За написот

Автор :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Датум :

Thu, Sep 18 2014

Категорија :

Fatwa (Q&A)

Преземи

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 280

السائل : الشاهد من الكلام أن مجلة المجاهد ، يعني الأخوة كلفوني باللقاء بكم ، وأخذ بعض الأسئلة ، طبعًا إضافة إلى ذلك أسئلة خاصة بي ، وأسئلة لبعض الإخوان في قطر ، وبعض الإخوان هناك ، وأسئلة متعلقة بالجهاد . المهم إن هذه الأسئلة قد تكثر ، فإذا ممكن كانت على عدة مرات للقاء وكذا .

الشيخ : على كل حال ، بعد الفراغ من الإجابة عن الأسئلة التي يساعد علينا عليها وقتنا الحاضر الليلة ، بعد ذلك لكل حادث حديث ، فقد تطول الجلسة مثلًا وتقل الأسئلة أو تطول الجلسة وتكثر الأسئلة ، لكن لا يكثر الجواب عليها ، بينما أحيانًا يكون العكس تمامًا ، رُب إجابة عن سؤال واحد يأخذ وقت أكثر من جلسة ، ولذلك لا أرى من الحكمة في شيء أن نقول الآن شيئا بخصوص هذه الكثرة التي أنت أشرت إليها ، وإنما كما قلنا لكل حادث حديث

السائل : بارك الله فيك

الشيخ : أي نعم طيب يا سيدي على كل حال ، نسأل الله أن يسدد خطى المسلمين ويوحد كلمتهم ؛ لأن الوقت عصيب جدًا ، وكم جلست مع الشيخ ؟

المجاهد : ستة أشهر تقريبا.

الشيخ : ستة أشهر ، ففي إقامتك هناك ستة أشهر كان اتصالك به كثيرًا ؟

المجاهد : نعم .

الشيخ : كيف وجدته ؟

المجاهد : والله على ما يظهر طبعا لنا ، والإخوة الموجودون ، التمسك ما شاء الله جيد بالكتاب والسُنة والدعوة كذلك ، إلا أن الأعاجم الذين لم يخالطوا ... .

الشيخ : -يضحك - يرقعها .

المجاهد : صحيح هذا الشيء ومعروف وموجود ولمسته حتى في غيري من ممن يدعي السلفية ، أو من يدعو الى السلفية ، يعني يبقى فيه شيء من البدع ، وشيء من الجهل بعض الأمور ، الأحاديث كذلك من حيث الصحة والضعف ، لكن من حيث العقيدة والمنهج العام ، يعني نبذ التقليد والمدارس الموجودة ذهبت إليها وأطلعت على مناهجها ، ففيها يدرس كتاب " التوحيد " و " العقيدة الواسطية " وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وغير ذلك ، فهذا شيء والحمد لله وجدته طيبًا .

الشيخ : جيد ، لكن أظنك في آخر كلامك ظلمت علماء الأعاجم برفعك لعلماء العرب .

السائل : لا - ويضحك- .

الشيخ : هل فهمتني ؟ ما أظنك فهمتني .

السائل : فهمتك يا شيخ .

الشيخ : كيف ذلك ؟

السائل : لأنه حينما نزلت من قيمة علماء الأعاجم وكأنه بمفهوم المخالفة رفعت ... .

الشيخ : ما فهمتني ، هذا مطلع كلامك ، أنا أقول آخر كلامك .

السائل : آخر كلامي ، أي جزء فيه ؟ لعلي لا أذكره .

الشيخ : هو هذا .

السائل : شيخنا هو بعيد عنكم صار له سنة .

الشيخ : - يضحك رحمه الله - على كل حال ...

السائل : ... على الطائر ان شاء الله

الشيخ : إن شاء الله ، يعني وأنت في وصفك لعامة علماء الأعاجم كان في هذا الوصف ، وصف ينطبق أيضًا على علماء العرب .

السائل : صحيح .

الشيخ : هل عرفت ما هو ؟

السائل : أينعم .

الشيخ : ما هو ؟

السائل : الوصف المشترك في هذا الأمر هو وجود البدع الموجودة و ... .

الشيخ : هذا صحيح لكن الأمر أدق من ذلك ؛ لأنه في علماء العرب الذين هم مشتركون معنا في إنكار البدع من لا يعرف الحديث أيضًا ، فإذًا النقطة هذه نقطة مشتركة أيضًا بين هؤلاء وهؤلاء ، فإذا جاءت مناسبة أخرى ، واقتضى حديثك أن تتحدث أو أن تجيب بمثل هذا الجواب ، فيُشطب منه هذا الكلام .

السائل : صحيح ، وجزاك الله خير .

الشيخ : وإياك ، إلا إذا كان لك رأي آخر ، وهذا بحث ثاني - يضحك رحمه الله- .

السائل : صحيح

أبو ليلى : هذا يا شيخنا سجلناه عليه .

الشيخ : كيف ؟

أبو ليلى : هذا الكلام سجلناه عليه .

الشيخ : -يضحك الشيخ رحمه الله-  لكن الذي ما يسجل الحساب عليه .

السائل : وعلى كل حال سُجل أيضًا الرجوع ...

الشيخ : أينعم ، -يضحك رحمه الله- ، لذلك قلت : لا يُسجل عليه حساب .

السائل : الحمد لله ، وجزاك الله خير .

الشيخ : كم عمر الشيخ ؟

السائل : طبعًا لم أسأله عن عمره ..

