النَّظمُ الْحَبيرُ في عُلُومِ القُرآنِ وأُصولِ التَّفسيرِ
للشَّيخِ سُعودِ بنِ إبراهيمَ الشّريم
إمامُ وخَطيبُ المَسجدِ الحرامِ
الحمدُ لِلْمُصَوِّرِ الكَريمِ
[1] الخالِقِ الْمُهَيمِنِ العظيمِ
ثُمَّ الصَّلاةُ والسَّلامُ سَرْمَدا
[2] علىٰ النَّبِيِّ (القرشي) أَحْمَدَا
وآلِهِ وَصَحبِهِ والتَّابِعِيْ
[3] وَقارئٍ وكاتِبٍ وَسامِعِ
ومَنْ على ٰ طَريقِهِم يَسيرُ
[4] نِعمَ الطَّريقُ إِثْرَهُ الْمَسيرُ
وخُذ عُلوماً لِلفَتَىٰ مُهِمَّهْ
[5] وكُن حَريصاً ساعِياً بِهِمَّهْ
عِلمُ القُرانِ أَشرَفُ العُلومِ
[6] فَهاكَ حَدَّ جُملَةِ المَوسومِ ( )
وَهْيَ : عِبارَةٌ تُفيدُ السَّائِلا
[7] وتَبحَثُ النُّزولا والمَسائِلا
وهٰكَذا الأَحوالُ في القُرْآنِ
[8] وكَيفَ ذا الأَداءُ بِالِّلسَانِ
والنُّطقُ والكِتابَةُ الْمُرادُ
[9] والجَمعُ والتَّرتيبُ ثُمَّ زادُوا ( )
مَقالَ صاحِبِ الكِتابِ العَرَبِيْ
[10] العَالِمِ الشَّهيرِ بِـ(ابنِ العَرَبِيْ) ( )
عِلمُ القُرانِ أَربَعٌ مِئِينا
[11] خَمسُونَ مِن عُلومِهِ رُوِينا
سَبعُونَ أَلفاً عِدَّةُ الْمُوافِي
[12] وَسَبعَةٌ يَلُونَ مِنْ آلافِ
وَلْتَضْرِبِ الْمَجموعَ في أَربَعَةِ
[13] كَيْ تَستَبينَ جُملَةُ الْمُتْبَعَةِ ( )
وأَوَّلُ العُهودِ في الظُّهورِ
[14] بِرابِعِ القُرونِ والعُصورِ
والْمَرزُبانُ سابِقاً يُداوي
[15] بِسِفرِهِ ( ) المَعروفِ باسمِ (الحاوي) ( )
وبَعدَهُ أَبو الفَرَجْ والزَّركَشِي
[16] ثُمّ السُّيُوطِيْ صارَ كالْمُرَقِّشِ ( )
فَصلٌ في الوَحيِ
وَالوَحيُ في الأَصلِ ؛ هُوَ : الإعلامُ
[17] وَهْوَ الْخَفِيُّ هٰكَذا الإِلهامُ
وهٰكذا وَساوِسُ الشَّيطانِ
[18] مُوَسْوِساً بِها علىٰ الإِنسانِ
في الشَّرعِ إعلامُ الإِلهِ للنَّبِيْ
[19] بالدِّينِ فَهْوَ يَصطَفِي ويَجتَبِي
والوَحْيُ أَنواعٌ تُعَدُّ أَربَعَهْ
[20] فَهاكَها مَعدودَةً ومُتْبَعَهْ
فَالأَوَّلُ : الوَحيُ بِرُؤْياً صَادِقَهْ
[21] تَقُولُهُ الصِّدِّيقَةُ الْمُصادِقَهْ ( )
والثَّانِي : إِلْهامُ الإِلٰهِ للنَّبِيْ
[22] دَليلُهُ : (وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ) ( )
وَالثَّالِثُ : التَّكلِيمُ مِن وَرَاءِ
[23] حِجابٍ اكِّدْهُ بِلا مِراءِ
