About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 401

 

السائل : الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، ومن سلكَ نهجه واهتدى بهديه ، وتمسك بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ؛ أما بعد :

 فإن أصدقَ الحديث كلام الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ، وكل ضلالةٍ في النار . يسرنا في هذا اليوم المبارك جلَ وعلا أن نلتقي بفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - حفظه الله تبارك وتعالى ، وبارك في عمره ونسأله جل وعلا أن يسخره لخدمة الإسلام والمسلمين - نحن شباب من السودان من جماعة أنصار السنة المحمدية ، وهذه الجماعة كما هو معروف ومعلوم ، تسلك منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم ، ولدينا بعض الأسئلة والاستفسارات حول بعض المواضيع الهامة ، والتي تخص الجماعة السلفية في السودان على وجه الخصوص والدعوة السلفية على مستوى العالم الإسلامي أجمع . وهذه المسائل جُلها يختص بما هو معروف بالمستجدات في هذا العصر ، وأن الدعوة إلى الله جل وعلا لابد لها من أن تتطور ولابد لها من أن تقتحم جميع المجالات ونجم في هذا الموضوع بعض الاختلاف في السودان وحدث ما حدث من أشياء ، نسأل الله أن يُسدد الخطى وأن يعفو عن الجميع ، ونحن بدورنا اغتنمنا هذه الفرصة وهذه السانحة بلقائنا هذا عن فضيلة الشيخ الألباني حفظه الله تعالى ، وهذه الأسئلة تختص بموضوع الوسائل التي تُبلغ بها دعوة المولى عز وجل ، سؤالنا الأول كالآتي : هل يجب تحصيل بعض المصالح الكفائية أو العينية إذا كان في الطريق إليها مزالق ومحرمات ؟

الشيخ : لا يجوز ؛ لأنه لا يوجد في الإسلام تلك القاعدة التي تقول الغاية تبرر الوسيلة ، بل الإسلام قد نص بغير ما نصٍ من كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن ما كتب الله للإنسان من الرزق ، لا يجوز أن يتوصل إليه المسلم بالطريق المُحرم ، كما جاء في حديث الحاكم وغيره من قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن ما عند الله لا يُنال الحرام ) ما عند الله من الرزق ، الذي ليس هو كالصلاة ونحوها من الفرائض العينية ، بل هو يطلبه المسلم ليكف نفسه عن أن يحتاج أن يمد كفه إلى الناس ، فلو أنه كان مكفيًا برزقٍ حلال ولم يسعَ وراء الرزق لم يكن مقصرًا لأن طلب الرزق هو لما ذكرنا من أن يكف نفسه عن أن يسأل الناس ، فإذا كان تحصيل هذا الرزق لا يجوز بطريق محرم بدلالة هذا الحديث المعروف وهو قوله عليه السلام : ( فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ) فأولى ثم أولى ثم أولى أنه لا يجوز للمسلم ، بل المسلمين ، بل الجماعة الإسلامية التي تريد أن تدعوا الناس إلى العمل بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريٌّ بهؤلاء أن لا يستحلوا بعض المحرمات ليحصلوا بذلك تحقيق بعض الغايات لأنه قلب لمثل قوله تبارك وتعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) هذا من جهة . ومن جهة أخرى : نحن نختلف عن سائر الجماعات وسائر الأحزاب ؛ لأننا لسنا حزبًا ، ولسنا كتلةً ، وإنما نحن المسلمون ونحاول أن نسير في إسلامنا على منهج سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين ، وكلنا يعلم بالضرورة أنهم ما كانوا يومًا ما ليخطر في بالهم ، فضلاً عن يحققوا ذلك في حياتهم أن يستحلوا بعض المحرمات في سبيل تحقيق بعض الغايات الإسلامية ، كيف والآية السابقة تقول : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ؟! منطق من يقول بجواز ارتكاب بعض المخالفات لتحقيق بعض الغايات الشرعية ! منطق هؤلاء يعكس الآية السابقة ، ويعني منطقهم أن من يتق الله في العصر الحاضر يُطبق أحكام الشريعة بكاملها ، فسوف تكون دعوته محصورة ضيقة ؛ ولذلك فلابد من تجاوز بعض الأمور التي لم يأذن بها الرسول لكي نتمكن من توسيع دائرة الدعوة ، أنا أقول : إن هناك نُذرًا تبشر بشرٍ خطير ، إذا لم يتدارك أهل الدعوة الحق ، أمرهم قبل أن يستفحل شأنهم ذلك أننا نسمع ما بين آونةٍ وأخرى أنهم يرتكبون محظوراتٍ كثيرة في سبيل ما يسمونه بنشر الدعوة ، ما هي الدعوة التي يريدون نشرها ؟ أهيَّ دعوة الكتاب والسنة ؟ أم هو شيء آخر ؟ سيقولون معنا بل هي دعوة الكتاب والسنة ، لكن هم يعلمون مثلاً أن الإسلام يُحرم على المرأة أن تسافر مع غير محرمٍ ، فكيف وبعضهم قد أذن لجماعاتٍ من النساء ، قد يكون عددهن بالعشرات أو بالمئات ثيباتٍ وأبكارًا ، أن يُسافرن بغير محارم ، لماذا ؟ ما هي الغاية ؟ زعموا في سبيل نشر الدعوة ، وهنا لابد لي من أن أقف قليلاً .

