About the article

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 369

 

السائل : عمر بن علي المقدمي وتدليسه ، يدلّس تدليس السّكوت .

الشيخ : مشكلة المشاكل .

السائل : يقول حدّثنا عن شيخه وهو لم يسمع منه فما حكم تصريحه بالسّماع خارج الصّحيحين ؟

الشيخ : ظننت أنّك تقول ما حكمه في الصحيحين .

السائل : لا ، خارج الصحيحين .

الشيخ : طبعا هو التوقّف عن الاحتجاج به .

السائل : حفظك الله ، طيب جئنا إلى بقيّة بن الوليد والوليد بن مسلم وهم يدلّسان تدليس التسوية وتدليس التّسوية هما يصرّحان بالسّماع من شيخهما لكن فيما فوق شيخهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيه عنعنة وتدليس التسوية يسقط الضعيف من السند حتى يصير السند مستويا جيدا ؛ فهل يقبل هذا أم يتوقف فيه أيضا

الشيخ : أما بالنسبة للوليد بن مسلم الدمشقي ابن بلدنا هذا فلا يحتجّ به إلاّ أنّ يصرّح بالتحديث في كل سلسلة .

السائل : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

الشيخ : أي نعم ، عفوا ليس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنّما إلى الصّحابي , أمّا بقيّة بن الوليد فالمعروف عند جمهور المحدّثين أنّ تدليسه ليس تدليس التّسوية كالوليد بن مسلم فمن اعتقد بأنّ بقيّة بن الوليد تدليسه تدليس التسوية كتدليس الوليد بن مسلم فهما في الهواء سواء لا يجوز الاحتجاج بحديثهما إلاّ إذا كان تحديثه مسلسلا في كل الطبقات ، واضح الجواب ؟

السائل : نعم ، إذا أعتقد أنهما سواء ؟

الشيخ : أينعم .

السائل : وإذا اعتقد التّفرقة فالأمر يختلف ؟

الشيخ : أي نعم .

السائل : حفظكم الله .

الشيخ : وإيّاك .

السائل : طالب العلم عند الحكم على الأحاديث بالصّحّة أو الضّعف فإنه دائما يتقصى ماذا قال الأئمة الذين قبله ، فإذا ما وجد مثلا حديثا قد صحّحه مثلا الحافظ ابن حجر أو غيره من الأئمّة هو يرى فيه علّة ظاهرة لكنّه لا يرى إجماع أهل الحديث على صحّة هذا الحديث أو على ضعفه وهو يرى خلاف هذا هل له أن يخالفهم ، أن يخالف هذا الإمام وأن يتكلّم بالصّحّة أو الضّعف

الشيخ : قولك يرى خلاف هذا أشكل عليّ بعد أن ذكرت أنّه فيه خلاف في التصحيح والتضعيف ، فيرى خلاف ماذا ؟

السائل : يعني يرى خلاف تصحيح الحافظ ابن حجر الحديث أو تضعيفه ؟

الشيخ : طيب لكن في الوقت نفسه يرى من يوافقه

السائل : لا أحد وافقه على هذا من قبل ، ما أحد وافقه على هذا من قبل والحافظ ابن حجر هو الذي تفرّد مثلا بتصحيح هذا الحديث ، الحديث مثلا في سنن الدارقطني أو حديث كذا أو كذا تفرد بتصحيحه الحافظ ابن حجر لم يجمعوا على تصحيحه أو على تضعيفه وهو نفسه يرى خلاف هذا الإمام وليس له سلف في تصحيح أو تضعيف ما وقف على هذا ، الله أعلم له سلف أم لا ؛ هل له أن يتجرّأ أو أن يقول صحيح مع مخالفته للحافظ ابن حجر أو ضعيف مع مخالفته للحافظ ابن حجر للعلّة الّتي يراها ويذكر برهانه ؟ .

الشيخ : لا إله إلا الله , الجواب يختلف يا أخي باختلاف الذي سمّيته بطالب العلم , فإن كان يرى غير مغترّ بنفسه أنّه وصل إلى مرتبة من التحقيق في علم الجرح والتعديل والتّصحيح والتّضعيف يسوّغ له أن يخالف أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني فله ذلك وإلّا فلا .

السائل : حفظكم الله .

السائل : هنا سؤال حول توثيق بعض الأئمّة وأريد أن أعرف حالهم من جهة التشدّد والتّساهل والإعتدال ، مثلا ابن سعد في الطّبقات هل هو متساهل ؟

الشيخ : بالنّسبة لبعض الأئمّة متساهل .

السائل : بالنّسبة لبعض الأئمّة ؟

الشيخ : متساهل .

السائل : يعني إذا قورن كلامه ببعض كلام الأئمة .

الشيخ : أي نعم .

السائل : طيب إذا انفرد بترجمة وليس فيها إلا توثيق ابن سعد ماذا نحكم على توثيقه ؟

الشيخ : نقبله مادام ليس له معارض .

السائل : ما دام ليس له معارض , طيب إذا عرف أنه متساهل هل يقبل ؟

الشيخ : الجواب هو هو .

السائل : طيب ابن حبان علم أنه متساهل ولا يقبل تفرّده .

الشيخ : مكانك راوح لكن ليس هذا كهذا .

السائل : يعني تساهل هذا ليس كتساهل هذا ؟

الشيخ : طبعا ؛ لأن ابن حزم أقام توثيقه على قاعدة خالف فيها جماهير علماء الحديث ؛ أما ذاك فلم يضع مثل هذه القاعدة حتى يفضح نفسه لكننا نحن بالتتبع نراه متساهلا ، فإذا لم نجد من يعارضه قبلنا توثيقه حتى يتبيّن لنا وهمه في التّوثيق .

السائل : طيّب العجلي نصّ على أنّه يتساهل في توثيق المجاهيل ؟

الشيخ : هو كذلك .

