ياليت قومى يعلمون

                                { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم }
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ }الصافات171 {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ } الصافات172 {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }الصافات173نأخذ من هذه الأية الكريمة  أن الحق سبحانه وتعالى  وعد عباده المرسلين  ومن تبعهم أن ينصرهم نصرا عزيزا مؤزرا  شريطة أن يأ تمروا بما أمرهم الهه جل وعلا ورسوله الكريم به , وأن ينتهوا عما نهاهم الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلام عنه ,
 ولقد عهدنا صدق القرآن الكريم فيما بلغ به الحق سبحانه وتعالى  بدليل أنه بمجرد أن خالف المسلمون الأوائل  أمرا  للرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حدث لهم مالم يكن فى الحسبان بل أبتلوا بما لايخطر لهم على بال  فقد دارت الدائرة عليهم بعدما كانت لهم  ولأول مرة تنكسر رباعية المعصوم صلى الله عليه وسلم وتدخل حلقة المغفر فى وجنتيه صلى الله عليه وسلم وحاط  به الأعداء ولولا أن الله سلم لكانت الطامة الكبرى  ولذا أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدرس جيدا فنجحوا فى كل مجالات حياتهم .
  متمسكين بقول الله سبحانه وتعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } الأحزاب36  فرأينا الصديق رضى الله عنه يعلنها على الملأ  ( والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم على منعه  )  بل وحين قالوا له  أوقف بعث أسامة ليتستعينوا بالجيش للأمور التى حلت بهم من مانعى الزكاة  ومدعى النبوة  قالها مدوية " أينفذه رسول الله ويوقفه ابن ابى قحافة   "   وبفضل الله سبحانه وتعالى وبإتباع منهج رسول الله استطاع أبو بكر الصديق ومن جاء بعده من الخلفاء  والمسلمون أن يصبحوا سادة الدنيا وفتحوا فى أقل من قرن من الزمان ما عجزت الأمبراطورية الرومانية أن تفعله فى عشرة قرون        فصدق فيهم قول الشاعر "
                
                   ملكنا هذه الدنيا قرونا          وأخضعها جدود خالدونا
                وسطروا صحائف من ضياء      فما نسى الزمان وما نسينا 
 ولكن للأسف الشديد  إبتعد المسلمون كثيرا عن الكتاب والسنة مما أوقعهم فريسة للأعداء   ينهشون جسد أمتهم عضوا بعد الأخر  حتى قال عنهم الشاعر :
        وما فتئ الزمــان يدور حتى             مضى بالركب قوم أخرون          
        وأصبح لا يرى فى الركب قومى            وقد عاشــوا ائمته سنينا
        وآلمنى وآلــم كل حـــر           سؤال الدهر  أين المسلمون 
ومن ثم ينبغى علينا نحن المسلمين العودة الى كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن كنا نريد النجاة لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى " ولقد أخبرنا الحق سبحانه وتعالى أن المشركين إن يثقفوا بنا لن يرقبوا فينا إلا ولا ذمة فقال تعالى {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2 
ومن ثم فينبغى أن تخرج الأمة من سباتها وتنهض من  سكونها  وتغار على دينها وأعراض أبنائها  أليسوا جميعا أبناء أمة واحدة قال عنها نبيها صلى الله عليه وسلام  " مثل المؤمنون فى توادهم وتراحمهم  كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى " ولأننى لست أميرا أو حاكما ولا أملك إلا قلمى  وأود الدفاع عن الإسلام ونبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم
 فإستعنت بالله جل وعلا فأعاننى  ووفقنى سبحانه وتعالى حتى أتممت الكتاب الأول وكان بعنوان " قل صدق الله "  وبينت فيه ما حاول بنوا إسرائيل إخفاءه على مر الدهور ألا وهو نكرانهم    أن الحق سبحانه وتعالى أخبرهم وبشرهم بالمعصوم محمد صلى الله عليه وسلم تصديقا لقوله جل وعلا
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الأعراف157   كما بينت فيه ما حاول بنوا إسرائيل  أن يبثوه فى نفوس أبنائهم عن سيدنا عيسى عليه السلام وزعمهم أنهم   قتلوه و صلبوه   إلا أن الحق سبحانه وتعالى  قال {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } النساء157
      ووفقنى الحق جل وعلا  فأتممت الكتاب الثانى وكان بعنوان  ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ )   وبينت فيه الفارق بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد أعزنا الله بك وأكرمنا الله بالإسلام "   وبين أصحاب سيدنا موسى عليه السلام حين قالوا له ( أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا )كما بينت الكتاب الذى يرجع إليه كلا الفريقين  وأيهما حقا من عند الله العزيز الحكيم  وبفضل الله كان القران الكريم  .  وأما عن الكتاب الذى نحن بصدده (  يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )  يس  26 فأكملت فيه بإذن الله مابدأته من قبل من مقارنات بين الإسلام واليهودية والمسيحيه  فقسمت هذا الكتاب الى أربعة فصول بينت فيهم كيف خدع بنوا إسرائيل العالم طوال عهودهم  وأوهموهم بأن لهم ميراثا فى أرض المسلمين  والحق أنه لا عهد لهم بذلك  .    
  فلم يعهد الحق سبحانه وتعالى لهم بهذا , وإنما وعدهم بلفور وأعوانه  كما بيت كيف خان بنوا إسرائيل  الله جل وعلا من قبل  وبدلوا الثمين بالغث  , والعجيب أنهم ذكروا تلك المبادئ الهدامة  بل وسجلوها فى كتابهم وزعموا أنها من عند الله   وما هى من عند الله  إلا ان أبنائهم اتخذوها دستورا  ظانين أن أحبارهم لا يكذبون  , كما ذكرت أجزاء من يروتوكولاتهم  والتى على أساسها بنى أبناء بنى إسرائيل جوارهم مع غيرهم من الأمم
والله جل وعلا أسال أن ينفع بهذا الكتاب العباد  وأن  يعيننى على إتمام ما بقى من هذه السلسلة المباركة  والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل
                                                       إعداد /   أحمد إسماعيل زيد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

{  ياليت قومى يعلمون }

 

إعداد

أ / أحمد إسماعيل زيد

محاضر بالأكاديمية الإسلامية

لدراسات الأديان والمذاهب

محاضر بقناة الأمة الفضائية

 

                                   *    إهداء    *

 

      إلى العلماء العاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وزوداً عن حياض الإسلام ونخص بالذكر:

         * فضيلة الأستاذ الشيخ / وحيد عبد السلام بالى ..الداعية الإسلامى ، فلقد قدم لى العديد من الخدمات والتى ساهمت فى إخراج أعمالى إلى النور فأدعوا الله أن يجعلها فى ميزان حسناته وأن يوفقه وينفع به العباد ..

       * فضيلة الأستاذ الشيخ / أبو إسلام أحمد عبد الله ..رئيس قناة  الأمه , فلقد عاوننى كثيراً وأخذ بيدى إلى الصواب فجزاه الله خيراً ..

        * كما أهدى هذا العمل إلى زوجتى وأولادى الذين سهروا معى فى إعداد هذا العمل الطيب فكثيراً ما كنت أكلفهم بالبحث عن رقم الآيات أو تخريج الأحاديث النبوية فجزاهم الله خيراً ..

      * ولا ننسى الأخوة الأخيار الذين دعوا الله أن يوفقنى فى هذا العمل الطيب ..فجزى الله الجميع خيراً ....

                                  المؤلف

                      أحمد إسماعيل زيد

 

 

 

 

 

 

                                       *  مقدمة  *             

                                { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم }

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ }الصافات171 {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ } الصافات172 {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }الصافات173نأخذ من هذه الأية الكريمة  أن الحق سبحانه وتعالى  وعد عباده المرسلين  ومن تبعهم أن ينصرهم نصرا عزيزا مؤزرا  شريطة أن يأ تمروا بما أمرهم الله جل وعلا ورسوله الكريم به , وأن ينتهوا عما نهاهم الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلام عنه ,

 ولقد عهدنا صدق القرآن الكريم فيما بلغ به الحق سبحانه وتعالى  بدليل أنه بمجرد أن خالف المسلمون الأوائل  أمرا  للرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حدث لهم مالم يكن فى الحسبان بل أبتلوا بما لايخطر لهم على بال  فقد دارت الدائرة عليهم بعدما كانت لهم  ولأول مرة تنكسر رباعية المعصوم صلى الله عليه وسلم وتدخل حلقة المغفر فى وجنتيه صلى الله عليه وسلم وحاط  به الأعداء ولولا أن الله سلم لكانت الطامة الكبرى  ولذا أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدرس جيدا فنجحوا فى كل مجالات حياتهم .

  متمسكين بقول الله سبحانه وتعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } الأحزاب36  فرأينا الصديق رضى الله عنه يعلنها على الملأ  ( والله لو منعونى عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لحاربتهم على منعه  )[1] بل وحين قالوا له  أوقف بعث أسامة ليتستعينوا بالجيش للأمور التى حلت بهم من مانعى الزكاة  ومدعى النبوة  قالها مدوية " أينفذه رسول الله ويوقفه ابن ابى قحافة   " [2] وبفضل الله سبحانه وتعالى وبإتباع منهج رسول الله استطاع أبو بكر الصديق ومن جاء بعده من الخلفاء  والمسلمون أن يصبحوا سادة الدنيا وفتحوا فى أقل من قرن من الزمان ما عجزت الأمبراطورية الرومانية أن تفعله فى عشرة قرون        فصدق فيهم قول الشاعر "

 

                   ملكنا هذه الدنيا قرونا          وأخضعها جدود خالدونا

                وسطروا صحائف من ضياء      فما نسى الزمان وما نسينا [3]

 ولكن للأسف الشديد  إبتعد المسلمون كثيرا عن الكتاب والسنة مما أوقعهم فريسة للأعداء   ينهشون جسد أمتهم عضوا بعد الأخر  حتى قال عنهم الشاعر :

        وما فتئ الزمــان يدور حتى             مضى بالركب قوم أخرون          

        وأصبح لا يرى فى الركب قومى            وقد عاشــوا ائمته سنينا

        وآلمنى وآلــم كل حـــر           سؤال الدهر  أين المسلمون [4]

ومن ثم ينبغى علينا نحن المسلمين العودة الى كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن كنا نريد النجاة لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى " ولقد أخبرنا الحق سبحانه وتعالى أن المشركين إن يثقفوا بنا لن يرقبوا فينا إلا ولا ذمة فقال تعالى {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2 

ومن ثم فينبغى أن تخرج الأمة من سباتها وتنهض من  سكونها  وتغار على دينها وأعراض أبنائها  أليسوا جميعا أبناء أمة واحدة قال عنها نبيها صلى الله عليه وسلام  " مثل المؤمنون فى توادهم وتراحمهم  كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى " ولأننى لست أميرا أو حاكما ولا أملك إلا قلمى  وأود الدفاع عن الإسلام ونبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم

 فإستعنت بالله جل وعلا فأعاننى  ووفقنى سبحانه وتعالى حتى أتممت الكتاب الأول وكان بعنوان " قل صدق الله "  وبينت فيه ما حاول بنوا إسرائيل إخفاءه على مر الدهور ألا وهو نكرانهم    أن الحق سبحانه وتعالى أخبرهم وبشرهم بالمعصوم محمد صلى الله عليه وسلم تصديقا لقوله جل وعلا

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الأعراف157   كما بينت فيه ما حاول بنوا إسرائيل  أن يبثوه فى نفوس أبنائهم عن سيدنا عيسى عليه السلام وزعمهم أنهم   قتلوه و صلبوه   إلا أن الحق سبحانه وتعالى  قال {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } النساء157

      ووفقنى الحق جل وعلا  فأتممت الكتاب الثانى وكان بعنوان  ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ )   وبينت فيه الفارق بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد أعزنا الله بك وأكرمنا الله بالإسلام " [5] وبين أصحاب سيدنا موسى عليه السلام حين قالوا له ( أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا )كما بينت الكتاب الذى يرجع إليه كلا الفريقين  وأيهما حقا من عند الله العزيز الحكيم  وبفضل الله كان القران الكريم  .  وأما عن الكتاب الذى نحن بصدده (  يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )  يس  26 فأكملت فيه بإذن الله مابدأته من قبل من مقارنات بين الإسلام واليهودية والمسيحيه  فقسمت هذا الكتاب الى أربعة فصول بينت فيهم كيف خدع بنوا إسرائيل العالم طوال عهودهم  وأوهموهم بأن لهم ميراثا فى أرض المسلمين  والحق أنه لا عهد لهم بذلك  .    

  فلم يعهد الحق سبحانه وتعالى لهم بهذا , وإنما وعدهم بلفور وأعوانه  كما بيت كيف خان بنوا إسرائيل  الله جل وعلا من قبل  وبدلوا الثمين بالغث  , والعجيب أنهم ذكروا تلك المبادئ الهدامة  بل وسجلوها فى كتابهم وزعموا أنها من عند الله   وما هى من عند الله  إلا ان أبنائهم اتخذوها دستورا  ظانين أن أحبارهم لا يكذبون  , كما ذكرت أجزاء من يروتوكولاتهم  والتى على أساسها بنى أبناء بنى إسرائيل جوارهم مع غيرهم من الأمم

والله جل وعلا أسال أن ينفع بهذا الكتاب العباد  وأن  يعيننى على إتمام ما بقى من هذه السلسلة المباركة  والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل

                                                       إعداد /   أحمد إسماعيل ذيد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                       * بين يدى الكتاب *

    يعتقد البعض أن العدوان الصهيو - أمريكى وإن شئت فقل العدوان الصهيو-نصرانى  على البلاد الإسلامية والعربية هو عدوان مقدس أو عدوان ترعاه العناية الالهية  وهذا إعتقاد خاطئ لأن الحق سبحانه وتعالى قال ( وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ) الزمر /7 وأنه سبحانه وتعالى يقول ( إِنّه لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }الأعراف55 بل ونهى جل وعلا عن الظلم بكل أشكاله وشدد على ذلك أيما تشديد فقال سبحانه وتعالى ( ياعبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا )[6]وتوعد سبحانه وتعالى الظالمين لبشاعة مايقومون به وإفسادهم فىالأرض فقال سبحانه وتعالى{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } إبراهيم 42 ولك أن تتخيل أن الله جل وعلا  يؤخر هؤلاء ل {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } المطففين6 اليوم الذى  أخبر عنه الحق سبحانه وتعالى بقوله (ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } هود  103 

كما نبه القرآن الكريم أن الحق جل وعلا ( لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }القصص77  بل ونهى عن الإفساد فى الأرض فقال سبحانه وتعالى ( وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ) القصص / 77 وقال جل وعلا (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ) الأعراف /56 وإذا نظرنا إلى ما قام به بنوا إسرائيل يهودا كانو أم مسيحين فى بلادنا من إعتداءات فإذا بهم لم يتركوا   جرما إلا وأرتكبوه  فعاثو فى بلادنا الفساد وفعلوا بأبنائنا الأفاعيل  فأغتصبوا الأرض والثروات وأعراض النساء , ناهيك عن السرقات وتدمير المنشئات وما سببوه للكثير من أبناءنا من عجز وضعف  أعجزهم عن العمل وكسب العيش فى أمان ولقد استطاع أحد الشعراء الكرام أن يسجل ما فعله بنوا إسرائيل بأبناء المسلمين  وقد كتب قصيدته إبان حرب الصرب لسرايفوا وبما أن ملة الكفر واحدة فإن ما قام به الصرب لا يختلف عما قام به  الصهيو –مسيحين سواء فى أفغانستان أو فى العراق  وما يحدث فى فلسطين ليس ببعيد  :   

 

 

 فسنذكر القصيدة مع بعض التعديلات :                     

   دعــوتك يـارب السـماء              فـــاستجب لداعــيا يتضرع                فالمسـلمون  قتـــلوا فى                 أوطـانهم والمسـلمون تقوقعـــوا                         أغارت عليهـم عصبة من اليهود            فعاثوا فى البـــلاد فسادا وروعـوا      فـكم من أسـرة تــهدم بيتها         وبيـن  أنقــــاض المنـازل تقبـع  وكم من شاب مسلم  قتل وهــو         عـــن  دينــه ووطنـه يـدافع         وكم من فتاة عفيفة هان عرضها              بأيدى بغـــاة اليهود تبكى وتـدمع وكم من طفلة مكلومة  مات أهلها          تـتـجوع وتـعرى قلبـــها يتقطع   مـا مـن غذاء يـقوتهـم ومـا           مــــن كســاء بـل بلاء ممزع [7]

      وإنى لا عجب أشد العجب لما حل بشباب أمتنا ورجالها  فيا قومنا (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }هود78   لأن الفارق بين أول الأمة السابقون الأولون  وبين رجال الأمة الأن  فارقا مذهلا  لأننا حين نقرأ التاريخ ونرى نخوة الصحابة وغيرتهم على أعراض الأمة   نقول حقا صدق من سماهم (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ال عمران /110

   وصلى الله وسلم وبارك على من علمهم ورباهم وجعلهم  سادة  حتى قال عنهم ( أصحابى كا لنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم )   [8] فإن قيل بأن الصحابة هم تربية الرسول صلى الله عليه وسلم  نقول نعم ,وماذا عن المعتصم الذى جهز جيشا به الالاف من الجنود وانطلق هو على راس الجيش ليثأر لكرامة المراة المسلمة التى حاول أحد الأوغاد اليهود كشف سترها  ؟ وماذا عن قطز الذى واجه التتار ولم يدفن راسه فى الرمال  واستطاع بفضل الله جل وعلا أن يكسر شوكة التتار بل كان سببا فى محو أثارهم من الوجود ؟

 والحق إن قلبنا صفحات التاريخ لوجدناها مليئة بنماذج مسلمة مشرقة  صدق فيهم قول ربنا سبحانه وتعالى { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23  نصروا الأمة وأعلوا كلمة التوحيد وانتصروا لأعراض المسلمين   وأخشى ما أخشاه أن يصدق فينا قول الحق سبحانه وتعالى (أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي }  طه 86 ومع هذا فنحن لانيأس لأن الحق سبحانه وتعالى وعدنا النصر والتأييد   والإتحاد  فقال جل وعلا {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ }المؤمنون52 ولذا فانا أهيب برجال أمتنا الحبيبة  مذكرا نفسى وإياهم بقول ربنا جل وعلا  {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ } الصافات171ا{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ } الصافات172{وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ }الصافات173 وبقول المعصوم صلى الله عليه وسلم  ( لاتزال طائفة من امتى على الحق لا يضرهم من خذ لهم  )[9]  كماأذكرهم بأن الحق سبحانه وتعالى أخبرنا  ووعدنا إحدى الحسنيين إما النصر فالسعادة  والعزة والكرامة  وإما الشهادة فالجنة   {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } القمر 55  فما تساوى الدنيا إذن ؟  ف {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الأحقاف31 وبخاصة اذا كان فى استجابته الخير لنا فى الدنيا والاخرة ولما لا وقد أكد الحق جل وعلا ذلك بقوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }الأنفال24    *  إعداد  *

                                                      *   أحمد إسماعيل ذيد

                                                      *    محاضر بالأكاديمية الإسلامية

                                                      *     لدراسات الأديان والمذاهب  

 

 

 

 

 

 

 

 

                                        *  الفصل الأول   *

                          تمهيد

                                               (  يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )  يس  26

       بسم الله الرحمن الرحيم

                         "  لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ " ال عمران  /164

   إن لله جل وعلا نعما لا تعد ولا تحصى وإن من أجلها هداية الله سبحانه وتعالى  لعباده   ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِين  (  الحجرات /17فبالإيمان يجد العباد  في الظلمة نورا  وفى الجهالة حلما وفى الضيق فرجا ومع  والعسر يسرا وصدق الحق حين قال (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) التغابن /11

  حينئذ يحيا العباد في سعادة (  أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ) الزمر /22وبين جل وعلا (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا  ) الأعراف - 180     ودعانا سبحانه وتعالى أن ندعوه بها  وأن ننبذ ما سواه وإن كان البعض  يلجأ إلى أصحاب النفوذ فأعلمنا الحق جل وعلا أنه(ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)  الذاريات - 58      

وإذا لجأ البعض إلى أصحاب الأموال  فالحق جل وعلا أخبرنا بقوله (وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)  المنافقون -  7  وإذا أراد البعض أن يستند إلى العظماء فالله سبحانه وتعالى  (الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)  الانعام  - ومن أعرض  عن طريق الحق جل وعلا فقد حرم الخير كله (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكا)طه/ 124 وتراه يحيا في ضيق وشقاء)  كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء)الأنعام/124  ومن ثم  تجدهم فريسة لأهوائهم  (  وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) القصص /50  

  ولذا فمن السهل ) فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) الحج /31     ( تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/ 62 فمنهم من يزعم أن ما وهبه  الله إياه إنما هو من عنده ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) القصص /78   أو قد يغتر بما لديه من قوة وحضارة    و( َقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً   ) فصلت /15 بل ويجرؤ احدهم  فيقول(سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ )  الأنعام/93

 وهذا الإختلاف إنما مرجعه للإيمان  أى إذا آمن الإنسان بأنه عبدا لله جل وعلا  وراعى هذه العبودية حق رعايتها  وعلم أنه له حدودا لا يتعداها وأوامر ياتى منها ما يستطيع ونواهي عليه إجتنابها  كما بين المعصوم  صلى الله عليه وسلم  حينئذ تجده صالحا  ومصلحا تسعد به الدنيا ويسعد هو بما قدم من عمل صالح وعبودية خالصة لله رب العلمين  وصدق الحق جل وعلا حين قال(  َمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ )  النساء /125

  أما إذا آمن الإنسان بأنه ابنا لله جل وعلا ( حاشا ذلك ( أوندا له  حينئذ تكون الطامة الكبرى لأن تصرف الابن يختلف كثيرا عن تصرفات العبيد ففي الوقت الذي يشعر فيه العبد أنه يعمل فيما لا يملك وأن جزاؤه بقدر ما يقدم من  عمل

 فالابن يشعر أنه ينعم بممتلكات أبيه ومن ثم  فلا عليه أن يشقى بل يضاهى أبيه في تصرفاته ليحظى بما لأبيه من  مكانه  والند يتصرف  في ممتلكاته تصرف أقرانه  فإذا كانت الأمور على ما يرام  فإذا بالمودة تسود بينهم وينادى بعضهم بعضا بأحب الألفاظ أما إذا حدث ما يعكر  الصفو فإذا بهم يتراشقون بالألفاظ .

  ولقد وقع بنوا إسرائيل  في هذا المحظور وغرهم ما أنعم الحق جل وعلا به عليهم  فكانوا أفضل عالمي زمانهم  لأنهم  آنذاك كانوا الأمة الوحيدة التي تعبد الله جل وعلا  ومن حولهم كانوا يعبدون الأوثان ولذا ذك سيدنا موسى عليه السلام قومه بما أنعم الله عليهم كما حكى القرآن الكريم  ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ  )  المائدة /20

 ومع أن بنى إسرائيل أغضبوا الرب جل وعلا كثيرا بما أرتكبوه من آثام  وخطايا  أملى الحق سبحانه وتعالى لهم وأرسل إليهم الأنبياء ليأخذوا بأيديهم  إلى بر الأمان  فكانوا يعيشون في أمان  مادام الأنبياء فيهم فإذا ذكروا هذه الفترة في كتاباتهم نجدهم يذكرون الله جل وعلا بصفاته العلى .

ألا إنهم حين امتدت أيديهم إلى المحرمات  قست قلوبهم وعميت بصائرهم وراؤا الأنبياء عقبة في سبيل مجونهم  فسولت لهم أنفسهم أن قتل الأنبياء أفضل عندهم من اتباعهم  ولا حول ولا قوة إلا بالله وليس هذا فحسب  بل بعد قتل الأنبياء  اتجهوا إلى المصلحين منهم وساموهم سوء العذاب وكان بنوا إسرائيل لا يريدون نورا بل يريدونها ظلمات لتتماشى مع ظلمات فكرهم  وقسوة قلوبهم  وصدق الحق جل وعلا حين قال (  وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ )   البقرة /257 وصدق  فيهم قول الحق سبحانه  ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )  ال عمران /21

وأكد سيدنا عيسى عليه السلام أن بنى إسرائيل بلغوا من الظلم درجة استحقوا معها أن يحرموا من نعم الله جل وعلا وأجلها نعمة النبوة  فقال" إن ملكوت الله سينزع منكم ويعطى لأمة تعمل اثمارة " ثم بين لهم أن هذا بسبب فسادهم  وقتلهم الأنبياء فقال   " يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة  المرسلين    "         ثم وضح عليه السلام  أن ألامة التي ستحمل الأمانه  من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام  فقال " إن الحجر الذي رفضه البناءون قديما قد صار راس الزاوية    " وذلك  لأن ينو إسرائيل رفضوا بنوة سيدنا إسماعيل لسيدنا إبراهيم عليهما السلام  فقالوا  " اطرد الجارية وابنها  لأنه لا يرث ابن الجارية  مع ابني إسحاق "    

 وحين أخبرهم سيدنا عيسى عليه السلام باسم النبي  محمد صلى الله عليه وسلم فقال كما حكى القرآن الكريم ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ( الصف/6  فى الإنجيل يقول  " ولكن هذه الإهانه  والإستهزاء تبقيان إلى أن يجى محمد رسول الله  فإذا جاء نبه كل مؤمن على الغلط وترتفع هذه الشبه من قلوب الناس " فإذا باليهود يطاردون سيدنا عيسى عليه السلام  شر مطاردة  ليكف عن هذه البشارات  وكادو أن يفتكوا به  لولا أن الله العلى القدير أنقذه بقدرته (  إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)ال عمران/55ْ     حينئذ جن جنون اليهود وأدركوا أنهم خسروا الدنيا والآخرة  وهذا هو الخسران المبين  ولذا)  ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ   ( البقرة/61 ومن ثم سارع بنوا إسرائيل إلى الكهنة  والأحبار  ليجدوا لهم مخرجا  وإذا بهم  وبكل ما اتوا  من مكر  ودهاء  شرعوا  يجمعون  أبنائهم  على دين  أبائهم  الذي لم يبق منه إلا القليل .

  وفى هذا يقول)  ول ديورانت(    " وكان الدين قائما من خلال الكهنة  وما قاموا  من شرح وتفسير  مختلف القوانين اليهودية  المنقولة  بطريق  السماع  ويضيفون  إليها  قصصا وعظات  من عند أنفسهم  وبقيت هذه التفاسير يتناقلها  العلماء  والحفاظ المحترفون  جيلا بعد جيل  ثم غرس الكهنة  والأحبار  زورا وبهتانا  في أبنائهم  أنهم أبناء الله وأحباؤه  بل ولهم من الأوصاف  ما لله جل وعلا  ومن ثم فهم يطالبون الحق جل وعلا  أن لا يتركهم سدى  ولتحظى  أقوالهم بالقدسية  سجلوها في الكتاب المقدس  وفى التلمود  ففي التوراة  زعموا أن الرب جل وعلا قال " وقال الرب لموسى  عندما تذهب لترجع إلى مصر  انظر جميع العجائب  التي أجعلها في يدك واضعها قدام فرعون  ولكني أشدد قلبه  حتى ليطلق شعبي  فتقول لفرعون  هكذا يقول  الرب إسرائيل ابني البكر  فقلت لك أطلق ابني ليعبدني ) و فى التلمود  يقولون " إن أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله  كما أن الابن جزء من والده " كما قالو " أرواح اليهود عزيزة عند الله  "  ولكن الحق جل وعلا قال) قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ(  المائدة /18 ) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ الأعراف/168 إذا فهم  كما قال الحق سبحانه  بل) انتم بشر ممن خلق ( ومن ثم فمثلهم  مثل باقي البشر  تسير عليهم القاعدة العامة " إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا"    ( الإسراء/7

 ولم يكتف الكهنة والأحبار  بغرس هذه الأفكار  الخاطئه في نفوس أبنائهم  بل غالوا  في ذات الله جل وعلا  وظهر غلوهم وشططهم  في حديثهم عن الله جل وعلا  فذكروا عن الله سبحانه صفات لا تليق  بجلاله وما أقدموا على ذلك  ألا لأتهم زعموا  أن الرب جل وعلا  وإن كان قد كتب عليهم  التشتت في الأرض  فلم يكن بسبب فسادهم  وإنما زعموا  أن الله جل وعلا حاشاه نسى أنهم أبناؤه  ولم يقدرهم حق قدرهم  ولذا وصفوه جل وعلا  بصفات عجيبة           فقالوا في التلمود " إن الله ليس معصوما من الطيش  ولا من الغضب  وانه محتاج دائما إلى حاخاماتهم [10] ' وأكد) ول ديورانت (ذلك فقال"  (  ويرى اليهود في الإله  انه صارم  ذا نزعة حربية  لا يطلب الناس  بأن يعتقدوا أنه عالم بكل شي ليس معصوما من الخطأ والطيش وانه شره وغضوب ومتعطش للدماء متقلب الأدوار , انه كثير الكلام  يرضى عن يعقوب  وما قام به من خداع  كما أن الله حي لا يسمح للناس أن يروا منه إلا ظهره) 2 وصدق الحق حين قال( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ   )  الأعراف /180 وإستكمالا لما بدأناه  من سلسلة  قل صدق الله رأيت أن أبين في الجزء الثالث الذي نحن بصدده  صدق القرآن الكريم  فيما حكاه عن بنى إسرائيل  حين قال جل وعلا)  يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقّ) النساء/171                   

   لقد مر بنوا إسرائيل بفترات متغايرة  فتارة أعزة بإيمانهم بالله رب العالمين  وبإتباعهم  للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وتارة أذلة بعصيانهم لأوامر الله جل وعلا وعبادتهم الأوثان  وقتلهم  الأنبياء  وصدق الحق جل وعلا حين قال (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)المائدة/78 وحين سجلوا تاريخهم في العهد القديم  إذا مروا بفترات العزة والتمكين  ذكروا الله جل وعلا  بأسمائه الحسنى  وصفاته العظمى  وإذا مروا  بأيام المذلة  والمسكنة  ذكروا الله جل وعلا  بصفات لا تليق  بجلاله زاعمين أن هذه المذلة إنما بسبب  تقصير الرب جل وعلا حاشاه  تجاههم  لا بسبب فسادهم وعصيانهم ودفعهم هذا الفهم الخاطئ  إلى وضع مبادئ  في العهد القديم  لتسير على هداها الأجيال اليهودية  جيلا بعد الأخر  ولأن هذه المبادئ  بها من الشرور  والفساد  مالا يطاق رأيت أن أكتب بعضا منها  لنكون على حذر  عملا بقول الحق جل وعلا ) وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) المائدة/49

 وأسال الله جل وعلا المغفرة  ولا يواخذنا بما قال السفهاء عن ذاته  سبحانه  وأن يسامحنا  فيما سننقله من ألفاظ  ذكروها عن الحق جل وعلا  في كتابهم  فإن الحق جل وعلا يعلم صدق نيتنا  ورغبتنا  في ما يضمره هؤلاء  من عداوة  للبشرية  ودليلنا في ذلك  القرآن الكريم  فقد علمنا الحق جل وعلا  الأمانة في   كل شئ  ومنها  ما نطق به الآخرون  وبدا الحق جل وعلا بذاته  فأخبرنا  بما قاله اليهود  في ذاته  سبحانه  فقال جل وعلا نقلا عن هؤلاء{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ  } المائدة /64 وقولهم {إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} ال عمران /181 بل ذكر الحق سبحانه ما هو  أعجب من ذلك  فذكر سبحانه وتعالى  ما قاله فرعون)  فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً ) غافر/37    

   ومن ثم سأتناول ما ذكره بنوا إسرائيل   من صفات لله جل وعلا مبينا أثارها على البشرية لعل  الناس يعلمون  بما يخفيه هؤلاء  للعالم من حقد ورغبة  في تدميره  فهم َ(يَبْغُونَهَا عِوَجاً )  الأعراف/45    وعملا بقوله  سبحانه) يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ )  يس/26    بما يحاك لهم سرا وعلانية . .

أولا:       الصفات  الحسنى  للحق جل وعلا في العهد القديم .

ثانيا : الصفات التي لا تليق  بجلال الله  سبحانه في العهد القديم .

                         )        الصفات الحسنى  لله جل وعلا في العهد القديم (.

 أولا: الله جل وعلا  واحد) لا اله إلا هو)

  يذكر العهد القديم  أن الله سبحانه وتعالى  هو الله الواحد الأحد  الذي لا إله غيره  "أنا الرب  وليس من رب أخر ,ليس من دوني   اله لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها انه ليس غيري  أنا الرب وليس من رب أخر " [11]

كما يذكرون" لكي تعلموا وتؤمنوا  بي  وتفهموا أنى أنا هو  لم  يكن إله قبلي  ولا يكون إله بعدى  أنا أنا الرب  ولا مخلص غيري"[12]

وهذه حقيقة أكدها القرآن الكريم فيقول سبحانه وتعالى  ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )   الحديد/3  ويقول سبحانه وتعالى ) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)  الأنبياء/22  من النصوص والآيات السابقة  نرى أن هناك توافق  بين ما ذكر في العهد القديم  وبين ما ذكر في القرآن الكريم  بشأن وحدانية الله جل وعلا  والتي تدل على أن أهل الكتاب  كانت لديهم توراة حقيقية  بها مثل هذه الحقائق  والتي تحث أتباعها  على إتباع منهج الله جل وعلا

  وكما حذر القرآن الكريم  بنى آدم أن يتخذوا من دون الله آلهة أخرى  فقال سبحانه وتعالى) وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا)  النساء/67 وقال سبحانه وتعالى أيضا  ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ( الإسراء/23  فكذلك حذر العهد القديم  البشر أن الرب جل وعلا قال "أنا الرب  إلهك الذي أخرجك من ارض مصر  من بيت العبودية  لا يكن لك آلهة أخرى  امامى  لا تصنع لك تمثالا منحوتا  ولا صورة"

ثانيا) :الله جل جلاله صادق)

  وكما أكد القرآن الكريم أن الحق جل وعلا صادق فيما أخبر به عن السابقين ومن ثم هو سبحانه صادق فيما يخبر به عن اللاحقين  فقال جل وعلا) وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير) ٍفاطر /14 وقال سبحانه وتعالى) وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )  النساء/122قال تعالى ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً)  النساء/87 فهناك نصوص في العهد القديم تؤكد هذا المعنى" أنا الرب  وليس أخر لم أتكلم بالخفاء في مكان مظلم من الأرض لم اقل لنسل يعقوب باطلا اطلبونى  أنا الرب متكلم بالصدق  مخبر بالإستقامة كما يذكرون نصا أخر فيقولون فيه" بذاتي أقسمت خرج من فمي الصدق كلمة لا ترجع"  

   ونحن المسلمين لسنا بحاجة إلى هذه النصوص لنصدق الحق جل وعلا وإنما نذكرها  لنبين أن بنى إسرائيل  قوم بهت إذ كيف يكون لديهم مثل هذه النصوص  الواضحة  والتي تبين قدر الحق جل وعلا  ثم هم ينكرون  ذلك  ويتحدثون عن الله جل وعلا بصفات لا تليق بجلاله سبحانه وتعالى  كما سنبين ألان .

 

 

)     الصفات التى ذكرها بنوا إسرائيل عن الله جل وعلا والتي لا تليق بجلاله(

أولا: ذا نزعة حربية

يذكر العهد القديم أن سيدنا موسى عليه السلام  قال "هذا الهي فأمجده إله أبى فارفعه الرب رجل الحرب الرب اسمه  مركبات فرعون وجيشه القاهما  في في هذا النص يزعمون أن سيدنا موسى عليه السلام  يصف الرب جل وعلا  بأنه رجل الحرب مشبها إياه سبحانه  بالأبطال الأشداء  الذين تعدهم الأوطان  لمجابهة الصعاب .

  وهذا التشبيه لا يليق بجلال الله سبحانه  لأنهم يناقضون أنفسهم  فيذكرون نصا يحذرهم فيه الرب أن يشبهوه سبحانه بأحد" بمن تشبهونني فأساويه  يقول القدوس  ارفعوا أعينكم إلى العلا  وانظروا  من خلق هذه     من الذي يخرج بعدد جندها  يدعوا كلها بأسماء لكثرة القوة  وكونه شديد القوة  ولا يفقد احد" ومع هذا فبنوا إسرائيل يصرون على تشبيه الحق سبحانه بالبشر  فيذكرون نصا في) سفر اشعياء " ( الرب كالجبار  يخرج كرجل حروب  يهتف ويصرخ  ويقوى على أعدائه[13]  " مع أنهم يقولون في نص أخر " ليس مثل الله "  وبنوا إسرائيل يعلمون أن هذه النصوص ليست من عند الله ولكنهم يذكروها ليرهبوا  الأمم الأخرى  لأن في إعتقادهم أن الله جل وعلا إنما هو لهم وليس لكل العالمين   فدائما يؤكدون أن الله سبحانه وتعالى  إنما هو اله ) إبراهيم واله إسحاق واله يعقوب ) فهم بهذا إنما يرغبون  في تخويف الأعداء  فحين يعلم الأعداء أن إله بنى إسرائيل من القوة حتى أنه يصرخ ويهتف  ويصيح ويخيف الأعداء لاشك أنهم سيفكرون أكثر من مرة إذا أرادوا الإقدام على هؤلاء والحقيقة أن هذا ما يدور بخلد بنى إسرائيل  لأنهم ذكروا في (البروتوكول  التاسع ( ما يكشف عن ما بداخلهم  فيقولون " إن لنا طموحا لا يحد شرها لا يشبع نقمة لاترحم  وبغضاء لا تحس إننا مصدر إرهاب بعيد المدى"   

 فهذه الفقرة أظهرت ما يضمره بنوا إسرائيل للبشرية من أحقاد وبغضاء ورغبة جامحة في تدميره مؤكدين ذلك  بفقرة أخرى  في )البروتوكول  الرابع عشر)

"بقولهم  حينما نمكن لأنفسنا  فنكون سادة الأرض  لن نبيح قيام دين  غير ديننا  لهذا السبب  يجب علينا تحطيم كل عقائد الأديان    " ولذا حذرنا الحق جل وعلا من مولاة  بنى إسرائيل  فقال سبحانه وتعالى ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )    المائدة /51    وبين سبحانه وتعالى السبب في ذلك فقال جل شانه)  إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون)  َالممتحنه/  2

  لأن طبيعة اليهود هي العداء السافر لبنى البشر  وكأنهم لايريدون بشرا يجاورونهم  وبخاصة من يؤمن بالله حق الإيمان  فقال سبحانه وتعالى)  لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُود) َالمائدة /82   ومن ثم دعا الحق جل وعلا المؤمنين به سبحانه وتعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم  إذا أرادوا أن يحيوا حياة كريمة  بعيدة عن المذلة والمسكنة والهوان  ان يلتزموا بما امروا به فى القرآن الكريم فقال جل وعلا) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ  (  الأنفال /24  ولأن مولاة اليهود ومن على شاكلتهم لا يسمن ولا يغنى من جوع  بل إن مولاة  المغضوب عليهم لاتجلب إلا الغضب من الله سبحانه وتعالى  فاليهود لايؤمن شرهم  ولايرجى خيرهم  فماذا ينتظر من قوم غضب الله عليهم وأذلهم وأذاقهم الخزى  إلا أن يذيقوا من والاهم  مما ذاقوه  من مذلة ومسكنة والتاريخ كله يشهد بذلك فمن الذى سعد بمولاته لليهود  ؟   فلقد عانت كل الدول  التى نزل بها اليهود أشد المعاناة لأنهم ما إن يستقروا بمكان حتى ينشروا فيه الفساد بعاملاتهم بالربا  والرشا  ناهيك عن الإباحية  وتجارة السلاح  والغش لأنهم دائما وأبدا) يبغونها عوجا(

 ثانيا: زعمهم ان الله جل وعلا   حاشاه) لايعلم كثيرا مما يعملون(

كنت أظن أن الكهنة  والأحبار حين وقعوا هم وأبنائهم  اليهود فريسة  لأهل أشور  وبابل  وغيرهم من الشعوب  ظننت أن يلجاؤ إلى الله جل وعلا  ليفرج ما هم فيه من كرب وبلاء  عملا  بقول الحق جل وعلا (  فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) الانعام/43 وعميت بصائرهم  فبدلا من  ذكر الحق جل وعلا  وأوامره سيحانه ونواهيه  وأن يلزموا  أبنائهم  بالعوده إلى كتاب الله  ومنهج الأنبياء  فإذا بهم  ينسبون ماهم فيه إلى الله جل وعلا  فيتهمونه سبحانه  بأنه نسيهم  مما أوقعهم فى ذل العبودية  والشقاء 

ولعل قائلا يقول  وماذا عن قول الحق سبحانه) نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُم (  التوبة /67 (نقول إن بنى إسرائيل  لم يعترفوا بأن ذنوبهم وقتلهم الأنبياء هو الذى تسبب فيما هم فيه  ولكنهم  جعلوا النسيان  صفة من صفات الحق سبحانه حاشاه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا  والعجيب أنهم سجلوا  ما يقولون وما يزعمون فى كتاباتهم  لتكون دستورا  لهم على مر السنين  فأول ما ذكروه فى ذلك أن الرب لم يعلم  بما حدث من آدم  وزوجته حين اكلا من الشجرة  فقالوا  إن آدم وحواء " سمعا صوت الرب الاله  ماشيا فى الجنه عند هبوب ريح النهار فاختبا  ادم وامراته  من وجه الرب الاله فى وسط الجنه  فنادى  الرب الاله ادم  وقال  له اين انت  قال سمعت صوتك فى الجنه فخشيت لانى عريان فاختبات  فقال له من اعلمك انك عريان هل اكلت من الشجرة التى اوصيتك الا تاكل منها  "[14]        ولقد  ذكر بنوا إسرائيل هذا النص  لأغراض فى نفوسهم  ومنها:  أرادوا أن يصوروا الذات الإلهيه  وهو يتريض  فى الجنه  حاشا لله لأنه سبحانه وتعالى  لايحيطه زمان  ولامكان  والحق جل وعلا إن أراد أن يسمع أحدا من خلقه  فليس بحاجة  أن يقترب منه أو أن ينتظر هبوب رياح  لتساعد الصوت على الوصول إلى مراده جل وعلا فهو سبحانه يسمع من يشاء .

كما أنهم أرادوا تأصيل مبدا غاية فى الغرابة ألا وهو أن الرب قد لا يعلم كثيرا مما يعملون )  قاتلهم الله ( لأن الله جل وعلا  يقول ( وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)  يونس / 61  فزعموا أن الرب جل وعلا لم يعلم  بما حدث من آدم وزوجته إلا بعد أن أخبراه جل وعلا بما بدر منهم

  لأنهم نقلوا عن الرب قوله لآدم عليه السلام "من أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التى نهيتك الا تاكل منها      " فإن قالوا بأن السؤال قد يكون تقريرى  اى أن الرب أراد أن  ينطق آدم عليه السلام  بما بدر منه  نقول لهم بأن القرآن  عبر عن ذلك بطريقة أكثر بلاغة   وأوضح  وأبعد عن الشك  فقال سبحانه وتعالى   (  فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ) الأعراف/22

وأراد الأحبار أن يبينوا  لأبنائهم  أن الحق جل وعلا  أصيب بذهول حين علم أن آدم عليه السلام أكل من الشجرة  تدرى لماذا  ؟  لأنهم ذكروا أن الرب جل وعلا  حين أسكن آدم الجنه لم يخبره بالحقيقه  التى أخبر عنها القرآن الكريم   حين قال  (  إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى )طه/118 ولن يحظى بذلك إلا إذا  اتبع أوامر ربه  حين قال سبحانه وتعالى (  َقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ   ( البقرة /35 

 ففى القرآن الكريم ينبه  الحق جل وعلا آدم  عليه السلام  بأنه سيجلب على نفسه الشقاء إن إقترب من الشجرة وأكل منها وعصى ربه سبحانه وتعالى  لأنه فى الجنة فى النعيم المقيم  الذى لايبذل جهدا للحصول عليه  فإن أخطأ  وأكل من الشجرة  سينزل إلى الأرض  ويعمل فيها ويكد  للحصول على ما يسد رمقه  هو وابنائه  ولذا قال الحق سبحانه وتعالى ) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) طه/117 وذكر القران  ذلك  لأكثر من فائد:

حين  يصدر الحق سبحانه وتعالى نهيا لعباده  فلا ينهاهم عن ارتكابه  أو الوقوع فيه فحسب  بل ينهاهم جل وعلا عن الإقتراب إلى المنكر فيقول سبحانه وتعالى(  وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (  الانعام 151 وبين الرسول صلى الله عليه وسلم سبب ذلك حين قال :كراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) [15]ـبين القرآن الكريم من أول وهله لآدم عليه السلام ما ينفعه وما يضره  ولم يكذب عليه أو يخدعه   كما  بين القرآن الكريم أن الفترة  التى قضاها آدم عليه السلام فى الجنة إنما كانت فترة إعداد  وليتعلم آدم عليه السلام وبالتجربة  ثواب من يطع الله سبحانه وتعالى  وجزاء من يعص الحق سبحانه وتعالى  لأن  الله جل وعلا إنما خلق آدم لإعمار الأرض فقال سبحانه وتعالى (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَأ َنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فيها ) هود/61 ثم إن لهم ميعاد قال عنه سبحانه   ( وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ  البقرة /281 بخلاف ما ذكر فى العهد القديم  بهذا الخصوص  فقالوا:   أن الرب جل وعلا  خدع آدم عليه السلام  حين قال "    من جميع شجر الجنة تاكل اكلا  أما شجرة معرفة  الخير والشر  فلا تأكل منها  لانك  يوم تاكل منها  موتا تموت  [16]  " فذكروا أن الرب  جل وعلا حدد نوع الشجرة  حتى لايأكل آدم منها   ويصبح عارفا لكل شى   ولذلك حين أكل من الشجرة  غضب الرب  لا لأنه  عصى  اوامره بل لأنهاصبح مصدر خطر  حتى زعموا أن الرب جل وعلا قال    "   هوذا الانسان اصبح كواحد منا عارفا الخير والشر       [17] ' ولذلك سرعان ما فكر الرب فى طريقة يتخلص بها من آدم عليه السلام  مبررا ذلك '   والأن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة  ايضا  ويأكل  ويحيا إلى الأبد  [18]  ' فسارع الرب بإخراجه من الجنة'   أخرجه الرب  الإله  من جنة عدن  ليعمل الارض التى اخذ منها  فطرد الإنسان'  [19]

 مما شجع  اليهود  على إرساء مبدأ من أشد المبادئ خطورة  بناء على ما قام به الرب   فقالوا فى) البروتوكول السادس(    وفى الوقت نفسه  سنعمل بكل وسيله ممكنه لطرد كل ذكاء  اممى من الارض  [20]  أرايت عزيزى القارئ كيف رسم الأجداد الطريق للأحفاد لاستئصال كوادر الأرض  ونرى هذا بين الحين والأخر  بما يقومون به من إغتيالات)  قاتلهم الله)

  زعموا أن الرب جل وعلا  إنما  وضع آدم عليه السلام   فى الجنة  لا ليتعلم  كما ذكرنا   ولكن  ليعملها وليحفظها  فقالوا   "  ووضع الرب الإله آدم  فى الجنة  ليعملها وليحفظها [21]"  وذكروا ذلك  ليبينوا لأبنائهم  إن هناك امورا  قد يوكلها الرب لبعض خلقه ليتولوا حفظها  لأنه فى شغل دائم  ولايستطيع متابعة كل شى  حاشاه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا  وأكدوا ذلك فقالوا إن الرب دائما فى حاجة  إلى حاخاماتهم بدليل أنهم ذكروا بعد نزول آدم عليه السلام  الى الأرض  'واقام شرقى  جنةعدن  الكرويم  ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة"[22]

   أراد الكهنة  والأحبار ان يبينوا لأبنائهم  أن المرأة هى سبب كل الشرور  فهى فى نظرهم  أول من تشككت فى كلام الرب حين    سالت الحية " فقالت المراة للحية  من ثمر الجنة نأكل  وأما ثمر الشجرة التى فى وسط  الجنة  فقال الله  لاتاكلا  منها  ولاتمساها لئلا تموتا  [23] " ثم ذكروا أن آدم عليه السلام  ما أكل من الشجرة إلا بعد أن أغوته حواء"  فقال المراة التى اعطيتنى هى التى  أغرتنى فاكلت منها"    [24] وما قالوا ذلك إلا ليقللوا من مكانة المراة  فجعلوا ذلك سببا فى عبوديتها للرجل   فزعموا أن الرب جل وعلا بعد هذه الواقعه  قال "تكثيرا  أكثر أتعاب حبلك  بالوجع تلدين أولاد وإلى رجلك يكون اشتياقك  وهو يسود عليك "   [25]  ومن ثم فهم أول من أهان المراة  ولولا  أن القرآن الكريم أخبرنا بمكانة المراة  من الرجل  فقال سبحانه وتعالى )  وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )البقرة /  228ووعد الحق سبحانه وتعالى الجميع نساء ورجال   بقوله جل وعلا (  فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ) ال عمران /195 لو لا ذلك لظلت المراة ترزخ تحت نير الذل والعبودية

  زعموا أن الحية استطاعت أن تكشف  ما حاول الرب إخفاءه عن آدم عليه السلام  فقالوا  إن الحية    " قالت الحية للمراة  لن تموتا  بل الله عارف اته يوم تاكلان منها  تتفتح اعينكما  وتكونان كالله عارفين الخير والشر     [26] " وصدق الحق جل وعلا حين قال " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً  )  الكهف/5 وهذا يفسر لنا  سبب اتخاذهم الحية شعارا لهم  فهم يحاولون تقليدها  بكل السبل  فى ليونتها  إذا أرادوا الوصول إلى غرض ما   وفى خداعها وتربصها  بمن حولها  للإنقضاض عليه  حين تحين لها الفرصة .

ثالثا  ـزعموا ان الرب جل وعلا حاشاه قد يخطى

    صدق الحق جل وعلا حين)   لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ) التوبة/110  لأن أخطاء بنى إسرائيل وافتراتهم  إنما سجلوها فى كتبهم  لتزال شاهدة  على سوء صنيعهم   فهم الأن  لا يستطيعون  التنصل منها أو إلغائها  لأنهم حينئذ  سيدمرون دستورهم   كما أن الإبقاء عليها  يعرضهم  لكثير من التساؤلات  ومن ثم فهم يقاتلون بضراوة ليشغلوا الرآى العام  عن هذه النصوص وليس هذا فحسب  بل  نراهم يلقون التهم جزافا  على الأخرين  .  ولأنهم يرتكبون العديد من الأخطاء أرادوا تبرير ذلك  لأبنائهم بوضع نصوص فى العهد القديم  والجديد  تخبر أن الرب جل وعلا  وهو رب العالمين قد يخطى  ويندم على فعل أقدم عليه من قبل  وعليه أن يصحح هذا الخطأ  ولو بالتخلص  منه  .

كما أرادوا أن يبينوا لأبنائهم إن غيرهم من البشر لايساوون شيئا عند الله جل وعلا  ولذا فكر الله سبحانه وتعالى أن يتخلص منهم  ولو أبادهم تماما  ومن ثم فلا حرج إن هم ايضا ساهموا فى إبادة الجنس البشرى  وإنما هم بذلك  يقلدون الله جل وعلا  لأنه سبحانه فى فكرهم  إله بنى إسرائيل  وليس لكل العالمين  وعن ما سبق قالوا  " وراى الرب ان شر الانسان قد كثر فى الارض وان كل تصور  افكار قلبه  انما هو شرير  كل يوم  فحزن الرب انه عمل الانسان  فى الارض  وتاسف فى قلبه                 [27]  " نرى فى هذا النص :

   ـ زعمهم أن الرب جل وعلا فوجئ بالشر الذى قام به بنوا آدم عليه السلام   وهذا محال لأن الحق جل وعلا يقول) وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء)  يونس /61وهذا حقيقى لأن من البديهى  أن يعلم الحق سبحانه وتعالى كل ما يصدر من خلقه ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير)   ُالملك  /    14  إنما  زعموا أن الرب أدرك أنه لافائدة من بقاء الإنسان على الأرض  لأنه لم يكن على المستوى الائق  ولم يقم بما هو مطلوب منه

ـ زعموا أن الرب جل وعلا حزن وندم  لما رآ ى  شر الإنسان  وفساده فى تزايد مستمر  وهذا محال لأن الحق سبحانه وتعالى يقول ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ  ( الزمر/7   ثم لو أراد الله سبحانه وتعالى  هلاك الدنيا ومن فيها  فمن يحول بين الله جل وعلا وبين ذلك ) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً )النساء/133        وما ذلك على الله بعزيز . إذن فما أخبر به بنوا إسرائيل أن الرب حزن وتأسف  وشعر بالندم لخلقه الإنسان  ما هو إلا من عند بنى إسرائيل ومن حقدهم الأعمى للبشر  ورغبتهم الجامحة فى إبادة البشر  وإن لم يجدوا  إلا بنى جنسهم   لحارب بعضهم بعضا  وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى (  وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ 0 ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)  البقرة/84/85

   فهم يسيئون إلى انفسهم أفلا يسيئون إلى الأخرين  ولكن المحزن هنا هو افترائهم على ذات الحق جل وعلا  وهذا الظن السئ  هو الذى عجل بإنتقام الحق سبحانه وتعالى منهم  فقال  ( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ)فصلت/23 ولم يكتف بنوا إسرائيل بذلك  اى إنهم نسبوا الحزن لله جل وعلا  بل زعموا أن الرب قال " امحو عن وجه الارض الانسان الذى خلقته ' [28]

     لقد غرس الكهنه والأحبار  مثل هذه النصوص  فى كتبهم  ليأصلوا لأبنائهم فكرة إبادة الأخر  ولذا  قالوا فى  فى البروتوكول ) الخامس عشر "' ( ولكى ترد كل الجماعات  الأممية على أعقابها  نستخدم معها  إجراءات  لارحمة فيها  بمثل هذه الاجراءات  ستعرف الأمم ان سلطتنا  لايمكن ان يعتدى عليها  ويجب الا يعتد  بكثرة  الضحايا  الذين  سنضحى بهم  للوصول  الى النجاح فى المستقبل  لاننا لم تعتد بالضحايا من ذرية اولئك البهائم  من الاممين   وعقل الأممى  لكونه ذا  طبيعه بهيميه محضه فهو غير قادر  على تحليل  اى شى وملاحظته "[29]

  ولذا صار ابنائهم على هذا النهج الغريب حتى قالوا فى التلمود "   تقرب الى الله بقتل الصالح من غير اليهود "  [30]  وهذا يفسر لنا سبب قيام اليهود بين الحين والأخر  بتصفية جسدية للعديد من الشخصيات البارزة فى العا لم وبخاصة المسلمين منهم  كما يفسر لنا  ما يقومون به من إحتلال وتشريد لأهل  البلاد التى يغتصبونها  ولكن القرآن الكريم تناول قصة سيدنا نوح  والتى فيها  ذكر الطوفان باسلوب لطيف رقيق وبشكل منطقى .

ـ  ذكر القرآن الكريم  أن الله سبحانه وتعالى أرسل  سيدنا نوح عليه السلام الى قومه  لهدايتهم  ولإخراجهم من الظلمات إلى النور  وظل يدعوهم  لعبادة الله الواحد الواحد ولبث فيهم  عمرا مديدا    (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاما)العنكًبوت /14 واستنفذ معهم كافة الأساليب وفى هذا يقول القرآن الكريم ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)نوح/1ومضى سيدنا نوح فى دعوته  إلى أن قال عنه الحق جل وعلا ( قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارا 0ً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَار) نوح /5/6  ثم شرع يبين ما بدر منهم ( وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارا  0ً ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً  0 ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً   )   نوح /7/8/9وذكر نبى الله نوح انه ارشد قومه الى الصواب  فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً0 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارا  0وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً)نوح/10/11/12 ومع هذا لم يؤمن مع سيدنا نوح الا عدد قليل من قومه  وكان ينتظر  جيلا بعد الأخر لعل الجيل القادم يكون أفضل حظا من سابقه  كما حدث مع المعصوم صلى الله عليه وسلم  حين عانده أهل مكه  وأرسل الحق جل وعلا إليه ملك الجبال  ليطبق عليهم الجبلين  فإذا بالمعصوم صلى الله عليه وسلم يقول  لا  لعل الله جل وعلا يخرج من أصلابهم من يقول لا إله الا الله محمد رسول الله ,  وقد كان .

  فما هى إلا سنوات  ودخل أهل مكه وما حولها من القرى فى دين الله افواجا   اما قوم سيدنا نوح  فما أتى جيل إلا وهو أكثر عنادا من الجيل السابق  وفى هذا يقول القران الكريم على لسان سيدنا نوح عليه السلام  قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً )نوح/21  ثم بين عليه السلام)  إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّارا )  ًنوح/27

إذن بلغ قوم نوح  من الكفر والعناد درجة  لم يسبق لها مثيل  وراينا ما بذله نوح عليه السلام  فى سبيل هداية قومه  إلا أنهم  أصروا واستكبروا استكبارا وهنا أراد سيدنا نوح عليه السلام  أن يفصل الحق جل وعلا بين الحق والباطل  لئلا يشك المؤمنون  فى وعد الله  وأن يرى العصاة جزاء عنادهم  وليكون فيهم العبرة  لمن سياتى  من بعدهم  وتوضيحا للبشر بأن الحق جل وعلا إذا أراد  فلا راد لقضائه  ولامعقب لحكمه .

بل  وليبين للجميع أنه جل وعلا قادر أن يرحم وأن يعذب بالشئ الواحد  كما أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يخبر الجميع  أن الدنيا بما فيها قد تزول بكلمة من الله  سبحانه وتعالى  ولذا كانت الطريقة الوحيدة التى نتعلم منها كل هذه الدروس هى الطوفان  ولأن نبى الله نوح دعا ربه سبحانه وتعالى دعوة  لايوافقها إلا هذا العقاب ( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ( نوح/26 وكان من السهل أن يقبض الله جل وعلا أرواحهم  أو أن يخسف بهم الأرض  أو يصيبهم بوباء  أو  أمر من عنده فيصبحوا  على ما أسروا فى أنفسهم نادمين  كما أراد الحق سبحانه وتعالى أرادها موعظة على مر الدهور ولذا حين قال نبى الله نوح عليه السلام   ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ )القمر/10   استجاب له الحق سبحانه بقوله  ) فَانتَصِرْ  ) وكذلك كل الأنبياء لأن الحق جل وعلا  وعدهم جميعا  بالنصر والتأييد  فقال سبحانه  (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ0 وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الصافات/171/172/173    ولذا أخبر الله جل وعلا بقوله سبحانه ) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ 0وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِر )  َ القمر /12/13    ثم قال الحق سبحانه وتعالى ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) الحاقة /12 وبعدما هلك المعاندون ) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )هود/44       وبدا سيدنا نوح ومن معه حياة جديدة  وبقيت فى أذهانهم  العبرة

أرايت عزيزى القارئ كيف تناول القرآن الكريم قصة سيدنا نوح عليه السلام  بإسلوب منطقى راق بخلاف ما ذكر بنوا إسرائيل من حزن للرب وندم وتأسف)  قاتلهم الله ( ومن ثم ينبغى على الجميع أن يحذر أقوال بنى إسرائيل  فإنها لا أساس لها كما راينا  فإن من كذب على الله جل وعلا وعلى الأنبياء فمن السهل أن يكذب على البشر وبخاصة إذا كانو يرون اليشر  بصورة دنئيه كما راينا فى بروتوكولاتهم  وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال) وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ)المائدة/49

رابعا :زعم بنوا إسرائيل أن الرب جل وعلاحاشاه نسى . 

راينا كيف افترى  بنى إسرائيل على الله جل وعلا الكذب  وزعموا أنه سبحانه وتعالى  ندم على خلقه للإنسان  وتأسف فى قلبه  حتى زعموا أنه جل وعلا  قال  (  أمحوا عن وجه الأرض الإنسان  الذى خلقته(     [31]   وراينا أن مازعموه  ليس له أساس ولم يكن  من الصواب بمكان  ولم يكتف  بنوا إسرائيل  بذلك  بل ذكروا  أن الرب  جل وعلا  حين تخلص من الإنسان  بالطوفان  ندم مرة ثانية  على أنه جل وعلا حاشاه  أقدم على هذه الفعلة  حتى قال (وقال الرب فى قلبه  لاعود العن الارض ايضا  من اجل الانسان  لان تصور قلب الانسان شرير منذ حداثته  فلا اعود  اميت  كل حى  كما فعلت مدة كل ايام الارض( [32]

        نلحظ فى هذا النص عدة أمور غاية فى الغرابة:

ـ تناقض هذا النص مع النص السابق   فأين الرغبة الجامحة  فى ضرورة التخلص من الجنس البشرى  من هذه النغمة الحزينة  الكئيبة  والتى تنم عن حزن دفين  لما اقدم الرب عليه  حتى قال ) فلا اعود اميت كل حى كما فعلت ([33]

ـ  يشعرنا هذا النص بأننا لسنا أمام  نصوص  مقدسة  تنسب الى الحق جل وعلا  لما فيه  من تردد وحزن .ـ   يبدو من هذا النص  أن بنى إسرائيل  تذكروا  بأنهم وإن كانوا يعلمون ابنائهم  انهم أرقى الأجناس  إلا أنهم  فى النهاية بشر  وبما أن النص الأول  بين رغبة الله جل وعلا حسب زعمهم  فى إبادة بنى البشر  من الأرض  فقد يصل الأمر إليهم يوما ما  ولذا عدلوا سريعا  بنص أخر قالوا فيه ) لااعود العن الارض أيضا من أجل الإنسان ) [34]

       وقدوتهم فى ذلك إبليس اللعين حين قال  كما حكى عنه القرآن الكريم ) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)الأعراف/14    فإبليس اللعين يأمل أن يظل إلى الأبد  رغبة منه ان يشرف مع أبنائه على اغواء بنى آدم  جيلا بعد جيل  وكأنه لايثق بابنائه  من بعده  إن هو هلك  .