دَليلُهُ مُثْبَّتٌ بِالشُّورَىٰ ( )
[24] كَيْلا يَضيعَ الحَقُّ أَو تَمُورا ( )
والرَّابِعُ : التَّكليمُ للرَّسُولِ
[25] مِن صَوبِ جِبريلَ بِلا نُكولِ
فَتارَةً صَلصَلَةً كالجَرَسِ
[26] بِلا حِجابٍ مانِعٍ أَو حَرَسِ
أَو : أَنْ يُكَلِّمَ النَّبِيْ كِفاحاً ( )
[27] جِبريلُ فافْهَمهُ تَنَلْ فَلاحا
وما مَضَىٰ رَواهُما الشَّيخانِ
[28] كُفِيتَ عَنْ زِيادَةِ البَيَانِ
تَعريفُ القُرآنِ وأَسماؤُهُ
وَعَرَّفَ القُرآنَ جُلُّ النَّاسِ
[29] ما فِيهمُ مُغَفَّلٌ أَو ناسِيْ
بِأَنَّهُ : كَلامُ الرَّبِّ الْمُعجِزُ
[30] وَوحْيُهُ الْمُنَزَّلُ الْمُنَجَّزُ
علىٰ النَّبِيِّ أَحمَدِ الأَمينِ
[31] في الْمُصحَفِ الْمَكتوبِ والْمُبِينِ
تَواتَرَ النَّقلُ بِلا غَشاوَهْ
[32] ويُنْشِئُ التَّعَبُّدَ التِّلاوَهْ
أَسماؤُهُ : أَشهَرُها القُرْآنُ
[33] وهٰكَذا الكِتابُ والفُرقانُ
وَقيلَ : بَل تَزيدُ عَن خَمسِينا
[34] بِخَمسَةٍ والسَّردُ لا يَعنِينَا
وَالبَعضُ : زَادَ فِيها ما يُريدُ
[35] فَتَبلُغُ التِّسعِينَ أَو يَزِيدُ
نُزُولُ القُرآنِ
وَإِن تُرِدْ مَعرِفَةَ النُّزولِ
[36] لِتَهتَدِي بِهِ إلىٰ الوُصولِ
فَأَوَّلُ النُّزولِ كانَ جُمْلَهْ
[37] وَلْتَحْفَظَنْ أُخَيَّ هٰذِي الْجُمْلَهْ
نُزولُهُ إلىٰ سَماءِ الدُّنيا
[38] علىٰ الأَصَحِّ إِنْ تُرِدْ فَدِنْ يَا
خَلِيلِي بِالقَولِ علىٰ الأَساسِ
[39] فَالقَولُ قَولُ حِبْرِنا العَبَّاسِيْ ( )
وَهْوَ الَّذِي حَكَىٰ بِهِ الجُمهُورُ
[40] لَهُ انتِشارٌ ولَهُ ظُهورُ
وَأَكَّدَ الْمَقُولَ مِن حيثُ الأَثَر
[41] مِثلُ السُّيُوطِيْ سابِقاً وابنِ حَجَر
والقُرطُبِيُّ قَد حَكَىٰ الإِجماعَا
[42] ما أَطيَبَ النُّقولَ والسَّماعا
وثانِياً : مُنَزَّلٌ تَنْجِيما
[43] أُنبِيكَ عَنهُ باذِلاً عَلِيما
وأَصلُهُ في الُّلغَةِ : التَّفْرِيقُ
[44] فَخُذْ مِنَ الكَلامِ ما يَليقُ
وَفِي اصْطِلاحٍ : مُنْزَلٌ مُفَرَّقا
[45] حَسبَ الحُدوثِ تارَةً ومُطلَقَا
ومِنهُ ما يَكُونُ نَحوَ آيَةِ
[46] وَقَد تَزيدُ تارَةً في الغايَةِ
ورُبَّما بِسُورَةٍ تَماما
[47] كَـ(الفَاتِحَهْ) وَلتَسْمَعِ الكَلامَا
فِي (الكَوثَرِ) (النَّصرِ) كَذاكَ (النَّاسِ)
[48] وَفِي (الفَلَقْ) إِنْ كُنتَ ذَا مِراسِ
