About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 392

الشيخ : ... العمل الصالح يشترط فيه أمران اثنان :

الأمرالأول : أن يكون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا أنفا ما يكفى حولها ، والشرط الأخر : وقد أشار ربنا عَز وجل إلى هذا الشرط والشرط الأخر وهو أن يكون العمل الصالح خالصا لوجه الله فى قوله تبارك وتعالى (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة بربه أحدا ))،  قال المفسرون فى قوله  عَز وجل (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا )) العمل الصالح ما وافق السنة ، (( ولا يشرك بعبادة بربه أحدا )) أى وليخلص لله عَز وجل وحده فى هذه العبادة التى وافق فيها السنة . فإذا اختل أحد هذين الشرطين لا يكون العمل صالحا  ، الشرط الأول : أن يكون العمل موافقا للسنة ، فإذا لم يكن كذلك كان مردودا على صاحبه ولو كان مخلصا فيه لربه  ، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) والأحاديث الدالة فى رد كل العبادات التى حدثت من بعده مما له صلة بالتدين وبالتقرب إلى الله عَزّ وجل الأحاديث الدالة على ذلك كثيرة وكثيرة جدا فحسبنا الآن هذا الحديث وهو مما اتفق على إخراجه الشيخان فى صحيحيهما ، وهما من أصح الكتب التى تهتم برواية الحديث عن الرسول ، فهما بحق أصح الكتب بعد كتاب الله تبارك وتعالى ولا صحيح من بعدهما فى مرتبتهما مهما جادل المجادلون فى ذلك ، هذان الصحيحان قد رويا قوله عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أى مردود على صاحبه مضروب به وجهه لا يرفع إلى الله تبارك وتعالى لأنه ليس على السنة ، وبالتالى ليس عملا صالحا ، هذا هو الشرط الاول فى أن يكون العمل صالحا مقبولا عند الله عَز وجل .

والشرط الآخر : أن يكون خالصا لوجه الله تبارك وتعالى كما قال عَزّ وجل   (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ))  قد جاءت أحاديث كثيرة وصحيحة تؤكد وجوب الإخلاص فى العبادة لله ، وإلا كان العمل باطلا مردودا على صاحبه  ولا أهم أريد أن أطيل

الشيخ : ... ولا أهم من بين تلك الأحاديث من حديث أبي هريرة الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عنه رضي الله تعالى قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة :عالم ومجاهد وغنى ، قال عليه السلام : يؤتى بالعالم يوم القيامة فيقال له ماذا عملت فيما علمت ؟ فيقول : يا ربى نشرته فى سبيلك ، فيقال له : كذبت إنما علمت ليقول الناس فلان عالم وقد قيل خذوا به الى النار " والعياذ بالله " ، يؤتى بالمجاهد فيقال له ماذا عملت فيما أنعم الله من قوة ؟ فيقول : يا ربى قاتلت في سبيلك ، فيقال له : كذبت إنما قاتلت ليقول الناس فلان مجاهد ، ... خذوا به إلى النار ، يؤتى بالغنى فيقال له ماذا فعلت فيما أنعم الله عليك من مال ؟ فيقول : يا ربى أنفقته فى سبيلك ، فيقال له : كذبت إنما فعلت ليقول الناس فلان كريم  ... ) وفى كلٍ من هؤلاء الثلاثة يقال لكل واحد منهم ( وقد قيل ) ، يقال للعالم أنت نشرت العلم ليقول الناس فلان عالم وقد حصلت على أجرك ، فصار الناس يقولون فلان عالم ما مثله فى العلماء ، ( قد قيل ) أي حصلت أجرك عاجلا فخذ أجرك أجلا ألا وهو النار ، ليته نجا برأس ماله لا له ولا عليه ، لكن كان عاقبة أمره النار ، ذلك لأنه اتخذ العلم وسيلة للدنيا فلم يتق الله فيه ولا قصد به وجه الله ، فألقى به فى النار كذلك يقال للغنى وللمجاهد ، قد قيل للمجاهد إنك قصدت أن يقال فلان بطل ( وقد قيل ) ، كذلك الغنى قصدت أن يقال فلان كريم ( وقد قيل ) فيؤخذ بهم إلى النار جميعا ، فهؤلاء الثلاثة يقول الرسول عليه السلام ( هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ) ، مع أن المفروض أن يكون هؤلاء من السابقين الأولين دخولا الجنة ، وبخاصة أهل العلم الذين قال الله عَزّ وجل فيهم (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين آتوتوا العلم درجات )) ‏فحينما أخلوا بهذا الشرط الثانى وهو الإخلاص فى العبادة لله فى الجهاد فى العلم فى الزكاة  انقلبت عبادتهم عليهم وزرا وعذابا ، لذلك فمن شرط العمل الصالح أن يكون أولا: مطابقا للسنة ، وثانيا : خالصا لوجه الله تبارك وتعالى، حينما تعود الأمة الإسلامية هكذا فى علمها وفى عملها فى علمها على الكتاب والسنة حسب التفصيل السابق ، وفى عملها حسب التفصيل السابق ،اقتداء بسنته وإخلاصا لرب الأنام يومئذ تستأنف الحياة الإسلامية مسيرتها ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله كما قال عليه الصلاة والسلام وبه أختم هذه الكلمة ( بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة أو الرفعة بالتمكين في الأرض ، ومن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب ) والحمد لله رب العالمين .