 وكذلك بنو إسرائيل  حكى عنهم القرآن الكريم   (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ  ( البقرة/96 كما أن إبليس اللعين  يعلم جزاءه  ولذلك  أراد أن يؤجل  هذا الموقف قدر المستطاع  وكذلك بنوا إسرائيل  ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) الجمعة/6

و لان الحق جل وعلا قال لهم وللجميع   (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون )   َالجمعة/8

وهناك دليل أخر  على افتراء بنى إسرائيل  على الله سبحانه وتعالى  هو زعمهم أن الله جل وعلا وضع تذكار فى الكون  يذكره بالطوفان حتى لايقدم  على  هلاك البشر مرة ثانية  فقالوا  )  وكلم الله نوحا  وبنيه معه قائلا ها انا مقيم ميثاقى معكم من نسلكم من بعدكم وضعت قوسى فى السحاب  فتكون علامة ميثاق بينى  وبين الارض  فيكون متى  انشر سحابا على الارض وتظهر القوس فى السماء  ان اذكر  ميثاقى الذى بينى  وبين كل نفس حية  فى كل جسد  فلا يكون المياة ايضا طوفان   [35]   ( تدرى لماذا ذكروا هذا النص    لقد ذكر بنوا إسرائيل هذا النص ليأصلوا لاولادهم  أن الرب فى حاجة إلى حاخاماتهم   وإلى من يذكره  بعواقب الامور  حتى لايحدث مالا يحمد عقباه  فقالوا فى التلمود  ( ان الله ليس معصوما من الطيش ولا من الغضب  وانه دائما محتاج الى حاخاماتهم  ( 

  لا تعجب من ذلك  فلقد بلغ بهم السفه فقالوا أن الرب  يستشبر حاخاماتهم  فى اى امر يستجد  عليه  أو يصعب الوصول فيه إلى قرار  فقالوا  فى التلمود  ) ان تعاليم الحاخامات لايمكن  تغيرها  ولانقضها  ولو بامر من الله(   [36]    تدرى لماذا  لأنهم قالوا )  بأنه قد وقع  يوما اختلاف  بين البارى وعلماء  اليهود  فى مسالة  فبعد ان طال الجدال  تقرر احالة فصل الخلاف الى احد  الحاخامات  واضطر الله ان يعترف  بخطئه بعد حكم الحاخام) [37]

 بهذه الافكار المسمومه استطاع بنوا إسرائيل  أن يغرسوا فى نفوس ابنائهم  هذا الضلال  والزيف   مما جعلهم يزعمون أنهم  إما مساوون للذات الإهية أو على الأقل إنما هم يقلدونه فيما يفعل)  قاتلهم الله (

  ومن ثم  فإن  استعباد البشر  أو ابادتهم  شى يرجع إليهم  فإن أبادوا البشر  فلا بأس  وإن استعبدوهم  فهذة منة  منهم  وفضل  فهم يرون العالم  وكأنهم شرذمة قليلون وبسبب هذه الأفكار المسمومة  يعانى  العالم الامرين  من تفكيرهم  وخططهم  ولذا قال الحق جل وعلا) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ ( النساء / 71   لأن  الحق جل وعلا يعلم ان بنى إسرائيل  (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً التوبة  )/10  ولذا نبه الحق جل وعلا المسلمين  بقوله سبحانه (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً)  النساء/102

خامسا : زعم بنوا اسرائيل  ان الرب جل وعلا حاشاه شره وغضوب ومتعطش للدماء

  لم يجد بنوا إسرائيل  ما ينفثون به عن سمومهم  وعما يدور  بخلدهم  إلا كتبهم  فسجلوا  فيها نصوصا  تتفق إلى حد كبير وطبائعهم  ونفوسهم المريضه  إلا أنهم نسبوها لله جل وعلا  ليبرروا لابنائهم  بأنهم انما يتشبهون بالرب  فى افعاله )  قاتلهم الله ) ومن الصفات العجيبه التى  نسبها بنوا إسرائيل  للذات العلية سبحانه وتعالى  شره  و غضوب  ومتعطش للدماء .

فذكروا فى العهد القديم أن الرب جل وعلا لديه رغبة ملحة فى رؤية الدماء فقالوا إن الرب قال لموسى)  كلم بنى إسرائيل  أن ياخذوا لى تقدمة  من كل من يحبه قلبه  وهذه هى التقدمه  التى تاخذونها  منهم ذهب  وفضه  ونحاس واسمانجونى  وارجوانى  وقرمز وبوصى وسفر مقدس  وجلود كباش محمرة  وجلود   [38]  ( وليس هذا فحسب بل اكدوا هذا النص باخر )  كلم بنى إسرائيل  وقل لهم  إذا قرب إنسان  منكم قربانا  للرب من البهائم  فمن البقر والغنم  تقربون قرابينكم  ويذبح العجل امام الرب ويرشون  الدم  على المذبح  الذى لدى باب خيمة الاجتماع  اما اذا كان يمام  او حمام  يعصر دمه على حائط المذبح        (

من الفقرتين السابقتين  نرى:

ـ  إن الأحبار  نسبوا للرب جل وعلا حاشاه الرغبة فى إمتلاك كل شى  واى شى بداية من الذهب  الى البوص والجلود  وهذا لايجوز لان الحق جل وعلا  له ملكوت السموات والارض  وخذائنه جل وعلا لاتنفد  ( وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  ) المنافقون /7 وإن قالوا بأن  هذه قرابين  دعا اليها موسى عليه السلام  قومه للتقرب لله جل وعلا  نقول لهم  نعم  ونحن المسلمين امرنا بتقديم الأضاحى  ولكن ليست بهذه الطريقه  والحق جل وعلا بين ذلك حين قال ( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ( الحج  /37 فإن دل ذلك إنما يدل على رغبة بنى إسرائيل انفسهم فى رؤية الدماء

 بهذا أصل بنوا إسرائيل  لابنائهم  إراقة دماء الاخرين  فبه يتقربون الى الله جل وعلا  وهو سبحانه وتعالى برئ مما يزعمون  بدليل أنهم قالوا)    انه يجب علينا حين نستحوذ على السلطه ان نمحق كلمة الحرية من معجم الانسانية  باعتبار ان السلطة رمز القوة  الوحشية  الذى يمسخ الشعب حيوانت متعطشه للدماء   ( وفى التلمود قالوا) :  اقتل الصالح من غير اليهود  )  كما يقولون  )  محرم على اليهودى  ان ينجى احدا من باقى الامم من الهلاك  او يخرجه من حفرة يقع فيها(

حقا انهم( يبغونها عوجا ( أرايت كيف  غرس بنوا إسرائيل  فى نفوس ابنائهم  حقد الأخرين  والرغبة فى التخلص منهم  أين هذا الحقد الأعمى  من  التوجيهات  الرحيمة  التى أوصى  بها الحق جل وعلا  فى القران الكريم  فقال سبحانه وتعالى(   يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13  فى هذه الأية الكريمة  يخبر الحق جل وعلا  العباد بأنهم  جميعا  ابناء لاب واحد  فلا ينبغى أن يتعالى بعضهم على بعض أو أن يظلم بعضهم بعضا  وأكد الحق جل وعلا ذلك فى الحديث القدسى  حين قال  ) يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلاتظالموا(  [39]   فالحق جل وعلا أمر خلقه  أن يتجنبوا الظلم بكل أشكاله  ومن اشد انواع الظلم هو ان يظلم الانسان اخيه بلا ذنب إلا انه يختلف عنه فى اللون او الجنس  او الدين  فالحق جل وعلا يأبى ذلك كله  وكذلك أوصى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  أصحابه والأمة بأسرها  ألا تمتد ايديهم بسوء الى احد أيا كان جنسه او لونه او دينه  حتى قال صلى الله عليه وسلم ( من اذى ذميا فانا خصمه يوم القيامه   [40]  ( بخلاف ما يدعوا اليه بنوا إسرائيل  كما راينا

 سادسا :  زعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا حل ضيفا على ابراهيم عليه السلام

 وفى هذا الصدد يذكر بنوا إسرائيل  فى العهد القديم  أن الرب جل وعلا حاشاه  ظهر لإبراهيم عليه السلام عند باب الخيمه  قبل رحيله الى قرية سدوم  ليهلكها  فأصر نبى الله إبراهيم ان يطعم الحق جل وعلا أولا , ولعله بعد الطعام يستطيع ان يثنيه عن عزمه  وألا يهلك قرى قوم لوط عليه السلام  فقالوا ) وهنا فكر ابراهيم بسرعه  وقال  يا سيد  ان كنت فد وجدت نعمة  فى عينيك  فلا تتجاوز عبدك    [41]  ( فذكروا أن إبراهيم احضر الماء ليغسل الرب ومن معه ايديهم وارجلهم  ثم احضر لهم الطعام)  ركض ابراهيم الى البقر واخذ عجلا رخصا جيدا  واعطاه للغلام  فاسرع ليعمله ووضعها قدامهم  واذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة  اكلوا            [42] (  وهنا بعض الاخطاء :

  تصور بنوا إسرائيل أن الرب جل وعلا  الذى  وسع كرسيه السموات والارض حل ضيفا على نبى الله إبراهيم  فإذا كان الكرسى بهذه الصورة  فما بالك بالعرش  ثم هو سبحانه وتعالى  على العرش استوى بل ان الحق جل وعلا أخبرنا بأنه إذا كان يوم القيامه)  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر/67

    فهذا يعنى أن  السموات والأرض لا تستطيع ان تحيط بالله جل وعلا  بل ان الدنيا بأسرها قال عنه سبحانه وتعالى ( وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء )  البقرة/255 ومن ثم فلا زمان  ولا مكان يحيطان به سبحانه وتعالى  .

  زعم بنوا إسرائيل  أنه بعدما وضع نبى الله إبراهيم  الطعام امام الرب ومن معه  مدوا أيديهم وأكلوا  الطعام  وهذا محال لأن الحق جل وعلا ليس بحاجة الى طعام او شراب  فهو سبحانه وتعالى ( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ) الأنعام /14 فإن  قالوا  بأننا كنا نقصد الملائكه , فالملائكة  أخبرنا الرب جل وعلا انهم مخلوقات نورانيه  لا تأكل ولا تشرب 

  والحق هو الذى بينه  القرآن  الكريم بهذا الخصوص و  هو أن الله سبحانه وتعالى أرسل الملائكة  للقيام بهذه المهمة  فقال جل وعلا  (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ    إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ  ) الذاريات 24/25  إذن فالملائكه هم الذين نزلوا ضيوفا على إبراهيم عليه السلام  ولم يكن يعرفهم  وإن كانوا على  صورة بشر  وقام بواجب الضيافه  ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ  0 فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ  )الذاريات 26/27  ثم ذكر القران الكريم  فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) هود /70 وقتها طمأنوه  قالوا لا تخف  وليس هذا فحسب  بل بفضل الله تعالى)  قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) الحجر /53

هذا بخلاف ما ذكر فى العهد القديم حين قالوا ان الرب  هو الذى بشر ابراهيم عليه السلام  بنفسه  قائلا  ) أين ساره  امراتك  فقال ها هى  فى الخيمه  وقال انى ارجع اليك  نحو زمان الحياه  وسيكون  لساره امراتك  ابن )  [43]

 ثم يقولون  أن الرب بعدما تناول الطعام استحى ان  يرحل الى مراده دون ان يخبر إبراهيم عليه السلام   بما ينوى  أن يفعله  ( هل اخفى عن ابراهيم  ما انا فاعله  وإبراهيم يكون امة كبيرة ( [44]

  والحق إن القرآن الكريم ذكر أن الملائكه  بعد ان افصحت عن هويتها شرع ابراهيم عليه السلام  يسالهم عن وجهتهم التى يريدونها) قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ)الحجر/57  فاجابوه قائلين (قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ )الحجر   فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ  )الحجر/74   ومن المعلوم أن نبى الله إبراهيم يتصف بالرحمه) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ )هود/75 

ولذا  اشفق على نبى الله لوط ان يرى بعينيه هلاك قومه  كما أنه أراد لقوم لوط ان يثوبوا إلى رشدهم  وان  يعودوا الى ربهم  لينجوا من العذاب المهين(  قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ  ) العنكبوت /  32  وبما أنهم رسل الله  فمن البديهى أن  يخبرهم   بأحوال القوم  ومن فيها من المؤمنين  ولذا اجابوا نبى الله إبراهيم قائلين(  نحن أعلم بمن فيها )  وعن قول الحق سبحانه وتعالى (  فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ  ) هود /74 

  والجدال هنا مع الملائكة  لأن رسالتهم واضحة  فبما أنهم لايعصون الله ما امرهم هم يعلمون ان الحق جل وعلا  إذا حكم   فلا معقب لحكمه  ولا راد لقضائه    ومن ثم فلا مجال  للتبديل  ولا للتغير)  ولن تجد لسنة الله تبديلا  )

  وإنما نستفيد من الجدال هو أن الأنبياء  أرسلهم الله جل وعلا رحمة للعالمين  وان كل  ما يتمنونه هو هداية البشر  وان لم يكونوا من اقوامهم  وهذا هو الذى دفع نبى الله إبراهيم ان يحاور الملائكة  فى امر  قوم لوط  لعل الله يهديهم فى اخر لحظة 

 إلا أن العهد القديم تناول هذا الأمر بطريقة  غريبة  فذكروا ان الرب حين خاطب إبراهيم عليه السلام ويشره بالغلام  وأخبره عن  وجهته التى يسير اليها  هنا تشجع ابراهيم عليه السلام على الحوار فقال  )   أفتهلك البار مع الأثيم  ) [45]

وزعموا ان نبى الله ابراهيم يعلم  انه ليس بالمدينة  صالحا غير لوط وابنتيه  الا أنه  حاول ان يستدرج الرب  فقال( عسى ان يكون خمسون بارا فى المدينه  ) [46] وهنا قال الرب ) ان وجدت فى سدوم خمسون  بارا  فى المدينه فانى اصفح  عن المكان من اجلهم(  [47]

ولأن الرب يعلم انه ليس فى سدوم هذا العدد وافق على اقتراح ابراهيم عليه السلام   إلا أن إبراهيم  فى زعمهم انه بهذا استطاع أن يفتح حوار مع الرب  ومن ثم فاذا به يخبر الرب وان كانوا اربعين ثم ثلاثين ثم عشرين   وفى كل مرة يوافقه الحق بأن لايهلك القريه إن كان بها هذا العدد  إلى ان وصل به المطاف الى عشرة  فقال) عسى ان يوجد عشرة) فقال )  لاأهلك   من اجل العشرة   ) [48]

   الى هنا مضى إبراهيم عليه السلام  وهو يظن انه استطاع ان يثنى الرب كما فى زعمهم عما أراد  إلا أنه بعد قليل )  فأمطر الرب على سدوم  وعمورة  كبريت ونارا من عذاب  الرب من السماء وقلب تلك المدن  وكل الدائرة وجميع  سكان  المدن          [49] (

  والعجيب أنهم ذكروا  أن الرب تذكر ما دار بينه وبين ابراهيم ) وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم      [50] ( وهذا يفسر لنا ما يفعله بنوا إسرائيل  فى محادثاتهم وهم يعلمون النهايه  الحتمية التى يودون القيام بها  فنراهم دائما يظهرون بمظرالأمين  الحريص على المصلحه ولذا أرسوا مبدأ من اشد المبادى خطورة فى البروتوكول  السابع  ) يجب أن ننشر فى سائر الاقطار الفتنه والمنازعات والعداوات  المتبادلة ولكى نصل  الى  هذه الغايات  يجب  علينا ان ننطوى على كثير من الدهاء  والخبث  خلال  المفاوضات  والاتفاقات  ولكننا نتظاهر بعكس ذلك كى نظهر بمظهر الامين المتحمل المسئوليه(   [51]

 سابعا:زعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا  رضى عن خداع يعقوب عليه السلام  لابيه نبى الله إسحاق

من القضايا العجيبة التى تناولها العهد القديم  والتى تثير العديد من التساؤلات هى قضية نبى الله يعقوب عليه السلام فنحن المسلمين نؤمن بان نبى الله يعقوب عليه السلام  نبى من أنبياء الله  صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين  وأن الله سبحانه وتعالى وهبه النبوة  وبشر جده ابراهيم عليه السلام بذلك فقال سبحانه وتعالى (  فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً  0  وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً )مريم 49/50   بهذه الكلمات الراقية  الهادفة  وصلت لنا الرسالة بأن نبى الله يعقوب نبى بأمر من الله سبحانه وتعالى  و آمنا بذلك   إلا أننا اصابتنا الدهشة حين اطلعنا على قصة نبى الله يعقوب  فى العهد القديم  وما اضافه الأحبار و الكهنه  من افعال واحداث  لا يقبلها  عقل ولا منطق  فذكروا ان النبوة آلت الى يعقوب عليه السلام بطريقة  عجيبة  فيزعمون أنه إحتال  على والده  وكذب عليه  لينل منه البركه  والنبوة  واليك عزيزى القارئ  القصة  كما وردت  فى العهد القديم

  وتبدا قصة  سيدنا يعقوب  حين تزوج نبى الله إسحاق من سيدة اسمها رفقه  وظلا فترة  دون إنجاب  إلى ان صلى نبى الله اسحاق الى الرب  ودعاه سبحانه ان يرزقه بذرية صالحه تتحمل معه الامانه  فقالوا (  وصلى إسحاق الى الرب لاجل امراته لانها كانت عاقرا ))  فاستجاب  له الرب فحبلت  رفقه امراته)

وبعد شهور الحمل ) فلما كملت  أيامها لتلد  اذا فى بطنها  تؤامان فخرج الاول احمر  كله  كفروة  شعر  فدعوا اسمه  عيسو  وبعد ذلك خرج  اخوه  ويده قابضة  بعقب عيسو فدعى اسمه يعقوب وكان إسحاق بن  ستين سنه لما ولدتهما )

 من هذا النص نفهم أن الابن الاكبر انما هو عيسو  وبنوا إسرائيل يقدسون الابن الأكبر  ويعرفون للبكر حقه  وقدره  حتى ولو كان ابن جاريه  أوامراة مكروه  فقالوا ) اذا كان لرجل  امراتان احداهما محبوبه  والاخرى مكروهه  فانجبتا له بنين المحبوبه والمكروه  فلا يقدم ابن المحبوبه البكر على ابن المكروه البكر بل يوم يقسم  يعطى ابن  المكروهه  البكر ضعف ابن المحبوبه البكر لانه اول قدرته  له حق البكورية

    وبناء على نصوصهم المقدسة  فإن لعيسو  النصيب الأكبر  إلا انهم ذكروا  ان يعقوب عليه السلام تحايل  على عيسو حتى اشترى البكوريه  من اخيه  وليته  قدرها حق قدرها  قال لاخيه( بعنى اليوم حق بكوريتك   فباع بكوريته ليعقوب   ( لا ادرى كيف تباع البكورية وتتحول  ومع هذا اشتراها بثمن بخس  ) فاعطى يعقوب  عيسو خبزا  وطبيخ عدس   ( حقا إن هذا لشئ عجيب  ولكن هذا ليس ببعيد على بنى إسرائيل  فهم يريدون أغلى الأشياء بأقل تكلفه  وبأرخص الأثمان  بعدما  يشعرون صاحبها بتفاهتها وعدم جدواها حتى يزهد فيها  ويتنازل عنها باى ثمن  ولكنه لايدرك قيمتها الا بعد فوات الاوان .

ويمضى العهد القديم فى سرد الاحداث  فيذكر ان نبى الله اسحاق  لما كبر فى السن اراد ان يمنح ابنه الاكبر البركه ليصبح هو النبى من بعده حسب شرائعهم  فقالوا ( حدث لما شاخ اسحاق  وكلت عيناه عن النظر  انه دعا عيسو  ابنه الاكبر  وقال له  فالان خذ عدتك  واخرج الى  البريه  وتصيد لى صيدا جيدا  واصنع لى اطعمه  كما احب  واتنى بها لاكل حتى تباركك نفسى قبل ان اموت )

  وما هى علاقة الأكل بالمباركة وبالنبوة  ؟ ولكنها طبيعة بنى إسرائيل  الذين حاولوا ان يؤصلوا لابنائهم  ان كل شى لابد له من مقابل  فلا يقدمون شيئا لاحد دون ان يبذل فيه الأخر قدر استطاعته  ولكن لولم يستطع عيسو احضار الطعام أو تاخر هل تضيع البركة وتذهب النبوة سدى ؟

   هيا نرى ما حدث  حين خرج عيسو ليحضر الصيد لابيه  حدث مالم يكن يتوقع وهو أن رفقه كانت تتصنت على اسحاق)  وكانت  رفقه سامعه  اذ تكلم اسحاق  مع عيسو ابنه ورغم أن كليهما ابنائها إلا أنها سارعت الى ابنها يعقوب واخبرته الخبر بل ورسمت له خطة يستطيع بها ان يخدع اباه وان يسرق النبوة من اخيه  فقالوا ) فاستدعت ابنها يعقوب  فقالت له اننى قد سمعت اباك  يكلم عيسو اخاك  قائلا  انت  تصيد  واصنع لى اطعمه لاكل واباركك امام الرب قبل وفاتى        ثم يذكرون انهما وضعا خطة عجيبة)  فقالت   اذهب الى الغنم  وخذ لى  من هناك جديين  جيدين من المعزى  فاصنعهما اطعمة لابيك  كما يحب فتحضرها الى ابيك  لياكل  حتى يباركك قبل وفاته وحين واجهتهم مشكلة ألا وهى أن يعقوب أملس بينما عيسو اخيه مشعرسأل امه ) قال يعقوب لرفقه هوذا عيسو  اخى رجل اشعر وانا رجل املس (الا ان رفقه) اخذت ثياب عيسو  ابنها  الاكبر  الفاخره  التى كانت عندها فى البيت  والبست يعقوب  ابنها الاصغر  والبست يديه  وملاسة عنقه  جلود جدى  المعزى واعطت الاطعمه  والخبز التى صنعت   فى يد يعقوب ابنها ( 

  ثم يذكر العهد القديم  أن يعقوب دخل على ابييه وكذب عليه قائلا  ) قال يعقوب  لابيه  أنا عيسو  بكرك قد فعلت كما كلمتنى  قم اجلس  وكل  من  صيدى  لكى تباركنى نفسك )إلا ان نبى الله اسحاق كاد أن يدرك الاختلاف فى الاصوات ) فقال الصوت صوت يعقوب  ولكن اليدين يد عيسو)   ولم يعرف   ) لان يديه  كانت مشعرتين  كيدى عيسو  اخيه فبارك(   ثم دعا له  قائلا  )فليعطك الله من ندى السماء  ومن دسم الارض  وكثرة حنطه  وخمر يستعبد لك شعوب  وتسجد لك قبائل  كن سيدا  لاخوتك  ويسجد لك بنوا امك   ليكن لاعنوك ملعونين  ومباركوك  مباركين  (

حقا صدق الله حين قال)  غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُوا )  المائدة /64

 لأن ما ذكروه من نصوص غاية فى الغرابة اذ  كيف تتصنت زوجة نبى الله اسحاق على الحوار الذى دار بين زوجها وبين ابنهما عيسو؟  ثم  كيف تفضل رفقه ابنها الأصغر على الاكبر مخالفة بذلك تعاليم شريعتها كما ذكرنا  وكيف تسول لنبى الله يعقوب  نفسه ان يسرق  النبوة  من اخيه عيسو ؟ ألم يدرك نبى الله اسحاق ما فعله ابنه يعقوب  وأين  أسرار النبوة اذن ؟  وإن كان هذا أو ذاك فأين الله جل وعلا  هل رضى بما فعله يعقوب عليه السلام   ووافق عليه واقره وجعله نبيا بهذه الطريقه  اين هذا من حديث المعصوم صلى الله عليه وسلم ) من غشنا فليس منا   [52] ( إذن بناء على ذلك فلا ينبغى أن يكون نبى الله يعقوب نبيا إن الكذب من شيم اللئيم   ولايليق بأحاد الناس فما بالك بالأنبياء  العظماء  ولاينبغى أن ينسب اليهم الكذب ولا الخداع  فكيف يجرؤ نبى الله يعقوب  على خداع والده حاشاهم ذلك

والأعجب من ذلك  أن بنى إسرائيل زعموا أن الرب جل وعلا  تابع هذه المسرحيه الهزلية  دون تدخل وترك الأنبياء  يكذبون  وكأن قدر الله جل وعلا ليس له مكان  انما اراد بنوا إسرائيل ان يؤصلوا لابنائهم بان يعقوب عليه السلام هو الأولى بالرسالة  وحين ادرك ان الأمر الإلهى سيخطئه  تحايل حتى نال ما يريد رغم انف القدر  لقد أراد الأحبار والكهنه  أن يشوهوا صورة الانبياء وسيرتهم امام ابنائهم ليعلموهم ان (   الغايه تبرر الوسيله   وظهر هذا جليا  فى البروتوكول  الأول (  فقالوا   ان السياسة  لاتتفق مع الاخلاق  فى شى والحاكم المقيد بالاخلاق  ليس بسياسى بارع  وهو  لذلك غير راسخ  على عرشه  لابد لطالب الحكم  من الالتجاء  الى المكر  والرياء  فان الشمائل  الانسانيه  العظيمه   من الاخلاق  والامانه تصير رذائل فى السياسه )[53]

  أين ما سبق من قول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ) ان الرائد لا يكذب اهله [54]  (  فكيف يفترون على الله الكذب  ويبلغ بهم الهراء مبلغه  حتى يكذبوا على انبياء الله  بل ويسجلوا هذا الكذب فى كتاب ويسمونه  الكتاب المقدس فكيف ذلك ؟     نحن المسلمين نبرأ الى الله من هذا الهراء  لأننا نؤمن بان الله جل وعلا) أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ  (الانعام /124 كما أنه جل وعلا يعصم انبيائه من الوقوع فى الأخطاء فهم قدوة البشر  وصنعهم الله على عينه  والانبياء يعلمون  (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّة )الزمر /60 ومن ثم فإن ما ذكروه  فى حق نبى الله يعقوب  لا نقبله  ولانؤمن به  .

  وماذا على بنى إسرائيل  لو تركوا الامور على ما هى عليه  فنبى الله يعقوب  هو النبى  دون هذا الخداع و الكذب  ولكن كيف يعيش بنوا اسرائيل دون كذب اوخداع  فهم اهل الكذب والبهت  وكأنهم لايستطيعون العيش الا فى هذه الأجواء الحالكة الظالمة  .

وليس هذا فحسب  بل انهم بما ذكروه عن زوجة نبى الله اسحاق  وما قامت به من خداع  وتخطيط   أرادوا ان يؤصلوا لابنائهم ان المراة هى أساس كل الشرور فلو لم تتصنت رفقه  ولم تخطط ما حدث هذا المكر والخداع  ونحن نؤمن بان زوجة نبى الله اسحاق لا تقدم على مثل هذا الصنيع  فهى زوجة نبى وام  نبى  فلا ينبغى  على سيدة تحيا فى  هذا البيت الطاهر ان تفعل هذا وتتسبب فى التفرقه بين ابنائها بل وتجعل من يحصل على النبوة يحصل عليها  بالسرقة والخداع وهى تعلم ان  هذا لايليق  بالانبياء   وصدق الحق حين قال عن بنى إسرائيل ) يبغونها عوجا)

ثامنا : زعم بنوا إسرائيل  ان الرب جل وعلا حاشاه  يخشى من اجتما ع خلقه

 ذكر كتاب العهد القديم ان  الرب جل وعلا  حين راى المكانة التى وصل اليها البشر  من تقدم وحضارة ورغبة فى بناء مدينة حصينة  وبرج لمراقبة الاعداء  وتامين المدينه   لم يطق  أن يجتمع خلقه على هدف واحد  فذكر ان الرب سمعهم حين قالوا

 )       هلم نبنى لانفسنا مدينة وبرجا  راسه بالسماء  ونصنع لانفسنا اسما  لئلا نبدد على وجه كل الارض   [55] ( حينئذ  انتظر الرب حتى جاء المساء )  فنزل الرب  لينظر المدينه والبرج الذين  كان بنوا ادم يبنونهما  وقال الرب  هوذا شعب واحد  ولسان واحد  لجميعهم  وهوذا ابتداءهم  بالعمل  والان  ليمتنع عليهم كل ما ينون ان يعملوه  هلم ننزل  ونبلبل  هناك لسانهم  حتى لايسمع بعضهم لسان بعض  فبددهم الرب من هناك على وجه كل الارض )[56]

       فى هذا النص الغريب يزعم بنوا اسرائيل  :

      ان الله جل وعلا  حاشاه نزل من علياءه  لينظر المدينه والبرج  وكأنه انتظر حتى انصرف القوم الى منازلهم  ونزل كالعسس  ليلا )   قاتلهم الله  ) إنما هذا دأبهم فهم لايستطيعون العمل فى النور  بل ودائما يتابعون بنى البشر فى اى تقدم ثم يقدمون على تدمبره  ويتضح ذلك فى البروتوكول  السادس عشر ) رغبة فى تدمبر  اى نوع من المشروعات  الجمعيه  غير مشروعنا  سنبدا العمل الجماعى فى المرحله التمهيديه اى اننا  سنعيد انشاء الجامعات حسب خططنا الخاصه[57]  (

        يتضح من النص ان بنوا إسرائيل لايستطيعون العيش الا فى قرى محصنه  كما قال الحق سبحانه وتعالى ( لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُر ) الحشر /14  ولأن نفوسهم مريضة  ويضمرون الحقد  فهم دائما يتوقعون العداء من الاخر  ولذا قالوا فى البروتوكول  الثامن ) يجب ان نؤمن كل الات التى  قد يوجهها  اعداؤنا ضدنا ) [58]

       زعم بنوا إسرائيل ان الرب جل وعلا أدرك الخطوره على ملكه من اجتماع خلقه على هدف واحد وبخاصه اذا كانو يتحدثون لغة واحدة  مما يساعدهم على توحد الافكار  والهدف  ولذا سولت لهم انفسهم المريضه ان الرب جل وعلا  سارع فى تدمير المدينه  والبرج    وليس هذا فحسب بل صورت لهم انفسهم ان الرب لم يكتف بذلك بل غير السنتهم  ظنا منهم انهم بذلك لا يسمع بعضهم بعضا  وهذا هو عين الافتراء  لأن الحق جل وعلا  القادر  على تدمير الأرض  جميعا فى لمح البصر  والقادرعلى تغيير الالسن والالوان  .   انما عجزت عقول بنى إسرائيل  على  فهم مراد الحق جل وعلا  من اختلاف  اللون والسان  فقال سبحانه وتعالى

(  وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (  الروم/22 كما قال جل وعلا  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات /  13  فهذه قدره لا تدانيها قدره  اذ كيف  يكون الأب واحد وهو ادم عليه السلام  ثم تختلف لهجات ابناءه والسنتهم  فسبحان الله الذى لا يعجزه شى فى الارض ولا فى السماء

  استطاع بنوا اسرائيل بهذا النص  أن يؤصلوا لابناءهم مبدا غاية فى الخطورة  ألا وهو )   فرق تسد   ( وهذا ما يقوم به  بنوا إسرائيل  واعوانهم  فى كل زمان ومكان  فقالوا فى البروتوكول  الخامس ) ولضمان الراى العام  يجب اولا  ان نحيره كل الحيره  بتغيرات من جميع  النواحى  لكل اساليب الاراءالمتناقضه  حتى يضيع الاممين فى  مناهجهم هذه  السياسه  ستساعدنا  ايضا فى تبرير  الخلافات بين الهيئات  وفى تفكيك كل القوى  المجتمعه  وفى تثبيط كل تفوق  فردى  ربما يعوق اغراضنا  باى اسلوب من الاساليب )[59]

أراد الأحبار  والكهنه  أن يغرسوا فى نفوس ابناءهم ان الدنيا كلها ضدهم بل واضافوا الى ذلك الرب جل وعلا و حاشاه  ان يكون ضد شعب بعينه  وبلا ذنب  فالحق ان الله جل  ما كان ليهلك قرية  الا اذا غيرت وبدلت نعمة الله كفرا  اما  ان يبيد امه او يتربص بها  فهذا لا يليق بجلال الله سبحانه وتعالى  ومن ثم  علم الاحبار ابناءهم ان يعاملوا العالم بنفس الطريقه  فلا يتركون شعبا متحدا  ولا امة تفكر فى الاتحاد  الا سارعوا  الى  تفكيكها والتخلص منها  لا لشى الا لا نهم  يشعرون برعب وخوف شديدين من اجتماع اى شعب على هدف واحد  لانهم يرون نهايتهم مع اتحاد الامم والشعوب على افكار واحده

  ولذا ) يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ  ( يس /26بما يدبر لهم  فلا أمان لهؤلاء  فهم لا يريدون للبشر  خيرا . وانما  يقتربون  منا ليصبحون على علم بكل ما نقوم به ليسهل لهم القضاء علينا والإباده كما تسول لهم انفسهم  ولذا قال الحق جل وعلا (  وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) المائدة/49

تاسعا:  زعم بنوا إسرائيل ان الرب جل وعلا  حاشاه   اشتكى لداود عليه السلام .

يزعم بنوا إسرائيل ان الرب جل وعلا تفرغ لهم وكأنه لم يكن فى الكون غيرهم  أو انهم على درجة إيمانيه تجعلهم دائما فى رعاية الله سبحانه وتعالى فذكروا ان الرب إنما كان يسير امامهم ليل نهار )  وكان الرب يسير امامهم  نهارا فى عمود سحاب  ليهديهم  الطريق  وليلا فى عمود نار ليضى لهم  لكى يمشوا نهارا وليلا  ولم يبرح عمود السحاب  نهارا  وعمود النار ليلا  من امام الشعب )[60]

فى هذا النص  امورا غاية فى الغرابة  افتراء بنوا إسرائيل على الحق جل وعلا  وزعمهم أنه سبحانه وتعالى كان يسير امامهم  والحق جل وعلا لا يحيطه زمان ولا مكان  فاى سحاب او اى نار هذه التى تستطيع احتواء جلال الله سبحانه وتعالى  ثم ما هو حال باقى الكون ؟ فمن يدبر امره اذن ؟

  إنما أراد الأحبار ان يؤصلوا لابناءهم انهم من الله جل وعلا بمكان لدرجة ترك فيها ملكه ليسير معهم وليهديهم الطريق  وهذا  وان لم يحدث  فهو ليس فى صالحهم   لان به دليل واضح ان بنى اسرائيل  بهم من الغباء والجهل ما يجعلهم يضلون عن سواء السبيل ان افتقدوا الدليل 

   ولما لا وهم بمجرد خروجهم من البحر( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ الاعراف /138 وليس هذا فحسب  بل حين تاخر  عليهم سيدنا موسىصنعوا لانفسهم  عجلا من ذهب وعكفوا على عبادته  واضلهم السامرى (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِي  )   َطه/88

  أراد الأحبار والكهنه  أن يؤصلوا لابناءهم  ان يلجئوا دائما وابدا الى قوة عظمى يحتمون بها إذ أنهم لايستطيعون السير أو العمل بمفردهم  ونرى ذلك واضحا عبر التاريخ  فما من قوة عظمى إلا  وارتموا فى احضانها  يستفيدون من خيراتها ويحتمون بقوتها  فإن ظهرت قوة اخرى  يسارعون اليها  وكأنهم لم يكن بينهم وبين الأولى مودة ورحمه  فرايناهم فى أحضان روما قديما .

ولكن حين فطن لهم الرومان  ساموهم سوء العذاب  فا ختباؤ فى الجحور   وحين جاء الإسلام ودعاهم لعبادة الله الواحد الأحد  صموا اذانهم  واستكبروا استكبارا  وناصبوه العداء  رغبة منهم فى القضاء عليه ولكن هيهات  انى لهم ذلك  وقد تكفل الحق جل وعلا بنصر الإسلام واهله ) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)الصافات 171/172/173

 ومع هذا سولت لهم انفسهم أن قريشا وهى أم القرى آنذاك  هى القوة العظمى  فانضموا إليها  لعلها تساعدهم فى القضاء على المسلمين ودفعهم هذا الى الكذب  فحين ذهب  كعب بن الاشرف ومعه وفد من اليهود الى قربش وهناك سالوهم سؤالا بديهيا  كان من الممكن ان   صدقوا الله ان ينجوا هم وقريش من العذاب الأليم  فى الدنيا والاخر

فقالوا لهم ) ننشدكم الله هل تعلمون ادين محمد حق ام ديننا  ؟ [61] فقالوا لهم اخبرونا عن دينكم  فقالوا نحن نخدم البيت ومن يحج اليه  ونفك العانى ونقرى الضيف    فأجاب كعب بن الأشرف قائلا  إن دينكم خير من دين  محمد  ولم يكتف بذلك بل عظم الهتهم هبل واللات  وغيرهما  وفيهم نزل  قول الحق جل وعلا  ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً  ) النساء/51 [62]      

    فظلوا يحتمون بقريش  ويدفعونها إلى المهالك والى محاربة المسلمين  وتم لهم هذا الأمر حين جاءت قريش وغطفان والأحزاب  فى غزوة الخندق  ولكن الله سلم  ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً )  الأحزاب /125 بل وجرت عليهم الوبال  فقتل منهم من دبر لهذه المكيده واخرج الأخرون من المدينة  ثم كتموا انفاسهم لما راو مكانة المسلمين تعلوا بفضل الله جل وعلا  منتظرين اى لحظة ضعف  يستطيعون من خلالها السطو على المسلمين وكسر شوكتهم  ووجدوا فى المغول والصليبين بغيتهم فساعدوهم بكل ما لديهم من مال وعتاد   ولكنهم باؤ بغضب من الله وابقى الله جل وعلا ما يسؤؤهم  فانتهى التتار  وقضى على الصليبين  بفضل الله سبحانه وتعالى

  وحين خمدت اوروبا  بعد الحروب الصليبيه  بالتالى خمدت جذوتهم  الى ان ظهرت بريطانيا  على مسرح الحياه  كقوة عظمى سرعان ما ارتموا فى احضانها  ولم تغرب شمس بريطانيا  الا بعد  ان  سرقت  قطعة من ارض العرب والمسلمين  واعطتها لليهود   يا سبحان الله من لايملك اعطى لمن لا يستحق

 وليس هذا فحسب  بل حين انتهى دور بريطانيا البطولى وظهرت امريكا  فسارع اليهود يقدمون فروض الولاء  والطاعه حتى اصبحوا  ابناء امريكا المدللين  سبحان الله بعدما كانوا يسمون انفسهم ابناء الله   اصبحوا ابناء الشيطان  ولما لا وقد حققت لهم امريكا مالم يحلمون به .

                      والسؤال الان لمن سيلجئون بعد امريكا ؟

 وبخاصه إذا  آل الأمر إلينا نحن المسلمين   لان  وعد الله لا يتخلف )   وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ  ) الانبياء/105  واذكرهم بقول الله جل وعلا ) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  )  الجمعة/8 فهم يهربون من مواجهتنا بمفردهم وانه لات لامحاله  ان غدا لناظره لقريب  لان الحق سبحان وتعالى يقول)  وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ  (ال عمران  / 140وقتها ) وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ   ( الشعراء/227زعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا  لم يطق السير  فى السحاب وفى النار  فطلب من موسى عليه السلام  ان يصنع له خيمة  ليحل بها  فقالوا " اخذ موسى  الخيمه ونصبها  له خارج المحله  بعيدا عن المحله  ودعاها خيمة الاجتماع  فكان كل من يطلب الر ب  يخرج  الى خيمة الاجتماع  التى خارج المحله  وكان عمود السحاب  اذا دخل موسى الخيمه  ينزل ويقف  عند باب  الخيمه ويتكلم الرب مع موسى  فيرى جميع الشعب  عمود السحاب ويكلم الرب موسى وجها لوجه  كما يكلم الرجل صاحبه "[63]

فى هذا النص:  يزعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا حاشاه   طلب من موسى ان يصنع له خيمه ليحل بها كيف ؟ وقد   وسع كرسيه السموات والارض  والعجيب ان الغرض منها  ان من اراد الرب ذهب الى تلك الخيمه ذكروا ان موسى وضع الخيمه خارج البلدة التى يعيشون فيها  فان دل ذلك فانما يدل  على انه ليس ثمة مكان  فيها يصلح  للعبادة ومناجاة الرب سبحانه وتعالى

   نحن لا ننكر  ان الرب جل وعلا   كلم موسى تكليما   ولكن ليس لدرجة ان يقال  كما زعموا  ان الرب كان يكلم موسى كما يكلم الرجل صاحبه  فتعالى الحق عن ذلك علوا كبيرا

نؤمن نحن المسلمين بان الله جل وعلا اقرب الى البشر من حبل الوريد ومن ثم فمن اراد ان يناجى الله جل وعلا فليناجيه فى اى وقت وفى اى مكان )   وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ   )  البقرة/186

   ومع هذا  هل حفظ بنوا اسرائيل للخيمة قدسيتها  كمكان يبتهلون فيه الى ربهم سبحانه وتعالى ؟ فقد كانت بمثابة المرشد لهم  فقالوا ) متى ارتفعت السحابه  عن الخيمه  كان بعد ذلك  بنوا اسرائيل  يرتحلون  وفى المكان حيث حلت السحابه  هناك كان بنوا اسرائيل  ينزلون (          فمعنى ذلك ان الرب جل وعلا لم يكن يفارقهم لا ليل ولا نهار  ومع هذا لم يخشوا ربهم وارتكبوا الفاحشه علانية  لا فى البلدة بعيدا عن خيمة الاجتماع  بل فيها فقالوا انه حين بلغ كبير الكهنه من السن عتيا وكان اسمه )  عالى (   لم يستطع ان يردع ابناءه  ولا ابناء بنى اسرائيل من الفاحشه ) وشاخ عالى جدا  وسمع بكل ما عمله بنوه  بجميع اسرائيل  وبانهم كانوا يضاجعون  النساء المجتمعات  فى باب خيمة الاجتماع( [64] فاذا ارتكب ابناء الكاهن  والذين يفترض فيهم القدوة  هذه الفواحش  فما بالك بباقى الشعب  فلا شك انهم  اشد فسادا واضل عن سواء السبيل  فسلط الله جل وعلا  عليهم  من يسومهم سوء العذاب  ووقعوا سبايا  فى أيدى اعداءهم  وظلوا تحت الحصار  والإحتلال  فترة طويلة .

 ـ  وحين من الله جل وعلا عليهم  بعبده داود  عليه السلام  واعاد لهم مكانتهم   زعموا ان الرب جل وعلا طلب من داود مقابل هذا النصر والتاييد ان يبنى له بيتا فقد تعب من السير فى السحاب وفى الخيمه   حاشاه  فقالوا :

  )  كان كلام الرب الى ناثان  قائلا  اذهب وقل لعبدى داود  هكذا قال الرب اانت تبنى لى بيتا لسكناى ؟ لانى لم اسكن فى بيت  مذ يوم اصعدت بنى اسرائيل  من مصر  الى هذا اليوم  بل كنت اسير فى خيمه وفى مسكن  [65] ( وليس هذا فحسب  بل زعموا ان الرب جل وعلا  قطع عهدا مع داود  عليه السلام  قائلا ) هو يبنى بيتا لاسمى  وانا  اثبت كرسيه مملكته

    والعجيب انه مع هذا العهد وبعد هذا الرجاء وبعد تلك الشكوى لم يقم  داود  ببناء البيت للرب جل وعلا   وخروجا من هذا المازق  زعموا ان نبى الله سليمان عليه السلام  اراد ان يبنى  البيت عوضا عن ابيه

      فقالوا ) فارسل سليمان  الى حيرام  يقول  انت تعلم  ان داود  ابى لم يستطع ان يبنى  بيتا لاسم الرب  الهه  بسبب الحروب  التى احاطت به  حتى جعلهم الرب تحت بطن قدميه  وهانذا قابل على بيت لاسم  الرب الهى كما كلم الرب داود  ابى قائلا  ان ابنك الذى  اجعله  مكانك  على كرسيك هو يبنى البيت لاسمى( [66]

    سرعان ما نقل بنوا اسرائيل  الوصيه من الاب الى الابن دون حرج  ومع هذا وبعدما  بذل سليمان عليه السلام كل جهده فى بناء البيت  لم يحافظ عليه بنوا اسرائيل  فعصوا الله سبحانه وتعالى  وارتكبوا من الاثام  الكثير حتى سلط الحق جل وعلا عليهم من هدم لهم هذا البناء  ومن ثم لم يعد لبنى اسرائيل مكان مقدسا يلجئون الى الله سبحانه وتعالى فيه  ولذا فنحن المسلمين نحمد الله جل وعلا  ان اكرمنا بفضله  وجعل لنا الارض مسجدا وطهورا

     لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم : جعلت لى الارض مسجدا وطهورا فايما رجل ادركته الصلاة فليصل ..[67] كما نحمد الله جل وعلا ان جعل لنا قبلة واحدة  فقال جل وعلا (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاس)   ِالمائدة/67    ثم امر المسلمين فى مشارق الارض ومغاربها بالاتجاه اليه فى الصلاة    (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ)البقرة /144

 ومن كرم الله سبحانه وتعالى  بالامه الاسلاميه ان جعل لها مقومات لم تتوفر لغيرها من الامم  وهى:-يؤمن جميع المسلمين بالله الواحد جل وعلا .    للمسلمين دين هو افضل الأديان  ألا وهو الإسلام  الذى ارتضاه رب العالمين  فقال جل وعلا :    (   الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا  )ً المائدة/3

  يؤمن المسلمون بالقران الكريم الذى  اخبر عنه الحق جل وعلا (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ  )  الاسراء/9     

 مهما أصيب المسلمين من تفرق وشتات إلا أن لهم مواسم للطاعة تجمعهم وتذكرهم بانهم ماخلقوا ليتفرقوا  ومنه :الحج الى بيت الله الحرام بمكه .كما انهم يصومون شهر رمضان فى كل عام .   إذن المسلمون لهم رب واحد ,وقبلة واحده , وقران واحد  ,وشهر للصوم واحد , وكعبة واحدة يحجون اليها فهذا دليل على ان مايمر به المسلمون اليوم من فرقة واختلاف انما هى سحابة صيف تنقشع عما قريب ويعودون الى سالف عهدهم والى كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم 

     فالغرب يرونه بعيدا ونحن بفضل الله نراه قريبا  فوعد الله جل وعلا لهذه الأمة الكريمة لن يتخلف (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الانبياء/105   وليس هناك على وجه الارض من هم اصلح واتقى من امة محمد صلى الله عليه وسلم فيكفيهم انهم الامة الوحيدة التى تسجد لله رب العالمين فى كل وقت وحين .

عاشرا: زعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا ( حاشاه ) امر بارتكاب الفواحش .

                يزعم بنوا إسرائيل فى العهد القديم ان الله سبحانه وتعالى لم يعصم نبيه داود من الوقوع فى الخطيئه  حين استدعى سيدة اسمها  بثشبع بنت اليعام وزوجة لأوريا الحثى   زعموا  ( قاتلهم الله  ان نبى الله داود استغل فرصة وجود زوجها فى الحرب  وادخلها البيت وضاجعها  فقالوا : (   فارسل داود رسلا واخذها  فدخلت اليه  فاضطجع معها  وهى مطهرة من طمثها  ثم رجعت الى بيتها  وحبلت المراة فارسلت  واخبرت داود  فقالت انى حبلى ) [68]    ونحن المسلمين نبرا من هذا الهراء  ولكن مادامو يزعمون ان كتبهم مقدسة وانها من عند الله جل وعلا احببنا ان نبين لهم  ما يفترونه على انبياء الله  وانه لولا القران  الكريم الذى حفظه الحق سبحانه وتعالى لظل الناس فى ضلال مبين .وهذا دليل على فساد بنى اسرائيل الاخلاقى  وحبهم للرذيله  ورغبتهم فى انتشارها باى وسيله  ومن ثم نسبوها للانبياء صلوات الله وسلامه عليهم ليكون لهم فيهم القدوة  ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم . والأسوا من ذلك هو زعمهم أن الله جل وعلا  حين أراد أن يعاقب داود عليه السلام على صنيعه هذا  زعموا عذرا اقبح من ذنب فقالوا أن الرب جل وعلا عرض نساء النبى داود  لنفس الفعل الذى زعموه  فذكروا ( هكذا قال الرب :هانذا  اقيم عليك الشر  من بيتك  واخذ نساءك امام عينيك  واعطيهن لقريبك  فيضطحع مع نساءك  فى عين هذه الشمس   )  [69]     ( قاتلهم الله)

             وانما ارادوا بذلك ان يؤصلوا لاولادهم  ان الرب هوالذى شرع القصاص فى هذه المسالة  وانهم لاذنب لهم انما هى نصوص مقسة , وصدق الحق حين قال عنهم  (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا) الاعراف/28   

      وهنا يرد القران بكل قوة وحزم (قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /28     وليس هذا فحسب بل بين سبحانه وتعالى كذب هؤلاء  فقال جل وعلا (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)الشورى /13 

       والله جل وعلا شرع لنا البعد عن الفواحش بكل اشكالها والوانها فقال سبحانه وتعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /33      فما كان لله جل وعلا ان يامر امة بترك الفواحش ويامر اخرى بارتكابها فى عين الشمس  حقا صدق ربى جل وعلا حين قال  (   كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) الكهف /5

 ولذا فانا اهيب بامتنا الحبيبه  واقول لهم ان من يكذب على الله جل وعلا وافترى الكذب على الانبياء   فمن السهل واليسير ان يكذب على البشر  ولذا حذرنا الحق جل وعلا منهم  حين قال سبحانه وتعالى (  وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) المائدة /49   والعجيب ان العهد القديم الذى يقدسونه ويصرون على انه من عند الله  به من امثال هذه القصص الكثير والتى يعف اللسان عن ذكرها  .فالحمد لله على نعمة الاسلام  وعلى القران 

                                                (  صفات  الله جل وعلا  فى القرآن الكريم  )      

   راينا كيف ذكر العهد القديم الله جل وعلا بصفات لاتليق بجلاله سبحانه  فزعموا انه سبحانه  وتعالى رجل حروب  يصرخ ويهتف ويقوى على اعدائه  ( حاشاه )  وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .وراينا كيف استغل بنوا اسرائيل  هذه الصفات  التى كتبوها بايديهم  زاعمين انها من عند الله جل وعلا  فساموا الشعوب سؤء العذاب  مدعين انها توجيهات الله العزيز الحكيم          

   ونحن نشهد ان الحق جل وعلا لم يامر  بما يفعلوه (  قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء )  الاعراف - 28     ولذا شرع القران الكريم  يضع الامور فى نصابها  ويحق الحق بكلماته  ويبطل مزاعم المبطلين  ,ومن الامور التى تناولها  بوضوح  هى صفات الله جل وعلا   لانه جل وعلا شاء  ان يكون القران الكريم  اخر الكتب المنزله  وان تكون امة محمد صلى الله عليه وسلم  هى الامة الخاتمه  وان نبيها محمد صلى الله عليه وسلم  خاتم الانبياء  ومن ثم وجب تصحيح المفاهيم  التى سادت البشريه  دهورا  وليعلم الجميع  الحق من ربهم  وليرى الجميع  النور فيسيرون  فى هداه  ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ  )  النساء -165    

 فقديما ظن  بعض البشر  ان النار بشعلتها ترفع  القربان  الى السماء  ومن ثم قدسوها  وبنوا لها  المعابد وبمرور الوقت ظنوا انها هى الاله , ومنهم من ظن ان الشمس  هى التى تهب الحياه  فجعلوها الاله الاكبر  , واخرون اتجهوا الى الاصنام  والاحجار  فسجدوا لها وعبدوها  بل ودافعوا عنها بكل ما اتوا من قوة   والعجيب انهم فعلوا ذلك وهم  يرون ان الكون اكبر من يتحكم فيه الهتهم المزعومه  وانه لابد ان تكون هناك قوة عظيمه{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) الشورى -12وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ ِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }   يونس -61 ولذا  انزل الحق جل وعلا القران الكريم وقال عنه  ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )  النحل -89

  وبين سبحانه وتعالى  وحدانيته  بقوله جل وعلا ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْوَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ)   الإخلاص ومن ثم امر الحق سبحانه وتعالى قائلا  (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً)    النساء -36   وبين جل وعلا (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا  ) الاعراف - 180     ودعانا سبحانه وتعالى ان ندعوه بها  وان ننبذ ما سواه  وان لجا البعض  الى اصحاب النفوذ فاعلمنا الحق جل وعلا انه(ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)  الذاريات - 58         واذا لجا البعض الى أصحاب الأموال  فالحق جل وعلا اخبرنا بقوله     (  وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)  المنافقون -  7    واذا اراد البعض ان يستند الى العظماء فالله سبحانه وتعالى  (الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)  الانعام  - 18

                         اولا: الله جل وعلا ( الرَّحْمنِ الرَّحِيم.)

 لقد اخبرنا الحق جل وعلا فى قرانه الكريم بانه سبحانه وتعالى  هو الرحمن  الرحيم   وان رحمته سبحانه وتعالى بخلقه ليس لها حدود ,  وفى هذا يقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم           "   ان الله جل وعلا قسم الرحمة مائة جزء  انزل جزءا  منها فى الدنيا يتراحم به الخلق حتى ان الدابه ترفع حافرها عن  وليدها خشية ان تصيبه , وادخر تسعا وتسعين جزءا  يرحم بهم الخلق يوم القيامه  [70]

      وهذا دليل على ان لطف الله بعباده ليس له منتهى  فهو سبحانه وتعالى القائل (  وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ  ) الأعراف /156     ومادام هذا الاسم الجليل  ( الرَّحْمنِ) ذكر فى القران الكريم  فلا شك ان الحق جل وعلا اخبر به جميع الانبياء  وانهم صلوات الله وسلامه عليهم  يعلمون هذا جيدا 

    فلقد اخبرنا القران الكريم ان سيدنا ادم عليه السلام حين اخطا واكل من الشجرة  هو وزوجته   (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الأعراف /23  وكذلك نبى الله نوح عليه السلام   حين قال (َ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ )هود /45     

   وأخبره الحق سبحانه وتعالى  بأن نسب الدين أولى من اى نسب اخر  ولذا قال سبحانه وتعالى (  يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) هود /46   وحتى لاتذهب العقول بعيدا اخبر الحق جل وعلا (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) هود /46   ثم عقب الحق سبحانه وتعالى (إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ  )  هود /46  حينئذ قال نوح عليه السلام (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ  ) هود/47

وذكر الحق جل وعلا ان ابراهيم عليه السلام  قال (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)البقرة /128

كما حكى القران الكريم ان موسى عليه السلام ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)القصص /16كما ذكر القران الكريم ان نبى الله سليمان عليه السلام  استهل رسالته لملكة سبا قال( إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  ) النمل /30   كما ان  نبى الله سليمان عليه السلام  دعا ربه جل وعلا قائلا (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) النمل /19

         واكرم الحق جل وعلا الدنيا باسرها   فارسل سبحانه وتعالى  المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم  رحمة  فقال جل وعلا  ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) الانبياء /107       وفوق كل ما سبق   اخبرنا الحق جل وعلا بقوله سبحانه ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)الاعراف /156      بل وطمان الحق سبحانه وتعالى  البشر جميعا فقال (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ  ) الزمر /53     ولذا فان الحق سبحانه وتعالى  (   وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ )فاطر /45

          أخبر المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم    " ان الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف "ونهى سبحانه وتعالى ان تمتد يد الانسان لاخيه بسوء دون حق ولذا ذم القران الكريم ما قام به احد ابنى ادم من قتل اخيه  ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ )المائدة/30  بين ان من صفات عباد الرحمن  ( وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) الفرقان / 68    وبين المعصوم صلى الله عليه وسلم ( ان زوال الدنيا اهون على الله من اراقة دم دون حق )

لذا شدد القران الكريم على من يوذى النفس البشرية بالقتل وأثاره الرعب وإرهاب البشر بأشد أنواع العذاب فقال سبحانه وتعالى (  إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة /33

لذا حرم الحق جل وعلا الظلم على نفسه وعلى العباد فقال " يا عبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " واكد المعصوم صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله " اياكم والظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة "  بل وبين صلى الله عليه وسلم ان الانسان لا ينبغى ان يؤذى اخيه لا بالكثير ولا بالقليل فقال " ولا ان تنظر لأخيك نظرة تؤذيه "   وما كان ذلك الا برحمة الله لعباده وارادته ان يحيا خلقه فى تواد وتراحم ومحبة ووئام .ولم تقف رحمة الله عند بنى البشر  فحسب بل امتدت لتشمل  كل شى  ومن ثم  نهانا سبحانه وتعالى بقوله ( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )الاعراف /85    وهذا دليل على ان الحق سبحانه وتعالى  انما يريد لعباده الخير  واخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم ان الانسان قد يثاب على فعل الخيرات وان  اطعم الحيوان الذى سيأكله عما قليل

    فقال صلى الله عليه وسلم " ان فى كل ذات كبد رطبة اجرا "[71] بل وذكر صلى الله عليه وسلم ان امراة دخلت النار فى هرة حبستها لا هى اطعمتها ولا هى تركتها تاكل من خشاش الارض[72] كما اخبر  بان امراة بغى من بنى اسرائيل دخلت الجنه فى كلب سقته .[73]  ان ما ذكرناه الان بعض من قليل فى جانب رحمة الله جل وعلا  ولكن نذكره لنرى الفارق بين ماذكره بنوا اسرائيل  من قتل وتشريد وظلم ثم نسبوه لله جل وعلا  وصدق فيهم قول ربنا جل وعلا   (   وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا  ) الأعراف /28     ونحن نؤمن بان الله سبحانه وتعالى   ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء) الأعراف /28

فما كان لله جلا وعلا ان يامر بالرحمة فى دين وبالغلظة فى دين اخر وصدق الحق جل وعلا حين قال (  مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) فصلت /43    وهذا يشعرنا بان هناك ايدى خفيه  تسللت الى ما أنزل الله لبنى إسرائيل وغيروا ما فيه من رحمة مبدلين اياها الى الظلم  (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)ابراهيم  /28

اذ كيف يدعو الحق سبحانه وتعالى فى الاسلام  ( وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)  التوبة /   6  ثم يزعمون فى العهد القديم  ان الرب جل وعلا  امر موسى عليه السلام  ان يدمر كل المدن البعيده عنه  اما المدن القريبه فلا يستبق منها نسمه :

وفى الإنجيل  زعموا ان عيسى عليه السلام قال "  ما جئت لالقى سلاما بل لالقى سيفا ماذا اريد لو اضطرمت "   [74]    فهذا دليل على أن ما ذكر فى العهدين القديم والجديد من قتل وظلم انما هو من وضع الأحبار  والكهنه  ورغبتهم  الملحه فى تدمير الاخر  بكل اشكاله  والحروب العالمية التى اشعلوها اكبر دليل على ذلك  وهنا سؤال يطرح نفسه : ماذا عن ايات الجهاد المذكوره فى القران الكريم ؟ او لعل قائلا يقول : المسلمون  يتعجبون من النصوص التى تدعوا الى الظلم والتدمير  وينكرون ما لديهم من نصوص  تدعوا الى  الجهاد والقتال ..ونحن لاننكر ان لدينا ايات تحث على الجهاد ولكن شتان بين جهاد  المسلمين وبين ما يفعله بنوا اسرائيل من تدمير  فهناك  اختلافات كثيره منها

: ظل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وصحبه الكرام فى مكة ثلاث عشر عاما  يدعون قريش ومن حولها  الى عبادة الله الواحد الاحد  ونبذ عبادة الاصنام  كما دعاهم الى  الاحسان وايتاء ذى القربى  وصلة الارحام والى مكارم الأخلاق  المبادئ التى كان يجب اتباعها  دون أدنى نقاش  .

          وبخاصة ان اصحاب الدعوة  الاسلامية  لم يرتكبوا فى سبيلها اى جرم او اراقة دماء كا اصحاب الدعوات االاخرى من امثال لينين وغيره الذين سامو شعوبهم سؤء العذاب من اجل مبادى ثبت فيما بعد فشلها الذريع  .

