وجعلنا الليل والنهار آيتين

وجعلنا الليل والنهار آيتين

بسم الله الرحمن الرحيم
"وجعلنا الليل والنهار آيتين "
أثار ظلام الليل وضوء النهار على النبات
من أبحاث المؤتمر العالمي العاشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة تركيا 1432هـ - 2011م
ا.د./ قطب عامر فرغلى
قسم النبات - كلية العلوم - جامعة أسيوط - مصر
حاليا أستاذ بقسم علم الأحياء – كلية العلوم– جامعة أم القرى بمكة المكرمة
ملخص البحث
خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض بالحق وقدر في الأرض أقواتها من خلال حركتها .فالأرض تدور حول نفسه،  ومنها تنشأ آيتا الليل والنهار, وتكمل الأرض دورتها حول الشمس فتنبثق منها فصول السنة المناخية . وتقلب الليل والنهار بين الطول والقصريؤدى إلى نشأة الفصول المناخية ،والتي تختلف فيما يبنها من العوامل المناخية مثل: درجات الحرارة والإضاءة كما ونوعا ، والرطوبة الجوية ، وعوامل مناخية أخرى وجب التفكر فيها حيث يقول جل وتعالى شأنه : " يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار" 44 سورة النور. إن من أسرارالحياة على سطح الأرض وسريان الطاقة في النظام الحيوي يكمن في تقلب وتعاقب الليل والنهارخاصة مع الكائنات النباتية (المنتجات ) التي تقوم بالعمليات الضوء حيوية مثل التمثيل الضوئي، والانتحاء الضوئي ، والانبساط الورقي والتزهير ، وإنبات البذور ، وتساقط الأوراق ، وغير ذلك من عمليات التحكم الضوئي،  والتي تنظم الشكل التركيبي والفسيولوجي للنبات.
لقد كشف العلماء عن ظاهرتين تتحكمان في التغيرات الفسيولوجية التي تحدث عند كل مرحلة من مراحل نمو النبات ، وهما التواقيت الضوئيphotopriodism  والتواقيت الحراري thermoperiodism، وهما ظاهرتان تسيران جنبا إلى جنب في التأثير على النبات من حيث ساعات الإضاءة ، وكمية الاشعاع الساقط ونوعيته ، وكذلك درجات الحرارة الليلة والنهارية.
ولقد كشف العلماء والباحثون بعد ذلك بقرون عديدة من نزول القرآن الكريم عن ظاهرة التأقيت الضوئي والتي على أساسها قسمت النباتات في سلوكها التزهيريإلى :   1 - نباتات النهار الطويل .  2- نباتات النهار القصير .  3- نباتات النهار المتعادل  . 4- نباتات النهار المحايد . ..
وتوصل العلماء إلى حقيقة أن فترة الظلام هي الجزء الحرج لدورة التعاقب هذه ، وأن عملية تزهير النباتات لايمكناستحثاثها مالم تستقبل النباتات فترة إظلام متصلة. لذلك فإن فترة الظلام تلعب دوراعظيما في تحديد إنشائية البراعم الزهرية الأولية, أما أهمية فترة الإضاءة فتكمن في التأثير على عدد المنشئات الزهرية.  ولهذا فقد قسم العلماء مرة اخرى النباتات على أساس طول فترة الظلام (الليل) وليس طول فترة الإضاءة ( النهار). وهذا في حد ذاته يمثل إعجازا قرآنيا عظيماحيث إن كلمة الليل سابقة لكلمة النهار في معظم الآيات الواردة في القران الكريم .
وتتابع الفصول المناخية من الفصل البارد ذات النهار القصير إلى الفصل الدافئ ذات النهار الطويل له تأثيركبير على الحالة المظهريةphenology   للنباتات. كما أن درجة الحرارة تؤثر على النضج السليم والطعم الممتاز للثمار نتيجة تعرضها لدرجات حرارة منخفضة خصوصا أثناء الليل. وأفضل النباتات نموا وإنتاجا هي تلك التي تتعرض إلى تعاقب درجات حرارة نهارية مع درجات حرارة ليلية. دون الأخرى التي تتعرض إلى درجات حرارة ثابتة طوال اليوم. قال تعالى :" وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا " 62 سورة الفرقان
