About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 403

الشيخ : ... هذا موسم الجود والكرم ، آه ، ربنا عز وجل يقول : (( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ )) فإذاً الوقت ليس وقت توفير ، التوفير في بلدكم ، أما في بلاد الحرام ، فينبغي أن تجودوا بكل لذيذ لديكم ، والمسألة أهم من ذلك ، المسألة أنه يجب على كل حاج أن يحج متمتعاً ، وليس مفرداً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما حج حجة الوداع ، كان الناس معه على هذه الأقسام الثلاثة في حجهم ، منهم المفرد ، منهم القارن ومنهم المتمتع ، ثم القارن كانوا على نوعين : قسمٌ منهم ساق الهدي ، من هنا من هناك في المدينة من ذي الحليفة ، ومنهم من لم يسق الهدي ، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحجاج كلهم على اختلاف أنواع حجتهم أن يجعلوا حجهم عُمرة ، يعني من كان مفرداً ، ومن كان قارناً لم يسق الهدي ، أمرهم عليه الصلاة والسلام بأن يقلبوا نيتهم الأولى بالحج المفرد إلى عُمرة ، وقال عليه السلام : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لما سقت الهدي ، ولجعلتها عُمرة ، فأحلوا أيها الناس ) ، فأمرهم بأن يتحللوا بعد أن طافوا سبعاً ، وسعوا بين الصفا والمروة سبعاً ، أن يتحللوا إما بقص الشعر وإما بحلقه وهو الأفضل ، ولذلك فالواجب ، فالواجب أن يحج المسلم متمتعاً ، ثم الناحية الاقتصادية ليست عُذراً هنا في أن لا يحج معتمراً ؛ لأنه يقوم بديل الهدي الصوم. فإذاً ما في داعي لأن نوجه نظرنا في هذه المسألة إلى نظرة اقتصادية محضة ، هذه واحدة.

الشيخ : والأخرى : نحن نشاهد أن أكثر الحجيج مبتلى بحلق اللحى ، ولعلكم تعلمون أن نبيكم عليه الصلاة والسلام ، كان له لحية جليلة وعظيمة ، وإذا صرفنا النظر مبدئياً عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تشرب يا أخي بيدك الشمال ... لم يكن صدفة ، ولم يكن فلتة طبيعية ، وإنما كان ذلك من تقدير العزيز العليم ، إذاً فنحن بصفتنا مسلمين علينا أن نُفكر بأن الله عز وجل حكيمٌ عليم ، يضع كل شيء في محله وبعلم دقيق جدا.

فحينما جعل الرجال ذوي لحى ، والنساء جرداً مرداً ، ما كان ذلك في خلقه تبارك وتعالى عبثاً ، لكن العبث ، إنما يكون منا نحن الرجال الذين ابتلوا بحلق اللحى ، ولإن عاش أحدنا اليوم سنين طويلة في بلده ، حيث أقام في سوريا في مصر في الأردن ، أُبتلي في حلق اللحى في معصية ملازمة له ، فعليه على الأقل أن يهتبلها فرصة ، إذا حج إلى بيت الله الحرام أن يجعل حجه كما قال عليه الصلاة والسلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) فإذاً ليس من المهم أن يحج المسلم ، فإذا ما رجع إلى بلده ، اكتسب اسم الحاج ، فينادى يا حاج فلان ، ليس هذا هو المهم ، فالمهم أن يعود من ذنوبه كيوم ولدته أمه .

الشيخ : ولن يتمكن الحاج المبتلى على الأقل بحلق اللحية ، لن يتمكن أن يعود من ذنوبه كيوم ولدته أمه وهو يعصي الله عز وجل في كل يوم ، أو في كل يومين لا بد له من أن يحلق لحيته .