 أما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه  رغم تعرضهم لمعاناة وتعنت وعذاب لم يسبق له مثيل الا انهم لم يؤمروا بقتال  بل امروا بالصبر  وان  وصل بهم العذاب مبلغه  و امروا بالهجره  الى الحبشة مرتين  وحين بالغت قريش فى تعذيب المسلمين  امرهم الحق جل وعلا بالهجره الى المدينه المنوره

وهناك لم تترك قريش المسلمين ودعوتهم بل ناصبتهم العداء حتى فى الموطن الجديد  فلا هى امنت ولا تركت غيرها يدخل فى دين الله بسلام   فماذا اذن ؟  الا ينبغى على الاقل الدفاع عن انفسهم وعن دينهم وبخاصة انهم اصحاب الدين الخاتم  وما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من معه ان يتخلفوا عن تبليغ الرساله  والا يستبدل الحق جل وعلا قوما غيرهم   ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة/67    ثم  ماذا على قريش إن امنت  او تركت الاخرين يؤمنوا ؟

: ثم حين بدا المسلمون الدفاع عن دينهم من قبل الله سبحانه وتعالى (  أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)   الحج /39   يقال انهم نشروا دينهم بحد السيف ؟  فماذا ينبغى عليهم ؟  هل يسجدوا للاصنام ويذبحوا للاوثان  ويقطعوا الارحام ويدفنوا البنات احياء ويشربون الخمر ويتعاملون بالربا حتى يرضون قريش وغرورها  ام ياخذوا على ايدى المارقين  حتى  يحق الله الحق بكلماته

      فإما   الإسلام   أو يتركوا المسلمين  يمارسوا دينهم بحرية تامة  ولا يقفوا لهم  بالمرصاد ومن ثم قال  الحق سبحانه وتعالى ( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ )  التوبة/29     أيريدون ان يظل المسلمون بهذه المذلة والمسكنة  يطاردون من فوق كل ارض ومن تحت كل سماء حتى ترتاح ضمائرهم وهم الذين يبيدون من خلفهم فى امر من امور الدنيا الزائله ؟ والشاعر يقول :

           لا خير فى حلم  ليست له      بوادر تحمى صفوه ان يكدرا [75]

فما بالك وهذه دعوة جاءت بعد انقطاع من الرسل ,وبعدما بلغ الظلم مبلغه , وبلغت الظلمات منتهاها وجاءت لتخرج الناس من هذه الظلمات الى نور الله جل وعلا .ثم ما كان ايسر على المسلمين ائذاك ان يرتموا فى احضان الفرس او الروم وسرعان ما سيتولون نشر هذا الدين  وبعد ان يستقر الامر  للمسلمين وتنتشر دعوتهم من اليسير حينئذ ان ينقضوا على صانعيهم وان يتبؤا الصداره  فكثيرا ما فعل العديد من القادة مثل ذلك  والتاريخ حافل بشواهد عدة  ,

         فما قام به لينين وستالين من قتل وابادة   بحجة انهم يتبنون دعوة كارل ماركس  ليس ببعيد   فهل كان ذلك يرضى العالم ؟

  واذا كان الامر كذلك فهل الافضل للعالم ان يكون تحت امرة قوات قاهرة لا تراعى فيهم عهدا ولا ذمة  ولا ترعى للانسان حرمته ام ان يعيش الانسان حرا طليقا تحت راية الاسلام  وليس له الا اله ومعبود واحد هو الله جل وعلا ؟ كما ان االحق سبحانه وتعالى انما اراد للاسلام  ان لايكون شرقيا ولا غربيا انما اراد ان يكون للاسلام سماته ورجاله  الذين  يعرفون به ويعرف الاسلام بهم (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) ال عمران

3:وحين شرع الحق جل وعلا الجهاد للمسلمين  وضع له قوانين ومبادى  لم يسبق ان اتسم بها  جهاد من قبل . فقد امرهم الحق جل وعلا  ان لا يقاتلوا الا من قاتلهم   والا يزيدوا على  ذلك والا يعتدوا (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ )  وبين سيحانه وتعالى ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) كما بين الحق سبحانه وتعالى  ان لايقاتلوا من لايعلم (  وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ )التوبة /6 وحذر الله سبحانه وتعالى  المسلمين ان يخونوا او ان يغدروا حتى وان كانوا يخشون من احد خيانه (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ) وذكر القران الكريم  انه يجب ان يتحلى المسلمون المجاهدون بالقوة  وان لايخشوا احدا الا الله (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ )الاحزاب /39   كما انهم ينبغى لهم ان  (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ)المائدة /54

       لما ذلك ؟لأن من حولهم سواء من الاعراب او الفرس والروم  بهم من الغلظة والشدة  والكثرة  ما ينبغى مقابلتها بالمثل والا لوتمكن منهم الاعداء (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)  التوبة /8    ولذا وصاهم الحق سبحانه وتعالى (سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)  الفتح /16   ومن ثم لابد ان يكون المسلمون على نفس القدر من القوة والشدة والا التهموهم فى لمح البصر وبخاصه ان عدد الاعداء دائما وابدا اكثر من عدد المسلمين  .

           وليس هذا فحسب بل إن الأعداء دائما هم البادؤن بالقتال بل ويزحفون الى ارض المسلمين  فإن وقف المسلمون موقفا سلبيا  ولم تبدوا منهم قوة ترهب الاعداء  لانتهوا وهذا مايريده هؤلاء   (  إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) الممتحنة/2  ولاينسى التاريخ زحف التتار والصليبين الى ارض المسلمين  فلو لم يقيض الحق  سبحانه وتعالى للامه رجالا مثل صلاح الدين الايوبى وقطز وبيبرس وغيرهم من الابطال  الافذاذ  الذين ضحوا بالغالى والنفيس لحدث مالا يحمد عقباه .

      ولذا قال الحق جل وعلا (  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم ) التوبة /73   وبين الحق سبحانه وتعالى السبب  الا وهو (   فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الانفال /57  فالحق جل وعلا يعلم ان هناك اقوام معاندون اخرون يتربصون اى لحظة ضعف لهذة الامة لينقضوا عليها  ولذا ان استطاع  المجاهدون  ان يحسموا الامر     لصالحهم  بهذا يكون المكسب مضاعف   فوزهم فى الحرب  .والأفضل من ذلك هو كسر حدة الاعداء  وهذا هو المطلوب : ان لا يكون حرب وان يدخل الناس فى دين الله افواجا  او يسالوا ومن ثم فلا حرج  لان القاعده العامه التى ارساها الحق سبحانه وتعالى ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) الكهف /29    لان االحق سبحانه وتعالى  يريد قلوبا تاتيه بالمحبه  ولا يريد اجسادا فلو ان الامر كذلك (إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) الشعراء /4ولذا نهى الحق سبحانه وتعالى المسلمين ان تمتد ايديهم  الى من لا يقاتلهم (  لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  ) الممتحنة /8

:    وفوق ما سبق فان الغاية التى يجاهد من اجلها المسلمون تفوق الغايات الاخرى  التى يحارب  من اجلها  اصحاب الدعوات الاخرى  ففى الوقت الذى يقاتل فيه الصليبيون  وغيرهم من اجل حفنة من المال وطمعا فى ثروات الشرق وخيراته  وليس ما حدث فى العراق على ايدى الامريكان ببعيد .

قد أوهمت امريكا الدنيا بأاسرها بأن العراق بها من الأسلحة  النووية  ما قد يدمر العالم  وشرعت  تصرخ  وتبث الرعب فى صدور الواهمين  والعجيب إن إستجاب لها العديد من الدول  ولكن العالم فؤجى  بانه ليس هناك سلاحا نوويا ولا اسلحة دمار شامل  وانما الغرض هو البترول وثروات العراق . بل ومحاولة السيطره على الشرق الاسلامى  حتى يكون العالم الاسلامى عن اعينهم قريب .

ينما نرى المجاهدين المسلمين  يجاهدون من اجل لا اله الا الله  محمد رسول الله و يالها من غاية نبيله  فان لهذه الشهادة ما وراءها  فان من يجاهد تحت راية الله ورسوله  لايطمع فى دنيا زائله  ولافى ثروات  الاخرين  بل كل ما يرغبون فيه هو ان يخرجوا العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد سبحانه وتعالى  وان يغرسوا فى النفوس العفة والطهاره  والصدق فى القول والعمل

          بل وعلموا الدنيا انهم حين يفتح الله جل وعلا لهم  بلدا جديدة فلا يدمروا الأخضر واليابس ولا يستخدمون أسلحة ابادة كما فعل الأمريكان وأعوانهم   فلقد لوث الأمريكان  المياه حتى  يؤذؤا البشر هناك  وأطاحوا بكل حضارة العراق  وماضيه لا لشى إلا لينفثوا عما بداخلهم  من رغبة جامحة  في ابادة البشر كما تحكى بروتوكولاتهم . أما المسلمون فكانوا يتركون البلاد لأهلها  فيحكمونها  فلم يفرض عليهم دين  ولا اومر لا يستطيعونها  والتاريخ والحمد لله  يشهد بذلك .

 ليس هذا فحسب بل إن النبي صلى الله عليه وسلم  حذر أصحابه من المغالاة في القتال فكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يوصى  المجاهدين بقوله :  اغزوا على بركة الله  , وعلى ملة رسول الله  لا تغدروا , ولا تخونوا  ولا تقتلوا شيخا  ولا امرأة  ولا طفلا  ولا تقطعوا شجرة [76]. بل وسار على هذا النهج الطيب صحابته رضوان  الله عليهم  فهم بشهادة  الله سبحانه وتعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم) ال عمران /110    فكان الصديق  والفاروق رضي الله عنهما  يوصيان الجيوش  بما أوصاهم به المعصوم  صلى الله عليه وسلم كما أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  حذر أتباعه  من الاقتراب إلى معاهد أو  ذمي.  حتى قال صلى الله عليه وسلم  : من أذى ذميا فقد اذانى , ومن أذى معاهدا فانا خصمه يوم القيامة ..[77]

فلك أن تتخيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم  سيكون خصيما لمن أذى  ذميا أو معاهدا  وان كان من أمته صلى الله عليه وسلم  بخلاف ما رأينا  وما نرى  من الصليبين وأعوانهم  ولن نتحدث عن التاريخ ولا الماضي فالحاضر يشهد بما يقوم به  اليهود والصليبيون  في ارض العراق وفى ارض فلسطين وغيرهما من بلاد المسلمين  التي  تئن من وطأة الاحتلال  فلا حول ولا قوة الابالله  (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)  البقرة /156    والحمد لله على نعمة الإسلام  وعلى أن أرسل إلينا خير خلقه  سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم .

ثانيا : الله جل وعلا  بكل شي عليم  

   رأينا نصوصا في العهد القديم  تذكر لا تباعهم بان الرب جل وعلا  (حاشاه ) لا يعلم كثيرا مما يفعله بنى البشر  (لُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ) المائدة /64   فمن يعلم إذن  يابناء القردة والخنازير ( قاتلكم الله )    ونحن المسلمين نؤمن إيمانا راسخا بان الله جل وعلا بكل شي عليم  وانه سبحانه وتعالى (  اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) الرعد /8     كما نؤمن انه سبحانه وتعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) الانعام /59        وليس هذا فحسب بل إن القران الكريم به العديد من الآيات البينان  الواضحات  والتي تبين أن علم الله جل وعلا  يفوق الوصف  فيقول جل وعلا وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) يونس /61     كما يقول سبحانه وتعالى وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) النمل /75

        ولذا رأيت أن اذكر هنا بعض النصوص من العهد القديم والتي تبين أنهم كذبوا فيما نسبوه لله جل وعلا ,لان فيه من النصوص  والتي  تثبت علم الله جل وعلا بكل شي  من باب  (من فمك أدينك )      النصوص :ذكروا أن الرب جل وعلا  اخبر موسى عليه السلام  بما  فعله قومه  حين  كان على جبل الطور وصنع هؤلاء الحمقى عجلا وعبدوه  : فقال الرب لموسى  " اذهب  انزل  لأنه قد فسد شعبك  الذي أصعدته من ارض مصر  "[78] بل وذكروا أن الرب  بين لسيدنا موسى عليه السلام  ما فعلوه قائلا " زاغوا سريعا عن الطريق الذي أوصيتهم  به  , صنعوا عجلا مسبوكا  وسجدوا  وذبحوا له  وقالوا هذه الهتك  يا إسرائيل  الذي أصعدك من ارض مصر

        ومن اخبرهم بتدمير أورشليم  بسبب فسادهم فقالوا   "هكذا قال الرب من اجل  ذنوب إسرائيل  الثلاثة  والاربعه  لا ارجع عنهم  لأنهم رفضوا ناموس الله  ولم يحفظوا فرائضه  وأضلتهم أكاذيبهم  التي سار آباءهم  وراءها  فأرسل نارا على يهوذا  فتأكل قصور أورشليم  " [79]  وصدق الحق جل وعلا حين قال في القران الكريم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الاعراف /167

 ومن الذي اخبرهم  بخلق السماوات والأرض وخلق الإنسان  فلقد ذكروا في أول سطر في العهد القديم  "في البدء خلق الله السماوات والأرض " [80]  فمن أعلمهم بهذا ؟ والحق سبحانه وتعالى يقول  في القران الكريم (مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)الكهف /51 ومن اخبرهم بأنهم لن يدخلوا الأرض المقدسة  مدة أربعين عاما حين رفضوا الامتثال لأوامر ربهم سبحانه وتعالى حين قال سيدنا موسى عليه السلام كما حكى القران الكريم (ويَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ  المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ) المائدة /21      فإذا  بهم يرفضون الدخول  قائلين (  قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) المائدة /22  

       وليس هذا فحسب بل من سفاهتهم قالوا (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) المائدة /24    فكانت النتيجة الطبيعية (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة /26     هذا ما حكاه القران الكريم باختصار شديد . ولقد ذكروا ما هو قريب من ذلك في العهد القديم فذكروا أن الرب جل وعلا  غضب على الجميع فحرمهم من دخول الأرض المقدسة  حتى نبي الله موسى  وأخيه نبي الله هارون  عليهما السلام  فقالوا على لسان سيدنا موسى  " قال إلى الرب كفاك  لا تعد تكلمني  أيضا في هذا الأمر  اصعد إلى راس الفسحة  وارفع عينيك إلى الغرب  والشمال والجنوب والشرق          ثم قال  "  إن جميع الرجال الذين راو مجدي  واياتى التي عرفتها في مصر وفى االبريه ...عشر مرات  ولم يسمعوا لقولي .. لن يروا  الأرض  التي  حلفت لاباءهم  وجميع الذين أهانوننى  لا يرونها "[81]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                           *    الفصل الثانى   *

                                     العهد القديم

تمهيد :

   قد جمع بنوا إسرائيل الأسفار الخمسة الأولى  وهى سفر  التكوين ,الخروج , واللاويين , والعدد, والتثنية , وأضافوا إليها العديد من الأسفار  وأطلقوا عليها جميعا العهد القديم   

           ثم  عمدوا  إلى الأناجيل  الاربعه  وهى : انجيل متى , مرقس , لوقا  ,يوحنا  وأضافوا  إليها  أعمال الرسل  ورسائلهم  إلى البلاد  ثم رؤيا ليوحنا  وطلقوا عليها اسم العهد الجديد .   ولكن لماذا أطلقوا على الأسفار القديمة العهد القديم  ولم يطلقوا عليها اى اسم أخر ؟

 وللإجابه على هذا السؤال نقول وبالله التوفيق : يعتقد بنوا إسرائيل  أن الرب جل وعلا  عهد إلى إبراهيم عليه السلام  والى الأنبياء من بعده  أن يرثوا ارض فلسطين  وليس هذا فحسب بل انهم زعموا أن الرب جل وعلا وعدهم  بان يرثوا الأرض من النيل إلى الفرات  كما زعموا أن العهد كان يتجدد مع  كل نبي . 

        والعجيب انه مضى عهد الأنبياء دون تحقيق هذا الوعد  لكثرة ما حل بهم من إحتلال وسبى وتشريد  ومن ثم حاول الأحبار والكهنة  ان يقوموا هم بتنفيذ هذا الوعد  بل وحمل الاحبار ابناءهم هذه المهمه المزعومه  فلعل الابناء يستطيعون  تحقيق ما عجز عنه الأنبياء المؤيدون من الله سبحانه وتعالى   . وإن اكبر دليل على كذبهم  فى هذا الإدعاء  هو مرور عهود الانبياء دون تحقيق هذا الوعد  فلو انه امر مقدس لحققه الرب جل وعلا لهم بعز عزيز او بذل ذليل  لأ ننا نؤمن بما لايدع مجال للشك ان الله جل وعلا  إذا أراد فلا راد  لقضائه وأن حكم فلا معقب لحكمه فهو جل وعلا القائل(إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)النحل /40

    ولكن تجاهل الأحبار والكهنه  هذه الحقائق  ووضعوا فى التلمود وغيره من الكتب  ما يدفع اولادهم الى تحقيق هذا الوعد المكذوب  بكل وسيلة وبكل ما اوتوا من قوة  وسلطان  عملا بحكمتهم القائله  "  الغايه تبرر الوسيله "

       ومن ثم قاموا  بوضع مخططات وتدابير  قد توصلهم الى تحقيق تلك الغايه وحتى يحظى هذا العهد بالقدسية قام الكهنة والأحبار  بكتابته فى العهد القديم  فى فترة ليس فيها أنبياء يراجعون ما يكتب ويقرون بصلاحيته  والله جل وعلا  حائل بينهم وبين ما يريدون  لأ نه سبحانه وتعالى يقول (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ)يوسف /21  كما أنه جل وعلا يقول(وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)     الأنفال/24 والحقيقة أنه ليس هناك عهد  بين الله جل وعلا وبين بنى إسرائيل  بأن يسكنوا الأرض من النيل إلى الفرات  ..

            لذا رايت أن اذكر عددا من العهود التى ذكرت فى العهد القديم  والتى قام الكهنة والاحبار بوضعها   ونسبوا اياها الى الحق سبحانه وتعالى  والى الانبياء وهم منها براء  لابين ان ما يزعمونه  ليس له اساس من الصحه  وانه محض افتراء و(يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) يس /26  بما يدبر ويكاد لهم فيحطاطوا الى الامر ولا ينخدعوا بما بقال لهم بأنها امور مقدسة لا ينبغى لهم ان يتخلوا عنها   إنما هى من عند انفسهم وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال ( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ)البقرة /79

       وإليك عزيزى القارئ  بعض العهود التى ذكرت فى كتاب العهد القديم:

*  العهد لنوح عليه السلام

         لقد ذكر لفظ  " العهد "  أول مرة فى كتاب العهد القديم  مع نبى الله نوح عليه السلام  وجاء فيه   " ولكن اقيم عهدى معك  فتدخل الفلك  انت وبنوك  وامراتك ونساء بنيك  معك  ومن كل حى  من كل ذى جسد  اثنين من كل تدخل الى الفلك  لإستبقائها معك  تكون ذكر وانثى  ففعل نوح حسب كل ما أمره  الله به "   [82]

  فهذا اقدم عهد ذكر  وبعضه صحيح وبعضه غير صحيح :  لأن القصة كما حكاها القران الكريم : بينت ان نبى الله نوح عليه السلام لم يألوا جهدا فى سبيل الدعوة الى الله سبحانه وتعالى  وانه بذل فى سبيلها كل ما استطاع  وقال عنه القران الكريم (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً *فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً *وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارا*فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً *)نوح /5 ../12

         والعجيب أن هذه الدعوه استغرقت امدا طويلا  لا يخطر لأ حد على بال , فقد حكى القرآن الكريم  ان نوح عليه السلام  (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً) العنكبوت /14

        فلك أن تتخيل أن نبيا يدعو قومه هذه المدة الطويلة جدا  وعلى مدى أجيال متعاقبة  ولم يؤمن معه الا قليل  (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ) هود /40    بل والأعجب من هذا هو موقف قومه منه  وهو ان كل جيل كان يحذر التالى له من الايمان بدعوة سيدنا نوح عليه السلام  ومن ثم فكانت الاجيال كلها  فى غاية الجحود والنكران حتى قال عليه السلام كما حكى القران الكريم  (  إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً) نوح /27

ولقد حكى القران الكريم أن زوجة سيدنا نوح وأحد ابناءه كانو من المعاندين الجاحدين  وهذا هو المحزن حقا لا نه  ينبغي لبيوت الأنبياء ان يكونوا قدوة لغيرهم  كما انهم ينبغى ان يكونوا عونا للانبياء على أداء الرسالة  لا شوكة في ظهورهم وطعنا فى دينهم فقال جل وعلا عن امرأة نوح عليه السلام (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم /10     ولا حول ولاقوة الا بالله .

        ولكن هنا وقفه: يجب ان تقدر الضروره بقدرها فلا ينبغى ان ينصرف الذهن بعيدا فى معنى الخيانه  , لا نه لا ينبغى ان ننسى ان هذه بيوت انبياء  وان ذرياتهم من النقاء والصفاء ما لا  يخفى على احد .ومن ثم  فعلى سبيل المثال لو قرانا  فى جريدة ان مسئولا عسكريا كبيرا خان وطنه   فلن يجول بخاطرنا غير أنه أفشى اسرارا عسكرية غاية فى الخطورة . وأيضا  إن قيل أن موظفا كبيرا فى أحد البنوك خان عمله  حينئذ لا  ينصرف ذهننا إلا أنه قد يكون ساعد فى تهريب مبلغ كبير من البنك  أوأنه قد  إختلس مبلغا من المال .

         وعليه يجب أن نقدر خيانه زوجة نبى الله نوح عليه السلام  على حسب هذا المفهوم  فهى لم تساعد زوجها  فى تبليغ الرساله ولم تعنه على اداء الامانه . وكذلك أحد أبناءه   وما يؤيد قولنا  هو ما حكاه القرآن الكريم عن هذا الابن حين  غرق  فالأب نوح عليه السلام يدرك العاقبه أما الولد فلا , ولذا قال عليه السلام  {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ } هود42    إلا أن الولد لعدم إيمانه سولت له نفسه انه قد ينجو من هذا العذاب بأى حيله .

         وهذا دائما شأن الخارجين على حدود الله يسول لهم الشيطان  من السهل النجاة من العذاب ولكن هيهات  فمن ينصرهم من بأس الله  فقال الابن كما حكى القران الكريم  (  قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء) هود /43     حينها قال الأب الشفوق المدرك لما سيحدث (قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ) هود /43 فكانت النتيجة الطبيعية ( وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) هود /43  إلا أن بعاطفة الابوه {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ }هود  45  حينئذ قال الحق سبحانه وتعالى {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ )

      وهنا قد ينصرف الذهن الى المعنى الخبيث ولكن الحق جل وعلا قال( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود   46  وهنا يستقيم المعنى . اذن  فخيانة زوجة نبى الله نوح عليه السلام إنما كانت من جهة التقصير فى سبيل الدعوه الى الله سبحانه وتعالى  وكذلك زوجة نبى الله لوط عليه السلام  فأ خذتا  الجزاء المناسب (  وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)التحريم /10

       هذا عين العدل لأن بيوت الأنبياء ينبغى أن تكون أول بيوت تسارع الى  إلايمان بالله ورسوله وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم مع زوجات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  وبين لهم خطورة المهمة {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }الأحزاب32

         ومن ثم  فمن أحسنت  فلنفسها {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً }الأحزاب31   ومادام الثواب مضاعف فالعذاب ان اخطأن ايضا مضاعف  {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً } الأحزاب29         

      ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون زوجات رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم على قدر المسئولية  وتحملن شظف العيش  وكن نعم العون  للنبى صلى الله عليه وسلم  فرضى الله عنهن .

         نعود الى قوم سيدنا نوح عليه السلام ,  فما ينبغى لهم؟  فان  بقائهم دون عقاب  قد يغرى ضعاف الايمان فيرتدوا , ولذا نادى نبى الله نوح {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } القمر10  فما هى الوسيله التى تناسب هؤلاء المعاندين وبخاصه انهم اكثر اهل الارض المسكونة ائنذاك بل لو  استثنينا  سيدنا نوح ومن امن معه لوجدنا أن الكافرين هم كل من بقى على ظهر الأرض  ولذا فإن العقوبة الوحيدة التى تناسب هؤلاء هى الابادة الجماعية .

     وليس هناك طريقة إبادة اسرع ولا اقوى فعاليه من الماء التى إن زادت عن حدها اهلكت , فقد يغص بالماء شاربه.  فما بالك لو كتمت انفاسه لاشك انه سيلقى حتفه غير ماسوف عليه. ولكى يكون طوفانا فماذا عن سيدنا نوح ومن امن معه ؟  فلا بد لهم من وسيلة تنجيهم من هذا العذاب الأليم وقد كان   .

      فقد امره الحق جل وعلا ان يصنع سفينة  وامره  حين ياتى امر الله ان يدخل فى السفينه من كل نوع من الطيور او الحيوانات  ذكرا وانثى  بالاضافه الى من آمن معه  وأهله, باستثناء من ؟  بالطبع زوجته وابنه الذى عاند .

 وهذا ما تجاهله العهد القديم  فقد ذكروا ان الرب جل وعلا قال لسيدنا نوح  "   ولكن اقيم عهدى معك  فتدخل  الفلك انت وبنوك  وامراتك   وهنا سؤال : لماذا نصر على ان ما ذكر فى القران الكريم هو الأصوب ؟

أولا حاشا لله أن نحكم على القرآن الكريم  ولكن من باب  إحقاق الحق  فالله سبحانه وتعالى يقول  {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } النساء82    فأحببت أن أبين بعض هذه الإختلافات  عملا بقول ربنا  {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24   فإن ما يجعلنا نجزم بصحة ما جاء فى القران الكريم هى التجاوزات التى ذكرت فى العهد القديم بشان نبى الله نوح عليه السلام

           فلقد حكوا عنه أمورا لا يقبلها عقل ولا منطق ومنها قولهم :    "   وابتدا نوح يكون فلاحا  , وغرس كرما , وشرب من الخمر  فسكر وتعرى  داخل خبائه  وقولهم  حين استيقظ علم أن احد ابناءه لم يستر عورته وهو سكران  فطرده وحكم عليه بالعبودية الى أبد الآبدين فقالوا   "   فلما استيقظ نوح من خمره  علم ما فعله به ابنه الصغير  فقال  ملعون كنعان  عبد العبيد يكون لإخوته  وقال مبارك الرب اله سام  وليكن كنعان عبدا لهم  , ليفتح الله ليافث  فيسكن فى مساكن سام , وليكن كنعان عبدا لهم  

هنا أخطاء واضحة :

     زعمهم شرب سيدنا نوح للخمر وهذا لا يجوز لا للأنبياء ولا لغيرهم فهى محرمة  فى كل الأديان فقد ذكر فى العهد الجديد أنه حين بشرت الملائكة سيدنا زكريا بسيدنا بيحي عليهما السلام  فكان مما قالوه له من أوصاف نبيلة تليق بالأنبياء    " لانه يكون عظيما امام الرب , وخمرا ومسكرا لا يشرب   "    

      كما انه لا يخفى على أحد الآيات التى نزلت فى تحريم الخمر فى القرآن الكريم  وكان أخرها إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة91 حينها بفضل الله جل وعلا قال الصحابةرضوان الله عليهم  انتهينا يارب .  ومن ثم فإن  قولهم بأن سيدنا نوح شرب الخمر  إدعاء باطل .       كما أنهم زعموا أن نبى الله نوح شرع  يوزع  الدرجات وكأنه رب العالمين  فيجعل هذا سيدا والأخر عبدا وهذا بالطبع هراء  لان الجميع امام الله سبحانه وتعالى عبيد {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً }   مريم93   بما فيهم نبى الله نوح وكذلك جميع الأنبياء  صلوات الله عليهم وسلامه.

 كما أنهم ذكروا أن سبب الطوفان هو أن الرب جل وعلا ندم انه خلق الإنسان  ومن ثم قرر ان يبيد الانسان من على وجه الارض فقالوا : فحزن الرب انه عمل الانسان  فى الارض  وتاسف فى قلبه  فقال الرب أمحو عن وجه الأرض  الإنسان الذى خلقته  الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء  لأنى حزنت انى  عملتهم ..

 بعدما ذكروا ان الله سبحانه وتعالى أمره أن يدخل الفلك معه من كل زوجين اثنين  عادوا فقالوا :وقال الرب لنوح  ادخل انت وجميع بيتك  الى الفلك  لانى اياك رايت بارا فى هذا الجيل  من جميع البهائم الطاهره  تاخذ معك سبعة سبعه

      و زعموا ان نوحا عليه السلام بنى مذبحا للرب  ووضع عليه الذبائح فحين وصلت الرائحة الى الرب رضى عن نوح ومن معه و عدل عن قراره ولكن جاء متاخرا فقالوا :  وبنى نوح مذبحا للرب  واخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة  واصعد محرقات على المذبح  فتنسم الرب رائحة الرضا  وقال الرب فى قلبه : لا اعود العن الارض ايضا من اجل الانسان .. ولا اعود ايضا اميت كل حى كما فعلت )

      هذه التجاوزات  التى لا تليق بالأنبياء ولا بذات الحق جل وعلا تجعلنا نؤمن بما جاء فى القرآن الكريم  ونقولها بملئ الفم والقلب  الحمد لله الذى هدانا إلى الإسلام  وأعزنا بالقرآن وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذى لم يألو جهدا حتى بلغ الرسالة كاملة شافية فوصلت الينا كما أرادها الله سبحانه وتعالى  فأصبح كل جيل مسلم يتلقى القرآن الكريم غضا طريا .

هذا ما كان فى أول عهد ذكر فى العهد القديم فماذا عن باقى  العهود ؟   يذكر العهد القديم  انه بعدما استقر نبى الله نوح ومن معه  شرع لهم الحق جل وعلا ما يصلح لحياتهم فقالوا : وبارك الله نوحا وبنيه فقال لهم : اثمروا واكثروا  واملاوا الارض, ولتكن خشيتكم  ورهبتكم  على كل حيوانات الارض وكل طيور السماء        

   ثم أصدر عهدا غاية فى الغرابة نذكره أولا   ثم   فيقولون : وكلم الله نوحا  وبنيه  معه  قائلا: وها أنا  مقيم  ميثاقى معكم  ومع نسلكم من بعدكم  ومع كل ذوات الأنفس  الحية  التى معكم ... اقيم ميثاقى  معكم  فلا يتعرض كل ذى جسد بمياه الطوفان  ولا يكون  ايضا طوفان  لتخرب الارض.. وضعت  قوسى فى السحاب  فتكون علامة  ميثاق  بينى  وبين الارض  فيكون متى انشر سحابا  على الارض  وتظهر القوس فى السحاب  انى اذكر ميثاقي  الذى بيني وبينكم  وبين كل نفس حيه  فى كل جسد فلا يكون  ايضا المياه طوفان  لتهلك كل ذى جسد "                        

     .هنا تجاوزات واخطاء واضحة  واهمها : هو زعمهم ان الله سبحانه وتعالى فى حاجة الى ما يذكره بما حدث فى الطوفان  ومن ثم استغل القوس الذى يظهر فى السماء  عند  سقوط الأمطار  لإنعكاس اشعة الشمس  مع الرزاز  وجعله ميثاقا بينه وبين الأرض  فيتذكر ما حدث فلا يدع الأمطار تهطل كما كان فى الطوفان فلا يغرق الأرض فظنوا ان الله جل وعلا مثلهم ( حاشاه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ) هذا ما كان من عهود مع نبى الله نوح عليه السلام

*  العهد الاول لسيدنا ابراهيم عليه السلام

      أما نبى الله إبراهيم فكان صاحب الحظ الأوفر فى العهود فذكروا ان الله جل وعلا قطع معه العديد من العهود  ومنها :  عهد الختان  فقالوا  أن الله جل وعلا قال " هوذا عهدى  تحفظونه بينى وبينكم  وبين نسلك من بعدك  يختتن منكم كل ذكر  وشدد على ذلك أيما تشديد  حتى قال "  وأما الذكر الاغلف الذى لايختتن  فى لحم غرلته  فتقطع تلك النفس  من شعبها  انه قد نكث عهدى  "  

     ومن ثم قام سيدنا إبراهيم وأهل بيته على الفور بتنفيذ هذا العهد  فقالوا "  فاخذ إبراهيم  إسماعيل  ابنه  وجميع  ولدان بيته  وجميع المبتاعين  بفضه  كل ذكر من اهل بيت ابراهيم  وختن لحمن غرلتهم  فى ذلك اليوم  كما كلمه الله "

       نحن المسلمين نؤمن بذلك فان الختان سنة ابينا ابراهيم عليه السلام  ولكن الفارق بيننا وبينهم فى هذا الأمر  أنهم قصروا الختان على الذكور  إلا ان الإسلام امر به للذكور والإناث على السواء ففى الحديث الشربف الذى اخرجه البيهقى  من حديث الحجاج بين أرطاة  قال  (  ان رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال ( اذا التقى الختانان وجب الغسل)  ومع أن هذا العهد شدد عليه الله جل وعلا عليهم  فى كتبهم إلا أنهم بدلوا وغيروا ورفضوا الختان  حتى قال  بولس "  فان الختان ينفع ان عملت بالناموس  ولكن ان كنت متعديا الناموس  فقد صار ختانك غرلة اذ ان كان الاعزل يحفظ  احكام الناموس  افما تحسب غرلته ختانا؟ وتكون الغرلة التى من الطبيعه  وهى تكمل الناموس "   بهذا استطاع بولس أن يضلهم عن سواء السبيل , واكد برنابا على ضلال بولس اذ يقول فى مقدمة إنجيله""-الأعزاء إن الله العظيم العجيب قد افتقدنا فى هذه الايام بنبيه يسوع المسيح برحمته العظيمه للتعليم والايات التى اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين  بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح بن الله  رافضين الختان الذى امر الله به دائما مجوزين  كل لحم نجس الذى ضل فى عدادهم بولس الذى لا اتكلم عنه الا مع الاسىوالعجيب أنهم اتبعوا تعاليمه تاركين عهد الله جل وعلا  وصدق الحق جل وعلا حين قال  (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّه ) التوبة /31ِ

      وثمة عهد اخر قطعه الله جل وعلا مع نبى الله ابراهيم عليه السلام وهو ان الله سبحانه وتعالى قال لإبراهيم " هوذا عهدى معك  وتكون ابا لجمهور من الامم ,  فلا يدعى بعد اسمك ابرام  بل يكون اسمك  ابراهيم , لانى اجعلك ابا لجمهور من الامم , واثمرك واكثرك  كثيرا جدا , واجعل امما منك  يخرجون  

     ونحن المسلمين نؤمن بذلك  فالله جل وعلا أخبرنا فى  القران الكريم  عن إبراهيم عليه السلام العديد من المميزات والتى يستحقها بحق  فقال سبحانه وتعالى (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً )  البقرة /124

  وقد كان . ثم قال جل وعلا ({إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } النحل120    {شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } النحل121   ثم بين سبحانه وتعالى  أن الطريق الذى صار عليه نبى الله إبراهيم عليه السلام هو  الطريق الأمثل  ومن ثم امر الله جل وعلا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يسلك نفس الطريق  فقال جل وعلا {  ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } النحل123 

 وإستجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفور فأثنى الحق سبحانه وتعالى عليه وعلى أصحابه فقال سبحانه وتعالى  {   إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ }  آل عمران68

  أما بنوا إسرائيل الذين يتشدقون بأنهم أبناء نبى الله إبراهيم فهم لم يعملوا بتعاليمه عليه السلام  وبشهادة  كتبهم  فذكروا  حوارا دار بين سيدنا عيسى عليه السلام وبين بنى إسرائيل فقالوا  (   قال لهم يسوع لوكنتم اولاد ابراهيم  لكنتم تعملون اعمال ابراهيم ..... الى ان قال  انتم من اب هو ابليس  وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا "   [83] *

 العهد الثانىلسيدنا ابراهيم عليه السلام 

      ناتى إلى أشد  العهود المكذوبة والذى يمثل حجر الزاوية بالنسبة لهم  والذى أوهموا العالم انه من عند الله وانهم بصدد تحقيقه  فكانو كمن كذب وصدق كذبته ولما لا وهم يجدون آذان مصغية وابواق تساعدهم فى زعمهم .

       ولذا آليت على نفسى أن اذكر هذا العهد المزعوم ,  وأن أبذل كل جهد بالحجة وبالبرهان  ان افند ما جاء فيه وليس هذا فحسب بل  بالتاريخ  وبالأحداث  التى ذكروها فى كتبهم بانفسهم  أما العهد فيزعمون ان الله جل وعلا  قطع عهدا مع نبى الله إبراهيم  بما يلى "  "فى ذلك اليوم  قطع الرب مع ابرام ميثاقا  قائلا  لنسلك اعطى هذه الارض من نهر مصر  الى النهر الكبير نهر الفرات "   [84]

            هذا العهد وإن كان من وضع الحاخامات  والكهنة إلا أن بنى إسرائيل يرون أنه المرجعية الوحيده لإغتصاب أرض المسلمين  والله جل وعلا  حائل بينهم وبين ما يريدون  , فكما عجزوا عبر هذا الزمان المديد  من تحقيق هذا الزعم  فلن يتمكنوا ان شاء الله من تحقيقه .ولكى نظهر ان هذا الزعم مكذوب نذكر الاتى .

1- إعتمد بنوا إسرائيل على هذا العهد المكذوب فى اغتصاب أرض فلسطين  , ثم المنطقه  ومنها الى العالم  بعدما يدمرون  ما يستطيعون  تدميره من بلاد المسلمين  بالمؤامرات  والإغتيالات  والحروب  كما خطط لذلك  الحاخامات  فى بروتوكولاتهم 

       ويظهر هذا جليا فى البروتوكول  السابع حيث قالوا "  يجب ان ننشر فى سائر الاقطار  الفتنه  والمنازعات  والعداوات المتبادله ... ويجب علينا أن نكون مستعدين  لمقابلة كل معارضة  باعلان الحرب  على جانب ما يجاورنا  من بلاد تلك الدول  التى تجرؤ على الوقوف فى طريقنا  ولكن اذا  غدر هؤلاء  الجيران  وقرروا الإتحاد ضدنا  فالواجب علينا  ان نجيب على ذلك  بخلق حرب عالميه "[85]

             ثم يبنوا سبب ذلك فى بروتوكول أخر  فيقولون فى البروتوكول التاسع " إن لنا طموحا لايحد ,وشرها لايشبع , ونقمة لاترحم , وبغضاء لا تحس , اننا مصدر ارهاب بعيد المدى"  وليس هذا فحسب  بل انهم يحلمون بسيادة العالم  فيقولون  " حينما نمكن لانفسنا  فنكون سادة الارض  لن نتيح قيام دين غير ديننا "[86]

2- وما يؤكد ان هذا الوعد لا اصل له وإنما هو من وضع الأحبار والكهنة  بعد انتقال الأنبياء الى جوار ربهم  .لأنهم ليس لهم حق لا فى ارض فلسطين ولا فى غيرها من البلاد  فإنهم وان استقروا فترة فيها  فلا يعطيهم الحق فى اغتصابها  لان .

     -فلسطين فى الأصل عربيه خالصه  كما بينت كتب التاريخ  فذكرت ان  اليبوسين  وهم إحدى القبائل العربيه  الشهيره  كانت تقطن فلسطين  , وقامت  ببناء  مدينة القدس   قبل الميلاد بحوالى (...4 عام )تقريبا  اى قبل ميلاد  سيدنا يعقوب  ابو الإسرائليين  بما لا يقل عن الفى عام  

           -. وقام اليبوسيون ببناء  معبد لإله لهم  كان يسمى  ( سالم ) اى إله السلام  وسميت المدينه بهذا الاسم  فكانت تسمى( أور سالم )اى ( مدينة السلام ) ولأن السين والشين قريبتان فى النطق بالعبريه  فغيرت عند دخول بنى إسرائيل مع يوشع بن نون  الى (اورشليم) وذكرها هيرودوت وهو يتحدث  عن أور سالم  او مدينة السلام  فقال  عن فلسطين : انها مدينه كبيره فى جنوب الشام  واطلق عليها اسم ( قديتش ) ولقد ذكر هذا التعريف مرتين . وتذكر التوراة ان سيدنا ابراهيم عليه السلام لم يدخل هذه المنطقه إلا ضيفا هو والسيدة ساره  والسيدة هاجر عليهم السلام  حين كانوا فى زيارة  لرجل كنعانى  اسمه "  ملكى صادق   " وكان ذلك فى عام (2091) قبل الميلاد  اى قبل دخول بنى اسرائيل  المنطقه  بما لايقل عن (685) عاما تقريبا

  3- إن دخول بنى إسرائيل لهذه المدينة قديماكان له اسبابه ومنها ان العالم القديم  ائنذاك كان وثنيا مشركا فمنهم من عبد الاصنام ومنهم من عبدالنجوم والكواكب ومنهم من عبد الأشخاص وكان بنوا إسرائيل بالأنبياء افضل عالمى زمانهم  ولان  الحق سبحانه وتعالى يعلم ان بنى إسرائيل بهم من الضعف والجبن ما يحول بينهم وبين ان يتولوا  نشر دين الله شرقا وغربا او ان يؤثروا فيمن حولهم من الشعوب تاثيرا ايجابيا  

         ومن ثم فمن الأولى والأحرى لهولاء ان لا يخالطوا الأخرين خشية التاثر بهم ولم لا  وقد قالوا   لسيدنا موسى ولم تجف اقدامهم من البحر بعد (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ )الأعراف /138   ومن ثم فلا امان لامثال هولاء .

       وربما هذا الضعف هو السبب فى كثرة الأنبياء فيهم  فلو كانوا كأمة محمد صلى الله عليه وسلم  لحملوا الأمانة  وساروا على نهج الأنبياء  وكأن النبى بين ظهرانيهم   .  ولكن العجيب ان بنى اسرائيل  لم يفلحو إلا فى قتل الأنبياء  ومطاردة الصالحين منهم  حتى قال عنهم الحق سبحانه وتعالى  (  وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } البقرة61

    ولذا اراد الله جل وعلا لهم أرضا محايدة بعيدة عن  فراعنة مصر الذين سخروهم   واذلوهم وقتلوا اولادهم وكذلك بعيدا عن  ملوك بابل الذين ساموهم سوء العذاب  فكانت هذه الأرض الأمنة  ومع    انه امر من الله جل وعلا الا انهم رفضوا الدخول اليها حين راو شدة اهلها وقوة باسهم {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ } المائدة22  

     ولم يطلب منهم سوى الدخول فحسب وان يتركوا باقى الامر لله سبحانه وتعالى {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }المائدة23   ولذا إن راوا فينا نحن المسلمين  بأسا وشدة فلن يقربوا من حدودنا اطلاقا وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } الأنفال60    

4- ومع هذا لم يقم بنوا إسرائيل فى هذه المنطقه مدة تسمح لهم بادعاء ملكيتهم لها  لانهم ما نعموا بالاستقرار فيها الا فترة وجيزة جدا وهى ما يقرب من تسعين عاما هى زمن نبى الله داود وابنه نبى الله سليمان عليهما السلام  وقبل وبعد ذلك إما فى التيه وإما مسخرون وإما عبيد  . وإن كان الامر كذلك فإن للمسلمين الحق بالعودة الى الأندلس دون قتال او جدال  فقد استقروا بها ما يقرب من ثمانى قرون .

5- لو افترضنا جدلا  أن هناك وعد بالإقامه  والسكنى  فيما بين نهرى النيل والفرات  فيكون العهد قد تحقق  فقد اقاموا فى مصر  ما يقرب من اربعمائة عام  منذ دخول نبى الله يعقوب اليها وحتى خروج نبى الله موسى بهم فقالوا: :-( فقال الرب لابرام اعلم يقينا ان نسلك سيكوم غريبا فى ارض ليست لهم ويذلونهم اربع مئة سنة ) [87]   [88] ثم ظلوا في التيه  أربعون عاما  فقالوا ( ان جميع الرجال الذين راو مجدى  واياتى ........لن يروا الارض التى حلفت لاباءهم......يكونون رعاة فى هذا القفر  اربعين سنة )  

        حين رفضوا دخول الأرض المقدسة   وبعدها مكنهم الله سبحانه وتعالى من دخول الأرض المقدسة  على يد يشوع بن نون خليفة سيدنا موسى عليه السلام  وكانت الحياة بين مد وجذر  بينهم وبين جيرانهم  تارة يقعون فريسة وتارة منتصرين الى ان جاء عهد نبى الله داود وابنه نبى الله سليمان فنعموا بالإستقرار والأمان  ومن بعدهما والى الان لم ولن ينعم بنوا إسرائيل  بالإستقرار ولا بالأمان

        وصدق الحق حين قال ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الأعراف /167 لأن بعد نبي الله سليمان عليه السلام  انقسمت المملكة إلى قسمين وضعفت مكانتهم ووقعوا أسرى لملك  بابل  بعدما حرق كل ممتلكاتهم واسر أشرافهم وكل من بقى منهم الى بابل  فقالوا "-فاحرق بيت الرب  وبيت الملك  وكل بيوت اورشليم  وكل بيوت العظماء  واحرقها بالنار  وجميع اسوار اورشليم مستديرا هدمها ......... ولم يكتف بذلك بل ( سبى كل اورشليم  وكل الرؤساء  وجميع جبابرة الباس  عشرة الاف مسبى  وجميع الصناع  ........سباهم من اورشليم الى بابل      وظلو ببابل إلى ان جاءهم كورش ملك فارس واعادهم الى هناك ولكن على انهم عبيد له فقالوا  " هكذا قال كورش ملك فارس  جميع ممالك الارض  دفعها لى الرب اله السماء  ومن ثم يكونوا قد اقاموا ببابل على جانب الفرات كذلك وبهذا يكون العهد قد تحقق  ولم يعد لهم الحق فى المطالبه به 

 6- وما يؤكد كذب بنى إسرائيل فى هذا العهد الأن ومطالبتهم العودة الى ارض فلسطين هو ان الأنبياء  لم يكونو على علم بهذا العهد . وان هذا العهد ما سجل فى كتبهم إلا بعد انتقال الأنبياء الى جوار ربهم   بدليل أن  العهد ينتقل من نبى الى اخر دون تحقيق .   فيذكر كاتبوا العهد القديم  الذى نحن بصدده أن  الرب جل وعلا قطع عهدا مع نبى الله      إبراهيم  ان يعطيه ولنسله من بعده ارض مصر ونسى هولاء ان هناك نصا اخر  يناقض هذا النص يقولون فيه ان الرب سبحانه وتعالى  قال لابراهيم عليه السلام  " فقال لابرام اعلم يقينا  ان نسلك سيكون غريبا  فى ارض ليست لهم  ويذلونهم اربعمائة سنه   

      وقد كان  فراينا كيف سامهم فرعون سوء العذاب  حتى قالوا   " فاستعبد المصريون  بنى إسرائيل  بعنف ومرروا حياتهم  بعبوديه "   وظلوا كذلك الى ان منّ الله سبحانه وتعالى عليهم بنبيه موسى عليه السلام  " إنى رايت مذلة شعبى  الذى فى مصر  وسمعت صراخهم  من اجل مسخريهم  انى علمت اوجاعهم  فنزلت لانقذهم  من ايدى المصريين  واصعدهم من تلك الارض

       إذن فالمدة التى قضوها فى مصر ما كانت الا فترة مذلة وعبودية  وما وعدوا بالاقامه بها  وان كل ما ذكروه بخصوص مصر  هو زعمهم ان نبى الله موسى عليه السلام  حثهم بامر من الرب جل وعلا ( حاشاه  ) أن يسرق المصريين  بالخديعة  والمكر والدهاء  فقالوا  "  الامه التى  يستعبدون لها انا  ادينها ,  بعد ذلك يخرجون  باملاك جزيله    "  ولكن تدرى كيف يخرجون بهذه الاملاك  وهم عبيد مسخرون ؟  فقد زعموا ان سيدنا موسى عليه السلام  وضع لهم خطة محكمه  الا وهى : وفعل بنوا اسرائيل بحسب قول موسى , اطلبوا من المصريين امتعة فضة وامتعة ذهب وثيابا واعطى الرب نعمة  للشعب فى عيون المصريين حتى اغاروهم فسلبوا المصريين   [89]

      ثم كانت الفرصة مواتيه  لنبى الله يعقوب عليه السلام  لتنفيذ العهد  فقد وصل ابنه سيدنا يوسف عليه السلام  الى مكانة عالية فى مصر  حتى أصبح الآمر الناهى بها حتى انه اعترف لله جل وعلا بالفضل  فقال  {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } يوسف101       وفوق ذلك كان العالم المجاور لمصر ائنذاك  يعانى من مجاعة محققة  وأنهم كانوا كثيرا ما يلجئون الى مصر  ليمنّ عليهم سيدنا يوسف بما عندهم من خير , بفضل الله الذى انعم على مصر بتعليم سيدنا يوسف تاؤيل الأحاديث , ومن ثم استطاع ان ينقذ مصر من مجاعة محققة .

           فإن كان الأمر كذلك وأن هناك وعد لبنى إسرائيل بامتلاك الأرض من نهر مصر الى نهر الفرات  لكانت الفرصه سانحة لسيدنا يوسف  فمن السهل ان يمنع عن البلاد المجاورة الطعام  مقابل أن يكونوا تحت سيطرته  والا اصبح النبيين العظيمين  ( يعقوب  -وابنه يوسف عليهما السلام ) مقصريين فى سبيل تحقيق امر من اوامر الله سبحانه وتعالى  وحاشاهما ذلك فقد اخبر الله جل وعلا انهما من الله سبحانه وتعالى بمكان  فقال جل وعلا  عن سيدنا ابراهيم وعن ابنه إسحاق وحفيده يعقوب عليهم جميعا صلوات الله وسلامه (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا )الانعام /184    

          {وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً }مريم50    كما ان هناك نصوص من العهد القديم تثنى عليهم  فعن نبى الله يعقوب قالوا ( انا الله القدير اثمر واكثر امة  وجماعة امم تكون منك وملوك يخرجون من صلبك.....[90] وعن نبى الله يوسف قالوا ولكن كان الرب مع يوسف  وبسط اليه لطفا وجعل نعمة له ..  [91]

 ولم يستحى الأحبار والكهنة من اعادة ذكر العهد مع كل نبى فمجرد ما ينتهى زمان نبى  ولم يتحقق العهد   اوكلوا المهمه لمن بعده من عند انفسهم  وكل هذا من وحى خيالهم ,  فما كتبوا تلك العهود  الا بعد انتقال الانبياء الى جوار ربهم وانه لاعلم لهم بهذه العهود 

      والدليل على ذلك انك تجد نفس النص مع كل نبى  فبعدما اخبروا ان الرب وعد ابراهيم عليه السلام  بالأرض  ولم يمتلكها ,  عهدوا بالنص لابنه إسحاق  ولما لم يحدث فى عهده شى , أوكلوا المهمة الى نبى الله يعقوب  فقالوا : والارض التى اعطيت  ابراهيم  واسحاق لك اعطيها  ولنسلك من بعدك اعطى الارض  .. فلا إبراهيم عليه السلام  أخذ شيئا ولا من بعده كذلك  .

*نبؤات نبى الله يعقوب لأبنائه

وانما هم كمن كذب وصدق نفسه  لانه لو كان هناك ثمة عهد على الاقل لاوصى به نبى الله يعقوب أولاده عند الوفاة  لحظة انتقاله الى حوار ربه سبحانه وتعالى  ولكننا فؤجئنا بأن كل ماذكروه  هو تنبؤات غريبة لا تليق بأحاد الناس  أن يوصى بها بنيه وهو فى سكرات الموت  نذكر بعضا منها لترى كيف يفترى بنى إسرائيل الكذب على الله جل وعلا وعلى انبياءه  صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين .

  واليك بعض النبؤات :-يزعمون ان  ان نبى الله يعقوب تنبأ لابنه بنيامين فقال " بنيامين  ذئب يفترس , فى الصباح  ياكل غنيمه , وعند المساء يقسم نهبا "  واكبر  دليل على انها من وضع الأحبار والكهنة هو اقتباسهم هذا النص من البروتوكولات  إذ يقولون فى البروتوكول الحادى عشر  ما هو شديد الشبه بهذا المعنى  " إن الأممين  كقطيع من الغنم ,  وأننا الذئاب , فهل تعلمون  ما تفعل الغنم  حين تنفذ الذئاب الى الحظيره  انها تغمض عيونها  عن كل شى  والى هذا المصير سيدفعون "   [92]    كما زعموا ان نبى الله يعقوب  تنبا لابنه  دان  فقال "  دان حيه على الطريق , افعوان على السبيل , يلسع الفرس  فيسقط راكبه الى الوراء   "  

        وايضا لهذ أصل فى البروتوكولات  ففى البروتوكول الخامس عشر "ولكى ترد كل الجماعات الأمميه على اعقابها  نستخدم معها اجراءات لا رحمة فيها  وبمثل هذه الاجراءات ستعرف الامم  ان سلطتنا لا يمكن ان يعتدى عليها   "     [93]

         ولم يكتفوا بذلك بل  حددوا كيفية الوصول الى هذه الغاية  فقالوا فى البروتوكول السابع " ولكى نصل الى هذه الغايه  يجب علينا ان ننطوى على  كثير من الدهاء  والخبث  خلال المفاوضات  والاتفاقيات  ولكن نظهر بعكس ذلك  كى نظهر بمظهر الامين  المتحمل للمسئوليه"   [94]   وزعموا ان نبى الله يعقوب  تنبأ لابنه يساكر  فقال  " يساكر حمار  جسيم  رابض  بين الحظائر فراى ان المحل انه حسن  والارض انها نزهه  فاحنى كتفه للحمل  وصار للجزية عبدا  فهذه النصوص من العهد القديم والبروتوكولات  تؤكد أنها جميعا من عند الأحبار والكهنة  لان القرآن الكريم حين حكى لنا  عن اللحظات الأخيرة فى حياة سيدنا يعقوب  تكلم عنها باسلوب يليق بنبى عظيم من انبياء الله  فقال جل وعلا

 {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } البقرة133فشتان بين شهادة القرآن الكريم  لسيدنا يعقوب ولبنيه وبين شهادة الأحبار والكهنة لاباءهم واجدادهم  فالحمد لله رب العالمين الذى حفظ القران الكريم وبه حفظ مكانة الأنبياء والمرسلين  وإلا لو ترك الأمر لهولاء  لضل الجميع سواء السبيل  .

 * هل علم سيدنا موسى بالعهد القديم ؟

7- لو أن هناك عهد  بإمتلاك الأرض من النيل الى الفرات  لما لم يقدم سيدنا موسى عليه السلام على تنفيذ هذا العهد  وهو من الأنبياء المشهود لهم بالقوة فى الدين ؟ فقد حكى القرآن الكريم ان ابنتى نبى الله شعيب قالتا لابيهما {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }   القصص26      كما أن الحق سبحانه وتعالى أيد سيدنا موسى بالعديد من المعجزات  فبا لاضافه الى العصا واليد  راينا ان الله سبحانه وتعالى  ابتلى فرعون بالعديد من الابتلاءات والتى لولا انها كانت للتأديب لاهلكت  فرعون واهله ومن فى الارض جميعا ( وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }الإسراء59   كما ان الحق سبحانه وتعالى يقول {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام  43   

    اى ان الله جل وعلا يريد لعباه اليسر فإن كان يبتلى بعضهم  فلصالحهم  فهو جل وعلا يريد لهم الجنه والنعيم المقيم  ولكن لايتعظ العباد ( ولكن قست قلوبهم ) فماذا إذن ؟ وهذا ما حدث من فرعون وقومه حتى اخذهم الله جل وعلا اخذ عزيز مقتدر فقال جل وعلا {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } البقرة50   فلما لم يستغل نبى الله موسى عليه السلام  هذه الضربات  وهلاك فرعون ودعا ربه سبحانه وتعالى ان يمكنه من تنفيذ العهد المنوطين به ؟

  ولكن فوجئنا ان اقصى ما يتمناه نبى الله موسى عليه السلام هو الخروج ببنى اسرائيل من ارض مصر  .  وثمة دليل اخر على ان نبى الله موسى عليه السلام لا علم له بهذا العهد  هو انه بعدما اهلك الله سبحانه وتعالى فرعون وجنوده وراى سيدنا موسى     ومن معه هذا راى العين لم يعد الى مصر  فلماذا ولم يعد بها فرعون  ولا جنود يخشى باسهم   ؟  كما أنه لوعاد الى مصر لحظى بترحيب واستقبال عظيم لأنهم حينئذ سيدركون انه مؤيد من الله جل وعلا  وهم اهل دين بالفطره  .

      ألم يؤمن السحرة مع نبى الله موسى عليه السلام بمجرد ان ظهرت لهم الحقيقه  مما اذهل فرعون  وترك امر موسى عليه السلام واخذ يتوعدهم (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ )  طه /71    فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى } طه71  حينها   {قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }طه72       {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى }طه73   الشاهد هنا هو أن نبى الله موسى عليه السلام إن أراد العودة لوجد اهل مصر على استعداد لمسانتده والايمان به .

       ولقد شهد العهد القديم لنبى الله موسى عليه السلام فقالوا   "  ولم يقم فى بنى اسرائيل  من بعده نبى مثله "   [95]   فإن لم يعلم هذا النبى العظيم  بالعهد  فلا شك ان من ياتى بعده لا علم لهم بالعهد كذلك .

بل والعجيب أننا راينا بنى إسرائيل مع نبى الله موسى عليه السلام يعيشون فى التيه ويعانون الأمرين من جراء معاندة بنى إسرائيل ورفضهم دخول الأرض المقدسه  وليس هذا فحسب  بل ان نبى الله موسى عليه السلام هو الأخر عانى بسببهم فقال " وعلى ايضا غضب الرب بسببكم  قائلا  انت ايضا لا تدخل الى هناك "[96]

            وكل الذى رايناه من هؤلاء الأشاوس الذين يحلمون بإمتلاك الأرض من نهر النيل الى نهر الفرات  انهم قالوا لسيدنا موسى عليه السلام حين رأوا العماليق( قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا ) وليس هذا فحسب  بل ان الدم جمد فى عروقهم حتى انهم لم يستطيعوا  اختيار الالفاظ ولا استحسان الكلام فقالوا(  فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } المائدة  24   والأعجب من ذلك انه رغم العذاب  الذى عانوه فى مصر  تدرى ماذا قالوا حين راوا العمالبق ؟ تمردوا على نبى الله موسى عليه السلام  قائلين " ليتنا متنا فى ارض مصر  , اذ كنا جالسين عند قدور اللحم , ناكل خبزا للشبع  , فانكما اخرجتمانا الى هذا القفر  لكى تميتا كل هذا الجمهور بالجوع  "   [97]  فلو أن هناك عهدا بذلك أما كان من الأولى  بدلا من التذمر والضجر ان يعينوا الأنبياء على تنفيذ العهد  فهذا دليل على انهم افتروا هذا العهد من عند انفسهم  والعجيب انهم استغلوا عدم اطلاع العالم بما لديهم من مخططات وتتدابير  وشرعوا  يضعون الأسس  والقوانين بل واشاعة  الفتن والإضطرابات وان لم يجدى هذا او ذاك فلا بأس ان يشعلوها حربا  وان ماحدث فى افغانستان والعراق وفلسطين ليس ببعيد  ف ( يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } يس26

  8- فان قالوا ان نبى الله موسى عليه السلام شغله قومه عن تنفيذ هذا العهدفماذا يقولون عن خليفة نبى الله موسى عليه السلام وهو يشوع بن نون  ؟  وهو من الرجلين الذين اثنى عليهما القران الكريم  فقال  {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } المائدة23 

      فكان نصيب هذا الرجل الصالح ان يحظى بما حرم منه نبى الله موسى عليه السلام وهو التوفيق فى دخول الأرض المقدسه فقالوا :.لن تدخلوا الارض التى رفعت يدى  لاسكنكم فيها , ماعدا كالب بن يفته ويشوع بن نون.[98]. بل  اخبروا ان بنى إسرائيل بلغوا من الجراءة والقوة حدا لم يسبق له مثيل  حتى انهم ذكروا : بل اسعوا وراء اعداءكم  واضربوا مؤخرهم  لاتدعوهم يدخلوا مدنهم لان الرب الهكم قد اسلمهم بيدكم  ولما انتهى يشوع وبنوا اسرائيل من ضربهم ضربة عظيمة جدا  حتى فنوا .[99]. فإن كانوا على هذا  القدر من القوة  والتى لاندرى من اين جاءت فقد جمد الدم فى عروقهم بالأمس القريب حين طلب منهم دخولها . المهم لما لم يقدم هذا العبد الصالح على تنفيذ العهد  وبخاصة ان بنى إسرائيل معه اصبحوا  ابطال  ؟

*لماذا تجاهل نبى الله داود  وابنه نبى الله سليمان عليهما السلام العهد القديم ؟ 9- وإذا استثنينا هذين العهدين وذهبنا سريعا الى أزهى عصور بنى إسرائيل والتى ان لم يتحقق هذا  العهد فى عصريهما فلن يكتب له التوفيق يوما ما   لا فى الماضى كما انه لن يحدث بإذن الله سبحانه وتعالى .

      لأن القاعدة العامة التى أرساها الحق سبحانه وتعالى  {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ }الأنبياء105    والعالم كله يشهد بأن بنى إسرائيل لم ولن يكونوا هم العباد الصالحون : فمن عبد العجل , ورفض دخول الارض المقدسه ,  وعصوا الله جل وعلا جهارا  , وحرفوا الكلم عن مواضعه , وقتلوا الانبياء لاينبغى لهم ان يكونوا صالحين

        ونقصد بالعهدين البارزين فى حياة بنى إسرائيل  هما عهدى نبى الله داود وابنه نبى الله سليمان عليهما السلام {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ }النمل15 بل إن الحق سبحانه وتعالى اخبر انه وهب هذه الاسرة الكريمة من المميزات التى لم تحظ بهن اسرة اخرى  فقال جل وعلا {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ }سبأ10   {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }سبأ11 

         وعن نبى الله سليمان حين قال{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }ص35     من الله سبحانه وتعالى عليه بما لا يخطر له على بال فقال سبحانه وتعالى {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ }ص36  {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ } ص37 هذا بالإضافة الى الأموال  والتى عبر عنها  حين جاء رسل الملكه بلقيس بهدايا فقال {فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } النمل36    

   فكل ما ذكروه فى كتاب العهد القديم أن الرب جل وعلا طلب من نبى الله داود أن يبنى له بيتا  ليستقر فيه بدلا من الترحال مع بنى إسرائيل فى عمود سحاب أوعمود نار  فقالوا  " وفى تلك الليله  كان كلام الرب  الى ناثان  قائلا :

( اذهب  قل لعبدى داود  هكذا قال الرب  أأنت تبنى لى بيتا لسكناى  لانى لم اسكن  فى بيت  من يوم اصعدت بنوا إسرائيل من مصر  الى هذا اليوم  بل كنت اسير فى خيمه وفى مسكن  "      أما كان من الأولى  لو ان هناك عهدا كما يزعمون لنبه الحق جل وعلا عبده داود عليه السلام لهذا العهد وبخاصه انه أوتى من العلم والقوة مالم يؤت أحد بعده من بنى إسرائيل .