و(الْمُرسَلاتِ) (لَم يَكُن) و(تَبَّت)
[49] حَكَىٰ السُّيُوطِيْ هٰكَذا وثَبَّتْ
وحِكمَةُ التَّنجيمِ ما أَقُولُ
[50] لِيَثبُتَ النَّبِيُّ والرَّسُولُ
وَيَسهُلَ الحِفظُ علىٰ العِبادِ
[51] وَفَهمُهُ لِكَونِهِ كالزَّادِ
دَليلُنا بِسُورَةِ الفُرقانِ
[52] وسُورَةِ (الأَعلَىٰ) الدَّليلُ الثَّانِي ( )
مَعرِفَةُ أَوَّلِ ما نَزَلَ وآخِرُ مَا نَزَلَ
أَوائِلُ النُّزولِ أَوْ أَواخِرُ
[53] مَعرِفَةٌ بِها الكَلامُ زاخِرُ
مُفيدَةٌ للشَّرخِ والشُّيُوخِ
[54] في العِلمِ بالنَّاسِخِ والْمَنسُوخِ
ويَستَفيدُ منهُما الْمُفَسِّرُ
[55] كَيْ يَستَقيمَ جُلُّ ما يُفَسِّرُ
وتُعرَفُ السَّيرَةُ الْمَغازِي
[56] مِن كُلِّ سابِرٍ لَها مُوازِي ( )
وَصِحَّةُ الجَميعِ للحَصيفِ
[57] مُقَيَّدٌ بِالنَّصِّ والتَّوقيفِ
والخُلفُ في أَوائِلِ النُّزولِ
[58] مُثَبَّتٌ بِالقَيدِ والنُّقُولُ
وَرَجِّحَ الجُمهورُ في التَّنْزيلِ
[59] (إِقْرَأْ) بِما يَبِينُ مِن دَليلِ ( )
وهٰكَذا الخُلفُ على الأَواخِرِ
[60] مِن كُلِّ سابِقٍ مَضَىٰ وَغابِرِ ( )
فَقَدِّمِ البَعضَ بِغَيرِ مَيْنِ
[61] بَعد الرِّبا وَقَبل آيِ الدَّيْنِ ( )
الْمَكِّي والْمَدَنِي
قُرآنُنا الْمَكِّيُّ ثُمَّ الْمَدَنِي
[62] مُرادُ ذَينِ ظاهرٌ للمُعتَنِي
وفي اختِلافِ ما هُوَ الْمُرادُ
[63] هلِ الْمَكانُ أَصلُهُ يُرادُ
أَو أَنَّ ما يُرادُ في الزَّمانِ
[64] دُونَ اعتِدادِ حالَةِ الْمَكانِ
وَبَعضُهُم يَقُولُ : إِنَّ الْمُعتَبَر
[65] بِحالَةِ الْمُخاطَبينَ في البَشَر
كَأَنْ يُنادَىٰ بَعضُهُم بِـ(النَّاسِ)
[66] فَذاكَ لِلمَكِّيِّ مِن أساسِ
وبالَّذينَ آمَنُوا للمَدَنِيْ
[67] ورُجِّحَ الزَّمانُ عندَ الْمُتقِنِ
والأَصلُ في الزَّمانِ وَقتُ الهِجرَةِ
[68] عَلامَةً للفَرقِ عِندَ الكَثْرَةِ
وَحَدَّدُوا مِن سُوَرِ المَدينَهْ
[69] عِشرينَ سُورَةً لَنا مُبِينَهْ
كَـ(البَقَرَهْ) و(آلِ عِمرانَ) (النِّسا)
[70] و(المائِدَه) لِمَنْ وَعا وما أسَا
(أنفالِ) (تَوبَةٍ) كَذاكَ (النُّورِ)
[71] (مُحَمَّدٍ) (أَحزابٍ) مَعْ مُرورِ
بِـ(الفَتحِ) و(الحَديدِ) ثُمَّ (قَد سَمِعْ)
[72] وَ(لا تَقَدَّمُوا) (التَّحريمِ) فاسْتَمِعْ
(مُنافِقُون) (جُمعَةٍ) و(الحَشرِ)