الشيخ : وبخاصة أنكم تعلمون على اعتبار أنكم قاصدون الحج إلى بيت الله الحرام أن المسلم حينما يحرم بالعمرة أو الحج يحرم عليه أشياء ، ثم يتحلل من هذه الأمور المحرمة عليه ، على نوبتين اثنتين على مرحلتين : المرحلة الأولى تسمى عند الفقهاء بالحل الأصغر ، والمرحلة الأخرى تسمى بالحل الأكبر ، متى يتحلل الحاج الحل الأصغر ؟ إذا رمي الجمرة الكبرى يوم العيد ، ماذا يفعل هذا الذي يريد أن يتحلل ؟ يقص شعره ، يقص أظافره ، والذي يكون عادةً حالق للحيته سيبدأ بمعصية ربه يوم العيد ، وهو أن يحلق لحيته ، فهذه مشكلة كبيرة جداً ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، ولذلك فنحن نريد من إخواننا الحجاج كلهم سواء المصريين أو سوريين أو أردنيين أن يتوبوا إلى الله عز وجل توبةً نصوحا من كل ذنب وإثم ، ومن ذلك ما هو ظاهر للعيان ، أما ما بين كل إنسان وبين الله فلا يعلم ذلك إلا علام الغيوب ، لكن لنا الظاهر والله يتولى السرائر ، فأنا أنصحكم أن تفتتحوا حجكم بالتوبة منذ هذه الساعة عن حلق اللحية  ؛ لأنكم ستفاجئون يوم العيد بالحل الأصغر بأن تحلقوا رؤوسكم ولحاكم ، وهذه معصية ، فبدل من أن نستفتح خطوة وحياة جديدة مع ربنا عز وجل وهو بالتحلل الأصغر ، وإذا بنا نحلقها ثم نرميها أرضاً ، ما هكذا ينبغي أن يكون الحاج المسلم ، لذلك أردت أن أذكركم والذكرى تنفع المؤمنين ، ولا يحتجن أحد منكم بالحياة الاجتماعية التي رانت وسيطرت على كثير من المسلمين  ؛ لأن هذه الحياة إنما أوجدها المستعمر ، المستعمر في مصر هو الإنجليز والمستعمر في سوريا هو فرنسا ، والمستعمرون كثر ، وهم الذين جابوا إلينا هذه التقاليد التي ليس لها صلة بالإسلام مطلقاً ، قد تعجبون جداً ، لو أنكم قرأتم التاريخ الإسلامي ، أن من أجرم سابقاً وأراد القاضي الشرعي أن يذيعه بين الناس وأن يجعله عبرة لمن يعتبر ، يحلق لحيته ، فحلق اللحية مثلى ، لكن الناس اعتادوا على هذا ، بسبب سيطرة العادات الغربية على كثير من البلاد الإسلامية ، ولذلك أعود أخيراً وأقول عليكم أن تحرصوا كل الحرص أن تعودوا من ذنوبكم بسبب الحج ، كيوم ولدتكم أمهاتكم ، وأول بشائر من ذلك أن تنووا الخلاص من هذه المعصية ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى ) ، ( اعفوا عن اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) ، وقال عليه الصلاة والسلام لرجل كان جاءه من كسرى وهو حليق اللحية ، قال : ( من أمرك بهذا ؟ ) قال : أمرني ربي ، يعني كسرى ، قال عليه السلام : ( أما ربي عز وجل فقد أمرني بقص الشارب وإعفاء اللحية ) ، فإذاً علامة المسلم غير علامة الكافر ، المسلم يعفو عن لحيته بأنها خلقٌ من خلق الله ، كما قال عز وجل : (( هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ )) ، لعل في ذلك ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ، وأرجو إذا كان عندكم ملاحظة أو مشكلة فأريد أن أسمعها ، لكي نتبادل النظر حولها.

السائل : جزاك الله خيرا يا أستاذ

الشيخ : الله يحفظك

السائل : ياليت نتعرف على حضرتك.

الشيخ : أنا اسمي : محمد ناصر الدين الألباني ، نعم.

