About the article
سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 389
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . (( يا أيها يها الذين أمنوا أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) . (( يأيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءَ واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداَ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )) . أما بعد.، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة ٍفي النار، موضوعي في هذا الصباح المبارك إن شاء الله يدور حول مسألةٍ طالما اختلفت أنظار العلماء المتأخرين منهم بخاصة في جملةٍ من خطبة الحاجة التي سمعتموها أنفاً وكان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يفتتح بها خطبه كلها وبخاصة منها خطبة الجمعة وأعني بذلك من هذه الخطبة (كل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار )، فإن كثيراً من العلماء المتأخرين ذهبوا إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام وهم بذلك يضطرون إلى أن يقولوا أن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار ) من العام المخصوص ومعنى هذا الكلام أنه ليس الأمر على هذا الإطلاق والشمول لكون كل بدعةٍ ضلالة بل بعد أن تأولوا هذه الجملة على أنها من العام المخصوص تصبح عبارتها على العكس من صريح دلالتها تماما أي ليس كل بدعةٍ ضلالة ومعنا في هذا التأويل من إخراج الكلام عن دلالته الظاهرة فينبغي علينا أن نعرف شُبهة هؤلاء العلماء من المتأخرين الذين تأولوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( كل بدعة ضلالة ) بما سمعتم ، إن الكلام حول الشبهات التي يميل إليها ويجنح إليها أولئك الناس كثيرة لكني أريد أن أخصص هذه الجلسة بحديث صحيح يتكؤون عليه فيما يذهبون إليه مما ذكرت آنفاً وخلاصة هذا أن في الإسلام بدعةٌ حسنة ومن أقوى أدلتهم وروداً وليس دلالةً إنما هو الحديث الصحيح المشهور ( من سَن في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سَن في الإسلام سُنةً سيئةً فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء )، هذا الحديث هو كما قلت آنفا من أقوى أدلتهم من حيث الرواية وحينما أقول من حيث الرواية فإنما أعني ما أقول وأقصد ما أقول ذلك لأن هذا الحديث حينما نتأمل في سبب وروده أولاً وفي التحقيق في معناه ثانياً ينقلب الحديث حجة عليهم من حيث دلالته أول ذلك أن نتذكر سبب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أن نتذكر المناسبة التي فيها قال عليه الصلاة والسلام هذا الحديث الصحيح والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهما من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه قال كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاءه أعرابٌ مجتابي النمار متقلدي السيوف عامتهم من مُضر بل كلهم من مُضر قال جرير لما رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تمعر وجهه أي تغيرت معالم وجهه أسفاً وحزناً على ما رأى عليهم من آثار الفقر فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن خطبهم فوعظهم وأمرهم بأن يتصدق أصحابه على هؤلاء الطارقين للمدينة من فقراء الأعراب من مُضر فقرأ في جملة ما قرأ عليه الصلاة والسلام : (( يا أيها الذين أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجلٍ قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) وقال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته ( تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره ) فقام رجل أول من قام من الحاضرين استجابة منه لموعظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذهب إلى داره ليعود بما تيسر له من صدقة، ووضع ذلك بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رأى سائر أصحابه ما فعل هذا اقتدوا به وانطلقوا أيضاً ليعود كل منهم بما تيسر من الصدقة قال جرير فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات كالجبال أي الأكوام ، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنور وجهه كأنه مذهبةٌ على خلاف ما كانت حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما جاءه الأعراب فهناك تمعر وجهه تغيرت ملامح وجهه حزناً أما هنا فتنور وجهه