[73] (طَلاقٍ) و(الْمُمتَحِنَهْ) و(النَّصرِ)
واختَلَفوا في عِدَّةٍ مِنَ السُّوَرْ
[74] تُعَدُّ جُملَةً علىٰ ثِنتَيْ عَشَرْ
كَـ(الفاتِحَهْ) و(الرَّعْدِ) و(الرَّحمٰنِ)
[75] و(الصَّفِّ) و(التَّطفيفِ) لِلْعَيانِ
(تَغابُنٍ) (بَيِّنَةٍ) بَعدَ (القَدرِ)
[76] (زَلزَلَةٍ) (إِخلاصٍ) يا مَن اقْتَدَرْ
ثُمَّ (الفَلَقْ) وَ(النَّاسِ) لِلخَبيرِ
[77] وكُلِّ حاذِقٍ بِهِ جَديرِ
وما عَدا ما قَد مَضَىٰ مَكِّيُّ
[78] يُنبِيكَ عَنهُنَّ الفَتَىٰ الذَّكِيُّ
ويُعرَفُ الجَميعُ بالنُّقولِ
[79] وبِالْقِياسِ مِن ذَوي الأُصولِ
أَسبابُ النُّزُولُ
تَكَلَّمَ الحُذَّاقُ بالإِسهابِ
[80] عَمَّا يَخُصُّ مَبحَثَ الأَسبابِ
وأَفرَدَ البَعضُ لَهُ كِتابا
[81] كَابْنِ المَدينِي سابِقاً مُثابا
وإن تُرِدْ أَنْ تَعلَمَ التَّعرِيْفا
[82] فَكُن لِما أَورَدْتُهُ عَرِيْفَا
فَهْوَ الَّذِي قَد أُنْزِلَ القُرْآنُ
[83] بِشأنِهِ فَحَسبُكَ البَيانُ
ويُعرَفُ النُّزولُ في الصَّحيحِ
[84] مِنَ الرِّواياتِ علىٰ التَّرجيحِ
والْخُلفُ في قَولِ الصَّحابِيِّ كَذا
[85] نُزولُها وُقُوعُها ثُمَّ إِذا
نَظَرتَ هَلْ جَرَىٰ مقامَ الْمُسنَدِ
[86] أَو ليسَ دَاخِلاً بِهٰذا الْمَقصِدِ
فالأَوَّلُ الْجُعْفِيُّ ( ) قالَ مُسنَدُ
[87] وغَيْرُهُ يَقُولُ ليسَ يُسنَدُ
بِعَكسِ ما لَو بَيَّنَ النُّزولا
[88] وحَقَّقَ الأَسبابَ وَالفُصُولا
فَكُلُّهُم يَقُولُ ذاكَ مُسنَدُ
[89] حَكاهُما النّمَيْرِيُّ ( ) الْمُسَدَّدُ
وما يَخُصُّ تابِعٍ فَقالوا
[90] بِأنء يَصِحَّ مُسنَداً مَقَالُ
وأَن يَكونَ مِن ذَوِي التَّفسِيرِ
[91] بِأَخذِهِ عَن صُحبَةِ البَشِيرِ
أَو يَعتَضِدْ بِآخَرٍ أَو مِثلِهِ
[92] حَكَىٰ السُّيُوطِيْ هٰكَذا بِنَقْلِهِ
حُفَّاظُ القُرآنِ مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم
وأوجَبوا أنْ يحفظَ القرآنَ
[93] كِفايَةً لِيظهرَ البُرهانَ
ويُقتَدىٰ بالْمُصطَفَىٰ المُختارِ
[94] لِكَونِهِ حافِظَ قَولِ الباري
وقد حذاهُ ثُلةٌ صَحابَهْ
[95] ذَووا عُقولٍ وذَووا نَجابَهْ
واستَشكَلَ الحُذَّاقُ ما رَواهُ
[96] لَنا البُخاريْ مُسنَدٌ نَراهُ
فَعَدَّ حافِظَ الكتابَ مِنهُمُ
[97] فَهاكهم مُقيَّدينَ مَن هُمُ
