About the article
سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 320
السائل : ... منذ فترة بعض الأسئلة حول الوضع الحالي
الشيخ : نعم
السائل : إخواننا السّلفيّين و أحبّوا أن يطرحوا عليك بعض الأسئلة في هذا الموضوع ، ولعلك تفيدهم بما عهد عليك من الدقة إن شاء الله في البحث العلمي والخبرة الطويلة في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ومصارعة كثير من التيارات منذ أكثر من نصف قرن ، فلعل هذه تكون لهم عبرة ، يعتبرون بها ويتعضون إن شاء الله ، هناك من بين الأخوة من يقول علّم ثم كتّل ، كتّل الناس ، ومن يقول كتّل ثم علّم ومن يقول كتّل من تعلّم ، ومن يقول علّم ولا تكتّل ن فنرجوا إفادتنا في هذا الباب جزاك الله خيرا ؟
الشيخ : نحن نقول دائما وأبدا ، في كل أمر صغير أو كبير (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) ولا شك أن هذه الأقوال التي حكيتها لا يلتقي شيء منها مع هديه عليه الصّلاة والسّلام والذي هو أسوتنا إلا القول الذي يقول ثقّف ثم كتّل ، ذلك هي سيرة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ، التي بدأت منذ يوم أنزل الله عزّ وجلّ عليه (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) ثم بدأ عليه الصّلاة والسّلام يدعو الناس سرا ، وكما نعلم جميعا من تاريخ الدعوة الأولى ، أن الله عزّ وجلّ اصطفى لها أفرادا من العرب ، الّذين كانوا قد أوتوا ، فطرة وعقلا ورغبة في معرفة الحقّ واتّباعه ، وكان أوّل من آمن برسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستجاب لدعوته أبو بكر الصديق رضي الله عنه من الرجال وعليّ رضي الله عنه من الشباب أو الصبيان وهكذا ، استمرت الدعوة ، تنتشر بين العرب فكان الإيمان يزداد رويدا رويدا وهكذا حتى أذن الله عزّ وجلّ ، لهؤلاء الأفراد أن يتكتّلوا بعد ذلك في مراحل معروفة ، من بعد الهجرة إلى الحبشة ، والهجرة إلى المدينة المنورة ، فلذلك فلا يجوز لمن كان أوّلا صادقا في ادّعاءه ، أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو أسوته في كل شئون حياته أن يحذو أو أن يسلك طريقة أخرى ، في تكتيل الناس ، إلاّ على الطّريقة الّتي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ونحن نعلم علما وتجربة أنّ الطّريق التي سلكها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في تثقيف النّاس ، وتعليمهم تأخذ وقتا طويلا وجهودا كثيرة جدّا ، الأمر الذي لا يصبر عليه إلّا أفراد قليلون من الناس ، ولذلك فالغالب على كل هذه الجماعات التي حكيت عنها ما حكيت من أقوال هو التسرع في الوصول إلى تجيمع المسلمين ، وإقامة الدول المسلمة المنشودة ، ولكن في الواقع أن أيّ جماعة ، لا تسلك سبيل الرّسول عليه السّلام في التّكتيل على أساس من الثّقافة والمعرفة بالإسلام فسيكون عاقبة أمرها خسرى ، فهذا الّذي ندين الله به ، وندعوا إليه منذ أكثر من نصف قرن من الزّمان ، أنّه لا بد من التثقيف ثم التكتيل ، ونحن نرى ونشاهد في كل عصر ، وكلما تحركت الجماعات ، بسبب تغير بعض الظّروف السياسيّة أنّ الناس يستعجلون ويدّعون تكتّلا على أساس لا علم ، وقريبا اطّلعت على نشرة ، وأظنّها لبعض من تحمّس في الوقت الحاضر ، لتكتّل إسلاميّ سلفيّ مزعوم ، لقد تكلّم كثيرا في أوّل هذه النّشرة كلاما مقبولا ، ولكنّه في آخرها انحرف عن الخطّ ، حينما بدأ يزعم إلى متى نظلّ نشتغل بأنّ هذه أحاديث صحيحة ، وهذه أحاديث ضعيفة وهذه سنة وهذه بدعة ، يجب أن نشتغل في الاقتصاد والسياسة ونحو ذلك ، فعجبت لأنّنا نشعر والأسف ملئ قلوبنا ، أن هذا الذي يدندن في إنكاره ، حيث أنّ هناك بعض الأفراد في العالم الإسلامي يعملون في علم الحديث ولا يوجد أفراد يعملون فيما هو فيما هو يدندن فيه الآن من المعرفة بالسّياسة والاقتصاد ونحو ذلك ، فكيف يريدون أن يقيموا تكتّلا لا يوجد في هذا التكتل أفراد ، بالعشرات إن لم نقل بالمئات هم ينهضون ببعض الفروض الكفائيّة ، التي يستحيل أن تقوم قومة جماعة تريد أن تتكتّل على حساب الدّعوة الإسلامية ، إلا إذا وجد فيها هذه الجماعة إلاّ إذا وجد فيها عشرات إن لم نقل المئات من المتخصّصين في كلّ العلوم ، الّتي لا يمكن أن تقوم عليها قائمة الجماعة ، فضلا عن الدّولة المسلمة إلاّ على أساس المعرفة بهذه العلوم كلها ، فهذا الكلام يشعرنا ، بأن هؤلاء الناس ، يتجاوبون مع العواطف ولا يتجاوبون مع العقل و العلم ، لأنّ هذه الجماعة إذا كانت تشكوا من عمل أفراد في جانب من العلم الشرعي يلّي هو من الفروض الكفائية ، ويريدون أن يعمل هؤلاء أو غيرهم في الجوانب الأخرى ، من العلوم التي هي من الفروض الكفائية ، وليس هناك من يعمل فكيف يكون عاقبة هذا التكتّل ، الّذي يقوم على الجهل وليس على العلم ، بالمعرفة بالإسلام من كل جوابنه ، هذا في الواقع يشعرنا بأن الناس يستعملون أمرا لا يستطيعون الوصول إليه ، إلاّ بعد أن يتخذوا المقدّمات والوسائل الّتي تؤدّي بهم إلى الغاية المنشودة ، هذا بلا شكّ عاقبة من ينسى أو يتناسى أن يمشي في دعوته إلى الإسلام على خطى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ، الّتي قامت على أساس التّثقيف ثم التّكتيل ، هذا جوابي عن هذا السّؤال .
