About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 494

السائل : .. خفت أن أزعج الشيخ ، قلت : الشيخ يحب أشياء مثل هذه ، لو طلعت طلعة مثل هذه .

الشيخ : الغزلان .

السائل : على الغزلان ... .

السائل : شيخ فيه سؤال سألتك سؤال على التليفون ، عن عائشة أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " هنالك أقوام يأتوننا بلحم ، ونحن لا ندري هل أيذكرون عليه اسم الله " هذا لو تضح لي إياه .

الشيخ : الجواب عن هذا الحديث ، أن علاقته بوجوب التسمية على الذبيحة حين تُذبح ، وليس للحديث علاقة بطريقة الذبح ، هل هي شرعية أو غير شرعية ، كما يتوهم بعض الناس ، فهؤلاء كانوا يذبحون ، ولكونهم كانوا حديث عهدٍ بالإسلام ، وكل من كان حديث عهدٍ بالإسلام ، فهو حديث عهد بالشرك أيضًا ، فلا منافاة بين ما إذا قيل كانوا حديث عهد بالشرك أو كانوا حديث عهد بالإسلام ، فهذا يلزم منه هذا ، وهذا يلزم منه ذاك .

المهم : " كانوا قد أسلموا حديثًا " وهذا كناية عن أنه لم يتسنَ لهم بعهد أن يعرفوا الأحكام الشرعية في كل جوانب الحياة التي تتعلق بالإنسان المسلم ، ومنها أن الصحابة السائلين في حديث عائشة كانوا يعرفون أن هؤلاء كانوا بعيدين عن التفقه في الإسلام بإسلامهم الحديث ، فكانوا لا يعلمون أن هذه الذبائح التي كانت تأتيهم من أولئك الأقوام ، هل هم سموا عليها أو لا ؟ فأجابهم عليه الصلاة والسلام بقوله : ( سموا الله أنتم ثم كلوا ) فإذًا يمكن استدراك التسمية على الذبيحة التي نشك في أنهم سموا أو لم يسموا ، يمكن هذا الاستدراك حينما نريد أن نأكل ذلك اللحم ، لكن بشرط أن يكون ذبيحًا ولا يكون قتيلا .

السائل : ذبيحًا حتى لو كان مثلا فيه مشرك لا يؤمن بالله ، وذبح ذبيحًا بالسكين ، وفي نيته قال : أنه ذكر اسم الله ؟ لا يجوز .

الشيخ : لا ، هذه مسألة أخرى ، ولذلك قلت لك الحديث ليس له علاقة بطريقة الذبح ، وإنما علاقته بمسلمين حديثوا عهدٍ بالإسلام لا يدري المسلمون القدامى حينما تأتيهم هذه الذبائح من طرفهم هل سموا الله عليها أم لا ؟ أما أن يكون الذابح مسلمًا فهذا شرطٌ ، أما أن يكون الذابح من أهل الكتاب فهذا شرطُ لابد منه ، هذه قضايا مفروغ منها الحديث لا يُعالجها ، فقط يعالج موضوع التسمية ، فإذا شككنا في بعض الذبائح هل سموا الله عليه أم لا ؟ فنحن نسمي الله عزّ وجلّ ، حينما نأكل من تلك الذبيحة .

السائل : فيه هناك مسلمات مجريات يشتغلن في عمل ، فكيف ممكن تكون صلاتهم ؟ لأن ترك العمل ما يقدرون لأن فيه منهم قائم بذاته هو يصرف على نفسه ، وما فيه مساعدات ، فالعمل لابد منه ، ما تقدر أن تترك العمل ، فصلاتها في الداخل كيف يمكن أن تكون ؟

الشيخ : هذا سؤال بيسلم على سؤالك في الدار .

السائل : هذا بالنسبة للمسلمات الذين خرجوا العربيات من خرجوا من ديارهم .

الشيخ : ماذا يعني ؟ الآن أظن أدخلتنا في جحر الضب يعني ، ما بدهم يسوون ؟ لابد أن يعملوا ما أمرهم الله ، أنت تقول ما فيه ؛ ... إذًا ما السؤال ؟

السائل : ترك العمل ؟

الشيخ : ترك العمل ، يذهبوا ، فهذا مثل ذاك ؛ ... لكن هنا يخطر في البال شيء  كم ساعة دوام هؤلاء العاملات ؟

السائل : تسع ساعات ، من السابعة صباحًا إلى الرابعة مساءً .

الشيخ : ما فيه فرصة ؟

السائل : فيه ساعة واحدة للغداء من الثانية عشرة إلى الواحدة .

الشيخ : في الغداء هذا ما يقدروا يصلون ؟

السائل : يقدروا ، في الصيف يكون وقت الظهر لم يأتِ بعد ، وفي الشتاء يكون أتى وقت الظهر والعصر ، يعني : يكون راح وقت الظهر ودخل وقت العصر .

الشيخ : خلينا في الصيف ، ما يأتي وقت الظهر ؟

السائل : ما يأتي وقت الظهر .

الشيخ : طيب يأتي وقت العصر وهما مداومين ؟

السائل : وهما مداومين بعد الساعة الواحدة .

الشيخ : ما يهم ، اترك الساعة ، الساعة عندنا هون غير هنيك ، لأن الآن وقت الظهر ووقت العصر ونحن الآن في وقت الصيف ، أليس كذلك ؟

السائل : نعم .