أُبَيُّهم وزَيدُهُمْ وسالِمُ
[98] مَسعُودُهُم مُفَسِّرٌ وعالِمُ
مُعاذُهمْ وقُل أَبُو الدَّرداءِ
[99] وابنُ السَّكَنْ كُفيتَ عَن عناءِ
وَحَرَّروا جوابَ ذا الإِشكالِ
[100] بِأوجُهٍ تَطولُ باستِرسالِ
أَشهَرُها ألاَّ تُفيدَ الحَصرا
[101] وجُملَةُ الْمُحَقِّقينَ أَدرَىٰ
كُتَّابُ الْوَحْيِ
والوَحيُ قد كانَ لهُ كُتَّابُ
[102] أُبَيٌّ والأربَعَةُ الأَحبابُ ( )
وزَيدُ والزُّبَيْرُ والْمُغيرَه
[103] حَنظَلَةٌ وخالِدُ العَشِيرَهْ ( )
مُعاوِيَهْ وعامِرٌ يَزيدُ
[104] وَعَمْرٌو ثُمَّ ثابتٌ وِزِيدُوا ( )
جَمعُ القُرآنِ الكَريمِ
وأَشهَرُ الجَمعِ علىٰ التَّحقيقِ
[105] في عصرِ ذا الخليفةِ الصِّدِّيقِ
مُسَمِّياً بالْمُصحَفِ الشَّهيرِ
[106] مِن دونِ مُنكَرٍ وَلا نَكِيرِ
وبَعده عُثمانُ يا رَشيدُ
[107] ونسخُهُ لِحَرفِهِ جَديدُ
لِقَولِ ناصِحٍ بِلا تَوانِ
[108] حُذَيفَةَ بنِ ذٰلكَ اليَمانِ
الأَحرُفُ السَّبْعَةُ
روىٰ البُخاريْ مُسنَداً ومُسلِمُ
[109] دليلَ مَنْ يَقولُ وهْوَ يُعلِمُ
بِأَنَّ في القُرآنِ للمُستَعرِفِ
[110] لِسَبعَةٍ مَوسُومَةً بالأَحرُفِ
وقد حكَىٰ أبو عبيدٍ ناشِرا
[111] بِأنَّها بالِغَةٌ تَواتِرا ( )
والخُلفُ في معنىٰ المرادِ قائمُ
[112] تكِلُّ عندَ نَظمهِ العَزائِمُ
وأَقرَبُ الأَقوالُ في الْمُرادِ
[113] وهْوَ الَّذي قريبُ الاعتِمادِ
بأنَّهُ سَبعُ لُغاتٍ فيهِ
[114] ووحِّدِ المَعنىٰ وقدْ يليهِ
مقالُ مَن يقولُ بل معانيْ
[115] تَفَرَّقَت لأَجلِها الْمَبانِي
فالأوَّلُ الصّحيحُ وهْوَ الأَظهَرُ
[116] قد قرَّرَ الدَّليلَ فيهِ الأكثَرُ
وإن تُرِد زيادَة التَّحريرِ
[117] تجدْهُ في التَّفسيرِ للجَريرِ ( )
وإن تَشأ مَعرِفَةَ القُرَّاءِ
[118] فابنُ العَلاءِ ثُمَّةَ الكَسائِيْ ( )
وحَمزَةٌ واليَحصَبِيْ وعاصِمُ
[119] ونافِعٌ وابن كَثيرٍ عالِمُ ( )
وبعضُهم يزيدُ فوقَ السَّبعَةِ
[120] ثلاثة من جُملةِ الأئمَّةِ
فهاكهم : يَزيدُ يتلوهُ خَلَف
[121] وهٰكذا يعقوبُ مِمَّن قد سَلَف ( )
وقُل شُذوذٌ غيرُ تلكَ العَشرِ
[122] لِما أتىٰ مُبَيِّناً في النَّشرِ
ومَنشَؤُ اختِلافِهِم تَنَوَّعَا
[123] وإِنَّهُ لَظاهِرٌ لِمَن وعَىٰ
كالْمَدِّ والإِدغامِ والأَداءِ
