About the fatwa

Date :

Wed, Oct 29 2014
Question

زنى بامرأة متزوجة بينها وبين زوجها خلاف ، فهل له أن يتزوجها إذا طلقها زوجها ؟

السؤال : هناك امرأة زوجها سكير يؤذيها بدنياً ، ولهذا تركت البلد واتجهت شمالاً في الولايات المتحدة الأمريكية ، وظنت أنها طلقت تلقائياً ؛ لأن شخصاً ما أخبرها أن حقيقة أنها هربت من زوجها لمدة سنة ، فإنها تصبح طالقاً تلقائياً ، قابلت رجل مسلم في العمل وأكد لها أنها لم تطلق على الحقيقة في هذا الوضع ، ولقد تعرفا على بعضهما ، ووقعت في الحب حتى أنهم ارتكبوا الزنا ، في النهاية حصلت على أوراق طلاقها ، وأكملت فترة عدتها ، وتوقف كل من الرجل والمرأة عن رؤية بعضهما البعض ، وشعرا بالندم والذنب على خطيئتهما وتابا إلى الله ، وهما يرتبان للزواج قريباً إن شاء الله . لذا فأريد أن أعرف هل هذا الزواج صحيح ؟ وقد سمعت أن هناك بعض علماء المالكية يرون أن الشخص الذي يفسد الحياة الزوجية لامرأة فلا يجوز له أن يتزوج نفس المرأة ، ولكن غالب العلماء يجيزون له هذا الزواج ويعتبرون زواجه صحيح . والرجل غير متأكد هل وقع في هذه الجزئية أم لا ؟ لأن المرأة بالفعل كانت تنوي الطلاق قبل أن تقابله ، والرجل أيضاً يتبع المذهب الحنفي ، والمرأة تتبع المذهب الشافعي - إن كان هذا سيفيد - ، على الرغم من أن جمهور العلماء يقولون بصحة الزواج ، فأنا أرغب في معرفة الرأي الصحيح في ذلك .
Answer
Answer
الجواب : الحمد لله أولاً: إذا تركت المرأة زوجها أو ترك الرجل زوجته لمدة سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك أو أقل : فالنكاح باق على حاله ، حتى يوقع الرجل طلاق امرأته فعليا ؛ وما دام أن ذلك لم يحصل : فلم يتلفظ الرجل بطلاق امرأته ، ولم يكتب لها ذلك ناويا طلاقها : فالمرأة باقية في عصمته ولو طالت مدة الفراق . سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : متى تعتبر المرأة طالقاً فقال : " تعتبر المرأة طالقاً إذا أوقع زوجها عليها الطلاق ، وهو عاقل مختار ، ليس به مانع من موانع الطلاق كالجنون والسكر ، ونحو ذلك ، وكانت المرأة طاهرة طهراً لم يجامعها فيه ، أو حاملاً ، أو آيسة " . انتهى من "فتاوى الطلاق" (1/35) . وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (11681) . ثانياً: الزنا كبيرة من كبائر الذنوب ، ويشتد الإثم وتضاعف العقوبة ، إذا كانت المرأة متزوجة لما في ذلك من تدنيس فراش زوجها ، ولهذا كانت عقوبة الزاني البكر الجلد مائة جلدة ، وعقوبة الزاني المحصن الرجم حتى الموت . قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )سورة الإسراء/32. قال الشيخ السعدي رحمه الله : " والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه . ووصف الله الزنى وقبحه بأنه ( كَانَ فَاحِشَةً ) أي : إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطر ، لتضمنه التجرئ على الحرمة في حق الله وحق المرأة وحق أهلها أو زوجها ، وإفساد الفراش ، واختلاط الأنساب وغير ذلك من المفاسد . وقوله: ( وَسَاءَ سَبِيلاً ) أي : بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم" . انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" (1/457) . والواجب عليهما التوبة الصادقة والرجوع إلى الله والبعد عن دواعيه ، ومن تاب تاب الله عليه ، وللاستزادة في معرفة جريمة الزنا والتوبة منها ينظر جواب سؤال رقم : (47924) ، (138270) . ثالثاً : الأصل أنه لا يجوز للزاني أن ينكح الزانية إلا بعد التوبة الصادقة ؛ لقوله تعالى: ( الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/ 3 . والتوبة تحصل بالندم والعزم على عدم العودة إلى المعصية ، وما داما أنهما قد تابا وندما على ما وقع فيه من معصية صح نكاحهما عند أكثر العلماء . قال ابن قدامة رحمه الله : " وإذا زنت المرأة , لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين: أحدهما: انقضاء عدتها .. والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا .. ..