الشيخ : ففي وقت الصيف يكون ما دخل وقت الظهر تقول ولا إيش ؟

السائل : يكون لم يدخل وقت الظهر ، يعني : وقت الظهر هناك في الصيف الساعة الثانية والربع وهذا للساعة واحدة .

الشيخ : وينصرفون متى ؟

السائل : الساعة الرابعة .

الشيخ : ينصرفون الساعة الرابعة بعد العصر ؟

السائل : بعد العصر .

الشيخ : كويس ، قبل المغرب بكم ساعتين ؟

السائل : قبل المغرب بثلاث ساعات ونصف .

الشيخ : إذًا الحل أن ينوين الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير ، واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : يعني بس يخلصوا دوام العمل ، ويرجعون إلى بيوتهم يصلون أربع ركعات الظهر ، وأربع ركعات العصر جمع تأخير ، هذه بالنسبة للصيف ماشي .

السائل : نعم .

الشيخ : نأتي إلى الشتاء كيف يكون الظهر والعصر ؟

السائل : في الشتاء يكون الظهر الساعة اثنا عشر ، ومن الساعة اثنا عشر لواحدة يكون دخل وقت الظهر ولم يأتِ العصر بعد ، لكن يأتي عليهم العصر والمغرب قبل ما يروحون .

الشيخ : الآن العكس ، يجمعون جمع تقديم ، وهن في عملهن .

السائل : يصلون الظهر أربع ركعات ويجمعوا تقديم العصر أربع ركعات ، ولما يروحون يصلون المغرب .

الشيخ : يصلون المغرب في بيتهم ، وإذا كان ضاق عليهم وقت المغرب ، واختلط المغرب مع العشاء كمان يجوز لهم جمع تأخير ، هذا هو المخرج .

السائل : جزاكم الله خيرًا .

الشيخ : فيه سؤال سألتك في البيت ، لما وقفت بالنسبة لوضع الأيدي في الصدر بعد القيام من الركوع ، ممكن توضيح يا شيخ لو سمحت ؟

الشيخ : إي ، هذه مسألة يقول بها بعض المشايخ في بعض البلاد العربية والأعجمية ، فممن يحرصون معنا على التمسك بالحديث والسنة ، لكن الحقيقة أنه لا يوجد في السنة نص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبض إذا رفع رأسه من الركوع ، ... لا يوجد مثل هذا النص إطلاقًا ، وحجة هؤلاء : أحاديث من أقوال الصحابة تدل بدلالتها اللغوية العامة أنها تشمل أيضًا هذا القيام ونسمه بالقيام الثاني ، إلا أن هذا الاستدلال فيه خدج كبير جدًا من الناحية العلمية الأصولية الفقهية ، وذلك من ناحيتين اثنتين :

الناحية الأولى : أن أكثر هذه الأحاديث هي ليست من كلامه عليه الصلاة والسلام ، وإنما هي من كلام بعض الصحابة ، فالصحابي مثلاً وائل بن حجر ، يقول : " كان رسول الله " هو يقول : ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة وضع يمناه على يسراه ) قوله : " إذا قام " لفظ عام يشمل كل قيام ، وعلى ذلك يُقال بالنسبة لأحاديث أخرى كحديث مثلاً سهل بن سعد الساعدي ، قال : ( كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ) نحن نلاحظ فرق بين الحديثين هنا :

في الحديث الأول أطلق القيام ، وخصّ بالذكر القيام ، بينما الحديث الآخر أطلق الصلاة ، وما ذكروا القيام إطلاقًا ، ( كانوا يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ) فإذا نظرنا إلى كل من الإطلاقين في كل من الحديثين سنفهم من الثاني معنى أوسع من المعنى الأول .

المعنى الأول : ذكر لفظ القيام فدخل فيه القيام الأول والقيام الثاني . الحديث الآخر لم يذكر القيام وذكر الصلاة ، فإذًا دخل فيه القيام الأول والثاني وأي مكان آخر في الصلاة لا يُعرف في السنة العملية ما ينافي هذا الوضع ، وأنا أعني بذلك بصورة خاصة الجلوس بين السجدتين ؛ لأن الجلوس بين السجدتين فيما علمت واطلعت لم نرَ حديثًا يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس بين السجدتين وضع اليمنى على اليسرى ، كما أننا لا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع كان أيضا يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ، فإذا أردنا أن نعمل عموم النص الثاني ، لازم نضع أيضا بين السجدتين ، هذا هو الفرق بين الحديثين .

لكن الواقع : أن هذا الحديث الأول أو الثاني عمومه هذا لا يُعمل به ، والسبب في ذلك ما يأتي ، وهو النص العام لو كان صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام ، فضلاً عما إذا كان صدر من الصحابي وأنتم ترون أن هذين الحديثين ما فيهم ذكر أن الرسول قاله ، لكن فيه ذكر أن الرسول يقول أن الرسول فعل كذا ، أو كانوا يؤمرون بكذا ، ما يذكر اللفظ النبوي .

ومن هذا الباب باب النواهي أي الأحاديث التي تُصدر بكلمة نهى رسول الله عن كذا ، نهى عن كذا ، نهى عن كذا ؛ هذه الألفاظ لها حكاية عن معنى فهمه الصحابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو يعبر عن هذا المعنى بلفظ نهى .