[124] والقَصرِ والإِظهارِ للقُرَّاءِ
سُوَرُ القُرآنِ وآياتُهُ
وقِسمَةُ القُرآنِ مِن حيثُ السُّوَرْ
[125] مَزِيَّةٌ مَعلومَةٌ لِمَن سَبَر
أربَعَةٌ معْ مائةٍ وعَشرَةِ
[126] عِدادُ ما يُحَدُّ باسمِ سُورَةِ
وقَسَّموا التَّسويرَ في القُرآنِ
[127] سَبعاً طِولاً والْمئينَ الثَّانِي
ثُمَّ الْمَثانِي بَعدَها الْمُفَصَّلُ
[128] وهٰكذا الأَخيرُ فيه فَصَّلوا
والأصلُ في التَّرتيبِ كانَ الْخُلفُ
[129] وثَلِّثِ الأقوالَ حيثُ الإِلفُ
ورجِّحَنْ تَرتيبَهُ التَّوقِيفِي
[130] وهْوَ اختِيارُ الحافِظِ الحَصيفِ ( )
وأجمَعوا في عِدَّةِ الآياتِ
[131] عَن سِتَّةِ الآلافِ ثُمَّ يَاْتِيْ
مِنَ المئينَ بَعدها اثنَتانِ
[132] وأجمَعوا في الآيِ للقُرآنِ
بِأنَّهُ التَّوقيفُ للتَّرتيبِ
[133] مِن دونِ شَكٍّ ظاهرٍ مُريبِ
الْمُحكَمُ وَالْمُتَشابِهُ فِي القُرْآنِ
وفي الكتابِ ما يُقالُ : مُحكَمُ
[134] أو قُل بِهِ تَشابُهٌ لا يُعلَمُ
وفيهِ آيٌ قد تدلُّ أَنَّما
[135] كلُّ الذي بهِ يكون مُحكما
دليلُ هٰذا آيَةٌ مِن هُودِ ( )
[136] عليكَ باستِذكارِهِ المَعهودِ
بَل فيهِ آي ثُمةَ احتجوا بها
[137] فضمَّنوا جميعَهُ التَّشابُها
دليلهُ مِن قولِ خلاَّقِ البَشَر
[138] ما قد أتىٰ بسُورةٍ وهْيَ الزُّمَر ( )
وفيه آيٌ تجمعُ القِسمينِ
[139] بِآلِ عِمرانَ الدّليل العَينِي ( )
والحقُّ أنَّ الكُلَّ لا يُعارَضُ
[140] والجَمعُ خيرُ ما يكونُ يُعرَضُ
فالكُلُّ فيه مُحكمُ الإِتقانِ
[141] فصاحةً بالَّلفظِ والمعاني
وَالكُلُّ يُبدي تارَةً تَشابُها
[142] مِثلُ الَّتِي لِمُحكَمٍ قُلنا بِها
أمَّا الذي يَحوي كِلا الأَمرَينِ
[143] فَهْوَ اختِلافٌ جاءَ في القَولَينِ
عَن قَولِهِ سُبحانه ﴿ والرَّاسِخُون ﴾
[144] فالجُلُّ قالَ : الواو فيه قد تكون
موضوعَةً في مَوقِعِ استِئنافِ
[145] عليهِ فالتَّوجيهِ غيرُ خافِ
والبَعضُ قال : الواوُ أصلاً عاطِفَهْ
[146] قَد يعلَمُ التَّأويلَ نَفسٌ عارِفَهْ
الْمُتَاشابِهُ فِي آياتِ الصِّفاتِ
وحَقِّقِ الْمَقُولَ في الصِّفاتِ
[147] فإنَّما التَّفصيلُ فيهِ يَاْتِي
أَطلِقْ تَشابُهاً علىٰ الكَيْفِيَّةِ
[148] ولْتَعلَمِ الْمَعنَىٰ بِلا بِدعِيَّةِ
كَقَولِ مالكٍ في الاستِواءِ
[149] وهٰكَذا فَقِسْ علىٰ السَّواءِ ( )