وإذا وجد الشرطان حل نكاحها للزاني وغيره , في قول أكثر أهل العلم , منهم أبو بكر , وعمر , وابنه , وابن عباس , وجابر , وسعيد بن المسيب , وطاوس , وجابر بن زيد , وعطاء , والحسن , وعكرمة , والزهري , والثوري , والشافعي , وابن المنذر , وأصحاب الرأي . وروي عن ابن مسعود , والبراء بن عازب , وعائشة , أنها لا تحل للزاني بحال , قالوا: لا يزالان زانيين ما اجتمعا ; لعموم الآية والخبر. ويحتمل أنهم أرادوا بذلك ما كان قبل التوبة , أو قبل استبرائها , فيكون كقولنا. فأما تحريمها على الإطلاق فلا يصح ; لقوله تعالى: ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم ). ولأنها محللة لغير الزاني , فحلت له , كغيرها " انتهى من "المغني"(7/108). ثالثاً : لا يجوز للمسلم أن يخبب امرأة على زوجها لما فيه من هدم البيوت وتشتيت الأسرة ، ولو كان بينهما خلاف بلغ أشده ، وقد عده بعض العلماء من كبائر الذنوب ، قال - صلى الله عليه وسلم – ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) . رواه أبو داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ". وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " . قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - : ( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ... ، أي : خدع وأفسد . ( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها ". انتهى من "عون المعبود " ( 6 / 159 ). وقال : " ( مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها ، أو يزوجها لغيره أو غير ذلك " . انتهى من " عون المعبود "( 14 / 52 ). قال المناوي رحمه الله : ".. قال شيخنا الشعراوي : ومن ذلك ما لو جاءته امرأة غضبانة من زوجها ليصلح بينهما مثلاً ، فيبسط لها في الطعام ، ويزيد في النفقة والإكرام ، ولو إكراماً لزوجها : فربما مالت لغيره ، وازدرت ما عنده ؛ فيدخل في هذا الحديث ، ومقام العارف أن يؤاخذ نفسه باللازم ، وإن لم يقصده . قال : وقد فعلت هذا الخلق مراراً فأضيق على المرأة الغضبانة ، وأوصي عيالي أن يجوعوها ، لترجع وتعرف حق نعمة زوجها " انتهى من "فيض القدير شرح الجامع الصغير" (6/159). رابعاً: من خبب امرأة على زوجها ، فأفسدها عليه حتى فارقته ، ثم نكحها : لم يصح نكاحه ووجب التفريق بينهما على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو مذهب المالكية ، وللاستزادة في حكم المسألة ومعنى التخبيب ينظر جواب سؤال رقم : (84849) . وبناء على ما سبق : فإذا كان هذا الرجل هو الذي خبب المرأة على زوجها ، حتى تطلقت لأجله : لم يجز له نكاحها ، لا سيما وقد زنى بها ، وقد مر الخلاف في نكاح الزاني ممن زنى بها ، فقد جمع هنا سوأتين : التخبيب ، والزنا . وأما إذا لم يكن هو الذي خببها على زوجها ، كما هو ظاهر السؤال ؛ بل إنما عرفها والتقى بها بعد فراقها لزوجها ، وتركها لمسكنه : فنكاحه لها صحيح ، إذا تطلقت من زوجها الأول ، بشرط أن يتوبا إلى الله تعالى مما جرى منهما . والله أعلم . موقع الإسلام سؤال وجواب