الشيخ : ما ضروري لكن تستطيع أن تقدر ..

السائل : لكن أقدر فوق الستين .

الشيخ : فوق الستين ، له لابد أولاد ؟

السائل : له أولاد نعم .

الشيخ : أكبرهم تقريبًا ؟

السائل : لم أر أكبرهم ، وإنما رأيت هو متزوج زوجتين ، رأيت من أولاده في عمره أربعة عشر سنة .

الشيخ : يظهر عليهم أو على ما رأيت منهم الاتجاه العملي السلفي ؟ وإلا بعد ؟

السائل : لا ، لم يظهر عليهم هذا ، وإنما رأيته يؤدب يعني بعض أولاده على الصلاة ، التأخير وكذا .

الشيخ : ثم هو مقيم في مقاطعة كما كان قد بلغني من أفغانستان .

السائل : هي جماعته المقيمة في المقاطعة .

الشيخ : وهو ؟

السائل : في بيشاور .

الشيخ : ألا يتردد على الجماعة ؟

السائل : يتردد على الجماعة ، ولكن إقامته وإقامة أهله في بيشاور ، نعم هي منطقة كونر ، هي الولاية الوحيدة تقريبا التي حُررت من أفغانستان تمامًا من الشيوعيين . وهذه الولاية من فضل الله - عزَّ وجلّ - الدعوة السلفية فيها يعني منتشرة ، يعني انتشار طيب ، على كل حال ففيه من الأحزاب الأخرى في هذه الولاية ومع ذلك تجد عقيدتهم والحمد لله بسبب اختلاطهم بجماعة جميل الرحمن عقيدتهم صحيحة ... .

الشيخ : وماذا تعني بكلمة الأحزاب الأخرى ؟

السائل : لأنه هذه كلها أحزاب .

الشيخ : معليش ، هل هناك مثلًا بعثي شيوعي كذا ، ماذا تعنى ؟

السائل : لا ، لا ، وإنما الأحزاب الأخرى لأنهم تحزبوا ، فسموا بعضهم .. له الحزب الإسلامي والبعض الجمعية وبعضهم كذا ، نعم ... .

الشيخ : إذًا تقصد بالأحزاب أحزاب إسلامية ... .

السائل : الأحزاب الإسلامية نعم .

الشيخ : يعني مثل الإخوان المسلمين ، وجماعة التبليغ عندنا مثلًا .

السائل : يعني على كل حال ، ليس كلهم على هذه الشاكلة فبعضهم ... .

الشيخ : يعني تشبيه من زاوية محددة وهي أنهم إسلاميون .

السائل : نعم إسلاميون طبعًا .

الشيخ : أينعم .

السائل : لكن في منهم الصوفية ، وفيهم كذا .

الشيخ : هذا الحزب الإسلامي هو الذي يرأسه حكمت دار الذي يسمونه ؟

السائل : حكمت يار .

الشيخ : يار ، آه ، هذه كلمة يار ، كلمة يار ماهي؟

السائل : والله كلمة يار ما أعرف ... .

الشيخ : ما تعلمت -مازلت- الأفغانية ؟

السائل : ... ترجمتها ، لكن أنا الآن نسيتها ، ممكن الأخ عمران يعرف ، فهو باكستاني الأصل .

الشيخ : هات ما عندك .

السائل : شيخنا هناك محب أو حبيب  يار .

الشيخ : يار معناها حبيب ، يار : حبيب . وحكمت ؟

السائل : حكمت من الحكمة .

الشيخ : هذا الظاهر ، لكن كيف تكون بقى التركيب العربي ؟

المجاهد : محب الحكمة ممكن .

الشيخ : لا ، ما أظن هكذا ، الآن مثلًا ، غلام أحمد ، مفهومة ايش ؟ خادم أحمد ، هو كذلك ، فأحمد اسم علم ، فهنا غلام أحمد مضاف ومضاف إليه ، غلام أحمد يعني خادم أحمد ، فحكمت يار كيف تكون الترجمة الحرفية ؟

المجاهد : والله لا أدري .

الشيخ : لا تدري ، خير إن شاء الله . وأنت علمك بحكمتيار رئيس الحزب الإسلامي ، هل هو يشبه الإخوان المسلمين وإلا يختلف عنهم ؟

المجاهد : يا شيخ ما جلست معه ولا أعرف .

الشيخ : حسن ، ما تعرف .

السائل : هو على كل حال من أكبر الأحزاب ، هو لا يدعو إلى السلفية ، وإنما هو معتدل من حيث الرضا أو السكوت على من يدعو إلى السلفية ، هذا أكثرهم اعتدالًا ، أينعم .

الحلبي : أقول هذه نعمة لما هناك واحد يسكت عن الدعوة .

المجاهد : وهو جميل الرحمن كان معه وانفصل عنه ؛ لأنه وجد أنه لا يستطيع أن يقيم المدارس وكذا ، لأن هذه تحتاج إلى فلوس وأموال ، والأموال لا بد أن تأتي من الخارج ، وهذه الأمور كانت تعيقه في دعوته ، فانفصل عنه

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

المجاهد : وقد صرح الشيخ حكمتيار صرح بأن الشيخ جميل الرحمن رجل عالم

الشيخ : اهلا وسهلا

المجاهد : ونحن تعملنا منه واستفدنا منه في التفسير وكذا فهذا الذي ... .

الشيخ : هذا حكمتيار يصرح بهذا .