 وليس هذا فحسب  بل ان اخر وصية من نبى الله داود عليه السلام الى ابنه نبى الله سليمان عليه السلام ان قال  " ولما قربت ايام وفاة داود اوصى  سليمان ابنه  قائلا  " انا ذاهب فى طريق  الارض كلها , تشدد وكن رجلا , واحفظ  شعائر الرب الهك  اذ تسير  فى طريق الأرض وتحفظ  فرائضه  ووصاياه واحكامه  وشهاداته "[100]

      فهذه اخر الوصايا  فلو ان هناك عهد ولم يستطع نبى الله داود عليه السلام  تحقيقه لكانت اهم وصيه   يوص ابنه سليمان عليه السلام به  ولكننا فوجئنا بهم يذكرون ان نبى الله سليمان  ( حاشاه ) غرق فى الشهوات  حتى قالوا : :واحب الملك سليمان نساء غريبه كثيرة مع بنت فرعون  مؤابيات وعمونيات وادوميات  وصيدونيات وحيثيات  من الامم الذين قال عنهم الرب لبنى اسرائيل لا تدخلوا اليهم وهم لا يدخلون اليكم ....وكان لسليمان سبع مئه من النساء السيدات  وثلاث مئه من السرارى  فامالت نساءه قلبه  وكان فى زمان شيخوخة سليمان ان نساءه املن قلبه وراء  وراء الهة اخرى  ولم يكن قلبه كاملا مع الرب الهه....وعمل سليمان الشر فى عينى الرب (  ملوك اول 11-1...6)

* ما هو دور الملك يوشيا ؟

.10- ثم ماذا عن يوشيا  فقد ذكروا فى العهد القديم  أنهم عثروا على سفر شريعة موسى فى عهده وأنه أوصى الشعب  بقراة هذا السفر "  ووقف الملك على المنبر وقطع عهدا  امام  الرب للذهاب  وراء الرب ويحفظون  وصاياه  وشهاداته  وفرائضه  بكل القلب  وكل النفس  لاقامة كل هذا العهد المكتوب  فى هذا السفر  "[101]

      فلو ان هناك عهدا  بإمتلاك الأرض من النيل الى الفرات  فلما لم يحث يوشيا قومه على تنفيذه وكل الذى ذكر  بخصوص  يوشيا  هو محاولته ان يصد  فرعون مصر  وهو فى طريقه الى اشور  فلم يجن الا اهدار دمه وهلاكه فقالوا ان ملك مصر كان فى طريقه الى الفرات فخرج يوشيا لصده  :فارسل اليه رسلا  يقول مالى ولك ياملك اليهود لست عليك انت اليوم  .. والله امر باسراعى  فكف عن عن الله الذى معى فلا يهلكك....ولم يسمع لكلام نخاو من فم الله بل جاء ليحارب فى بقعة مجدو واصاب الرماة الملك يوشيا ...وساروا به الى اورشليم فمات ودفن فى قبور ابائه......[102] 

 * وماذا بعد يوشيا ؟

.11-وبعد يوشيا  وقع بنوا إسرائيل  سبايا لملك بابل واصبح كل امنيتهم هى العودة  الى ديارهم  التى كانوا بها قبل السبى  والتشريد  فوعدهم الرب جل وعلا ان يعيدهم  شريطة أن يتمسكوا  بفرائض الله سبحانه وتعالى .

     " فكلم  الرب اله اسرائيل  قائلا : اكتب  كل الكلام  الذى تكلمت به اليك  فى سفر  لان ها ايام  تاتى  يقول الرب  وأرد  سبى شعبى  إسرائيل  ويهوذا  يقول الرب  وارجعهم الى الارض  التى اعطيت اباءهم اياها   " [103]   فهذا وعد بالعودة الى ديارهم بعد السبى  وهذا دليل على انه ليس هناك عهد  لانه لو كان الامر كذلك لفرحوا انهم اصبحوا فى ارض بابل بجانب الفرات الذى يحلمون بامتلاكه  فربما يخرج من ابناءهم من يستطيع تحقيق تلك النبؤة  ولكن كل الذى شاهدناه هو بكاءهم وعويلهم  ورغبتهم الملحة فى العودة الى ديارهم وباى ثمن  ولو عبيد

     وقد كان  فقد عادوا مع ملك فارس الذى احتل أرض بابل  وصارت تلك الأراضى طوع امره حتى قالوا فى العهد القديم " هكذا قال كورش ملك فارس  جميع ممالك الارض دفعها الى الرب اله السماء  وهو دعانى ان ابنى له بيتا فى اورشليم "[104]

 ولو افترضنا جدلا انه كان هناك عهد  فبعودتهم الى ديارهم مع كورش ملك فارس يكون العهد قد تحقق وإن كانوا عبيدا  , المهم انهم عادوا وبهذا لم يعد لبنى إسرائيل الأن  ولا فى اى وقت التشدق بأن لهم الحق فى العوده الى ارض فلسطين  .

12-  كما انه لو كان هناك عهد لظهر ايام عزرا الكاهن الذى زعمو انه عثر على سفر شريعة موسى والذى شرع يقراها على الشعب فى اسبوع  حتى يعلموا ما بها  فان كان الأمر كذلك لغرس عزرا فى نفوس ابناء بنى إسرائيل ان لله جل وعلا دينا فى اعناقهم وهو إمتلاك الأرض من النيل الى الفرات .

 وأن الأنبياء لم يتمكنوا من تحقيقه فعليهم هم ان يحققوه, ولكن لم يحدث ذلك  بل انهم ذكروا ان الله سبحانه وتعالى حذرهم من التفكير من الإقتراب الى مصر لاى غرض  .

 فقالوا " فالان  اسمعوا  كلمة الرب يابقية يهوذا  , هكذا قال رب الجنود  اله اسرائيل  ان كنتم جعلتم وجوهكم الى الدخول الى ارض مصر  للذهاب للتغرب  هناك  يحدث ان السيف  الذى انتم خائفون منه  يدرككم هناك  فى ارض مصر  والجوع الذى انتم خائفون منه  يلحقكم هناك فى مصر  فتموتون هناك "  [105]

     إذن فهذا دليل على انه ليس هناك عهد بإمتلاك ارض مصر  فلو ان الأمر كذلك ما  حذرهم الله سبحانه وتعالى من مجرد الاقتراب منها  وبما انهم لم يحفظوا الشرط الذى اخذ عليهم قبل العودة فغضب الله جل وعلا عليهم ,  فقالوا فى العهد القديم "  ثم صارت كلمة الرب لارمياء قائلا: هكذا قال الرب  ان نقضهم عهدى  مع النهار  وعهدى مع الليل  حتى لايكون نهار ولا ليل  فى وقتهما  فان عهدى مع داود عبدى ينقض فلا يكون له ابن مالك على كرسيه "  [106]

 فالجزاء من جنس العمل  هم نقضوا العهد وقتلوا الأنبياء , فتبرأ الحق سبحانه وتعالى منهم  وحرمهم من امتداد الملك والنبوة فيهم . وظهر ذلك جليا , فبعد كورش ملك فارس أصبحوا عبيدا للإسكندر ثم البطالسة ثم الرومان الذين ساموهم سوء العذاب  وجاءت نهاية بنى إسرائيل على ايدى الرومان.

 13- واكد سيدنا عيسى عليه السلام  على هذا المعنى حين قال " يا اورشليم ياقاتلة الانبياء ويا راجمة المرسلين ......[107].ومن ثم ذكر لهم سيدنا عيسى أن النبوة ستنزع منهم عما قريب   فقال "  ان ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لامة تعمل اثمارة   وقد كان  فختم الحق سبحانه وتعالى أنبياء بنى إسرائيل  بنبيه وعبده عيسى عليه السلام (  ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ ) الحديد /27 

       واكرم الله سبحانه وتعالى العالمين بأن أرسل اليهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وانزل معه القران الكريم   فهما بمثابة النور الى يهدى الى طريق مستقيم والى رضا الله جل وعلا {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15

 وأخيرا مما سبق يتضح لنا  أن ما يزعمه بنوا إسرائيل من حق فى ارض فلسطين أو فى اى ارض عربية أو إسلامية  ليس له اى اصل لا فى كتاب ولا من عند الله جل وعلا  ومن ثم فهم انما ينفذون وعد بلفور لا وعد الله رب العالمين  فقد راينا  ومن كتبهم انهم ليس لهم اى سند دينى . ولذلك نحن نلوم النصارى فهم الذين ساعدوا اليهودعلى احتلال ارض المسلمين واغتصابها للإستيلاء على مقدراتها  بل وكلما خبت جذوتهم  اشعلوها  بحروبهم فلو نظرنا الى التاريخ  لو جدنا ان النصارى  هم الذين يحملون معول الهدم  وأن اخونهم من اليهود انما يجنون ثمار ما يزرعه النصارى  وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } آل عمران34

 فمن  دمر كوسوفو غير النصارى , ومن حارب المسلمين فى افغانستان ودمر منشاتهم غير النصارى, ومن دمر منشات العراق الحبيب وتسبب فى العديد من المآسى غير النصارى , فقد لوثوا المياه واسنولوا على مقدراته واغتصبوا حضارته وتسببوا فى عجز ابنائه والتفرقه بينهم   ومن الذى يتربص بالمسلمين بين الحين والأخر غير النصارى , اليسوا هم من خطط للدخول فى السودان , اليسوا هم الذين يخططون لما يحدث فى لبنان  , اليسوا هم الذين يدبرون للإيقاع بسوريا وايران .

     وفوق كل هذا اليسوا هم المعين الأول والمدبر الأكبر والممول الأوحد للصهاينة الذين يغتصبون أرض فلسطين  فليفعلوا مايشاون {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً }الطارق15   {وَأَكِيدُ كَيْداً } الطارق16     {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }الطارق17   وصدق ربنا جل وعلا حين قال {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ }الزخرف79   {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } الزخرف80   

      والدرس الذى اريد أن ابلغه لهولاء وهولاء  هو قول الله سبحانه وتعالى  {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }الأنفال36

 ولذا فأنا أهيب  بالنصارى ان يفيقوا من غيهم وان يشعروا  بأن طريق اليهود إنما هو بئس الطريق  فمن تبع قوما قال عنهم الحق سبحانه وتعالى  {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة 60لا شك انه سيحظى  بنصيب من الغضب والبؤس والشقاء   والعجيب ان النصارى يتمسكون بنصوص العهد القديم  فى الوقت الذى يرفض اليهود انفسهم التمسك بكل مافيه فمن اليهود من يؤمن ببعض الأسفار ويرفض البعض الأخر  فلما يتمسك النصارى  بما لايتمسك به اليهود ؟

     وإلا فاليهود والنصارى ما هما الا وجهان لعملة واحدة , وصدق فيهم قول ربنا جل وعلا{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51    فوجه يخطط  والأخر  يدمر و(حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران173

          ولذا فعلينا نحن المسلمين  ان  ننتبه لما يحدث   عملا بقول الله سبحانه وتعالى ( وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ)  المائدة /49  ومن ثم وجب علينا  الدفاع عن مقدساتنا  وديننا  وارضنا   ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ } التوبة13  فهم إنما يحاربون وينفقون    اموالهم على باطل,  ثم ان قتلاهم فى النار وبئس المصير  ومن عاش منهم على الذنب والمعصيه انما هى معيشة طنكا , وليس هذا فحسب بل ان الحق سبحانه وتعالى يقول عن امثال هؤلاء {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }الزخرف36   ولك ان تتخيل أن انسانا يصحبه شيطان   فلا شك انهم (لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ)  الزخرف /37  والعجيب انهم يزينون لهم اعمالهم  ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً }الكهف104

    والسؤال الذى يطرح نفسه الان :

                *-   الى متى سيظل هذا الوجود الصهيو -  نصرانى فى المنطقه ؟

           وللإجابه على هذا السؤال رايت ان استعين بالله جل وعلا  وبالأيات الكريمة التى بينت ما حدث وما سيحدث من بنى إسرائيل يهودا كانو أم مسيحين  الا وهى الأيات المذكورة فى سورة  الإسراء ثم نذكر اراء العلماء  وبما يفتح الله سبحانه وتعالى لنا به   تذكرة لأمتنا  وعملا بقول ربنا جل وعلا  ( يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ }يس26   

       والأيات الكريمة هى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً }الإسراء4    {فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً }الإسراء5  . {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً }الإسراء6  {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً }الإسراء7    

       من هذه الايات الكريمه نعلم :

* أراء العلماء حول قوله تعالى ( لتفسدن فى الأرض )

          1- إن الحق سبحانه وتعالى اخبر بنى إسرائيل بما اخبر به الأمم السابقه الا وهو {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46  وهذا حتى ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ  )  النساء /165      

       2-اخبرنا الحق سبحانه وتعالى فى القران الكريم  الكثير عن بنى إسرائيل  وعن مخالفتهم لاوامر الله سبحانه وتعالى وعن تغيرهم لأحكام التوراة والإنجيل  كما اخبرنا القرآن الكريم عن قتلهم الانبياء  وافسادهم فى الارض على مر الازمان والعصور  وظهر ذلك جليا  فى قوله تعالى {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً }الإسراء4    

*فكلمة  ( وَقَضَيْنَا) إنما تعنى : أعلمنا  وأخبرنا  إما وحيا  مقضيا  أو وحيا فى كتاب .  فالقضاء هنا  هو الإخبار  والإعلام , ولا يعنى ذلك  ان الحق جل وعلا هو الذى كتب  على بنى إسرائيل الشقاء والإفساد فى الأرض  , إنما أعلمهم  وأخبرهم بعلمه  جل وعلا المسبق  المطلق  بانهم سيفسدون فى الأرض  وعلى ذلك  فان القضاء هنا  للإعلام  لا للإلزام , فإن انتهوا واحسنوا  فالحق سبحانه وتعالى يقول {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } الرحمن60          أما اذا حاربوا الله ورسوله  وعاثوا فى الأرض الفساد فا لحكمة تقتضى    (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا  ) الشورى /40

وذكر الحق سبحانه وتعالى هذا الإعلام  والإخبار  فى قوله تعالى {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ }المائدة70 {وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }المائدة71    وليس هذا فحسب بل ان الله سبحانه وتعالى ({وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة12    نعم الوعد إن تمسكوا به  .

فى هذه الأيه الكريمة يتبين لنا :

1- إن الله جل وعلا إشترط  على بنى إسرائيل  إن آمنوا به سبحانه وتعالى  وبرسله صلوات الله وسلامه عليهم, والتزموا بما امروا به , واقاموا الصلاة , وراعى الأغنياء حق الفقراء  واطعموا المساكين , ورحم القوى منهم الضعيف  وكانت اعمالهم جميعها خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى  حينئذ سيحظون  بالنعيم  المطلق  واجل ما فيه  الفوز  بمعية الحق سبحانه وتعالى  ورضاه ومن حظى بذلك  ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123 وفى الاخرة  (  جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ }القمر54

2-  أما إذا عصوا , وصموا اذانهم  وقست قلوبهم فهم بهذا يجنون على انفسهم  , فقد ضلوا عن سواء السبيل  , ولك ان تتخيل قوما  صموا اذانهم  , و ( قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا )البقرة /93    وضلوا عن نور الله الذى يملأ السماء والأرض  لاشك ستراهم فى ظلمات يترددون , وفى غيهم يعمهون , وتراهم ينظرون اليك وهم لايبصرون   ومن ثم فلا خير يرجى منهم  ولا رضا من الله ينتظرهم  فالجزاء من جنس العمل  فهم لم يسمعوا لاوامر الله سبحانه وتعالى   أفيسمع الحق سبحانه وتعالى نداءهم ؟

3-وإذا تنكر بنوا إسرائيل لهذا العهد وزعموا انما هو فى القران الكريم فقط وانهم لاعلم لهم به  نقول لهم وإن كان القران الكريم قد اظهر الكثير مما كنتم تخفونه عن ابنائكم فقال جل وعلا   {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15 

      إلا ان هناك العديد من النصوص فى العهد القديم الذى بين ايديكم وتؤمنون به وتقولون انه من عند الله سبحانه وتعالى تخبركم عن هذا العهد والميثاق الذى قطعه الحق سبحانه وتعالى عليكم ومن هذه النصوص :

:إذا سلكتم فى فرائضى وحفظتم وصاياى  وعملتم بها  اعطى مطركم فى حينه  واعطى الأرض غلتها  وتعطى اشجار الحقل اثمارها وتسكنون فى ارضكم امنين  واجعل سلاما فى الارض وتطردون اعدائكم  فيسقطون امامكم  بالسيف  يطرد خمسه منكم مئه  ومئه منكم يطردون ربوة والتصق اليكم واثمركم واكثركم  وافى ميثاقى معكم

                     ولكن إن لم تسمعوا  ولم تعملوا كل هذه الوصايا  وان رفضتم فرائضى  وكرهت انفسكم احكامى  فما عملتم كل وصاياى  بل نكثتم ميثاقى  فانى اعمل هذه بكم  اسلط عليكم رعبا  وسلا وحمى تفنى العينين  وتتلف الجسم  واجعل وجهى ضدكم  فتهزمون امام اعدائكم  وان كنتم نع ذلك لا تسمعون لى  أزيد ناديكم سبعة اضعاف  حسب خطاؤكم  وان لم تتادبوا منى بذلك  بل سلكتم معى بالخلاف  فانى انا اسلك معكم بالخلاف  اجلب عليكم سيفا ينتقم منكم  نقمة الميثاق  فتجتمعون الى مدنكم  وارسل فى وسطكم الوبا فتتدفعون بيد العدو     لاوين  26 /2....14  

    من الأيات الكريمة فى القرآن الكريم والنصوص من العهد القديم  يتضح لنا ان الحق سبحانه وتعالى لم يفاجئ  بنى إسرائيل بالعذاب  ولم يكتبه عليهم دون سبب  وإنما اخذ عليهم العهد والميثاق  وبهذا :قد اعذر من انذر

  *( إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ) وبنوا إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحين  يرجع نسبهم جميعا الى سيدنا يعقوب عليه السلام والقرآن الكريم اخبر ان لسيدنا يعقوب اسمين ( إسرائيل ) ,(ويعقوب )      فالحق سبحانه وتعالى قال {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }آل عمران93   وقال سبحانه وتعالى ايضا {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة 133

   *( فِي الْكِتَابِ) كما راينا  فا الحق سبحانه وتعالى  أعلم بنى إسرائيل بما سيحدث لهم  فى الكتب  التى بين ايديهم  وفى القران الكريم   , ولولم نجد شاهدا على ذلك إلا فى القران الكريم لكفى  لان الله جل وعلا اخبرنا فى قرآنه الكريم بما أمر به السابقين  ونحن المسلمين شهدنا بذلك {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } البقرة285

    وقال جل وعلا {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } الأنبياء 105   ثم بين الحق سبحانه وتعالى  أن القران الكريم  مهيمنا على الكتب السابقه بل وصحح به الحق جل وعلا ما أفسده السابقون  واظهر به ما حاولوا اخفاءه عن ابناءهم فقال سبحانه وتعالى   {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }  المائدة 15 ولقد حسم  الحق سبحانه وتعالى هذه المسالة  فاخبر بقوله جل وعلا   {  إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }  النمل76

      (  لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً }الإسراء4    الإفساد هو الإتلاف  و إيقاع الضرر بالأخرين ,وإيقاع الخلل  والإضطراب  بالأمور . وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى  (  وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )   الأعراف /56  

        اى أن الحق سبحانه وتعالى  مهد الأرض وجعل للبشر فيها سبلا  وأبارا  وأنهارا  وجنات وعيون  ومن ثم فهى صالحة  للسكن والعيش  فعلى كل جيل ان لم يستطع الإحسان اليها والتطوير فيها بما يفيد الاجيال الاحقة على الاقل ان يتركها على حالتها التى خلقها الله سبحانه وتعالى عليها فهو الأصلح بكثير .

 لأن تدخل الإنسان دون فهم أو  عدم حرص على المصلحة العامه قد يضر بالكثير {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الروم41  ومن ثم اوصى الحق سبحانه وتعالى البشر  قائلا  (   هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } هود61

      ولكن أن تاتى فئة ضالة  تردم الأبار وتحرق الأشجار وتفسد الثمار  ولا تكتفى بذلك بل تزهق الأرواح  وتريق دماء البشر دون ادنى حق  ولا لشى إلا إرضاء الشيطان رجيم , أو لقائد معتوه ,أو لحاكم مشوه  وتنفيثا لحقدهم الأعمى . فما ينبغى لامثال هولاء الا قول الحق سبحانه وتعالى {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } المائدة33

 وعن قول الله سبحانه وتعالى لبنى إسرائيل ( لتفسدن )دليل على دوام إفساد بنى إسرائيل فى الأرض  فالحق سبحانه وتعالى اخبر بعلمه الأزلى  بما سيحدث من بنى إسرائيل  من قيامهم بقتل الأبرياء  وحرق المزروعات  وتدمير المنشات , ونشر الرعب والإرهاب فى العالم بكل وسيلة ممكنة

       المهم أن يشعروا العالم بانهم قادرون على كل شى ومن ثم يلبى لهم ما يشاؤن  والعجيب ان إنخدع بهم بعض بنى جلدتنا  فساعدوهم على ذلك وأوهموا ابناءهم بانه لا طاقة لأحد بقتالهم او على الأقل مواجهتهم وهم أجبن أهل الأرض .

       فالقرآن الكريم بل وكتبهم التى بين ايديهم تشهد بتخاذلهم على مر الأزمان وعدم نصرتهم الأنبياء   فكل الذى استطاعوا القيام به  لإظهار جبروتهم هو إزهاق أرواح العزل من السلاح   فهم لايستطيعون مواجهة مسلحين إلا من وراء جدر وبعد تشديدات امنيه وتكتيفهم وربط اعينهم ثم يجهزون عليهم فأى نصر هذا واى قوة ؟  ف(ياليت قومى يعلمون )

     واللام فى قوله جل وعلا ( لتفسدن )ليست امريه إنما هى للتاكيد كقوله صلى الله عليه وسلم : لتامرن بالمعروف ..[108]    لانه لا ينبغى أن ينصرف الذهن الى ان الحق سبحانه وتعالى هو الذى امر بنى إسرائيل بالإفساد فى الأرض فهو جل وعلا ( لايأمر بالفحشاء ) كما انه سبحانه وتعالى هو الذى أمر بالاصلاح فى الأرض كما بينا ووضحنا من قبل  اذن فاللام هنا توكيديه بمعنى إن لبنى إسرائيل من صفات الغدر والخيانة  ولديهم من الأراء الباطلة الفاسدة  ما يؤكد بأنهم  مفسدون على فى كل الأحوال فهم كالعبد الأبق (أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ) النحل /76

 وإفساد بنى إسرائيل فى الأرض من الكثرة حتى اننا لانستطيع  أن نوجزه هنا فى سطور  ولذا سنورد له بإذن الله فصلا  خاصا  لنوضح بعض ما قاموا به من إفساد فى الأرض .

وقوله تعالى ( فى الأرض ) قد يشير إلى أرض بعينها , أو إلى الأرض قاطبة  فالقران الكريم  انما ذكر الأرض بمعانى كثيرة ومنها ماهو خاص  كقوله تعالى  على لسان سيدنا يوسف عليه السلام {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }  يوسف55 

     فرغم انه يقصد خزائن مصر  الا انه  اشار اليها  بكلمة ( الأرض ) وكذلك ما حكاه  القرآن  عن فرعون  حين قال جل وعلا ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ)  القصص /4  والقرآن الكريم يقصد  ان فرعون علا وتمكن فى أرض مصر  حتى أصبح  الآمر الناهى فيها .

     وكذلك بقول الحق جل وعلا ( إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }الأنبياء71 وهى هنا أرض الشام  وهى التى حول المسجد الأقصى  لقوله تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } الإسراء 1

   وايضا أشار القران الكريم الى الأرض قاطبة حين قال جل وعلا {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ }فصلت9   وكذا قوله تعالى ({وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ }  ق38   وعليه حين يقول الحق سبحانه وتعالى لبنى اسرائيل {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }   الإسراء  104  

   وقوله جل وعلا ( لتفسدن فى الأرض مرتين )  فقد يعنى أن بنى إسرائيل سيفسدون بأرض بعينها أو فى الأرض قاطبة  وأحداث التاريخ  بينت وتبين أن فساد بنى إسرائيل  فى الأرض كافة بشكل أو باخر ..

     وقوله تعالى  ( مرتين )من العلماء من يرى أنهما مرتين عددا  واخذوا الكلمة على ظاهرها وقالوا إن المرتين تمتا  وحدثتا  بالفعل  وأن الأولى  كانت حين قتلوا زكريا  وحبسوا ارمياء  وان الثانيه  حين قتلوا يحىوعمدوا قتل عيسى عليهما السلام .

 ومنهم من يرى أن الاولى كانت بعد يوشع بن نون  حين عصوا الحق جل وعلا  وعبدوا الهة القرى المجاورة لهم  والتى حرمها الحق سبحانه وتعالى عليهم  مما جلب عليهم السخط فسلط الحق جل وعلا عليهم ملك اشور فإستباح حرماتهم  وسبى  نساءهم وقتل أشرافهم  

.والثانيه: حين قتلوا يحي عليه السلام  وقصدوا قتل عيسى عليهما السلام  فسلط  الله جل وعلا عليهم قيصر روما  فدمر هيكلهم  وشردهم واخذ من بقى سبايا الى روما.

.ومن العلماء من يرى ان فساد بنى اسرائيل  فى الأرض  لم ينقطع  وانه من الكثرة بمكان  الا ان المرتين هنا انما هما اشارة  لما سيقوم به به بنوا إسرائيل  من فساد فى زمن امة الإسلام  ورغم كثرة الفساد الا انه يمكن حصره بمرتين

 وأن الاولى : حين خالفوا  ونقضوا عهد الرسول صلى الله عليه وسلم  واجلأهم من المدينة  واستقروا ببلاد الشام  إلى أن جاء  المسلمون  فى جيوش جرارة  فى معركة  اليرموك  فكسروا شوكتهم  

     وأن المرة الثانيه:ننتظرها باذن الله تعالى  وهى التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون  واليهود  فيختبى اليهودى  وراء الحجر والشجر  فينادى الحجر والشجر يامسلم يا عبد الله  ورائى يهودى تعال فاقتله الا شجر الغرقد فانه من شجر اليهود .

. ومن العلماء من يرى أن المرتين اولاهما مخالفة احكام التوراة , وقتل اشعياء , وقتل ارمياء  وثانيهما قتل زكريا  ويحي وقصد قتل  عيسى عليهم السلام  ثم اضاف : ان افساد بنى إسرائيل فى الأرض لايمكن حصره بمرتين  وانما اتى القران الكريم  بكلمة (مرتين ) مثالا سريعا لفسادهم  الذى لايحصى  ولايعد  كما انه سيستمر الى ابد الدهور .

     والحق لوتتبعنا تاريخ بنى إسرائيل من لحظة تخطيطهم للتخلص من سيدنا يوسف عليه السلام  ومرورا بعبادتهم العجل  فى زمن سيدنا موسى عليه السلام , ورفضهم دخول  الدخول الأرض المقدسه,وقتلهم الأنبياء  ثم اشعالهم الحروب  وبث القلاقل والاضطرابات  فى الارض  على الدوام  لعلمنا انهم المفسدون حقا .

     وعليه فإن كلمة ( مرتين  ) انما هى اشارة  لفساد بنى إسرائيل  المتكررة  مرة تلو الأخرى  لان كلمة   (مرتين ) قد تشير فى طياتها  للكثرة  كقوله تعالى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ }   الملك4   أى مرة بعد مرة .

     ولايمكن  ان يكون الأمر بالتفحص فى اسرار الكون  مقتصرا  على مرة او مرتين  وانما هى دعوة من الحق سبحانه وتعالى الى النظر فى الكون  مرة بعد مرة ولو وصل الامر الى الاف المرات  ففى كل مرة  يستنبط  الإنسان  عجائب وغرائب  فى الكون  تفوق سابقتها لقول الحق جل وعلا {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }  فصلت 53

  ومن المعلوم أن كلمات القران الكريم من البلاغة لدرجة ان الكلمة الواحدة قد تنبئ عن اكثر من معنى  والدليل على ان كلمة مرة او مرتين قد تؤدى اكثر من معنى كقول الحق سبحانه وتعالى عن سيدنا موسى عليه السلام حين قال جل وعلا {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى }  طه37 

       فإذا نظرنا الى كلمة (مرة ) لوجدنا أنها  تشير اكثر من مرة فلو ان المراد بالمرة الواحدة  نعمة واحدة  لذكره الحق جل وعلا  ولكننا راينا ان القران الكريم  يعدد العديد من الفضائل  ومنها : {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى }   طه  38   {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ    وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }  طه39   {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى } طه40   فهذه الأيات فوق دلالتها عن رحمة الله سبحانه وتعالى بسيدنا موسى عليه السلام  راينا أنها تعدد الفضائل والنعم التى من الله سبحانه وتعالى بها على سيدنا موسى عليه السلام  وكل هذا وغيره عن كلمة  ( مرة اخرى )

   إذن فكلمة  (مرتين )  قد تحمل فى طياتها  عشرات المرات  من الإفساد  الذى قام به بنوا إسرائيل و اختلاف العلماء  انما يرجع سببه  الى انهم ربما اوقفوا  كلمة  ( بنى إسرائيل )  على اليهود فقط  لانهم  استندوا الى قول الحق سبحانه وتعالى عن اليهود ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ)  المائدة /82    

     أما النصارى اخبر الحق جل وعلا عنهم   ( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة82    ولكن الحقيقة  ان اليهود والنصارى  ماهما إلا وجهان لعملة واحدة  .

   فمن فهم منهم الحقيقة وآمن بالله جل وعلا وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قال عنهم الحق سبحانه وتعالى {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } التوبة11  

     ولقد قام اليهود وأعوانهم من النصارى بالعديد من الحروب على مر التاريخ والى الان يشكو العالم من تدخل اليهود والنصارى فى شئون العالم بل وتدمير منشآت البلاد دون ادنى سبب كما سنبين بعد قليل ان شاء الله نعالى . والعجيب ان الإفساد إنما سببه نعم الله جل وعلا عليهم  وامهاله سبحانه وتعالى لهم ولم ياخذهم بذنوبهم أولا بأول فلقد انعم الحق سبحانه وتعالى  عليهم ومكن لهم فى الأرض  وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى ( ولتعلن علوا كبيرا )

 وليس معنى ذلك ان الله جل وعلا  اشترط عليهم الفساد لكى ينعم عليهم ( حاشا لله  ) وانما المراد بها هو ان الحق سبحانه وتعالى اولاهم نعمة واعطاهم من النعم  مالم يخطر لهم على بال ولكن بنوا اسرائيل هم الذين لم يحسنوا استقبال النعم  بل أسأوا استغلالها

     لأن إستقبال البشر لنعم الله جل وعلا يختلف من شخص لاخر  فمن البشر من يقابل نعم الله جل وعلا  بالشكر ويقول كما قال سليمان عليه السلام  (قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } النمل40

   ومن البشر من تغره النعمة وتنسيه المنعم سبحانه وتعالى ويقول مثل ما قال قارون من قبل {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } القصص78    وبالطبع فإن تصرف كل شخص يختلف   عن الاخر  ففى الوقت الذى يتصرف فيه الأول  فيه بنبل وسخاء وعطاء  , يتصرف الأخر  تصرف الشياطين  الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون  ظانين انهم  بامتلاكهم المال  والسلطة من الذين رضى الله عنهم  والعجيب  ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } الكهف 104  لأ ن الحق جل وعلا يقول {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ }المؤمنون55   {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ }  المؤمنون56 وانما هو استدراج لهم  لقول الحق جل وعلا {فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }القلم44

        ولهؤلاء وأمثالهم  يقول ا لحق سبحانه وتعالى {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } الأعراف183    و يخبرهم الحق جل وعلا  إن أخذه {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }هود102 وفى الاخرة  عذابه جل وعلا وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } البقرة165

إذن طالما الامر كذلك  فلما لم يستخدم القران الكريم  كلمة مره او مرات  بدلا من كلمة ( مرتين ) نقول سبحان الله ( الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } الأعراف196 حقا  انه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }   فصلت42

    لأنه لواستخدم القران الكريم  كلمة " مرة " مثلا : لقيل بان الحق سبحانه وتعالى  انعم على بنى اسرائيل  مرة واحدة ثم اخذهم بمجرد ما اخطاؤ   أول مرة  ولا عتبر هذا إجحاف  وهذا لا يليق بجلال الله سبحانه وتعالى  فالحق جل وعلا لا يأخذ الناس لأول معصية بل يمهلهم ويعطهم العديد من الفرص لعلهم يرجعون  لانه لو عاقب الحق جل وعلا البشر عل كل خطا   أولا بأول  {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً }فاطر45

     ولو استخدم القران الكريم  كلمة " مرات "  مع ما قام به بنوا إسرائيل  لتطلب الامر ذكر العديد من الواقف التى صدرت من بنى اسرائيل  وهذا به اطناب  لا يليق بالقران الكريم , لان احداث بنى اسرائيل مع كثرتها على مر الزمان فهى متشابهه, فمع كثرة الفساد والمعاصى  والتى جلبت عليهم غضب الله سبحانه وتعالى ونقمته  فهى متشابهه لأن  فى كل مرة الأمر لم يتعدى افساد ومعصية فيسلط الحق سبحانه وتعالى عليهم من يسومهم سؤء العذاب . 

      ومع أن ماقاموا  به من فساد وما حل بهم من عذاب يحتاج الى مجلدات  الا انها من شدة تشابهها  اختصر القران الكريم كل احداثهم وما سيحدث لهم فى مثالين فقال تعالى ( لتفسدن فىالأرض مرتين )  لشدة مابين الأاحداث  منذ وجود بنى اسرائيل على مسرح الحياة والى قيام الساعة ونتائجها وما حل بهم من تشابه  فسبحان الله و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } الكهف1

 وعليه فإن الكلمة الكريمة التى جاء بها القران الكريم فى هذ الموضع وهى ( مرتين ) هى أصح  لأننا لو بحثنا فى كل معاجم اللغة لنأتى بلفظ ليحل محل آية  او كلمة آتى بها القران الكريم  لم ولن تؤتى الثمرة المرجوة لأن من أنزلها أعلم بحال عباده {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } الملك14

     لأن كلمة ( مرتين ) أوصدت الطريق امام من أراد الطعن فى القران الكريم أو الدفاع بالباطل عن بنى إسرائيل  فبينت ان الحق سبحانه وتعالى  انعم على بنى اسرائيل  ولكنهم استقبلوا النعيم بجحود ونكران  بل وافسدوا فى الأرض  وعاثوا فيها الفساد  والحق جل وعلا نبه البشر جميعا بقوله سبحانه  .

   ( وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }الأعراف85  ومن ثم ف {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ }الفجر14 وأرسل جل وعلا الرسل اليهم (وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }البقرة221

      فقتلوا الرسل  بل ومن جاء من بعد الرسل من المصلحين  {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ }آل عمران21فما يستحقون  (  فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)  فيسلط لحق سبحانه وتعالى عليهم من يسومهم سؤء العذاب ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }آل عمران72   وعملا بقول الحق جل وعلا {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام43   

     فماذا بعد ذلك  وما ذنب  الضعفاء الذين يساء اليهم من بنى إسرائيل  اليسوا هم ايضا خلق لله جل وعلا ولهم على الله سبحانه وتعالى حق ان يحميهم  وبخاصة اذا كانوا مؤمنين به وموحدين فالله جل وعلا يقول  {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } الحج38  وإن لم يكونوا مؤمنين  فالحق سبحانه وتعالى (يقول فى الحديث القدسى ( ياعبادى انى حرمت الظالم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) [109]

      هذا بوجه عام وليس هذا فحسب بل إن الله سبحانه وتعالى ينتقم بالظالم ثم ينتقم منه , ومن ثم فليس أحد فى الكون ابن لله سبحانه فالكل يخضع لمشئيته جل وعلا  فمن امتثل فله الثواب الجزيل ومن عصى  (  فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) هود /17   مع ما يسبقها فى الدنيا من هوان ومذلة  وهذا ما حدث مع بنى إسرائيل .  فمن المحال والخلق كلهم ضامن على الله سبحانه ان يطعمهم ويحميهم  أن يتركهم فريسة لبنى اسرائيل وعليه فحين لم يرتدع بنوا إسرائيل  كان لزاما ان يكون هناك درس لهم وعبرة لغيرهم حتى لا يفترى البشر بعضهم على بعض ظانين انهم يعيشون فى مجتمع الغاب بل إن هناك رب جليل يراقب ويجازى بالإحسان احسانا  ويأخذ على يد الظالمين حتى لا ييأس احد من خلقه فى رحمته جل وعلا .

     ولذا يسلط الحق سبحانه عليهم طاغية من طواغيت الأرض حتى يكون الدرس قاسيا ولعله ياتى بنتيجة  , وبعدها يمن الحق جل وعلا على الجيل التالى بالنعيم والإستقرار واسباب التمكين لعله يكون افضل أخذا  واستقبالا لنعم الله سبحانه وتعالى بل ويجعل الحق سبحانه وتعالى المجتمع يتعاطف معهم ويمدهم بما يريدون فكأن الحق سبحانه وتعالى يريد لهم الخير فما يفتقدونه يجدونه بسهوله عند غيرهم  .

      ولكنهم بنوا إسرائيل فا لجيل التالى لم يكن افضل من سابقه  فما إن تستقر له الأمور ويشعر بالإستقرار والتمكين  فإذا به  يعيث فى الأرض الفساد اكثر من سابقه  وعليه فيستحق  ما استحق أجداده طالما لم يكن لهم فيهم العبرة والعظه .

     وهكذا كل أجيال بنى اسرائيل  من اولهم وحتى قيام الساعة ونهايتهم بإذن الله سبحانه وتعالى  ولقد اكد القران الكريم على ذلك بقوله تعالى ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) الأعراف /167  واذا قرات قول الحق سبحانه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23

 وقول الحق سبحانه {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } غافر51 وقوله جل وعلا {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ } الصافات171   {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ }الصافات172  {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } الصافات173وقوله سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } الأنبياء105وحديث المعصوم محمدصلى الله عليه وسلم (لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيختبئ اليهودى وراء الحجر والشجر فينادى الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله ورائى يهودى تعال فاقتله  الا شجر الغرقد )  [110] 

  ورايت ما يحدث  لإ خواننا فى فلسطين والعراق وافغانستان  و ما يحاك ويدبر لسوريا ولبنان ومايعد للسودان وما يحدث فى الصومال من شعوب تئن من وطاة الإحتلال الصهيونصرانى وما يفعله الصهاينة واعوانهم المسيحين لعلمت انه لابد لنا وإياهم من عودة ان شاء الله سبحانه وتعالى لا تقل  شدة وبطشا عن ما حدث لهم يوم خيبر وفى حطين وليس ما حدث يوم العاشر من رمضان  عن ذاكرتهم ببعيد  وحينئذ (  وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }الشعراء227

        ومن ثم اكتفى القران الكريم  بذكر مثالين وعبر عنهما بكلمة ( مرتين ) والحديث عنهما فى القرآن الكريم كا التالى  {فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً }الإسراء5 

 فى هذه الآية الكريمة بين الحق سبحانه وتعالى  انه   حين يبلغ فساد بنى إسرائيل فى الأرض درجة لا ينبغى السكو ت عليها وأنهم يصلون الى درجة من الجراة تجعل الناس يظنون بالله الظنونا   فقوم مشركون بالله يقتلون عباد الله  بل ويسفكون دماءهم  وينتهكون حرماتهم .

          فالعدل يقتضى ( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) الشورى /40  كما انه ينبغى أن يذوق المجرم ( وبال امره ) وليس هذا فحسب بل (وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً } الطلاق9 لأن من الطبيعى (  وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) فاطر /43

    ولأن بنى اسرائيل لم يذوبوا فى الشعوب  فمن السهل أن  يذيقهم الله جل وعلا جزاء صنيعهم     ( حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ )   الأنفال   /39   لانه إن ضل اهل الكتاب  وافسدوا فى الارض  ولم يعاقبوا  حينها تكون فتنة فى الأرض وفساد كبير .  

  وحول قوله تعالى ( عبادا لنا اولى باس شديد)

  ولذا سلط الحق جل وعلا على بنى اسرائيل عبادا له وماداموا انتسبوا لله سبحانه وتعالى فهذا دليل على انهم من القوة والجبروت ما يناسب هؤلاء ويكفى للإنتقام منهم  بل وليلقنوهم درسا يظل عالقا بأذهانهم الى ابد الدهر.

   وهنا سؤال ألا وهو إذا كان بنوا إسرائيل هم الشعب الوحيد ائنذاك صاحب كتاب منزل ولديه الأنبياء  اذن فباقى الشعوب المجاوره كافرة  فكيف ينسبهم الحق سبحانه وتعالى اليه جل وعلا فيقول سبحانه ( عبادا لنا )؟  نقول وبالله التوفيق :

 أولا الخلق كلهم عباد لله جل وعلا مومنهم وكافرهم  فقال سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )النساء1

 ثانيا :  إن الله سبحانه وتعالى ( يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) الانفال /24   اى ان الله جل وعلا قا در على ان يجعل العبد ايا كان توجهاته ينقاد الى اوامر الله سبحانه وتعالى  لانه جل وعلا (شَدِيدُ الْمِحَالِ }الرعد13 ( ولا يعجزه شى فى الأرض ولا فى السماء ) ألم تقل الجن {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً }الجن12

         وهو القائل سبحانه وتعالى {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } الرحمن33   وهذا غاية التحدى  اذن فالحق جل وعلا يكلف من يشاء بما شاء وقتما يشاء ولا يستطع احد او اى شى ان يتخلف عن امر اراده سبحانه وتعالى لانه جل وعلا يقول {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82

 ثالثا : ان الحق جل وعلا  يهلك الظالمين بالظالمين فيسلط الحق سبحانه وتعالى  الظالم على الظالم حتى يقضى عليه, وبعدها ينتقم الحق سبحانه وتعالى منهم جميعا , لانهم ايضا لم يعتبروا وهم فى المهمة التى أوكلوا بها وكان ينبغى ان تكون لهم العبرة والعظة , فمن لم يعتبر بما يرى فبماذا يعتبر لا شك ان النار حينئذ اولى به .

 رابعا:قد لا يكون كل من يسلطهم الحق سبحانه وتعالى على بنى إسرائيل من الأمم الكافرة , فقد يوكل الامر للمسلمين وهذا ما حدث فما إن تزامن فساد بنى اسرائيل فى الارض مع امة محمد صلى الله عليه وسلم الا واسند الحق جل وعلا الأمر اليهم  فقال سبحانه وتعالى ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ )  البقرة /194  

       فإن امتثلوا لأمر الله (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) التوبة /11   اما اذا غالوا فى الامر وعاثوا فى الأرض الفساد  ( وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) فصلت /15  حينئذ امرنا الحق سبحانه وتعال  بقوله  {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } الأنفال39  

         وعليه فإنه لا بأس ان ينسب  من يقوم بهذه المهمة الى الله جل وعلا    وبالإضافة الى ذلك فإن بنى اسرائيل حين يفسدون فى الأرض فهم فى حاجة الى  (  قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) الفتح /16 حقا  لماذا ؟ربما حين تبلغ بهم الهزيمة مبلغها ويشعرون بالأسى ويرون الدمار الذى حل بهم والذى أذاقوا الشعوب الوانا منه ربما وقتها يفيقون من غيهم ويعلمون ان  الله هو   (الْحَقِّ الْمُبِينِ } النمل79

             ولكن اذا كانت الفئة المقابلة لهم ضعيفة وهشة وقتها يغرهم الشيطان ويظنون انهم على الصواب  ولذ فى مثل هذه المواقف يخبرنا الحق سبحانه وتعالى بقوله {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }الأنفال57  فهذا حرى ان يجعلهم يفكرون الف مرة قبل ان يقدمون على إحتلال اخر .

لأنهم فى حقيقة الأمر ان ظفروا بنا فهم {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ } التوبة10   اذن فهم فى حاجة الى من يعاملهم بنفس القسوة عملا بالقول القائل ( لا يفل الحديد إلا الحديد )

        وقوله تعالى  (  فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً }الإسراء5  دليل على أن ما حل ببنى اسرائيل من العذاب والدمار  والخزى جعلهم  فى سكون وكأنهم غير موجودين  لأن  ( فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) تعنى أن المحتل الجديد استطاع أن يتحرك فى الاماكن التى يسكن بها بنوا اسرائيل  ذهابا وإيابا دون اعتراض من احد  وكأنهم هم اهل البلاد , حقا على الباغى تدور الدوائر . وصدق الحق حين قال  (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً)      ولان الله جل وعلا (  لطيف بعباده )   فلم يأخذ ابناء بنى اسرائيل بجريرة الأباء  فالقاعدة العامة التى أرساها القران الكريم (  وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)  فاطر /18  ومن ثم اعطى الحق سبحانه وتعالى الأبناء فرصة جديدة ( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } طه113

       ولذا  منّ الحق سبحانه وتعالى  عليهم بما منّ به جل وعلا على أجدادهم من قبل {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ } الإسراء6   وليس هذا فحسب بل ان الله سبحانه وتعالى جعل من يشعر بهم  يواسهم ويمدهم بما يشاون (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) وحتى لا يكون هناك عذر لمعتذر نبههم الحق جل وعلا (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا  ) الإسراء /7    وهذا منتهى العدل والرحمة  وكما يقال ( قد أعذر من انذر )

         فكان ينبغى ان يتعظ الأبناء بما حدث لاجدادهم  بالاضافة الا ان ماحدث لابائهم ليس ببعيد ومن باب  ( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }الحشر2 حينئذ كانت الحكمة تقتضى  ان يصلح هؤلاء ما بينهم وبين جيرانهم وان يعيشوا فى امان تاركين الاخرين فى امان  وبخاصة ان لديهم من الاموال و الاولاد والسلطة والمعونة من الاخرين ما يجعلهم فى غناء عن الحروب  والدمار     

  وفوق ما سبق فإن الحق سبحانه وتعالى  وضع النهاية امام اعينهم  ( لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء165 فاراد الحق سبحانه وتعالى  أن ينبههم فقال لهم محذرا اياهم  ان يقعوا فى ما وقع فيه ابائهم  لأن ( جزاء سيئة سيئة مثلها ) كما انهم لم يعتبروا بما حدث لهم من قبل   . 

          ولكن  يبدوا ان الطبع يغلب التطبع  فاذا بالابناء يقعون فى الشرك الذى وقع فيه سابقيهم  فقاموا باحتلال اراضى المسلمين  واغتصاب حقوقهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم لا لشى سوى ان (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ }  محمد25 كل هذا دون ذنب ارتكبوه او جرم فعلوه  وانما هو من قسوة بنى اسرائيل ومن شؤمهم وفساد حالهم وسؤء منقلبهم . 

       ومن ثم اخبر الحق جل وعلا بنى اسرائيل فقال سبحانه وتعالى  (  فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } الإسراء7    وهذه غاية الرحمة ان يحذر الحق سبحانه وتعالى الخلق من الوقوع فى ما لا يعلم مداه الا الله  ولان الحق سبحانه وتعالى اخذ على نفسه  جل وعلا عهدا ان يجيب دعوة المظلوم وان كانت من كافر   فما بالك بالركع السجود  الذين يشهدون لله جل وعلا بالوحدانية  . 

               وبالتالى اذا لم يعتبر الجيل الحالى بمن سبقه وسار علىنهجه ضاربا بكل التحذيرات عرض الحائط حينها تكون ( قد جنت على نفسها براكش )  لان ( لله جنود السموات والأرض ) بل (  وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ } المدثر31 كما انهم (  مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }  التحريم6    ومن ثم فحين يفسد بنوا اسرائيل غير مبالين بالعواقب  ففى لمح البصر  يامر الحق جل وعلا جنوده بالانتقام لدينه فترى جنود الله وهم (لاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ) المائدة /54  ولن يرقبوا فيهم إلا ولاذمة فالجزاء من جنس العمل .

 بل والاخطر هذة المرة أن العاقبة سؤء لان الحق جل وعلا اخبرهم  ( ليسؤؤء وجوهكم ) بمعنى انهم سيقومون بافعال يسؤء معها وجوه الاشراف وعلية القوم فما بالك بمن هم اقل  لا شك انهم سيكونوا من الاسفلين  حينئذ لا يحول بين جنود الله وبين تدمير ما صنع بنوا اسرائيل شى (وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتدبيرا )     

   فكما دمروا حضارات الاخرين سلط الله سبحانه وتعالى عليهم من يسومهم سؤء العذاب  وذلك لانهم (  أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ )  التوبة /77  وصدق الحق جل وعلا حين قال {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ }الزخرف76ثم يرحل هذا الجيل الاثم تلاحقه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين  فيحل محله جيل اخر  فلا يأخذه الحق سبحانه وتعالى بذنب الجيل السالف بل يسدى له النصح وكأنها اول مرة {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }الإسراء8 {يالرحمة الله }

        فالله جل وعلا يوصى هؤلاء جيلا بعد الأخر ( لعلهم يرجعون )  فإن امنوا  وامتثلوا وعاشوا فى امان وتركوا جيرانهم كذلك يحيون فى امان  فالله الحمد وان ( نكصوا على اعقابهم ) و( غرهم بالله الغرور ) وقالوا كقوم عاد ( من اشد منا قوة )  فما حدث لابائهم ليس منهم ببعيد بل والأهم من ذلك قد ( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ) الأنبياء /97 حينها اخبرهم الحق سبحانه وتعالى ( وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ) فليفعل بنوا اسرائيل ما يشاؤؤن ف(حسبنا الله ونعم الوكيل)

 

 

 

                             *   الفصل الثالث     *

 ( صور من فساد بنى اسرائيل )

بعد الإطلاله السريعه على قول الحق سبحانه وتعالى ( وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين  ولتعلن علوا كبيرا )

         رايت احقاقا للحق ان استعرض بعضا من الاحداث  التىقام بها بنوا إسرائيل والتىعلى اثرها  فسد الكثير من  المبادئ  والقيم وضاع معها العديد من الاحكام والتقاليد  مما جعل العالم يعانى الامرين  من الشعب الذى كان ينبغى ان يكون القدوة فهم أصحاب الكتاب الأول .

      ولكن الحمد لله الذى أرسل الينا والى العالم أجمع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وانزل معه القران الكريم بل وتولى جل وعلا حفظه الى يوم الدين  وجعل امة محمد صلى الله عليه وسلم ( خير امة اخرجت للناس )وهذا لان الحق جل وعلا  ارشدهم الى الصواب فامتثلوا وقالوا (  سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير ) ومن ثم فهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله  .

        وهذا ليحق الحق جل وعلا بكلماته ويقطع دابر الكافرين  وأن صلاح امة محمد صلى الله عليه وسلم وامتثالها لاوامر ربها واتباعها منهج نبيها اظهر فساد بنى اسرائيل لأنه ( هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور ) 

 فلقد صبر المسلمون على الاذى ,  ولم يتجرؤا على حدود الله ولم يتعدوا على مصالح الاخرين ويرغبون العيش فى امان رغم انهم هم الافضل واصحاب الدين القيم  فلم يجبروا احدا على الدخول فيه ولم يغتصبوا ارضا ولم يسرقوا حضارة ولم ينهبوا ثروات احد من الشعوب .

 كل هذه الاخلاق الحميدة وغيرها اظهرت فساد بنى اسرائيل  والحقيقة ان فساد بنى اسرائيل من الكثرة حتى انك لاتستطيع حصره فى مجلدات  ولكن رايت ان احاول اختصارها قدر المستطاع فى ثلاث نقاط :                                                                                                                    

 

1-صور من فساد بنى اسرائيل فى العقيدة 

2-صور من فساد بنى اسرائيل  فى حق الانبياء                                 

3- صور من فساد بنى اسرائيل فى حق البشرية

               ونحاول بإذن الله تعالى ان نتناول كل نقطة بشى من التفصيل لتعلم امتنا انه لاأمان لبنى اسرائيل وانهم (فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }  الأنفال71 ولذا ينبغى ان نحذر منهم عملا بقول الحق سبحانه وتعالى  ( وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ) المائدة /49

                            اولا : صور من فساد بنى إسرائيل فى العقيدة :

من المعلوم أن بنى اسرائيل لم يتركوا بابا للرحمة  إلا  واوصدوه  ولا بابا للعلم والمعرفة الا ولوثوه بافكارهم المسمومة ولم يتركوا صالحا  إلا وافسدوه . لأنهم من حمقهم وسفاهتهم  شوهوا تاريخ انبياءهم  وافسدوا عقيدتهم  فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل .

         لأن الحق سبحانه وتعالى شرع لعباده الخير  كما انه جل وعلا   (لا يرضى لعباده الكفر ) ومن ثم كانت الشرائع بمثابة النور الذى يرشد الأمم الى الصواب وسبيلا الى النجاة إن تمسكوا بها  ولكن إن بدلوا وغيروا  كانوا كمن استبدل نور الشمس بشمعة  خافتة  يوشك أن ينتهى نورها  فيصبحون فى ظلمات بعضها فوق بعض.

      وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قل ( كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة20

        ولذا أكرم الحق جل وعلا البشرية  فأرسل اليها خير رسله محمد صلى الله عليه وسلم  وانزل عليه خير كتبه القران الكريم  وتولى جل وعلا حفظه فقال سبحانه وتعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9

      ولقد حاول المشركون قديما والمستشرقون ومن عاونهم من اليهود والنصارى  ان {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ    }التوبة32 ولكن شاء الله جل وعلا ان يبقى النور رغم انف الحاقدين  (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )

     ومن سوء حظ اهل الكتاب أن ترك الحق سبحانه وتعالى لهم الكتاب ليحفظوه  فاذا بهم يضعفون جيلا بعد اخر  ويضيفون للكتاب ما يناسب ازمانهم واحوالهم  ظانين انهم بهذا (يحسنون  صنعا )  إلا انهم بهذه الاضافات والتغيرات التى لم يأذن بها الله سبحانه وتعالى   بعدوا كثيرا عن الصراط المستقيم  لان المعالم الاولى تاهت من بين ايديهم  ولك ان تتخيل قوما يسيرون  على غير هدى من الله  فيصبحون   (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ)  الأنعام /71   أو  (  َكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }  الحج31

 وليت من يمر بتلك المآسى يشعر بما به من عجز  ولكنه ( يصر مستكبرا )  وليس هذا فحسب  بل {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }المائدة104

  ولقد اخبرنا القران الكريم  بانه كان فى بنى اسرائيل رجال مخلصون  متمسكون بالدين والعقيدة وقال عنهم جل وعلا ( ومن قوم موسى امة يهدون بالحق  وبه يعدلون ) واخبرنا القران لكريم ايضا ان اصحاب عيسى عليه السلام كانوا على درجة ايمانيه عاليه حتى انهم اصبحوا انصارا له عليه السلام  

      {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ) الصف /14  إلا انهم انقسموا بعد ذلك فقال عنهم جل وعلا فى القران الكريم ( فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ) الصف /14  فكان ينبغى ان تاخذ الطائفة التى هداها الله بيد اختها الى الصراط المستقيم ولكنهم تقاعسوا عن المهمة فقال عنهم سبحانه وتعالى {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }المائدة63 فيبدو انهم جميعا (يَبْغُونَهَا عِوَجاً) ابراهيم /3 

     ومن ثم فأصبحوا لا يؤتمنون على قيادة البشريه وارشادها الى طريق الله سبحانه وتعالى  ولذا  اسقط فى ايديهم وعلموا انهم ضلوا عن سواء السبيل حين وجدوا الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم من ذرية نبى الله اسماعيل عليه السلام , لحظتها ادركوا أنهم هم الامة المغضوب عليها لإنتزاع النبوة منهم  .

       فليتهم تضرعوا وندموا على ما كان منهم من تفريط وادركوا ذلك بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ولكن يبدو انهم بلغوا من الكفر والعناد درجة معها او بسببها {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ }البقرة7

 واليك عزيزى القارى بعض مما قام به بنوا اسرائيل  من احداث افسدت عليهم العقيدة

اولا :   لقد وعد نبى الله موسى  عليه السلام قومه إن اظهره الله جل وعلا على فرعون ونصرهم عليه ان ياتيهم بكتاب من عند الله ينظم به حياتهم فيعرفوا بواسطته الحلال والحرام ويظل دستورا لهم على مر الاجيال  الا انهم نظروا الى سيدنا موسى عليه السلام نظرة عجيبه  ظانين انه سبب ما هم فيه من شقاء ف (  قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) الأعراف /129        يبدو انهم لا يبصرون أم انها حقا  (  لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج46 

           حينها نظر اليهم سيدنا موسى بدهشة شديدة وكأنه لم يطمئن على مستقبلهم فقال لهم (  قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } الأعراف129 ويبدو  أن نبى الله موسى عليه السلام من قرأته لا حداث قومه ودراسته لاخلاقهم  شعر بأنهم لا امان لهم  ولا استقرار على العقيدة لانهم ان قالوا له فى وجهه انه سبب ما هم فيه من أذى وبلاء وهو الذى أرسل اليهم لينقذهم بإذن الله جل وعلا من فرعون وجبروته  فماذا بعد إنتقاله عليه السلام الى جوار ربه سبحانه وتعالى ؟

* عبادة بنوا إسرائيل للعجل

 ومع هذا لم يكن يخطر بباله عليه السلام أن قومه من السفاهة أن  يعبدوا عجلا  لمجرد غيابه عنهم فترة يسيرة من الزمن  اخبرهم عنها قبلها وليس هذا فحسب بل واستخلف موسى عليه السلام فيهم اخيه هارون عليه السلام وهو ايضا نبى من عند الله سبحانه وتعالى  وخاصة انهم لم تجف أقدامهم من البحر ومن اعظم معجزة  بعدما كاد الدم يجمد فى عروقهم لولا رحمة الله جل وعلا بهم وبنبيه موسى عليه السلام  .

 وحين استخلف اخاه هارون قال كما حكى القران الكريم (  وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ }الأعراف142 وكادت المفاجاة ان  تذهل نبى الله موسى عليه السلام حين قال له الحق سبحانه وتعالى  {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى }طه83  فإذا به يجيب بمنتهى الثقة {قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }طه84  الا ان الحق جل وعلا قال له {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ } طه85  ولك أن تتخيل قدر المشكلة وبخاصة حين ترى تصرف نبى الله موسى عليه السلام

 أ:    {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي } طه86  واذا  بهم  يجيبون بمنتهى السذاجة وكأنه ليس لهم من الامر شى أو انهم مغيبون ام انهم لا يحسنون الجدال إلا مع الأنبياء والمصلحين ؟  لانهم عاندوا نبى الله موسى عليه السلام كثيرا 0

 الا انهم حينئذ قالوا{قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ }طه87 فهم انما ارادوا ان يخرجوا من الامر وكأن شيئا لم يحدث  ونسى هؤلاء ان الله جل وعلا {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }طه7

ب :  ألم يحذرهم نبى الله هارون عليه السلام  فلقد اخبرنا القران الكريم بموقف سيدنا هارون عليه السلام فقال جل وعلا{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي }طه90  أم نسى هؤلاء بما اجابوه حينئذ قالوا{قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى }طه91  ثم هم الان يقولون لموسى عليه السلام   (مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا)

    ج :   ولان الله اعلم بهم  امر سيدنا موسى ان يأمرهم بان يقتلوا انفسهم  لانه ليس بعد الشرك ذنب  {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }لقمان13  ثانيا لقد عاين هؤلاء قدرة الله سبحانه وتعالى الذى نجاهم من فرعون ومن البحر  ثم هم يشركون اذن لو تركوا مع هذا الاثم سيصبحون فتنه  ومن ثم فلا بد من عقاب فورى ورادع  وقد كان {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } البقرة54   ففعلوا ما امروا به وفى العهد القديم ذكروا ان الرب جل وعلا امر موسى عليه السلام بقوله(  ضعوا كل واحد سيفه على فخذه  ومروا وارجعوا من باب الى باب  فى المحله  واقتلوا كل واحد اخاه  وكل واحد صاحبه وكل واحد قريبه{ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } هود44

        والعجيب انهم لايتحرجون من ذكر هذا الحدث فى كتبهم بل  "الأدهى والامر " ادعاءهم بأن هارون عليه السلام هو الذى صنع لهم العجل  ولا حول ولا قوة الا بالله  فذكروا فى سفر الخروج ما نصه : ولما راى الشعب ان موسى ابطا فى النزول من الجبل , اجتمع الشعب على هارون  وقالوا له قم اصنع لنا الهه تسير امامنا  لان هذا موسى الرجل الذى اصعدنا من ارض مصر لا نعلم ماذا اصابه  فقال لهم هارون  انزعوا اقراط الذهب التى فى اذان نساؤكم وبنيكم وبناتكم  واتونى بها فنزع كل الشعب  اقراط الذهب التى فى اذانهم واتوا بها الى هارون  فاخذ ذلك من ايديهم وصوره بالازميل  وصنعه عجلا مسبوكا  فقالوا هذه الهتك ياسرائيل التى اخرجتك من ارض مصر  فلما نظر هارون  بنى مذبحا امامه  ونادى هارون فقال غدا عيد للرب.

      .ومع هذا يذكرون شيئا عجيبا ألا وهو حوار دار بين الرب جل وعلا وبين موسى عليه السلام فيقولون ان الرب سبحانه وتعالى قال:والان اتركنى ليحمى غضبى عليهم وافنيهم  .فرد موسى عليه السلام قائلا : لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك  ... وليس هذا فحسب بل زعموا انه عليه السلام قال للرب جل وعلا : ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك .

       ثانيا : كان ينبغى على من بقى من بنى اسرائيل بعد ما اقتتل اصحاب العجل ان يعتبروا باسلافهم  وانه حان الوقت ان يفيقوا مما هم فيه ويعلموا ان الامر جد خطير  فلقد عاينوا بانفسهم ثواب الطاعه وجزاء المعصيه  فالامر لا يحتمل المراوغة  ولكن يبدو ان الطبع دائما يغلب التطبع

 *رفض بنوا إسرائيل دخول الأرض المقدسة

       وظهر ذلك جليا حين اقترب موعد دخول الارض المقدسة التى انتظروها طويلا والتى ما خرجوا من مصر الا اليها   وحتى لا تكون المفاجاة مذهلة امر الرب جل وعلا نبيه موسى عليه السلام ان يرسل رجالا ليتجسسوا المكان الذى سيذهبون اليه وليتهم ما ذهبوا فقد القوا الروع فى قلوب اخوانهم  فذكروا فى العهد القديم :

     ثم كلم الرب موسى  قائلا : ارسل رجالا ليتجسسوا ارض كنعان  التى انا معطيها لبنى اسرائيل , رجلا من كل سبط ... الا انهم حين عادوا الى قومهم اذا بهم يذيعون على مسامعهم المخاوف فقالوا : ذهبنا الى الارض التى ارسلتنا اليها وحقا انها تفيض عسلا ولبنا  وهذا ثمرها غير ان الشعب الساكن في الارض  مفتر والمدن حصينه  عظيمه جدا  وايضا قد راينا بنى عناق  هناك العماقه  ساكنون فى ارض الجنوب

               وليس هذا فحسب بل قالوا :لا نقدر ان نصعد الى الشعب  لانهم اشد منا  فاشاعوا مذمة الارض التى تجسسوها فى بنى اسرائيل  قائلين  الارض التى مررنا بها لنتجسسها هى ارض تاكل سكانها  وجميع الشعب الذى راينا  فيها اناس طوال القامه وقد راينا هناك الجبابرة  بنى عناق  من الجبابرة  فكنا فى اعيننا كالجراد وهكذا كنا فى اعينهم

    وحين سمع القوم هذا الحديث  وامرهم موسى عليه السلام بما امره به ربه سبحانه وتعالى{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ } المائدة21 على الفور {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ }المائدة22

      ومن سفاهتهم قالوا (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }المائدة24  بالله عليك  ما رايك ؟ نسى هؤلاء فى لمح البصر جزاء المعصيه مع ان ما حدث لاخوانهم عبدة العجل ليس ببعيد  فوقعوا بسبب جبنهم وضعفهم فى عدة محظورات منها :-  مخالفة امرا جليلا من اوامر الحق جل وعلا  .