السائل : فما الموضع الذي نصّه على قاعدة علم منه هذا أم هو بالإستقراء ؟

الشيخ : هو الإستقراء , لكنّ العجلي تساهله أيضا بهذا الإستقراء ليس كابن حبّان .

السائل : أسأل عن الخطيب ، الخطيب في تاريخ بغداد وفي كتبه الأخرى من ناحية التساهل والتشدد

الشيخ : ما أعرفه إلا معتدلا .

السائل : طيب ابن خلفون ؟

الشيخ : ما أعرف عنه شيئا .

السائل : من جهة التّساهل ؟

الشيخ : ما أعرف عنه شيئا .

السائل : القاسم ابن مسلمة ، معذرة مسلمة بن القاسم ؟

الشيخ : هل هو المصري ؟

الحلبي : الأندلسي ، والله اعلم .

الشيخ : ابن القسام هذا كتابه ليس بين أيدينا وإنما بين أيدينا نقول عنه كالتهذيب واللسان ونحو ذلك ، فما تكوّنت عندي أنا شخصيا أيضا بالنسبة إليه رأي هل هو من المتوسّطين أم من المتشدّدين أم من المتساهلين لكن الذي وجدته ولمسته لمس اليد أنّنا بحاجة إلى توثيقاته لأنه في كثير من الأحيان يتكلم عن رجال لا نعرف عنهم شيئا .

السائل : الدارقطني رحمه الله .

الشيخ : الدارقطني بلاشكّ هو إمام ولا ينسب إلى تشدد ولا إلى تساهل ، هذا اعتقادي فيه .

السائل : ابن عساكر ؟

الشيخ : ابن عساكر قلّما ينقل عنه توثيق فليس عندي رأي خاص به .

السائل : البيهقي ؟

الشيخ : البيهقيّ هو كالدارقطنيّ .

السائل : طيب عبد الباقي ابن قانع ؟

الشيخ : ليس له كبير ذكر في كتب النقد والجرح فلا رأي عندي فيه .

السائل : أبو نعيم ؟

الشيخ : أبو نعيم الأصبهاني ما عندي رأي متكوّن عنه .

السائل : بعض الطلبة في هذا الزمان يرى بعض الأحاديث في صحيح البخاري أو في صحيح مسلم وفيها فيما يبدوا له أو فيما يقول مثلا علة ، وهذا الحديث لم يتكلّم فيه الحفاظ السابقون ؛ فإذا قيل له إن مثل هذا لا يتكلم في الصحيحين اللذين تلقتهم الأئمة بالقبول أو كذا وكذا ، قال لا نكون كبني إسرائيل يعني يقيمون الحد على الضعيف ويتركون القوي .

الشيخ : كيف ؟

السائل : إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد فما نصيحتكم لمثل هذا النوع ولمثل الطلبة جميعا ؟

الشيخ : جواب هذا يشبه جواب سبق حينما سألت عن شخص يخالف ابن حجر ، تذكر سؤالك ؟

السائل : نعم .

الشيخ : وماذا كان جوابي ؟

السائل : أجبت بأن الحافظ له استقراء وله اطلاع وله فحص وبحث فمثلنا لا يستطيع أن يرد عليه ما لم يكن له ...

الشيخ : لا لا ، لا أعني هذا ، الذي يخالف تصحيح ابن حجر أو تضعيفه ليس فيما يتعلّق بتدليس شعبة والذين ذكرتهم سألت سؤالا عن بعض الطّلاب يجدون الحافظ ابن حجر يصحّح وهذا الطالب يضعّف أو على العكس يضعّف ابن حجر حديثا وهذا الطالب يصحّحه ، كان جوابي وهو جواب سؤالك هذا الأخير أنّ هذا الطّالب إذا كان يرى نفسه قد وصل إلى منزلة من العلم غير مغتر بنفسه بحيث يرى أن له الحق بعد وصوله إلى هذه المرتبة العالية من المعرفة بهذا العلم الشريف فله الحق أن يخالفه .

السائل : يخالف ما في الصحيحين وإن كان عالما وليس طالب علم فقط ؟

الشيخ  : اسمع هذا يحتاج إلى شرح تذكّرت هذا الجواب ؟ هو الجواب نفسه ولكن سؤالك هو لما ينقد أحد الصحيحين ينقده بناء على علم الجرح والتعديل ؟ أم هوى وكيفا ؟

السائل : لا ، على علم التراجم والتواريخ .

الشيخ : الآن نأتي بمثال حديث ما رواه البخاري ومسلم أو أحدهما فيجد فيه رجلا اتّفق العلماء على تضعيفه أو أكثر العلماء على تضعيفه وكان هذا التّضعيف بسبب واضح أي كان الجرح مفسّرا ، بناء على ذلك ضعّف ذاك الحديث هذه الصورة تدخل في سؤالك أم لا ؟

السائل : هذا هو .

الشيخ : جميل جدا ، فأقول إذا هو اعتمد ليس على رأيه وإنمّا على العلماء الّذين طعنوا في ثقة أحد رواة هذا الحديث .

السائل : نعم .

الشيخ : فله ذلك ؛ لكن بالشرط السابق إذا كان بلغ تلك المنزلة التي ذكرتها في جوابي السابق والذي أعدتها على مسامعك أخيرا ، واضح ؟

السائل : واضح السؤال ، وأريد سؤالا تابعا له وهو نفس السؤال .

الشيخ : لا ، أنا أقول سؤالك واضح لكن أسألك جوابي واضح لديك ؟

السائل : واضح لي ، لكن أريد أن أستفسر حتى يعني ...

الشيخ : ما في مانع تفضل .

