُ! لَشَدَّ مَا أَتَعَذَّبُ! قَلْبِي يَتَلَوَّى أَلَماً. فُؤَادِي يَئِنُّ فِي دَاخِلِي فَلاَ أَسْتَطِيعُ الصَّمْتَ )  وفي ترجمة الفانديك يقول الرب : (( أحشائي . أحشائي . توجعني جدران قلبي . يئن في قلبي ))ما رايك عزيزى القارئ ؟ هل بعد ما قالوه فى حق الله ولا زالوا يتعبدون به  الا زلت تثق بهم وبمؤتمراتهم ومعاهداتهم  ؟
 بالله عليك هل لعاقل أو من عنده مسحة عقل أن يصدق هذا الهراء تدرى ما سبب ذلك ؟ لأنهم اقتبسوا من أجدادهم كاتبوا الأسفار الأولى أن الرب جل وعلا حاشاه ندم لأنه أغرق البشر بطوفان وعزم على ألا يعود لمثلها فكما ندم على الطوفان كذلك يندم لما يحل ببنى إسرائيل وليصدق أبناهم هذا التخريف ذكروه وفى أول سفر فى العهد القديم ونسبوه إلى نبى الله موسى عليه السلام وهو منه براء فقالوا :
أنه جل وعلا  قال  (  أمحوا عن وجه الأرض الإنسان  الذى خلقته(  وراينا أن مازعموه ليس له أساس ولم يكن من الصواب بمكان ولم يكتف بنوا إسرائيل  بذلك بل ذكروا أن الرب جل وعلا حين تخلص من الإنسان بالطوفان  ندم مرة ثانية  على أنه جل وعلا حاشاه أقدم على هذه الفعلة حتى قال (وقال الرب فى قلبه  لاعود العن الارض ايضا  من اجل الانسان  لان تصور قلب الانسان شرير منذ حداثته  فلا اعود  اميت  كل حى  كما فعلت مدة كل ايام الارض )
        نلحظ فى هذا النص عدة أمور غاية فى الغرابة:
ـ تناقض هذا النص مع النص السابق فأين الرغبة الجامحة فى ضرورة التخلص من الجنس البشرى من هذه النغمة الحزينة الكئيبة والتى تنم عن حزن دفين لما اقدم الرب عليه  حتى قال ) فلا اعود اميت كل حى كما فعلت ـ يشعرنا هذا النص بأننا لسنا أمام نصوص مقدسة تنسب الى الحق جل وعلا لما فيه من تردد وحزن .ـ يبدو من هذا النص أن بنى إسرائيل تذكروا بأنهم وإن كانوا يعلمون ابنائهم انهم أرقى الأجناس  إلا أنهم  فى النهاية بشر وبما أن النص الأول بين رغبة الله جل وعلا حسب زعمهم  فى إبادة بنى البشر من الأرض فقد يصل الأمر إليهم يوما ما ولذا عدلوا سريعا بنص أخر قالوا فيه ) لااعود العن الارض أيضا من أجل الإنسان )
 وقدوتهم فى ذلك إبليس اللعين حين قال كما حكى عنه القرآن الكريم ) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)الأعراف/14 فإبليس اللعين يأمل أن يظل إلى الأبد رغبة منه ان يشرف مع أبنائه على اغواء بنى آدم جيلا بعد جيل وكأنه لايثق بابنائه من بعده إن هو هلك 
 وكذلك بنو إسرائيل حكى عنهم القرآن الكريم  (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ  (البقرة/96
كما أن إبليس اللعين يعلم جزاءه ولذلك أراد أن يؤجل هذا الموقف قدر المستطاع وكذلك بنوا إسرائيل ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) الجمعة/6
و لأن الحق جل وعلا قال لهم وللجميع (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون ) َالجمعة/8
وهناك دليل أخر  على افتراء بنى إسرائيل على الله سبحانه وتعالى هو زعمهم أن الله جل وعلا وضع تذكار فى الكون  يذكره بالطوفان حتى لايقدم على هلاك البشر مرة ثانية  فقالوا  )  وكلم الله نوحا  وبنيه معه قائلا ها انا مقيم ميثاقى معكم من نسلكم من بعدكم وضعت قوسى فى السحاب  فتكون علامة ميثاق بينى  وبين الارض  فيكون متى  انشر سحابا على الارض وتظهر القوس فى السماء  ان اذكر  ميثاقى الذى بينى  وبين كل نفس حية  فى كل جسد  فلا يكون المياة ايضا طوفان (  
تدرى لماذا ذكروا هذا النص لقد ذكر بنوا إسرائيل هذا النص ليأصلوا لاولادهم  أن الرب فى حاجة إلى حاخاماتهم وإلى من يذكره بعواقب الامور حتى لايحدث مالا يحمد عقباه  فقالوا فى التلمود ( ان الله ليس معصوما من الطيش ولا من الغضب  وانه دائما محتاج الى حاخاماتهم (والعجيب لا ادرى كيف طاوعتهم السنتهم واقلامهم ان يذكروا ذلك بل وحاولوا ان يؤكدوا لابناءهم ان هذه عادة الرب فذكروا عنه فى العهد القديم اكثر من نص يؤكد نسيانه وانه فى حاجة للتذكر ولذا على الحاخامات والكهنة قاتلهم الله ان يكونوا مستيقظين فقالوا :
 أن الرب لا يستعلن إلا في الحلم للأنبياء وأنه لن يكلم أحداً فماً لفم سوى موسى فيقول النص والكلام فيه للرب : (( إِنْ كَانَ بَيْنَكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَإِنِّي أَسْتَعْلِنُ لَهُ بِالرُّؤْيَا، وَأُكَلِّمُهُ بِالْحُلْمِ، أَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلَسْتُ أُعَامِلُهُ هَكَذَا، بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي بَيْتِي، ِذَلِكَ أُكَلِّمُهُ وَجْهاً لِوَجْهٍ، وَبِوُضُوحٍ مِنْ غَيْرِ أَلْغَازٍ )) إلا أن الرب نسي أنه لا يستعلن إلا في الحلم للأنبياء ،
 كما نسي وعده لموسى ألا يكلم سواه فماً لفم إذ جاء في سفر صموئيل الأول عن الرب : (( وَدَعَا الرَّبُّ كَمَا حَدَثَ فِي الْمَرَّاتِ السَّابِقَةِ : صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ . فَأَجَابَ صَمُوئِيلُ: تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ )  أرايت حتى أدب الحوار يفتقدونه فهل يليق بنبى ان يقول للرب تكلم لأن عبدك سامع ؟
وليس هذا فحسب بل أرادوا أن يبينوا لأبنائهم كم ينسى الرب وعوده وكلامه ( حاشاه ) فعليهم الا يحزنوا ان حدث لهم ما يسؤؤءهم  فزعموا: ما جاء على لسان سليمان  ما نصه
(( مبارك الرب إله إسرائيل ، الذي تكلم بفمه إلي داود أبي )   فما هذا الإله الذي ينسى كلامه ووعوده ؟!! أي إله هذا الذي يصوره لنا الكتاب المقدس ؟!! ونحن نبرا الى الله من هذا الهراء فالحق سبحانه وتعالى يعلم اننا نحن المسلمين نعلم ونؤمن بانه جل وعلا القائل  (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً (مريم : 64 )
وما نذكر هذه الأراجيف إلا لننبه قومنا من بنى إسرائيل وبأنهم لا عهد لهم ولا ذمة فمن كذب على الله جل وعلا  فهوا على البشر أكذب وأخطر ولذا قال سبحانه (  وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (الأنفال : 71 )ولذا يجب ان نعمل بقول ربنا  جل وعلا (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (المائدة : 49 )
لأنهم لا يألون جهدا فى ترسيخ مبادئهم الهدامة فيذكرونها فى أسفار مختلفة حتى إذا تنكر أحد لما يزعمون فإذا بهم سرعان ما يقولون  : هل كذب كل أنبياء العهد القديم ؟ فبعدما ذكروا ما مضى على لسان صموئيل وسليمان عليه السلام  اليك نص اخر على لسان سيدنا موسى ظانين أننا لن نتكلم مادام الأمر عند نبى الله موسى عليه السلام  ولكن هيهات فإننا نشعر بأراجيفهم وأكاذيبهم حتى ولو ذكروها عن الرب جل وعلا وصدق الحق حين قال (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (النساء : 83 )
فيحكي كاتب سفر الخروج في الإصحاح السادس الفقرة الثانية (( قَالَ الرَّبُّ لِمُوَسى: أَنَا هُوَ الرَّبُّ. قَدْ ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإسْحقَ وَيَعْقُوبَ إِلَهاً قَدِيراً عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. . . وَقَدْ أَبْرَمْتُ مَعَهُمْ أَيْضاً عهدي بِأَنْ أَهَبَهُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ حَيْثُ أَقَامُوا فِيهَا كَغُرَبَاءَ. كَذَلِكَ أَصْغَيْتُ إِلَى أَنِينِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمُسْتَعْبَدِينَ الْمِصْرِيِّينَ، وَتَذَكَّرْتُ عهدي .)) 
  لا تعجب من ذلك  فلقد بلغ بهم السفه أكبر من ذلك  فقالوا فى التلمود أن الرب  يستشبر حاخاماتهم  فى أى أمر يستجد عليه أو يصعب الوصول فيه إلى قرار فقالوا ) ان تعاليم الحاخامات لايمكن  تغيرها ولانقضها ولو بامر من الله) ولتاكيد ذلك لابنائهم  قالوا )  بأنه قد وقع  يوما اختلاف  بين البارى وعلماء  اليهود  فى مسالة  فبعد ان طال الجدال  تقرر احالة فصل الخلاف الى احد  الحاخامات  واضطر الله ان يعترف  بخطئه بعد حكم الحاخام )
 وليس هذا فحسب بل غالوا فى امرهم حتى زعموا ان الرب جل وعلا لا يعلم كثيرا مما يحدث فى كونه قاتلهم الله فقالوا فى العهد القديم أنه يجب أن توضع للرب علامة ليميز بها بين بيوت أعدائه وبيوت المؤمنين به ، فأمر الله موسى ومن معه قبل خروجهم من مصر أن يلطخوا أبوابهم والعتبة العليا بالدم والقائمتين بالدم حتى يكون الرب على بينة منها حين يقوم بتدمير بيوت المصريين ، وحتى لا تمتد يده إلى بيوت إسرائيل !
"لأَنَّ الرَّبَّ سَيَجْتَازُ لَيْلاًَ لِيُهْلِكَ الْمِصْرِيِّينَ. فَحِينَ يَرَى الدَّمَ عَلَى الْعَتَبَةِ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ يَعْبُرُ عَنِ الْبَابِ وَلاَ يَدَعُ الْمُهْلِكَ يَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ لِيَضْرِبَكُمْ.) )
_ و ان قلنا لا يجوز ذلك فاذا بهم يذكرون نصا اقدم منه فى سفر التكوين فى زمن نبى الله ابراهيم ونبى الله لوط عليهما السلام فزعموا :وَقَالَ الرَّبُّ: لأَنَّ الشَّكْوَى ضِدَّ مَظَالِمِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَتْ وَخَطِيئَتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً أَنْزِلُ لأَرَى إِنْ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ مُطَابِقَةً لِلشَّكْوَى ضِدَّهُمْ و َإِلاَّ فَأَعْلَمُ .)) 
وفى سفر اخر زعموا مقالة سؤء فقالوا  (( فأتى الله إلى بلعام وقال له من هم هؤلاء الرجال عندك ؟   فمن الواضح أن الله يسأل بلعام عن الرجال الذين عنده ، صدق الحق حين قال ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأعراف : 179 ) 
والله إنه لصدق حقا تدرى لماذا ؟  أتذكر الهدهد الذى كان مع نبى الله سليمان ؟ اتذكر عزيزى القارئ ما قاله عن قوم سبأ  (  أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (النمل : 25 )
المحزن أن بنى إسرائيل بهذه الأفكار المسمومه استطاعوا أن يغرسوا فى نفوس ابنائهم  هذا الضلال والزيف مما جعلهم يزعمون أنهم إما مساوون للذات الإهية أو على الأقل إنما هم يقلدونه سبحانه وتعالى فيما يفعل) قاتلهم الله (
  ومن ثم فإن استعباد البشر أو ابادتهم شى يرجع إليهم فإن أبادوا البشر فلا بأس وإن استعبدوهم فهذة منة منهم وفضل فهم يرون العالم وكأنهم شرذمة قليلون وبسبب هذه الأفكار المسمومة يعانى العالم الامرين من تفكيرهم وخططهم تدرى لماذا لانهم خانوا الله ونكروا الجميل فتوعدهم الرب سبحانه ومن ثم فهم يقلدونه ويتربصون بالناس الدوائر ولكن دون ذنب ارتكبوه
 فعن تهديد الرب لهم قالوا شيئا عجيبا الا وهو ( وَأَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَإِلَهاً سُِوَايَ لَسْتَ تَعْرِفُ وَلاَ مُخَلِّصَ غَيْرِي. أَنَا عَرَفْتُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ الْعَطَشِ. لَمَّا رَعُوا شَبِعُوا. شَبِعُوا وَارْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ لِذَلِكَ نَسُونِي. فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى الطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ.   
 وصدق الحق حين قال ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (المائدة : 77 ) يابنى اسرائيل الم تجدوا غير تلك الصفات البهيمية تصفون بها الرب جل وعلا ( حاشاه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ) وهو سبحانه وتعالى تسبح له السموات السبع ومن فيهن بل  واخبرنا (  إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (مريم : 93 )الا يخشون هؤلاء يوما يعرضون فيه على الله فيابنى اسرائيل  اناديكم بما ناداكم به القران الكريم حين قال لهم (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة : 136 )
   ولذا قال الحق جل وعلا) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ( النساء / 71 لأن الحق جل وعلا يعلم ان بنى إسرائيل (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً التوبة  )/10 ولذا نبه الحق جل وعلا المسلمين  بقوله سبحانه (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً)  النساء/102
والعجيب انهم بعد سبهم للذات العلية ووصفه جل وعلا بهذه الاوصاف الغريبة يزعمون انهم ابناء الله واحباءه بل انه لن يعذبهم فقالوا نحن ابناء الله واحباءه ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (آل عمران : 24 )
ولكن هيهات انى لهم وقد خانوا الله من قبل ولذا قال سبحانه (  قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (المائدة : 18 )والعجيب انهم يذكرون امورا نرى انها من انتقام الله جل وعلا بهم ولكنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور فقالوا : ان الرب يحلق رؤوس وأرجل ولحى اليهود بموس مستأجرة !
 ففي سفر إشعياء يقول كاتب السفر : في ذلك اليوم يحلق السيد بموس مستأجرة في عبر النهر ، بملك أشور،الرأس وشعر الرجلين ، وتنزع اللحية أيضاً .  ليت الله جل وعلا نزع ارواحهم وأراح الدنيا من كذبهم وافتراءاتهم  . وليتهم انتهوا عند هذا الهراء فاذا بهم يذكرون صفة لله جل وعلا انما هى قاصمة الظهر فزعموا ان الرب يخشى من اجتماع خلقه على هذف واحد
 9- الرب جل وعلا حاشاه  يخشى من اجتما ع خلقه
زعموا أنه  حين رأى الرب جل وعلا المكانة التى وصل اليها البشر  من تقدم وحضارة ورغبة فى بناء مدينة حصينة وبرج لمراقبة الاعداء  وتامين المدينه لم يطق أن يجتمع خلقه على هدف واحد  فذكر ان الرب سمعهم حين قالوا ) هلم نبنى لانفسنا مدينة وبرجا  راسه بالسماء  ونصنع لانفسنا اسما  لئلا نبدد على وجه كل الارض
حينئذ انتظر الرب حتى جاء المساء ))وَكَانَ أَهْلُ الأَرْضِ جَمِيعاً يَتَكَلَّمُونَ أَوَّلاً بِلِسَانٍ وَاحِدٍ وَلُغَةٍ وَاحِدَةٍ. 2وَإِذِ ارْتَحَلُوا شَرْقاً وَجَدُوا سَهْلاً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ فَاسْتَوْطَنُوا هُنَاكَ. 3فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَيَّا نَصْنَعُ طُوباً مَشْوِيّاً أَحْسَنَ شَيٍّ». فَاسْتَبْدَلُوا الْحِجَارَةَ بِالطُّوبِ، وَالطِّينَ بِالزِّفْتِ. 4ثُمَّ قَالُوا: هَيَّا نُشَيِّدْ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً يَبْلُغُ رَأْسُهُ السَّمَاءَ، فَنُخَلِّدَ لَنَا اسْماً لِئَلاَّ نَتَشَتَّتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ كُلِّهَا. 5وَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَشْهَدَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ شَرَعَ بَنُو الْبَشَرِ فِي بِنَائِهِمَا. 6 
فَقَالَ الرَّبُّ: إِنْ كَانُوا، كَشَعْبٍ وَاحِدٍ يَنْطِقُونَ بِلُغَةٍ وَاحِدَةٍ، قَدْ عَمِلُوا هَذَا مُنْذُ أَوَّلِ الأَمْرِ، فَلَنْ يَمْتَنِعَ إِذاً عَلَيْهِمْ أَيُّ شَيْءٍ عَزَمُوا عَلَى فِعْلِهِ. 7هَيَّا نَنْزِلْ إِلَيْهِمْ وَنُبَلْبِلْ لِسَانَهُمْ، حَتَّى لاَ يَفْهَمَ بَعْضُهُمْ كَلامَ بَعْضٍ». 8وَهَكَذَا شَتَّتَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى سَطْحِ الأَرْضِ كُلِّهَا، فَكَفُّوا عَنْ بِنَاءِ الْمَدِينَةِ، 9لِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ بَلْبَلَ لِسَانَ أَهْلِ كُلِّ الأَرْضِ، وَبِالتَّالِي شَتَّتَهُمْ مِنْ هُنَاكَ فِي أَرْجَاءِ الأَرْضِ
كُلِّهَا.                
 فى هذا النص الغريب يزعم بنوا اسرائيل  :
ان الله جل وعلا  حاشاه نزل من علياءه لينظر المدينه والبرج وكأنه انتظر حتى انصرف القوم الى منازلهم ونزل كالعسس ليلا ) قاتلهم الله  ) إنما هذا دأبهم فهم لايستطيعون العمل فى النور  بل ودائما يتابعون بنى البشر فى اى تقدم ثم يقدمون على تدمبره  ويتضح ذلك فى البروتوكول السادس عشر ) رغبة فى تدمبر  اى نوع من المشروعات  الجمعيه  غير مشروعنا  سنبدا العمل الجماعى فى المرحله التمهيديه اى اننا  سنعيد انشاء الجامعات حسب خططنا الخاصه )
  يتضح من النص أن بنى إسرائيل لايستطيعون العيش إلا فى قرى محصنه كما قال الحق سبحانه وتعالى ( لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُر ) الحشر /14  ولأن نفوسهم مريضة  ويضمرون الحقد فهم دائما يتوقعون العداء من الاخر  ولذا قالوا فى البروتوكول الثامن ) يجب ان نؤمن كل الات التى  قد يوجهها  اعداؤنا ضدنا )
زعم بنوا إسرائيل ان الرب جل وعلا أدرك الخطوره على ملكه من اجتماع خلقه على هدف واحد وبخاصه اذا كانو يتحدثون لغة واحدة  مما يساعدهم على توحد الافكار  والهدف  ولذا سولت لهم انفسهم المريضه ان الرب جل وعلا  سارع فى تدمير المدينه  والبرج
وليس هذا فحسب بل صورت لهم انفسهم ان الرب لم يكتف بذلك بل غير السنتهم ظنا منهم انهم بذلك لا يسمع بعضهم بعضا وهذا هو عين الافتراء لأن الحق جل وعلا القادر على تدمير الأرض جميعا فى لمح البصر والقادرعلى تغيير الألسن والالوان . انما عجزت عقول بنى إسرائيل على فهم مراد الحق جل وعلا  من اختلاف اللون والسان فقال سبحانه وتعالى
(  وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (  الروم/22 كما قال جل وعلا  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات / 13  فهذه قدره لا تدانيها قدره اذ كيف يكون الأب واحد وهو آدم عليه السلام ثم تختلف لهجات أبناءه وألسنتهم فسبحان الله الذى لا يعجزه شى فى الارض ولا فى السماء  استطاع بنوا اسرائيل بهذا النص أن يؤصلوا لابناءهم مبدا غاية فى الخطورة ألا وهو )   فرق تسد   (
وهذا ما يقوم به  بنوا إسرائيل واعوانهم فى كل زمان ومكان فقالوا فى البروتوكول  الخامس ) ولضمان الراى العام  يجب اولا  ان نحيره كل الحيره  بتغيرات من جميع  النواحى  لكل اساليب الاراءالمتناقضه  حتى يضيع الاممين فى  مناهجهم هذه  السياسه  ستساعدنا  ايضا فى تبرير  الخلافات بين الهيئات  وفى تفكيك كل القوى  المجتمعه  وفى تثبيط كل تفوق  فردى  ربما يعوق اغراضنا  باى اسلوب من الاساليب
أراد الأحبار والكهنه أن يغرسوا فى نفوس ابناءهم ان الدنيا كلها ضدهم بل واضافوا الى ذلك الرب جل وعلا و حاشاه  ان يكون ضد شعب بعينه  وبلا ذنب  فالحق ان الله جل  ما كان ليهلك قرية  الا اذا غيرت وبدلت نعمة الله كفرا  اما  ان يبيد امه او يتربص بها
 فهذا لا يليق بجلال الله سبحانه وتعالى  ومن ثم  علم الاحبار ابناءهم ان يعاملوا العالم بنفس الطريقه  فلا يتركون شعبا متحدا  ولا امة تفكر فى الاتحاد  الا سارعوا  الى  تفكيكها والتخلص منها  لا لشى الا لا نهم  يشعرون برعب وخوف شديدين من اجتماع اى شعب على هدف واحد  لانهم يرون نهايتهم مع اتحاد الامم والشعوب على افكار واحده
  ولذا ) يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ  ( يس /26بما يدبر لهم  فلا أمان لهؤلاء  فهم لا يريدون للبشر  خيرا . وانما  يقتربون  منا ليصبحون على علم بكل ما نقوم به ليسهل لهم القضاء علينا والإباده كما تسول لهم انفسهم  ولذا قال الحق جل وعلا (  وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) المائدة/49
والعجيب أنهم لا يطيقون انفسهم فكثيرا ما يذكرون ان الرب انتقم من بعض انبياءه لالشئ الا لينفثوا عن انفسهم اوربما لان هذا النبى الذى يتحدثون عنه كان قد امرهم بشئ لا يطيقونه فسرعان ما يتجهون عليه ويكيلون له السباب والأقوال الغريبة وما هذا عليهم بجديد او غريب فهم اهل الدعاية الكاذبة فكثيرا ما يرتكبون الاثام ثم يسارعون بالبكاء والغويل عملا بقول القائل " ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى  "  واليك بعض النصوص التى ذكروها بشان بعض الانبياء الكرام فقالوا عن اشعياء :
تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَلَى لِسَانِ إشعياء بْنِ آمُوصَ قَائِلاً: اذْهَبْ وَاخْلَعِ الْمُسُوحَ عَنْ حَقَوَيْكَ وَانْزِعْ حِذَاءَكَ مِنْ قَدَمَيْكَ». فَفَعَلَ كَذَلِكَ وَمَشَى عَارِياً حَافِياً. 3وَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ عَارِياً حَافِياً لِمُدَّةِ ثَلاَثِ سَنَوَاتٍ عَلاَمَةً وَآيَةً عَلَى مِصْرَ وَكُوشَ  )إشعياء [ 20 : 2 وليتها انتهت عند خلع الحذاء والمشي حافيا فاليك ما قالوه عن نبى الله دود عليه السلام
10-أن الرب أخذ نساء داوود عليه السلام وأعطاهن لقريبه ليزني بهن عقاباً له !! و هذا بفسر لنا السبب فى التقليل من شأن الأنبياء فى الأناجيل لدرجة اننا لا نجد لهم ذكر   لان كتية الاناجيل  تأثروا  بما ذكر فى العهد القديم عن الأنبياء لأن اليهود والأحبار حين كتبوا التوراة لم يتقوا الله ولم يراعوا حق الأنبياء ووصفوهم بأوصاف لا يقبلها عقل ولا دين ونذكر مثالين لنبيين عظيمين ونرى كيف أهانهما أهل الكتاب فهم أعداء الفطرة السليمة والأخلاق الحميدة :
هَذَا مَا يَقُولهُ الرَّبُّ: سَأُثِيرُ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مَنْ يُنْزِلُ بِكَ الْبَلاَيَا، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيُضَاجِعُهُنَّ فِي وَضَحِ النَّهَارِ. أَنْتَ ارْتَكَبْتَ خَطِيئَتَكَ فِي السِّرِّ، وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ   ":هل رايت بذاءة اكثر من تلك  وصدق الحق حين قال وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا (الأعراف : 28 )الا ان الحق سبحانه وتعالى رد كيدهم فى نحورهم فقال سبحانه وتعالى ( قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ  )  الاعراف  28 ولم يقفوا عند هذا الحد بل اتهموا نسائهم  فقالوا :
( وَيَقُولُ الرَّبُّ: لأَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ مُتَغَطْرِسَاتٌ، يَمْشِينَ بِأَعْنَاقٍ مُشْرَئِبَّةٍ مُتَغَزِّلاَتٍ بِعُيُونِهِنَّ، مُتَخَطِّرَاتٍ فِي سَيْرِهِنَّ، مُجَلْجِلاَتٍ بِخَلاَخِيلِ أَقْدَامِهِنَّ. سَيُصِيبُهُنَّ الرَّبُّ بِالصَّلَعِ، وَيُعَرِّي عَوْرَاتِهِنَّ   هل تخيلت طريقة الإنتقام ؟ انها لاتدل الا على قوم يمرون بظروف نفسية غريبة فأى قوم هؤلاء الذين يرغبون فى كشف عورات نساءهم حقا انهم قوم بهت . فمن المؤكد ان نساءهم كرهن النظر فى وجوههم مما جعلهم يتمنون ان يمسخهم الله او يفضحهم حتى يشفى غليلهم  ولا حول ولا قوة الا بالله اين هذا من قول الله سبحانه وتعالى (  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً (الأحزاب : 59 )
ولما لم يستطيعبنوا إسرائيل القرب من النساء نفثوا عما بداخلهم فالصقوا الامر بنبى الله داود فزعموا أن  داود النبي يضاجع فتاة صغيرة في فراشه فقالوا :
))وشاخ الملك داود . تقدم في الأيام . وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ . فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك على فتاة عذراء فلتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنك فيدفأ سيدنا الملك ففتشوا عن فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدوا ( أبشيج ) الشونمية فجاءوا بها إلي الملك   
-NOW king David was old and stricken in years; and they covered him with clothes, but he gat no heat.
  -Wherefore his servants said unto him, Let there be sought for my lord the king a young virgin: and let her stand before the king, and let her acherish him, and let her lie in thy bosom, that my lord the king may get heat.
  -So they sought for a fair damsel throughout all the acoasts of Israel, and found bAbishag a Shunammite, and brought her to the king.
-And the damsel was very fair, and cherished the king, and ministered to him: but the king knew her not.
وإليك ماهو أعجب من ذلك فزعموا شيئا غريبا للغاية فقالوا :      
أن نبي الله داود طلب أن يكون زوجاً لابنة شاول الملك فاشترط شاول عليه أن يكون المهر 100 غلفة :
))فَأَبْلَغَ عَبِيدُ شَاوُلَ دَاوُدَ بِمَطْلَبِ الْمَلِكِ، فَرَاقَهُ الأَمْرُ، وَلاَ سِيَّمَا فِكْرَةُ مُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. وَقَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ الْمُهْلَةُ الْمُعْطَاةُ لَهُ، انْطَلَقَ مَعَ رِجَالِهِ وَقَتَلَ مِئَتَيْ رَجُلٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَأَتَى بِغُلَفِهِمْ وَقَدَّمَهَا كَامِلَةً لِتَكُونَ مَهْراً لِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. فَزَوَّجَهُ شَاوُلُ عِنْدَئِذٍ مِنِ ابْنَتِهِ مِيكَالَ.))  
-And Saul said, Thus shall ye say to David, The king desireth not any dowry, but an hundred foreskins of the Philistines, to be avenged of the king’s enemies. But Saul thought to make David fall by the hand of the Philistines.
 -And when his servants told David these words, it pleased David well to be the king’s son in law: and the days were not expired.
  -Wherefore David arose and went, he and his men, and slew of the Philistines two hundred men; and David brought their foreskins, and they gave them in afull tale to the king, that he might be the king’s son in law. And Saul gave him bMichal his daughter to wife.
ونحن نسأل :
هل يعقل أن نبي الله داود ينطلق ليبحث عن رجال كي يكشف عوراتهم ويمسك بذكورهم ويقطع غلفهم ؟ وماذا فعلت ميكال بكل هذه الأعضاء التناسلية ؟؟ وأين احتفظت بهم ؟؟         
يبدوا أن أعداهم حين سطوا عليهم أذلوهم وأهانوهم وقطعوا منهم تلك الاعضاء
 مما جعلهم يذكرونها فى كتاب يزعمون انه مقدس ومن عند الله  وهذا يفسر لنا لماذ يقدمون على قتل الشباب والأطفال فى فلسطين أو فى أى بلد يسطون عليه لا لشئ إلا ليقطعوا انسابهم كما حرموا قديما  ؛ فما ذنب المسلمين اليوم مما فعله  بهم نبوخذ نصر والإسكندر وغيرهما ؟ فى راى ذنبهم هو صمتهم وعدم جراتهم على مواجهتم بحقيقة أمرهم بأنهم هم  السفهاء ومعلوم طبعا ما هى معاملة السفهاء .
ولكي يبرروا ما سبق أو ليجدوا مخرجا فاذا به اقبح مما قالوا . فزعموا فى العهد القديم ان الله سبحانه وتعالى لم يعصم نبيه داود من الوقوع فى الخطيئه حين استدعى سيدة اسمها  بثشبع بنت اليعام وزوجة لأوريا الحثى زعموا ( قاتلهم الله ) ان نبى الله داود استغل فرصة وجود زوجها فى الحرب  وادخلها البيت وضاجعها  فقالوا : (فارسل داود رسلا واخذها  فدخلت اليه  فاضطجع معها  وهى مطهرة من طمثها  ثم رجعت الى بيتها  وحبلت المراة فارسلت  واخبرت داود  فقالت انى حبلى ) 
 ونحن المسلمين نبرأ من هذا الهراء ولكن مادامو يزعمون ان كتبهم مقدسة وانها من عند الله جل وعلا احببنا ان نبين لهم  ما يفترونه على انبياء الله  وانه لولا القرآن  الكريم الذى حفظه الحق سبحانه وتعالى لظل الناس فى ضلال مبين .
وهذا دليل على فساد بنى اسرائيل الاخلاقى  وحبهم للرذيله  ورغبتهم فى انتشارها باى وسيله ومن ثم نسبوها للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ليكون لهم فيهم القدوة  ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم .
والأسوا من ذلك هو زعمهم أن الله جل وعلا  حين أراد أن يعاقب داود عليه السلام على صنيعه هذا  زعموا عذرا اقبح من ذنب فقالوا أن الرب جل وعلا عرض نساء النبى داود  لنفس الفعل الذى زعموه  فذكروا ( هكذا قال الرب :هانذا  اقيم عليك الشر  من بيتك  واخذ نساءك امام عينيك  واعطيهن لقريبك  فيضطحع مع نساءك  فى عين هذه الشمس   ) ( قاتلهم الله)
وانما ارادوا بذلك ان يؤصلوا لاولادهم  ان الرب هوالذى شرع القصاص فى هذه المسالة  وانهم لاذنب لهم انما هى نصوص مقسة , وصدق الحق حين قال عنهم  (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا) الاعراف/28   
وهنا يرد القران بكل قوة وحزم (قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /28 وليس هذا فحسب بل بين سبحانه وتعالى كذب هؤلاء  فقال جل وعلا (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)الشورى /13     
  والله جل وعلا شرع لنا البعد عن الفواحش بكل اشكالها والوانها فقال سبحانه وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /33   
  فما كان لله جل وعلا ان يامر امة بترك الفواحش ويامر اخرى بارتكابها فى عين الشمس  حقا صدق ربى جل وعلا حين قال  (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) الكهف /5
 ولذا فانا اهيب بامتنا الحبيبه  واقول لهم ان من يكذب على الله جل وعلا وافترى الكذب على الانبياء  فمن السهل واليسير ان يكذب على البشر  ولذا حذرنا الحق جل وعلا منهم  حين قال سبحانه وتعالى (  وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) المائدة /49   والعجيب ان العهد القديم الذى يقدسونه ويصرون على انه من عند الله  به من امثال هذه القصص الكثير والتى يعف اللسان عن ذكرها  .فالحمد لله على نعمة الاسلام  وعلى القرآن الكريم . وليكملوا الطعن فى نسب المسيح عليه السلام قالوا عن نبى الله سليمان ما ليس فيه لا لشئ الا لانهم قوم بهت ( قاتلهم الله ) 
فقالوا عن نبى الله " سليمان " عليه السلام
( وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موأبيات وعمونيات وأدوميات صيدونيات وحيثيات من الأمم الذين قال عنهم الرب لبنى إسرائيل لا تدخلو إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء ألهتهم . فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة وكانت له سبع مائة من النساء السيدات وثلاث مائة من السرارى فأمالت نساؤه قلبه وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساؤه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب ألهه )
-BUT king aSolomon loved many bstrange cwomen, together with the ddaughter of ePharaoh, women of the Moabites, Ammonites, Edomites, Zidonians, and Hittites;
-Of the nations concerning which the LORD said unto the children of Israel, Ye shall not go in to them, neither shall they come in unto you: for surely they will aturn away your heart after their gods: Solomon clave unto these in love.
-And he had seven hundred wives, princesses, and three hundred concubines: and his awives turned away his heart.
-For it came to pass, when Solomon was old, that his awives turned away his heart after other gods: and his heart was not perfect with the LORD his God, bas was the heart of David his father.
  -For Solomon went after Ashtoreth the goddess of the Zidonians, and after Milcom the abomination of the Ammonites.
-And aSolomon did evil in the sight of the LORD, band went not fully after the LORD, as did David his father.
-Then did Solomon build an high place for aChemosh, the abomination of Moab, in the bhill that is before Jerusalem, and for Molech, the abomination of the children of Ammon.
-And likewise did he for all his strange wives, which burnt incense and sacrificed unto their gods.
-And the LORD was angry with Solomon, because his heart was aturned from the LORD God of Israel, which had bappeared unto him twice,
 إن هذا النص الذى ذكر فى العهد القديم  عن نبى الله سليمان غير منطقى ولا يقبله عقل ولا دين لأسباب :
1- إن نبى الله سليمان عليه السلام من الأنبياء الكرام الذين إصطفاهم الحق سبحانه وتعالى وإثنى عليه بقوله جل وعلا (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (ص : 30)
فكيف يخبر الحق عنه بأنه " نعم العبد " ثم هو يميل الى الهه أخرى .
2- أن الأنبياء أرسلهم الحق سبحانه وتعالى ليبلغوا رسالات ربهم وأن يؤدوا الأمانة كاملة فليس لديهم وقت لهذه الشهوات والملذات لأنهم ما أرسلوا إلا ليرشدو الناس الى الخير وليعلموا الناس العفة والطهارة فكيف يقدمون على ذلك وهم غارقون فى الملذات ؟ " حاشاهم "
3- ما فعل اليهود ذلك الا ليجدو سبيلا للطعن فى نسب سيدنا عيسى عليه السلام فهم يريدون أن يقللو من شأن المسيح عليه السلام ويظنون أنه لا ينسنى لهم ذلك إلا إذ غيروا فى الأنساب من البداية ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن نكشف كذبهم وافتراءهم على الأنبياء فأنزل الحق سبحانه وتعالى القرآن الكريم وحفظ فيه سيرة الأنبياء كاملة ولندافع نحن المسلمين بالقرآن الكريم عن هؤلاء العظماء لقول الحق سبحانه وتعالى ( وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً (الفرقان : 52 )
 ولكى تعلم عزيزى القارئ مدى سفاهة هؤلاء وانهم لكم يتركوا نبيا الا ونالوا من مكانته وشرفه لماذا كل هذا الحقد على الجميع بشرا عاديين كانوا او انبياء؟ فاليك ما قالوه فى حق نبى الله لوط عليه السلام .
 فيذكر العهد القديم أن النبى لوط عليه السلام بعدما هلكت قريته ونجاه الله هو وابنتيه إستقر بهم المقام فى مغارة فزعم اليهود أن ابنتى لوط عليه السلام سقتا أباهما خمراً ثم: قالوا( وصعد لوط من صوغر وسكن فى الجبل وابنتاه معه لأنه خافا أن يسكن فى صوغر فسكن فى المغارة هو وابنتاه وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس فى الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض , هلم نسقى أبانا خمراً ونضطجع معه فنحى من أبينا نسلاً , فسقتا أباهما خمراً فى تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها . وحدث فى الغد أن البكر قالت للصغيرة : إنى أضجعت البارحة مع أبى فنسقيه خمرا الليلة أيضا فأدخلى اضجعى معه فنحي من أبينا نسلاً فسقتاً أباهما خمراً فى تلك الليله أيضاً وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم بإضطجاعها ولا بقيامها .
فحملتا ابنتا لوط من أبيهما فولدت البكر ابنا ودعت اسم موأب وهو أبو المؤأبين الى اليوم والصغيرة أيضاً ولدت أبناً ودعت إسمه بن عمى وهو أبو بنو عمون الى اليوم ) ( )
-And Lot went up out of Zoar, and dwelt in the amountain, and his two daughters with him; for he feared to dwell in Zoar: and he dwelt in a cave, he and his two daughters.
  -And the afirstborn said unto the younger, Our father is old, and there is not a man in the earth to come in unto us after the manner of all the earth:
 -Come, let us make our father drink wine, and we will lie with him, that we may preserve seed of our father.
  -And they made their father drink wine that night: and the firstborn went in, and lay with her father; and he perceived not when she lay down, nor when she arose.
  -And it came to pass on the morrow, that the firstborn said unto the younger, Behold, I lay yesternight with my father: let us make him drink wine this night also; and go thou in, and lie with him, that we may preserve seed of our father.
  -aAnd they made their father drink wine that night also: and the younger arose, and lay with him; and he perceived not when she lay down, nor when she arose.
-Thus were both the daughters of Lot with child by their father.
-And the firstborn bare a son, and called his name aMoab: the same is the father of the bMoabites unto this day.
-And the younger, she also bare a son, and called his name Benammi: the same is the father of the children of aAmmon unto this day.
لو لم يوجد فى العهد القديم نص غير هذا لكفى به إثماً مبيناً إذ إن اليهود يفترون على الله الكذب ويفترون على أنبياء الله وعلى أسرهم فهذا النص دليلا قطعياً على مدى غباء اليهود وحقدهم الأعمى وأنهم دعاة الرذيلة والفحشاء فكيف يقولون عن نبى الله لوط عليه السلام ذلك فإن ما قيل باطل ومحال للأسباب كثيرة :-
أولاً : إن نبى الله لوط عليه السلام من الأنبياء الذين إصطفاهم الله ليكون قدوة للبشر وحقاً كان كذلك بشهادة قومة له أجمعين حين أمرهم بترك الفاحشة فيقول القرآن الكريم  ( وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (الأعراف : 80 ) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (النمل : 56 )
ثانياً : لو كانت ابنتا لوط عليه السلام  بهذه الأخلاق الرذيلة لأهلكهم الحق سبحانه وتعالى مع أهل القرية بدليل أن الله جل وعلا أهلك امرأة لوط كما أهلك ابن سيدنا نوح أمام عينيه حين قال :
وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (هود : 45 ) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (هود : 46 ) إذن كان السهل إهلاكهم بدلاً من أن يقعا فى الرذيلة ويدنسوا أباهم النبى .
ثالثاً: هل حين أهلك الله هذه القرية أهلك معها كل من على الأرض حتى لم يبقى فى الأرض رجلاً واحد ؟
بالطبع لا لأن ما كانت قرية لوط إلا قرية من ألاف القرى إذن فلو رحلوا أو تحركوا لوجدوا قرى أخرى بها رجالا يستطيعون أن يعاشروهم بالمعروف .
رابعاً : كيف لم يعصم الحق سبحانه وتعالى نبيه لوط من الوقوع فى المحرمات فهل كان الله جل وعلا غائباً " حاشا لله " وقت هذه الجريمة فيترك نبيه مرتين ليتعرض فيها بالزنا وهو لا يدرى  ؟
خامساً : ألم تكن لدى نبى الله لوط نخوة الرجولة فيسأل بناته عن حملهن ومن أين جاءو بهذه الأبناء أم أنه كان مغيباً ورضى بما فعلوه ؟ فلو كان ذلك فكيف يعدونه نبياً ؟
سادساً : نحن نبرأ الى الله من هذه الافتراءات والأكاذيب التى يقوم بها أحبار اليهود ويدسونها ليشككوا الناس فى أمور العقيدة وليشيعوا الفاحشة ( قاتلهم الله )
وليس هذا فحسب بل إن بنى اسرائيل حين اكثروا من الحديث عن النساء والفاحشة إزدادت جرأتهم فإذا بهم يفردون كتابا كاملا للغزل والتفحش ليعلموا ابنائهم كيف يغازلون النساء  والعجيب أو إن شئت فقل المحزن انهم نسبوا هذا السفر لنبى الله سليمان وأن الله جل وعلا أوحاه إليه ألا وهو سفر نشيد الإنشاد .
 ونحن نحمد الله جل وعلا أن هدانا إلى قرآنه الكريم  الذى يدعوا لمكارم الأخلاق فيكفينا قول الله سبحانه { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (النور :30/ 31 )
وإليك  عزيزى القارئ بعض نصوص الغزل من سفر نشيد الإنشاد والتى يتعبدون بها فى أروقة الكنائس ويدرسونها لأبنائهم فى حلقاتهم  العلمية الخاصة  :
 ))مَا أجمل خَطْوَاتِ قَدَمَيْكِ بِالْحِذَاءِ يَابِنْتَ الأَمِيرِ! فَخْذَاكِ الْمُسْتَدِيرَتَانِ كَجَوْهَرَتَيْنِ صَاغَتْهُمَا يَدُ صَانِعٍ حَاذِقٍ. سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ، لاَ تَحْتَاجُ إِلَى خَمْرَةٍ مَمْزُوجَةٍ، وَبَطْنُكِ كُومَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسُّوْسَنِ. ثدياك كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ تَوْأَمَيْنِ. عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَبِرْكَتَيْ حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ (شَامِخٌ) كَبُرْجِ لُبْنَانَ الْمُشْرِفِ عَلَى دِمَشْقَ، رَأْسُكِ كَالكَرْمَلِ، وَغَدَائِرُ شَعْرِكِ الْمُتَهَدِّلَةُ كَأُرْجُوَانٍ، قَدْ وَقَعَ الْمَلِكُ أَسِيرَ هَذِهِ الْخُصَلِ. مَا أَجْمَلَكِ وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات ! قَامَتُكِ هَذِهِ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَثدياك مِثْلُ الْعَنَاقِيدِ. قُلْتُ: لأَصْعَدَنَّ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكَنَّ بِعُذُوقِهَا، فتكون ثدياك كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ، وَعَبِيرُ أَنْفَاسِكِ كَأَرِيجِ التُّفَّاحِ. وفَمُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ! ))  
Their song of love continues.
  -HOW beautiful are thy feet with shoes, O prince’s daughter! the joints of thy thighs are like jewels, the work of the hands of a cunning workman.
-Thy navel is like a round goblet, which wanteth not liquor: thy belly is like an heap of wheat set about with lilies.
  -Thy two breasts are like two young roes that are twins.
-Thy neck is as a tower of ivory; thine eyes like the fishpools in Heshbon, by the gate of Bath-rabbim: thy nose is as the tower of Lebanon which looketh toward Damascus.
-Thine head upon thee is like Carmel, and the hair of thine head like purple; the king is held in the galleries.
-How fair and how pleasant art thou, O love, for delights!
-This thy stature is like to a palm tree, and thy breasts to clusters of grapes.
-I said, I will go up to the palm tree, I will take hold of the boughs thereof: now also thy breasts shall be as clusters of the vine, and the smell of thy nose like apples;
  -And the roof of thy mouth like the best wine for my beloved, that goeth down sweetly, causing the lips of those that are asleep to speak.
-I am my beloved’s, and his desire is toward me.
-Come, my beloved, let us go forth into the field; let us lodge in the villages.
-Let us get up early to the vineyards; let us see if the vine flourish, whether the tender grape appear, and the pomegranates bud forth: there will I give thee my loves.
  -The mandrakes give a smell, and at our gates are all manner of pleasant fruits, new and old, which I have laid up for thee, O my beloved.
 لاحول ولا قوة الابالله فهذا الكلام الجنسى الفاضح لايليق بأفاضل الناس فما بالك بالله رب العالمين (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ) فالعرب كانت تخشىان تظهر صفات بناتهم ونساهم على السنة الشعراء . بل وكانت تقام الحروب لسنبين عدة بسبب شاعر تجرأ ووصف امراة من قبيلة اخرى . فهل يخبر الحق سبحانه أنبياءه عن مفاتن النساء؟ (قاتلهم الله ) والعجيب أن بنى إسرائيل يخبروا أبنائهم بأن لدى المسلمين ماهو اكثر من ذلك  وحتى لانرد دون دليل فإليك الأيات التى يتحدثون عنها لتقارنها أنت عزيزى القارئ ببينه وبين ما رايت من نصوص العهد القديم .
يخبر الحق سبحانه وتعالى انه جل وعلا يمن على النساء يوم القيامة فيقول ( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً (الواقعة :35/  36/ 37 ) أرايت عزيزى القارئ الفارق بين هذه الأبات  الكريمة ونصوصهم الفاضحة وإليك آيات أخرى فيقول تعالى عن وصف الحور العين { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } (الرحمن : 72 
 وقوله تعالى { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ  }(الصافات : 49 هل فى هذه الآيات ما يثير الشهوة أو يخدش الحياءكما فى نصوصهم  ؟ أم أنها تفيض كرما وحياءا وتدعوا إلى الفضيلة وحسن الأخلاق ؟
                         بنوا اسرائيل والنهاية
فمن المعلوم أن بنى إسرائيل إبان أنبياءهم كانوا قاطنين فى أورشليم وهم من عاندوا المسيح عليه السلام في أورشليم مقر سبط يهوذا والذين كانت لهم السلطة الكهنوتية آنذاك . وكفر به أغلب سبط يهوذا وصرّح المسيح عليه السلام بلعنة أورشليم والمقصود بذلك ليس المدينة بل قاطنيها (أي سبط يهوذا ) إذ قال " يا أورشليم   يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها كم من مرة أردت أن أجمع بنيك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فلم يريدوا .هوذا بيتكم يترك لكم خرابا " 
 وفى انجيل لوقا "ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذ اعلموا أنه قد اقترب خرابها .حينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال . والذين في وسطها فليفروا خارجا . والذين في الكور فلا يدخلوها . لأن هذه أيام انتقام ليتم كل ما هو مكتوب . وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام لأنه يكون ضيق عظيم على الأرض سخط على هذا الشعب . ويقعون بفم السيف ويسبون الى جميع الأمم . وتكون أورشليم مدوسة من الأمم حتى تكمل أزمنة الأمم وتكون علامات في الشمس ...." 
فهو هنا يوضح أن هذه المعركة ستكون قبل يوم القيامة (الدينونة ) مباشرة .والتى يشير اليها الحديث الشريف " لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويختبئ اليهودى وراء الحجر والشجر فينادى الحجر والشجر فيقول يا مسلم يا عبد الله وراى يهودى تعال فاقتله إلا شجر الغرقد فإنه من شجر اليهود .
ورأيت أن أختم هذا الفصل بالصفات الحسنى التى وجدتها فى العهد القديم  والتى كنا نود أن تكون منهجهم ومبدأهم  ففيه :
أولا :أن : الله الواحد الأحد
  "أنا الرب  وليس من رب أخر    , ليس من دوني اله لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها انه ليس غيري  أنا الرب وليس من رب أخر " 
كما يذكرون" لكي تعلموا وتؤمنوا  بي  وتفهموا أنى أنا هو  لم  يكن إله قبلي  ولا يكون إله بعدى  أنا أنا الرب  ولا مخلص غيري"
وهذه حقيقة أكدها القرآن الكريم فيقول سبحانه وتعالى  ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/3  ويقول سبحانه وتعالى ) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)  الأنبياء/22  والقائل جل وعلا ( والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم )
 من النصوص والآيات السابقة  نرى أن هناك توافق  بين ما ذكر في العهد القديم  وبين ما ذكر في القرآن الكريم بشأن وحدانية الله جل وعلا  والتي تدل على أن أهل الكتاب كانت لديهم توراة حقيقية  بها مثل هذه الحقائق  والتي تحث أتباعها  على إتباع منهج الله جل وعلا
  وكما حذر القرآن الكريم  بنى آدم أن يتخذوا من دون الله آلهة أخرى فقال سبحانه وتعالى) وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا)  النساء/67 وقال سبحانه وتعالى أيضا ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ( الإسراء/23  فكذلك حذر العهد القديم  فقال "أنا الرب  إلهك الذي أخرجك من ارض مصر  من بيت العبودية  لا يكن لك آلهة أخرى  امامى  لا تصنع لك تمثالا منحوتا  ولا صورة"
ثانيا:الله جل وعلا على كل شئ قدير
كما أخبرنا القرآن الكريم بأن الحق سبحانه وتعالى بيده ملكوت كل شئ وانه جل وعلا يجير ولا يجار عليه وأنه جل وعلا على كل شئ قدير فقال سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة : 106 ) وبين سبحانه وتعالى أن الملك بيده والغنى بيده فقال سبحانه وتعالى ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران : 26 ) وفى القرآن الكريم بل وفى الكون  العديد من الأيات التى تثبت وتبين قدرة الحق سبحانه وتعالى  وبالاطلاع على العهد القديم وجدت به نص يقترب من هذا المعنى فذكروا  ان الرب جل وعلا قال " بمن تشبهوننى فاساويه يقول القدوس ارفعوا اعينكم الى العلاء  وانظروا من خلق هذه من الذى يخرج بعدد جندها  يدعوا كلها باسماء لكثرة القوة وكونه شديد القدرة  لا يفقد احد " وكذلك " اله الدهر الرب خالق اطراف الارض لا يكل  ولا يعبا ليس عن فهمه فحص  ويقول ايض " فى البدء خلق الله السموات والارض " " كلم الله موسى وقال انا الرب وانا ظهرت لابراهيم  واسحاق ويعقوب بانى الاله القادر على كل شئ " 
" انا انا هو وليس معى اله انا اميت واحى وانا اشفى وليس من يدى مخلص " 
ثالثا: الله جل وعلا لاشريك له
كما أخبرنا الحق جل وعلا فى قرآنه الكريم أنه جل وعلا إله واحد وأنه سبحانه وتعالى أغنى الأغنياء عن الشرك وحذر من يتخذ من دون الله أولياء فكذلك العهد القديم به من النصوص ما هو قريب لهذا المعنى " هكذا قال الرب ملك اسرائيل وفادية رب القوات انا الاول وانا الاخر ولا اله غيرى "  وقولهم " انا الرب الهك الذى اخرجك من ارض مصر من بيت العبودية لا يكن لك الهة اخرى امامى لاتصنع لك تمثال منحوتا  ولا صورة ما " 
رابعا ) :الله جل جلاله صادق)
  وكما أكد القرآن الكريم أن الحق جل وعلا صادق فيما أخبر به عن السابقين ومن ثم هو سبحانه صادق فيما يخبر به عن اللاحقين  فقال جل وعلا) وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير) ٍفاطر /14 وقال سبحانه وتعالى) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )  النساء/122قال تعالى ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً)  النساء/87 فهناك نصوص في العهد القديم تؤكد هذا المعنى" أنا الرب  وليس أخر لم أتكلم بالخفاء في مكان مظلم من الأرض لم اقل لنسل يعقوب باطلا اطلبونى  أنا الرب متكلم بالصدق  مخبر بالإستقامة كما يذكرون نصا أخر فيقولون فيه" بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع"   ونحن المسلمين لسنا بحاجة إلى هذه النصوص لنصدق الحق جل وعلا وإنما نذكرها  لنبين أن بنى إسرائيل  قوم بهت إذ كيف يكون لديهم مثل هذه النصوص  الواضحة  والتي تبين قدر الحق جل وعلا  ثم هم ينكرون  ذلك  ويتحدثون عن الله جل وعلا بصفات لا تليق بجلاله سبحانه وتعالى  كما بينا من قبل .
            




                                    
        


                                     الفصل الثانى

{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ}                                                                                 (مريم : 34 )


1-ذلك عيسى بن مريم .
2-نسب سيدنا عيسى عليه السلام من القرآن الكريم .
3-كفالة سيدنا زكريا للسيدة مريم .
4-نسب المسيح عليه السلام من الأناجيل .
5-البشارة بالمسيح عليه السلام من الأناجيل .
6-ميلاد المسيح عليه السلام من القرآن الكريم .
7-ميلاد المسيح عليه السلام من الأناجيل .
8-بشرية المسيح عليه السلام .
9-وما قتلوه وما صلبوه .
10- أسئلة تحتاج إلى جواب .



           { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ْ} (مريم : 34 )
مقدمة :
نحمد الله نحن المسلمين أن هدانا الله جل وعلا للإسلام وأن أرسل إلينا خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وأن أنزل عليه خير كتبه القرآن الكريم  فبه عرفنا الحلال والحرام ,وكذلك سير الصالحين من الانبياء والمصلحين فو الله لولا القرآن الكريم لأصبحنا وكأننا فى غابة لايوقر الصغير الكبير ولا يرحم الكبير الصغير ولكان لدينا منهج من أسوأ ما تكون المناهج .
 فالكتب الأولى التى سبقتنا تدخل أصحابها فيها بالتعديل والتبديل وظنوا أنهم قد يشرعون لأبناءهم أفضل مما شرعه الحق سبحانه وتعالى وعن هؤلاء قال تعالى (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة : 31 )
وقال جل وعلا ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (الشورى : 21 ) ومن ثم ضلوا وأضلوا عن سواء السبيل ونقضوا الميثاق الأول الذى أخذه الحق سبحانه حين قال ( وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ (آل عمران : 187 )
إلا أنهم من العناد والضلال تركوه فقال تعالى عنهم (فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ ) والعجيب أنهم مافعلوا ذلك إلا طمعا فى الحياة الدنيا فباعوا الثمين بالغث ونسى هؤلاء أن الأخرة خير وأحسن أجرا ومقاما أما الدنيا وإن ملكوها فهى قليلة لاتكاد تذكر بالنسبة للأخرة فقال تعالى ( وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً )
فذمهم الله جل وعلا فقال (فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ )ومن الأمور التى قام بها أهل الكتاب والتى بعدت بهم عن طريق الله جل وعلا : أن غيروا وبدلوا ما جاءهم به المسيح عليه السلام من عند الله سبحانه وتعالى .ولذا جاء القرآن الكريم ليبين لهولاء المنهج الأصلى الذى كان لديهم فقال تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (المائدة : 15 )  وحقا هناك أمورا عديدة أخفاها اهل الكتاب عن ابناهم نبينها فى حينها إن شاء الله تعالى .
 نعرض فى عجالة لهذه النقاط مبينا ما حكاه القرآن الكريم وكذلك العهد الجديد وإن كنا من البداية نثق فيما جاء به القرآن الكريم . فقد يقال فلماذا إذن نأتى بالأيات من القرآن والنصوص من العهد الجديد ؟ نقول : لأننا لولم نذكر النصوص من العهد الجديد لربما قيل إن لديهم من النصوص ما هو أوثق من هذا ولذا لنكون على بينة من أمرنا  ولكى تكون الأمور أكثر وضوحا ولا يبقى هناك عذر لمعتذر فإليك عزيزى القارئ الأيات من القرآن والنصوص من العهد الجديد .
_ نسب سيدنا عيسى عليه السلام
 إن قصص الأنبياء من أجل ماجاء به القرآن الكريم لأننا نلاحظ الدقة فى الحديث عنهم فعلى سبيل المثال تجد القرآن الكريم يبدأ فى الحديث عن النبى من اللحظة الهامة فى حياته التى فيها الدروس والعبر ,  لأن الحق جل وعلا من البداية أخبرنا عن سيرالأنبياء العظماء بقوله جل وعلا  { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (يوسف : 111 )
 ونبى الله عيسى عليه السلام من الأنبياء الذين تعرض تاريخهم لنقد شديد وتدخل بنوا إسرائيل فيه بشكل غير معالمه وقلب فيها الأمور مما جعل القرآن الكريم يتحدث عن كل مرحلة من مراحله عليه السلام بالدقة والتفصيل ليقطع الطريق على كل من سولت له نفسه واتهم المسيح عليه السلام بما ليس فيه . 
ومن ثم حين أراد القرآن الكريم  أن يتكلم عن البشارة بالمسيح عليه السلام بدأ بتاريخ أجداده ؛  لأنه إن ذكر المسيح عليه السلام  من لحظة ميلاده لتشكك البعض وقالوا من أين جئ به ؟  ولذا حكى لنا القرآن نسبه عليه السلام من البداية ليعلم الجنيع أنه عليه السلام بشر كإخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين . 
ولقد تحدث العهد الجديد كذلك عن نسب المسيح عليه السلام وكذلك البشارت بسيدنا عيسى عليه السلام , ولكن شتان بين ما قالوه وبين ماجاء به القرآن الكريم ولذا رأيت أن أعرض الأيات من القرآن الكريم وكتب السيرة أولا ثم نذكر النصوص من العهد الجديد ونعلق على كل على حده ثم نذكر النتائج ونقاط التشابه والاختلاف .
أولا :  من القرآن الكريم
فقصة سيدنا عيسى تبدأ من جده ( عمران ) فلقد قال القرآن الكريم : إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (آل عمران : 33 ) فلقد ذكر السـهيلى أن ( عمران ) المذكور فى الآية الكريمة هو عمران بن ماتان من ولد سليمان بن داود عليهم السلام .
وتذكر الآية الكريمة أن ( عمران ) من الصفوة الأخيار الذين إصطفاهم الله على العالمين لتقواهم وإخلاصهم العبادة لله رب العالمين , ولقد أحب هؤلاء الأخيار طاعة الله جل وعلا  حتى تمنوا أن تكون لهم ذرية طيبة تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ولذلك حين شعرت السيدة ( حنه ) زوجة سيدنا عمران بجنين يتحرك فى أحشائها تهللت فرحاً لأن الله سيرزقها بذرية طيبة فسارعت ونذرت مافى بطنها لله رب العالمين فقال جل شأنه على لسانها{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (آل عمران : 35 )
ولقد كانت السيدة ( حنه ) صادقة فى نذرها لأنها دعت الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منها نذرها كما أنها حين وضعت واكتشفت أن المولود أنثى ( وهى تريده ذكراً ليصلح لخدمة البيت والرب ) فقال جلا شأنه عن ذلك الموقف :
{ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } (آل عمران : 36 )
 ومع أن هذه الأسرة الطيبة من الله بمكان ومن المصفطين الأخيار إلا أن السيدة ( حنة ) طلبت من الحق جل وعلا أن يحفظ ابنتها  مريم من الشيطان الرجيم وإن رزقها بذرية يحفظها بما يحفظ به عباده الصالحين فقالت كما حكى القرآن الكريم : {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }
وقد إستجاب الحق سبحانه وتعالى دعاء السيدة ( حنه ) وحفظ إبنتها وذرتيها من الشيطان الرجيم وفى هذا يقول المعصوم محمد (صلى الله عليه وسلم) : ( ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان , فيستهل صارخاً من نخسه الشيطان إلا إبن مريم وأمه ) (   )
بل وأصبحت السيدة ( مريم ) من أفضل نساء العالمين لقول النبى محمد (صلى الله عليه وسلم ) : ( خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم ( إمراة فرعون ) وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ) ( )
(ب) كفالة سيدنا زكريا للسيدة مريم :
ولكى تفى السيدة ( حنه ) بنذرها خرجت بابنتها السيدة ( مريم ) إلى بيت المقدس فوضعتها عند الأحبار وقالت لهم : ( دونكم هذه النذيرة , فقالوا هذه أبنة إمامنا عمران , وكان فى حياته يأمهم فى الصلاة فقال لهم سيدنا زكريا : إدفعوها إلى فأنا أحق بها منكم  فإن اختها عندى . فقالوا : لا حتى نقترع عليها . فانطلقوا إلى نهر فالقوا فيه أقلامهم فأرتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أفلامهم فتولى زكريا كفالتها (  )
وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) ال عمران
وقام سيدنا زكريا عليه السلام برعاية السيدة مريم وخدمتها على أكمل وجه , وكانت السيدة مريم تنمو نمواً سريعاً لأن الله جل وعلا استجاب دعوة والدتها حين قالت { رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (آل عمران : 35 فاستجاب الحق سبحانه وفى هذا يقول القران الكريم { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا (آل عمران : 37 )
وكلما توجه سيدنا زكريا عليه السلام بطعام الى السيدة مريم وجد عندها طعاماً لم يحضره وفى ذلك يقول الحق جل وعلا : (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران : 37 ) 
وكأن الحق سبحانه وتعالى يهيىء السيدة مريم نفسياً وعملياً لحقيقة هامة : وهى كما أن الله سبحانه وتعالى رزقها بطعام من غير حول منها ولا قوه ومن غير حركة منها أو عمل أى بدون أسباب فهو سبحانه وتعالى على كل شىء قدير .وفى هذا الرد الجميل من جهة السيدة مريم يدل على أنها مؤمنه بالله إيماناً بدرجة اليقين مما يجعلها على استعداد للحدث الجلل الذى أعدها الله سبحانه وتعالى للقيام به , مع هذا أمرها الحق سبحانه وتعالى بمزيد من الطاعة والعبادة فقال عز شأنه { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ  * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } (آل عمران :  42/ 43  
ولكن هذا الإصطفاء ليس تشريفاً بقدر ماهو إبتلاء وتكليف فلو أن الحق سبحانه وتعالى اصطفاها لتكون صاحبة أو أما لابنه ( حاشا لله ) كما يزعم النصارى لرفع الحق سبحانه وتعالى عنها مشقة التكاليف والعبادة ولرفع عنها الحرج فى مقابلة الناس ولرفعها إلى جانبه (حاشاه) حتى تضع المولود ( المرتجى ) كما يزعم النصارى .
( جـ) بشارة الملائكة للسيدة مريم :-
فلما بلغت السيدة مريم درجة إيمانية تجعلها على إستعداد للقيام بأى أمر يؤكل إليها أرسل الحق سبحانه وتعالى إليها الملائكة ليبشروها وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى { إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ } (آل عمران : 45/ 46
وعن نسب  المسيح  عيسى عليه السلام فى الأناجيل :
" لم يذكر نسب  المسيح عليه السلام إلا فى إنجيل متى وإنجيل لوقا وقد تجاهلت الأناجيل الأخرى ذكر نسبه ومع هذا لم يذكرا نسب سيدنا عيسى عليه السلام  وانما قدما سلسلة يوسف النجار الذى يعدونه خاطبا للسيدة مريم العذراء فالنسب إذن ليس للمسيح عليه السلام ومع هذا لم يتفقا فى أشياء كثيرة  :
- ما جاء فى إنجيل متى :-
1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ إِبْراهِيمَ. 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ....... وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.
ومما جاء فى إنجيل لوقا :
23وَلَمَّا \بْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ \بْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي 24بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي بْنِ مَلْكِي بْنِ يَنَّا بْنِ يُوسُفَ.......31بْنِ مَلَيَا بْنِ مَيْنَانَ بْنِ مَتَّاثَا بْنِ نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ 32بْنِ يَسَّى بْنِ عُوبِيدَ بْنِ بُوعَزَ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ 33بْنِ عَمِّينَادَابَ بْنِ آرَامَ بْنِ حَصْرُونَ بْنِ فَارِصَ بْنِ يَهُوذَا 34بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.......... 38بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيتِ بْنِ آدَمَ بْنِ اللهِ.
ومع هذا قد اختلفا فيما يلى :-
1- يذكر متى أن يعقوب هو أبو يوسف " رجل مريم " بينما يذكر لوقا أن يوسف " رجل مريم " هو أبن هالى
2- يذكر متى أن نسب المسيح عليه السلام يرجع إلى سليمان بن داود عليهما السلام بينما يذكر لوقا أن نسب المسيح برجع إلى ناثان بن داود .
3- يذكر لوقا أن نسب المسيح عليه السلام يرجع الى " ابن أدم , ابن الله " بينما يذكر متى أن المسيح بن داود بن إبراهيم عليهم السلام .
4-فى لوقا يقولون عبارة " على ما كان يظن " اذن فليس هناك يقين .
5- والعجيب هو ما أقدم عليه كتبة الأناجيل وهو : أن خاضوا فى عرض نبى الله عيسى عليه السلام فذكر متى أن هذا النسب يرجع إلى فارص بن يهوذا من ثامار أتدرى عزيزى القارئ من  هى  ثامار ؟ ثامار هذه كانت زوجة ابن يهوذا , ويهوذا هو ابن نبى الله يعقوب بل وإليه يفتخر اليهود بالإنتساب ومع أن زوجة ابنه محرمة عليه حسب شريعتهم ايضا إلا أنه زنى بها وفى هذا يقولون فى سفر التكوين :  
فَقِيلَ لِثَامَارَ: «هُوَذَا حَمُوكِ قَادِمٌ لِتِمْنَةَ لِجَزِّ غَنَمِهِ». فَنَزَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَبَرْقَعَتْ وَتَلَفَّعَتْ وَجَلَسَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، . . . فَعِنْدَمَا رَآهَا يَهُوذَا ظَنَّهَا زَانِيَةً لأَنَّهَا كَانَتْ مُحَجَّبَةً، فَمَالَ نَحْوَهَا إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ وَقَالَ: «هاتي أدخل عليك ». وَلَمْ يَكُنْ يَدْرِي أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تُعَاشِرَنِي؟» فَقَالَ: «أَبْعَثُ إِلَيْكِ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْقَطِيعِ». فَقَالَتْ: «أَتُعْطِينِي رَهْناً حَتَّى تَبْعَثَ بِهِ؟» فَسَأَلَهَا: «أَيُّ رَهْنٍ أُعْطِيكِ؟» فَأَجَابَتْهُ: «خَاتَمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ». فَأَعْطَاهَا مَا طَلَبَتْ، وَعَاشَرَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ. ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ، وَخَلَعَتْ بُرْقَعَهَا وَارْتَدَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.
وَعِنْدَمَا أَرْسَلَ الْجَدْيَ مَعَ صَاحِبِهِ الْعَدُلاَمِيِّ لِيَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ فلَمْ يَجِدْهَا. فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَكَانِ: «أَيْنَ الزَّانِيَةُ الَّتِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَى الطَّرِيقِ فِي عَيْنَايِمَ؟» فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ فِي هَذَا الْمَكَانِ زَانِيَةٌ». . . وَبَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ لِيَهُوذَا: «ثَامَارُ كَنَّتُكَ زَنَتْ، وَحَبِلَتْ مِنْ زِنَاهَا».)) فَقَالَ يَهُوذَا: «أَخْرِجُوهَا فَتُحْرَقَ». 25أَمَّا هِيَ فَلَمَّا أُخْرِجَتْ أَرْسَلَتْ إِلَى حَمِيهَا قَائِلَةً: «مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي هذِهِ لَهُ أَنَا حُبْلَى!» وَقَالَتْ: «حَقِّقْ لِمَنِ الْخَاتِمُ وَالْعِصَابَةُ وَالْعَصَا هذِهِ». 26فَتَحَقَّقَهَا يَهُوذَا وَقَالَ: «هِيَ أَبَرُّ مِنِّي، لأَنِّي لَمْ أُعْطِهَا لِشِيلَةَ ابْنِي». فَلَمْ يَعُدْ يَعْرِفُهَا أَيْضًا.
27وَفِي وَقْتِ وِلاَدَتِهَا إِذَا فِي بَطْنِهَا تَوْأَمَانِ. 28وَكَانَ فِي وِلاَدَتِهَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَخْرَجَ يَدًا فَأَخَذَتِ الْقَابِلَةُ وَرَبَطَتْ عَلَى يَدِهِ قِرْمِزًا، قَائِلَةً: «هذَا خَرَجَ أَوَّلاً». 29وَلكِنْ حِينَ رَدَّ يَدَهُ، إِذَا أَخُوهُ قَدْ خَرَجَ. فَقَالَتْ: «لِمَاذَا اقْتَحَمْتَ؟ عَلَيْكَ اقْتِحَامٌ!». فَدُعِيَ اسْمُهُ «فَارِصَ». 30وَبَعْدَ ذلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ الَّذِي عَلَى يَدِهِ الْقِرْمِزُ. فَدُعِيَ اسْمُهُ «زَارَحَ». التكوين [ 38 : 13 ]
مما سبق يتضح لنا أن أهل الكتاب لم  يتفقوا فى نسب المسيح  عليه السلام فحسب بل إنهم طعنوا فى نسبه عليه السلام كما راينا , ولم يكتفوا بالطعن فى يهوذا بل قال متى فى انجيله (وَدَاوُدُ لْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا) اتدرى ما هى هذه القصة .
فيروى أبن جرير " أن داود عليه السلام كان يصلى فى محرابه ثم تطلع من نافذة المكان فرأى امرأة جميلة فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها فأخبرته بأن زوجها اسمه " أوريا " وأنه خرج مع الجيش الذى يحارب الأعداء فأمر داود عليه السلام – قائدة أن يجعل " أوريا" فى المقدمة ليكون عرضة للقتل وبعد قتله تزوج داود بتلك المرآة وأنجب منها   سيدنا سليمان يقول أبن كثير إن هذه القصة من الإسرائيليات
 ويقول الرقاعى " هذه القصة وأمثالها من كذب اليهود فقد حدثنى بعض من أسلم منهم أنهم تعمدوا ذلك فى نسب داود عليه السلام لأن عيسى عليه السلام من ذريته ليجدوا سبيلاً إلى الطعن فيه "
إلا أن العهد القديم تؤكد ما قاله متى بشأن داود عليه السلام وامرأة أوريا وفى هذا  يقولون فى  سفر صموئيل الثانى :
" وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدّاً. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟» 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى».  14
وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوباً إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ».............23وَقَالَ الرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى الْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ. 24فَرَمَى الرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى السُّورِ، فَمَاتَ الْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ الْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضاً».........
 26فَلَمَّا سَمِعَتِ امْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا نَدَبَتْ بَعْلَهَا. 27وَلَمَّا مَضَتِ الْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ابْناً. وَأَمَّا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ........ 24وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ امْرَأَتَهُ وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوَلَدَتِ ابْناً، فَدَعَا اسْمَهُ سُلَيْمَانَ  
لقد تبين لنا ان بنى اسرائيل قوم بهت فلم يقدروا للأنبياء حق قدرهم ولم يراعوا للأنبياء حرمة فهل يتوقع الغالم منهم أن يراعوا فيهم إلا ولا ذمة ؟وصدق الحق حين قال َ{ قدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } (آل عمران : 118 )
البشارة بالسيد المسيح فى الإنجيل :
أولاً :- إذا تأملنا العبارة الأولي من الإصحاح الأول في إنجيل يوحنا يظهر لنا التناقض في كلامه فيقول : ( في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ، هذا كان في البدء عند الله )فهذه الفقرات متناقضة المعنى لا تتفق مع مفهوم العقل ، فإن قوله ( والكلمة كان عند الله ) لا تتوافق مع قوله ( وكان الكلمة الله )
 فإذا كان الله عين  الكلمة لا يصح أن تكون الكلمة عنده ، لأن العندية تقتضي المغايرة لأنها عبارة عن حصول شيء عند شيء كحصول المال عند على ولا شك أن المال غير على وهذا ظاهر لا جدال فيه ، فكيف تكون الكلمة هي الله وكيف تكون عنده ؟
 ثم ما المراد بالبدء ؟ هل يعني ذلك بداية الله أم بداية الكلمة التي هي المسيح ؟ وكلاهما باطل لدى المسيحيين فهم يعتقدون أن الله أزلي والكلمة معه أزلية وأن الله لم يسبق المسيح في الوجود فهذا أيضاً لا مدلول ولا معنى له لدى المسيحيين بل هو يناقض عقيدتهم .وإذا كان المراد بالبدء أي منذ الأزل فما معنى ما جاء في سفر التكوين [1 : 1  (في البدء خلق الله السموات والأرض ) هل يعنى ذلك أن السموات والأرض أزليتان ؟
هذا ما يعتقده النصارى من هذا النص محاولين أن يلووا عنق الحقيقة , وكأنهم يستنتجون معادلة رياضية متجاهلين قدرة الله العظيم الذى لا يعجزه شىء : فتفسيرهم هذا غير منطقى بحال من الأحوال لأســباب :
 أ- : إن عيسى عليه السلام – بهذه الطريقة مخلوق بكلمة من الله وهو بهذا لن يرق إلى مقام الألوهية مطلقاً وهذا ما أكدة القرآن حين قال – سبحانه وتعالى { لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً } (النساء : 172 )  
ب- : لو كان عيسى عليه السلام – إلها لما مر بمراحل الحمل .. أن يحمل فى بطن امرأة ثم يولد ثم يكون طفلاً الخ ........ فأى إله هذا الذى حوته بطن سيده وتغذى على دم الحيض ؟
ج- : إذا كان هذا هو منطق النصارى فلا حرج إذن على من يعبد الشمس والقمر و الأصنام فكل هذه الأشياء بل والكون كله خلق بكلمة من الله فهل نعتبر الكون بما فيه إلهة من دون الله ؟
د- : لقد تبرأ المسيح – عليه السلام – مما نسبه إليه النصارى أى أنه إلها أو ابن إله فى أكثر من موضوع فى الإنجيل :
(أ) يعترف المسيح – عليه السلام – بأن الله جل وعلا إله واحد لا إله غيره وذكر ذلك فى الإنجيل تحت عنوان " الوصية العظمى " حين جاءه واحد من الكتبة وسأله " أى وصيه هى أول للكل " فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هى : أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك (
هذا النص يبن لنا أن المسيح – عليه السلام – يؤمن بأن الله إله وأحد لا شريك له كما أنه يؤمن بأنه عبد الله ورسوله بدليل قوله " الرب إلهنا رب واحد "
(ب) وليس هذا فحسب بل أن المسيح فى يوم القيامة يتبرأ ممن رفعوه لمقام الالوهيه ويؤكد ذلك ما ذكر فى إنجيل متى " كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم يا رب . يا رب , أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة – حينئذ أصرخ فيهم إنى لم أعرفك قط إذهبو يا فاعلى الإئم " (
ثانياً : يذكر متى فى إنجيله تحت عنوان " ميلاد يسوع المسيح " ( يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم آمراتك لآن الذى حبل به فيها هو من روح القدس . فستلد ابنا وتدعو أسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم , وفى إنجيل يوحنا يذكر أن يوحنا المعمدان " نبى الله يحيى " يقول " وفى الغد أيضاً كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه فنظر إلى يسوع      , فقال: ( هو ذا حمل الله )
من النصين السابقين يتضح لنا كثير من المغالطات والافتراءات التي نسبها النصارى لنبي الله عيسى – عليه السلام – وهى :-
1- يذكرون أن مريم العذراء حملت من الله – حاشاه – ثم يذكرون أنها حملت من الروح القدس ونحن إذ نذكر ذلك لا نريد منهم أن يحددوا واحداً من الاثنين لأننا نرفض ذلك رفضا باتا لأن الله جل وعلا . تعالى عن ذلك علواً كبيراً فسيقولون هذا لله فماذا عن الروح القدس ( جبريل عليه السلام ) نقول لهم أيضاً إن هذا  لا يجوز بحال من الأحوال فالملائكة مخلوقات نورانية ولا يستطيعون القيام بمثل هذه الأفعال
2- كما أن النصارى يكيلون بمكيالين فهم رفعوا مكانة عيسى إلى مقام الألوهية وقدسوا معه – سيدنا جبريل فلما لم يرفعوا سيدنا يحيى إلى مقام الألوهية ومعه سيدنا جبريل ؟ مع أن الدور الذي قام به جبريل عليه السلام هو واحد في الحالتين فهو الذي أرسله الله – جل وعلا – ليبشر سيدنا زكريا وزوجته – اليصابات – بميلاد سيدنا يحيى رغم أنهما كبيران  فى السن وكانت عاقراً كما أن جبريل عليه السلام بشر السيدة مريم بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام .
3- يناقض النصارى أنفسهم إذ يذكرون أن الله على كل شىء قدير ثم لا يتحملون أن يفهموا أن عيسى – عليه السلام ليس له أب أو أنه خلق بقدرة الله إذ يقولون ( هو ذا اليصابات نسيبتك هى أيضاً حبلى بإبن فى شيخوختها – وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً . لأنه ليس شيئاً غير ممكن لدى الله )
ولقد أكد القرآن الكريم ذلك فيقول الحق جل وعلا {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً * َالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } (مريم : 8/ 9
 4- يذكر النصارى أن سيدنا عيسى عليه السلام ما جاء إلا ليخلص شعبه من خطاياه فيقولون  ( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد)
ومسالة الخلاص التى يتحدثون عنها مسألة عجيبة : لأن النصارى تعتقد أنه بسبب خطأ سيدنا أدم وأكله من الشجرة فى الجنة أهبطه الله جل وعلا إلى الأرض بالخطيئة وبالتالى ورثت ذرية أدم الخطيئة ومن ثم أصبح العالم فى حاجة إلى من يطهرهم ويخلصهم من الذنب الذى ورثوه عن أبيهم آدم عليه السلام فكان المسيح الذى قدمه الله سبحانه قربانا ليغفر بموته وصلبه  للعالم
وهذا الاعتقاد لا يقبله منطق ولا عقل لأسباب :-
1- لأن آدم عليه السلام قد غفر الله سبحانه وتعالى له قبل أن يهبطه إلى الأرض لأن المرحلة التى قضاها أدم عليه السلام فى الجنة كانت مرحلة اعداد واختبار ليتعلم آدم ما جزاء من يطع الله جل وعلا وماذا يحدث للإنسان أن عصى وتجاوز حدود الله
وفى ذلك يقول الحق جل وعلا { وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } (البقرة : 35 ويقول سبحانه وتعالى " إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (طه : 118/ 119 ) (ثم حذره الحق سبحانه وتعالى بقوله َ{ولاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } (البقرة : 35 )" ثم بين له الحق سبحانه وتعالى أن الشيطان له بالمرصاد وأنه لا يحب الخير لأدم ولا لزوجته فقال سبحانه وتعالى { فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (طه : 117 )
وحين أخطأ أدم عليه السلام وأكل من الشجرة ظهر عليه فى الحال ما حذره الله سبحانه وتعالى وفى هذا يقول القرآن الكريم :
 { فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } (طه : 121 )ولكن الحق سبحانه وتعالى لم يطرد أدم من رحمته . وكما علم أدم الأسماء كلها علمه كيف يتوب من ذنبه حتى يعلم أدم وذريته أن لهم رباً كريما يغفر الذنوب فقال جل شأنه { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (البقرة : 37 )" ثم أنزل الحق سبحانه تعالى أدم عليه السلام إلى الأرض فقال عز شأنه قَالَ  { اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (طه : 123 )
إذن أنزل الله سبحانه وتعالى أدم عليه السلام مغفوراً له لأن الحق سبحانه وتعالى أجل من أن يأخذ أحداً بذنب أحد لأن القاعدة العامة التى أخيرنا بها الحق جل شانه { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } (الإسراء : 15 )ومن ثم فيكون الاعتقاد الذى يعتقده النصارى اعتقاد باطلً .فيابنى اسرائيل امنوا بالله رب العالمين الذى خلقكم وخلق عيسى عليه السلام واعلموا ان المسيح عليه السلام لا يرفض ان يكون عبدا لله ولا يتكبر على ذلك فقال تعالى { لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً (النساء : 172 )
2-: لانه إذا كان ما يعتقده النصارى صحيحاً فيما بينهم وهى فكرة أن العالم كان فى حاجة لمن يظهره من  ذنب  آدم عليه السلام وخطيته . فهل تنظر ان أن يرسل الحق جل شأنه أبناً أخر ( حاشا لله ) ليطهر أبناء أبليس من الخطا الذى وقع فيه أباهم أبليس اللعين الذى جاهر بالعداء والمعصيه وأصر عليها وطرد من رحمة الله ؟
وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ *قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (الأعراف : 11/12/ 13
3- : إذا كان النصارى يعتقدون أن أدم أخطا واهبط بخطيئته  فايهما أهون ؟ أن يضحى الحق سبحانه وتعالى يا أدم من البداية ويخلق إنسانا غيره لا يخطى ويعتبر بخطيئه سلفه  و  ماحدث له أم  أن ينتظر الحق جل وعلا  طويلا حتى ازداد عدد البشر واضطر الحق ( حاشاه) أن يضحى بابنه الوحيد كما يزعمون ؟
4-ً:- ماذا يساوى هذا العالم  حتى يرسل الله إبنه الوحيد ( حاشاه ) كما يزعم النصارى ويعرضه للقتل و الصلب بطريقة وحشيه , وإذا كان الحق جل شأنه رحم سيدنا إبراهيم عليه السلام حين ابتلاه بذبح أبنه إسماعيل عليه السلام وأنزل من السماء فداء له "
واليك ما ذكره  صاحب كتاب – الفاصل بين الحق والباطل –
           عجبى للمسيح بين النصـارى * * *     وإلى إى والــد نسبـوه
          أسلموه الى اليهود وقالــوا  * * *      إنهم بعد قتله صــلبـوه
          فإن كان الذى يقولونه حقـا  * * *      وصحيحا فأين كان أبــوه
         حين خلى ابنه رهين الأعـادى  * * *       أتراهم أرضوه أم أغضبـوه
         فلئن كانــوا أرضـــوه  * * *       فأحمدوهم   لأنهم عذبــوه
        ولئن كانوا اسخطوه  فاتركوه   * * *       وأعبدوهم لأنهم غلبــوه
5- : هل عاش كل من سبق سيدنا عيسى عليه السلام فى براثن الخطيئة بما فيهم الأنبياء صلوات الله و سلامة عليهم أجمعين وهم المعصومون أم أنهم كما قال عنهم المسيح عليه السلام ( حاشاه )  فى انجيل يوحنا ( أن كل من سبقنىهم سراق و لصوص ) ( حاشاهم صلوات الله وسلامه عليهم )                  
6- : يذكر النصارى أن المسيح ما جاء إلا لخلاص العالم  ونحن  نسألهم  يخلص من  و لاجل من ؟إذ كان المسيح الها كما يزعمون فلما لم يستطع أن يخلص نفسه أولا من القتل والصلب ؟
إذا كان المسيح أبن الله كما يزعمون فلا جل من يضحى الحق ( حاشاه ) به أمن أجل اله آخر ؟ أم ليسعد البشرية ؟ وأى سعادة هذه التى لا تكن إلا  بهذه الطريقة النكراء , وأين رحمه الله إذن الذى لا يستطيع أن يرحم ابنه (حاشاه ) أو أن بنقذه من براثن الأعداء .
ميلاده عليه السلام من القرآن الكريم :
وكانت بشارة الملائكة هى بمثابة تهيئة نفسية للسيدة مريم ولذلك حين أرسل إليها سيدنا جبريل ليخبرها بأن البشارة أن لها أن تكون حقيقة فقال الحق جل وعلا { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً (مريم : 17/18/ 19 )
لم تتردد ولم تطلب أية على ذلك إنما سؤالها الذى حكاه القرآن الكريم { قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً (مريم : 20 )
ليس اعتراضا بل هو إستفسار لأن السيدة مريم تعلم أنها أنثى وأنه لا مانع من أن تحمل وتلد مثل النساء . ولكن السؤال كيف سيأتى هذا الغلام هل عن طريق الزواج أم سيخلقه الله جل وعلا ابتداء كما خلق آدم عليه السلام ؟ فأجابها جبريل عليه السلام بما حكى به القرآن الكريم بأنه سيكون خلقاً كأدم عليه السلام وما ذلك على الله بعزيز وفى ذلك  يقول الحق جل وعلا { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } (آل عمران : 59 )
 ثم أخبرها جبريل عليه السلام بأن الله على كل شئ قدير وفى هذا يقول القرآن الكريم {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً } (مريم : 21 )
وكلمة ( هين حقيقة : لأن هل الخلق بغير مثال سبق وعلى غير نموذج ومن عدم أهون أم الخلق من مثال موجود ومن حى ؟
لا شك أن الخلق من مثال سبق ومن حى أهون , ولتوضيح ذلك نذكر أن الله سبحانه وتعالى الذى استطاع بقدرته خلق آدم عليه السلام من عدم وعلى غير مثال سبق لا يعجزه أن يخلق سيدنا عيسى من السيدة مريم ومن ثم أطلق الحق سبحانه وتعالى على خلقه لسيدنا عيسى (آية) فكان حقاً أية ودلالة على قدره الله المطلقة :
 أى أن الحق سبحانه وتعالى بين بخلقه لسيدنا عيسى بدون أب للناس أنه  سبحانه وتعالى على كل شىء قدير بمعنى ( أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام من غير أب ولا  أم وخلق السيدة حواء من ضلع آدم عليه السلام فكأنها خلقت من أب دون أم وخلق سبحانه وتعالى البشر جميعاً من أب وأم وقد يوجد الزوجان ولا ينجبان لحكمة يريدها الله . إذا يبقى ماذا ؟ يبقى هل يستطيع الحق سبحانه وتعالى أن يخلق إنساناً من أم دون أب ؟ بالطبع يستطيع فهو على كل شىء قدير ولذلك خلق الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى من أم دون أب وفى هذا يقول الحق جلا شأنه : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } (آل عمران : 59 )
 (مما سبق يتضح لنا أن القرآن الكريم بألفاظه الواضحة وكلماته الفاصلة وبدون التواء أو إجهاد للعقل بين لنا حقيقة سيدنا عيسى بداية من جده عمران وجدته السيدة ( حنه ) وأمة السيدة ( مريم ) موضحاً السبب من مجئ سيدنا عيسى بهذه الطريقة التى يقبلها العقل والمنطق وبأسلوب راقى بليغ يليق بجلال المنعم سبحانه وتعالى كما أن القرآن الكريم سرد الأحداث بشكل منتظم ولذا رأينا أن نورد ما جاء فى الأناجيل بشأن البشارة بسيدنا عيسى عليه السلام .
ما جاء فى الأناجيل بخصوص ميلاد السيد المسيح عليه السلام :-
 تذكر الأناجيل فى أكثر من موضع أن الملاك جاء ليوسف خطيب السيدة مريم فى حلم وأخبره بأن مريم أصبحت حبلى من روح القدس وأن عليه ألا يقربها بل يقوم بخدمتها هى ومن ستلده فيقول إنجيل متى فى ذلك " إذ ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امرءتك لان الذى حبل به فيها هو من روح القدس فستلد ابناً اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم "
 ولقد قام يوسف بخدمة السيدة مريم على اكمل وجه حتى وضعت المولود فيذكر متى فى ذلك " فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امراته فلم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع "
 وتذكر الأناجيل أن المسيح عليه السلام  ولد فى مدينة بيت لحم فيقول متى ايضا " ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى ايام هيرودس الملك اذ ماجوس من الشرق قد جاءوا الى اورشليم قائلين اين هو المولود ملك اليهود " (
 وتذكر الأناجيل أيضا أن الملاك جاء ليوسف فى حلم وأمره أن يهرب بمريم وابنها إلى مصر خوفا من الملك هيرودس فيقول متى " اذ ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا : قم وخذ الصبى وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك, ان هيرودس مزمع ان يطلب الصبى ليهلكه "
ثم بعد موت الملك هيرودس ظهر الملاك فى حلم ليوسف وأمره أن يعود من مصر وأن يستقر فى بلده تسمى " ناصرة " فيقول متى " فلما مات هيرودس اذ ملاك الرب ظهر فى حلم ليوسف فى مصر قائلا قم وخذ الصبى وامه واذهب الى مسقط راسه واسكن فى مدينة يقال لها ناصرة "
 وتذكر الأناجيل أيضا أن يوحنا " نبى الله يحي " كان يمهد الطريق امام السيد المسيح  فيقول " توبوا لانه قد اقترب ملكوت السموات "  وقام يوحنا بعد ذلك بتعميد السيد المسيح ونزل عليه روح القدس فيذكر متى فى انجيله " فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذ السموات قد  انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة واتى عليه صوت من السماء قائلاً : هذا هو ابن الحبيب الذى به سررت "
كما تذكر الأناجيل أن المسيح عليه السلام ظل اربعين يوما يجرب من ابليس ليعرف قدرة ايمانه فيقول متى " ثم صعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس " وانتهت هذه الفترة بقدرة يسوع على فهم حيل ابليس الذى قال له " اعطيك هذه جميعا ان خررت وسجدت لى حينئذ قال له يسوع " اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد "
بشرية المسيح عليه السلام :
هذا ما ذكره متى بخصوص بداية السيد المسيح  أما لوقا فيذكر ماهو قريب من ذلك إلا أنه يضيف إلى ما سبق بعض التوضيحات فيذكر أن السيدة مريم ولدت ابنها فى المزود وهو مكان المواشى فيقول " وبينما هما هناك تم ايامها تلك لتلد,  فولدت ابنها البكر وقمطته واضطجعته فى المزود اذ لم يكن لها موضع فى المنزل " أى إله هذا الذى ولد فى موضع المواشى ألم يجد الرب ( حاشاه ) مكان أفضل من ذلك ليضع فيه المولود ( قاتلهم الله )
ويذكر لوقا أنه حين اتمت مريم ايام طهرها ذهبت الى المذبح لتقديم زوج يمام ذبيحة للرب فيقول " ولكى يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب زوج يمام او فرخى حمام " كما يذكر لوقا ان المسيح كان يمكث فى الهيكل فترة طويلة ليتعلم وبعد فترة وجيزة اصبح لديه القدرة على ان يعلم ويعرف الناس بعض الامور فيقول لوقا " واما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس " اذن هو بشر ذهبت به للهيكل قدمت القربان وليس هذا فحسب بل يذكرون فى اكثر من موضع انه عليه السلام ابن انسان جاء في عن علامات نهاية الزمان قول المسيح ( وفي الحال بعد تلك المصائب تظلم الشمس ولا يضيئ القمر وتتساقط النجوم من السماء [ إلى أن قال ] ويرى الناس ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء في كل عزة وجلال فيرسل ملائكته ببوق عظيم إلى جهات الرياح الأربع ليجمعوا مختاريه من أقصى السماوات إلى أقصاها ) متى [ 24 : 29 ]                  
   { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ } النساء : 157 )
قد يتعرض الأنبياء إلى شدائد ومحن فى سبيل الدعوة إلى الله بل وقد يصل الأمر إلى استشهادهم في سبيل الله ولقد تعرض سيدنا عيسى عليه السلام مثل سائر الأنبياء لشدائد ومحن وكان من الممكن أن يقتل لولا عناية الله الذى حفظه ورفعه إليه فأعمى الحق سبحانه وتعالى أعين اليهود عن الإمساك بالمسيح عليه السلام والقى سبحانه وتعالى شبهه على رجل أخر قاموا بالإمساك به وقتله وصلبه وظنوا أنه  المسيح عليه السلام .
وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ } النساء : 157 ونحن نعلم أن سيدنا عيسى عليه السلام كان ( آيه ) يوم خلقه الله من غير أب بقدرة الله وكان ( آيه ) يوم أن كلم الناس في المهد بقدرة الله وكذلك لابد ان يكون ( آيه ) في نهايته وكما كان عيسى عليه السلام دليلا على قدرة الله في الاعجاز في الخلق فأراد الحق سبحانه وتعالى أن يبين للناس قدرته جل علا في رفع المسيح عليه السلام  إليه رغم أن اليهود أحكموا خطة للإمساك به إلا أنها قدرة الله الذى لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى {  إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (آل عمران : 55 )
وللعلماء فى تفسير هذه الآية اقوال منها :-
اولا :- " إن الله سبحانه وتعالى قبض سيدنا عيسى بروحه وجسده ورفعه إلى السماء ليتوفى حظه من الحياة هناك وأن الله سبحانه وتعالى رفع سيدنا عيسى إليه دون موت "
ثانيا :- يذكر بعض العلماء أن الرفع لسيدنا عيسى إلى السماء لابد أن يكون بجسد سيدنا عيسى وروحه فلو أن عيسى عليه السلام رفع بالروح فقط لأصبح مواكبا لما يزعمه النصارى من قتله وصلبه وهذا يفترض أن يكون الرفع بالروح والجسد معا .
ثالثا :- يذكر بعض العلماء أن رفع الله سبحانه وتعالى لسيدنا عيسى بروحه وجسده يتناسب مع إكرام الله تعالى لنبيه عيسى عليه السلام ولا يصح أن تحمل الإماتة على التوفى لأن إماتة عيسى عليه السلام وقت حصار الأعداء ليس فيها إمتنان عليه برفعه إلى السماء جثه هامدة وقد نزه الله سبحانه وتعالى أن تكون السماء قبور لجثث الموتى كما أنه إذا كان الرفع بالروح فقط فأى ميزه لعيسى عليه السلام في ذلك على سائر الأنبياء والسماء مستقر أرواحهم الطاهرة
فالحق أنه عليه السلام رفع إلى السماء بجسده حيا وكما كان عليه السلام في مبدأ خلقه ( آيه ) ومعجزه ظاهرة كان في نهايته ( آيه ) ومعجزه ظاهرة والمعجزات بأسرها فوق قدرة البشر ومدارك العقول "
ونحن نستريح للرأى الثالث إذ أنه يعبر عن قدرة الله جل وعلا ونضيف إليه أن الله سبحانه وتعالى إنما رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء بروحه وجسده لينزله أخر الزمان فيملأ الأرض عدلا ويحكم بشرع الله وسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رادعا لما يزعمه أهل الكتاب لأن وجود سيدنا عيسى عليه السلام أخر الزمان بروحه وجسده مؤيدا لما حكاه القرآن الكريم وليجعل النصارى يفهمون الإعتقادات التي طالما ذكرهم بها القرآن الكريم وفى هذا يقول الحق جل وعلا { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً } (النساء : 159 )
والمعنى أنه ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بحقيقة سيدنا عيسى عليه السلام وهو عبد الله ورسوله كما حكى القرآن الكريم وقد يكون المعنى أنه ما من كتابى إلا وقبل خروج روحه يشهد أن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله ويؤمن بأن الله واحد لا شريك له ولكن بعد فوات الأوان والسؤال الذى يطرح نفسه الأن :كيف يحيا سيدنا عيسى عليه السلام الأن في السماء وكم سيكون عمره وقت نزوله عليه السلام ؟
نجيب وبالله التوفيق ونقول :
إن الله سبحانه وتعالى بيده الزمان يقبضه على من يشاء فهو سبحانه وتعالى  {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } (الأنبياء : 23 )والقرآن الكريم يبين لنا في أكثر من موضع كيف ان الله سبحانه وتعالى  يقبض الزمان ويبسطه ونرى هذا واضحا في قصة أصحاب الكهف
فقال تعالى { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً}(الكهف : 9 )يقول : قد آتيناك من الآيات ما هو أعجب منه ، وهم فتية كانوا في الفترة بين عيسى بن مريم عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وأما الرقيم فهما لوحان من نحاس مرقوم ، أي مكتوب فيهما أمر الفتية و أمر إسلامهم وما أراد منهم دقيانوس الملك وكيف كان أمرهم وحالهم .
قال علي بن إبراهيم : فحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان سبب نزول سورة الكهف أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر إلى نجران : النضر بن حارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، والعاص بن وائل السهمي ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل يسألونها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فخرجوا إلى نجران إلى علماء اليهود فسألوهم فقالوا : اسألوه عن ثلاث مسائل فإن أجابكم فيها على ماعندنا فهو صادق ، ثم سلوه عن مسألة واحدة فإن ادعى علمها فهو كاذب ، قالوا : وما هذه المسائل ؟ قالوا : اسألوه عن فتية كانوا في الزمن الأول فخرجوا وغابوا وناموا كم بقوا في نومهم حتى انتبهوا وكم كان عددهم ؟ وأي شئ كان معهم من غيرهم ؟ وماكان قصتهم ؟
واسألوه عن موسى حين أمره الله أن يتبع العالم ويتعلم منه من هو ؟ وكيف تبعه ؟ وما كان قصته معه ؟ و اسألوه عن طائف طاف من مغرب الشمس ومطلعها حتى بلغ سد يأجوج ومأجوج من هو ؟ وكيف كان قصته ؟ ثم أملوا عليهم أخبار هذه الثلاث المسائل ، وقالوا لهم : إن أجابكم بما قد أملينا عليكم فهو صادق ، وإن أخبركم بخلاف ذلك فلا تصدقوه ، قالوا :فما المسألة الرابعة ؟ قالوا : اسألوه متى تقوم الساعة ؟ فإن ادعى علمها فهو كاذب ، فإن قيام الساعة لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى .فرجعوا إلى مكة واجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب إن ابن أخيك يزعم أن خبر السماء يأتيه ونحن نسأله عن مسائل ، فإن أجابنا عنها علمنا أنه صادق ، وإن لم يخبرنا علمنا أنه كاذب ، فقال أبوطالب : سلوه عما بدا لكم  .
فسألوه عن الثلاث المسائل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غدا أخبركم ولم يستثن فاحتبس الوحي عنه أربعين يوما حتى اغتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وفرحت قريش واستهزؤوا وآذوا ، وحزن أبوطالب ، فلما أن كان بعد أربعين يوما نزل عليه جبريل عليه السلام بسورة الكهف ، فقال رسول الله : ياجبريل لقد أبطأت ، فقال :{ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }(مريم : 64 )
ثم قال له ما أمره الله جل وعلا ان يبلغه له فقال " أم حسبت " يا محمد " أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " ثم قص قصتهم ، فقال تعالى { إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} (الكهف : 10 ).
فقال الصادق عليه الصلاة السلام : إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في زمن ملك جبار عات ، وكان يدعو أهل مملكته إلى عبادة الاصنام ، فمن لم يجبه قتله ، وكان هؤلاء قوما مؤمنين يعبدون الله عزوجل ، ووكل الملك بباب المدينة حرسا ولم يدع أحدا يخرج حتى يسجد للأصنام .
 وخرج هؤلاء بعلة الصيد ، و مروا براع في طريقهم فدعوه إلى أمرهم فلم يجبهم ، وكان مع الراعي كلب فأجابهم الكلب وخرج معهم ، فقال الصادق عليه الصلاة السلام : لايدخل الجنة من البهائم إلا ثلاثة : حمار بلعم بن باعوراء ، و ذئب يوسف ، وكلب أصحاب الكهف .فخرج أصحاب الكهف من المدينة بعلة الصيد هربا من دين ذلك الملك ، فلما أمسوا دخلوا ذلك الكهف والكلب معهم ، فألقى الله جل وعلا عليهم النعاس كما قال تبارك وتعالى { فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } (الكهف : 11 )فناموا حتى أهلك الله جل وعلا  ذلك الملك وأهل مملكته وذهب ذلك الزمان وجاء زمان آخر وقوم آخرون ثم انتبهوا .
 فقال بعضهم لبعض : كم نمنا ههنا ؟ فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوما أو بعض يوم ، ثم قالوا لواحد منهم : خذ هذا الورق وادخل المدينة متنكرا لايعرفوك فاشتر لنا طعاما ، فإنهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردونا في دينهم ، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها ، ورأى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغته ولم يعرف لغتهم .
 فقالوا له : من أنت ؟ ومن أين جئت ؟ فأخبرهم ، فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف ، وأقبلوا يتطلعون فيه ، فقال بعضهم : هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم ، و حجبهم الله جل وعلا بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم ، وإنه لما دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكونوا أصحاب دقيانوس شعروا بهم ، فأخبرهم صاحبهم أنهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل ، وأنهم آية للناس ، فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ، ثم قال الملك : ينبغي أن نبني ههنا مسجدا و نزوره فإن هؤلاء قوم مؤمنون ، فلهم في كل سنة نقلتين ينامون ستة أشهر على جنوبهم اليمنى ، وستة أشهر على جنوبهم اليسرى والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف .
من هذا المنطلق وهذا المفهوم للزمان فان الحق سبحانه وتعالى قبض الزمان على سيدنا عيسى فستكون الفترة منذ رفعه عليه السلام إلى السماء إلى نزوله إلى الأرض فترة وجيزة وما ذالك على الله بعزيز ومن ثم لن يختلف سن سيدنا عيسى عليه السلام وقت هبوطه الأرض عن وقت رفعه إلى السماء
وعن وقت نزول سيدنا عيسى عليه السلام يقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم " يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا , يقتل الدجال , ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم أن عيسى ابن مريم ينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ . فلا يحل لكافر أن يجد ريح نفسه إلا مات , ونفسه ينتهى إلى حيث ينتهى طرفه , فيطلب الدجال حتى يدركه بباب لد فيقتله "
وسيحكم سيدنا عيسى عليه السلام بما في القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تصديقا لما جاء في الإنجيل على لسان سيدنا عيسى عليه السلام
"لا تظنوا انى جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لأكمل . فانى الحق اقول لكم ان نزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" .بل وذكروا ما هو أغرب من ذلك فقالوا على لسان عيسى عليه السلام
( الحق أقول لكم لن ينقضي هذا الجيل حتى يتم هذا كله )ولنا أن نسأل المسيحين :
لقد مضى ذلك الجيل ومضت أجيال عديدة ولم تسقط نجمة واحده من السماء ولم ينزل المسيح في سحابة ولم يكن شيء مما وعد به المسيح عليه السلام ، أليس ذلك من الكذب الواضح المفترى به من كتبة الأناجيل على المسيح ؟
ولقد ارتكب المسيحيون الأوائل خطا فادحا وعلى رأسهم  ( بولس  ) عندما صرح بأن القيامة ستقوم في جيله وأنه والذين معه سوف يفنى العالم في أيامهم : قال بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس [10 : 11 ] : ( نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور ) وهذا خطأ لأنهم ليسوا آخر جيل فقد جاءت بعدهم أجيال وأجيال ويقول بولس ايضا في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي [4 : 15-17 ]  لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ.
كما ان السيد المسيح عليه السلام لن يصلى إماما بالمسلمين حتى لا يظن أحد أن المسلمين تابعين له بل سيصلى عليه السلام وراء إمام المسلمين آنذاك مصداقا لقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم في أفضلية الأمة الإسلامية : " منا من يصلى وراءه ابن مريم "
" أى أنه سيكون في أمة سيدنا محمد صى الله عليه وسلم أئمة ومسلمون عظماء حتى يستحقون أن يتقدم أحدهم  على نبى الله عيسى عليه السلام . وهذا حتى لا يختلط الأمر على الناس فتكون الرسالة واحدة والصلاة واحدة  والسجدة واحدة لله رب العالمين وعلى سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذى ختم الله جل وعلا به الأنبياء والمرسلين لقوله تعالى { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}  (الأحزاب : 40 )فالجميع سيسجد لله بما فيهم ابن مريم عليه السلام "الذى يزعم النصارى أنه إله فلوكان إلها ما سجد مثل المسلمين .
وليس هذا فحسب بل إن التضارب في الأقوال التي ذكرت في الأناجيل حول ما يزعمونه من قتل للسيد المسيح أكبر دليل على أن الشخص الذى صلب وقتل لا يمكن أن يكون هو السيد المسيح عليه السلام .
فنرى أن الأناجيل تذكر أن كلوديا زوجة الوالى الرومانى بيلاطس تحذر زوجها بقولها " إياك وذلك البار لأنى تألمت كثيرا في حلم من أجلة " 
وفى الحال استجاب بيلاطس لطلب زوجته فقال للجموع الموجودين " إنى برئ من دم هذا البار " 
وبدلا من أن يقف بيلاطس بجانب المسيح عليه السلام  وأن يدافع عن نبيه عيسى عليه السلام إلا أننا فوجئنا ببيلاطس يسلم المسيح عليه السلام لليهود ويقول لهم " خذوه أنتم وأحكمو عليه حسب ناموسكم " والعجيب أن اليهود قالو لبيلاطس أنه " لا يجوز لنا أن نقتل أحدا " ثم يقولون بعد ذلك " دمه علينا وعلى أولادنا " 
 لاشك أن هذه الفقرات التى تدل على التخبط في الأقوال والأفعال أكبر دليل على أن الشخص الذى أمسكو به لا يمكن أن يكون هو المسيح عليه السلام .  لأنه هل يترك الله سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام يتعرض إلى هذه المهزلة وإلى السخرية والتهكم من الناس وإلى عدم معرفة مصيره بالطبع لا : لأن الله جل وعلا { يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}الحج : 38 )  فما بالك بأنبياءه عليهم صلوات الله وسلامه
كما أن العهد القديم  تؤكد أن الشخص المصلوب ليس هو المسيح عليه السلام ففى سفر التثنية يقولون" اذا كان على إنسان خطيئة حقها الموت وعلقته على خشبة فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لأن المعلق ملعون  من الله فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب الهك  "
إن هذه الفقرة هي أكبر دليل على أن ما يزعمونه من قتل وصلب المسيح عليه السلام ليس صحيح بحال من الأحوال لأنه لا يمكن أن يكون المسيح عليه السلام  ملعون لأنه علق وصلب وهذا دليل على أن المصلوب شخص أخر غير المسيح عليه السلام لأسباب كثيرة منها :-
اولا :- يؤكد ذلك ما جاء في إنجيل برنابا على لسان سيدنا عيسى عليه السلام  بهذا الخصوص فقال  " لأن الله سيصعدنى من الأرض , وسيغبر منظر الخائن حتى يطن كل أحد أنه إياى . ومع ذلك فإنه لما يموت شر ميته , أمكث في ذلك العار زمنا طويلا في العالم "  ويقول برنابا أيضا أن المسيح عليه السلام يقول "  وإنى وإن كنت بريئا ولكن بعض الناس لما قالوا في حقى أنه الله وابن الله كرة الله هذا  القول واقتضت مشيئته ألا تضحك الشياطين يوم القيامه على ولا يستهزؤن بى فإستحسن بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والإستهزاء  في الدنيا بسبب موت يهوذا ويظن كل شخص أنى صلبت ولكن هذه الإهانة والإستهزاء تبقيان إلى أن يجئ محمد رسول الله فإذا جاء نبه كل مؤمن على الغلط  ونرتفع هذه الشبهه من قلوب الناس  )
والحمد لله الذى أنزل القرآن الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل فيه تبيان كل شئ فلقد ذكر الحق سبحانه وتعالى ذلك صراحة في أكثر من موضع حيث يقول جل وعلا { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ } ويقول سبحانه وتعالى { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } (النساء : 157 )
ثانيا :-
يحاول من كتب الأناجيل أن يقنعو الناس بأن الشخص المقتول والمصلوب هو المسيح عليه السلام  فيقولون شيئا عجيبا لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق وهو " ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمه على الارض كلها الى الساعة التاسعة "
في هذه الفقرة يزعم كاتب الإنجيل أن الدنيا أظلمت من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة وهذا غير منطقى لأكثر من سبب :
1- يذكرون أن هذه الإستعدادات كانت مساء يوم الجمعة في الساعة السادسة لأنهم كانوا يريدون الانتهاء من القتل والصلب قبل حلول يوم السبت يوم عيدهم فيقولون ( ولما كان المساء إذ كان الإستعداد أى ما قبل السبت )  إذن الوقت أصلا دخل في ظلمة الليل فكيف عرفوا أن هناك كسوفا للشمس ؟
و يقولون أنه حين تم  القتل والصلب تعاطفت الشمس وحزنت وحجبت عن الأرض لمدة ثلاث ساعات وهذا لا يعقل لأن من المعلوم أن الشمس والقمر من الظواهر الطبيعية التي لا تتأثر بما يحدث للبشر بل هي دليل على قدرة الله جل وعلا وأين مازعمته النصارى من قول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم حين تعرض لموقف مشابه :
 فقد مات ابراهيم ابن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و كسفت الشمس يومها وقال الناس إن الشمس كسفت لموت ابراهيم وكان من الممكن أن يصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم  فهو في حالة حزن وفقد لإبنه العزيز إلا أنها الأمانه فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد أو لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلو وأدعو حتى يكشف عنكم "
يذكرنا كتاب الأناجيل بكتاب القصص  الذين يريدون ان يضفوا على الحكايات التي يسردونها هاله من التقديس كأن يقال " لقد شاركت الطبيعة الشعب الأحزان لفقد زعيما نادرا ما يجود بمثله الزمان فغابت الشمس وراء السحاب وقامت الأعاصير وكان الدنيا تود الرحيل برحيل هذا الزعيم "
لأن ما يزعمه النصارى غير منطقى فكان ينبغى على الكون كله أن يختل نظامه لا الشمس فقط فكسوف الشمس شئ لا يذكر في مقابل موت الإله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ثالثا :-لا يزال من كتب الأناجيل متاثرا بالأساطير القديمة فانظر عزيزى القارئ إلى هاتين الفقرتين الأولى من قصة أوزوريس والأخرى من الإنجيل لنرى مدى التشابه والإقتباس والتأثر فيقولون عن اوزوريس أنه بعد موته " قامت الاختان ازيس ونفتيش بالبحث عن جثة اوزوريس في كل مكان حتى عثرتا على الجثة .
وفى الإنجيل يقولون عن المسيح عليه السلام  بعد موته كما يزعمون " كانت هناك نساء كثيرات ينتظرن من بعيد وهن كن قد تتبعنا يسوع من الجليل لخدمته ومنهن مريم المجدلية ومريم ام يعقوب "
ويقولون أيضا " وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الاخرى جالستين تجاه القبر "  
ويقول مرقس في إنجيله وبعد موت المسيح عليه السلام كما يزعم أن بيلاطس استدعى قائد المئة وسأله عن موته " ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف فاشترى كتانا وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتا في صخرة ودحرج حجرا على باب القبر وكانت مريم المجدلية ومريم ام يوسى تنظران اين وضع " أى إله هذا ؟
رابعا :-
وما يدل أكثر على أن الشخص المصلوب لم يكن السيد المسيح عليه السلام ما ذكروه في الإنجيل أن الشخص المصلوب وصل به الأمر إلى حد القنوط والإعتراض على قدر الله جل وعلا  ومن المعلوم أن الأنبياء لا يصلون إلى هذه المرحلة لأنهم إنما ينفذون تعاليم الله سبحانه وتعالى بكل رضا ويستقبلون قدر الله جل وعلا بنفس راضية مطمئنه إلا أنهم يقولون " ونحو الساعة السادسة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلى ,ايلى : لماذا شبقتنى ؟ أى الهى  لماذا تركتنى ؟  
فيا عجبا لهؤلاء إله يستغيث بإله ولا ينجده ! لو قلنا هذا في أقصوصة لأطفال لقذفونا بالحجارة لأنه كيف يذكر للأطفال  شجاعة الأبطال وبسالتهم ثم نحكى لهم مثل هذه المواقف الهذيلة والعجيب انها تصدر من الهة ..... قاتلهم الله .....
ثم ماذا بعدما تركه الهه بالطبع مات كما يزعمون ووضع في القبر فكيف كان الكون يدار إذن وإلهه حبيس المقابر ؟ إن هذا لشئ عجيب .
خامسا: - يزعم النصارى أن المسيح عليه السلام ظهر بعد موته لتلاميذه . ولا نراهم الا انهم اقتبسوا هذه الفقرة " من قصة اوزوريس الذى ظهر في مصر في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وكان أميرا مصلحا فظن الناس أنه إله لأن الألهه كما يعتقدون تلبس لباس ذوى الشرف الرفيع ولما ظهر شبحه بعد الممات ظنو أن الألهه سمحت بالحياة وأنها لم تعد غاضبه على الشعب الذى كان يرزخ في خطاياه وآثامه وأنها رفعت عنه غضبها  ولعنتها التي كتبت عليه بسبب آثامه وخطاياه "
وفى الإنجيل يقولون أن  المسيح عليه السلام ظهر بعد ثلاث ليال من موته ودفنه " جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم ولما قال هذا اراهم يدية وجنبه ففرح التلاميذ اذا راو الرب وقال لهم " من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه  أمسكت "
وفى الختام نُذكر النصارى بماقاله أحد أئمة المسلمين ملخصا لكل ما سبق                      
أعباد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه
                                           إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فما هذا الإله؟  
  وهل أرضاه ما نالوه منه فبشراهم إذا نالوا رضاه؟
                                      و إن سخط الذي فعلوه فيه فقوتهم إذا أوهت قواه؟
      وهل بقي الوجود بلا إله سميع يستجيب لمن دعاه؟
                              و هل خلت الطباق السبع لما ثوى تحت التراب و قد علاه؟
و هل خلت العوالم من إله يدبرها و قد سُمّرَتْ يداه؟
                                    و كيف تخلت الأملاك عنه بنصرهم و قد سمعوا بكاه؟
 و كيف أطاقت الخشبات حمل الإله الحق شداً على قفاه؟
                                       و كيف دنا الحديد إليه حتى يخالطه و يلحقه أذاه؟
و كيف تمكنت أيدي عداه و طالت حيث قد صفعوا قفاه؟
                                       و هل عاد المسيح إلى حياة أم المحيي له رب سواه؟
 و يا عجبا لقبر ضم رباً و أعجب منه بطن قد حواه!
                                أقام هناك تسعاً من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه.
 و شق الفرج مولوداً صغيراً ضعيفاً فاتحاً للثدى فاه.
                                       و يأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله؟
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما افتراه
                                        أعباد الصليب لأي معنى يعظم أو يقبح من رماه؟
 و هل تقضى العقول بغير كسر و إحراق له و لمن بغاه؟
                                      إذا ركب الإله عليه كرهاً و قد شدت لتسمير يداه
فذاك المركب الملعون حقا فدسه لا تبسه إذ تراه
                                        يهان عليه رب الخلق طَرا و تعبده! فإنك من عداه
. فإن عظمته من أجل أن قد حوى رب العباد و قد علاه
                                      و قد فقد الصليب فإن رأينا له شكلا تذكرنا سناه!
 فهلا للقبور سجدت طرا لضم القبر ربك في حشاه!
                                            فيا عبد المسيح أفق فهذا بدايته وهذا منتهاه.
ومن ثم رأيت أن أعرض بعض الأسئلة كالأتى:
1-هل كان اليهود يعرفون سيدنا عيسى عليه السلام أم لا ؟
 فإن قالوا نعم  , هنا سؤال أخر يطرح نفسه  ألا وهو  لماذا دفع اليهود رشوة لأحد تلاميذ المسيح عليه السلام ليدلهم عليه ؟ فإن أنكروا نذكرهم  بما قالوه  فى انجيل متي " حينئذ ذهب واحد من الإثنى عشر  الذى يدعى يهوذا الاسخريوطى  الى رؤساء الكهنة  ماذا تريدون ان تعطونى وانا اسلمه اليكم  فجعلوا له ثلاثين من الفضة  ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه "وإن قالوا بان يهوذا هو الذى ذهب اليهم  نقول نعم ولكن بناء على طلب من اليهود  الذين تجمعوا فى دار قيافا  رئيس الكهنة " وتشاوروا لكى يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه وليس هذا فحسب  بل ذكرت الاناجيل ان يهوذا اعطاهم علامه ليعرفوا بها المسيح عليه السلام  الا وهى القبلة  فقالوا والذى اسلمه اعطاهم علامة قائلا  الذى اقبله هو هو امسكوه -
    وإن قالوا بأن اليهود لم يكونوا على علم او معرفة بالمسيح عليه السلام فكيف ضمنوا  ان الشخص الذى امسكوا به هو المسيح عليه السلام ؟ ثم ما فائدة النصوص  التى ذكرت فى الأناجيل  بشأن تربية عيسى عليه السلام  بين ظهرانيهم  وفى معابدهم
   فقالوا عن المسيح عليه السلام " ولما جاء الى وطنه  كان يعلمهم فى مجمعهم حتى بهتوا  وقالوا  انى لهذا هذه الحكمة  والقوات  اليس هذا ابن النجار  اليست امه تدعى مريم  واخوته يعقوب ويوسى  وسمعان ويهوذا -
    ونصا اخر يقول "وجاء اليه الفريسيون  والصدوقيون  ليجربوه  فسالوه اية من السماء -- وقالوا ايضا " ورجع يسوع بقوة الروح الى الجليل  وخرج خبر عنه فى جميع الكورة  المحيطة  وكان يعلم فى مجامعهم  ممجدا من الجميع "----وكذلك قول المسيح لهم "يوم كنت معكم فى الهيكل اعلم ولا تمسكونى  "-        
 ثم من أعلمهم انه المسيح عليه السلام فلما لم يخدعهم يهوذا ؟ لانه اى الأمرين اقرب للصواب والمنطق أيسلم الحوارى يهوذا سيده لليهود أم يخدع اليهود ويسلمهم اى شخص اخر وله الجنة ؟ ولما لم يكن القدر أسرع من الجميع  فشبه الحق سبحانه وتعالى يهوذا بشكل سيده يسوع  فى الوقت الذى رفع فيه الحق سبحانه وتعالى إليه .
 وبهذا تكون النجاة كتبت للجميع  فينجوا يسوع بقدرة الله سبحانه وتعالى  وينعم يهوذا بالجنة  وتثبت الحجة على بنى اسرائيل فلو لم يشبه احد بالمسيح عليه السلام ويعرض للقتل والصلب لانكروا رغبتهم فى القتل .
2- هل تم القبض على المسيح عليه السلام ليلا ام نهارا ؟ تذكر الأناجيل ان عملية القبض تمت ليلا  فقالوا"ولما كان المساء  اتكا مع الاثنى عشر  وفيما هم ياكلون  قال الحق اقول لكم ان واحدا منكم يسلمنى "-- ثم دخل الجنود بعد العشاء اى فى ظلمة الليل  مما يسهل الخلط عليهم  والالتباس فى حقيقة الشخص الذى امسكوا به هل هو المسيح ام احدا اخر غيره ؟
-3-ماهو موقف تلاميذ المسيح عليه السلام ؟
تذكر الأناجيل اشياء غاية فى الغرابة ومنها ان التلاميذ رغم ان المسيح عليه السلام اخبرهم بأن واحدا منهم سيسلمه لليهود عما قليل إلا أنهم راحوا فى سبات عميق  وحاول المسيح عليه السلام أن يوقظهم مرارا فلم يتمكن من ذلك"ثم جاءهم وجدهم نياما  فقال لبطرس يا سمعان  انت نائم  ان قدرت ان تسهر ساعة واحدة --أى لم تستطع أن تسهر ساعة واحدة لتنقذ فيها سيدك؟
  بالله عليك لو أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اخبر صحابته رضوان الله عليهم ان خطرا ما يحدق به  اتراهم ينامون  ؟ لا والله بل كثيرا ما تعرضوا لمثل هذه الامور فكان قولهم " نحورنا دون نحرك يارسول الله  وصدورنا دون صدرك يارسول الله "ولم تكن مجرد شعارات بل فان  السنة والتاريخ يشهدان بالعديد من صور الفداء والتضحية من اصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
 أما هولاء فقد ناموا ملى جفونهم  ثم قاموا بعدها يشهدون أن الذى امسك به اليهود هو المسيح عليه السلام  فكيف ادركوا ذلك وهم نيام ؟ ثم لم يكن النوم لمدة ساعة واستيقظوا  بل جاءهم المسيح عليه السلام مرارا وتكرارا لعلهم يفقيقوا ويتخذوا موقفا  ايجابيا  فقالوا " ثم رجع وجدهم ايضا نياما  اذ كانت اعينهم ثقيله  فلم يعلموا بماذا يجيبونه "        
  وليس هذا فحسب بل وصل المسيح عليه السلام الى درجة اليأس من أن ينقذه احد من اصحابه  لأنهم قالوا فى الأناجيل "ثم جاء ثالثة وقال لهم ناموا الان  واستريحوا – قد اتت الساعة  اذن فكيف يجزم قوما كانوا نياما  وحاول المسيح عليه السلام أن يوقظهم ثلاث مرات فلم يجدى. فكيف أجزموا أن الشخص الذى امسكوا به هو المسيح عليه السلام ؟
ولو استيقظوا ما ادركوا ما يحدث  لأن العشاء الذى تناولوه  كان به خمرا كثيرا  مما اثر على عقولهم  إذن فنوم وسكر  فكيف يدرك من ابتلى بهذين حقيقة الامور ؟  ثم هنا لمحة لطيفة تؤكد كذبهم فى ان المسيح عليه السلام أحل لهم الخمر  لأنهم قالوا ان المسيح اعلن لهم وهم فى العشاء الاخير  "خذوا كلوا هذا هو جسدى  واخذ الكاس وسكر  واعطاهم قائلا  اشربوا منها كلكم -فان كان المسيح كان قد تناول معهم العشاء الملئ بالخمر فلما لم يصبه ما اصابهم  من نوم وسكر؟
4- هل تمت المحاكمة ليلا ام نهارا؟
تذكر الاناجيل أن المحاكمة تمت ليلا  بدليل - أن المسيح قال لبطرس " الحق اقول لك  انك فى هذه الليلة قبل ان يصيح ديك تنكرنى ثلاث مرات " -
5- ما الذى دار اثناء المحاكمة ؟
ما دار اثناء المحاكمة يدل على ان الشخص المصلوب هو اخر  وليس المسيح عليه السلام لانه لم يجب على الاسئلة الموجهة اليه بصراحة  كما انه لم يصمد صمود الانبياء   فحين ساله بيلاطس "أأنت ملك اليهود " فأجاب وقال له : انت قلت  أى هذا قولك وليس قولى أنا . فلم يجب يسوع بشى  مما جعل بيلاطس يعجب من ذلك وليس هذا فحسب  بل حين جاء هيرودس  ليسمع منه موعظة  أو حكمة  اخيرة " واذا هيرودس فلما راى يسوع فرح جدا لانه كان يريد ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة  وساله بكلام كثير فلم يجبه بشى  فاحتقره هيرودس --             
   اذن فلو أنه نبى  أو انه المسيح عليه السلام  لقالها  بمنتهى الصراحة  كما قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم يوم حنين  فقال " أنا النبى لا كذب  أنا ابن عبد المطلب "  ولو أنه المسيح عليه السلام لأجاب هيرودس وأسدى إليه اى نصيحه تظل دستورا الى الأبد  اما وانه قد وقف مكتوف الأيدى  فإن دل هذا فإنما يدل على أن الشخص المحاكم من المستحيل ان يكون المسيح علي السلام .
  6-  كيف دارت المحاكمة ؟
    تذكر الأناجيل أخبارا غريبة  ففى البداية قال اليهود لبيلاطس حين امرهم ان يحكموا عليه "لا يجوز لنا ان نقتل احدا - ثم بعدها قالوا لبيلاطس  " دمه علينا وعلى اولادنا وقالوا ان زوجة بيلاطس  الرومانى  حذرته من الاقتراب من هذا الرجل  فقالوا "واذ كان جالسا على كرسى الولاية ارسلت اليه امراته  قائلة : اياك وهذا البار لانى تالمت كثيرا فى حلم من اجله --ومن ثم قال بيلاطس على الفور مستجيبا لنصيحة زوجته " انى برى من دم هذا البار "
 فكان ينبغى ان يلتزم بيلاطس بما قال وأن يبذل ما استطاع من جهد لمساعدة هذا الشخص المحاكم  الا انه اطلق سراح اللص  وحكم بالإعدام على يسوع المسيح  فكيف ذلك ؟ أما كان من الأولى أن يفرج عن المسيح النبى ؟  فقالوا " حينئذ اطلق لهم باراباس واما يسوع فجلده واسلمه ليصلب "فأين جلال النبوة  وقدرة الرب جل وعلا ؟ فأى منطق هذا  الذى يسمح للص المفسد فى الأرض أن يطلق سراحه بينما يصلب النبى المصلح فى الأرض ؟ فلا يجوز هذا الا فى شريعة قوم يفسدون فى الأرض ولا يصلحون  .  
 7- ماهو تصرف الشخص المصلوب  ؟
نؤمن نحن المسلمين بأن المسيح عليه السلام من الأنبياء العظماء المشهود لهم بانهم "أولى العزم " وحتى تعرف قدر هولاء العظماء  يكفى ان تعلم ان الحق جل وعلا امر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالإقتداء بهم  فقال سبحانه وتعالى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } الأحقاف /35 والنبى محمد صلى الله عليه وسلم صبر صبرا جميلا بل وضرب أروع الأمثال فى الصبر . فهذا يعنى ان المسيح عليه السلام على نفس الدرجة من الصبر  , الا اننا فوجئنا بشخص قانط  سرعان  ما خارت قواه ,  فقالوا عنه انه فى اللحظات الخيرة "صرخ يسوع بصوت عظيم  قائلا  ايلى ايلى لماذا شبقتنى ؟ اى الهى الهى لماذا تركتنى ؟    هنا اكثر من خطا وقع فيه بنوا اسرائيل وهم لايشعرون  منها : ألم يوهموا ابنائهم بان المسيح عليه السلام إله  فهل تستغيث الالهه  ؟ اذن فعلى الدنيا السلام , ثم لوكان المسيح الها  فهل تقنط الالهه ؟ ثم ألم يزعموا أن المسيح عليه السلام ابن  لله جل وعلا ( حاشاه )  فلما لم يجير الرب جل وعلا ابنه ؟ هب أن أحدا من بنى البشر تعرض ابنه أمام عينيه لماساة شديدة مثل هذه واستغاث به  ايتركه نهبا للاغراب ؟ لا والله بل يبذل ما استطاع من جهد لانقاذه فما بالك بالالهه ؟ فلو علمنا ابنائنا مثل هذا الهراء لفقدوا الثقة فى كل شى  لأنه وبمنتهى البساطه  مادام ليس فى الالهه خيرا لبعضها البعض فأين الخير إذن ؟   
   8- هل قام المسيح بعد ثلاثة ايام  ؟
 ولذا نقولها بملى الفم  والقلب  ونردد مع القران قول الحق سبحانه وتعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171 وقول الله جل وعلا (  وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ )النساء /157
 