الشيخ : أريد أن يلاحظ طالب العلم أن هناك فرقًا بين اللفظ الصادر من الرسول ، وبين اللفظ الصادر من الصحابي ؛ لأنه يكون معبرًا عن معنى فهمه من الرسول ، ولاشك أن اللفظ الذي نقله الصحابي عن الرسول فيه فائدتان فائدة اللفظ ، وفائدة المعنى ، بحيث أنه لا يمكن أن نقول أن الرسول ما تلفظ بهذا ، وإنما تلفظ بالمعنى ، بخلاف القسم الثاني الذي يقول هذا المعنى ، أما لفظ الرسول ما ندري ، لما يقول الصحابي : ( نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن الانتعال قائمًا ) مثلاً ، ما نعرف ما لفظ الرسول ، لو قال : قال رسول الله : ( لا تنتعلوا قيامًا ) نقول هذا لفظه ومعناه واضح ، أما لما يقول : ( نهى رسول الله ) ما نقل إلينا لفظ الرسول ، لكن نقل إلينا المعنى .

في هذه الحالة : هل يحتج بالمعنى هذا ؟ الجواب : نعم ، ولكن تفريق بين لفظ الرسول ولفظ الصحابي يساعدنا أحيانًا إذا ما جاءنا خبران فيهما شيء من التعارض ، فالتمسك بلفظ الرسول حينذاك مع المعنى أقوى من التمسك بلفظ الطعام مع ما فيه من فيه من معنى .

الشيخ : المهم لو كان الرسول عليه السلام تلفظ بنصٍ عام يشمل أجزاء كثيرة ثم جزء من هذه الأجزاء لم يجر عمل السلف عليه ، فهذا الجزء يُخرج من النص العام ولا يُعمل به ، هنا الدقة في الموضوع ، نص عام يشمل أجزاء كثيرة ، فروع كثيرة ، لكن فرع من هذه الفروع ، علمنا بطريقةٍ أو بأخرى ، أن الرسول والسلف ما فعلوا بهذا ؛ إذًا ما نعمل به ، فلو كان داخلاً في النص العام وهذه حقيقة يعرفها كل العلماء الذين يلاحظون طريقة الاستدلال للأحكام الشرعية التي منها مثلاً أن الشيء الفلاني والشيء الفلاني عشرات الأمور يُقال إنها من البدع ، ( وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار ) ، مع أنه على الغالب بالمائة وتسعة وتسعين ، ما من بدعة إلا وتدخل ضمن نص عام ، تتصور كل واحد منكم الآن يتصور أي بدعة مقتنع هو في قرارة نفسه ببدعيتها ثم ليفكر قليلاً فسيجد نصًا عامًا يشمل تلك البدعة ، وإن لم يستحضر ، وأنا مستعد أنه أذكر له نصا عاما ، إذا ما أراد أن يعمل بهذا النص العام دون النظر إلى عدم جريان العمال بذلك الجزء الذي سميناه بدعة صارت هذه البدعة سنة ، وأنا أضرب على هذا مثل واضح جدًا لأن الناس أذهانهم ليست مشغولة فيه ، وتجد النفوس تتقبله بسرعة .

مثلاً : عندنا أحاديث تحض على الجماعة ، ( يد الله على الجماعة ) هذا نص عام ، يحض على كل اجتماع ، لكن هل المقصود كل اجتماع ؟ ( يد الله على الجماعة ) نص عام هل هذا النص العام على إطلاقه وشموله ، هو لم يُقيد .

الآن أي بدعة عمت وطمت في البلاد الإسلامية تبادر إلى إنكارها ، يحتجوا عليك يا أخي ( يد الله على الجماعة ) المسلمون كلهم يفعلون هذا الشيء ، فأنت شاذ ، خاصةً وأن للحديث تتمة وإن كانت لا تصح سندًا ، ( يد الله على الجماعة ومن شذّ شذ في النار ) فينسبوك وأنت متمسك بالسنة إلى أنك تركت الجماعة وشغلت عنها فأنت لا سمح الله في النار ، فـ ( يد الله على الجماعة ) إذا ليس كل جماعة ، وإلا لازم نكون نحن مع هؤلاء الجماهير الماشين على غير هدًى ولا كتاب منير .

نأتي إلى حديث أخص في الموضوع : ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس أو بسبع وعشرين درجة ) فلو دخلنا المسجد في صلاة الظهر مثلاً أو أي صلاة نريد أن نصلي السنة القبلية ، فنحن جميعًا كما توارث الخلف عن السلف يصلون السنة فرادى فإذا قيمت الصلاة ، صلوا جماعتهم ، فلو بدا لأحدهم لما دخل المسجد ، كل واحد انتحى ناحية منهم يريد أن يصلي السنة لوحده ، تعالى يا أخي نصلي جماعة ( يد الله على الجماعة ) و ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) ما يكون موقفنا ؟ قلنا لا ، يا أخي هذا حديث عام ، قلنا صح ، لكن هذه الجزئية أي هذه السنة القبلية ، هي أنت تريد أن تصليها الآن جماعةً لو كانت داخلة في النص العام كان السلف الأول فعلوا ذلك ؛ لأنهم أولاً  أفقه منا ، وثانيًا أحرص منا على التقرب إلى الله تبارك وتعالى .