في اعتقادي من مصائب هذا العصر وبدعه التي لا يكاد يتنبه لها كثير من أهل الفضل فضلاً عن غيرهم أن الناس انقسموا إلى قسمين ، دُعاة وغير دُعاة ، ثم انقسم الدعاة إلى ذكور وإلى إناث ، فصار هناك دعاة وصار هناك داعيات ، ومعنى هذا تمامًا أن الدعاة الإسلاميين لا يستطيعون أن يقوموا بواجب الدعوة إلى شرع الله عز وجل كتابًا وسنة ، ولذلك فقد أفسحوا المجال للنساء أن يشتركن في الدعوة ، ليت أن اشتراكهن في الدعوة كان مع محافظتهن على أنوثتهن وعلى آدابهن الخاصة بهن على اعتبارهن من النساء ، لكن تعدت هذه الداعيات زعمن طور جنسهن الذي سماه الرسول عليه السلام أو لقبه بالقوارير ، ليت أنهن التزمن الآداب الخاصة بهن باعتبارهن من النساء اللاتي ينبغي عليهن حتى فيما يتعلق بالصلوات الخمس أن يلزمن دورهن وأن يصلين في بيوتهن ومع ذلك وأنا أشير طبعًا إلى أمر معروف لدى السامعين جميعًا من قوله عليه السلام في حق النساء : ( وبيوتهن خير لهن ) خير لهن من ماذا ؟ خير لهن أن يحضرن الصلوات الخمس في المساجد مع جماعة المسلمين ، فكيف يكون خيرًا لهن أن يخرجن وأن يسافرن في سبيل الدعوة ؟ ثم قد يقع هناك الاختلاط بين الرجال والنساء في بعض الدور أو في بعض البيوت أو ما شابه ذلك ، ومن المعلوم أن الاختلاط أمر توارثه المسلمون خلفًا عن سلف على أنه مما منع منه الشارع الحكيم من باب ما يُسمى عند الفقهاء بسد الذريعة ، إن النبي صلى الله عليه وسلم قد منع النساء عن كثير من الأمور هي من ما أمر به الرجال ، مثلاً الحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول عليه السلام : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) إذا كان هذا نظام الإبعاد للنساء عن الاختلاط بالرجال في أقدس الأماكن وفي خير البقاع كما جاء في الحديث الصحيح لما سُئل عليه السلام عن خير البقاع وشر البقاع ؟ أجاب بأن خير البقاع المساجد وشر البقاع الأسواق ، لقد حال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين النساء والرجال أن يختلطوا بعضهم مع بعض في خير البقاع وهي المساجد ، فكيف يجوز أن نسمع اليوم من هنا وهناك من بعض الدعاة الإسلاميين أن يجيزوا للفتيات المسلمات أن يدخلن الجامعات القائم التدريس فيها على الاختلاط بين الجنسين ؟ زعموا أن المصلحة تقتضي ذلك ، إذًا ماذا يكون موقفهم أولاً إيمانًا ؟ ثم تطبيقًا بالنسبة للآية السابقة : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا )) الآية ثم ما موقفهم من هذه السدود التي جعلها الرسول عليه الصلاة والسلام بين النساء والرجال دفعًا للاختلاط في خير البقاع ؟ إنهم سيقولون إما بلسان حالهم أو بلسان قالهم ولسان الحال أنطق من لسان المقال ، تلك أمة سبقت ؛ إذًا يكون منطلقهم هذا تُرجمان لما في نفوسهم أن الشرع الذي تلقيناه عن نبينا صلى الله عليه وسلم من طريق الصحابة ومن تطبيقهم إياه ، ليس شرعًا مسلمًا به ، وإنما ذاك كما يقولون اليوم في التعبير العصري شريعة زمنية انقضت وذهبت دولتها ، أما اليوم فهي كما يقول بعض المتفقهة - ولا أقول بعض الفقهاء - كما يقول بعض المتفقهة في العصر الحاضر : " إن الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان " هذه الجملة وإن كانت تستعمل كثيرًا في بعض كتب الفقهاء المتأخرين فيجب أن نشطب على كثير من المعنى الواسع الذي يوسعه الذين يعلنون هذه القاعدة على رؤوس الأشهاد ، فنقول : إنها لا تصح أن تقال على إطلاقها وعمومها وشمولها ؛ لأن معنى ذلك تعطيل الأحكام الشرعية وتعريض للشريعة الإسلامية أن تصبح كالشرائع الأولى ، التي حرفها أتباعها كاليهود والنصارى فهم في كل عصرٍ أو مصرٍ يغيرون الأحكام حسب تغيّر الزمان والمكان ، هذا الإطلاق لا يجوز أبدًا أن نستعمله ونعلنه على جماهير من المسلمين وإنما نقول بعض الأحكام التي قيلت اجتهادًا واستنباطًا وفهمًا لبعض العلماء