About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Thu, Sep 18 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 264

الشيخ : ... اليوم في أحسن البلاد - فيما يُظن - وأقربها إلى الأحكام الشرعية ، هي البلاد السعودية ، ومع ذلك ما فيه إفشاء السلام هناك ، أما هنا تقول له السلام عليكم ، يقول لك مرحبًا , يقول لك : أهلاً وسهلاً ، فأين هذا ؟ نحن نتكلم الآن عن رد السلام ، أين إفشاء السلام ؟ ، رد السلام غير متحقق في هذه الأيام ، فلو كان إفشاء السلام بل رد السلام يتطلب إلقاء السلام ، فلو كان إلقاء السلام فاشيًا , وليت إفشاء السلام هو الفاشي ، لو كان هذا فقط كنا نقول : والله الجواب أن هذا الإلقاء صار عادة لا ينطوي تحتها المعنى الشرعي الذي رمى إليه الشارع الحكيم حينما حض على إلقاء السلام وعلى رد السلام ، وجعل من حق المسلم على المسلم إذا لقيته فسلم عليه ، لو كان هذا الإلقاء سائدًا وواقعًا في البلاد الإسلامية ؛ مع ذلك جاءت تلك الشبهة ما عم نشوف فيه أمان واطمئنان وتوادد وتحابب إلى آخره ، فجوابنا على ذلك أن هذه عادة لا فرق بين مسلم يقول : السلام عليكم , وآخر يقول صباح الخير وآخر يقول مساء الخير ؛ لأنهم كلهم يمشون على عادات وتقاليد ، كل ما في الأمر أن هذا خير من هذا ، الذي يقول السلام عليكم خير من ذاك , لكن ليس المقصود بالقضية اللفظية كما نعلم نحن من كل الأوراد الشرعية ، ومنها السلام عليكم ينبغي أن نلاحظ فيه المعنى ، فإذا فرضنا خلاف الواقع أن رد السلام ماشي وسائد فالجواب هو هذا ، ولكن ما بالك أن إلقاء السلام مش ماشي ولا هو سائر ، فضلاً عن رد السلام ؛ لأنك تلقي السلام فلا تلقى الجواب إلا مرحبًا أهلاً ، وتحكي مع الناس وكأنك تتكلم مع الجدر ، مع الحيطان , وكأنك تسحب رد السلام منه بعد محاضرة بالونش ، يقول لك وعليكم السلام رغم أنفه , لكن سرعان ما ينسى ، سرعان ما ترجع حليمة إلى عادتها القديمة ، تقول له السلام عليكم ، يقول لك أهلاً ، أين السلام ؟ طاح السلام وراح ، كنت حينما أمشي مع المشايخ هناك في المدينة المنورة ، رتلة جماعة ماشين مع بعض , ملتهي أنا مع أحد المشايخ عهدي أن الشيخ فلان الذي كان يمشي جنب مني طلع ما ألاقيه ، شو قصته ؟ انسحب ، لا قال السلام عليكم ، ولا أشعرنا بانصرافه ، وهذا من ؟ العالم الواعظ الفاضل ، فما بالك بعامة الناس ! لذلك الحقيقة يا إخواننا يجب أن نستحضر دائمًا وأنتم أطباء ، يجب أن نستحضر أن الشريعة بكل أحكامها هي ما أدري ماذا أقول بلغتكم لغة الطبابة .؟ هي التي تعالج شتى الأمراض بمختلف الأدوية ، والأمراض في المجتمع متعددة متنوعة كأمراض معنوية أكثر بكثير من الأمراض المادية البدنية الجسمية ، فإذا المسلمون أخلوا بالأخذ بشيءٍ من الأحكام الشرعية فمثلهم كمثل المرضى الذين توصف لهم الوصفات الطبية ، ويذكر فيها تفاصيل الأدوية التي ينبغي على هؤلاء المرضى أن يتعاطوها ، فمثل المسلمين الذين لا يطبقون الأحكام الشرعية ، أعني من ألفها إلى يائها من فرضها ونفلها ، فلابد أن يشتد بهم المرض وأن يشتد ، وهذا هو الواقع الذي نراه اليوم بين المسلمين فلا يحتقرن مسلم منا بعض التعليمات التي مع الأسف الشديد يوجد في بعض الجماعات الإسلامية أو لنقل الأحزاب الإسلامية من قد يسمي شيئًا من تلك الأحكام الشرعية بأنها قشور ، وأن علينا أن نشتغل باللباب , فهذا من الدسائس التي ألقاها الشيطان وجعلها سنة في بني الإنسان ألا وهو تقسيم الشريعة إلى لب وإلى قشر ، إلى لب وإلى قشر .

نحن نقول هنا شيئين : الشيء الأول الذي شرع  القشر إن تسامحنا معهم في التعبير هل شرع ذلك عبثًا ؟ الجواب لا ، والمثال في الماديات حينما ربنا - عزَّ وجلّ - متعنا بكثير من الثمار والحبوب فقد أحاطها أيضًا بالقشور ، لم يكن ذلك عبثًا ، تعالى الله من ذلك فالأحكام الشرعية إذا سلمنا معهم جدلاً أن فيها ما يجوز أن نسميه بالقشور ، فما ينبغي أن نتوهم بأن هذه القشور ربنا شرعها لنا عبثًا ، ذلك لأننا نعلم أن المحافظة على اللب لا وسيلة إليه إلا بالقشر ، هذا أبسط مثال معروف بين أيدينا , هذا الشيء الأول .