السائل : سؤال آخر , يقول بعض الإخوة ما رأيكم في تكتل يعني يقصدون به برنامج لتنظيم الوقت والجهد والتوجه ، ضمن طاعة فطريّة مثل طاعة المتعلّم للعالم , طاعة الصّغير للكبير , طاعة اللاّحق للسّابق ، بشرط أن يخلو هذا التجمّع من بيعة ، أو طاعة ملزمة أو تميّز عن عامّة المسلمين بإشارة أو شكل أو يافطة أو رسم أو ولاء أو براء لإقامة هذه التخصصات المنشودة في العلوم الإسلامية المطلوبة لإقامة دولة الخلافة أو استنئناف حياة إسلامية جديدة إن شاء الله ؟
الشيخ : بلا شك أن جواب هذا السؤال هو للإيجاب لكن هذه في الواقع تحتاج إلى أناس ممن أشرنا إليهم آنفا ، أن يكونوا قد أوتوا حظا من العلوم الضرورية ، أنا لعلي ذكرت لكم في بعض المناسبات مرارا وتكرارا ، أنّ التكتّل الإسلامي يحتاج إلى أفراد مختلفي الاختصاصات مثلا , ينبغي أن لا نتصور من كان خطيبا ، مفوّها يأخذ بألباب وبقلوب السامعين لخطبه أن يكون عالما بالكتاب والسنة كما أننا لا ينبغي أن نتصور العكس تماما ، أنّ من كان عالما بالكتاب والسّنّة أن يكون خطبيا مفوّها ، أو يكون قد جمع العلوم كلّها ، كما تحقّق ذلك في أفراد في كلّ هذه القرون الإسلامية ، أي أن يتوفّر في شخص واحد ، كلّ المقتضيّات والمتطلبات التي لا تتطلبها الدعوة ، هناك أفراد قليلون جدا جدا ، يعدّون بالأصابع ، وعلى رأسهم شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ، ولذلك فهذا النقص الذي يوجد في مجموع الأفراد ، إنما يكمل بتكتّل هؤلاء الأفراد ، وتطعيم كل علم بالآخر ، مما قام في مجموعة من الأفراد ، ولذلك فهذا الذي جاء في هذا السؤال هذا أمر واجب ، مما يصح أن يقال فيه ، لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيع عنزان ، ولكن أين أولئك الرجال الذين يستطيعون أن يقوموا بهذا الواجب ؟ هذا في اعتقادي وإن كان غير متحقّق ولكن على أيّ جماعة قلّت أو كثرت ، أن تعمل في حدود استطاعتها وأن يجتمعوا على تحقيق شيء من هذا المنهج ، الذي دار السّؤال حوله ، ففي اعتقادي أنّ المسألة تحتاج إلى عشرات العلماء ، وهؤلاء غير موجودين ولذلك فعلينا أن نسعى لإيجاد هؤلاء الأشخاص ثم أن يتكتلوا على عقيدة ، وعلى كلمة سواء وأن يسعوا في تطبيق هذا المنهج ، لأن الواقع هذا الذي جاء حوله السؤال الثاني ، هذه تحتاج إلى دولة ، والدّولة تحتاج إلى أسس وقواعد كثيرة وكثيرة جدا ، هذه القواعد هي الأفراد الذين تحقّق فيهم ما يجب أن يتحقّق في المجموعة الإسلاميّة من المعرفة بالكتاب والسّنّة ، وهؤلاء كما أظنّكم تشاركونني الرّأي قلّة في العصر الحاضر ، وخلاصة القول أنّ هذا العمل وفي حدود هذا المنهج ، أمر واجب لا خلاف فيه ، ولكن أين أولئك الذي يعملون ؟!
السائل : طرح بعض الإخوة في هذا الباب ، باب السؤال الثاني ، أن يقوم طلاب العلم بالتجمع ، ويتدارسوا فيما بينهم ابتداءا ثلاثة علوم ، علم العربية وعلم الحديث وعلم أصول الفقه ، لأنّ هذه العلوم الثلاثة ، ضرورية لكلّ طالب علم ، ثمّ يوجّهوا بعضهم فيما بينهم إلى التخصّصات ، في التفسير ، في الفقه ، إلى غير ذلك من علوم الشريعة ، فهل هذا له أثر طيب في هذا ... ؟
الشيخ : لا ، لا شك أخي هذا أمر بدهي جدا ، لكن أين هؤلاء الأشخاص ؟
السائل : كما قلت في حدود استطاعتهم .