السائل : معنى هذا أنّ الصّحيحين عرضة لكلّ من بلغت شوكته وقويت شوكته في العلم أن يتكلّم في أحاديث لم يتكلّم فيها الحفاظ السابقون ؟ وهذا الذي ينقل من كتب الجرح والتعديل تضعيف الأئمّة لهذا الراوي هم الأئمة الذين تكلّموا في هذا الراوي لم يتكلّموا في حديث داخل الصحيح وقد مر عليهم الصحيح وسلموا به ، فلماذا ؟

الشيخ : قولك لم يتكلّموا ، تعبيرك ليس دقيقا .

السائل : لم ينقل إلينا ، أو لم نجده أو لم نقف عليه .

الشيخ : جميل جدا ، وأنت تعرف الفرق بين الأمرين ؟

السائل : بين ماذا ؟ إن لم نقف عليه ولم ينقل ؟

الشيخ : لا ، بين لم يتكلموا ...

السائل : فرق كبير .

الشيخ : فرق كبير .

السائل : كون لم أقف أنا ...

الشيخ : معليش فمع هذا الفرق الكبير يختلف الأمر بين قولك الأوّل وقولك الآخر ؟

السائل : في فرق نعم ويختلف ، يختلف الكلام لكن ...

الشيخ : كويّس ، فعلى أيّ القولين الآن أنت من قوليك تلح علي وتبقى علي حتى نجيبك عنه ؟

السائل : القول الذي أقوله أنا ، أنا أبحث ما استطعت في كتب أهل العلم .

الشيخ : ما أحتاج التفصيل ، اعتمد على قول من القولين السابقين حتى أجيبك ؟

السائل : يعني يسكت لا يتكلّم في الصحيحين الذي لم يجد كلام الأئمّة فيه .

الشيخ : مش هذا بارك الله فيك ، قلت آنفا لم يتكلّموا وقلت لاحقا لا أعلم أنّهم تكلّموا .

السائل : قولي لا أعلم .

الشيخ : هذا هو الجواب بارك الله فيك ، طيب إذا كان تصرّ على البقاء على كلمة لا أعلم وتعلم كما يعلم كلّ طالب علم بين ما لو قال لم يتكلّموا وبين لا أعلم أنهّم تكلّموا حينئذ ليس المحظور كبيرا كما يتصوّر فيما إذا بقيت عند قولك الأخير لا أعلم ، جميل قول القائل لا أعلم هو علم ؟

السائل : علم فيما يخصّ نفسه يعني يخبر عن نفسه أنه لا يعلم هذا الشيء ، نفي .

الشيخ : فهو علم ؟

السائل : لا ، ليس علما .

الشيخ : إذا شو معنى اللف والدوران بلا مؤاخذة في نفسه أو في غيره ، هذا ليس علما مطلقا وحكمه على الحديث بالضّعف بناء على أقوال أئمّة الجرح والتعديل علم ؟

السائل : علم .

الشيخ : طيب فما الذي يقدّم ؟ أالعلم ؟

السائل : أنا قلت في هذا الراوي ليس في الحديث .

الشيخ : وأنا أقول معك وقلت آنفا هذا الطالب الذي ضعّف الحديث بناء على أقوال أئمّة الجرح والتعديل في أحد رواته فأنا معك في الموضوع ، هذا علم أم جهل ؟

السائل : علم ، هو علم .

الشيخ : يضحك الشيخ رحمه الله .

السائل : لكن ليس كافيا في الحكم على ضعف الحديث وإن كان الراوي فيه ضعف .

الشيخ : لماذا ؟

السائل : لما علم أنّ أصحاب الصحيح يخرجون الراوي الصحيح من الضعيف إما لما لهم من طرق أو لما اطلعوا عليه أو لما علموا أن له أصلا أو انتقوا من حديثه أو كذا أو كذا .

الشيخ : هل أفهم من كلامك تعني أن ّكل ما في الصحيحين صحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أم فيه شيء قد يكون ليس صحيحا

السائل : الأحرف اليسيرة التي نصّ عليها العلماء

الشيخ : إذا فيه شيء ؟

السائل : فيه شيء ، الأحرف اليسيرة التي نصّ عليها الحفّاظ .

الشيخ : ومتى ينتهي دور العلماء ؟ في أيّ قرن ؟

السائل : أنا أسأل عن هذا .

الشيخ : صحيح ؟

السائل : أنا أسأل صحيح .

الشيخ : أكيد أنت ( يضحك الشيخ رحمه الله ).

السائل : أنا أسأل , أنا لا أدافع الآن عن قولك  لكن أسأل وأريد أن أقف على أدلة كل فريق حتى أقف على الحق بدليله .

الشيخ : معليش ، لكن كيف تحوّل أنا السائل فتقول أنت تسأل ؟

السائل : أنا أسألكم عن هذا هل انتهى دور العلماء على ما جاء مثلا ؟

الشيخ : هل سمعتم مثل هذا السؤال منه ؟ ما أحد سمع منك هذا السؤال ، أم أنت تحكي باللاسلكي يعني ؟

السائل : أنا كلامي كلّه أسئلة ، أنا جئت وعندي أسئلة ما جئت أناقش مسائل جئت أسأل أسئلة .

الشيخ : أنا ما أنقم عليك يا أخي أنّك تسأل وتكثر السؤال ، ففي هذا فائدة لي أوّلا ثم للسامعين ثانيا ؛ لكن عجبت منك أنا سألتك وإذا أنت تحول أنك أنت السائل ، هذا الذي أستغربه ـ يضحك الشيخ رحمه الله ـ طيب الآن نطوّر السؤال في قناعتك الشّخصية والعلميّة هل انتهى دور العلماء خلاص إلى يوم يبعثون ؟ أم لا تزال الأمة فيها خير ؟

السائل : فيها خير إلى أن تقوم الساعة .