إن سريان الطاقة في الأنظمة البيئية للكرة الحية يرتبط ارتباطا وثيقا بعملية البناء الضوئي التي من خلالها تتكامل تفاعلات الضوء مع تفاعلات الظلام لتعطى المادة العضوية  (الطاقة الكيميائية ) بتعاقب النهار والليل . ولقد جاء ذلك الإثبات متخلفا عما جاء به القرآن الكريم بأكثر من 12 قرنا من الزمان قال تعالى : "  وهو  الذي أنزل من السماء ماءا فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا......" الآية 99 سورة الأنعام. ويتضح الإعجاز القرآني من قوله تعالى " فأخرجنا منه خضرا.."  حيث :- تنشأ البلاستيدات الخضراء من مولدات البلاستيدات الأولية في الخلية النباتية والتي مع استمرار تعرضها للضوء تتكون المادة الخضراء المعروفة "بالكلوروفيل". وهذا هو المفهوم العلمي الدارج لمعنى الكلمات الكريمة, إلا أن مع التقدم العلمي والخاص بامتصاص وانعكاس أطياف الضوء المرئي ثبت مفهوم علمي جديد جاء به القرآن الكريم قبل ذلك بقرون عديدة ، وهذا التفسير العلمي يوضح أن:
عند سقوط الأشعة أو الطيف المرئي على مركب الكلوروفيل ، والمسئول عن اقتناص الطاقة الضوئية فإن هذا المركب يمتص الأطياف المختلقة للضوء المرئي عدا الطيف الأخضر الذي يرتد و ينعكس إلى خارج البلاستيدة، وبالتالي خارج أجزاء النبات الخضراء. وفى قوله تعالى " نخرج منه حبا متراكبا..."  كانت تشير المفاهيم السابقة إلى أن المقصود بالكلمات المباركات هو السنبلة التي تشتمل على الحبوب مثل التي في نبات القمح أو غيرها من نباتات الفصيلة النجيلية , إلا أن الإعجاز القرآني كما أفهمه  يشير إلى خروج حبيبات النشا من المادة الخضراء بالخلايا النباتية. والحب المتراكب في الآية الكريمة يشير إلى حبيبات النشا بأنواعها المختلفة المتكونة سواء أكانت داخل البلاستيدة الخضراء أو أماكن التخزين الرئيسية فكل حبيبة نشا تتمثل فى سرةhelium)  ) تتراكم وتتراكب حولها طبقات من النشا حسب نوع النشا الخاص بكل نبات (البطاطس (لامركزية )–الفاصوليا(متفرعة)– الذرة – القمح (مركزية) – الأرز...) فهذه الكلمة الكريمة"..متراكبا... " تدل على أن كل حبيبة تتكون من طبقات وحافة كل طبقة لها وضع خاص مع الطبقة التي تليها.
إن الطاقة الضوئية تتحول إلى طاقة كيميائية ليلا، وهذه الطاقة الكيميائية تنتقل في النظام الحيويإلى الطاقة الحرارية أثناء عملية تنفس الاوكسجين بواسطة الكائنات الحية ( أو الاحتراق ) حيث تنطلق الطاقة الحرارية ، وهكذا تنتقل الطاقة من صورة إلى أخرى حسب قانون بقاء الطاقة الذي يؤكد أن الطاقة لاتفنىولاتستحدث، وإنما تتحول من صورة إلى اخرى , وصدق الله العظيم حيث يقول : " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " 80 س يس.  
إن تغير المناخ المتمثل فيآيات اختلاف الليل والنهار  للفصول المختلفة ، هو أحد المصادر الطبيعية الضخمة التي ترتبط بالحياة النباتية ،والتي يمكن استغلالها  من الطاقة الشمسية بصورة أفضل لإنتاج الطاقة الكيميائية ، والممثلة في المواد الغذائية النباتية والحيوانية  .

في هذا المجلد

وجعلنا الليل والنهار آيتين

تحميل

عن الكتاب

المؤلف :

قطب عامر فرغلى

الناشر :

www.eajaz.org

التصنيف :

الإعجاز العلمي