الشيء الآخر حينما يقال الإسلام لب وقشر ، هنا يأتي شيء الآن : أين اللب وأين القشر ؟ من الذي استطاع أن يميز اللب من القشر ؟ أولاً هذه لغة حديثة لم تكن من قبل , يعني علماء السلف الأئمة الأربعة والأربعين والأربعمائة والأربع آلاف لا يعرفون هذه القسمة الضيزى ، الإسلام لب وقشر ما يعرفون هذه القسمة ؛ لو أنهم - وقد عافاهم الله من ذلك - ابتلوا في مثل هذه القسمة ، لكان من تمام علمهم وفضلهم أن يميزوا اللب من القشر ، حتى الإنسان إذا أحب أن يأخذ الطحين الصافي مُصفى من النخالة مثلاً وجده مصفًا لكن لا يوجد في الإسلام شيء متميز لبه من قشره إذا سلمنا بهذه القسمة الضيزى , محذور هذا أن تتعدد الاجتهادات ليس من المجتهدين في آخر الزمان ولكن من الجهلة , فكلما راق لإنسان ما حكم ما قال هذا لب ، وكلما لم يرق له قال هذا قشر ، فألقى بالقشر وهو لب ؛ لأنه يجهل ، ولذلك هذه الحقيقة اليوم نحن نحياها ونعيشها - مع الأسف الشديد - كثير من الأحكام الشرعية تهدر وتهمل باسم أن هذه قشور , وربما قرأتم أخيرًا كتاب الغزالي , وكيف أنه يهاجم أحكامًا شرعية ، باسم أنه هذه من القشور وليست من اللباب إلى آخره ، ولذلك فإذا كان الإسلام شرع ، إذا كان رب الإسلام شرع هذا الدين معالجة لأدواء المجتمعات كلها ، فيجب أن نأخذ بأدوية هذا الإسلام ، وأن لا نهمل شيئًا منها وإلا إما أن تكثر الأمراض ، وإما أن يشتد بعضها حتى يكون من عواقبها الموت اليقين .

 

الشيخ : تفضل إيش عندك ؟

السائل : أحسنتم يا شيخ , شيخ سؤال عملي نوعًا ما في النظرة السلفية لمشاكل العصر ، طبعًا نحن كما تعلم الزمن يتطور والناس تستجد عليهم مشاكل عديدة لم تكن على عهد السابقين , وعندما تأتي مشكلة ما ونسمع فيها حلول أو اجتهادات الفقهاء نرى دائمًا اجتهاد إخواننا السلفيين يكون من حيث التسهيل للناس ... .

الشيخ : من حيث إيش ؟

السائل : من حيث تسهيل الأمر على الناس ، تراهم في آخر اللستة , بمعنى آخر ... .

الشيخ : ما فهمت ، عفوًا ، اللفظة ما فهمتها من حيث إيش ؟

السائل : تيسير الأمر أو حل هذه المعضلة .

الشيخ : آه ، من حيث التيسير طيب .

السائل : ترى أن الحلول التي تطرح من مختلف الفقهاء ترى أن الحل السلفي ... .

الشيخ : فيه تشديد .

السائل : فيه تشديد , فإذا عرفنا وعلمنا أن مشاكل العصر الحالي لا يمكن أن تنتقل نقلةً نوعية مما هي فيها من مأزق إلى الكمال ، بمعنى إذا أردنا أن ننشئ بنك إسلامي ، لا يمكن أن نضعه مائة بالمائة على حسب الأصول الإسلامية في التعامل نظرًا لاشتباك القضية التجارية بالقوانين الربوية الأخرى ، فترى أن حلول إخواننا السلفيين دائمًا يأتي تقليدي ويريدون الإسلام مائة بالمائة ، مما يجعلهم في آخر المصاف من حيث الحل , وبالتالي لا يأخذ فيه كثير من الناس ويتهموا بالتجديد ، أفلا يعني هذا أنه عندما ننظر في هذه المسائل من حيث القياس والاجتهاد على أن نراعي هذه النقلة , ونراعي أهمية إعطاء فرصة لهذه المؤسسة أو لهذه المشكلة بالحلول المطروحة المؤقتة إلى أن تثمر ؟

الشيخ : ما أدري إذا كان فهمي لما عرضته من البيان صوابًا أم خطأ ، بمعنى : يعني ولو بارتكاب ما حرم الله ، تريد أن تقول ؟

السائل : ليس بهذا المعنى بارتكاب الحرام ، لكن الأمور فيها اضطراريات كثيرة ، يعني تأتي إلى إنشاء بنك إسلامي ... .

الشيخ : لا ، لا , ما تعيد كلامك إذا سمحت ، إنما أنت تجيبني عن سؤالي .