عليه السلام فرحاً يشبه ذلك جرير بقوله كأنه مُذهبةُ أي كأنه فضة مطلية بالذهب تلألئ فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الحديث السابق : ( من سَن في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سَن في الإسلام سُنةً سيئةً فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء )، فإذا رجعنا إلى سبب قوله عليه السلام لهذا الحديث أو سبب وروده وتأملنا فيه لن نجد هناك شيء حدث من العبادات أو الطاعات لم تكن معروفةُ من قبل لم نجد هناك سوى الصدقة حيث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكرهم بالآية المذكورة بما يجب عليهم من الصدقة وأتبعها بكلام من عنده عليه السلام حضاً ولو على الصدقة القليلة كما جاء في الحديث الصحيح : ( تصدقوا ولو بشق تمرة ) فموضوع الحديث كما ترون هو حول الصدقة فإذا رجعنا وفسرنا الحديث فصلاً له عن سبب وروده فقلنا كما يقول أولئك المتأخرون من سَن في الإسلام سُنةً حسنةً أي من ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة إن فسرنا حديثه عليه السلام هذا بهذا التفسير تباين التفسير مع الواقع لأن الواقع ليس فيه بدعةً تذكر مطلقاً كل مافيه هو حضه عليه الصلاة والسلام على الصدقة وتجاوب الصحابة معه على الإتيان بها كل مافي الأمر أن رجلاً واحداً منهم تقدم البقية بالإتيان بالصدقة فتبعه الآخرون فمن أجل أن هذا الرجل الأول هو الذي قام قبل كل آخر وجاء بالصدقة فتنشط الآخرون لهذه الصدقة وتبعوه على ذلك فقال عليه الصلاة والسلام ( من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة ) أي يكون معنى الحديث على خلاف المعنى الخلفي المبتدع الداخل أيضاً في عموم قوله عليه السلام ( كل بدعةٍ ضلالة ) ليكون قولهم من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة أي من ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة أيضاً هذا التفسير هو مُبتدعٌ في الإسلام لماذا لأن المعنى الصحيح لهذا الحديث مَن سَن لُغةً من فتح طريقاً مَن سَن في الإسلام سُنةً حَسنَةً ... وهل فتح الطريق إلى أمر مشروع بالكتاب و بالسنة أماته الناس مع الزمن أو مع الغفلة فقام رجلٌ فأحيا هذه السنة المنصوص عليها بالكتاب أو في الكتاب والسنة يقال فيه لقد ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة كلا ثم كلا إنما جاء بأمر مشروع مُسبقا وإنما الشيء الجديد في الموضوع أنه أحيا هذه السُنة فإذن إذا رجعنا فقط إلى سبب الحديث عرفنا بطلان ذلك التأويل الذي كان من الأسباب القوية على تخصيص عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالةٍ في النار )، هذا هو السبب الأول الذي يدل دلالة واضحةً على بطلان التأويل المذكور . السبب الثاني إذا وقفنا عند متن الحديث : ( من سَن في الإسلام سُنةٌ حسنة ) وتمام الحديث : ( ومن سَن في الإسلام سُنةٌ سيئة ) فسنقول للمتأولين لهذا الحديث على غير تأوليه الصحيح ما هو طريق معرفة السنة الحسنة والسنة السيئة آلعقل أم الشرع ! إن كان من أهل السنة حقاً فسيكون الجواب طريق معرفة الحسنة و السيئة إنما هو الشرع فقط ولا مجال للعقل في ذلك إطلاقاً خلافاً للمعتزلة قديماً حديثاً المعتزلة قديماً اسماً ومسمىً والمعتزلة حديثاً مسمىً لا اسماً وهم كثيرون وينطون تحت أسماء كثيرة وكثيرة جداً يوهمون الجماهير بها أنهم على السنة فإذا كان ما يقوله المعتزله وهو مما انفصلوا فيه عن أهل الحديث وأهل السنة حقاً ألا وهو قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين إذا كان قولهم هذا من جملة ضلالهم الذي حشرهم في فرقة من الفرق المنصوص عليها في حديث ( وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) وخرجوا بذلك عن كونهم من الفرقة الناجية لأنهم اتبعوا عقولهم وأهوائهم وخرجوا عن الجماعة وعن الفرقة الناجية التي تقول ليس للعقل دخل في التحسين والتقبيح وإنما وظيفته فقط أن يفهم الحسن والقبيح فيأتي بالحسن ويدع القبيح إن أهل الاعتزال انفصلوا على أهل السنة وأهل الحديث حتى من كان من أهل السنة في بعض المسائل قد انجرف مع الاعتزال في بعض مسائلهم أما في هذه المسألة فقد ضلوا مع الجماعة أن التحسين والقبيح العقليين باطل وأن الحسن والسيء لا سبيل لمعرفته إلا بالشرع إذا كان هذا أمر متفق عليه بين أهل السنة وحينئذٍ نقول لهؤلاء الذين فسروا الحديث بالتفسير الخطأ من