الإِعْجازُ فِي القُرآنِ
أُنْبِيكَ ماذا قِيلَ في الإِعجازِ
[150] في جُملَةِ القُرآنِ بالإِيجازِ
تَنَوَّعَت أَقوالُهُم في أوجُهِ
[151] إعجازِهِ والحَقُّ للمُستَنبِهِ
أَنَّ القُرَانَ مُعجِزٌ بِكُلِّهِ
[152] بِلَفظِهِ وشَرعِهِ وعِلمِهِ
وتَعجَزُ العُقولُ عَن مِثالِهِ
[153] وسُورَةٍ والعَشرِ مِن مَقالِهِ
أَمثالُ القُرآنِ
تَشبيهُ شيءٍ بالذي في حكمِهِ
[154] فَهْوَ المثالُ ولتَنل مِن عِلمهِ
وثَلِّثِ الأنواعَ للأَمثالِ
[155] وهاكها مذكورةً كالتَّالِي :
فالأَوَّلُ : الأَمثالُ بالتَّصريحِ
[156] للمَدحِ والتَّذكيرِ والتَّجريحِ ( )
ثمَّ التي يدعونها بالكامِنَه
[157] وهْيَ التي تُحْيِي النّفوسَ الآمِنَهْ ( )
والثَّالثُ : الأمثالُ هْيَ الْمُرسَلَهْ
[158] من غير تصريحٍ بلَفظٍ أو صِلَهْ ( )
أَقْسَامُ القُرْآنِ
وإن تُردْ أن تَعرِفَ الأَقساما
[159] كَيلا تكونَ جاهِلاً مُلاما
فَهْيَ التي تُرادُ باليَمينِ
[160] وصِيغَةُ اليَمينِ في الْمُبين
بالفِعلِ ثُمَّ مُقسَمٍ عليهِ
[161] ومُقسَمٍ بهِ أَضِف إليهِ ( )
تعدَّىٰ الفعل له بالباءِ
[162] كُفيت بالنّظم عَنِ العَناءِ
ومُقسَمٌ بهِ مِنَ القُرَانِ
[163] فإنَّهُ مُنَوَّعُ البَيانِ
كَأَنْ يَكونَ مُقسِماً بِذاتِهِ
[164] أَو مُقسِماً بِبعضِ مَخلُوقاتِهِ
فمَرَّةً يكونُ منهُ مُظهَرا
[165] وتارَةً يكونُ فيهِ مُضمَرا ( )
أُصولُ التَّفسيرِ
مَن يطلُبُ التَّعريفَ ليسَ يتعَبُ
[166] لأَنَّه الْمَعنَىٰ الَّذي يُرَكَّبُ
فالأَصلُ : ما يُبنَىٰ عليهِ الغَيرُ
[167] فاحفَظهُ يا نَجيبُ فَهْوَ خَيرُ
وَعَرَّفُوا الْمُرادَ بالتَّفسيرِ :
[168] بالكَشفِ والتَّبيينِ والتَّنويرِ
وقيلَ بالتَّأويلِ في التَّرادُفِ
[169] وهْوَ الذي له اختياراً قد قُفِي
وجُملَةُ التَّعريفِ بالتَّركيبِ
[170] مَعلومَةٌ للنَّاظِرِ الَّلبيبِ
وَهْوَ : القَواعِدُ التي تكونُ
[171] مُعَوَّلَ التَّفسيرِ لا ظُنونُ
لأَجلِ أَن يُصَحِّحَ التَّفسيرُ
[172] ويَبعُدَ التَّحريفُ والتَّقصيرُ
مَصادِرُ التَّفسيرِ وأَنواعُهُ
مَصادِرُ التَّفسيرِ للعَيانِ
[173] ما كانَ بِالْمأثورِ والبُرهانِ
والأَخذُ بالمأثورِ فيه أصلُ
[174] بِشَرطِ أن يَصِحَّ فيه النَّقلُ