الشيخ : جزاك الله خيرا ، فإذا ما انتهى دور العلماء ؛ لكن سؤالك يوحي إلي بما هو ليس طبعا بالوحي الرحماني ، يوحي إلي بأنه انقطع دور العلماء لأنّك قيّدت آنفا حينما سألتك هل كلّ أحاديث الصّحيحين يعني مسلّمة عندك ، قلت لا ، في بعض أشياء لكن هذا ببيان العلماء ولذلك اضطررت فسألتك يعني متى انتهى دور العلماء أخيرا أنا حصلت على الجواب الذي أردته من سؤالي وهو أن الأمة الإسلامية لا تزال فيها خير ، هذه المسألة تشبه تماما هل انتهى دور الاجتهاد في المسائل الفقهية ؟ تعرف الجواب أنت عند المقلدة خلاص الاجتهاد بعد الأئمّة الأربعة سد باب الاجتهاد في القرن الرابع من الهجرة ، ابن الصّلاح رحمه الله وقع في نفس المشكلة ووقع في نفس المطبّ الذي وقع فيه الفقهاء المقلّدون حينما قال ليس لنا أن نصحّح أو نضعف وإنما علينا أن نتبع الذين صحّحوا وضعّفوا وردّ عليه الإمام النووي رحمه الله بما هو الحقّ والصّواب وذلك معروف لديكم ، على هذا حبل البحث العلمي ينبغي أن يظل مستمرّا إلى يوم القيمة ، إلى يوم لا يبقى على وجه الأرض من يقول لا إله إلا اله ؛ وإذا الأمر كذلك فلا يصحّ أن نقيّد ما ذكرت من القيد لأنّ العلماء والحمد لله موجودون في كلّ زمن وفي كلّ قرن وبهم تقوم حجّة الله على عباده ؛ ولذلك فإذا كان هذا الطّالب الّذي تشير إليه متمكّنا في العلم كما أنا ذكرت ذلك صراحة فلا يضرّه أن لا يعلم من سبقه إلى تضعيف حديث في الصّحيحين مادام أنّه ينقد بعلم ، وإذا فعدم علمه جهل أي عدم علمه بمن نقد جهل ونقده بعلم علم ، فيقدّم العلم على الجهل ؛ لكن المهمّ أن نلاحظ أن يكون متمكّنا في علم الحديث أوّلا ثم في علم الشّريعة ثانيا ؛ لأنّني أجد كثيرا من الشّباب اليوم النّاشئ ينقد سواء من المتقدّمين أو المتأخّرين وهو لا يحسن فهم بعض الأمور الّتي يفترض أن تكون مفهومة لدى طلاّب العلم ؛ فإذا كان هذا الطّالب الناقد متمكّنا في هذا العلم فلن يضرّه أنه لا يعلم من سبقه إلى التضعيف مادام أنّه يعتمد على علم الجرح والتعديل ويفهم الحديث ومعناه ودلالته ويحيط به علما من النّاحية الفقهيّة ، ثم يخرج بذلك الحكم الّذي لا يعلم من سبقه إليه ، بهذا الشّرط يجوز له وإلا فلا .

السائل : بالنسبة لطالب العلم الذي ضعّف حديث طبعا كان الحديث كلّه يدور حول الصحيحين ، طبعا هو لم يضعّف حديث خارج الصحيحين فنقول مثلا أنّ هذه الأحاديث لعلّها ما مرّت على كثير من العلماء وكثير من الشراح , لكن الصحيحين يعني يوجد فيهما ميزة وأنهما منذ أن ألفا والعلماء يتدارسونها إما في حلق العلم وإما في الشرح وإما في الانكباب عليها قراءة حتى أن الدارقطني رحمه الله أخذ بعض المؤاخذات على ما في الصّحيحين كما هو معلوم ، ومن أتى من بعده بعضهم لم يأخذ هذه المؤاخذات ولعل كلمة الذهبي التي ذكرتها في الحديث الذي كان قبل الإفطار وهي أنه قال وفي النفس منه شيء لو لا مهابة الصحيحين ، وهو حديث أبي الزبير وكذلك بينت يا شيخ أن هناك من سبقك أبو حسن القطان رحمه الله ؛ لكن طالب العلم هذا الذي لم يسبقه في انتقاد هذه الرواية أحد من العلماء المتقدّمين كما حصل لماذا ؟ كما حصل لأبي الزبير رحمه الله ، وهذين الكتابين يعني هذان الكتابان مرّ على معامل كثيرة من العلماء ما بين شرح وإلى غريب وإلى آخره فهل نقول له أنه يطلق لك التضعيف كونك طالب علم وكونك متمكّن حتّى ولو لم يسبقك أحد ، في حين الذين سبقوه من الأئمّة الذين درسوا هذه الكتب وشرحوها فلو تبيّن لنا ذلك بارك الله فيك ؟

الشيخ : ليس عندي شيء جديد جوابا على سؤالك إنمّا هو إعادة الماضي , ولكن بفلسفة جديدة وهي نقول لك الآن جدلا طالب العلم هذا لا يجوز له ، زين ؟

السائل : زين .

الشيخ : طالب العلم هذا لا يجوز له فهل هناك أحد يجوز له ؟

السائل : يا شيخ هذه المسألة تختلف عن مسائل أخرى مثل المسائل الفقهية أو غيرها .

الشيخ : بلاش دوبلة ، أجب جوابا صريحا ، سؤال مختصر هل هناك من يجوز له ؟ الجواب نعم أو لا .

السائل : هناك من يجوز له وقد فعل الدارقطني .

الشيخ : اسمح شويه ، ما صفة هذا الجائز له ؟

السائل : أن يكون عالما من العلماء الذين تمكنوا

الشيخ : وهذا الذي دندنت حوله ورجعت أنت إليه أخيرا ..

السائل : لا مو هذه القضية ...