سَن بمعنى من ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة سنقول الآن ندع مناقشتكم في اللفظ في التعبير من ابتدع لأنني قلت في بعض المحاضرات في مثل هذا البحث لو أن عربياً بل أعجمياً مثلي استعرب وقال بمثل تلك المناسبة التي قال الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك الجملة لو قال أعجميُ قد استعرب من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة لا شك سيقال في حقة لقد غلبت عليه العُجمة لأنه ليست هناك بدعة ليصوغ له أن يقول من ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة ًفكيف يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بحقٍ أفصح من نطق بالضاد فكيف يُنسب له أنه قال بمناسبة هذا الرجل الأول وإتيانه بالصدقة قال عليه السلام ما معناه عندهم من ابتدع في الإسلام بدعة ًحسنةً فأين البدعة في هذه الحادثة عارٌ على الأعجمي المُستعرب أن يقول مثل هذا المعنى بمثل هذه المناسبة فكيف يُنسب هذا المعنى إلى أفصح من نطق بالضاد صلى الله عليه وآله وسلم فنعود ونقول إذا كان الحُسن والقُبح لا يعرف إلا بطريق الشرع فحينئذٍ إذا سلموا معنا ولا شك أن الذين ينتمون إلى هذه الُسُنة هم معنا في هذه الجزئية على الأقل وهي أن التحسين والتقبيح العقليين باطلٌ وأن التحسين والتقبيح إنما هو بالنقل عن الشرع حينئذٍ سنقول كلما جئتم ببدعةٍ وزعمتم بأنها حسنةُ قلنا لكم هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين فإن نهض بُرهانُهم على إثبات ما ادعوه من حُسن تلك البدعة سلمنا لهم لا لأنها بدعةُ داخلةٌ في عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، وإنما لأنه قام الدليل الشرعي على أن ذلك الأمر الذي حسّنوه هو أمر مشروع فنحن في هذه الحالة نكون قد اتبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته العامة التي كان يشير إليها قبيل قوله ( كل بدعة ضلالة ) حيث كان يقول ( وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإياكم ومحدثات الأمور ) إلى آخر الحديث كذلك نقول في تمام الحديث ( ومن سَن في الإسلام سُنةً سيئةً ) من عجائب هؤلاء المبتدعة في أخر الزمان أنهم حين يستحسنون أمراً حادثاً يلجأون إلى عقلهم وهم بذلك ينقضون نفسهم أن التحسين لله وليس لعباد الله كذلك على العكس من ذلك حينما يقولون لبعض المحدثات من الأمور بأنها من البدع ويُحذرون الناس منها وبخاصة إذا كان هؤلاء الناس من أهل السنة الذين يحرصون على أن لا يزيدوا على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً أن يزيدوا شيئاَ على ما جاء به الرسول عليه السلام من العبادات يقول هؤلاء الذين لم يحسنوا فهم هذا الحديث أنت بتقول أنه الزيادة الفلانية مثلاً بدعة شو فيها يا أخي ما هو مثلاً إلا الذكر وإلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تركوا أصلهم من القول أن التحسين والتقبيح لله وصاروا مُعتزلة بحيث أنهم حكموا عقلهم بقولهم شو فيها يا أخي ثم يعودون ليقولوا يا أخي ها الساعة التي تحملها والسيارة التي تركبها هذه أيضاً من البدع فكيف تقر هذا وتنكر ذاك هذه غفلة خطيرة وخطيرة جداً أولاً كما نحن فيه من بيان معنى الحديث الصحيح : ( من سَن في الإسلام سنة حسنة ) دل الإسلام على حُسنها ( ومن سَن في الإسلام سنة سيئة ) دل الإسلام على أنها سيئة فهل مثلاً استعمال الساعة أو سيارة أو كل هذه الوسائل الحديثة اليوم التي أقل ما يقال أنه يمكن استعمالها فيما يباح فضلاً أنه يمكن استعمالها فيما يشرع هل هذه الوسائل التي حدثت هل يمكن أن تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هذا في الواقع يتطلب منا وقفة قد تطول من أجل درء أو دفع هذه الشبهة وهي أن بعض المحدثات قد تكون من الواجبات على الرغم من كونها محدثات لم تكن من قبل ولكننا لا نقول مع حدوثها بأنها بدعةٌ لأن البدعة مذمومةٌ ذماً عاماً في الحديث الذي ذكرناه في مَطلع هذه الكلمة وفي غيره من الأحاديث الصحيحة فلتمييز ما يشرع مما حدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ليس من البدعة بسبيل وبين ما حدث بعده عليه الصلاة والسلام وهو كما قال ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، أأجل ذلك في مناسبة أخرى إن شاء الله لأني أرى أن بعض الأشبال قد بدأ النوم يداعبها ولذلك أقول فناظرةٌ إلى ميسرة والسلام عليكم .