الفصل الثالث
بشارات بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم
1-البشارات بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم .
2-البشارة بــ{أحمد } صلى الله عليه وسلم .
3-البشارة بــ{محمد }صلى الله عليه وسلم .
4-البشارة بالقادم من فاران  .               5-البشارة بابن قيدار .
6-البشارة بالمبعوث من مكة .               7-البشارة بالنبى الأمى .
8-أوصاف المعصوم صلى الله عليه وسم من المزامير .
9-البشارة بالأمة العظيمة .                10 -البشارة بالأمة الوارثة .
11-البشارة بالوقوف على جبل عرفات .

بشارات بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم
مقدمة:
ياسبحان الله ؛  فبرغم محاولات بنى إسرائيل من يهود ونصارى الدؤبة لتغيير صفات المعصوم أو ما يدل عليه من بشارات واضحات الا ان الله جل وعلا ابقى على البشارات رغم انوفهم لتظل شاهد صدق على قول الحق سبحانه وتعالى  {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }(الأعراف : 157 )وهذا دليل على أن نور رسول الله صلى الله عليه وسلم باق إلى قيام الساعة ومابعدها مهما حاول المغرضون ليعموا الناس عنه وصدق الحق حين قال { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة : 32 )  
وصدق الشاعر حين قال :
ولما مست ذات رسول الله           الأرض و ولد محمـــــد
حجب الجن وهدم القصر            وأطفأ نار الكفر محمــــد
لا بالروح ولكن جسدا              فيه السر بنفس محمــــد
عطر كل الكون النفس             وشرف كل الكون محمـــد
حتى الحجر وحتى الشجر           تهلل من إشراق محمــــد 
ومن قدرة الله جل وعلا وعلمه سبحانه وتعالى بأن اليهود والنصارى قوم بهت لا يقدرون لله جل وعلا حق قدره ولا يعرفون للمعصوم صلى الله عليه وسلم قدره ومكانته  فذكر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم بأكثر من صفة .  إلا أنهم ظنوا أنه ليس لديه اسما سوى محمد أو أحمد فحاولوا جهدهم فى تغيير ما يدل على اسمه المبارك صلى الله عليه وسلم ونسى هؤلاء أنه صلى الله عليه وسلم له من صفات عديدة  تفوق الحصر .
 فعلى سبيل المثال إن قيل النبى الأمى لا ينصرف الذهن والقلب إلا إليه صلى الله عليه وسلم وإن قيل الرسول المكى فلا ينصرف القلب إلا إلي نوره عليه الصلاة والسلام  لأنه لم يولد بمكة نبى غيره صلى الله عليه وسلم ولقد قام ذكر علماء امتنا الأجلاء  ما يقرب من مائة صفة عن  البشارات بالنبى صلى الله عليه وسلم فى العهدين القديم والجديد .
  انتقيت الواضح منها والتى لا تدع مجالا للشك  . فحين تقراها تجدها دون تفكير تشير الى المعصوم صلى الله عليه وسلم  وقمت بالتعليق عليها باسلوب يسير بما يوافق القراء ويساعدهم على حفظها والرد بها إن أرادوا . ولنكون قد برأنا ذمتنا أمام االله جل وعلا فى هذا الخصوص .
ونبدأ بالإسم المبارك الذى ذكره القرآن الكريم على لسان سيدنا عيسى عليه السلام حين قال { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } (الصف : 6 )ورغم محاولات اليهود والنصارى صرف أنظار أبناءهم عن  الإسم المبارك فقد ذكر احد كبار النصارى فى كتاب له شيئا مضحكا لايدل إلا على :  إما أنه نائم أو أنه حاقد فإليك عزيزى القارئ ماقاله بالحرف الواحد :
 ( نقول أولا لو أن السيد المسيح ذكر هذا الإسم ( محمد , احمد  ) لقال ( يهوذا ) وليس أحمد لأنه كان يتحدث العبرانية , وأحمد بالعبرانية هو يهوذا ) حسب ما جاء فى سفر التكوين 29/35 على لسان ليئة امراءة يعقوب ( وحبلت ايضا وولدت ابنا وقالت هذه المرة أحمد الرب لذلك دعت اسمه يهوذا .
كل ما ذكره السيد المسيح عن هذا الإسم ( يهوذا ) هو ( يهوذا الإسخريوطى ) مسلمه الذى أعلن للتلاميذ معرفته لكل خطته من قبل تنفيذها وحرره ليتوب ويرجع عن شر أعماله لكنه رفض تبكيت الروح ونفذ ما اتفق عليه مع روءساء اليهود وسلم يسوع بقبله
وأضاف قائلا : لو افترضنا جدلا أن السيد المسيح قالها بأن الرسول اسمه محمد وليس أحمد فيكون الرد : الإسمان من مصدر واحد فاحمد ومحمد ومحمود ومصطفى كلها تدل على ذلك الاسم الذى للرسول ولو افترضنا جدلا وجدلا وجدلا على صحة هذا الكلام فعندنا فى بلادنا خمسون مليون مسلم على الاقل منهم خمسة واربعون مليون اسماؤهم ( أحمد – محمد – مصطفى – طه ) فالى اى منهم كان يشير السيد المسيح ؟لأنه لم يقل فى بشارته الاسم ثلاثيا حتى يتعرف عليه ويكون المقصود به شخصا بعينه وتكون الرسالة واضحة ليؤمن الجميع .    وأرى أن أبلغ رد علي تلك المزاعم  أن أذكر البشارات من كتبهم والتى أجزم أنهم قرأوها وعرفوها وأخفوها عن ابناهم  ويصدق هذا قول ربنا جل وعلا  {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ } (الأنعام : 33 )
  1:ذكر العهد القديم بشارة بالمعصوم وأنه { أحمد } (صلى الله عليه وسلم )
يذكر العهد القديم فى أحد اسفاره عبارة تدل على المعصوم صلى الله عليه وسلم فقال :
" ويأتي مُشتهى كلّ الأمم " . وفى سفر اشعياء كذلك نبؤءة تقول :( فلا يقضى بحسب نظر عينيه لا يحكم بحسب سمع أذنيه بل يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائس الأرض فيسكن الذئب مع الخروف ويكون في ذلك اليوم يصل الرسول القائم رأيه للشعوب إياه تطلب الأمم ) 
 بعد سقوط مملكة إسرائيل الوثنية الجاحدة , وبعد أن تمّ نفي جميع الأهالي من القبائل العشرة إلى بلاد الآشوريين وقام الكلدانيون بتدمير القدس وتدمير هيكل سليمان تدميرا كاملا , ونجاة البقية المتبقية من أبناء يهو ذا وبنيامين من الذبح ونُقلوا إلى بلاد بابل ,وفى هذا يقول العهد القديم (  وصعد سلمنا سر ملك أشور على السامرة وحاصرها وأخذوها في نهاية ثلاث سنين...أخذت السامرة وسبي ملك أشور إسرائيل إلي أشور..لأنهم لم يسمعوا لصوت الرب إلههم بل تجاوزوا عهده وكل ما أمر به موسي عبد الرب فلم يسمعوا ولم يعملوا )
وبعد سبعين سنّة من النفي , سُمِح لليهود بالعودة إلى بلادهم مع كورش فقالوا فى العهد القديم  ( وهكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك الأرض دفعها إلي الرب إله السماء وهو  أوصاني أن ابني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا من منكم من كل شعبه ليكن إلهه معه ويصعد إلي أورشليم التي في يهوذا.
 مع منحهم الصلاحية الكاملة لإعادة بناء مدينتهم المحطمة وهيكلهم . وعندما وُضِعت الأساسات لبناء بيت الربّ الجديد , قامت صيحات من الصخب والفرح والتهليل بين المجتمعين من اليهود , بينما قام الكبار من الشيوخ والنساء الذين شاهدوا من قبل هيكل سليمان الراسخ , بالعويل والبكاء المرير, وخلال تلك الفرصة النادرة أرسل الله خادمه النبي "حجّي" ليسرِّي عن هؤلاء المحزونين ومعه هذه الرسالة الهامة:
" ولسوف أزلزل كلّ الأمم , وسوف يأتي "حِمَدا" لكل الأمم , وسوف أملأ هذا البيت بالمجد , كذلك قال ربّ الجنود , ولي الفضة, ولي الذهب , هكذا يقول ربّ الجنود , وإنّ مجد ذلك البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول , هكذا يقول ربّ الجنود, وفي هذا المكان أعطي السلام , هكذا يقول ربّ الجنود".
وعبارة " ويأتي مشتهى كلّ الأمم " فقد جاء هذا المقطع على هذه الصيغة في تراجم كثيرة ونرى فيها انها تحمل معنى رغبة الامم فى ان يرسل الحق سبحانه وتعالى نبيا يختم به الرسالات ويؤيده فلا يحرف كتابه ولاتسقط له راية بمعنى ان يكون عليه رجاء الامم ومنها قول عيسى عليه السلام: ( سيأتى بعدى مسيا – رسول – المرسل من الله لكل العالم الذى لأجله خلق الله العالم , يسجد لله فى كل العالم وتنال الرحمة ( ) ) وإن قال قائل بأن النبى الذى جاء بعد حجى هو نبى الله عيسى أو نبى اخر من بنى إسرائيل نقول نعم ولكننا وهم أى المسيحيون يدركون جيدا أن المسيح عيسى عليه السلام اكد فى اكثر من موضع انه ما بعث للامم كافة وانما بعث لبنى اسرائيل خاصة وفى الأناجيل اكثر من نص يؤكد هذا المعنى منها :
أولاً: حين أرسل السيد المسيح تلاميذه ليدعوا الناس للإيمان بالله حدد لهم الأماكن التى يذهبون اليها قائلاً : ( الى طريق أمم لا تمضوا , الى مدينة للسامرين لا تدخلوا , بل إذهبوا بالحرى الى خراف بيت إسرائيل الضالة ( ) )
فى هذا النص نرى أن السيد المسيح عليه السلام حذر تلاميذه من الذهاب الى الأمم الأخرى وأن يركزوا دعوتهم فى بنى إسرائيل فقط .
ثانياً : حين جاءت امرأة كنعانية ( عربية ) ليست من بنى إسرائيل تطلب مساعدة نبى الله عيسى – عليه السلام – أن يشفى إبنتها فقال لها : ( ما جئت إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة ( ) ) . أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد أرسل إلى الأمم كافة ففى الأناجيل مايؤكد ذلك اذ يقولون .
ولقد حمد المسيح عليه السلام . الله سبحانه وتعالى . حين أرسل من بعده نبينا محمداً (صلى الله عليه وسلم ) لييريء السيد المسيح عليه السلام مما ألصقته به النصارى : فقد زعم النصارى أن المسيح هو الله وتارة يقولون هو أبن الله ويغالون فيزعمون أنه صلب وقتل ولذا فلقد قال المسيح عليه السلام فى الإنجيل :
 ( وإنى وأن كنت بريئاً – لكن بعض الناس لما قالوا فى حقى أنه الله وإبن الله , كره الله هذا ( القول ) واقتضت مشيئته الا تضحك الشياطين يوم القيامة على , ولا يستهزءون بى , فأستحسن بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والاستهزاء فى الدنيا بسبب موت يهوذا ويظن كل شخص أنى صلبت . ولكن هذه الإهانة والإستهزاء تبقيان إلى أن يجيئ محمد رسول الله . فإذا جاء نبهه كل مؤمن على الغلط وترتفع هذه الشبهه من قلوب الناس ( )
فى هذا النص تتضح عدة أمور منها :
أ- أن عيسى عليه السلام تبرأ ممن قالوا عنه أنه الله , أو أنه أبن الله ( حاشا لله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ) والقرآن الكريم يصدق ذلك بقوله جلا وعلا { وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } (المائدة : 116 )
ب- أن الله سبحانه وتعالى أنزل فى القرآن الكريم تبيان كل شىء وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى أهل الكتاب كما أنه جلا وعلا حفظ مكانة أنبيائه .
ج- لقد بشر هذا النص من الإنجيل بنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وبأنه يصحح الأخطاء التى وقع فيها السابقون من أهل الكتاب وأن الله جلا وعلا : أنزل معه كتاباً فيه تفصيل كل شىء { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } (المائدة : 15 )
 ( قال أندروس وهو أحد حوارى السيد المسيح : ( يا معلم اذكر لنا علامة لنعرفه )
أجاب يسوع : ( أنه لا يأتى فى زمنكم بل يأتى بعدكم بعده سنين . حينما يبطل أنجيلى , ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمناً فى ذلك الوقت يرحم الله العالم , فيرسل رسوله الذى تستقر على رأسه غمامة بيضاء , يعرفه أحد مختارى الله . هو سيظهره للعالم , وسيأتى بقوة , عظيمة على الفجار , ويبيد عباده الأصنام من العالم , وإنى أسر بذلك لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله ويظهر صدقى , وينتقم من الذين يقولون أنى أكبر من إنسان ( ) .
وكذلك التراجم التى قام بها أهل الكتاب من يهود ونصارى تؤكد ذلك إلا أننا نلحظ دائما فى العهدين القديم والجديد اختلافات على مدى العصور . فكلما علموا بأن المسلمين قد توصلوا الى معنى من المعانى أو بشارة من البشارات فسرعان ما يجتمع علماءهم باذلين ماستطاعوا من جهد ليغيروا قدر المستطاع فى الحروف أو الألفاظ ليخرج المعنى على غير مراد المسلمين إلا أن الله جل وعلا يأبى إلا أن يتم نوره ويظهر صدق آياته ولو كره المجرمون ولذا فإن الترجمات القديمة تكاد تكون على وضعها الصادق ومنها
 " الترجمة العالمية الحديثة"
" and the desired of all nations will come " The New International Version:
وهى تعنى "  سياتى من ترجوه كل الأمم "
"ترجمة الملك جيمس "
" and the desire of all nations" The King James Version:
وتعنى " من تطلبه وتتمناه كل الأمم "
ترجمة "داربي "
" and the desire of all nations shall come " The Darby Translation:
وتعنى كذلك " سياتى من عليه رجاء الأمم "
وترجمة "يونغ الحرفية "
: and they have come [to] the desire of all the nations" Young s Translation
وكذلك هذه الترجمة تعنى : وسيأتون إلى من عليه يكون رجاء الأمم "
وهكذا عزيزى القارئ ترى أن الترجمات الانجليزية مع اختلافها إلا أنها تشير الى النبى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم والذى عليه كان ولا يزال رجاء الأمم  لأنه صلى الله عليه وسلم  قال عنه الحق سبحانه { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء 107 )
أما كلمة " حِمَدا "( فهي الأصل العبري لكلمة " مُشتهى "وهى { في يافوحِمْداث كُول هاجوييم } والتي تعني حرفيا :" وسوف يأتي حِمدا لكل الأمم ". والحرفان "الهاء  ,  والالف " فى ( ها ) في اللغة العبرية يقابلهما في اللغة العربية "الألف , واللام" للتعريف , أو"ل" عندما تكون في حالة الجرّ .
ولقد وضح العلماء أن هناك كلمة اخرى نطق بها يوشع تعطى نفس المعنى ألا وهى كلمة    " فارقليط " وهى  تعنى :أنه الحامد أو الحمد ويستشهدون بقول يوشع (من عمل حسنة يكون له فارقليط جيد ) أى حمد جيد .
يعتقد النصارى أن كلمة فارقليط تعنى المخلص وقيل أنها كلمة سريانية تعنى فارق أو فاروق وزادوا عليها كلمة ليط بمعنى  ( هو ) فيصبح المعنى فاروق هو  , أو حمد هو  
مما سبق يتضح لنا أن ( الفارقليط ) و ( مشتهى ) بالمعنيين يشير إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو أحمد لقول الحق  جل وعلا {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } (الصف : 6 )
أما فيما يتعلّق بعبارة " وفي هذا المكان أعطي السلام " فليس هناك أدنى شك على أن كلمة السلام إنما تعنى بالعبرية  " شالوم " وهى تعنى الإستسلام والخضوع لله رب العالمين      لأن الإسلام هو : إظهار الخضوع و الإلتزام بما أتى به النبى صلى الله عليه وسلم فحين نقول أن فلاناً مسلماً فيه قولان :-
أحدهما أنه المستسلم لأمر الله , وثانيهما هو المخلص لله العبادة ( )  وفى الحديث الشريف , ما من آدمى إلا و معه  شيطان , قيل ومعك ؟ قال نعم ولكن الله أعاننى عليه فأسلم ( ) وأسلم هنا بمعنى إنقاد وكف عن وسوسته .
إذن فالإسلام هو إظهار الخضوع والقبول لما أتى به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان مع ذلك الإظهار إعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان لأن المؤمن يبطن من التصديق مثل ما يظهر . والمسلم التام الإسلام  هو مظهر للطاعة مؤمن بها .
بهذا المعنى يتضح لنا أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء لأن جميع الأنبياء خاضعون وملتزمون بما أمرهم به الحق جل وعلا ونرى ذلك فى كثير من آيات القرآن الكريم فلقد قال القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام .
 {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (البقرة : 131 ) ولم يكتف سيدنا إبراهيم بذلك بل أراد لأبنائه أن يحظوا بهذا الكرم الإلهى وهو الإسلام والإستسلام لله رب العالمين فأوصى أبناءه بالإسلام فقال :-
{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (البقرة : 132 )ولأن ذريه الأنبياء بعضها من بعض فلقد أكد نبى الله يعقوب على هذه الحقيقة قبل موته لأبنائه فقال :-
{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة : 133 )وحين شعر سيدنا إبراهيم عليه السلام بحلاوة الخضوع لله رب العالمين تمنى أن تكون ذريته مسلمه لله الى يوم القيامة فقال { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (البقرة : 128 )
وتمنى أنبياء الله بأن يكونوا مسلمين فلقد قال يوسف عليه السلام { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } (يوسف : 101 )
وأوصى موسى عليه السلام قومه بأن يمتثلوا الأمر الله وأن يكونوا مسلمين فقال تعالى فى ذلك {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ }يونس : 84 )كما أن نبى الله نوحاً حين عائده قومه أخبرهم بأنه لا يريد أجراً على دعوته لهم بل أوضح لهم أن الله أرسله لهم لهدايتهم وأمرهم أن يكون من المسلمين فقال تعالى عن ذلك { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } (يونس : 72 )
وحين أسلمت ملكة سبأ ( بلقيس) قالت كما حكى القرآن الكريم { وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (النمل : 44 )
إذن جميع الأنبياء ومن تبعهم مسلمون ولكن تختلف الشرائع بإختلاف الأزمنة وأصبح الإسلام علم علينا نحن امة محمد صلى الله عليه وسلم وفى هذا يقول سبحانه وتعالى { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } (الحج : 78 )  
ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى الجميع بأن يكونوا مسلمين لله منفذين أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل  {ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً" }البقرة : 208 ) والسلم هنا تعنى الإسلام .         
 ويؤكد ذلك أبو عمرو مستشهداً بقول أمرى القيس :
فلست مبدلاً بالله رباً                 ولا مستبدلاً بالسلم دينا ( )
2:يذكر العهد القديم بشارة تؤكد أنه { محمد } صلى الله عليه وسلم
لقد ذكر الحق سبحانه وتعالى اسم نبينا الأعظم  " محمد "  صلى الله عليه وسلم فى قرآنه الكريم أربع مرات فقال جل وعلا :
-  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران : 144 )
-  مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (الأحزاب : 40 )
-  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (محمد : 2 )
-  مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الفتح : 29 )
هذا ما كان عن اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم وفى الأخيرة منها والتى ذكرت فى سورة الفتح بين الحق سبحانه وتعالى أن له عليه الصلاة و السلام ولأصحابه رضوان الله عليهم ذكرا فى التوراة والانجيل . ولقد ذكر علماءنا العديد مما ذكر فى التوراة والانجيل عن الرسول صلى الله عليه وسلم  وكما بينا ما ذكر فى العهد القديم عن اسم نبينا " أحمد " فالأن أبين ما ذكر بخصوص اسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
إعتاد اليهود على الكتابة بالأرقام, ويحوّلون الكلام إلى أرقام وقد يقوم الكتّاب بعد ذلك بتحويل تلك الأرقام إلى كلام ثان ويعرف هذا بحساب الجُمَّل وتصديقا لذلك ما ذكره رحمت الله الهندى في مقدمة كتابه اظهار الحق ما نصه ( ولما غير الربانيون والأحبار كتاب التوراة راعوا ان تكون نصوص النبوءات عن محمد صلى الله عليه وسلم نبى الإسلام واضحة للدارسين وخافية عن غير الدارسين )
وشارك النصارى وهم الشريك الأول لليهود فى إخفاء معالم وبشارات النبى محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا كذلك حساب الجمل .واعترف الكثير من الأحبار والربّانيين من الذين أسلموا بأنّ إسم نبي الإسلام " محمد " صلى الله عليه وسلّم قد ورد  فى العهد القديم فى سفر التكوين عن وعد الله جل وعلا لإبراهيم عليه السلام فقال ( وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه , ها أنا أباركة وأثمره وأكثره كثيراُ جداً أثنى عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة (  )
والأصل فى العبري كا لتالى :" وليشماعيل شمعتيخا هنى بيراختي أوثووهفريتي أوثووهربيتي بماد ماد "فحذفوا " بماد ماد "  ووضعوا ( أمة كبيرة ) بدلا منها ومع هذا استطاع علماءنا بحساب الجمّل ان يثبنوا انها تشير إلى النبى المعصوم صلى الله عليه وسلم وحساب  الجمل هو كالأتى : هو أن يبدلوا كل حرف برقم فسنكتب الحروف ونضع تحت كل حرف الرقم المناسب له ثم نتعامل مع الارقام و الألفاظ فسنجد أنها تعطى نفس المعنى كالأتى  :
ا  ب   ج   د    ه   و   ز  ح   ط   ى    ك  ل   م  ن   س   ع      ف    ص      
1  2  3   4   5   6   7  8  9  10  20 30 40 50  60  70 80 90
   ق     ر         ش    ت
100   200  300 400     
   فلو أخذنا كلمة  " بماد ماد "  وعوضنا عنها بالحروف كالأتى :
             ب      م     ا    د     م     ا      د 
             2    40   1  4   40   1   4       = 92
واسم نبينا الأعظم  صلى الله عليه وسلم " محمد "
           م      ح    م     د
          40   8   40   4   = 92
أرايت مدى التوافق فالحمد لله رب العالمين أن بصرنا بما حاول أهل الكتاب إخفاءه وصدق الحق حين قال { لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء : 83 )
وليس هذا فحسب بل إن إنجيل برنابا نقل عن المسيح التصريح بالبشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم بإسمه وذلك في مواطن عدة  منها: أن اليهود سألوا المسيح عليه السلام عن اسم النبي المنتظر فقال: "فقال الكاهن حينئذ: ماذا يسمى مسيا، وما هي العلامة التي تعلن مجيئه ؟ فأجاب يسوع: إن اسمه المبارك "محمد". حينئذ رفع الجمهور أصواتهم قائلين: يا الله، أرسل لنا رسولك، يا محمد، تعال سريعاً لخلاص العالم.
 ما رأيك عزيزى القارئ ؟ لقد ذكرت لك ما ذكره القرآن الكريم وما كان من العهد القديم ومافى العهد الجديد ثم ماذكر من انجيل برنابا . وراينا الى مدى تشابه ما فى انجيل برنابا مع ماهو فى القرآن الكريم  . ولولا ما حرفوه فى العهد القديم وتغيرهم لإنجل المسيح بالعهد الجديد لكان موافقا تماما لما ذكر فى القرآن الكريم وصدق الحق حين قال { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } (النمل : 76 )
ولذا نقول لهم ماقاله الحق سبحانه وتعالى { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (البقرة : 136 )
3- البشارة لمن سكن وبعث من { فاران } :
حين أخبر نبى الله موسى عليه السلام قومه عن نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وأخبرهم بأنه سيكون من اخوتهم أى من بنى إسماعيل عليه السلام لأن بنى إسرائيل جميعهم ينتمون إلى نبى الله إسحاق ومن ثم فأبناء إسماعيل عليه السلام إنما هم اخوة بنوا إسرائيل  فقال لهم ما قاله الرب ألا وهو  ( أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك , أحيل كلامى فى  فمه فيتكلم بكل ما أوحيه به ) وفى الإنجيل يقولون ( فإن موسى قال للأباء  إن نبيا مثلى يقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم له تسمعون فى كل ما يتكلم به ( ) )
 وفى إنجيل برنابا نبؤءة اخرى وفيها ( إن الرب أطلع موسى على الأنبياء فآراه الله من ثم رسوله على ذراعى إسماعيل وإسماعيل على ذراعى إبراهيم , ووقف على مقربه من إسماعيل إسحاق , وكان على ذراعيه طفلاً هو المسيح عيسى بن مريم يشير بأصبعه الى رسول الله  قائلاً : هذا هو الذى لأجله خلق الله كل شىء . فصرخ موسى من ثم بفرح : يا إسماعيل إن على ذراعيك العالم كله , والجنة . إذكرنى أنا عبد الله وجد نعمه فى نظر الله بسبب إبنك الذى لأجله صنع الله كل شىء ( ) )
رغم كل تلك النبؤات إلا أنهم ظنوا أن النبى القادم  منهم ؛ أى من بنى إسرائيل مع أن الوصية واضحة لأنه :
1 – قال ( من وسط إخوتهم ) ولم يقل ( من إخوتكم ) مما يدل على أن هذا النبى الكريم لن يكون من بنى إسرائيل وإلا لكان اللفظ غير ذلك ولقال الرب مثلا " من بينكم " أو " منكم " وكلمة إخوتهم تدل على العرب الذين هم من نسل سيدنا إسماعيل أخو سيدنا إسحاق عليهما السلام .
2- كلمة " مثلك " تدل على أن النبى المشار إليه سيكون مثل نبى الله موسى عليه السلام : أى أنه سيكون متزوجاً ولديه أولاد وسيقود جيوش ويحارب الأعداء وهذا ينطبق على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – كما أنه أوحى إليهما فى سن واحدة : حين بلغا أربعين سنه فمن المعلوم أن الرسالة نزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فى سن الأربعين وعن موسى عليه السلام يقولون فى العهد الجديد ( ولما كملت له أربعون سنه ظهر له ملاك الرب من بريه جبل سيناء فى لهيب نار عليقه ( )  فلما رأى موسى ذلك تعجب من المنظر وفيما هو متقدم ليتطلع صار إليه صوت الرب)
3- عبارة " أحيل كلامى فى فيه ويتكلم بكل ما أوصيه به " تدل دلالة قطعيه على أنه النبى محمد صلى الله عليه وسلم – لأنه لا يتكلم من تلقاء نفسه وبلغ القرآن بالنظم الذى أوحاه الله جل وعلا  إليه فقال سبحانه وتعالى { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (النجم 3/ 4 )
4- جاء فى الإنجيل ما يؤكد على أن النبى الخاتم – محمد (صلى الله عليه وسلم ) لا يتكلم من نفسه فقال سيدنا عيسى عليه السلام . حين بشر بالنبى محمد  صلى الله عليه وسلم    " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق , لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع ينطق به ويخبركم بأمور آتيه ( )
فلقد أكد السيد المسيح – عليه السلام – ما ذكر فى التوراة بخصوص النبى محمد – صلى الله عليه وسلم وأضاف بأن هذا النبى سيكون معه كتاب يخبر فيه عن الأمور التى ستحدث فيما بعد ويؤيد ذلك قول الحق  سبحانه وتعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فصلت : 53 ) وليزيد الامر وضوحا قال موسى عليه السلام في آخر وصاياه حين موته :" أقبل الربّ من سيناء , وأشرق عليهم من سعير , وتألّق في جبل فاران . جاء محاطا بعشرات الألوف من الملائكة وعن يمينه يومض برق عليهم "  
 والنصّ باللغة العبرية كالأتى " ويومر يهوه سينأئى به وزارح مسعير لاموهو فيع مهر باران وأنامر بيوث قورش ميمينوايش واث لامو"          
وفى ترجمة الملك جيمس "
" The Lord came from sinai, and rose up from seir unto them, he shined forth from mount paran , and he came with ten thousands of saints : from his right hand went a fiery law for them " King James version
ومن المعلوم أنّ سيناء مرتبطة بنبى الله موسى عليه السلام, اذ أنّ التوراة قد أنزلت عليه في أرض سيناء في جبل الطور ..وفى هذا يقولون فى العهد الجديد :
 ( ولما كملت له أربعون سنه ظهر له ملاك الرب من بريه جبل سيناء فى لهيب نار عليفه ( )  فلما رأى موسى ذلك تعجب من المنظر وفيما هو متقدم ليتطلع صار إليه صوت الرب : أنا إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب " فارتعد موسى ولم يجسر أن يتطلع فقال له الرب اخلع نعل رجليك لأن الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة (  ) 
كما لا إشكال في أنّ ساعير مرتبطة بالمسيح فقد كان المسيح عليه السلام  من سكان الشام , وساعير هي سلاسل جبال شرق الأردن في المنطقة القريبة من بيت لحم الفلسطينية حيث ولد المسيح عليه السلام وحيث أوحي الله عز وجل إليه .
ويقول الإمام ابن القيم "وهم يعلمون أنّ جبل ساعير هو جبل السراة الذي يسكنه بنو العيص الذين آمنوا بعيسى ويعلمون أنّ في هذا الجبل كان مقام المسيح ويعلمون أنّ سيناء هو جبل الطور.  
فعبارة ( جاء الرب من سيناء ) يشير الحق جل وعلا فيها بأن نبوة موسى عليه السلام كانت بمثابة بزوغ فجر جديد للبشرية دعاهم فيها الحق سبحانه وتعالى أن يؤمنوا بنبيه موسى عليه السلام ومن يأتى بعده من الأنبياء مصدقا له وأنزل الحق جل وعلا على سيدنا موسى عليه السلام التوراة فقال عنها الحق جل وعلا { إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (المائدة : 44 )
ولكن اختلف بنو إسرائيل على أنبيائهم الذين جاؤ من بعد موسى عليه السلام فقام اليهود  بقتل الانبياء و الصالحين  وعن هؤلاء وعن جزاءهم يقول الحق سبحانه و تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (آل عمران : 21 )
ولذا أرسل الحق سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام ليصدق ما جاء به الأنبياء من قبله وبما جاء بالتوراة  وليبشر بالمعصوم صلى الله عليه وسلم كما بينا من قبل وفى هذا يقول الحق جل وعلا فى القرآن الكريم وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (الصف : 6 )
وفى العهد الجديد يذكر سيدنا عيسي عليه السلام لبني إسرائيل أنه ما جاء إلا ليواصل مسيرة الأنبياء من قبله فقال ( لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو ألأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل ( )) فكانت شريعته عليه السلام  مكملة لشريعة سيدنا موسي عليه السلام وكانت بمثابة إشراقة جديدة وإحياء لما مات من مبادئ وقيم لدي بني إسرائيل فبين الحق جل وعلا أن رسالة عيسي عليه السلام كانت بمثابة طلوع النهار وإشراق الشمس بعد رسالة موسي عليه السلام التي كانت بمثابة بزوغ الفجر هذا النهار فقال ( وأشرق من ساعير )
وشاء الله جل وعلا أن يزداد النهار وضوحا وأن تسطع شمس الهداية علي البشرية كلها فكما أن الشمس تشرق وتسطع فتشمل الجميع فكذلك نبي الهدي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بعثه الحق سبحانه وتعالى لا للعرب فحسب ولا لبني إسرائيل خاصة بل للدنيا بأسرها فقال ( وتلألأ من جبال فاران ) وكما ذكرنا من قبل أن جبال فاران هي المكان الذي استقر فيه نبي الله إسماعيل عليه السلام مع أمه هاجر فهذه إشارة لنبي الله محمد صلي الله عليه وسلم .
ونلاحظ أن الحق جل وعلا ذكر هذه النبوات الثلاثة في نص واحد حتي لا يظن أتباع كل نبي أن النص يخص أمة دون أخري بمعني لو أن الحق جل وعلا ذكر نبوءة واحدة من الثلاث لظن كل أتباع نبي أنها لهم ولقد أكد الحق جل وعلا في قرأنه الكريم علي هذه النبوءات الثلاث وعلي النص المذكور من التوراة فقال جل وعلا (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (التين : 1/ 2/ 3 )
 ففي الآيات البينات بين الحق سبحانه وتعالي الديانات الثلاثة بالإشارة إلى أماكن ظهورها ( فـ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) هما نباتان معروفان ببلاد الشام وبخاصة فلسطين مسقط رأس المسيح عليه السلام فكأنها إشارة لرسالته أما {وَطُورِ سِينِينَ } فهو لا يخفى على أحد ولا يجهل أحد أن الله جل وعلا أوحى لسيدنا موسى بالرسالة عند جبل الطور بسيناء{وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } تشير الى بلد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ومسقط رأسه والتى أوحى الله جل وعلا برسالة الإسلام و بقرآنه الكريم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بها حيث قال سبحانه وتعالى { لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ } (البلد : 1/ 2 )
 ولقد تنبه لهذا المعنى أمير الشعراء أحمد شوقى فقال :
               سبحانك اللهـــم علمت           بالقلــم القــرون الأولى
               ارسلت بالتـــوراة موسى         وابن البتول فعلـــم الانجيل
               وفجرت ينبوع البيان محمـدا          فعلـم الحـق ونـاول التنزيل
و الشواهد القديمة جميعا تنبئ عن وجود فاران في مكّة
فالترجمة العربية للتوراة السامرية التي صدرت في سنة 1851 تقول, انّ إسماعيل " سكن بريّة فاران ( الكائنة في الحجاز ), وأخذت له أمّه امرأة من أرض مصر" ولم ينكر العهد القديم ذلك فقالوا  
14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ، وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا، وَالْوَلَدَ، وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ، 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيدًا نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ، لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ، وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا:
«مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ، لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَمَلأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ، وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ، وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
اما العشرة آلاف قدّيس الذين ذكروا فى النبؤءة فهم المؤمنون صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم  الذين  فتح الله جل وعلا  بهم مكة .إلا أن أهل الكتاب اعترضوا على النبوءة زاعمين أن النص إنما يتحدث عن ملائكة لا بشر  وهذا رأى خاطئ لأن لديهم من النصوص ما يفرق بين القديس والملاك  :
ففى الترجمة الانجليزية
(  (and he came with ten thousands of saints تعنى "قديسين " , لا " ملائكة"!!
و" الترجمة الإنجليزية الحديثة"  "The new English Translation"
وغيرها من التراجم تذكر عبــــارة   " Holy ones " بدلا من ( saints ومع هذا فهى تعنى ايضا :
" قدّيسين" , و" القديس" في اصطلاح الكتاب المقدس يعني : الرجل أوالمرأة الصالحة, انظر مثلا في العهد الجديد    13فَأَجَابَ حَنَانِيَّا:«يَارَبُّ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هذَا الرَّجُلِ، كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. 14وَههُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ».              
وكذلك قالوا فى اعمال الرسل عن بطرس وهو يحي ميتة كما يزعمون :
 40فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجًا، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ: «يَا طَابِيثَا، قُومِي!» فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ، 41فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا. ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً. 42فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُومًا فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ. 43وَمَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي يَافَا، عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ. : أعمال الرسل 9: 13,  41 
وعلى لسان بولس فى رسالته الى أهل رومية :
7إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ، أَحِبَّاءَ اللهِ، مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ: نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ   رومية 1 /7

وفى رسالته الى كورونثوس الأولى :
، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَسُوسْتَانِيسُ الأَخُ، 2إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَهُمْ وَلَنَا: 3نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.كور 1/2
وفى رسالته إلى أهل كوبونثوس الثانية
1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، مَعَ الْقِدِّيسِينَ أَجْمَعِينَ الَّذِينَ فِي جَمِيعِ أَخَائِيَةَ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. كور2/1
وفى رسالته الى أهل أفسس
بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، إِلَى الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أَفَسُسَ، وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.افس1/1
4أَشْكُرُ إِلهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِرًا إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي، 5سَامِعًا بِمَحَبَّتِكَ، وَالإِيمَانِ الَّذِي لَكَ نَحْوَ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَلِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 6لِكَيْ تَكُونَ شَرِكَةُ إِيمَانِكَ فَعَّالَةً فِي مَعْرِفَةِ كُلِّ الصَّلاَحِ الَّذِي فِيكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 7لأَنَّ لَنَا فَرَحًا كَثِيرًا وَتَعْزِيَةً بِسَبَبِ مَحَبَّتِكَ، لأَنَّ أَحْشَاءَ الْقِدِّيسِينَ قَدِ اسْتَرَاحَتْ بِكَ أَيُّهَا الأَخُ فليمون 4/22
وليس هذا فحسب بل أكد العلامة الفرنسى " دروى " وزير معارف فرنسا سابقاً على ان الإسلام إنما هو بمثابة النور الذى اشرق وسطع على العالم فقال  " بينما أهل أوروبا تائهون فى بيداء الجهالة لا يرون النور إلا من  سم الخياط إذ سطع نور قوى من جانب الأمة الإسلامية من علم , أدب , فلسفة , صناعات , أعمال يدوية وغير ذلك . حيث كانت مدينه بغداد , وسمقرند , والقيروان,  ومصر,  وتونس,  وغرناطه,  وقرطبة مراكز عظيمة لدائرة معارف ومنها أشرقت الأمم واغتنم منها أهل أوربا فى القرون الوسطى مكتشفات وصناعات وفنون عامة وأقاموا أساس ممالكهم على شرائع الإسلام "
ويؤكد ذلك ما جاء في إشعياء " قومي استنيري , لأنه قد جاء نورك  ومجد الربّ  أشرق عليك , لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم . أما عليك فيشرق الربّ , ومجده عليك يرى , فتسير الأمم في نورك , والملوك في ضياء إشراقك " 
وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم قدّيسين طاهرين تواترت الأنباء عن عظيم مآثرهم وعجيب كراماتهم..
وقد حكى أحد العلماء وهو الدكتور طارق سويدان  في أحد أشرطتة فى الدعوة الى الله ما نصه  :" وقد حدثنا الشيخ محمود الصواف رحمه الله أنّه دُعي في من دُعي من كبار العلماء لإعادة دفن شهداء أحد من الصحابة رضي الله عنهم في مقبرة شهداء " أحد " مقبرة معروفة لانه أصابها سيل فانكشفت الجثث فدعى مجموعة من كبار العلماء لإعادة دفن هؤلاء الصحابة .
ويحدثنا الشيخ محمود الصواف أنه حضر ذلك بنفسه فيقول ممن دفنت.. دفنت حمزة رضي الله عنه فيقول : ضخم الجثة مقطوع الأنف والأذنين  , بطنه مشقوق وقد وضع يده على بطنه فيقول فلما حرّكناه ورفعنا يده سال الدم ويقول دفنته مع من دفنت من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من شهداء أحد.
وأضاف قائلا: " فهذا أمر ثابت بالتواتر وبرؤية العين , بلغنا الله وإياكم مكانة الشهداء وقد حدثنا( أي الشيخ ) عن ريح المسك التي فاحت لمّا سال الدم ( أي من جسد حمزة رضي الله عنه ).                    