الشيخ : طيب ، إذا (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم وسوله )) فالمسألة تحتاج إلى عمل .
الحلبي : ورد في من خلال السؤال الأول الذي ذكره أخونا من خلال جوابكم شيخنا في المسألة الأولى والثانية ، لفظة التكتل أكثر من مرة ، فحبّذا لو زيادة إيضاح حول لفظة تكتّل بالمعنى الشرعي ، وبالمعنى العصريّ ، وما هو الجائز وما هو الممنوع من خلاله ، حسب المعطيات الّتي نعيشها ، نحن من خلال الواقع العصري وجزاكم الله خير ؟
الشيخ : طبعا نحن نريد من كلمة التكتل ما جاء في الكتاب والسّنّة ، وبخاصّة السّنّة الّتي توضّح كما هي شأنها دائما وأبدا ما كان مجملا ، في الكتاب الكريم ، فكثيرا ما ردّدنا على ما مسامعنا قوله تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنّم وساءت مصيرا )) فنحن نعني بالتكتل خلاف ما يعنيه غيرنا بهذه الكلمة أو بما يرادفها عندهم ، من التحزب ، لا نريد بهذا التكتل إلا تجميع المسلمين ، كلّهم على طريقة الكتاب والسنة (( وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه ، ولا تتبّعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله )) والحديث الذي يقول ( يد الله على الجماعة ... ) والحديث الآخر الذي جاء فيه ( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) فنحن نريد بالتكتل أن يتعاون المسلمون على فهم الكتاب والسّنّة ، وعلى تطبيقه في حدود استطاعتهم ، ولا نريد من هذه الكلمة ، ما يراد من كلمة الحزبيّة في العصر الحاضر ، لأنّ الإسلام يحارب التفرّق الّذي ينافي التكتّل ، ولكن التكتّل ينافي التحزب أيضا ، لأن التحزّب يعني التعصّب لطائفة من الطّوائف الإسلاميّة ضدّ الطوائف الأخرى ، ولو كانوا على حقّ ، فيما هم سائرون فيه ، فأظنك تريد هذا البيان إن شاء الله .
الحلبي : جزاك الله خير
السائل : لعلّ الأخ علي كما جاء في السؤال بأن هذا التجمع أنه يكون بدون بيعه وبدون طاعة ملزمة ، وبدون تميّز عن عامة المسلمين ، بشكل أو برسم أو بيافطة أو بولاء أو ورق وهذا هو التحزب
الشيخ : صحيح .
السائل : السؤال الثّالث يقول هل إعادة الخلافة الراشدة ، واستئناف حياة إسلامية على مستوى الأمة ، يستلزم إقامة التكتل المذكور في السؤال الثاني ، أم أنّ الجهد الفردي ، المبعثر هنا وهناك يكفي في ذلك ؟
الشيخ : ما يكفي ، لا بد من التكتّل في الحدود الّتي سبق الكلام عليها .
السائل : السؤال الرابع هل المأخذ على الأحزاب الإسلامية المعاصرة ، هو في تأسيسها ابتداءا ؟ أم في مناهجها ؟ أم في تحزبها والولاء والبراء على ذلك أم يجتمع كلّ ما ذكرنا ؟
الشيخ : في اعتقادي إما كان كل ما ذكرت يجتمع فأكثره ، وأصل ذلك أن هذه التكلات ، وهذا الذي نحن نلفت النّظر عليه دائما حتى لو قام تكتّل سلفيّ محض ، فيجب أن يكون على العلم ، هذه التكتّلات لم تقم على العلم وعلى المعرفة بما جاء في الكتاب والسنة ، على الأقلّ فيما يتعلّق بمنهجهم وتكتّلهم الخاصّ ، ولذلك كان تكتلهم حزبيا مفرّقا للأمّة ، أو زاد في الأمّة تفرقا على تفرّق ، ولذلك فقديما قيل ( من رأى العبرة بغيره فليعتبر ) فلا يجوز نحن بدورنا إن حصل تنظيم سلفي ، في الحدود والقيود التي سبق ذكرها ، إلّا أن يكون قائما على الكتاب والسّنّة وهذا يتطلّب علماء ، أنا أعتقد مشكلة أيّ تكتّل يقوم في العالم الإسلامي هو فقدهم
سائل آخر : السّلام عليكم
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته ,للعلماء الكثيرين لا يكفي واحد أو اثنين أو ثلاثة أو خمسة أو عشرة وإنما يجب أن يكون هناك العشرات من العلماء ومن ذوي الاختصاصات المختلفة ، فهذه الجماعات أو هذه الأحزاب عيبها أنها لم تكن قائمة على أساس من المعرفة بالكتاب والسنة ، و فيما هم يعملون ويتكتلون حوله ، ومن آثار ذلك أنهم يعادون من لم يكن في تكتّلهم وفي منهجهم ، ولو كان أخا مسلما صالحا ، يعادونه لأنّه لم ينظمّ إلى هذا التكتّل الخاص ، أو التحزّب الخاص ، بل وصل الأمر بحزب من الأحزاب المعروفة إلى أنّ من مبادئهم ، أن يفرضوا على كل فرد من أفراد حزبهم أن يتبنّوا أيّ رأي يتبنّاه الحزب ، مهما كان هذا الرّأي لا قيمة له ، من النّاحية الإسلامية ، لكن قيمة هذا الرأي من الناحية التكتليّة الحزبية ، فإذا ذلك الفرد من ذاك الحزب لم يقتنع برأي ، من رأي ذلك الحزب فصل ، ولم يعتبر من هذا الحزب الذي يقولون أنه حزب إسلامي ، وهذا معناه أن يعود هؤلاء النّاس إلى ما يشبه النّصارى في اتّباعهم لأحبارهم في تحريهمهم وتحليلهم ، أولئك الذين نزل في حقّهم قوله تبارك وتعالى (( اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم )) ينبغي على أيّ تكتل إسلامي صحيح ، أن يعطى للأفراد حريّتهم العلميّة فلا مانع أن يكون في ذلك التكتّل الإسلامي شخصان أحدهما يخالف الآخر ، لأنّنا نعتقد كما قيل قديما " وكلّ خير في اتبّاع من سلف وكل شر في اتّباع من خلف " فكما نعرف أنّه كان في السّلف الأوّل نوع من الاختلاف في بعض المسائل الشرعيّة ، فما كان ذلك بالذي يلزم الحاكم المسلم ، بأن يفرض رأيه على كلّ مسلم ، يتبنّاه ولو كان مخالفا لرأي هذا الفرد ، وممّا يحسن ذكره بهذه المناسبة ، رأي عمر رضي الله عنه ، وهو الخليفة الرّاشد ، والّذي شهد له الرّسول عليه السّلام بقوله ( ما سلكت فجّا إلا سلك الشّيطان فجّا غير فجّك ) كان قد رأى بعض الأراء ومع ذلك فقد خولف فيها وإن كان اتّبعه في ذلك بعض من جاء بعده ، كمثل نهيه الناس عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، علما بأن ذلك وارد في الكتاب وفي السّنّة الصّحيحة (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي )) لكنّه رأى لمصلحة بدت له أن يمنع الناس ، أن يجمعوا بين العمرة والحج ، وتلقّى ذلك منه الخليفة الثالث الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فمنع الناس أيضا في خلافته أن يجمعوا بين الحج والعمرة ، ولما حجّ وأعلن ذلك على النّاس ، وهنا الشاهد وقف في وجهه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال له مالك تنهى عن شيء فعلناه مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ورفع صوته قائلا ، لبيك الله بعمرة وحجّ ، الشّاهد إذا كان هؤلاء السّلف الصّالح ، لم يتخّذوا ذلك الموقف ، الّذي اتخذه أحد الأحزاب في العصر الحاضر ، إذا لم يتبنّى رأيا أحسن ما يقال فيه إنه اجتهاد لا نص فيه ، مع ذلك يفرض على الأفراد أن يتبنوه وإلا فصلوا وأخرجوا من ذلك التكتل ، هذا بلا شك إنما يأتي من الجهل بأوّلا بالكتاب والسنة وما كان عليه سلفنا الصالح ، أنا أشير إلى حزب التّحرير حيث يتبنّى مثلا من الناحية السياسية أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تنتخب وأن تنتخب هذا رأي مع أنه بالنسبة لوجهة نظرنا مخالف لما كان عليه سلفنا ، لكن هب أنّها وجهة نظر ، يعني لها قيمتها ، هل يصل الأمر أن يقال لكلّ من كان من هذا الحزب ، إن لم تتبنّى هذا الرأي ، فأنت لست منّا ، هذا هو عاقبة الجهل ، بالكتاب والسنة وما كان عليه سلفنا الصّالح ، هذا جواب أيضا ما سألت .
السائل : السؤال الخامس يقول هل دعوة هذه الأحزاب للقّاء والتّعاون ونبذ الخصومات مجدي في نظركم الآن ؟ وقد تفرز هذه الدعوة تجمّعا جديدا من صالح الجماعات الذين يرون تحزّب جماعاتهم ، فما رأيكم بارك الله فيكم في هذا الباب ؟
الشيخ : نحن ما نمتنع أبدا عن أن نمدّ يدنا إلى كلّ من يدعونا إلى التّفاهم والتّعاون لكن بالشّرط الأساسي الّذي نحن ندين الله به على الكتاب و السّنّة ، فكلّ من دعانا إلى ذلك فنحن نستجيب ونتعاون ولا نخشى بعد ذلك أن توجد كتلة جديدة هي مثل سابقاتها من الانحراف قليلا أو كثيرا ، عن الكتاب والسنة ، وهذه ظاهره بدت الآن مع الأسف بالنسبة لبعض إخواننا الذين كانوا ولا يزالون يدندنون حول الدعوة إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ، ولكنهم بدؤوا منذ أمد قريب يعملون في المجال السّياسي ، وبذلك سيضعف نشاطهم في الدّعوة للمسلمين بعامّة ، إلى أن يتعرّفوا إسلامهم على ضوء الكتاب والسنة بالاختصار لا نمتنع عن التّعاون بشرط على أساس الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح .
السائل : سؤال آخر وقد يكون امتداد للسّؤال الأوّل ما رأيكم بالأحزاب الإسلامية القائمة الآن ، وهل ترون الوقوف معها في القضايا المشتركة الصّحيحة بيننا و بينهم ، على الرّغم من وجود انحرافات في أمرين عندهم ، الأمر الأوّل انحراف في مناهجها ، الأمر الثّاني عدم قيامها هي بنصرة من يناصرها ، إذا كانوا لا ينتمون إلى تنظيماتها وهل هذا القيام معهم في الأمور المشتركة ، يصرف الدعوة للسلفية عن خط سيرها ، القائم على التّربية والتصفية أو التّصفية والتّربية ؟
الشيخ : هذا كما قلت سبق الجواب عنه فيما سبق نحن لا ننضم إلى تكتل فيه مخالفة ، وفيها إعراض عن الاشتغال بالدعوة إلى الكتاب والسنة ، تفصيليا ، لكننا نتعاون معهم في حدود ما عليه هم من الحق ، ولكنّنا لا نتحزّب ولا نتكتّل معهم هذه التكتلات اليوم لا تنجو من التحزب ، وهذا يلاحظ كثيرا وكثيرا جدا ، فبعض التكتّلات أو الأحزاب نجدهم يختارون أفرادا في بعض البلاد ، ما عرفوا تاريخها ولا تاريخ اتّصالها بالدعوة السلفية ، ولا عرفوا مسلكهم في الحياة و استقامتهم وحرصهم على العبادة كما جاء في الكتاب والسنة يكتفون من هؤلاء أن يوافقوا معهم على هذا التّكتّل ثمّ لاشيء بعد ذلك إلاّ التّعاون على هذا الأساس المعمّى ، والذي لا يعرف المتعاونون فيه أنّه يجب عليهم أن يصفّوا أنفسهم قبل كلّ شيء ، من كلّ ما يخالف الشريعة ، هذه علامة بارزة جدا ، حينما يتوجّه بعض الأحزاب ، لاختيار من يوافقهم على تكتّلهم ، ولو لم يكن هناك في تمسّكه بشريعة الله عزّ وجلّ ، وبالأخلاق الإسلاميّة ، فإذا نحن نظلّ على ما نحن عليه ، ندعوا وندرس ونتعلّم ولسان حالنا وقالنا يقول (( ربّ زدني علما )) ولا نزعج أنفسنا بمثل هذه التكتلات التي ستصرف من كان من قبل يدعو إلى الكتاب والسنة ، ستصرفه عن هذه الدعوة ، بسبب الاشتغال بالنواحي السياسية وبحرص الأفراد على أن يصلوا إلى مناصب ومراكز كما وقع ذلك في أحزاب سبقت مع الأسف الشديد. نعم
السائل : السؤال الأوّل يقول واقع السلفية في الأردن أغرى بعض الناس للقيام بدعوة إلى تكتلات وتنظيمات باسم السلفية ، وهذه التنظيمات اختلفت في توجهاتها باختلاف دعاتها فمنهم من أراد أن يسير السلفيين في موجة الديمقرطية المزعومة الموهومة ، وتكوين أحزاب سياسية على غرار الإخوان المسلمين ، وبعضهم يريد تكوين أحزاب لها صلة بجماعات الجهاد ، وآخرون يريدون تحويلها إلى جمعيات خيرية أو لجان زكاة ، فنرجو من فضيلتكم كلمة حول هذا الواقع ؟
الشيخ : كل ذلك مما يصرف الداعين إلى مثل هذه التكتلات ، عن الدعوة الصحيحة ، التي كان بعضهم فيها برهة من الزّمن ، والآن كما قلت لبعضهم كالجمعيّات الخيريّة مثلا ، هذه يستطيع أن يقوم بها العادي من الناس ، بل لعل النصارى مع الأسف الشديد هم أبرع في مثل هذا العمل ، ولذلك فلا يجوز لمن كان قد أوتي شيئا من العقل والعلم أن يضيّع جهده ووقته في مشروع خيري يستطيع أن يقوم به عامّة النّاس مع توجيه من بعض العلماء أو طلاّب العلم لهم فيما يوافقون فيه الشرع ، في قيامهم بهذا العلم الخيري أنا أضرب لكم مثلا بسيطا جدا ، يؤكّد لنا ضرورة العلم بالكتاب والسنة في كل هذه الجوانب من الأمور ليس فقط سياسيا أواقتصاديا بل والخيرية ، كثير من الجمعيّات الخيريّة تجمع الأموال من المتصدقّين قسم منها هي زكاة أموالهم وقسم منها صدقات عامّة فهم يجمعون هذه الأموال في صندوق واحد ثمّ ينفقونها فيما لا يجوز أن ينفق فيه الأموال التي جمعت باسم الزكاة ، لأنّ الزكاة يجب أن تصرف إلى المصارف الثمانية المذكورة في القرآن الكريم ، فكثير من هؤلاء يجمعون أموال الأغنياء باسم الزكاة ثم يصرفونها في مشارع خيرية ، ولو مثلا كبناء مسجد ، بناء مسجد بأموال الزكاة لا يجوز أموال الزكاة يجب أن تعطى لأصحابها للفقراء والمساكين والعاملين عليها ، أما بأن يقام بأموال الزكاة مشاريع خيرية باسم الخير هذا خلاف الشرع وهذا أبسط مثال يوضّح أن أيّ جماعة أو أيّ جمعيّة تقوم ، لا بدّ أن يكون فيها أهل علم حتى يوجّهوا مسيرتها إلى الخير ، الذي دعى إليه الإسلام ولذلك فهذه التكتلات وهذه التجمعات ، أظن فيما سبق من الكلام ، فهو تكرار إلى أنها تضيّع على العاملين في الحقل السّلفي جهودهم وعلمهم فيما لا ينبغي ان يصرفوه إليه ، هذا الذي ندين الله به .