السائل : طيب ، كيف حقيقة ارتكاب المحظور الإنسان لا يريد أن يرتكب ما فيها ... مجتهد .

الشيخ : معليش ، معليش أنت الآن لا تعمل محاضرة جواب على سؤال ، ولو بارتكاب المحرم تقول نعم ، تقول لا .

السائل : لا ، ليس بارتكاب المحظور .

الشيخ : إذًا ، إذًا أولئك الذين ييسيرون وهؤلاء الذين تصفهم بأنهم مشددون ما هو الخلاف بينهم ؟ هل أولئك الميسرون يعني طبعوا على التيسير ولو كان هذا التيسير مخالفًا للشرع ، وهؤلاء المشددون طبعوا بالتشديد ولو كان موافقًا للشرع ، أم القضية بالعكس ؟

السائل : لا أظن إخواننا الفقهاء ينظرون إليها بهذا المنظار وإنما هي قضية أنه أنت الآن في مشكلة في عدة حلول ، ما يمكن أن تنتقل نقله ... .

الشيخ : بارك الله فيك يا أستاذ عادل ، أنت تعيد كلامك ، أنا أوافق معك وأوقع على بياض لا يمكن نقل طفرة واحدة ؛ لأنه الإسلام ما جاء هكذا ، صحيح أم لا ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ولكن أنا أخشى من هذا الكلام لأني سمعته من غيرك وأرجو أن لا أسمعه منك ، ولذلك أتثبت بالسؤال ، أنه قد يرى بعضهم اليوم التدرج في تحريم الخمر ، كما وقع في العهد الأول ، وعلى ذلك فقيس الأحكام الشرعية الأخرى ، أظنك أنت ما تعني هذا .

السائل : قطعا .

الشيخ : إذًا إذا كنت لا تعني هذا ما الذي تعنيه ؟ ما أدري أما أنا أفهم الموضوع كما يأتي أولئك الذين تظن أنت أو غيرك ييسرون على الناس بتعدي حدود الله ، باسم قاعدة عامة يطبقونها في غير موضعها : يسروا ولا تعسروا ، وأنا أضرب لك مثلاً بسيطًا جدًا في العبادات ، في العبادات ؛ لأنها مسألة واضحة , يمكن وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي اليوم كلها متشابهة ، وإن كان بعضها أحسن من بعض ، بعضها أسوأ من بعض ، أنتم تعلمون مثلاً أن السنة في القراءة في صلاة الفجر إطالتها ، بخلاف بقية الصلوات على التفاوت المعروف في السنة بينها ، فإذا كان هناك إمام حريص إلى حدٍ ما على تطبيق السنة يقرأ بالناس في صلاة الفجر أقل من السنة ثلاثين آية ، رأسًا ترفع شكوى من بعض الكسالى - يرحمك الله - وينبغي أنت بالرغم أنك متوجه إليَّ بكليتك ، كما أنا متوجه إليك بكليتي أن تقول له يرحمك الله ، تدري لماذا ؟ لأن تشميت العاطس فرض عيني .

السائل : حق على كل من سمع .

الشيخ : أيوه - بارك الله فيك - فرض عيني ، وهذا من الأحكام المجهولة في هذا الزمان ، لكن إن لم تتجاوب معي فحسيبك الله - مش أنا يعني ، يضحك الشيخ رحمه الله - طيب .

الشاهد رجل من الكسالى الذين يصلون خلف الإمام الذي يقرأ دون السنة ، يقدم شكوى إلى الأوقاف بأن فلانا يطيل علينا ، ماذا يأتي الأمر من الأوقاف ؟ قال عليه الصلاة والسلام - يا مسلمون أنتم أئمة ، أنتم كذا - ( من أم فليخفف , فإن وراءه الكبير والمريض وذا الحاجة ) ونحو ذلك ، هذا لعب بالنصوص ، وكذلك يفعلون بالأحكام المالية تماما ، يأخذون بعض النصوص العامة ويتركون النصوص الخاصة الذي قاله عليه السلام : ( من أم فليخفف ) قال ذلك بمناسبة شكوى صدرت من أحدهم في إمام هو معاذ بن جبل ، لما افتتح في صلاة العشاء وليس في صلاة الفجر سورة البقرة ، وخلفه رجل شاب من الأنصار ، قطع الصلاة وصلى وحده وانصرف ، وأحس بذلك معاذ ، فأخذ ينال منه ، ويقول هذا منافق ، عذر معاذ أنه ترك صلاة الجماعة , الله أكبر ! صلاة واحدة صار منافقًا ! شوف كيف كانوا يزنون الأمور ، الآن ما يصلي بالمرة ما أحد يقول عنه منافق ، يصلي لكن ما أحد يشوفه في المسجد ، ما أحد يقول عنه منافق إلى آخره .

