About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 334

الشيخ : كنت أخشى أن نرى كتابًا بعنوان: "الشيوعية الإسلامية"! كنت أخشى هذا؛ لكن ما دام قُضِيَ على الشيوعيَّة، فلعل الخشية زالت؛ وإن كان محتمل أن تعود الشيوعية بطريقة أو بأخرى. الاشتراكيَّة الإسلاميَّة -عياذًا بالله!- وانظروا كيف أنَّ الاسم له حقيقة، وله تأثير؛ فعلاً حينما تقرأ كتابًا مؤلَّفًا في الاشتراكيَّة الإسلاميَّة تجد هناك أحكامًا غير إسلاميِّة؛ وإنما تأثر الكاتب للكتاب ببعض الأفكار الغربية الشيوعية؛ ثمَّ في حدود ما يعلم من الشَّرعِ أو ما لا يعلم -ولعل هذا أصحَّ تعبيرًا-؛ قال: إن هذا الحكم جائز. مثلاً: من نظام الاشتراكيَّة: مصادرة رؤوس الأموال الضَّخمة، ومصادرة المرافق العامة؛

الشيخ : مثلاً: رجل في أرضه نضح بئرًا؛ فأنبع الله له بترولاً؛ هذا البترول تملكه الدولة؛ لماذا؟ هذا قرار لعله متبنَّى في كثيرٍ من الدول الإسلاميَّة، ومُقرَّر في كتاب: "الاشتراكيَّة الإسلاميَّة" لماذا؟

السائل : وبعض الأحزاب.

الشيخ : نعم؟

السائل : وبعض الأحزاب تقول به.

الشيخ : بعض الأحزاب. تمام. لماذا؟ لأنَّ الكفَّار بتجربتهم ثبت لديهم أنَّه لا يجوز لمصلحة الشَّعب أن يكون مثل هذا الكنز الدَّفين في يد فردٍ من أفراد الشَّعب؛ إذن، هذا يجب أن يكون ملكًا للدولة. هل هذا له أصل في الشَّرع؟ له أصلٌ في الشَّرع يناقضه؛

الشيخ : لقد قال عليه الصلاة والسلام: ( الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدَنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ ). الشَّاهدُ من الحديث -ولا أريد أن أدخل في شرحه؛ لأني أشعر -مع الأسف ولا تؤاخذوني- أن الحديث أنا أرويه وأنطق به -فيما أزعم- بلسان من نبع منه الحديث؛ ألا وهو: رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ ولكن العرب لا يكادون يفهمون هذا الحديث- ايش معنى: ( الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَالْمَعْدَنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ )؟ لا أريد أن أخوض في هذا؛ لأنه سيطول البحث جدًا، وهذا الحديث يستحق محاضرة ساعة وأكثر؛ وإنما أريد أن آخذ منه فقرة؛ وهي قوله: ( وَالْمَعْدَنُ جُبَارٌ ) ما معنى المعدن الآن بالتعبير العصري؟ الذي بيسموه اليوم: "الْمَنْجَمْ"، أليس كذلك؟ حفرة عميقة جدًا تحفر في جبل ما، ويعمل في هذه الحفرة عُمَّال بالعشرات إن لم نقل بالمئات على حساب الدولة، فإذا فرضنا أنَّ رجلاً حفر أرضًا؛ وإذا بها مملوءة بمعادن ثمينة، ووصل الخبر إلى الدولة؛ حسب النظام الاشتراكي: تصادره! أمَّا الرَّسول يقول: لا، هذا ملك لصاحبه؛ وإنما ليس هذا فقط؛ بل إذا جاء بالعمال يعملون في هذا المعدن ثم انهار هذا المعدن على العمال فذهبوا على كيسهم؛ وليس على كيس صاحب المعدن. الآن الحكم مناقض لهذا من الناحيتين: من ناحية أنها تصادر المنجم. ومن ناحية أنها تُضمِّن -الدولة إذا كانت هي المالكة، أو مالك المنجم- تُضمِّن- حقوق هؤلاء الذين جُرِحوا أو قُتلوا. الاشتراكيَّة الإسلاميَّة لم تنظر في حدود السنة التي جمعت فأوعت كل الأحكام التي يحتاجها المسلمون في كل زمان ومكان؛ فتوهموا أن هذا حكم معقول، ويحقِّق ما يسمونه اليوم -ولعل هذا من هذه الأسماء- بـ: العدالة الاجتماعيَّة! العدالة الاجتماعيَّة اسم جميل؛ لكن فيها ظلمٌ لبعض الأفراد، ولبعض النَّاس على كيس الضعفاء والمساكين، أو لمصلحة الضعفاء والمساكين؛ لكن الإسلام ما ترك قانونًا أو نظامًا يُقنِّنه إنسان لا يجد حلاًّ له في الإسلام. فالشَّاهدُ وُجِد اسم أول ما تقزَّز منه بدننا هذا الاسم: الاشتراكية الإسلاميَّة؛ ثم كرّت السُّبحة؛ فدخل -بقى- البنك الإسلاميّ، ودخلت الأناشيد الإسلاميَّة

السائل : والعرس الإسلامي

الشيخ : وايش؟

السائل : العرس الإسلامي

الشيخ : أشياء كثيرة وكثيرة جدًا، لماذا؟ لأنَّ بعضَ الناس انتبهوا أنَّ العالم الإسلامي فعلاً استيقظ من غفلته ومن نومته العميقة الطويلة؛ فأخذ يعود إلى الإسلام رويدًا رويدًا، فانتبَه أصحاب المصالح بأن هناك أحكامًا تخالف الشريعة فأخذوا -بقى- يبررونها ويلونونها؛ ومن ذلك: يسمونها بغير اسمها.