أظن وضح لك تمامًا ما المقصود من النص العام الذي يدخل فيه أجزاء ، وجزء منه لم يجرِ عليه العمل فهذا الجزء يسحب منه ولا يُحتج على شرعيته في النص العام ، يمنعنا من ذلك عدم جريان العمل ، واضح إلى هنا ؟ نرجع الآن

الشيخ : هذا الوضع في القيام الثاني كما قلنا ، ما فيه عندنا دليل خاص أن الرسول عليه السلام كان إذا رفع رأسه من الركوع قبض ووضع ، عندنا دليل عام ، وليته كان من كلام الرسول كما ذكرنا في الحديثين جماعة ، ( يد الله على الجماعة ) هذا كلام الرسول ، ( صلاة الجماعة ) كلام الرسول ، هناك ما عندنا إلا أحاديث أصحاب الرسول عليه السلام ، هم الذين يعبرون عن شيء شاهدوه ، ترى هذا المشاهد هل هو الوضع في القيام الأول أم في القيام الثاني ؟ هنا المسألة تحتاج إلى صبر وإلى بحث وتفكير في كل الأحاديث التي تتعلق بصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا نجد مطلقًا ولا حديث ضعيف يقال في مثله ، يعمل به في فضائل الأعمال ، أي ليس شديد الضعف ، لا نجد مثل هذا الحديث أن الرسول عليه السلام لما رفع رأسه من الركوع وضع اليمنى على اليسرى ، بل نعتقد بما هو أكثر من ذلك .

حديث وائل بن حجر هو مختصر من حديثٍ له مفصل ، هذا الحديث لما أنت تقرأه تشعر أن هذا الراوي ليس في ذهنه وضع في القيام الثاني ، لماذا ؟ والحديث في صحيح مسلم ، بينما الحديث الأول : ( كان إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى ) في سنن النسائي ، في صحيح مسلم أن وائل بن حجر وصف صلاة الرسول عليه السلام ، فقال : كبّر ثم وضع اليمنى على اليسرى ، ثم لما ركع كبر ورفع يديه ، ثم لما رفع رأسه من الركوع ، كبر ورفع يديه ، ثم سجد ... فهنا كل ما انتقل بالتكبير وفي وضع رفع اليدين ذكر بكونه فعل كما فعل من قبل ، أما لما ذكر الوضع الأول وذكر أنه رفع وكبّر ورفع يديه قال لما رفع رأسه من الركوع رفع يديه أيضًا ، لكن ما قال ووضع كما وضعهما من قبل ، أيضًا سياقه فيه التفصيل لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر هذا الوضع التالي مطلقًا ، فالراوي الذي روى الحديث في سنن داود أخذ من هذا الحديث  المفصل ما يتعلق بالقيام ، فخرج منه نص عام ، هذا النص العام ما جرى فيه العمل ، وأبو أنس بينتظرنا فيما يبدو .

سبحانك اللهم وبحمدك .

الشيخ : أريد أن نذكر إخواننا الحاضرين حيث لاحظت بعضهم وهم يصلون حينما يحركون إصبعهم بالتشهد يأتون بزيادة حركة ليست مشروعة ، لاشك أن تحريك الإصبع في التشهد سنة ، ولكن كثيرًا ما يختلط التحريك على بعض المصلين من إخواننا أهل السنة بشيء آخر لم يرد في السنة ، ألا وهو الخفض والرفع ، وأنا لاحظت في هذا المسجد كأن الأخ الإمام الله يجزيه خير أن له نشاط في نشر السنة ، فقد رأيت بعض أهل المسجد يحركون أصابعهم في التشهد ، وهذا دليل أن الإمام والحمد لله قائم بواجب الدعوة إلى السنة ، فرأيت بعض أولئك وبعض إخواننا الحاضرين معنا في هذه الرحلة يضيفون إلى التحريك شيئًا يمكن التعبير عنه بالخفض والرفع ، أعني هذا خفض ورفع ، هذا ليس له أصل في السنة ، خفض ورفع ليس له أصل في السنة ، كل ما جاء به السنة إنما هو التحريك ، أي هناك سنة ينبغي ملاحظتها في أثناء التحريك وهي توجيه الإصبع إلى القبلة ، فإذا أنت وجهتها إلى القبلة وحركتها لا تخفضها ، لأنك إذا خفضتها رميت بها إلى الأرض ، وأرضك ليس قبلة لك ، وإنما اتجاهك القبلة ؛ ولذلك هذا هو الركبة وكفك على الركبة ، أول ما جلست قبضت أصابعك وحلقت بالوسطى والإبهام ثم رفعت السبابة ، فتحركها ولا ترفع وتخفض ، هذا ليس له أصل في السنة ، وإنما تحركها في مكانها ، هذا الذي أذكر به ، والذكرى تنفع المؤمنين ، وهات ما عندك .

السائل : ... كيف تكون إمامة الرجل بالمرأة ؟

الشيخ : تعني المرأة الأجنبية ، أم تعني الزوجة ؟

السائل : الزوجة .