السائل : جئت من باكستان وأريد أن أسألكم سؤال ما الفرق بين حكومة المرأة وبين حكومة العبد بعض العلماء يقولون يعني لا فرق بين حكومة المرأة وبين حكومة العبد ؟ يعني أن تتولى المرأة الحكومة ؟ أو هي تتولى العبد لا فرق بينهم وما رأيكم في هذه المسألة .
الشيخ : هذا سؤال شرعي وسياسي وهو من مواضيع الساعة فعلاً وبخاصة في بعض البلاد الإسلامية التي تحكمها امرأة قبل الجواب عن هذا السؤال ... ما الفرق بين أن يحكم الرجال رجل منهم أو أن يحكمهم امرأه منهم ؟ يعني مسلمة ... عبد يعني رقيق ؟
السائل : نعم رقيق .
الشيخ : هذا ليس له علاقة اليوم العلاقة والمشكلة امرأة ورجل وين هم العبيد اليوم .
السائل : بعض العلماء يقولون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أُمر عليكم عبدٌ حبشيٌ يقودكم إلى كتاب الله وسنة رسوله فاتبعوه ) هذه المسألة يا أستاذ .
الشيخ : فهمت الآن سؤالك لكن ما علاقة هذا السؤال بأوضاعنا الحاضرة ؟ هل هناك أحرار وعبيد ؟
السائل : يقولون يعني إذا سُلطت عليكم مرأة يعني لا بأس وكذلك العبد ؟
الشيخ : طيب إذن وضّح أخانا هذا سؤاله فسأجيب عنه بعد أن نهدم الأصل الذي أقاموه عليه . إن حُكم المرأة في الإسلام مردود بأمرين اثنين ، الأول : يرد بعمل المسلمين طيلة هذه القرون الطويلة التي كان على المسلمين حكام كثيرون منهم من يطبق الإسلام تمامًا كالخلفاء الراشدين ومنهم من يكون قريباً من ذلك وهكذا درجات أي إن على مرّ هذه السنين قد كان الإسلام يحكم ولو أنه كان بعضهم أحياناً ينحرف كثيراً أو قليلاً عن الحكم بالإسلام في بعض الجزئيات ولكن والحمد لله لم يقع في هذه القرون الطويلة أن إمرأةً حكمت المسلمين كما هو الشائع في بعض بلاد الكفار كالإنجليز ومن قلدهم أو تشبه بهم فجريان عمل المسلمين على عدم تولية المرأة الخلافة وما كان قريباً منها هو الدليل القاطع لمن كان يؤمن بمثل قواه تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) ، الشاهد من هذه الآية كما تعرضنا بشيء من التفصيل في جلسة سابقة إنما هو قوله تعالى (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) ما اقتصر رب العامين على قوله في هذه الآية (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ... نوله ما تولى )) وإنما عطف على مشاققة الرسول (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فما الحكمة من هذه الجملة المعطوفة على ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين الحكمة أن المؤمنين هم الذين ينقلون المنهج الذي سار عليه المسلمون الأولون من أجل ذلك جاءت الأحاديث تترى تأمرنا باتباع السلف الأول ومن أجل ذلك كما قلنا في محاضرة سبقت نحن ننتمي إلى السلف الصالح وأحدنا يقول عن نفسه أنه سلفي ويرجو أن يكون كذلك لأن قولنا سلفيٌ كقولنا مؤمن لكن هناك فرق كبير بين من يقول مؤمن فهذه الكلمة في العصر الحاضر تشمل الثلاث والسبعين فرقة تشمل حتى القديانية الذين خربوا عقيدة كثير من المسلمين وبخاصة هناك في الهند والباكستان حيث أنهم أدعوا أن النبوة لم تنتهي بعد وأنه أتى نبيٌ عندهم زعما وأنه سيأتي من بعده أنبياء آخرون وكلامهم صحيح بضميمة أنبياء كذبة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول ولا نبي بعدي )، الشاهد السلف نقلوا إلينا ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من