الشيخ : قلت تمكن ,يضحك الشيخ رحمه الله , لكن الفرق بيني وبينك أنّني ما سميت طالب العلم عالما , أما أنت فتجرأت على كلامي وقلت عالما متمكّنا ، قلت عالما متمكّنا إذا الخلاف بيني سابقا في كلامي وبينك أنت لاحقا خلاف لفظيّ بدليل أنّك الآن ستوافق على القولة الجديدة التي ما وجّهتها آنفا إلى السّائل السّابق قبلك فسأقول لك يجوز نقد أحاديث الصحيحين من عالم متمكّن ، الآن لا تجد ما تعارضني به أليس كذلك ؟

السائل : يا شيخ أنا قصدي ...

الشيخ  : وبقول ما يعطي جواب ...

السائل : يا شيخ أنا قصدي بارك الله فيك أن أحاديث الصحيحين محصورة من واحد إلى كذا ...

الشيخ : الآن بتحكي غير الكلام السابق بارك الله فيك أم هو إعادة يعني إدارة الكوانة بتعرف الكوانة ؟ في شيء جديد عندك ؟

السائل : والله يا شيخ مسألة الصحيحين يعني مسألة ليست بالهينة لأن الصحيحين أحاديثها محدّدة من واحد إلى كذا ومحصورة ومرّت عليها شروح ومرّ عليها قوافل العلماء ، فلما يأتينا شخص ينتقد شيء لم تنتقده هذه القوافل على هذا الكمّ المحصور يعني النّفس ما ترتاح كثيرا ، بارك الله فيك .

الشيخ : المهم عندي جديد وأنت مثلي أو أنا مثلك يعني ما عندنا شيء جديد لكن عندي شيء جديد الآن ، أنت حينما تقول جاءت هذه القوافل من العلماء ودرسوا الصحيحين إلى آخره ترى هذا الطالب المتمكّن في العلم في تعبيري أو ذاك العالم المتمكّن في علمه في تعبيرك أنت هل أحاط علما بهذه القافلة ؟ أجبني بس اشترط بدون حيدة ؟

السائل : قد يكون أحاط وقد لايكون ما أحاط .

الشيخ : هذه حيدة ، يا أخي قد وقد هذه تقال للتشكيل .

السائل : نفع الله بك ، قد يكون اطلع على بعض هذه وقد يكون ما اطلع .

الشيخ : أرأيت ما قلت على بعض وأنا أسأل عن البعض الآخر هل اطلع على الكلّ ؟ قل لا .

السائل : لا .

الشيخ : إذا ما يفيدك قولك اطلع على البعض مفهومه أنه ما اطلع على البعض الآخر , إذا جزاك الله خير أطلت عليّ الجواب ، أنا سألتك سؤالا بلسان عربي مبين هل تتصوّر أنّ هذا الطالب في تعبيري أو ذاك العالم في تعبيرك أحاط علما بكلّ من تكلّم على الصّحيحين سواء من النّاحية الحديثيّة أو غيرها ؟ الجواب لا ، بداهة الجواب لا ؛ إذا لماذا تفترض أن الجواب بلا ؟ لأنك حينما تضخّم الإشكال وتقول أنّه مرت قوافل على هذه الكتب ودرسوها ونقدوها إلى آخره وهذا جاء في الزمن الأخير ينقد ما لم ينقده السابقون الأولون لماذا تدعي هكذا ؟ وأخيرا بعد المناقشة الهادئة العلمية تقول لا ليس الأمر كذلك ؛ وهذه مشكلة الشباب الناشئ اليوم في العلم يضخّم الأمور ، فبارك الله فيكم إذا عرفتم أنّ العلم وأنّ حجّة الله قائمة على مرّ الزّمان والدّهور وأنّ العلم لا ينقطع أبدا وإلاّ تقوم السّاعة على النّاس ( لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله حتى تقوم الساعة ) روايات كثيرة في هذا الحديث ، الشّاهد فإذا نحن اشترطنا أن يكون على حدّ تعبيرك عالما متمكّنا فما هو الخوف ؟ وقد اتفقنا أنّنا لا نستطيع أن نقول أننا أحطنا بكل هؤلاء العلماء الذين كانوا مع تلك القوافل العالمة والدّارسة للكتابين ؛ ثانيا مثل الإمام الذّهبي رحمه الله الذي ذكرته آنفا مذكّرا بقولي أنا كويّس ، ترى جاز للإمام الذهبي أن يقول تلك الكلمة ؟ أجبني بدون حيدة ، جاز أم لم يجز ؟

السائل : جاز وقالها .

الشيخ : هل قالها أحد قبله من تلك القوافل ؟

السائل : أبو الحسن القطان كما ذكرت .

الشيخ : ما أجبتني ، هل قال أحد يعني في صحيح مسلم لأبي الزبير أحاديث في القلب منها شيء هل قالها غيره ؟

السائل : لا .

الشيخ : طيب جاز له أن يقول ؟

السائل : جاز .

الشيخ : طيب ما الفرق بينه وبين مثله فيما إذا جاء متأخرا عنه ببضع سنين أو بقرن أو بقرون ؟ لا فرق ؛ المهم في الموضوع أن يكون الناقد عالما وانتهى الأمر .

السائل : نفع الله بك .

الشيخ : جزاك الله خيرا ، شغلت الجلسة بالعلم والحمد لله .

سائل آخر : في بعض الاستشكالات تنتج عن ما ينقل عن الإجماع على حديث الصّحيحين التي لم تنتقد ولم يتكلّم في حديثها وسؤال الأخ في البداية حول الأحاديث الّتي لم يتكلّم عليها أحد من الحفّاظ وجاء أحد المتأخّرين على أنّ الإجماع قد انعقد على الأحاديث التي لم يتكلّم عليها ؛ فهذا الإشكال لعله ينتج عنه هذا السؤال وغيره ؟

الشيخ : الإشكال سبق الجواب عنه .