المجاهد : نعم .

الشيخ : يلا نمشي .

المجاهد : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد :

ارتأى بعض الدعاة السلفيين ضرورة التنظيم من أجل النهوض بمصلحة الأمة ، ولكن هذا التنظيم اضطرهم إلى الوقوع في منافسة مع الجماعات الأخرى التقليدية ، مما دفعهم في النهاية إلى الدفع بأناس غير مؤهلين تربويًا ولا علميًا إلى مصاف الدعاة ، وتغليب الاهتمام بالكم على الكيف ، وهم يعتذرون عن كل ذلك بأن دائرة الدعوة اتسعت عليهم واضطروا إلى ذلك اضطرارًا ، فهل تنصحون هؤلاء بأن يجمدوا نشاطهم لحين اكتمال مؤهلاتهم وبخاصة المؤهلات التربوية ، أم تنصحونهم بتحجيم هذا النشاط على قدر وسعهم وطاقتهم ؟

الشيخ : أقول والله المستعان : طالما تكلمنا حول مثل هذا السؤال ، مرارًا وتكرارًا ، والآن السؤال واضح ولا يقتضينا نحن أن نطيل الجواب عليه لوضوحه ، فنقول : ننصح إخواننا السلفيين في كل بلاد الإسلام بأن عليهم أن يعملوا في حدود طاقاتهم وقدراتهم وأن لا يكلفوا أنفسهم ولا غيرهم فوق طاقتهم ؛ لأن عاقبة مثل هذا التكليف أن يعود بالعاقبة السيئة التي لا يظنون أنهم سيقعون فيها أو في مثلها . إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال في الحديث الصحيح في مناسبة وصيته لبعض أصحابه بالاعتدال في العبادة التي كان هو متوجهًا إليها من قيام وصلاة وصيام ، قال - عليه السلام - في هذه المناسبة : ( إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل ) ولذلك فنحن ننصح إخواننا هؤلاء السلفيين والذين يقولون عن أنفسهم أو يقول عنهم غيرهم إنهم دعاة ، نقول لهؤلاء تمهلوا ولا تستعجلوا الأمر ؛ لأن من الحكم المنقولة عن بعضهم " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتليّ بحرمانه " ، والعبرة قائمة في كثير من الجماعات الإسلامية ، ومن أقدمها في الساحة الإسلامية أنهم لما شغلوا أنفسهم بالدعوة التي يتبنونها دعوا إليها عامة المسلمين ، ويكاد أن يمضي عليهم قرن كامل من الزمان وهم لا يزالون حيث كانوا من حيث العلم ، ومن حيث التربية ، وعلى التعبير العسكري في بعض البلاد " مكانك راوح " فيه حركة وفيه نشاط لكن ما فيه تقدم ، فهذه الحركة وهذا النشاط قد عاد عليهم بالخسران ؛ لأن الإنسان حينما يتعاطى أمرًا ولو كان هذا الأمر أمرًا دنيويًا محضًا ، ولكن هو أقل ما يُقال فيه إنه أمرٌ مباح ، إن عليه أن يُعيد حسابه ونظره في كسبه أو في خسارته ، فإذا قضى دهرًا من الزمان في السعي وراء ذلك الأمر الدنيوي ثم لا يصل إليه إطلاقًا فعلية أن يغير خطته ؛ لأن عدم حصوله على مرامه وعلى غرضه كل هذه المدة دليل أن الخطوة أو السبيل الذي كان يسلكها للوصول إلى هدفه المنشود مما لا يؤدي إلى مراده ومرامه ، وكما قيل قديمًا في مثل هذه المناسبة

      " أوردها سعد وسعد مشتمل          ما هكذا يا سعد تورد الإبل " .