السائل : جزى الله الشيخ خير الجزاء على ما ذكره فى هذه الموعظة النافعة ، والتي بين فيها الأصل العظيم الذى ينبغى أن يتبعه المسلمون جميعا إذا أرادوا النجاة فى الدنيا من الاختلاف ، وفي الآخرة من عذاب الله ويفوزوا بالجنة ، ولا شك أن ما ذكره الشيخ أهم بكثير من كثير من الأسئلة التى يترقبها كثير من الذين كتبوها ، فإن معرفة الأصول أهم بكثير من معرفة الفروع ، ومع ذلك فلابد من ذكر هذه الأسئلة للشيخ وطرحها عليه ، إلا أننا نعتذر للإخوة على أن الأسئلة كثيرة جدا ، ومنها ما هو متعلق بنفس الموضوع الذى ذكره الشيخ ، ومنها ماهو متعلق بالمناسك ، وهذان النوعان من الأسئلة سوف يقدمان على غيرهما لضرورة الحال ، أما بقية الأسئلة فإذا وجد لهذا وقت فلا بأس والذي سيحدد ذلك هو الشيخ نفسه .

السائل : أما السؤال الأول الذى سوف نفتتح به هذه الأسئلة فهو السؤال الأول الذى سؤله للشيخ ، والشيخ سيجيب إن شاء الله ؟