ممكن أن يُقال مثل هذه الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان ؛ لأنهم فهموا هذا الحكم حسب واقعهم يومئذ وتصورهم ، لكن لما تغير الزمان وتغير المكان ، ممكن أن يأخذ ذلك الحكم وجهًا آخر ، وأنا أضرب مثلاً واحدًا فقط ، لقد جاء في كتب الشافعية أنه لا تصح الصلاة في أرجوحةٍ ليست مُعلقةً بالسقف ولا مُدعمةً من الأرض ، لا تصح الصلاة زعموا لأنه يصلي في لا مكان والآن وجدت الأرجوحة التي ليست معلقة في السماء ولا مدعمة من الأرض ، ألا وهي الطائرة وبخاصة المسماة بالهليكوبتر ، التي تقف هكذا في الفراغ معنى تلك الجملة أن الصلاة في هذه الطائرة لا تصح ، والآن لا يمكن أن نتصور فقيهًا أو متفقهًا يقول بعدم صحة الصلاة في هذه الطائرة ، إذًا ذاك كان حكمًا يتناسب مع تصورهم ومع خيالهم للمرجوحة ، لكن الآن وجدت سيارة طيارة ، أعني ما أقول ، وجدت سيارة طيارة ، فهي ليست معلقة بالسقف ولا مدعمةً من الأرض ، فكما تصح الصلاة في السيارة تصح أيضًا الصلاة في السيارة الطيارة ، وهكذا ، ولذلك إذا ما نحن انطلقنا من قاعدة " الغاية تبرر الوسيلة " وإن كانوا لا يقولونها بألسنتهم ، فهم ينفذونها في مناهجهم وبرامجهم ، وهذا الواقع أكبر شاهدٍ على ذلك وهناك من يُفتي بجواز دخول الفتاة لتتعلم الطب مثلاً مع أنها تتعرض لمخالطة الأطباء والشباب منهم بخاصة ، وتتعرض أن يكون وجهها بل ونفسها مع نفس الطبيب المعلم وفي مكان واحد ، وفي غرفةٍ واحدة ، لماذا ؟ قالوا : لابد من هذا حتى نُحصل الفرض الكفائي ، نحن نُسلم بأنه من الفروض الكفائية أن يتعلم المسلمون رجالاً ونساءً ، كلُ من الجنسين بما يتناسب معهم مع جنسه ، فنحن مثلاً نقول من الواجب تعلم علوم الهندسة على اختلاف أنواعها ، لكن لا يجوز ذلك للنساء ، لكن يجب على النساء أن يتعلمن الطب والطبابة ، من أجل أن نتحاشى تعريض نساءنا للأطباء من الرجال ، ولكن إذا كان من لازم ذلك أن نُعرض نساءنا وفتياتنا للفتنة ، فنحن نقول حينئذٍ كما قال عليه السلام : ( ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، فلا نسمح لبناتنا ولا لنسائنا ولا لأخواتنا أن يدخلن مكانا فيه مخالفة للشرع ولو أنه فيه تحصيل لفرض كفائي لأن هذا الفرض الكفائي يمكن تحصيله مع الزمن بطريقٍ مشروع وذلك مما يسهل على كل إنسان أن يفهمهُ إن المسلمين ليسوا سواءً من حيث خضوعهم للأحكام الشرعية أولاً . ثانيًا : العلماء المتبعون في هذا الزمان ليسوا كلهم سواء فيما يفتون به من تحريم أو تحليل ، ولذلك نحن نتمسك بالحيطة والحذر ولا نسمح كما قلنا للنساء أن يختلطن مع الرجال في سبيل تحقيق فرض كفائي ، لكن لابد أن يكون هناك كما هو مشاهد من فتياتٍ قد لا يلتفتن إلى ما هو حرام أو حلال ، فالأحكام عندهن سواء ، أو منهن من تهتم بمعرفة الحرام والحلال ولكنها لا تعدم أن تجد من يفتيها كما نحن في صدد الكلام أنه يجوز لها أن تدخل الجامعة وتدرس الطب ، ونحو ذلك في سبيل تحصيل الفرض الكفائي ، حينئذٍ نحن نقول هؤلاء هم كبش الفداء ، هن اللاتي يتقدمن لتحصيل هذا العلم ويعرضن أنفسهن للفتنة الصغرى ولابد ، أو الفتنة الكبرى لا سمح الله ، بعد ذلك يأتي دور نسائنا نحن فيتعلمن من هذه النسوة ولا يتعلمن من الرجال . الشاهد : أنه لا يجوز في الإسلام أن نتبنى هذه القاعدة " الغاية تبرر الوسيلة " وهي تنافي تمامًا ما ذكرته آنفًا من حديث ومن قوله تعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا )) ومشكلة المسلمين اليوم أفرادًا وجماعات وأحزابا هي أنهم لا يهتمون بتقوى الله ، فتجد كل الناس يرتكبون ما حرم الله لأتفه الأسباب ، فالتجار مثلاً يودعون أموالهم في البنوك ، بل لا أقول التجار الأغنياء الذين لا يتاجرون ، يودعون أموالهم في البنوك ، يقولون يا أخي أين نذهب بهذه الأموال ؟ نحن نخشى عليها اللصوص ، بل نخشى على أنفسنا من اللصوص ، هل هذا منطق من يؤمن بالآية السابقة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا )) الآية ؟ الجواب : لا ، وإذًا فنحن في العصر الحاضر وبخاصة الدعاة الإسلاميين لسنا بحاجة قصوى وكبرى لتنظيم واستحلال في سبيل هذا التنظيم لبعض حرمات الله تبارك وتعالى ، بل نحن بحاجة أن نغرس في قلوب الناس الإيمان الصادق الذي يحول بينهم وبين ارتكاب ما حرم الله عز وجل لأتفه الأسباب ، لهذا نحن نرى أن أي تكتل أو تحزبٍ قبل كل شيء يقوم على قاعدة استباحة بعض الحُرمات لتحقيق بعض الغايات أن هذا يكون على المذهب ، مذهب أبي نواس الذي كان يقول ، " وداوني بالتي كانت هي الداء " ، فلا يجوز معالجة مشاكل المسلمين بمخالفة بعض ما أقول كل بمخالفة بعض أحكام رب العالمين بحجة أن الغاية تبرر الوسيلة ، بل نحن نقول إنه ما ظهر في الآونة الحاضرة من تحزب في الدعوة الصالحة وهي الدعوة السلفية يكفي فيها أنها قد فرقت الجماعة السلفية في بعض البلاد جعلتها طائفتين ، طائفة تنتمي إلى حزبٍ لها نظامها ومن جملة هذا النظام أنهُ من كان معنا فهو منا ، ومن كان ليس معنا فهو علينا ، وليس من الضروري أن يكون هذا معلنًا كتابةً وبيانًا ، وإنما يكفي أن ذلك واقعًا عمليًا ، فمن كان منذ أيام له منزلة عندهم في الصلاح وفي النشاط في الدعوة ، أصبح اليوم لأنه لم ينتمِ للحزب ليس منهم ، وإذًا تأتي هنا الآية الكريمة التي نكررها في هذا الصدد مرارًا وتكرارًا (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون )) . خلاصة الكلام : الأسباب التي تتيسر في العصر الحاضر يجب الأخذ بها بشرط أن لا تكون مخالفة للشرع ، مثلاً هذه المسجلة فهي تنقل المحاضرات والدروس والمواعظ والنصائح إلى الناس بيسر وبدقة ، فهي وسيلة خلقها الله عز وجل في العصر الحاضر فيجب الانتفاع بها ، كذلك الراد أو الراديو إذا كانت هناك دولة مسلمة فباستطاعتها أن تستعمل هذا الجهاز في سبيل نشر الدعوة على وجه الكرة الأرضية كلها ، وليس فقط في العالم الإسلامي . تأتي أخيرًا وسيلة حديثة العهد بعض الشيء وهي التلفاز ، فنحن نقول : التلفاز باعتبار أن فيه الصور والتصوير ، فالأصل فيه أنه لا يجوز ، وليس كالمسجلة والراديو ، وإنما فيه من الصور والتصوير والعناية باستعمال آلات لتصوير الأشخاص ، نقول : الأصل في التلفاز أنه لا يجوز ، إلا فيما تقتضيه الضرورة ، والعلماء متفقون على قاعدة " الضرورات تبيح المحظورات " ولكن لا نرى التوسع في ذلك كما هو واقع اليوم عند من لا يبالون بما يسمى حرامًا أو حلالاً ، وإنما بقدر ما تُحقق المصلحة التي يأذن الشارع بها ، وفي حدود النص الآذن بذلك ، نحن نعلم مثلا - ولا أريد إطالة البحث في هذه المسألة - أن التصوير حرام على كل أشكاله وأنواعه ، لكن نعلم أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للسيدة عائشة أن تلعب ببناتها من الخرق ، كانت تستعملها وكان الرسول عليه السلام يُسرب إليها بنات جاراتها لكي تتسلى بهن ، ودخل الرسول عليه السلام مرة وهي تلعب وفيها فرس وله جناحان ، فقال عليه الصلاة والسلام لها : ( يا عائشة فرس له جناحان ؟ ) فقالت : ألم يبلغك أن خيل سليمان عليه السلام كانت ذوات أجنحة ؟ الشاهد : من هذا الحديث نستطيع أن نأخذ منه وأن ننفذ منه إلى جواز استعمال الصور ، ومن ذلك التلفاز في حدود الحاجة التي لا يترتب من ورائها ضرر سواء في العقيدة أو في الأخلاق أو نحو ذلك من المخالفات ، أما هذا التوسع فلا يجوز استعماله لأن الأصل فيه محرم ، هكذا ينبغي فيما أرى وفيما أعتقد أن يكون موقفنا استغلال كل وسيلة حدثت ما لم نخالف فيها شريعة الإسلام ونضع جانبًا تلك القاعدة الكافرة التي بها استحلت الدماء والأعراض من الكفار ، وهي قوله : " الغاية تبرر الوسيلة " وهذا ليس من الإسلام ، بل الإسلام يقول : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) هل بقي شيء من ..