السائل : لا ، عن الإجماع يعني بعض الناس الآن ينقلون ويقولون أحاديث الصّحيحين التي لم يتكلّم عليها بعد أن تكلم الحافظ الدّارقطني على الأحاديث أجمعت الأمّة على صحّة ما سواها ينقله بعض النّاس ويتحرّج بعض الناس في الكلام على بعض الأحاديث من أجل هذا الإجماع المنقول .

الشيخ : أخي سبق الجواب عن هذا ؛ لكن ليس مباشرة هل يمكن حصر الأحاديث الّتي تكلّم فيها آنفا ، ذكر أحد إخواننا الحاضرين وهو الذي قبلك بأنّ الإمام الدّارقطني انتقد من الصّحيحين ثلاث مائة حديث وزيادة ، ثم الذين جاءوا من بعده ، لم يسلّموا إلى الناقد الدارقطني إلاّ في أفراد من الأحاديث ألا يمكن أن يكون هذا المتأخّر هذا الطّالب الذي دار الحديث آنفا حوله ألا يمكن أن يكون انتقد حديثا من تلك الأحاديث الّتي انتقدها الإمام الدّارقطني ولكن العلماء لم يعرّجوا على نقده ؟ ممكن أم لا ؟

السائل : ممكن , لكن سجلت هذه الأحاديث ، الأحاديث التي انتقدها الدارقطني مسجلة ومعروفة

الشيخ : معروفة لكن هل كل ناقد وكل سائل يعرفها ؟

السائل : ليس كل سائل ولكن هم يقولون أن هناك إجماع ...

الشيخ : أنا أريد أن أقول الإجماع على ما دون ما نقده الدارقطني ؟ أم زايد ما نقده الدّارقطني ولم يسلّم له ؟ مفهوم السؤال ؟

السائل : نعم مفهوم .

الشيخ : ما هو الجواب ؟

السائل : الإجماع على غير الأحاديث التي تكلّم عليها سواء سلّم أو لم يسلّم .

الشيخ : أحسنت إذا ففي هناك أحاديث الآن عمليا جارية مجرى المقبولة من الأحاديث ولو كان فيها شيء ممّا انتقده الدارقطني , طيّب إذا حصيلة الجواب ليس عندنا كلام واضح جدّا ، لو فرضنا صحيح البخاري مطبوع طبعة جيّدة بأرقام متسلسة وجاء الإجماع الّذي تشير إليه ليقول الأحاديث المرقّمة بكذا وكذا وكذا وهي الألوف المؤلّفة ، هذه تلقّتها الأمّة بالقبول لأنهّا لم تنتقد وما سوى ذلك فهي التي انتقدها الدّارقطني وغير الدارقطني ، لو كان مثل هذا البيان وهذا التحرير الدقيق كان يمكن أن يتّخذ هذا حجّة مع ذلك هناك تحفّظ سبق بيانه آنفا وهو حينما افترضنا هذه الصّورة نسخة من صحيح البخاري مطبوعة طبعة عصريّة مرقّمة بأرقام متسلسلة وفرضنا أنّ هذا التّرقيم كان موجودا في عصر ادّعاء الإجماع ونصّ على أرقام هذه الأحاديث الّتي أجمع عليها العلماء سنقول الآن ألا يمكن أن يكون هناك ناس من أهل العلم كالدّارقطني مثلا نقدوا أحاديث أخرى غير أحاديث الدّارقطني ؟

السائل : يمكن .