السائل : فيجب أن نتنبه لهذه الحقيقة من تغيير حقائق بتغيير الأسماء؛ منها: الأناشيد الإسلاميَّة. لا يوجد في الإسلام طيلة أربعة عشر قرنًا أناشيد تُسمَّى بالأناشيد الإسلاميَّة. هذا من مخترعات العصر الحاضر، تسليك لما كان سالكًا في طيلة القرون الماضية؛ ولكن مع إنكار طائفة من كبار العلماء لذلك الأمر السَّالك؛ وهو أغاني الصوفية في مجالسهم التي يسمونها بـ "مجالس الذِّكر".

السائل : ... .

الشيخ : نعم؟

السائل : المولد! يسمونه: المولد.

الشيخ : أيضًا هذا من باب تسمية الشَّيء بنقيضه؛ فهي مجالس الرَّقص وليس مجالس الذِّكر، ومجالس الغِناء، وليس مجالس تلاوة القرآن أو الصَّلاة على الرَّسول عليه السَّلام، فيسمُّونها بغير اسمها الآن. وحلَّت هذه الأناشيد محل تلك الأغاني التي كان يتغنى بها الصوفية، وكانوا يجدون محاربة شديدة من أهل العلم، وظهرتْ هذه المحاربة وقويَت في العصر الحاضر، حتى كادَ الصوتُ الصوفيُّ يموت ولا نسمع له رِكزًا. فخرَجُوا بهذه الحيلة: تركوا الأناشيد القديمة التي كان يتغنّى بها الصوفية في مجالسهم وفي مراقصهم؛ وجاءوا بالبديل وهو أغاني عصريَّة فيها روح إسلاميَّة، لكن أيضًا فيها أشياء يأباها الإسلام. أول ما شاهدناه عندنا في سوريا لم يكن مع هذه الأناشيد ذكر للدُّفِّ إطلاقًا كانت ساذجة صافية.

السائل : سادة.

الشيخ : نعم، ساذجة، تقولون أنتم: سادة؛ لكن بدلتم الدال عن الذال. ساذجة: لا يوجد، سادة: جمع سيد، سيد وسيد: سادة. أما ساذج هذه معناها. الشَّاهدُ: فانا أدركت بعض النَّاس الذين كانوا يتردَّدون على حلقات الذِّكر حقيقة؛ وهي حلقات العلم الشرعي القائم على الكتاب والسنة، كانوا متأثرين ببعض الدَّعايات الأخرى وتأثروا بالدعوة السلفية إلى حد بعيد؛ لكن وجَدوا شيئًا لم يَرُق لهم؛ وهذه حقيقة، ولعل بعضكم يشعر بها وأرجو أن لا يكون مُتأثِّرًا بها، يشعر بها؛ ولكني أرجو أن لا يكون مُتأثِّرًا بها. ما هي هذه الحقيقة؟ أن دروس هذه الجماعة السلفيين جافة، تريد صبر، تريد جَلَد، والعرق يمشي على الجبين، ما في مُكيِّفات، ما في مُرطِّبات، هذا كله موجود في مجالس الرَّقص والذِّكر -زعموا- إلى آخره. فطلع هؤلاء الذين هم مخضرمين، لا هم سلفيين ولا هم صوفيين، طلعوا بأناشيد هي على نفس أنغام الأغاني الصوفية؛ لكن ما فيها المبالغات الموجودة في تلك؛ لأنهم عرفوا أن العصر الإسلامي -الآن- لم يعد يتقبل ذاك الأسلوب في بعض المعاني التي فيها ما يوحي بوحدة الوجود، بالغلو في الرَّسول عليه السَّلام، في مدحه ونحو ذلك. فجاءوا بتعديل لتلك العبارات؛ لكن القوانين الموسيقية هي هي، والنوتات هي هي، فإذن هذا هو البديل، ومضى على ذلك زمن وإذا بعد ما هاجرتُ من دمشق إلى هنا؛ دخل الدُّفُّ إلى هذه الأناشيد؛ فرجعوا واقتربوا من الصوفيَّة شوطًا بعيدًا. لا يوجد في الإسلام أناشيد دينية، ألا يوجد في الإسلام شعر وشعر مزكى وممدوح؟