-  تقاعسوا عن الجهاد فى سبيل الله سبحانه وتعالى .      

- مخاطبة نبىالله موسى عليه السلام بشكل غريب .

-  قولهم (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ) فلقد تشبهوا بفرعون حين كان يقول لموسى عليه السلام حين تنزل به وبقومه نازلة  ( ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } الزخرف49

- اصرارهم على  التخلف و النكوص على اعقابهم  رغم انه لم يطلب منهم سوى (ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ)  بدليل أن الرجلين الصالحين الذين اثنى عليهما القران الكريم حين قال جل وعلا{قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }المائدة23

           ومع هذا يبدو ان الدم لم يجمد فى عروقهم فحسب بل فضلوا العودة الى ذل العبودية عند فرعون على دخول الارض المقدسة التى هى مجدهم ومجد ابائهم وابنائهم  ويتشدقون الأن زاعمين انها لهم ,  والحق ان الجبن و الخوف انساهم اوامر ربهم جل وعلا فقالوا (إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا ) المائدة /24

     كما بين العهد القديم ان الرجلين الصالحين  وهما " كالب بن يفته "  " و يوشع بن نون  "  حثا القوم على دخول الارض المقدسة فقال  احدهما " "ولكن كالب انصت الشعب الى موسى  وقال اننا نصعد ونمتلكها  لاننا قادرون عليها

       هنا اصبح سيدنا موسى عليه السلام فى موقف لايحسد عليه  فكثيرا ماوقف بجانبهم , وكثيرا ما تحمل الأذى عنهم وبسببهم وكثيرا ما عفا عنهم  وكثيرا ما دعا ربه سبحانه وتعالى ان يرحمهم  وفى المقابل كثيرا ماخذلوه  وكثيرا ما اذوه وكثيرا ماتسببوا فى غضب الله جل وعلا عليهم   فلم يطق منهم هذا التصرف  لانهم كثيرا ما تمردوا عليه. والأن يدفنوا رؤؤسهم فى الرمال ولم يشاؤ ان يعينوه على الدعوة ولو مرة واحدة  فرفع يديه الى السماء داعيا ربه جل وعلا قائلا كما حكى القران الكريم {قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } المائدة25

         والحقيقة انه لم يكن لهم ماض يذكيهم  كما كان لدى اصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  كان لديهم رصيدا ايمانيا يشفع لهم عند ربهم فكثيرا ما نقرا فى القران الكريم{لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }الأنفال68

    اما هؤلاء فما ان دعا سيدنا موسى عليه السلام ربه سبحانه وتعالى حتى استجاب العلى القدير فقال {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } المائدة26ولكنهم لم يشقوا وحدهم بل حرم نبى الله موسى عليه السلام ايضا من دخول الارض المقدسة بسببهم فقال : وعلى غضب الرب بسببكم

       وفى العهد القديم قالوا  ان الرب جل وعلا قال : وان جميع الرجال الذين راؤ مجدى  واياتى التى عملتها فى مصر  وجربونى الان عشر مرات  ولم يسمعوا لقولى  لن يرواالارض المقدسة  التى حلفت لابائهم  وجميع الذين اهانونى لايرونها  .....ماعدا كالب بن يفته ويوشع بن نون   .فكان الجزاء من جنس العمل  من رضى بامر الله بشره الله سبحانه وتعالى بدخول الارض المقدسة ومن رفض الاوامر واصر على البقاء فى التيه  فهو وما اراد فليبقى فى ما هو فيه وصدق الحق حين قال {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }الإسراء20 ولذا كان عدلا من الحق جل وعلا ان يعطى لكل طالب مسالته .

 *سؤء تصرف بنوا اسرائيل

ثالثا :وبعد انتقال نبى الله موسى عليه السلام الى جوار ربه  وذهب الجيل الأول بلا رجعة وشاء الله سبحانه وتعالى لمن بعدهم بدخول الارض المقدسة  فقال جل وعلا{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }البقرة58

       أراد الله سبحانه وتعالى منهم ان يشكروه جل وعلا علىما من به عليهم فقد حرم الجيل الأول منها ورزقهم الله سبحانه وتعالى اياها بغير حول منهم ولا قوة  فكان ينبغى ان يرفع هؤلاء اكف الضراعة لله رب العالمين شاكرين إياه جل وعلا على هذه النعمة وذلك الفضل ولكن يبدو انه  " من شابه اباه فما ظلم "            فبالأمس القريب رفض ابائهم امر الله سبحانه وتعالى بدخول الارض  واليوم يهزاؤن {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }البقرة59   يذكر العلماء انهم بدلا من ان يقولوا ربنا حط عنا خطايانا وأن يدخلوا الباب ساجدين لله رب العالمين فإذا بهم يدخلون جالسين على استاهم قائلين  حبة حنطه .

       لا حول ولا قوة الا بالله , منتهى الاستهزاء فكان الجزاء هذه المرة اسرع  (  فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ )  والعجيب انهم يذكرون فى العهد القديم اساطير من وحى خيالهم  اوشياطينهم عند دخولهم الارض  فيذكرون انهم ابادوا سكان الارض .   ولقد شهدوا على انفسهم بالإفساد  فى العهد القديم فقالوا : وكل ذلك الجيل ايضا انضم الى ابائه وقام بعدهم جيل اخر لم يعرف الرب

     وليس هذا فحسب بل قالوا : وفعل بنوا اسرائيل الشر فى عينى الرب  وعبدوا البعليم  وتركوا الرب اله ابائهم  الذى اخرجهم من ارض مصر  وساروا وراء الهة اخرى  من الهة الشعوب  الذين حولهم  وسجدوا لها واغاظوا الرب وتركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروت

                       *  صور من فساد بنى إسرائيل فى حق الأنبياء :

    إن الأنبياء من لدن سيدنا ادم عليه السلام والى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يسلموا من لسان بنى اسرائيل ولا من ايديهم  حتى قال لهم الحق جل وعلا (أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87

     فأيما نبى أدركوه إلا ناصبوه العداء وإن تمكنوا من قتله لم يتركوه  حقا ( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } الحج46 ومن لم يدركوا حاولوا جهدهم ان ينالوا من عرضه ومن مكانته لا لشى الا انهم {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } التوبة32

        ويريد الأحبار و الكهنة ان يبينوا لابنائهم انهم افضل من الانبياء  ( قاتلهم الله ) ولذا كان من رحمة الله جل وعلا أن انزل القران الكريم ليصحح به ما افسده هؤلاء الشراذم من سير الصالحين فقال جل وعلا {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } المائدة15

        يا سبحان الله ,  المنطق البشرى العادى يفرض على من لديه اى قدر من الحياء ان لا يجهر  بما وقع فيه من خطا  إلا هؤلاء تشعر إما انهم مغيبون أم انهم قاصدون لما اقدموا عليه وهذا( هو الخسران المبين )لأنهم لم يكتفوا بما فعلوه مع الانبياء من عناد لهم , وكفر بدعوتهم  , وقتل بعضهم  والتربص بالبعض الاخر ,  بل سجلوا ذلك فى كتبهم أيقصدون من هذا التسجيل ان يغرسوا فى نفوس ابنائهم على مر الزمان القسوة والغلظة ؟ فبئس ما ورثوه .

     ومع اننا نحن المسلمين نرفض المبدأ من الاصل  اى نرفض حتى مجرد الجراة على الانبياء , لاننا  (  لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ  ) 285   الا اننى حين رايت النصوص فى العهدين القديم والجديد والتى تخبر بما فعله بنوا اسرائيل  مع الانبياء وما قاموا به من تشويه لسير هؤلاء العظماء   اصابتنى صاعقة لأن الأنبياء هم المصطفون الأخيار الذين صنعهم الله جل وعلا على عينه وفضلهم على العالمين .

      و كما أنك لاترى فضيلة إلا وهم اهلها ,  والدعاة اليها  فهم اهل النبل والكرم ورموز الأخلاق الحميده .أما بنوا اسرائيل لم يتركوا سؤا الا والصقوه بالانبياء  ولا نقيصة  الا واتهموا الانبياء بها  ولذا كان حقا علينا نحن المسلمين ان نتولى الدفاع عن الانبياء  عملا بقول الحق سبحانه (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ) ال عمران /178

        إلاأننا كثيرا ما نقرا فى  القران الكريم عن ايات تخاطب بنى اسرائيل فى كل زمان ومكان  وكأنهم هم الذين قاموا بهذه الافعال رغم ان الذين قاموا بها هلكوا مع الهالكين . فنقرا  على سبيل المثال قول الله سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }البقرة65   وقوله جل وعلا (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) البقرة /61  وقوله تعالى يذكرهم بفضله جل وعلا عليهم {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } البقرة49  فمن يقرا هذه الأيات وامثالها يقول ما ذنب الموجود الان من بنى اسرائيل .

      ولكن بعد ما قرات ما كتبوه وسجلوه فى كتاباتهم من معاملاتهم مع الانبياء .  قلت حقا ينبغى ان يسمع كل جيل من بنى اسرائيل هذه الأيات  الى ان يفيقوا ويصححوا ماأفسده اجدادهم والا فابقائهم على هذه النصوص الفاسدة لاتعنى الا شيئا واحدا الا وهو رضاهم بما كتب فيها  فكأن رضاهم اشركهم فى الوزر .

        فعلى سبيل المثال  لو رضى أحدنا بما فعله أبوجهل  واقرانه مع المعصوم صلى الله عليه وسلم وشرح بذلك صدرا  فأقل ما يقال فيه انه فاسق لأنه رضى بما قام به الفساق من ايذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم  ,

       أما من غضب لله وللرسول وتمنى ان كان هناك وقتها وانه دافع عن رسول الله بروحه وبكل ما يملك لا شك انه افضل بكثير من الاخر  لانه من المحال ان يستوى  من غضب لله ومن رضى بالاذى لله ولرسوله  لان الحق سبحانه وتعالى فرق بين من هاجر الى المدينه قبل فتح مكه وبين من ذهب اليها بعد الفتح  .

   فقال جل وعلا  { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }  الحديد10 فما بالك بمن يرضى عن ما يسخط الله ورسوله  ومن يرضى عن ما يرضى الله جل وعلا   ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } هود24

           ومن ثم فإن أبقى بنوا اسرائيل عن ما هو موجود فى كتبهم فى حق الانبياء  سيجلب عليهم الوبال  فى الدنيا والاخرة  ففى الدنيا مقت الله وسخطه عليهم وفى الاخرة عذاب عظيم  لان الله جل وعلا إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُو) الحج /38         فما بالك بانبيائه  ومبلغى رسالاته لا شك انهم اولى بالرعاية  والحفظ  لقوله تعالى {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }   غافر51) ولكن وقتها   ( سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }الشعراء227

وكما تعودنا ان لا نرسل التهم جزافا  فرايت ان اسرد بعضا مما قالوه وسجلوه فى كتاباتهم عن الانبياء من باب : من فمك ادينك .كما اننى لن اتحدث عن الانبياء الذين ذكروهم ولم يرد ذكرهم فى القران الكريم  حتى لايقال اننا نجادل فيما ليس لنا به علم ولذا من الحكمة ان استعرض جانبا من حياة الانبياء الذين تحدثوا عنهم وتناول القران الكريم سيرتهم العطرة  لنرى الفارق الشاسع بين  ما هو من عند الله وبين ما هو من وحى إبليس .

 

 

 

                      {    والأنبياء الذين سنتحدث عنهم هم   }    

  1-آدم عليه السلام          2-إبراهيم عليه السلام            3- يحي عليه السلام                    4  -  عيسى عليه السلام                                       5-محمد صلى الله عليه وسلم

 ولقد اخترت هؤلاء الأنبياء العظماء  لان ما حدث معهم من بنى اسرائيل  يشكل باختصار ما فعلوه مع جميع الانبياء  كما اننا وهم نشترك فيهم  ف  "أدم عليه السلام  " أبو البشر لا يختلف عليه اثنان " وايراهيم عليه السلام  " أبينا وابيهم فهو عليه السلام ابو نبى الله إسماعيل ونبى الله اسحاق وجد نبى الله يعقوب المعروف  بإسرائيل .

      "ويحيى عليه السلام  " رمزا مجسدا لقتلهم الانبياء  "وعيسى عليه السلام" هو محور الإختلاف فهم يزعمون انه ابن الله وانهم قتلوه وصلبوه ونحن نشهد ان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه كما نشهد انهم ما قتلوه وماصلبوه

     أما المعصوم صلى الله عليه وسلم فلا تحلو المجالس الا بذكره ولا تطيب الكتابة الا بالحديث عنه فنحن انما نطيب كتابنا بما يجود الله جل وعلا علينا من تسجيل قطرات من فيض المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم  ولنعلنها على الملأ  انه صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة وانه خاتم الانبياء والمرسلين وانه جاء بالقران الكريم ليصحح به ما افسده هؤلاء الشراذم . 

      وهذا ما جعلهم يناصبوه صلى الله عليه وسلم وامته العداء اذ لوان الله جل وعلا لم يقدر إرسال محمد صلى الله عليه وسلم ولا القران الكريم لظل الناس فى ظلمات  بعضها فوق بعض  وهذا ما يريده اليهود واعوانهم من النصارى  فبعضهم اولياء بعض  يامرون بالمنكر وينهون عن المعروف   ومن ثم حين جاءهم النور المبين والذى ذاب وزال معه كل ظلام  لم يجد هؤلاء مخبا او مغارات او مدخلا يولون اليه .

           فقد ظهرت الحقيقة وعلم الناس انهم كانوا فى غرور  وانهم كثيرا ما خدعوا وهم يسيرون فى ركاب بنى اسرائيل ظانين انهم اصحاب الكتاب الاول الا انهم (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ)  المائدة /64  يوم ان امتدت لتنال من قدر ومكانة العظماء .

       فأنزل الحق سبحانه وتعالى القران الكريم وبين فيه سير الانبياء ناصعة كا لشمس وابقى لبنى اسرائيل ما يسؤءهم  فوق ما ينتظرهم من العذاب الاليم {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }التوبة77) كما انهم حين اخذ عليهم ميثاق الكتاب ان يبينوه للناس نبذوه وراء ظهورهم ليشتروا به ثمنا قليلا  .

         {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران/187  فقد خسروا الدنيا والاخرة  وصدق فيهم قول ربنا جل وعلا .  {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } المائدة13

                       (( قصص الأنبياء الكرام بين القران والعهد القديم ))

     1-  سيدنا آدم عليه السلام :

     لقد اكرم القران الكريم سيدنا ادم ايما تكريم واعاد اليه حقه كأبى البشر {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة  30   

     والوحيد الذى امر الحق سبحان وتعالى الملائكة بالسجود له  فقال جل وعلا {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } الحجر29 وأول من علمه الله جل وعلا الاسماء كلها فقال سبحانه وتعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة31 وأول من اسكنه الله جل وعلا الجنة فقال سبحانه وتعالى {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  )  وأول من اخضعه الحق سبحانه وتعالى للتجربة  فقال جل وعلا (وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ }البقرة35  ) 

       فبه علمنا إلى من نلجأ إن خدعنا الشيطان وعلمنا إنه من الأفضل  العودة الى الرحمن بدلا من التمادى فى الباطل وعلمنا أن لنا ربا رحيما يقبل العبد ان تاب اليه  وعلمنا ان الانسان وإن حاولت الدنيا ان تضره  ثم لجأ الى الله  فلن يضره باذن الله شى

       وعلمه ربه سبحانه وتعالى كيف يتوب إن اخطأ  فاستغفر ربه وطلب منه المغفرة  فكانت رحمة لنا الى يوم الدين وإلا لو استكبر آدم ولم يعترف بذنبه ولم يرجو من الله العفو لكنا من الهالكين .اذ انه عليه السلام  ما إن أخطا حتى اعترف بذنبه على الفور قائلا {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الأعراف23

   وزاد هذا الموقف يقيننا بأن الله جل وعلا صدق حين قال سبحانه وتعالى  (  وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ  ) الأعراف /156  وفى الحديث ( لله افرح بتوبة عبده من احدكم وقع على راحلته ووقد اضلها فى فلاة فقال من شدة الفرح  اللهم انت عبدى وانا ربك )[111] 

 كما تعلمنا  من قصة سيدنا ادم عليه السلام إن وعد الله جل وعلا لايتخلف  فرغم أن آدم عليه السلام  اسكنه الحق جل وعلا الجنة  ويسر له المقام فيها وحذره من عدوه وبين له  أن العاقبة كئود إن خالف اوامر ربه {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى } طه118 {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى }   طه119   

    وليس هذا فحسب بل بين له الحق سبحانه وتعالى أنه إن أهبط الى الارض فانه كرجل سيكون هو المتحمل للمعاناة ولمشقة الحياة  فقال سبحانه وتعالى {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }طه117  ومع هذا  {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }  طه 115  ليحدث ما اخبر به الحق سبحانه وتعالى  الا وهو  ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)  ونستفيد من هذا ان علم الله جل وعلا علما ازليا  وانه لا يحدث فى كون الله إلا ما  أراده الله سبحانه وتعالى  فى الوقت الذى لا يجبر فيه الانسان على فعل شى بل انه يصل بنفسه الى ما كتبه الله جل وعلا  دون ارغامه على شى  والا فهل ارغم الحق سبحانه وتعالى ادم عليه السلام ان ياكل من الشجرة وان يعصيه حتى  يهبطه الى الارض رغم انفه  أم أان أدم عليه السلام هو الذى وصل باعماله الى مراد الله جل وعلا ؟

           فسبحان الله الذى لا يعجزه شى فى الارض ولا فى السماء  وليصمت من يدعون ان الإنسان مجبر على المعصيه  وانه لا ذنب عليه إن أخطا فكل شى مقدر . نعم كل شى مقدر بعلم الله سبحانه وتعالى ولكن يصل اليه الانسان بإرادته دون  اجباره على فعل شى والا لكان من الاولى ان يجبر الحق سبحانه وتعالى خلقه جميعا على الإيمان به  وان يقضى على الفور على اى انسان تسول له نفسه الجراة على الله سبحانه وتعالى           وهذا ليس بحاجة الى دليل  فنحن نحيا فى عالم به المليارات من البشر  وجميعهم يعيشون برحمة الله جل وعلا  ومن نعيمه سبحانه وتعالى وتحت سمائه وفوق ارضه ويسر لهم سبل العيش بامان ومع هذا  لا يشهد لله بالوحدانية الا امة محمد صلى الله عليه وسلم  فلو ان الامر إجبار لأرغم الحق سبحانه وتعالى الخلق اجمعين على الايمان به وحده جل وعلا وقالها الحق سبحانه وتعالى {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }   الشعراء4         

 كما تعلمنا من قصة ادم عليه السلام ان الشيطان حقا ( للانسان عدو مبين ) فلم يترك إبليس  ادم عليه السلام  ولا حواء حتى اوقعهم فيما يغضب الله جل وعلا  فحين فشلت كل محاولاته فى اغوائهما  حلف لهما بالله سبحانه وتعالى لانه  يعلم انهما يقدسان الله جل وعلا وانه لن يقسم احد بالله كذبا {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ }الأعراف21

       وناخذ من هذا الموقف امرين غاية فى الخطورة :

          اولهما  :  ان نسمع ونطيع اوامر الحق سبحانه وتعالى  وان نثق بها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14 فمادام الحق جل وعلا اخبر بان هذا ( عدو لك ولزوجك ) كان ينبغى فهم هذا الامر على انه ليس مجرد تخويف  بل  حقيقة  وشاء الله سبحانه وتعالى ان يمر ادم عليه السلام  بهذه المراحل دون إرغام من الله جل وعلا له على شى ليكون لنا فيه العبرة والعظه .

          وثانيهما : انه  لا ينبغى علينا ان نجرب الله سبحانه وتعالى   فإن اخبر عن شى على الفور يجب القول ( سمعنا واطعنا )  كما ينبغى لنا ان لانثق فيمن حذرنا الحق سبحانه وتعالى منهم او من الاقتراب منهم لان الراعى يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه  وان العدو مهما تزين لك فهو فى نهاية الامر عدو انما يريد لك الهلاك {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ }المائدة91

           وقياسا على ذلك ينبغى على امتنا الحبيبة  ان  لا تسير فى ركب ابناء القردة والخنازير لأن ( بعضهم اولياء بعض )  وقال سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51  ومن ثم ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63

                ولأن الحق سبحانه وتعالى قال (وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }النساء28 فهو جل وعلا  اخذ على نفسه عهدا إن اذنب  الانسان او ارتكب خطا  وعاد اليه سبحانه وتعالى ان يقبله على الفور  فقال جل وعلا {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة268

     كما تعلمنا من قصة آدم عليه السلام ان حواء عليها السلام مشتركة فى الامر سواء بسواء كما انها وادم عليهما السلام وقعا فى المحظور معا  وليس كما يقال انها هى التى اغوت ادم وتسببت فى خروجه من الجنه فلقد ذكر القران الكريم فى سياق هذه القصة انهما مشتركين فى كل خطوة  ومن ذلك قول الحق سبحانه وتعالى (فكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) إذن الامر هنا فى شدة الوضوح انه لهما دون تفريق .

      كما بين القران الكريم أن اغواء إبليس لهما كان معا فقال سبحانه وتعالى(  فأزلهما الشيطان ) وقال سبحانه ( فدلاهما بغرور )  وقال سبحانه وتعالى ايضا فى هذا الصدد  ان ابليس قال لهما {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } الأعراف20  ولما كاد إبليس أن ييأس  تذكر انهما لن يقعا فيما يريد الا اذا دخل لهما فى ثياب الحملان فبين الحق جل وعلا مافعله فقال سبحانه وتعالى  {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) وليس هذا فحسب بل بين القران الكريم انهما اخطأ سويا فقال سبحانه وتعالى (  فاكلا منها  ) وقال جل وعلا ايضا ( فلما ذاقا الشجرة ) إذن هما تناولا من الشجرة معا  وتعرضا للجزاء معا فى نفس اللحظة {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ } الأعراف22

         وإلا لو اكل أحدهما قبل الاخر لظهرت عليه اعراض المعصية على الفور و لتنبه الاخر , فوقوع واحد اهون من وقوع الاثنين وطلب المغفرة لواحد ايسر , ولكن قول الحق سبحانه ( فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سؤاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) يدل على انهما مشتركين فى كل خطوة لا كما يدعى الاخرون ان المراة هى سبب كل الشرور

         ما سبق كان إطلالة سريعة على قصة سيدنا ادم عليه السلام من وجهة نظر الاسلام وراينا كيف تناول القران الكريم القصة باسلوب يسير واضح دون التواء اوتضليل  كما ان الحق سبحانه وتعالى بين الامور دون اخفاء شى بل وصدق سبحانه وتعاى حين قال {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }  القمر40

        فلم يتحامل القران الكريم على ادم عليه السلام ولا على السيدة حواء فهما فى نهاية الامر بشر  يخطئان ويصيبان وليسا معصومين من الخطا  ثم انهما تابا الى الله جل وعلا  وهذا من التوجيهات التى ارادها الحق سبحانه وتعالى من قصة ادم عليه السلام {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة37

          وحتى تتعرف على سماحة القران الكريم وصدق كلماته والتى يقبلها العقل والمنطق بسهولة ويسر  اعرض لك عزيزى القارى ما ذكره العهد القديم بخصوص ادم عليه السلام وزوجته لنرى ( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً)

ا– نعم ذكر العهد القديم ان الله سبحانه وتعالى خلق ادم عليه السلام من تراب  فقالوا : وجعل الرب الاله ادم ترابامن الارض ونفخ فى انفه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية الا انهم قالوا ان الرب جل وعلا صور ادم على صورته جل وعلا فقالوا : فخلق الله الانسان على صورته وان قيل وماذا فيها ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك (ان الله خلق ادم على صورته )

         نقول نعم ولكن ليس بالمعنى الذى يقصده بنوا اسرائيل  فالرسول صلى الله عليه وسلم انما يعنى ان الله سبحانه وتعالى انما خلق ادم عليه السلام على صورته البشريه التى نعرفها  فالمقصود هنا هو ادم وبشريته وليس الحق جل وعلا ,لاننا والرسول صلى الله عليه وسلم امامنا نشهد بان الله جل وعلا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } الشورى /11 

           أما بنوا اسرائيل انما يقصدون المعنى الحرفى للفظ اى ان الله سبحانه وتعالى انما خلق ادم على صورته هو جل وعلا فقالو :وقال الله : نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا  .واكدوا ذلك بقولهم : فخلق الله الانسان على صورته  على صورة الله خلقه .

ب– لم يذكروا شيئا عن امر الله جل وعلا للملائكة بالسجود لادم , ولم يتطرقوا الى ذكر معصية ابليس  لله سبحانه وتعالى  هل لانهم لايريدون ان يذكروا ابليس بسوء  ويريدون ان يحملوا ادم مسئولية المعصية وحده وان ابليس برئ من التهم التى نذكرها عنه ؟ ام انهم تجاهلوا ذلك لحاجة فى انفسهم؟ نعرفها بعد قليل ان شاء الله ..

ج-  ذكروا بان الله سبحانه وتعالى  : خلق جنة فى عدن شرقا  ووضع هناك ادم الذى خلقه .. وماذا فى ذلك ؟ لاشى غير انهم قالوا ان سبب سكنى ادم للجنه ليس للتجربة والاعداد كما بين القران الكريم انما قالو ان الله جل وعلا انما وضع ادم عليه السلام فى الجنة لسبب اخر فقالوا ( واخذ الرب الاله ادم ووضعه فى جنة عدن ليعملها ويحفظها 

د-  ذكر بنوا اسرائيل نوع الشجرة التى حذر الحق سبحانه وتعالى ادم عليه السلام من الاقتراب منها فقالوا : واوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا  اما شجرة معرفة الخير والشر  فلا تاكل منها  لانك يوم تاكل منها موتا تموت .. وهنا اكثر من غاية فى الغرابة  منها : ماذا يفيد تحديد نوع الشجرة  ؟

       فى الحقيقة بالنسبة لنا نحن المسلمين لاشى لاننا تعودنا مع القران الكريم ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ,  و هذا نراه واضحا فى العديد من ايات القران الكريم اذ انه يركز على الحدث والفائدة المرجوة منه دون ذكر من نزلت فيه الايه لتظل بركة الاية  او وعيدها الى يوم الدين وحتى لا يظن احد انما هى كانت لشخص وانتهى الامر . فمثلا حين يقول القران الكريم{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ } البقرة207  مع ان معظم التفاسير ذكرت انها نزلت فى سيدنا " صهيب " رضى الله عنه  الذى ترك جميع ماله لقريش على ان يخلو بينه وبين الهجرة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المدينه .

 إلا ان القران الكريم ذكرها دون ذكر اسم من نزلت فيه لتظل هذه الاية الكريمه تؤدى دورها مع كل من يقتدى به رضى الله عنه ويهاجر الى الله ورسوله وان كلفه ذلك التضحية بكل ما يملك لايمانهم بانه (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } النور32 وقد كان  فاصبح صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد قادة وحكاما .

النقطة الثانية فى هذا النص هو ادعائهم قول الرب جل وعلا لادم : لاتاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت . وهل الرب سبحانه وتعالى فى حاجة لمثل هذا ؟ فماذا لو اكل ادم من الشجرة ولم يمت ؟  ما هو مقف الرب حينئذ ؟ أيقول انما كنت اهدده فحسب ؟

      من المستحيل : لأن بنوا إسرائيل قد لا يعلمون ما نعلم نحن المسلمين بأن الحق سبحانه وتعالى قال  {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }ق29  وقال جل وعلا {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }الأنعام115 فلو ان الحق سبحانه وتعالى قال لادم  انك يوم تأكل منها موتا تموت  ثم اكل من الشجرة لمات من فوره . ولكنهم بنوا اسرائيل   فقد ذكروا ذلك لحاجة فى انفسهم ألا وهى انهم انما يريدون ان يخططوا لمشكلة اكبر من ذلك الا وهى  :ان يشرك العديد من بنى البشر بالله سبحانه وتعالى ولكن كيف ذلك  ؟

       فقد زعموا ان بوقوع ادم فى المعصية انه مات موتا روحيا وان لم يمت جسدا ومن ثم فاصبحت ذريته ومن جاء من نسله فى حكم الميت بل وفى العذاب المقيم ولذا اصبحت البشرية فى حاجة ماسة الى من يخلصهم من الموت ومن العذاب  ومن يقدر على ذلك ؟  فاختلقوا مشكلة اخرى الا وهى  زعمهم ان الله سبحانه وتعالى له ولد  {وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } البقرة116 والحق (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } الصافات152 لانه  {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ }المؤمنون91  

      لكنهم زعموا ذلك ليعرضوا هذا الابن الى الصلب والذبح فيكون هو الذبيحة الكبرى والتى ضحى بها الرب رغم انفة ليغفر لبنى البشر  فقالوا :من اجل ذلك كانما بانسان واحد دخلت الخطيئه الى العالم  وبالخطيئه الموت  وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس , قد ملك الموت من ادم الى موسى  لانه كما بمعصية الواحد صار الكثيرون خطاة  هكذا ايضا باطاعة الواحد  سيجعل الكثيرون ابرار        وقالو ايضا : ان المسيح بعدما اقيم من الاموات  لا يموت ايضا  لايسود عليه الموت بعد  لان الموت الذى ماته  قد ماته للخطيئه مرة واحدة . ولا حول ولا قوة الا بالله . رغم انهم يذكرون فى العهد القديم بانه لا يؤخذ الابناء باى ذنب يرتكبه الاباء

          فقالوا :لايقتل الاباء عن الاولاد  ولايقتل الاولاد عن الاباء  كل انسان بخطيئته يقتل ... وهذا ما يؤكده القران الكريم اذ يقول الحق سبحانه وتعالى  {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } النجم38  فماذا إذن ؟ فهم انما يناقضون انفسهم بل و (يبغونها عوجا )

ه– زعموا ان حواء لم تثق فى تهديد الرب فارادت ان تستوثق من الامر فسالت الحيه والتى فى زعمهم اذكى جميع الحيوانات فقالوا : وكانت الحية احيل جميع الحيوانات  فلما اخبرتها حواء بما امرهما به الرب  وهو انهما لايكلان من الشجرة لئلا يموتا    قالت الحية : لن تموتا  بل الله عالم انكما يوم تاكلان منها  تتفتح اعينكما وتصبحان كالله عارفين الخير والشر ..

    لقد اظهروا بغبائهم ان الله جل وعلا ( حاشاه ) مخادع  لانه بهذا لم يخبرهما بالحقيقة  فربما لو اخبرهما لما وقعا فى المعصية .  ثم من اعلم الحيه بذلك هل لان بيدها الموت والحياة , ام ان الله جل وعلا اطلعها على الغيب ,  ام انها من الذكاء حتى استطاعت ان تصل بفطنتها الى ما سكت عنه الرب جل وعلا , ام انهم بنوا  اسرائيل الذين يرغبون ان يبينوا لابنائهم بان لايثقوا كثيرا فيما يخبر به الرب وان لا يثقوا الا فى أحبارهم ورهبانهم  ؟  {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } التوبة30    ومن ثم فمادام ليس هناك موت وان الامر خدعه وان الرب هوالذى لا يريد لهما الخير فماذا لو أكلا  ؟

و– زعم بنوا اسرائيل بأن حواء كما سارعت وسألت الحية واكتشفت الامر  , هى التى بادرت واكلت من الشجرة واعطت زوجها ادم عليه السلام : اى هى التى اضرت بالبشر فتسببت فى اخراجهم من الجنة .

      فقالوا :فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيون  وان الشجرة شهية المنظر  فاخذت من ثمرها  واكلت  وقلنا من قبل بان هذا من المستحيل لانه لوكان كذلك لظهرت اثار المعصية على الفور  عليها ولنجا ادم عليه السلام  من هذه الكارثة وكان من الايسر ان يستغفر لزوجته  إنما اراد بنوا اسرئيل ان يبينوا للناس بأن المراة هى اساس كل الشرور ..

      ز-  زعم بنوا اسرئيل  ان الرب سبحانه اصبح ( حاشاه ) فى قلق وحيرة وبخاصة بعدما اكل ادم وحواء من شجرة الخير والشر فقالوا : وفال الرب الاله هو ذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر وماذ اذن  ؟ فشرع الرب يفكر فى الخلاص من هذا الامر لانه اصبح يخشى  ان يتجول ادم فى الجنة  ويرى شجرة الحياة  فيكل منها ويصبح من الخالدين

          وبالطبع سينجب آدم ذرية والولد يشبه اباه اذن ستكون الذرية كلها عارفة الخير والشر مثل الله سبحانه وتعالى كما يزعمون بل واضف الى ذلك انهم اصبحوا من الخالدين  ولذا ظن بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا راى انه من الايسر التخلص من ادم وحواء  قبل ان يتفاقم الامر ويصبح من الخطورة بمكان .

         فقالوا فى العهد القديم ما يدل على قلق الرب  وسرعة اتخاذ القرار واسبابه : هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر   ولعله يمد يده الان وياكل من شجرة الحياة  وياكل منها فيحيا الى الابد   فاخرج الرب الاله ادم من الجنة ليعمل الارض التى اخذ منها والعجيب انهم اكدوا حرص الرب على الا يقرب احد من شجرة الحياة  حتى بعد نزول ادم الى الارض  فقالوا ان الرب : اقام لهيب سيف متقلب فى طريق شجرة الحياة ليحرسها من من ؟ لاندرى وقد اهبط ادم الى الارض اذن فى راى بنى اسرائيل ان الرب جل وعلا لم يهبط ادم الى الارض  لانه جل وعلا انما خلق ادم عليه السلام  لها حين قال سبحانه وتعالى  ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة /30  وإنما فى علمهم  هى مسالة خوف من ان يتفاقم امر ادم فى الجنة  بدليل انهم لم يكتفوا بذلك بل اصروا على ان الله جل وعلا لم يغفر لادم ولا لزوجته  وظل ادم وذريته يرزخون تحت نير الذنب احقابا عديده مما جعلهم يختلقون قضية اخرى اوقعت العديد من بنى البشر فى الضلال والشرك ولا حول ولا قوة الا بالله  الا وهى زعمهم ان المسيح عيسى بن مريم هو ابن الله (حاشاه )  تدرى لماذا  ؟

           فى زعمهم لا لشئ سوى ليقربه الرب قربانا لنفسه ليغغر بهذا الفعل الشنيع لادم وذريته  { إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }هود72  لانه اما كان من الاولى ان يهلك الرب سبحانه وتعالى ادم عليه السلام وزوجته ثم ينشى خلقا اخر {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ } إبراهيم20  بدلا من ان يظل الرب هذه الأماد الطويله يفكر كيف يغفر لادم وذريته .

         وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82 ولقد راينا بعض ما زعمه بنوا إسرائيل فى شان ادم عليه السلام وكيف ضلوا عن سواء السبيل  وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً } الكهف51

            فالحمد لله الذى هدانا لدينه القويم ولقرانه الكريم  والذى من علينا بخير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم الذى لم يألوا جهدا فى تبليغ الرسالة واضحة ليلها كنهارها  وربى أصحابا بذلوا الغالى والنفيس حتى وصلت الرسالة الينا كما ارادها الحق سبحانه وتعالى  والحمد لله الذى هيأ لامتنا اهل رشد وصلاح حفظوا للانبياء حرمتهم فلم يخوضوا فى اعراضهم ولم يتجاوزوا ما اخبر به الحق سبحانه وتعالى لانهم دائما وابدا يقولون (لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة109 بخلاف بنى اسرائيل الذين ظنوا (أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ }فصلت22 ولقد اخبرهم الله جل وعلا بعاقبة هذا التفكير السئ فقال جل وعلا {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ ْ}فصلت  23

2-  سيدنا إبراهيم عليه السلام

    كما اختلق بنوا اسرائيل اساطير حول قصة سيدنا ادم عليه السلام فكذلك لم يألوا جهدا فى تشويه تاريخ ابى الانبياء ابراهيم عليه السلام فبذلوا ما استطاعوا من جهد لتغير المعالم الرئيسية فى حياته حقدا من عند انفسهم  وما هذا الا ليصرفوا الناس عن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم .

        ولكن سيقول قائل ما علاقة بنى اسرائيل بنبى الله ابراهيم ونبى الله محمد صلى الله عليه وسلم  ؟ نقول ان العلاقة واضحة للعيان  فنبى الله ابراهيم هو الجد الأعلى لنبى الله محمد صلى الله عليه وسلم والذى حاول بنوا اسرائيل وبكل ما اوتوا من مكر ودهاء ان يغيروا فى التوراة

     وفى الأناجيل رغبة منهم فى ان يثبتوا لابنائهم بانه ليس لمحمد صلى الله عليه وسلم وجود من بعيد او من قريب فى كتبهم  ولكن شاء الله سبحانه وتعالى ان يسجل ما فعلوه  ( ليذوقوا وبال امره ) وابقى لهم الحق سبحانه وتعال ما يسؤؤهم  {وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ }  يونس82

         ولذا سنركز فى قصة سيدنا ابراهيم على النقاط التى اختلقوها وتسببت فى هذا الخلط الذى بسببه ضل ابنائهم عن الصراط المستقيم  ومنها :

           زعمهم ان نبى الله ابراهيم رضى عن تعذيب السيدة سارة للسيدة هاجر  ولم يحرك ساكنا مما غرس فى نفوس ابنائهم احتقار السيدة هاجر او من ياتى من نسلها   فقالوا :فقالت سارى لابرام ظلمى عليك  يقضى الرب بينى وبينك انا دفعت اليك جاريتى فلما رات انها حبلت صغرت فى عينيها فقال ابرام لسارى هوذا جاريتك فافعلى بها ما يحسن فى عينيك [112].

            من الطبع ان هذا الكلام  هراء  لانه من المستحيل ان يتصرف ال بيت نبى الله ابراهيم عليه السلام بهذه الطريقة  لان ابراهيم عليه السلام اخبر الحق جل وعلا عنه  بقوله سبحانه {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120 {شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }النحل121

     فالرجل الذى تجمعت فيه اخلاق امة من الكرم والمرؤءة والشهامة والشجاعة والوفاء والاحسان الى اخر هذه الاخلاق الكريمة والتى استطاع ان يتحدى قومه بها بمفرده أيقف مكتوف الايدى امام تعذيب إحدى زوجاته للاخرى ؟

           كما ان ما يزعمونه لا يليق بالسيدة سارة  فهى زوجة نبى وام نبى وجدة انبياء  وهولاء هم اهل واصل الاخلاق الحميدة فى كل زمان  ناهيك  ان السيدة هاجر حملت بجنين طال انتظاره من كليهما  من السيدة سارة ومن نبى الله ابراهيم  ليحمل معه امانة الدعوة لله رب العالمين  فكيف حين يمنّ الحق سبحانه وتعالى عليهم به تدب بذور الخلاف  ؟ فهذا لم يحدث الا فى عقول بنى اسرائيل المريضة بدليل ان الحق جل وعلا كافأ السيدة سارة ب (غلام عليم ) رغم انها كانت ( عجوز عقيم )

           فإن دل ذلك فانما يدل على ان الجزاء من جنس العمل فكما احسنت الى نبى الله ابراهيم ولم تمنعه من الزواج بغيرها وصبرت وهى انثى على العقم بل ورات ان جاريتها رزقت بمولود وعاملتهما افضل معماملة  لان هذا من شيم الأبرار وهل هناك من هو أبر من بيوت الانبياء؟ ومن ثم منّ الحق سبحانه وتعالى عليها بنبى الله اسحاق  ولذا قال نبى الله ابراهيم ({الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء } إبراهيم39       

  أما بنوا إسرائيل بما لديهم من خبث وحقد نسجوا من خيالهم قصة عجيبه الا وهى ان السيدة سارة اصرت على طرد السيدة هاجر فزعموا انها قالت لنبى الله ابراهيم : اطرد الجارية وابنها  لانه لايرث ابن الجارية مع ابنى اسحاق )    ونسى هولاء أن الفترة التى هاجرت فيها السيدة هاجر الى مكة بنبى الله اسماعيل كان لايزال رضيعا بينما لم ترزق السيدة سارة بنبى الله اسحاق الا بعده بفترة . فكيف اذن ؟

     كما انه غاب عن عقول هولاء ان الحق سبحانه وتعالى انما اراد ان تنشا امة اخرى الا وهى امة محمد صلى الله عليه وسلم بعيدا عن بيئة بنى اسرائيل وعن اراهم ومعتقداتهم فلم يكن هناك مكان افضل من المكان الذى يضم بين جنباته بيت الله الحرام {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ } آل عمران96

             وحتى لايكون لأحد فضل على امة محمد صلى الله عليه وسلم سوى الله سبحانه وتعالى  تولى الله جل وعلا رعايتها وهى لاتزال فى صلب الرجال  فمن اجرى الماء للسيدة هاجر وابنها نبى الله اسماعيل  الا الله العلى القدير .. ومن الذى اطعمهم من جوع وامنهم من خوف غير الله العزيز العليم  ومن ساق اليهم البشر من " جرهم "  ومن غيرهم ليأنسوا بهم الا الله الحكيم الخبير   ولو ظللنا نعدد الفضائل التى من الله سبحانه وتعالى بها على امة محمد صلى الله عليه وسلم ما استطعنا الى ذلك سبيلا .

          وإنما أردنا بذلك ان نخبر بنى إسرائيل ان هجرة السيدة هاجر الى مكة كانت بناء على امر الله سبحانه وتعالى ولا دخل لأحد فيها وانما كان ابراهييم عليه السلام مجرد منفذ لاوامر الله سبحانه وتعالى  ولذا حين رات السيدة هاجر زوجها ابراهيم يضعهم فى مكان لا انيس فيه ولا جليس وتركهما وانصرف قالت : يابراهيم االله امرك بهذا ؟ قال نعم , قالت بكل ثقة : اذن لن يضيعنا الله ابدا [113]

       وقد كان والحمد لله رب العالمين .ثم لم يكتف بنوا اسرائيل بما غرسوه فى نفوس ابنائهم زورا وبهتانا انهم ابناء الحرة ونحن ابناء الجارية كما اخبرهم بهذا بولس فى رسالته الى اهل رومية فقال : اذن ياسادة نحن اولاد الحره ولسنا اولاد الجارية [114].. وما هذا الا ليضلواعن سواء السبيل  .

            وانما عمدوا الى الحقائق الثابته والتى لا تقبل الجدال وغيروها وسبحان الله العليم الحكيم الذى ابقى لهم مايكشف زيفهم ومن كتبهم فقالو عن مسالة الذبح  اى الرؤيا التى راها نبى الله ابراهيم ان يذبح ابنه نبى الله اسماعيل زعموا انها لنبى الله اسحاق  رغم انها لا تصلح الا مع نبى الله اسماعيل  فقالوا ان الرب جل وعلا قال فى العهد القديم لنبى الله ابراهيم

                : لانك لم تمسك ابنك وحيدك  اسحاق اباركك مباركة  واكثر نسلك .. مع انهم ذكروا انه فى هذه الاثناء لم يكن لنبى الله اسحاق وجود  لانه حين فرض عليهم الختان  قالوا ( ذلك اليوم ختن ابراهيم واسماعيل ابنه )

      ولم يذكر نبى الله اسحاق  وانما ارادوا بكل هذا التضليل ان يصرفوا ابناءهم عن النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم ( صرف الله قلوبهم ) لانه {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ }الأنفال23

     ألا بعدا لبنى إسرائيل كما بعدت ثمود .كما أنهم أظهروا سيدنا ابراهيم بصورة غريبة حين تنزل به نازلة  فزعموا مرتين فى العهد القديم ان نبى الله ابراهيم حين حدث جوع فى الأرض اخذ زوجته سارة وذهب بها الى مصر تارة والى ابيمالك تارة اخرى  وان اكان هذا ليس بسبب  فالهجرة محمودة ولكن الذى نقصده هنا هو طريقة تعبيرهم عن الحدث  فبينوا ان نبى الله ابراهيم انما يريد لحياة باى ثمن  فقالوا فيكون اذا راك المصريون  انهم يقولون هذه امراته  فيقتلوننى ويستبقونك  قولى انك اختى  ليكون لى خير بسببك وتحيا نفسى من اجلك          

  ونسى هؤلاء ان هذا هو دابهم  فقال عنهم الحق سبحانه {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } لكن الله سبحانه وتعالى طمأنهم وبشرهم  فالجزاء من جنس العمل فقال جل وعلا  { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } لماذا ؟

      لأن الله سبحانه وتعالى (وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }البقرة96 ولقد نبه سيدنا عيسى عليه السلام على انهم خالفوا  ملة إبراهيم عليه السلام فقال : لوكنتم ابناء ابراهيم لكنتم تعملون اعمال ابراهيم     ولكنهم من سفاهتهم بدلا من خجلهم وإعادة  النظر فيما يفعلون إذا بهم يسبون نبى الله عيسى عليه السلام فى نفسه وفى امه البتول الطاهرة  فقالوا قاتلهم الله : نحن ابناء ابراهيم ولكننا لم نولد من زنا .. ( لعنوا بما قالو )

       ثم انهم عمدوا الى كل مااوصت به التوراة وغيروه  فحين امروا بالختان :هذا هو عهدى الذى تحفظونه بينى وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر   جاءهم من زعم ان لا ختان  الا وهو بولس فقال:فان الختان ينفع ان عملت بالناموس ولكن ان كنت متعديا الناموس  فقد صار ختانك غرلا.........[115]. وحين امروا بتعظيم السبت والا يعملوا : فتحفظون السبت لانه مقدس لكم  من دنسه يقتل قتلا..[116] اتنهكوا حرمته  فى ذلك الوقت ذهب يسوع فى السبت بين الزروع فجاع تلاميذه وابتداوا يقطفون سنابل وياكلون .......[117].

   3  -نبى الله يحي عليه السلام

      نقرا فى القران الكريم العديد من الأيات و التى تخبر عن قتل بنى اسرائيل للانبياء  ومن ذلك قول الحق سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }آل عمران21  وقوله جل وعلا {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء155

      وكنا نتعجب  حين يجرؤ قوم على معاداة الانبياء   وازداد عجبنا ودهشتنا حين قرانا ان بنى اسرائيل لم يعادوا الأنبياء فحسب بل قتلوهم  ولا حول لا قوة الا بالله  والمذهل هو الاسباب التى من اجلها اقدموا على قتل الانبياء  من الطبيعى لو انهم جاؤ بقراب الارض مبررات فلن تقبل منهم  لان ملوك الدنيا لا يقبلون  ان  يهان مبعوثا من عندهم  برسالة  .

       بل قد يشنون حربا شعواء ان اصيب هذا المبعوث  او قتل  فما بالكم برسل الله العزيز الحميد  الذى لايعجزه شى فى الارض ولا فى السماء  فلقد توعدهم جل وعلا (  وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ) الاعراف /167    وفى الاخرة جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } البقرة206

      لن تشفق عليهم عزيزى  القارئ حين تقرا الان لماذا وكيف قتلوا نبى الله يحي عليه السلام وهذه قصة مقتل نبى من الاف الانبياء الذين قتلوهم  ولكنها بقيت كدليل على صدق القران الكريم  فلقد اخفوا من كتبهم مايشير من بعيد او من قريب الى قتلهم الانبياء وسبحان الله الذى( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } الأنفال24 فأعمى ابصارهم عن قصة مقتل نبى الله يحي عليه السلام لتظل شاهد صدق على قول الحق سبحانه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } النمل76  ففى العهد الجديد قالوا  " فان هيرودس كان قد امسك يوحنا واوثقه  وطرحه فى سجن من اجل هيروديا امراة فيليبس اخيه  لان يوحنا كان يقول  لا يحل ان تكون لك  ولما اراد ان يقتله خاف من الشعب لانه كان عندهم مثل نبى  ثم لما صار مولد هيرودس  رقصت ابنة هيروديا  فى الوسط فسرت هيرودس  من ثم وعد بقسم  انه مهما طلبت  يعطيها  فهى اذ كانت قد تلقت من امها قالت اعطنى ههنا على طبق راس يوحنا المعمدان  فاغتم الملك  ولكن من اجل الاقسام والمتكئين معه  امر ان يعطى  فارسل وقطع راس يوحنا فى السجن  فاحضر راسه على طبق ودفع الى الصبية- [118]

4- نبى الله عيسى عليه السلام        

     لم يتعرض نبى من انبياء بنى اسرائيل لما تعرض له نبى الله عيسى عليه السلام  , نعم لقد قتل بنى اسرائيل العديد من الأنبياء ولكنهم لم يظفروا بنبى الله عيسى  الا انهم غالوا فى حقه  واضلهم الشيطان فنسبوا لعيسى عليه السلام ما لا علم له به  مما عرضه للوقوف امام الحق سبحانه وتعالى يوم القيامة مدافعا عن نفسه ولولا علم الله جل وعلا لحدث ما لا يحمد عقباه .

 فقال القران الكريم {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } المائدة116

     (مايزعمونه من الوهية المسيح فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله  وكان الكلمة الله ......والكلمة صار جسدا وحل بيننا -[119]  ومن ربوبيه" ليس كل من يقول لى يارب ,يارب يدخل ملكوت السموات بل الذى يفعل ارادة ابى الذى فى السموات --[120] ومن مخالفتهم له فى كل مبادئه من طلق امراته فليعطها كتاب طلاق  واما انا فاقول لكم  ان من طلق امراته  الا لعلة الزنا يجعلها تزنى  [121]   وتغير الكثير من معالم التوراة  والتى اعلن المسيح انه ما جاء لينقضها بل ليكملها لاتظنوا انى جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لاكمل "    وزاد الامر سؤا ما زعموه من قتل وصلب  ثم انه جلس عن يمين الرب وادانته للاموات  ومحاسبته للبشر"  وحينئذ تظهر علامة ابن الانسان فى السماء  وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض ويبصرون ابن الانسان اتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت "[122]

      بالاضافة الى ان بنى اسرائيل زعموا انهم قتلوا سيدنا عيسى عليه السلام  ليوهموا البشرية انه ارسل ليكون خلاصا للبشرية من  النار والاثام التى تسبب فيها ابى البشر ادم عليه السلام كما وضحنا فى اكثر من موضع وجهة نظرهم فى هذا المفهوم  ولكنهم كاذبون  .

       لان الحق سبحانه وتعالى قال {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }النساء157)

 مع ان الايات الكريمة تكفى  لبيان كذب بنى اسرائيل  فيما زعموه  الا اننا وكما تعودنا ان نحلل الامر من كتاباتهم  ليصدق قول القائل  "من فمك ادينك " ومن ثم رايت إن اعرض بعض الاسئلة  كالاتى

1-هل كان اليهود يعرفون سيدنا عيسى عليه السلام ام لا ؟

 فان قالوا نعم  , هنا سؤال اخر  يطرح نفسه  ألا وهو  لماذا  دفع اليهود رشوة لاحد تلاميذ المسيح ليدلهم عليه ؟ فان انكروا نذكرهم  بما قالوه  فى انجيل متي " حينئذ ذهب واحد من الإثنى عشر  الذى يدعى يهوذا الاسخريوطى  الى رؤساء الكهنة  ماذا تريدون ان تعطونى وانا اسلمه اليكم  فجعلوا له ثلاثين من الفضة  ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه "

وإن قالوا بان يهوذا هو الذى ذهب اليهم  نقول نعم ولكن بناء على طلب من اليهود  الذين تجمعوا فى دار قيافا  رئيس الكهنة " وتشاوروا لكى يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه

وليس هذا فحسب  بل ذكرت الاناجيل ان يهوذا اعطاهم علامه ليعرفوا بها المسيح عليه السلام  الا وهى القبلة  فقالوا والذى اسلمه اعطاهم علامةقائلا  الذى اقبله هو هو امسكوه -[123]

       وإن قالوا بأن اليهود لم يكونوا على علم او معرفة بالمسيح عليه السلام فكيف ضمنوا  ان الشخص الذى امسكوا به هو المسيح عليه السلام ؟ ثم ما فائدة النصوص  التى ذكرت فى الأناجيل  بشأن تربية عيسى عليه السلام  بين ظهرانيهم  وفى معابدهم

      فقالوا عن المسيح عليه السلام " ولما جاء الى وطنه  كان يعلمهم فى مجمعهم حتى بهتوا  وقالوا  انى لهذا هذه الحكمة  والقوات  اليس هذا ابن النجار  اليست امه تدعى مريم  واخوته يعقوب ويوسى  وسمعان ويهوذا -

         ونصا اخر يقول "وجاء اليه الفريسيون  والصدوقيون  ليجربوه  فسالوه اية من السماء -- وقالوا ايضا " ورجع يسوع بقوة الروح الى الجليل  وخرج خبر عنه فى جميع الكورة  المحيطة  وكان يعلم فى مجامعهم  ممجدا من الجميع "----وكذلك قول المسيح لهم "يوم كنت معكم فى الهيكل اعلم ولا تمسكونى  "-

          ثم من اعلمهم انه المسيح  فلما لم يخدعهم يهوذا ؟ لانه اى الامرين اقرب للصواب  والمنطق  أيسلم الحوارى يهوذا سيده لليهود  ام يخدع اليهود ويسلمهم اى شخص اخر وله الجنة ؟ ولما لم يكن القدر اسرع من الجميع  فشبه الحق سبحانه وتعالى يهوذا بشكل سيده يسوع  فى الوقت الذى رفع فيه الحق سبحانه وتعالى اليه  وبهذا تكون النجاة كتبت للجميع  فينجوا يسوع بقدرة الله سبحانه وتعالى  وينعم يهوذا بالجنة  وتثبت الحجة على بنى اسرائيل فلولم يشبه احد بالمسيح عليه السلام ويعرض للقتل والصلب لانكروا رغبتهم فى القتل .

2- هل تم القبض على المسيح عليه السلام ليلا ام نهارا ؟ تذكر الأناجيل ان عملية القبض تمت ليلا  فقالوا"ولما كان المساء  اتكا مع الاثنى عشر  وفيما هم ياكلون  قال الحق اقول لكم ان واحدا منكم يسلمنى "-- ثم دخل الجنود بعد العشاء اى فى ظلمة الليل  مما يسهل الخلط عليهم  والالتباس فى حقيقة الشخص الذى امسكوا به هل هو المسيح ام احدا اخر غيره ؟

-3-ماهو موقف تلاميذ المسيح عليه السلام ؟

تذكر الأناجيل اشياء غاية فى الغرابة ومنها ان التلاميذ رغم ان المسيح عليه السلام اخبرهم بان واحدا منهم سيسلمه لليهود عما قليل الا انهم راحوا فى سبات عميق  وحاول المسيح ان يوقظهم مرارا فلم يتمكن من ذلك"ثم جاءهم وجدهم نياما  فقال لبطرس يا سمعان  انت نائم  ان قدرت ان تسهر ساعة واحدة --اى لم تستطع ان تسهر ساعة واحدة لتنقذ فيها سيدك

          بالله عليك لو أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اخبر صحابته رضوان الله عليهم ان خطرا ما يحدق به  اتراهم ينامون  ؟ لا والله بل كثيرا ما تعرضوا لمثل هذه الامور فكان قولهم " نحورنا دون نحرك يارسول الله  وصدورنا دون صدرك يارسول الله "ولم تكن مجرد شعارات بل السنة والتاريخ يشهد بالعديد من صور الفداء والتضحية من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .   اما هولاء فقد ناموا ملى جفونهم  ثم قاموا بعدها يشهدون  ان الذى امسك به هو المسيح  فكيف ادركوا ذلك وهم نيام ؟ ثم لم يكن النوم لمدة ساعة واستيقظوا  بل جاءهم المسيح عليه السلام مرارا وتكرارا لعلهم يفقيقوا ويتخذوا موقفا  ايجابيا  فقالوا " ثم رجع وجدهم ايضا نياما  اذ كانت اعينهم ثقيله  فلم يعلموا بماذا يجيبونه "

          وليس هذا فحسب بل وصل المسيح عليه السلام الى درجة الياس من ان ينقذه احد من اصحابه  لانهم قالوا فى الاناجيل "ثم جاء ثالثة وقال لهم ناموا الان  واستريحوا – قد اتت الساعة  اذن فكيف يجزم قوما كانوا نياما  وحاول المسيح  ان يوقظهم ثلاث مرات فلم يجدى ذلك  ان يجزموا ان الشخص الذى امسكوا به هو المسيح عليه السلام .

         ولو استيقظوا ما ادركوا ما يحدث  لأن العشاء الذى تناولوه  كان به خمرا كثيرا  مما اثر على عقولهم  اذن فنوم وسكر  فكيف يدرك من ابتلى بهذين حقيقة الامور ثم هنا لمحة لطيفة تؤكد كذبهم فى ان المسيح احل لهم الخمر  لانهم قالوا ان المسيح اعلن لهم وهم فى العشاء الاخير  "خذوا كلوا هذا هو جسدى  واخذ الكاس وسكر  واعطاهم قائلا  اشربوا منها كلكم -فان كان المسيح كان قد تناول معهم العشاء الملئ بالخمر فلما لم يصبه ما اصابهم  من نوم وسكر.