ولذلك نحن منذ عشرات السنين نؤكد على إخواننا المسلمين أن الدعوة ينبغي أن تقوم على أساسين اثنين وعلى دعامتين عظيمتين لا مجال للنهوض بالمسلمين إلا على أساسهما ألا وهما التصفية والتربية ، نحن نكرر هذا مرارًا وتكرارًا ، وجوابنا على هذا السؤال هو أننا ننصح هؤلاء الإخوان السلفيين الذين انطلقوا إلى ما لم يُخلقوا له ، انطلقوا إلى دعوة الناس بغير علم ، إلا أفراد قليلين منهم ، وليس الكلام فيهم ، وإنما الكلام في أن تكون الدعوة توكل وتنسب إلى ناس ناشئين في هذه الدعوة ، ليس عندهم علم ، ومع ذلك فهم يكلفون أن يدعوا إلى دعوة ، ما هي هذه الدعوة ؟ يجب أن يُلاحظ إخواننا أن دعوتنا تختلف كل الاختلاف عن دعوات الجماعات الأخرى دعوتنا دعوة علمية إصلاحية دعوة الآخرين دعوة قد تكون تارة تربوية ولو كلامًا والذي انصب جهودهم عليه هو أن تكون دعوتهم تكتيل الناس وتجميعهم على أمر سهل ، طائفة منهم يجمعون الناس على إسلام على دين الإسلام لكن ما هو هذا الإسلام فأكثر المدعوين وأكثر الأفراد المتكتلين على أساس تلك الدعوة إذا سألتهم ما هي دعوتكم ؟ قد يقولون دعوتنا الكتاب والسُنة ، وهذه الدعوة أصبحت اليوم في الحقيقة أو هذان الاسمان الكتاب والسُنة من فضائل الدعوة السلفية ؛ لأنني وأنا بلغت من الكبر عتيًا كما ترون قبل ثلاثين سنة أو قريبًا من ذلك ، ما كنا نسمع دعوة الكتاب والسُنة ، ماكنا نسمع خطيبا من الخطباء يذكر الكتاب والسنة كل ما كان يدعون إليه هو الإسلام ، والإسلام كما تعلمون أي أتباع الإسلام هم فرق شتى من قرون عديدة ومديدة ، فإذا أُطلق الإسلام شمل كل هؤلاء الناس على عجرهم وبجرهم ، على كثرة اختلافهم وتفرقهم ، لكننا حينما نقول الإسلام كتابًا وسُنة على منهج السلف الصالح ، حينئذ تضيق هذه الدائرة الواسعة التي تشمل كل الفرق الضالة ، والتي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديث المعروف ( وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) إلى آخر الحديث ، تضيق هذه الدائرة وتنحصر في الفرقة الناجية كما قال - عليه الصلاة والسلام - التي هي : ( ما أنا عليه وأصحابي ) . فحينما يدعو الدعاة الآخرون المسلمين بعامة فإنما يدعونهم إلى إسلام عام ، ما حقيقة هذا الإسلام ؟ كل فرد منهم يجيبك جوابًا تقليديًا ، يعني العمل بالدين ، بالكتاب والسُنة ، لكن ايش الكتاب وايش السُنة ؟ وكيف السبيل إلى فهمه ، فهذا أمر لا يدندن حوله كل الدعاة الإسلاميين حاشا السلفيين ، فهم الذين يدعون الناس إلى الكتاب وإلى السُنة وعلى منهج السلف الصالح . أذكر نكتة في هذه المناسبة تتعلق بقول العلماء وهي " فاقد الشيء لا يُعطيه " ، فحينما تريد أن تدعو إلى الإسلام فبدهيٌ جدًا جدًا أن تكون عارفًا وعالمًا وعاملًا بما تدعو إليه ، وإلا كان مثلك مثل ذلك الكردي الذي زعموا أنه لقي رجلًا من اليهود في طريقه فأشهر عليه خنجره وقال له بلهجته العربية الأعجمية : فلان أسلم وإلا قتلتك . قال : دخلك ماذا أقول ؟ قال : والله لا أدري . -الأخوة يضحكون- . إذًا ينبغي أن ندعو إلى إسلام ندري ما هو ، فإذا كانت الدعوة من الدعاة الإسلاميين إلى إسلام غير مفهوم فما فائدة هذه الدعوة ؟ ولذلك ضربت لكم مثلًا آنفًا ببعض الأحزاب الإسلامية الذين يصيحون بأعلى أصواتهم وقد كانت لهم دولة وصولة في بعض أيامهم الماضية ، لكنهم ما استفادوا شيئًا ؛ لأنك إذا سألت كبيرهم -فضلًا عن صغيرهم- عن عقيدةٍ ما من عقائد السلف القائمة على الكتاب والسنة ، إما أن يجيبك بجواب جهمي اعتزالي ، أو أن يجيبك بلا أدري ، إذًا هو لا يدري ، ولا يدري العقيدة التي ينبغي على المسلم قبل كل شيء أن يعرفها أولًا ، ثم أن يؤمن بها ثانيًا ، فماذا يكون حال الدعاة من مثل هذا الداعي ، ولذلك النكتة التي رويتها لكم آنفًا بالنسبة لذلك الكردي واليهودي ، هي يعني خير مثال لكثير من هؤلاء الدعاة الذين يدعون الجماهير المسلمة إلى الإسلام ، ولكنه إسلام غير مفهوم ، لذلك قيل قديمًا من الحكم " من رأى العبرة في غيره فليعتبر " . الإخوان السلفيون الذين مضى على انضمامهم أو قيامهم بهذه الدعوة الطيبة المباركة كجماعة لم يمض عليهم إلا أقل من ربع قرن من الزمان ، وقد لمسوا آثار دعوتهم في العالم الإسلامي ، فما يجوز لهم إطلاقًا أن ينتكسوا وأن يرجعوا القهقري وأن يقعوا فيما وقع فيه غيرهم من الأحزاب الأخرى مع فارق كبير ، الأحزاب الأخرى ما عرفوا ولا ذاقوا طعم ولذة الدعوة السلفية بل أهمية الدعوة السلفية ولذلك فهم يعيشون حيارى لا يدرون العقيدة التي أنزلها الله -يرحمك الله- على قلب محمد - عليه الصلاة والسلام- وبينها للناس كافة ، لا يدرون حتى في هذه الأيام الأخيرة أما السلفيون فقد ذاقوا حلاوة هذه الدعوة وعرفوا قدرها وقيمتها ، فما ينبغي لهم أبدًا أن يتناسوها وأن يشغلوا الناس الآخرين الذين كانوا يدعونهم إلى أن يفهموها وإلى أن يؤمنوا بها ، أن يشغلوها بأمور أخرى تدخل في باب السياسة ، سواء أُطلقت أو قُيدت ؛ لأن السياسة على إطلاقها لا أعتقد أن مسلمًا يقول بشرعيتها ، فلابد إذًا من تقييدها بالسياسة الشرعية ، السياسة الشرعية أمرٌ مرغوب فيه بلا شك في الشرع ؛ لأنه لا يمكن إدارة الدولة المسلمة إلا على الأساس من السياسة الشرعية ، لكن هذه السياسة ليست من شأن الأفراد وليست من شان الدعاة الذين يجب عليهم أن يفقهوا المسلمين بعامة ، وأنا حينما أقول بعامة كدعوة لكن التكتل والتجمع على هذه الدعوة لا يخفى على أي مسلم عاقل بأنه من المستحيل أن يمكن للدعاة أو لبعض الدعاة أن يجمعوا كل المسلمين على اختلاف نزعاتهم ومذاهبهم بل ونزغاتهم وأحزابهم في ايش ؟ كتلة واحدة قائمة على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ... ذلك لقول رب العالمين : (( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ )) ، ولحديث الفرق الذي أشرتُ إليه آنفًا ، ولكن على الأقل الذين يريدون أن يسلكوا سبيل الله وسبيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الذي حكى ربنا - عزَّ وجلّ - عنه في القرآن أنه أمره أن يقول : (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ، هؤلاء يجب أن يتكتلوا على هذا الأساس وتكون هي الفرقة الناجية فيوم تتكتل هذه الجماعة على هذا الفهم الصحيح للإسلام الصحيح ويربون تربية صحيحة ككتلة وكجماعة ، فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله -تبارك وتعالى- .