                                 الله أكبر.. الله أكبر ... الله أكبر!!! -
4-  البشارة التى تتحدث أنه عليه الصلاة والسلام إبن قيدار :
بالإضافة إلى  ما سبق  من نبؤات ففي سفر إشعياء :" لتهتف الصحراء ومدنها , وديار قيدار المأهولة .ليتغنّ بفرح أهل سالع وليهتفوا من قمم الجبال, وليمجدوا الربّ ويذيعوا حمده في الجزائر."  
ونبؤة اخرى فى اشعياء بشأن شبه الجزيرة العربية تقول : سَتَبِيتين يا قبائل الددانيين فاحملوا يا أهل تيماء الماء للعطشان , واستقبلوا الهاربين بالخبز . لأنهم قد فروا من السيف المسلول , والقوي المتوتّر , ومن وطيس المعركة , لأنّ هذا ما قاله لي الربّ :في غضون سنة مماثلة لسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار , وتكون بقية الرماة , الأبطال من أبناء قيدار , قلة لأنه الربّ إله إسرائيل قد تكلّم " 
فــ { بنوقيدار } : هم العرب :  لأنّ {  قيدار }  هو إبن إسماعيل عليه السلام كما هو مذكور في سفر التكوين  12وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. 13وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16هؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيسًا حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ.
.. وقد جاء في الترجمة الفرنسية للعهد القديم" "الكتاب المقدس الأورشليمي"
  "La Bible de Jerusaleme" في تفسير كلمة "Onagre"  في الهامش ص 45 :" .. أنّ سلالة إسماعيل هم عرب الصحراء .. " .
ويؤكد ذلك النبؤءة الاتية :
( انظروا وأرسلوا إلى قيدار , وانتبهوا جداً , انظروا هل صار مثل هذا , هل بدلت أمة آلهة وهى ليست ألهه أما شعبى فقد بدل مجده بما لا ينفع (  ) ) ولكن لماذا اختصت النبؤة ( قيدار ) من أبناء إسماعيل عليه السلام ؟
يوضح ذلك ما ذكره صفى الرحمن المباركفورى بعد ما ذكر الإثنى عشر ولدا لسيدنا إسماعيل عليه السلام قال : ( وتشعبت من هؤلاء اثنا عشر قبيلة , سكنت كلها فى مكة مدة من الزمان , وكانت جل معيشتهم إذ ذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ومصر ثم انتشرت هذه القبائل فى إرجاء الجزيرة بل والى خارجها ثم أدرجت أحوالهم فى غياهب الزمان إلا أولاد نبايوت وقيدار .
وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناءه بمكة يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها وعدنان هو الجد الحادي والعشرون فى سلسلة النسب النبوي .
وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار والذي تشعبت منه أربعة قبائل : إياد وانمار وربيعة ومضر ومن مضر تشعبت قبيلتين  عظميتين قيس عيلان بن مضر  وبطون الياس بن مضر ومن الياس بن مضر كنانه بن خزيمه  ومن كنانه قريش وهو فهر بن مالك بن النضر ومن قريش قبائل شتى :أهمها قصى بن كلاب ومنه عبد مناف بن قصى ومن عبد مناف عبد المطلب ومن عبد المطلب عبد الله ومن عبد الله ولد خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم 
ففى هذا النص نرى إشارات واضحة تشير وتبشر بأمه محمد صلى الله عليه وسلم لأسباب كثيرة :-
1- فالنص يذكر أن الرب جل وعلا يأمر أهل الكتاب بأن ينظروا إلى ( قيدار ) وقيدار هذا كما ذكرنا أنه ابن سيدنا إسماعيل فهو اشارة للأمة التى ستأتى من نسله وهى  أمة محمد صلى الله عليه وسلم
2- يذكر النص أن الأمة التى ستأتى من نسل قيدار لا تعبد إلا الله ولا تشرك به شيئاً ولا تتخذ من دونه آلهة كما فعل اليهود والنصارى { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } (التوبة : 30 )
بل وغالوا فى أمرهم حتى قالوا ان المسيح هو الله " قاتلهم الله  "ولذا قال جل وعلا  { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (المائدة : 17 ) ) مما جعل الحق سبحانه وتعالى يأمرهم فى هذا النص ( انظروا وأرسلوا الى قيدار وإنتبهوا جداً ) ثم نبه الحق سبحانه وتعالى أن مجىء هذه الأمة لتعلى كلمة لا إله إلا الله بعكس الأمم السابقة التى بدلت نعمة الله كفراً وقال فى هذا النص ( أما شعبى فقد بدل مجده بما لا ينفع )
والفقرة الثانية { ليتغنّ بفرح أهل سالع وليهتفوا من قمم الجبال } فــ(ســالع) : هو سلع , جبل في باب المدينة والنبى محمد صلى الله عليه وسلّم هو الوحيد الذي تلقّى الوحي والنبوة من جهة بلاد العرب .
{سَتَبِيتين يا قبائل الددانيين فاحملوا يا أهل تيماء الماء للعطشان , واستقبلوا الهاربين بالخبز}( أهل تيماء :فـ( تيماء ) هي وادي القرى من اعمال المدينة " يثرب " وهي واحة شمال المدينة . و"المدينة"  هي التي خرج إليها محمد صلى الله عليه وسلّم " مهاجرا" بدعوته) إلى قوم ذوي منعة آمنوا به وصدّقوا خبره وهم (أهل تيماء ) أعطوه صفقة أيديهم والبيعة المطلقة في المنشط والمكره  والتى نوهت عليها النبؤءة بالـ(خبز)
فربما يقصدون  "بالهروب" هو الخروج سرا " والهجرة  "  من بين أظهر الظالمين فى مكة والتحاقا بالطائفة الموحدّة  فى المدينة لقيادتها إلى خيري الدنيا والآخرة لا الهروب جزعا وفرقا من بطش الجبارين للنجاة بالنفس ! -
{ لأنّ هذا ما قاله لي الربّ :في غضون سنة مماثلة لسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار , وتكون بقية الرماة , الأبطال من أبناء قيدار}  فــ ( محمد صلى الله عليه وسلّم  وصحابته هم الذي عادوا بعد عام من " هجرتهم ", وقد قابلهم " أبناء قيدار " في موقعة "بدر " . وبعد ذلك انكسر القيداريون , الذين يحملون الأقواس والذين فنى مجدهم الجاهلي, ليبدأ مجد المسلمين بتعدد أجناسهم وأعراقهم .ولعل قائلا يقول ألم تقل أن محمد صلى الله عليه وسلم من أبناء قيدار ؟  نقول :  نعم  ؛   والنبؤءتين يؤكد بعضها بعضا فمن المعلوم أن أهل مكة هم أخوة وأبناء عمومة للمعصوم صلى الله عليه وسلم فهو ابن قيدار وهم كذلك فبعد غزوة بدر انكسرت شوكة الغالبية من ابناء قيدار ليبدأ مجد من هو أحق بقيدار منهم ألا وهو المعصوم صلى الله عليه وسلم  .
وفي إشعياء نبؤءة تؤكد ما سبق فتقول "قومي استنيري , لأنه قد جاء نورك ومجد الربّ أشرق عليك , لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم . أما عليك فيشرق الربّ , ومجده عليك يرى , فتسير الأمم في نورك , والملوك في ضياء إشراقك . ارفعي عينيك حواليك . وانظري , قد اجتمعوا كلهم , جاؤوا إليك يأتي بنوك من بعيد , تحمل بناتك على الأيدي . حينئذ تنظرين وتنيرين . يخفق قلبك ويتسع , لأنه تتحول إليك ثروة البحر , ويأتي إليك غنى الأمم . تعطيك كثرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا تحمل ذهبا ولبانا . وتبشّر بتسابيح الربّ كل غنم قيدار تجتمع إليك . كباش نبايوت تخدمك . تصعد إليك مقبولة على مذبحي وأزين بيت جمالي "
5- البشارة التى تبين أنه عليه الصلاة والسلام المبعوث من مكّة :
وهناك نبؤه أخرى ذكرها ابن كثيير نقلا عن كعب الأحبار حين سأله ابن عباس عن أوصاف المعصوم صلى الله عليه وسلم  فى التوراة فقال : انه موصوف فى التوراة ببعض صفته فى القرآن  ( أحمد عبدى المختار ,لا فظ ولا غليظ ,  ولا صخاب فى الأسواق , ولا يجزى بالسيئة السيئة , يعفو ويغفر . مولده بكاء . وهجرته طابا , وملكه بالشام , وأمته الحمادون يحمدون الله على كل نجد ,ويسبحونه فى كل منزل , يوضئون أطرافهم , ويأتزرون على أنصافهم , وهم رعاة الشمس , ومؤذنهم فى جو السماء, وصفهم فى القتال وصفهم فى الصلاة  سواء , رهبان بالليل أسد بالنهار , ولهم دوى كدوى النحل , يصلون الصلاة حيث ما أدركتهم )
من هذه النبؤه يتضح لنا أنها تشير إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم فجميع ما فيها من صفات تتفق وصفات المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم كالأتى :-
1- ( أحمد عبدى المختار لا فظ ولا غليظ ولا صخاب  فى الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة يعفو ويغفر) هذه الفقرة تشير إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإن كلمة ( أحمد )  تشير  إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم  وكما شهد له العدو قبل الصديق باخلاقه التى كانت ولاتزال مثلا على مر الزمان فيكفيه قول الحق سبحانه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }  (القلم : 4 )
2- الفقرة الثانية (مولده بكاء وهجرته طابا وملكه بالشام )
تؤكد كل المصادر أن ( بكاء) أى ( مكة ) هى مسقط رأس سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد أطلق الحق سبحانه وتعالى عليها أكثر من اسم ومنها :-
1)    مكة : لقول الحق جل وعلا "{ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } (الفتح : 24 )
2)    بكة : لقول الحق جل وعلا {  إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }  (آل عمران : 96 )
3)    البلد الأمين : لقول الحق سبحانه وتعالى "(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (التين : 1/ 2/ 3 )
4)    أم القرى : لقول الحق سبحانه وتعالى  { وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ }  (الأنعام : 92 )
 ولقد ولد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا البلد الأمين حسبما ذكرت جميع المصادر ومنها  البداية والنهاية لابن كثير , ومنها ما ذكره محمود باشا الفلكى فى كتاب نتائج الأفهام فى تقويم العرب قبل الإسلام  فقال : ( ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بنى هاشم بمكة فى صبيحة يوم الاثنين من شهر ربيع الأول , لأول عام من حادثة الفيل )
ولقد لبث فيها المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم اربعون عاما قبل الدعوة وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى { قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } (يونس : 16 )
وأنزل الحق سبحانه وتعالى عليه القرآن الكريم فى غار حراء فى ليلة مباركة وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى {  إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ }  (الدخان : 3 ) 
وجاء ذكر " مكّة " في المزامير في النسخ الإنجليزية المتداولة الآن وترجمتها كالاتى :
"طوبى لأناس أنت قوتهم . المتاهفون لاتباع طرقك المفضية إلى بيتك المقدس . وإذ يعبرون في وادي البكاء الجاف , يجعلونه ينابيع ماء, ويغمرهم المطر الخريفي بالبركات. ينمون من قوة إلى قوة , إذ يمثل كل واحد أمام الله في صهيون. يا ربّ إله الجنود اسمع صلاتي , واصغ إليّ يا إله يعقوب . " ( المزامير 84: 6 - 8)
والترجمة الكاثوليكية تقول :" يجتازون في وادي البكاء , فيجعلونه ينابيع ماء , لأنّ المشترع يغمرهم ببركاته , فينطلقون من قوة إلى قوة, إلى أن يتجلّى لهم إله الآلهة في صهيون " (المزامير 7- 8 )
كلمة " البكاء " هي في الأصل العبري " بكّه" وقد سماها النص العبري بكة، فقال
[בְּעֵמֶק הַבָּכָא]، وتقرأ : (بعيمق هبكا) أي وادي بكة
وشهدت مكة أول ايام الدعوة الإسلامية المباركة ولبث فيها المعصوم صلى الله عليه وسلم  ثلاث عشر عاما يدعو أهله فى مكة ومن حولها من القرى لعبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام ودعاهم إلى حسن الجوار وصلة الأرحام حتى امره الحق سبحانه وتعالى أن يهاجر إلى المدينة المنورة وكانت مكة هى احب بلاد الله اليه فقال صلى الله عليه وسلم ( والله إنك لأحب بلاد الله الى الله والى  ولولا أن اهلك اخرجونى منك ما خرجت )
والحق سبحانه وتعالى يعلم ان مكة هى احب بلاد الله الى حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فأراد ان يطمئنه فقال له جل وعلا { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ  } (القصص : 85 ) " ولقد أوفى الحق سبحانه وتعالى بوعده جل وعلا  لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفتح الله له مكة المكرمة فقال جل وعلا {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } (الفتح : 27 )
وتؤكد العديد من المصادر أن مكة هى مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منها :-
1-    أن زيد بن عمرو  وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد : من أين أقبلت ؟ قال : من بيت إبراهيم ( يقصد بيت الله الحرام بمكة ) قال وما تلتمس ؟ قال ألتمس الدين . قال أرجع فإنه يوشك أن يظهر الذى تطلب فى أرضك , فرجع وهو يقول ( لبيك حقا حقا , تعبدا ورقا )
 إلا أن الموت ادركه قبل أن يدرك مكة وهو عائد إليها فدعا ربه قائلا ( اللهم إن لم يكن لي حظ فى إتباع دينك الجديد فلا تحرم ابني سعيد من الإيمان به ) واستجاب الله سبحانه وتعالى دعاء هذا الرجل الصالح بل وأصبح ابنه سعيد بن زيد وضى الله عنه  من أفاضل الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة 
2-    تروى السيدة عائشة فتقول ( سكن يهودي بمكة يبيع بها تجارات فلما كانت ليلة ولد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال فى مجلس من مجالس قريش هل كان فيكم من مولود هذه الليلة ؟ قالوا : لا نعلمه قال : انظروا يا معشر قريش وأحصوا ما أقول لكم ولد هذه الليلة نبى هذه الأمة ( أحمد ) وبه شامة كتفية فيها شعرات فانصرف القوم من مجالسهم وهم يعجبون من حديثه فلما صاروا فى منازلهم ذكروه لأهاليهم فقيل لبعضهم ولد لعبد الله بن عبد المطلب الليلة غلام وسماه محمدا فاتوا اليهودي فى منزله .
 فقالوا : علمت انه ولد فينا غلام فقال : أبعد خبري أم قبله ؟ فقالوا قبله واسمه { أحمد} قال : فاذهبوا بنا إليه فخرجوا حتى أتوا أمه فأخرجته إليهم فرأى الشامة في ظهره فغشى على اليهودي ثم أفاق فقالوا مالك ؟ ويلك ! فقال : ذهبت النبؤة من بنى إسرائيل وخرج الكتاب من أيديهم فازت العرب بالنبؤة أفرحتم يا معشر قريش ؟! أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق إلى المغرب )
ثانيا ( هجرته طابا ) وهذه النبؤة أيضا حقيقية لأن المدينة التي هاجر إليها المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم كان اسمها يثرب إلا أنه صلى الله عليه وسلم بدل هذا الاسم إلى طيبة وطابه وفى هذا يقول بن خالويه : سماها النبي صلى الله عليه وسلم بعده أسماء وهى : طيبة وطبه  وطابه  والمطيببة  والجابرة  والمجبورة  والحبيبة  والمحببة.  و قال الشاعر : فأصبح ميمونا بطيبة راضيا
وقال بن الأثير في الحديث أنه أمر أن تسمى المدينة : طيبة  وطابه وهما من الطيب لأن المدينة كان اسمها يثرب والتثريب هو الإفساد فنهى أن تسمى به وسماها طابه وطيبة وهما تأنيث طيب وطاب وقيل هو من الطيب الطاهر لخلوها من الشرك وبطهرها منه , ومنه جعلت لى الأرض طيبة وطهورا اى نظيفة غير خبيثة 
3- ( وملكه بالشام ) تؤكد جميع المصادر أن النبؤة كانت في مكة ثلاث عشرة سنة وفى المدينة عشر سنوات ثم خلافة راشدة ثلاثون عاما ثم انتقل الحكم والخلافة إلى الشام  على يد سيدنا معاوية بن أبى سفيان وضى الله عنه .
ويقول الطبراني (  أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال : ستكون خلافه نبوة ورحمة ثم يكون ملك ورحمة ثم  يكون ملك وجبرية ثم يكون ملك عضوض) وفى رواية أخرى :( تكون خلافة لنبوة ثلاثين سنة ثم يصير ملكا ) 
وكانت هذه الفترة كما يلي :
ا -إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض يوم الاثنين لثنتى عشر ليله خلت من شهر ربيع الأول سنه عشر من الهجرة واستخلف أبو بكر الصديق وضى الله عنه  يوم الثلاثاء ثاني وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم )
ب-وتوفى أبو بكر الصديق وضى الله عنه ليلة الاثنين لسبع عشر ليله مضيت من جمادى الآخرة وكانت خلافته سنتين وثلاثة اشهر واثنين وعشرين يوما ثم استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت خلافته عشر سنين وستة اشهر وأربع ليال
ج- ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم قتل وكانت خلافته اثني عشر سنه الا اثني عشر يوما
د- ثم استخلف على بن أبى طالب وضى الله عنه واستشهد عام اربعين هجرية  وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة اشهر الا أربع عشر يوما –
ه- ثم دخلت سنه إحدى وأربعين هجريه وما كان فيها تسليم الحسن بن على الأمر إلى معاوية ودخول معاوية الكوفة – وبيعه أهل الكوفة معاوية بالخلافة  وحمى الله المسلمين من فتنه أخرى على يد الإمام الحسن بن على وضى الله عنهما  وصدق فيه قول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ( ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين
و) وتسمى هذه السنة : بسنة الجماعة وكان معاوية رضي الله عنه يقول " أنا أول الملوك وأخر خليفة "  وهكذا نشأت دولة بنى أميه ودامت ثلاثة وثمانين سنه وأربعة اشهر
4- ما سبق كان وصفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تكمل النبؤة .
أما أوصاف امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى النبوءة السابقة كالأتي
" وأمته الحمادون , يحمدون الله على كل خير ويسبحونه في كل منزل " ولما لا؟  وقد أمرهم الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ }  (النمل : 59 )
وقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان , حبيبتان إلى الرحمن , ثقيلتان في الميزان ,  سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم ) ويقول صلى الله عليه وسلم : (  سبحان الله والحمد لله تملأن ما بين السماء والأرض ) 
ونحن المسلمين نحمد الله جل وعلا  على كل حال وفى كل آن . قد علمنا الحق سبحانه وتعالى أن نقول ( الحمد لله )وهى صيغة الحمد والشكر التي أراد الحق سبحانه وتعالى أن نحمده بها وهى رحمة من الله بعباده فليس كل العباد يحسنون المدح أو الثناء ولذلك طلب الحق جل وعلا من عباده صيغة واحدة يحمدونه بها وهى      ( الحمد لله )
أ‌-    ( يوضئون أطرافهم ) : وهذه الصفة ليست إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول الحق جل وعلا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }  (المائدة : 6 ) 
فالوضوء هو الذي يميز امة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم حين سأله احد الصحابة ( كيف تعرفنا يوم القيامة يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : أرأيتم لو أن لرجل خيلا دهم بهم ودخلت فيهم خيول غرا محجلين أيعرف صاحب هذه الخيول خيله قالوا نعم قال فكذلك أنتم يوم القيامة من آثار الوضوء )
ج- ( ويأتزرون على أنصافهم ) وأيضا هذه ميزة أخرى ليست إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا لا يخفى على احد أن الحجاج في موسم الحج يأتزرون على أنصافهم وهم يؤدون مناسك الحج .
يقول الإمام أبو حنيفة فى الإحرام للحج : لبس إزار ورداء والإزار هو ما يستر به من سرته إلى ركبته والرداء هو ما يكون على الظهر والصدر والكتفين وان زر الإزار أو عقده أساء ولا دم عليه ويستحب أن يكون الإزار والرداء جديدين أو مغسولين طاهريين  .
حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول مكة فى عمرة القضاء وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا : أن المشركين خرجوا إلى جبل فى شمال مكة وقد قالوا فيما بينهم انه يقدم عليكم وفد وهنتم حمى يثرب فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة  . أن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم . وإنما أمرهم بذلك ليرى المشركين قوتهم كما أمرهم أن يكشفوا المناكب اليمنى ويضعوا أطراف الرداء على اليسرى فلما رآهم المشركون قالوا هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد رهنتهم !! هؤلاء أجلد من كذا . 
والترجمة الانجليزية للعدد الخامس من الفصل 84 من نفس المزمور في " الترجمة العالمية الحديثة" تذكر صراحة كلمة   "Pilgrimage" وهى تعنى " حج ".
أمّا النبع فمن المعلوم انه يشير الى بئر زمزم, النبع الفياض ,وجاء فى العديد من المخطوطات العبرية والترجمة اليونانية القديمة ان ( الله) جل وعلا  أنشأ واحة " . ونسبة الفعل إلى الله تؤكد تمحور الحديث هنا عن زمزم الذي نبع بمعجزة إلهية.
أما حديث الترجمة الكاثوليكية عن " المشترع " ففيه إشارة بارزة إلى محمد صلى الله عليه وسلم , إذ أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو صاحب شريعة جديدة أفاضت بركاتها على المسلمين .
د- ( وهم رعاة الشمس ومؤذنهم في جو السماء ) والمقصود هنا أن مواعيد الصلاة يعرفونها بالشمس أثناء النهار وأن النداء للصلاة يسرى في الفضاء مدويا معلنا ( الله اكبر . الله اكبر , لا اله الا الله )  عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ فقلنا يا رسول الله : كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يتمون الصفوف الأولى ويتزاحمون فى الصف . 
وعن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة )   وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من أثار الوضوء فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل .
وفي إشعياء ما يؤكد ذلك فقالوا:" غنّوا للربّ أغنية جديدة . تسبيحة من أقصى الأرض , أيها المنحدرون في البحر ومائه والجزائر وسكانها , لترفع البرية ومدنها وصونها , الديار التي سكنها قيدار , لتترنم سالع , من رؤوس الجبال ليهتفوا , ليعطوا مجدا , ويخبروا بتسبيحه في الجزائر . الربّ كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته . يهتف ويصرخ ويقوى على أعدائه ".
وعن ابى هريرة :  انه قال :  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون وودت أنا قد رأينا إخواننا قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ فقال : انتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال أرأيت لو أن رجلا  له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء , وأنا فرطهم على الحوض . 
عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة   
عن أبى نجيح عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال : كنت وأنا فى الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة , وإنهم ليسوا على شئ وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل بمكة يخبر أخبار فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله مستخفيا جراء عليه قومه فانطلقت حتى دخلت عليه مكة فقلت له ما أنت ؟ قال ( أنا نبي قلت وما نبي ؟ قال : أرسلني الله . قلت وبأي شئ لرسلك ؟ قال : أرسلني لصلة الأرحام وكسر الأوثان وان يوحد الله لا شريك به شئ . قلت : من معك على هذا قال : حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما قلت :
أنى متبعك قال : ( انك لن تستطيع ذلك يومك هذا ) أولا ترى حالي وحال الناس ولكن ارجع إلى اهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فإتنى قال : فذهبت إلى أهلي وقدم رسول الله إلى المدينة وكنت فى أهلي فجعلت أتحر الأخبار وأسال الناس حين قدم المدينة فقالوا الناس إليه سراع وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك .
 فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت يا رسول الله أتعرفني قال نعم أنت الذي لقيتني بمكة قال : فقلت يا رسول الله اخبرني عما علمك الله ووجدته اخبرني عن الصلاة قال:  صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى ترتفع  الشمس قيد رمح فانه تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار .صلى فان الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فانه حينئذ تسجر جهنم فإذا اقبل الفئ فصلى فان الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار  
هـ- ( وصفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء , رهبان بالليل ,أسد بالنهار,  ولهم دوى كدوى النحل , يصلون الصلاة حيث أدركتهم ) وهذه أوصاف امة محمد صلى الله عليه وسلم وفى هذا يقول الحق جل وعلا { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ }  (الصف : 4 )
ويقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) كما حكى القران الكريم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه  فقال تعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }  (الفتح : 29 )"   واخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأرض طهرها الحق جل وعلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولذا أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل ) .
6-البشارة التى تتحدث عن النبي الأمـي:
 الأمية هى أشهر ما وُصِف به نبي الإسلام وعُرِف به  صلى الله عليه وسلّم. وإذا كانت الأميّة في غيره نقيصة , فإنّها فيه حجّة مدعمّة لنبوّته , فهو الذي أتى بالقرآن المعجز ببيانه وبلاغته, وإخباره بالمغيبات وبالشرائع المذهلة والضوابط الأخلاقية المتقنة . وإذا كان العالم المتمرّس بالعلوم عاجزا عن يأتي بمثل هذا القرآن , فكيف برجل أميّ لا يقرأ ولا يكتب!
وقد وصف الله سبحانه نبيّه صلى الله عليه وسلّم في أكثر من موضع من القرآن الكريم بالأميّة :" { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (الأعراف : 157 )
 وقال تعالى { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ  } (الأعراف : 158 )أي الذي لم يكن يكتب أويقرأ .ولذا وعده ربّه جل وعلا بأن يحفظ له القرآن الكريم في صدره فقال جل وعلا {  لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ  }القيامة 16- 17
ولقد عثرنا على نص فى سفر اشعياء لا يدع مجالا للشك على صدق القران الكريم فى وصف النبى بالامية فقالوا :" أويدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة . "

وفى الترجمة الانجليزية ما هو أوضح فيقولون :
 “ Or if you give the scroll to someone who cannot read, and say, "Read this, please," he will answer, "I don't know how to read." The New International Version :
ويؤكد ذلك ما ورد فى السيرة النبوية الكريمة :وما أخرجه  الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت :" أول ما بدئ به رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم , فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء. وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد , قبل أن ينزع إلى أهله , ويتزود إلى ذلك. ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء. فجاءه الملك.
 فقال: اقرأ.
قال: ما أنا بقارئ.
قال: فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد.
ثم أرسلني
فقال:اقرأ.
فقلت : ما أنا بقارئ.
فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني
فقال: اقرأ.
فقلت : ما أنا بقارئ.فأخذني فغطني الثالثةثم قال{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *  اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (العلق :1- 5 )
واليك نصا اخر يؤكد النبؤة السابقة والأيات الكريمة  ذكرها البخارى ايضا نقلا عن ابن عباس وهو يسال كعب الاحبار عن صفة الرسول فى التوراة فقال :
( يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا , وحرزاً للأميين , أنت عبدى ورسولى , سميتك المتوكل , ليس بفظ ولا صحاب فى الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة إنما يدفع السيئة بالحسنة ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء أن يقولو لا إله إلا الله ( ) ) .
هذا النص  يدل دلاله واضحة على أن النبى والرسول المشار إليه هو سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) لأمور كثيرة :-
1-لأن عبارة ( يا أيها النبى ) من النداءات التى اختص الحق ( سبحانه وتعالى ) بها نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم ) لأنه جل وعلا حين خاطب أنبيائه خاطبهم بأسمائهم مجرده فقال ( جل وعلا ) لأدم عليه السلام :-
{روَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } (البقرة : 35 )
وحين خاطب جل وعلا نوحاً عليه السلام قال جل شأنه :{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ  } (هود : 48 )
 وحين خاطب ( سبحانه وتعالى ) موسى عليه السلام قال سبحانه وتعالى { قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ } (الأعراف : 144 )
وحين خاطب ( سبحانه وتعالى ) نبى الله يحيى قال سبحانه وتعالى ): يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً (مريم : 12 )
وحين خاطب سبحانه وتعالى نبى الله عيسى عليه السلام قال جل شأنه :{ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } (المائدة : 110 ))
ولكن حين خاطب جل وعلا سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) خاطبه سبحانه وتعالى : بقوله تعالى  " { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ  "  ولقد وردت فى القران الكريم اكثر من عشرين مرة ومنها{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } (الأحزاب : 45  
 { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب : 56 )
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } (الأحزاب : 59 )
وكلمة (شاهداً ) تدل على أن النبى المبشر به فى هذا النص لا بد أن يكون أخر الأنبياء وأن يكون معه كتاب فيه خبر السابقين حتى يتمكن من الشهادة لهم وفى هذا يقول الحق جل وعلا { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً }  (النساء : 41 ) ويقول " " سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " " إذا كان يوم القيامة كنت إمام الأنبياء وخطيبهم وصاحب  شفاعتهم ولا فخراً ( )
وعبارة ( حرزاً للأمين ) وهى الشاهد هنا انما تدل دلالة قطعية على أن النبى المشار إليه هو سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم . لأن كلمه حرز تعنى " الموضع الحصين " وأحرزت الشىء أى " حفظته وضممته إلى وصنته عن الأخذ ( ) )
وكلمة (الأميين) هى جمع كلمة أمى وهو الذى لا يقرأ و لا يكتب وفى الحديث ( بعثت لأمة أمية) وهم العرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أوعديمة وفى هذا يقول سبحانه وتعالى  {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }  (الجمعة : 2 )
وسيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم هو النبى الأمى لأنه لا يقرأ أو لا يكتب وكانت هذه الصفة أحدى آياته المعجزة لأنه – صلى الله عليه وسلم . رغم أميته تلا عليهم كتاب الله بالنظم الذى أنزل إليه فلم يغير ولم يبدل ألفاظه ( ) 
وكانت قريش تعجب من ذلك لأنها تعلم أن محمداً – صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب وفى هذا يقول الحق جلا وعلا  {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } (العنكبوت : 48 ) إذن فهذه العبارة " حرزاً للأميين " أوضحت أن النبى الخاتم . صلى الله عليه وسلم – هو نبى أمى وسيبعث فى أمة أمية  وفى الترجمة الفرنسية
 “Ou comme un livre que l'on donne A un homme qui ne sait pas lire, en disant: Lis donc cela! Et qui répond: Je ne sais pas lire." Louis Segond:

وفى النص العبرى


 

 

وهناك دليل آخر من التوراة يؤكد هذا المعنى " هم أغارونى بغير الله وأغضبونى بمعبوداتهم الباطلة وأنا أغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل أغضبهم " ففى هذا النص يعنى الحق سبحانه وتعالى أن بنى إسرائيل جعلوا الله أنداداً فاستحقوا غضب الله " فباءوا بغضب من الله " فكان الجزاء من جنس العمل .
فلقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يبعث أمة غيرهم تقدر الله حق قدرة وأخبرهم الحق جلا وعلا عن هذه الأمة الخاتمة بأنها أمة أميه وبشعب جاهل أغضبهم ومن المعلوم أن الأمة العربية قبل الإسلام كانت يطلق عليها فى هذه الحقبة " الجاهلية " ففى  قوله تعالى { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } (المائدة : 50 ) وقوله تعالى  {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى  }( الأحزاب : 33 )
 ولقد تحولت هذه الأمة بفضل الله جل وعلا وبفضل القرآن الكريم والمعصوم صلى الله عليه وسلم  إلى {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } (آل عمران : 110 ) ونشرت الدين والعلم والمعارف شرقا وغربا وفى هذا يقول العلامة الإنجليزى ( جونسون ) : ( إننا نرى إخواننا المسلمين مولعين بالوقوف على عاداتنا ويسعون فى تقليدنا ولكنا نحن الذين يجب علينا ان نأخذ عنهم ونعلم منهم,  فهم أصحاب التعاليم الحكيمة وهم المقدمون  علينا فى الهداية , وهم اصحاب علم الالهيات وعلم التشريع فى العالم الممتدين بأسرة , وان لهم الصنيع الجميل على تقدم المدنية الغربية ومن واجب على اهل المملكه الانجليزية أن يحترموا آثارهم ويسعوا فى دفع الاباطيل المنتشرة بين عامتنا عن دينهم وعاداتهم من القرن الرابع عشر وان يراعوا احترام شريعتهم وكتبهم المقدسة ولو أننا تبصرنا من قبل فى أحوالهم وشرائعهم بإخلاص لما وجد بيننا محل للنزاع فى فضائلهم وأدائهم وسمو تشريعهم .
وعبارة " ليس فظ ولا صخاب فى الأسواق " هى أيضا من صفات سيدنا محمد صلى الله وسلم فقال تعالى  { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (آل عمران : 159 ) 
وعبارة (لا يدفع السيئة بالسيئة وإنما يدفع السيئة بالحسنة ) هى كذلك من صفات المعصوم – محمد لأنه – صلى الله عليه وسلم – لم ينتقم لنفسه قط وإنما كان يعفو وبصفح أمتثالا لأمر ربه { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } وكان – صلى الله عليه وسلم – رمزا للرحمة حتى أثنى عليه الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }  (التوبة : 128 )
 ويؤيد هذا الوصف ما ذكره الحق سبحانه وتعالى عن وصف سيدنا محمد هو وأصحابه رضوان الله عليهم ُ { محَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }(الفتح : 29
وعبارة " لن يقبضه الله حتى يقيم به الملك العوجاء أن يقولوا لا إله إلا الله " وقد حدث هذا الفعل فلقد بعث رسوله الله والعالم يعيش فى ظلمات بعضها فوق بعض فمنهم من يشرب الخمر ومنهم من يدفن بناته أحياء ومنهم من يعكف على حجر لا يضر ولا ينفع فعلمهم وأرشدهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور ولم يقبضه الله حتى قال الجميع " لا إله إلا الله .. محمد رسول الله " والدليل على ذلك أنه خرج من مكة مهاجراً هو وعدد قليل  من أصحابه ثم عاد إليها فاتحا فى عدد لا بأس به وبعد الفتح بعامين جاء فى حجة الوداع ومعه أكثر من مائه ألف ليؤدوا مناسك الحج
أوصاف المعصوم صلى الله عليه وسلم من المزامير
كما انه صلى الله عليه وسلم وصف فى الزبور  والمعروفة عندهم بالمزامير باوصاف عدة منها :
[1] "بهي في الحسن أفضل من بني البشر" وعن هذا يقول أبو هريرة رضي اللّه عنه قال: " ما رأيت شيئًا أحسن من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه وإذا ضحك يتلألأ النور من وجهه الكريم " وعن أم معبد رضي اللّه عنها قالت في بعض ما وصفته به: "أجمل الناس من بعيد وأحلاهم وأحسنهم من قريب".
. [2] وهو صلى الله عليه وسلم أفضل البشر " فقالوا فى المزامير " سأذكر اسمك في كل جيل وجيل من أجل ذلك تعترف لك الشعوب إلى الدهر والى دهر الداهرين"وعن هذا يقول اهل التفسير في كلام الله جل وعلا المحكم:{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } (البقرة : 253 )  وقال أهل التفسير أراد بقوله { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } محمدًا صلى اللّه عليه وسلم أي رفعه على سائر الأنبياء من وجوه متعددة،ويؤكد ذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " أي لا أقول ذلك فخرًا لنفسي بل تحدثًا بنعمة ربي.
 [3] وذكروا أن النعمة منسكبة على شفتيه. فقالوا "انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك اللّه إلى الدهر" فقد  أقر الجميع بفصاحته  صلى الله عليه وسلم، وقال الرواة في وصف كلامه: إنه كان أصدق الناس لهجة فكان من الفصاحة بالمحل الأفضل والموضع الأكمل.
 [4] ووصفهم اياه عليه الصلاة والسلام بالقوة :فكانت قوته الجسمانية على الكمال، كما ثبت أن ركانة خلا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض شعاب مكة قبل أن يسلم فقال:
 يا ركانة ألا تتقي اللّه وتقبل ما أدعوك إليه. فقال: لوأعلم واللّه ما تقول حقًا لاتبعتك. فقال: أرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق قال: نعم، فلما بطش به صلى اللّه تعالى عليه وسلم أضجعه لا يملك من أمره شيئًا، ثم قال: يا محمد عد فصرعه أيضًا فقال: يا محمد إن ذا لعجب..
 فقال صلى اللّه عليه وسلم: وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه إن اتقيت اللّه وتبعت أمري. قال: ما هو قال: أدعولك هذه الشجرة فدعاها فأقبلت حتى وقفت بين يديه صلى اللّه تعالى عليه وسلم. فقال لها: ارجعي مكانك. فرجع ركانة إلى قومه فقال: يا بني عبد مناف ما رأيت أسحر منه ثم أخبرهم بما رأى. وركانة هذا كان من الأقوياء والمصارعين المشهو رين. .
وأما عن شجاعته  صلى الله عليه وسلم فقد قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: " ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم" وقال علي كرم اللّه وجهه: " وإنا كنا إذا حمى البأس , واحمرت الحدق , اتقينا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه. ولقد رأيتني يوم بدر ,ونحن نلوذ برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو, وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا".
[5] ووصفوه صلى الله عليه وسلم بانه ذو حق ودعة وصدق.فقالوا "وأنجح وأملك من أجل الحق والدعة والصدق وتهديك بالعجب يمينك" ومن المعلوم ان  الأمانة والصدق من الصفات الجليلة له صلى اللّه عليه وسلم، كما قال النضر بن الحارث لقريش: " قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانة. حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم إنه ساحر، لا واللّه ما هو بساحر".
 وسأل هرقل عن حال النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا سفيان فقال: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال . قالوا : لا.
[6] ووصفوه صلى الله عليه وسلم بانه موفق فى الرمى باليمين فقالوا " هداية يمينه بالعجب لانه رمى يوم بدر وكذا يوم حنين وجوه الكفار بقبضة تراب , فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا وتمكن المسلمون منهم قتلا وأسرًا فأمثال هذه من عجيب هداية يمينه.
[7] واخبوا عنه صاحب " نبل مسنونة.  فقالوا "نبلك مسنونة أيها القوي في قلب أعداء الملك الشعوب تحتك يسقطون" وهذا لأن أولاد إسماعيل عليه السلام كانوا  أصحاب النبل في سالف الزمان،وهذا  غير محتاج إلى البيان وكان هذا الأمر مرغوبًا له وكان يقول: " ستفتح عليكم الروم ويكفيكم اللّه فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه".
ويقول: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا" .ويقول عليه السلام: "من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا".وهذا الوصف لا ينطبق على المسيح كما يزعمون لانه لم يكن له نبل مسنونة فجاء في متّى 26: 52 أنّ المسيح قال لأحد تلاميذه لمّا أراد هذا التلميذ أن يدافع عنه: ردّ سيفك إلى غمده ! فإنّ الذين يلجأون إلى السيف , بالسيف يهلكون !"،
وعن "سقوط الشعب تحته" فلأن الناس دخلوا أفواجًا في دين اللّه في مدة حياته صلى الله عليه وسلم فقال تعالى { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (النصر :1- 3 )
 [8] كما ذكروا أن بنات الملوك ستكون فى خدمته صلى الله عليه وسلم فقالوا . "بنات الملوك في كرامتك قامت الملكة من عن يمينك مشتملة بثوب مذهب موشى" فلا ينكر أحد أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوّج بالسيدة صفيّة بنت حيي بن أخطب , وهي بنت سيد بني النضير وملكهم , وبالسيدة جويرية بنت الحارث , وأبوها كان سيد بني المصطلق وملكهم ).وليس هذا فحسب بل  ان بنت كسرى فارس وهى   {شهر بانو } كانت تحت الإمام الهمام الحسين رضي اللّه عنه. كما أن هذه الأوصاف لا تنطبق على المسيح كما يزعمون لأنهم قالوا فى الأناجيل  أن النصارى، أخذوه وأهانوه واستهزؤوا به، وضربوه بالسياط، ثم صلبوه.
[9] كما بينوا انه صلى الله عليه وسلم ستاتى اليه الهدايا من الملوك  فقالوا ". "بنات صور يأتينك بالهدايا ولوجهك يصلي كل أغنياء الشعب" وقد كان فمن المعلوم ان النجاشي ملك الحبشة ومنذر بن ساوى ملك البحرين وملك عمان انقادوا وأسلموا، بل وهرقل قيصر الروم أرسل إليه بهدية، وكذلك المقوقس ملك القبط أرسل إليه ثلاث جوار، وغلامًا أسود وبغلة شهباء، وحمار أشهب، وفرسًا وثيابًا وغيرها.
[10] وذكروا ان أبنائه سيصبحون رؤساء الأرض بدل آبائهم فقالوا  "ويكون بنوك عوضًا من آبائك وتقيمهم رؤساء على سائر الأرض" وقد كان " فقد وصل من أبناءه صلى الله عليه وسلم  الإمام الحسن رضي اللّه عنه إلى الخلافة، وألوف في أقاليم مختلفة من الحجاز واليمن ومصر والمغرب والشام وفارس والهند وغيرها. وفازوا بالسلطنة والإمارة العليا، وإلى الآن أيضًا في ديار الحجاز واليمن، وفي غيرهما توجد الأمراء والحكام من نسله صلى اللّه عليه وسلم، وسيظهر إن شاء اللّه المهدي رضي اللّه عنه من نسله، ويكون خليفة اللّه في الأرض، ويكون الدين كله للّه في عهده الشريف.وهذه النبؤءة لا تنطبق على المسيح لانه من المعلوم انه عليه السلام ما كان له زوجة ولا ابن، فلا يصدق دخول البنات كزوجات في بيته،ومن ثم فلا أبنائه بدل آبائه رؤساء الأرض."
 [11] واخبروا أن اسمه صلى الله عليه وسلم  مذكورًا جيلًا بعد جيل. وتمدح الشعوب إياه إلى دهر الداهرين. فالمسلمون فى مشارق الرض ومغاربها يعلنون
 في الأوقات الخمسة، بصوت رفيع في أقاليم مختلفة: " أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدًا رسول اللّه"
8- البشارة التى نبين أنه صلى الله عليه وسلم المراد من قولهم { الأمة العظيمة } :
" وَسَأُقِيمُ مِنِ ابْنِ الْجَارِيَةِ ( هاجر ) أُمَّةً أَيْضاً لأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ
 قُومِي وَاحْمِلِي الصَّبِيَّ، وَتَشَبَّثِي بِهِ لأَنَّنِي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَة."  تكوين 21: 13, 18:
ذكروا أن هذه البشارة قيلت مرتين الأولى لنبى الله ابراهيم عليه السلام  والثانية  للسيدة هاجر حين استقرت بابنها فى منطقة فاران وكانت على مايزعمون انها هربت من وجه سارة التى كانت تعذبها حسب رواياتهم وتكرارها مرتين لنبى الله ابراهيم عليه السلام وزوجته هاجر لا يعنى إلا توكيدها وحدوثها يوما ما .
وعندما أرسل  الحق جل وعلا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم  من نسل اسماعيل عليه السلام ، رسولا لكل البشر من جميع قبائل الأرض يقول الله تعالى في القرآن الكريم " َ{ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء : 107 )وقال تعالى { قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ  }(الأنبياء : 108 )
" أي أنه دعا الى عبادة الله الواحد الأحد على دين ابراهيم عليهما السلام . فآمنت به الغالبية العظمى من سكان الجزيرة العربية . كما آمن به سكان منطقة الشام والعراق وتركيا وبعض مناطق شبه جزيرة البلقان ومصر والحبشة وهم من النصارى وغالبيتهم من بني اسرائيل . وبذا أصبح من بني اسرائيل مسلمين ونصارى ويهود .
 وهنا يكون قد تم العهد المعطى لإبراهيم عليه السلام .وأصبح لنسله  ليس من النيل للفرات فحسب بل  والحمد لله اصبحت الدنيا كلها تسمع عن دين الله  الاسلام واعتنقه منهم الكثير .ومن المؤكد أن نسبة اليهود  الذين يزعمون ان العهد لهم وهم الاسرائيليون ـ الآن ـ أقل من نسبة كل من النصارى والمسلمين من بني اسرائيل فاليهود تقدّر نسبتهم بالعشر (سبط واحد من اثنى عشر سبطا ) بينما المسلمون والنصاري مجتمعين يمثلون الباقي (تسعة أعشار تقريبا ) , بل ونسيت الأنساب وضاعت بينهم  تماما فلم يعد انسان يذكر من نسل من هو وما يقال في هذا المجال انما هو من قبيل التخمين ولايقارب الحقيقة .
أما نبى الله إسماعيل عليه السلام  انجب اثنى عشر ولدا كما  بينا من قبل ما ذكر فى  العهد القديم وظل ابناءه  يتناسلون إلى أن كان منهم المعصوم صلى الله عليه وسلم كما أوضحنا من قبل ولم يعلم أن نبيا ظهر فى مكة وولد فيها غير المعصوم صلى الله عليه وسلم ويؤكد هذا الوعد نبؤءة اخرى فى سفر اشعياء
( تفرح البرية والأرض اليابسة ,حينئذ تتفتح عيون العمى , وأذان الصم تتفتح , وتكون هناك سكه وطريق يقال لها ( الطريق المقدسة ) لا يعبر فيها نجس , بل هي لهم من سلك فى الطريق حتى الجهال لا يضل , لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها )
فهذه النبؤه تشير إلى بلد الله الحرام ( مكة المكرمة ) لأسباب :
تقول النبؤة (تفرح البرية والأرض اليابسة ) ولقد أشار العهد القديم أن السيدة هاجر عليها السلام استقرت هى وابنها سيدنا إسماعيل عليه السلام فى برية فاران فيقول ( وكان الله مع الغلام فكبر وسكن فى البرية ,وكان ينمو رامى قوس ,وسكن فى برية فاران  )
 ( والأرض اليابسة )  هى بالطبع تشير إلى ( مكة المكرمة ) أيضا لأنه حين وضع سيدنا ابراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنها سيدنا اسماعيل عند البيت الحرام وفى عودته أتجه إلى ربه قائلاً كما حكى القران الكريم  {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }  (إبراهيم : 37 ) 
كما أن المسيح عليه السلام  ذكر بنى إسرائيل بما فعلوه قد يما والذى أدى إلى ذهاب النبوة منهم فلقد ذكروا أنهم غير راضين عن سيدنا إسماعيل عليه السلام زاعمين أنه ابن جارية فلا يستحق ما يستحقه الأحرار من ميراث ومعامله فذكروا فى العهد القديم  ( أطرد هذه الجارية و إبنها لأن إبن هذه الجارية لا يرث مع إبنى إسحاق ( ) ففى هذا النص زعم بنوا إسرائيل أن السيدة سارة عليها السلام أمرت سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يطرد السيدة هاجر عليها السلام وإبنها سيدنا إسماعيل عليه السلام .
ونسى هؤلاء أن الله جل وعلا خلق الناس متساوين فهذا الغلام الذى رفضوه قديماً ( سيدنا إسماعيل عليه السلام ) أكرم الله به الدنيا كلها حين جاء من نسله خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم , وفى هذا يذكر العهد القديم ( وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك( ) ففى هذا النص وعد من الله جل وعلا لنبى الله إبراهيم عليه السلام أن يجعل إبنه إسماعيل عليه السلام  ومن ذريته أمة لها قدر عند الله جل وعلا وعن هذا يذكر المسيح عيسى عليه السلام نصا يؤكد هذه الحقيقة فيقول ( الحجر الذى رفضه البناء ون قديما  قد صار رأس الزاوية ( )   
ففى هذا النص أراد المسيح عليه السلام أن يبين لبنى إسرائيل أن من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام  سيأتى رسول عظيم يكمل به بناء النبوات والرسالات ويصدق ذلك قول المعصوم محمد صلى الله عليه وســلم . ( مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيناً فجمله وأحسنه إلا موضع لبنه فجعل الناس يدخلونه ويعجبون به ويقولون لولا اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ( )   
ففى هذا الحديث يبين النبى صلى الله عليه وسلم أن الله جل وعلا أكمل به صلى الله عليه وسلم البناء ليصدق ما قاله  المسيح عليه السلام من أن الحجر الذى رفضه بنوا إسرائيل قديماً حقاً أصبح رأس الزاوية وبه أكتمل البناء  وليعلم بنوا اسرائيل ان وعد الله حق وان صدق الله حين قال  { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ }(آل عمران : 70 )
وكذا قوله تعالى { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ  } (آل عمران : 71 )ولذا نناديهم بما ناداهم به الحق سبحانه وتعالى قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (آل عمران : 99 )
وكذا قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً } (النساء : 47 ) ونحن نناديهم بما ناداهم به القرآن الكريم حين قال تعالى  { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (البقرة : 136 )
وتشير الفقرة الثانية فى هذه النبؤه ( حينئذ تتفتح عيون العمى .وأذان الصم تتفتح ) أن نبى الله أشعياء تنبأ بالإسلام الذى فتح الله جل وعلا به قلوب الناس وبصرهم بالحقائق وأخرجهم من الظلمات إلى النور" فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج : 46 )فجاء القرآن الكريم ففتح الله به عيوناً عمياً وقلوب غلقاً وأذاناً صما فتحولت الأمة الأميه والتى كانت تتميز بالغلظة والشدة والقسوة إلى خير امة أخرجت للناس ونشرت الإسلام والعلم شرقاً وغرباً .
 وتشير الفقرة الثالثة (وتكون هناك سكه وطريق يقال لها (الطريق المقدسة ) لا يعبر فيها نجس بل هى لهم من سلك فى الطريق حتى الجهال لا يضل ) إلى بلد الله الحرام مكة ايضا لأن الحق جل وعلا حرم مكة المكرمة وجعلها أرض مقدسة وأمر الحق سبحانه وتعالى أن  لا يطوف بالبيت الحرام نجس وفى هذا يقول جل وعلا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }  (التوبة : 28 )كما أوضح الحق جل وعلا أن من أتبع رضوان الله يهديهم ويصلح بالهم  فيقول سبحانه وتعالى {  فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }  طه : 123 
 وتشير الفقرة الرابعة فى نبؤه نبى الله اشعياء (لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها ) إلى مكة التى شهدت ميلاد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم والتى جعلها الله سبحانه وتعالى حرما أمنا وهى أمان لكل من دخلها لقول الحق جل وعلا { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ  * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } ال عمران 96/97 
وبذكر العهد القديم فى سفر أشعياء نيؤءة اخرى اكثر وضوحا فيقول  ( ترنمى أيتها العاقر التى لم تلد أشيدي بالترنم أيتها التى لم تتمخض لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار ويرث نسلك أمما ويعمر مدنا خربه ) أشعياء 24 ( 1,3 )
 ولكن يزعم أهل الكتاب أن هذه النبؤه انما تشير إلى أورشليم ولكن هذا غير صحيح لأكثر من سبب : -
إن أورشليم لم تكن عاقرا فلقد شهدت ميلاد العديد من الأنبياء بل وشهدت قتلهم حتى رثاها السيد المسيح عليه السلام فقال ( يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين ) متى 23  ولكن مكة لم تشهد ميلاد أى نبى منذ أنشأها الحق جل وعلا حتى ميلاد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ولذا فكانت عاقرا على مر الزمان .
يزعم أهل الكتاب أن مكة شهدت نبى الله  إسماعيل عليه السلام قبل المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم , هذا صحيح ولكن يبدو أن أهل الكتاب تناسوا أنهم ذكروا فى العهد القديم  أن سيدنا إسماعيل عليه السلام ولد فى الشام وانه إنما نشأ وتربى فى مكة المكرمه  اذن لم يولد نبى فى مكة قبل ولا بعد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم .
ولقد صدقت النبؤه التى تقول (  لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار ويرث نسلك أمما ويعمر مدنا خربه ) وحدث هذا بالفعل لأن الاسلام امتد الى اليمين والى اليسار حتى  وصل إلى حدود الصين شرقا وإلى المغرب العربى غربا كما أن الإسلام وصل إلى ما هو  أبعد من ذلك كما أن الدين الإسلامى ورث أرض الأمم الأخرى وفى هذا يقول        الحق سبحانه وتعالى { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً  } (الأحزاب : 27 )
كما أن الإسلام بمبادئه السامية وأهدافه النبيلة أحيا الأمم السابقة فقد كانوا أمواتا   وكانت مدنهم خربه من الناحية الأخلاقية فكانوا يتعاملون بالربا ويعتدى القوى منهم   على الضعيف ولكن حين جاء الإسلام أرشد الناس إلى الصواب وعلمهم أن جميعهم أولاد آدم وأن آدم عليه السلام خلق من تراب فقال صلى الله عليه وسلم ( كلكم لأدم وآدم من تراب ) فالناس أمام الله سواسية كأسنان المشط وان الافضل منهم هو من كان  تقيا عابدا لله رب العالمين وقال جل وعلا { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات : 13 )
- وعلم الإسلام العالم أن المال مال الله وأنه جل وعلا أوصى الأغنياء بالفقراء وأمرهم بالإحسان و الإنفاق ووعدهم سبحانه وتعالى أن يضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها وأكثر . قال جل وعلا { مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } (الأنعام : 160 )
ونهاهم الإسلام عن التعامل بالربا فيقول جل وعلا " { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (البقرة : 275 )
-  كما علمهم الإسلام حق الجوار وأن يراعى كل إنسان جاره فيقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) وقال صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لا يأمن جاره بوائقه ) قيل : وما بوائقه ؟ قال : شروره ) ومن ثم عاش المسلمون الاوائل فى امان وعلموا العالم كيف يعيش فى امان وأصلحوا ما افسدته الأهواء من أخلاق .
_ كما استطاع المسلمون الاوائل ان ينشروا العلم والمعارف شرقا وغربا مع انتشارهم فى مشارق الارض ومغاربها وفى هذا يقول احد علماء الغرب ( ول ديورانت ) عن سيدنا محمد وعن أمته:  واستطاع محمد فى جيل واحد ان ينتصر فى مائة معركة , وفى قرن واحد ان ينشئ مجتمعا عظيما . وان يبقى ( الاسلام ) الى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم )
وقال عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب قال فى قصة داود ومما أوحى الله إليه فى الزبور : ( يا داود انه سيأتي من بعدك نبي يسمى احمد ومحمد صادقا سيدا لا اغضب    عليه أبدا ولا يغضبني أبدا قد غفرت له قبل أن يعصينى ما تقدم من ذنبه وما تأخر      وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض   التي افترضت على الأنبياء والرسل .
حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء    وذلك أنى  افترضت عليهم أن يتطهروا لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم , يا داود إني فضلت محمداً وأمته على الأمم كلها أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم .
 لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان , وكل ذنب ارتكبوه على غير عمد إذا استغفروني منه  غفرته لهم وما قدموا لأخرتهم من شئ طيبه به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة أفضل من ذلك وأعطيتهم على المصائب إذا صبروا واسترجعوا الصلاة والرحمة والهدى فان دعوني استجبت لهم . يا داود من لقيني من امة محمد يشهد أن لا اله إلا الله أنا وحدي لا شريك لي صادقا  بها فهو معي فى جنتي وكرامتي ومن لقيني وقد كذب محمدا أو كذب بما جاء به واستهزاء بكتابي صببت عليه فى قبره العذاب صباً وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره فى قبره ثم ادخله فى الدرك الأسفل من النار .
9-البشارة التى تبين أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم { الوارثون }
وفي قصة هاجر التى ذكروها فى العهد القديم مفصلة والتى قالوا فيها :  لما فارقت هاجر عليها السلام سارة عليها السلام  وخاطبها الملاك فقال : يا هاجر من أين أقبلت وإلى أين تريدين ؟  فلما شرحت له الحال "  قال ارجعي فإني سأكثر ذريتك وزرعك حتى لا يحصون وها أنت تحبلين وتلدين ابنا نسميه إسماعيل لأن الله قد سمع تذللك وخضوعك وولدك يكون وحشي الناس ويكون يده فوق الجميع ويد الكل به ويكون على تخوم جميع إخوته "
إلا أن بنى إسرائيل يذكرون أن يد نبى الله إسماعيل عليه السلام أو أحد ابناءه  قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم  لم تكن فوق أيدي بني إسحاق عليه السلام بل كان في بني إسحاق النبوة والكتاب وأكد القرآن الكريم  ذلك حين قال تعالى { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } (العنكبوت : 27 )
 وقد دخلوا مصر زمن يوسف مع يعقوب عليهما السلام فلم يكن لبني إسماعيل  عليه السلام فوقهم يد ثم خرجوا منها لما بعث موسى عليه السلام وكانوا مع موسى عليه السلام  أعز أهل الأرض لم يكن لأحد عليهم يد .
ثم مع يوشع بعده إلى زمن داود و سليمان  عليهما السلام  وقال تعالى { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }  (الأنعام : 84 )  الذي لم يؤت أحد مثلهما .
ثم بذنوب بنو إسرائيل سلط الله سبحانه وتعالى عليهم بعد ذلك  { بختنصر } فلم يكن لبني إسماعيل عليهم يد ثم بعث المسيح عليه السلام  وخرب بيت المقدس الخراب الثاني حيث أفسدوا في الأرض ومنذ ذلك الحين وقد زال ملكهم وقطعهم الله في الأرض أمما  وفى هذا يقول تعالى { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ  }(الأعراف : 168 ) 
ولما لم يرتدعوا شتتهم الله سبحانه تعالى فقال تعالى {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } (الإسراء : 104 ) وليس هذا فحسب بل قال تعالى { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ  } (الأعراف : 167 )         
ثم كانوا تحت حكم الروم والفرس ولم يكن للعرب عليهم حكم أكثر من غيرهم فلم يكن لولد إسماعيل عليه السلام سلطان على أحد من الأمم لا أهل الكتاب ولا الأميين فلم يكن يد ولد إسماعيل فوق الجميع حتى بعث الله محمدا الذي دعا به إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حين قالا: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } (البقرة : 129 )
 ولتوضيح ذلك نقول :ان الحق سبحانه وتعالى أخبر الناس بأنه على كل شىء قدير وأنه سبحانه وتعالى  يجازى بالإحسان إحساناً ولكن إذا تعلق الأمر به جل وعلا أى إن جحد الناس فضله سبحانه وتعالى وأنكروا وجوده جل وعلا وزعموا أن له ولداً أو شبيهاً يستحقوا حينئذ لعنه الله وغضبه ثم ينزع الله منهم نوره وحكمته ويعطيها لقوم يستحقونها وهذا ما أيده الإنجيل حين قال المسيح عليه السلام لبنى إسرائيل  "لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمه تعمل أثماره ( ) فقلد ذكر  المسيح عليه السلام هذا القول لبنى إسرائيل مبيناً لهم أنه بسبب فسادهم وقتلهم الأنبياء بغير حق نزع الله منهم النبوة والحكمة ووهبها لأمة محمد  صلى الله عليه وسلم التى تجل الأنبياء وتقدر الله حق قدره .
وضرب المسيح  عليه السلام لبنى إسرائيل مثلا فى فسادهم بمثل الكرامين ففى هذا المثل يذكر المسيح عليه السلام  أن رجلاً زرع بستاناً وتركه مع أجراء أو عمال له وبعد فترة أرسل عبداً من عنده ليجمع المحصول فقتله العمال القائمون على رعاية البستان فأرسل عبداً آخر فلم يكن أحسن حظاً من سابقة فعذبوه وقتلوه فقال صاحب البستان من الأجدر أن أرسل إبنى ليأتى بالمحصول ولكن عذبه العمال أيضاً وقتلوه فماذا يفعل صاحب البستان إذن ؟
هل يبقى على هؤلاء العمال الجاحدين ؟ بالطبع لا فيستحقون إذن أن يحرموا من هذا النعيم وأن يؤخذ منهم البستان ويعطى لعمال آخرين رحماء يقدرون الناس حق قدرهم وهذا ما أراده المسيح من هذا المثل فكان بنو إسرائيل يقتلون أنبياء الله الذين أرسلهم لهدايتهم 
روى البخاري في صحيحه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" نحن الآخرون السابقون"
وروى البخارى  أيضا في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال :"مثلكم ومثل أهل الكتاب كمثل رجل استأجر أجراء فقال من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهو د ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين فأنتم هم فغضبت اليهو د والنصارى فقالوا ما لنا أكثر عملا واقل عطاء قال هل نقصتكم من حقكم قالوا لا قال فذلك فضلي أوتيه من أشاء ."
 وأكبر دليل على قسادهم هو قتلهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم  ومن الأنبياء الكرام الذين تعرضوا للقتل وبطريقة نكراء على أيدى بنى إسرائيل هو نبى الله يحيى عليه السلام  فلقد ذكر الإنجيل أن غانية من بنى إسرائيل طلبت رأس سيدنا يحيى مهراً لها وذلك  لأنه كان يحرم الخبائث ويأمر بالمعروف ورغم أن الملك كان يعلم أن يحيى عليه السلام نبى إلا أنه أمر بقتله واحضار رأسه لهذه المرآة الفاسقة ولقد حكى القرآن الكريم {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }  (المائدة : 78 ) فقالوا فى العهد الجديد :
 3فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ:«لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ». 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ، رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسْطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ.
 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ:«أَعْطِني ههُنَا عَلَى طَبَق رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَق وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا. 12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ. 
ومن ثم فإنه حين بعث سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وتبعه العرب والعجم فصار يد ولد إسماعيل عليه السلام فوق الجميع فلم يكن في الأرض سلطان أعز من سلطانهم وقهروا فارس والروم وغيرهم من الأمم وقهروا اليهو د والنصارى والمجوس والمشركين والصابئين فظهر بذلك تحقيق قوله في التوراة وتكون يده فوق الجميع ويد الكل به وهذا أمر مستمر إلى آخر الدهر وفى هذا يقول تعالى  { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }  (البقرة : 143 )
ومن ثم بين الحق سبحانه وتعالى لرسوله الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة : 41 )
والحمد لله تعالى أن جعلنا مسلمين قبل أن يكون هناك يهود ونصارى فقال تعالى { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }  (الحج : 78 )
وحين نظر أهل الكتاب الى قول المسيح عن " ملكوت الله "  وسرعان ما فسروه بهواهم وفى هذا يقول  احد العلماء : إذا سألت قسيسا نصرانيا أوراعي كنيسة رأيه في  " مملكة الله "  فإنه سوف ينمق لك الأقوال ذات الأشكال الخداعة العديمة المعنى .وسوف يؤكد لك أنّ هذه المملكة هي الكنيسة التي ينتمي إليها عندما تتغلب على بقية الكنائس الملحدة وتمتصها , وسيُلقي قسيس آخر خطبة طنانة حول الفترة الألفية السعيدة . أما تابع الكنيسة المُخلّصية أوالكويكرية ( الفرندز ) فقد يقول لك إنه حسب اعتقاده , فإنّ كنيسة الله سوف تتألف من النصارى الحديثي المولد والأبرياء من الخطايا , الذين غسلهم ونظفهم دم الحمَل , وما إلى ذلك !
ويردّ المؤرخ ول ديورانت في كتابه " قصة الحضارة " على هذا الزعم , بقوله عن " ملكوت الله " المنتظر فيقول  :" يخيل إليّ أنها لم تكن كذلك ( أي هي ليست مجرّد مملكة روحية ) لأنّ التلاميذ والمسيحيين الأوّلين كانوا على بكرة أبيهم ينتظرون أن توجد مملكة أرضية , لهذا أخذ يرددون هذه العبارة :" ليأت ملكوتك , لتكن مشيئتك "( متىّ 6: 1). 
11-البشارة التى تشير إلى { عرفات }:
وذكر احد العلماء    أنّ المزمور 68 من مزامير داودكان  يحمل بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كان بها كلمة " عرفات " 32يَا مَمَالِكَ الأَرْضِ غَنُّوا لِلهِ. رَنِّمُوا لِلسَّيِّدِ. سِلاَهْ. 33لِلرَّاكِبِ عَلَى سَمَاءِ السَّمَاوَاتِ الْقَدِيمَةِ. هُوَذَا يُعْطِي صَوْتَهُ صَوْتَ قُوَّةٍ. 34أَعْطُوا عِزًّا ِللهِ. عَلَى إِسْرَائِيلَ جَلاَلُهُ، وَقُوَّتُهُ فِي الْغَمَامِ. 35مَخُوفٌ أَنْتَ يَا اَللهُ مِنْ مَقَادِسِكَ. إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ الْمُعْطِي قُوَّةً وَشِدَّةً لِلشَّعْبِ. مُبَارَكٌ اللهُ!
 إلا أنه قام المترجمون فيما بعد بإستبدال كلمة " عرفات " بكلمة " الغمام أوالغفار أوالبراري "
وأكد  أنّ الخطأ في الترجمات لم يكن سهو ا لأنه لوكان كذلك لما تكرر مشيرا إلى أنّ اليهو د أنفسهم في شرحهم ذكروا أنّ عرفات هي إسم لعلم ولينفوا أيّ علاقة له بالأرض , قالوا إنه إسم السماء السابعة .وبين أنّ كثيرا من الكلمات العبرية والعربية ذات أصل مصري قديم , " هيروغليفي " وإن عرفات هي المكان والعلامة المميزة الكبرى للمسلمين يحجون إليه كل عام لا يظلهم إلا الله سبحانه وتعالى .
ويسرد المؤلف الصفات الواردة في المزمور 68 من مزامير داود عن نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال " 4غَنُّوا ِللهِ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ. أَعِدُّوا طَرِيقًا لِلرَّاكِبِ فِي الْقِفَارِ بِاسْمِهِ يَاهْ، وَاهْتِفُوا أَمَامَهُ. 5أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ، اَللهُ فِي مَسْكِنِ قُدْسِهِ. 6اَللهُ مُسْكِنُ الْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ. مُخْرِجُ الأَسْرَى إِلَى فَلاَحٍ. إِنَّمَا الْمُتَمَرِّدُونَ يَسْكُنُونَ الرَّمْضَاءَ.   ولقد بين أبو طالب بن عبد المطلب وهو يصف المعصوم صلى الله عليه وسلم فقال :       أبيض يسسقى الغمام بوجهه      ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ولقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يزيد الأمر وضوحاً فبين أن الوقوف بعرفات  أمراً لا يكون إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يشهده العالم إلا مع هذه الأمة وهو الركن الخامس من الإسلام وأن الحج لبيت الله الحرام والذهاب إليه بالإضاحى من معالم الاسلام  ومن المعلوم أن هذه الشعائر التى تتم فى مكة فى أيام الحج هى من سمات أمة محمد صلى الله عليه وسلم وليست لأمه أخرى وفى هذا يقول الرب فى سفر أشعياء
( كل غنم قيدار تجتمع إليك وكباش نبايوت تخدمك , تصعد مقبولة على مذبحى ( ) ففى هذا النص بين الحق جل وعلا ما يحدث فى مناسك الحج من إحضار الهدى وذبحها عند " منى " وحكى القرآن الكريم : {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (الحج : 36 )
وحتى لا يظن أهل الكتاب أننا نذبح عند البيت الحرام ليتنسم الرب رائحة الشواء كما زعموا  "قاتلهم الله " فبين تعالى انها لنا  فقال سبحانه وتعالى : { لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (الحج : 37 )  فهاتان الآيتان تدلان على أن الله جل وعلا جعل الأنعام يتقرب بها المسلمون فى مناسك الحج وأن الله سبحانه وتعالى لا ينال منها شيئاً ولكن يظهر بها المسلمون إمتثالهم لأمر الله ويبينوا تقواهم لله الذى رزقهم هذه الأنعام وقال عنها جلا وعلا { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } (الحج : 33 )
ويؤكد هذا النص نصاً آخر ذكره سيدنا عيسى عليه السلام فى الإنجيل موضحاً أن للأمه الخاتمة يوماً مشهوداً تحتفل به كل عام كما أنها ترفع وتعلن أن لا إله إلا الله وأن شعار هذه الأمة سيكون السجود ولله رب العالمين فيقول : ( سيأتى بعدى مسيا ( ) , المرسل من الله لكل العالم , الذى لأجله خلق الله العالم , حينئذ يسجد لله فى كل العالم وتنال الرحمة حتى أن سنه اليوبيل التى تجىء الآن كل مائة سنه سيجعلها المسيا كل سنه ( ) ففى هذا النص يذكر المسيح عليه السلام صفات الأمة التى ستأتى بعده وصفات نبيها محمد صلى الله عليه وسلم كالآتى :-
1- فهو يقول ( مسيا يأتى بعدى ) وهذا أكده القرآن الكريم بقول الحق جل وعلا { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } (الصف : 6 )
2- بين المسيح عليه السلام أن بمجىء هذا الرسول من بعده يرحم الله العالم لأن من أجله خلق الله العالم وفى القرآن الكريم ما يؤكد ذلك بقول الحق جل وعلا { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء : 107 )
3- يبين  المسيح عليه السلام أن لهذه الأمة يوماً مشهوداً يحتفلون به ويقدسون ربهم فيه وهو يوم الحج الأعظم .
ويذكر المسيح عليه السلام نبؤه أخرى تبشر بمجئ سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم  فيقول : (  إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذك يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي ) 
في هذه النبؤة يقول المسيح عليه السلام أن بنى إسرائيل لن يستطيعوا تحمل الأمانة ولذلك لم يخبرهم بكل شئ ولذا اخبرهم بأنه سيأتي بعده ( نبي )  من عند الله يخبرهم ويخبر الجميع بكل شئ وهذه حقيقة لان الحق جل وعلا يقول { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } (النحل : 89 )
وقوله جل وعلا { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } (الأنعام : 38 )" كما اخبرهم المسيح عليه السلام أن النبي الخاتم الذي يأتي بعده لا يتكلم من نفسه بل بما يوحى إليه وفى هذا يقول في موضع أخر
 ( ابن البشر ذاهب والفارقليط من بعده يجئ لكم بالأسرار ويفسر لكم كل شئ هو يشهد لي كما شهدت له فاني أجيبكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ) يوحنا 150 ترجمة اليوسعين
ويؤكد القران الكرم ذلك في أكثر من موضع :-
1-    {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }  (النجم : 1/ 2/ 3/ 4 )
2-    لقد شهد القران الكريم براءة المسيح عليه السلام مما الصقه به اليهود والنصارى من قولهم أنه إله أو ابن إله فلقد قال القرآن الكريم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } (النساء : 171 )
ولقد ذكر اهل الكتاب فى المزامير ما يدل على المعصوم كذلك فقالوا :
( أنه يولد ولد من نسل سيدنا داود ) وحتى لا تختلط الأمور على الناس فقالوا ان الرب جل وعلا أكد ذلك بقوله  ( سيولد لك ولد ادعى له أبا ويدعى لي ابنا ثم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس انه بشر ) الزبور 98
في هذه الفقرة يبين الحق جل وعلا أمورا ستحدث في المستقبل كما أن هذه الفقرة تبشر برسولين عظيمين:
1-    (سيولد لك ولد ادعى له أبا ويدعى لي ابنا ) والمقصود به سيدنا عيسى عليه السلام وقد حدث هذا بالفعل فلقد زعم بنو إسرائيل أن المسيح ابن الله : قاتلهم الله :
2-    (ثم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس انه بشر ) وقد حدث هذا بالفعل إذ بعث الحق سبحانه وتعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واخبر الناس بحقيقة سيدنا عيسى عليه السلام .
ويؤكد ما سبق نبؤه ذكرها نبي الله أشعياء عن أوصاف سينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ( فلا يقضى بحسب نظر عينيه لا يحكم بحسب سمع أذنيه بل يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائس الأرض فيسكن الذئب مع الخروف ويكون في ذلك اليوم يصل الرسول القائم رأيه للشعوب إياه تطلب الأمم ) أشعياء 11/2001
ويجدر بنا أن نذكر هنا ما ذكره الدكتور " شميس  " في احد الاجتماعات ببرلين فيقول : ( يعتقد بعض العلماء أن القران كلام محمد , وهذا هو الخطأ المحض ,فالقران هو كلام الله تعالى الموحى على لسان رسوله محمد ,  وليس في استطاعة محمد ذلك الرجل الأمي في تلك العصور الغابرة أن يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء
, ويهدى به الناس من الظلمات إلى النور ربما تعجبوا من اعتراف رجل أوروبي بهذه الحقيقة , لا تعجبوا فاني درست القران فوجدت فيه تلك المعاني العالية والنظم المحكمة , تلك البلاغة التي لم أر مثلها قط فجملة واحدة منه تغنى عن مؤلفات , والقران دون شك اكبر معجزة أتى بها محمد من ربه )
وفى نهاية هذه البشارات التى لا تدع مجالا للحديث ولم تدع عذرا لأهل الكتاب فى نكرانهم أن الحق سبحانه وتعالى لم يخبرهم عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ولذا اناديهم بملئ قلبى وروحى بما ناداهم به القرآن الكريم { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ  } (آل عمران : 64 )