وصل إلى مسامع هذا الأنصاري سب معاذ له فشكاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يا رسول الله إننا أصحاب نواضح نعمل في النهار ، ثم نأتي لنصلي وراء معاذ فيطيل بنا في القراءة في الصلاة ، فأرسل وراءه ، فقال عليه السلام : ( أفتان أنت يا معاذ ! , أفتان أنت يا معاذ ! , أفتان يا معاذ ! بحسبك أن تقرأ بالشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ، ونحوها من السور ) هذا في صلاة العشاء ، ثم قال عليه السلام : ( من أم فليخفف ) فلو أن إمامًا في صلاة العشاء قرأ مثل ما الرسول خفف سيقول الجمهور طولت علينا ، وسيقدموا شكوى للوزارة , فتأتي الوزارة وتأخذ طرف الحديث : ( من أم فليخفف ) يعني على كيفهم ، أما التخفيف المقيد بالسنة لا يقيمون لها وزنًا ، لماذا ؟ لأن الهدف يسروا ولا تعسروا ، أنت فاهم عليَّ الآن ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ، هذا مثال يقع تمامًا في المعاملات الربوية اليوم التي قامت عليها البنوك التي تسمى بالبنوك الإسلامية ، البنوك الإسلامية ظاهرة عصرية في الحقيقة ، وهي لم تتبدل تبدلاً جذريًا إلا باللافتة ، وكثير من الأحكام لا تلتقي إلا مع بعض بالأقوال الشاردة الخارجة ، ليس فقط عن الكتاب والسنة بل عن أقوال الأئمة ـ يرحمك الله ـ

يقول بها بعض المقلدين للأئمة وهم ليسوا مجتهدين ، والإنسان حين يقال أنه ليس مجتهدًا ذلك يساوي في لغة العلماء الحقيقيين أنه جاهل ، الرجل العالم الذي يقال أنه عالم وليس بمجتهد أي لا يستقي الأحكام الذي هو أولا يتعبد الله بها ، وثانيًا يُعبد الناس بها ، وإنما من قيل وقال ، هذا يسمى في لغة العلماء بأنه جاهل . ولو كانت عمامته كالبرج ، وجبته كالخرش ، هذا ليس عالما ، هم يقولون في كتاب القضاء : ولا يجوز تقليد الجاهل ، قال في الشرح أي المقلد ، لا يجوز تقليد الجاهل ، أي القضاء .

الحلبي : يعني تنصيبه شيخنا ؟

الشيخ : أيوه ، التنصيب نعم ، القاضي يجب أن يكون مجتهدًا ولا يجوز أن يكون مقلدًا ؛ لأن المقلد جاهل وهذا صحيح ؛ لأن المقلد الله يرحم ابن رشد الأندلسي جاء بمثال رائع جدًا ، يقول : مثل المقلد ومثل المجتهد ، كمثل صانع الخفاف وبائع الخفاف ، مثل المجتهد ومثل المقلد كمثل صانع الخفاف وبائع الخفاف ، يأتي الرجل بقياس لرجل غريبة قد تكون مثلاً قصيرة وضخمة ، وفي واحد عم يتطلع في رجله الآن - يضحك الشيخ رحمه الله - شايف ضخمه وقصيرة وغليظة يأتي عند بائع الخفاف يتطلع في هذه الأقيسة المتعددة المتنوعة ما يجد , فيقول له عفوًا ما في عندي من المقياس هذا ، لكن يروح عند صانع الخفاف فيأخذ القياس تمامًا يفصل بها يجده تمام ، هذا مثل المقلد وهذا مثل المجتهد .

المجتهد هو المتشبع بنصوص الكتاب والسنة التي أنزلها الله - عزَّ وجلّ - لتكون كما يتفاخر به خطبائنا ووعاظنا ومرشدونا وهم لا يعلمون هذه الحقيقة علمًا واقعيًا ، يتبجحون أن الإسلام يصلح لكل زمان ومكان وهذا صحيح ، لكن بسبب جهلهم لهذه الحقيقة صاروا الآن - وهنا الشاهد - يحورون .... مع متطلبات الزمان ، ومن هنا يأتي اليُسر ، لم يأت اليسر لأن الجماعة درسوا الكتاب ودرسوا السنة ، وجدوا فيها أدلة تيسر لهم بعض المعاملات التي هم يضطرون التعامل بها اليوم ، فلذلك يا أخي ما ينبغي نحن أن نظن في ناسٍ نراهم فعلاً يتشددون لأنهم يطبقون أحكام الشريعة ؛ وأن لا نعجب بأناسٍ يسيرون لأنهم يسيرون ، يجب أن نعلم هؤلاء الذين يشددون هل هو اجتهاد من عندهم ؟ أم هو تمسك منهم بنصوص كتاب ربهم وسنة نبيهم ؟ إن كان هذا هو التمسك فهذا واجب كل مسلم ، كذلك أولئك الناس الذين يقال أنهم ييسرون ، هل ييسرون بأدلة يقدمونها إلى الناس من الكتاب والسنة ؟ أم هذه آراء ؟

نحن نعرف من كتب الفقه عجائب من الأمور ، عجائب جدًا , وأنا كنت اجتمعت مع رئيس البنك الإسلامي ، شو اسمه ؟ له كتاب في هذا .؟