الشيخ : على كل حال الزوجة هي كالمرأة الأجنبية من حيث الصف ، فينبغي أن تقف خلف الرجل ، خلف الزوج ، فإذا كانت هي وحدها لا يجوز لها أن تقف بجانب زوجها بحجة أنها زوجة له ، لا ، وإنما تقف خلف الزوج تمامًا ، ومن باب أولى أن يكون وقوفها  كذلك إذا كانت أجنبيةً عنه ، طبعًا مع عدم وجود خلوة ولو في أثناء الصلاة ، نعم .

السائل : نحن هناك أسبوعيًا نقوم بعمل حصص عن الديانة الإسلامية للمسلمين المجر وللمجري الذي يريد أن يحضر الحصص وأعلنا عنها ، وفي عدد لا بأس به ، فدائمًا معظم المرات يكون بنات الحاضرات من بنات المسلمات ، ويكون هناك دائمًا شخص يُسمى شهاب الدين هو يلقني العربية وأنا أترجم للمجرية ، فإلى الآن عمل الحصص يكونوا جالسين قبالنا ونحن نعلمهم في الدين ، فهل يجوز هذا أم يجب الفصل ؟

الشيخ : أفهم من كلامك أنهن سافرات الوجوه ؟

السائل : نعم ، لكن محجبات لكن بدون نقاب .

الشيخ : قد أغنيتك عن التفصيل ، قلت لك سافرات الوجوه ، أنا سألت عن هذا السؤال مراراً وتكرارًا ، أنه لا يجوز لمدرس النساء أن يدرس على النساء دون أن يكون بينه وبينهن حجاب ، وإنما يجوز في حالة واحدة هي حالة تحقق العصمة التي لن تتكرر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، والحالة الأخرى وهي التي يمكن إذا كان المدرس أو المذكر أو المعلم ، إذا كان شيخًا جديدًا وفانيًا ومعروفًا بين الناس بصلاحه وتقواه ، بحيث يغلب على الناس أنه أولاً لا يمكن هو أن يفتتن في ذات نفسه ، ثانيًا لا يمكن لواحدة من الحاضرات أن تفتتن به ؛ لأنه شيخ كبير لا حاجة له في الدنيا ، فإذا تحقق هذا الوصف أو هذا الشرط جاز ، وإلا فمن باب سد الذريعة أن يكون المدرس وراء الستارة  ووراء الحجاب من أين نوعٍ كان هذا الحجاب ، وبخاصة أنه من الميسر الآن وجوده السائد تبليغ الصوت قد يكون هو في غرفة وقد يكن هن في غرفة أخرى ، هذا هو الواجب فيما إذا كان المعلم شابا .

ومن محاسن التدريس في البلاد السعودية كما بلغنا بأن المعلم أو الدكتور لا يعلم البنات مواجهةً ، وإنما هو يتكلم ويذيع كلامه بواسطة التلفاز الخاص بحيث أنه يُرى ولا يرى ، ومع ذلك فقد أخذت أنا عبرةً وفقهًا ضمنته الشرط السابق ، أو ضمنته في الشرط السابق ، حينما قلت إذا كان المدرس شيخًا كبيرًا لا يُخشى أن يصاب هو في ذات نفسه بفتنة بإحداهن أو إحداهن تُفتتن به ، كان يكفيني أن أقول الأولى ، لكن الأخرى أيضًا مهمة جدًا ، وهذه الفائدة أخذتها من القصة التالية

فقد علمنا بأن أحد الدكاترة الذين كانوا يلقون محاضراتهم على الطالبات بواسطة التلفاز فهو لا يراهن وهن يرونه ، فإحداهن عشقت به وأحبته ، والظاهر أنها من الأميرات ، وتعرفون أن الأميرات يعني دولتهم وصولتهم واسعة أكثر منهن ، فكادت أن توقع بين الزوج المعشوق ولا أقول العشيق خشية أن يُفسر بالفاعل ، وإنما هو معشوق ، فكادت أن توقع بين الزوج المعشوق من الأميرة وبين زوجته ، لكي تفرغ صفحتها لنفسها ، ثم ربنا عزّ وجلّ حفظ الدكتور المشار إليه ونجا بنفسه وعاد إلى بلده ، فإذًا لا يصح إذا افترضنا في المدرس ، ما نقول العصمة ، نتكلم الآن بلغة الصوفية الذين يفرقون بين العصمة والحفظ ، يقول الولي محفوظ وليس بمعصوم .

فنقول وقد يكون هذا الدكتور محفوظًا غير معصوم ... ولكن انتقلت المصيبة إلى من ؟ إلى الطالبة ، حيث هو كان لا يراها ، ولكنها كانت تراه ، ولذلك فلمنع المفسدة بين الجنسين المدرس الذكر والمدرس عليهن النساء ، فينبغي أن يكون من وراء حجاب ، فهل أعطيتك الجواب ؟

السائل : تمامًا .

الشيخ : وقبل أن تنتقل إلى سؤال آخر ، أريد أن أعرف من باب المعرفة والتأريخ .

الشيخ : هاته المسلمات ، هل هن مسلمات  وراثةً من زمن الأتراك أم هم من المسلمات من جديد ؟

السائل : أسلموا نعم ، من جديد .

الشيخ : ما في مسلمات من النوع الأول ؟

السائل : ما فيه ، كل المسلمين والمسلمات الموجودين في المجر مقارب المائتين وخمسين ، الثلثين تقريبًا نساء ، ومن الثلثين أكثر من النصف غير متزوجات ، وكل هذا في أقل من سنة ونصف سنتين .