          الفصل الرابع
           برنابا وبولس
 
1-برنابا وبولس .
2-العهد الجديد وبولس .
3-راى برنابا فى بولس .
4-ما فعله بولس بالمسيحية .
5-إنجيل برنابا .
6-مخالفة إنجيل برنابا لعقيدة المسلمين .
7-مجمع نيقية .
8-العهد الجديد .
9-تناقضات العهد الجديد .






برنابا وبولس
إن حكاية حياة هذين الرجلين حكاية غريبة فالأول رجل عاصر وعايش المسيح عليه السلام واخذ منه ونقل عنه وهو أحد حوارى المسيح عليه السلام , اشتهر بينهم بالصدق والصلاح والتقوى ولم يكن خبيثا ولا سيئ الخلق وكان حسن الظن بالآخرين ألا وهو ( برنابا )  وهذه الأخلاق الحميدة هى التى دفعت بالثانى ألا وهو (  بولس  ) أن يلجأ اليه ويصاحبه كى يدخل من خلاله إلى النصارى لأن بولس يعلم أن النصارى تكن احتراما  للحوارى العزيز  برنابا وفى هذا تقول اعمال الرسل : ( ولما جاء شاول اى بولس الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ . فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل ) 
و( بولس ) كان رجل يهودى الأصل لطالما عذب اتباع  المسيح عليه السلام  بشكل لم يسبق له مثيل وحين فكر كيف يبث أفكاره اليهودية المتطرفة والغريبة لم يجد طريقة سوى أن يدعى أنه شاهد المسيح عليه السلام أانه دعاه أن يتولى تبليغ الرسالة ثم استغل تلاميذ المسيح عليه السلام  وحين وثق الناس به اختلق الخلافات مع برنابا  ثم انفرد هو بما كان يريد  .
وإليك  عزيزى القارئ نبذة سريعة عن انجيل برنابا ثم نتحدث عنه وعن بولس كما ذكروا فى كتبهم الحالية التى بين ايديهم : فقد استدل على إنجيل  ( برنابا  ) راهب لاتيني يدعى ( فرامرينو ) قال : ( أنه لدى مطالعته عدة رسائل لــ)  أيرينايوس )  وجد أحداها تندد بالقديس بولس الرسول استناداً إلى إنجيل القديس برنابا . اهتم ( فرامرينو ) بالبحث عن إنجيل برنابا , و ساعدته ظروف عمله في مقر البابوية إذ صار بعد فترة مقرباً من البابا ( سكتس الخامس ) , وبذلك تمكن من دخول المكتبة البابوية وببحثه عثر على نسخة إنجيل برنابا الني كان يرنو إليها , فطالعها بشغف , وبعد أن انتهى من قراءتها أعتنق الإسلام .
ومعلوم أن مكانة بولس في الكنيسة تجعل التنديد به تنديدا بالكنيسة ذاتها , وإن كانت حقيقة بولس لا يستعصي فهمها على من لديه معرفة بالأصول التي قامت عليها الشرائع السماوية ولكن الكنيسة ذهبت بعيدا في الجهل بالملة الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام .
وانطلق بولس يسابق بالدعوة إلى أمة الأوثان ليجعل المسيح إلها يعبد يقول إنما المسيح ابن الله ويلوث الرسالة ويدخل فيها أوهامه وأحلامه وكذبه وقال بصلب المسيح وحرم الختان وقال إن الختان ختان القلوب اذهبوا فطهروا قلوبكم وأحل لهم ما حرم الله وعاث فسادا في الناموس  .
قال في رسالته لرومية الذي يقولون أنه وحي من عند الله  ( فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ ).. نعوذ بالله من شؤم هذا القول إن كانت أكاذيب المفترين والدجالين تزيد لصدقه تبارك وتعالى و مجده وعظيم شأنه . وكانت عاقبة بولس أن أهلكه الله تعالى مشردا متروكا مذبوحا بالسيف في روما سنة 67 ميلادية  . إن الذين تقبلوا إحداث بولس في الناموس ما ليس منه من كل ما وافق هوى عبدة الأوثان واعتبروه دينا يتعبدون الله به لم ينالوا حظا من العلم بمكانة الوحي المطهر وعلو قدرة .
إن المتأمل في معنى كون رسالات الرسل في الأمم الماضية لم تتجاوز أقوامهم ينظر إلى المحاولات التاريخية التي جعلت الكنيسة تستجيب لتحريض البغاة لشن الحملات على فلسطين لإخراجها من حظيرة الإسلام باعتبار أن إيمان أهلها برسالة محمد صلى الله عليه وسلم واعتناقهم لدين الإسلام شاهد على نهاية اليهودية وانقضاء رسالة عيسى عليه السلام في مهدها.
وعندما شاع خبر إنجيل برنابا في بداية القرن الثامن عشر الميلادي أحدث ضجة عظيمة في أوروبا وحدث الجدل بشأنه بين العلماء والباحثين وتشعبت الآراء ..وتصدت الكنيسة لتكذيبه و وقفت منه موقف العداء وزعمت أنه مزوراً ثم رمت التهمة على المسلمين وجرى بعد ذلك ابعاد الكتاب وتناسيه .
لقد كان التلاعب بالكلمات المترجمة في الكتاب وكتابة المقدمات المطولة التي تشكك القراء وتؤثر عليهم تأثيرا ينافي الأمانة العلمية ويجعل الترجمة ناقصة الموضوعية , والاستعانة ببعض الكتاب لتأكيد ما يزعمون من تزوير الكتاب المذكور كل ذلك يدل على مدى الخطورة التي حملها إنجيل برنابا في وجه الكنيسة حتى قال المستر ( تولاند ) العالم الانجليزي الشهير بعد أن اطلع على إنجيل برنابا عام 1718 : ( سأقول على النصرانية السلام ) ... وقد كتب في كتابه المسمى ( الناصري ) واختتم تعليقه عليه بقوله : ( أن مد النصرانية وقف منذ ذلك الحين ) أي منذ ظهور النسخة الأولى من هذا الإنجيل كما قال :( إن المسيحية ستتلاشى تدريجيا حتى تنمحي من الوجود  .
وإنجيل برنابا مذكور صراحة في كتب القرنين الثاني والثالث الميلادي فهو مكتوب قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمئات السنين .وإذا رجعنا إلى أحداث التاريخ نجد أن هناك منشوراً أصدره البابا  جلاسيوس الأول  الذي جلس على كرسي البابوية سنة 492م عدد فيه هذا البابا أسماء الكتب المنهي عن قراءتها ومن ضمنها كتاب يسمى أنجيل برنابا  . فهذا الإنجيل موجود منذ زمن بعيد واستمر مقروءاً بين بعض الطوائف المسيحية حتى حكم البابا ( جلاسيوس  ( فى القرن الخامس الميلادي بتحريمه , ولا ينكر مؤرخو المسيحية وجود أناجيل كثيرة منذ القرن الأول الميلادي .. ثم كان الحكم باختيار أربعة وتحريم الباقي وإخفائها .
بالنسبة للمسلمين لا توجد لإنجيل برنابا أهمية علمية كبيرة حيث يوجد بين أيديهم العلم الأكيد من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما لا يحتاجون معه لسواه ولو أن عيسى ابن مريم عليه السلام نفسه ينزل بينهم غدا لم يزدادوا إلا رسوخا فيما أوتوا من العلم بنزوله فيهم والصلاة بينهم على شريعة النبي الأمي الهادي صلى الله عليه وسلم .
ولكن ليتفكر مؤمنوا النصارى فيما يخرجه الله تعالى لهم من الآيات ليريهم ما عمي عليهم من دينهم .
وإنما شكك المتعصبون من أهل الكتاب في صحة هذا الإنجيل لأنه :
-يذكر أن يسوع المسيح أنكر ألوهيته وكونه ابن الله وذلك على مرأى ومسمع من الجنود وسكان اليهودية من رجال ونساء .
-وأن الإبن الذي عزم إبراهيم على تقديمه ذبيحة لله إنما هو إسماعيل لا إسحاق .
-وأن النبي المنتظر مجيئه للعالم هو محمد عليه الصلاة والسلام حيث ذكر صريحاً أسمه ومتكرراً في عدة مواضع .
-وأن المسيح عليه السلام لم يصلب ولم يقتل إنما حمل إلى السماء الثالثة , وأن الذي صلب إنما كان الخائن يهوذا الذي القي الله عليه شبه السيد المسيح عليه السلام .
-برنابا هو احد الحواريين. وهو متفق مع بطرس رئيس الحواريين على نفي تأليه عيسى عليه السلام وهو أول من حكم بكفر بولس اليهودي وقد صرح بذلك في أول صفحة من إنجيله .
وإنجيل برنابا لا يخلو من بعض التحريف ولكن الأناجيل كلها تزخر بالتبديل والتحريف . وقد نقله إلى العربية مترجم نصراني هو الدكتور خليل سعادة ترجمه وكتب له مقدمة لم يستطع فيها إخفاء تعصبه ونزعاته وتأثيره السلبي على فحوى النصوص .
ومن العبارات التي جاءت في هذا الإنجيل على لسان عيسى ابن مريم عليه السلام  والتى تشير الى المعصوم صلى الله عليه وسلم ما يلي :
الحق أقول لكم إن كل نبي متى جاء فإنه إنما يحمل علامة رحمة الله لأمة واحدة فقط و لذلك  لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسل إليهم. و لكن رسول الله متى جاء . يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم. فيحمل خلاصا و رحمة لأمم الأرض الذين يَقبلون تعليمه. و سيأتي بقوة على الظالمين. و يبيد عبادة الأصنام بحيث يخزى الشيطان. لأنّه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا: {أنظر فإني بنسلك أبارك  كل قبائل الأرض و كما حطّمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك ..
أجاب يعقوب: يا معلّم قل لنا مع من صنع هذا العهد؟ فإن اليهود يقولون بإسحاق و الإسماعليون يقولون بإسماعيل؟.
أجاب يسوع: ابن من كان داوود و من أي ذرّية؟
أجاب يعقوب: من إسحاق لأن إسحاق كان أبو يعقوب و يعقوب كان أبو يهوذا الذي من ذريّته داوود.
فأجاب يسوع: لا تغشّوا أنفسكم. لأن داوود يدعوه في الروح ربّا قائلا هكذا: {قال الله لربّى اجلس عن يميني حتى أجعل أعداؤك موطئا لقدميك. يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك}. فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيّا ابن داوود فكيف يسمّيه ربا؟ صدقوني لأني أقول لكم الحق أن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق.
حينئذ قال التلاميذ: يا معلّم هكذا كتب في كتاب موسى أن العهد صنع بإسحاق.
أجاب يسوع متأوّها: هذا هو المكتوب. و لكن موسى لم يكتبه و لا يسوع. بل أحبارنا الذين لا يخافون الله. الحق أقول لكم إنكم إذا أعملتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون كذب كتبتنا و فقهاؤنا. لأن الملاك قال: {يا إبراهيم سيعلم العالم كلّه كيف يحبك الله. و لكن كيف يعلم العالم محبّتك لله؟. حقا يجب عليك أن تفعل شيئا لأجل محبة الله}. أجاب إبراهيم: ها هو ذا عبد الله مستعد أن يفعل كل ما يريد الله.
فكلّم الله حينئذ إبراهيم قائلا: {خذ ابنك بكرك إسماعيل و اصعد الجبل لتقدّمه ذبيحة}. فكيف يكون إسحاق البكر وهو لمّا ولد وكان إسماعيل ابن سبع سنين؟
فقال حينئذ التلاميذ: إن خداع الفقهاء لجلي . لذلك قل لنا أنت الحق لأننا نعلم أنّك مرسل من الله.
فأجاب حينئذ يسوع: الحق أقول لكم إن الشيطان يحاول دائما إبطال شريعة الله. فلذلك قد نَجَّسَ هو و أتباعه و المراؤون و صانعوا الشر كل شيء اليوم. الأوّلون بالتعليم الكاذب و الآخِرون بمعيشة الخلاعة. حتى لا يكاد يوجد الحق تقريبا. ويل للمرائين  .
لأن مدح هذا العالم سينقلب عليهم إدانة و عذابا في الجحيم. لذلك أقول لكم إن رسول الله بهاءٌ يَسُرّ كل ما صنع الله تقريبا. لأنّه مزدان بروح الفهم و المشورة. روح الحكمة و القوّة. روح الخوف و المحبة. روح التبصر والاعتدال.
 مزدان بروح المحبة و الرحمة. روح العدل و التقوى. روح اللطف و الصبر التى أخذ منها من الله ثلاثة أضعاف ما أعطى لسائر خلقه. ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه إلى العالم. صدّقوني إني رأيته و قدّمت له الاحترام كما رآه كل نبي. لأن الله يعطيهم روحه نبوة. و لمّا رأيته امتلأت عزاءً قائلا: {يا محمد ليكن الله و ليجعلني أهلا أن أحل سير حذائك}. لأنى إذا قلت هذا صرت نبيا عظيما و قدّوس الله.
ربما لا يقرأ هذا الإنجيل نصرانيا مؤمنا بالله تعالى وبما أرسل الله من رسول وما أنزل من كتاب وحكمة إلا ويهزه الشوق والمحبة لحديث النبي الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم ويبتغي نصرته ويرجو شفاعته فيسعى للإسلام طائعا راضيا مختارا ويكشف الله عنه إن شاء سحائب المكر والكذب والخداع ويجنبه مقاعد الضلالة وتثبيط الهوى والمعاصي ..
اللهم صل وسلم وبارك على المرسلين وعلى عبدك وخيرتك من خلقك سيد ولد آدم النبي الأمي الأمين وعلى أزواجه وأهل بيته وصحابته وأنصاره ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين 
العهد الجديد وبولس
ونترك المجال للعهد الجديد وهو يتحدث عن برنابا وبولس لتعرف منها على ما حدث من بولس بالتفصيل :
يحكى بولس حكايته فى الجزء الخاص المعروف بــ " اعمال الرسل " فيذكر أن  اسمه كان "  شاؤل " وكان يونانى الجنسية ويهودى الديانة وكان شديد التأثر بفلاسفة اليونان مثل ارسطو وأفلاطون فذكرو في اعمال الرسل ان بولس والذى كان يدعى شاؤل كان يعذب اتباع المسيح عليه السلام تعذيبا شديدا فقالو : ( اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب " ( )
وليس هذا فحسب بل قالو : حتى اذا  وجد اناسا من الطريق , رجالا ونساء يسوقهم موثقين الى اورشليم " ( )
التحول فى حياة شاؤل (بولس):
تذكر الأناجيل أن شاؤل وهو في طريقه يعذب الرجال والنساء الذين يؤمنون بالمسيح عليه السلام ظهر له برق من السماء وسمع صوتا يناديه ودار بينهما الحوار التالى كما ذكر في أعمال الرسل " وفى ذهابه حدث أنه اقترب الى دمشق فبغته أبرق حوله نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له : شاؤل شاؤل لماذا تضطهدنى ؟ فقال له من انت يا سيد ؟ فقال الرب أنا يسوع الذى أنت تضطهده " ( )
ثم  تذكر أعمال الرسل أن المسيح عليه السلام  طلب من شاؤل ان يكف عن اضطهاد اتباعه وليس هذا فحسب بل كلفه ان يقوم بالدعوة باسمه ولكنه بعلم ان احدا من اتباع المسيح عليه السلام أن يصدق ما يقوله شاؤل فقام بحيلة عجيبة وهى أن اقترب من احد تلاميذ المسيح وهو ( برنابا ) الرجل المخلص والمحبوب لدى المسيحيين وتحت رغبة برنابا في انضمام شاؤل الى المسيحيين وان يكف عن تعذيب الرجال والنساء اصطحبه برنابا ودخل به على اتباع المسيح عليه السلام  وتقول اعمال الرسل في ذلك :
" ولما جاء شاؤل الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ فأخذه برنابا واحضره الى الرسل "( )
ولما استقر الأمر لشاؤل وبلغ ما يريد زعم شاؤل أن روح القدس حل عليه فقال :" قال الروح القدس : افرزوا لى برنابا وشاؤل للعمل الذى دعوتهما اليه "
تقول اعمال الرسل انه حين خرج برنابا وشاؤل ليعملوا كما امرهم روح القدس ذهبا الى قبرص وكان بها والى صالح اسمه سرجيوس بولس  حينئذ قام بولس بتغيير ( شاؤل اسمه الى بولس ) تيمنا بهذا الوالى وفى هذا يقول اعمال الرسل " وأما شاؤل الذى هو بولس ايضا فامتلاء من الروح القدس "
وظل بولس يعمل مع برنابا حتى شعر بولس انه لم يعد في حاجة لــ ( برنابا  ) وأراد أن يبتعد عنه ليتفرغ لمبادئه التي دخل المسيحية من اجلها فاختلق مشكلة معه وعلى اثرها تفرقا فيقولون في اعمال الرسل " فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرص وأما بولس فاختار سبيلا "( )
وهنا أدرك برنابا أن بولس خدعه وانه استغله ليتقرب من المسيحيين حتى اذا وثقوا به تركه كما أدرك برنابا أن بولس بمفرده سيحاول أن يبث افكاره ومبادئه التي هي بعيدة عن مبادئ السيد المسيح فراى أن من واجبه ان ينبه المسيحيين الى خطر بولس فاسرع فى كتابة إنجيل خاص به ليبرئ ذمنته : 
 فقال برنابا فى مقدمة إنجيله " الأعزاء إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الاخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمته العظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله رافضين الختان الذى امر الله به دائما مجوزين كل لحم بخس الذى ضل في عدادهم بولس الذى لا اتكلم عنه إلا مع الأسى" ( )
وليت بولس ظل يعذب النصارى ولم يدخل في المسيحية فقد قلب الدين واحدث في الدين ما ليس فيه وقال عن الله عز وجل ما لم يقل وتحدث عن لسان المسيح بما لم يتحدث به وابتدع امورا في الدين افرغت المسيحية من مضمونها ولقد شعر برنابا  بخيبة امل فقال :
( وان هناك كثيرون ضلوا بسبب تعاليم بولس و الذين ضل في عدادهم ايضا بولس الذي لا اتكلم عنه الا مع الاسى ) 
فهذه العبارة تحمل في طياتها حزن واسى شديدين مما دفع برنابا ان يسجل وبسرعه وبخط يده المبادئ والأسس السليمه التى جاء بها سيدنا عيسى عليه السلام لتكون حجة على من يختلف غيرها ولتكون مرجعا اليها وقت الحاجه فقال بعد ماراى من ضلال بولس ومن معه وضاع الكثير من مبادئ الإنجيل حيث قال برنابا :
رأى برنابا  فى بولس
وهو السبب الذى  لاجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته في اثناء معاشرتى ليسوع  ليسوع , لكىتخلصوا ولايضللنكم الشيطان فتهلكوا في دينونه , وعليه فاخذروا كل واحد يبشركم بتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا اخلاصا ايدينا 
وبهذا استطاع برنابا ان يبرئ زمته امام الله جل وعلا وان يكون خادما مطيعا لدينه القيم ولرسوله عيسى بن مريم عليه السلام فبين في انجيله كثيرا مما أخفاه الأخرون فهيا نرى ما ابتدعه بولس :
كان الإنجيل على حالته الاولى التي نزل بها على سيدنا عيسى عليه السلام الى ان  استطاع بولس بسط نفوذه وأصبحت مقاليد الدعوة بيديه فشرع في ارساء المبادئ التي عانى كثيرا لكى يدخل المسيحية من اجلها فقلب مبادئ الديانة المسيحية كالتالى :-
ما فعله بولس بالمسيحية :
1-يعد بولس أول من رفع درجة المسيح عليه السلام من نبى ورسول لله رب العالمين الى درجة ابن إله ومساو لله في ذات الوقت وفى هذا يقول بولس في اعمال الرسل " وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح : ان هذا هو ابن الله "( )
ثم يذكر بولس ان المسيح هو الله فيقول  : ان المسيح الذى هو صورة الله غير المنظورة بكر كل خليقة فان فيه خلق الكل ما في السموات وما في الارض ما يرى وما لا يرى ( )
2-جعل بولس من نفسه ومن يقوم بدوره من بعده بمثابة رسول للمسيح ليحظى بمكانة الرسل من التصديق  والتوقير والإيمان بما ينادى به من مبادئ فيقول بولس في رسالة الى اهل رومية " بولس عبد ليسوع  المسيح المدعو رسولا المفرز لانجيل الله . الذى سبق فواعد به انبياءه في الكتب المقدسة عن ابية الذى صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة " ( )
لقد حاول بولس بما تعلم من فلسفة أرسطو كيف يطوع الكلام لصالحه الشخصي . لأنك حين تنظر النص السابق نجد فيه إجهاد للعقل ومحاولة للوصول الى شئ ما لا يعلمه الا من كتب هذا النص .
   ولم يكتف بولس بذلك بل أكد أنه رسول ولا ندرى من الذى بعثة بالطبع ليس الله رب العالمين وهذا يبرر لنا لماذا رفع بولس المسيح الى درجة الالوهيه ليدعى ان المسيح ( الاله ) هو الذى ارسله وفى هذا يقول بولس في رسالتة الى اهل كورنثوس . الست أنا رسول ؟ الست حر ؟ اما رأيت يسوع المسيح ربنا ؟ الستم انتم عمل في الرب ؟ ( ) 
ويفيق بولس لحظة ويتذكر انه هو الذى جعل من نفسه رسولا فيقول " إن كنت لست رسولا إلى آخرين" ثم تعاوده نزعاته فيقول " فإنما أنا إليكم رسول " (  )
3-يعد بولس المسئول الأول عن خروج المسيحية إلى العالمية مغيرا بذلك تعاليم معلمه ورسوله عيسى عليه السلام لأننا ذكرنا ورأينا في أكثر من موضع في الأناجيل إصرار المسيح على أنه رسول إلى بنى إسرائيل خاصة ولم يدع تلاميذه الى اى أمم اخرى فكان يقول لهم ( إلى طريق أمم لا تمضوا الى مدينة للسامريين لا تدخلوا ولكن اذهبوا بالحرى إلى خراف بنى إسرائيل الضالة " (  )
إلا أن بولس أصر أن ينقل هذه الديانة إلى اكبر عدد من البلاد وليته نقلها سليمة لكان خيرا له وللجميع  لانهم كانوا يستدلون على المعصوم صلى الله عليه وسلم ولكن بولس  غير وبدل فكان كما قال برنابا ضل وأضل الآخرين معه ولا حول ولا قوة الا بالله فيقول بولس " يسبب النعمة التي وهبت لى من الله حتى أكون خادما ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرا لانجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم " ( ) فأين إنجيل الله وأين إنجيل المسيح ؟ وإن كانت هناك أناجيل لله وللمسيح أما كان من الأولى أن تكون هى الباقية إلى الآن ؟
4-استطاع بولس أن يؤثر على كتاب الإنجيل مثل ( لوقا ومرقس ) حيث دخل معهم ونشر إليهم مبادئه وأوهمهم انه رأى المسيح فيقول بولس في رسالته لـ ( تيموثاوس) : لوقا وحده معى . خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لى للخدمة " ( )
وفى رسالة بولس إلى فيمون " يسلم عليك  ابفراس المأثور معى في المسيح يسوع ومرقس وارسترجس وديماس ولوقا العاملون معى " ( )
وهذه الصحبة هي التي فسرت لنا لماذا أصر لوقا على القيام بكتابة انجيل خاص به فيقول في مقدمة إنجيله " إذا كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الامور المتيقنة عندنا . رأيت أنا أيضا اذ قد نتبعت كل شئ من الاول بتدقيق .اكتب على التوالى إليك أيها العزيز ساوفيلس " ( )
كما تفسر لنا هذه الصحبة لماذا اختلف لوقا مع متى في نسب المسيح  عليه السلام ولأنه لو كان لوفا منذ البدء معاينا لراجع الأمر مع متى واتففا على الأقل في ذكر النسب الصحيح للمسيح عليه السلام .
وأيضا فسرت لنا صحبة مرقس لبولس وجود كلمات في إنجيل مرقس لا يمكن أن تكون صادرة عن المسيح عليه السلام  كما جاء في حديثه عليه السلام مع المرآة الكنعانية حين قال لها " ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب " ( )
وليس هذا فحسب بل وجدنا في الأناجيل ما يدعو للتقرفة العنصرية حيث قال بولوس " لسنا أولاد الجارية بل أولاد الحرة " ( )
5- أراد بولس بذكائه أن يصد الباب أمام أى أحد يحاول أن يفعل مثله فاخبر الجميع ان الشيطان قد يظهر فى صورة ملاك فإن ظهر لأحد ملاك وقال انه المسيح فلا تصدقوه وفى هذا يقول بولس " ولكن ما افعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كى يوجدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به . لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون , مغيرين شكلهم الى شبه رسل المسيح . ولا عجب لان الشيطان نفسه يغير شكله الى شبة ملاك نور ( )
أرايت عزيزى القارئ كيف قطع بولس الطريق على من تسول له نفسه ان يفعل مثله ؟ وماذا يدرينا أن الذى ظهر لبولس وأبرق له في الطريق نور شيطان .وإذا لم يكن كذلك فلماذا لم يعطنا بولس وصفا لنور الملاك ليعرف الناس الفارق بينهما ؟ أم أن بولس فعل ما يريد ثم أغلق الباب عليه وحده . 
6- ويجدر بنا أن نذكر ما قاله زكى شنودة فى كتابه تاريخ الأقباط الجزء الأول ص 148 عن بولس : فيقول :
 ( أن بولس أول من ابتدع فى شأن المسيح اللاهوت والناسوت وكانت النصارى قبله كلمة واحدة : أن المسيح عبد الله ورسوله مخلوق ومصنوع لا يختلف فيه اثنان منهم فقال بولس ؛ وهو أول من افسد دين النصارى أن سيدنا المسيح عليه السلام خلق من اللاهوت إنسان كواحد منا فى جوهرة وان ابتداء الابن من مريم وانه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسي صحبته النعمة الإلهية فحلت فيه بالمحبة والمشيئة ولذلك سمي ابن الله .)
وبعد موت بولس اجتمع 13 أسقفا فى مدينة انطاكيا ونظروا فى مقالة بولس فأوجبوا عليه اللعن فلعنوه ولعنوا من يقول بقوله وانصرفوا .
وحتى يخرج بولس من هذه لما لم  يكتب إنجيلا باسمه ؟  ولكنه اكتفى بتاثيره على من كتب الأناجيل بعدما تأكد أنه غير الإنجيل الأصلى تماما ولذا رأيت أن استعرض فى عجالة رؤية سريعة لإنجيل برنابا والأناجيل الأخرى ثم نعقد مقارنة بينهم ومعهم العهد القديم وبين القران الكريم لنرى اى الأناجيل أقرب إلى الصواب :  ماهو الآن بين ايديهم أم الإنجيل الذى رفضوه  ؟ ولنعلم لماذا قبلوا تلك الأناجيل ورفضوا انجيل برنابا ؟
أولا :ففى إنجيل برنابا :
لقد ذكرنا فيما قبل بعض ما تميز به إنجيل برنابا عن غبره من الأناجيل وإليك المزيد فى هذا المضمار :
1- بين برنابا في انجيله أن البشر لم يتحملوا وزر أيهم آدم وعليه فليسوا في حاجه إلى من يخلصهم وأن كل انسان في حاجه أن يخلص نفسه بنفسه عن طريق الإيمان بالله الواحد الأحد فهو سبحانه وتعالى الذي يغفر الذنوب جميعا .
2- وأكد برنابا أن سيدنا اسماعيل عليه السلام هو الابن البكر وعليه فهو الذي تعرض للذبح وليس اسحاق عليه السلام وان وعد الله عز وجل  لابراهيم ان برت ابنه باب اعدائه والمقصود به هو سيدنا اسماعيل ومن ياتى من ذريته وهو  اْلمعصوم محمد (صلى الله عليه وسلم ) وامته ...
3- اكد برنابا أن المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله مثل سائر الانبياء وانه بشر وليس اله ولا ابن اله فيقول: ( فلما كان الناس قد دعونى الله وابن الله على انى كنت بريئافى العالم " برنابا لباب " واجاب يسوع انى حقا ارسلت الى بيت "اسرائيل نبى "  
4- ذكر برنابا أن المسيح عليه السلام بشر في انجيله بالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) في اكثر من موضع فقال " ولكن سياتى بعدى ميسا اى رسول المرسل من الله لكل العالم الذى لاجله خلق الله العالم " 
5- اكد برنابا على ان المسيح عليه السلام  لم يتعرض للقتل ولا للصلب وان الذي قتل هو يهوذا الخائن وانه عليه السلام  رفع الى السماء دون قتل أو صلب فيقول " لأن الله سيصعدنى من الأرض , وسيغير منظر الخائن حتى يظنه كل أحد إياى "
6- أكد برنابا أن سيدنا محمد رسول صلى الله عليه وسلم سيأتى في أخر الزمان ومعه القرآن الكريم ليشهد صدق نبى الله عيسى عليه السلام " ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عنى هذة الوصمة " ويقول في موضع اخر " وسيبقى هذا الى ان ياتى محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله" 
ولما شاهد بولس ومن معه ماكتبه برنابا وان الحقائق لابد انها ستكشف خداعهم وتزييفهم لان الناس لاشك أنهم سيصدقون ما قاله برنابا فهو الذي عاشر وعايش السيد المسيح عليه السلام لاننا لو قلنا على سبيل المثال : لوحدث اختلاف بين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وبين رجل ممن اسلموا بعد فتح مكه واقترفا سيكون الحق مع من منهما ؟  لاشك انه سيكون مع سيدنا عمر بن الخطاب لانه عايش وجاهد وهاجر وراى رسول الله  سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) اكثر من الاخر "
 سارع اليهود بالتنكيل بالنصارى وقتل اكبر عدد منهم وقد ذكرو في الكتاب لهم يسمى ( سد حادوروت ) بان :
1- الامبراطور ( مارك اوريل ) قتل جمع كبير من  النصارى بناء على ايعاز من  اليهود .2- لقد ثار اليهود على المسيحين في فلسطين عام 70م وذبحوا منهم خلقا كثيرا . وفى عام 105م في عهد الحاخام ( اكيا ) ذبحوا من المسيحين 200 الف في ليبيا , 240 الف في قبرص
3- وفى عام 124م ذبح اليهود عشرات الالاف من الفلسطينين . 4- وفى عام 135م قتل اليهود بقيادة ( باركوخيا ) عشرات الالاف من المسيحين الفلسطينين
كل هذه الأعمال الوحشيه وغيرها جعلت من الذين يتبعون انجيل برنابا يتركون المدن ويلجئون الى الصحراء للإقامه والعباده فيها واصبحت الفرصه سانحه لليهود ان يبثو افكارهم من خلال مبادئ بولس ومن تبعه ووقفوا بالمرصاد لكل من يحاول ان يخرج إنجيل برنابا أو يتعامل به .
وظهر هذا واضحا حين ظهر اّريوس ونادى بأن الله واحد لاشريك له وأن عيسى بن مريم مخلوق وبشر ورسول مثل سائر الرسل حكم على آريوس بالسجن وسارعو الى عقد عدة مجامع وكان أشهرها مجمع نيقية المعروف والذى تم فيه الغاء كل ما نادى به آريوس .ولم يهدأ لهم  بال حتى أصدر البابا ( جلاسيوس ) أمرا باباويا عام  492م بتحريم  التعامل بانجيل برنابا مطلقا .
وظل الأمر كذلك  بعقد المجمع تلو المجمع لتأكيد مبادئ اليهود والبعد كل البعد عن انجيل برنابا واصبح انجيل برنابا فى طى النسيان حتى (عثر كريمر مستشار ملك بروسيا على نسخه لانجيل برنابا مترجمه الى اللغه الايطاليه ولما لها من قيمه تاريخيه اهداها الى البرنس يوجين سافواى ثم انتقلت النسخه مع سائر مكتبة البرنس الزاخرة بالاثار التاريخيه والكتب الغاليه الى مكتبة البلاط الملكى فى فيينا حيث لا تزال هناك حتى الان  
وحين ظهر هذا الانجيل مرة اخرى فى القرن الخامس عشر اسرع اليهود ومن عاونهم  من النصارى كتابة نسخه اخرى من الإنجيل بلغات اخرى محاولين ان يغيروا التعاليم التى تميز بها هذا الإنجيل عن غيره حتى اصبحنا نرى الأن نسخ كثيرة لإنجيل برنابا فى الأسواق بعيدة كل البعد عن النسخة الأصليه .
مخافة إنجيل برنابا لعقيدة المسلمين
وليس معنى ذلك أننا ما إن راينا هذا الإنجيل تشبثنا به لعله يكون وسيلة صدق أمامنا أو طوق نجاة بالنسبة لنا .لا , ولكن نعرض ما جاء به من باب  " من فمك ادينك  "  لاننا حين قراناه وجدنا به بعض ما يخالف معتقداتنا  نحن المسلمين وإليك عزيزى القارئ بعض منها :
1- أول ما يدل على براءة المسلمين من هذا الإنجيل هو اختلافه في طريقة صياغته وأسلوبه عن طريقة العرب وأسلوبهم ، فأمامك عزيزى القارئ القرآن الكريم وكتب السنة وأيضا أمامك إنجيل برنابا  فلا أقول إلا ما قاله القران الكريم { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } (النساء : 82 )
2-كما يخالف المعتقدات الإسلامية في مسائل منها: قوله بأن الجحيم للخطاة السبعة: المتكبر والحسود والطماع والزاني والكسلان والنَهِم والغضِب المستشيط ،   و ترك ذنوباً أكبر كالشرك والقتل وعقوق الوالدين والربا .كما أن الكسلان والنهِم لا يستحقان النار.
3- وكذلك زعمهم حرمان من لم يختتن من الجنة فقالوا " دعوا الخوف للذي لم يقطع غرلته ، لأنه محروم من الفردوس "   فمثل هذا لا يوافقه عليه مسلم .
4- وهل يليق بمسلم ان يسمى الله جل وعلا بما سماه به انجيل برنابا فقال عن الله جل وعلا انه  " العجيب " وهذه الصفة ليست من أسماء الله الحسنى.
5-وكذا قوله عن الله: " إن الله روح " ( برنابا 82/6 ) والأرواح عندنا مخلوقة.
6-ويتحدث عن الله ، فيصفه أنه " المبارَك " ( برنابا 71/16 )، ولا يمكن لمسلم أن يقول عن الله ذلك ، إذ هو الذي يبارِك ، ومن ذا الذي يبارك الله جل وعلا { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  } (المؤمنون : 14 )
7-قوله: " أقول لكم إذاً  إن السماوات تسع "( برنابا 105/3 ) ولا يقول بهذا مسلم قرأ القرآن .
8-وأيضاً يذكر برنابا تسميات للملائكة لم يقل بها المسلمون ، وفي ذلك ذكر اسم رفائيل وأوريل في قوله: " أمر جبريل وميخائيل وأوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم … فجاء الملائكة الأطهار " ( برنابا 215/4-5 ) .
9-ثم قد ورد اسم الرسول " محمد  صلى الله عليه وسلم" مرات عدة في إنجيل برنابا، ولم يرد اسم " أحمد " مرة واحدة ، ولو كان الكاتب مسلماً لعمد إلى كتابته - ولو مرة واحدة ليحقق التوافق الحرفي مع ما جاء في سورة الصف { ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } . (الصف: 6)
10-ثم لو كان كاتبه مسلماً لكتب معجزة كلام المسيح في المهد التي ذكرها القرآن الكريم  { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً  } (مريم : 29/ 30 )وقد أغفلت الأناجيل  جميعا تلك القصة ، وكذلك قصة المائدة التى  ارادها وطلبها الحواريون { إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (المائدة : 112 ) وغير ذلك من المسائل التي تثور في وجه من يقول بانتحال مسلم لهذا الإنجيل .
11-ثم إن أسلوب الكاتب ومعلومات الإنجيل يؤكدان بأن الكاتب ضليع في علوم الكتاب المقدس، متصف بعمق واسع يليق بمثل برنابا داعية النصرانية في الجيل الأول ، فليس بمستغرب أن يكون قد كتب إنجيلاً، ومنع قراءته دليل وجوده بل واشتهاره .
12- لو كان كاتب الإنجيل في العصور الوسطى لما وقع بتلك الأخطاء في الإحالة إلى أسفار التوراة، ولكان أيضاً قد اهتم بالتنديد بالأناجيل الأخرى ، ولكنه لم يصنع لسبب بسيط ، وهو أنه كتب إنجيله قبل انتشار هذه الأناجيل.
13-ولو كان  كاتب الانجيل مسلما لذكر ما يبطل التثليث كما أوضح القرآن الكريم { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (النساء : 171 ) فهذا يعنى انه كتب فى وقت قبل نزول القرآن الكريم  وقبل اعلانهم التثليث الذى ظهر في القرن الرابع .
مجمع نيقية
لأنهم فى مجمع نيقية  قالوا : نؤمن باله واحد ضابط الكل , خالق السموات والأرض كل ما يرى ومالا يرى , وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور اله حق مولود غير مخلوق مساو للاب فى الجوهر الذى من اجلنا نحن ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العزراء وتائنس وصلب على عهد بيطلاس النبطي ونألم وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب وسيأتى بمجده ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه وبروح القدس الرب المحي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن السجود له  )
لكن يذكر لإنجيل برنابا أنه الوحيد الذي صرح فيه كاتبه باسمه وبأنه شاهد لما يكتب ، وأما متنه فكان أكثر اتساقاً من جميع الأناجيل ، متميزاً بترابطه وجمال أسلوبه ومعرفته الكبيرة بالعهد القديم وأسفاره، وهو ما يليق حقاً بداعية النصرانية في الصدر الأول .
وصدق الله جل وعلا  حين قال { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }  (المائدة : 15 )وفى هذا يقول " رحمت الله الهندى عن ما سبق ( ما نصه : ان الله قد عرف بنى اسرائيل فى التوراة ان نبيا من بنى اسماعيل سوف ياتى فى يوم من الايام ليبلغ العالم رساله منه , هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولكراهيتهم لابناء اسماعيل ولحبهم لانفسهم غيرو التوراة لتكون شريعة لهم الى يوم القيامه ولما جاء المسيح بن مريم عليه السلام ليبشر بمجىء بنى الاسلام من بعده اضطهوده وحرفو دعوته )
فبدلاً من الإذعان للأمر والإيمان بعيسى عليه السلام والاستعداد للإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم ناصبوا عيسي عليه السلام العداء وأضمروا العداء مسبقا لمحمد صلي الله عليه وسلم قبل مجيئه فاخذوا يدبرون و يكيدون .
 فضلهم أخاهم إبليس حين سول لهم قتل المسيح عليه السلام رغبة منهم أن يسكتوه ولكن الله حال بينهم وبين ما يشتهون  بأن رفع المسيح عيسي بن مريم إليه معززاً مكرماً ونالوا هم الخزي في الدنيا والعذاب في والأخرة  فماذا يفعلون إذن وقد أخبر المسيح الدنيا بالرسول الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم ؟
فظنوا أن الحل في العهد القديم فأعادوا النظر فيه بعد ما انتهوا منه في عصر عزرا الكاهن ليضيفوا إليه أو يحذفوا منه ما يشاءون مما جعل طائفة منهم وهم السامريون لا يسلمون ولا يعتقدون إلا ببعض من الكتاب المقدس وهي الأسفار الخمسة الولي – التكوين ويسمي سفر الخليقة – سفر الخروج – سفر اللاوين ويسمي الأحبار – سفر العدد – سفر التثنية  ويسمي سفر الاستثناء هي المعروفة باسم التوراة ثم سفر يشوع وسفر  القضاة .
 ومن ثم تخالف التوراة السامرية نسخة التوراة الموجودة مع باقي اليهود. وهناك العديد من الأسفار التي لم يعترف بها ولا ندري لماذا استبعدوها من العهد القديم ؟
والأسفار المحذوفة هي:- سفر باروخ – سفر طوبيا – سفر يهوديت – سفر وزدم – سفر إيكليزيا  ستكس- سفر المكايين الأول – سفر المكايين الثاني.
ولقد ذكر رحمت الله الهندي أن المسيحيين شكوا في صحة أسفار العهدين القديم والجديد ثم اعترفت مجالسهم بها إلا أن بعض الفرق نقضت هذا الاعتراف ومن ذلك:- عام 325م انعقد مجلس علماء المسيحية في عهد قسطنطنين في بلده(ناتس) لبحث الكتب المشكوك فيها فقرروا بعد المشاورة أن سفر يهوديت واجب التسليم وابقوا سائر الأسفار المشكوك فيها كما كانت.
وفي عام 364م انعقد مجلس آخر يسمي مجلس ( لوديسيا ) فأبقي حكم المجلس الأول كتاب يهوديت على حالة وزاد عليه سبعة أسفار أخري وجعلها واجبة هي :- سفر استير – رسالة يعقوب – الرسالة الثانية لبطرس – الرسالة الثانية ليوحنا – الرسالة الثالثة ليوحنا – رسالة يهوذا – رسالة بولس إلي العبرانين ولم يدخلوا سفر مشاهدات يوحنا في هذين المجلسين.وفي عام 397م:- انعقد مجلس آخر وحضره 127 من العلماء المشهورين فابقوا حكم المجلسين الأولين وزادوا على حكمهما هذه الأسفار:-
سفر وزدم – سفر طوبيا – سفر باروخ – سفر إنكليزيا سبنكس – سفر المكايين الأول – سفر المكايين الثاني – رؤيا يوحنا.لكن أعتبر أهل المجلس سفر باروخ بمنزلة جزء من كتاب آرميا لأن باروخ كان بمنزلة النائب والخليفة لأرميا.
ثم انعقدت ثلاث مجالس :- 1- ترلو       2- فلورانس         3- ترست وفيه أبقي العلماء حكم المجلس المنعقد في عام 397م على حاله .
وأما المجلسين الأخرين كتبوا سفر باروخ في فهرست أسماء الكتب على حده فبعد انعقاد هذه المجالس صارت هذه الأسفار المشكوك فيها مسلمة بين جمهور المسيحين وبقيت هكذا حتي ظهرت فرقة البروتستانت في القرن السادس عشر الميلادي فرد علماؤها حكم هؤلاء الأسلاف في:- سفر باروخ – سفر طوبيا – سفر يهوديت – سفر وزدم – سفر ايكليزيا ستكس وسفري المكايين وقالوا أن هذه الأسفار واجبة الرد وغير مسلمة     العهد الجديد :
العغهد الجديد هو الأن بين ايدى النصارى من أهل الكتاب ويحتوى على الكتب الأربعة المعروفة لديهم بــ : انجيل متى " انجيل مرقس " انجيل لوفا " انجيل يوحنا " ثم أعمال الرسل ثم رسائل بولس وبطرس ويعقوب ووؤيا ليوحنا اللاهوتى "
وقبل ان نتحدث عن هذه الأناجيل نورد ما ذكره ( هورن) فى الباب الثانى من القسم الثانى من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنه 1812 فيقول عن الإنجيل ما نصه
" الحالات التى وصلت إلينا فى  باب زمن تأليف الإنجيل من قدماء مؤرخى الكنيسة ناقصة ولا توصلنا إلى أمر معين " ومشايخ القدماء الأولون صدقوا الروايات الواهية وكثبوها " وقبل الذين جاوءا من بعدهم كتابتهم تعظيما لهم " وهذه الروايات الصادقة والكاذبة وصلت من كاتب إلى كاتب أخر وتعذر تنقيحها بعد انقضاء المدة )
ا- إنجيل متى
يقول ( بوبى ) فى دائرة المعارف الإنسانية عن إنجيل متى ما نصه ( كتب هذا الإنجيل فى السنة الحادية والأربعين باللسان العبرانى " وباللسان الذى ما بين الكلدانى والسريانى لكن الموجود منه الترجمة اليونانية " والتى توجد الان باللسان العبرانى فهى ترجمه الترجمه اليونانيه "
اذن فالإنجيل الحالى هو ترجمه عن ترجمه " الخ مع عدم ذكر من قام بهذه التراجم ومدى ثقتهم والمامهم باللغات " كما ان علماء النصارى يختلفون حتى فى وقت كتابه هذا الإنجيل فيقول ( هورن) فى المجلد الرابع الباب الثانى عن انجل متى ( ألف الإنجيل الأول سنه37  أو سنه 38    أو سنه 41     أو سنه 43   أو سنه 48     أو سنه 61    أو سنه 62    أو سنه 63    أو سنه 64 من الميلاد ويذكر مؤرخوا المسيحية أن متى ظل بالحبشة بضع وعشرون سنه يبشر بالمسيحيه ومات بها فى سنه 70 م ""
2-إنجيل مرقس
لم يكن مرقس من تلاميذ المسيح عليه السلام ولكن ذكرت أعمال الرسل أن مرقس ابن أخت الحوارى برنابا فيقولون فى ذلك  فأشار برنابا أن يأخذا معهم ايضا يوحنا الذى يدعى مرقس .
وبعدما حدثت المشاجرة بين برنابا وبولس افترقا (وبرنابا اخذ مرقس وسافر فى البحر الى قبرص  )  ثم بعد وفاة برنابا عاد مرقس للعمل مع بولس وظهر هذا فى رساله بولس الى اهل كولوسى حين قال بولس : ( يسلم عليكم ارسترخسى المأسور معى ؛ ومرقس ابن أخت برنابا الذى أخذتم لأجله وصايا ؛ إن أتى إليكم فاقبلوه )
وقد ظل مرقس مع بولس فزه من الزمن حتى تشرب مبادئه حتى يقول ( يسلم عليكم أبفراس المأسور معى فى المسيح يسوع ومرقس)
كما تعلم مرقس على يد بطرس الذى تنكر للسيد المسيح وقت الشده ثلاث مرات ويذكربطرس فى رسالته الأولى قائلا ( تسلم عليكم التى فى بابل المختارة معكم ومرقس ابنى ) رسالة بطرس الاولى
ويذكر المؤرخون ان بطرس هو الذى علم مرقس وبناء عليه قام مرقس  بكتابه هذا الانجيل فلماذ لم يقم بطرس بكتابته ونسبته اليه ؟ فلو كان ذلك لكان اقرب الى الصواب ولكن هذا ما حدث  ويتضمن انجيل مرقس (16) سنه عشر اصحاحا وتحتوى هذه الاصحاحات على 85) خمسه وثمانون سند ما بين المعجزة قام بها السيد المسيح وأمثال ذكرها السيد المسيح لليهود وكما ذكر مرقس مازعموه عن ما حدث للمسيح عليه السلام  من تآمر وقبض وصلب الى أخر ذلك وقد اختلف المؤرخون فى تاريخ كتابه هذا الإنجيل كما اختلفو فى تحديد زمان غيره من الأناجيل .
3-إنجيل لوقا :-
لوقا لم يعاصر أو يعايش المسيح عليه السلام  ولم يسمع منه عليه السلام ولكنه كان تلميذا نجيبا وصديقا مخلصا لبولس وذكر بولس ذلك اكثر من مرة فى اكثر من رسالة فيقول ( يسلم عليكم لوقا الطيب الحبيب ) كولوسى 4 : 14
وفى موضع اخر ( يسلم عليكم ابفراس المأسور معى فى المسيح يسوع ومرقس وارسترخس وديماسى ولوقا العاملون معى ) فليمون 23 , 24
والعجيب أن لوقا يذكر انه كتب الإنجيل كما سمعه من الاولين الذين عايشوا السيد المسيح فيقول فى مقدمتة ( اذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة فى الامور المثيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رايت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق ان اكتب على التوالى اليك ايها العزيز ثاوفيلسى )
فلماذا لم يكتب تلاميذ المسيح عليه السلام الإنجيل ؟ فلو حدث ذلك لاستراح الجميع ثم من هم الذين بلغوا لوقا بكل ما سمعوه من  المسيح عليه السلام ؟
ويحتوى انجيل لوقا على 24 إصحاح وتحتوى هذه الإصحاحات على 131 سند ما بين معجزة قام بها  المسيح عليه السلام أو مثل كما انه تناول حياة  المسيح عليه السلام من البداية باختصار شديد وركز لوقا على نهاية السيد المسيح عليه السلام من وجهة نظره لأننا لاحظنا أن فيها تخبطا مثل الذي ذكرناه في انجيل مرفس بهذا الخصوص ولم يستطع المؤرخون تحديد العام الذي كتب فيه انجيل لوقا .
4-إنجيل يوحنا :
يعتقد النصارى أن يوحنا صاحب هذا الإنجيل هو يوحنا الحواري احد تلاميذ  المسيح عليه السلام الذى قال عنه متى في إنجيله فيذكر انه أثناء سير السيد المسيح عليه السلام عند بحر الجليل رأى يوحنا وأخوه ودعاهما لإتباعه فيقول ( ثم اجتاز من هناك فرأى اخوين آخرين : يعقوب بن زبدى واخاه , في السفينة مع زبدى ابيهما يصلحان شباكهما , فدعاهما , فللوقت تركا السفينة واباهما وتبعاه ) متى 4: 21 , 22 
ويحتوى انجيل يوحنا على 21 إصحاح وتحتوى الإصحاحات على 58 سند ويتكلم عن  المسيح عليه السلام وعن المعجزات التى قام بها ثم تحدث عن نهاية  المسيح  عليه السلام كما في الأناجيل الأخرى .
إلا أن الأفكار التى تضمنها هذا الإنجيل جعلت المؤرخون يعتقدون أن كاتب هذا الإنجيل يوحنا أخر يوحنا الحواري :فكتب استنادين في كتابه : إن كاتب إنجيل يوحنا طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية بلا ريب ) جـ 205 المجلد السابع المطبوع سنة 1844 من كاثوليك هولد
ويستدل على ذلك ما ذكر في أخر الإنجيل ما نصه ( هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا وكتب هذا , ونعلم  أن شهادته حق ) يوحنا 21 : 24
فيقول المحقق أن النص يقول ( ونعلم ان شهادته حق ) وشهادته حق بضمير الغائب لا بضمير المتكلم فكان ينبغى أن يقول : هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا أو كتب هذا واعلم ان شهادتى حق ومن ثم يرى المحقق ان اخر غير يوحنا عثر على مكتوبات يوحنا فنقل عنه مع زيادة ونقصان – 
ويذكر رحمت الله الهندى ما نصه ( وأن فاستيس الذى هو من اعظم علماء فرقة  ( مانى كينر ) كان يصيح في القرن الرابع : ( ان العهد الجديد ما صنفه المسيح ولا الحواريون , بل صنفة رجل مجهول الإسم ونسبه الى الحواريين , ورفقاء الحواريين ليعتبره الناس ,)
ونذكر هنا ما قاله الإمام محمد أبو زهرة ما نصه ( و لقد جاء في دائرة المعارف البريطانية التى اشترك في تاليفها خمسمائة من علماء النصارى ما نصه : أما إنجيل يوحنا فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور أراد صاحبه مضادة اثنين من الحواريون بعضهما لبعض وهما القديسان يوحنا ومتى وقد ادعى هذا الكاتب الممرور في متن الكتاب انه هو الحواري الذى يحبه المسيح فاخذت الكنيسة هذه الجملة على علاتها )