السائل : في عدة اسئلة متعلق بالإجهاض عمليات الإجهاض بالنسبة للنساء

الشيخ : موضوع ايش

السائل : الاجهاض بالنسبة للنساء ،هذا الموضوع يكون مثلاً بسبب امرأة لا تريد الولادة ، مثل زوجها لا يريد أنها تنجب ، أو من ناحية صحية لها ، أو أنها عملت عمليتين قيصريتين فهي تخاف على صحتها ، أو مثلاً أنها تعرضت لأخذ بعض أنواع أدوية ، أو مثلاً إشعاع يعني تعمل لها إشعاع أو كذا ، فالولد غالباً يكون مشوها ، الطفل يكون عنده تشوهات خلقية ، كنقص في ذراعه ، أو ضعف في عقله وممكن بعض هذه الأمراض التي يولد بها الطفل التشوهات الخلقية ، تُعرف بالتحليلات بحيث يكون عندنا تيقن 90% أو 95% أن الطفل سوف يولد مشوه ، فيمكن حضرتك تتفضل بإعطائنا فكرة هل الإجهاض يجوز في بعض هذه الحالات أو لا يجوز ؟

الشيخ : أولاً : الإجهاض يختلف حكمه بالنسبة إلى سن الجنين ، فيختلف كل الاختلاف بين أن يكون الإجهاض قبل نفخ الروح بالجنين ، وبين أن يكون الإجهاض بعد نفخ الروح فيه ، فإذا كان الإجهاض في الحالة الثانية أي بعد نفخ الروح فيه ، فهذا حرام لا يجوز ، اللهم إلا في حالة واحدة وهي أن يُخشى على حياة الأم الحامل وحينئذٍ تقول القاعدة الفقهية العلمية الإسلامية أن المسلم إذا وقع بين شيئين اختار أخفهما وأقلهما شراً ، فإذا كان لا بد من مفسدة من مفسدتين مفسدة الإبقاء بالمحافظة على حياة الجنين ، ويترتب من وراء ذلك تعريض حياة الأم للخطر ، فحينئذ نتخلص من الجنين لتخليص الأم من الخطر ، في هذه الحالة يجوز فقط إسقاط الجنين ما دام أنه قد نُفخ الروح فيه ، أما إذا كان الإجهاض أو الإسقاط قبل نفخ الروح فيه ، فهنا الأمر سهل إن شاء الله ، ولكن يجب أن يُنظر إلى الباعث على الإجهاض ، فيُدرس هذا السبب الباعث دراسة موضوعية خاصة فيُنظر هل هو سبب شرعي مقبول في الإسلام ؟ أم هو مرفوض ؟ فإن كان مقبولاً جاز الإجهاض ، كما قلنا قبل نفخ الروح ، وأما إن كان مرفوضاً فحينئذٍ لا يجوز ، لا لأن الإجهاض لا يجوز ، وإنما لأنه اقترن معه سبب غير شرعي ، وأنا أضرب لكم مثلاً واحداً بهذا النوع من السبب ، وهو إذا قيل للوالد أو للوالدة لماذا هذا الإجهاض ؟ والله معاشنا راتبنا قليل ، فهنا التقى هذا السبب مع السبب الذي كان يحمل الكفار المشركين قبل الإسلام على أن يئدوا أولادهم وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم : (( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ )) ، فإذن اذا نظرنا إلى السبب الدافع إلى الإجهاض وكان غير جائز شرعاً كهذا ، بالتالي لا يجوز الإجهاض ، أما إذا كان السبب جائزاً ولندرس الآن الصورة التي أنت عرضتها آنفاً ، وهو أن يكون قد اُكتُشِف الجنين وهو في بطن أمه أنه غير كامل الخِلقة ، طيب ، هنا لا بد لي من وقفة ، إذا سلمنا جدلاً بأن هذا الكشف ، كشف صحيح ، وليس كالكشف الصوفي ، تعرفون الكشف الصوفي ؟

السائل : نعم.

الشيخ : الكشف الصوفي هي عبارة عن خيالات وأوهام لبعض مشايخ الطرق ويوصلهم في كثيرٍ من الأحيان إلى تخيلات يخالفون فيها الشريعة ، ومن أخطر ما قرأناه في بعض كتب هؤلاء ، أنهم كانوا يصححون الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول قائلهم صراحةً هذا الحديث وإن كان موضوعاً عند علماءَ الحديث ، ولكنهُ قد صح عندنا بطريق الكشف فإذا كان هذا الكشف الطبي اليوم أشبه ما يكون بالكشف الصوفي قبل اليوم ، فحينئذٍ لا قيمة له ، وأنا حين أقول هذا الكلام أدري أن الكشف الطبي اليوم ليس كالكشف الصوفي من كل الجوانب والنواحي ، ولكن أريد أن أقول شيئاً بأنه في كثير من الأحيان ليس يقيناً ، ولعلك تعرف هذا أحسن مني ؟ أم لا ؟ تعرف أن هذا الكشف ليس يقينياً وكثيراً ما يخطئ الطبيب ؟

السائل : الطبيب وأشعة الكمبيوتر يعطي نسبة عالية الموجات الصوتية قد تصل إلى 95% أو 90%.

الشيخ : لذلك ما دام في أنواع فيجب أن نتأكد من أن هذا الكشف ، كشف علمي صحيح حينذاك نقول يجوز ، وإلا نبقى مخالفين لقوله عليه الصلاة والسلام : ( تزوجوا الولود الودود فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) ، لأنه بلا شك المبادرة إلى إسقاط الجنين أو إجهاضه ولو قبل نفخ الروح فيه كما قيدنا أخيراً ، أسوأ يعني أقل ما يقال فيه من الشر هو تقليل سواد أمة الرسول عليه السلام ، وهو يقول : ( فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة ) ، ولذلك فقد أمر بأن يتزوج المسلم المرأة الولود ، لكي يحقق رغبة الرسول عليه السلام بأن يباهي سائر الأمم يوم القيامة ومما لا شك فيه أن تعاطي أسباب الإجهاض ينافي هذه الرغبة النبوية الكريمة ، لعلي أجبتك عن سؤالك ؟ وإلا بقي شيء ؟

السائل : في عدة أسئلة ، أقول لحضرتك لو مثلاً بعد أربعة أشهر مثلاً عُمل كشف للمرأة ، إنه تبين مثلاً طفل يولد وهو مثلا في تخلف عقلي ، ويكون مشكلة على والديه فهل ... ؟