الشيخ : سبحان الله ! شيء عجيب .

السائل : هؤلاء أكثر واحدة من الإحدى عشر أكثر واحدة صار لها مسلمة سنتين ونصف .

الشيخ : إحدى عشر ماذا ؟

السائل : إحدى عشر مسلم ، وفيه شخصين رجلين واحد منهم طلع يدرس على ألمانيا والثاني أخذ بعثة .

الشيخ : ماذا لاحظتم من سبب إسلامهم ؟

السائل : أول شيء كان فيه منهم من كان ملحدًا ، وكان من كان نصرانيًا ، منهم نصراني متزمت ومنهم ملحد ، فكانت دعوة النصراني أسهل منها إلى دعوة الملحد بما أنه يؤمن أصلاً بوجود الله سبحانه وتعالى ، عرضنا عليهم فيلم مناقشات أحمد ديدات ودكتور شورش ، وشرحنا لهم إياها ، وفسرناها لهم ، هذه كانت في سبب إسلام ثنتين منهم ، ومنهم من جاء على الحصة وشرحنا لهم الديانة ، ومنهم من الملحدين كان المشكلة توجد في إثبات وجود الله سبحانه وتعالى ، ولما صارت عملية الإثبات واقتنعت وصار شوي شوي تقتنع في خلال كم شهر أسلمت الحمد لله ، وبعد ذلك تحجبت أول مسلمة ثم تحجبت وراءها الثانية بأسبوع ثم تحجب الكل الحمد لله .

الشيخ : ما موقف أقوامهم ؟ يعني لا يزالون في النصرانية أو في الإلحاد ؟

السائل : أقوامهم يا شيخ ، لدرجة عدم الاطلاع فيهم لما يشوفوهم أو أنا أكون ماشي مع زوجتي متحجبة يفكرون أول شيء ما نعرف نحكي مجري ، يقولون شوف ما لها شعر صلعاء فلابسة على رأسها ، أو بيحكوا هذه راهبة ما بيعرفوا أصلاً شغلة الإسلام .

الشيخ : كالأنعام بل هم أضل .

السائل : مرة وقفوا واحدة من المتحجبات في الشارع سألوها ، أن هل هذا لباس قومي ؟ قالت : لا ، دين ، ما هو الدين ؟ الدين الإسلام ، قالوا : هل لنا أن نسلم أم أنه فقط لأشخاص معينة ؟ اليهودي بأصله يكون يهودي ، فلأنه رجل بعدين ، حكيت له طبعًا هو للكل ، فجاءوا وزارونا على الحصة وروحنا زرناهم على بيتهم ، ورجل كان مطلعا جدا وعنده كتب وعنده أشرطة ، وعنده ، الشغلة الوحيدة اللي كانت ما واصلة لهم الإسلام ؛ لأنه ما كان فيه قرآن ، ما فيه ... .

الشيخ : ما عنده مصادر يعني .

السائل : ما عنده مصادر ، والحمد لله على وجه وأخبرني أنه أسلم .

الشيخ : أنا قصدت بسؤالي السابق يعني فيه عداء لما يشوفوا بعض البنات بعض النساء أسلموا يخالفوا تقاليدهم ، وعاداتهم ، ولكن ما في حرية كما يزعمون .

السائل : ما في حرية يا شيخ ، نحن عندنا إمكانياتنا أن هؤلاء البنات نجلسهم بدون عمل يكون أفضل ؛ لأنه أصلاً مشاكلهم كلها بتكون في العمل .

الشيخ : من الاختلاط ؟

السائل : معظم المشاكل لا تكون من الرجال ، من النساء العاملات هناك ؛ لأن النساء العاملات هناك أكثر نسبة من الرجال ، ما يقارب من السبعين ، الخمسة وسبعين بالمائة ، فمضايقات عليهم يعني .

الشيخ : يعني : ما فيه حرية ؟

السائل : ما فيه .

الشيخ : طيب ، اللي تسلم كيف تعيش في بيت أهلها ؟

السائل :بتعيش في بيت أهلها ، أهلها إذا كان في صعوبة وإلى الآن ما واجهتنا إلا حادثة واحدة في بودابست في العاصمة ، وهناك الحمد لله فيه شاب مسلم مع زوجته ما قصر ، طلعها من عند أهلها وسكنها ، أما إلى الآن الحمد لله ما في مشاكل ، أما بالنسبة لأهاليهم إلى حد الآن ما فيه مناقضات شاذة .