السائل : فضيلة الشيخ ، نسبةً للخلافات التي نجمت في أوساط الجماعة السلفية في السودان ، في بعض المسائل كالانتخابات والبرلمانات والاتحادات في المدارس الثانوية والجامعات وتعليم المرأة في الجامعات المختلطة وذهاب الرجل السلفي إلى أماكن المنكرات كالمآتم والأعراس الجاهلية ، أقيم مؤتمر للدعاة السلفيين في جميع أنحاء السودان ، وكان ذلك قبل سنتين وتوصلوا فيه إلى بعض الاتفاقات ، وكان عبارة عن وفاق وجمع لشمل الأمة السلفية في السودان ، ولكن مع ذلك إلى الآن الحال في حاله ، ألزموا الجميع ، جميع أفراد الجماعة السلفية بالسودان ، قالوا : لابد من الطاعة لهذه القرارات والتقيد بهذه الفتاوى ، ولا يجوز لأي فرد ينتمي لهذه الجماعة السلفية بالسودان أن يخرج عن هذه القرارات ، وكل من شذ عن هذه القرارات وهذه الأوامر التي جاءت من الأمارة ، وقالوا : أن هذه الأمارة ، الأمارة في الحضر ، أمارة الدعوة أمارة شرعية ، ومعترف بها ويجوز طاعتها في المعروف ، فكل من شذ وخالف ولم يُطع بعض الأمور كقضية الاختلاط في الجامعة ، أجيزت بشرطين : الأول منها : أن الإنسان يأمن الفتنة على نفسه . ثانيًا : أن يكون بوسعه تقليل شيء من المنكر . فمن خالف هذه التعليمات وهذه الأوامر يُفصل ، يُفصل من هذا التنظيم ، ويعتبر إنسان منبوذ ، ويُطلق عليه بعض الأحاديث : ( من مات وليس في عنقه بيعة ) ، ( وعليكم بالجماعة ) ، ( ومن شذ شذ في النار ) ، ( ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني ) ، وهذا الأمر أحدث بلبلة في وسط الشباب المسلم ، وقبيل مجيئنا إلى المملكة العربية السعودية لأداء هذه الشعيرة ، تحدث أحد الأخوان عن هذه الأمور وما كان إلا أن جوبه بالفصل من هذا التنظيم ، فما هو الرد ؟