الشيخ : يجب على طلاب العلم جميعا إذا أرادوا التفقة فعلا في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنهج الذى سبق منا بيانه يجب أن يتوسعوا فى معرفة أصلين اثنين من أصول علوم الشريعة ، أما الأصل الأول فهو المعروف عند الفقهاء بأصول الفقه ، أما الأصل الآخر فهو المعروف بأصول علم الحديث ، ولا يتمكن طالب العلم من أن يكون فعلا طالب علم ، أو أن يصير ويترقي فى درجات هذا العلم حتى يصبح عالما يلجأ الناس إليه لحل مشاكلهم إلا إذا اعتمد على هذين الأصلين :أصول علم الفقة وأصول علم الحديث لأنه بهما يتمكن من معرفة الحق من الخطأ ، والهدى من الضلال ، من هذه القواعد الفقهية الأصولية قول العلماء : " إذا تعارض نصان أحدهما يبيح شيئا والآخر ينهى عنه " والمقصود بالنصين هو لا شك هو القرآن والسنة ولا ثالث لهما إلا كما ذكرنا استعانة على فهمهما ، فإذا جاء نصان حديثان مختلفان فكيف التوفيق بينهما ؟ وجوه التوفيق كثير وكثيرة جدا ، مجملة فى بعض كتب الحديث ، وقد أشار إليها الحافظ العراقى فى شرحه لمقدمة علوم الحديث لابن الصلاح إلى أكثر من مائة وجه ، مائة وجه بوجه من هذه الوجوه أو بأكثر يمكن التوفيق بين حديثين مختلفين ، أو بين آية وحديث ، من هذه الوجوه التى تتعلق بالجواب عن السؤال الأول الذى كان أن هناك حديثا فى صحيح ابن ماجه أن النبى نهى عن وضع خاتم فى الخنصر ، وأن النبى صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه وضع ذلك ، للإجابة عن هذا الإشكال كيف ينهى وكيف يفعل ؟ تأتى هذه القاعدة الهامة "إذا تعارض حاظر من الحظر أي مانع ومبيح قدم الحاضر على المبيح " ، وبهذه القاعدة تزول إشكالات وكثيرة جدا ، بعض الناس يتنبه لها فيكون الصواب بجانبه ، والبعض الآخر لا يتنبه فيقع فى الخطأ أو في التأويل الذى يلزم منه كثير أو قليل من التعطيل ، مثلا نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائما وشرب قائما ، قال ( الفخذ عورة ) وحصر عن فخذه ، نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتزوج بأكثر من أربع وتزوج هو عليه الصلاة والسلام بأكثر من أربع . كيف التوفيق ؟ القاعدة : " إذا تعارض الحاظر والمبيح قدم الحاظر على المبيح "  والآن نهى أن يتختم في الخنصر ، النهى هو المقدم ، أما هو تختم  وأنا أذكر هذا وأقول تحفظا حسب ما جاء فى السؤال لأني لا أستحضره لكن اذا وجد الحديث هكذا أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم تختم بالصورة التى نهى فحينئذ لا إشكال ، لأن النهي مقدم على الفعل ، لماذا يقدم النهي على الفعل ؟ بل هناك قاعدة ثانية هي أوسع من القاعدة الأولى ، القاعدة الأولى تقول: " إذا تعارض حاظر والمبيح قُدم الحاظر على المبيح" ، القاعدة الثانية تقول : " إذا تعارض القول والفعل قُدم القول على الفعل "، سواء كان حاظرا أو أمرا أو غير ذلك . فحينئذ الجمع بين الحديثين المختلفين المتعلقين بالتختم وهو أن نقدم نهيه عليه السلام لأنه أولا حاظر وثانيا لأنه قول والقول مقدم على الفعل ، لماذا ذهب العلماء إلى تقديم القول على الفعل بعامة ؟ وتقديم الحاظر على المبيح بخاصة ؟  أما فيما يتعلق بتقديم القول على الفعل لأن القول تشريع عام لجميع المسلمين ، أما فعله عليه الصلاة والسلام فلأنه يحتمل أمرا من ثلاث أمور ، الأمر الأول أن يكون على الأصل ، والأصل هو الإباحة الأصل هو براءة الذمة ، بينما تأتى بعد ذلك أحكام جديدة، ويمكن أن يكون فعله صلى الله عليه وآله وسلم لحاجة أو ضرورة ، فمن أجل ذلك لا يترك قوله عليه السلام، ويمكن أخيراً أن يكون من الأمور الخاصة به صلى الله عليه وآله وسلم التى لا يشاركه فيها أحد من المسلمين . أما تقديم الحاضر على المبيح فذلك أولى لأنه أولا قول ، وثانيا أنه حاضر والأصل فى الأشياء الإباحة ، فإذا فعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم  فعلا ولم يكن من خصوصياته ، ولم يكن هناك ضرورة أو حاجة ألحت عليه به ، حينئذ يقال كان هذا في الأمر الأول قبل أن يأتي التشريع الجديد ، فمن أجل هاتين القاعدتين " الحاظر مقُدم على المبيح"  و " القول مقُدم على الفعل"  لا تتعارض الأدلة عند طلاب العلم فى مثل الأمثلة التى ذكرناها آنفا ، وهي كثيرة وكثيرة جدا .

الشيخ : نعم ، ارفع صوتك .

السائل : أنه مثلا فيما ذكرت من التعارض في حديث الشرب قائما وفعله  صلى الله عليه وآله وسلم يقول النووي نذكر الصواب فى المسألة وهو أن نهيه صلى الله عليه وسلم يدل على كراهة التنزية، وأن فعله عليه الصلاة والسلام والأمر بالاستقاء كما هو للاستحباب فلا إشكال ولا تعارض فلا إشكال ولا تعارض ؟

الشيخ : ما سمعت كلامك الأخير أما الأول مفهوم كله ؟

السائل : إذا جاء نص حاظر مانع وجاء نص مبيح عن النبى صلى الله عليه وسلم ؟ فإن النص المبيح وأن فعله عليه الصلاة والسلام يخفف من حرمة هذا الشيء فينتقل مثلا من التحريم إلى الكراهة التنزيهية  ، أو ينتقل من الوجوب الى الاستحباب إذا كان النبى عليه الصلاة والسلام ترك هذا الشيء الذى أمر به ؟