الشيخ : الحمد لله طيب شو عندك غيره ؟

السائل : فيه سؤال بالنسبة للعادة الشهرية ، سألونا عنها وحكوا أنه في أول يوم تجي بيكون تقريبًا  لون الدم مش دم صافي ، إنما بني تقريبًا ، فعندها يجب قطع الصلاة ، قطع الصوم ، فيه منهم يكون لفترة أربعة خمسة أيام يأتي نفس الدم ، وبعد ذلك بأربعة أيام يكون فيه دم أحمر ، وبعد ذلك يقطع ، يعني العملية تقطع إحدى عشر يومًا اثنا عشر يوماً ، فما العمل ؟

الشيخ : العادة هذه مجرد ما ترى الدم ، وهذا الدم يأتي عادة بانتظام كل شهر ، فتعتبر مجرد أن ترى هذا الدم تعتبر حائضًا ، وطبيعة هذا الدم اللي نعرفه نحن قراءة وسماعًا أن الدم أول ما يأتي يأتي دم أحمر قاني غامق وليس فاتحًا ، ويستمر أيام هكذا كل ما استمر كل ما بدأ يصير لونه فاتح ، والعكس ، عكس ما ذكرت أنت ، لكن على كل حال هذا ليس له علاقة بالناحية الشرعية  الظاهر تختلف باختلاف طبيعة بنية الحائض ، المهم حينما ترى هذا الدم دم الحيض ، تستمر حائضًا لا تصلي ولا تصوم حتى ترى ما يُسمى بلغة الشرع بالقصة البيضاء ، فتستمر حائضًا حتى ترى القصة البيضاء ، والقصة البيضاء تسمى في لغة العامة بالطهر ، وهذه نتيجة طبيعية لاستمرارية الدم الأحمر القاني بتنظيفها يصير نحو القيح والصديد وا وا ... إلى آخره ، حتى يظهر مادة بيضاء ، يعني تضع القطنة ما يظهر عليها ذلك الدم سوءا كان من اللون الأحمر القاني أو الفاتح ، فهذه علامة الطهر ، أما الأيام فليس لها تحديد ، تختلف من امرأة إلى أخرى ، وبعبارة أخرى فقهية ليس للحيض حد أقل وأكثر ، فبعض النساء قد يرين الدم ساعات من النهار ثم لا شيء بعد ذلك ، وكثيرات منهن يرى سبعة ، ثمانية عشرة ... إلى آخره ، فهذا هو نظام العادة هذه في الحيض ، لعله وضح الجواب ؟

السائل : نعم .

السائل : سألونا بنات بالنسبة لتنظيف شعر اليدين أو شعر الرجلين ، هل يجوز استخدام ما يسمى بالعقيدة أو بالدهونات أو الحلق ؟

الشيخ : لا الحلق ولا النتف ، لأن الشرع حذّر أشد التحذير من تغيير ما لم يأذن الله بتغييره ، أو قال في الحديث الصحيح : ( خمس من الفطرة ) في الحديث الآخر : ( عشر من الفطرة ) فذكر مثلاً : ( قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، ونتف الإبط ) هذا نتف مأذون به ( وحلق العانة ) فهذه أشياء خلقها الله وأذن بالتصرف فيها في حدود معينة ، مثلاً لم يأذن بحلق اللحية ، لكن أذن بقص الشارب ومن طرف الشفه ، وليس بحلقه كما يفعل بعض الصوفية ، كذلك مثلاً كل إنسان ينبت له عادةً شعر تحت الإبطين وهناك في العورة ، فأذن بتغيير هذا الشيء ، بل وجعل هذا التغيير من الفطرة ، نتف الإبط وحلق العانة ، قص الأظافر كذلك ، واختلف العلماء في حكم هذه الأشياء التي اعتبرها الشارع الحكيم من الفطرة ، هل يعني بأنها أمور واجبة ؟ أم المسلم مخيّر فيها ولا يجب عليه تطبيقها لكن الأفضل أن يطبقها فإن لم يفعل فليس آثمًا ؟ في المسألة قولان

منهم من يقول بالوجوب ، وهذا هو الحق الذي ما به فيه خفاء . ومنهم من يقول بأنها سنة ، وأنا لا أتصور مسلمًا يفكر فيما يقول فيتصور مسلمًا يعيش من يوم أن بلغ سن التكليف وذلك يظهر لإمارات وعلامات كثيرة بالنسبة لسن البلوغ ، بعضها ظاهر أحيانًا وبعضها خفيٌ ، الظاهر مثلاً صوت الغلام يصير جهوري حينما يبلغ سن الرجال ، أما الشيء الخفي وهذا أوضح في الدلالة على البلوغ هو نبات شعر العانة ، ولذلك جاء في السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لما حارب يهود بني قريظة ونصره الله تبارك وتعالى عليهم ، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ الأنصاري ؛ لأنه كان حليفا لهم ، فجاء سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جريح على دابته ، كان قد أصيب في أكحله في عدده ، جاء ليحكم بين النبي صلى الله عليه وسلم واليهود ، حيث رضوه حكمًا ، فحكم بأن يُقتل رجالهم وتُسبى نساءهم وأطفالهم ، قال أحدهم تعرف اسمه الصبي من بني قريظة الذي نجي من القتل ، ما عرفوا هل هو بالغ سن التكليف حتى يُلحق بالرجال فيقطع رأسه أو يلحق بالنساء السبايا لأنه لم يبلغ سن التكليف ؟ ... فكشفوا عن عورته ، فما وجدوه أنبت فنجا من القتل ، وصار مسلمًا ، ويروى الحديث الآن عنه ، نسيت اسمه فلان القرظي .