الشيخ : هذا ما يجوز ، لأن الله عز وجل كما قلنا آنفاً ، ما خلق شيئاً عبثاً ، يجب أن يكون في المجتمع ما هو مشاهد اليوم إنسان أبيض البشرة أسود البشرة ، طويل قصير ، كامل ناقص .. الخ ؛ لأنه قديماً قيل ، وبضدها تتبين الأشياء ؛ ولذلك فالناس العقلاء كما يقال اليوم العقلاء ، هل هم في نسبة واحدة العقل ؟ لا ، وأظنكم تشاركوني الرأي بأن البشر لو كانوا بنسبة واحدة فهماً وذكاءً وعقلاً ، ما استقامت لهم الحياة ، صحيح أم لا ؟ فإذاً هذا التفاوت التي قد يظهر بسبب ولادة الجنين كما يقولون اليوم بلغة العصر الحاضر معوقاً ، هذا فيه حكمة ؛ ولذلك فنحن يجب أن نرضى بخلق الله عز وجل ما دام ليس لنا فيه كسب ، ما دام ليس لنا فيه كسب ، وإنما هو تقدير من رب العالمين تبارك وتعالى ، فإذاً هذا الإجهاض أيضاً لا يجوز ؛ لأنه ينبغي أن يُلاحظ الأبوان أن في قيامهما على تربية ولدهما مهما كان شاذاً في الخَلقِ أو في الخُلق ، في ذلك أجر وأجر كبير جداً ، ونحن اليوم مع الأسف الشديد ، حينما ران علينا التربية المادية الأجنبية ، صرنا نعالج الأمور كلها معالجة مادية فما عدنا ننظر إلى شيء اسمه مثلاً حساب اسمه جنة اسمه نار ، ثواب عقاب ، كل هذه الأشياء أكثر المسلمين اليوم لا يفكرون فيها ؛ لأنهم يفكرون التفكير المادي الأوروبي ، أنتم سمعتم آنفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم يحض المسلم أن يتزوج الولود مهما كان الأولاد كثيرين فالأجر كان أكثر ، والعكس بالعكس تماماً ، هذا المنطق الإسلامي لا يؤمن به الكفار ؛ لأنهم كما وصفهم ربنا عز وجل في القرآن الكريم بحق حينما قال : (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) ؛ ولذلك فهم هؤلاء الكفار أن يعيش في هذه الحياة الدنيا وهو متنعماً بزوجته بولده بابنته ، وخامسهم كلبهم ، كما جاء في القرآن الكريم ، هذه الحياة التي يتمتع بها أما يكون عنده عشرة من الولد ، يتعذب بتربيتهم والإنفاق عليهم.. الخ. هذا مما لا يسع هؤلاء الكفار لأنهم إنما يعيشون ويتمتعون كما تتمتع الأنعام ، بل هم أضل ، بل هم أضل ؛ لذلك فيجب أن يختلف منطق المسلم وتفكيره عن منطق الكافر وتفكيره ، بالتالي يجب أن يختلف أثر هذا التفكير عن أثر ذاك التفكير أما اليوم نحن مع الأسف ، فقد اختلط الحابل بالنابل فأصبح كثير من المسلمين ، يفكرون تفكير الغربيين ، لا ينظرون إلى ما يُدخر لهم من الأجر يوم القيامة ، اسمعوا هذا الحديث الذي لا يعرفه الكفار إطلاقاً ؛ لأنهم حرموا الإيمان بدين الإسلام ، يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد إلا لن تمسه النار إلا تحلة القسم ) ، قالوا " يا رسول الله واثنان ؟ " قال : ( واثنان ).. الحديث قال ثلاثة ، ( ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحِنث إلا لن تمسه النار إلا تحلة القسم ) ، قالوا : " واثنان يا رسول الله ؟ " قال : ( إثنان ) ، قال راوي الحديث : حتى ظننا أننا لو قلنا وواحد لقال وواحد. إيش معنى الحديث ؟ قوله لم يبلغوا الحنث ، يعني سن التكليف ، قوله إلا تحلة القسم ؟ إشارة إلى قوله تعالى في القرآن الكريم : (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )) ، فهذا قسم من رب العالمين ، أنهُ لا يبقى بر ولا فاجر من الثقلين الإنس والجن إلا وهو داخلها ، لكن هذا الدخول في نهايته ، ينقسم إلى قسمين إما أن يظل فيها مُعذباً إلى ما شاء الله ، وإما أن يمر مر الكرام ، يرى الناس الكفار والفُساق يعذبون ، وهو كأنه في حصنٍ حصين ، لا تمسه النار بسوء ، وقد جاء في حديث في مستدرك الحاكم بإسناد على طريقة علماء الحديث فيه ضعف ، لكن معناه صحيح على ضوء هذا الحديث الصحيح ، وهو الحديث الأول : ( ما من مسلمين ) ، فهو في صحيح البخاري ومسلم ، أما الذي في مستدرك الحاكم فيقول بأن رجلاً من التابعين كان في مجلس تحدثوا فيه عن هذه الآية الكريمة عن تفسيرها وبخاصة عن تفسير واردها ، قال فاختلفنا على ثلاثة أقوال منهم من يقول واردها أي داخلها ولا بد ، ومنهم من يقول يمر من فوقها وهو الصراط ، ومنهم من يقول واردها أي من طرفها ، كما يقال أورد الناقة كذا ، فالإيراد هنا ليس معناه الورود الدخول ، وإنما من حافة الطرف ، ثلاثة أقوال اختلفوا ثم لم يأتهم أحد بالقول الفصل ؛ لأن ربنا عز وجل في القرآن الكريم يقول : (( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )) ، فأي مسألة فيها أقوال كثيرة في مسألة واحدة ، فيجب أن يعتقد المسلم أن هذا الاختلاف ليس من الله ، وإنما هو من عباد الله ، من العلماء من المشايخ الخ ، فحينما اختلفوا هنا على أقوال ثلاثة وانفصلوا على هذا الخلاف أحد هؤلاء الذين كانوا في الجلسة حينما خرج منها لقي جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما ؛ لأن أباه استشهد في أحد ، فذلك له الخلاف الذي جرى في المجلس حول قوله تعالى : ((  وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا )) كأنه يقول له ما عندك يا جابر ؟ فما كان منه إلا أن رفع أصبعيه ، ووضعهما في أذنيه ، وقال : صُمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يبقى برٌ ولا فاجر إلا ويدخلها ، تكون برداً وسلاماً على المؤمن ، كما كانت على إبراهيم ) فإذاً معنى قوله عليه السلام في الحديث السابق : ( إلا تحلة القسم ) أن هذين الزوجين الذين مات لهما ثلاثة من الولد بل اثنان لم يبلغا الحنث واحتسبا أجرهما عند الله ، لا يدخلون النار إلا بمقدار تنفيذ القسم الإلهي ، هذا المرور الذي لا تمسهم النار بعذاب ، هذا المعنى الكفار ما يعرفونه ؛ ولذلك ما يهتمون بتربية الأولاد ، تربيتهم من الناحية الأخلاقية ، ومن الناحية الدينية ؛ لأنه لا دين لهم ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فالمسلم لا يجوز له حينئذٍ أن يعيش كما يعيش هؤلاء الكفار ، ومن حياتهم تقليل النسل ، وهذا خلاف المنهج الإسلامي ؛ لأنه يأمر بتكثير النسل والصبر على تربية الأولاد ؛ لذلك قلت آنفاً يجب أن تكون ثمرة المسلمين في حياتهم غير ثمرة الكفار في حياتهم ، فهذا النظام في الإجهاض الإسقاط الذي تلقيناه من الغربيين ، يجب أن ندخل فيه تعديلاً يتوافق مع الأحكام الإسلامية ، وهي تأتينا من الغرب ؛ لأن ما يلبسه الغربي الكافر لا يصلح للمسلم الشرقي ، وهذا مثال في الماديات ولا شك - وعليكم السلام ورحمة الله- أن المعنويات أهم وأهم بكثير ، أظن انتهى الجواب عن سؤالك إن شاء الله.

السائل : يعني لا يجوز الإجهاض على أي سبب ؟

الشيخ : بالتفصيل السابق إما أن يكون بعد نفخ الروح ، فهذا حرام قولاً واحداً ، وإما أن يكون قبل نفخ الروح ، فلا فيه من التفصيل وهو النظر إلى الباعث ، فإذا كان الباعث هو خشية إملاق فلا يجوز كما ذكرنا ، أما إذا كان الخوف على الأم مثلاً لسبب ، وهنا في أسباب كثيرة يعرفها الأطباء ، فهنا يجوز ؛ لأن ذلك يكون قبل نفخ الروح ، أما بعد نفخ الروح فلا يجوز ؛ لأنه بنسبة قتل نفس حية ؛ لذلك حاز تسمية العزل بالموءودة الصغرى في بعض الأحاديث ، أينعم.

السائل : يعني في حديث ابن مسعود ( إن أحدكم خلق في بطن أمه أربعون يوماً ) ، إنما يكون نفخ الروح يكون بعد أربعة أشهر ؟

الشيخ : أينعم.

السائل : الأطباء يقولون أن الطفل بعد ست أسابيع قد ينبض ، ويبدأ يتحرك .. .

الشيخ : يجب أن نعلم بأن النظرة الطبية ولنقلها بعبارة عامة ، النظرة العلمية ، قد تختلف عن النظرة الشرعية وأنا لا أريد من هذه الكلمة أن أقول بأن العلم يتناقض مع الشرع ، لكني أريد أن أقول أن العلم قاصر وسيظل قاصراً ، ولعلكم تعلمون بأن الأوروبيين أنفسهم مع الأسف يشهدون شهادة حق ، بينما كثير من المسلمين بعد يجهلونها ، هم يقولون أو بعضهم على الأقل يقول : كلما ازددنا علماً ازددنا معرفةً بجهلنا ، لعلكم سمعتم مثل هذه الكلمة ، لكن الشرع ، الشرع هو تنزيل من حكيمٍ عليم ، فهو لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ؛ ولذلك الشرع علمه أوسع من العلم التجريبي هذا ، فالعلم التجريبي له حدود يقف عندها ، فالآن تقول بأن الطب يقول بأن الحياة تدب في الأسبوع الثالث قلت السادس وإلا الثالث ؟

السائل : الجنين تدب فيه الحركة منذ الأسبوع السادس.