4- هل تمت المحاكمة ليلا ام نهارا؟

تذكر الاناجيل أن المحاكمة تمت ليلا لاكثر من دليل  -  ان المسيح قال لبطرس " الحق اقول لك  انك فى هذه الليلة قبل ان يصيح ديك تنكرنى ثلاث مرات " -

5- ما الذى دار اثناء المحاكمة ؟

      ما دار اثناء المحاكمة يدل على ان الشخص المصلوب هو اخر  وليس المسيح عليه السلام لانه لم يجب على الاسئلة الموجهة اليه بصراحة  كما انه لم يصمد صمود الانبياء   فحين ساله بيلاطس "أأنت ملك اليهود "     فاجاب وقال له : انت قلت  فلم يجب يسوع بشى  مما جعل بيلاطس يعجب من ذلك ----        وليس هذا فحسب  بل حين جاء هيرودس  ليسمع منه موعظة  او حكمة  اخيرة " واذا هيرودس فلما راى يسوع فرح جدا لانه كان يريد ان يراه لسماعه عنه اشياء كثيرة  وساله بكلام كثير فلم يجبه بشى  فاحتقره هيرودس ---

                 اذن فلو أنه نبى  أو انه المسيح عليه السلام  لقالها  بمنتهى الصراحة  كما قالها المعصوم صلى الله عليه وسلم يوم حنين  فقال " انا النبى لا كذب  انا ابن عبد المطلب[124] ولوا نه المسيح عليه السلام لأجاب هيرودس واسدى اليه اى نصيحه تظل دستورا الى الأبد  اما وانه قد وقف مكتوف الايدى  فإن دل هذا فانما يدل على ان الشخص المحاكم من المستحيل ان يكون المسيح علي السلام 

  6-  كيف دارت المحاكمة ؟

    تذكر الاناجيل  اخبارا غريبة  ففى البداية قال اليهود لبيلاطس حين امرهم ان يحكموا عليه "لا يجوز لنا ان نقتل احدا ---  ثم بعدها قالوا لبيلاطس  " دمه علينا وعلى اولادنا وقالوا ان زوجة بيلاطس  الرومانى  حذرته من الاقتراب من هذا الرجل  فقالوا "واذ كان جالسا على كرسى الولاية ارسلت اليه امراته  قائلة : اياك وهذا البار لانى تالمت كثيرا فى حلم من اجله ---ومن ثم قال بيلاطس على الفور مستجيبا لنصيحة زوجته " انى برى من دم هذا البار "  فكان ينبغى ان يلتزم بيلاطس بما قال وان يبذل ما ستطاع من جهد لمساعدة هذا الشخص المحاكم  الا انه اطلق سراح اللص  وحكم بالإعدام على يسوع المسيح  فكيف ذلك ؟  اما كان من الاولى ان يفرج عن المسيح النبى ؟  فقالوا " حينئذ اطلق لهم باراباس واما يسوع فجلده واسلمه ليصلب "--فاين جلال النبوة  وقدرة الرب جل وعلا  فاى منطق هذا  الذى يسمح للص المفسد فى الارض ان يطلق سراحه بينما يصلب النبى المصلح فى الارض ؟  فلا يجوز هذا الا فى شريعة قوم يفسدون فى الارض ولا يصلحون     

 7- ماهو تصرف الشخص المصلوب  ؟

نؤمن نحن المسلمين بان المسيح عليه السلام من الانبياء العظماء المشهود لهم بانهم "أولى العزم " وحتى تعرف قدر هولاء العظماء  يكفى ان تعلم ان الحق جل وعلا امر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالإقتداء بهم  فقال سبحانه وتعالى " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ "  الأحقاف /35 والنبى محمد صلى الله عليه وسلم صبر صبرا جميلا بل وضرب اروع الأمثال فى الصبر . فهذا يعنى ان المسيح عليه السلام على نفس الدرجة من الصبر  , الا اننا فوجئنا بشخص قانط  سرعان  ما خارت قواه ,  فقالوا عنه انه فى اللحظات الخيرة "صرخ يسوع بصوت عظيم  قائلا  ايلى ايلى لماذا شبقتنى ؟ اى الهى الهى لماذا تركتنى ؟    هنا اكثر من خطا وقع فيه بنوا اسرائيل وهم لايشعرون  منها : ألم يوهموا ابنائهم بان المسيح عليه السلام إله  فهل تستغيث الالهه  ؟ اذن فعلى الدنيا السلام , ثم لوكان المسيح الها  فهل تقنط الاله ؟ ثم الم يزعموا ان المسيح عليه السلام ابن  لله جل وعلا ( حاشاه )  فلما لم يجير الرب جل وعلا ابنه ؟ هب أن أحدا من بنى البشر تعرض ابنه امام عينيه لماساة شديدة مثل هذه واستغاث به  ايتركه نهبا للاغراب ؟ لا والله بل يبذل ما استطاع من جهد لانقاذه فما بالك بالالهه ؟ فلو علمنا ابنائنا مثل هذا الهراء لفقدوا الثقة فى كل شى  لانه وبمنتهى البساطه  مادام ليس فى الالهه خيرا لبعضها البعض فاين الخير اذن ؟    

   8- هل قام المسيح بعد ثلاثة ايام  ؟

 ولذا نقولها بملى الفم  والقلب  ونردد مع القران قول الحق سبحانه وتعالى {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171 وقول الله جل وعلا (  وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ )النساء /157

                      5- {  سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم }

مع كل ما سبق من بنى اسرائيل  الا ان الحق سبحانه وتعالى فتح لهم بابا للتوبة والانابة اليه  فارسل اليهم والى العالم اجمع الرحمة المهداة  الاوهو المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم الذى قال عنه الحق سبحانه وتعالى( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)   الأنبياء /107  وليس هذا فحسب بل من المفترض انهم اعلم الناس به  لان الله جل وعلا اخبرهم به على لسان انبيائهم  ومسطور فى كتبهم (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)   الأعراف /157   والدليل على ذلك  ان بنى اسرائيل يهودا كانوا ام مسيحين كثيرا ما كانوا يتحدثون عن النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم  بل وكانوا يهددون به من يناوئهم من العرب قائلين " لقد اطل زمان نبى يخرج من البيت الحرام نؤمن به وتقاتلكم معه قتل عاد وارم "[125]

           ولعل ذلك من الأسباب التى ساعدت الانصار على الايمان بالله جل وعلا وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم  لانه حين جاء الوفد المبارك الى الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعين اياه فى بيعة العقبة  قالوا لبعضهم البعض  والله انه الرسول الذى بشرت به اليهود فامنوا به فلا يسبقونكم اليه  وحقا هداهم الله رب العالمين ونصر بهم دينه  واثنى عليهم الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا  ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) الحشر /9          

     اما بنوا إسرائيل نكصوا على اعقابهم  مع انهم اكثر الناس معرفة له فقال سبحانه وتعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ) البقرة  /146   والعجيب  انهم كَانُواْ مِن قَبْلُ (يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ   )   البقرة /89   فكان ينبغى ان يكونوا نعم العون  للنبى محمد صلى الله عليه وسلم وحينها سيرحمهم  الله جل وعلا  الا ان الطبع دائما يغلب التطبع وبهذا يكون الاسلام قد دعا بنى اسرائيل الا ما فيه خلاصهم من النار ولكن ماداموا مصرين على العناد  فالنار اولى بهم لان الله جل وعلاغنى عنهم  وعن العالمين فهو القادر سبحانه وتعالى   (  وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) محمد /38

            فقد ناصبوا الإسلام العداء من أول وهلة   لا بل ناصبوا النبى صلى الله عليه وسلم العداء وهو فى ريعان الشباب وتمنوا ان يظفروا به  ولكن (حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ )  سبأ /  54  بفضل الله سبحانه وتعالى فلما سقط فى ايديهم لم يألوا جهدا فى الوقيعة والغدر الذين ادى بهم فى نهاية المطاف الى التشريد فى الارض مع العذاب الاليم الذى ينتظرهم (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)  المطففين  /6

    ونعرض جانبا مما فعلوه مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لنرى راى العين ان الله جل وعلا  (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ال عمران /117

* ما فعله اليهود مع الرسول صلى الله عليه وسلم

 1- كثيرا ما كانت قريش تلجأ الى اليهود المقيمين فى المدينة ليسألوهم عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعن الاسلام والدين الجديد وهل لديهم فى كتبهم ما يدل على ذلك فهم اصحاب الكتاب الاول ؟  فالمرؤة تقتضى ان يجاب السائل بالحقيقة لا ان يضل , ولكنهم بنوا اسرائيل فما ان وجدوا بغيتهم الا وسرعان ما نفثوا سمومهم فى اهل قريش  وكذبوهم واضلوهم عن سواء السبيل ومن هذا انهم كانوا بين الحين والاخر يرسلون  الى قريش باسئلة يوجهونها الى المعصوم صلى الله عليه وسلم ليختبروه بها  . وإلا فمن اعلم قريش  ان هناك فتية فى الزمن البعيد اؤؤا الى كهف لينجوا بانفسهم ودينهم  من بطش الحكام وجبروتهم وجعلهم الله سبحانه وتعالى اية على عظمته وقدرته ؟ ومن اخبر قريش عن ذو القرنين  وعن ما قام به ؟

         لاشك انهم اليهود  وانما ارادوا بذلك ان يضعوا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فى حرج فهم يعلمون انه النبى الأمى وانه من تلقاء نفسه لا يعلم عن هذه الامور ولا غيرها شى  وهذه حقيقة اقرها القران الكريم فقال سبحانه تعالى   ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت /48    فكان ينبغى على الفريقين اليهود وقريش  ان يؤمنوا بالله جل وعلا وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بمجرد ان يخبرهم بهذه الامور الغيبية والتى لايعلمها الا الله سبحانه وتعالى ومن اتاهم من لدنه سبحانه وتعالى  علما  إلا انهم ازدادو كفرا .

 2- حين قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة  مد لهم يد العفو , وصفح عما فعلوه وعما دبروه له ولدعوته من باب  ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى /40 ومن باب  (  قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء) ال عمران /64   ومع ان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم ان اليهود هم اهل الغدر  , وانه لا عهد لهم الا انه حرص ان يعقد معهم عهدا يظل شاهد صدق على حرص الاسلام فى كل زمان ومكان على ان يمد يد العون والرحمة للعالمين  (  مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)

فصلت /46   كما ان المعصوم صلى الله عليه وسلم انما اراد بهذا الصلح ان يكون حجة على اليهود عبر الزمان  وفى صالح المسلمين  , حتى لا يقال بأنهم لم يعطوا لجيرانهم فرصة العيش فى امان الا اذا تبعوا  دينهم . 

  عهد الصلح مع يهود المدينه

  فقد عقد النبى محمد صلى الله عليه وسلم مع اليهود عهدا أن لهم دينهم  وارضهم  ولا يجبرون على ترك الدين والارض وادنى شرط فى هذا الامر مقابل هذا الامان وهذه الحريه التى لم يشهدوا لها مثيلا ان لايعتدوا على المسلمبن والا يعينوا عليهم احدا على الاقل لانهم قد اصبحوا ابناء منطقة واحدة  واصحاب مصالح مشتركة كالبيع والشراء وأنه إن داهم المدينة عدو فلن يفرق بين يهود ومسلمين  .

           فالمصلحة العامة كانت تقتضى ان يلتزم اليهود بالعهد فهم المستفيد الاول لأنهم سيظلون فى بيوتهم امنين ويتحمل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه تبعة الامور , ولكن من بنو اسرائيل  ؟ من المستحيل فهم من ناصبوا انفسهم العداء حتى قال عنهم الحق جل وعلا عنهم انهم شعب (   َلعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) المائدة /60 

       ومن  شروط الصلح :

1-أن يهود بنى عوف امة مع اليهود ,

2- لليهود دينهم , وللمسلمين دينهم,مواليهم وانفسهم

3- وكذلك لغير بنى عوف من اليهود

4-  بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة  ,

5- بينهم النصح والنصيحة  والبر دون الاثم  النصر للمظلوم

6- اليهود يقفوا مع المؤمنين ماداموا محاربين

7- يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفه

8- بيهم النصر على من دهم يثرب  على كل اناس حصتهم من جانبهم

9- لاتجار قريش  ولا من نصرها

10-وإن حدث فساد بين اهل هذه الصحيفة  فإن مرده  الى الله عز وجل والى محمد صلى الله عليه وسلم  [126]

حقا صدق من سماه  الرؤؤف الرحيم  فإنه صلى الله عليه وسلم اقام عهدا لوالتزم به اليهود لاصبحوا فى امان مطلق ونعيم مقيم ولكنهم بنوا اسرائيل الذين (يَبْغُونَهَا عِوَجاً) الأعراف /45    وما أرساه المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم من مبادئ وقيم لهو الطريق المستقيم الذى لم يتعود عليه بنوا اسرائيل   وصدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى  (  قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) ال عمران / 118

     فاليك بعض ما قاموا به من مخالفات  وانتهاكات لعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم   

أ :    بنو قَينُقَاع ينقضون العهد

  حين التقى رسول الله صلى الله عليه وسلم  ومن معه من المسلمين  قريشا وكتب الله سبحانه وتعالى لهم النصر والتاييد ساعتها قالت اليهود فيما بينهم  انه حقا النبى الذى وجدنا نعته فى كتبنا ومع هذا  ارسلوا الى رسول الله وقالوا  " لا يغرنك انك لقيت اقواما اغمارا لا علم لهم بالحرب  فانك لو لا قيتنا لعلمت انا نحن الناس  "[127]
     لكنهم لما رأوا أن الله قد نصر المؤمنين نصراً مؤزراً في ميدان بدر، وأنهم قد صارت لهم عزة وشوكة وهيبة في قلوب القاصي والداني‏.‏ تميزت قدر غيظهم، وكاشفوا بالشر والعداوة، وجاهروا بالبغي والأذي‏.‏
        وكان أعظمهم حقداً وأكبرهم شراً كعب بن الأشرف ـ وسيأتي ذكره ـ كما أن شر طائفة من طوائفهم الثلاث هم يهود بني قينقاع، كانوا يسكنون داخل المدينة ـ في حي باسمهم ـ وكانوا صاغة وحدادين وصناع الظروف والأواني، ولأجل هذه الحرف كانت قد توفرت لكل رجل منهم آلات الحرب، وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة، وكانوا أشجع يهود المدينة، وكانوا أول من نكث العهد والميثاق من اليهود‏.‏
     فلما فتح الله للمسلمين في بدر اشتد طغيانهم، وتوسعوا في تحرشاتهم واستفزازاتهم، فكانوا يثيرون الشغب، ويتعرضون بالسخرية، ويواجهون بالأذي كل من ورد سوقهم من المسلمين حتى أخذوا يتعرضون بنسائهم‏.‏
     وعندما تفاقم أمرهم واشتد بغيهم، جمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعظهم ودعاهم إلى الرشد والهدي، وحـذرهم مغـبة البغـي والـعدوان، ولكنهم ازدادوا في شرهم وغطرستهم‏.‏
     روي أبو داود وغيره، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع‏.‏ فقال‏:‏ ‏‏(‏يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا،

      فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ‏ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏آل عمران 12، 13‏]‏‏.‏ كان في معني ما أجاب به بنو قينقاع هو الإعلان السافر عن الحرب، ولكن كظم النبي صلى الله عليه وسلم غيظه، وصبر المسلمون، وأخذوا ينتظرون ما تتمخض عنه الليإلى والأيام‏.‏ وازداد اليهود ـ من بني قينقاع ـ جراءة، فقلما لبثوا أن أثاروا في المدينة قلقاً واضطراباً، وسعوا إلى حتفهم بظلفهم، وسدوا على أنفسهم أبواب الحياة‏.‏
      روي ابن هشام عن أبي عون‏:‏ أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع‏.‏
*  الحصار ثم التسليم ثم الجلاء‏‏
      وحينئذ عِيلَ صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر، وأعطي لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار، وكان ذلك يوم السبت للنصف من شوال سنة 2 هـ، ودام الحصار خمس عشرة ليلة إلى هلال ذي القعدة، وقذف الله في قلوبهم الرعب ـ فهو إذا أرادوا خذلان قوم وهزيمتهم أنزله عليهم وقذفه في قلوبهم ـ فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا‏.‏
      وحينئذ قام عبد الله بن أبي بن سلول بدور نفاقه، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدر عنهم العفو، فقال‏:‏ يا محمد، أحسن فـي موإلى ـ وكـان بنـو قينـقاع حلفـاء الخزرج ـ فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرر ابن أبي مقالته فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏أرسلني‏)‏، وغضب حتى رأوا لوجهه ظُللاً ، ثم قال‏:‏ ‏‏(‏ويحك، أرسلني‏)‏‏.‏

     ولكن المنافق مضى على إصراره وقال‏:‏ لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالى أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة ‏؟‏ إني والله امرؤ أخشي الدوائر‏.‏
وعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المنافق ـ الذي لم يكن مضي على إظهار إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب ـ عامله بالحسنى‏.‏ فوهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم‏.‏
     وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أموالهم، فأخذ منها ثلاث قِسِي ودرعين وثلاثة أسياف وثلاثة رماح، وخمس غنائمهم، وكان الذي تولي جمع الغنائم محمد بن مسلمة‏.‏  اما بنوا النضير فقد بدر منهم ما لا يخطر لا حد على بال  فقد سولت لهم انفسهم القضاء على المعصوم صلى الله عليه وسلم  ولكن الله جل وعلا حال بينهم وبين ما يشتهون   [128]

 ب :     غزوة بني النضير‏
قد أسلفنا أن اليهود كانوا يتحرقون على الإسلام والمسلمين إلا أنهم لم يكونوا أصحاب حرب وضرب، بل كانوا أصحاب دس ومؤامرة، فكانوا يجاهرون بالحقد والعداوة، ويختارون أنواعاً من الحيل ؛ لإيقاع الإيذاء بالمسلمين دون أن يقوموا للقتال مع ما كان بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق، وأنهم بعد وقعة بني قينقاع وقتل كعب بن الأشرف خافوا على أنفسهم فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت‏.‏
ولكنهم بعد وقعة أحد تجرأوا، فكاشفوا بالعداوة والغدر، وأخذوا يتصلون بالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سراً، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين ‏.‏
وصبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى ازدادوا جرأة وجسارة بعد وقعة الرَّجِيع وبئر مَعُونة، حتى قاموا بمؤامرة تهدف القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
وبيان ذلك‏:‏ أنه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في نفر من أصحابه، وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضَّمْرِي ـ وكان ذلك يجب عليهم حسب بنود المعاهدة ـ فقالوا ‏:‏ نفعل يا أبا القاسم، اجلس ها هنا حتى نقضي حاجتك‏.‏ فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم ينتظر وفاءهم بما وعدوا، وجلس معه أبو بكر وعمر وعلى وطائفة من أصحابه‏.‏
وخلا اليهود بعضهم إلى بعض، وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم، فتآمروا بقتله صلى الله عليه وسلم، وقالوا ‏:‏ أيكم يأخذ هذه الرحي، ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها‏؟‏‏.‏‏.‏‏.‏ فقال أشقاهم عمرو بن جحاش‏:‏ أنا‏.‏ فقال لهم سَلاَّم بن مِشْكَم‏:‏ لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه‏.‏ ولكنهم عزموا على تنفيذ خطتهم‏.‏
ونزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله صلى الله عليه وسلم يعلمه بما هموا به، فنهض مسرعاً وتوجه إلى المدينة، ولحقه أصحابه فقالوا ‏:‏ نهضت ولم نشعر بك، فأخبرهم بما هَمَّتْ به يهود‏.‏ [129]
وما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعث محمد بن مسلمة إلى بني النضير يقول لهم ‏:‏ ‏‏(‏اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها، وقد أجلتكم عشراً، فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه‏)‏‏.‏ ولم يجد يهود مناصاً من الخروج، فأقاموا أياماً يتجهزون للرحيل، بيد أن رئيس المنافقين ـ عبد الله بن أبي ـ بعث إليهم أن اثبتوا وتَمَنَّعُوا، ولا تخرجوا من دياركم، فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونكم ‏{‏لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏11‏]‏ وتنصركم قريظة وحلفاؤكم من غطفان‏.‏ [130]
وهناك عادت لليهود ثقتهم، واستقر رأيهم على المناوأة، وطمع رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رأس المنافقين، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏:‏ إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك‏.‏
ولا شك أن الموقف كان حرجاً بالنسبة للمسلمين، فإن اشتباكهم بخصومهم في هذه الفترة المحرجة من تاريخهم لم يكن مأمون العواقب، وقد رأوا كَلَب العرب عليهم وفتكهم الشنيع ببعوثهم، ثم إن يهود بني النضير كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد الاحتمال، وتجعل فرض القتال معهم محفوفاً بالمكاره،

     إلا أن الحال التي جدت بعد مأساة بئر معونة وما قبلها زادت حساسية المسلمين بجرائم الاغتيال والغدر التي أخذوا يتعرضون لها جماعات وأفراداً، وضاعفت نقمتهم على مقترفيها، ومن ثم قرروا أن يقاتلوا بني النضير ـ بعد همهم باغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم ـ مهما تكن النتائج‏.‏
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم جواب حيي بن أخطب كبر وكبر أصحابه، ثم نهض لمناجزة القوم، فاستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وسار إليهم، وعلى بن أبي طالب يحمل اللواء، فلما انتهي إليهم فرض عليهم الحصار‏.‏ [131]
والتجأ بنو النضير إلى حصونهم، فأقاموا عليها يرمون بالنبل والحجارة، وكانت نخيلهم وبساتينهم عوناً لهم في ذلك، فأمر بقطعها وتحريقها، وفي ذلك يقول حسان‏:‏
وهان على سَرَاةِ بني لُؤي ** حـريـق بالبُوَيْرَةِ مسـتطيـر
‏[‏البويرة ‏:‏ اسم لنخل بني النضير‏]‏ وفي ذلك أنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 5‏]‏‏.‏
واعتزلتهم قريظة، وخانهم عبد الله بن أبي وحلفاؤهم من غطفان، فلم يحاول أحد أن يسوق لهم خيراً، أو يدفع عنهم شراً، ولهذا شبه سبحانه وتعإلى قصتهم، وجعل مثلهم‏:‏‏{‏كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 16‏]‏ ولم يطل الحصار ـ فقد دام ست ليال فقط، وقيل ‏:‏ خمس عشرة ليلة ـ حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، فاندحروا وتهيأوا للاستسلام ولإلقاء السلاح، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ نحن نخرج عن المدينة‏.‏ فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح‏.‏
فنزلوا على ذلك، وخربوا بيوتهم بأيديهم، ليحملوا الأبواب والشبابيك، بل حتى حمل بعضهم الأوتاد وجذوع السقف، ثم حملوا النساء والصبيان، وتحملوا على ستمائة بعير، فترحل أكثرهم وأكابرهم كحيي بن أخطب وسلاَّم بن أبي الحُقَيق إلى خيبر، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، وأسلم منهم رجلان فقط ‏:‏ يامِينُ بن عمرو وأبو سعد بن وهب، فأحرزا أموالهما‏.‏ وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاح بني النضير، واستولي على أرضهم وديارهم وأموالهم، فوجد من السلاح خمسين درعاً وخمسين بيضة، وثلاثمائة وأربعين سيفاً‏.‏
وكانت أموال بني النضير وأرضهم وديارهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ يضعها حيث يشاء، ولم يخَمِّسْها لأن الله أفاءها عليه، ولم يوجِف المسلمون عليها بِخَيلٍ ولا رِكاب، فقسمها بين المهاجرين الأولين خاصة، إلا أنه أعطي أبا دُجَانة وسهل بن حُنَيف الأنصاريين لفقرهما‏.‏ وكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكُرَاع عدة في سبيل الله‏.‏ كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول سنة 4 من الهجرة، أغسطس 625م، وأنزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها، فوصف طرد اليهود، وفضح مسلك المنافقين، وبين أحكام الفيء، وأثني على المهاجرين والأنصار، وبين جواز القطع والحرق في أرض العدو للمصالح الحربية، وأن ذلك ليس من الفساد في الأرض، وأوصي المؤمنين بالتزام التقوي والاستعداد للآخرة، ثم ختمها بالثناء على نفسه وبيان أسمائه وصفاته‏.‏  [132]     

*  تاليب اليهود لقريش وحلفاءها على المسلمين

  لم يتعظ من بقى من اليهود بما حدث لاخوانهم من بنى النضير إلا أن كعب  بن الاشرف كبير اليهود ذهب مع وفد من اليهود الى قريش ليبكى قتلى بدر وليزيد من حنق وحقد قريش على المسلمين ويحثهم على الاخذ بالثار  والانتقام من محمد واصحابه 

       ولم يكتفوا بذلك بل إن قريشا ارادت ان تستوثق من الامر فسالوا هؤلاء العلماء من اليهود لانهم فى رايهم اصحاب الكتاب الاول  وهم اعلم الناس بحقبقة محمد صلى الله عليه وسلم  فكان ينبغى مهما كانوا يكنون من عداء لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم الا ان الدين وكلمة الحق يجب الا ليحول بينهم  وبين نطقها شى  , ولكنهم اليهود وهؤلاء زعماءهم  اهل المكر والبهت وجاءتهم الفرصة سانحة  .

               فإذا بهم يسألون قريش عن دينهم حتى ان افتوا كان عن علم  , فاخبرتهم قريش بانها تقوم على خدمة البيت الحرام وتطعم الحجيج وتفك العانى.  وعلى الفور قال كعب بن الاشرف ومن معه  ان دينكم افضل من دين محمد , تدرى لماذا ؟ لان اليهود ليسوا على شى من الايمان  وهم يبغونها عوجا   ومن ثم فان اضلوا قريشا  وهى معقل الوثنية فى الجزيرة والعرب لها تبع لان العرب من يوم ابرهه وهم يؤمنون بان من يملك السيطرة على البيت الحرام فهو احق بان يتبع  ولذا اراد زعماء اليهود ان يزيدوا الامر سؤا والناس ضلالا فسجدوا لهبل وللات  الالهه الصماء التى لاتنفع ولاتضر .

  وسجل القران الكريم هذا الموقف العجيب لانهم كان ينبغى ان يكونو اول من امن لان الله عز وجل حذر اليهود  بقوله سبحانه (  وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ)  البقرة / 41   فاخبر الحق سبحانه وتعالى حبيبه محمدا بما حدث فى مكة  وما حدث من اليهود فقال جل وعلا   أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ) النساء /151  [133]  

        و عادوا الى المدينة فرحين بما حققوة من ضلال  وتوسيع الشقة بين قريش والمسلمين , لانك لوتخيلت ان زعماء اليهود اخبروا قريش بانها على ضلال وان الافضل لها اتباع محمد صلى الله عليه وسلم  لاشك ان الحال كان سيتغير , ولكن شاء الله سبحانه وتعالى الا يكون لليهود اى فضل على الاسلام ولو بالنصبحة .

   المهم انهم بعد عودتهم  لم يكتفوا بما فعلوه, بل اخذ كعب بن الاشرف يشبب بنساء المسلمين فى اشعاره  ففى مكة اذى الله ورسوله وفى المدينة اذى المومنين بالحديث عن نسائهم  فما الحل اذن ؟ وقلنا بان من عادة الجبناء ان وجدوا صمتا  غرهم بالله الغرور وظنوه ضعفا وخوارا مثل ما فيهم من ضعف , فكان بنغى حلا حاسما وعاجلا  ويكون بمثابة جرس انذار وعملا بقول الحق سبحانه وتعالى {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } التوبة   12     

ج :   كعب بن الاشرف

        ولعل من ورائهم يدرك عاقبة الامو وان الامر جد خطير  ومن ثم قال النبى محمد صلى الله عليه وسلم لاصحابه من لى بكعب بن الاشرف  ,وتفيد الروايات في قتل كعب بن الأشرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال‏:‏ ‏‏(‏من لكعب بن الأشرف ‏؟‏ فإنه قد آذى الله ورسوله‏)‏، قام محمد بن مسلمة فقال‏:‏ أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتله ‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏(‏نعم‏)‏‏.‏ قال‏:‏ فائذن لي أن أقول شيئاً‏.‏ قال‏:‏ ‏‏(‏قل‏)‏‏.‏
فأتاه محمد بن مسلمة، فقال‏:‏ إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عَنَّانا‏.‏
قال كعب‏:‏ والله لَتَمَلُّنَّهُ‏.‏
قال محمد بن مسلمة‏:‏ فإنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه ‏؟‏ وقد أردنا أن تسلفنا وَسْقـًا أو وَسْقَين‏.‏
قال كعب‏:‏ نعم، أرهنوني‏.‏
قال ابن مسلمة‏:‏ أي شيء تريد ‏؟‏
قال‏:‏ أرهنوني نساءكم‏.‏
قال‏:‏ كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ‏؟‏
قال‏:‏ فترهنوني أبناءكم‏.‏
قال‏:‏ كيف نرهنك أبناءنا فيُسَبُّ أحَدُهم فيقال‏:‏ رُهِن بوسق أو وسقين هذا عار علينا‏.‏ ولكنا نرهنك الَّلأْمَة، يعني السلاح‏.‏
فواعده أن يأتيه‏.‏
وصنع أبو نائلة مثل ما صنع محمد بن مسلمة، فقد جاء كعباً فتناشد معه أطراف الأشعار سويعة، ثم قال له‏:‏ ويحك يا بن الأشرف، إني قد جئت لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني‏.‏
قال كعب‏:‏ أفعل‏.‏
قال أبو نائلة‏:‏ كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء، عادتنا العرب، ورمتنا عن قَوْسٍ واحدة، وقطعتْ عنا السبل، حتى ضاع العيال، وجُهِدَت الأنفس، وأصبحنا قد جُهِدْنا وجُهِد عيالنا، ودار الحوار على نحو ما دار مع ابن مسلمة‏.‏
وقال أبو نائلة أثناء حديثه‏:‏ إن معي أصحاباً لي على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك بهم، فتبيعهم وتحسن في ذلك‏.‏
وقد نجح ابن مسلمة وأبو نائلة في هذا الحوار إلى ما قصد، فإن كعباً لن ينكر معهما السلاح والأصحاب بعد هذا الحوار‏.‏
وفي ليلة مُقْمِرَة ـ ليلة الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 3 هـ ـ اجتمعت هذه المفرزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشيعهم إلى بَقِيع الغَرْقَد، ثم وجههم قائلاً‏:‏ ‏‏(‏انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم‏)‏، ثم رجع إلى بيته، وطفق يصلى ويناجي ربه‏.‏
وانتهت المفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف، فهتف به أبو نائلة، فقام لينزل إليهم، فقالت له امرأته ـ وكان حديث العهد بها‏:‏ أين تخرج هذه الساعة ‏؟‏ أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم‏.‏
قال كعب‏:‏ إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب، ثم خرج إليهم وهو متطيب ينفح رأسه‏.‏
وقد كان أبو نائلة قال لأصحـابـه‏:‏ إذا ما جاء فإني آخذ بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه، فلما نزل كعب إليهم تحدث معهم ساعة، ثم قال أبو نائلة‏:‏ هل لك يا بن الاشرف أن نتماشى إلى شِعْب العجوز فنتحدث بقية ليلتنا ‏؟‏ قال‏:‏ إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فقال أبو نائلة وهو في الطريق ‏:‏ ما رأيت كالليلة طيباً أعطر ، وزهي كعب بما سمع ، فقال‏:‏ عندي أعطر نساء العرب ، قال أبو نائلة ‏:‏ أتأذن لي أن أشم رأسك ‏؟‏ قال‏:‏ نعم ، فأدخل يده في رأسه فشمه وأشم أصحابه ‏.‏
ثم مشى ساعـة ثم قال ‏:‏ أعود ‏؟‏ قال كعب‏:‏ نعم ، فعاد لمثلها ‏.‏ حتى اطمأن ‏.‏
ثم مشى ساعة ثم قال‏:‏ أعود ‏؟‏ قال‏:‏ نعم ، فأدخل يده في رأسه، فلما استمكن منه قال‏:‏ دونكم عدو الله ، فاختلفت عليه أسيافهم، لكنها لم تغن شيئاً، فأخذ محمد بن مسلمة مِغْوَلاً فوضعه في ثُنَّتِهِ، ثم تحامل عليه حتي بلغ عانته، فوقع عدو الله قتيلاً، وكان قد صاح صيحة شديدة أفزعت من حوله، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران‏.‏
ورجعت المفرزة وقد أصيب الحارث بن أوس بذُبَاب بعض سيوف أصحابه فجرح ونزف الدم، فلما بلغت المفرزة حَرَّة العُرَيْض رأت أن الحارث ليس معهم، فوقفت ساعة حتي أتاهم يتبع آثارهم، فاحتملوه، حتي إذا بلغوا بَقِيع الغَرْقَد كبروا، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرهم، فعرف أنهم قد قتلوه، فكبر، فلما انتهوا إليه قال‏:‏ ‏‏(‏أفلحت الوجوه‏)‏، قالوا‏:‏ ووجهك يا رسول الله، ورموا برأس الطاغية بين يديه، فحمد الله على قتله، وتفل علي جرح الحارث فبرأ، ولم يؤذ بعده‏.‏ [134]
ولما علمت اليهود بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف دب الرعب في قلوبهم العنيدة، وعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يتوانى في استخدام القوة حين يري أن النصح لا يجدي نفعاً لمن يريد العبث بالأمن وإثارة الاضطرابات وعدم احترام المواثيق، فلم يحركوا ساكناً لقتل طاغيتهم، بل لزموا الهدوء، وتظاهروا بإيفاء العهود، واستكانوا، وأسرعت الأفاعي إلى جحورها تختبئ فيها

        هل ادرك اليهود الدرس وفهموه جيدا ؟ الحق ان لا ,لماذا ؟ لان الحق جل وعلا قال (  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج/46

د:اليهود وتاليبهم للاحزاب :

  فقد قام حيي بن الأخطب بنفس الزيارة التى قام بها بن الأشرف من قبل  متتبع نفس خط السير ولم يتعظ بما حدث لسلفه  الا انه كان اشد حقدا وعداوة منه  فلم يكتف بالسجود لصنم او قول بعض الاشعار ولكن لم يهدا له بال حتى الب قريش ومن حولها من القرى على المسلمين حتى جاؤ المدينة بجيش لم يشهدوا له مثيل .

             لك ان تتخيل فى هذه المدة التى كان فيها صحابة رسول الله  لايامنون على انفسهم ان يبرحوا  أماكنهم   ثم تاتيهم قريش بعشرة الاف فارس واين ؟ فى عقر دارهم , إنه تحد صارخ , ورعبة جامحة فى القضاء على المسلمين  ولولا ان الله جل وعلا وعد نبيه النصر والمومنون يثقون ويؤمنون بما يخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم لحدث مالا يحمد عقباه ولم لا والمنافقون تركوا اماكنهم ( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ )

         ولكن القران الكريم فضح امرهم فقال سبحانه وتعالى  { وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً }  الأحزاب13 ثم بين سبحانه وتعالى ان المنافقين لا خير يرجى من وراءهم فقال سبحانه وتعالى( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً  ) الأحزاب  - 14                  

  هذا الموقف العصيب والذى يكفى ان يعاقب عليه حيي بن الأخطب فى تأليبه الكفار والمشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المومنين , والذى صوره القران الكريم  بصورة يشيب لها الولدان فقال سبحانه وتعالى   {  إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} الأحزاب – 10 -11     

  وليس هذا فحسب بل قال بعض المنافقين ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً )    الأحزاب - 12   هذا فى جبهة القتال  والرسول ومن معه من المجاهدين الصابرين  مرابطين عند الخندق  تاركين ابنائهم ونسائهم والشيوخ والاطفال فى اعالى المدينة  .

             فى هذا الظرف الخطير اسرع حيي الى باقى اليهود وظل وراءهم حتى نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  -وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم‏:‏ انطلق كبير مجرمي بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة

       فأتي كعب بن أسد القرظي ـ سيد بني قريظة وصاحب عقدهم وعهدهم، وكان قد عاقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب، كما تقدم ـ فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه، فقال حيي‏:‏ إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه‏.‏
فقال له كعب‏:‏ جئتني والله بذُلِّ الدهر وبجَهَامٍ قد هَرَاق ماؤه، فهو يرْعِد ويبْرِق، ليس فيه شيء‏.‏ ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء‏.‏
فلم يزل حيي بكعب يفْتِلُه في الذِّرْوَة والغَارِب، حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً‏:‏ لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك، حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين‏.‏ [135]
وفعلاً قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت، وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية‏:‏ فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا حسان، إن هذا اليهودي كما تري يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا مِنْ يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله‏.‏
            قال‏:‏ والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت‏:‏ فاحتجزت ثم أخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن وقلت‏:‏ يا حسان، انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سبله إلا أنه رجل، قال‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة‏ [136]

    .‏ وقد تسببوا فى ثغرة لولا العزيز الحكيم  لهلك المسلمون  لانه لم تكن هناك نتيجة لهذا الموقف سوى التدمير . وشاء الله جل وعلا ان ينهى هذا الموقف بقدرته  وينصر جنده ويعز اهله  اما اليهود والمشركين  باؤا  بالخسران ولكن كان المشركون اخف وطاة من اليهود اذ لا عهد بينهم وبين المسلمين

      اما اليهود وبعد هذا الموقف  الشنيع  فليس هناك حل الا معاملتهم بما ارادوه للمسلمين  فالجزاء من جنس العمل فكما ارادوا الهلاك للمسلمين  فكتب الله جل وعلا عليهم الهلاك  فامر الحق سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم  ان يسير اليهم بمن معه من المسلمين  بمجرد ان انصراف الاحزاب                                         

ه:    غزوة بني قريظة

             وفي اليوم الذي رجع فيه رسول الله إلى المدينة، جاءه جبريل  عند الظهر، وهو يغتسل في بيت أم سلمة، فقال‏:‏ أو قد وضعت السلاح‏؟‏ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل في موكبه من الملائكة‏.‏
          وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً فأذن في الناس‏:‏ من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببني قريظة، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطي الراية على بن أبي طالب، وقدّمه إلى بني قريظة، فسار على حتى إذا دنا من حصونهم سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏  

      وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في موكبه من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‏:‏ بئر أنَّا‏.‏ وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة، وأدركتهم     العصر في الطريق

       فقال بعضهم‏:‏ لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا، حتى إن رجالاً منهم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة، وقال بعضهم‏:‏ لم يرد منا ذلك، وإنما أراد سرعة الخروج، فصلوها في الطريق، فلم يعنف واحدة من الطائفتين‏.‏ هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار‏.

 ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال‏:‏ إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم في دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم ـ وقد قال لهم‏:‏ والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم ـ وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيوف مُصْلِِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث. 

    وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ـ في انزعاج وغضب‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‏ ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين، لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه  .

          فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفاً لهم، وكانت أمواله وولده في منطقتهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا‏:‏ يا أبا لبابة، أتري أن ننزل على حكم محمد‏؟‏ قال‏:‏ نعم ؛ وأشار بيده إلى حلقه، يقول‏:‏ إنه الذبح،

        ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضي على وجهه، ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي المسجد النبوي بالمدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً‏.‏ فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ـ وكان قد استبطأه ـ قال‏:‏ ‏(‏أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه‏)‏‏.‏ [137]

         وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون؛ ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب، إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب، فقد قذف الله في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، وبلغ هذا الانهيار إلى نهايته أن تقدم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وصاح علي‏:‏ يا كتيبة الإيمان، والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم‏.‏
      وحينئذ بادروا إلى النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقال الرجال، فوضعت القيود في أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري، وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال‏:‏ ‏(‏ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فذاك إلى سعد بن معاذ‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ قد رضينا‏.‏
    فأرسل إلى سعد بن معاذ، وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي كان قد أصاب أكْحُلَه في معركة الأحزاب‏.‏ فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ‏:‏ يا سعد، أجمل في مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال‏:‏ لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعي إليهم القوم‏.‏ ولما انتهى سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة‏:‏ ‏(‏قوموا إلى سيدكم‏)‏، فلما أنزلوه قالوا‏:‏ يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك‏.‏ قال‏:‏ وحكمي نافذ عليهم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وعلى المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ وعلى من هاهنا‏؟‏ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له وتعظيمًا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، وعلي‏)‏‏.‏ قال‏:‏ فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبي الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات‏)‏‏.‏

    وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف، فإن بني قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‏.‏

      وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبست بنو قريظة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار، وحفرت لهم خنادق في سوق المدينة، ثم أمر بهم، فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً، وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم‏.‏ فقال من كان بعد في الحبس لرئيسهم كعب بن أسد‏:‏ ما تراه يصنع بنا‏؟‏ فقال‏:‏ أفي كل موطن لا تعقلون‏؟‏ أما ترون الداعي لا ينزع‏؟‏ والذاهب منكم لا يرجع‏؟‏ هو والله القتل ـ وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة، فضربت أعناقهم‏.‏
        وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة، الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد، وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين في أحرج ساعة كانوا يمرون بها في حياتهم، وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمي الحروب الذين يستحقون المحاكمة والإعدام‏.‏
       وقتل مع هؤلاء شيطان بني النضير، وأحد أكابر مجرمي معركة الأحزاب حيي بن أخطب والد صفية أم المؤمنين رضي الله عنها كان قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان ؛ وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه حينما جاء يثيره على الغدر والخيانة أيام غزوة الأحزاب، فلما أتي به ـ وعليه حُلَّة قد شقها من كل ناحية بقدر أنملة لئلا يُسْلَبَها ـ مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما والله ما لمت نفسي في معاداتك، ولكن من يُغالب الله يُغْلَب‏.‏ ثم قال‏:‏ أيها الناس، لا بأس بأمر الله، كتاب وقَدَر ومَلْحَمَة كتبها الله على بني إسرائيل، ثم جلس، فضربت عنقه‏.‏
      وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت قد طرحت الرحى على خَلاَّد بن سُوَيْد فقتلته، فقتلت لأجل ذلك‏.‏ وكان قد أمر رسول الله بقتل من أنْبَتَ، وترك من لم ينبت، فكان ممن لم ينبت عطية القُرَظِي، فترك حياً فأسلم، وله صحبة‏.‏
       واستوهب ثابت بن قيس، الزبير بن باطا وأهله وماله ـ وكانت للزبير يد عند ثابت ـ فوهبهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ثابت بن قيس‏:‏ قد وهبك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ، ووهب لي مالك وأهلك فهم لك‏.‏ فقال الزبير بعد أن علم بمقتل قومه‏:‏ سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبة، فضرب عنقه، وألحقه بالأحبة من اليهود، واستحيا ثابت من ولد الزبير بن باطا عبد الرحمن بن الزبير، فأسلم وله صحبة‏.‏
واستوهبت أم المنذر سلمي بنت قيس النجارية رفاعة بن سموأل القرظي، فوهبه لها فاستحيته، فأسلم وله صحبة‏.‏ وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول، فحقنوا دماءهم وأموالهم وذراريهم‏.‏ وخرج تلك الليلة عمرو بن سعدي ـ وكان رجلاً لم يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فرآه محمد بن مسلمة قائد الحرس النبوي، فخلي سبيله حين عرفه، فلم يعلم أين ذهب‏.‏
      وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال بني قريظة بعد أن أخرج منها الخمس، فأسهم للفارس ثلاثة أسهم؛ سهمان للفرس وسهم للفارس، وأسهم للراجل سهماً واحداً، وبعث من السبايا إلى نجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصاري فابتاع بها خيلاً وسلاحاً‏.‏
      واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه من نسائهم رَيْحَانة بنت عمرو بن خُنَافة، فكانت عنده حتى توفي عنها وهي في ملكه، هذا ما قاله ابن إسحاق‏.‏وقــال الكلبي‏:‏ إنه صلى الله عليه وسلم أعتقها، وتزوجها سنة 6 هـ، وماتت مرجعـه مـن حجة الـوداع، فدفنها بالبقيـع‏.‏
      ولما تم أمر قريظة أجيبت دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ رضي الله عنه ـ التي قدمنا ذكرها في غزوة الأحزاب ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ضرب له خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما تم أمر قريظة انتقضت جراحته‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فانفجرت من لَبَّتِهِ فلم يَرُعْهُمْ ـ وفي المسجد خيمة من بني غفار ـ إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا‏:‏ يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قبلكم، فإذا سعد يغذو جرحه دماً، فمات منها‏.‏ [138]
      وفي الصحيحين عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ‏)‏‏.‏ وصحح الترمذي من حديث أنس قال‏:‏ لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون‏:‏ ما أخف جنازته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الملائكة كانت تحمله‏)‏‏.‏ قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين، وهو خلاد بن سُوَيْد الذي طرحت عليه الرحى امرأة من قريظة‏.‏ ومات في الحصار أبو سِنان بن مِحْصَن أخو عُكَّاشَة‏.‏
      وأما أبو لُبابة، فأقام مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، ثم نزلت توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سَحَرًا وهو في بيت أم سلمة، فقامت على باب حجرتها، وقالت‏:‏ يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه، فأبي أن يطلقه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه‏.‏      وقعت هــذه الغــزوة فـي ذي القعدة سنـة 5 هـ، ودام الحصار خمساً وعشريـن ليلة‏.‏  وأنزل الله تعإلى في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب، ذكر فيها أهم     جزئيات الوقعة، وبين حال المؤمنين والمنافقين، ثم تخذيل الأحزاب، ونتائج الغدر من أهل الكتاب         ولم يتعظ من بقى من اليهود بما حدث لاخوانهم  فكان ينبغى ان يسلموا او يسالموا المسلمين حقننا لدماءهم ولدماء المسلمين  الا اننا فوجئنا بواقعة اشد ضراوة مما سبق

و : أمر الشاة المسمومة‏
ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد فتحها أهدت له زينب بنت الحارث، امرأة سَلاَّم بن مِشْكَم، شاة مَصْلِيَّةً .وقد سألت أي عضو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فقيل لها‏:‏ الذراع، فأكثرت فيها من السم، ثم سمت سائر الشاة، ثم جاءت بها، فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع، فَلاَكَ منها مضغة فلم يسغها، ولفظها، ثم قال‏:‏ ‏(‏إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم‏)‏، ثم دعا بها فاعترفت، فقال‏:‏ ‏(‏ما حملك على ذلك‏؟‏‏)‏ قالت‏:‏ قلت‏:‏ إن كان ملكًا استرحت منه، وإن كان نبيًا فسيخبر، فتجاوز عنها‏.‏ وكان معه بِشْر بن البراء بن مَعْرُور، أخذ منها أكلة فأساغها، فمات منها‏.‏ واختلفت الروايات في التجاوز عن المرأة وقتلها، وجمعوا بأنه تجاوز عنها أولا، فلما مات بشر قتلها قصاصا‏.‏     [139]        

                    *   صور من فساد بنى إسرائيل فى حق البشرية *

   اولا : الحروب الصليبية

تذكر كتب التاريخ ان الحروب الصليبية قديمة فقد بدت بوادرها مع ظهور الاسلام  فعندما تغلب هرقل على الفرس واعاد الصليب وبيت المقدس  وكانت الكنيسه تسانده  فاعلن انها حربا صليبيه حتى لقب هرقل  "أول الصليبين "[140]  

       الا انه اذا ذكرت الحروب الصليبية  يصرف الذهن على الفور الى الحروب الصليبية التى شنتها اوروبا فى اول الالفية الثانية  ولقد تناول الحروب الصليبية , والاحتلال الاوروبى  والعدوان الامريكى   العديد من الكتب  وبالتفصيل الا اننى هنا احاول ذكرها باختصار شديد لاننى     لست بصدد تاريخها  انما اريد ان اركز على ما قام به بنو اسرائيل على مر التاريخ  من اعتداءات  على المسلمين  وهذا لا يتسع له دائرة معارف  فجعلتها  فى نقاط  موجزة تذكرة لامتى الحبيبة  من باب (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأعراف164

     المدة :   مايقرب من مائتى عام  اى  منذ عام /1095 الى /1314

  البلاد المعتدية : معظم دول اوروبا  ومنها بريطانيا وفرنسا والمانيا وبلجيكا وغيرهم 

 البلاد المعتدى عليهم:      الدول الاسلامية وبخاصة الشرق الاوسط

الأسباب الدينية  :  ذكر ول ديورانت  :  ان الكنيسة انذاك كانت تعانى من مشاكل عديدة داخلية وخارجية مما جعل البابا اوربان الثانى  حين وصل الى كرسى البابوية  ولم يجد خلاصا لهذه المشاكل سرعان ما كرس جهده فى اشعال حروب خارجية وبخاصة مع دول الشرق الأوسط   بحجة لم شمل الكنائس جميعا تحت إمرته وتكون رومة هى حاضرة العالم المسيحى  العظيم القوة  وكانت لدية رغبة جامحة  فى السيطرة على العالم

  ومن ثم اشعل فتيل الازمة  وبث فى روح شعبه روح الجهاد بعدما وعدهم بغفران الخطايا  ومنحهم صكوك الغفران  واعفاء جميع المسجونين وبخاصة من كانت عليهم احكام بالاعدام  شريطة ان يخدموا بقية اعمارهم فى فلسطين  وحتى  يتسنى له ذلك كذب على شعبه  اتهم المسلمين  بما ليس فيهم وذكر افعالا لم يقوموا بها  وكان مما قال " يا شعب الفرنجة  شعب الله المختار   لقد جاءت من تخوم فلسطين انباء محزنة  تعلن ان جنسا  لعينا  ابعد ما يكون عن الله  قد طغى وبغى  فى تلك البلاد بلاد المسيحين وخربها بما نشره فيها من اعمال السلب والنهب  بالحرائق  ولقد ساقوا الاسرى الى بلادهم  وقتلوا بعضهم الاخر  بعد ان عذبوهم  أبشع التعذيب  وهم يهدمون المذابح فى الكنائس بعد ان دنسوها برجسهم

   انظر الى مدى يكذب البابا  فبدلا من يسخر ذكاءه  وفكره فى اصلاح كنيسته والاهتمام بامرها شغل بال شعبه  بل والامم المجاورة له من رعاياه بقتال المسلمين  وهتك استارهم  ونهب  اموالهم وثرواتهم     

          ولم بكن البابا وحده  بل  قالها غيره : فها هو القس " لبسوس " فيقول : ان الشرق  يدعو الغرب  لشد ازره  فجل ما نتوخاه ان نحرر الشرق  بواسطة السيد المسيح  ونخلص الكنائس المسيحيه  من ظلم الاسلام  ونفتح طريقا للسيد المسيح  بارجاع هذه الكنائس  لسيتها الاولى  هلموا الى قلب العالم الاسلامى  لنحرز فوز الصليب على الهلال [141]

 ثم قال المستر " بلس "  ان الدين الاسلامى  هو العقبة القائمة  فى طريق تقدم التيشير  والمسلم فقط هو العدو اللدود لنا  -[142]

        الأسباب الإقتصادية  :تذكر كتب التاريخ ان اوروبا فى تلك الأونة كانت قد سئمت الفقر جعلت اهلها على استعداد  ان  يبذلوا كل جهدهم فى سبيل الحصول  على اى مال  وان كلفهم ارواحهم فهم لا يملكون شيئا يبكون عليه فان  استجابوا لرغبة البابا وذهبوا الى بلاد الشرق  وامتلكوا ما فيها من اراضى وعقارات  واموال وثروات  وان هلكوا  فما خسروا شيئا , ونتج هذا الفقر عن اشياء كثيره منها عدم العدالة فى توزيع الميراث  فقد كانوا  يعطون الابن الاكبر الميراث  باكمله ويبحث اخوته الاخرون عن عمل يربحون منه ومن ثم اصبح هناك اقطاعيون فى الوقت الذى ازدادت فيه البطالة بشكل مطرد   , كما انه ظهرت طائفة من التجار والذين كانوا يرغبون فى الاتجار فى بطائع الشرق  والتى لا تعرف عنها اوروبا شيئا  .[143]

         الأسباب الاستراتيجية :هو حلم البابا اوربان الثانى فى ضم الكنيسة الشرقية والكنائس الاخرى  المخالفة لكنيستة  الى حظيرة الكنيسة الام فى روما لانه كانت لديه رغبه جامحة فى السلطة لا تعلوها رغبة  وكانه لا يريد دينا اخر بجوارههم  فهو فى هذا الصدد شديد الشبه باخوانه اليهود الذين ذكروا فى بروتوكولاتهم  انه :حين نصبح سادة العالم لن نسمح بقيام دين غير ديننا   [144] ويؤكد ذلك ما قاله  القائد " البوكرك "فى يومياته : فكان هدفنا الوصول الى الاراضى  المقدسة للمسلمين  واقتحام المسجد النبوى  , واخذ رفاة النبى محمد رهينة  لنساوم عليه العرب من اجل استرداد القدس  وكان هدفنا الثاتنى : احتلال جنوب مصر  من اجل تغيير مجرى نهر النيل كى يصب فى البحر الاحمر بدلا من مروره على القاهرة  فات طريقه الى البحر المتوسط مما يضمن لنا خنق  القلب الذى يقود الحرب ضدنا [145].

      الإدعاءات  والأكاذيب :راينا كيف كذب البابا على شعبه وأوهمهم ان المسلمين هم الجنس اللعين  وانهم ابعد مايكون عن الله  وكانه يذكر احوال شعبه  الذين وصل بهم الحال الى اسوا ما يكون   فقد بعدوا عن طريق الله   وافسدوا فى الارض  وخالفوا اوامر الله جل وعلا  حتى ارتكب ملك فرنسا جريمة الزنا  مما اوقع البابا فى حرج لانه كان يكيل بمكيالين   فكانت القوانين الكنسية تطبق على الضعفاء بحذافيرها  بينما يمثل السادة  شوكة فى حلق الكنيسة [146]   مما جعل البابا  لا يرى حلا الا فى ابعاد الجميع عن اوروبا  فهو كالطبيب العاجز  الذى اراد ان يريح نفسه وكذلك المريض  فاعطاه سما قاتلا على انه الدواء  فان مات المريض لا يسئل عنه الطبيب فهو امام الجميع مات موتا طبيعيا . وليس هذا فحسب بل ذكر  " ول ديورانت  "  ان القسيس  بطرس بارثليموا  حتى يلهب مشاعر المقاتلين ادعى انه عثر على الحربة التى طعن بها المسيح  وجعلها علما امام الجنود [147]

               والأعجب من ذلك  هو اتفاقه مع ثلاثة من الجنود  ان يختبؤ وراء التل  ويلبسون ثيابا بيض حتى اذا نادى على ارواح شهداء قديسين ماتوا قديما ظهروا وكانهم هم  فنادى البابا الرسول ادمهار على الشهداء القديسين  موريس , وتيودور , وجورج [148] وكأنها عادة البابوات  لماذا ؟ وهم القدوة وقد وصلوا الى ارقى مكانة يحلم بها من هم فى اهل ملتهم  وهنا نحمد الله جل وعلا  على نعمة الاسلام الذى امرنا بالصدق وحذرنا من الكذب  .

            وجعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى حين قال " ان الرائد لايكذب اهله "[149] ولذا نجح المعصوم فى تربية جيل من المسلمين له من المبادى والقيم ما لم تشهد الدنيا لهم مثيل  واثنى عليهم الحق سبحانه وتعالى فقال جل وعلا   ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ال عمران /110  اما البابوات فقد اوردوا انفسهم واهليهم المهالك  وصدق الحق حين قال {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } إبراهيم28

        أحوال المسلمين : فى الوقت الذى كذب فيه البابا على رعاياه بخصوص المسلمين  فقد ذكر المؤرخون بان المسيحين فى الشرق الأوسط كانوا ينعمون انذاك  بما لم ينعم به اخوانهم فى اى مكان  وفى اى زمان  ولقد كان الحجاج المسيحين  يسيرون الى بلاد المقدس امنين مطمئنين فى حماية المسلمين [150]

       لأن المسلمين يعلمون جيدا ما اوصى به المعصوم صلى الله عليه وسلم بخصوص الذميين  والمعاهدين  وان الرسول صلى الله عليه وسلم سيكون خصما لمن اذى ذميا  ومن ثم فلم تمتد ايدى المسلمين الى احد من النصارى  الا ان البابا واعونه  استطاعوا  ان يبثوا الرعب والفرقه بين  المسلمين والمسيحين     فقد تمكنوا من ارسال قوات تابعة لهم فقتلوا الحجاج المسيحين  والصقوا التهمة بالمسلمين مما اشعل نار الفتنة بينهم وجعل القادة فى اوروبا يتحركون للثار لاخوانهم  ولتامين الطريق الى بيت الرب فى فلسطين  فلم يجنوا الا الدمار  لانفسهم ولشعوبهم   والعجيب ان القادة وكانهم منزوعى الارادة  فقد ساروا  وراء اوهام البابا حتى خلت بلادهم تقريبا من ساكنيها  فكانت هناك سبع نسوة لكل رجل  وكانت هناك ارامل لازواج احياء .[151]       

  القادة المعتدون :رغم اننا حين نقرا التاريخ  نشعر ان ملوك اوروبا انذاك كانو وكانهم مغيبون فكانو يتصفون بالحمق  والتهور  والغدر والخيانة وعدم الوفاء بالعهد  فقد ارتكبوا من الاثام  والافعال مما يخجل الانسان من ذكرها  رغم المعاملة الحسنة  التى كانوا يتلقونها من المسلمين قادة وشعوب .       

  ومن ذلك ان صلاح الدين الايوبى كان قد عقد صلحا مع المملكة المتحدة  الا ان  احد القادة المسيحين  وهو ريجنلد سئم طول المدة  وكانه يكره الامن والامان فاعترض قافلة  وقتل من بها من الرجال  ونهب ما فيها من اموال وثروات وسبى النساء  وكانت من بينهم اخت صلاح الدين  فهو بهذا يكون قد خان العهد ونقض الصلح وروع الامنين  كل هذا فوق احتلاله للارض  واغتصابها من اهلها [152]

       القادة المسلمون  ابان تلك الحروب :من الطبيعى اذا تحدثنا عن القادة المسلمين فاننا سنذكر المحاسن والفضائل  وحتى لا يقال اننا نجامل اهل ملتنا , رايت ان اذكر ماقاله  اهل ملتهم ممن عاصروا القادة وراوا  بانفسهم الأخلاق مجسدة  فيهم بشكل أذهلهم لأنهم راوا فارقا شاسعا بين تصرفات قادتهم والتى تتسم بالطيش والتهور والغدر. وبينما نرى  تصرفات القادة المسلمين والتى تتسم بالرحمة والعفو والعجيب انها ليست نتيجة ضعف وانما عفوا وصفح عن قدرة وتمكين ولذا قال ول ديورانت ":وكان العالم قد كيف نفسه لقبول سيطرة المسلمين على الشرق الادنى  وكان الفاطميون يحكمون فلسطين حكما سمحا رحيما  استمتعت فيه الطوائف المسيحية بحرية واسعة فى ممارسة شعائر دينها  وكان فى وسع الحجاج المسيحين ان يدخلوا الاماكن المقدسة  بكامل حريتهم  مما لم يوفره القدادة المسيحين لابنائهم  بل بين الحين والاخر وليشعلوا فتيل الازمات  ويثيروا حمية جنودهم كانوا ينتظرون حجاجهم ويعتدون عليهم  ,[153]    بل وقال : إن صلاح الدين كان شفيقا على الضعفاء رحيما بالمغلوبين يسمو على اعدائه  فى وفائه بوعده  سمو حعل المؤرخين المسيحين يعجبون كيف يخلق الدين الاسلامى ( الخاطى ) فى ظنهم  رجلا يصل فى العظمة  الى هذا الحد وكان يعامل خدمه ارقى معامله  ويستمع بنفسه الى مطالب الشعب جميعها  وكانت قيمة المال عنده لا تزيد على قيمة التراب  ولم يترك فى خزائنه الخاصة بعد موته  الا دينارا واحدا .[154]

             الحمد لله رب العالمين  ان ارسل الينا خير رسله فعلمنا مكارم الاخلاق  , فلو اننا نحن الذين ذكرنا هذا عن صلاح الدين وغيره من القادة العظماء لقالوا اننا نبالغ فى مدح القادة   الاان الغرب لم يتعود على مثل تلك الأخلاق   .

  الإنتهاكات التى ارتكبها القادة المعتدون :بالطبع لم نشهد ما فعلوه وانما حرصت ان انقل مافعلوه على لسان مؤرخيهم  وصدق الله جل وعلا حين قال (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا) يوسف /26      فيحكى " ول ديورانت " هو ايضا على لسان شاهد عيان  وهو القس " ريمند لاجيلى " قوله :وشاهدنا اشياء عجيبه اذ قطعت رؤؤس عدد كبير من المسلمين  وقتل غيرهم رميا بالسهام  او ارغموا  ان يلقوا بانفسهم  من فوق الابراج وظل بعضهم الاخر يعذبون عدة ايام  ثم احرقوا بالنار وكنت ترى فى الشوارع اكوام الرؤؤس والايدى والاقدام  وكان الانسان اينما سار فوق جواده يسير بين جثث الرجال .[155]  كما يروى " ول ديورانت  " على لسان شاهد اخر قوله : إن النساء كن يقتلن  بالسيوف والحراب  والاطفال الرضع يخطفن بارجلهن من اثداء امهاتهم  ويقذف بهم من فوق الاسوار  وتهشم رؤؤسهم بدقها بالعمد وذبح السبعون الف من المسلمين الذين بقوا فى المدينه [156]  .قاتلهم الله  ارايت ثم يتهموننا بالإرهاب  فمن  الإرهابى اذن ؟

  نتائج تلك الحملات والحروب : كان ينبغى ان تكون هناك نتائج مرضية  تساوى ماقاموا به من اعمال لاتقوم بها الحيوانات فى الغابة ,الا ان  " ول ديورانت "   ذكر فى كتابه  ما نصه :اذا نظرنا الى الحروب الصليبية من حيث اغراضها  المباشرة  والتى دارت رحاها من اجلها قلت انها اخفقت لا محاله [157]  (  ذلك انه بعد ما دامت هذه الحروب قرنين من الزمان  بقيت بيت المقدس فى ايدى المسلمين  ولم يكسب المسيحيون شيئا سوى تقليلل عدد الحجاج الى بيت المقدس  لخوفهم ان يحدث معهم ما احدثه قادتهم بابناء المسلمين  يضاف الى هذا  ان الحكومات الاسلامية  التى كالنت تمتاز بالتسامح  مع اصحاب الاديان الاخرى  قد ذهب عنها تسامحها  بسبب الهجمات المتكررة على بلادها ).[158]  وعلى الصعيد الاخر  فقد الاباطرة هيبتهم  لعجزهم  عن استرداد بيت المقدس  بل ودارت الخلافات بينهم فى بلادهم وكانها تصفية حسابات  لان عودة القادة والجنود ليبحثون عن اقطاعياتهم  ومن عاد منهم اراد ان يسطوا على اراضى غيره  ومن ثم نشبت الحروب الاهلية[159]  والعجيب ان البابوات باركوا تلك النزاعات  ومنحوا الاطراف المتقاتله صكوك الغفران مما اذهل العاقلين  فقالو كيف يبارك البابا حربا نشبت بين الاخوة ولكى يكيدوا للبابا استدعوا بعض المتسولين وتصدقوا عليهم باسم محمد  لانهم راوا راى العين ان اتباع محمد صلى الله عليه وسلم افضل من اتباع المسيح عليه السلام .[160] 

 

                               ثانيا : الاحتلال الاوروبى

       يقول احد المنصرين  وقتها : لماذا كنا نحاول البفاء  فى الجزائر  ؟ ويجيب على نفسه قائلا :  اننا لم نكن نسخر نصف مليون جندى  من اجل نبيذ الجزائر  او صحاريها او زيتونها  اننا كنا نعتبر انفسنا  سور اوروبا  الذى يقف فى وجه الزحف الاسلامى المحتمل ان يقوم به الجزائريون  واخوانهم من المسلمين عبر المتوسط  ليستعيدوا الاندلس  التى فقدوها  وليدخلوا معنا فى قلب فرنسا  بمعركة " بواتيه " جديدة  ينتصرون فيها  ويكتسحون اوروبا  الواهنة  ويكملون ما عزم عليه الامويون لتحويل البحر المتوسط الى بحيرة اسلامية  من اجل ذلك كنا نحارب الجزائر [161]

   المدة :من القرن الخامس عشر  الى الخمسينات والستينات من القرن العشرين

 البلاد المعتدية :معظم دول اوروبا  ومنها اسبانيا والبرتغال وبريطاني وفرنسا والماني وايطاليا  وغيرهم

 البلاد المعتدى عليها : العديد من دول العالم الثالث وبخاصة دول العالم الاسلامىفى الشرق الاوسط

  الاسباب الدينية :تذكر كتب التاريخ  : انه بعدما خرجت اوروبا من العزلة ومن سطوة الكنيسة فلم يجد البابوات وسيلة للتخفيف من معاناتهم لانهم فقدوا الكثير بمجرد ان انسحب البساط من تحتهم الا ان يباركوا هذه  الحملات ومن ثم  حمل البرتغال لواء حركة دينية  يعترها البعض امتداد للحركة الصليبية  وذلك بهدف تعقب القوى الاسلامية  والاتصال بملك الحبشة المسيحى  للاشتراك فى معركة تطويق للدول الاسلامية  ولذا سارع  الباباوات فى فض النزاع بين اسبانيا والبرتغال  فى معاهدة شهيرة عام /1494  وهى معاهدة  توردميلاس [162]

  الأسباب الاقتصادية :بعد الثورة الصناعية التى قامت بها اوروبا  اصبحت فى حاجة ماسة الى العديد من الايدى العاملة  التى تقوم على التصنيع ليظل اهل اوروبا فى مكان السيادة  والقيادة وليصبح الايدى العاملة التى جلبوها من شتى البلاد هم العبيد والعمال  

           كما أن اهل اوروبا يحتاجون الى المواد الخام فهى متوفرة بكثرة فى البلاد العربيه وهم سياخذونها بلا مقابل  ومن ثم يتسنى لهم التصنيع بأرخص الاثمان واذا احتاجوا الى سوق فيعيدون ماتم تصنيعه الى تلك البلاد مرة اخرى ولذا فالمحتلون الأوروبيون لم يرقبوا فى اهل البلاد التى احتلوها عهدا  ولا ذمة  ففى مقابل المال  فعلوا كل شى فقد سلبوا الاموال والاولاد  وتركوا البلاد خالية من العمال والمهرة ومن ثم تسببوا فى تخلف اهل هذه البلاد عن الركب والتقدم الى سنوات طويلة والى الان تقريبا نعانى من جراء هذا الاحتلال  .