لا شك، قال عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّ مِنَ الشَّعْرِ لَحِكْمَةً ). ولقد كان من شعراء الرَّسول عليه السلام الفحول الذي كان يُدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام بشعره؛ "حسَّان بن ثابت" فكان يَردُّ على المشركين هجاءهم للرسول الكريم، ويقول له عليه الصلاة والسلام: ( اهْجُهُمْ فإنَّ رُوحُ القُدُسِ مَعَكَ )؛ أي: جبريل معك، ينافح عنك، يدافع عنك. إذن هذا الشِّعر له أصل، الدِّفاع عن الإسلام، وحضّ المسلمين -مثلاً- على الجهاد في سبيل الله، وعلى التمسُّك بالأخلاق إلى آخره؛ هذا شعر جميل ومقبول؛ ولكن أن نُلحِّنه على القوانين الموسيقية: الغربية منها والشرقية؛ هذا ليس من الإسلام في شيء. وإنما الشاعر كان يلقي قصيدته: أولاً: هي في مبناها، وفي مغزاها، وفي معناها توافق الشريعة في كل أجزائها. وثانيًا: يلقيها بالسليقة العربية الإسلامية، لا يُحاكي في إلقائِه لها قانون للموسيقى يوافق الشرق أو الغرب بخلاف هذه الأناشيد التي تُسمَّى بـ "الأناشيد الدينيَّة" أو "الأناشيد الإسلاميَّة". أنا لا أسمع نشيدًا كنت حفظتُه في صباي بقي في ذهني بعض منه لجمالِه وقوتِه وانظروا هذا المعنى ما أجمله لا نسمع مثله إطلاقًا، لماذا؟ لا يناسب أهواءهم وأذواقهم.

القصيدة هذه تنسب للماوردي يقول في مطلعها :

السائل : ابن الوردي

الشيخ : ابن الوردي أحسنت

" اعتزل ذكر الأغاني والغزل   وقل الفصل وجانب من هزل

ودع الذكرى لأيام الصبا             فلأيام الصبا نجم أفل "

بعد ذلك ما يقول:

" ودع الخمرة إن كنت فتى         كيف يسعى في جنونٍ من عقل "

إلى آخره، أشياء كثيرة كنت أحفظها. مثل هذا الكلام الذي فيه نصائح، فيه مواعظ، فيه الأمر بالتمسُّك بالأخلاق التي جاء فيها قوله عليه السلام: ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ ). هذه الأناشيد هي لم تكن في العهد الأول، لا في مبناها ولا في طريقة إلقائها. غيره .

الشيخ : في أحد عنده سؤال؟ تفضل

السائل : على نفس الموضوع طيب -يا شيخ!- ليش ما يكون بالنسبة للأناشيد الإسلامية تكون النِّيـَّة حسنة مش إنّه مخالفة شرعية؟ مثلاً: تكون بديل إسلامي بدل من الأغاني، بدل ما أنا أكون أريد أعمل حفلة، بدل ما أعملها حفلة جاهلية يُعصى فيها الله -عزَّ وجلَّ- لم ما نجيء بمنشدين إسلاميين ينشدون في هذه الحفلة حتى إنه -ارتكاب -إن صحَّ التعبير- ارتكاب أخف الضررين، لم ما يكون من هذا القبيل؟