أما الخروج عن هذه الدعوة وإشغال عامة المسلمين بشيء آخر فهو انحراف خطير ستكون أو سيكون عاقبة هذا الانحراف أن يصاب جماعة السلفيين لا سمح الله بمثل ما أصيبت الجماعات والأحزاب الأخرى ، أن يظلوا سنين طويلة وطويلة جدًا وهم يدعون ويدعون ويعملون ولكن على القاعدة التي أشرت إليها آنفًا " مكانك راوح " ، ولأن يستفيد الدعاة السلفيون هداية فرد فضلًا عن أفراد يدعونهم إلى الكتاب والسُنة ويربونهم تربية صحيحة على هذه الدعوة خيرٌ لهم من أن يجمعوا ويكتلوا آلاف بل ملايين من البشر وهم لم يفهموا الإسلام ولم يؤمنوا بالإسلام الذي أنزله الله - عزَّ وجلّ - على قلب محمد - عليه السلام - وبالتالي لم يربوا التربية على هذا الأساس من الفهم للإسلام الصحيح ، لذلك نحن ننصح إخواننا هؤلاء أن يتراجعوا -وعليكم السلام - عن توسعهم في دعوتهم وعن اعتذارهم المحكي في السؤال في أن هذا العذر في الحقيقة هو كما يقال " عذر أقبح من ذنب " ، فـ (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) ، والغلو في الدعوة دون القيد المذكور آنفًا كما ذكرت أيضًا في تضاعيف كلامي السابق أن عاقبة هذا الغلو هو الانهيار ( إن لكل عمل شرة ، ولكل شرة فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل ) فإذًا علينا أن نظل ندعو الناس كل الناس إلى فهم الكتاب والسُنة فهمًا صحيحًا ، مبتدئين بالعقيدة التي هي أساس النجاة يوم القيامة ، ثم بما يجب بعد ذلك من معرفة الفرائض العينية ، ثم الفرائض الكفائية التي إذا قام بها البعض سقط عن الباقين . وهذا يجرني إلى التنبيه إلى شيء من الغلو الذي وقع المسلمون اليوم حتى بعض الدعاة وهو أصبحت كلمة الدعوة والدعاة في اعتقادي هي من بدعة العصر الحاضر ، وأنا في ظني أنكم سوف لا تسمعون هذا الكلام من غيري ، لكنه الحق والحق (( مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ )) ، الدعوة اليوم والدعاة أصبح كأنه أمرٌ فرضٌ عيني على كل مسلم ، ولو كان لا يعرف من الإسلام شيئًا ، والمثال تعرفونه اليوم فيه كتلة إسلامية ضخمة جدًا ، يخرجون إلى الدعوة بزعمهم ، ويسمون هذا الخروج بالخروج في سبيل الله ، وأكثر الذين يخرجون كما يقولون في سبيل الله ، كما يقولون في بعض البلاد العربية " ما يفرق بين الخمسة والطمسة وبين الألف والمسطيجة " هؤلاء ماذا يفعلون ؟ هؤلاء دعاة ، دعاة إلى ماذا ؟ إلى الإسلام ، يا جماعة اتقوا الله ؛ فاقد الشيء لا يُعطيه ، اجلسوا في بلادكم وتحلقوا واجتمعوا في مساجدكم واتلوا كتاب الله -تبارك وتعالى- وتدارسوه بينكم وتفقهوا في الكتاب والسُنة ؛ حتى تكونوا على بينة وتكونون كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( من يرد الله به خيرًا بفقهه في الدين ) . نعلم أن كثيرًا من هؤلاء وهم رؤوس هؤلاء يأتون بأعمال مستنكرة إما جهلًا وإما تجاهلًا ، إما جهلًا بالإسلام وإما من باب القاعدة الكافرة التي لا أصل لها في الإسلام ومع ذلك فبعض الدعاة الإسلاميين ينتسبون إليها ويعملون بها ألا وهي " الغاية تبرر الوسيلة " ، فقد بلغنا أن جماعة من هؤلاء الدعاة وصلوا إلى قرية فوجدوا أهلها يطوفون بقبر ولي زعموه وليًا رئيس الجماعة هؤلاء طاف حول القبر مع القوم لماذا ؟ قال ليتألف قلوبهم ، أهكذا يأمر الإسلام ؟ ! الإسلام يقول لنا منذ خمسة عشر قرنًا (( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ )) (( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ )) ولا يقول اعمل عمل الجاهلين ، ولكن يعلم مبلغ اهتمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مخالفة مظاهر الشرك ، حتى ولو كانت لفظية وليست عملية ، كالطواف حول قبور الأولياء والصالحين ، حتى باللفظ الذي قد يصدر من بعضهم خطئًا بغير قصد ونية سيئة ، فكلكم يعلم الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي واقد الليثي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر ، لما مر أصحابه وهو معهم بشجرة ضخمة من شجر السدر فقال بعض أصحابه - عليه السلام - : " اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " . هذه الشجرة كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم ، فقال بعضهم : " اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ". يعني تعليقات تُعلق عليها الأسلحة ، فقال - عليه السلام - : ( الله أكبر ، هذه السُنن ، هذه السَنن لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى : اجعل لنا إله كما لهم إله ) انظروا اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم في قطع دائرة الشرك حتى للفظ خرج من اللافظ به دون أن يقصد معني شركيا ولكن لما هذ اللفظ شابه لفظ المشركين ... من اليهود (( اجعل لنا الها كما لهم آلهه )) لمجرد هذه المُشابهة اللفظية قال : ( الله أكبر ، هذه السنن ، لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى ) إلى آخر الحديث ، فكيف يستجيز مسلم عالم بالإسلام القائم على الكتاب والسُنة أن يعمل عمل المشركين وان يطوف مع القوم الضالين ، لماذا ؟ قال لكي يتألفهم وليكسب قلوبهم .