الشيخ : فهمت عليك والجواب سبق ضمنا فيما قلت آنفا ، وهو أن بعض العلماء يتأولون بعض النصوص للتوفيق بين الحاظر والمبيح ، فيقعون فى شيء من التأويل الذي لا يجوز ، والآن لابد من تفصيل القول على هذا الإيجاز بعد أن جاء هذا السؤال .أولا : يمكن أن يُسار إلى مثل هذا التأويل فيما إن ثبت لدينا أن شربه صلى الله عليه وآله وسلم َ كان بعد النهى ، وأظن أن لا أحد يستطيع أن يثبت لنا أن فعله وشربه قائما  كان بعد نهيه صلى الله عليه وآله وسلم هذا أولا ، وثانيا : وأن ذلك لم يكن لحاجة أو ضرورة ، ولا أقول و ثالثا : أن ذلك ليس خصوصية له ، لكن أقول : لا يمكن إثبات أن شربه قائما كان بعد النهى ولغير حاجة منه ، هذا لايمكن إثباته ، يعنى شيئين هنا التأخر أي تأخر الفعل عن النهى ، ومع التأخر فَعله لغير حاجة ، لو توفر هذا الشرطان : تأخر الفعل المخالف للنهي، ومع التأخر كان لا لعذر حينئذاك يصح هذا التأويل ، أما ومن كان عنده علم فليتفضل به لا سبيل فى اعتقادى إلى إثبات هذين الأمرين وأرجو الانتباه لما أقول حتى لا يفاجئني أحد فيقول مثلا شرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من زمزم وهو قائم ، وهذا المفروض في آخر حياته ، فأنا أقول شرطان اثنان أن يتأخر الفعل وأن يثبت أن هذا الفعل كان لا لحاجة فضلا على أنه كان لغير ضرورة ، شيء ثاني وهو مهم جدا : هذا التأويل يستساغ فيما لو كان هناك فقط نهي ، أما وهناك أشياء أخرى تحول بيننا وبين المصير إلى مثل هذا التأويل بالرغم أن بيننا وبينه ما ذكرت آنفا من الجهل بتأخر الفعل ، وأنه فعل لغير حاجة ، واضح إلى هنا ؟ طيب ، أما هذا الشىء  يمكن لكل فقية أن يتأول نهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن شىء ما بأنه للتنزيه وليس للتحريم بشبهة من تلك الشبة ، لكن إذا وقف أمامه نص يحول بينه وبين التأويل المذكور فحينئذ سيضطر أن يقف معنا فيما ذكرنا من الوقوف مع الحاظر وترك النص المبيح لسبب من الأسباب الثلاثة ، مثلا عندنا حديث مسلم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائما ممكن تأويله أن النهى للتنزيه،  ولكن ماذا نقول فى رواية الأخرى وهي في صحيح مسلم وهي( زجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الشرب قائما) ، وأنا أدري وأعلم أن العلماء يتأولون النهي تارة للتحريم وتارة للتنزيه ، ولكني لا أعلم أنهم يستطيعون فضلا عن أني لا أعلم أنهم فعلوا فتأولوا الزجر بمثل ما تأولوا النهي ، لأن فيما أفهم أن الزجر أبلغ من النهي ، فالزجر عن الشيء هو مبالغة فى النهي ، فإذا كان الزجر قد جاء في الرواية الصحيحة عن الشرب قائما حال هذا اللفظ بينهم وبين تأويل النص إنه للكراهة التنزيهية ، لأن الكراهة التنزيهية قد ينهى عنها ولكن لا يزجر عنها ، شيء ثان وأخير لقد جاء فى مسند الإمام أحمد وغيره أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم  رأى رجلا يشرب قائما فقال له : يا فلان ، ( أيسرك أن يشرب معك الهر ؟ ) قال : لا يا رسول الله ، قال : ( فقد شرب معك من هو شر منه الشيطان ) هذه قرينة أن هذا من عمل الشيطان ، والمتبادر من مثل هذا النص والحالة هذه أنه لا يمكن تفسير هذا التعبير لأنه للكراهة التنزيهية ، ثم يأتى أخيرا تمام الحديث فيقول الرسول عليه السلام كما قال أبي هريرة لهذا أو لغيره ( قـه،  قـه ) أي افرغ أخرج هذا الماء الذى شربته قائما ، لأن الشيطان شاركك فيه، فهل أيضا يقال لهذا الأمر الثقيل على الطباع إنه أيضا للكراهة التنزيهية ؟ هذا ما أستبعده جدا ، ولذلك ذهب إلى التصريح بأن هذا النهي الوارد فى الأحاديث الكثيرة عن الشرب قائما بعض علماء الحنفية الذين هم من أوسع الناس فى تأويل النهي إلى الكراهة فقال أن هذا الحديث يدل على تحريم الشرب قائما ، هذا لغير المعذور ، وعلى ذلك يحمل ما جاء في بعض الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه شرب قائما أنه كان معذورا ، أو أنه كان قبل النهى لأن الأصل هو براءة الذمة كما قلنا ، والأصل فى الأشياء الإباحة ، والشريعة لم تأت طفرة واحدة ، بل الخمرة المحرمة بإجماع الأمة تعلمون جميعا الأدوار التي دارت فى تحريمها ، فما بالكم فى الشرب قائما ، ! هل كان من أول الواجبات على النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن ينهى الناس عن الشرب قائما ؟؟ لا ، أنا اعتقد أن هذا ما جاء غير فى الآزمنة المتأخرة ، أي فى العهد المدنى ، لأنها ليست من الأمور المتعلقة بالعقيدة والتوحيد . هذا جواب ما سألت من ذهاب بعض العلماء إلى تأويل النهي للكراهة ، فيحول بينهم وبين هذا التأويل أمران اثنان باختصار :

الأمر الأول : أننا لا نعلم أن الفعل كان بعد النهى والزجر ، وبعد قوله عليه السلام لمن شرب قائما ( قه )

وثانيا : أن بعض ألفاظ الحديث تحول بينهم وبين تأويل النهي للتنزيه .غيره .

السائل : السؤال الثاني يقول السائل هل هذه الأفعال من النسك أولا : النزول في نمرة ثم عرنة ؟ وما حكم دخول عرفة قبل الزوال ؟ هذه الفقرة الأولى .

الشيخ : نعم نقف عند هذه الفقرة ، الذي نراه أن النزول في نمرة ثم في عرنة أنما كان تهيئا للوقوف في عرفة .والوقوف فى عرفة  فى اعتقادى فيه حكمان الوجوب والركنية ، أما الوجوب: فهو من بعد صلاة الظهر غلى غروب الشمس ، أما الركنية: فساعة من ليل أو نهار كما جاء فى الحديث الصحيح لما جاءه رجل عليه الصلاة والسلام وهو في المزدلفة ،فقال له بعد أن فهم منه أنه قطع مسافات طويلة ، وأنه أدرك النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى جمع في المزدلفة  قال له صلى الله عليه وآله وسلم  ( من صلى صلاتنا هذه في جمع ، ثم كان قد وقف  على عرفة  ساعة من ليل أو نهار،  فقد قضى تفثه و تم حجه ) ،  فالوقوف فى عرفة ساعة من ليل أو نهار هو الركن ، أما الوقوف من بعد صلاة الظهر فى مسجد نمرة إلى غروب الشمس فهذا هو الواجب الذي ينبغى على كل مسلم أن يحرص عليه ما استطاع إلى ذلك سبيلا تجاوبا منه مع قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم ( خذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا! ) أو ( بعد عامكم هذا ) ، ولذلك فقوله عليه السلام فى هذا الحديث ( خذوا عني مناسككم ) هو كقوله ع فى الصلاة ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، فكل ما ثبت من أفعال النبى صلى الله عليه وآله وسلم في الحج و في الصلاة فالأصل فيه الوجوب إلا ما دلت القرينة على أنه ليس للوجوب وإنما هو للسّنية .

وعلى ذلك فالوقوف بعرفة هو النسك ، أما ما قبل ذلك فهو التهئ ، و فى اعتقادى أنه قد تغيرت الوسائل والأسباب اليوم وتذلل الكثير منها بما خلق الله عَزّ وجل للمسلمين فى هذا العصر من أسباب ، فلا نرى النزول فى عرنة بخاصة ، وأما أن يجتمع المسلمون لصلاة الظهر والعصر جمع تقديم فى مسجد نمرة فهذه عبادة ، وينبغى أن نقتدى فيها بالنبى  صلى الله عليه وآله وسلم  .هذا ما عندى جوابا على هذه الفقرة . نعم

السائل : أما الفقرة الثانية فعن خطبة عرفة ؟

الشيخ : هى تدخل فى عموم ما ذكرت آنفا لابد من الخطبة لأنها عبادة وطاعة وليس هناك ما يدل على أنها لاليست من الواجبات

السائل : خطبة ولا اثنين يا شيخ ؟

الشيخ : واحدة

السائل : قصر الصلاة والجمع بين الصلاتين فى عرفة ومزدلفة ؟

الشيخ : الأصل في قصر الصلاة بالنسبة للمسافرين أمر مختلف فيه بين علماء المسلمين ، ما بين قال : أن القصر واجب  وهذا هو الذى ندين الله به ، ومابين قال : بأن القصر يجوز والأفضل التمام ، وإذا كان من الثابت فى الأدلة العامة بالنسبة لكل مسافر أنه يجب عليه القصر ، فبالأولى أنه يجب عليه القصر في مناسك الحج كعرفة ومزدلفة ، والجمع يمكن أقول يمكن وأنا أعنى ما أقول يمكن أن يكون كذلك بالنسبة لكونه متعلقا بمناسك الحج ولكن ممكن لبعض الناس ألا يروا ذلك بخلاف القصر ، لأن الأدلة السابقة التى أشرنا إليها آنفا تلزمنا بالقصر فى كل سفر ومن باب أولى أن تلزمنا بالقصر في مناسك الحج التي ثبت أن النبي قصر فيها لقد جاء فى صحيح مسلم أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضى اللَّهُ تعالى عَنه لو أدركت النبى صلى الله عليه وآله وسلم  لسألته قال عمر : عما كنت تسأله ؟ قال : كنت أسأله ما بالنا نقصر وقد أمنا ؟ قال قد سألت رسول الله عن ذلك فقال صلى الله عليه وآله وسلم ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) ، يشير إلى أن قصر الصلاة فيما إذا ضرب المسلمون فى الأرض كان مشروطا بقوله تعالى (( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) من أجل هذا الشرط جاء السؤال من بعض الناس منهم عمر بن الخطاب كما فى صحيح مسلم ما بالنا يا رسول الله نقصر وقد أمنا ؟ فربنا يقول (( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) ، فأجاب بقوله : ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته )، وإذا كان الكريم تصدق على عباده المؤمنين فكيف يستنكف أحدهم عن أن يقبل صدقة رب العالمين ! هذا فيما لو لم يكن هناك ما يُلزم الأخذ بالقصر لأنه هو الأصل الذي جاء فى حديث عائشة قالت رضى اللَّهُ عَنها " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر  "، فإذن علينا أن نلتزم الأصل الذى لم يأت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلا فضلا عن أن يأتى قولا يخرجنا عنه ، و ما يروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتم وقصر ، كما أنه أفطر وصام فى رمضان فى السفر ، فهذا لا يصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم  بل قد جاء فى صحيح مسلم عن أنس رضى اللَّهُ عَنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ساعة خروجه من المدينة حتى رجع اليها ما زال يقصر  يصلى ركعتين ركعتين حتى دخل المدينة  ، هذا هديه  صلى الله عليه وآله وسلم بعامة القصر ، فمن باب أولى أن نقصر فى عرفة وفي مزدلفة ، أما الجمع فالأصل فيه أنه رخصة لكن الأولى أن نتمسك بهما خشية أن يكونا من مناسك الحج . هذا ما أدين الله به . والله أعلم . غيره

السائل : الفقرة الرابعة : النزول بالمُحصب يوم الثالث عشر  بعد الزوال ؟

الشيخ : هذا  أمر اختلف السلف فيه ، منهم من قال سنة ، ومنهم من قال لحاجة ، وهذا هو الذى نطمئن إليه إن شاء الله ، ولكل إنسان أن يفعل ما يراه صوابا . نعم .

السائل :الفقرة الخامسة: الذهاب من طريق معين ، مثلا دخوله مكة من كداء والخروج من باب حزورة وهكذا ؟ 

الشيخ : المخالفة بين الطريقين من هديه عليه السلام فمن تيسر له ذلك فهو السنة ، ومن لا فلا حرج .

السائل : سؤال آخر طوافه للحج بالصغير هل يجزئ طواف واحد على الاثنين ؟

الشيخ : إذا كان يريد أن يحجج صغيره لينال أجره ، فلا بد من أن يعمل أعمال الحج له أيضا ، حتى يكون ثوابه كاملا ، وإلا يكون ثوابه على قدر عمله .