الشيخ : يمكن ، إذا ادّعاء الإجماع في مثل هذه المسألة تشبه تماما ادّعاء الإجماع في مسائل فقهيّة كثيرة يدعى فيها الإجماع ثم يتبيّن بعد الفحص والبحث أنّ هناك مخالفين كثيرين فيسقط حينئذ ادّعاء الإجماع , ولهذا فنحن نقول حديث الصّحيحين الأصل فيهما القبول لعامّة المسلمين , أمّا أهل العلم وأهل الاختصاص فلهم مجالهم العلمي الخاص بهم ، فقد يثبت لديهم علّة في بعض الأحاديث لم يذكرها الأوّلون , الذي يدرس شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني يجد انتقادات لا يجدها فيما انتقده الإمام الدارقطني أبدا ، وابن حجر هو الذي ينقل مثل هذا الكلام أنه ما سوى ما انتقده الدارقطني فالأمة تلقتها بالقبول , الان أنا أضرب لكم مثالا في بعض الأحاديث الموجودة في صحيح مسلم وربمّا بعضه الآخر في صحيح البخاريّ ، في صحيح مسلم وهذا من غرائب الموجود في صحيح مسلم ويتسائل المتسائل كيف هذا ، الحديث المعروف والذي يعزى في الكتب الجامعة بين الصحيحين وغيرها ، يعزى هذا الحديث للشّيخين فيقال متّفق عليه ، ما هو ؟ الحديث المشهور من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( سبعة يظلهم الله تحت ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه إمام عادل عادل ، وشابّ نشأل في طاعة الله ... ) وذكر السبعة وذكر أخيرا ( ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه ) قد تستغربون جدا أو على الأقل جلّكم أو أقلّ من القليل بعضكم تستغربون ماذا سأقول لكم ، الحديث حتى اليوم في صحيح مسلم يروى بلفظ ( حتى ما تعلم يمينه ما أنفقت شماله ) هذا نوع من علم الحديث يسمى بالحديث المقلوب ، هذا الحديث موجود في صحيح مسلم مقلوبا على من انقلب ، أعلى المؤلّف ؟ أم على شيخه أم أم إلى آخره ؟ وجاءنا صحيح مسلم هكذا ، يا ترى وقوع مثل هذا الخطأ في حديث يدلّ معناه على خطئه فضلا عن أنّه روي في صحيح البخاري على الصّواب وقوع مثل هذا الخطأ الجلي المجسّم أقرب أم وقوع بعض الأخطاء في الرواية خفيّة لا يتنبه لها إلا أولو العلم ؟ لاشكّ أنّ مثل هذا الخطأ المجسّم المجسّد وقوعه في صحيح مسلم أشكل بكثير من وقوع بعض الأخطاء الّتي لا تخفى إلاّ على أهل العلم , فبماذا يعلّل ؟ بكلمة تروى عن الإمام الشافعي رحمه الله ألا وهو قوله " أبى الله أن يتمّ إلا كتابه " هذه حقيقة , حقيقة نلمسها لمس اليد " أبى الله أن يتمّ إلاّ كتابه " لا يهمّني أبدا أن أثبت لكم هذه الكلمة عن الإمام الشافعي كما أثبت لكم الأحاديث النّبويّة الصّحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حسبنا أن نعتقد أن هذا المعنى من الكلام لا يمكن أن يختلف فيه اثنان " أبى الله أن يتمّ إلا كتابه " مادام أنّ المسلمين قد اتّفقوا أنّ في الصّحيحين ما هو منتقد بحقّ وهناك انتقاد بخطأ إذا صدق من قال " أبى الله أن يتمّ إلاّ كتابه " وهذه معجزة من معجزات القرآن أنّ أيّ كتاب ألّفه مؤلّف ما مهما كان حريصا في انتقاءه وفي توثيقه وفي تصحيحه فهو ليس من الله " أبى الله أن يتم إلا كتابه " ولذلك ليس موضع استغراب واستنكار إذا ما توجّه بعض العلماء على مرّ الزّمان والدّهور في انتقاد بعض الأحاديث الّتي جاءت في الصّحيحين بالعلم وليس بالجهل وليس بالهوى وليس بالتّأثّر بتربية أو فلسفة غربيّة أو شرقيّة كما يفعل بعض الكتّاب المعاصرين اليوم الّذين لم يشمّوا رائحة العلم ولا عرفوا مراتب العلماء والرّواة في رواة الأحاديث فيتجرّؤون على نقد الأحاديث لمجرد أنّ هذا الحديث ما دخل في مخّه ما قبلته نفسه ، وهو يرفضها ويرميها أرضا لأتفه الأسباب ، لا هذا هو خروج عن هدي الإسلام والمسلمين جميعا ؛ أمّا كما نقول وندندن حول ما نقول رجل عالم ممّا مضى أو أتى أو يأتي متمكّن في هذا العلم ولا ينقد إلا اتّباعا لقواعد هذا العلم واعتمادا على علماء الجرح والتّعديل فأنا أتمنّى أن يوجد في علماء المسلمين عشرات بل مئات من أمثال هؤلاء العلماء النّقاد , لأنّ بأمثالهم تقوم حجّة الله على عباده , أما بالتقليد قال البخاري كذا ، رواه البخاري كذا ، هذا ليس علماء وأنا يؤسفني جدا أن بعض المتحمسين من الإسلاميين وهذه حقيقة وقعت قد يكون بعضكم على علم بها ، كنت قرأت منذ أكثر من عشر سنوات بحثا لأحد الكتاب المصريين الذين لا علم عندهم ... .