التناقضات
اولا ً : نحن المسلمين نؤمن بأن سيدنا عيسى عليه السلام كان رمزا للسلام والرحمة ولكن وجدنا في الأناجيل ما يناقض ذلك فيقولون في إنجيل لوقا أن  المسيح عليه السلام قال لهم " أحبوا أعدائكم أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم  من ضربك على خدك الأيمن فاعرض له الأخر أيضا ومن اخذ ردائك فلا تمنعه  ثوبك أيضا " (  )
هذا كلام حسن جميل وهذا ما نعتقده في سيدنا عيسى عليه السلام إلا أننا فوجئنا بنص أخر يقلب هذه الحقائق فيقول متى في إنجيله على لسان السيد المسيح  "لا تظنوا إني جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقى سلاما بل سيفا فاني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكنه ضد حماتها أعداء الإنسان أهل بيته " ( ) 
 فالنص الأول قد يكون للمسيح  عليه السلام لأنك تلحظ فيه الرحمة والموعظة الحسنة الا ان النص الثانى يشعرنا بأن هناك ايدى خفية تسللت إلى الأناجيل لينفثوا ما بداخلهم وأعتقد أن كاتب هذا النص تأثر بما فى العهد القديم لأننا نجد فى التوراة نصا قريبا من ذلك وهو " وراى الرب ان شر الانسان قد كثر فى الأرض وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم فحزن الرب انه عمل الانسان فى الأرض وتاسف فى قلبه فقال الرب امحو عن وجهه الأرض الانسان الذى خلقته "  
ويؤكد ذلك ما ذكره لوقا فى انجيله فيقول عن لسان  المسيح عليه السلام  " جئت لألقى نارا على الأرض فماذا  أريد لو اضطرمت اتظنون انى جئت لالقى سلاما على الأرض بل انقساما "( )
    ثانيا : تحكى الأناجيل موقفا حدث بين سيدنا عيسى عليه السلام وبين امرأة طلبت منه مساعدة فأجابها المسيح عليه السلام بطريقة غريبة فيقولون فى " أن امرأة كنعانية جاءت للمسيح عليه السلام  ترجوه أن يشفى ابنتها قائلة ( ارحمنى يا ســــيد يا بن داود ابنتى مجنونة جداً  ) فلم يجيبها بكلمة فتقدم تلاميذه وطلبوا اليه قائلين اصرفها لأنها تصبح وراءنا فأجاب وقال " لم ارسل الا إلى خراف بيت اسرائيل الضالة " فاتت وسجدت له قائله :" يا سيد أعنى ! " فأجاب وقال "ليس حسنا ان يؤخذ خبز النبيين ويطرح للكلاب " فقالت نعم يا سيد والكلاب ايضا تأكل من الفتات الذى يسقط من مائدة اربابها "( )
فهل يعقل ان تصدر مثل هذه العبارات من  المسيح عليه السلام  ؟ بالطبع لا ؛  لأننا رأينا فى هذا النص أن  المسيح عليه السلام  يخبر المرآة الكنعانية أنها هى وجنسها ما هم الا كلاب ولم يكتف بذلك بل اخبرها بأنه ليس من الصواب ان يؤخذ خبز النبيين ويعطيه للكلاب بمعنى ان  المسيح عليه السلام يشبه بنى اسرائيل بأنهم ابناءه وأن الأجناس الاخرى فى نظره ما هى إلا كلاب مما جعل المرآة تحت ضغط مرض ابنتها  تضع  المسيح  عليه السلام فى حرج قائلة له ان الكلاب تأكل من الفتات الذى يسقط من المائدة ! ونحن نلحظ ان من كتب هذا النص متاثر بالنزعة  اليهودية لأنهم هم الذين يعتبرون الاجناس الاخرى اقل منهم درجة فيقولون فى التلمود " مصرح لليهودى فى الأعياد أن يطعم الكلب وليس له ان يطعم الأجانب "
ثالثاً : نلحظ ان هناك تناقضاً بين العديد من الفقرات منها : يذكر الانجيل أن المسيح عليه السلام طلب من تلاميذه ان يبشروا بالإنجيل بنى اسرائيل فقط وان لا يذهبوا إلى امم اخرى فيقول متى فى انجيله ان المسيح  عليه السلام كلم الأثنا عشر تلميذا  وأوصاهم قائلا " إلى طريق امم لا تمضوا " والى مدينة للسامرين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " ( )
فى هذه الفقرة اعلان واضح وصريح يدل على ان  المسيح عليه السلام هو رسول لبنى اسرائيل فقط ولم يكن رسولا لكل العالم وهذا ما يؤكده القران الكريم اذ يقول الحق جلا وعلا وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (الصف : 6 )  
نلحظ ان الآية الكريمة تبين:
الاولى :- ان عيسى عليه السلام إنما ارسل لبنى اسرائيل وهذا ما اكدته الفقرة السابقة من الانجيل .
الثانية :- أن عيسى عليه السلام جاء ليصدق ما جاء بالتوراة ويؤكد ذلك ما جاء فى الانجيل : حيث طلب بنو إسرائيل من السيد المسيح ان يأتى لهم بشرع جديد غير شريعة موسى عليه السلام قال لهم " لا تظنوا  انى جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لأنقص بل لأكمل " ( )
الثالثة : والتى لا نمل من ذكرها وتكرارها فان ذكرها للقلب طب ودواء وهى بشارته عليه السلام بخير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم .
بعد ما رأينا فى الفقرات السابقة ان المسيح  عليه السلام ارسل لبنى اسرائيل نفاجىء بان الانجيل يذكر شيئا اخر وهو ان المسيح امرهم بان يبشروا العالم اجمع بالإنجيل فيقولون " اخيرا ظهر للاحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم ايمانهم وقسوة قلوبهم , لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام وقال لهم : اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " ( )     فأى الفقرتين اذا هى للمسيح  عليه السلام ؟
لاحظنا ان المسيح عليه السلام أمر اتباعه ان يذهبوا إلى بنى اسرائيل فقط وهو امامهم على قيد الحياة ثم يذكرون انه بعد وفاته امرهم ان يذهبوا إلى العالم اجمع .
ومع  الدور الذي قام به بولس إلا أننا رأينا نصا كتبه بولس فى رسالته إلى أهل كورتثوس مخالفا  لما ذكر فى الأناجيل  ففي الوقت الذي يذكر فيه(متى –ومرقس أن المسيح ظهر بعد قيامته لأحد عشر من أتباعه لأنهم يعلمون أن يهوذا شنق نفسه قبل ذلك فيقولون عن يهوذا (حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنه  فطرح الفضة فى الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه)ومن ثم أصبح الإثنى عشر رسولا احد عشر وفى هذا يقولون عن ظهور السيد المسيح بعد قيامته( وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل حيث أمرهم يسوع ولما رأوه سجدوا له (متى28/16)
إلا أن بولس ذكر غير ذلك فقال :  أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتاب وأنه دفن وأنه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب وأنه ظهر لصفا ثم للإثنى عشر) فى هذا النص يذكر بولس أن المسيح مات ولم يذكر أنه صلب أو قتل-ثم يذكر أن المسيح ظهر للإثنى عشر فلا تدرى أي هذه النصوص صحيحة؟
وما فعل النصارى ذلك الا ليصرفوا أذهان الناس عن النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم والذى بشر به  المسيح  عليه السلام محاولين ان يوهموا الناس انهم هم حملة الرسالة الخاتمة زاعمين ان هذا بأمر الله . والمسيح عليه السلام على علم به وهو منه براء لان المسيح عليه السلام اكد فى اكثر من موضع فى الأناجيل أنه ما جاء إلا لبنى اسرائيل وبين أن هناك نبيا ورسولا سياتى بعده سيكون صاحب الرسالة الخاتمة والمهيمنة على الكتب والرسالات السابقة وليس نبى الله عيسى عليه السلام وحده هو الذى بشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولكن كل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كما بينا من فبل.
ونضيف إليها نصا ذكر فى الانجيل على لسان نبى الله يحيى ونبى الله عيسى عليهما السلام فيذكر متى فى إنجيله أن نبى الله يحيى قال لليهود " توبو لأنه قد اقترب ملكوت السموات " ( )
فظن النصارى أن المقصود بملكوت السموات انما هو عيسى بن مريم عليه السلام ولكن ماذا بقول النصارى فيما قاله  المسيح عليه السلام بنفسه قائلا " وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات " اذا قلنا ان نبى الله يحيى بشر بنبى الله عيسى عليهما السلام  مستخدما عبارة " اقترب ملك السموات " فلمن استخدم نبى الله عيسى عليه السلام عبارة " اقترب ملكوت السموات " ؟
اذا فهذا دليل واضح على ان النبيين العظيمين يحي وعيسى عليهما السلام  بشرا بنبى يأتى اخر الزمان وهو نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم لأنه لو الامر يراد به سيدنا عيسى عليه السلام لكانت العبارة مختلفة ولقال سيدنا عيسى " جاء ملكوت السموات " بدلا من ( اقترب ) لأنه اصبح الأن بين ايديهم فلا مجال هنا لكلمة ( اقترب ) ثم قال لتلاميذه " استريحوا لقد حضر ملكوت السموات " ولكن رأينا فى الانجيل ان نبى الله يحيى ونبى اله  عيسى واتباع سيدنا عيسى عليه السلام والجميع يرددون عبارة واحدة وهى " اقترب ملكوت السموات " فهى اذا يراد به النبى محمد صلى الله عليه وسلم .
رابعا : من الاشياء المتناقضة ايضا ما تذكره الأناجيل بخصوص سيدنا يحيى وسيدنا عيسى عليهما السلام فيقولون ان نبى الله يحيى ابتهج وهو جنين فى بطن امه اثناء زيارة السيدة مريم العذراء لها وهى حامل بالمسيح فيقول لوقا ان السيدة مريم دخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات ( زوجة سيدنا زكريا ) فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين فى بطنها وقالت فمن أين لى هذا ان تأتى أم ربى إلى ؟
فى هذه الفقرة يتبين لنا ان سيدنا يحيى تعرف على سيدنا عيسى عليهما السلام  وهما اجنة بل وتحرك فرحا وسرورا بهذه الزيارة .
ولكن نرى فى فقرة اخرى فى الأناجيل انه حين كان سيدنا يحيى فى السجن وسمع عن سيدنا عيسى وما يقوم به من شفاء لمرضى وإحياء لموتى اسرع سيدنا يحيى على الفور وأرسل إلى سيدنا عيسى رجلين يسالنه هل هو المسيح الذى كان يبشر به ام لا وفى هذا فيقول لوقا " انت هو الاتى ام ننتظر اخر " 
خامساً : نرى نصوصا فى الاناجيل تدعوا إلى التفرقة العنصرية وتقسيم البشر إلى سادة وعبيد فيقولون فى الانجيل ان السيدة سارة زوجة سيدنا ابراهيم قالت له عن السيدة هاجر زوجة سيدنا ابراهيم وام سيدنا اسماعيل انها ليست فى مقام السيدة سارة قائلة " اطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة اذا ايها الاخوة لسنا اولاد جارية بل اولاد حرة " ( )
ان هذه الفقرة دليل واضح على ما قام به كتاب الاناجيل من اضافات وافتراءات من عند انفسهم لان الجميع يعلم ان الله سبحانه وتعالى خلق البشر كلهم من اب واحد وام واحدة اذن فكل البشر لأدم وكلهم خلقوا من تراب اذن لا فضل لأحد  من بنى ادم على الاخر الا بما حقق وأنجز للبشرية وبتقواه لله جل وعلى وهذا ما اكده القران الكريم اذ يقول الحق سبحانه و تعالى " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "
اذا الاتقى هو الاقرب والأكرم عند الله الا ان من كتب الانجيل أصر على ان يفرق بين البشر من البداية فيجعل الناس سادة وعبيد لا لشىء الا ليظهروا ما بداخلهم من حقد وبغضاء وهذا دليل على ان هناك ايدى خفية تسللت إلى الانجيل لأنه من المستحيل ان تصدر مثل هذه العبارات عن نبى الله عيسى عليه السلام او السيدة سارة لأنها سيدة عظيمة زوجة نبى عظيم هو نيى الله ابراهيم وأم نبى الله اسحاق وجدة نبى الله يوسف فكيف لهذه السيدة العظيمة ان يصدر منها هذه العبارات .
ولذا نعتقد ان من كتب هذا لازال متاثرا بالنزعة اليهودية فهم الذين يعتقدون انهم ارقى من الاجناس الاخرى فيقولون فى الكنز المرصود " إن أرواح اليهود تتميز عن باقى الأرواح بأنها جزء من الله كما ان الابن جزء من ابيه
وبعد هذه الإطلالة  والمقارنة السريعة بين برنابا وبولس تاركا لك عزيزى القارئ التفكر والتدبر ولكن بالطريقة التى نصح بها القرآن الكريم  وهى { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ  }(قـ : 37 )  فــ( إقرأ وتدبر وارجوا ألا ينطبق عليك قول ربنا جل وعلا { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } (محمد : 24 ) لأن اخوف ما اخافه عليك هو قول الله تعالى  {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } (الأعراف : 179 )

             الفصل الخامس
(ابراهيم عليه السلام بين القرآن وكتب المسيحيين)
1-إبراهيم عليه السلام بين القرآ وكتب المسيحين  .
2-نسب نبى الله إبراهيم بين القرآن وكتب المسيحين .
3-هداية الحق سبحانه لنبى الله إبراهيم عليه السلام بين القران وكتب المسيحين .
4-تحطيم الأصنام بين القران وكتب المسيحين  .
5-نبى الله إبراهيم عليه السلام وملكوت الله جل وعلا .
6-عهد الله سبحانه وتعالى لنبى الله إبراهيم بين القران الكريم وكتب المسيحين .
7-القرضاوى والختان  .
8-آل نبى الله إبراهيم عليه السلام بين القران وكتب المسيحين .
9-الإبتلاءات بين القران الكريم وكتب المسيحين .
10-حوار نبى الله إبراهيم والنمروذ .


( إبراهيم عليه السلام بين القرآن وكتب المسيحيين )
بعد هذه الإطلالة السريعة على الكتب التى يؤمن بها أهل الكتاب يهودا كانوا أو نصارى رأيت أن أعقد مقارنة بينها جميعا سواء كانت عهد قديم أو جديد وسنضيف إليها إنجيل برنابا الذى يرفضونه ونؤكد بالقرآن الكريم لترى عزيزى القارئ لماذا رفضوا إنجيل برنابا وليس هذا فحسب بل ليؤكد لدينا أنه كان هناك إنجيل حقيقى  لأنه مادام هناك إنجيل به هذا القدر من الصواب فهذا يعنى انه كان هناك إنجيل حقيقى الذى حكى عنه القرآن الكريم إذ يقول جل وعلا  { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }  (المائدة : 46 ) 
ولذا ناداهم الحق سبحانه وتعالى أن يحتكموا إليه فقال تعالى { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (المائدة : 47 ) ولكنهم لم يحتكموا إليه بل غيروا وبدلوا وضلوا عن سواء السبيل  وابتدعوا أحكاما من عند انفسهم وزعموا أنها من عند الله ولذا حذرنا ونبهنا جل وعلا إلى ما أرادوه ودبروه فقال تعالى { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } (المائدة : 49 )
وحين أردت أن أعقد المقارنة أصابتنى حيرة  ؛ بمعنى آى الموضوعات هى الأنسب أو التى تتوفر فيه معلومات كافية عندنا وعندهم فوجدت الأنبياء هم أنسب ما نعقد فيه المقارنة لأنه على الأقل يجب أن لا نختلف نحن وهم فى الأنبياء وفى مكانتهم وقربهم من الله جل وعلا .
 إلا أننى أصابتنى حيرة شديدة : فآى من الأنبياء الكرام نختاره ليكون محور المقارنة  ؟ فأهل الكتاب لايؤمنون يجميع الأنبياء كما نؤمن نحن المسلمين كما أنهم لا يقدرون الأنبياء حق قدرهم كما نجلهم ونقدرهم .
فعلى سبيل المثال حين نخاطبهم عن نبى الله لوط ونقول لهم هل يجوز أن تذكروا فى كتاب تعتقدون أنه مقدس ومن عند الله بأن ابنتى لوط سقتا اباهما خمرا وزنتا به وانجبتا منه بنين  فإذا بهم يقولون بأنهم لايؤمنون بأن لوطا عليه السلام نبي من أنبياء الله جل وعلا .  وكذلك حين نسألهم هل يجوز ما ذكرتموه عن نبى الله داود وابنه نبى الله سليمان  عليهما السلام من أخطاء لا تليق بأحاد الناس فضلا عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم  يقولون : وما فيها ؟ مبررين ذلك بقولهم أن داود عليه السلام وابنه نبى الله سليمان عليه السلام إنما كانوا ملوكا لا أنبياء .
وحين نسألهم لماذا إذن تذكروهم فى كتبكم وتلصقون بهم تلك التهم ؟  فاذا  بهم يقولون إنما نحذر الأبناء من الوقوع فى الرذيلة فقد وقع فيها الصالحون .  ونحن نقول لهم  قاتلكم الله فالعذر أفبح من الذنب لأنكم  بهذه الطريقة إنما ترخصون لأبنائكم فى إرتكاب الرذيلة لأنه مادام قد وقع فيها الكبار الصالحون فمن باب أولى إن وقع فيه الأبناء فلا حرج  .
ومن ثم فلم أجد إلا نبى الله إبراهيم عليه السلام الذى يتفقون معنا فيه عليه السلام فى العديد من الامور ورغم أنه عليه السلام لم يسلم من سهامهم كذلك إلا أنه عليه السلام أبينا وأبيهم فسأعرض الأمور عرضا منطقيا بالنصوص من العهدين القديم والجديد وكذلك من إنجيل برنابا مؤكدا الصائب منها ومصححا الباطل بالقرآن الكريم  وساقسمه إلى ثمان نقاط هامة وهى: 
                  أولا :  (  نسب نبى الله إبراهيم عليه السلام  )
أولا :  فى القرآن الكريم :
للأنساب فى القرآن الكريم غاية فى منتهى الروعة  ؛ ففى الوقت الذى يهتم فيه بنوا إسرائيل بالأنساب درجة شغلتهم عن المبادئ والقيم التى يتمتع بها أصحاب تلك الأنساب نجد القرآن الكريم يضع منهجا آخر ألا وهو { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (الحجرات : 13 )

وبين الحق سبحانه وتعالى ذلك فى حديثه القدسى أنه إذا كان يوم القيامة فيقول لحق سبحانه " لقد ابيتم فى الدنيا الا ان تقولوا فلان ابن فلان وانا ابيت ان لااله الا الله فقد رفعتم نسبكم ووضعتم نسبى فانا اليوم ارفع نسب واضع انسابكم "
على هذا النهج الطيب وضع القرآن الكريم الأسس والمبادئ .ولذا رأينا المعصوم صلى الله عليه وسلم يعلنها فى أول لقاء له بأهل مكة على جبل الصفا  حين قال " يابنى عبد مناف اعملوا فإنى لا أغنى عنكم من الله شيئا .ويابنى عبد المطلب اعملوا فإنى لا أغنى عنكم من الله شيئا وليس هذا فحسب بل نادى صلى الله عليه وسلم أهل بيته فقال : " يافاطمة نبت محمد اعملى فإنى لا أغنى عنك من الله شيئا  , يا عباس اعمل فإنى لا أغنى عنك من الله شيئا , إلا أن لكم رحما وصلة أصلها بحقها "
 ولذا راينا أفاضل الصحابة منهم من هو من نسب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل على بن ابى طالب رضى الله عنه والعديد منهم من انساب اخرى كالصديق والفاروق وعبد الرحمن بن عوف وبن مسعود رضى الله عنهم وعن اخوانهم اجمعين بل ومن البلاد الأخرى المجاورة لمكة انذاك راينا صحابة للنبى صلى الله عليه وسلم  مثل ابى ذر الغفارى  وصهيب الرومى وبلال الحبشى  وفوق هولاء سلمان الفرسى وضى الله عنهم اجمعين  بل وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسى " سلمان منا أهل البيت  "
 ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم لأهله " لايأتونى الناس يوم القيامة بأعمالهم وتأتونى بأنسابكم  " ولذ نجد القرآن الكريم يركز على الشخصيات الهامة وما قامت به من أعمال لنأخذ منها العبرة والعظة . وإن قيل فماذا عن الشخصيات من أمثال فرعون وغيره نقول : إن القراآن الكريم ذكرهم  ليعتبر بهم من هو على شاكلتهم .فقال تعالى { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } (العنكبوت : 40 )
ولنعلم كيف صبر أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم وليكون لنا فيهم القدوة الحسنة وفى هذا يقول تعالى { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير }ُ (الممتحنة : 4 )
 وإذا أخذنا بهذا المنطق نجد أن نبى الله إبراهيم من أعلى الأنبياء نسبا ومن أكثرهم شرفا  وفضلا  فقال جل وعلا { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (النحل : 120 ) ولقد ذكر الحق سبحانه وتعالى نبي الله ابراهيم عليه السلام فى القرآن الكريم فيما يزيد عن خمسين مرة وكلها ثناء حسن عليه إما لإيمانه بالله فى سن مبكرة وإما لصموده فى الدعوة وإما لتحمله الألام والمشاق فى سبيل الله وإما نجاحه فى كل ما كلف به حتى قال الحق جل وعلا عنه {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى } (النجم : 37 ) الله أكبر  ,  ما أروعها من شهادة ,  ولذا كان إبراهيم عليه السلام وحده يعادل  أمة ويتشرف آى إنسان بالإنتساب إليه ولذا دعانا الحق سبحانه وتعالى بإتباع ملته ومنهجه . ولما لم يكن فى أهله السابقين  من هو مثله فى التقوى والورع والإيمان . فلم يكن هناك داع لذكرهم  لأنه ما الفائدة فى ذكر اناس لم يقدموا لأنفسهم ولا للأخرين خيرا . والحق إن هذه النقطة من أجمل ما فى القرآن الكريم الذى يركز على من يقتدى بهم على مر الزمان  .
وإليك عزيزى القارئ بعضا من الأيات التى وردت فى القرآن الكريم والتى تثنى على نبى الله إبراهيم عليه السلام لترى الفارق بين ما ذكر فى القرآن الكريم وبين ما ذكر فى العهدين القديم والجديد وإنجيل برنابا كذلك :
أولا :  قال تعالى :
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة : 124 ) نعلم من هذه الآية الكريمة أن الله جل وعلا ابتلى إبراهيم عليه السلام فكان على خير ما يرام وكان الجزاء من جنس العمل فمن الله جل وعلا عليه وجعله إماما على مر الزمان ,  ومن رحمته عليه السلام بأهله تمنى لهم أن يكونوا فى هذا العهد المبارك إلا أن الحق جل وعلا أخبره بأن هذا العهد للمؤمنين الصالحين .أما الظالمين لانفسهم ولغيرهم فلا .
  وأكد القرآن الكريم على هذا المعنى فقال تعالى : وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (البقرة : 130 ) ولذا :َوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (البقرة : 132 ) وهذا أبلغ رد على من زعم أن إبراهيم عليه السلام كان يهوديا أو نصرانيا لأن أهل الكتاب لم يستحوا :وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ  : فرد الحق سبحانه عليهم بقوله : قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (البقرة : 135 ) ثم بين سبحانه وتعالى ذلك فقال :أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (البقرة : 140 ) وذكرهم سبحانه وتعالى فقال : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (آل عمران : 65 )
ولذا أكد القرآن الكريم  فى أكثر من موضع على مكانة إبراهيم عليه السلام فقال تعالى : وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً (النساء : 125 )ولما لم يستجب اليهود ولا النصارى نبه الحق سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لذلك  , وأمره بأن يتبع ملة إبراهيم عليه السلام  وأن لا ينتبه لليهود ولا للنصارى فقال تعالى { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (النحل : 123 )
وليس هذا فحسب بل بين الحق للأمة جميعا فضل إبراهيم عليه السلام فقال تعالى : { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } (الحج : 78 )
حينها أعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بناء على أمر ربه جل وعلا  ونحن من خلفه نقول : قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام : 161 )الحق أننا لو عددنا فضائل ومكانة سيدنا إبراهيم عليه السلام ما وفيناه حقه فأين نحن من قول الله سبحانه { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(النحل : 120
ولذا اثنى الحق سبحانه وتعالى من اتبع ملة إبراهيم عليه السلام فقال جل وعلا { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } (النساء : 125 )
ولهذه الأسباب ولغيرها لم يهتم القرآن الكريم بالأنساب وأكد فى أكثر من مجال أن القرابة لا تؤثر على قيمة الإنسان عند الله بل إن القيمة الحقيقية للإنسان في مدى تقواه ، فيقول الله تعالى : "إن أكرمكم عند الله أتقاكم " (سورة الحجرات : 13) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"
ثانيا :  نسب نبى الله إبراهيم عليه السلام فى العهد القديم
لقد رأينا كيف تناول القرآن الكريم الأنساب وكيف وصف نبى الله إبراهيم عليه السلام وعرفنا منزلته من الله جل وعلا وأصبح لنا فيه القدوة الحسنة فهل تناول العهد القديم نسب إبراهيم بهذا المنطق ؟ نذكره بما جاء من كتبهم ثم نعلق عليه . 
وهذا هونسب نبى الله إبراهيم عليه السلام كما ورد فى سفر التكوين بالعهد القديم :
10هذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ، بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ. 11وَعَاشَ سَامٌ بَعْدَ مَا وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ خَمْسَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 12وَعَاشَ أَرْفَكْشَادُ خَمْسًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ شَالَحَ. 13وَعَاشَ أَرْفَكْشَادُ بَعْدَ مَا وَلَدَ شَالَحَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 14وَعَاشَ شَالَحُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ عَابِرَ. 15وَعَاشَ شَالَحُ بَعْدَ مَا وَلَدَ عَابِرَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ.
 16وَعَاشَ عَابِرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ فَالَجَ. 17وَعَاشَ عَابِرُ بَعْدَ مَا وَلَدَ فَالَجَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 18وَعَاشَ فَالَجُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ رَعُوَ. 19وَعَاشَ فَالَجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ رَعُوَ مِئَتَيْنِ وَتِسْعَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 20وَعَاشَ رَعُو اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ سَرُوجَ. 21وَعَاشَ رَعُو بَعْدَ مَا وَلَدَ سَرُوجَ مِئَتَيْنِ وَسَبْعَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 22وَعَاشَ سَرُوجُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ نَاحُورَ. 23وَعَاشَ سَرُوجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ نَاحُورَ مِئَتَيْ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 24وَعَاشَ نَاحُورُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَوَلَدَ تَارَحَ. 25وَعَاشَ نَاحُورُ بَعْدَ مَا وَلَدَ تَارَحَ مِئَةً وَتِسْعَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 26وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ.
27وَهذِهِ مَوَالِيدُ تَارَحَ: وَلَدَ تَارَحُ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطًا. 28وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَحَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مِيلاَدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ.
 29وَاتَّخَذَ أَبْرَامُ وَنَاحُورُ لأَنْفُسِهِمَا امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ امْرَأَةِ أَبْرَامَ سَارَايُ، وَاسْمُ امْرَأَةِ نَاحُورَ مِلْكَةُ بِنْتُ هَارَانَ، أَبِي مِلْكَةَ وَأَبِي يِسْكَةَ. 30وَكَانَتْ سَارَايُ عَاقِرًا لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ..
 31وَأَخَذَ تَارَحُ أَبْرَامَ ابْنَهُ، وَلُوطًا بْنَ هَارَانَ، ابْنَ ابْنِهِ، وَسَارَايَ كَنَّتَهُ امْرَأَةَ أَبْرَامَ ابْنِهِ، فَخَرَجُوا مَعًا مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى حَارَانَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ. 32وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ.
وماذا بعد هذا السرد للأباء والأجداد ؟ ما الفائدة التى تعود على القارئ من تعداد للسكان  ؟ وهل يتعبد القارئ بهذه الأسماء ؟  وهل سيقف القارئ أمام ربه لبذكر هذه الأسماء  ؟  أرايت عزيزى القارئ كيف أخذ أهل الكتاب أبناءهم بعيدا عن الحقائق فهل تنزل الكتب المقدسة لنعدد فيها ذكر الأباء والأجداد ؟ أم أنها مقدسة لما فيها من أحكام يندر أن يأتى البشر بمثلها ولذا يؤمروا بالعض عليها بالنواجذ . أما ماذا فى هذا النسب حتى نتمسك به وندعو إليه ؟ وماذا قدم أهل الكتاب لأبنائهم من أحكام وأفعال يجدر الإمتثال إليها والعمل بها ؟
نا هيك عن وقوعهم فى العديد من الأخطاء فى ذكر الأنساب ولقد بينا بعضا منها ونحن نتحدث عن نسب المسيح عليه السلام . بالإضافة إلى عدم استحيائهم من ذكر أسماء النساء التى تملأ كتبهم المقدسة  مما يجعل الأبناء لايتحرجون من ذكر أسماء النساء بما يخدش حياءهن  .فقد تحدثوا عن  ثامار و راعوث وبثشبع وإيثامار بشكل نستحى أن نذكره فلم يراعوا للنساء حرمة ولا للقيم ولا للمبادئ  السامية مكانا مما افقد ابناءهم التمسك بها .
ثالثا  : نسب نبى الله إبراهيم عليه السلام فى العهد الجديد :
لم يذكر العهد الجديد تفصيلا واضحا لا لنسب نبى الله إبراهيم  عليه السلام ولا لأعماله وإنما جاء ذكر اسمه عليه السلام عرضا فى ثنايا حديث للمسيح عليه السلام مع اليهود وهو يحثهم على الإيمان بالله جل وعلا . وعليهم أن يعملوا بعمل نبى الله إبراهيم عليه السلام إن أرادوا أن يثبتوا حسن نواياهم , إلا أنهم كانوا بلغوا من البذاءة درجة جعلتهم يتهموا نبى الله عيسى عليه السلام وامه البتول الطاهرة بالفاحشة :
30وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. 31فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، 32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33أَجَابُوهُ:«إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟»  
 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.   
37أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ». 39أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ:«أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ».   
 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! 40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. 41أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ:«إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ». أرأيت كبف بدت البغضاء من أفواههم ورأيت صدق الحق حين قال جل وعلا عنهم وعن هذا الموقف فى القرآن الكريم { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } (النساء : 156 )
رابعا :نسب نبى الله ابراهيم عليه السلام فى إنجيل برنابا :
ذكر برنابا اسم نبى الله إبراهيم عليه السلام أثناء عرضه لقضية الأصنام التى كان يصنعها والده فقال : كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابتدأ يطلب الله .فقال يوما لأبيه ’ يا أبتاه من صنع الإنسان ؟‘. أجاب الوالد الغبي ’ الإنسان .لأني أنا صنعتك وأبي صنعني ‘ . فأجاب إبراهيم ’يا أبي ليس الأمر كذلك .لأني سمعت شيخا ينتحب ويقول "يا إلهي لماذا لم تعطني أولادا "‘. أجاب أبوه ’حقا يا بني الله يساعد الإنسان ليصنع إنسانا ولكنه لا يضع يده فيه . فلا يلزم الإنسان إلا أن يتقدم ويضرع إلى إلهه ويقدم له حملانا وغنما يساعده إلهه ‘.أجاب إبراهيم ’ كم إلها هنالك يا أبي؟‘
 وسنعرض  تكملة هذه القصة بالتفصيل فى مكانها إلا أننى ذكرت هنا هذا المقطع لأنى لم أجدا فى إنجيل برنابا نسب نبى الله ابراهيم عليه السلام كما فى العهد القديم  أو الجديد  ومع هذا يحسب لهذا الإنجيل أنه ذكر ما يدل على الإيمان المبكر لنبى الله إبراهيم عليه السلام بالله جل وعلا وهذا يشعرنا أن الأناجيل الأخرى تدخل أهلها فيها بالتغير والتعديل لأننا لم نجد فى الأناجيل ما يشير إلى ما ذكر فى إنجيل برنابا .            
       ثانيا : (  هداية الله جل وعلا لإبراهيم عليه السلام  )
أولا : فى القرآن الكريم :
بين القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى منّ على نبى الله  إبراهيم عليه السلام بالإيمان بالله جل وعلا فى سن ميكرة فقال تعالى  {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ}  (الأنبياء : 51 )وبين لنا سبحانه وتعالى أن إبراهيم عليه السلام أراد لأبيه وقومه الهداية فبدأ بنصح أبيه لأنه كان صانعا للأصنام فإن اهتدى لكان فاتحة خير عليه وعلى قومه وإن أبى فالله المستعان  . إلا أن أبيه قابل هذا العطف والحنان وتلك الرحمة بجفاء منقطع النظبر بل وطرده من أمامه فقال تعالى حكاية عن هذا الموقف :
واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا * يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا *قال أ راغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا "( مريم :41 ـ 46)
ثانيا: فى العهد القديم
أما العهد القديم فلم يشر إلى  أمر الدين ولم يتطرق إلى إيمان سيدنا إبراهيم عليه السلام  بالله جل وعلا ولا محاورته أبيه وقومه . إلا أنهم تحدثوا عن إبراهيم عليه السلام كأنه كبير قبيلة . وتناولوا الحديث عنه على هذا المنطلق كما لو أن إبراهيم عليه السلام  لا علاقة له بالدين ولا الإيمان بالله سبحانه وتعالى . ولكنهم شغلوا ابناءهم بوعد الله لإبراهيم بأن يرث ابناءه أرض أعداءه وكذلك حين أمره بالإنتقال من موطن لأخر لا لأجل الدين أو إعلاء كلمة الله وإنما للسيطرة عليها ووعد بإغتصابها فيما بعد . ونحن نعلم أن إبراهيم عليه السلام برئ من كل هذه الإدعاءات لأنه وكما بينا من القرآن الكريم أبلى بلاء حسنا فى سبيل الدين وإعلاء كلمة لا اله الا الله .
ولذا وجدنا العهد القديم خالى تماما مما يشير إلى ما دعا إليه نبى الله إبراهيم عليه السلام من مبادئ وقيم يقتدى بها على مر الزمان وركزوا جهدهم على ما كان يدور بخلدهم هم من إحتلال لأراضى الأخرين وإغتصابها وملأوا كتبهم بأراء ونصوص لم تكن من عند الله جل وعلا وبالتالى لم يعلم نبى الله إبراهيم عليه السلام بها فعن الأمر بالإنتقال قالوا   :"وقال الرب لإبرام انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك "   وصدق الحق حبين قال { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً  * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } (الطارق :  15/ 16/ 17 ) 
 لأنهم ذكروا النص السابق لحاجة فى أنفسهم فهم بمهدون لها بهذا النص إلا أنهم نسوا ما ذكروه من قبل أن تارح (أبو إبراهيم في العهد القديم ) اصطحب إبراهيم إلى حاران (تكوين 11 :31 ) وهذا تناقض واضح وليس هذا فحسب بل إن العهد القديم بين ان إبراهيم ذهب إلى كاهن يدعى ملكى صادق زعموا انه كاهن لله العلي ليباركه فقالوا :
 "وأخرج ملكي صادق ملك شليم خبزا وخمرا لأنه كان كاهنا لله العلي .وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والأرض وتبارك الله العلي"  . فمن ينبغى أن يبارك من يا بنى إسرائيل  ؟ وصق الله حين بقول { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }(آل عمران : 67 )
ثالثا : فى العهد الجديد
لم يذكر العهد الجديد شيئا عن إبراهيم  عليه السلام وعن إيمانه وتضحياته وأفعاله التى قام بها فى سبيل الله جل وعلا وفى سبيل دعوة الحق فاضطررت أن أذكر النص السابق حتى لا يقال أنه كانت هناك نصوص وأهملناها .
30وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. 31فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، 32وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». 33أَجَابُوهُ:«إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟»    
34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. 35وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 36فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا. 37أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ. 38أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ».   
 39أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ:«أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! 40وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. 41أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ:«إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ».   51اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ». 52فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:الآنَ عَلِمْنَا أَنَّ بِكَ شَيْطَانًا. قَدْ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ وَالأَنْبِيَاءُ، وَأَنْتَ تَقُولُ:إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَذُوقَ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ.    
 53أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي مَاتَ؟ وَالأَنْبِيَاءُ مَاتُوا. مَنْ تَجْعَلُ نَفْسَكَ؟» 54أَجَابَ يَسُوعُ:«إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي، الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلهُكُمْ، 55وَلَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. وَأَمَّا أَنَا فَأَعْرِفُهُ. وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُهُ أَكُونُ مِثْلَكُمْ كَاذِبًا،    
لكِنِّي أَعْرِفُهُ وَأَحْفَظُ قَوْلَهُ. 56أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ». 57فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ:«لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ، أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ؟» 58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ». 59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا. 
 هذا كل ما ورد بخصوص سيدنا ابراهيم عليه السلام فما الفائدة التى أرادها الأحبار والنصارى منه ؟ وما الدرس المستفاد الذى يريدونه لأبناهم  ؟ أهو تكفير المسيح عليه السلام (حاشاه ) أم التنكر لرسالة ابراهيم والمسيح عليهما السلام كذلك ؟ أم محاولة رجم المسيح عليه السلام أم هروب المسيح  عليه السلام ؟
رابعا : فى إنجيل برنابا
إلا أن إنجيل برنابا  بين مالم يكن مذكورا  لا فى العهد القدبم ولا فى العهد الجديد  فيذكر إنجيل برنابا أن إبراهيم عليه السلام  بدأ في البحث عن إلهه وهو ابن سبع سنين فصل 26 :18 ـ 69 " فمتى كان أبوك أو أمك حجر عثرة لك في خدمة الله فانبذهم كأنهم أعداء . ألم يقل الله لإبراهيم ’ أخرج من بيت أبيك وأهلك وتعال أسكن في الأرض التي أعطيها لك ولنسلك ‘ .ولماذا قال الله ذلك ؟أليس لأن أبا إبراهيم كان صانع تماثيل يصنع ويعبد آلهة كاذبة ؟ لذلك بلغ العداء بينهما حدا أراد معه الأب أن يحرق ابنه ...
كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابتدأ يطلب الله .فقال يوما لأبيه ’ يا أبتاه من صنع الإنسان ؟‘. أجاب الوالد الغبي ’ الإنسان .لأني أنا صنعتك وأبي صنعني ‘ . فأجاب إبراهيم ’يا أبي ليس الأمر كذلك .لأني سمعت شيخا ينتحب ويقول "يا إلهي لماذا لم تعطني أولادا "‘. أجاب أبوه ’حقا يا بني الله يساعد الإنسان ليصنع إنسانا ولكنه لا يضع يده فيه . فلا يلزم الإنسان إلا أن يتقدم ويضرع إلى إلهه ويقدم له حملانا وغنما يساعده إلهه ‘.أجاب إبراهيم ’ كم إلها هنالك يا أبي؟‘
.أجاب الشيخ :’لا عدد لهم يا بني‘. فحينئذ أجاب إبراهيم ’ماذا أفعل يا أبي إذا خدمت إلها وأراد بي الآخر شرا لأني لا أخدمه ؟ ومهما يكن من الأمر فإنه يحصل بينهما شقاق ويقع الخصام بين الآلهة .ولكن إذا قتل الإله الذي يريد بي شرا إلهي فماذا أفعل ؟ من المؤكد أنه يقتلني أنا أيضا ؟‘. فأجاب الشيخ ضاحكا :’ لا تخف يا بني لأنه لا يخاصم إله إلها . كلا فإن في الهيكل الكبير ألوفا من الآلهة مع الإله الكبير بعل . وقد بلغت الآن سبعين سنة من العمر ومع ذلك فإني لم أر قط إلها ضرب إلها آخر . ومن المؤكد أن الناس كلهم لا يعبدون إلها واحدا . بل يعبد واحد إلها وآخر آخر . ‘ أجاب إبراهيم :’ فإذا يوجد وفاق بينهم؟‘ أجاب أبوه :’نعم يوجد ‘
 .فقال حينئذ إبراهيم : ’ يا أبي أي شيء تشبه الآلهة ؟ ‘ وأجاب الشيخ ’ يا غبي إني كل يوم أصنع إلها وأبيعه لآخرين لأشتري خبزا وأنت لا تعلم كيف تكون الآلهة !‘ . وكان في تلك الدقيقة يصنع تمثالا . فقال: ’ هذا من خشب النخل وذاك من الزيتون وذلك التمثال الصغير من العاج . أنظر ما أجمله ألا يظهر كأنه حي . حقا لايعوزه إلا النفس ‘ . أجاب إبراهيم :’ إذا يا أبي ليس للآلهة نفس فكيف يهبون الأنفاس ؟ ولما لم تكن لهم حياة فكيف يعطون إذا الحياة ؟
 فمن المؤكد يا أبي أن هؤلاء ليسوا هم الله ‘ . فحنق الشيخ لهذا الكلام قائلا :’ لو كنت بالغا من العمر ما تتمكن معه من الإدراك لشججت رأسك بهذه الفأس . ولكن اصمت إذ ليس لك إدراك .‘ أجاب إبراهيم : ’يا أبي إن كانت الآلهة تساعد على صنع الإنسان فكيف يتأتى للإنسان أن يصنع آلهة ؟وإذا كانت الآلهة مصنوعة من خشب فإن إحراق الخشب خطيئة كبرى .ولكن قل لي يا أبت كيف وأنت صنعت آلهة هذا عديدها لم تساعدك الآلهة لتصنع أولادا كثيرين فتصير أقوى رجل في العالم؟‘ فحنق الأب لما سمع ابنه يتكلم هكذا .
 فأكمل الابن قائلا :’ يا أبت . هل وجد العالم حينا من الدهر بدون بشر ؟‘ أجاب الشيخ:’نعم ولماذا؟‘ قال إبراهيم :’ لأني أحب أن أعرف من صنع الإله الأول ‘ .فقال الشيخ:’ انصرف الآن من بيتي ودعني أصنع هذا الإله سريعا ولا تكلمني كلاما .فمتى كنت جائعا فإنك تشتهي خبزا لا كلاما ‘. فقال إبراهيم :’ إنه لإله عظيم فإنك تقطعه كما تريد وهو لا يدافع عن نفسه!‘ فغضب الشيخ وقال:’ العالم بأسره يقول أنه إله وأنت أيها الغلام الغبي تقول كلا . فو آلهتي لو كنت رجلا لقتلتك ‘. ولما قال هذا ضرب إبراهيم ورفسه وطرده من البيت .
إذن ما دام هناك كتب من بين كتبهم تناول مثل هذه الحقائق فهذا دليل على أنهم كانت لديهم توراة حقيقة التى اخبرنا الله جل وعلا عنها وإنجيل حقيقى كذلك  . وأنهم هم من غير وبدل وإلا فمن أين جاء برنابا بتلكموا الحقائق  ؟وهذا يبين لنا لماذا حرموا التعامل معه كما بينا من قبل . وصدق الحق حين قال { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ  } (البقرة : 75 )                                              