السائل : طيب هل ترون مجابهة هذه الأوضاع يعني
الشيخ : ما نستعمل كلمة المجابهة ، نحن نظلّ في طريقنا وفي سبيلنا ، وننصح هؤلاء الذين بدؤوا يميلون قليلا أو كثيرا ، حتى ما يبعدوا عن الدعوة الإسلامية مع الزمن الطويل ، لا نجابه وإنما ننصح ونعظ .
السائل : نستخذم كلمة أخرى التحذير ممن يعني يدعي السلفية وهو ينظّم تنظيمات أخرى ؟
الشيخ : ما فيه مانع ، البيان يطرد الشيطان .
السائل : نعم
الشيخ : نعم
السائل : سؤال يقول إذا خاف الدعاة من بطش الأنظمة القائمة ، هل يجوز لهم العمل بسريّة ، وما هي حدود هذه السرية ، وما رأيكم فيمن يدّعي أنّ مرحلة السرية نسخت من الدعوة الإسلامية ؟
الشيخ : أنا ما اعتقد أن الأوضاع السياسية الآن ، تصل بالمسلمين ، أن يعودوا في دعوتهم الحق ، يعني دعوة التوحيد ، دعوة عبادة الله كما شرع الله أنّهم يضطرون إلى أن يدعوا إليها سرا ، ما أظنّ هذا ولأن عاد الكفر سيرته الأولى ، كما كان الأمر في عهد الرّسول عليه السّلام الأوّل ، فبطبيعة الحال ، لا مناص من القول بجواز التستّر بالدعوة ، لكنّي أعتقد أن الآن الزمن زمن حرية فعلا ، وبخاصة فيما يتعلق بالعبادات الشخصية والعقائد الشخصية ، فهذه الحكام هؤلاء ، ما يتدخلون إلى الآن فيما نعلم بمصادمة الإسلاميين في ذوات أعمالهم وعقائدهم ، لكن لا سمح الله ، إن وصل الأمر في بعض الحكاّم أو في بعض الظّروف فلا مناص من ذلك ، لأنّ الرّسول عليه السّلام يقول في الحديث المعروف ( فإن لم يجد فبلسانه ، فإن لم يجد فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) ، لكن اعتبر أن السؤال نظري وغير عملي اليوم .
السائل : طيب يا أستاذ إذا كان في المناطق الموجودين نحن فيها فهناك في بعض البلدان ، ممن يظهر الدعوة إلى السنة ، يؤخذ ويقتل ويحارب مثل ليبيا ومثلا في العراق ، وضع إخواننا في العراق سيّء جدا ، لا يستطيع اثنان يلتقيان .
الشيخ : ما يلتقوا في المساجد ؟
السائل : بشكل عام .
الشيخ : يكفينا ذلك ، يا أخي أنت رجعت الآن إلى التكتل ، وتقول ما يستطيع اثنان أن يجتمعا يعني ما يستطيعان أن يجتمعا على أساس التنظيم ؟
السائل : لا كدعوة كدرس مثل هذا الدرس .
الشيخ : معليش لكن في المساجد موجود هذا اللقاء ، وهذا لم يكن في العهد الأوّل ، يعني المهم على كل حال ، نرجو ان لا يشتدّ الأمر في أيّ مكان كان ، لكن السريّة في العبادة فضلا عن الإعلان بالعقيدة ، هذا أمر ضرورة من الضّرورات لا يمكن أن يقال لا ، لا يجوز إما الموت وإمّا إيش ؟ الكفر لا .
سائل آخر : يعني كمبدأ يجوز الدعوة إلى الإسلام سرا ، إذا خشي الإنسان على نفسه ؟
الشيخ : هذا هو , نعم .
الحلبي : يقول بعضهم إن الدعوة السلفية دعوة قائمة على العقيدة والتوحيد ولكنها تنسى أو تتناسى إما علما أو تطبيقا الدعوة إلى الحاكمية لله وتحذير الناس من طواغيت البشر الذين يشرعون من دون الله ، فما هو قولكم في هذا الكلام وردّكم عليه ؟ بارك الله فيكم .
الشيخ : هذا الكلام نحن نسلّم به مبدئيّا لكننا لا نوافق هؤلاء الناس ، الذين يريدون أن يجابهوا الطواغيت في حدّ تعبيرهم ، وهم لم يقضوا على الطّاغوت القائم في نفوسهم ، والحقيقة أنّ هذا الكلام هو نابع من أسلوب دعوة هؤلاء الجماعات هم يتهّموننا بهذه التّهمة ، نحن نعتقد أن هذا العمل سابق لأوانه ولسنا ننكر وجوب الإنكار على كلّ من يحكم بغير ما أنزل الله ، ولكن نحن نعتقد هل آن الأوان بأيّ حزب من الأحزاب الإسلاميّة القائمة اليوم ، أن يظهروا أمام الحكّام الّذين يحكمون بغير ما أنزل الله ، بدون أن يستعدّوا لذلك الاستعداد ، الّذي ندندن حوله دائما وأبدا ، الاستعداد الروحي أوّلا ، ثمّ الاستعداد المادّي ثانيا ، فهم يستبقون الأمور ويستعجلون ، هم يظنون إنه مجرد رفع الصوت أمام هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله هو نصر للإسلام ، بينما النصر الإسلام حقيقة يكون بفهم هؤلاء الإسلام فهما صحيحا ، وجعلهم الإسلام في حدود طاقتهم يمشي معهم على وجه الأرض ، وأنا في اعتقادي أن التاريخ يعيد نفسه ، فكما كان المسلمون في العهد الأوّل لا همّ لهم إلا أن يفهموا الدّعوة ، من منبعها من رسول الله صىلّى الله عليه وسلّم وليس أن يجابهوا الكفار والمشركين ، إلا حوادث فردية قد تقوم، لكن كتكتل و تجمّع لم يقع ذلك إلا بعد أن هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة فهذه شنشنة نعرفها من أخزم وبخاصّة أنّ قد وقعنا في تجارب عديدة ، في بعض البلاد الإسلامية من الإعلان في محاربة الكافر الّذي يحكم بغير ما أنزل الله دون الاستعداد النّفسي والمادي ، فما كان عاقبة ذلك إلا خسارة لحقت بالدعوة الإسلامية ، في كثير من البلاد الإسلامية ، ولذلك فنحن يجب أن نمشي وأن نأخذ بالأسباب الشرعيّة ، والكونيّة في الدّعوة إلى المعرفة بالإسلام والعمل به كما كنت أجمل ذلك بكلمتين موجزتين وهي لا بد من التصفية والتربية ، وكلّ الأحزاب الإسلاميّة لا تقوم على هاتين الركيزتين التصفية والتربية ، ليس هناك تصفية ، بدليل أنّك لو نظرت في كلّ جماعة أو في كلّ حزب هل عندهم علماء ؟ علماء في التّفسير ؟ علماء في الحديث ؟ علماء في الفقه المستنبط من الكتاب والسنة ؟ بعد ذلك علماء في السياسة ؟ علماء في الاقتصاد ؟ ليس هناك شيء من هذا إطلاقا ، فإذا كيف يستطيعوا أن ينهضوا بهذا العمل العظيم جدا ، وهو تطبيق الحكم الإسلامي على وجه الأرض ، وإعادة الخلافة الراشدة " فاقد الشيء لا يعطيه " لذلك لا بدّ من اتّخاذ هذه المقدّمات التي تقوم على هاتين الكلمتين ، التصفية والتربية ، وليس هناك علماء يصفّون الإسلام من كل دخيل فيه ، سواء كان في العقيدة أو في الأحكام أو في السلوك أو في العلوم الحديثة التي جدت اليوم ، مما يعرف بالسياسة أو الاقتصاد أو نحو ذلك ، فالحكمة التي نكررها كثيرا بهذه المناسبة " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه " وتلك الحوادث التي وقعت في البلاد التي أشرنا إليها ، كالحرم المكي مثلا ومصر وسوريا ، كلها آثار ونتيجة لهذا الذي ينكرونه علينا ، وهم يظنّون أنهم قد أحسنوا صنعا .
الحلبي : يقول بعضهم إن منهج الدعوة السلفية في التعبير قائم على التصفية والتربية ، وهو أمر مفهوم واضح كما سبق قريبا ، فهل من الممكن تصور التغيّر المنشود لأنظمة الكفر وإن شاء الدولة الإسلامية المنتظرة نتيجة القيام بمنهج التصفية والتربية هذا فقط ؟
الشيخ : طبعا هذا يستلزم التربية ، يستلزم التكتل الذي قلنا عنه آنفا ، هؤلاء يسألون هذا السؤال ، نحن نقابل سؤالهم بسؤال كيف قامت الدولة الإسلامية في الأوّل ؟ في أوّل ما نشأت كيف قامت ؟ أليس على التربية والتصفية ؟ هذا هو جوابنا التّاريخ يعيد نفسه ، هم يتوهّمون أنّنا نقصد التربية والتصفية ، أننا لا نعمل ، لا نجاهد لا نحمل السلاح ، لا نقاوم الكفر ، هذا ليس من ضمن التّربية والتّصفية ، بل ذلك العكس هو من لوزام التّربية والتّصفية ، أن نعمل لذلك ، لكن البحث متى يكون هذا ؟
الحلبي : نعم
الشيخ : هذا هو
الحلبي : جزاك الله خير .
السائل : كان السّؤال يعني نريد أن نسأل حضرتك في حالة عدم وجود جماعة المسلمين وإمامهم ، هل نحن مأمورون بالعمل على إيجاد جماعتهم وإمامهم ؟ وما صورة ذلك لعلّه تضمّنه كلامك السابق .
الشيخ : هو هذا ، أنا بشوف كثير من الأسئلة تدور حول قضية واحدة .
الحلبي : يعني هذه الأشياء التي تدور كلّ كما يريد بعقله .
الشيخ : هذا صحيح .
السائل : يا أستاذ في سؤال سمعته في زيارتي الأخيرة للكويت ومن بعض إخواننا في السعودية ، سمعت منهم يكررون كثيرا في مجالسهم ، فلان سيكون خليفة الشيخ ناصر مستشهدين ببعض الأسماء التي وردت في أشرطة لك أو بثناء معين لبعض الإخوة ، فماذا تقول لهؤلاء الإخوة ،؟
الشيخ : أقول أرجو أن يكون هناك ، من يخلف الشيخ بأحسن ممّا كان هو عليه ، لكنّنا لا نسمّي أشخاصا ولا يمكنني أن أسمي أشخاصا ، لكن ما هي الحصيلة وراء هذا ؟
السائل : يعني يريدون توجيه الأنظار لشخص معيّن لاستقطاب به ...
الشيخ : الله أعلم به ، لقد زعموا بأنني قلت بالنّسبة لأخونا الحويني ، لكن أنا ما قلت ذلك ولن أقول .
السائل : وذكروا بالنسبة للشيخ مقبل ، ذكره أيضا أنك ذكرت الشيخ مقبل .