الشيخ : هذا كلام -بارك الله فيك- خطأ، ارتكاب أخفف الضررين إنما محله -بارك الله فيك- حينما يكون المسلم مُلزمًا ولابدَّ من أن يقعَ في أحد الضررين. مفهوم هذا الكلام حتى لا أمضي كثيرًا؟ أخف الضررين متى؟ حينما يكونُ المسلم لابدَّ مضَّطر شاء أم أبى أن يقعَ في أحد الضررين؛ مثاله: إنسان في الصحراء، تعرض للموت جوعًا، وجد لحم ميت ضأني، ولحم ميت أسد. ما هو أخف الضررين؟ كلاهما ميت؛ لكن الأوَّل لو كان حيًّا جاز ذبحه وأكله، الآخر لو كان حيًّا لم يجز ذبحه، ولم يجز أكله. إذن هنا أخف الضررين ماذا؟ أن يأكلَ من لحم الضاني الميت. طيب، إذا ما أكل ما يصيبه؟ راح يموت. إذن هذا أخف الضررين. أما أنا أريد أعمل حفلة، ما الضرر الذي يصيبني أنا إذا عملت حفلة ودعوت فيها الشباب المسلم، ودعوت إنسان عالم فاضل، أو قارئ يُحسن القراءة، ولا يمط فيها ويطلع وينزل على القوانين أيضًا الموسيقية .. إلى آخره. بحيث أنه يَصدُق فيه كما قال عليه السلام حينما سُئل: " من أحسن الناس قراءة يا رسول الله!؟ " قال: ( هُوَ الَّذِيِ إِذَا سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ رَأَيْتَهُ يَخْشَى اللهَ ).  أكثر القراء اليوم؛ خاصة القرَّاء المصريين التي يذيعوها أحيانًا، وكل آية أو آيتين تسمع كلام الحاضرين: " الله! اللهمَّ صلِّ على محمد! صلُّوا على النَّبيِّ " إلى آخره. هؤلاء يَلغون في قراءة القرآن، ولا يُصغون، ولا يستمعون، إلى آخره. فما المانع أن يعمل حفلة ويأتي بقارئ يحسن القراءة -وعليكم السلام - أو بواعِظ يَعِظ النَّاس، ويُحسن الوعظ أيضًا بالكتاب وبالسنة الصَّحيحة، ولا يَذكر أحاديث ضعيفة وموضوعة، أو يأتي برجلٍ عالم مُفقَّهٌ في الدِّين الى آخره؟ فأين الضرورة -يا أخي!- في هذه الحالة؟ ما في ضرورة. ولكن، شيء ذكرني هذا السؤال؛ كان من الضَّروري أن أذكره؛ ولكن هكذا قُدِّر، (( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم )). هذه الأناشيد الدينية الآن حلَّت محل قراءة القرآن، لقد بلغني عن أكثر من مصدر واحد أن كثيرًا من الشباب في أثناء عملهم في محلِّهم، في دكَّانهم، يقطعون فراغهم بأن يسمعوا هذه الأناشيد الدينية! وأنا أذْكُر نفسي -ولا أذكُر هذا حامِدًا وإنما مُذكِّرًا - أنا لمّا كنتُ في أولِ الشباب في نحو العشرين أو أقلّ كنتُ ساعاتي، مصلح الساعات، وأنتم تعرفون أن تصليح الساعات هذه فيها دقة متناهية، فكنت أفتح القرآن؛ فمن جهة أعمل ومن جهة أقرأ لأحفظ، والحفظ هذا بدو فراغ خاص، مع ذلك فأنا لكوني كنت منشغل بالعلم أيضًا بالإضافة إلى المهنة، فكنت أغتنمها فرصة حينما لا يوجد عندي أحد، أضع هذا القرآن بين يدي، ويومئذ ما في مسجلات ولا في كل هذه الأشياء التي ذللت وتيسرت اليوم؛ حيث لم يبق بيت إلا وفيه مسجلة أو أكثر، فكنت أُعنَى بحفظ القرآن، وأنا في عملي الدَّقيق هذا. كيف لو كان عندي أنا الآن في أحيانًا لما أكون فارغًا أسجّل القرآن وأسْمع وأنتبه أحيانًا لبعض الفوائد لا يتيسر لي الإصغاء إليها، بسبب انشغالي بالمطالعة أو الكتابة أو نحو ذلك. فالآن قامت الأناشيد العلميَّة مقام قوله عليه السَّلام: ( مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا ). فإذن ما الذي يَحمِل الشَّباب اليوم على أن يُلهو أنفسهم، وأن يقطعوا ويضيعوا أوقاتهم بسماعِهم للأناشيد الدينية بديل أن يشغلوا أنفسهم وأن يقطعوا أوقاتَهم؛ بإما أن يقرؤوا قرآن وهذا خير لهم، وأن يتعلموه بأنفسهم، وإما -إن كانوا لا يحسنون- أن يصغوا إلى تلاوة القرآن؟

هذا من مساوئ الأناشيد الدينية.

السائل : تكملة

الشيخ : تكملة؟ تفضل.

السائل : يا شيخ! أنت قلت أيضا إنه بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام جعل حسان بن ثابت يهجوهم بالشعر، والشعر الحماسي جائز، كذلك الأناشيد الإسلامية تعطي الطابع الحماسي عند الناس حتى إنها تعبيهم جهاديًا؛ مثلاً: نسمع من الأناشيد، كثير من الأناشيد تكون جهادية فما المانع ..

الشيخ : أنا أسألك الآن سؤال يا أخي!

السائل : تفضل.

الشيخ : سمعت أنت أناشيد مصرية ولابد، وأناشيد سورية، وأناشيد سعودية سمعت؟

السائل : لا، ما سمعت، سمعت الأناشيد

الشيخ : ولا ماذا سمعت؟ نعم؟

السائل : أنا أقصد التي تكون الأناشيد التي بالأردن.

الشيخ : الله يهديك! أنا ذكرت لك ثلاثة أنواع: أناشيد سورية، أناشيد أردنية، أناشيد سعودية؟ ما تقولي لا!

السائل : ذكرت مصرية.

الشيخ : مصرية، وسورية

السائل : ما جئت له بالأدرنية.

الشيخ : آه، طيب المهم ما سمعت شيئًا من هذه الأشياء. طيب هذا النشيد الذي سمعته هنا ليس موزونًا بالموازين الموسيقية؟

السائل : موزون.

الشيخ : طيب! ما عم نحكي نحن من ساعة؟! اسمح لي هل كان هذا في الشعر الحماسي الذي أنت ألمحتَ إليه بصورة عامة، وضربته مثلاً وتبعتني في ذلك بشعر حسَّان؟ هل كان شعرُه كذلك، موزونًا؟ قل : لا واسترح.

