عن الفتوى

التاريخ :

Sat, Oct 25 2014
:السؤال

حديث إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره

أنا متحير بخصوص حديث ، هل هو صحيح أم ضعيف ، وهل هو مقبول أم لا يتوافق مع القرآن والسنة . روى ابن عمر - في الترمذي وعند أحمد والطبراني والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عز وجل خلق الخلق في الظلام ثم ألقى عليهم من نوره ، فمن مسه النور فقد هدي ، ومن لم يمسه النور فقد ضل ، جف القلم .....إلى آخر الحديث ) جزاكم الله خيرا .
الإجابة:
الإجابة:
الجواب : الحمد لله أولا : هذا الحديث يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص فيقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ نُورِهِ يَوْمَئِذٍ اهْتَدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ ) فَلِذَلِكَ أَقُولُ – في رواية أن القائل هو عبد الله بن عمرو -: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ . أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (11/219)، وابن أبي عاصم في " السنة " (244)، وابن حبان (14/43)، والحاكم في " المستدرك " (1/84) من طريق ربيعة بن يزيد . وأخرجه الإمام أحمد في " المسند " (11/441) والنسائي في " السنن " من طريق عروة بن رويم . وأخرجه الترمذي (2642) والحاكم في " المستدرك " (1/84) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني . ثلاثتهم ( ربيعة بن يزيد ، وعروة بن رويم ، ويحيى بن أبي عمرو ) عن ابن الديلمي ، عن عبد الله بن عمرو به. وابن الديلمي اسمه عبد الله بن فيروز : وهو من كبار التابعين ، وثقه ابن معين ولم يجرحه أحد ، والرواة عنه من الثقات الحفاظ . لذلك قال الترمذي رحمه الله : " حديث حسن " انتهى. وقال الحاكم رحمه الله : " هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة ، وقد احتجا بجميع رواته ، ثم لم يخرجاه ، ولا أعلم له علة " انتهى. وقال الذهبي رحمه الله : " على شرطهما ، ولا علة له " انتهى من " التلخيص ". ولكن ننبه إلى أن عبد الله بن فيروز ليس على شرط البخاري ومسلم . وقال الهيثمي رحمه الله : " رجال ثقات " انتهى باختصار من " مجمع الزوائد " (7/193) وقال الشيخ الألباني رحمه الله : " إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات " انتهى من " السلسلة الصحيحة " (رقم/1076) ثانيا : فإن قال قائل : هذا الحديث يدل على أن سبب دخول الناس الجنة أو النار هو الصدفة والاتفاق وليس الخُلُقُ والعمل ، فالسعيد مَن أصابه مِن نور الله عز وجل بمحض المصادفة في ذلك الموقف الذي خلق الله فيه الخلق ، والشقي مَن حُرِمَ ذلك النور فالجواب أن مَن أصابه مِن نور الله الذي ألقاه – كما يخبر هذا الحديث الصحيح – لم يصبه على سبيل المصادفة ، وإنما أصابه لأن الله عز وجل كان يعلم – بعلمه الأزلي – أن هذه النسمة ستكون صالحة تقية عابدة لله عز وجل في الدنيا ، فقدر لها أن يصيبها من نور الله في ذلك الموقف . ومن علم الله عز وجل – بعلمه الأزلي – أنه سيعمل سيئا في حياته ، وسيكون مع الأشقياء الفاسقين ولن يؤمن مع المؤمنين : فهذا يحرمه سبحانه وتعالى من ذلك النور في بداية الخلق . وهذا معنى قول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في آخر الحديث : ( جف القلم على علم الله عز وجل ) يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله : " ( جف القلم ) أي : فرغت الكتابة ، إشارة إلى أن الذي كتب في اللوح المحفوظ لا يتغير حكمه . قوله : ( على علم الله ) أي : على حكمه ؛ لأن معلومه لا بد أن يقع ، فعلمه بمعلوم يستلزم الحكم بوقوعه " انتهى من " فتح الباري " (11/491) لذلك بوب الحافظ ابن حبان رحمه الله على الحديث بقوله : " ذكر الإخبار عن علم الله جل وعلا مَن يصيبه مِن ذلك النور أو يخطئه عند خلقه الخلق في الظلمة " انتهى من " صحيح ابن حبان " (14/44) وبوب عليه الآجري رحمه الله بقوله : " باب ذكر السنن والآثار المبينة بأن الله عز وجل خلق خلقه ، من شاء خلقه للجنة ، ومن شاء خلقه للنار ، في علم قد سبق " انتهى من " الشريعة " (ص/741) دار الوطن – تحقيق عبد الله الدميجي. وقال البيهقي رحمه الله : " باب ذكر البيان أن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره : فمن علم الله إيمانه ، وأمر القلم فجرى به وكتب من السعداء : أصابه من ذلك النور فاهتدى . ومن علم الله كفره ، وأمر القلم فجرى به وكتب من الأشقياء : أخطأه ذلك النور فضل . قال الله عز وجل : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) الأنعام/122. وقال الله عز وجل : ( اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) البقرة/257. وقال : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ) الجاثية/23 " انتهى من " القضاء والقدر " (1/256) طبعة مكتبة الرشد ولمزيد من الفائدة حول القدر ، ينظر جواب السؤال رقم (34732) ، و (20806) ، و (96978) والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب