लेख के बारे में

लेखक :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

तारीख :

Sat, Sep 20 2014

वर्ग :

Fatwa (Q&A)

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 384

الحويني : حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " من ترك نسكاً فليهرق دماً " ما صحة هذا الحديث ؟. وهل له حكم الرفع ؟. وما المقصود بقوله نسكا ؟.

الشيخ : أما الصحة إذا أردنا بالحديث ما جاء في بيانك أنه حديث موقوف فهو صحيح الإسناد رواية عن ابن عباس موقوفا عليه, وإذا كان موقوفا فحينئذ ينبغي أن ننظر هل يوجد هناك في المرفوع ما يخالفه ولو في بعض أجزائه لنصل بعد ذلك إلى أن نتبنى هذا الموقوف أو أن لا نتبناه . لقد وجدنا في صحيح البخاري وغيره قصة ذلك الأعرابي الذي رآه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يلبي بالعمرة وقد لبس جبة متضمخاً بالطيب فقال له عليه الصلاة والسلام : ( انزع عنك جبتك هذه واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك )، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بدم مع أن كثيراً من علماء اليوم يفرضون مثل هذا الدم على مثل هذا الإخلال وهو أن يلبس ثيابه العادية أو أن يتطيب بالطيب بعد إحرامه, فلما وجدنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لَـمَّا يوجب شيئًا مما يوحي به أثر ابن عباس قلنا نحن في حلٍّ من أن نأخذ بهذا الأثر ما دام أن حديث البخاري يُشعرنا بأنه لا يلزم الجاهل أو المخالف لنسك من مناسك الحج شيء من الدم، وبخاصة أنني قد لاحظت عملياً في الحجَجَ التي كتب الله لي أن أحجها في كثير من السنوات الماضيات, أنه قلَّما يخلو حاج إلا ويرجع وهو مثقل بالدماء، لأن قلَّ من ينجو من ارتكاب بعض الأخطاء التي يدان بسببها لأن يكلف بأن يفدي دماً . لذلك نقول أثر ابن عباس هذا لسنا مكلفين بالعمل به  نعم .

الحويني : ما هو الدليل على أن الإفراد في الحج خاص بأهل مكة ؟.

الشيخ : هي الآية الكريمة : (( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ))، فهذا التمتع الذي شرعه الله - عز وجل - صراحة في هذه الآية قيدها بغير أهل مكة : (( ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ))، لا نجد دليلا أوضح من هذه الآية ... نعم .

الحويني : بعض المعاصرين يضعف حديث عبد الله بن السائب وهو الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود، والمعروف لدينا, فما صحة ذلك ؟.

الشيخ : قد أجبنا في بعض جلساتنا في هذه السفرة عن هذا التضعيف فنقول: تضعيف حديث عبد الله بن السائب تضعيف موضعي - أعني إنه ضعيف لذاته - ولكن كثير من الأحاديث الضعيفة ترتقي أسانيدها من الضعف إلى الحُسْن بل إلى الصحة بشواهد يجدها أهل العلم, وحديث عبد الله بن السائب هذا كنت ذكرت له بعض الشواهد في بعض مؤلفاتي، منها أنه ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من فعله، وفعل الصحابي المطابق لحديث إسناده ضعيف يعطي لهذا الحديث قوة ما لو تعرى هذا الحديث الموقوف عنه لبقي الحديث على ضعفه الذي يشهد عليه إسناده . يضاف إلى ذلك أن هناك في بعض السنن وأظنه سنن ابن ماجه حديث من رواية أبى هريرة الله عنه أيضاً يدل على ما دل عليه حديث عبد الله بن السائب من شرعية الدعاء: (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة )).. إلى آخره , بين الركنين وبذلك ارتقى الحديث حديث عبد الله بن السائب ذي السند الضعيف دخل في مرتبة الحديث الحسن على الأقل لغيره , هذا هو جوابنا .

الحويني : سؤال؛ من ترك في الحج عدة واجبات, هل يلزمة دم أم دماء ؟ مثلاً ترك المبيت بمزدلفه وترك المبيت بمنى وفي اليوم الأول لم يرم جمرة العقبة .

الشيخ : أنا أقول بالنسبة لمثل هذا السؤال أرجو من طلاب العلم فضلاً عن أهل العلم أن يدندنوا ليس فقط هل يجب دم أو لا يجب، لأنهم قد يبحثون في مسألة أقل ما يقال فيها إنها موضع خلاف، فأرجو أن يبدأوا البحث فيما لا خلاف فيه، وهو أن نتساءل هل يأثم من ترك واجبا من واجبات الحج فضلاً عما إذا ترك واجبات من واجبات الحج أيأثم أم لا؟. من هنا ينبغي البدء في مثل هذه المسألة، وليس هل عليه دم أم لا. لأن اعتياد الكلام على النحو الأول، أي هل عليه دم أم لا ؟، لقد عود الناس على التساهل بالقيام بكثير من الواجبات لأنه يشعر في قرارة نفسه أنه يجد له مخرجا من الخلاص من إثم مخالفته، وترك الواجب بأن يقال له عليك دم، وبخاصة أن الدم - إيجاب الدم - من يقول به ويتوسع فيه بناء على أثر ابن عباس السابق ذكره، إنما يمكن أن يُتبنى فيما إذا كان ترك شيئا من الواجبات سهواً، أما إذا كان تركها عمداً فأنا أجد فرقاً كبيراً جداً بين من يتعمد ترك الواجب فيكون آثما؛ وبين من لا يتعمد ترك الواجب فيكون غير آثم، مَثَلُ هذين كمثل من يحلف يمينا غموسا أو يمينا خطأ كما قال عليه السلام: ( من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ) فكفارة اليمين إنما تشرع في مثل هذا الحالف الذي أراد خيراً فأخطأه أما من حلف كاذباً فهو كما جاء في بعض الأحاديث: ( اليمين الغموس تدع الديار بلاقع )، فاليمين الغموس ليس له كفارة لأن الحالف قد انغمس في الإثم فليس له مخرج منه إلا بتوبة نصوح، كذلك أولئك الذين يَكْثُر منهم الإخلال بكثير من الواجبات في الحج، هؤلاء قد أحاط بهم إثمهم، وأحاطت بهم سيئاتهم، فهؤلاء لا ينبغي أن نفسح لهم المجال بأن نقول لهم عليك كفارة لأن الكفارة التي نعلمها إما أن تكون على باب الشكر لله - عز وجل - كمثل حج المتعة؛ أو أن يكون كفارة لشيء يضطر أن يقع فيه الإنسان ذلك كمثل حلق الرأس حينما يجد ضرورة لحلقه، أو الرجل الذي أحصر ولم يستطع أن يستمر في حجته أو عمرته فكفارة هذا الإخلال أو ذاك هو أن يذبح، أن يقدم هدياً أو فدياً، أما أن يتعمد مخالفة الشريعة فيكون بذلك آثماً ثم نخرج له مخرجاً بأن عليك دم، هذا مع أنه ليس عندنا نص يلزمنا بذلك فلا يستقيم مع توجيهات الشريعة بحض الناس على طاعة الله ورسوله وكل ما ساعد على مخالفة الأحكام الشرعية ينبغي أن يوضع له حد ولا يتوسع فيه نعم .

الحويني : شيخنا أعزك الله، بالنسبة لحديث أثر ابن عباس : " من ترك نسكاً " ألا يكون المقصود من قوله يعني من ترك نسكاً متعمداً، وبهذا يختلف عن حديث صاحب الجبة لأنه كان جاهلاً بالحكم؟ .

الشيخ : الذين يوجبون الدماء لا يفرقون بين المتعمد وبين المخطئ، فعلى كل حال حديث ابن عباس موقوف، لم نجد في الصحابة ما يؤيده، فنحن في حل منه .

الحويني : ما حكم المبيت بالمزدلفة، هل هو ركن أم واجب، وإذا كان واجباً، فماذا عليهم ؟.

الشيخ : سبق الجواب عنه وهو التفريق بين المبيت في المزدلفة وبين صلاة الفجر، صلاة الفجر هو الركن، والمبيت هو الواجب .

الحويني : هل السعي في الحج أو العمرة ركن أم واجب ؟

الشيخ : الحج ؟!

الحويني : هو كاتب السؤال في العمرة ؟.

الشيخ : العمرة ؟! أعد علي السؤال .

الحويني : صاحب السؤال هذا هو السعي ؟.

السائل : في العمرة

الشيخ : السعي في العمرة

السائل : واجب أم ركن

الشيخ : نعم ركن من تمام الطواف .

الحويني : وما هو الضابط في معرفة الركن والواجب؟ وسبق طبعاً طرف من هذا، لكن لو نفرد له شيئا .

الشيخ : ما فيه عندنا يعني شيء واضح بالنسبة لبعض الأركان إلا الإجماع الذي ينقله كثير من أهل العلم نحن سبق أن ذكرنا آنفاً حديث: ( من صلى صلاتنا معنا في هذه في جمع ... ) إلى آخر الحديث ، فهذا دليل الركنية، وكقوله عليه السلام: ( الحج عرفة )، لكن هناك بعض الأركان مثل طواف الإفاضة اتفق العلماء على أنه ركن وأن الحج لا يصح إلا به أنا شخصياً لا أعلم له دليلا صريحا في الركنية سوى ما ينقله العلماء من إجماعهم على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج .

الشيخ : نعم.

الحويني : بالنسبة للصلاة في المسجد الحرام وأنها لا تستوي مع الصلاة في باقي مكة، بالنسبة للتوسيعات التي تطرأ على المسجد الحرام، هل لها حكم نفس المسجد، وإن شملت أجزاء كثيرة من مكة ؟.

الشيخ : نعم هذا حكمه حكم المزيد عليه سواء كان المسجد المكي أو المسجد النبوي فكل زيادة تضاف إليهما هذه الزيادة حكمها حكم المزيد عليه، فمسجد الرسول كما نعلم كان أصغر بكثير مما هو واقعه الآن, وقد جاء في بعض الآثار عن عمر بن الخطاب أنه لو مُد هذا المسجد - يعنى المسجد النبوى - إلى صنعاء لكان له حكم المسجد .

الحويني : هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه صلى الوتر في مزدلفه ؟.

الشيخ : ما ثبت. ولم ينقل ذلك, وذلك تخفيف من ربكم ورحمة .

الحويني : هل الرجل الذى لبس الإحرام يكون قد نوى بالعمرة أو الحج أم أنه يتلفظ بعد الإحرام ؟.

الشيخ : لا مجرد اللباس لا يعني أنه نوى، كما أن النية في القلب وليس في اللسان، ولكن من مناسك الحج أن التلبية تتضمن النية حيث يقول : لبيك اللهم بحجة وعمرة أو بعمرة وحج أو بعمرة. هذه التلبية تتضمن النية التي في قلب هذا الملبي، أما أن يقول نويت الحج أو العمرة فهذه بدعة قد توسع الناس في استعمالها في كثير من العبادات كالوضوء والطهارة والصلاة والصيام ونحو ذلك فإنما الأعمال كما قال عليه السلام: ( بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى )، فالتلفظ بالنيات في كل العبادات بدعة لا تشرع بل هي كما قال عليه السلام: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ). كل ما في الأمر أن التلبية هي شيء من تضمين التلبية بهذه النية لبيك اللهم بحجة وعمرة أو نحو ذلك من الألقاب, نعم .

الحويني : وهل يلزم أداء ركعتين بعد لبس الإحرام ؟.

الشيخ : لا ليس هناك صلاة خاصة تسمى بركعتي الإحرام ولكن ينبغي التنبيه على أمر قد يغفل عنه كثير من الناس بالنسبه لميقات واحد من المواقيت المعروفة ألا وهو ذو الحليفة , وهناك قد صلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ركعتين وما كانت هاتان الركعتان هي صلاة الإحرام, وإنما كانت تنفيذاً لأمر جبريل عليه الصلاة والسلام للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما قال صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل آنفاً وقال لي: قل لبيك بعمرة وحج, وصلِّ ركعتين فإنك في وادٍ مبارك )؛ أو كما قال عليه الصلاة والسلام .. ألا وهو وادي العقيق, فهذا الميقات له هذه الخصوصية وهو أن يصلي المحرم هناك ركعتين تبركاً بهذا الوادي المبارك, وليس لهاتين الركعتين علاقة بصلاة الإحرام .

الحويني : هل يجوز للحاج أن يخرج إلى جدة ويقضي بها بعض الوقت ثم يرجع إلى منى لكي يبيت فيها؟.

الشيخ : كيف قلت ؟

الحويني : هل يجوز للحاج أن يخرج إلى جدة ويقضي بها بعض الوقت ثم يرجع إلى منى لكي يبيت فيها؟.

الشيخ : يجوز. لكن شريطة أن لا يتخذ ذلك عادة أو ينزل إلى جدة للمتاجرة أو نحو ذلك, فعلى الحاج أن يتذكر أنه في طاعة الله - عز وجل -, وهي قد تكون في العمر مرة واحدة وقد تكون بالنسبة لبعض الناس متكررة ولكن لا ينبغي أن تكون هذه العبادة تتكرر كأمر روتيني - كما يقولون اليوم - ليس لهذه العبادة أثر في نفس هذا الحاج، فيكون عقله ولبُّه في بضاعته وفي تجارته, فلذلك فهو يحتاج بأن يخرج من منى مثلاً لقضاء بعض مصالحه التجارية، هذا ما نراه جائزاً, أما إذا عرض له أمر عارض ليس له علاقه بدنياه فحينئذ نقول لا مانع من ذلك .

الشيخ : نعم .

الحويني : ما حكم طواف الوداع في العمرة ؟، وليست العمرة مثل الحج في طواف الوداع حيث أنه صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه في الحج والعمرة في ذكر أن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة.

الشيخ : كأن السؤال ليس يعني متجاوبا بعض طرفه الأول مع طرفه الآخر، هو يسأل عن حكم طواف الوداع في العمرة، لكن ما معنى أن الرسول عليه السلام شبك أو ما شبك، هل يمكن السائل أن يوضح سؤاله، أما الجواب أننا لا نجد في السنة ما يلزمنا أن نقول بوجوب طواف الوداع بالنسبة للمعتمر فقط, وإنما يجب هذا الطواف بالنسبة للحاج ما بقي من السؤال إن شاء السائل أوضحه وإلا ذهب أدراج الرياح غيره

السائل : هل يشرع الطواف طواف الوداع للمعتمر هل يشرع له طواف الوداع

الشيخ : وأنا ما الذي اجبت عنه الآن

السائل : ليس بواجب

الشيخ : أي نعم لا يشرع

السائل : لا يشرع

الشيخ : لايشرع .

الشيخ : نعم

الحويني : سؤال، نسمع عن الأشعرية كثيراً ولا نعلم عنهم وعن أعمالهم إلا أنهم يؤولون الصفات فقط, فهل تعرفنا عنهم أكثر من ذلك ؟.

الشيخ : هو المذهب الأشعري, مذهب في العقيدة, وكذلك المذهب الماتريدي, فهؤلاء يشتركون مع أهل الحديث في الإيمان ببعض الصفات خلافاً للمعتزلة, فهم مع السنة في بعض ومع المعتزلة في بعض الآخر, وأنا أنصح طلاب العلم أن لا يجهدوا أنفسهم بمعرفة الآراء المخالفة للسنة, وإنما أنصحهم أن يتعرفوا على السنة، وعلى العقيدة الصحيحة، بعد ذلك إذا سنحت لهم الفرصة وتمكنوا من أن يعرفوا المذاهب المخالفة لمذهب أهل السنة والحديث وأن يستطيعوا ردها والذب عن مذهب أهل السنة فعلوا ذلك وإلا فحسبهم أن يعرفوا المذهب الحق, ولا عليهم بعد ذلك أن يتعرفوا على ما يخالف هذا المذهب. وأريد الآن أن نكتفى بهذا المقدار حتى نأخذ فسحة -إن شاء الله- .

الحويني : جزاكم الله خيرا

الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد : أريد أن أتم بحثاً أشرت إليه حينما قمنا إلى الصلاة وهو أننا نرى كثيراً من الحجاج قبل دخولهم مكة وبعد انتهائهم من الطواف والسعي نراهم ينطلقون وهم كاشفون عن مناكبهم - المناكب اليمنى - ولعلكم تعرفون أن من السنة ... حولها، أن يكشف عن منكبه الأيمن إلى آخر الشوط السابع كما هو الراجح، ثم بعد ذلك يعود في إزاره أو ردائه بالأصح إذا ما كان عليه قبل البدء بالطواف، أي لابد من أن يغطي منكبه الذي كشف عنه من أجل الطواف. لكن أكثر الناس كما قال رب العالمين: (( لا يعلمون ))، فتراهم من ساعة الإحرام من الميقات يكشفون عن مناكبهم ويستمرون هكذا إلى ما شاء الله, هذا أولاً خلاف السنة, وما كان من العبادات خلاف السنه فيجب أن لا يستهين المسلم بها، وألا يظن أن أمرها سهلٌ بل إن أمرها أنها ضلالة بصريح قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلاله في النار )، وكما قال بعض الصحابة وبخاصة منهم حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: " كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا تعبدوها فلا تتعبدوها "، كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا تتقربوا بها إلى الله تبارك وتعالى، لأن العبادات التي تقربنا إلى الله زلفى إنما هي التي جاءتنا من طريق نبينا صلوات الله وسلامه عليه؛ لأن العبادة إنما تكون عبادة بالتوقيف منه عليه الصلاة والسلام لنا وليس بآرائنا وأهوائنا. فلقد عرف سلفنا الصالح هذه الحقيقة التي عمي عنها جماهير الخلف رغم كثرة الأحاديث التي جاءت منبهة على أن كل عبادة لم يأت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى ضلالة كما جاء في صحيح مسلم: ( كل بدعة ضلالة )؛ زاد النسائي: ( وكل ضلالة في النار )، ولذلك لا ينبغي الاستهانة بالإتيان ببعض المحدثات من الأمور بدعوى أنها تقربنا إلى الله زلفى, وإذا كان من الحق قول أهل العلم -لسان الحال أنطق من لسان المقال- فنحن نقرأ من حال هؤلاء الحجاج الذين يقضون أياما كثيرة وهم كاشفون عن مناكبهم، ويتحملون ضرر الحر والقر، ما يكون ذلك إلا بزعمهم أنها عبادة، فكيف تكون عبادة! ولم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه إلا في ذلك المكان الذي ذكرته آنفاً فهو أثناء الطواف هذا شيء.

وشيءٌ ثانٍ وهو أخطر أن هؤلاء الناس الذين يتقربون إلى الله - عز وجل - بالكشف عن مناكبهم طيلة أيام الحج على الرغم ما ذكرنا أنهم ابتدعوا شيئا ما أنزل الله به من سلطان فإنهم يقعون في مخالفة خطيرة، حينما نراهم يقومون إلى الصلاة في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد أو في منى أو في غيرها من المناسك، يقومون يصلون وهم كاشفون عن مناكبهم حينئذ يقعون في مخالفة أخرى, المخالفة الأولى: مخالفتهم لأحاديث النهي عن البدعة وأن كل بدعة ضلالة، فهم يخالفون مبدءا شرعياً عامًا، أما المخالفة الثانية فإنهم يخالفون حديثا خاصا في الصلاة حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء ) هذا الحديث حديث هام جداً, أولا من حيث روايته فإنه حديث صحيح في البخاري, وثانياً من حيث درايته ودلالته ذلك أنه يدل على بطلان صلاة من يصلي مكشوف المنكب أو مكشوف المنكبين معاً, وبالأولى والأحرى مكشوف القسم الأعلى من البدن . نحن الآن بين ظهرانينا بعض إخواننا الذين يكشفون عن القسم الأعلى من بدنهم, لا بأس في ذلك أو من ذلك عليهم لأنهم يتبردون, ولكن عليهم أن ينتبهوا أنه إذا أقيمت الصلاة فلابد لهم من أن يرتدوا هذا الثوب, وأن يلقوه على أكتافهم لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( من كان له إزار ورداء فليتزر وليرتدِ فإن الله أحق أن يُتزين له ), قوله تعالى (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) ؛ هذه الآية الكريمة وإن كان أصل نزولها؛ أو سبب نزولها أن العرب في الجاهلية كانوا يطوفون حول الكعبة عراةً نساءً ورجالا, وهذا من جاهليتهم. ولما جاء الإسلام أنزل الله - عز وجل - هذه الآية تأديباً وتعليماً لهم, فقال: (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ))؛ المقصود من الزينةِ في هذا الحديث مراعاة لسبب النزول هو ستر العورة, العورة التي لا تصح الصلاة باتفاق المذاهب الأربعة إذا كان كاشفا لها، ولكن هناك في مذهب الإمام أحمد عورة خاصة بالصلاة, وهي القسم الأعلى من البدن, لا يجوز للمصلي وهو يجد ثوبا يستر به بدنه الأعلى، لا يجوز له أن يصلي وهو كاشف عن بدنه الأعلى، لماذا؟ .. للحديث السابق في البخاري: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه من شيء ) وللحديث الآخر, ذكرته آنفاً وهو في سنن أبي داود من حديث بن عمر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( من كان له إزار ورداء فليتزر وليرتد فإن الله أحق أن يُتزين له ). نأخذ من هذا الحديث والذى قبله أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد وسَّع في دلالة قوله تعالى: (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ))، لأن سبب النزول يحصر دلالة الآية على ستر العورة لأنهم كما ذكرنا كانوا يطوفون عراة، حتى النساء, حتى قالت إحداهن إذا طافت هكذا عارية, تقول معتذرة, وما أقبحه من اعتذار, -ولكن ليس بعد الكفر ذنب- كما يقال, كانت تقول وهي تطوف عارية :

" اليوم يبدو بعضه أو كله **** فما بدا منه فلا أحله "

هذا خطاب لمن ؟؛ لأهل الجاهلية. هل عذرهم صحيح؟ هذا من تسويل الشيطان لبني الإنسان الذي لا يحتمي بحمى الرحمن بشريعة الإسلام، لقد زين لهم الشيطان تقبيح الطواف بالثياب وقال لهم ونقله بعضهم إلى بعض -نحن لا نطوف بثياب عصينا الله فيها- هكذا زين لهم الشيطان، ولكنهم يطوفون بقلوب عصوا الله فيها وذلك أقبح وأقبح ... فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية بخصوص هذا الطواف مكشوف العورة: (( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ))، فوسَّع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دِلالة الآية فأدخل فيها كل زينة مشروعة فقال ( ليصلِّ أحدكم في ثوبيه، في ردائه، وفي إزاره )، وعلل ذلك بقوله عليه السلام: ( بأن الله أحق أن يُتزين له ). لا ينبغي إذن أن يتساهل المصلون إذا قاموا إلى الصلاة في الأيام العادية ... لا ينبغي للمصلين أن يدخلوا في صلاتهم بثياب البذلة, بثياب بيتهم -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... - وإنما عليهم أن يحققوا أولاً نص الحديث، وثانياً تعليله: النص: ( من كان إزار ورداء فليتزر وليرتد ) التعليل: ( فإن الله أحق أن يتزين له ). الشاهد إن من قواعد الشريعة أن ما أدى إلى واجب فهو واجب؛ وما أدى إلى محرم فهو محرم. فكشف الحُجاج عن مناكبهم أولاً فيه المحظور الأول التقرب إلى الله بما لم يشرعه الله, والشيء الثاني أنهم يعرضون صلاتهم للبطلان لمخالفتهم لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء )، ولابد أن بعض طلاب العلم أن يستشكلوا مثل هذا الحديث، وقد قرأ ذات يوم، أو سمع حديث الصحيحين عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال: ( يا رسول الله؛ أيصلى أحدنا في ثوب واحد؟ ) قال: ( أو كلكم يجد ثوبين؟ ). قد يتعارض هذا الحديث مع حديث: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء )، يتعارض في ذهن بعض الناس وأشكل من هذا الحديث, حديث جابر بن عبد الله الأنصاري حينما رآه رجل يصلي وليس على عاتقيه ثوب, وإنما رآه يصلي مؤتزراً، فسأله عن ذلك كيف تصلي بثوب واحد وثوبك الآخر معلق على المشجب - والمشجب هي العمود الذي تعلق عليه الثياب الذى يسمونه في لغة العصر الحاضر الحويني : الشماعة

الشيخ : الشماعة , أحسن من الشماعة المشجب, هو الآلة التي تعلق عليها الثياب، استنكر أحد الحاضرين على جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما, أنه يصلي في ثوب واحد وثوبه الآخر معلق على المشجب, فقال " ذلك ليراني أحمق مثلك فيظن أن الصلاة لا تصح إلا بالثوبين ". هذا بلا شك أشكل من حديث أبى هريرة: ( أو كلكم يجد ثوبين ) وهنا لابد بإخبارنا من طلاب العلم أن يتذكروا معنا طريق العلماء في التوفيق بين الأحاديث التي يبدو التعارض بينها ولو في بادئ الرأي .أولاً: وهو الأهم حديث جابر: إن جابرا t لا شك أن صنيعه يدل على صحة صلاة من يصلي مكشوف القسم الأعلى من البدن، ولكن هل لفعل هذا الصحابي من القوة ما يمكن أن يعارض دِلالة الحديث المرفوع والصحيح ثبوتا، والصريح دلالة؟, الجواب لا.. باتفاق العلماء، ولذلك قيل: " إذا ورد الأثر بطل النظر, وإذا جاء نهر الله بَطل نهر مَعقل " وقال علماء الأصول: " لا اجتهاد في مورد نص "، وهاهنا رأي لصاحبي جليل وحديث صريح يخالف رأي أو فعل ذلك الصحابي وحينئذ لابد من الرجوع إلى من أمرنا بالرجوع إليه حين التنازع كما قال الله - عز وجل - (( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )) . لذلك كان مذهب إمام السنة وأعلم الأئمة الأربعة بالسنة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله -, كان من مذهبه العمل بالحديث الأول: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء )، ذلك لثبوت الحديث أولاً، ودلالته الصريحة ثانيا. هذه الدلالة التي لا تقبل نقاشا ولا جدلا، أما حديث أبي هريرة فالأمر فيه سهل ذلك لأن جوابه عليه السلام كان مشيراً إلى أن من صلى في ثوب واحد فذلك لأنه قد لا يجد ثوب آخر ولذلك قال عليه السلام ( أو لكلكم يجد ثوبين )، ولعل جابر رضي الله عنه حينما صدر منه ما ذكرناه آنفاً كان أولاً يعتمد على هذا الحديث حديث أبى هريرة الثاني: ( أو كلكم يجد ثوبين ). وثانياً: لم يبلغه نهي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يصلي الواجد للثوبين في ثوب واحد، ولقد أكد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الاهتمام بستر القسم الأعلى من البدن سترا حتى ولو كان ليس عنده إلا ثوب واحد فقد قال: ( إذا لم يجد إلا ثوبا واحدا فإن كان واسعا فليلتحف به، وإن كان ضيقا فلياتزر به ), فإذًا من كان عنده ثوب واحد فقط وباستطاعته أن يغطي قسمه الأعلى مع الأدنى فهذا واجبه فإن لم يساعده الثوب على ذلك لضيق فيه أو لقصر فحينئذ لابد من ستر العورة التي هي عورة في الصلاة وخارج الصلاة . هذا ما أردت توضيحه بمناسبه اضطباع بعض الناس خارج الطواف وصلاتهم مكشوفي المنكب هذا لا يجوز وشرع الله إنما قام بالاتباع وليس بالابتداع .. اتفضل.

السائل : قول جابر للرجل ألا يكون له حكم الرفع وبالتالي نحمل نهي الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم - على الكراهة وليس من التحريم ؟.

الشيخ : لماذا أولاً يفترض في رأي الصحابي أن يكون في حكم المرفوع وهناك بحث لابد لطلاب العلم أن يكونوا على معرفة به لأهميته ألا وهو وأُذكِّر كجملة معترضة أن بعض إخواننا يشربون قياماً والشرب قياما قد نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام وهذه جملة معترضة لا أريد أن أقيم عليها محاضرة حتى ما نضيع عن الإجابة عن السؤال الأخير هذا، أما الشرب من قيام فله بحث خاص ربما يتاح لنا الخوض فيه بمناسبة أخرى -إن شاء الله-. أعود لأقول:

الشيخ : إذا جاء قول عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهل المسلمون ملزمون بالأخذ به أم لا ؟. الجواب إن كان قول ذاك الصحابي في حكم المرفوع بحيث لا يمكن أن يقال بالاجتهاد الذي يتعرض للخطأ تارة، وللصواب تارة أخرى، إذا كان في حكم المرفوع أُخذ به, وإلا ترك لقائله. هذا حكم الموقوفات على أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا بد من النظر إليها , هل هي بحيث لا يقال إلا من توقيف كما ذكرنا لكم آنفاً عن ابن مسعود أنه قال : لما مات رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قلنا : السلام على النبي, هذا به خالف لأنه لا يمكن أن يتصرف في مراده عليه السلام لمجرد الرأي والاجتهاد. أما أن يأتينا قول عن صحابي، وممكن أن يكون هذا القول على البراءة الأصلية والأصل في الأشياء الإباحة، ويمكن أن لا يكون قد ورده النهي الناقل عن البراءة الأصلية إلى حكم جديد . الآثار التي جاءت موقوفة على أحد الصحابة قول ابن عباس رضي الله تعالى عنه, قال: نزل القرآن جملةً واحدةً إلى بيت العزة في سماء الدنيا, ثم نزل أنجماً مفرقا حسب الحوادث . انتهى حديث ابن عباس , أو نقول انتهى قول ابن عباس, هذا قول لم يقل فيه ابن عباس قال رسول الله أو سمعت رسول الله, فهل هذا يؤخذ به أم لا ؟.  الجواب أن مثل هذا القول لا يمكن أن يقال بالرأي والاجتهاد وذلك لأنه يتحدث عن بعض الأمور الغيبية، ما يدري ابن عباس وهو لا يوحى إليه أن القرآن نزل كتلة واحدة, جملة واحدة إلى السماء الدنيا دون السماء الثانية أو غيرها, ثم ما يدريه أنه نزل إلى مكان يسمى ببيت العزة؟، هو من السماء الدنيا، هذه أمور غيبية لا طاقة للبشر أن يتحدثوا بها إلا رجماً بالغيب كما يفعل المنجمون والكهان والعرافون, وحاشا لابن عباس وهو ترجمان القرآن أن يتخرص وأن يتكلم رجما بالغيب، لذلك يقول العلماء إن هذا الأثر موقوف في حكم المرفوع، لأنه لا يمكن أن يقال بمجرد الرأي. فإذا عرفنا هذه القاعدة التي يجب إعمالها في الآثار الموقوفة, فبعضها تكون في حكم المرفوع وليس لنا خيرة في ردها، وبعضها لنا الخيرة في قبولها وفي ردها بشرط أن لا نخالف نصا مرفوعا، هذا الشرط هنا بالنسبة لفعل جابر-نقول بشرط أن لا نخالف- قد خالفنا إذا فعلنا فعل جابر قول الرسول عليه السلام الصريح: ( لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء ).أما التوفيق بين هذا الحديث وأثر جابر ممنوع من ناحيتين :الناحية الأولى: أنه إنما يوفق بين نصين ... أما وقد ذكرنا آنفاً أن أثر جابر موقوف ليس في حكم المرفوع فحينذاك نحن في حلٍّ من أن نوفق بينه وبين الحديث المرفوع؛ والشيء الثاني أن نون التأكيد المشددة المقرونة بالنهي: ( لا يصلين أحدهم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء )، يمنع من ذاك التأويل ويحملنا على أن نجزم على أن هذا الحديث تضمن حكماً جديداً على الحكم السابق المعروف عند العلماء جميعاً وهو أنه يجب على المسلم أن يستر عورته من تحت السرة إلى الركبة، فقوله: ( لا يصلينَّ أحدكم )، نهي عن الصلاة وهذا يؤكد بطلان الصلاة، ما دام أنه لا يوجد حديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يضطرنا إلى نوفق بينه وبينه بوجه من وجوه التوفيق وهي كثيرة معروفة عند الفقهاء .