الشيخ : جوابي أن هذا التنظيم من بعض السلفيين تقليد منهم أولاً لبعض الجماعات الإسلامية القديمة التي سبقت في هذا المضمار دون أن تتقدم شيئًا يذكر في سبيل تحقيق ما يعلنون منه من محاولة إصلاح المجتمع الإسلامي وإقامة الدولة المسلمة ، من أجل ذلك نحن نُنكر هذه التنظيمات ؛ لأنها ليست كالتنظيمات التي جرى عليها المسلمون طيلة هذه القرون التي تقوم على أساس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أساس تعلم العلم النافع والتوجيه إلى العمل الصالح ، بل كما جاء في هذا السؤال المُفصل من الأمثلة التي تفرض على المنتمين لهذه الجماعة ، الإطاعة العمياء ولو في معصية الله تبارك وتعالى ، ويكفي في ذلك أنهم جعلوا هذا الأمير الذي نُصب على هذه الجماعة كما لو كان خليفة المسلمين ، فيجب اطاعته في كل شيء يأمر به مالم يأمر بمعصية الله فالخطأ في هذا كما سمعتم أنهم حملوا قوله عليه السلام : ( من أطاع أميري فقد أطاع الله ) فكأن لسان حالهم يقول إن هذا الأمير لهذه الجماعة هو أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهناك جماعة أخرى لهم أمير أيضًا هذا الأمير هو أمير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم على ذلك دواليك يطبقون أحكام الإمارة الكبرى على الولاية الصغرى ، من الولاية الصغرى  الإمام الذي يُصلي بالمسلمين الخمس صلوات في المسجد ، هذا لا يجوز أن يُعطى له صلاحيات الخليفة الإمام الأول ، وإنما يُطاع في حدود ما يأمر وينهى فيما يتعلق بأحكام الشريعة ، أما يجب له من الطاعة فيما لو أمر بشيء أصله مباح ، لا يجب إطاعة هذا الإمام الذي هو إمام المسجد ، لأنه ليس هو الإمام الأكبر الذي إذا أمر المسلمين بشيء يرى أن فيه مصلحتهم وكان هذا الأمر في أصله مباحًا فيجب والحالة هذه أن يُطاع الأمير الأكبر ، كما يجب على الزوجة أن تطيع زوجها في غير معصية الله تبارك وتعالى ، أما هذه الإمارات وهذه الولايات في هذه التنظيمات الحديثة في العصر الحاضر ، وبخاصة أخيرًا ، فهذه أولاً ليست تلك الولاية الكبرى لأنهم لم يبايعوا من جميع المسلمين ، ولذلك فلا يُعطى لحكم أميرهم أحكام الأمير الأعلى . ثانيًا : أن هناك ما يلفت النظر ويسترعي الانتباه أنهم زادوا في الأمر بالطاعة لهذا الأمير الخاص على أكثر مما ثبت في الشرع من إطاعة الأمير العام . جاء في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية وأمّرَ عليها أميرًا ، ثم أراد هذا الأمير أن يبتلي أتباعه ، هل هم يطيعونه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُطاع أميره ؟ فأمر بعضهم بأن يحطبوا حطبًا ففعلوا ، ثم أمرهم جميعًا أن يلتفوا حول هذا الحطب ثم أمر بعضهم أن يوقدوا النار فيها فأوقدوا فاشتعلت ، فقال لهم : " القوا أنفسكم في النار " ، فتلكأوا ، فقال بعضهم لبعض : " والله ما آمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فرارً من النار ، فكيف نحن نطيع أميرنا هذا بأن نلقي بأنفسنا في النار ؟! والله لا نفعل حتى نبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأله "، فجاء الرسول إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكره له القصة ، فقال : ( لو أنهم ألقوا أنفسهم في النار ما خرجوا منها إلى يوم القيامة ، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) إذا كان الأمر كذلك وكان الأمير المولى من قبل الرسول مباشرة لا يُطاع في معصية الله عز وجل ، فكيف يُطاع هؤلاء الأمراء المختلفي المناهج والمذاهب والاتجاهات وهم يصرحون كما سمعتم في السؤال بأن على كل فردٍ أن يُطيع تلك القرارات والتي فهيا إباحة الاختلاط بين الرجال والنساء ، ولكن عليه أن يحفظ نفسه - سبحان الله ! - والرسول صلى الله عليه وسلم الذي وصفه رب العالمين بقوله : (( بالمؤمنين رءوف رحيم )) ماذا فعل بالمسلمين ؟ هل أباح لهم أن يعرضوا أنفسهم للفتنة ؟ أم قال : لكل مسلم أن النظرة الأولى لك والثانية عليك ؟ وقال : ( كُتب على ابن آدم حظه من الزنا ، فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ) - أي اللمس ، أي المصافحة - ( والرجل تزني وزناها المشي ، والفرج يُصدق ذلك كله أو يكذبه ) لقد أباح هؤلاء الأمراء زعموا لأتباعهم أن يخالطوا وأن يعرضوا أنفسهم للفتنة ، بل وصرح بعضهم مع أنه من السلفيين أنه يجوز في سبيل الدعوة يا أخي كل شيء أصبح يجوز في سبيل الدعوة أن يصافح الرجل المرأة ، مع أنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما شهدت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ، قالت : " ما مست يد النبي صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط " أي يد امرأة لا تحل له ما مست يد النبي صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ، بل لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم الرجال وبايع النساء ، قامت إحداهن تطلب منه عليه الصلاة والسلام أن يصافح النساء كما صافح الرجال للبيعة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( إني لا أصافح النساء ) فكيف أنت تكون سلفيًا وليس فقط محمديًا تتبع أقوال الرسول عليه السلام ، بل وتمشي على منهج السلف الصالح ؟ والسلف الصالح لا تجد أحدا منهم يستبيح للرجل أن يمس يد امرأة لا تحل له ، هنا تأتي القاعدة : " الغاية تبرر الوسيلة " نحن نريد أن نوصل الدعوة إلى الأماكن التي لا يصل إليها الدعاة المتشبثون والمتشددون ، فهم يتساهلون إذًا في بعض الأحكام ، رجعوا إلى القاعدة الباطلة الكافرة " الغاية تبرر الوسيلة " لذلك نعود لنقول هؤلاء الأمراء إذا أمروا بشيء فيه مصلحة للأمة فأطيعوا في ذلك فلا مانع ، ولكن طاعتهم ليست فريضة ؛ لأنهم ليسوا هم الحكام الذين هم كالخلفاء لهم صلاحية الأمر بالشيء المباح فيصير واجبًا ، فإن كان في ذلك مصلحة وفعلها الرجل الذي ينتمي إلى الجماعة فلا مانع من ذلك ، أما إذا كان في معصية لله أو لرسوله فهنا يأتي القول السابق : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ولأن نموت فرادى لا رابطة لنا ولا جامعة لنا ، لا نعصي الله ورسوله في مسألةٍ واحدة خير لنا من أن نجتمع على الضلال وعلى منهج يقررونه وهم يعلمون أنهم يخالفون فيه الشرع في كثيرٍ من أوامره ، ولذلك فأنا أؤيد الأخ الذي خطبَ ووقف تجاه تلك الأوامر ، وإن كان فُصل من الجماعة ولكنه لم يفصل من الجماعة لأن الجماعة هي جماعة أصحاب الرسول عليه السلام ، وهم يعلمون جميعًا أن هذا الذي يقولونه إنما هو من آرائهم ومن اجتهاداتهم وليس منقولاً عن سلفهم الصالح . وهنا كلمة أخيرة : إن هؤلاء الذين يصدرون هذه القرارات ، ويستبيحون بعض المحرمات بدعوى أن المصلحة تقتضي ذلك ، هؤلاء في اعتقادي أقول جازمًا : أولاً : ليسوا علماء ، لم يدرسوا الشريعة كتابًا وسنة ، فأولى ثم أولى أنهم ليسوا من المجتهدين الذين يجوز لهم أن يقيسوا وأن يعتبروا و و... إلخ ، مما هو معروف في علم الأصول ، وإنما هم عندهم شيء من المعلومات الإسلامية نتف أقوال من ها هنا وهاهنا وقد يكون عندهم كلمات لبعض العلماء سواء في الحديث أو في الأصول ولكنهم ليسوا علماء يستطيعون أن يتولوا قيادة الأمة من الناحية الفكرية ، وإنما هم نابتة نشأة وتحمست على غير هُدًى من ربها ، لذلك أقول دون أن أعلم شخصيات الجماعات كلها لن تجد في هذه الجماعات التي تسمعون عنها مثل هذه الانحرافات شيخًا عالمًا ، لن تجدوا فيها شيخًا عالمًا ، وإنما بعض الشباب المتحمسين الذي يحسبون أنهم يحسنون صنعًا .