السائل : كأنه يقصد إن كان محمولا  ممكن هو يطوف عن نفسه وعنه ؟

الشيخ : لا ، يحتاج إلى عمل خاص .

السائل : طيب .

السائل : يقول من ذبح الهدي قبل يوم النحر من المتمتعين والقارنين ؟

الشيخ : أيام منى أيام ذبح ، فلا يجوز أن يذبح الهدى إلا في هذه الأيام ، أما الكفارة أو الفدو كما يقولون ، (( ففدية من صيام أو صدقة أونسك )) ، كذلك أمر واسع أما ذبح الهدايا فهو كذبح الضحايا ، لا يجوز أن يذبح كل ذلك إلا في يوم من أيام العيد الأربعة . نعم .

السائل : حكم التكبير المقيد بعد الصلوات ، وهل يقدمه الإنسان على الأذكار المشروعة ؟ أم يبدأ بالأذكار أولا ؟

الشيخ : ليس فيما نعلم للتكبير المعتاد دبر الصلوات في أيام العيد ليس له وقت محدود كما هو في السنة ، وإنما التكبير هو من شعار هذه الأيام ، بل أعتقد ان تقيدها بدُبر الصلوات أمر حادث ، لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لذلك يكون الجواب البدهى أن تقديم الأذكار المعروفة دبر الصلوات هو السنة ، أما التكبير فيجوز له فى كل وقت .نعم .

السائل : فضيلة الشيخ : ما رأيكم فى من يخرج خلال النهار أيام التشريق خارج منى ، ولكن يرجع للمبيت فى الليل ، فهل يخل فعله هذا بشىء من مناسك الحج ؟

الشيخ : الذي أعتقده أن المسلم يجب أن يتخذ ذلك الأصل  الذى ذكرته أنفا وهو أن يفعل كل فعل فعله الرسول إلا لحاجة وإلا لدفع حرج عنه ، أما أن يتخذ المناسك أو بعضها هوى له ، فيطيب له البقاء تحت المكيفات والمبردات ، و أطايب الطعام والشراب ونحو ذلك ، فهذا ليس من سمة الحج ولا من طبيعته ، فعلينا أن نلزم منى في هذه الأيام ، وأن لا نخرج عنها إلاّ لحاجة ، وإلا فالنظام أن نبقى هنا ليلا ونهارا ، وإن كان البيات هو الأهم ، كما يشعرنا بذلك بعض الأحاديث التي تنص أن الرسول عليه السلام خرج إلى مكة فصلى بعض الصلوات ثم رجع وبات فى منى ، لكن هذا التفريق الذي عليه بعض الناس من أنه يتوسع في قضاء النهار خارج منى ، أما البيات فيكون في الليل هذا التفريق لا نعرف له أصلا في السنة ، ولذلك فالخير كله فى الاتباع .

السائل : إذا مرضت امرأة ولم تستطع المبيت فى مزدلفة وكذا زوجها لمساعدتها فما الحكم ؟

الشيخ : لم تستطع المبيت في المزدلفة ؟ نعم ، البيات في المزدلفة فيما أفهم من السنة هو كالوقوف في عرفة ، أي منه ما هو واجب وهو البيات بالمزدلفة ، ومنه ما هو ركن وهو صلاة الفجر فى المزدلفة ، فإذا كانت هذه المريضة لا تستطيع أن تبات فبحسبها أن تحتاط هي وزوجها فتصلى صلاة الفجر في المزدلفة ، فإن كان لم يتيسر لها ذلك حينئذ يأتى الحكم العام من كان يرى أن صلاة الفجر بالمزدلفة كالبيات حكمهما واحد وهو الوجوب،  فقد يكفره بدم ، ومن كان يرى أن صلاة الفجر في المزدلفة ركن كالوقوف على عرفة للحديث السابق ( من صلى صلاتنا هذه، في جمع وكان قد وقف على عرفة في ساعة من ليل أو نهار فقد قضى تفثه وتم حجه ) ، من كان يرى العمل بهذا الحديث فحينئذ حكمها وحكمه هو معها كما لو لم  يقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار ، عليه أن يتم الحج وأن يقدم هديا وأن يقضى هذا الحج  القابل وإن كان حج عدة مرات . هذا رأيي في هذه المسألة .