الحلبي : صالح كامل .؟

الشيخ : يلي أسس البنك الإسلامي ، يمكن ... له كتاب أنا شفته , الشاهد فعرفت منه كيف أقام البنك الإسلامي ، أقامه على التلفيق ، كلما وجد قولاً في مذهب من المذاهب ييسر معاملة ربوية هو تبنى هذا القول وجعله نظامًا وقاعدة ، وهو ما جاء بشيء فعلاً ما جاء بشيء ، والتاريخ العصري أو المعاصر يشهد أن أحد علماء الأزهر في زمن الخديبي تبع مصر قال له : ضع أي قانون تريده ، ونحن مستعدون أن نسند هذا القانون بنصوص شرعية من علمائنا ، وهذا صحيح ، لماذا ؟

أضرب أنا الآن مثلا واقعي : هل هناك إذاعة من السعودية وأنت نازل لا تذيع ما هو متفق على تحريمه بين المذاهب الأربعة من الملاهي والأغاني ؟ الجواب : لا ، لا توجد هذه الإذاعة - مع الأسف الشديد - ألا يوجد من يفتِ بجواز هذه الأغاني اليوم ! يوجد من يفتِ ؛ ما عمدته في ذلك ؟ قريب منكم ولعله بعيد عنكم ، قريب منكم أخونا وصديقنا يوسف القرضاوي الذي أصدر فتوى بالنسبة لذاك البريطاني الذي أسلم وكان مغنيًا ، هل تذكر اسمه ؟

الحلبي : يوسف إسلام .

الشيخ : نعم ، يوسف إسلام ، لقد أفتاه بأن يستمر في مهنته ، لماذا ؟ قال : لأنه لا يوجد نص قاطع ، هكذا يقول ، لا يوجد نص قاطع في تحريم آلات الطرب ، ولذلك هو لا يرى حرجًا بأن يظل هذا

المسلم البريطاني، يتعاطى مهنة الغناء، ويأكل ويعايش نفسه وأهله. هذه فتوى صدرت من هذا الرجل ومثل الشيء الكثير الكثير، إذا سألته عن الحجة قال يا أخي هذه المسألة مختلف فيها، هذا ابن حزم مؤلف رسالة في إباحة الملاهي ؛ وهذا صحيح.

لقد قال أحد العلماء الأذكياء : أنا احترت في أمري إن كنت مثلا سلفي يقولوا عني مجسم. وإن قلت حنفي يقولوا يستحل المسكر .وإن قلت أنا ظاهري يستحل الغناء ... إلى آخره.

يشير إلى أن كل مذهب فيه ما فيه، مما لا يجوز أن يتبناه المسلم خاصة العالم. فأصبح اليوم حل المشاكل في البنوك وغير البنوك. في الأحكام، فيما يسمونه الأحوال الشخصي. كلها تحل بطريقة إيش التلفيق يأخذ كلمة من هنا وكلمة من هنا وكلمة من هنا ، لا هو حنفي لا هو شافعي، لا هو مالكي ولا هو حنبلي، لكن هو يمشى على الأربع. تفهم عليُّ ؟ يتمشى على الأربع.

أما واحد يقول لك قال الله قال رسول الله هذا ما يصنعه غير هؤلاء المتشددون، فلا تعجبن لأن الإسلام مما جاء فيه : ( إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء، قالوا : من هم يا رسول الله. قال : هم ناس قليلون صالحون بين ناسس كثيرين , من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) هذه صفة متحققة تماما اليوم على هؤلاء الغرباء , كذلك صفة أخرى ( من هم الغرباء يا رسول الله .؟ قال : هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) .

باختصار إذا أخذنا مبدأ التيسير هكذا عل الإطلاق، فهو سبب للخروج من الإسلام باسم الإسلام , ولعلك توافقني بأن أشد هؤلاء المحدثين اليوم ممن يقال إنهم علماء. أشدهم تيسيرا هو محمد الغزالي فهل معنى ذلك أنه هو مصيب وعلى خير وعلى صواب؟

الجواب لا. لأن هذا لا يقيم للسنة وزنا، وقد كنا نرى منه تلاميح  نوجس منها خيفه، لكن الآن كشف القناع. وأظهر ما كان يبطن. فهذا أشد هؤلاء المعاصرين اليوم تيسيرا، لكن على حساب النصوص التي تخالف التيسير الذي يزعمه هو، لذلك نحن ننصح كل مسلم أن لا يغتر بشيء اسمه تيسير وآخر اسمه تشديد , وإنما عليه أن يحاول أن يفهم الشريعة سواء كانت موافقة له لهواه أو مخالفة، هذا هو , وأنا يعجبني من الأحاديث التي رواها الإمام مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج يقول في حديث المزارعة أن الرسول عليه السلام نهانا عن شيء كان لنا فيه مصلحة لكن طواعية الله منا أوفق لنا أو كما قال ؛ شايف .؟ هذا هو الإسلام , نهاهم عن المزارعة نوعية من المزارعة , كان لهم فيها مصالح ... .

الشيخ : ... لكن طواعيتنا لله عز وجل، هي انفع لنا في ديننا وفي دينانا. هذا المنطق السلفي اليوم مفقود الذي يؤيد مصالح الناس المادية. هذا هو الميسر وهذا هو العالم. والذي يقول لك هذا لا يجوز وهذا لا يجوز. ولو بما قال الله وقال رسول الله هذا هو متشدد .