الشيخ : قال تعالى- لنبيه مؤدبًا لنا في مخاطبته إياه : (( لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا )) ، فما يجوز للمسلم وخاصة إذا كان داعية يريد أن يعلم من حوله أن يشارك الناس في ضلالهم ، بحسبه أن يخالطهم ليعلمهم ويوجههم ، أما أن يشاركهم في الضلال فهذا هو عين الضلال ، لذلك ما يقع في مثل هذه المخالفة الشرعية إلا من كان لم يؤدب على ما ندعو الناس إليه من الكتاب والسُنة على منهج السلف الصالح ، هذا ما عندي جوابًا عن ذلك السؤال ولعله لم يفتني شيء ؟ فإذًا ننتقل إلى السؤال الثاني .

السائل : السؤال استفاد المسلمون من نصيحتكم إلى جماعة التبليغ كثيرًا ، والحمد لله ، غير أنه يبدو أن أصول هذه الجماعة وسلوكها لا يستطيع أحد أن يغيره ، والسؤال -بارك الله فيكم- ما قولكم في خروج بعض طلبة العلم من السلفيين مع جماعة التبليغ على غير قصد الخروج ، وإنما لتصحيح الأفكار وتعليم التوحيد وبث السُنن بينهم ، وخاصةً أنهم لمسوا استجابة منهم لمن خرج معهم ، هذا السؤال .