السائل : هل بشرع القصر لأهل مكة في منى وعرفات والمزدلفة خصوصا أن منى اتصلت بمكة الآن ؟

الشيخ : سؤلنا أول ما نزلنا عن هذا السؤال ، فكان جوابنا من أتى من أهل مكة منى في أيام الموسم فهو يجمع ويقصر ، أما من جاء قبل ذلك فبسبب اتصال البنيان يصلى صلاة المقيم ، نفرق بين المناسك وبين غير المناسك وسبحانك اللهم وبحمدك .

السائل : سؤال يا شيخ جمع المغرب والعشاء جمع تأخير ثم حينما وصل المدينة وجد أنه يؤذن للعشاء، ثم دخل المسجد وصلى مع الإمام العشاء، ثم أقام الصلاة فيما بعد منفردا وصلى المغرب، فهل صلاته في هذه الحالة صحيحة ؟

الشيخ : كيف صلى المغرب بعد العشاء وهو كان قد جمع بين الصلاتين كما تقول؟.

السائل : يعني سافر من منطقة وينوى جمع تأخير وحينما وصل إلى المدينة ... .

الشيخ : ما صلى.

السائل : لا ما صلى، حينما وصل إلى المدينة وجد وقت العشاء ثم دخل المسجد وصلى مع الإمام العشاء ثم حينما فرغ من الصلاة انصرف وصلى منفردا المغرب أقام الصلاة وصلى المغرب فهل عمله صحيحا وكذلك لو فعل في العصر والظهر ؟.

الشيخ : لا. ليس صحيحا لأن فيه إخلالاً ظاهرا بالترتيب ،وكان عليه حين دخل المسجد والناس يصلون العشاء أن ينوى هو وراء الإمام الذى يصلي العشاء صلاة المغرب ، ثم بعد أن ينتهي من صلاة المغرب وراء الإمام ولا يهمنا الأن  أنه أدرك الصلاة من أولها أو من وسطها فلهذا تفصيل معروف المهم بعد أن يصلى المغرب مبتدئا بها مراعيا فى ذلك التوقيت المعروف ، بعد ذلك يقوم يصلىي العشاء لوحده ، أما الذى ذكرته أنت فهو قد صلى العشاء قبل المغرب والمغرب بعدها ، فهذا عكس للتوقيت فعليه أن يعيد صلاة المغرب ثم يثنى بصلاة العشاء فيما إذا فعل ما ذكرته، والأصل أن يبدأ بصلاة المغرب وراء الإمام الذي يصلي صلاة العشاء ثم يصلىي بعد فراغه من صلاة المغرب صلاة العشاء ، ذلك لأن التوقيت شرط من شروط صحة الصلاة هذا من جهة ومن جهة أخرى أنه لا يضر المقتدي اختلاف نيته عن نية إمامه فإن هناك عدة أدلة تدل على عدم الإخلال بصحة الصلاة ولو اختلفت النية . نعم .

السائل : فضيلة الشيخ حديث عائشة معناه أن رسول الله  عليه الصلاة والسلام إذا سلم كان لا يمكث إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام

 كنت أراقب صلاتك للاستفادة وتحري السنة ، فرأيتكم تمكثوا أكبر من هذا القدر فما جوابك ؟

الشيخ : في كل الصلوات ؟

السائل : لا فيما صليت معك .

الشيخ : طيب ، ثبت لدي قوله عليه الصلاة والسلام ( من قال عشر مرات دبر صلاة المغرب وصلاة الفجر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير قبل أن يثنى رجليه  كتب له كذا و كذا ) ،  نسيت الآن يمكن أربع رقاب أو ما شابه ذلك من الأجر ، فأنا ألتزم هذا في غالب الأحيان فى صلاتى المغرب والفجر ، فأظل كما أنا وأقرأ هذه التهليلات العشر .هذا من جهة ، من جهة ثانية ، بالنسبة لبقية الصلوات صح أن النبى صلى الله عليه وآله سلم كان لا يمكث إلا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام كما ذكرت ، لكن هذا لا يعني أنه لا يقول شيئا بعد ذلك ، وإنما يعنى أنه كان يظل كما هو بهذا المقدار ثم إما أن ينصرف إلى داره أو يلتفت إلى أصحابه ، فقد يقرأ بقية الأوراد أو قد يحدث أصحابه بما ينفعهم ، ففي ظني أن تساؤلك هذا يزول إشكاله فيما إذا عرفت أنى أجلس تلك الجلسة تنفيذا  لهذا الحديث المرغب بالتهليلات العشر .

إمامة الشيخ

قراءة سورة الفاتحة وسورة الشمس