الشيخ : غيره.

الحلبي : شيخنا! نفس الموضوع سؤال توضيحي يعني.

الشيخ : خير إن شاء الله.

الحلبي : ورد في سؤال الأخ الكريم -وكثيرًا ما نسمع- كلمة: "البديل"؛ نريد البديل الإسلامي عن كذا، البديل الإسلامي عن كذا.

الشيخ : الله أكبر!

الحلبي : فحبذا -يا شيخنا!- لو تلقي الضوء عليها -يعني- للفائدة.

الشيخ : والله هذا الكلام صحيح؛ سؤال صحيح. لما نتحدث عن مآسي البنوك، يسألونا التُّجَّار الذين لو تركوا العمل إطلاقًا، ولو عاشوا مهما عاشوا يعيشون أغنياء يقولون ما البديل؟ يخافون لو قلنا لهم: اتقوا الله واتركوا التعامل مع البنوك أنهم يموتوا جوعًا، يريدون البديل. يا أخي! البديل لا يجوز أن يكون بالمعنى الذي يتصوره كلُّ صاحب مصلحة، كل صاحب هوى وغرض. البديل موجود في الشَّرع؛ فأنت اطلب الشرع، واعملْ به؛ فستصل إلى البديل من أقرب طريق. الناس اليوم -سبحان الله!- لما نجي نتكلم عن -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - شروط أو عن الطريق الذي ينبغي أن يسلكه المُسلمون ليتمكنوا مِن تحقيق المجتمع الإسلامي، وإقامة الحكم الإسلامي، ومبايعة الخليفة المسلم، ما هو الطريق للوصول إلى هذا؟ تختلف -طبعًا- مناهج الأحزاب الإسلامية (الموجود) عن منهج الطائفة المنصورة وهي التي تتبع الكتاب والسنة في كلِّ شيء. هذه الطائفة تقول : سيروا على ما سار عليه المسلمون الأوّلون، وحينئذ ستكون الحصيلة قيام الدولة المسلمة شئتم أم أبيتم. أمَّا أنتم أيها الأحزاب الأخرى الذين تريدون إقامة الدولة المسلمة قبل أن تقيموها في أنفسكم؛ فلن تصلوا إلى إقامتها مطلقًا؛ لما هو معلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه من جهة. ومن الحِكَم المعاصرة -اليوم -والعجيب أنها صدرت من رئيس من رؤساء حزب من الأحزاب القائمة اليوم، وهم لا يعملون بهذه الحكمة- وهي: " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقم لكم في أرضكم ". لا يقيمون دولة الإسلام في قلوبهم.

من هذه الإقامة: أن تتقي الله -عزَّ وجلَّ-، ألا تطلب بديلاً عن الأناشيد التي كانت عن الصوفية، أو هذه الأناشيد التي قامت مقام أناشيد الصوفية، لا تطلب البديل؛ لأنَّ القرآن خير بديل، وقد سمعتم آنفاً قوله عليه السلام: ( مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا ). فالشَّاهد: البديل بالنسبة لكل الشَّكاوى التي قد تصدر بمناسبة ما: هو (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )).الإسلام لا يُحرِّم ما أحلَّ الله، ولا يبيح ما حرَّم الله، والأمر كما قال عليه السَّلام: ( الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ اَلْنَّاسِ ) إلى آخر الحديث. فلا يجوز للمسلم كلما قيل له: هذا حرام. يقول: ما هو البديل؟ البديل: اتَّقِ الله -يا أخي!- ربنا يقول في القرآن -والمسلمون من انحرافهم اتخذوها لوحة يزينون بها جدر البيوت-؛ وهي: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )). لكن هذه بدل ما تكون على الجدار، يجب أن تكون في القلب، وإذا حَلت في القلب، حينئذ لم يهتم المسلم، لن يسأل عن البديل؛ لأنه يعلم كما قال عليه السَّلام -انظروا الأحاديث كيف هي تتجاوب بعضها مع بعض-: ( مَنْ تَرَكَ شَيْئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ ).يا أخي! إنت إذا تركت العمل مع البنك الفلاني أو العلاني تقوى لله؛ رزقك الله من حيث لا تظنُّ ولا تحتسب.