الأسباب الإستراتيجية :قديما قالوا  من لايملك اعطى لمن لايستحق  لاننا رايناهم يقتسمون البلاد وكأنهم ورثوها  فراينا كل منهم يختار البلاد التى يستفيد منها بشكل ميسر واكثر فعلى سبيل المثال  اختارت اسبانيا المغرب  واستاثرت ايطاليا بليبيا  وفرنسا بالجزائر  واخذت بريطانيا  نصيب الاسد فاحتلت البلاد التى تقع فى مواقع حساسة اى انها اختارت البلاد التى تقع على المضايق  والقنوات   لتظل متحكمة فى تلك البلاد بل وفى مصالح اخوانها السفاحين  وبالمناسبة انتهت بريطانيا  التى كانت لا تغرب عنها الشمس   فباذن الله سينتهى غيرها من الوجود  وما ذلك على الله بعزيز .

     كما ان الفاتيكان فى خرائطه منذ ما قبل القرن السادس عشر , يرسم قارات اسيا وافريقيا واوروبا  على  شكل ثلاث دوائر بيضاوية تتصل اعناقها الثلاث بحلقةهى القدس  اى ان فلسطين تشكل النقطة المركزية  الاستراتيجية  التى تمسك بخناق التقاطع الاستراتيجى بين قارات العالم [163]

  الإدعاءات والاكاذيب :سار الاحفاد المحتلين من اسبان وبرتغال وبريطان وفرنسيين  وغيرهم على نهج اجدادهم فى الاستعداد للحروب  فكما اوهم البابا  اوربان الثانى العالم المسيحى انذاك  بالخطورة التى يتعرض لها اخوانهم المسيحين فى الشرق  وتسبب فى اندفاع الالاف من ابناء اوروبا الى الشرق ظانين ان  البابا لايكذب  ,

          فكذلك أوهم المحتلون الجدد ابناهم بانه من الضرورى استئصال المسلمين لان بلادهم تفيض عسلا ولبنا وموارد خام وايدى عاملة من الكثرة بمكان   وانهم لايستحقونها  وان المحتلين هم اولى بها  لانهم حسب اراء الأحبار والرهبان والباباوات هم شعب الله المختار و من ثم فما ارادوه لا ينبغى ان يحرموا منه  ولا يمنعوا من الحصول عليه  وان ناوئهم اهل الأديان الاخرى وان كانوا مسلمين ابادوهم  ليتقربوا الى الله جل وعلا بذلك .

              والعجيب انهم يجدون اذانا مصغية  والمحزن انهم لايفيقون الا بعد فوات الاوان  فلم يدرك  "ريتشارد قلب الاسد  "  انه خدع بما حكوه عن قسوة المسلمين  الا حين راى بعينيه  ما فعله صلاح الدين معه ومع الجنود من تسامح ومودة لم يشهد لها مثيل بينما  لم يرى من اهل ملته الا الغدر  والخيانه  مما جعله يبادر بعقد صلح  مع صلاح الدين  والانسحاب فورا من الاراضى المقدسة  تاركا البلاد المقدسة تحت امرة المسلمين فهم احق الناس بها بل وهى فى امان اكثر  مادامت فى ايدى المسلمين  بخلاف ما اعتقد الباباوات واوهموا اهل ملتهم  .

    احوال المسلمين انذاك : كان العالم الاسلامى انذاك يعانى الامرين من جراء العثمانيين  بفرضهم الحصار على العالم الاسلامى الذى تسبب فى تخلفهم عن ركب الحضارة  والعالم الاوروبى انذاك كان قد تقدم فى العلم  والحضارة  حتى اصبحت لديهم تكنولوجيا ومعدات لايستطيع العالم العربى والاسلامى مقاومتها 

     ومن ثم فكان العالم الاسلامى فوق رحمته وتسامحه التى يتصف بها      ليس بحاجة ان يجر على نفسه ويلات لايستطيع دفعها ولا قوات لايستطيع ردها   بدليل ان التاريخ لم يذكر انه كانت هناك مناوشات بين المسلمين والمسيحين  ولم يذكر ان المسلمين اعتدوا على المسيحين او اليهود فى عقر دارهم بل فوجئ المسلمون بما قام به بنوا اسرائيل من اعتداءات عليهم فى عقر دارهم وبدون انذار سابق   او ردا لاعتداء سابق  وانما هو الحقد  لاكثر  وصدق الحق حين قال ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )  البقرة /120

القادة المعتدون :ما اشبه الليلة بالبارحة , فكما استغل  بوهمند  وريجنلد  من قبل فكرة البابا اوربان  الثانى  فى استغلال ثروات الشرق  وركعوا امام البابا  ليبارك لهم هذه الخطوات  سرعان ما استغل فاسكوا داجاما  وكريستوفر كولمبس حاجة بلادهم للموارد الخام  والايدى العاملة

             فلم يجدوا امامهم سوى البلاد الاسلامية والتى كانت تعانى من حصار وتخلف  وضعف  ولم يراقبوا الله جل وعلا فيهم  فساموا اهل البلاد الاسلامية سوء العذاب  من قتل  ونهب وتخريب  والتاريخ يشهد بما قام به فاسكوا داجاما من قتل  للبحارة الذين ارشدوه لطريق راس الرجاء الصالح الذى ضاع فى سبيله العديد من الارواح  والعتاد .

                 والأدهى من ذلك ما قام به نابليون بونابرت  من قتل لأهل غزة بعد ان عقد معهم صلحا  والقوا السلاح لمجرد الصلح فاستدار عليهم  وقتل ثلاثة الاف جندى فى جملة واحدة  ولن ينسى التاريخ ما فعله الايطاليون  ب ( عمر  المختار ) الرجل المجاهد الذى  ظل يدافع عن بلده لسنوات رغم كبره وضعف المؤن والمعتدات  ناهيك عما فعله رؤساء امريكا المعتدون على العالم الاسلامى بداية من كلينتون   وبوش الاب والابن  الذين لم يألو جهدا فى تشريد ابناء المسلمين وتخريب بلادهم  ونهب اموالهم  وثرواتهم وسرقة حضارة الشعوب الاسلامية  على مراى ومسمع من العالم 

القادة المسلمون انذاك : لايخفى على القارئ العادى ان احوال المسلمين عامة انذاك كان يرثى له  وكذلك الحكام  :  لأن  الشعوب فى منعة وقوة وعزة  مادام حكامهم اقوياء ,  الا اننا حين نقرا التاريخ نفاجأ بان المسلمين  بعد انتهاء الخلافة العباسية  وصدر دولة المماليك اصبحوا مطمع للغزاة  والمحتلين الذين استغلوا انشغال بعض ولاة الامور الى الدنيا متجاهلين قول الحق سبحانه (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً) النساء /102

        وقد كان فما ان غفل القادة وضعفت الرعية الا وانقض عليها الاعداء من كل حدب وصوب مصداقا لقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم سوف تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة الى قصعتها  قالو او من قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال : بل كثير  ولكنكم غثاء كغثاء السيل  وينزع الله مهابتكم من قلوب أعداءكم ويصيبكم بالوهن  قالوا وما الوهن يارسول الله  قال حب الدنيا وكراهية الموت )[164] حقا صدق رسول الله  ,    والله ما  اصيب القادة ومن بعدهم اممهم  الا بالركون الى الدنيا  والفناء من اجلها  ولقد نسى هولاء القادة الامانة التى حملوها   وهى ان يضحوا بارواحهم من اجل امتهم ودينهم  ان اروادوا ان يكونوا قادة ولكن شغل القادة انفسهم بتأمين قصورهم وضياعهم وثرواتهم  وشتان بين من يريد الدنيا ومن يريد الاخرة  فمن اراد الدنيا  وكل اليها  وهى دائما ابدا تقتل اصحابها  اما من اراد الاخرة اعانه الله جل وعلا على الدنيا واعطاه الله سبحانه وتعالى حظه من الدنيا لان الحق سبحانه وتعالى يعطى الدنيا لمن احب ولمن لا يحب   ولايعطى جل وعلا الدين الا لمن احب  .

           ولا يجتمع حب الله جل وعلا والدنيا فى قلب واحد لان الله سبحانه وتعالى اغنى الشركاء عن الشرك  فمن اشرك مع الله احدا فعمله للذى اشرك والله جل وعلا  منه براء   وعليه فان قادة الامم الاسلامية ابان الحروب  كانوا من الضعف بمكان   .

          ومن عاد الى التاريخ  على الأقل وجد ان القادة  لا يمثلون خطرا على جيرانهم  ومن باب اولى الاعداء اذن  فالاعتداء عليهم  انما هو اعتداء دون مبرر   ولا يمثل الا رغبة فى تدمير المسلمين  ويبدوا ان القادة  المسلمين  لم يكونوا يدركون مدى الخطورة لوجود الاعداء بين ظهرانيهم  فكانوا يظنون انها مجرد حركة تطهير  ثم يعودون  الا اننا وهم فوجئنا بهم  جاثمون على صدورنا  بعد ان سرقوا حضارتنا  ونهبوا ثروات البلاد  وارتكبوا فى سبيل ذلك من المجازر  البشرية ما لا يخطر لا حدهم على بال .      

 الإنتهاكات التى ارتكبها المعتدون :  لقد سلب الإحتلال الاوروبى  البلاد الاسلامية خيرة شبابها  الى بلادهم لا لشى الا  رغبة منهم فى استئصال شافة المسلمين  والقضاء عليهم   بتنصيرهم   والضغط  عليهم لترك الإسلام بكل الوسائل ,   ثم رغبتهم فى الإستفادة من الايدى العاملة  التى يحتاجونها  بشدة وبخاصة بعد الثورة الصناعية  التى غيرت  مجرى الحياة هناك  وقبل هذا  وذاك  رغبتهم  فى الحصول على المواد الخام لتشغيل المصانع  وهم على استعداد ان يحصلوا على المواد الخام  وإن كلفهم ذلك القضاء على أهل تلك البلاد   .والعجيب انهم استغلوا تلك الشعوب  التى تئن تحت وطاة الاحتلال  ومن تلك الجرائم  سوقا لمنتجاتهم وسوقا للرقيق   فقد كانت قانونهم  هو امتصاص زبد الاقاليم  وان الميدان الحقيقى  للحصول على ذلك هو ميدان القتال ضد المسلمين  [165]    ولذا اصدر المشير  بادوليو  عام /1929  قرارا قال فيه "اذا ما  ارغمنا على القتال  فسوف نخوضها حربا شعواء  باساليب  ووسائل  جبارة  ستبقى ذكراعا  عالقة بالذهان  ولن يتذوق  ثائر واحد ولا سرته  او قطعانه او ورثته  طعم الهناء  ونحن جازمون  على تحطيم كل شى  رجالا   ونساء  واولالدا  وبناتا  واننا موجدون هنا  وسنبقى الى الابد  [166]

نتائج الاحتلال الاوروبى على البلاد المعتدى عليها : تسبب الإحتلال الاوروبى فى خلق العديد من المشاكل  منها :    

  مشكلة الحدود :  فقد زرع الإحتلال الفرقة بين البلاد بما قام به من تغير حدود البلاد  مما أوقع البلاد الاسلامية فى حير وفى نزاع  مستمر  بسبب الحدود  كما نرى  فى منطقة المغرب العربى   وكما شاهدنا بين العراق وايران ثم العراق والكويت  ونسى المسلمون  ان المبدا الذى يعيش عليه اليهود واعوانهم  الا وهو " فرق  تسد "  

 مشكلة التخلف الاقتصادى :كما اوضحنا  ان الإحتلال  الاوروبى قام بشفط كل مقدرات الشعوب   بالاضافة الى سلب الابناء  والفتيات  والفتيان وتقريبا خلت البلاد من خيرة شبابها  ومن ثرواتها   فكيف ينتجون ؟ وما معهم شى  وما لديهم شى  ,   مشكلة التخلف العلمى :من  المعلوم ان الاقتصاد هو عصب الحياة للافراد والمجتمعات  فبالاقتصاد يستطيع الفرد وكذلك المجتمع ان يمول الابحاث العلمية  ويتابعها حتى يصلون الى النتائج المرجوة والتى بها يتطور الفرد والمجتمع  فما بالك والاحتلال قد سلب الاموال والايدى العاملة كذلك  ولم يبقى لاهل تلك البلاد الا ما يبكون عليه . 

          ومن ثم عاشت البلاد  المعتدى عليها فى ضنك من العيش وتخلف علمى وحضارى بسبب الاحتلال  ولذا نرى الان الفجوة واضحة بين الشرق الاوسط وبين الغرب  وهذا لان منطقة  الشرق الأوسط فى صراع مرير منذ امد بيعيد فلم تكد تفيق من حرب حتى تقع فى اخرى  وحتى البلاد التى ليس لها شان بالحروب فهى ايضا تتاثر بما يحدث لاخواتها  وجيرانها فهى ايضا فى حالة طوارئ ومن ثم فلا مجال لها للتطور العلمى وبخاصة ان البلاد المعتدية لا تمول احدا ولا تاخذ بايدى احد فى تلك الاونة  .

                           ثالثا : العدوان الأوروامريكى

 المدة :من اواخر القرن العشرين الى الأن .

البلاد المعتدية :امريكا وحلفاءها  ومنهم بريطانيا  والمانيا واسبانيا وفرنسا واسرائيل  والعجيب أن عاون امريكا على الاعتداء على المسلمين بلادا لاول مرة تشارك فى حروب بتلك الصورة مثل اليابان والصين   ناهيك عن معظم بلاد اوروبا .

البلاد المعتدى عليها :البلاد الاسلامية ومنها افغانستان والعراق وجنوب السودان ولبنان  ولم تكتف بذلك بل يتحرشون بسوريا وايران  .

الأسباب الدينية :يقضى المخطط الأمريكى بإخضاع المنطقة لإسرائيل واستلاب العالم الاسلامى  وحضارة الاسلام  قيمة وثقافتة  هذا بالاضافة الى ان امريكا وحلفاءها يكنون عداء غير مبرر للإسلام واهله  ويظهر هذا بوضوح فى الحروب التى شنتها عليهم .

الأسباب الاقتصادية : رغبة امريكا فى السيطرة على منابع البترول  للتحكم فى مسار العالم الاقتصادى  ومنع تطور الراسمالية القومية  وخاصة فى البلدان الاسلامية  لان البترول  هو عصب التطور الصناعى  ومن ثم الراسمالى  ومن يسيطر على البترول يستطيع ان يتحكم فى كل شى  وفى حجم المسموح به من التصنيع والتطور  ومن ثم فلم تتوانى امريكا وحلفاءها من السيطرة على منابع اليترول  وان ازهقت الارواح  .

الأسباب الإستراتيجية  : يهدف المشروع الامريكى  والعدوان على العالم الاسلامى  هو اخضاع العالم لارادة  واشنطن التى تريد ان تهيمن على العالم الاسلامى  وبدات بالعراق لتؤمن الاماكن البعيدة فى افغانستان  ثم جاءت الى العراق  لتنطلق منها الى الشرق والغرب  لتخضع المنطقة لصالح اسرائيل

الادعاءات :ما اشبه الليلة بالبارحة : فكما كذب البابا اوربان الثانى على ملوك اوروبا وشعوبها واشعل فتيل الحروب الصليبية والتى عانت منها اوروبا والعالم الاسلامى كثيرا  , كذلك كذب بوش الابن على العالم وزعم ان بالعراق اسلحة دمار شامل ان تركت دون تدمير  فلن تقوم للعالم قائمة  وانه ينبغى ان يقف العالم جنبا الى جنب مع اليهود والمسيحين  الامريكان واعونهم لكى يحموا العالم من هذه الاسلحة الفتاكه .

   ولا نعجب حين استجاب  القادة الصهيو مسيحين لرغبة بوش الملحة فى تدمير العراق ومقدراته بدعوى امتلاكه اسلحة دمار شامل  لأن ملة الكفر واحدة ولقد اخبرنا القران بذلك حين قال جل وعلا ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى  حتى تتبع ملتهم )

 ولكننا نعجب لدرجة الأسى من القادة المسلمين وبخاصة العرب منهم  الذين اعانوا بوش على تدمير العراق  وانا لن أتطاول بالألفاظ على أحد ولكن ثمة سؤال اوجهه الى كل من اعان بوش ولو بالكلمة  : ماذا تقول لربك حين يسالك عن البنات اللائى هتك زبانية بوش اعراضهن  وعن الايتام الذين سفك بوش وزبانيته دماء  اباءهم  وعن الارامل اللائى  قتل بوش وجنوده ازواجهن  وعن مقدرات العراق التى نهبها الصهاينه ؟

              ألا تذكرون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله  , فقال عمر بن الخطاب هذا لمن أعان فما بال القاتل يارسول الله ؟  قال صلى الله عليه وسلم لقد قال فيه جل وعلا ( ومن قتل مومنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما )

      أحوال المسلمين :لايخفى على العالم الحالة التى عليها المسلمون الأن فقد وصلوا الى مرحلة عجيبة من الإحباط واليأس  والتخلف العلمى والحضارى درجة جعلت خداع العالم لهم بمنتهى السهولة  وانا اعحب  غاية العجب  للمسلمين الذين لا يملكون صرفا ولا عدلا  ولا يملكون اى طاقة للتغير  وليس لهم الان اى شوكة يخشى بأسها  او قدرة يحسب لها الحساب  ولم يرتكبون جرائم تجعل العالم  فى حيرة من امرهم او ان على العالم ان يسارعو بتلقين المسلمين درسا لاينسوه وانما هم فى غاية الضعف الذى لمنشهد له مثيل  .  

       وإن ما حدث من إحتراق وتدمير لمبنى التجارة العالمى  إنما هو من صنيعة بوش واعوانه اليهود  فهذا دأبهم  فكذلك فعل جدهم الأكبر نيرون  حين اراد ان يجعل العالم وشعبه انذاك يتعاطف معه فى محاربة اليهود وطردهم من روما ,  تدرى ماذا فعل ؟  قام بحرق روما  ونسب الحريق الى اليهود واتهمهم بانهم دائما وابدا يثيرون الشغب فى بلاده  ومن ثم فلم يحاسبه احد حين شرع لنفسه الانتقام من اليهود وطردهم من بلاده  والقضاء على من بقى منهم بارضه .

 فعلى نفس الدرب سار بوش واليهود فقاموا بضرب مبنىالتجارة العالمىواتهموا المسلمين بانهم هم من دمر هذا البرج ليسمحوا لأنفسهم بضرب المسلمين فى عقر دارهم والعجيب ان العالم الإسلامى فرح طربا لضرب البرج وسارع بالتعبير عن فرحته بأن احد ابنائه هو الذى دمر هذا البرج .

     وزكى الصهاينة تلك الاشاعة حتى اعتقد  الناس مسلمون وغير مسلمين  بأن المسلمين ارهابيون وانهم يستحقون ان يعاقبوا الى ان وقعوا فى المحظور  ولم يدركوا هذا الفخ الا بعد فوات الاوان  بعدما صنع اليهود مالم يكن يحلمون به  فهل كانت تحلم امريكا ان يكون لها قاعدة فى قلب المسلمين  وعلى مقربة من البيت الحرام  ( إنا لله وإنا اليه راجعون )  ولذا ( ياليت قومى يعلمون ) بما يحااك وبما يدبر ويبيت لهم  فاليهود والصهيومسيحيون لا يرغبون فى رؤية المسلمين  بل ويريدون استئصالهم  ولكن بقدرة الله جل وعلا ( حيل بينهم وبين ما يشتهون )وعليهم ان يتذكروا قول الله سبحانه وتعالى ( إن يثقفوكم يكونوا لكم اعداء )      

  المعتدون : بعد قراءات عديدة عن الحروب التى شنها اليهود والمسيحين على المسلمين  عبر التاريخ  راينا انه لافارق بين أول حرب واخرها   إلا فيما صاحب كل حرب من وسائل متطورة  اما الاسس والمبادئ فهى هى لا تختلف الا فى اسماء القادة  المعتدين والمعتدى عليهم   فكما دخل بوهمند وريتشارد وريجنلد  ارض القدس وذبحوا  اهلها  ودمروا  مقدساتهم واستحلوا  المحرمات  فكذلك دخل بوش وتونى بلير ورامسفيلد  وكولن باول  وغيرهم الى العراق وذبحوا قائده بعدما قتلوا الرجال ودمروا الشباب  وهتكوا الأعراض  وسرقوا حضارته  واوقفوا العراق مئات السنين  . (قاتلهم الله )

   ولقد كذبوا على الشعوب كما كذب البابا  اوربان وغيره من قبل ولقد اعترف بوش   فى مؤتمر صحفى فى العراق قبل انتهاء فترة ولايته  مما اثار حفيظة الصحفى العراقى  ( منتظر الزيدى )   فلم يملك الا الحذاء فرشق به بوش  على مراى ومسمع من العالم [167]

الإنتهاكات : لقد إرتكب الصهيو مسيحيون من المجازر مالم يرتكب من قبل  ففى العراق الان الالاف من المشردين  ومن المعاقين ومن الارامل اللائى لا عائل لهن كما سرق المحتلون المقدرات التى كانت من الممكن ان تاخذ بايدى الشعب الى النجاة وكذلك اصيب العراقيين بالأمراض التى لا علاج لها  فمن يرى العراق الان يرثى له .

        وكما قال شاهد العيان ابان الحروب الصليبية انه اينما سار الانسان على جواده سار على الرؤؤس وجثث القتلى  فكذلك فى اغتصاب العراق ذكر شهود عيان امريكان انه اينما سار الانسان فى بغداد كان يشم رائحة اللحم المشوى  وهذا صحيح لأن الامريكان استخدموا فى العراق الاسلحة المحرمة دوليا  واستطاع اليهود واعونهم بما لديهم من ادوات إعلام وإعلان  ان يخدعوا العالم وهم يحاولون ان يجتثوا العراق من جذوره  من تدمير للقرى  والمدن وتلويث المياه وصب الوان البلاء على ابناء العراق حتى يفقدوهم  القدرة على الحركة والعمل والدفاع عن انفسهم

       ولكى يوهم اليهود العالم  ان العراق بخير يقوم الزبانية الامريكان بين الحبن والاخر بعملية تدمير بعربية مفخخه وينسبونها الى القاعدة  وشاء الله ان يكشف زيفهم فيعلنون انهم قبضوا على زعيم القاعدة فى العراق  ثم يعلنون بعدها بفترة انهم تم لهم السيطرة على زعيم القاعدة فى ارض الرافدين  والغريب اننا فى كل مرة نصدقهم ونقول ينبغى على ابناء العراق ان ينهوا تلك العمليات حتى يطالب العالم اليهود والامريكان بالخروج من العراق   وكأننا لم نعى الدرس  ولا حول ولا قوة الا بالله .

النتائج :لقد خسر العدوان الأورو امريكى بعدوانه على المسلمين اكثر ما كان يتوقع من غنائم  فلو كسب بعض البترول فسرعان ما ينفد وكسب بعض الشهرة فسرعان ماتتلاشى ولكن الجروح والالام لن تموت  انما نجح الصهيو مسيحيون فى غرس الحقد والكراهية والرغبة فى الانتقام منهم فى اى وقت وفى اى مكان  ففى نفوس المسلمين الأن من الغيظ مما لو اشتعل  يوما ما لأحرق الاجضر واليابس  .

ولن يكون هذا عجيبا  فانما هم الذين سبقونا الى ذلك تدرى ماذا كان يقول الجندى الصهيومسيحى 

لامه وهو قادم على تدمير بلادنا :اماه اعلى صلاتك , لاتبك , بل اضحكى ,  فانا ذاهب الى ارض المسلمين فرحا مسرورا  سأبذل دمى فى سبيل  سحق الامه الملعونه ساحارب الديانه الاسلامية  ساقاتل بكل قوتى لمحو القران . [168]لماذ كل هذا التعنت ؟ لان الحاخامات شرعوا لابنائهم ذلك  فقد قال الحاخام اليهودى عوفاديا يوسف وهو يصف المسلمين بانهم صراصير وحشرات  وينبغى سحقهم بالاقدام [169]

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                    *  الفصل الرابع     *

 
   

 

إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتواصى بالمرحمة من المـــبادئ التى إن توفرت فى اى مجتمع يصبح مجتمعا مثاليا .لأن المجتمع المثالي هو الذي يأتمر أهلة بالمعروف ويتناهون عن المنكر . وان تعرضوا لمحن نجدهم يتواصوا بالصبر وتبلغ المثالية منتهاها اذا تعامل هذا المجتمع مع المجتمــعات الأخرى بنفس القيم والمبــادئ المثاليـة التى يتعــامل بها بين اهلة .

      لأن الـمجتمع إن عاش اهلة فى تواد وتراحــم بينما يعامل المجتمعات الأخرى بوحشيــة لا يعد مجتـمعا مثاليا على الإطلاق وهذا ما وقع فيه بنو إسرائيل فتواصوا فيما بينهم بعدم السرقة وعدم الزنا وعدم القتل إلا انهم أباحوا هذه الموبقات مع الآخرين فاصبحوا أسوأ نموزج .

     والعجيب ان بنى إسرائيل حين أرادوا  ان  يؤصلوا لهذه المباد ىء الهدامة جعلوها نصوصا في العهدين القديم والجديد ونسبوها تارة لله جل وعلا و تارة للأنبياء لتـحظى بالقدسية للأجيال اليهودية والمسيحية عبر التاريخ مما جعل العالـم يعانى الكثير والكثير من أعمالهم الوحشية .

   وحـين أرسل الحق جل وعلا سيدنا المـسيح عليــه الســـلام لينادى بالسلام والرحمــه ونبذ العنف والقســوه فإذا بهم لا يطيــقون بقاءه فيما بينهم فعاندوه وطاردوه ولم يهدا لهم بال حتى حاصروه ولو لا عناية الله ورفع  المسيــح عليه السلام اليه لفتكوا به .  إلا انه لتثبت عليــــــهم الجريمه شبه الحق جل وعلا أحدهم بالمسيح عليه السلام ومكنهم من الإمساك به وقتله وصلبه  الى أخر ما يزعمون . ولم يكتف اليهود بذلك بل عمدوا الى النصوص النقيه التى نادى بها سيدنا عيسى المسيح عليه السلام وحاولوا أن يضعوا نصوصــا أخرى تناقضها زاعمين انها من فم المسيح عليه السلام إلا انهم نسوا ان النصوص التي  قالـها سيدنا المسيـح عليه السلام تسطـع عليـها أنوار النبوة بينمـا نصوصــهم التى وضعوها تبدو عليــها ظلمات الجـهل والقـسوة واصبح العالم بسببها فى حروب واضرابات ونزاع مستمر.

    فأراد الحق جل وعلا أن يهدى العالم سواء السبيل وان يصحح ما افسده بنو إسرائيل وان يرشد الناس الى الحق والى الطريق  المستقيم فارسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وانزل معه القران الكريم  (  يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ  ) الإسراء/9    لأنه كتاب ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }  هود  1

            وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم باداء  الأمانه وتبليغ الرساله ولم يترك شارده ولا وارده الا نبه اليها ونصح الأمه وهداهم الى الله العلى القدير .ولم ينتقل إلى جوار ربه حتى قال (تركتكم على المحبه البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الاهالك)[170] وصار صحابته رضوان الله عليهم على هذا النهج الطيب حتى قال عنهم المعصوم صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ )[171]     واليك عزيزى القارئ  بعض النصوص من العهدين القديم والجديد  والتي يعتبرها بنو إسرائيل دستورا في التعامل مع الآخرين وسأذكر كيف اثرت هذه النصوص فى أجيالهم حتى قاموا بإرساء مبادئ لا تمت للانسانية ولا للرحمة بصلة مقارنا ذلك ببعض الوصايا من القرآن الكريم  واحاديث المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال صحابتة  رضوان الله عليهم .  لنرى اى  الأمتين أولى بالإتباع وايهما يستحق الامن فى الدنيا والآخرة وايهما يصدق فيهم قول الحق جل وعلا {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } الأنعام82ولنرى اى الأمتين خلطت الصالح بالطالح وخلطت الظلم بالإيمان لتصل فى النهاية( أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً }مريم73

 

 

 

يزعم بنو إسرائيل ان الله جل وعلا أمرهم باوامر ينبغى عليهم القيام بها كاملة وان كانت هذه الاوامر من تلقاء انفسهم وتنم عن قسوة وحقد دفين إلا انهم نسبوها لله جل وعلا فى كتبهم وصدق الله حين قال ({وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }الأعراف

            وحين قرات الأية قلت اى افواة هذه التى جرأت ونطقت بهذه الكلمات واى قلوب قاسية التى استطاعت ان تنسب الفحشاء لله جل وعلا حاشاة وتعالى عن ذلك علوا كبيرا (ان الله لا يأمر بالفحشاء) ولكن سرعان ما تزول الدهشة حين تقلب صفحات كتبهم وترى النصوص التى تامر بالهدم والدمار وهم لا يستحيون من وجودها فى كتبهم بل يزعمون أن الله أمرهم بها  وحتى لا نكون مفترين عليهم اليك عزيزى القارئ بعضا  مما يزعمون وينسبونه لله جل وعلا :                                                                           

 1 - يزعمون ان الله جل وعلا حاشاه يامر بالسرقه

يزعم بنو إسرائيل في العهد القديم ما نصه ( وكلم الرب موسى فى عربات موأب على اردن اريحا قائلا : كلم بنى إسرائيل وقل لهم انكم عابرون الاردن الى أرض كنعان فتطردون سكان الأرض من امامكم وتمحون جميع تصاويرهم وتبيدون كل اصنامعم المسبوكة وتخربون مرتفعاتهم تملكون وتسكنون فيها لانى قد اعطيتكم الارض من امامكم يكون الذين تستبقون منهم شوكا فى أعينكم ومنافس في جوانبكم ويضايقوكم على الأرض التى انتم ساكنون فيها فيكون إنى فاعل بكم كما هممت ان افعل بهم )[172]    يزعم بنوا اسرائيل فى هذه الوصية عدة امور غاية فى الغرابة منها:

1- إن دل هذا فإنما يدل على رغبة بنو إسرائيل فى ابادة السكان من الأرض بل وسرقة الارض من أهلها فهم لا يريدون شعوبا اخرى امامهم او حتى بجوارهم وهذا يبرر لنا ما يفعله اليهود فى فلسطين . كما يبرر لنا ان اليهود لم يقبلوا ان يذوبوا فى الشعوب ولم يستطيعوا نشر الدين بل يفكرون فى إبادة الآخر باى وسيلة فهم يريدون ذلك أهون من إقامة علاقات معهم .

        بخلاف ما كان يحدث من المسلمين الأوائل  كانوا اذا اقتربوا من مدينة دعوا اهلها الى الإسلام فإن أبوا طلبوا منهم جزية مقابل حمايتهم والدفاع عنهم ضد اى عدوان وهذا ما اقره الإسلام حين قال:

{فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }   البقرة137   مما جعل الشعوب التى عايشت المسلمين اقتنعت بالدين الاسلامى وسرعان ما دخلوا فى دين الله أفواجا وذاب المسلمون الأوائل ومن بعدهم فى الشعوب الاخرى حتى لا تستطيع ان تفرق بينهم. لكن اليهود ان دخلوا ارض نجدهم يبيدون سكان الارض التى يريدون الإستقرار بها أو يضايقوهم.

  ب-  يذكر العهد القديم أن اليهود اصبح لهم حق اقتسام الارض بين العشائر اليهودية ، يا سبحان الله – فمن لا يملك اعطى لمن لا يستحق –وليس هذا فحسب بل السؤال الآن: أين سكان الأرض الأصليين إن اقتسم هؤلاء الارض ؟  فهل يصح ابادة شعب ليحل محله آخر ؟ ومن يرضى بذلك؟ اليس من الاولى ان يخالطوهم ويعلموهم ويأخذوا  بأيديهم إلى الإيمان بالله وبالدين الجديد فإنما يدل ذلك على ان اليهود عميت بصائرهم ولم يروا الا الباطل ويريدونه دستورا يرجعون اليه وقت الحاجة فان سئلوا لماذا اذن تبيدون الشعوب الاخرى ؟ يقولون انما هى ارادة الله كما اقتدى بهم البابا اوربان الثاني وأشعل نار الحروب الصليبيه التي دامت قرابة القرنين من الزمان.  قاتلهم الله أنى يؤفكون.

ج-  يزعم بنى إسرائيل في هذه الوصية بأن الرب جل وعلا سينزل عقابه وبأسه باليهود إذا لم يلتزموا بما امر الله به ويقومون بطرد الشعوب الاخرى من الارض , وهذا غير صحيح  , لان الحكمة تقضى أن اعالج الامر كما قال جل وعلا   {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }  التوبة6   أما أن يقوم شعب بإهلاك وإبادة الآخر دون وعى او ارشاد فهذا لا يجوز .

د- لم يذكر بنى اسرائيل هذه الوصية التى تحثهم على سرقة الارض والتأكيد عليها بهذه الطريقة الا بعد ان ذكروا ان نبى الله موسى  عليه السلام (حاشاه) شرع لهم سرقة المصريين فيذكر العهد القديم عند خروج بنى اسرائيل من مصر ما نصه ( فحمل الشعب عجينهم قبل ان تختمر معاجنهم مصرورة فى ثيابهم على اكتافهم وفعل بنو اسرائيل بحسب قول موسى اطلبوا من المصريين امتعة فضة وامتعة ذهب وثيابا واعطى الرب نعمة للشعب فى عيون المصريين حتى اعاروهم فسلبوا المصريين)[173]

        أرايت كيف أحل بنو اسرائيل لانفسهم سرقة اموال الناس وهذا يفسر لنا سبب تعامل اليهود بالربا وسرقة اموال واثار الشعوب , حقا صدق الله جل وعلا حين قال عنهم قولهم (  قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }  آل عمران  75 

          وما فعلوه دفع سيدنا عيسى عليه السلام أن يخبر اليهود بقوله ( لو كنتم ابناء ابراهيم لكنتم تعملون عمل ابراهيم [174]. فالحمد لله أن شهد شاهد من اهلهم وليس اى شاهد انما هو المسيح عليه السلام  الذي ختم الله به أنبياء بنى إسرائيل وجعله مبشرا بالرسول الاعظم محمد صلى الله عليه  وسلم    {  وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ  }  الصف6       

 وظهر هذا واضحا من اليهود والمسيحيين إبان الحروب الصليبية حين جاء الصليبيون من الغرب وأبادوا القرى الاسلامية وهتكوا الأعراض وقتلوا الشيوخ وخانوا الامانة واهانوا النساء وذبحوا الاطفال وحرقوا المسجد الاقصى كما دمروا الاخضر واليابس وحرموا المسلمين من الصلاة فى المسجد الاقصى اكثر من تسعين عاما. بينما تصرف صلاح الدين الايوبى معهم حين نصره الله  وأعاد  إليه القدس تصرفا نبيلا فأعطاهم الأمان فلم يرهق كاهلهم ولم يذبح أبنائهم ولم يهدم كنائسهم أو يغلقها.

2-يزعمون أن الله جل وعلا (حاشاه) يأمر بالفحشاء 

يذكر العهد القديم أن داوود  عليه السلام )حاشاه ( حين ارسل جنوده لمحاربة الاعداء صعد على سطح المنزل ولم يذكروا  ذلك لا لأنه قلق على سير المعركة ولا ليدعوا ربه أن ينصر عباده ، بل ليتابع النساء اللائى يتواجدن فى حديقة منزله ,  فماذا جاء بهن إلى هناك ؟ وكيف تستحم امرأة منهن في حديقة بيت الملك  وكيف تقف عارية ؟ وكيف يمعن فيها نبي الله داوود النظر واسترعت انتباهه حتى أنه لم يتمالك نفسه فأرسل اليها (حاشــــــاه ذلك) ) فأرسل داوود وسأل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بثشبع بنت اليعام إمرأة أوربا الحثى .فأرسل داوود رسلا وأخذها فدخلت اليه فاضطجع معها وهى مطهرة من طمثها ثم رجعت الى بيتها وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داوود  فقالت انى حبلى –[175]

       نحن المسلمين نبرأ  من هذه التهمة التى نسبوها لنبى الله داوود عليه السلام الذى قال عنه الحق جل وعلا فى القرأن الكريم ) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (   ص /26  فهل يجعل الحق جل وعلا خليفة بهذه الأخلاق . وبالطبع لا.

             وما فعلوا ذلك الا ليجدوا مغمزا وطعنا فى نسب سيدنا عيسى عليه السلام .قد سولت لهم أنفسهم المريضه هذا الهراء . وما ينتظر منهم الا ما هو أعجب من ذلك : فقالوا عن معاقبة الله جل وعلا لداوود عليه السلام ماهو أغرب من هذه التهمه, ظننت أنهم سيقولون أن الله أمره بإقامة الحد على نفسه أو بالجهاد إلى آخر هذه الحدود ولكن فوجئت بما لايخطر  لأحد على بال . ترى ماذا قالوا فى علاج هذه المشكلة ؟

      قالوا إن الرب جل وعلا قال لداوود عليه السلام ( لأنك احتقرتنى واخذت امرأة أوربا الحثى لتكون لك امرأة . هكذا قال الرب ها أنذا أقيم عليك الشر من بيتك وأخذ نساءك امام عينيك واعطيهن لقريبك فيضطجع مع نساءك في عين هذه الشمس لأنك أنت فعلت الشر  وأنا افعل هذا الامر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس) [176]. هل يعقل أو يقبل هذا الجزاء ؟ وهل يصدر هذا الحكم من الرب جل وعلا الذى يأمر باالأحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر  ؟  ولكنهم بنوا اسرائيل ،  إنما يريدون متنفسا لما يدور فى نفوسهم المريضة حتى اذا هتكوا الأعراض واستحلوا ما حرمه الله يجدون لهم مرجعية قدسية فى كتبهم.

3-يزعمون أن الله جلا وعلا (حاشاه) امرهم باستعباد البشر

   يزعم بنوا اسرائيل ان الرب جلا وعلا امر موسى عليه السلام باامور غاية فى الغرابة فى التعامل مع المدن المجاورة فيقول (حين تقترب من مدينه لكى تحاربها استدعها الى الصلح0فان أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستبعد لك، ,  وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها  ,  وإذا دفعها الرب الهلك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف    ,  واما النساء والاطفال والبهائم وكل مافى المدينه كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة اعداءك التى اعطاك الرب الهك هكذا تفعل بجميع المدن البعيده عنك جدا التى ليست من مدن هؤلاء الامم ، وأما مدن هؤلاء الشعوب التى يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما )  [177]  في هذا النص :-

1- يزعمون ان الرب جل وعلا امر موسى عليه السلام بأن يستدعى أهل المدن البعيدة للصلح فإن استجاب أهلها للصلح والمسالمة يصبحون عبيدا . بمعنى ان الصلح ماهو إلا خدعة لهؤلاء لا ليعيشوا فى تواد وسلام ورحمه .

2- أما اذا فطن أهل البلاد لهذه الخدعة وحاولوا  الحرب , يزعمون أن الرب امر موسى عليه السلام حينئذ ان يضرب كل ذكورها بحد السيف من الاطفال والشباب والشيوخ وان يسبى النساء ويأكل الغنائم الأخرى .

3- ما سبق كان مع المدن البعيدة اما المدن المجاورة وهى التى احق بالجوار والتعايش السلمى يزعمون ان الرب جل وعلا أمر موسى عليه السلام لا يستبقى منهم أحدا ونحن لا نصدق ولا نؤمن بأن الرب جل وعلا يأمر بسفك الدماء بهذه الطريقه النكراء وهو ارحم الراحمين القائل فى حديثه : انا ارحم بعبدي من الأم بولدها [178]

4- والعجيب ان بنى إسرائيل لم يكتفوا بذكر طرق الابادة هذه فى العهد القديم بل ارسو مبادئ التفرقة العنصريه بين البشر ونسبوها الى بنى الله نوح عليه السلام فيقولون ( وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما وشرب من الخمر  فسكر وتعرى داخل خبائه فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه واخبر أخويه خارجا  , فأخذ سام ويافث الرد اء  ووضعاه على اكتافهما  ومشيا إلى الوراء  وستر عورة ابيهما  ,   فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير فقال   :  ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخوته وقال مبارك الرب اله سام وليكن كنعان عبدا لهم [179].     

   في هذا النص يزعم بنى اسرائيل :

أ    - أن نوح عليه السلام وهو اول المرسلين ومن أولى العزم من الرسل الذى اوصى الحق  جل وعلا نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم ان يقتدى يهم فقال( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) الأحقاف /35  يزعمون انه  عليه السلام شرب الخمر حتى غلبه السكر وتعرى .

ب- يزعمون انه عليه السلام لعن ابنه الصغير وجعله عبدا لاخوته ولا حول ولا قوة الا بالله وما نوح عليه السلام الا بشر، ام يظنون انه إلها يعطى الحرية من يشاء والعبودية لمن يشاء ؟ ام انهم بنوا اسرائيل الذين يبغونها عوجا ،

    ج  -الا انهم كمن افترى كذبة ثم صدقها وشرع يدع اليها وظهر هذا جليا حين ذكروا على لسان ساره عليها السلام انها قالت لابراهيم عليه السلام عن السيدة هاجر عليها السلام ( ورات ساره ابن هاجر المصريه الذى ولدته لابراهيم وهو يمرح فقالت لابراهيم اطرد هذه الجاريه وابنها لان ابن هذه الجاريه لا يرث مع ابنى اسحاق )[180]  

       وظلت هذه النزعة مسيطرة على بنى اسرائيل طوال حياتهم  حتى أكد بولس فى رسالته الى أهل غلاطيه فقال (اذا ايها الاخوه لسنا اولاد جاريه بل اولاد الحره )[181]

اذا فمن يزرع الأحقاد بين الناس ومن يزرع الشوك بين الشعوب الا بنى اسرائيل ولذا يجب على العالم ان يستيقظ لهذه المخططات والافكار الهدامة  وصدق الحق حين قال ( واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك )

4- يزعمون ان الرب جلا وعلا (حاشاه) يحث على القسوه

يزعم بنى إسرائيل أن نبي الله داود عليه السلام (حاشاه) عذب قوما عذابا لا يقدم عليه احد من الناس فيقولون (واخرج داود الشعب الذى كان فيهم ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفوؤس حديد وامرهم فى اتون الاجر وهكذا صنع بجميع مدن عمون )[182]

فى هذا النص والنصوص المشابهه  فى العهد القديم والتى يزعمون ان الرب جل وعلا رضى عنها وامر بها انبياءة صلوات الله وسلامه عليهم وهم من هذا ابرياء من القسوه ما لا يصدقه عقل .

       وإنما هى من وحى شيطانهم وصدورهم الحبيثة والتى لا تنم إلا  عن  حقد وغيظ   دفين  وصدق الحق حين قال (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ  }  آل عمران 118     ونقول لهم كما قال القران الكريم (قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }آل عمران119      

       فأى نبى يجرؤ ان يضع البشر تحت نوارج حديد ويقطع اجسادهم بفؤوس حديد ثم يلقهم فى النيران ونسى هؤلاء ان الانبياء ما بعثوا إلا رحمة للعالمين. وها هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ( أخشى أن امثل بهم فيمثل الله بى )[183]

      ونسوا ان المسيح عليه السلام ٍ يقول ( انى اريد رحمه لا زبيحه ) او نسوا ان داود عليه السلام قال عنه الحق جل وعلا {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ } سبأ10  {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } سبأ11

    أم أن بنى اسرائيل نسوا ما ذكره سيدنا عيسى عليه السلام من محبه وسلام لا للاصدقاء والاخوه فحسب بل نادى بالسلام للاعداء ايضا فقال فى ذلك ( سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك واما انا فاقول لكم احبوا اعدئكم باركوا لا عنيكم . احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ) .[184]

      فهذا المنطق الطيب الذى يصدر من نبى الله عيسى عليه السلام نكن له تقدير ونصدق به ولكن بنى اسرائيل ما تركوا بابا للرحمه إلا واوصدوه فسرعان ما وضعوا نصوصا فى الأنا جيل نحسبها من فكر نبى اسرائيل فيقولون على لسان  المسيح عليه السلام  ( لا تظنوا انى جئت لالقى سلاما على الارضى ما جئت لالقى سلاما بل لالقى سيفا فانى جئت لا فرق الانسان ضد ابيه ) [185]    ولم لا  وقد وضعوا ما هو اشد قسوه من من ذلك فى سفر التثنيه وينسبوه لله جل وعلا فقالوا ان الرب جل وعلا يقول انه سينتقم من البشر فيقول ( اجمع عليهم شرورا وانفذ سهامى فيهم 0 اذ هم خارون من جوع ومنهكون من حمى واسام وارسل فيهم انياب الوحوش مع حمة زواحف الارض  ,   استرسهامى بدم ويأكل سيفى لحما بدم القتلى والسبايا ومن رؤوس قواد العدو [186]0

وصدق الحق حين قال عن بنى اسرائيل  {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }  المائدة13

    والعجيب ان بنى اسرائيل يذكرون هذه العبارات التى تدعوا الى الابادة والانتقام ومن يقرا هذه الالفاظ يشعر انه امام شعب كله جبروت وقوة ولكن الحقيقة هم ابطال من ورق اليسوا هم الذين قالوا لسيدنا موسى عليه  السلام حين رأو فرعون وجنوده ( انا لمدركون ) وكاد الدم يجمد فى عروقهم لولا عناية الله الذى أنقذهم وأغرق فرعون ومن معه ؟  أليسوا هم الذين قالوا لسيدنا موسى عليه السلام حين راو العماليق {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } المائدة24 ا وقالوا فى العهد القديم( ليتنا متنا فى ارض مصر )   ولا نرى منهم إلا جبنا وخذلانا فمن اين جاء ت هذه  القوة المزعومة  .

  ولذا فهذه العبارات لا تدل الا على قوم ملأ الحقد والعداء قلوبهم حتى نضحت على السنتهم هذه العبارات والمبادئ التى ذكرت بعض منها و ما هى الا بعض ما صدر من الاباء من بعد موسى عليه السلام الى زمان مديد أصلوا فيها  للعنف والحقد لابنائهم حتى قست قلوبهم مما ادى بهم الى العصيان والتمرد على اوامر الرب فاذا بهم حين قال لهم الحق سبحانه وتعالى :{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ } البقرة58     نجدهم  {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ   )   فاستحقوا ( فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } البقرة59   و ما إن مرت بهم السنون حتى قيل ( لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } النساء  154   فاذا بهم  تعدوا حدود الله وعصوا الرب يوم السبت  {فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }الأعراف 166  وازدادت قسوة قلوبهم   حتى اتخذوا دينهم لهوا ولعبا    {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }الأعراف51

واصبح الاحفاد صورة من الاباء والأجداد حتى صدق فيهم قول القائل ( من شابه اباة فما ظلم ) فاذا بهم يسجلون افكارا اشد قسوة واكثر حقد وفتكا بالبشر  ووضعوها فى كتاب اطلقوا عليه  .         (بروتوكولات حكماء صهيون )

 

 

 

 

في هذا البروتوكولات يضع بنى اسرائيل الاسس لمجتمع عالمى جديد كما تسول لهم انفسهم فهم يريدون عالما ضعيفا يعيش فى مذلة وصراع ويقوم بنى اسرائيل بذلك بما اوتوا من مال وخداع ونفاق مما يخيل اليهم انهم سيسيطروا على العالم فى نهابة المطاف ولكن هيهات فان الله اخبر عنهم بقوله سبحانه {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }الشعراء54    ولكن يجب الحذر فيما يخططون فانك حين تطلع على مخططاتهم تعرف مدى الخطورة فيما يفكرون ويكيدون ومع ان الحق جل وعلا يقول  {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً }الطارق15   {وَأَكِيدُ كَيْداً }الطارق16 {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } الطارق17 ومع أنى على ثقه بصدق الله جل وعلا فى قدرته ان يجعل كيدهم هباءا منثورا وهذا كائن بإذن الله  القائل جل وعلا( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } الشعراء37 الا انى رايت ان اذكر بعضا من هذه النصوص  :  وإليك  عزيزى القارىء بعضا من هذه البروتوكولات :

1- اعتراف بنى اسرائيل  بانهم ارهابيون :

- يقول واضعوا هذه البروتوكولات فى البروتوكول التاسع ( إن لنا طموحا لايحد وشرها  لايشبع ونقمة لاترحم  وبغضاء لاتحس 0 اننا مصدر ارهاب بعيد المدى واننا نسخر فى خدمتنا اناسا من جميع المذاهب والاحزاب  ,  من رجال يرغبون فى اعادة الملكيات واشتراكين وشيوعين وحالمين بكل انواع الممالك الفاضله ولقد وضعناهم جميعا تحت السرج وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ولقد خدعنا الجيل الناشئ من الاممين وجعلناه فاسدا )0 [187]

فى هذا النص : بدت البغضاء من أفواهم حقا واظهروا ما كانو يخفونه واعلنوا عما يدور بخلدهم فذكرو ان طموحهم ليس له حدود ,  ولاحرج فى ذلك ولكن ان يتم لهم ذلك بناء على الانتقام والبغضاء لشعوب الارض   , معلنين انهم مصدر الارهاب فى العالم وحقا هم كذلك ويرتكبون من الجرائم النكراء من اغتبالات لقيادات بارزة ، واشعال فتيل الازمات بين طوائف الشعب الواحد ، ويشيعون الفتنة والارهاب ثم يتهمون الاخرين بما هو فيهم وبما هم فيه. وتحقق لهم ذلك فهم استطاعوا ان يستغلوا غباء وطمع بعض الحالمين بالسلطة فجعلوهم مطية ليصلوا بهم الى ما يريدون ثم ليعدموهم فيما بعد  . وينقلبوا الى اخرين ليحققوا لهم ما يصيبوا اليه فعلى الجميع ان يحذروا مكر هؤلاء وكيدهم .

2 -اعترافهم بانهم الذئاب:

- لقد ذكر اليهود فى البروتوكول الحادى عشر وصفا عجيبا للشعوب الاخرى المجاورة فهو لا ينم الا عن قوم بهت لا يقدرون الناس حق قدرهم ويظنون انهم هم شعب فوق العادة ويتصرفون مع الشعوب الاخرى من المنطق الذى يفكرون به وهو ( إن الاممين كقطيع من الغنم وإننا الذئاب فهل تعلمون ما تفعل الغنم حين تنفذ الذئاب الى الحظيرة ؟ انها تغمض عيونها عن كل شئ 0 الى هذا المصير سيدفعون ) [188]

فى هذا النص :  لايستحى بنوا  إسرائيل أن يصفوا الشعوب الأخرى بالقطيع ويصفون أنفسهم بالذئاب بل وعلى استعداد أن ينقضوا على الشعوب الأخرى فى اى وقت لينهشوا لحمها ويمتصوا دمائها ولكى نقرب المسالة بين الاحفاد والاجداد ولنعلم ان اول الكتابات واخرها ينتمى الى فئة واحدة وانه ليس من عند الله ما وضعوه  فى العهد القديم  ونسبوه الى نبى الله يعقوب  ،

        فقالوا ان نبى الله يعقوب وهو يوصى ابنائه لحظة موتة قال لبنيامين ابنه ( بنيامين ذئب يفترس فى الصباح ياكل غنيمة وفى المساء يقسم نهبا )[189]  ونحن على ثقة من براءة نبى الله يعقوب من هذه النبوءة براءة الذئب من دم ابنه يوسف عليه السلام انما هم الذين اختلقوا فكرة الذئب يوم قالوا  لابيهم كذبا  {قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } يوسف17   

     ونحن لا نصدق ما ينسبونه الى نبى الله يعقوب لان الحق جل وعلا اخبرنا فى القرآن الكريم بان نبى الله يعقوب قال لابنائه وهو يحتضر {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة133    فهذا هو المنطق الذى يصدر من نبى لأولاده لحظة انتقاله الى جوار  ربه . اما ان يصف احد اولاده بانه ذئب فهذا غير صحيح .

 إلا ان الاباء وضعوا الأساس فى العهد القديم  وسار الابناء والاحفاد على الدرب فهم  يرون انهم ينفذون الوصية التى ذكرت فى العهد القديم  وليس هذا فحسب بل هناك مخطط اخر اذا لم يستطيعوا الانقضاض  على الاممين وابادتهم فيقولون فى نفس البرتوكول الحادى عشر ( فسنعدهم بااننا سنعيد اليهم حرياتهم الضائعه  )[190]

         وهذا المخطط وسيله اخرى من وسائل الخداع تدل على نواياهم الخبيثه فإن نزلوا بأرض لن يخرجوا منها بل يستوطنوا بها وهذا نراه واضحا فى فلسطين وان حاول اهل هذه البلاد المطالبة بارضهم يجدون انفسهم دخلوا في مفاوضات ووعود لانهائية 0

3- خداع بنى اسرائيل للبشرية :

- راينا كيف يخدع اليهود الشعوب مستغلين ما لديهم من مكر و دهاء فى سرقه الاوطان فان تمردت هذه الشعوب فاذا باليهود قد وضعوا مخطط اخر للرد على هؤلاء فى البرتوكول الخامس عشر ( لكى ترد كل الجماعات الامميه على اعقابها نستخدم معها اجراءات لارحمة فيها بمثل هذه  الاجراءات ستعرف الامم ان سلطتنا لا يمكن ان يعتدى عليها ) [191] وليس هذا فحسب بل يؤكدون انهم لن  تاخذهم شفقة مع هذه الشعوب فيقولون ( ويجب الا يعتد بكثرة الضحايا الذين سنضحى بهم للوصول الى النجاح فى المستقبل لاننا لا نعتد بالضحايا من ذرية اولئك البهائم من الاممين. وعقل الاممى لكونة ذا طبيعة بهيميه محضه غير قادر على تحليل اى شئ وملاحظتة) [192]

  أرايت عزيزى القارئ كيف يرى اليهود العالم والى اى مدى يحتقرونهم وانهم لا يبرحون فى التفكير السئ الذى ينون به تدمير العالم وصدق الحق حين قال {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }المائدة52

4- مكر بنى اسرائيل وخبثهم

- واذا ادرك العالم هذة المخططات وشرعوا يعدون العدة لمقاومة هؤلاء المعتدين الآثمين فاذا باليهود قد وضعوا خطة اخرى لاحباط هذة المقاومة ونرى ذلك واضحا فى البروتوكول السابع ( ويجب ان ننشر فى سائر الاقطار الفتنة والمنازعات والعداوات المتبادلة ولكى نصل الى هذة الغايات يجب ان ننطوى على كثير من الدهاء والخبث خلال المفاوضات والاتفاقات ولكنا نتظاهر بعكس ذلك كى نظهر بمظهر الامين المتحمل للمسئولية   وهذا ما نلحظه من تصرفات بنى اسرائيل فهم دائما يظهرون امام العالم بانهم هم الحريصون على مصلحة الشعوب التى يحتلونها فى الوقت الذى يبثون فية الفرقه والعداوة والنزاع بين طوائف اهل البلدة الواحدة ونراهم متميزون فى المراوغة واذا اجبروا يوما على المفاوضات فسرعان ما يروغون كما تروغ الثعالب والا كشروا عن انيابهم لعل الآخرين يخشون شوكتهم .

            فيقولون ( ويجب علينا ان نكون مستعدين لمقابلة كل معارضة باعلان الحرب على جانب ما جاورنا من بلاد تلك الدول التى تجرؤ على الوقوف فى طريقنا ولكن اذا غدر هؤلا الجيران فقرروا الاتحاد ضدنا فالواجب علينا ان نجيب على ذلك بخلق حرب عالمية ) حقا من شابه اباة فما ظلم  .

            ان هذا النص شديد الشبه بالنصوص التى ذكروها فى العهد القديم ونسبوها لله جل وعلا حيث يزعمون ان الرب جل وعلا امر موسى عليه السلام بمقاتلة البلاد البعيدة عنهم وابادة اهل البلاد المجاوره. وصدق الحق حين قال ({وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } سبأ38

5-  مراوغة بنى اسرائيل

- وادرك اليهود ان هناك حلا افضل من المراوغة والقتال ألا وهو القيام بتجريد الشعوب الاخرى من السلاح فيقولون فى البروتوكول الخامس ( تجريد الشعب من السلاح فى هذه الايام اعظم  من دفعه الى الحرب واهم من ذلك ان نستعمل العواطف المتاججة فى اغراضنا بدلا من اخمادها وان نشجع افكار الاخرين ونستخدمها  فى اغراضنا بدلا من محوها . ان المشكلة الرئيسية لحكومتنا هى كيف تضعف عقول الشعب بالانتقاد ؟ وكيف تفقدها قوة الادراك التى تخلق نزعة المعارضة وتسخير عقول العامة بالكلام الاجوف ؟ )

واسرائيل تحاول تطبيق هذا البروتوكول فى الاراضى الفلسطينية المحتلة بمحاولة نزع سلاح المقاومة إما فى فلسطين او جنوب لبنان ومحاربة حزب الله وليس ادل على تنفيذ هذا المخطط ما تفعله امريكا بايعاذ من اليهود فى محاربة اى دولة تمتلك سلاح نووى سواء كانت هذه البلاد بعيدة عن اسرائيل او قريبة .

       المهم ان اليهود لا يريدون لاحد من الشعوب ان يمتلك سلاح كما اننا نلحظ ان اليهود يحاولون استغلال افكار الشعوب الاخرى وتحويرها لصالحهم وخاصه فى الاعلام الغربى والاسرائيلى الذى استغل عدم مقدرة العرب على الوصول اليهم وقاموا بتشويه الحقائق لدى شعوبهم فاستطاعوا كسب الراى العام لصالحهم مما جعل العالم يقول نعم لاحتلال العراق نعم لاحتلال افغانستان نعم لضرب الفلسطينيين ونعم لنزع سلاح المقاومة حقا (  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46

     وهذا نتيجة لاطلاعهم الكامل على افكارنا وخططنا وثقافتنا بعكس العرب الذين قد لا يعلمون شيئا عن بنى اسرائيل ولا عن ماضيهم ولا عن خططهم وبالتالى يبدوا للعرب حين تقدم اسرائيل على تصرف ما يخيل الى العرب ان التصرف وليد اللحظة والموقف  ,    بينما هذا التصرف معد له  ومرتب له من عشرات السنين وهذا الذى يدفعهم الى فض المفاوضات دون الوصول الى قرار الا اذا كان فى صالحهم مائه فى المائه وحتى يضمنوا الراى العام قالوا  :

 ( ولضمان الراى العام  يجب اولا ان نحيرة كل الحيرة بنظريات من جميع النواحى لكل اساليب الاراء المتناقضة حتى يضيع الاممين وعندئذ يفهمون ان خير ما يسلكون من طريق هو ان لا يكون لهم راى فى المسائل السياسية هذة المسائل لا يقصد منها ان يدركها الشعب بل يجب ان تظل من شمائل القادة الموجهين فحسب )

            وهكذا استطاع بنو اسرائيل ان يضللوا الشعوب بافكارهم المسمومة والعجيب انهم يحققون اهدافهم التى يخططون لها فى غفلة من الشعوب ولذا فعلى العالم ان يستيقظ ويقرا ويقف على اخر ما يفكر فيه هؤلاء وكفى دمارا وكفى استغلال لثروات الشعوب والسيطرة على افكارها بهذه الطريقة تحقيقا لقول الحق جل وعلا (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ) المائدة /  82    وقوله تعالى {وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }آل عمران73

6- إضرار بنوا إسرائيل  برجال الدين الإسلامى

- وبعدما نجح اليهود فى وضع المخططات التى يستطيعون بها التأثير على الشعوب الأخرى ووضع مخططات لارباك الامم الأخرى وتضليلها خطر ببال اليهود أن رجال الدين الاسلامى بما لهم من تأثير فطرى على المسلمين بالقرآن والسنة يستطيعون رد الناس إلى الصواب وارشادهم واظهار  خداع اليهود وكذبهم ومن ثم فحرص اليهود على التقليل من شأن رجال الدين الاسلامى قدر المستطاع حتى لايصبحون قدوة صالحة يقتدى بهم فقالوا :

( وقد عنينا عنايه عظيمه بالحط من كرامة رجال الدين من الأممين فى أعين الناس وبذلك نجحنا فى الاضرار برسالتهم التى كانت من الممكن ان تكون عقبة كئود فى طريقنا وان نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوما فيوم ) وتطبيقا لهذا البروتوكول حاول اليهود عبر التاريخ ان يضروا برجال الدين الاسلامى قدر استطاعتهم فرايناهم يصورون رجال الدين على شاشات التلفاز فى الأفلام بصورة هزلية تدعو الى السخرية بإظهارهم بأسلوب ركيك وحاول مخرجوا بعض المسلسلات أن يظهروا رجال الدين بمظهر ردئ وقد يجعلوا لمن يقوم بدور  رجل دين دور هزلى قد يقف  بجانب الظالم وعدم مقدرته قول الحق حتى أصبح بعض ضعاف النفوس لايحترم العلماء  . 