بيانه للكتاب وللسنة القولية فتلقى الخلف ذلك عن السلف فصار طريقاً للمسلمين فحينما لم نجد في كل هذه القرون وبخاصة الثلاثة المشهود لها بالخيرية إمرأة تولت حكماً فذلك دليل على أن سبيل المؤمنين أن لا يتولاهم امرأة هذا هو الدليل الأول وهو دليل قويٌ جداً جداً لمن يفقه ويَعِي هذه الآية ودلالتها ويتبع غير سبيل المؤمنين لقد وصل اهتمام بعض العلماء إلى تقديم السنة العملية التي جرى عليها المسلمون على أقواله عليه الصلاة والسلام ذلك لأن الأولى قد يحتمل أكثر من وجه من التفسير أما الناحية العملية فلا يمكن أن يحمل إلا على وجه واحد قل مثلاً قوله تعالى :(( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )) فلو أن رجلاً جاء إلى هذا النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فأتى برأي جديد فأقطعوا أيدهما لا سمح الله من المنكب بماذا نُحاججه هذه يدٌ أو قال من عند المرفق أيضاً هذه يدٌ الجواب السنة العملية التي جرى عليها الرسول علية السلام وتبعه على ذلك أصحابه هذه هي الُحجة القاطعة في تحديد المراد من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وهذه قاعدة هامة جداً فأرجو أن تكون منكم على بال وعلى ذكر هذا هو الدليل الأول .
الدليل الثاني: أن الله عز وجل قد قدر بحكمته البالغة أن نصب العجم أهل فارس بعد وفاة ملكهم امرأةً فلما أُخبر النبيى صلى الله عليه وآله وسلم قال :( ما أفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة )، والحقيقة يا إخواننا لو أن المسلم تأمل في هذا الحديث وحده لوجده كافياً ليصد المسلمين لو كانوا مؤمنين حقاً عن أن يولوا عليهم امرأة لأن معنى ذلك بلسان الحال والأمر كما يقول العلماء لسان الحال أنطق من لسان المقال أن القضية انعكست في تلك البلاد فصارت النساء رجالاً والرجال نساءً لأنهم لم يجدوا من يتولى أمرهم ويُدير شؤنهم حسب شريعة الله عز وجل إلا امرأة لا شك أن هذا الواقع وحده يكفي أن هؤلاء القوم لا يفلحون فكيف وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه العبارة الصريحة :( ما أفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة ) إذا ثبت وهو ثابت إن شاء الله يقيناً أنه لا يجوز في الإسلام المتوارث عملياً ولا في الإسلام المؤيد هذا العمل بقوله عليه السلام أن يتولاهم امرأة إذا ثبت هذا يكون بذلك مقدمةً للجواب عن قلب بعض الناس الحقيقة وهي قولهم أن النبي صلى الله عليه و آله وسلم أجاز أن يتولى أمر المسلمين رجل أعجمي حبشي فنحن نجيب عن هذا بما قاله أهل العلم جمعاً بين الحديث الذي يتكؤون عليه وبين الحديث الذي لا يعرجون عليه مطلقاً وهم بذلك يحشرون أنفسهم في زمرة أهل الأهواء الذين يأخذون من الإسلام ما يوافق أهواءهم ويدعون منه ما يخالف أهواءهم نحن نقول لقد قال عليه الصلاة والسلام كما تواتر ذلك بشهادة أمير المؤمنين أحمد بن حجر العسقلاني قال إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( الأئمة من قريش ) هذا حديث صحيح وليس فقط صحيحاً بل وهو متواتر أيضاً بشهادة أمير المؤمنين في زمنه وبعد زمانه أيضاً فيما نعلم إذن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم يضع في هذا الحديث شرطاً للحاكم الذي يريد أن يحكم المسلمين وهو أن يكون قرشياً، وأنا أعلم أن بعض