الشيخ : وأنا أذكر بهذه المناسبة حديثين عجيبين غريبين؛ لكننا نحن معشر المسلمين بحاجة إليهما جدًّا في عصرٍ غلبت عليهم المَّادة، و( حبُّ الدُّنيا رأس كلّ خطيئة )، كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة التي لا تصحّ؛ ولكن معناها جميل: ( حبُّ الدُّنيا رأس كلّ خطيئة )، وهذا جائي في الحديث ما يُغني عنه ويزيد عليه. ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ في سبيل الله؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ). ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ )، لماذا؟ حبًّا في المال. هذا! حبًّا في المال أوصلنا إلى الذل أن يسيطر علينا أذلُّ أمة على وجه الأرض في كل تاريخ الأرض هم اليهود؛ لماذا؟ لأن الرسول أوعدنا؛ فقال: ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ) العينة هو نوعٌ من أنواع المعاملات الربويِّة. ( وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَر ) كناية عن الاشتغال بالضرع والزرع، وتركنا الجهاد في سبيل الله، والسؤال عن أحكام الله، لا نبالي إلا بالمال كما جاء -أيضًا- في صحيح البخاري؛ قال عليه السَّلام: ( يأتي زمانٌ على أمتي لا يُبالي أمن حلالٍ أكل أم من حرام ) أو كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام. والحديث في صحيح البخاري. هذا هو زماننا. فإذن العلاج: اتَّقوا الله، (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا )) إلى آخر الآية. أحد الحديثين المذكورين آنفًا، لعل هذا الحديث وذاك يبقى في قلوب بعض الحاضرين؛ ثمَّ يبلِّغه الغائبين الذين ابتلوا بحب الدُّنيا؛ فلا يسألون عن الحرام ليجتنبوه، ولا عن الحلال ليواقعوه. قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ( جاء رجلٌ ممن قبلكم إلى غنيٍّ؛ فقال له: أقرضني مائة دينار؛ قال: هات الكفيل؛ قال: الله الكفيل؛ قال: هات الشهيد؛ قال: الله الشهيد؛ فنقده مائة دينار، وتواعدا للوفاء على يوم موعود. أخذ الرجل مائة دينار وانطلق يعمل في البحر، مسافة بعيدة؛ ثمَّ جاء اليوم الموعود؛ فعرف أنه لا يستطيع أن يُسلِّم الدِّين الذي عليه في هذا اليوم ... انظروا ماذا فعل. أخذ خشبة فنقرها؛ حفرها ودكَّ فيها مائة دينار، وأحسن دكَّها وحبسها؛ ثمَّ جاء إلى ساحل البحر الذي هو يعمل فيه؛ فقال: يارب! أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد، ورمى بالخشبة في البحر ). ستقولون -وأنا معكم -فقط ابتداءً لا انتهاءً- ستقولون: هذا عمل مجنون، شو معنى إلقاء خشبة فيها وزن ثقيل مائة دينار وفي البحر؟! لكن هذا الرجل فعلاً اعتمد على الله حينما انسدت عليه الأسباب الكونية المشروعة؛ فاعتمد على الله؛ وقال: أنت كنت الكفيل، وأنت كنت الشهيد، أنت بمعرفتك، بقدرتك دبرني بقى! ( فربنا -عزَّ وجلَّ- بقدرته العظيمة التي لا حدود لها، أمر الأمواج أن تأخذ هذه الخشبة إلى بلدة الدَّائن، والدَّائن خرج في اليوم الموعود ليتلقَّى المدين ويستلم منه الدين، وصبر وصبر وانتظر وانتظر ما جاء! لكن وقع بصره على خشبة تتقاذفها وتتلاعب بها الأمواج بين يديه؛ فمد يده إليها؛ وإذا هي ليست خشبة كالأخشاب، وازنة وثقيلة؛ فعجب منها وأخذها إلى داره؛ ثم كسرها؛ وإذا بها مائة دينار؛ حجر أحمر، ذهب أحمر. بعد قليل جاء الْمَدِين ) -انظروا بقى الدِّين ماذا يعمل بأهله وأصحابه- ( نقده مائة دينار! ) تجاهل ما فعله، لماذا؟ لأنَّه غير جارٍ على السنن الكونية، ما بريد مضمون حتى يكون آخذ سند إنه وصل لفلان المائة دينار وانتهى الأمر. لا، المسألة فوق الأسباب؛ رماها في البحر -كما علمتم- ولذلك تجاهل ما فعل، ( وسلم مائة دينار للدائن ). الدائن كالمدين، كلاهما أتقياء ، وكما قيل: إن الطيور على أشكالها تقع، ( الرجل قعد يفكر -فيما يبدو-: إن أنا قبضت مائة دينار بطريق البحر، والآن أقبض مائة دينار بطريق المدين؛ فحكا له القصة: إنه أنا خرجت للقائك واستقبالك، فما جئت؛ فوجدت خشبة؛ وأخذتها وكسرتها وإذا فيها مائة دينار؛ قال له: والله! القصة كذا وكذا، أنا لما وجدت نفسي لا أستطيع أن أعود إلى البلد وأسلمك مائة دينار؛ فعلت كذا وكذا؛ فقال الدائن: بارك الله لك في مالك، خذ المائة دينار التي أعطيتني إياها، ووصلني حقي بطريق ايش؟ البحر ). لو وقعت هذه القصة مثلها اليوم ووصلت إلى إنسان مائة دينار بطريق لا يعلمها أحد إلا الله -تبارك وتعالى-. من يرد هذه الأموال إذا جاء إنسان يقول له: إنه أنا أرسلت لك بطريقة غريبة قليلا وصلك؟ لا، ما وصلني، لو أنكر ما فيه عليه شهود، والمدعي ما يستطيع أن يثبت؛ لكن الإيمان يأتي بالعجائب. وهذه من العجائب القصة بين الدائن والمدين عجيبتان، يجب نحن أن نعتبر بذلك؛ حتى نتِّقي الله -عزَّ وجلَّ-. الحديث الثاني وبه ننهي الجلسة؛ لنقوم نصلِّي -إن شاء الله- هنا صلاة العشاء؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام قبل هذا الحديث الأول في صحيح البخاري،