السائل : محمد بن كعب ؟

الشيخ : ممكن يكون هو ، الشاهد فهذا الشعر الذي أنبته الله عزّ وجلّ في ذلك المكان لحكمة سمعتم آنفًا شيئا منها ، جعل من الفطرة حلقها ، فأنا لا أتصور إنسانًا يفكر في عاقبة قول من يقول هذا الحلق هناك وذاك النتف هنا هو سنة إن فعل أُثيب ، وإن ترك لم يأثم ! كيف نتصور ولد من يوم بلغ سن التكليف وبدأ شعر إبطيه ينبت ويطول ، وشعر عانته كذلك حتى يموت سن الستين أو السبعين ، يكون صار له لحى بدل لحية واحدة ، لحيتين تحت الإبطين ، ولحية أطول ما تكون هناك ؟ ! ليس من المعقول هذا الكلام ! يضاف إلى ذلك صورة أخرى من الفطرة قص الأظافر ، فلو قيل إن هذا سنة فترك أظافره وما قصها أبد الحياة ، هذا صار وحش وليس إنسانًا ! فيكفي تصور هذا القول أن نحكم بأنه باطل ، ولذلك أنا قلت أكثر من مرة هناك حكمة إنجيلية ، يذكرون في الإنجيل بأن عيسى عليه الصلاة والسلام ، كان يعظ ويذكر حواريه ذات يوم ، فكان من جملة ما ذكر لهم : ( أنه سيأتي النبي الصادق أحمد ) ، يعني نبينا صلى الله عليه وسلم ، ( ويأتي أنبياء كذبة ) ، قالوا : يا روح الله ، كيف نعرف الصادق من الكاذب ، قال : ( من ثمارهم تعرفونهم ) فأنا هذه الحكمة استفدت منها في بعض المسائل الخلافية ، أعتبر ثمرة القول من خير أو من شر دليلاً مميزًا للراجح من القولين على المرجوح ، فهنا مثلاً فيه قولان : ( خمس من الفطرة ) أو ( عشر من الفطرة ) اختلفوا منهم من قال يعني واجب ، منهم من قال لا ، سنة ، إن فعلت أثبت وإن تركت فلا شيء عليك ، كيف هذا يعقل ؟ ! وهذا سيصبح وحشًا فيما له لم يفعل ، كذلك كان الرجل الأعرابي الذي تعرفون كلكم قصته لما جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وسأله عما فرض الله عليه ، فذكر له خمس صلوات وشهر صيام رمضان ... إلى آخره ، وفي كل واحدة يقول يا رسول الله هل عليّ غيرهن ؟ قال : ( لا ، إلا أن تطوع ) قال : والله يا رسول الله ، لا أزيد عليهن ولا أنقص ، قال : ( أفلح الرج إن صدق ، دخل الجنة إن صدق ) .

فإذًا لو فرضنا أن إنسانًا عاش في الإسلام لا يقوم إلا بالواجبات ، نقول جزاه الله خير ، وإن شاء الله يستطيع أن يقوم بكل الواجبات التي أُمر بها ، وينتهي عن كل المحرمات التي نُهي عنها ، فهل يُعقل مثل هذا الإنسان الذي آل على نفسه ألا يزيد على الفرائض أن يترك هذه السنن الفطرة التي يسميها الفقهاء ، فيعيش كأنه حيوان من الحيوانات أو كالقط وهناك شعر من أقبح المناظر ! ما أتصور أن يقول به إنسان ؛ إذًا هذا ( من ثمارهم تعرفونهم ) ثمرة القول بوجوب القيام بسنن الفطرة أن يبقى الإنسان نظيفًا جميلاً ، إنسانًا اصطفاه الله عزّ وجل كما سمعتم في الخطبة ، اصطفاه على ما خلق ، وفضله على كثير من خلقه تفضيلا ، فلا يعقل إذًا أن يكون القول الآخر بأنه سنة صوابًا ، بل هو خطأ .

لقد ابتعدنا قليلاً عما كنا في صدده ، اللي نقول بأن من سنن الفطرة تغيير بعض الأشياء التي خلقها الله عزّ وجل كهذا الشعر النابت في الإبطين ، ونحو ذلك مما سبق الحديث عنه ، لكن تغيير أشياء أخرى لم يأذن الله بها فهذا ليس من الفطرة ؛ لأننا نقول إذا كان هذا من الفطرة كان ذكر ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذا أولاً .

وثانيًا قد حذّر أمته أشد التحذير من تغيير خلق الله عزّ وجل دون إذنٍ منه ، نحن بدءنا بالقول بالحديث عن الفطرة لأننا نقول هذا خلق الله ، ومع ذلك أمر الله بتغييره ، قص الأظافر تغيير إلى غير ذلك مما ذُكر آنفًا ، ولكنه على العكس من ذلك قال : ( لعن الله النامصات والمتنمصات ، والواشمات والمستوشمات ، والواصلات والمستوصلات ، والفالجات ) قال تعليلاً لهذا الحكم الشديد ( المغيرات لخلق الله للحسن ) إذا عرفنا هذا الحديث رجعنا إلى سؤالك هل هناك رخصة للمرأة المشعرانية ينبت شعر كثيف على ساقها أو على ذراعها ، هل يُرخص لها بأن تنتف وتنمص هذا الشعر ؟ نقول : لا ، لأنها تدخل تحت هذا الحديث ( لعن الله النامصات والمتنمصات ) كأن سائلاً يقول لِمِ يا رسول الله ؟ قال : ( المغيرات لخلق الله للحسن ) لماذا تنتف شعر زراعها ؟ لماذا تنتف شعر ساقها ؟ تجملاً وتحسنًا ، هنا بعض لا أقول ... نعم .