                 ثالثا : تحطيم الاصنام
أولا : فى القرآن الكريم
ذكرنا من قبل أن إبراهيم عليه السلام تعرض للعديد من الصعوبات من قومه فى سبيل الوصول لله رب العالمين , وفى سبيل هدايه قومه فبعدما بين لهم بالحجة والبرهان أن النجوم والكواكب وغيرها من مخلوقات الله جل وعلا  لا تصلح أن تكون ألهة وقام بتحطيم الأصنام ليقيم عليهم الحجة وليروا رأى العين أن الهتهم المزعومة لا تستطيع دفع الضر عن نفسها إذن فمن باب أولى لن تستطيع دفع الضر عن من يدعى الإيمان بها . ومن لم يستطع الدفاع عن اتباعه لن يستطيع أن يجلب لهم خيرا . ومن ثم فلا فائدة من ورأها إلا أن قومه لم يتركوه فأرادوا أن يحرقوه فأنجاه الله جل وعلا وفى هذا يقول تعالى فى اكثر من موضع فى القرآن الكريم  :
{ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ *  أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ  * وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ }  (الصافات : 83--- 99 )
من هذه الأيات الكريمة نتعلم أن صاحب الدعوة يجب أن يبذل فى سبيل الوصول إلى رضى الله سبحانه وتعالى كل ما استطاع من جهد وإن كلفه ذلك حياته فلا يتأخر.  فإن الله جل وعلا  هو واهب الحياة فإن أرادها فلا راد لقضائه سبحانه وتعالى وإن لم يرد فلو اجتمع الإنس والجن على أن يأخذوها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا  .
ومن ثم فلا ينبغى أن يتوانى الفرد المسلم فى سبيل تبليغ الدعوة وهذا من أهم ما يميز القرآن الكريم إذ نأخذ منه العبرة والعظة فهوا الدستور الدائم لمن أراد النجاة فى الدنيا والأخرة ,  بخلاف ما نرى فى العهدين القدبم والجديد
فبدلا من الوقوف مع أنفسهم ولو برهة ويتفكروا فيما عرضه عليهم إبراهيم عليه السلام فإذا بهم يريدون التخلص منه ولو بالإحراق بالنار . وهذا هو دأب المعاندين فى كل زمان فهم يودون التخلص ممن ينبههم إلى الصلاح . ألا تذكر ما فعلوه مع الأنبياء ألم يقولوا لنبى الله لوط عليه السلام الذى ظل يحذرهم مرارا وتكرارا من مغبة ما بفلعون قائلا  َ{ أتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ } (الأعراف : 80 ) فاذا بهم يقولون { أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } (الأعراف : 82 )
وفي سورة الشعراء يقول تعالى { واتل عليهم نبأ إبراهيم * إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعوكم إذ تدعون * أو ينفعوكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون * قال أ فرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين *الذي خلقني فهو يهدين * والذي يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ويحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئاتي يوم الدين * رب هب لي حكما والحقني بالصالحين * واجعل لي لسان صدق في الآخرين * واجعلني من ورثة جنة النعيم * واغفر لأبي إنه كان من الضالين * ولا تخزني يوم يبعثون *يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ". الشعراء : 69 ـ 89
وفى سورة (الأنعام :51 ـ 71 ) "ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين *قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين * وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين *
 فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون * قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين * قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا أ أنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون *
قال أ فتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أ فلا تعقلون *قالوا حرِّقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين *قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم *وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين * ونجّيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين "   هذا ماكان فى القرآن الكريم فماذا عن العهدين القديم والجديد بهذا الخصوص ؟
ثانيا : فى العهد القديم
الحق إن العهد القديم لم يرتق لمثل هذه المناقشات الراقية والإقناع بالتى هى أحسن ولم نرى فيه ولو مرة واحدة وقوف الحق جل وعلا  بجانب انبياءه صلوات الله وسلامه عليهم  بل كثيرا ما يذكر العهد القديم لهم من المعايب والنقائص ما لا يليق بأحاد الناس فضلا عن الأنبياء . فلم يرد فى العهد القديم مايدل على مناقشة ابراهيم عليه السلام قومه عن بطلان عبادة الأصنام وعن ما قام قومه بإلقاءه فى النيران .  وليس هذا فحسب بل إن هناك العديد من القضايا التى ذكرها القرآن الكريم ولم يذكرها العهد القديم إما أنهم لاعلم لهم بها .بسبب ماقام به الأحبار والكهنة من تغيير وتبديل وإما أنهم يعلمونها  إلا انهم أخفوها حسدا من عند أنفسهم ليبينوا لأبناهم إن ماذكر عندنا هو الإفتراء ولكن بعرض هذه القضايا نتبين أنهم هم المفترون وصدق الحق جل وعلا حين قال {  يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ  } (المائدة : 15 ) 
ثالثا  : فى العهد الجديد
وكذلك العهد الجديد لم يتطرق لهذه القضية لا من بعيد ولا من قريب بل إن العهد الجديد تعامل مع الأنبياء تعاملا غريبا فلم يذكرهم إلا ليقلل من شأنهم وما قعلوا ذلك الا ليرفعوا من مكانة المسيح عليه السلام ليجعلوه إلها ( قاتلهم الله )وليجعلوه أفضل من جميع الأنبياء .
رابعا : فى إنجيل برنابا
  وللمرة الثانية نجد فى إنجيل برنابا ما لا نجده فى العهد القديم ولا العهد الجديد مما يثير تسأولات عدة وإليك القصة من إنجيل برنابا
في الفصل 27 :14 ـ 22 وفصل 28 يروي إنجيل برنابا ما حدث بين إبراهيم عليه السلام وبين قومه وتحطيمه لأصنامهم  فقال " لما بلغ إبراهيم اثنتي عشر سنة من العمر قال أبوه يوما ما :’ غدا عيد كل الآلهة . فلذلك سنذهب إلى الهيكل الكبير ونحمل هدية لإلهي بعل العظيم . وأنت تنتخب لنفسك إلها .لأنك بلغت سنا يحق لك معه إتخاذ إله ‘ فأجاب إبراهيم بمكر:’سمعا وطاعة يا أبي‘. فبكّرا في الصباح إلىالهيكل قبل كل أحد .
 ولكن إبراهيم كان يحمل تحت صدرته فأسا مستورة . فلما دخلا الهيكل وازداد الجمع خبَّأ إبراهيم نفسه وراء صنم في ناحية مظلمة من الهيكل .فلما انصرف أبوه ظن أن إبراهيم سبقه إلى البيت ولذلك لم يمكث ليفتش عليه .ولما انصرف كل أحد من الهيكل أقفل الكهنة الهيكل وانصرفوا .فأخذ إبراهيم إذ ذاك الفأس وقطع قوائم جميع الأصنام إلا الإله الكبير بعلا . فوضع الفأس عند قوائمه بين جذاذ التماثيل التي تساقطت قطعا لأنها كانت قديمة العهد ومؤلفة من أجزاء .
 ولما كان إبراهيم خارجا من الهيكل رآه جماعة من الناس فظنوا أنه دخل ليسرق شيئا من الهيكل فأمسكوه . ولما بلغوا به الهيكل ورأوا آلهتهم محطمة قطعا صرخوا منتحبين :’ اسرعوا يا قوم ولنقتل الذي قتل آلهتنا‘ .فهرع إلى هناك نحو عشرة آلاف رجل مع الكهنة وسألوا إبراهيم عن السبب الذي لأجله حطّم آلهتهم .أجاب إبراهيم :’ إنكم لأغبياء .أيقتل الإنسان الله .إن الذي قتلها إنما هو الإله الكبير.ألا ترون الفأس التي له عند قدميه .إنه لا يبتغي أندادا ‘ .فوصل حينئذ أبو إبراهيم الذي ذكر أحاديث إبراهيم في آلهتهم .وعرف الفأس التي حطم بها إبراهيم الأصنام .فصرخ :’ إنما قتل آلهتنا ابني الخائن هذا لأن هذه الفأس فأسي ‘ .
 وقص عليهم كل ما جرى بينه وبين ابنه . فجمع القوم مقدارا كبيرا من الحطب . وربطوا يدي إبراهيم ورجليه . ووضعوه على الحطب ووضعوا نارا تحته .فإذا الله قد أمرالنار بواسطة ملاكه جبريل ألا تحرق عبده إبراهيم . فاضطرمت النار باحتدام وحرقت نحو ألفي رجل من الذين حكموا على إبراهيم بالموت . أما إبراهيم فقد وجد نفسه مطلق السراح إذ حمله ملاك الله إلى مقربة من بيت أبيه دون أن يرى من حمله .وهكذا نجا إبراهيم من الموت  . 
 مارايك عزيزى القارئ ؟ أرأيت القصة وكيف رواها برنابا ؟ فمع أن القصة بها بعض الزيادات وتنقصها بعض الأمور إلا أنها فى مضمونها تبين أن أهل الكتاب كانوا على علم بها إلا أنهم بذلوا جهدهم ليخفوها  .!!!!!!
تحطيم الأصنام فى التلمود
وما يزيد إحساسنا بأن كتبة العهدين القديم والجديد  لم يلتزموا بما وجدوه وبما سمعوه من نبى الله عيسى عليه السلام هو ما وجدناه فى انجيل برنابا وإن قيل بأنهم لا يعترفون بهذا الإنجيل نقول لهم فما بالكم بالتلمود ؟  الذى يؤمن به اليهود إيمانا يوازى إيمانهم بالعهد القديم  أو يفوق .فوجدنا فى التلمود العديد من القصص التى أخفاها أهل الكتاب ومنها تلك القصة التى نحن بصددها ألا وهى قصة تحطيم نبى الله إبراهيم للأصنام التى كان يعبدها قومه  فقالوا فى التلمود :  أنه أهوى بقدوم على الأصنام فحطمها ووضع القدوم في يد كبيرها ، وعندما حضر أبوه على صوت التحطيم وسأله " ماذا دهاها ؟" قال "هذا  أنحى عليها فكسرها ولا يزال القدوم في يديه " فصاح به أبوه "إنك تكذب فما في وسع هذا الصنم أن يفعل ما زعمت ". قال إبراهيم "عجبا لك يا أبتاه تعبد   هذه العجزة التي لاتقدر على ضرر ولا نفع " ثم وثب على الصنم الكبير فأخذ القدوم من يده وضربه فألقاه ، وهرب من وجه أبيه .
 أرايت عزيزى القارئ اختلافهم ؟  لا أقول أن هذا الأختلاف بيننا وبينهم ؟ بل أقصد  اختلافاتهم بينهم وبين انفسهم مما يجعلنا نزداد إيمانا بقول الحق سبحانه وتعالى { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } (النمل : 76 )ولذا ندعوهم لما دعاهم إليه القرآن الكريم حين قال تعالى { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (البقرة : 136 ) وهذه حقيقة لأن الحق سبحانه وتعالى يقول { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } (النساء : 82 )          
  رابعا : (  ملكوت الله وإبراهيم عليه السلام  )
أولا :  فى القرآن الكريم
لقد تناول القرآن الكريم إيمان ابراهيم عليه السلام ووصوله إلى الإيمان بالله جل وعلا  بالعقل والمنطق فيروى القرآن الكريم كيف تعرف إبراهيم عليه السلام على وجود الله سبحانه وتعالى بالحجة والعقل فقال تعالى :
في سورة الأنعام :{ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين *فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين *فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون *
إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين * وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون *وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزِّل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون "  الأنعام :75 ـ 81    أي أن إبراهيم عليه السلام قد إهتدى لله قبل أن يحاول قومه إحراقه ، بخلاف ما جاء به إنجيل برنابا .
ثانيا :فى العهد القديم
لم يرتق العهد القديم الى هذا المستوى لأنهم لم يؤمنوا إلا بما لمسته أيديهم  أو رأوه بأعينهم وهذا ما جعلهم يختلقون فى العهد القديم العديد من النصوص التى يظهر فيها تجسيد لله جل وعلا ( حاشاه ) وقد بينا العديد منها فى الباب الاول  فلم يكن هناك داع لإعادتها .
ثالثا : فى العهد الجديد 
ولم يذكر العهد الجديد شيئا عن قصة إبراهيم عليه السلام ولا عن علاقته بملكوت الله  لأنهم يرون أن الرب هو المسيح وأن الرب ثالث ثلاثة .
 فلأمر يختلف تمام الإختلاف لأن لملكوت الله عندهم معنى أخر فذكروا فى الإنجيل على لسان نبى الله يحيى  عليه السلام أنه قال لليهود " توبو لأنه قد اقترب ملكوت السموات " ( )
فظن النصارى أن المقصود بملكوت السموات إنما هو عيسى بن مريم عليه السلام ولكن ماذا بقول النصارى فيما قاله المسيح عليه السلام بنفسه قائلا " وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات " اذا قلنا ان نبى الله يحيى بشر بنبى الله عيسى عليهما السلام  مستخدما عبارة " اقترب ملك السموات " فلمن استخدم نبى الله عيسى عليه السلام عبارة " اقترب ملكوت السموات " ؟
اذا فهذا دليل واضح على ان النبيين العظيمين بشروا بنبى يأتى اخر الزمان وهو نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم لأن لو الأمر يراد به سيدنا عيسى عليه السلام لكانت العبارة مختلفة ولقال سيدنا عيسى " جاء ملكوت السموات " بدلا من ( اقترب ) لأنه اصبح الان بين ايديهم فلا مجال هنا لكلمة ( اقترب ) ثم قال لتلاميذه " استريحوا لقد حضر ملكوت السموات " ولكن رأينا فى الانجيل ان نبى الله يحيى ونبى اله  عيسى واتباع سيدنا عيسى عليه السلام الجميع يرددون عبارة واحدة وهى " اقترب ملكوت السموات " فهى اذا يراد به النبى محمد صلى الله عليه وسلم . كما أنها لا علاقة لها بنبىالله إبراهيم عليه السلام ولم يذكروا لنا كيف اهتدى نبى الله إبراهيم عليه السلام للإيمان بالله جل وعلا ولا ادرى لماذا تجاهلوا هذه القضية الهامة لانها كانت ستدل ابناءهم على الصراط المستقيم ولكن كيف وهم كما قال القرآن الكريم { الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } (إبراهيم : 3 )رابعا: فى انجيل برنابا
تحدثنا فيما سبق عن هداية الحق سبحانه وتعالى لإبراهيم عليه السلام من إنجيل برنابا ويستطرد إنجيل برنابا في الفصل 29 ليستكمل ما حدث بعد ذلك فيقول " لما بلغ إبراهيم جوار بيت أبيه خاف أن يدخل البيت . فانتقل إلى بعد البيت وجلس تحت شجرة نخل حيث لبث منفردا . وقال:’ لابد من وجود إله ذي حياة وقوة أكثر من الإنسان لأنه يصنع الإنسان.والإنسان بدون الله لا يقدر أن يصنع الإنسان ‘ .حينئذ التفت حوله وأجال نظره في النجوم والقمر والشمس فظن أنها هي الله .
ولكن بعد التبصر في تغيراتها وحركاتها قال:’ يجب ألا تطرأ على الله الحركة ولا تحجبه الغيوم وإلا فَنِي الناس ‘ .وبينما هو متحير سمع اسمه ينادى :’يا إبراهيم ‘ .فلما التفت ولم ير أحدا في جهة قال:’إني قد سمعت يا إبراهيم ‘. ثم سمع كذلك اسمه ينادى مرتين أخريين:’ يا إبراهيم ‘ . فأجاب :’ من يناديني؟‘ حينئذ سمع قائلا يقول :’إنه أنا ملاك الله جبريل ‘ . فارتاع إبراهيم . ولكن الملاك سكّن روعه قائلا:’ لا تخف يا إبراهيم لأنك خليل الله ، فإنك لما حطّمت آلهة الناس تحطيما اصطفاك إله الملائكة والأنبياء حتى إنك كتبت في سفر الحياة‘ . حينئذ قال إبراهيم :’
ماذا يجب أن أفعل لأعبد إله الملائكة والأنبياء الأطهار ؟‘ فأجاب الملاك :’ إذهب إلى ذلك الينبوع واغتسل .لأن الله يريد أن يكلمك ‘ . فأجاب إبراهيم :’ كيف ينبغي أن أغتسل ؟ ‘ فتبدّى له حينئذ الملاك يافعا جميلا واغتسل من الينبوع قائلا :’ افعل كذلك بنفسك يا إبراهيم‘. فارتقى إبراهيم الجبل كما قال له الملاك .ولما جثا على ركبتيه قال لنفسه : ’متى يا ترى يكلمني إله الملائكة ؟‘ فسمع صوتا لطيفا يناديه:’ يا إبراهيم ‘. فأجاب إبراهيم:’ من يناديني؟‘ فأجاب الصوت:’ أنا إلهك يا إبراهيم ‘ . أما إبراهيم فارتاع وعفَََّّر بوجهه الأرض قائلا :’ كيف يصغي عبدك إليك وهو تراب ورماد؟‘ حينئذ قال الله:’ لا تخف بل انهض لأني قد اصطفيتك عبدا لي وإني أريد أن أباركك وأجعلك شعبا عظيما .فاخرج إذا من بيت أبيك وأهلك وتعالى أسكن في الأرض التي أعطيكها أنت ونسلك .‘
فأجاب إبراهيم :’ إني لفاعل كل ذلك يا رب ولكن أحرسني لكيلا يضرني إله آخر . ‘ فتكلم الله قائلا:’ أنا الله أحد .ولا إله غيري .أضرب وأشفي . أميت وأحيي . أُنزل الجحيم وأُخرج منه . ولا يقدر أحد أن يُنقذ نفسه من يدي .‘ ثم أعطاه الله عهد الختان وهكذا عرف الله أبونا إبراهيم .
أرايت  عزيزى القارئ كيف اختلفت أناجيلهم مع إنجيل برنابا ؟ وإن قالوا بأنهم لا يعترفون بإنجيل برنابا  نقول لهم وماذا عن التلمود ؟  هل نحن من وضع التلمود ايضا ؟ هل يستطيعون أن ينكروا على اخوانهم اليهود التعامل به ؟ بالطبع  لا  ولذا حين تصفحنا  التلمود بحثا عن إبراهيم عليه السلام وكيف وصل إلى الله جل وعلا بالعقل والنظر فى ملكوت الله فوجدنا فى التلمود ما هو قريب مما ذكر فى إنجيل برنابا ولم نجد له مثيل فى العهد الجديد . 
التلمود ونبى الله ابراهيم
فقد ذكروا فى التلمود العديد من القصص التى  تخص نبى الله إبراهيم عليه السلام  وبعضها يوافق ما ذكر فى القرآن الكريم وبعضها غريب .فما ذكر فى التلمود أن  " إبراهيم عليه السلام ولد في كهف وظل به لحين بلوغه ثلاثة عشر سنة " وفي رواية أخري للتلمود أقل من ذلك . وتذكر إحدى الروايات أنه" خرج من الكهف ليلا فرأى النجوم فقال هذه هي الأرباب .فلما أشرقت الشمس قال :كلا بل هذه هي الرب .فلما أفلت وظهر القمر قال بل هو هذا .. فلما أفل قال : ما هذه بأرباب إنما الرب المعبود هو الذي يديرها ويسيرها ويبديها ويخفيها "
وفي رواية أخرى أن " أمه خرجت تتفقده بعد عشرين يوما من مولده فوجدت صبيا ناميا أنبأها أنه هو إبراهيم وقال لها عندما تعجبت :إنها قدرة الله الذي يرى ولا يرى "
كما يروي التلمود أنه بدأ بالدعوة لله عند ذاك : الإله الأحد الذي لا إله غيره :رب السماوات ورب الأرباب ورب النمروذ . وأنذرهم أن يتركوا عبادة الصنم الذي صنعوه على مثال النمروذ . فإن له فما ولكنه لا ينطق ، وعينا لكنه لا يبصر وأذنا ولكنه لايسمع ، وقدما ولكنه لايسعى ولا ينفع نفسه ولا يغني عن غيره شيئا .كما يروي أنه أمسك بعرش النمروذ وصاح به : أيها الشقي ! إنك تنكر الله الحي الصمد وتنكر عبده إبراهيم خادم بيته الأمين .
كما يروي التلمود أن والد نبى الله ابراهيم عليه السلام كان مثَّالا يصنع الأصنام ، وأن إبراهيم اهتدى إلى ضلال هذه العبادة لأنه رأى أباه يصنعها ويصلحها ، وكان يبيعها لأبيه ، فعجب للذين يشترونها كيف يعبدون صنما مصنوعا بالأمس ومنهم من جاوز الخمسين .
ورأى إبراهيم يوما الأصنام تحترق فقال لأبيه " يا أبت ! إن النار أحق بعبادتك      من أصنامك لأنها تحرقها "، ثم قال "بيد أني لا أحسب النار إلها لأن الماء يخمدها ، ولا أحسب الماء إلها لأن الأرض تبتلعه ، ولا أحسب الأرض إلها لأن الشمس تجففها وتنشر على الكون كله أشعتها ، ولا أحسب الشمس إلها لأن الظلام يحجبها ، ولا أحسب القمر والنجوم التي تظهر في الظلام آلهة لأنها تحتجب عند طلوع النهار ، وإنما الإله القدير على كل شيء هو خالق الشمس والقمر والكواكب والأرض وما عليها ،وخالقي وهادي إلى الحق المبين ".
خامسا :( العهد وإبراهيم وعليه السلام  )
أولا: فى القرآن الكريم
نأتى إلى أشد الموضوعات خطورة ألا وهو العهد الذى زعم بنوا إسرائيل أنه لهم ولذا رأيت أن أذكر العهد من القرآن الكريم ومن  العهدين القديم والجديد وانجيل برنابا والتلمود لنرى  ماذا دبر اليهود واخوانهم النصارى للعالم  ؟
بادئ ذى بدئ نعلم ان الحق سبحانه وتعالى كافأ نبيه إبراهيم عليه السلام لما قام به من تضحيات فى سبيل الله وجعله علما وإماما على مر الزمان فقال تعالى { قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } البقرة:  124) أي : جعله الحق سبحانه وتعاى قدوة يقتدى به في التوحيد والإيمان بالله رب العالمين ، واكرمه الله سبحانه وتعالى بكرامة لم يحظ بها غيره من البشر وهى :لم يُبعث نبي بعده إلا كان من ذريته ؛ فهو أبو الأنبياء جميعاً ؛ أبو إسماعيل عليه السلام الذي من ذريته سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأبو إسحاق عليه السلام الذي من ذريته أنبياء بني إسرائيل جميعاً .
ويقول الإمام ابن عجيبة في تفسيره : ولما جعله المولى إماماً طلب إبراهيم ذلك لأولاده فرد عليه الحق جل في علاه  { قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (البقرة:124) أي : لا يلحق عهدي بالإمامة إلا البررة الأتقياء؛ لأنها أمانة من الله تعالى وعهد والظالم لا يصلح لها
ويقول الإمام البيضاوي في تفسيره : فيه دليل على عصمة الأنبياء قبل البعثة ، وأن الفاسق لا يصلح لها .
 ويقول الإمام القرطبي في تفسيره : الإمام يكون من أهل الفضل والعدل والإحسان مع القدرة على القيام بذلك , فأما أهل الفسوق والجور والظلم فليسوا له بأهل لقوله تعالى    { قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)} ( البقرة:124)
ويقول صاحب فتح الرحمن في تفسير القرآن في قوله تعالى { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} أي  إني مصيرك للناس رسولاً وقدوة ، فأهل الإيمان إلى يوم الدين يأتمون بك ، والرسل الذين أرسلهم من بعدك يستنون بسنتك التي تعمل بها بأمري ووحيي .
ولقد عهد الله تعالى إلينا نحن الأمة الخاتمة أن ننهج نهج أبينا إبراهيم عليه السلام حيث يقول المولى سبحانه { مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ } (الحج:78)  ووصانا سبحانه أن نتخذ من غيرته على أمانات ربنا أسوة فقال جل وعلا  {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (الممتحنة:4)
ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } أي : جزاء على ما فعلت كمن قام بالأوامر وترك الزواجر جعله الله تعالى للناس قدوة وإماماً يُقتدى به
ويقول صاحب التفسير الشامل للقرآن الكريم في قوله تعالى  { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } الإمام : القدوة الذي يؤتم به لفضله ومزاياه الخاصة ، ولما أوتيه من خصائص في الثبات والاستقامة والطاعة والامتثال لأمر الله تعالى وعلى ذلك فإن إبراهيم عليه السلام جدير أن يجعله الله للناس إماماً ليقتدي به الآخرون في كل زمان ومكان .
ويقول صاحب الميزان في تفسير القرآن : إن الله عز وجل اتخذ إبراهيم عليه السلام عبداً قبل أن يتخذه نبياً ، واتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً ، واتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً ، واتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماماً ؛ فلما جمع له الأشياء {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً } ومن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام طلب الإمامة في ذريته فأجابه الحق سبحانه بقوله {  لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } أي لا يكون السفيه إماماً للتقي ، أما اتخاذه عبداً قبل أن يتخذه نبياً فإنه يُستفاد من قوله تعالى{ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } (الأنبياء:51   إلى قوله تعالى  { وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } (الأنبياء:56)
وهذا هو أول أمر إبراهيم عليه السلام ، واعلم أن اتخاذ الله أحداً من الناس عبداً غير كونه في نفسه عبداً أمر تشريفي وتكريمي في آن واحد ؛ فإن العبودية من لوازم الإيجاد والخلقة لا ينفك عن مخلوق ذي فهم وشعور فالإنسان مملوك الوجود لربه مخلوق له ؛ سواء جرى في حياته على ما تستدعيه مملوكيته الذاتية واستسلم لربوبية ربه العزيز ؛ أو لم يجر على ذلك قال الله تعالى { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً } (مريم:93)
وإذا لم يجر على رسوم العبودية استكباراً في الأرض وعتواً وتجبراً كان الأحرى أن لا يسمى عبداً بالنظر إلى الغايات لأن العبد هو الذي أسلم وجهه لربه وأعطاه تدبير نفسه فينبغي أن لا يسمى عبداً إلا من كان عبداً في نفسه ، وعبداً في عمله فهذا هو العبد في الحقيقة الذي ينطبق عليه قول الحق سبحانه  { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً } (الفرقان:63)
وعلى هذا فاتخاذه تعالى إنساناً عبداً هو الولاية أي تولى أمره كما يتولى الرب أمر عبده ، والعبودية مفتاح الولاية كما يدل على ذلك قوله تعالى  { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } (الأعراف:196)أي : اللائقين للولاية والله سبحانه وتعالى سمى حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم في آيات من كتابه العزيز بهذه الصفة الغالية والمحببة فقال سبحانه في أول سورة الكهف  { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا } (الكهف:1)وقال جل وعلا  { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (الحديد:9)
وقال جل شأنه  { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } (الجـن:19)
ونحن نقول : إن درجة العبودية من أرقى الدرجات وأعظمها فقد خيَّر الحق سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بين أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فاختار العبودية ؛ لما للعبودية من مكانة عالية 
هذا ما كان من إكرام الحق سبحانه وتعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام بالإمامة التى هى من أعلى المقامات وبينا من القرآن الكريم أن الإمامة لاينالها الإنسان بالنسب أو إنتمائه لقبيلة ما , وإنما بالإقتداء بنبى الله إبراهيم عليه السلام فإن كان من ذريته وعمل صالحا فبها ونعم وإن لم يكن من ذريته وكان صالحا فلا بأس . المهم هو الإيمان بالله جل وعلا أما أن يعتمد على أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام ويدعى الإمامة أو أنه أصبح الوصى على الأخرين فهذا ليس من الإيمان أو المنطق فى شئ ولو عرضنا الأمم الثلاثة  : آى اليهود و المسيحين وأمة محمد صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى وعلى الآية الكريمة { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } (آل عمران : 68 لوجدنا أن المسلمين هم أولى الناس بإبراهيم عليه السلام .
أما العهد الذى يتشدق به أهل الكتاب ليل نهار ومع أنهم يعلمون علم اليقين أنه من عندهم وأن الأنبياء لاعلم لهم بهذا العهد وإنما وضعه الأحبار والكهنة لحاجة فى نفوسهم وهى رغبتهم فى السيطرة على العالم وأن يطوعوه تبع هواهم وإرادتهم  . والله جل وعلا حائل بينهم وبين مايشتهون .
وإليك عزيزى القارئ توضيح معنى العهد الذى عهده سبحانه وتعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام و لأن الأرض لله يورثها سبجانه وتعالى لمن يشاء من عباده فلن يصلوا إلى هذا المراد إلا من التزم بالعهد الأول وبسنة نبى الله إبراهيم  الذى اتبع الفطرة التى فطر الله الناس عليها وأصبح علما على مر الزمان فقال تعالى {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج : 78 )
فالملة هي الدين ، وهى مجموع أقوال وأفعال واعتقاد ، ودخول الأعمال في الملة كدخول الإيمان سواء بسواء . فالملة هي الفطرة ، ومحال أن يأمر الله سبحانه باتباع إبراهيم في مجرد الكلمة دون الأعمال وخصال الفطرة، وإنما أمر بمتابعته في توحيده وأقواله وأفعاله ولقد قام إبراهيم عليه السلام بالإختتان إمتثالاً لأمر الله جل وعلا الذي أمره به وابتلاه به، فوفاه كما أمر فإن لم نفعل كما فعل لم نكن متبعين له . وكذلك لم يأمرنا فقط باتباع ملة الخليل إبراهيم  عليه السلام  بل أمرنا أيضًا بالاقتداء بهديه عليه السلام حيث قال سبحانه وتعالى  لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعدما ذكر جملة من الأنبياء منهم إبراهيم عليه السلام { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ }( الأنعام : 90 )     
والمراد بالفطرة : الدين كما قال تعالى  { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } الروم : 30) .
(1)  ويؤكد هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" الفطرة خمس ـ أو خمس من الفطرة ـ الختان و الاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب "
قال ابن القيم ـ رحمه الله :  فجعل الختان رأس خصال الفطرة ، وإنما كانت هذه الخصال من الفطرة ؛ لأن الفطرة هي الحنيفية ملة إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهذه الخصال أمر الله جل وعلا  بها إبراهيم عليه السلام ، وهى من الكلمات التي ابتلاه ربه بهن.
كما ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : والفطرة فطرتان : فطرة تتعلق بالقلب وهى معرفة الله ومحبته وإيثاره على من سواه ، وفطرة عملية وهى هذه الخصال ( خصال الفطرة ) فالأولى : تزكى الروح وتطهر القلب . والثانية : تطهر البدن ، وكل منهما تمد الأخرى وتقويها ، وكأن رأس فطرة البدن: الختان
وقال ابن القيم أيضًا في نفس المصدر:
وقد اشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة ، وأخذ الفضلات المستقذرة التي يألفها الشيطان ويجاورها من بنى آدم ، وله بالغرلة اتصال واختصاص . فالحج والختان شعار الحنيفية وهى فطرة الله التي فطر الناس عليها . والمراد بالفطرة : الدين كما قال تعالى { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }( الروم : 30) .
ويجوز أن يراد بالفطرة : السنة ، التي بمعنى الطريقة والملة والشريعة.وعليه فالختان من دين الله وشرعه ، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال كما عند البخارى :" فمن رغب عن سنتي فليس منى " وقال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى أخرجه أبو داود من حديث العرباض بن سارية :" فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ "
ـ وقال ابن دقيق العيد ـ رحمه الله ـ :
قال بعض العلماء : دل الخبر على أن الفطرة : بمعنى الدين ، والأصل فيما أضيف إلى الشيء أنه منه ومن أركانه لا من زوائده حتى يقوم دليل على خلافه .
وقد ورد باتباع إبراهيم عليه السلام  وثبت أن هذه الخصال أمر بها إبراهيم عليه السلام  وكل شىء أمر الله باتباعه فهو على الوجوب لمن أمر به .
ومن أدلة القائلين بوجوب ختان الرجال كذلك :
 (2) وما أخرجه أبو داود وأحمد بسند حسن عن عُثيم بن كليب عن أبيه عن جده
أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد أسلمتُ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
" ألق عنك شعر الكفر  واختتن "قال الشيخ الألبانى :هذا الحديث حسن لأن له شاهدين :أحدهما : عن قتادة أبي هشام ، والآخر:عن واثلة بن الأسقع  . (
وهذا الحديث من أقوى الأدلة على وجوب الختان في حق الرجال فقوله صلى الله عليه وسلم  : اختتن: فعل أمر يفيد الوجوب ، عُلم منه أن الختان واجب وليس بسنة.
وقد يعترض البعض ويقول قول النبي صلى الله عليه وسلم  : ألق عنك شعر الكفر" وهذا سنة ثم قال : "واختتن "فبدلالة الاقتران يكون الختان كذلك سنة.
الآثـار التى تدل على وجوب الختان :
1-ما أخرجه الحاكم فى المستدرك والبيهقي فى السنن الكبرى عن ابن عباس  رضي الله عنهما  قال :في قوله تعالى  { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ }( البقرة : 124 قال : ابتلاه الله بالطهارة ، خمس فى الرأس وخمس فى الجسد :فى الرأس: قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس.وفى الجسد : تقليم الأظافر وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط والبول بالماء "
-2 وأخرج ابن أبى شيبة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : الأقلف : لا تجوز شهادته ولا تقبل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة. و قال ابن القيم في تحفة المودود :ووجه الدلالة من هذا الأثر أنه قول صحابى ، ولم يعرف عن صحابى آخر خلاف قوله هذا
وقد احتج كثير من العلماء بأقوال الصحابة .
3 - وثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله تعالى { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}( البقرة : 124 )قال :ابتلاه بعشر كلمات فذكرهن ، وذكر منهن : الختان .والابتلاء غالبًا إنما يقع بما يكون واجبًا.
وقال البيهقى فى السنن قال أصحابنا:والابتلاء إنما يقع فى الغالب بما يكون واجبًا.
وقال القرطبى : الإبتلاء: الإمتحان ومعناه أمر وتعبد .
وقال ابن كثير : اى اختياره بما كلفه من الأوامر والنواهى .
وممن قال بوجوب الختان فى حق الرجال استدلوا بما يلى :
1- أن القلفة ( وهى الجلدة التى تغطى الذكر) تحتبس النجاسة فلو تحرك و اهتز، تساقطت بعض قطرات البول المحتبسة بها فتتعرض طهارته وصلاته للفساد ، ولهذا جاء عن فريق من أهل العلم : بأن لا صلاة له ، ولهذا منع كثير من السلف والخلف إمامته ، وإن كان معذوراً بنفسه فإنه بمنزلة من به سلس البول ونحوه .
2 - جواز كشف العورة من المختون ونظر الخاتن إليها ، وكلاهما حرام فلو لم يجب لما أبيح ذلك واُعترض على ذلك كما سبق بأنه قد يترك الواجب لغير الواجب ، كترك الإنصات للخطبة بركعتى التحية ، وككشف العورة لنظر الطبيب ومعالجته .
كشف العورة مباح لمصلحة الجسم والنظر إليها يباح للمداواة وليس ذلك واجبا إجماعا.
وأجيب عن هذا الاعتراض بأن كشفها لا يجوز لكل مداواة ، وإنما يجوز فى موضع يقول أهل العرف : المصلحة فى المداواة راجحة على المحافظة عى المروءة وصيانتها .
 3 - أن الختان : قطع عضو لا يستخلف من الجسد تعبداً ، فيكون واجبا ، كقطع اليد فى السرقة , وهذا ما احتج به أبو حامد وأتباعه كالماوردي على وجوب الختان على الرجال
واُعترض على ذلك : أن قطع اليد إنما أبيح فى مقابلة جرم عظيم، بخلاف الختان فهو من باب الطهارات والتنظيف فلم يتم القياس .
4   - قال الماوردى كما نقل ذلك عن الحافظ  : استدلاله على وجوب الختان . أن فى الختان ألم عظيم على النفس وهو لا يشرع إلا فى إحدى ثلاث خصال : لمصلحة أو لعقوبة أو وجوب ، وقد انتفى الأولان فثبت الثالث  .
  5  - قال الخطابى : إنه من شعار الدين وبه يعرف المسلم من الكافر ، حتى لو وجد مختونًا بين جماعة قتلى صلى عليه ودفن فى مقابر المسلمين.
واُعترض عليه : بأنه ليس كل ما كان من الشعائر يكون واجبا ، فالشعائر : منها ما هو واجب : كالصلوات الخمس والحج والصيام والوضوء ،ومنها ما هو مستحب : كالتلبية وسوق الهدي وتقليده .ومختلف فيه : كالأذان والعيدين والأضحية ، فما الدليل على أن الختان من الشعائر الواجبة.
وأُجيب عن هذا الاعتراض:بأن الأمر كذلك ، ولكن مثل هذا الشعار العظيم الفارق بين عباد الصلبان وعباد الرحمن ، الذى لاتتم الطهارة إلا به وترك شعار عباد الصليب لا يكون إلا من أعظم الواجبات .بل ذهب الهيثمى فى الزواجر: على أن ترك الختان فى حق الرجال من الكبائر، فقال ـ رحمه الله ـ :والصحيح إننا إذا أوجبنا الختان ، فتركه بلا عذر فسق فافهم ذلك إن الكلام إنما هو فى الذكر دون الأنثى ، وإن الذكر يفسق بترك الختان بلا عذر ويلزم من فسقه بذلك كونه كبيرة  .
هذا ما كان من القرآن بشان العهد لإبراهيم عليه السلام سواء على الإمامة أو الفطرة اما بنوا اسرائيل فقد ذهبوا بعيدا عن هذين المعنيين واختلقوا معانى اخرى لا علاقة لها بالدين لا من بعيد ولا من قريب ولكنهم شغلوا بها انفسهم وابناءهم وبسببها أشعلوا الحروب  :
   ختان الإناث ( وبحث للدكتور القرضاوى )
ولكن ماذَا عن ختان الإناث ؟  فمن نظر في القرآن الكريم لم يجده تعرَّض لقضية الختان تعرُّضا مباشرا في أي سورة من سوره المكية أو المدنية.ولقد اوردنا أراء العلماء بخصوص ختان الرجال .ولقد عثرت على بحث مطول على الانترنت لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوى تحدث فيه بإستفاضة عن ختان الإناث فرأيت أن أعرضه لك عزيزى القارئ من باب الأمانة العلمية وتناول الموضوعات من كل جوانبها :
فيقول فضيلته :ولكن فقهاء الشافعية الذين قالوا بوجوب الختان على الذكور والإناث، استدلُّوا - فيما استدلوا - بقوله تعالى في سورة النحل: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل:123].
وقالوا: إن الختان من مِلَّة إبراهيم، وقد ثبت في الصحيحين: أن إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين سنة.
والحق أن الاستدلال بالآية استدلال متكلَّف، فالأمر باتباع مِلَّة إبراهيم: أكبر وأعمق من مجرَّد عملية الختان، بل المراد اتباع منهجه في إقامة التوحيد، واجتناب الطاغوت، والدعوة إلى وحدانية الله بالحكمة والحُجَّة، كما رأينا ذلك في دعوة إبراهيم لأبيه وقومه. فكل محاجَّته معهم كانت حول التوحيد، ولم تكن حول شيء من جزئيات الأحكام، ولهذا لم يذكر في القرآن أي شيء من هذه الفرعيات. قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:161].
وقال الله سبحانه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4].
على أن الذين يستدلُّون باتباع مِلَّة إبراهيم عليه السلام، على وجوب الختان، إنما يستدلُّون به في شأن ختان الذكور، فلا مدخل للاستدلال بالآية في شأن الإناث.                                   
وإذا لم يكن في القرآن الكريم ما يشير إلى حكم ختان الإناث كما رأينا، فلم يبقَ إلا السُّنَّة، فهي مَظِنَّة أن يوجد فيها من الأحاديث ما استدلَّ به أصحاب الأقوال المختلفة. وهذا هو الواقع، فقد رأينا عامَّة الفقهاء يستدلُّون بالأحاديث في هذه القضية.
وأهم الأحاديث التي يُستدلُّ بها في هذا الموضوع (ختان الإناث) ثلاثة:
الحديث الأول: "إذا التقى الختانان وجب الغسل". ومعنى التقاء الختانين، أي التقاء موضع ختان الرجل بموضع ختان المرأة عند الجماع، وهذا يفترض أن المرأة مختونة مثل الرجل. والحديث مروي عن عائشة.
الحديث الثاني: حديث أم عطية: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال للخاتنة: "أَشِمِّي ولا تَنهَكِي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج". وقد روي بألفاظ عدَّة، متقاربة في المعنى.
ومعنى "أَشِمِّي": مأخوذ من إشمام الرائحة، أي الاكتفاء بأدنى شيء.
ومعنى "لا تَنهَكِي": من النَّهك، وهو المبالغة في كلِّ شيء. ينهاها عن التجاوز والإسراف في القطع. قال في (النهاية) في تفسير "لا تَنهَكِي": أي لا تأخذي من البظر كثيرا، شبَّه القطع اليسير بإشمام الرائحة، والنَّهك بالمبالغة فيه .
الحديث الثالث: هو حديث: "الختان سُنَّة للرجال، مكرُمة للنساء".
وسنتحدَّث عن كلِّ حديث منها بما يبيِّن قصورها عن الاستدلال بها على هذا الحكم. ونبادر هنا فنقول: إن ما ورد من أحاديث حول ختان الإناث في السنة المشرَّفة، لم يصحَّ منها حديث واحد، صريح الدلالة على الحكم، أجمع على تصحيحه أئمة هذا الشأن الذين يُرجع إليهم فيه: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:14]، {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} [الفرقان:59].
ومن المعلوم المجمَع عليه عند أهل العلم جميعا، محدِّثين وفقهاء وأصوليين: أن الحديث الضعيف لا يُؤخذ به في الأحكام، وإنما تساهل مَن تساهل في روايته والاستفادة منه في الترغيب والترهيب وفضائل الأعمال ونحوها، أما الأحكام وما يتعلَّق بالحلال والحرام، والإيجاب والاستحباب، فلا. وهو أصل مجمَع عليه بيقين.
وهنا لم يوجد إلا حديث واحد صحيح، ولكن لا دلالة فيه على المطلوب.
مناقشة الأحاديث المستدل بها:
ويجدر بنا أن نناقش الأحاديث التي استدلَّ بها أهل الفقه، حديثا حديثا، في صحتها، وفي دلالتها.
1- أما حديث: "إذا التقى الختانان وجب الغسل"، فهو يدلُّ على أن النساء كن يختنن، أي يدلُّ على وجود الختان عند العرب، وهو ما لا نجادل فيه، فربما كان عادة عند بعضهم. إنما نجادل في الوجوب أو الاستحباب. أن يجادل في وجوده بناء على أمر قرآني أو نبوي، يدل على الوجوب أو الاستحباب.
وما ذكره بعض العلماء من تأويل "إذا التقى الختانان": بأن المراد ختان الرجل، وإنما ثُنِّي على التغليب المعروف في اللغة مثل: الأبوين (للأب والأم)، والعمرين (لأبي بكر وعمر)، ونحوهما: ليس بظاهر، ويردُّه رواية مسلم في صحيحه: "ومسَّ الختانُ الختانَ فلم يجئ بلفظ التثنية.
2- وأما حديث أم عطية عند أبي داود: أن امرأة كانت تختِّن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَنهَكي، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل" فإن أبا داود قال عن محمد بن حسان - أحد رواته -: مجهول، وهذا الحديث ضعيف . وذهب الحافظ عبد الغني بن سعيد إلى أن هذا الراوي ليس بمجهول، بل هو معروف، وهو محمد بن سعيد المصلوب! فهو محمد بن سعيد بن حسان، الذي قتله المنصور صلبا على زندقته، قالوا: وضع أربعة آلاف حديث، ليضلَّ بها المسلمين. فهو متروك هالك.
وقد رُوي هذا الحديث من طرق كلُّها ضعيفة، وإن صحَّحه بتعدُّدها الشيخ الألباني، ولكن في النفس شيء من هذا التصحيح، فإن هذا أمر يهمُّ كل بيت مسلم، وهو مما تتوافر الدواعي على نقله، فلماذا لم ينقل إلا بهذه الطرق الضعيفة؟
دلالة الأمر في حديث (أشمِّي ولا تنهَكي):
على أننا لو سلَّمنا بصحَّة الحديث، فما الذي يفيده هذا الأمر النبوي: أهو أمر إيجاب؟ أم أمر استحباب؟ أم أمر إرشاد؟ الأرجح عندي: أن الأمر في مثل هذه الأمور للإرشاد، فلا يدلُّ على الوجوب أو الاستحباب، لأنه يتعلَّق بتدبير أمر دنيوي، وتحقيق مصلحة بشرية للناس، حدَّدها الحديث بأنها: نضارة الوجه للمرأة، والحظوة عند الزوج. فهو يرشد - عند وقوع الختان - إلى عدم النَّهك والمبالغة في القطع، لما وراء ذلك من فائدة ترتجى، وهو أنه أحظى للمرأة عند الجماع، وأحبُّ إلى زوجها أيضا. ولكنه يدلُّ - من جهة أخرى - على إقرار الخاتنة على هذا الختان أو الخِفاض - كما يسمَّى- وأنه أمر جائز، وهو ما لا ننكره. لأنه إقرار إرشادي يتعلق بأمر دنيوي.
3- وأما حديث: "الختان سنة للرجال، مكرُمة للنساء": فقد رواه أحمد (20719) عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه، وقال مخرِّجوه: إسناده ضعيف. حجاج - وهو ابن أرطأة - مدلس، وقد عنعن، وقد اضطرب فيه. ورواه البيهقي في السنن الكيرى (8/325) من طريق حفص بن غياث، عنه بهذا الإسناد، والطبراني في الكبير (7/273). وله طريق أخرى من غير رواية حجاج، أخرجه الطبراني في الكبير (11/233)، والبيهقي في الكبرى (8/324)، عن عكرمة، عن ابن عباس، وقال: هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوف، وضعَّفه الألباني في الضعيفة (1935).
وحتى لو ثبت هذا الحديث فماذا يدلُّ عليه؟ يدل على أن الختان (مكرمة للنساءومعنى أنه مكرمة للنساء: أنه شيء مستحسن عُرفا لهنَّ، وأنه لم يجئ نصٌّ من الشارع بإيجابه ولا استحبابه. وهذا أمر قابل للتغير، فما يعتبر مكرُمة في عصر أو قطر، قد لا يعتبر كذلك في عصر أو في قطر آخر ... ولهذا رأينا عددا من أقطار المسلمين لا تختَّن نساؤهم، مثل بلاد الخليج العربي، وبلاد الشمال الأفريقي كلِّها.
ورأينا كثيرا من الأطباء في عصرنا يشنُّون الغارة على ختان الإناث، ويعتبرونه عدوانا على جسد المرأة. والمؤثرات الثقافية على الإنسان تتغيَّر من عصر إلى آخر، نتيجة التقدم العلمي، والتقارب العالمي، وثورة المعلومات وغيرها.
هل يمكن أن يستدلَّ بالقياس على وجوب ختان الإناث أو استحبابه؟ قد يخطر هذا في بال بعضهم، فيقيس ختان الإناث على ختان الذكور، باعتبار أن الأصل في خطاب الشارع أنه للجنسين معا، فإذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، أو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: فإنها تخاطب الرجل والمرأة جميعا. والجنسان يشتركان في أن أحكام الشرع في العبادات والمعاملات شاملة لهما معا، إلا ما استُثني، وهو قليل جدا، ولا يخرق أصل القاعدة.
فمن هنا قد يقول بعض المتعجِّلين: نقيس الإناث على الذكور في حكم الختان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال" وقال الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:195]. ومعنى الآية: أن الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل، هي تكمِّله وهو يكمِّلها، لا تستغني عنه، ولا يستغني عنها، فلماذا لا يُقاس أحدهما على الآخر؟
ونقول: إن للقياس أركانا وشروطا يجب أن تُراعى.
 منها: أن تكون هناك عِلَّة جامعة مشتركة بين المقيس والمقيس عليه، فأين هي العِلَّة هنا؟
ومنها: ألاَّ يكون هناك فارق معتبَر بين الفرع المقيس والأصل المقيس عليه، وإلا رُدَّ القياس، وقيل: هذا قياس مع الفارق. ولا شكَّ أن هناك فارقا كبيرا في هذه القضية بين الذكر والأنثى، حيث ينتفع الذكر بالختان، وتتضرَّر الأنثى به أضرارا شتَّى.
ومنها: أن الأصل هو منع تغيير خلق الله، وقطع جزء من الجسم الذي خلقه الله، وقد استُثني هذا الأصل في ختان الذكور، وبقي ما عداه على أصل المنع. وِفقا للقاعدة الأصولية: ما جاء على سبيل الاستثناء: يُحفظ ولا يُقاس عليه
وإذا لم يكن هناك دليل من السنة بالإيجاب أو الاستحباب، ولا دليل من القياس، فهل يوجد دليل من الإجماع؟
إن الذي يقرأ أقوال الفقهاء في ذلك، داخل المذاهب وخارجها، يتبيَّن له: أنه لا يوجد بينها اتفاق على حكم محدَّد بالنسبة لخفاض الأنثى أو ختانها.
فهناك مَن قال بالوجوب.
وهناك مَن قال بالاستحباب.
وهناك مَن قال بأنه سنة للرجال مكرُمة للنساء.
فلا إجماع في المسألة إذن.
ولكن يمكن أن نخرج من هذا الخلاف بإجماع الكلِّ على الجواز. إذ الجواز دون الاستحباب، ودون الوجوب، أعني أن مَن يقول بالوجوب أو بالاستحباب لا ينفي الجواز. والقول بأنه "مكرُمة" قريب من الجواز، لأن معنى المكرُمة: أنه أمر كريم مستحسَن عُرفا. فمَن قال به قال بالجواز.
والخلاصة: أن أحدا من الفقهاء لم يقُل: إنه حرام أو مكروه تحريما أو تنزيها. وهذا يدلُّ على المشروعية والجواز في الجملة عند الجميع.
وأن هذا الإجماع الضمني من الفقهاء من جميع المذاهب والمدارس الفقهية وخارجها: دليل على أن مَن فعل هذا الختان، على ما جاء به الحديث، (الذي حسَّنه قوم وضعَّفه آخرون)، الذي نصح الخاتنة بالإشمام وعدم النَّهك والإسراف: لا جُناح عليه، ولم يقترف عملا محرَّما.
فلا ينبغي إذن التشنيع على كل مَن قام بختان بناته (أو خفاضهن) على الوجه الذي جاء به الحديث، ولا يجوز تسمية ذلك بأنه (جريمة وحشية) تُرتكب في القرن الحادي والعشرين! إلا ما كان منها متجاوزا للحدود الشرعية المتَّفق عليها، وهي تتمثَّل في ثلاثة أشياء:
الأول: تجاوز الإشمام إلى النَّهك، أي الاستئصال والمبالغة في القطع، التي تحرِم المرأة من لذَّة مشروعة بغير مبرِّر. وهو ما يتمثَّل فيما يسمونه (الخفاض الفرعوني).
الثاني: أن يباشر هذا الختان الجاهلات من القابلات وأمثالهن، وإنما يجب أن يقوم بذلك الطبيبات المختصَّات الثقات، فإن عُدمن قام بذلك الطبيب المسلم الثقة عند الضرورة. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الإحسان (أي الإتقان) على كل شيء"ومباشرة الجاهلات ليس من الإحسان في شيء.
الثالث: أن لا تكون الأدوات المستخدمة مُعقَّمة وسليمة، وملائمة للعملية المطلوبة، وأن لا يكون المكان ملائما، كالعيادات والمستشفيات والمراكز الصحية. فلا يجوز استخدام الأدوات البدائية، وبطريقة بدائية، وفي أمكنة غير مهيه لذلك. كما يحدث في الأرياف ونحوها. لما يترتب على ذلك من أضرار يحظرها الشرع.
فإذا روعيت هذه الأمور الثلاثة: لم نستطع أن نصف ختان الإناث بأنه حرام، ولا بأنه جريمة وحشية، ولا سيما إذا اقتضته حاجة قرَّرها الطبيب المختصُّ الذي يُرجع إليه في مثل هذا الأمر
بعد أن نظرنا في الأدلَّة العامة: من القرآن الكريم، والسنة المشرَّفة، والإجماع والقياس، وما يمكن أن يستفاد منها حول موضوع ختان الإناث.
بقي أمامنا نظرتان أساسيتان، يلزم الفقيه أن يضعهما في اعتباره عند النظر إلى هذه الأمور التي تختلف فيها وجهات النظر عادة بين أهل الاجتهاد في الفقه.
وهاتان النظرتان الأساسيتان متعلِّقان بالرجوع إلى القواعد الفقهية التي أصَّلها المحقِّقون من علماء المذاهب المختلفة، أو إلى مقاصد الشريعة الكلية المأخوذة من مُحكمات القرآن والسنة.
النظرة الأولى: شرعية منع المباحات للمصلحة:
لا شكَّ أننا عندما نظرنا إلى الأدلَّة من القرآن والسنة والإجماع والقياس، لم نجد فيها دليلا على وجوب ختان الإناث ولا على استحبابه. كما أننا لم نجد فيها دليلا على تحريمه أو كراهيته. فهم يقولون: إنه واجب أو مستحب أو مكرمة. وهذا دليل على أنهم متَّفقون على الجواز.
ولكن من المعلوم فقها: أن من الأمور الجائزة والمباحة ما يجوز منعها بصفة كلية أو جزئية، إذا ثبت أن من ورائها مفسدة أو ضررا، فإنما أباح الله ما أباح لعباده لييسِّر عليهم ويخفِّف عنهم، كما قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:28].
فإذا ثبت بالتطبيق أن في استعمال المباح ضررا على الناس أو أكثرهم: وجب منعه، بناء على قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار. كما يمكن أن يبقى ويطوَّر ويحسَّن أداؤه، وهو ما أشار إليه حديث: "أشمِّي ولا تَنهَكي"كما منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض الصحابة من زواج اليهوديات أو المجوسيات، لما فيه من فتنة على نساء المسلمين .
وهذا أمر يجب أن يخضع للبحث والدراسة، فإذا أثبتت الدراسة الموضوعية من قبل الخبراء والمتخصصين المحايدين، الذين لا يتبعون هواهم، ولا أهواء غيرهم: أن الختان يضرُّ بالإناث، ضررا مؤكَّدا أو مرجَّحا: وجب إيقاف هذا الأمر، ومنع هذا المباح، سدًّا للذريعة إلى الفساد، ومنعا للضرر والضرار. وقد يكون لنا العذر في مخالفة مَن سبقنا من العلماء، لأن عصرهم لم يعطهم من المعلومات والإحصاءات ما أعطانا عصرنا. من أجل هذا قالوا: إن الفتوى تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان والحال. ولو أن مَن قبلنا ظهر لهم ما ظهر لنا، لغيَّروا رأيهم، فقد كانوا يدورون مع الحقِّ حيث دار.
وإذا ثبتت الحاجة إليه لبعض الإناث، وفق تشخيص الطبيب المختصِّ: وجب أن تستثنى تحقيقا للمصلحة ودرءا للمفسدة. وإذا كان بعض الفقهاء - ومعهم بعض الأطباء - يحبِّذون ختان البنات، خوفا عليهن من استثارة الشهوة الجنسية في فترة المراهقة أو البلوغ، وخشية أن يؤدِّي ذلك إلى وقوعهن في الحرام، أو اقترابهن منه، فإن من المقرَّر شرعا لدى الراسخين من العلماء: أنه لا يجوز المبالغة في سدِّ الذريعة، كما لا يجوز المبالغة في فتحها. فإن المبالغة في السدِّ تفوِّت على الناس مصالح كثيرة بغير حقٍّ. وقد رأينا بلادا كثيرة من بلاد المسلمين لا يختتن نساؤها، ولم نجد فيها آثارا سلبية ظاهرة لدى الفتيات، من أجل ترك الختان. قد توجد انحرافات أخرى تشترك فيها المختونات وغير المختونات.
النظرة الثانية: قواعد تحكم منطق الفقيه في المسألة:
والنظرة الثانية هنا: أن الرأي الذي تبيَّنته في هذا الأمر الذي اتَّسع فيه الجدال وكثر فيه القيل والقال: مبنيٌّ على عدة قواعد، أعتقد أنها عند التأمُّل لا ينبغي الاختلاف عليها.
أولا: الأصل إبقاء خلق الله سبحانه على ما خلقه، وعدم تغييره، لأن الله تعالى: {أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة:7]، بنصِّ القرآن : {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:88]، وهو جلَّ شأنه لا يخلق شيئا باطلاً ولا عبثا، {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَاَنكَ} [آل عمران:191].
ولهذا كان تغيير خلق الله من عمل الشيطان وكيده للإنسان، {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:119].
وكان من الأحاديث النبوية الصحيحة : لعن الله كلِّ مَن غيَّر خلق الله من النساء، من الواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمِّصة، والواصلة والمستوصلة، والمتفلِّجات للحُسن المغيِّرات خلق الله، والرجال يشاركونهم في هذا الحكم. وقد استأذن بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، أن يخصوا أنفسهم ليحصِّنوا فروجهم، ويضمنوا ألا تهيج عليهم شهواتهم، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم .
على هذا الأصل المقرَّر المتَّفق عليه: يكون ختان المرأة أو خفاضها بقطع جزء من جسمها بغير مسوِّغ يوجبه: أمرا غير مأذون به أو محظورا شرعًا.
ثانيا: إذا كان قطع هذا الجزء من جسم المرأة، يترتَّب عليه أذى أو ضرر معيَّن لها، في بدنها أو نفسها، أو يحرمها من حقٍّ فطري لها، مثل حقِّ المتعة الجنسية مع زوجها, وحقِّ (الإرتواء الجنسي)، الذي جعله الله لبنات حواء بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها: كان ذلك محظورا شرعا، لأنه ضرر على المرأة أو الأنثى، فرض عليها بغير إرادتها، والإسلام يُحرِّم الضرر والضرار، لهذا كان من القواعد الفقهية المتفق عليها بين جميع الفقهاء : لا ضرر ولا ضرار، وهي نص حديث صحَّحه العلماء بمجموع طرقه، وهو تطبيق لمجموع نصوص قرآنية تمنع الضرر والضرار.
حتى وجدنا من الفقهاء مَن يمنع ثقب أذن الصبية، من أجل تحلِّيها بالقرط، مستدلا بأنه إيلام لها لم يأمر به الشرع، وخالفهم آخرون لأدلَّة قدَّموها .
ثالثا: خرج ختان الذكور من هذا الحكم، لما ورد فيه من أدلَّة شرعية ظاهرة، صحيحة الثبوت صريحة الدلالة، باعتباره من سنن الفطرة، ومن مواريث المِلَّة الإبراهيمية، واعتباره كذلك من شعائر الإسلام، كالأذان، وصلاة العيدين ونحوهما، ولإجماع المسلمين على هذه السُّنَّة منذ بدء الإسلام إلي اليوم، لم يُعرف شعب ولا قطر ولا قبيلة بالشذوذ عن هذه القاعدة.
وقد أكَّد الحكم الشرعي هنا: إجماع أطباء العصر على ما في ختان الذكور من فوائد صحية وطبية جسيمة، ووقاية من أمراض شتَّى من السرطان وغيره، حتى ذكروا أن في أمريكا اليوم نسبة من المواليد (من 61 إلى 85%) يختتنون بعد الولادة، كما نشرت ذلك أشهر المجلات الأمريكية ومن المؤكَّد أن نسبة اليهود والمسلمين المعروفين بالختان لا تبلغ هذا القدر، ومعنى هذا أن المسيحين أنفسهم بدأوا يتَّجهون إلي الختان من تلقاء أنفسهم، لما رأوا فيه من مصلحة لأولادهم.ولهذا لا حديث لنا عن ختان الذكور، فهو أمر مُجمَع علي شرعيته وعلى نفعه، اتَّفق على ذلك الفقهاء والأطباء. كلُّ ما يوصَى به في ذلك: أن يزاوله الأطباء المختصُّون، بأجهزتهم الحديثة، في الأماكن المهيَّئة لذلك، بعيدا عن الممارسات التي لا تزال تقع إلي الآن في كثير من بلاد المسلمين، لا تتوافر فيها الشروط الصحية.
رابعا: إذا كان ختان الذكور مستثنًى من الأصل العام الناهي عن تغيير خلق الله، لما ورد فيه من نصوص صحيحة صريحة، قوَّاها وثبَّتها الإجماع النظري والعملي، فلا يوجد في ختان الإناث مثل ذلك ولا قريب منه. فيبقى على الأصل في منع إيلام الإنسان في بدنه لغير حاجة، فكيف إذا كان من وراء هذا الإيلام ضرر مؤكَّد، وفق ما يقوله أهل العلم والطب
يؤكَّد الاتجاه إلى المنع: ما نبَّه الأطباء المعاصرون - المختصون بأمراض النساء والجنس ونحوها - بأن ختان النساء يضرُّ بالمرأة في الغالب، ويحرمها من لذَّة مشروعة، وهي كمال الاستمتاع بزوجها. بل أثبت بعض الأطباء: أن من وراء هذا الختان أضرارا صحية ونفسية وجنسية واجتماعية لا يجوز إغفالها. يقول د. أحمد شوقي الفنجري:(من المعروف طبيا أن الأعصاب الجنسية في المرأة: تكون مركزة في البظر (Clitoris) كما أن الأعصاب الجنسية للرجل تكون مركزة في رأس الذكر. فالختان كما تمارسه القابلة: يعني قطع البظر ... وفي بعض الأحيان قطع جزء من الشفرة.
وهذا يعني عمليا حرمان المرأة من جميع أعصاب الحسِّ الجنسي، فهو في تأثيره على أنوثة المرأة وعلى رغبتها في الجنس واستجابتها له (orgasm) يشبه إلى حد كبير تأثير الخصي على الرجل... فهو نوع من إهدار آدميتها والقضاء على مشاعرها وأحاسيسها ... ويصيبها بالبرود الجنسي، وهو أحد أسباب الطلاق وتفكُّك الأسر في الإسلام.
بقي أن نضيف إلى ذلك: ظاهرة خطيرة منتشرة في البلاد التي تمارس عادة ختان البنات  وهي اضطرار الرجال إلى تعاطي المخدرات كالأفيون والحشيش بقصد إطالة الجماع، حتى يستطيع إشباع زوجته جنسيا.
وقد أجمع علماء الاجتماع على أنه لا أمل في القضاء على ظاهرة المخدرات في العالم الإسلامي، إلا بعد القضاء نهائيا على ظاهرة ختان البنات.
ولا ننسى أن طهارة (ختان) البنات لها مضاعفات صحية وطبية أخرى غير التأثير الجنسي، فالذي يمارسها قابلات جاهلات. وقد يلتهب الجرح ويتلوَّث ... ويصل التلوث إلى الرحم وقنوات المبيض، وقد يسبب عقما دائما للبنت ... وكثير من القابلات بعد قطع الشفرة يأمرن الفتاة: بضم رجليها بشدة، مما ينجم عنه التصاقات وضيق في باب المهبل، وهذا بدوره يسبب عسر الولادة، بحيث تحتاج الفتاة إلى عملية شق المهبل حتى لا يختنق الجنين أثناء الولادة..
وهذا قليل من كثير من أضرار هذا العادة البغيضة)
قد يقال: إن الآفات التي ذكرها الأطباء والاجتماعيون وغيرهم لم تكن نتيجة الختان الشرعي، كما جاء في حديث: "أشمِّي ولا تَنهَكي"، بل جاء نتيجة المبالغة في الختان، بحيث يجور على حقِّ الأنثى في التمتع باللذَّة الجنسية المشروعة عندما تتزوج، وهو ما جرى عليه كثير من الناس في مصر والسودان من إجراء ما عرف باسم (الختان الفرعوني)، الذي يشوِّه الأماكن الحساسة من جسد الأنثى، وفيه تنهك الخافضة أو الخاتنة نهكا شديدا - على خلاف توجيه الحديث النبوي - فتزيل البظر بكامله، والشفرين، إزالة شبه تامة، مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق، وهو التصاق الشفرين بعضهما ببعض.
قد يقال هذا، أو نحوه في هذا المقام، ولكن التشريعات تصدر تبعا لحاجة القاعدة العريضة من الناس، وإذا ثبت أن هناك ضررا على الأكثرية فلا حرج في المنع، إلا ما ثبتت الحاجة إليه عن طريق الطبيب المختص، فالضرورات والحاجات لها أحكامها، وشريعتنا لا تغفل الواقع أبدا.
وقد رأيت معظم بلاد العرب لا يختَّن فيها الإناث، ما عدا مصر والسودان، وكأنَّ الختان يتوارث عندهم من عصر الفراعنة. أما بلاد الخليج، وبلاد المغرب العربي كلها وبلاد الشام: فلا ختان فيها، فكيف سكت علماؤهم على ذلك طوال العصور الماضية؟ مع قول الفقهاء: إن الختان لو تركه أهل بلدة أو قرية - بالنسبة للذكور - لوجب على الإمام أن يقاتلهم، حتى يقيموا هذه السُّنَّة التي تعدُّ من شعائر الإسلام؟
إن في الأمر سَعَة إذن، وينبغي توعية الناس في هذا الموضوع توعية دينية، وتوعية طبية، تسيران جنبا إلى جنب، وقد يغني التوجيه والتثقيف الشرعي والصحي عن التشريع والإلزام بالقانون.ولا أدري: هل هناك قانون يمنع الختان في البلاد العربية الإسلامية التي لا يختَّن فيها النساء؟ أو إن هذا متروك لوعي المجتمع وثقافته؟ هذا ما استبان لي في هذه القضية. والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
ثانيا : فى العهد القديم 
لقد ذكر العهد القديم أن الرب جل وعلا وجه أمرين أو عهدين لنبيه إبراهيم عليه السلام :  الأول :  مثل الذى بيناه من القرآن الكريم والسنة النبوية  والثانى من عند أنفسهم ولكنهم الحقوه بكتاباتهم ليأخذه الأبناء مأخذ الجد . 
فالعهد الأول كان :
هذا هو عهدي الذي تحفظونه ...... ابن ثمانية أيام يختن كل ذكر منكم مدى أجيالكم المولود في منازلكم والمشترى بفضة من كل غريب ليس من نسلكم . يختن المولود في بيتك والمشتري بفضتك فيكون عهدا مؤبدا . وأي أقلف من الذكور لم تختن القلفة من بدنه تقطع تلك النفس من شعبها اذ نقض عهدي..
كما رايت عزيزى القارئ ان هذا العهد لا يختلف كثيرا عما ذكر فى القرآن الكريم إلا أن النصارى نقضوا العهد بسبب تعاليم بولس كما اوضحنا من قبل .  أما العهد الثانى هو سبب شقاء بنى اسرائيل .
والعهد الثانى :
ويأتي عهد آخر في سفر التكوين " في ذلك اليوم بتّ الرب مع إبراهيم عهدا قائلا لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " 
ويأتي ذكر ثان للعهد في سفر التكوين " لما كان ابرام ابن تسع وتسعين سنة .. وقال له أنا الله القدير اسلك أمامي وكن كاملا . فاجعل عهدي بيني وبينك.... وأقيم عهدي بيني وبين نسلك من بعدك .... وأعطيك أرض غربتك لك ولنسلك من بعدك جميع أرض كنعان ملكا مؤبدا وأكون لهم الها .... وأنت فاحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك مدى أجيالهم ... 
والذى غاب عن أهل الكتاب هو : يفهم من هذا الاصحاح على اجماله أن العهد ليس مطلقا بل مشروطا فشريطته المبدئية أن يكون إبراهيم (عليه السلام ) كاملا وأ ن يتخذ الله الها هو ونسله من بعده وأن يختتن ذكورهم وذكور الغرباء فمن لم يختتن سواء كان من نسله أو من الغرباء يخرج من عداد شعب الله ومن يتبع الشروط الواردة يظل في شعب الله وإن لم يك من نسل إبراهيم عليه السلام .
وهذا العهد أيضا تم قبل ميلاد اسحاق عليه السلام .وقد ورد في العهد القديم قول الله لإبراهيم "انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك .وأنا أجعلك أمة كبيرة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة .وأبارك مباركيك وشاتمك ألعنه ويتبارك بك جميع عشائر الأرض "
ويؤكد ذلك ما جاء فى العهد القديم ايضا حين قالوا  : وكان أبرام ابن ستة وثمانين سنة حين ولدت هاجر إسماعيل لأبرام"(تكوين 16 :16) بينما ولد إسحاق ولإبراهيم (عليهما السلام ) من العمر مائة سنة (تكوين 21 :5 ) أي أنه يكبره بأربعة عشر عاما .أما إنجيل برنابا فيقول أنه يكبره بسبع سنوات (فصل 44 :11).وهو ما نجده أيضا في سفر التكوين الاصحاح 18 :10 ـ 19 على لسان الملائكة الذين أرسلوا لتدمير قوم لوط " في مثل هذا الوقت من قابل وسيكون لسارة امرأتك  ابن "  
ومن ثم  فالعهد إذن لمن  ؟ لسيدنا إسماعيل أم لسيدنا إسحاق عليهما السلام ؟ وأيهما المقصود بوعد الله جل وعلا ؟
لقد ذكرنا سابقا ان وعد الله جل وعلا بميراث الامم انما هو لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى مخاطبا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والامة من بعده  {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً} (الأحزاب : 27 )
ولإسحاق عليه السلام ولد ابنان عيسو ويعقوب عليه السلام (تكوين 25 :25 ، 26 ) وعندما كبر يعقوب عليه السلام ومنح النبوة سمي اسرائيل( أي عبد الله ) وولد ليعقوب عليه السلام اثنى عشر ابنا منهم لاوي (ومن نسله موسى وهارون عليهما السلام )
 ومنهم يهوذا ( ومن نسله داوود وسليمان عليهما السلام ) ومنهم يوسف عليه السلام . ولحق يعقوب عليه السلام وأبناؤه بيوسف عليه السلام في مصر وتكاثروا بها وأصبح نسل كل من أبنائه الاثنى عشر سبطا دعي باسم أبيه في عصر موسى عليه السلام، وأصبح بنواسرائيل شعبا حسب رواية العهد القديم وأسماهم "إسرائيل " .
ولقد علمنا مما سبق أن هناك عهدا من الله لإبراهيم بنبي من نسل ابنه الذي كان سيذبحه (إسماعيل عليه السلام ) وقد صارت تذكرة بني إسرائيل بهذا النبي يقول الله تعالى "وإختارموسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما اخذتهم الرجفة قال رب لو شئت اهلكتهم من قبل و إياي اتهلكنا بما فعله السفهاء منا ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا و إرحمنا و انت خير الغافرين *
 و اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الاخرة انــّـا هدنا اليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآيايتنا * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه و اتّبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " (سورة الأعراف : 155 -157 ) . ومعنى ـ هدنا اليك ، عدنا اليك . ومنها سمي بنو اسرائيل يهودا . وللكلمة العبرية ذات المدلول .
 ومن الآيات يفهم أن موسى عليه السلا م بشَّر بالنبي صلى الله عليه وسلم وتنبَّأ بما سيصير اليه ابتلاء بني اسرائيل وما أخذ عليهم من اصر وما حرم عليهم بذنوبهم الى غير ذلك مما تشير اليه الآية . وفي العهد القديم سفر التثنية "أقيم لكم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه "  ولكن ربما يسال سائل ويقول ألم يبشر موسى عليه السلام بنبى الله عيسى عليه السلام كذلك ؟ فكيف استطاع المسلمون التفريق بين النبؤات  ؟
والاجابة على هذا السؤال بسيطة لانه حينة كان يبشر نبى الله موسى عليه السلام بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم كان يذكر لفظ " النبى "  وكذلك حين جاء المسيح عليه السلام وذكر نفس الاسم " النبى " وكان يضيف اسماء مرادفة مثل " مسيا " او " المعزى "
بينما يعني لفظ المسيح الذى كان يبشر به نبى الله موسى عليه السلام فتشير الى من يمنحه الله الملك على بني إسرائيل .وقد كانت الحدود واضحة بين النبيين حتى إرسال المسيح عليه السلام وهذا يبدو واضحا مما جاء على لسان يحي عليه السلام (يوحنا المعمدان )"
وهذه شهادة يوحنا .. فاعترف ولم ينكر واعترف أني لست المسيح .فسألوه إذا ماذا إيليا أنت فقال لست إياه النبي أنت قال كلا "(يوحنا 1 :19 ـ21 ) وما جاء في إنجيل يوحنا 7 :41،42 "وأن قوما من الجمع لما سمعوا كلامه قالوا هذا في الحقيقة النبي وقال آخرون هو المسيح ".
ولعل إحدى النبوءات التي تتحدث عن المسيح تعيننا هنا في مجال بحثنا عن عهد الله لإبراهيم بالأرض، تلك هي ما جاءت في مزمور 90 في النسخة الكاثوليكية و91 في النسخة البروتستانتية من 7 - 16 "تسقط عن جانبك الألوف وعن يمينك الربوات وإليك لا يقترب السوء . بعينك تنظر ذلك وتعاين مجازاة المنافقين ... من طول الأيام أشبعه وأريه خلاصي"
وما جاء في مزمور 36 في النسخة الكاثوليكية و37 في النسخة البروتستانتية 29 ـ34 "والصديقون يرثون الأرض ويسكنونها إلى الأبد .. إنتظر الرب واحفظ طريقه فيرفعك لترث الأرض إلى انقراض الأشرار تنظر"
وهي تعني أن الصديقين وهم محمد صلى الله عليه وسلم وامته سيرثون الارض وأن المسيح عليه السلام سيرفع وسيعيش إلى ان تقترب الساعة فينزله الله جل وعلا  وسيحكم فى الارض على شريعة الاسلام وعلى نهج الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم  وبالطبع ستكون هناك حينئذ بقايا من بني إسرائيل وهم الذين قال الحق عنهم وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (النساء : 159 )
ثالثا: فى العهد الجديد
لايوجد فى العهد الجديد ما يدل على العهد لإبراهيم عليه السلام إلا ما ذكروه من نسب نبى الله إبراهيم عليه السلام فى ثنايا ذكرهم لنسب المسيح عليه السلام . ولكن نقض كتبة العهد الجديد كل ما أكد عليه العهد القديم بناء على توجيهات بولس فى رسالته لأهل غلاطية فقال :
{أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا! 2أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ 3أَهكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟ 4أَهذَا الْمِقْدَارَ احْتَمَلْتُمْ عَبَثًا؟ إِنْ كَانَ عَبَثًا!
5فَالَّذِي يَمْنَحُكُمُ الرُّوحَ، وَيَعْمَلُ قُوَّاتٍ فِيكُمْ، أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟ 6كَمَا «آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرًّا». 7اعْلَمُوا إِذًا أَنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ أُولئِكَ هُمْ بَنُو إِبْرَاهِيمَ. 8وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ».
9إِذًا الَّذِينَ هُمْ مِنَ الإِيمَانِ يَتَبَارَكُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ الْمُؤْمِنِ. 10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا».
13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ.
15أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ أَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يُبْطِلُ عَهْدًا قَدْ تَمَكَّنَ وَلَوْ مِنْ إِنْسَانٍ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ. 16وَأَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَفِي نَسْلِهِ. لاَ يَقُولُ:«وَفِي الأَنْسَالِ» كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ:«وَفِي نَسْلِكَ» الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ. 17وَإِنَّمَا أَقُولُ هذَا: إِنَّ النَّامُوسَ الَّذِي صَارَ بَعْدَ أَرْبَعِمِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، لاَ يَنْسَخُ عَهْدًا قَدْ سَبَقَ فَتَمَكَّنَ مِنَ اللهِ نَحْوَ الْمَسِيحِ حَتَّى يُبَطِّلَ الْمَوْعِدَ. 18لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْوِرَاثَةُ مِنَ النَّامُوسِ، فَلَمْ تَكُنْ أَيْضًا مِنْ مَوْعِدٍ. وَلكِنَّ اللهَ وَهَبَهَا لإِبْرَاهِيمَ بِمَوْعِدٍ.
وعن الختان يقول بولس :
 2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!  اُنْظُرُوا، مَا أَكْبَرَ الأَحْرُفَ الَّتِي كَتَبْتُهَا إِلَيْكُمْ بِيَدِي! 12جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَرًا حَسَنًا فِي الْجَسَدِ، هؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ. 13لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 
 14 وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ. 16فَكُلُّ الَّذِينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هذَا الْقَانُونِ عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ، وَعَلَى إِسْرَائِيلِ اللهِ. 17فِي مَا بَعْدُ لاَ يَجْلِبُ أَحَدٌ عَلَيَّ أَتْعَابًا، لأَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ.
ولذا نبه برنابا الجميع من بولس فقال فى مقدمة إنجيله " الأعزاء إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمته العظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله رافضين الختان الذى امر الله به دائما مجوزين كل لحم بخس الذى ضل في عدادهم بولس الذى لا اتكلم عنه إلا مع الأسى" ( )
رابعا : فى انجيل برنابا
بين إنجيل برنابا إن عهد الختان سابقا لهجرة إبراهيم عليه السلام إلى الأرض المباركة، وهو في هذا يخالف العهد القديم الذي يذكر أن إبراهيم عليه السلام قد اختتن هو وإسماعيل (عليهما السلام ) عندما بلغ إسماعيل إثنا عشر سنة .ويأتي ذكر الختان وأصله في الفصل 23 من إنجيل برنابا ومما جاء به "إلا أنه لم يكن في زمن إبراهيم سوى النزر اليسير من المختونين على الأرض .
 لأن عبادة الأوثان تكاثرت على الأرض . وعليه فقد أخبر الله جل وعلا إبراهيم عليه السلام بحقيقة الختان . وأثبت هذا العهد قائلا :’النفس التي لاتختن جسدها إياها أبدد من بين شعبي إلى الأبد‘. فارتجف التلاميذ خوفا من كلمات يسوع لأنه تكلم باحتدام الروح . ثم قال يسوع : ’دعوا الخوف للذي لم يقطع غرلته لأنه محروم من الفردوس ‘ "والإشارة إلى ما ورد في أشعيا52 :1. 1اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! الْبَسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ
العهد من إنجيل برنابا
ويأتي ذكر إبراهيم عليه السلام في إنجيل برنابا فصل 191 :3 ـ 10 " فقال من ثم الكاتب :’ لقد رأيت كتيبا قديما مكتوبا بيد موسى ويشوع  الذي أوقف الشمس كما قد فعلت  خادمي ونبيي الله .وهو كتاب موسى الحقيقي .ففيه مكتوب أن إسماعيل هو أب لمسيا و إسحاق أب لرسول مسيا .
.وهكذا يقول الكتاب أن موسى قال:" أيها الرب إله إسرائيل القدير الرحيم إظهر لعبدك في سناء مجدك" . فأراه الله من ثم رسوله على ذراعي إسماعيل وإسماعيل على ذراعي إبراهيم . ووقف على مقربة من إسماعيل إسحاق وكان على ذراعيه طفل يشير بإصبعه إلى رسول الله قائلا :’ هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء ‘ .فصرخ من ثم موسى بفرح ’ يا إسماعيل إن في ذراعيك العالم كله والجنة .أذكرني أنا عبد الله لأجد نعمة في نظر الله بسبب ابنك الذي لأجله صنع الله كل شيء‘"