الشيخ : إي ذكرته بخير نعم ، لكن ما ذكرت أنه يكون الخليفة يضحك الشيخ رحمه الله
الحلبي : اصطلاح الخليفة جميل يعني ...
السائل : هذا ما عندي
الشيخ : ونذكر إخواننا لنا أيضا قريبين منّا ، الأخ علي وأنت وأمثالكم كثير ، لكن ما نقول أنّهم خلفاء ، نحن نرجو أن يكونوا خيرا منّا فيما بعد
السائل : الله يجزيك الخير .
الشيخ : بل وفي الوقت الحاضر ، وأستغفر الله .
السائل : جزاك الله خيرا يا أستاذ
الشيخ : وإيّاك
السائل : هذا ما عندي يدور في ...
الشيخ : نسمع من إخواننا
السائل : لعلّ الله يجعل لهم فيه خيرا ومخرجا إن شاء الله
الشيخ : إن شاء الله
السائل : جزاكم الله خيرا
الشيخ : وإيّاك .
السائل : إذا كان التكتل محظورا أمام أولئك أمام الذين لم يرسخ كعبهم بعد في العلم ومختلفه ، فهل كان للعلماء الأجلاء الذين لهم دور بارز في هذا المضمار أو هذا المجال ، ألا يكون لهم لقاء مع العلماء الآخرين ، حتى يعملوا على التكتل ، ويكونوا القدوة لنا ؟
الشيخ : الجواب بلى ولكن أين هم ؟ وتعلم أنت أنّ نظام الكون أنّ أوّل الغيث قطر ثم ينهمر ، كلّ بلدة يجب أن يكون فيها علماء بالمعنى الواسع الذي ذكرناه آنفا ، وأن يتكتّلوا على هذا الأساس الّذي ذكر فيما سبق ، لكن أنا في اعتقادي ، أنّه لا يوجد علماء ، لأنّ هؤلاء الّذين يتوهّم عامّة الناس أنهم علماء هم في الواقع طلاّب علم ، مثلي أنا طلاّب علم ، فهم مشغولون الآن بطلب العلم ولذلك فالدّور الذي أنت تنشده ، وتطلبه من هؤلاء ، هو أيضا سابق لأوانه ، بالنّسبة لهؤلاء الّذين تظنّون ، أنهّم علماء يعني الآن لا نذهب بكم بعيدا ، أنا الآن لا أستطيع أن ألقي درسا ، مش أعمل تكتلا مع أمثالي مثلا من طلاّب العلم ولا نزيد على ذلك ، لماذا ؟ لأنّي أجد نفسي مضطرّا إلى أن أعمل في دائرة معينة ، وهو من خدمة السنة ، وإجراء أو تحقيق وتطبيق جانب ممّا نسمّيه بالتّصفية جانب وهوة تصفية السّنّة ، ممّا دخل فيها ، فأنا مثال لأولئك العلماء الذين أنت تشير إليهم وتتساءل ألا يستطيعون أن يجتمعوا وأن يتكتّلوا ؟ فأنا أقول قبل كلّ شيء عن نفسي ، والأمر كما قال تعالى (( بل الإنسان على نفسه بصيرا )) و أعتقد أن الآخرين مثلي ، يعني كل لديه ما لا يسمح له بأن يمشوا خطوه ، إلى المشروع الذي ذكرته آنفا ، وجاء الكلام ودار الكلام حوله سابقا فلذلك هذا الأمر في اعتقادي لا يتحقّق إلاّ بعد أن تمتلئ المجتمعات الإسلامية ، بعشرات العلماء الناضجين ، الذي وصل بهم الأمر إنه كما يقولون عندنا في سوريا ، ما عندهم عمل إلا سند الحيطان ، أو إلقاء رجل على رجل ، هؤلاء يجب أن يعملوا لكن أين هؤلاء الذين أكملوا علومهم أو علمهم وتخصّصهم كلّ منهم ثمّ لم يبق لديهم إلا القيام بهذا التكتل فالقضيّة تدور حول استباق الأمور ، وأنّ هذا أمر سابق لأوانه ، غير مستطاع سواء ما يتعلق أو ابتداءا فيما يتعلق بالأفراد ، ثمّ بما يتعلّق بالمجتمع السّياسي أو الدّولي أو ما شابه ذلك ، فلعلّ هذا الجواب واضح بالنسبة لسؤالك ؟
السائل : وهل كان في عهد ابن تيمية رحمه الله علماء أجلاّء كانوا يعاونونه على ما أقدم عليه ...
الشيخ : وكيف لا ، وأين أنت من ابن القيم ؟ وأين أنت من ابن بعد الهادي ؟ وأمثالهم كثير وكثير جدا .
السائل : إذا كان هو العالم ، وأولئك تلامذته ، فتعاون المعلّم والتلميذ على مواصلة المشوار أليس كذلك ؟
الشيخ : هو كذلك ، ولكن ذاك ابن تيمية بارك الله فيك
السائل : وعهدنا بك لا تقلّ عن أولئك
الشيخ : أعوذ بالله
السائل : ومن تشبّه بأهل الخير فهو منهم.
الشيخ : اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون ، الله أكبر
السائل : وبالقياس
الشيخ : لا أنتم واهمين يا جماعة ، الله أكبر ... .
السائل : يا شيخنا بالقياس ، بالقياس نرى هذا الأمر واضحا جليّا لدينا.
الشيخ : لا ، أنا أقول لك بصراحة تب إلى الله.