ذوي الأهواء قديماً وحديثاً يتأولون هذا الحديث بما ذكره أحد المؤرخين قديماً أن ذلك كان لأن قريشاً كانت لهم صوله وكانت لهم قوة ومكانة ومنزلة في العرب حيث كانوا يخضعون لهم وراثةً وإجلالً وتقريراً لهم وعلى هذا جاء قوله عليه السلام : ( الأئمة من قريش ) أما بعد أن تفككت هذه الرابطة القبلية العربية بين قبيلة قريش وسائر القبائل لم يبق هناك مجال للاستمرار بتحكيم هذا الحديث لأنه قيل في زعمهم للسبب المذكور أنفاً وردنا طبعاً لعلماءنا على هذا التأويل الذي هو أشبه بالتعطيل في موضوع آيات الصفات وأحاديث الصفات ردنا على هذا التأويل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان ) إذن تأويلهم الحديث الأول بأنها كانت على تعبيرهم في العصر الأول شريعة زمنية يُبطل هذا التأويل هذا الحديث الصحيح إذا عرفنا هذه الحقيقة ومجال الكلام في هذه المسألة واسع جداً نظرا لظروفنا الحاضرة لكن لابد من ربط أيضاً هذه المقدمة للإجابة عن الشبهة التي ذكرها الأخ الفاضل آنفاً لقد جاء في السنن ومسند أحمد ومن طرق يقوي بعضها بَعضاً عن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطبهم يوماً فقالوا يا رسول الله أوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدها أبداً قال عليه السلام :( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وُلي عليكم عبدٌ حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى إختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عَضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل مُحدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة ) ، وزاد في روايهة وهي صحيحة في غير هذا الحديث ( وكل ضلالةٍ في النار ) إذن قوله عليه السلام ( وإن وُلّي عليكم عبدٌ حبشي ) وله شواهد بعضها في صحيح مسلم لا يعني وإن وُلي عليكم من ناس لا يُحكمون شريعة الله وإنما وُلّي عليكم من حاكم يحكم بما أنزل الله لأنّ هذا الحاكم قد عرفنا مما سبق أنه يشترط فيه أن يكون عربياً قُرشياً فهذا إذا ولى عبداً حبشياً على ولايةٍ ما ُوجب إطاعته لا لأنه عبدٌ حبشي وإنما لأنه ولاه مسلم قُرشي له حق الولاية وعلى هذا أيضاً جرى عمل المسلمين ولهذا نحن أمام قضيتين اثنتين لا تنافر ولا تعارض بينهما القضية الأولى الولاية الكبرى جرى المسلمون على أن يشترط فيها على أن يكون عربياً قُرشياً الولاية الصغرى لا يشترط فيها أن يكون قُرشياً على هذا أيضاً جرى عمل المسلمين وإذا عرفنا هذه الحقيقة تم الاستدلال الصحيح على رد دعوى من يتخذ حديث ( وإن كان عبداً حبشياً ) دليلاً على أنه يجوز تولية المرأة لأننا سنقول إن كان عبداً حبشياً فهو أولى بالولاية التي تليق به على التفصيل السابق ذكره أولى من المرأة القرشية لأن المرأة القرشية ليس لها ولاية بحكم ما سبق آنفاً فبذلك ينتهي ما عندي من الجواب عن ذاك السؤال .
السائل : قررت السنة أنه من رمى حَل له كل شيءٍ إلا النساء حتى يطوف طواف الإفاضة من بدأ أعمال هذا اليوم بطواف الإفاضة هل يحل له كل شيءولا لابد أن يجتمع الرَمي ؟
الشيخ : لا يَحل له أي شيء نعم .
السائل : حتى يرمى جمرة العقبة إذن لابد من اجتماع هذين ؟
الشيخ : أي نعم لابد من إجتماع الأمرين ليَحِل الحِل الأكبر فإذا بدأ برمي الجمرة حَل له الأصغر فإذا طاف حَل له الحِل الأكبر .