 

الشيخ : ختاما أنا آتي بمثال الآن مما عليه البنوك الإسلامية كلها، وهو ملاحظة فرق السعر بين بيع النقد وبيع التقسيط , معروف هذا طبعا. طيب هات بنك إسلامي يبيع بسعر واحد نقدا أو تقسيطا، هذا مستحيل وجوده. لما؟ لأنه هذا هو النظام الذي قامت عليه البنوك الأوروبية , فنحن إن عدلنا بعض الشيء ,أي عدلنا عن البنوك الكافرة بعض الشيء. فهذا لا يعني أننا عدلنا نظام البنك من أصله من فصله من جذره، لا , مع ذلك هذا التعديل البسيط استلزم عندهم أن يضعوا هذه اللافتة الضخمة، البنك الإسلامي , بنك إسلامي يوجد في مجتمع إسلامي .

وأنا بهذه المناسبة يعجبني كان جاءني ضابط، من الزرقاء يمكن إخواننا هؤلاء أرسلوه لعندي , أنا ما رأيته من قبل , أول ما جلس وزاني في البيت. أول ما جلس عندي , ربنا يريد أن ينبهني كأنه يقول خذ حذرك، مش معركة هي لكن أنه ما تتورط تتكلم كلمة مع إنسان ينبغي أن تقال سواها , رأسا قال لي ما رأيك في البنك الإسلامي , فهمت أنه يريد يبحث فيما يتعلق بالربا وبيع التقسيط و و إلى آخره فأنا جئته من أقرب طريق، قلت له : شو رأيك أنت بالمجتمع الإسلامي عاجبك؟ قال : لا , قلت له : لا. فضحك الشيخ .

فأنا مو عاجبني البنك الإسلامي. هذا البنك الإسلامي نابع من هذا المجتمع الإسلامي , حينما يوجد مجتمع إسلامي حقا يوجد بنك إسلامي , أنتم تعرفوا أن هناك كتب ألفت اللإشتراكية الإسلامية صحيح أم لا ؟ 

الحلبي : نعم .

الشيخ : وما أدري والله الآن ذاكرتي الكليلة مش عم تساعدني أنه في أسماء أخرى أيضا كلها موصوفة بأنها إسلامية , ها الأناشيد الإسلامية، فأنا أخشى ما أخشى يوما ما نرى كتاب الشيوعية الإسلامية. أخشى ما أخشى أنه نشوف يوما ما بهذه الصراحة. الشيوعية الإسلامية , لا هذا بعيد , من كان ما يستبعد قبل شيء ربع قرن من الزمان أنه يطلع كتاب الإشتراكية الإسلامية , كنا نستبعد هذا لكن هذه صارت حقيقة وألفت عدة كتب.

ولذلك فكونه اسمه البنك الإسلامي ذلك لا يعني أنه يتعامل على منهج الشريعة الإسلامية , من أوضحها مثالا أنهم يفرقون بين سعر النقد وبين سعر التقسيط , لماذا؟ لأن هذا المجتمع الإسلامي هكذا يتعامل اليوم , صادر فتاوى بجواز هذه المعاملة أم لا ؟ طبعا صادر فتاوى , ومن مراكز عالية. ونقدر يعني بعض شيوخها. لكن هؤلاء أفتوا بما في المذهب، بينما هناك أقوال أخرى عن السلف الصالح إذا تركنا بعض الأحاديث وتركنا حكمة التشريع نجد هناك من يقول بأن هذا لا يجوز البيع بسعرين مختلفين , سعر النقد أقل من سعر التقسيط. وسعر التقسيط أكثر من سعر النقد مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا ) مع قول ابن مسعود : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفة ) قيل لراوي الحديث سماك بن حرب : ما صفقتين في صفقة .؟ قال : أن تقول أبيعك هذا نقدا بكذا ونسيئة بكذا وكذا. أبيعك هذه الشنطة نقدا بدينار. وتقسيطا بدينار وفلس. هذا الفلس ربا، لماذا؟ لأنك في هذا التعامل والواقع أكبر شاهد تعطل خلقا إسلاميا , وهو مستعمل اسما في البنوك الإسلامية اسما إيش هو؟ القرض الحسن. أين هو القرض الحسن.؟ أي إنسان يريد أن يأخذ من أي بنك قرض حسن يمكن يعطوه مئة دينار مائتين دينار وبعد إيش؟ كلابات حديدية تحاط به حتى لا يكاد يقول الله غانيني عن هذا القرض الحسن.