الشيخ : هذا البعض من الكتّاب في مجلة العربي التي تصدر في الكويت بحثا عنوانه خطير جدا ، ليس كلّ حديث في صحيح البخاري صحيح ، وكتب صفحات تحت هذا العنوان الخطير ولأن تتذكّروا معي أنّ عرض مثل هذا البحث وفي مجلّة العربي الّتي لا أكون مبالغا إذا قلت المجلّة اللاّدينيّة ، لو كانت مجلة دينيّة كانت مجلّة شرعيّة كبعض المجلاّت مثلا مجلة الوعي الإسلامي ونشر فيها هذا المقال كنّا نقول والله المقصود به توعية الأمّة المسلمة المتديّنة , أما وهذا المقال ينشر في مجلّة تحارب الإسلام في كثير من مقالاتها وعنوانها " ليس كل حديث في البخاري صحيح " ثمّ يتكلّم الكاتب كثيرا ، ومن جهل الكاتب أنّه جاء إلى حديث عائشة رضي الله تعالى عنها  قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يباشرني وهو صائم ) ففهم هذا الكاتب الأحمق الجاهل من كلمة يباشرني أي يجامعني ، وحينئذ نصب الخلاف بين الحديث وبين إجماع الأمّة وبين قوله تعالى (( أحل لكم ليلة الصّيام الرّفث إلى نساءكم هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ )) فأجمعت الأمّة على أنّ مباشرة الصّائم لزوجته بمعنى المجامعة في رمضان هذا أوّلا حرام لا يجوز وثانيا مبطل للصيام ؛ يقول هذا المعلّق وبالتّعبير السوري المعلّك ، العلك يعني هو الكلام الفارغ الفاضي ، يقول كيف يصحّ حديث ينسب إلى الرّسول أنّه كان يجامع عائشة وهو صائم في رمضان ، هذا أوتي من جهله لأنّ المباشرة قد تكون بمعنى المجامعة وحينئذ تكون من باب المجاز والتلطّف بالتّعبير كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه حينما فسّر قوله تعالى (( أو لامستم النساء )) قال إنّ القرآن لطيف التّعبير فكنى عن الجماع باللّمس ، وهذا أسلوب قرآني رائع جدا ؛ فهو فسّر المباشرة بالحديث بالجماع وحينئذ فعلا لو كان هذا هو معنى الحديث يكون حديثا باطلا ولو أنّه اتّفق عليه العلماء ؛ ثمّ جاء بأحاديث أخرى وهذا أمر أيضا أعجب من الأوّل لأنّها ليست في الصّحيحين وأنا أدرى النّاس بها لأنّي كنت خرّجت بعضها في سلسلة الأحاديث الضّعيفة وهو الحديث الذي يقول أنّ أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه رؤي في رمضان وهو يأكل البرد النازل من السماء ، قالوا له تأكل البرد وأنت صائم ؟ قال هذا ليس بطعام ، هذه بركة من السّماء يأكل ويتبرّد ؛ ويقول في زعم الرّواية هذا ليس بطعام هذه بركة من السماء ، الحديث جاء من حيث الرّواية على وجهين ، إحداهما وهي الأرجح أنهّا موقوفة والأخرى أنهّا مرفوعة ، المرفوعة جاء أنس إلى الرّسول ليقول أبو طلحة فعل كذا وكذا ، وقال إنهّا ليست بطعام وإنما هي بركة من السماء ، قال له عليه السلام في زعم الرواية الضعيفة ( خذها من عمّك ) أي هذا فقه خذها من عمك ، كلّ برد في رمضان وأنت صائم ولست بمفطر ، جاء هذا الكاتب الجاهل فنسب هذا الحديث إلى الصّحيح وليس له أوّلا علاقة بالصّحيح بصورة خاصّة يعني صحيح البخاري ، صحيح مسلم بل ليس له علاقة بالصّحيح على الإطلاق لأنّه ضعيف وليس بصحيح , ولذلك كنت خرّجته في أوّل السلسلة الضّعيفة , الشّاهد خبط خبطة عشواء في الليلة الظّلماء كما كان يقولون قديما جاء بعض الأفراد من بعض الجمعيّات الإسلامية في الكويت ، تحمّس على هذا المقال فنشر رسالة مطبوعة " كلّ ما في صحيح البخاري صحيح " هل هذا درس شيئا من علم الحديث ؟ درس نقد الدّارقطني وما سلّم له وما لم يسلّم له ؟ لا ، وإنمّا الحماس العاطفيّ والشّائع أنّ ما في الصّحيحين صحيح عند عامّة النّاس فراح وألف رسالة عنوانها على النقيض تماما " كل ما في صحيح البخاري فهو صحيح " والعلماء حقّا يعلمون أوّلا أنّ ما كان من الأحاديث المرفوعة في صحيح البخاري هي عنده على قسمين ، قسم مسند و هذا القسم هو الأكثر وهو الصحيح عند المؤلف وهو الذي أنتقد منه ما أنتقد وسلّم من هذا المنتقد ما سلّم للإمام الدارقطني , القسم الثاني الأحاديث المعروفة في علم المصطلح بالأحاديث المعلّقة ، هذه الأحاديث المعلّقة عند البخاري نفسه بعضها غير صحيح فكيف يؤلف مسلم يتحدّى الفاسق الضّال برسالة عنوانها "  كلّ ما في صحيح البخاري فهو صحيح " والبخاري نفسه لا يؤمن بهذا الكلام لأنّه في كثير من الأحيان يعلّق حديثا ثمّ يردّه فيقول والأوّل أصحّ يعني ما ذكره مسندا أصحّ من الذي ذكره معلّقا لأنه يعارض الحديث الصحيح ؛ فإذا يجب أن نتكلم بعلم ، هنا العبرة أن لا نتكلّم بعاطفة جياشة فوّارة في سبيل الحرص على سلاميّة الصّحيحين من النّقد ما نسمّيه اللاّعلمي هذا يعني عشوائي في سبيل أن لا نتكلّم في نقد الصّحيحين نقدا عشوائيّا نسدّ الباب أمام النّقد العلميّ , لا ، الأمر وسط بين هؤلاء وهؤلاء من تكلم فعليه أن يتكلّم بكلام أهل العلم وإلا فليصمت وكما قال عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) والآن يا أستاذ اسمح لنا بالإنصراف لكي نستعد للصلاة إن شاء الله ولو أنّنا كنّا على غير هذا الوقت لاستمررنا معكم إلى ما شاء الله ، وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

الشيخ : وهل ترى الشيخ مقبل ؟

السائل : كثيرا .

الشيخ : كم بينك وبينه من المسافة ؟

السائل : يعني إذا خرجت بالسّيارة من الصّباح أصلّي عنده العصر أو قبل العصر .

الشيخ : ما شاء الله ، يعني قرابة 700كم او 800كم ؟

السائل : 400 كيلو متر تقريبا وهو بخير والحمد لله .

الشيخ : كيف حاله ؟

السائل : طيب جدا .

الشيخ : الحمد لله ، نسمع والحمد لله أنّه نشيط وعنده طلاّب علم كثيرين أليس كذلك ؟

السائل : عنده 300 طالب علم منهم حوالي مائة طالب مع عوائلهم ولهم بيوت مقسّمة وحدهم ، والّذين هم بدون عوائل ينامون في المسجد وفي المكتبة وكذا ، والحمد لله نفع الله به الكثير .

الشيخ : العوائل فيهم غرباء ؟

السائل : أكثرهم غرباء عن منطقته هو وهم يمنيّون .

الشيخ : أقصد من خارج اليمن ؟

السائل : هم يمنيون .

الشيخ : يمنيون .

السائل : وأما الذين ليس لهم عوائل فهم كثيرون .

الشيخ : وأنت لعلك من هؤلاء القليلون ؟

السائل : أنا مقيم في مأرب .

الشيخ : يعني لا يمتد خيره إلى مأرب ؟

السائل : يأتي الشيخ إلى مأرب ونذهب نحن له ويذهب من عندنا طلبة عنده وهو يأتي للدعوة أيضا في مأرب .

الشيخ : إذا تسلّم عليه .

السائل : إن شاء الله .

الشيخ : إن شاء الله ، وعلى من لديه أيضا ممن يتيسّر لك .

السائل : في من طلبته هنا لقيتهما هنا البارحة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعني حوالي أربعين أو خمسين من الطّلبة جاءوا .

الشيخ : طيّبك الله من طيب الجنّة .

السائل : جاءتنا أخبار كثيرة أنكم ستأتون اليمن زيارة للشيخ ودعوة إلى الله عزّ وجلّ ؟

الشيخ : بارك الله فيك والله الدّعوات كثيرة لكن الإستج