السائل : حديث ( لا يصلينّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة )الكلام فيه كثير يعني يستدل به بعض المبتدعة لما يريدون ويستدل به البعض فنريد الفهم الصحيح ؟
الشيخ : هنا سؤال يقول وهو أيضاً من مشاكل الساعة ومن بعض الجماعات هذه الجماعة أو تلك ممن يريدون تسليك الواقع السيء الذي عليه المسلمون مع الأسف الشديد ولا يريدون في الأرض إصلاحا وإنما يريدون أن يدعوا القديم على قدمه ولا يريدون أن يحيوا السنة التي أماتها الناس بسبب جهلهم أو بسبب إهمالهم ولا يريدون أن يدخلوا تحت عموم الحديث السابق بعد فهمه فهماً صحيحاً ( مَن سَن في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) الحديث ، أقول يتشبث كثير من الناس وفيهم بعض الدعاة على إبقاء الخلافات التي توارثناها اليوم طيلة هذه القرون الطويلة وهذه الخلافات ليتها وقفت عند ما يسمونها خطأ أقول وأعني ما أقول ليت هذه الخلافات وقفت عندما يسمونها فروعاً ولكنها مع الأسف تجاوزتها إلى ما يسمونها أيضاً أصولاً وأعني أنا بقولي يسمونها فروعاً ويسمونها أصولاً أن هذه بدعة عصرية دخلت في المسلمين وجعلت الشريعة عندهم قسمين قسمٌ يجب الاهتمام به وقسمٌ لا يجب الاهتمام به من فعل ذلك فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن آفة أو ومن شؤم إن صح هذا التعبير التقسيم المذكور أن هؤلاء الذين ذهبوا إليه سوف لا يفعلون لا بما سموه بالأصول ولا بالفروع وإنما يعود دينهم هوىً ذلك لأن تقسيم الإسلام إلى أصول وفروع أولاً يحتاج إلى علم واسع بالكتاب والسنة وهذا كما ترون مع الأسف الشديد أهله في هذا العصر قليل وقليل جداً لأن أكثر من يُظن أنهم من أهل العلم إنما هم أهل علمٍ بالمذهب أو بالمذاهب أما القرآن والسنة والسنة الصحيحة بخاصة فقليل جداً من علماء العصر الحاضر من يتصفون بهذا العلم الصحيح أقول لتقسيم أو لتحقيق الإسلام وجعله قسمين أصولاً وفروعاً يحتاج إلى هذا العلم الواسع بالكتاب والسنة، وثانياً هل يمكن للمسلمين لو اجتمعوا على صعيد واحد وفي مكان واحد كل أهل العلم وأهل العلم بحق لو اجتمعوا على صعيد واحد هل يمكنهم أن يجعلوا الإسلام قسمين أصولاً يتفقون عليها وفروعاً يتفقون عليها أم سيبقى هناك بعض المسائل ممكن بعضهم يدخلها في القسم الأول وبعضهم يدخلها في القسم الآخر فحينئذٍ ما حال عامة المسلمين إذا كان أهل العلم يختلفون وهو كما ترون حتى الآن صدق الله العظيم (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم )) فإذن الخلاف من طبيعة البشر فلو اجتمعوا في صعيد واحد وأرادوا أن يبينوا للناس ما يجوز أن يكون من القسم الأول وما يجوز أن يكون من القسم الأخر لما تمكنوا من الاتفاق على ذلك بل سيظلون مختلفين لذلك فاعتقادي الجازم أنه لا يجوز التفريق بين شرع وشرع فيقال هذا أصل لا يجوز التهاون به وهذا فرع يجوز التهاون به نعم إذا كان المقصود بالفرع والأصل هو ما يقابل الفرض ويقابل السنة هذا لاشك أمر ممكن لكن ليس هذا هو المقصود المقصود هو ما يتعلق بالعقيدة وما يتعلق بالعبادة وما كان متعلقا بالعقيدة وهو الأصل وهو ما يجب التمسك به وعدم الإخلال بشيء منه وما يتعلق بالعبادات فالخطب سهل وبخاصة أنهم جاءوا بمعول " من قلد عالم لقي الله سالماً " وهذا لشهرة هذه الجملة يتوهم كثيرٌ من الناس أنها حديث عن الرسول عليه السلام ولا أصل له حتى في الأحاديث الموضوعة لا أصل لهذه الجملة ... .