أما أنت بحاجة إلى تأسيس تجاره أنت بحاجة إلى بناء دار تأوي إليها أنت وأهلك. ويقرضونك الألوف المؤلفة حسبة لله، هذا معطل لماذا؟ لأنه فيه بيع التقسيط , بيع التقسيط نظام كافر , نحن في الشرع عندنا في بعض الأحاديث الصحيحة  : ( قرض درهمين تساوي صدقة درهم ) قرض درهمين تساوي كما لو أخرجت من جييبك درهما ولن يعود إلى جيبك أبدا. قرض مئتي دينار كما لو تصدقت بمئة دينار، هذا التعالم في المجتمع الإسلامي اليوم لا وجود له. حبر على ورق. السبب أننا لا نعيش مجتمعا إسلاميا، ولذلك فالبنوك الإسلامية هي نابعة من هذه المجتمعات فهي ليست تمشي على الإسلام إلا بقدر , ومن هنا نتوصل إلى بعض الناس الذين فعلا يتشددون في إصدار أحكام قاسية وشديدة على الحكام المسلمين الذين يحكمونهم وهم مع الأسف الشديد، لا يحكمون بما أنزل الله هذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها. ولكن ذلك لا يساوي إصدار أحكام بتكفيرهم وبوجوب الخروج عليهم ومقاتلتهم , وليس يوجد عند هؤلاء الذين يصدرون مثل هذه الفتاوى قوة يستطيعون أن يحاربوا بها اليهود , فكيف يقولون بحكم لا يستطيعون تنفيذه في كل البلاد الإسلامية ومع حكامهم لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله هذه حقيقة مرة .

لكن من الناحية الفقهية لا يعني أن كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو مرتد عن دينه، إلا في حالة واحدة أذا ظهر أن هذا الحاكم لا يعترف بالإسلام ويعتقد ويصرح بأنه لا يصلح الحكم بالإسلام في هذا الزمان , فهذا لاشك بأنه كافر مرتد عن دينه قولا واحدا ودون خلاف بين مسلمين اثنين .

الخلاصة التشديد والتيسير لا ينبغي أن نقبح هؤلاء ونحسن هؤلاء إلا في حدود ما شرع الله . نعم قلت شيئا ؟ طيب نمشي . سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

نحن جئنا طامعين أن نراكم حتى نكسب من وقتكم كثيرا، لكننا خسرنا ما شاء الله وعلى الله العوض إن شاء الله في مناسبة أخرى. الله يحفظكم . السلام عليكم.

الشيخ : ... كما قال عليه الصلاة والسلام : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) تتركت فيكم يا معشر الأصحاب أمرين هامين جدا كتاب الله وسنتي ( ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) أي لا يجوز التفريق بين كتاب الله وبين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل يجب أن يستمر العمل بينهما حتى يوم البعث والنشور .

خلافا لما يدعيه بعض الناس اليوم وهذا من الانحراف الخطير. أنه نحن لا نتعرف على شيء غير القرآن. والذي يقول هذا الكلام هو يخرج عن الإسلام شاء أم أبى , شعر أو لم يشعر لأن القرآن مما فيه قوله تبارك وتعالى: (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) وقد اتفق علماء التفسير على أن الرد إلى الله في هذه الآية هو الرد إلى كتاب الله , والرسول الرد إلى سنته. فمن أبى الرجوع إلى السنة كفر بالقرآن فضلا عن السنة، لأنه إذا لم يؤمن إلا بالقرآن فكيف يفهم هذه الآية الكريمة : (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله )) وهو كلامه (( والرسول )) وهو سنته.

وإلى أشياء وأشياء كثيرة كقوله تعالى : (( ومن يطع الرسول فقد أطال الله )) وعلى ذلك فالتعرف على السنة الصحيحة يكون عصمة للمسلم الملتزم بالشرع حقا، من أن يميل يمينا أو يسارا  أو يكون من الفرق الضالة التي أخبر عنها الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح حين قال: ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنين وسبعين فرقة. وستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قالوا : يا رسول الله من هي؟ ) أمر خطير جدا , واحدة من ثلاث وسبعين فرقة. هذه الواحدة هي الفرقة الناجية، والاثنين وسبعين فرقة هي الفرقة الهالكة. فيجب على المسلم أن يعرف إذا من هم الفرقة الناجية حتى يكون منها أو يقتدي بها ويخطوا خطاها. من هي ؟ لذلك توجهوا بهذا السؤال إلى الرسول عليه السلام ( فقال: هي الجماعة. ) له جوابان عليه الصلاة والسلام. ( هي الجماعة ) وأول من يتبادر إلى الذهن من هذه اللفظة، الجماعة.

هي الجماعة الأولى. وهي التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا، في حديث : ( خير الناس قرني ) وليس خير القرون قرني , ( خير الناس قرني ) من هم إذا .؟ الصحابة , فإذا أول ما ينبغي أن يتبادر إلى الذهن حينما نسمع هذا الجواب المعصوم من النبي الكريم جوابا على ذاك السؤال الخطير. من هي هذه الفرقة الناجية يا رسول الله.؟ قال : ( هي الجماعة ) إذا هم الصحابة. ثم الذين يلونهم. كما في الحديث : ( خير الناس ) ثم الذين يلونهم.

وقد جاء تفسير هذه اللفظة. الجماعة في رواية أخرى. الا وهي قوله عليه السلام : ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) لذلك نحن نقول من الناحية العلمية بالنسبة لوضعنا المعاصر اليوم : لا يكفي أن ندعي دعوة الحق فقط، وهي الكتاب والسنة. لا يكفي هذا , بل لابد أن نضم إلى ذلك ما كان عليه أصحاب الرسول عليه السلام. من أجل ذلك يكون المسلم واجبا عليه أن يعرف كل مسألة على ضوء ثلاثة أمور : الكتاب , السنة , الصحابة.