الشيخ : نعم الذي نعرفه عن هؤلاء الجماعة من مشاركة بعض إخواننا السلفيين لهم في بعض أسفارهم ورحلاتهم أنهم لا يقبلون دعوتهم إلى الكتاب والسُنة ، شأنهم في ذلك شأن كل الأحزاب الأخرى التي أشرت إليها آنفًا ، ويقولون وبئس ما يقولون : إن دعوتكم تفرق الناس . ونحن نقول : صدقتم ، إن دعوتنا دعوة حق فهي تفرق بين الحق والباطل ، وهي تفرق فعلًا بين المحق والمبطل . ولذلك فلا غرابة أن يكون من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لا يعرفها هؤلاء الدعاة الإسلاميون زعموا أنهم دعاة إسلاميون ، يجهلون حتى هذه الساعة أن من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - المُفرق ، إن هؤلاء الناس إذا سمعوا كلمة مفرق من أسماء الرسول طاشت أذهانهم وعلت أصواتهم ؛ ذلك لأنهم لا يفهمون الإسلام ، ما جاءت الأنبياء والرسل ولا أنزلت عليهم الكتب إلا لهذا التفريق بين الحق والباطل ، وليكون المسلمون مع الحق ضد الباطل ، فهم مفرقون ولاشك شاءوا الآخرون أم أبوا . ولذلك كأمر طبيعي جدًا أن الدعوات الأخرى التي في الساحة اليوم والتي لم تقم على هذا المنهج الصحيح أمرٌ طبيعيٌ جدًا أن لا يتقبلوا دعوة فرد مما في جمهورهم ، لأن ذلك سيصرفهم عن منهجهم ودعوتهم ؛ لأنها قائمة على خلاف الدعوة لمنهج الكتاب والسُنة وعلى منهج السلف الصالح ، هذا الذي نعرفه عنهم ، أو كنا نعرفه عنهم ، وعسى أن يكونوا قد تطوروا بعض الشيء كما جاء في سؤالك وتبين لهم أنهم في الحقيقة حينما يخرجون كما يقولون في سبيل الله فهم يخرجون حيارى كاليهود والنصارى ، لا يعرفون شيئًا من دينهم إلا نزرًا قليلًا ، فإذا كان هؤلاء شعروا بجهلهم بإسلامهم بدينهم وشعروا بالإضافة إلى ذلك إلى أن هناك طائفة من المسلمين وهم الذين يسمون في بعض البلاد بالسلفيين وفي بلاد أخرى بأنصار السنة وفي بلاد أخرى بأهل الحديث ، وكلها تلتقي على هذا المنهج الصحيح ، شعروا أنهم بحاجة إلى علمهم ، يمكن أن يكون هذا أنهم تراجعوا عن موقفهم السلبي السابق ، وخضعوا لمشاركة بعض أفراد السلفيين لهم في رحلاتهم وأسفارهم كما قلنا ، وسمحوا لهم بأن يدعوا هؤلاء الجماعات الحيارى إلى الكتاب والسُنة ، حينئذ أنا أقول يجب على أفراد من إخواننا السلفيين أن يخرجوا معهم ولكن بشرط أن يرفعوا الراية ، أن دعوتهم دعوة إسلامية سلفية وليست إسلامية سلفية صوفية تبليغية ، كما يعني قيل ببعض هذا الكلام قديمًا ، وقد يُضم إليه حديثًا ، لا وإنما هي سلفية محضة ، فإذا سمح هؤلاء أو أولئك التبليغيون أو الإخوان المسلمون أو حزب التحرير أو غيرهم -قد يوجد هناك أحزاب أخرى- لبعض الأفراد السلفيين بأن يدعوا أولئك الناس إلى دعوتهم بكل وضوح ، وبدون قيود وشروط ، فحينذاك انا أرى أنه من الواجب على بعض الدعاة السلفيين أن يخالطوهم ، ولكن عليهم قبل كل شيء أن ينبهوهم أنه نحن ما خرجنا معكم ثلاثة أيام لأنه هكذا السُنة أن نخرج ثلاثة أيام أو أربعين يومًا أو أي تقييد أو نظام هو وضعوه ، لا أصل له في الكتاب والسُنة ، وإن كان دعاتهم يحاولون تسويغ مثل هذه القيود التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وقريبًا كنا مجتمعين مع بعض أفراد من هؤلاء الجماعة الذين نظن فيهم العقل والفهم والإخلاص ، هو كان طبعًا كان متأثرًا بطبيعة الحال بدعايات أو نقول بعبارة أخرى أوضح بتوجيهات رؤوسهم لهؤلاء الأفراد ، فهم يلقنونهم الحجج إذا قلنا لهم مثلًا من أين لكم هذا الخروج ؟ جماعات كالزنابير تخرجون هكذا بالعشرات وهم جهلة لا يعرفون من الإسلام شيئًا أجابوك فورًا . لقنوا تلقين ، ه ، الرسول - صلى الله عليه وسلم - بزمانه خرج سبعون في وقعة ايش ؟ مؤتة

السائل : بئر معونة

الشيخ : بئر معونة ، سبعين من الصحابة وقتلوا في سبيل الله ، فنذكرهم يا جماعة اتقوا الله ، هؤلاء السبعون كانوا من خيرة أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولذلك يُقال فيهم من القراء ، والرسول كما نعلم يقول ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) ، فهؤلاء ما كانوا من الجهلة كما أنتم تفعلون ، فالدليل غير المدلول ، والدعوة أخص من الدليل ، الدليل لا يشملكم أبدًا ، ولذلك يعني استروا أنفسكم واستروا جهلكم ولا تستدلوا بما هو عليكم وليس لكم ، وقال لي هذا الشخص ، ولأول مرة أسمع هذا الدليل من مثل هؤلاء الناس ، قال : أليس هناك رجل قتل كما جاء في الحديث الصحيح قتل تسعة وتسعين نفسًا ، وخرج إلى بلد آخر ، قلت سبحان الله ، هذا الرجل خرج تائبًا إلى الله ، مهاجرًا في سبيل الله ، مُعرضًا عن البلد الذي تربى فيه تربية سوء ؛ لأن ذلك العالم والحديث تعرفونه ونحن نقدم إليكم خلاصته ، لأن ذلك العالم حقًا والناصح صدقًا قال له : ( إنك في أرض سوء فاخرج منها إلى الأرض الصالح أهلها ) فكيف أنت تستدل بهذا الحديث ، هذا خرج إلى البلدة الصالح أهلها ، ايش قال ؟ قال : خرج ولكي لا يعود ، يُريد أن يُمهد إنه خرج ليتنظف من المعاصي في تلك البلدة ثم يعود إلى بلدته . قلت : أنتم تفعلون هكذا ؟ أنتم على العكس من ذلك ، تخرجون إلى بلاد الفسق والفجور ، إلى بلاد أوربا وأمريكا ونحو ذلك ، فخالفتم الحديث ، هو خرج ليتطهر ، أنتم تخرجون لتتلوثوا ، ثم كيف تعودون إلى البلد ما دام خرجتم منه كما خرج ذاك ، لا أنتم تعكسون تمامًا ، وهكذا جرى نقاشًا طويلًا حول أدلتهم التي يلقنونها ، فإذا سمحوا لبعض إخواننا السلفيين بأن يخالطوهم وأن يناصحونهم وأن يناقشوهم على ضوء الكتاب والسُنة فلاشك أن هذا كسب جديد للدعوة السلفية ، أي تهيئت لهم أرض واستعدت هذه الأرض لتتقبل هذا الغيث المرسل إليهم من الله -تبارك وتعالى- ، وهي الدعوة السلفية ، لا أرى مانعًا بهذا القيد ، نعم .