الشيخ : والحديث الثاني في صحيح مسلم. قال عليه الصلاة والسلام: ( بينما رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض؛ إذ سمع صوتًا من السَّحاب يقول: اسق أرض فلان ) صوت من السَّحاب كما يتكلم البشر على وجه الأرض، هناك شخص يتكلم بلغة البشر؛ لكن في السحاب! " يـا سحاب! اسقي أرض فلان بن فلان ". ( كان يمشي -مثلاً- شرقًا صار ايش؟ جنوبًا! مشي الرجل للأرض مع السحاب؛ وإذا به يرى السحاب يُفرِغ مشحونه من المطر في حديقة؛ يطلُّ عليها وإذا به يرى رجلاً يعمل فيها؛ في أرضه، في حديقته؛ فيأتي إليه، ويُسلِّم عليه؛ ينظر إليه صاحب الحديقة؛ فيراه رجلاً غريبًا، ليس من أهل تلك القرية ). وتعرفون القرى قديمًا ما كانت بهذه السعة، وبعدد النفوس التي ممكن الإنسان يتعرف على أقاربه؛ لكثرة العدد؛ فضلاً عن أبعده، فكانت القرية معددوة العدد الوجوه معروفة ( فلما رأى الرجل؛ فقال له: كأنك أنت رجلٌ غريب، قال له: نعم، فما الذي جاء بك؟ قال له: أنا كنت أمشي فسمعت صوتًا من السحاب؛ يقول للسحاب: اسق أرض فلان؛ فجئت والسحاب؛ وإذا بالسحاب يُفرغ مشحونه من المطر في أرضك؛ فبما نلت ذلك من ربك؟ ) هذا شأن الصالحين! ما في عندهم العنجهوية، وهذا الكبرياء؟ ( يقول: والله! أنا لا أدري، أنا رجل عادي؛ لكن عندي هذه الأرض فأزرعها وأخدمها؛ ثم أحصدها؛ فأجعل حصيدها ثلاث أثلاث: ثلثٌ أعيده إلى الأرض، وثلث أنفقه على نفسي وأهلي، وثلثٌ أتصدَّقُ به على الفقراء والمساكين؛ فقال له الرجل: هو هذا ). ما تريد أحسن من هذا؟! فانظروا الآن كيف أن ربَّ السَّماء سخَّر البحر للرجل الأول، ثمَّ ربَّ البحر سخَّر السَّماء للرجل الآخر، ما هو الجامع في هذا التَّسخير؟ (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )). ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا من المتقين العاملين بالكتاب والسنة.

السائل : جزاك الله خيرًا.

الشيخ : استوا وتراصوا، تحاذوا بالمناكب والأقدام، لا تدعوا الفرجات للشيطان، الله أكـبر.

صـلاة الشَّـيخ العـشاء بالحـاضرين قرأ سورة القلم في الركعتين .

الشيخ : فيه خطأ -يا إخواننا!- من بعض المصلِّين منتشرٌ في المساجد، ليس في مساجد بلدة معينة؛ بل البلاد الإسلامية كلها -مع الأسف-، لا نستثني من ذلك حتى الحرمين الشريفين؛ وهي: مسابقة المقتدين للإمام بالتَّأمين، ولو لم يكن هناك إلا الحكم العام؛ وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ ). لو لم يكن في الموضوع إلا هذا الحديث العام الذي يعني في دلالته أن يكون المؤتم مقتديًا بالإمام وليس سابقًا له، أو متقدِّمًا عليه؛ فكيف وهناك حديثٌ خاص يتعلق بهذه المسألة، وهي قوله عليه الصلاة والسلام: ( إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )؟!