لأن هؤلاء الصحابة هم الذين تلقوا الكتاب والسنة من فم النبي صلى الله عليه وسلم غضا طريا، ثم تلقوه منه عليه السلام مطبقا عمليا , بينما نحن ما ندري إذا رفعنا هذه الواسطة بيننا وبين أصحاب الرسول عليه السلام , ما ندري كيف نفسر آية ما أو حديثا ما , ولكننا حيثما نعتمد في تفسير تلك الآية على الذين تلقوها من الرسول عليه السلام غضا طريا كما ذكرنا وطبقوه أيضا تطبيقا عمليا نكون على هدى من الله. ونكون من الفرقة الناجية.

وأكد هذا قوله عليه السلام ختاما لهذا الموضوع كما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب , وذرفت منها العيون , فقلنا : أوصنا يا رسول الله ) في بعض الروايات التي كنت قرأتها قديما قديما جدا في أول نشأتي العلمية , قالوا : يا رسول الله أوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبدا قال عليه السلام: ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وليَّ عليكم عبد حبشي, وإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) وهذا الشاهد ( وإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضو عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ). وفي الحديث الآخر : ( وكل ضلالة في النار ).

قوله عليه السلام : ( وإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) هذا خطاب موجه إلى الأصحاب ( من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ). فيا ترى من سيكون بعده من القرون كقرننا هذا كيف سيكون الاختلاف.؟ أعظم وأعظم وأوسع وأخطر.

والمسألة السابقة لو سألت بعض من يظن , لا أقول : لو أنك سألت بعض أهل العلم. لكني أقول حقا لو أنك سألت بعض من يظن أنه من أعلم العلم : إذا دخلنا يا أستاذ يا فضيلة الشيخ المجلس ـ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ـ مجلسا فيه أشخاص خمسة عشرة ... ونحن نعلم أنه كما فعل صاحبنا الداخل آنفا. أنه من السنة المصافحة، فلو قلت له : نحن نعلم هذا ولكن هل من السنة أن نسلف كل من نصافحه في المجلس : السلام عليكم السلام عليكم السلام عليكم السلام عليكم بعدد الحاضرين؟ فسوف يكون جوابه شوفيها , هذا جواب تقليدي , شوفيها . أما جوابنا نحن فيها أنه خلاف السنة , فإن كان ما يهمك خلاف السنة، استمر على قولك شو فيها إلى أن تبعث .

أما إذا كنت تعلم أنه خير الهدي هدى محمد صلى الله وعليه وسلم. وتعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مجلسا وفيه جمع ما يسلف كل واحد منهم السلام عليكم السلام عليكم , ولكن يلقي السلام على الجميع السلام عليكم.

وإذا تيسر له المصافحة أكمل السلام كما قال بعض الأصحاب الكرام : ( ما لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وصافحنا ) فإذا كنت تؤمن بأن خير الهدى هدى محمد فإذا علينا أن نلتزم سنة محمد صلى الله عليه وسلم. نرجوا الله ونسأل الله أن يحيينا عليها وأن يميتنا عليها لنحشر مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.

السائل : قبل أن تطلع من هذا الموضوع ظاهر الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يدخل مكانا أو إلى فسحة يلاقيها ... أنه ما كان يصافح الجميع. بدليل أن أول فسحة كان يجلس .؟

الشيخ : أنا كنت أرجو أن نتنبه لما في كلامي من الدقة , وممكن الآن نسمع الكلام , سمعنا آخر الكلام ...

رب معصية أورثت ذلا ورب طاعة أورثت استكبارا. يعني تنقلب بعض الحقائق أحيانا إلى نقيضها. إذا المعصية كان من آثارها التوبة والرجوع إلى الله والذل بين يديه تكون هذه نعمة المعصية. من حيث إيش؟ العاقبة. وعلى العكس من ذلك تماما , ورب طاعة أورثت صاحبها استكبارا عجبا , وهذا كما يزعمون بالنسبة زعمهم أن إبليس الرجيم كان من الملائكة، وهذا زعم مخالفة للقرآن الكريم. لأنه يصرح بقوله: (( كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ )). وهذا نقوله استطرادا وإلا سواء كن من الملائكة المقربين أو من الجن المؤمنين فهو فعلا كان مؤمنا ... قوله تعالى بعد قوله : (( كان من الجن ففسق عن أمر ربه )) لأن الفسوق هو الخروج عن الطاعة. وذلك مشتق من قول العرب فسقت الحية , أي خرجت من قميصها الذي تدثر به حينما تلتوي على نفسها في جحرها في أيام الشتاء. فإذا آن الأوان للخروج تفسق أي تخرج من هذا القميص .

المقصود فما الذي أخرج إبليس من أولئك الطائعين المؤمنين من الجن هو فسوقه عن أمر ربه تبارك وتعالى ... .