السائل : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين ؛ يا شيخ في مسألة هذه القرارات ، قرروا أن الاختلاط حرام ، ولكن بشرطين لدخول الجامعة لتقليل المنكر وأمن الفتنة . والشيء الثاني : قالوا : لا يجوز المخالفة لأن ابن مسعود لم يخالف عثمان بن عفان ، فصلى معه وأتم الصلاة ، وكان عثمان قاصرًا ، وقال " الخلاف شر " ، ولذلك يأمر الجماعة أن لا يخالفوا لأن الخلاف شر .

الشيخ : فأين عثمان رضي الله عنه اليوم ؟!

السائل : غير موجود .

الشيخ : طيب ، ثم كيف تكون الأمان من الفتنة ؟! بولوج أبوابها ؟ أم بالابتعاد عنها ؟ وقد قلنا آنفًا قوله عليه السلام جملة ، والآن أذكر الحديث نهاية لهذا الكلام : ( إن الحلال بيّن والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ألا وإن لكل ملكٍ حمى ، ألا وأن حمى الله محارمه ، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) . الحقيقة أن هذا الذي ذكرته أخيرًا هو سبق الجواب عليه ، لما قُلت يقيسون أميرهم على أمير النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا قياس مع الفارق ، وكما يقول بعض الفقهاء : قياس الحدادين على الملائكة المقربين ، وهذا من أبطل القياس على وجه الأرض ؛ لذلك لا عثمان اليوم أي لا خليفة اليوم ، وهذا الذي يجب على الجماعات الإسلامية أن يسعوا إلى إيجاد المجتمع الإسلامي الذي ينبع منه الخليفة الراشد ، لا أن يوجدوا في كل مكان أميرًا ، ويعطوه أحكام الأمير الأكبر كعثمان ومن قبله ومن بعده ، وبهذا القدر كفاية والحمد رب العالمين .