الشيخ : هذا هو ، فنحن نقول ليس هذا هو الروح الذي جاءنا الخبر عن الله من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه هناك روح منفصلة ومخلوقة من القديم ، القديم جداً ، تنفخ في الجنين في هذا الشهر الرابع ، بعد الشهر الرابع ، هذه الحياة غير تلك الحياة التي يكتشفها الأطباء ، وومما يقرر الموضوع إنه المني كما تعلمون جميعاً فيه هذه الحيوانات الصغيرة ، والصغيرة جداً التي لا تُرى إلا بالمجهر المنظار المكبر جداً جداً ، فهذه الحوينات أليس فيها حياة ؟ آه ، لكن هذه الحياة غير الروح ، غير الروح التي تنتقل إليها ؛ ولذلك نحن نمشي العلم في طريقه ، ونمشي الشرع في سبيله ، وما نضرب أحدهما في الآخر ، وأنا أضرب لكم مثلاً ، من المعلوم من الناحية الفلكية الجغرافية ، أن هذه الشمس لا تغيب عن الكرة الأرضية ، أليس كذلك ؟

السائل : نعم.

الشيخ : طيب ، لكن طلوعها وغروبها أمر نسبي ، بالنسبة للبلاد الموجودة على وجه الكرة الأرضية ، من ذلك مثلاً حينما نرى الشمس تطلع من المشرق ، نقول نحن في عرفنا ، ماذا أسمي هذا العرف ؟ العرف البشري العام ، نقول طلعت الشمس ، والشرع أيضاً يقول في تحديد وقت صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، ويقول عليه السلام : ( من أدرك ركعةً من صلاة الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك ومن أدرك ركعةً من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك ) هذا هو الشرع وهذا هو المرئي ، لكن العلم يقول حينما نرى الشمس على قمة الجبل هي في الحقيقة لا تزال وراء الجبل ، وإنما انعكاسات الأشعة هي التي أظهرتها لعيننا ، إذاً نستطيع أن نقول الآن لما طلعت الشمس ، طلعت بالنسبة للرؤية العامة البشرية ، لكن من الناحية النظرية العلمية ما طلعت ، إذاً هل هناك تناقض ؟ لا ، لا ، ما في تناقض ، طلعت الشمس كما نراها ، ما طلعت الشمس كما يرى العلم الدقيق كذلك مشكلة الأرض وكرويتها وحركتها التي أشكلت علي .

بعض المشايخ ، وقالوا : لا ، الأرض جامدة ومسطحة وليست كروية ... إلخ ، يا أخي الأرض كما نراها ، الأرض بساطا ، أي : من حيث إيش ؟ التصرف فيها كما لو كان بساطًا ، لكن نحن نراها أيضًا بأعيننا في جبال ، في وديان ، في بحار ، فهي ليست بساطًا ، كهذه صبة الباطون هنا لا ، لكن من حيث التمكن في التصرف فيها ، وإتيان العباد عليها ، بأن يأتوا مصالحهم فيها ذللا ، كأنها إيش ؟ بساط ، فإذا قال العلم بأن الأرض كروية وأن الأرض تدور كذا سرعة ، فنحن لا نُنكر هذا ؛ لأن العلم يكتشف ما لا نراه نحن بأعيننا كما قلنا آنفًا ، لكن هذا لا يحملنا على أن نتكلف في تفسير الآيات الكريمة ونحملها من المعاني ما لا تطيق ، من أجل إيش ؟ أن لا تختلف مع إيش ؟ مع العلم ، لا بل نقول العلم يمشي في سبيله والشرع يمشي في سبيله وكلاهما حق ، فحينما قال تعالى بالنسبة لقصة أهل الكهف : (( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وذات الشمال )) إذا طلعت أي : بالنسبة لذات العين ، ما يهمنا بعد ذلك أن يقول العلم والله الآن ما طلعت الشمس بعد ؛ لأن الأشعة هي التي رفعتها ؛ إذًا المسلم يجب أن يكون وسطًا بين علم الشرع فيتمسك به ، ويعض عليه بالنواجذ ، وبالعلم أيضًا الذي ثبتت قطعيته ويأخذ به ولا تنافر حينذاك بين العلم الشرعي والعلم التجربي ، هذا ما ينبغي أن يُقال بمثل هذه المناسبة ، أين جماعة ... ؟ لكن عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم - يضحك شيخ السنة - رحمه الله - .