أنواعُهُ تكونُ من ثَلاثَه
[175] مَشهورَةٌ بالنَّقلِ والوِراثَه
فخَيرُ ما يُفَسَّرُ القرآنُ
[176] بِمِثلِهِ لِيَبدُوَ البَيانُ
ثم الذي يُفَسِّرُ الرَّسولُ
[177] لِيَسهُلَ الطَّريقُ والوُصولُ
ثم الذي أتىٰ عنِ الصَّحابَةِ
[178] أُولِيْ النُّهَىٰ والفَهمِ والنَّجابَةِ
وثَانِيَ الْمصادرِ التلاد
[179] وهْوَ الذي يكونُ باجتِهادِ
وربّما يدعونهُ بالرَّأْيِّ
[180] وإن تُرِد فخُذ هُديتَ رَأيِي
إن كانَ ذا الرَّأيُ علىٰ الأصولِ
[181] فإنَّهُ المحمودُ للفُحولِ
وإن يكُن بالرَّأيِ ذلكَ العِمِّيْ
[182] فإنَّهُ المَذمومُ كُلَّ الذَّمِّ
شُروطُ الْمُفَسِّرِ
وجُملَةُ الشُّروطِ للمُفَسِّرِ
[183] أَن يَعلَمَ التَّوحيدَ للتَّبَصُّرِ
وَلْيَتَّقِ التَّحريفَ فيهِ والْهَوىٰ
[184] ومَن يَكُنْ مُحَرِّفاً فقَد هَوىٰ
ولْيَعلَمِ التَّفسيرَ والأُصولا
[185] وجُملَةَ الحديثِ والنُّقولا
وأَن يُجيدَ النَّحوَ والِّلغاتِ
[186] يُمَيِّزُ الَّلذين ثمَّ الَّلاتِي
ويَنبَغي أن يَلزَمَ الآدابا
[187] بِكَونِها للطَّالبينَ بابا
فَلْيُخلِصَنَّ عامِلاً خَليقا
[188] وَلْيَنصَحِ العَدُوَّ والصَّديقا
أَسبابُ الاختِلافِ في التَّفسيرِ
وجُملَةُ الأسبابِ في الخِلافِ
[189] مَبذولَةٌ تُعَدُّ للمُوافِي
مِثلُ القِراءَاتِ إذا تَعَدَّدَت
[190] وأوجُهِ الإِعرابِ إِن تَرَدَّدَت
ولاِحتِمالِ الَّلفظِ في مُرادِهِ
[191] بِجُملَةِ المعاني لاِعتِدادِهِ
وهٰكذا الإِطلاقُ والتَّقييدُ
[192] وَبُلْغَةِ الدَّليلِ ذا أَكيدُ
والنَّسخُ والإِحكامُ والإِظهارُ
[193] حيثُ المُرادُ ثُمَّةَ الإِضمارُ
كَذا الخٌصوصُ بعدَهُ العُمومُ
[194] كَي تَكمُلَ الأَسبابُ والفُهومُ
أَسَاليبُ التَّفسيرِ
تَعَدَّدَ التَّفسيرُ بالأُسلوبِ
[195] فالأَوَّلُ التَّحليلُ للمَطلوبِ ( )
وبَعدَهُ التَّفسيرُ بالإِجمالِ ( )
[196] والثَّالِثُ الْمُقارَنُ الْمِثالِي ( )
والرّابعُ : التفسيرُ بالْمَوضوعِ ( )
[197] ورُبَّما التَّنويعُ فيه رُوعِي ( )
الْخِتامُ
وفي الخِتامِ : أَفضَلُ السَّلامِ
[198] علىٰ النَّبِيِّ الخاتَمِ الإِمامِ
وآلِهِ وصَحبِهِ الأَخيارِ
[199] وتابِعٍ على ٰ الطَّريق سارِي
بالِغَةً أبياتُها اثنتينِ
[200] مِنَ الْمِئاتِ دافِعاً للمَينِ ( )