السائل : السؤال الثالث يا شيخ : يرى بعض الدعاة السلفيين أن الدعوة السلفية الآن قد تعدت مرحلة التصفية والتربية

الشيخ : الله أكبر!

السائل : أو إن صح التعبير يرى بعض الدعاة الذين ينتمون أو يزعمون أنهم من السلفيين

الشيخ : نعم

السائل : أن الدعوة السلفية الآن قد تعدت مرحلة التصفية والتربية وأن عليها أن تستعد لمراحل أخرى تتطلبها حاجة العصر ، وآخرون يرون أنه لا مانع من السير في التصفية والتربية والاستعداد المادي والعسكري لمواجهة الحكام إن أمكن ذلك ، وكل ذلك يكون في آن واحد ، فما تعليقكم على هذا ؟

الشيخ : أرى أن قولهم ولو أننا نحن لا نتمسك بالألفاظ ؛ لأن الألفاظ قوالب المعاني ، أن قولهم تعدت التربية . إذا كانوا يقصدون بهذه اللفظة أو بغيرها أن هذا الواجب قد تحقق فالواقع يكذبهم ، وإن كانوا يعنون ظاهر هذه اللفظة أنه مجاوزة هذه المرحلة التي يجب على السلفيين أن يعيشوها سنين طويلة علمًا وتربية تعدوها جاوزوها قبل ماذا ؟ أن يتمكنوا منها ، وأن يتحققوا ، فحينئذ نحن نقول هذا خلاف ما ذكرناه آنفًا بأنه " من استعجل الشيء قبل أوانه ابتُليّ بحرمانه " . أما ما جاء في السؤال من الاستعداد المادي والاستعداد الحربي أيضًا ، هذا في الحقيقة كما يُقال في المثل المعروف " شنشنة نعرفها من أخزم " هذا في الواقع يخرج من بعض الناس بحماس غير موزون ، وغير منهج موضوع منهج له ، وبخاصة أن كثيرًا من الأفراد تكتلوا على هذا الأساس ، فكان عاقبة أمرهم أن رجعوا بدعوتهم القهقري ، وذهبت أرواح كثير منهم هباء منثورًا ، سُدى ، بدون فائدة تُذكر أبدًا ؛ ذلك لأنهم لم ينهجوا المنهج الذي ذكرناه آنفًا وهو بلا شك منهج التربية التي جرى عليها الرسول - عليه السلام - في تبليغه دعوته إلى الناس تعليمًا وتربية ، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل البشر عامة ، وهو الممدود بحبل من الله - عزَّ وجلّ - بوحي السماء ظل يدعو إلى التوحيد وبعض الأحكام الشرعية الضرورية التي كانت تنزل إليه ثلاثة عشر عامًا في مكة المكرمة ، وأوذي أصحابه وأمرهم بالهجرة مرتين إلى الحبشة ، والمرة الأخيرة هاجر هو - عليه السلام - بنفسه ، ولحق به بعض أصحابه إلى المدينة وهناك بدأ الرسول - عليه السلام - يضع منهاج الاستعداد لملاقاة أعداء الله - عزَّ وجلّ - ، وليس في المدينة ونحن نعلم أن مجتمعنا الإسلامي اليوم يعد الملايين المملينة ، فأين هؤلاء الدعاة الذين أُتيح لهم مجتمع كمجتمع المدينة ، يتعلمون فيه الإسلام على وجهه الصحيح ثم يتمكنون فيه من الإعداد المادي والمأمور به في مثل قوله -تعالى- : (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )) ما علمنا أن جماعة من هؤلاء ظلوا نفس المدة التي ظل فيها الرسول وهو ممدود بمدد السماء في مكة ، فعلموا وربوا أنفسهم وغيرهم ثم أخذوا يستعدون الاستعداد المادي ، أنا أرى من الحكمة بمكان أن التفكير في تنفيذ أو تحقيق وتطبيق هذه الآية الكريمة (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )) ليس هذا وقت بحثه ، فضلًا عن أن يكون بحث تطبيقه ؛ لأنهم كما ترون لا يستطيع المسلمون على أوضاعهم التي يعيشونها الآن تحت أحكام لا يسمحون بتطبيق الإسلام ، فإذًا يجب أن نمشي الهوينى ، يجب أن نمشي الهوينى رويدًا رويدًا . والبدء بما هو الأهم كما قيل :

                " العلم إن طلبته كثير        والعمر عن تحصيله قصير

                 فقدم الأهم منه فالأهم "

يوم يستعد طائفة من المسلمين كما أشرنا ما كل المسلمين ، يوم يستعد طائفة من المسلمين ، جماعة من المسلمين ، كتلة اجتمعوا على الكتاب والسُنة وعلى التربية عليهما ، وكانوا كقلب رجل واحد ، يومئذ ربنا - عزَّ وجلّ - بفضله وكرمه الذي وعد المؤمنين به أن يهيأ لهم سُبل الانتصار على أعدائهم ، يومئذ ستأتي الظروف التي تساعدهم ليقوموا بالاستعداد المادي الذي يرفع بعض الناس اليوم المتحمسين على غير هدى من ربهم أصواتهم بوجوب القيام بهذا الاستعداد ، وهم يرون الأمثلة قائمة هنا وهناك أنهم لا يستفيدون بهذا الاستعداد شيئًا إلا الرجوع القهقري ، فنسأل الله - عزَّ وجلّ - أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا للأخذ بالإسلام على منهج نبينا - صلى الله عليه واله وسلم - ... .