سادسا :( آل ابرهيم عليه السلام  )
أولا :  فى القرآن الكريم
لقد ذكر القرآن الكريم أن السيدة سارة كانت عاقراً  فقال تعالى عنها قولها  { عَجُوزٌ عَقِيمٌ } (الذاريات : 29 ) وذكر المفسرون انها عرضت ً على سيدنا إبراهيم أن يتزوج بالسيدة هاجر و نحن المسلمين نعلم أن الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامة يتصفون بالرحمة لأنهم رسل الله ورحمة الله للعالمين فلا ينبغى أن يترك نبى الله إبراهيم زوجته السيدة سارة تعذب زوجته هاجر وأم إبنه إسماعيل كما زعم بنوا اسرائيل فى العهد القديم .
 كما أننا نعلم أن السيدة سارة زوجة نبى وأم نبى وجدة أنبياء فهل يليق بهذه السيدة العظيمة بعد أن تقدم الإحسان والعطف على زوجها وتنصحه بأن يتزوج لعل الله يرزقه بولد صالح يتحمل معه أمانه الدعوة , تتمرد عليه وتعذب  زوجته وإبنه ؟
ونحن المسلمين نؤمن بأن سيدنا إسماعيل عليه السلام  وأمه السيدة هاجر حقاً استقربهم المقام فى أرض الحجاز ولكن ليس هرباً من العذاب كما يزعمون ولكن لحكمة أرادها الحق سبحانه وتعالى فيقول ابن عباس :
( فخرج إبراهيم عليه السلام بهاجر وإبنيهما إسماعيل وهى ترضعه وسار بهما حتى وضعهما عند البيت عند دوحة زمزم فى أعلى المسجد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم رجع إبراهيم عليه السلام فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادى الذى ليس به أنيس ولا شىء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها حتى قالت له : أألله أمرك بهذا ؟ قال نعم قالت : إذن لا يضيعنا الله ثم رجعت فانطلق إبراهيـــم حتى إذا كان عند الثنية : أى أعلى مكة حيث لا تراه استقبل البيت وقال كما حكى القرآن الكريم :
 قال تعالى  (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (إبراهيم : 37 )
وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من هذا الماء حتى نفذ ماء السقاء وعطشت وعطش إبنها وجعلت تنظر إليه وهو يتلوى فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل فى الأرض يليها فقامت عليه ثم إستقبلت الوادى تنظر هل ترى من أحد فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادى ثم سعيت سعى الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادى وأتت المروة فقامت عليها فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات .
فلما أشرفت على المروة فى آخر مره سمعت صوتاً فنظرت الى أعلى فإذا هى بالملك (جبريل) عليه السلام فسألها ليختبرها ويختبر إيمانها قائلاً من أنت ؟ وما جاء بك هنا ؟ فكانت إجابة هذه السيدة المؤمنة تدل على رضاً بالله وبقدرة ومع ما هى فيه فلم تسخط أو تندب حظها بل قالت : أنا هاجر زوجة نبى الله إبراهيم وأم إبنه إسماعيل , فسألها ولمن وكلكم ؟ فقالت بكل ثقة : لله
فقال أعلمى أن الله لا يضيع أهله فضرب الأرض بجناحه فنبع ماء زمزم فملأت السقاء وآخذت تحوط الماء حتى تحفظه من الزوال ولو لمدة فقال لها جبريل عليه السلام أن الجزاء من جنس العمل فكما قلت لإبراهيم بأن الله لا يضيعنا فلا تخافى الضياع بل وبشرها بأن هذا الغلام سيكون له شأن عظيم فقال لها إن ها هنا لله بيتاً ينبه هذا الغلام وأبوه وفى هذا يقول الحق سبحانه {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } (البقرة : 127 )ومما سبق يتضح لنا أن سيدنا إسماعيل استقر عند بيت الله الحرام بمكة حيث تربى وتزوج وأنجب وجاء من نسله خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم ( )
ثانيا فى العهد القديم "               
يحكى العهد القديم أن إبراهيم عليه السلام تزوج من السيدة سارة وكانت عاقراً فلم تنجب فنصحته أن يتزوج بجاريتها هاجر المصرية فأنجبت له أبناً أسماه إسماعيل وهو الجد الأكبر لخير الأنام " محمد " صلى الله عليه وسلم
" وأما ساراى  امرأة ابرام  لم تلد له " وقالت هو ذا الرب قد أمسكنى عن الولادة فقالت أدخل على جاريتى فدخل على هاجر فحبلت فولدت هاجر لابرام أبناً ودعا ابرام أبنه الذى ولدته هاجر إسماعيل ( )
ومن هذا النص تبين لنا أن سيدنا إسماعيل عليه السلام هو الابن الأول لسيدنا إبراهيم عليه السلام ولكن يذكر العهد القديم أن السيدة سارة حزنت حينما علمت بحمل السيدة هاجر بل وإشتد غيظها حينما رأت إبنها إسماعيل معها فى المنزل فألحقت السيدة سارة بالسيدة هاجر العذاب .
بل ويذكر العهد القديم أن سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يفعل شيئاً تجاه هذا التعذيب بل وترك للسيدة سارة حرية التعامل مع السيدة هاجر وفى هذا يقول العهد القديم  " فقالت ساراى لإبرام ظلمى عليك , وأنا دفعت جاريتى الى حضنك , فلما رأت أنها حبلت , صغرت فى عينيها , يقضى الرب بينى وبينك فقال ابرام لساراى هو ذا جاريتك فى يدك افعلى بها ما يحسن فى عينيك فأذلتها ساراى فهربت من وجهها ( )  " .
وكان نتيجة هذا الإذلال أن هربت السيدة هاجر تاركة البلاد وهامت على وجهها هى وإبنها فى الصحراء إلى أن إستقر بهما المقام فى أرض " فاران ( ) وفى هذا يقول العهد القديم  فى هذه الأثناء قابلها الملاك فى الطريق وطمأنها وبشرها بأن إبنها إسماعيل سيكون له شأن عظيم فلا تحزن لما ألم بها .
فقال الملاك ( مالك يا هاجر لا تخافى لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو , قومى احملى الغلام , وشدى يدكى لأنى سأجعله أمه عظيمة , وفتح عينيها على إبنها فأبصرت بئر ماء فذهبت وملأت القربة ماء , وسقت الغلام , وكان الله مع الغلام فكبر وسكن فى البرية , كان ينمو رامى قوس وسكن فى بريه فاران ( )  من هذا النص يتضح أن سيدنا إسماعيل :-
1- أنه إبن سيدنا إبراهيم فهو عبرانى الأصل
2- استقر المقام بسيدنا إسماعيل فى بريه فاران وكما ذكرنا أنها مكة أو الحجاز حالياً والذى جاء من نسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وفى العهد القديم ايضا :
 وكان أبرام ابن ستة وثمانين سنة حين ولدت هاجر إسماعيل لأبرام"(تكوين 16 :16) بينما ولد إسحاق ولإبراهيم (عليهما السلام ) من العمر مائة سنة (تكوين 21 :5 ) أي أنه يكبره بأربعة عشر عاما .أما إنجيل برنابا فيقول أنه يكبره بسبع سنوات (فصل 44 :11).
3- إذن فـ( نبى الله إسماعيل هو الأخ الأكبر لنى الله إسحاق  عليهما السلام .
رابعا انجيل برنابا : 
 ذكرنا فيما سبق أن إنجيل برنابا أخبر عن الأحداث التى وقعت من إبراهيم عليه السلام مع قومه ومحاولتهم إحراقه وأخبركذلك عن تحطيم إبراهيم للأصنام وبينا كيف اختلف إنجيل برنابا مع أناجيل العهد الجديد وأسفار العهد القديم أما عن نسب ابراهيم عليه السلام فلم يتناوله انجيل برنابا بالتفصيل كما اننا لا نجد في إنجيل برنابا أي ذكر للكعبة ولفاران (الاسم القديم لمكة المكرمة ) وإن كان يمكن القول أنها ما أشار إليه بقوله "مدينة الآباء "(فصل 72 :23 ).
كما لا نجد به معجزة إحياء إبراهيم عليه السلام للطير بإذن الله والتي ذكرها القرآن الكريم فى قوله تعالى { َإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (البقرة : 260 ) كما لم يرِد به حواره مع ملك كافر والذي ورد في سورة البقرة { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (البقرة : 258 )  
وعدم إحتواء إنجيل برنابا لهذه الحقائق التى ذكرها القرآن الكريم مما يبطل دعوى أهل الكتاب وهى أن مؤلفا مسلما هو من كتب إنجيل برنابا . فلو كان كذلك لذكر هذا المؤلف تلك النقاط التى ذكرها القرآن الكريم  لانها كانت تضيف للتقابل قوة ومكانة .                        
إلا أنه يحمد لإنجيل برنابا أنه برأ إبراهيم عليه السلام مما يتهمه به العهد القديم حين زعم كاتبوه أنه قدَّم زوجته سارة لفرعون مصر رغبة في المنفعة "قال لساراي امرأته فقولي إنك أختي حتى يُحسن إلي بسببك وتحيا نفسي من أجلك..ومدحوها لدى فرعون فأخذت المرأة إلى بيته. فأحسن إلى أبرام (إبراهيم) بسببها فصار له غنم وبقر ) فيذكر انجيل برنابا ان  "فرعون أخذ زوجته " فلم يكن هو من أعطاها له ومن هنا نجاها الله منه  واكرمها .
لقد أبتلي إبراهيم عليه السلام بأمره بترك بيت أبيه في صباه وهو بحكم سنه في أشد الحاجة لمن يرعاه فقَِبل، وها هو يبتلى وقد بلغ من العمر ما بلغ وهو في أشد الحاجة لابن يرعاه في شيخوخته ويحفظ اسمه بعد مماته بالأمر بذبحه وهو مع هذا يقبل أيضا .                  
 سابعا:   ( الإبتلاءات )
أولا : فى القرآن الكريم
لقد بين القرآن الكريم أن إبراهيم عليه السلام تعرض للكثير من الصعوبات والإبتلاءت وأخطر هذه الإبتلاءات حين رآى رؤيا مفادها أن يتقرب إلى الله جل وعلا بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام وتبدأ القصة حين دعا نبى الله إبراهيم عليه السلام ربه جل وعلا أن يرزقه بغلام حليم يتحمل معه أعباء الدعوة ويكون إمتداد للدعوة الطاهرة فقال كما حكى القرآن الريم (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ *فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (الصافات : 100/ 101 )
 فرزقه الله جل وعلا هذا الغلام ولكن من المعلوم أن حياة الانبياء كلها دروس وعبر فأراد الله سبجانه أن يعلمنا كيف نصبر عند الإبتلاء مادام من عند الله فإن ختامه خير وهذا ما حدث { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ *وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ *وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِين * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ  }(الصافات : 102/ 109  
سبحان الله لقد كان إمتحان وابتلاء من الشدة بمكان ولكن استطاع نبى الله ابراهيم وابنه نبى الله اسماعيل عليهما السلام اجتيازه بفضل الله فكان التوفيق من الله وكان الجزاء أفضل بكثير فأكرم الحق جل وعلا الاب الرحيم أن أبقى له ابنه وفداه بذبح عظيم  بل وجعل من نسله جير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم وختم به الأنبياء 
وليس هذا فحسب بل رزق الحق سبحانه إبراهيم عليه السلام بما لم يكن يخطر له على بال فكما كان على استعداد أن يضحى بابنه لله وابقاه الله جل وعلا له انعم الله جل وعلا عليه بابن ثان من السيدة سارة فقال تعالى ( وبشـّرناه باسحاق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى اسحاق " (سورة الصافات : 100 ـ 113 )  فهذا دليل على أن السيدة سارة أحبت نبى الله إسماعيل عليه السلام  وما تعرضت له ولا لامه هاجر بالتعذيب كما زعم أهل الكتاب وإلا ما كافأها الحق سبحانه وتعالى .
كما يتضح لنا ودون أدنى شك أو تفكير أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام  إلا أن بنى إسرائيل يصرون على أن يلوا عنق الحقائق ويصرون على أن الذبيح هو اسحاق فكيف ذلك وهو لم يولد بعد ؟ وتعنتهم هذا أوقعهم فى أخطاء واضحة لا يقع فيه من لديه مسحة من عقل .
ثانيا :فى العهد القديم
لقد بينا وبإختصار ما ذكر فى القرآن الكريم بشأن قصة الفداء لنبى الله اسماعيل والآن نعرضها من العهد القديم ففي سفر التكوين يذكرون قول الرب جل وعلا لنبيه إبراهيم ألا وهو " بذاتي أقسمت يقول الرب اني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطىء البحر ويرث نسلك باب أعدائه ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض . من أجل أنك سمعت لقولي " 
بالله عليك مارايك فى قولهم ( ولم تمسك ابنك وحيدك ) هل تنطبق على احد غير نبى الله اسماعيل ؟ هل من المعقول أن يكون لدى إبراهيم ولدان ثم يقال له تلك العبارة ( ابنك وحيدك ) هل يجوز ذلك فى حق الله سبحانه وتعالى ؟
إلا أنهم أدخلو على تلك العبارة رغم وضوحها كلمة " اسحاق  ".فقالوا فى سفر التكوين 22 :2 "قال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق" فهذا دليل واضح على اضافتها للنص لانه بمنتهى البساطة لو كان لإبراهيم عليه السلام ابنان و أمر بذبح أحدهما فلن يكون لما فعله نفس المعنى والتقدير ولكن ليكون الإبتلاء عمليا ذا معنى ومغزى ان يكون ابنا وحيدا وليس لديه غيره ولم يرزق به إلا بعد عمر مديد ينقطع معه الرجاء فى ابن اخر هنا يكون الإبتلاء حقيقى أما أن يكون لديه ولدان ويؤمر بذبح احدهما فما المغزى اذن وما العبرة ؟ 
وأما  ما  جاء في سفر التكوين 17 :4 ـ 9   عن نبى الله اسحاق ( بأنه سيكون أبا لجمهور أمم  )  فذلك كان قبل ميلاد نبى الله إسحاق عليه السلام  فإذا كان قد أمره بعد ذلك بذبح إسحاق فهناك كان سيعلم إبراهيم عليه السلام بأن الله سينقذ إسحاق بطريقة ما وحينها فلا مجال للخوف لانه لا إحتمال أن يموت إسحاق ذبحا أو بأي طريقة أخرى قبل أن يكون له نسل وبالتالي فإنه لن يكون ثمة إبتلاء فيما فعل إبراهيم ليستحق عليه الجزاء العظيم.
 مما يجعل الظن يتجه إلى أن المكان الأصلي لأمر إبراهيم بذبح ابنه سابق على العهود المثبتة في سفر التكوين . وأنه قد عدلت بعض ألفاظه. وهو ما يشير بلا شك أن الذي كان سيذبح هو اسماعيل عليه السلام ، وأن من نسله النبي الذي يبارك به الله قبائل الأرض. ولذا نقول لبنى اسرائيل ما أمرهم به الحق سبحانه وتعالى { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (البقرة : 136 )

ثالثا:فى العهد الجديد
لم يذكر العهد الجديد آى من هذه الإبتلات ولا تلك  فلم يذكر شيئا عن نبى الله إبراهيم ولا ابنه اسماعيل عليهما السلام فى هذا الخصوص ولم يركز إلا على الاكذوبة التى ملاؤ بها الدنيا ضجيجا ألا وهى زعمهم أن المسيح عليه السلام تعرض للصلب والقتل وليس هذا بجديد علبهم فكما كذبوا  قديما وحرفوا الكلم عن مواضعه وأضافوا للنصوص من عند انفسهم لتواكب ما بداخلهم فاذا بهم يرتكبون نفس الخطا فيغيرون ويحورون النصوص طبق اهوائهم ليثبتوا للعالم أن المسيح عليه السلام قد صلب .
ولقد بينا فى هذا الكتاب الذى نحن بصدده خطأ هذا الزعم ورأينا أن ندخل إلى إنجيل برنابا ليكون حكما عليهم وبخاصة أننا رأينا العهد القديم يذكر العديد من القصص وإن كان في بعضها أخطاء بينما تجاهل كتبة العهد الجديد العديد من القصص  .
رابعا : فى انجيل برنابا
بينما تناول إنجيل برنابا القصة فى فصل 44 :1 ـ 12   على لسان المسيح عليه السلام فقال "  حينئذ قال التلاميذ :’ يا معلم هكذا كتب في كتاب موسى أن العهد صنع بإسحاق ‘ .أجاب يسوع متأوها :" هذا هو المكتوب . ولكن موسى لم يكتبه ولا يشوع .بل أحبارنا الذين لا يخافون الله .الحق أقول لكم أنكم إذا أعملتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون خبث كتبتنا وفقهائنا . لأن الملاك قال:’ يا إبراهيم سيعلم العالم كله كيف يحبك الله . ولكن كيف يعلم العالم محبتك لله . حقا عليك أن تفعل شيئا لأجل محبة الله ‘ 
. أجاب إبراهيم :’ ها هو عبد الله مستعد أن يفعل كل ما يريد الله‘ . فكلم الله حينئذ إبراهيم قائلا:’ خذ ابنك بكرك إسماعيل واصعد الجبل لتقدمه ذبيحة‘ .فكيف يكون إسحاق البكر وهو لما ولد كان إسماعيل ابن سبع سنين .‘ فقال حينئذ التلاميذ: إن خداع الفقهاء لجلي "
ثانياً: أنه نقل عن المسيح التصريح بأن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام، وليس إسحاق كما يزعم اليهود، وفي هذا يقول انجيل برنابا :- "أجاب يعقوب: يا معلم قل لنا من صنع هذا العهد، فإن اليهود يقولون بإسحاق، والإسماعيليون يقولون بإسماعيل؟
أجاب يسوع: صدقوني؛ لأني أقول لكم الحق،إن العهد صنع بإسماعيل لابإسحاق. حينئذ قال التلاميذ: يامعلم هكذا كتب في كتاب موسى أن العهدصنع إسحاق. أجاب يسوع متأوهاً: هذا هو المكتوب، وأعاد الكلام ثانية فقال :
 ولكن موسى لم يكتبه ولا يشوع، بل أحبارنا الذين لا يخافون الله.
 الحق أقول لكم: إنكم إذا أعملتم النظر في كلام الملاك جبريل تعلمون حديث كتبتنا وفقهائنا؛ لأن الملاك قال: يا إبراهيم، سيعلم العالم كله كيف يحبك الله، ولكن كيف يعلم العالم محبتك لله حقًّا، يجب عليك أن تفعل شيئاً لأجل محبة الله، أجاب إبراهيم: هاهو ذا عبد الله مستعد أن يفعل كل ما يريد الله، فكلَّم الله حينئذ إبراهيم قائلاً: خذ ابنك بكرك إسماعيل، واصعد الجبل لتقدمه ذبيحة.  فكيف يكون إسحاق البكر وهو لما ولد كان إسماعيل ابن سبع سنين؟  فقال حينئذ التلاميذ: إن خداع الفقهاء لجلي، لذلك قل لنا أنت الحق؛ لأننا نعلم أنك مرسل من الله"
وذكر برنابا أيضاً أن المسيح خاطب رئيس كهنة اليهود قائلاً له: "إن إبراهيم أحب الله حيث إنه لم يكتف بتحطيم الأصنام الباطلة تحطيماً ولا بهجر أبيه وأمه، ولكنه كان يريد أن يذبح ابنه طاعة لله.  أجاب رئيس الكهنة: إنما أسألك هذا ولا أطلب قتلك، فقل لنا :
من كان ابن إبراهيم هذا ؟  أجاب يسوع: إن غيرة شرفك با الله تؤججني ولا أقدر أن أسكت. الحق أقول: إن ابن إبراهيم هو إسماعيل الذي يجب أن يأتي من سلالته مسيا الموعود به إبراهيم أن به تتبارك كل قبائل الأرض.  فلما سمع هذا رئيس الكهنة حنق وصرخ: لنرجم هذا الفاجر؛ لأنه إسماعيلى، وقد جدف على موسى وعلى شريعة الله"
أرايت عزيزى القارئ كيف بين إنجيل برنابا قضية الذبح والفداء باسلوب بسيط يشبه إلى حد كبير ما ذكر فى القرآن الكريم مما يجعلنا نتساءل اين العهد الجديد من هذه القصص ؟  وصدق الحق حين قال { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } (النمل : 76 )
ولذا نقول لهم ماقاله الحق سبحانه وتعالى { قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (البقرة : 136 )
ثامنا : الحوار مع النمروذ فى القران الكريم
أخبرنا القرآن الكريم عن حوار دار بين نبى الله إبراهيم عليه السلام وبين طاغية من طواغيت الأرض كان يدعى النمروذ ولم نجد فى العهد القديم ولا العهد الجديد أى إشارة لهذا الحوار لأنه يخالف ما يدعوا إليه العهدين القديم والجديد من ضعف وخوار فى الدعوة إلى الله جل وعلا .
 إذ نرى فى نهاية هذا الحوار أن إبراهيم عليه السلام استطاع بفضل الله أن يتغلب عليه  ويعلن له أن الله جل وعلا هو وحده القادر على كل شئ  وفى هذا يقول تعالى :
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (البقرة : 258 )   وفى الوقت الذى افتقدنا فيه هذا الحوار فى العهدين القديم والجديد وكذلك افتقدناه فى إنجيل برنابا وجدناه  فى التلمود وان كان بصورة مختلفة .
النمروذ وإبراهيم فى التلمود :
فذكروا في مدراش رباه وهي من أجزاء التلمود : أن أبا ابراهيم عليه السلام  حنق عليه حين كسر الأصنام فخاصمه إلى النمروذ فسأله النمروذ:’ إن كنت لا تعبد الصور والمشبهات فلماذا لاتعبد النار ؟‘ قال إبراهيم :’ أولى من عبادة النار أن أعبد الماء الذي يطفئها‘ قال النمروذ:’ فأعبد الماء إذن؟‘ قال إبراهيم :’بل أولى من عبادة الماء أن أعبد السحاب الذي يحمله‘ قال النمروذ:’إذن تعبد السحاب ..‘
 قال إبراهيم :’ وأولى من السحاب بالعبادة ريح تبدده وتسير به من فضاء إلى فضاء‘ قال النمروذ:’ فما لك لا تعبد الريح ؟‘ قال إبراهيم:’إن الإنسان يحتويها بأنفاسه فهو إذن أحق منها بالعبادة ‘ . ومفاد الحوار أن الإنسان عندما ينظر في خلق الله يدرك أن هناك خالقا قديرا لايضيره شيء.
عندذاك أمر النمروذ " بسجنه سنة بدون ماء ولا طعام ولم يمت ، وضرب عنقه بالسيف فلم يعمل فيه السيف فأمر أحد أعوانه بإحراقه فخرج من الأتون لسان  نار وإلتهم الجلاد ولم يقترب من إبراهيم . فاتفقوا على احراقه بإلقائه في النار بمنجنيق ،فضرع الملائكة إلى الله أن ينجيه فأذن لهم أن يعملوا لنجاته  ما يستطيعون ، ولكنه أبى أن يعتمد في نجاته على أحد غير الله ، وإذا بالجمر من حوله كأنه فراش من الورد والريحان  . "
وإن كان الحوار مختلف إلا أنه  يحمد للتلمود ذكره لهذا الحوار الذى يدل على فهم للحقيقة الواضحة وهى أن ما فى الكون قوة يرجع اليها الامر كله إلا الله جل وعلا . وكذلك نعتبره حجة على أهل الكتاب فما افتقدناه فى أحد كتبهم نجده فى كتاب أخر وهذا ما يحمد للقرآن الكريم انه لم ينسى شيئا من أخبار الأولين لها قيمة إلا وذكرها وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال :
  {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } (الأنعام : 38 )وصدق سبحانه وتعالى حين قال{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } (هود : 120 ) وقوله تعالى { كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } (طه : 99
                                             
                  .خاتمة .
بعد الإطلالة السريعة  على ماقام به بنوا اسرائيل من افتراءات على الحق جل وعلا وما دعوا لله سبحانه وتعالى من صفات لا تليق بجلاله وكذلك بينا سيرة نبى الله عيسى وصححنا ما حاول اهل الكتاب افساده بان وعموا انه عليه السلام اله او ابن اله  ووضحنا كيف خدع اهل الكتاب ابناءهم وزعمهم ان المسيح عليه السلام صلب وقتل (حاشاه ) كما بينا ما فعله بولس بالديانة المسيحية وكيف غير وبدل وخالف كل ما جاء به عيسى عليه السلام وكذلك ما جاء به موسى عليه السلام  وبهذا ذهب بولس بالمسيحين بعيدا جدا عن ما جاء به جميع الانبياء .
وبفضل الله جل وعلا بينا صدق القران الكريم حين اخبرنا بان الحق جل وعلا اخبر اهل الكتاب عن المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم مصداقا لقوله تعالى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157
وختمت الكتاب بمقارنة بين القران الكريم  من جانب وبين العهد القديم والعهد الجديد وانجيل برنابا والتلمود من جانب اخر واوجزت المقارنة على موضوع واحد وهو ابو الانبياء سيدنا ابراهيم عليه السلام  لا ضع امامك عزبزى القارئ الصورة كاملة  ولا ثبت لك وبالدليل صدق الحق جل وعلا حين قال " ان هذا القران يقص على بنى اسرئيل اكثر الذى هم فيه يختلفون وكذلك قول الحق سبحانه " افلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "
فـ ( الحمد لله رب السموات ورب الارض رب العالمين ) كما انى احمد الله جل وعلا القائل (وانه لكتاب عزيز لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)




                           















                                         المراجع
1-    القرآن الكريم
2-    الجامع لاحكام القرآن – أبو عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي – دار الفكر للطباعة والنشر 1991
3-    مختصر الطبري للامام محمد بن جرير الطبري
4-    الميزان فى تفسير القرآن
5-    فتح الرحمن فى تفسير القران
6-    تفسيرالبضاوى
7-    التفسير الشامل
8-    الكشاف الزمخشرى
9-    كتب السنة
10-    البخاري
11-    الموطأ للامام مالك
12-    المسند للامام أحمد
13-    الترمذي
14-    أبو داود
15-    ابن ماجة
16-    البداية والنهاية لابن كثير
17-    سير أعلام الحديث
18-    كتاب السنن
19-    شذرات الذهب
20-    علوم الحديث للامام ابن كثير
21-    سير أعلام النبلاء
22-    فتح الباري-- للبخاري
23-    تهذيب التهذيب--  للحافظ ابن حجر العسقلاني
24-    رياض الصالحين للامام شرف الدين النووي الدمشقي – دار المنار للطباعة والنشر
25-    لسان العرب-- ابن منظور 
26-    معجم الادباء – ياقوت الحموي
27-    السنن– البيهقي
28-    تحفة المودود-- ابن القيم
29-    الرحيق المختوم – صفي الرحمن المباركفوري
30-    المستدرك --للحاكم 
31-    الزواجر--- للهيثمى
32-     الفتح  ---الحافظ بن حجر
33-    فتح البارئ --للخطابى
34-     المجموع-- للنووى
35-    الإرواء للألبانى
36-    ديوان ألفية محمد – د. -  صلاح القوسي
37-    ديوان هاشم الرفاعي
38-    اظهار الحق – رحمت الله الهندي
39-    هداية الحيارى – ابن قيم الجوزية
40-    الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح-- ابن تيمية
41-    الصفة على المذاهب الاربعة --عبد الرحمن الحريرى
42-    محمدج فى التوراة والانجل والقران --- إبراهيم خليل أحمد
43-    محمد فى الكتاب المقدس--- عبد الأحد داود
44-    قصة الحضارة . ويل ديورانت – ترجمة محمد بدران
45-    بروتوكولات حكماء صهيون ترجمة د / أحمد السقا
46-    تاريخ الأقباط  -- زكى شنودة
47-    سفر  التكوين
48-    سفر الخروج
49-    سفر التثنية
50-    سفر اللاوين
51-    سفر العدد
52-    سفر يشوع
53-    سفر القضاة
54-    سفر صموئيل
55-    سفر الملوك
56-    سفر أشعياء
57-    سفر عزرا
58-    سفر دانيال
59-    سفر عاموس
60-    سفر نشيد الانشاد
61-    سفر الجامعة
62-    سفر ايوب
63-    المزامير
64-    انجيل متي
65-    انجيل يوحنا
66-    انجيل لوقا
67-    أعمال الرسل
68-    إنجبل برنابا
69-    رسائل بولس الى أهل غلاطيا
70-    رسائل بولس الى أهل رومية
المراجع الأجنبية
1-الترجمة الإنجيليزية (ترجمة الملك جيمس )
2-الترجمةالفرنسية
3-العهد القديم بالعبرية
4-الترجمة الكاثولوكية
5-ترجمة درابى
6-الترجمة العالمية الحديثة
الفهرس
مسلسل    الموضوع    رقم الصفحة
1    الاهداء    1
2    المقدمة    2
4    بين يدى الكتاب    4
5    الفصل الاول .     7
6    زعمهم أن الرب (حاشاه ) ساكن فى الضباب    9
7    زعموا أن الله جل وعلا (حاشاه )فى إسرائيل فقط     12
8    صوت مشى الله (حاشاه )    19
9    زعموا ان الرب (حاشاه )يركب ملاكا ويطير فوقه     25
10    زعموا ان الرب (حاشاه ) يرضخ لتهديد موسى عليه السلام     28
11    زعموا ان الرب (حاشاه ) يسب داود عليه السلام      31
12    زعموا ان الرب (حاشاه ) جبار  ورجل حرب     32
13    زعموا ان الرب (حاشاه ) يبكى     37
14    زعموا ان الرب (حاشاه ) يخشى من اجتماع خلقه     47
15    زعموا ان الرب ( حاشاه ) عاقب نساء داود    50
16    بنوا إسرائيل والنهاية     64
17    الله جل وعلا على كل شئ قدير     66
18    الله جل وعلا صادق     67
19    الفصل الثانى     68
20    ذلك عيسى بن مريم     69
21    نسب سيدنا عيسى عليه السلام     70
22    كفالة سيدنا زكريا للسيدة مريم عليها السلام     72
23    نسب المسيح عليه السلام فى الأناجيل     71
24    البشارة بالمسيح عليه السلام فى الأناجيل     79
25    ميلاد المسيح عليه السلام من القرآن الكريم     86
26    ميلاد المسيح عليه السلام من الأناجيل     88
27    بشرية المسيح عليه السلام     90
28    وما قتلوه وما صلبوه     91
29    أسئلة تحتاج إلى جواب     103
30    الفصل الثالث     112
31    البشارات بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم     113
32    البشارة بــــــ { أحمد }صلى الله عليه وسلم     115
33    البشارة بــــــ { محمد }صلى الله عليه وسلم     124
34    البشارة بالمبعوث من فاران     127
35    البشارة بابن قيدار     137
36    البشارة بالمبعوث من مكة     141
37    البشارة بالنبى الأمى صلى الله عليه وسلم     153
38    أوصاف المعصوم صلى الله عليه وسلم فى المزامير    161
39    البشارة بالأمة العظيمة     166
40    البشارة بالأمة الوارثة     174
41    البشارة بالواقفين على جبل  عرفات     179
42    الفصل الرابع     185
43    برنابا وبولس     186
45    العهد الجديد وبولس     192
46    رأى برنابا فى بولس     195
47    ما فعله بولس بالمسيحية     197
48    إنجيل برنابا     200
49    مخالفة إنجيل برنابا لعقيدة المسلمين     203
50    مجمع نيقية     206
51    العهد الجديد    209
52    تناقضات العهد الجديد     211
53    الفصل الخامس     222
54    إبراهيم عليه السلام بين القرآن الكريم وكتب المسيحين     223
55    نسب نبى الله ابراهيم عليه السلام من القرآن الكريم وكتب المسيجين    225
56    هداية الحق سبحانه وتعالى لنبى الله ابراهيم بين القرآن  وكتب...    233
57    تحطيم الأصنام بين القرآن الكريم وكتب المسيحين     239
58    أبراهيم عليه السلام وملكوت الله جل وعلا  بين القرآن وكتب ......    244
59    عهد الله جل وعلا لنبيه إبراهيم عليه السلام بين القرآن الكريم وكتب المسيحين     249
60    الختان والدكتور القرضاوى     257
61    آل نبى الله إبراهيم عليه السلام بين القرآن وكتب المسيحين     278
62    الإبتلاءات بين القرآن وكتب المسيحين     283
63    ما حدث مع النمروذ بين القرآ وكتب المسيحين     285
64    الخاتمة    290
65    المراجع     292
66    الفهرس     297

                            رقم الإيداع  :

قولوا آمنا بالله

تحميل

عن الكتاب

المؤلف :

أحمد إسماعيل زيد

الناشر :

www.islamland.com

التصنيف :

مقارنة الأديان