فهذا الحديث صريحٌ جدًّا ( إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا ). الآن قبل أن يؤمِّن الإمام المقتدين يطلعوا صوت عالي يرج المكان به؛ يقولون: " آمـين " وهو يمكن -واحد مثل حكايتي- ما زال ما خلص من: (( ولا الضَّـآلين )). ولذلك فأنا أُذكِّر -والذكرى تنفع المؤمين-: كل مُصلِّي فَرضٌ عليه في صلاة الجماعة أن يتنبَّه لتلاوة القرآن من الإمام؛ لأنها صلاة جهرية وأن يتدبر: أولاً: ما يسمع من القرآن. وثانيًا: أن يحبس نفَسَهُ، إذا وصل الإمام إلى قوله: (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) لا يحرك لسانه بـ:" آمين " قبل أن يسمع بدء الإمام بـ: "آمين"، قبل أن يسمع بدء الإمام بـ: "آمين" ما قبل ما ينتهي الإمام من قراءة (( ولا الضآلين ))! هذا خطأ فحش جدًّا جدًّا.  ومن فحشه: أنَّه يأثم عند ربه؛ لأنه يخالف قوله عليه السَّلام: ( إِذَا أَمَّنَ فَأَمِّنُوا ). ومن فحشه: أنَّه يخسر مغفرة ربه بسبب سمحٍ سهلٍ، شو هو؟ احبس نَفَسَك، لا تسبُق الإمام بـ: "آمين"؛ فإنَّك إن فعلت ذلك؛ أي: لم تسبقه بـ: "آمين"؛ طابق تأمينه تأمين الملائكة، أين هؤلاء الملائكة؟ ما يهمنا؛ سواء كانوا في الأرض في المسجد ممن يحضرون على نوبتين يتبادلوا عند صلاة العصر؛ نوبة بتطلع ونوبة تنزل، أو كانوا ملائكة السماء، وهذا وارد في بعض الاحاديث؛ فإن ملائكة السماء؛ يقولون: "آمين"؛ فإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه. فإذن هذه غنيمة عظيمة جدًّا، لو عاش أحدنا حياة نوح -عليه السلام- ليحظى بهذة المغفرة؛ لكان الثمن بخسًا، فما بالك القضية ما تحتاج إلى أكثر من جمع الفكر وراء الإمام الذي يجهر في الصلاة وتراقب وتتابع قراءته آية آية؛ فإذا وصل إلى آخر الفاتحة؛ حينئذٍ لا يبدأ بقول: " آمين "؛ حتى يشرَع الإمام نفسه: بـ: " آمين ". ومن الحكمة في شرعية جهر الإمام بـ: " آمين ": هو تحقيق هذا الأمر النبويِّ الذي يؤدي إلى مغفرة الله -عزَّ وجلَّ-؛ وإلا إذا قال الإمام سِرًّا -كما يفعل بعض الأئمَّة- ممن يخالفون السُّـنَّة ولا يجهرون بـ: " آمين ". إذا قال: آمين سرًّا أو ما قال، منين بدنا نتمكن أن يوافق تأميننا تأمين الملائكة الذين ما يسبقون الإمام؟ لا يمكن. لذلك كان من تمام التشريع: أن جعل من السنة جهر الامام بـ: " آمين "؛ فانتبهوا لهذا الحكم أولاً، ولهذه الفائدة ثانيًا؛ عسى أن ننال بذلك ولو في صلاة واحدة يومًا مغفرة الله -تبارك وتعالى-. نعم.

السائل : يا شيخ! قرأت أنت برواية حفصٍ عن عاصم، وهذه القراءة لا تُقرأ بـ: (( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ))، لا أدري كيف قرأتها يعني!

الشيخ : ايه! لماذا لا تُقْرَأ؟

السائل : لم يقرأها يعني رواية حفص عن قراءة عاصم .

الشيخ : أنا فهمت! لا تكرِّر عليَّ ما قلت، أنت أجب عن سؤالي.

السائل : نعم.

الشيخ : لماذا لا تُقرأ؟

السائل : إنه هكذا -يعني- من شرط القراءة ما قرأه إلا بعض الثلاث الأخرى: حمزة و ..

الشيخ : يا أخي! لا تعيد عليَّ، لماذا؟ حرام؟

السائل : والله! ما أدري.

الشيخ : وإلاَّ ما تدري بتكلم واحد ما يدري يا أخي! أنا راح أقول لك شيء: الأئمة السبعة من القُّراء، وفوق منهم ثلاثة صار مجموعهم عشرة، هؤلاء مثل الأئمة الأربعة في الفقه، وفوق منهم صفر مع الأربعة: أربعين، كلهم هؤلاء أئمة مجتهدون؛ فإذا كان المذهب الحنفي -مثلاً- لا يجيز رفع اليدين في الصلاة؛ فرجل مسلم عاش دهرًا طويلاً في المذهب الحنفي، وهو يعلم أن رفع اليدين مكروه تحريمًا، وبعد ذلك اقتنع إنه فيه أحاديث صحيحة عن الرَّسول أنه كان يرفع يديه في الصلاة، خالف المذهب الحنفي في هذه الجزئية اتباعًا للسنة، ما بيجوز؟  أسألك؟

السائل : نعم، يجوز.

الشيخ : طيب، كذلك خالف قراءة حفص في هذه القراءة، اتَّبع قراءة أخرى ثابتة في السُّنة بطريق التواتر، ما يجوز؟ قلها يجوز ولا تخاف.

السائل : بالنسبة للتَّأمين، التَّأمين خلف الإمام في حديث قد يُشكل فهمه على بعض الناس موجود في صحيح البخاري: ( فَإِذَا قَالَ: "وَلاَ الضَّالِّينَ"؛ فَقُولُوا: آمِينَ ).

الشيخ : نعم.

السائل : فهذا قد يُشكل فهمه.