 

 

 

 

* الأسس والمبادئ التى نادى بها الإسلام

        إن الجوار من أهم الأسس والمبادئ التى نادى بها الإسلام واكد عليه القرآن الكريم فى كثير من آياته الكريمه فقال جل وعلا {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }   النساء 1

    وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى فى الحديث الشريف الذى يقول فية " كلكم من آدم وآدم من تراب " [193]    فالنبى محمد صلى الله عليه وسلم انما اراد ان يخبر الجميع غنيا كان ام فقيرا ,  عزيزا كان ام وضيعا,   ان لا فرق بينهم  لان الجمع يرجع نسبه لآدم عليه السلام كما ان الانسان لاينبغى ان يفتخر على اخيه ,  فالانسان خلق من تراب . انما الفخر والفضل يرجع لصاحب التقوى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } الحجرات13    

      ومن ثم حذر القرآن الكريم الانسان الايسخر من اخيه فقال سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11

ثم اكد النبى صلى الله عليه وسلم على حق الجار فقال ( والله لايؤمن قيل من يا رسول الله قال من لايآمن جاره بوائقه : قيل وما بوائقه قيل شروره ) [194]

   *   حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاخرين.

واذا قيل ان هذا ما اسسه  الرسول صلى الله عليه وسلم للمجتمع المسلم  ,  نقول نعم ولكن اكد الرسول صلى الله عليه وسلم على حق غير المسلم اكثر من ذلك الايكفى غير المسلمين قول النبى صلى الله عليه وسلم (من آذى  ذميا  فانا خصمه يوم القيامه )[195] كما ان الحق جل وعلا امر النبى صلى الله عليه وسلم ان يحسن ويقسط لغير المؤمنيين ما داموا لم يشهروا السلاح فى وجه المسلمين  . {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8 فحق الجوار مكفول فى الاسلام للجار المسلم وغير المسلم وحسابهم على الله وليس أعجب من تنبيه الحق جل وعلا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }الغاشية21 {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ }الغاشية22

     والسيرة النبوية العطرة تشهد بالرحمة وحسن المعاملة مع الاخر مسلما كان او غير مسلم حتى مع البيئه نهى النبى صلى الله عليه وسلم الانقطع الاشجار ولا تردم الآبار ولا يهدم البناء عملا بقول الحق جل وعلا {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف56 

   *   بعض وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم .

  واليك عزيزى القارئ بعضا من وصايا النبى صلى الله عليه وسلم ولنرى الفارق بين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والذين عاثوا فى الارض الفساد والزاعمين ان الله جل وعلا امرهم بما يفعلون ولنرى حقا ان الله جل وعلا يأمر بالعدل والاحسان ويحث على الكرم وحسن الجوار وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى.

1- روى اسماعيل بن رافع المدنى ثعليه بن صالح عن سليمان بن موسى عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال : أخذ بيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى قليلا ثم قال يا معاذ

  (  أوصيك بتقوى الله ،  وصدق الحديث ، ووفاء العهد ، وآداء الأمانة ، وترك الخيانة ، ورحم اليتيم ، وحفظ الجوار ، وكظم الغيظ ، ولين الكلام ، وبذل السلام ولزوم الامام ، والتفقه فى القرآن ، وحب الأخرة ، والجزع من الحساب ، وقصر الأمل ، وحسن العمل ، وأنهاك أن تشتم مسلما ، أو تصدق كاذبا ، أو تكذب صادقا أو تعصى إماما عادلا ، أو أن تفسد فى الأرض ، يا معاذ إذكر الله عند كل شجر وحجر ،  وأحدث لكل ذنب توبه السر بالسر والعلانية بالعلانية . )[196]  صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

*حقا صدق من سماه الرؤوف الرحيم فكل فقرة من الوصية الغالية كفيلة بصلاح العالم كله ، لأن بها  قوام المجتمع فإذا التزم الناس بتقوى الله جل وعلا وأشفق كل إنسان على اخيه تطبيقا لقول الحق جل وعلا

         {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }  النساء1  ولو التزم كل إنسان الصدق فيما يقول وفيما ينقل من حديث إمتثالا لأمر الحق رسبحانه وتعالى {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء36

         ولو أدى كل مؤتمن أمانته كما أوصى النبى صلى الله عليه وسلم وكما أمر الحق جل وعلا فى القرآن الكريم بقوله {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً } النساء58  

  ولو راعى كل إنسان حق أخيه ولم يخن بعضهم بعضا مصداقا لقول الحق جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } الأنفال27

إذا التزم البشر بهذه الوصايا الحميدة فلن يشعر احدهم بالقلق حقا لأنه يشعر بالامان فى المعاملات والبيع والشراء والجوار وحتى لو فارق الحياة لن يكون حزينا مرتجفا على أولاده وتركته لأنهم سيصبحون بين أيدى أمينة أرحم بهم من والدهم عملا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال ( وارحم اليتيم ) وقول الحق سبحانه وتعالى

 {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ }

     بل أوصى الحق جل وعلا القائمين على أموال اليتامى أن يتقوا الحق جل وعلا فى أموالهم فقال وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً }النساء6.

*كما أكد الحق جل وعلا على حسن الجوار {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } النساء36 -

   ولم يوصى الاسلام بالإحسان فحسب بل أوصى بالعفو والصفح إذا تعرض الإنسان لضغط نفسي أو أخطاء من آخرين فالرسول صلى الله عليه وسلم يوصينا بقوله (وكظم الغيظ ) والحق جل وعلا يقول :( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } آل عمران134  وقال الحق جل وعلا {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } الحجر85**كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم المرء ان يكون ذا بصيرة فلا يردد ما يسمع دون وعى او تفكير فقال صلى الله عليه وسلم ( لايكونن احدكم معه اذا احسن الناس احسن واذا اساء الناس اساء ولكن وطنوا انفسكم اذا احسن الناس ان تحسنو واذا اساءوا فلا تسيئوا) [197]

بهذا يستقيم المجتمع وألا سيصبح الفرد كالببغاء مجرد صدى صوت لما يسمع بهذا يضر بنفسه والمجتمع لانه ليس كل ما يقال صدق وليس كل ما يقال كذب ومن  ثم  فليس كل ما يقال ينقل ولكن ( لكل مقام مقال ) فان ادرك الانسان انه مسئول عما ينطق به 

     {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }ق18  فلن ينطق الا بخير ولن يفعل إلاخيرا بما يصلح به العباد حينئذ يسود الأمن وتسود الطمأنينة يستحق المجتمع قول الحق جل وعلا :{ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الفتح26

 واوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالاصلاح بين الناس مصداقا لقوله الحق جل وعلا{ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } الأنفال1   كما اوصى المسلمين  ان يذكرو الله على كل حال وفى كل مكان لان الذكر لله عباده  .

     والحق جل وعلا يقول {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } البقرة152   وذكر الله اعز واعظم من كل شئ  ,  وقال سبحانه وتعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } العنكبوت45  كما ان الذكر يعصم الانسان من الوقوع فى الاثام {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } الأعراف201

        واراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يذكر المسلم ربه عند كل حجر وشجر ليذكر نعمة ربه وفضله عليه الذى أمد الإنسان بما يحتاج من ماء وغذاء وظلال وثمار {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }النمل60  

       ويرى الإنسان قدرة الله الذى يخرج من هذه الأشجار الثمار مع اختلاف الوانها وانواعها وجميعها يسقى من ماء واحد   {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }الرعد4

    كما ان هذه الاشجار تشهد للانسان الذى شكر الله وذكر فضله عليه فيصبح الكون كله فى تناغم لان {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } الإسراء44 فيذوب الانسان مع البيئه ويشعر الجميع انهم حق (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } النمل88 فان ادرك الانسان ذلك فلن يفسد فى الارض ولن يقتل احدا ولن يدمر بناءا ولن يبيدا شعبا  ولن يحرق الاخضر واليابس مصداقا لقوله ربه جل وعلا {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } الأعراف56

       حينئذ يسجد الانسان للحق جل وعلا {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }ق16 الذى يغفر الذنوب 0 ويعفوا عن السيئات بل يبدلها حسنات لمن امن وعمل الصالحات {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70

* أرأيت عزيزي القارئ الفارق بين هذه الوصية المحمدية الغالية وبين ما رأيناه من قبل في نصوص العهد القديم و في البروتوكولات 0 وإذا اعترض احد وقال ان هذه الوصيه انما هى  مباءئ للمسلمين فحسب نقول لهم لا ليس الامر كذلك لان رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ليس للعرب وللمسلمين وحدهم بل ارسله الحق جل وعلا للعالم باسره {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } سبأ28 

     وقال جل وعلا عنه صلى الله عليه وسلم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء107 وحتى يعلم هؤلاء المبطلون الذين يحاولون النيل من قدر المعصوم صلى الله عليه وسلم ان محمد صلى الله عليه وسلم ارسى مبادئ الأمان والسلام والوئام بين بنى البشر جميعا وحث عليهم فقال ( من اغاث ملهوفا كتب الله له ثلاث وسبعين مغفره واحده فيها صلاح امره كله وثنتان وسبعون له درجات يوم القيامه )  [198]

      أرايت مدى حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على بنى الانسان ايا كانوا فلم يحدد جنس الملهوف ليجعل هذا الثواب لمن يغيث الملهوف ايا كان دينه او جنسه بعكس اليهود الذين قالوا فى التلمود (لوث كل طاهر احرق كل اخضر  دمر كل يابس اقتل الصالح من غير اليهود) يقولون( إذا وجدت اممى فى بئر فسد فهوته بحجر ) [199]

       ولهذا اكرم الحق جل وعلا النبى محمد صلى الله عليه وسلم وامته فقال سبحانه وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا)   اليقرة /143 كما قال جل وعلا عنهم (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ)  ال عمران /110   وصدق قول المعصوم صلى الله عليه وسلم عن نفسه حين قال ( انما انا رحمة مهداة ) [200]

     وظهرت هذه الرحمة بوضوح فى معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم الاخرين فىالحروب ووصاياه صلى الله عليه وسلم لاصحابه   تجاههم فى الحروب والمعاهدات فى الاوقات التى يستغلها اليهود في ابادة العالم نجد المعصوم صلى الله عليه وسلم  يضع أسسا ومنهجا للرحمة ولم لا وهو انما يجاهد لتكون كلمة الله هى العليا والله جل وعلا لايريد الدمار لخلقة {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً } النساء147 والرسول صلى الله عليه وسلم حريص على إرضاء ربه جل وعلا .

2- وفوق ما سبق نجد  النبى صلى الله عليه وسلم يوصى اصحابه وهم فى طريقهم الى الجهاد وصايا حكميه تدل على انها خرجت من فم {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى }النجم3  ومن رجل قال الحق جل وعلا عن قلبه {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى }النجم11   وتدل انه حقا كما قال عنه ربه جل وعلا {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4   

          لأننا نقرأ عن قادة وجيوش لم يراعوا حرمة الانسانية هلكوا الأخضر واليابس إذا تمكنوا من شعب استحلوا ما حرم الله وسرقوا حضارته وشوهو تاريخه ومعالمه حقا {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ }التوبة10

      أما الرسول صلى الله عليه وسلم فيوصى اصحابه بقوله( إنطلقوا باسم الله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا إمرأة وضموا غنائمكم واصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) [201]

      وليس هذا فحسب بل أكد النبى صلى الله عليه وسلم على هذه الأخلاق وشدد عليها أيما تشديد فقال فى وصيه أخرى ( أوصيكم ونفسى بتقوى الله وبمن معكم من الجند أغزوا باسم الله لا تغدروا ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا كبيرا فانيا ولا منعزلا فى صومعته ولا تقربوا نخلا ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا بناءا )  [202]

     *إن هاتين الوصيتين وكذلك كل وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم تدلان دلالة قاطعة على أن ما ذكر فى العهد القديم من نصوص تدعوا لابادة الشعوب وسرقة الارض واغتصاب الاموال وتشريد البشر لهو إفتراء وكذب على الله جل وعلا وعلى انبيائة صلوات الله وسلامه عليهم لان جميع الانبياء ارسلهم الله الواحد الرحمن الرحيم برسالة واحدة

       وهى ان( اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا )وهو القائل جل وعلا ( ورحمتى وسعت كل شئ ) فمن المحال أن يأمر الرب جل وعلا بعض انبيائة بالرحمة ويأمر الآخرين بالغلظة والقسوة ؛ كما لو أن الأمر كذلك : لماذا أرسل الحق جل وعلا الأنبياء للناس ؟

      فلو أن الله جل وعلا يريد هلاك البشر ما ارسل اليهم المرسلين ليخرجوهم من الظلمات الى النور ومن الضلالة الى الهدى بل ولما خلقهم ؟ وفوق ذلك تخبرنا كتب السير أن الأرض والبحار والجبال والسماء تريد التخلص من البشر مما تراه من سفك الدماء والظلم الا أن الحق جل وعلا يقول لهم ( لو خلقتموهم لرحمتموهم[203]

      وليس ادل على كذب اليهود وافترائهم على الله جل وعلا وعلى أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم من قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي ( ياعبادى انى حرمت الظلم على نفسى وجعلتة بينكم محرما فلا تظالموا )   [204]   فكيف يحرم جل وعلا الظلم على نفسه ويجعله محرما بين خلقه ويعاقب عليه اشد العقاب   .

   بل ويتوعد الظالمين بعذاب فى الدنيا والآخرة ففى الدنيا اخبرنا سبحانه بقوله { وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ }إبراهيم27 فى الآخرة (وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً }  الفرقان37    فهل بعد ذلك نصدق ما زعمه اليهود ونسبوه لله جل وعلا فى العهد القديم .    فلو ان لليهود حظاً في الآخرة لتفكروا فى القرآن الكريم ووصايا المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم وسيعلمون ان القرآن كتاب ينطق بالحق وان محمد صلى الله عليه وسلم انما ارسله ربه رحمة مهداة ولذا اخبر الحق جل وعلا انه من يتبع نبيه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم  من المفلحين     لقوله جل وعلا  ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157

        وإذا سال سائل  هل كانت شريعة موسى بها هذة الامور المختلطة من انحلال ومحرمات حتى استدعى الأمر أن يرسل الحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث؟ نقول له :

        إن الشرائع السماوية من لدن آدم  عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وسلم تدعوا الى الطيبات {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }المؤمنون51  ولكن بنوا اسرائيل غيروا وبدلوا وشدد الكهنة والأحبار واختلقوا أمورا لم تكن موجودة فى التوراة حتى يتسنى لهم السيطرة على الناس وظن الاحبار أنه كلما شددوا فى التعامل مع اهليهم فى الاوامر والنواهى كانت مكانتهم اسمى وأرقى [205]

      من هنا نشأت محرمات كانت حلال واحلوا محرمات ولذا كان بنوا اسرائيل فى حاجة لمن يرشدهم ويعيدهم الى الطريق المستقيم وصدق الحق اذ يقول {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ } المائدة15

3-  واذا قال احدهم ان ما سبق من وصايا انما كانت من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو نبى لله وملتزم بشرع ولا يستطيع ان يحيد  عنه ولكن ياترى ما هى اخلاق ووصايا من أتى بعده . ؟

نقول لهم ان الرسول صلى الله عليه وسلم استطاع ان يربى أصحابا بلغوا من الكمال درجة لم يبلغها احد الا رسول الله قال عنهم الحق جل وعلا  ( كنتم خير امة اخرجت للناس )

      وامنوا بالله وبرسوله وباليوم الآخر والكتب والملائكة إيماناً لا يخالطه شك حتى قال عنهم الحق سبحانه وتعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285 وجاهدوا  في الله حق جهاده فلم ترى الدنيا لهم مثيل فلم يبيدوا شعوبا ولم يحرقوا أخضراً ولم يدمروا يابسا ولم يترفعوا عن خلق الله بل ضربوا اروع الامثال فى الشهامة والعزة والكرامة مما ادهش شعوب الارض انذاك .

      ورأوا فى اصحاب محمدا صلى الله عليه وسلم ما لم يروه في احد من أتباع نبى قبله فدخلوا في دين الله افواجا راضيين مختارين وعلموا الناس ان السيف ما هو الا وقاية ودرأ للمخاطر وليس سلاحا مجنونا يشهر فى وجه العدو والصديق والضعيف أو يشردوا به خلق الله كما أنهم ارشدوا الناس الى الصواب فاخرجوهم من عبادة العباد والدينا وزخارفها إلى عبادة رب العباد كما علموهم ان الدنيا مزرعة للآخرة وانها مرحلة انتقالية

      وبعدها يلقى الإنسان ربه فيحاسبه على ما قدمت يداه فما ينبغى على الانسان حينئذ أن يحمل منها مالا يطيق مصداقا لقول المعصوم فى وصيه لأبى ذر (أحكم السفينة فإن البحر عميق واستكثر الزاد فإن السفر طويل وخفف ظهرك فإن العقبة كئود وأخلص العمل فان الناقد بصير)[206]

      ولذا فتحت الدنيا زراعيها واستقبلت أصحاب محمد كالأم التي كادت ان تثكل أبنائها فإذا بهم يعودون اليها  منصورين مرفوعى الرؤوس فطارت تعانقهم وعرف أصحاب محمد للناس حقوقهم فما ظلموا ولا اغتصبوا ولذا قال عنهم الحق جل وعلا

       {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة100   وحتى لايكون الكلام مرسلاً فإليك عزيزي القارئ بعضا من وصايا اصحاب الرسول محمد والتابعين من بعدهم لنرى الفارق بين وصاياهم النبيلة ووصايا ابناء اليهود فى البروتوكولات لنرى حقا صدق الله حين قال {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }الأعراف58 

* وصية الصديق رضى الله عنه .

ا-نبدأ هذه الوصايا بوصية الرجل العظيم ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار)التوبة /40    صديق الأمه , خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصى قادة جيوشه فيقول ( لاتخونوا ولا تغدروا ولا تقتلوا ولا تحرقوا ، ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا تعذقو نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا )

       الله اكبر وكأننا نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم لا وهو الصديق ابو بكر الذى قال عنه المعصوم صلى الله عليه وسلم ( ما دعوت احدا الى الاسلام الا وجدت عده كبوة الا ابو بكر ) وقال عنه صلى الله عليه وسلم ( ما نفعنى مال احد مثل ما نفعني مال أبو بكر وما نفعنى إيمان احد مثل ما نفعني إيمان أبى بكر فآمن بى حين كفر الناس وواسانى بما له حين حرمنى الناس

        وقال الحق جل وعلا {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى }الليل17{الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى } الليل18 {وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى }الليل19{إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى } الليل20{وَلَسَوْفَ يَرْضَى } الليل21

         أرأيت عزيزي القارئ هذه الوصية الغالية وما تدعوا إليه من رحمة وتخيل معى انها لجيش يقاتل أعداء الله قال عنهم الحق جل وعلا (  سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً }الفتح16  ومع هذا يوجههم الصديق بكل الرحمة وهو يعلم انهم رحماء بشهادة الحق جل وعلا حين قال

        (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً)   الفتح /29 فاذا جمع المجاهد بين الشدة والرحمة تجده نموذجا فريدا فلم يقاتل الا من يقاتله ولن يتجاوز الحد فى القتال فلا يمثل بقتيل ولا يقطع الاشجار والثمار ولا يضيق الخناق على العدو حتى يهجر الارض او يدفن فيها وحقا كانوا كذلك وليس معنى ذلك انهم كانوا رهبانا لا .

      ولكن لكل مقام مقال ولكل موقف ما يناسبه, في الميدان أمروا أن يقاتلوا بضراوة ترهب الجميع {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } الأنفال57ولعل قائلا يقول هذه الرحمة ليست غريبة على ابى بكر الصديق فهو رجل رحيم بطبعة كما أن صحبتة للرسول صلى الله عليه وسلم وقربه منة زاد من رحمتة ورأفتة  ,  نقول لهم نعم  , 

      هو كذلك ولكن ليست رحمة الضعيف الذي لا حيلة له إلا السكون والخشوع حتى يقال عنه انه رحيم لا ؛ ولكن للصديق مواقف فريدة لم يقفها غيره وفوجئ بها الجميع وليست مواقف عادية بل كانت مواقف عصيبة كادت تعصف بالأمة وهى تخطوا اولى خطواتها بعد انتقال نبيها صلى الله عليه وسلم الى جوار ربة ومنها :-

أ- حين انتقل المعصوم صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربة اظلمت الدنيا فى وجوه الصحابة ومنهم من طاش عقله ومنهم من قال بان محمد صلى الله عليه وسلم لم يمت وكلهم غلب عليهم البكاء ووقف تفكيرهم حتى الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : من قال بان محمدا قد مات ساضربة بسيفى هذا. ولا شك اننا نلتمس لهم العذر  .

        لأن أرواحهم كانت معلقة برسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا انتقل من بينهم ومعه أرواحهم فلابد ان يحدث هذا . وفى وسط هذا الوجوم والتخبط ينقذ الحق جل وعلا الأمه بالصديق رضي الله عنه فيدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقبله في جبينه الطاهر ويقول (طبت حيا وميتا يا رسول الله) ثم يخرج على الناس ويقول على رسلك يا عمر ثم صعد المنبر وقال( أيها الناس من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حى لا يموت)

       ثم تلى قول الحق سبحانه وتعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ } آل عمران144   هنا ادرك الجميع الموقف وعلموا  أن هذا قدر الله وسنته فى خلقه وهم يؤمنون بان سنة الله جل وعلا لا تتبدل  ولا تتغير فإستكانوا  مع أن الحزن يملأ قلوبهم وظل موت رسول الله هو الحدث الاكبر فى حياتهم حتى اذا اصابت احدهم مصيبة عزى نفسه بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يتذكر  مصابه في رسول الله صلى الله عليه وسلم.  

ب- وحين علم الصديق ان الانصار اجتمعوا فى ثقيفة بنى ساعده ليختاروا خليفة لرسول الله صلى الله علية وسلم أنقذ الموقف واخذ عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهما وسمعوا ما قالت الانصار وما يريدون.

         منهم من أراد أن يكون الأمير من الأنصار ومنهم من أراد أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير .  ولولا فضل الله وعفوه بهم ووجود الصديق ذو الرأى السديد الذى حسم هذا الخلاف بكلمات حكيمة فاخبرهم   فقال : يا معشر الأنصار  انتم من لا تنكر سابقتكم فى الدين   ولكننا نحن المهاجرين اول الناس اسلاما  واحسنهم وجوها وامسهم رحما برسول الله صلى الله عليه وسلم  ونحن المقدمون عليكم فى القران فقال تعالى   {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة100فهم أحق الناس بها كما ان العرب لن ترضى ان يخلف رسول الله احدا من غير عشيرته صلى الله عليه وسلم  [207]

          وأشار على القوم ان يختاروا أحد الرجلين عمر بن الخطاب أو أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهما  فإذا بعمر بن الخطاب رضى الله عنه  يعلنها بصوت جهورى : انه لا ينبغي لأحد أن يتقدم على الرجل الذى قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة بالمسلمين فى حضرته فقال امدد يدك يا ابا بكر نبايعك على الخلافة وكانت خلافة راشدة  مباركه جمع الله جل وعلا فيها شمل الامة وأعاد الأمور إلىنصابها كما كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بعث جيوشه لفتح بلاد جديدة

ج-لن ينسى التاريخ الموقف البطولى لابى بكر الصديق يوم الردة حين امتنع غالبية المسلمين فى الجزيرة عن أداء الزكاة وقالوا اننا كنا نعطيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم , كما إدعى أناس النبوة .  فلو أن الصديق رجل يدعى الرأفة دون وعى او دين لقال {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً }الإسراء84  

       ولن يناوئه احد وبخاصة ان جمهور الصحابة رأوا انه لا يجوز قتال من قال لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا الصديق فإذا به يعلنها أمام الجميع: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاه    [208] ثم امسك بتلابيب عمر وقال :

        أجبار فى الجاهلية خوار في الإسلام يا عمر  والله لو منعونى عقال يعبر كانوا يؤدونه لرسول الله لحار بتهم على منعه  .     وكان رأياً سديدا موفقا .

فقام الصحابة من المهاجرين والانصار بتنفيذ اوامر الصديق بتجهيز الجيوش وقتال المرتدين ومدعى النبوة وفى سنتين وثلاثة شهور عادت الجزيره  الىحظيرة الاسلام عودا حميدا واستعدت للفتوحات الكبرى .   والحق لو اردنا ان نعدد فضائل هذا الرجل العظيم ما استطعنا.فجزاه الله خيرا ويكفيه قول المعصوم صلى الله عليه وسلم ( اذا وزن ايمان الامه فى كفه وايمان ابو بكر فى كفه لرجح ايمان ابو بكر ) فجزاه الله خيرا   وما اوردناه كان على سبيل المثال لا للحصر لأن محمد صلى الله عليه وسلم نجح فى اختيار اصحابه ونجح فى تربيتهم واعدادهم حتى اصبح الرجل منهم على استعداد ان يحكم الدنيا ويطوعها لارادة الله جل وعلا ولم لا   وقد علمهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ان الحق جل وعلا قال فى الحديث القدسى ( عبدى اطعني تكن عبدا ربانيا يقول للشئ كن فيكون ) رضى الله عن الصديق وصلى الله وسلم على من علم الصديق الصدق وغرس فيه تلك الشمائل الحميدة التى اصبحت دروسا عبر الزمان يستفاد بها ويسترشد بها عملابقول المعصوم (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشديين المهديين من بعدى)

* وصية الفاروق رضى الله عنه .

د-  إذا اقتربنا من الصحابى الجليل فاروق الامه الذي اعز الله به الاسلام ,القوى فى دين الله,  لنراه وهو يوصى قائد جيشه وجنوده وهم متجهون الى القادسية .اتراه يوجههم كما رأينا فى العهد القديم.  أن يجعلوا أعزة أهل البلاد التى يدخلونها أذلة ويضربوا ذكورها جميعا بحد السيف أم لا يبقوا منها نسمة ما . كلا والله لاهذا ولا ذاك وتلك وصيته لسعد بن أبى وقاص قائد جيش القادسية.

         ( يا سعد أوصيك ومن معك بتقوى الله على كل حال .فإن تقوى الله هى أفضل العدة على العدو ، وأقوى المكيدة فى الحرب وأوصيك ومن معك بأن تكونوا أشد احتراسا من المعاصى منكم من عدوكم فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم . فإن استوينا فى المعصية لم تكن لنا عليهم قوة لان عددنا ليس كعددهم ، ولا عدتنا كعدتهم واعلموا ان عليكم فى سيركم حفظه من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملو بمعاصى الله وأنتم فى سبيل الله ).[209]

    أرأيت عزيزي القارئ ما أوصى به عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجند وقائدهم : ظننت أنه سيرسم لهم خطة يسطون بهم على عدوهم فيهلكونهم عن بكرة ابيهم فإذا به يحذر الجنود ويعظهم ويذكرهم بالله مبينا لهم :-

-    أن تقوى الله هى أفضل العدة وأقوى المكيدة وهذه حقيقة لأن الحق جل وعلا يقول وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }الطلاق2   ويقول جل وعلا {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }  النور52

    وعمر رضي الله عنه إنما يريد لجنوده المخرج من كل ضيق والفوز فى الحرب فرأى أنه لامخرج ولا فوز الا بتقوى الله وهو على يقين أن الجنود يعلمون ويؤمنون بأن تقوى الله هى الملجأ والمنجى باذن الله .

  ثم حذر عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجند من المعاصى لانه يعلم ان المعاصى تهلك الانسان قبل العدو وتحرم الانسان من الخير لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم

 ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) [210]  والحق جل وعلا يقول{يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } إبراهيم27  وعمر رضى الله عنه إنما يريد الثبات والتثبت لجنوده ولا يريد لهم الضلال

     فيثبت لهم أن ذنوب الجيش أشد خطرا من العدو لان التقوى كانت حائلا بين العدو وبين المسلمين فإذا ذهبت التقوى أصبح المسلمون عراة وإن كانوا مزودين بسلاح ومن ثم يسهل على الاعداء الانقضاض عليهم وقتلهم.

ج-   وبين عمر بن الخطاب ذلك موضحا بأن بالذنوب يستوى المسلم والكافر فالحكم حينئذ للأقوى وصاحب العدة العظمى والعدد الاكبر ولا شك أن الأعداء أكثر عددا وأقوى عدة ولذا سيكون النصر حليفهم بسبب المعاصى فأخبرهم عمر بانه لا حماية لهم الا بتقوى الله لقول الحق جل وعلا{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً }  الإسراء45  .

      واراد عمر رضى الله عنه  ان يذكرهم بان الحق جل وعلا {َ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }  الحج38     فان أذنبوا فمن ذا الذى ينصرهم ؟ وفى هذا تحذير شديد               

للمسلمين المحاربين  ان  لا يقعوا في المعاصي أيا كانت فلا يقتلوا الشيوخ ولا النساء ولا الاطفال ولا من يتعبد في صومعته ولا يقطعوا شجرا ولا يهدموا بناء ولا يباغتوا العدو بل يرسلوا إليه ويعرضوا  عليه الإسلام أولا, فإن أبى فالجزية وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم .

 و التصالح على حسن الجوار وإن أبى العدو إلا القتال مدفوعا  بغروره وقوته وجب على المسلمين أن يستعينوا بالله ويواجهوه. وأخبرهم بأن عليهم ملائكة  {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } الانفطار10 {كِرَاماً كَاتِبِينَ } الانفطار11 {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ }الانفطار12 

   إذا فعليهم أن يستحيوا من ملائكه الله التى تطلع عليهم وتكتب آثارهم . واخبرهم انهم لا يخشون ان كان عددهم قليل إذا قورنوا  بالاعداء ,  فإن فى  وقت اللقاء مع العدو سيامر الحق جل وعلا الملائكة بالدفاع معهم وعنهم {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } الأنفال12  ثم يختم الفاروق رضى الله عنه وصيته بتذكرة الجنود عاقبة المعاصي وهم في سبيل الله لانهم فى وقت احوج ما يكون فيه للطاعة لتكون سببا في معيه الله وعونه لان الحق جل وعلا قال {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }  النحل128   

     فامرالفاروق عمر بن الخطاب جنوده ان يظلوا على تقواهم لله فيحظوا بحماية  الله وتأييده وهذا يذكرنا بقول المعصوم لابى بكر الصديق وهم فى الغار ( ما ظنك بإثنين  الله ثالثهما) [211] فتمثل الفاروق بقول الحق سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ } الصافات  171   {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ }  الصافات172   {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } الصافات173

     مما سبق  رأينا أن ابا بكر مع ما عرف به من حلم ولين واجه اشد المواقف خطورة بحسم وبقوه منقطعة النظير واستطاع أن يتخذ قرارات كانت  درعا واقيا لهذه الامه وحمى الله جل وعلا الامه بفضل حكمة الصديق وهى تخطوا اولى خطواتها بعد انتقال المعصوم الى جوار ربه .    ورأينا  الفاروق رضى الله عنه   بما اوتى  من قوة وباس وإيمان اكسبه مهابة واجلال فاذا به يشفق على جنوده ويخشى عليهم عقاب الحق جل و علا ويحذرهم من الذنوب والمعاصى ويذكرهم بقوة الله والا يظلموا ولا يقتلوا ولا يمثلوا  ولا يعتدوا لانه يعلم ان الحق جل وعلا لا يحب المعتدين .

* والحق ان محمد صلى الله عليه وسلم استطاع ان يربى اصحابا اقرب الى الكمال فى كل شىء حتى اصبحوا كالجسد الواحد فكل عضو فى الجسد يعرف دوره واداءه على اكمل وجهه فصارت الامه الاسلاميه فى مراحلها الاولى سير دقيقا عجيبا اذهل الممالك التي كانت حولهم مما رأوا من تماسك وتناغم المسلمين بشكل لم يعتادوه  .

      وهذا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علمهم ورباهم حتى أصبحو بحق ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ال عمران /110  وكأن الدماء النبيلة التي  تجرى فى عروق المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم امتزجت بعروقهم فجعلتهم كالنجوم فاصبحوا بحق مصابيح الهدى ومفاتيح للخير  وهو ما زاد الملوك عجبا حين حضر اليهم المبعوثون من الرسول  صلى الله عليه وسلم او من الخلفاء الراشدين يدعوهم فيها للاسلام وكان من فرط شجاعتهم وباسهم ظن  الملوك ان المبعثين هم القادة وزادت دهشتهم حين اخبروهم بان المسلمين دماءهم واحده يسعى بزمتهم أدناهم فلم يتمالك الاكاسره ولا القياصرة   أنفسهم حتى قالوا والله ليملكن محمد تحت اقدامنا هذه وقد كان ,  بفضل هؤلاء الصحب الكرام.

* وصية عمر بن عبد العزيز .

وصار التابعون على هذا المنهج الطيب والسيرة العطرة حتى راينا امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل  حفيد الفاروق  عمر بن الخطاب رضى الله عنه  وهو يحكم اكبر امبراطوريه فى   عصره وهو فى ريعان شبابه  , فى السن الذى يختال فيه المرء ينفسه وقد يدفعه غروره الىالعنف والكبرياء ولكن هذا الخليفه العادل كان مثل الفاروق عمر بن الخطاب  فأمر المسلمين بوصيه تحث على الطاعهةوالخوف من الله والاستعداد ليوم القيامه والعمل لهذا اليوم الف حساب فقال:

       (ايها الناس انكم لم تخلقوا عبثا ,  ولم تتركوا  سدى  ,  وان لكم ميعادا يجمعكم الله عز وجل فيه للحكم فيكم والفصل بينكم   , خاب وشقى عبد اخرجه الله عز وجل من رحمته التى وسعت كل شىء وجنته التى عرضها السماوات والارض وانما يكون الامان غدا لمن خاف الله تعالى واتقى  , وباع قليلا بكثير وفانيا بباق وشقاء بسعاده  ,  الا ترون انكم فى كل يوم تشيعون غاديا والى رحمه الله قد قضى نحبه وانقطع امله   ,   فتضعونه فى بطن صدع من الارض غير  موسد ولا ممهد قد خلع الاسباب وفارق الاحباب وواجهه الحساب )

     الله اكبر حقا {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }آل عمران34   فنرى فى هذة الوصية الغالية عظات وعبر   ,  فان الخليفة عمر بن عبد العزيز استوحى هذه الوصية من كتاب الحق جل وعلا القرآن الكريم وتشربتها دمائة الطاهرة فأراد ان يذكر بها المسلمين عملا بوصية المعصوم صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عنى ولو آية ) [212]

      فتمثل قول الحق جل وعلا {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى }القيامة36  وقوله تعالى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } العنكبوت2  فقال  رضى الله عنه  ( ايها الناس انكم لم تخلقوا عبثا ولم تتركو سدى )   ثم ذكر عمر بن عبد العزيز المسلمين بيوم الميعاد الذى يجمع الحق جل وعلا العباد للفصل بينهم عملا بقول الحق سبحانه وتعالى  {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281

   ثم اخبر المسلمين فيها  بان رحمة الله وسعت كل شئ فالشقى من ارتكب من الذنوب والمعاصى ولم يرجع الى ربه فحرم هذه الرحمة لان الاشقياء لهم عـــــــذاب شديد لقول الحق سبحانه وتعالى   {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ }  هود106   وقال عنهم الحق جل وعلا  {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى }الليل14 {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى }الليل  15  وقوله سبحانه وتعالى {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى }الأعلى11  {الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى } الأعلى12   {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى }الأعلى13

 فبئس هذا العبد الشقى الذى اخرجته شقاوته من جنة عرضها السماوات والأرض لانه باع قليلا بكثير وقانيا بباق وشقاوة بسعادة {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }  الجاثية24   ولذا فلم يرحموا ضعيف ولم يطعموا مسكينا لانهم لا يرجون لقاء ربهم   , فكره الحق جل وعلا  لقائهم واعد لهم سعيرا .

       والعجيب ان هؤلاء يشيعون كل يوم اخا لهم قد قضى نحبه  , وعاد الى ربه ,  وفارق اهله  , ومن لم يتعظ بالموت فلا واعظ له  ,   فالجميع غنى كان او فقير يوضع فى بطن صدع   من  الارض غير ممهد ولا موسد   ,  واجهه الحساب وحده  ,  وصدق الحق حين قال {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ }  الأنعام94   

     بالله عليك ألا ينبغى الحرص   والانتباه لتلك الوصية   و ان يقف الانسان مع نفسه عملا يقول عمر بن الخطاب ( حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبو وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم )  فالسعيد هو من عمل ليوم الدين ,  أقام الصلاة  ,  واتى الذكاة ,  ووصل الأرحام  ,  ورحم الأيتام , وأطعم المساكين لقول الحق جل وعلا  {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ }  البقرة43  وقال تعالي {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } محمد22  وقال تعالي {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ }البلد11{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ }البلد12{فَكُّ رَقَبَةٍ } البلد13{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ }البلد14{يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ }البلد15{أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } البلد16  ومع كل ذلك يجب أن يتحلى المؤمن بالصبر و الرحمة بل ويتواص بهما {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ }البلد17   ويجب أن ينطلق المؤمن بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلي الله عليه وسلم لان فيه النجاة ,   و علينا أن نحمد الله جلا وعلا الذي قال سبحانه وتعالى{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } الشورى19

            وقال تعالي{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53   فعلينا الإنابة إلي الله ولا نلوي أعناقنا مستكبرين  متجاهلين فالحقيقة  {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }الزمر7

     *   وصايا بعض علماء الاسلام .

  وليس هذا فحسب بل ان الاسلام ارسى مبادئ يندر ان ترى لها مثيلا فى اى ملة اخرى ومن ذلك: *  ان شيخ الاسلام ( ابن تيمية ) قام بتصرف رائع ابان الحروب التى كانت فى عصره  فتروى الكتب انه قد وقع فى الاسر عددا كبير من الاسرى مسلمين ونصارى ويهود  وحين توسط لاطلاق سراحهم  اراد القائد التترى ان يطلق له سراح الاسرى المسلمين الا ان  ابن تيمية رفض ذلك قائلا :لا ارضى الا بفكاك حميع الاسرى  يهودا او نصارى  فهم اهل ملتنا  ولا ندع اسيرا لا من اهل الذمة  ولا من اهل الملة  )[213] وتحت اصراره اطلقهم جميعا .  

       كما اباح الاسلام الزواج من الكتابيات ليزيل الحواجز  بين اهل الكتاب والاسلام  فهو اسلوب من اساليب التقريب العملى بين المسلمين  وغيرهم من اهل الكتاب .

    *   ومن افضل ما قرات فى هذا المجال هو ما قاله سيد قطب :ان الاسلام لا يكتفى بان يترك لاهل الكتاب حريتهم الدينيه  ثم يعتزلهم  فيصبحوا فى المجتمع الاسلامى  منبوذين معزولين  انما يشملهم بعونه  وبالمشاركة الاجتماعيه  والمجامله  فيجعل طعامهم حلا للمسلمين وطعام المسلمين حلا لهم  كذلك ليتم التزاور والتضايف  والمؤاكله والمشاربه  وليظل المجتمع كله فى تواد  وتسامح  وكذلك يجعل العفيفات من اهل الكتاب طيبات للمسلمين  وهى سماحه لا يشعر بها الا اتباع الاسلام فقط لانه نرى ان الكاثوليكى يتحرج  من نكاح الارثوذكسية او البروتستانية والمارونية المسيحية .[214] 

 

*  ودليل ذلك ما ذكره ابن القيم : ان الله سبحانه وتعالى اباح لنا المحصنات من اهل الكتاب  وفعله اصحاب نبنا محمد صلى الله عليه وصلم  فقد تزوج عثمان من نصرانية وتزوج طلحة بن عبيد الله من نصرانيه وتزوج حذيفة من يهوديه .[215]

     *  ووضح بن كثير ذلك فقال   ان الخليفة الثالث عثمان بن عفان  رضى الله عنه تزوج بعد بنتى رسول الله صلى الله عليه وسلنم من  نائلة بنت الفرافصة الكلبية  وقد كانت نصرانية  واسلمت بعد زواجها وكانت نعم المراة لزوجها .[216]

     *   ولا ننسى ان رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل هدية المقوقس حين ارسل اليه ليدعوه الى الاسلام  فاجابه بقوله :لمحمد بن عبد الله  من المقوقس عظيم القبط  سلام عليك اما بعد  فقد قرات كتابك  وفهمت ما فيه  وما تدعوا اليه وقد علمت ان نبيا  ياتى  وكنت اظن انه يخرج من الشام  وقد اكرمت رسولك  وبعثت اليك بجاريتين  لهما مكانا فى القبط عظيم  وبكسوة وبغلة تركبها  والسلام )[217]

        *     بخلاف ما نرى من معاملات للمسلمين بين المجتمعات المسيحية  فكثيرا ما نسمع عن الاقليات المسلمة  وما يتعرضون له من ابادة عرقية وان ما حدث فى البوسنة على ايدى الصرب ليس ببعيد  ويشرح لتا الشيخ الغزالى ذلك فيقول : والنصرانية استقبلت الاسلام بصدر ضيق  وانها ما ان رات الجماهير  تقبل عليه حتى قررت اعتراض مسيره بالقوة  واسكات دعاته الذين يشرحون حقيقته للناس  .[218]

    *   اما النصارى يتمتعون بين المسلمين بما لا يتمتع بهم اخوانهم ان اختلفوا فى الطائفة مع مسيحين اخرين فى نفس القطر  ولقد اعتنى الحكام المسلمين باهل الكتاب على مدى عصور الاسلام المختلفه وقلدوهم ارفع المناصب فنرى:

           نصارى هذا الزمان قد بلغوا            غاية امالهم ونالوا كل تقديــر

           المجـد فيهم  والمال عندهم               ومنهم المستشار  وفيهم الوزيـر  

*     والحق ان الله سبحانه وتعالي ارحم بعبده من الأم بولدها   , فعلمنا كيف نكون رحماء  ووعدنا جل وعلا ان يرحم من يرحم خلقه ويحسن اليهم 

    والحق ان الله سبحانه وتعالي ارحم بعبده من الأم بولدها   , ونري هذا واضحاً في كل آيات القرآن الكريم والأحاديث القدسية التي تدعو بني آدم الي الرجوع الي الله جل وعلا وعدم القنوط من رحمته فيروي لنا سيدنا عبد الله بن مسعود عن المعصوم صلي الله عليه وسلم عن رب العزة جل وعلا الذي يقول:- (يا عبدي لم تقنط؟  أليس أنا الذي أظهرتك ,وبأماني طوقتك , مالك تتجاهل علي كأنك ما عرفتني, وتتنحي كأنك ما وافقتني, عبدي إن استقلتنا أقلناك , وإن تبت إلينا قبلناك , وإن عزمت على قصدنا أدنيناك , وإن اضطرب دليلك أريناك  ,  وإن عاديت نفسك في حب ودنا واليناك  , وإن بكيت لعوز دوائك  داويناك    ,  وإن بكيت لضرك شفيناك , وإن بكيت خشية أحضرناك  , وإن بكيت خوفاً  آمناك , وإن بكيت أسفاً على ما فاتك من حقوقنا عوضناك . )           

 

                                          * خاتمة *

  *  بعد هذه الاطلالة السريعة على ما قام به بنو اسرائيل من فساد فى الارض وقتل للانبياء  وسرقة لخيرات الشعوب وبخاصة المسلمين منهم  ,  فاصيح واضحا للعيان ما حذر منه القران الكريم حين قال جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51  ومن شدة خطرهم بين الحق جل وعلا ان مولاة اليهود تجعل من يواليهم  كانه منهم

  ومن ثم فليحذر غضب الله سبحانه وتعالى لان الحق جل وعلا يقول {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود113 هذا لمجرد الركون اليهم فما بالك  لو واليت الظالمين وكنت عونا لهم على ظلمهم ,  حينئذ  سيكون الامر ادهى وامر  لان االله سبحانه وتعالى يقول  {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42  ولذا فانا اهيب بامتنا الحبيبة امة (  إقرأ   ) ان تقرا  وتتعرف على تاريخ بنى اسرائيل المظلم  وان كان فى الواقع والحاضر ما يكفى ,  الا انه من باب  التيقن,  و لنصل فى نهاية المطاف  الى مراد الله جل وعلا  {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13   فان رضى هولاء ان يكون الدين لله رب العالمين  فالحق سبحانه اخبرنا انهم حينئذ {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }التوبة 11والا فالحذر  الحذر لقوله جل وعلا  ( وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ) ال عمران /73 لان الله سبحانه وتعالى يعلم وانتم لاتعلمون  فهم {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2    ومهما تبسموا فى وجوهنا فهو كتبسم الليث  والحق سبحانه وتعالى  اخبرنا بانهم {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ } لتوبة8  كما اخبرنا جل وعلا بالقول الفصل الا وهو {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120     والى اللقاء فى الكتاب الرابع ان شاء الله تعالى وهو بعنوان (قولوا آمنا بالله )    *  أحمد إسماعيل زيد *    محمول /0105846263                                                                         

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 *  المراجع

* القرآن الكريم

*  كتب التفسير

1 – تفسير بن كثير للحافظ بن كثير  أبى الفداء  إسماعيل بن عمر  بن كثير  الدمشقى

2 -الجامع لأحكام القران .لابى  عبد الله محمد بن أحمد الأنصارى  القرطبى

 3-جامع البيان  من تآويل آى القرىن  .لأبى جعفر محمد بن جرير الطبرى

4-الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التآويل  لأبى القاسم  جار الله  محمود بن عمر  الزمخشرى  الخوارزمى

5- انوار التنزيل وأسرار التآويل المعروف بتفسير البيضاوى  ل ناصر الدين ابى سعيد  عبد الله بن عمر  بن محمد  الشيرازى البيضاوى

6- تفسير الالوسى

7-تفسير المنار

8-فسير فخر الرازى

9-فى ظلال القران

10-تفسير القاسمى

* كتب الحديث

11- صحيح البخارى للامام ابى عبد الله  محمد بن إسماعيل البخارى .

12-صحيح مسلم للامام مسلم بن الحجاج القشيرى .

3 1- جامع الترمذى لابى عيسى  محمد بن عيسى  بن سورة  الترمذى .

4 1- المستدرك للحاكم

5 1-سنن ابى داود لابى داود  سليمان بن الاشعث السجستانى

6 1-مسند الامام أحمد  للامام أحمد بن حنبل الشيبانى

7 1-صحيح الالبانى

8 1-رياض الصالحين للامام ابى زكريا بحي بن شرف النووى الدمشقى

 

* المعاجم

19- لسان العرب  لابن منظور

20-معجم البدان ل ياقوت الحموى , شهاب الدين ابو عبد الله  ياقوت بن عبد الله  الحموى  الرومى البغدادى

* كتب السيرة

 21- سيرة  ابن هشام  , لابى  محمد عبد الملك بن هشام بن ايوب  الحميرى

 22-البداية والنهاية  لابن كثير

3 2-الكامل لابن الاثير

4 2 -فتح البارئ

5 2-الرحيق المختوم / الشيخ صفىالدين الماركفورى

 6 2-شرح السير الكبير

*كتب دينية

27-تلقيح فهوم اهل الاثر

28-زاد المعاد / الامام ابن القيم

29-هداية الحيارى /للامام ابن القيم

30-مشكاة المصابيح

31-كتاب الزهد /البيهقى

32-شعب الايمان / البيهقى

33- وصايا الرسول

34- احكام اهل الذمة /ابن القيم

35-الكامل لابن كثير

36-كفاح دين / الشيخ الغزالى

37-الاسلام وتحديات  الانحطاط المعاصر /منير شفيق 

38-لماذا تاخر الاسلام  /المير شكيب ارسلان

* كتب تاريخية

39-قصة الحضارة  /ول ديورانت

40-وثائق الحروب الصليبية والغزو المغولى للعالم الاسلامى  /د/محمد ماهر حمادة 

41-قادة الغرب يقولون / جلال العالم

42-الغارة على العالم الاسلامى /محب الدين الخطيب

43-تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر

44-حاضر العالم الاسلامى وقضاياه المعاصرة د/ جميل عبد الله محمد المصرى

45-بروتوكولات حكماء صهيون /د-احمد السقا

 46-التلمود                               

 47- الكنز المرصود 

*كتب بنى اسرائيل  ( العهد القديم )

 48- سفر التكوين                      

  49   - سفر الخروج  

 50- سفر اللاويين                     

  51-سفر العدد 

 52- سفر التثنية                      

 53-سفر يشوع

 54- سفر القضاة                       

  55- سفر صموئيل الاول

 56-سفر صموئيل الثانى          

    57- سفر الملوك الاول

 58-سفر الملوك الثانى               

   59-سفر اشعياء

  60-سفر ارمياء                      

   61-سفر عاموس

 

* العهد الجديد

 62- انجيل برنابا                     

  63-انجيل متى

 64-انجيل مرقس                    

   65-انجيل لوقا

 66-انجيل يوحنا                     

  67-رسالة بولس الى اهل رومية

   68-رسالة بولس الى اهل غلاطية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الفهرس

م     الموضوع                                                   الصفحة

1               إهداء                                                                 

2             مقدمة                                                                   

3             بين يدى الكتاب                                                      

4            الفصل الاول                                                          

5            تمهيد                                                                    

6              الصفات الحسنى لله جل وعلافى العهد القديم                         

7             الله جل وعلا اله واحد                                                 

8            الصفات التى لاتليق بجلال الله فى العهد القديم                                                                          

9              اولا :  ذا نزعة حربية                      

10           ثانيا  : زعمهم ان الله جل وعلالا يعلم كثيرا مما يعملون

11            ثالثا:  زعمهم ان الله جل وعلا قد يخطئ

12           رابعا :زعمهم ان الرب جل وعلا ينسى

13           خامسا :زعمهم ان الرب جل وعلا شره وغضوب ومتعطش للدماء

  14        سادسا :  زعمهم ان الرب جل وعلا حل ضيفا على ابراهيم عليه السلام

  15  سابعا زعمهم ان الرب جل وعلا رضى عن خداع يعقوب لابيه عليهما السلام

  16     ثامنا : زعمهم ان الرب جل وعلا يخشى من اجتماع خلقه على هدف واحد

  17             تاسعا : زعمهم ان الرب جل وعلا اشتكى لداود 

  18             عاشرا : زعمهم ان الرب جل وعلا يامر بارتكاب الفواحش

  19             صفات الله جل وعلا فى القران الكريم

  20             اولا : الله جل وعلا الرحمن الرحيم 

  21             ثانيا  :  الله جل وعلا بكل شى عليم

                       الفصل الثانى  العهد القديم

  22                  تمهيد

  23                   العهد لنوح عليه السلام

  24                العهد الاول لابراهيم عليه السلام 

   25                 العهد الثانى لابراهيم عليه السلام

   26                  نبؤات نبى الله يعقوب لابنائه 

   27             هل علم سبدنا موسى عليه السلام بالعهد القديم ؟

   28        لماذا تجاهل نبى الله داود وابنه نبى الله سليمان عليهما السلام العهد القديم

   29                   ماهو دور الملك يوشيا تجاه العهد القديم  ؟

   30                  وماذا بعد يوشيا ؟

   31                الى متى سيظل  الوجود الصهيو نصرانى فى المنطقة  ؟

   32                 اراء العلماء حول قوله تعالى ( لتفسدن فى الارض مرتين ) 

   33                 وحول قوله تعالى ( عبادا لنا اولى باس شديد )

   34                  الفصل الثالث

   35           صور من فساد بنى اسرائيل 

   36           تمهيد

   37           صور من فساد بنى اسرائيل فى العقيدة

   38            عبادة بنى اسرائيل للعجل

   39          رفض بنى اسرائبل دخول الارض المقدسة

   40             سؤء تصرف بنى اسرائيل

   41         صور من فساد بنى اسرائيل فى حق الانبياء

   42           الانبياء الكرام  بين القران الكريم والعهد القديم

   43             سيدنا ادم عليه السلام 

   44            سيدنا ابراهيم عليه السلام

   45           سيدنا يحي عليه السلام

   46           سيدنا عيسى عليه السلام

   47             سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

   48            مافعله اليهود مع الرسول صلى الله عليه وسلم

   49           عهد الصلح مع يهود المدينة

   50             بنى قينقاع ينقضون العهد

   51           غزوة بنى النضير

   52                 تاليب اليهود لقريش وحلفاءها على المسلمبن 

   53                 كعب بن الاشرف

    54                 اليهود وتاليبهم للاحزاب

    55               غزوة بنى قريظة

    56               الشاة المسمومة

    57              صور من فساد بنى اسرائيل فى حق البشرية

    58                 الحروب الصليبية

    59               الاحتلال الاوروبى

    60               العدوان الأورو أمريكى

    61                  الفصل الرابع

    62              الجوار بين الاسلام واليهودية 

    63              الجوار عند بنى اسرائيل

    64           يزعمون ان الرب جل وعلا (حاشاه )  امرهم بالسرقة

    65         يزعمون ان الرب جل وعلا (حاشاه  )  يامر بالفحشاء

    66          يزعمون ان الرب جل وعلا حاشاه )  امرهم باستعباد البشر

    67           يزعمون ان الله جل وعلا  ( حاشاه )    يحث على القسوة

    68          البروتوكولات

    69           اعتراف بنو اسرائيل بانهم ارهابيون

    70          اعترافهم بانهم الذئاب

    71          خداع بنى اسرائيل للبشرية 

    72          مكر بنى اسرائيل وخبثهم 

    73                  مراوغة بنى اسرائيل

    74                  إضرار بنى إسرائيل برجال الدين الاسلامى

    75                 الجوار فى الاسلام 

    76                الأسس والمبادئ التى نادى بها الاسلام

    77               حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الاخرين 

    78               بعض وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم

    79               وصية الصديق رضى الله عنه

    80               وصية الفاروق رضى الله عنه

    81               وصية عمر بن عبد العزيز 

    82                 بعض وصايا علماء الاسلام

    83               خاتمة

    84                المراجع

    85                 الفهرس  

{تم بحمد الله تعالى وتوفيقه يوم الإثنين الموافق 22من شهر المحرم عام/1430 /  لهجرة المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم  والموافق 19من شهر يناير عام 2009 لميلاد السيح بن مريم عليه السلام }

 

                             رقم الإيداع 3490/2009

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] -رواه البخارى

[2] -رواه مسلم

[3] -ديوان هاشم الرفاعى

[4] -ديوان هاشم الرفاعى

[5] صحيح البخارى كتاب الجهاد 1/406  -- وكتاب المغازى  2/587

[6]-صحيح مسلم (2577)-رياض الصالحين –باب المجاهدة 11/111

[7] مجلة منبر الاسلام  اكتوبر /1985

[8] صحيح البخارى

[9] رواه البخارى

[10] -التلمود ص 74 /2-           2-ول  ديورانت قصة الحضارة /  المجلد السادس  ص 338

-                        اشعياء   45/5-6

-شعياء  43/10 -11

 

 

 

 

[14] تكوين 3  /8-10

 

[15] البخارى

-

[16] تكوين2/17

[17] تكوين  3/22

3-تكوين  3/25     

4- تكوين  3/23-24

5-  د/احمد حجازى السقا  /بروتوكولات حكماء صهيون  ص/36     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1-تكوين  3/2-3

2-تكوين 3/34

3-تكوين 3/12

4-تكوين 3/16

5-تكوين 3/4-5

 

 

 

 

 

[27] تكوين  6/5-6

1-تكوين6/7

[29]  - د / احمد حجازى السقا  /  بروتوكولات حكماء صهيون ص  /58

3-الكنز المرصود ص /84

 

 

 

[31] تكوين6/7  

[32] تكوين  8/21

[33] تكوين  8/21

2-تكوين 8/21

[35] تكوين 9/8-12-..

[36] التلمود ص 74

[37] التلمود ص 74

1-لاويين                 

[39] -صحيح مسلم  (3577)

[40] البخارى

[41] تكوين 18/3

[42] تكوين 18/7

[43] تكوين 18/9

[44] تكوين 18/19

1-تكوين 18/23

2-تكوين 18/24

3-تكوين18/26       

[48] تكوين18/32

[49] تكوين19/24

[50] تكوين  19-29

[51] بروتوكولات حكماء صهيون ص 36

 

 

[53] بروتوكولات حكماء صهيون ص19

[54] -الكامل لابن الاثير  1/584

[55] تكوين11/4

[56] تكوين11/5

[57] بروتوكولات حكماء صهيون ص65

[58] بروتوكولات حكماء صهيون ص37

[59] بروتوكولات حكماء صهيون ص  33/34

[60] خروج 23/21

[61]-  ابن هشام 2/51-----البخارى  1/241   ---سنن ابى داود 2/42 –زاد المعاد 2/91

 

 

[63] خروج 33/7-11

 

 

1-صموئيل 7/4-7

[66] ملوك اول  5/3-5

[67] مسلم

[68]صموئيل الثانى  11/4-5

[69] صموئيل الثانى  13/11

-[70] صحيح البخارى

1-البخارى(2363)—مسلم (2244) رياض الصالحين 13/126

2-مسلم

3--رياض الصالحين  13/126

 

 

 

 

 

1-متى  10/34

[75] -الرحيق المختوم

[76]- سنن ابى داود  

[77] مسلم

-[78] خروج  32/7

2-عاموس  1/3-4

4- تكوين  1/1

[81] -عدد 22/14--23

[82]-تكوين

1-يوحنا 8/19----14

2-تكوين 15/18

[85] - بروتوكولات حكماء صهيون ص 37--38

[86] -المرجع السابق ص/40

[87] - تكوين  15/13

 

 

[89] خروج 12/35-36

[90] تكوين /35-11

[91] تكوين /39/21

[92] بروتوكولات حكماء صهيون

[93] بروتوكولات حكماء صهيون ص58

3-المرجع السابق ص/36

 

 

 

-[95] تثنية  34/10

 

2-- تثنية 1/37

[97] خروج 16/3

[98] عدد 14 /30

[99] يشوع 10 /19

[100] ملوك اول 2/2-3

[101] ملوك ثانى 23/3

[102] اخبار الايام الثانى 35/20---24

[103] ارمياء 30/2-3

[104] عزرا1/2

[105] ارمياء 42/15

[106] ارمياء 33/19

[107] متى 23/37

[108] البخارى

[109] البخارى

[110] مسلم

[111] مسلم

[112] تكوين

[113] البخارى

[114] غلاطية

[115] رومية 2 /25

[116] خروج  31 /14

[117] متى 12 /1

[118] متى 14 /1--11

[119] يوحنا 1 /1--14

[120] متى  7 /21

[121] متى 5 /31

[122] متى 24 /30-31

[123] متى 26 /47

[124] سيرة بن هشام

[125] البخارى

[126] الرحيق المختوم

[127] البخارى

[128] البخارى

[129] البخارى

[130] ابن هشام

[131] الحيق المختوم

[132] البخارى

[133] مختصر الطبرى

[134] البخارى

[135] الرحيق المختوم

[136] الرحيق المختوم

[137] البخارى

[138] البخارى

[139] البخارى

[140] وثائق الحروب الصليبية – والغزو المغولى للعالم الاسلامى  د/محمد ماهر حمادة 17

[141] الغارة على العالم الاسلامى ص /239

[142] المرجع السابق ص 35

[143]  - المرجع السابق

[144] بروتوكولات حكماء صهيون

[145] حاضر العالم الاسلامى وقضاياه المعاصرة  د/ جميل عبد الله المصرى ص/84

[146] ول ديورانت فصة الحضارة ج 8 ص20

[146] ول ديورانت قصة الحضارة ج 8 ص24

[146]  المرجع السابق ج ص 24

[146]  الكامل لابن الاثير 1/584

 

 

 

 

 

 

 

[150]  ول ديورانت قصة الحضارة ج/8ص12

[150] المرجع السابق

[150] المرجع السابق ج8 ص36

 

 

 

 

 

[153] المرجع السابق

[154] المرجع السابق

[155] ول ديورانت قصة الحضارة

[156] المرجع السابق  ج /8 ص/25

[156] المرجع السابق ج /8 ص/61

[156] المرجع السابق ج /8ص/61

[156] المرجع السابق ج/8 ص62

[156] المرجع السابق ج/8 ص67

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[161] قادة الغرب يقولون /د/جلال العالم  /دار الارقم ط/1982 ص/28

[162]  تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر  د/عبد الله عبد الرازق ابراهيم  دار الثقافة للنشر 1997 ص/60

[163] الاسلام وتحديات الانحطاط المعاصر /منير شفيق /107

[164] البخارى

[165] تاريخ افريقيا الحديث والمعاصر ص69

[165] المرجع السابق

 

 

 

[167] مؤتمر صحفى من العراق على الهواء  يوم /13/12/2008

[168] لماذا تاخر الاسلام  /الامير شكيب ارسلان ص52

[169] المرجع السابق

[170] البخارى

[171] البخارى

[172] -عدد 32/50

[173] خروج 12/34-36

[174] يوحن 8/39

[175] صموئيل الثانى 11/3-..4

[176] صموئيل الثانى /12/10-12

[177] -تثنية -20/10-160

[178] البخارى

[179] تكوين 22/24

[180] تكوين -21/9

[181] غلاطية -4/ 11-

[182] صموئيل الثانى -12/13

[183] البخارى

[184] متى 5/33

[185] متى 10/34

[186] -تثنية – 35 /034

[187] بروتوكولات حكماء صهيون

[188] بروتوكولات حكماء صهيون

[189] تكوين 49/27

[190] بروتوكولات حكماء صهيون

[191]  المرجع السابق

[192] المرجع السابق

[193] البخارى

[194] البخارى

[195] مسلم

[196] الرحيق المختوم

[197] مسلم

[198] البخارى

[199] التلمود

[200] مسلم

[201] البخارى

[202] البخارى

[203] البخارى

[204] البخارى

[205] هداية الحيارى

[206] البخارى

[207] مسلم

[208] مسلم

[209] وصايا الرسول

[210] البخارى

[211] البخارى

[212] مسلم

[213] شرح السير الكبير ج /1 ص/108

[214] فى ظلال القران – سيد قظب ج 2/ ص 848

[215] احكام اهل الذمة لابن القيم ج 2 ص421

[216] البدايه والنهايه لابن كثير ج /7 ص 153

[217] زاد المعاد للامام ابن القيم ج3ص603

[218] كفاح دين الشيخ الغزالى  ص17

 

ياليت قومى يعلمون

Download

About the book

Author :

أحمد إسماعيل زيد

Publisher :

www.islamland.com

Category :

Biographies & Scholars