عن الفتوى
حكم كتابة القرآن أو بعضه بغير اللغة العربية مع نطقه بالعربية وهل له أجر تلاوته ؟
الإجابة:
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
تقدم في جواب سؤال رقم : (97741) عدم جواز كتابة القرآن الكريم بغير الرسم العثماني .
ثانياً :
إذا كان لا يجوز كتابة القرآن الكريم بغير الرسم العثماني ، فمن باب أولى عدم جواز كتابته بغير اللغة العربية .
وقد دلت نصوص الشريعة وأجمع علماء الإسلام على وجوب صيانة كلام الله تعالى من التحريف والتغيير ، ولا شك أن كتابته بغير اللغة العربية هي من أقرب الطرق إلى تحريف لفظه ومعناه ، وذلك للتباين الواضح بين طبيعة اللسان العربي ، في حروفه ، وكلماته ، وأساليبه ، وطريقة كتابته ، وطريقة نطقه ، وأساليبه وتصرفات أهله فيه ، وبين غيره من اللغات .
جاء في كتاب تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية (1/36):
"بعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه ، قرر المجلس بالإجماع : تحريم كتابة القرآن بالحروف اللاتينية ، أو غيرها من حروف اللغات الأخرى ، وذلك للأسباب التالية :
ا - إن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين ، حروفه ومعانيه ، قال تعالى :
( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) والمكتوب بالحروف اللاتينية لا يسمى قرآناً ؛ لقوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) وقوله : ( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) .
2 - إن القرآن كتب حين نزوله ، وفي جمع أبي بكر ، وعثمان ، - رضي الله عنهما - إياه بالحروف العربية ، ووافق على ذلك سائر الصحابة - رضي الله عنهم - وأجمع عليه التابعون ، ومن بعدهم إلى عصرنا ، رغم وجود الأعاجم ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ) الحديث .
فوجبت المحافظة على ذلك ، عملاً بما كان في عهده صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، رضي الله عنهم وعملا بإجماع الأمة .
3 - إن حروف اللغات من الأمور المصطلح عليها ، فهي قابلة للتغيير مرات بحروف أخرى ، فيخشى إذا فتح هذا الباب أن يفضي إلى التغيير كلما اختلف الاصطلاح ، ويخشى أن تختلف القراءة تبعاً لذلك ، ويحصل التخليط على مر الأيام ، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن للاختلاف والاضطرابات ، كما حصل بالنسبة للكتب السابقة ، فوجب أن يمنع ذلك محافظة على أصل الإسلام ، وسدا لذريعة الشر والفساد .
4 - يخشى إذا رخص في ذلك أو أقر: أن يصير القرآن ألعوبة بأيدي الناس، فيقترح كل أن يكتبه بلغته ، وبما يجد من اللغات ، ولا شك أن ذلك مثار اختلاف وضياع ، فيجب أن يصان القرآن عن ذلك صيانة للإسلام وحفظا لكتاب الله من العبث والاضطرابات .
5 - إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية يثبط المسلمين عن معرفة اللغة العربية ، التي بواسطتها يعبدون ربهم ، ويفهمون دينهم ، ويتفقهون فيه ، هذا وبالله التوفيق ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء .
وجهنا السؤال إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية ، فتفضل مشكورا بإرساله هذه الفتوى الصادرة عن الهيئة في دورتها الرابعة عشر بالطائف ، في شوال ( 1399 ) اهـ.
وبما سبق يتبين أن الكتابة ، والتلاوة التي يتحقق بها أجر من تلا حرفا من كتاب الله ، إنما هو لمن كتبه وقرأه قرآنا عربيا كما أنزله الله ، وأما من كتبه بغير العربية ، أو نطقه من باب أولى ، فقد عمل عملا غير مشروع .
لكن من عجز عن كتابته بالعربية ، أو أراد أن يستشهد بشيء منه في كتاب كتبه بغير لغة العرب ، فله أن يكتب ترجمة تفسيرية لما أراد أن يستشهد به ، لا أن يكتبه للتلاوة والتعبد ، كما هو ظاهر من السؤال .
والله أعلم .