السائل : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد أعتقد أن ما سبق من حديث طيب لفضيلة الشيخ الألباني حفظه الله ، يكفي لإجابة هذا السؤال الذي أريد أن أسأله ، ولكن أحب تخصيص هذا السؤال لأن فيه كثير من اللغط وكثير من الاختلافات ، ما هو حكم دخول الجيش مع العلم أنه يؤدي حتمًا إلى بعض التنازلات في الدين ، مثل حلق اللحى ، وأداء قسم الولاء ، وصيغة قسم الولاء ، قسم الولاء كالآتي : أنا فلان الفلاني ، وقد جُندت جنديًا بالقوات المسلحة ، أقسم بالله العظيم ، وأعلن صادقًا أن أنذر حياتي لله وللوطن ومصلحة الشعب ..

الشيخ : ما شاء الله .

السائل : وأن أكرس كل وقتي وطاعتي طوال مدة خدمتي في تنفيذ الواجبات الملقاة على عاتقي ، وأن أتوجه إلى أي جهةٍ يصدر أمر بتوجيهي إليها ، برًا أو بحرًا أو عن طريق الجو ، وأن أطيع جميع الأوامر التي تصدر إليَّ من ضابطٍ أعلى ، حتى لو أدى ذلك بالمجازفة بحياتي بموجب قانون القوات المسلحة ، أو قانون الإجراءات المدنية ، أو أي قانون آخر ساري المفعول ، ثم من التنازلات القيام للعلم ، تحية العلم ، ثم القيام للضابط الأعلى الرُتب العليا مثل اللواء والفريق وكذا كل الناس يقومون له ، وغير ذلك من التنازلات ، فهل يجوز بحجة مصلحة الدعوة ونشر الدعوة وأن يوجد كوادر وعناصر تؤدي إلى خدمة الدعوة في هذه الأماكن ، هل يجوز ذلك ؟

الشيخ : الحقيقة يا أخ كما قلت أن هذا السؤال هو سبق الجواب عنه في كلامي السابق ، لكن كما ذكرت أنك تريد جوابًا صريحًا ، فأقول : لا يجوز ، لكني أذكر بأن الدخول في الجيش في بعض الدول العربية ، منه اختياري ومنها إجباري ، فما كان اختياريًا فهو الذي ينبغي أن يتوجه السؤال عنه ، وهو الذي يتوجه الجواب السابق عليه

السائل : هو اختياري

الشيخ : وهو أنه لا يجوز ، أما ما كان اضطراريًا فالمضطر يقول كلمة الكفر ولا يؤاخذ على ذلك ، لكن الحقيقة أن الذين يذهبون على ضوء القاعدة الكافرة " الغاية تبرر الوسيلة " كل هذه التنازلات يسمحون فيها في سبيل تحقيق مصلحة يزعمونها ، وكما قلت سابقًا هذا معالجة الداء بالداء ، وداوني بالتي كانت هي الداء تمامًا ولا يكون إقامة صرح الإسلام والمجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية أبدًا على التنازل عن بعض أو كثير من الأحكام الشرعية بل يجب علينا أن نصبر وأن نصابر وأن نتقي الله عز وجل والأمر كما قال تعالى : (( والعاقبة للمتقين )) ومن الممكن لمثل هذه الجماعات إذا أرادت أن تشتغل بالسياسة التي ليس فيها مخالفة للشريعة أن توجه هذه الحكومات وبخاصة أنها تزعم أنها حكومات إسلامية ، فيلفت نظرهم إلى أن كثير من هذه الأمور التي جاءت فيما ذكرت ونقلت مخالفة للشريعة ، فمثلاً أول ذلك حلق اللحية ، من عجائب بعض الدول العربية أن بعض الدول الأوروبية خير منها في هذه القضية ، بعض الدول الإسلامية يدخل الشاب المسلم إلى الجيش مرغمًا ، فيكون أول عقوبة على إسلامه أن يحلقوا لحيته ، بينما بعض الدول الأوربية ، وأنا رأيت بعيني ، لما كُتب لي الذهاب إلى بعض البلاد الأوربية ، ومررنا بإيطاليا ثم بجبال الألب بسويسرا ، مرت بنا سيارات عسكرية ، فلفت نظري أن بعض العساكر ملتحين ، فسألنا عن السبب ؟ قال هنا الحرية واضحة مع أفراد الجيش ، من شاء حلق ، ومن شاء عفى ، بينما النظام الانجليزي الذي كان يستعمر بعض البلاد العربية لا يزال المسلمون الحكام المسلمون يفرضون على الجنود المسلمين حلق اللحية ، فإذا أرادوا إصلاحًا أعني هذه الجماعات السياسية ، فليقدموا طلباتهم إلى هذه الدولة ، قد يستجيبون لبعضها وقد يمتنعون عن الكثير منها ، أما أن يُقال يجوز الدخول فيها والتنازل عن بعض الأحكام الشرعية ، لعل وعسى أن يكون في منفعة للدعوة المسلمة من هذا الشخص ، وهذا أيضًا جهل بالإسلام .