السائل : في الجوازات .

السائل : تنظيم النسل في الحدود هذه بالحدود التي حضرتك تتكلم فيها ، بمعنى ما رايحين ينظمون خشية إملاق ... إلخ ، ولكن تطبيقًا لقوله تعالى : (( واللاتي يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )) ومصداقًا لقوله عليه السلام : ( إياكم والغيلة ) فيما معنى الحديث يعني ، وقيل ما معناها أن الغيلة أن تحمل المرأة وهي ترضع رضيعها ، قيل عندنا سنتين ممكن الرجل يعزل عن امرأته في وقت الخصوبة كي لا ينجب منها ، وسنة تقريبًا للرضاعة فيصبح ثلاث سنوات ، فهل يجوز شرعًا للرجل أن يعزل عن امرأته في الخلفة ؟ أو ينظم الإنجاب فيكون لثلاث سنوات والإرادة أولاً وأخيرًا لله سبحانه وتعالى ؟

الشيخ : انظر يا أستاذ ، كلمة التنظيم هذه لفظًا ومعنًى في الاصطلاح الحاضر أحيانًا جاءنا من أوروبا ، آه ، هم لا يؤمنون بالقدر الذي نؤمن به ، كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم : (( وكل شيء قدرناه تقديرا )) وقال نبينا صلوات الله وسلامه عليه : ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) فالأوربيون ما عندهم شيء اسمه قدر بخلاف المؤمنين ، وبناءً على هذا التفاوت في الفكر وفي العقل وفي العقيدة ، هم يقولون بشيء اسمه تنظيم ؛ لأنهم لا يؤمنون بأنه هناك قدر قد يتدخل في الموضوع ، فيقلب عليهم تنظيمهم رأسًا على عقب ، لو كان الأمر كذلك باختصار أنه لا تنظيم في الإسلام ؛ لأن الإنسان الذي يُنظم حتى تنتهي زوجته من إرضاع وليدها قبل أن تحمل بأخيه أو أختها قد يتدخل القدر الإلهي فيأخذ هذا الرضيع عرفت كيف ، فإذًا دعها تجري على قدر ربنا هو الذي ينظم الأمر ، لاحظت الجواب ؟

السائل : نعم ، جميل .

السائل : حديث الرسول ( إياكم والغيلة ) ..

الشيخ : لا ، إياكم والغيلة ، لقد جاء في الحديث الصحيح معناه : ( لقد هممت أن أنهي عن الغيلة فرأيت فارس والروم تفعل ذلك ) وفعلاً مجرد تجربة أنا شخصيًا زوجتي كانت تحمل كل سنة ، فليست هذه قاعدة مضطردة أن الغيل قد يضعف ، ليست قاعدة ما أقول لا يؤثر ، قد يؤثر لكن ليست قاعدة بحيث نتخذها نظامًا نبني عليها علالي وقصورا ، فالتنظيم لا نراه أيضًا مشروعًا ولكن إذا وضعنا القيود السابقة لا نقول بتحريمه وإنما بكراهته ، لما ينتج من وراء ذلك من تقليل نسل أمة الرسول عليه الصلاة والسلام .

السائل : بالنسبة لموضوع اختلاف أيام الصوم في رمضان أو أيام الفطر في رمضان بالنسبة للبلاد ، فنعرف من حضرتك إنه الواحد يصوم مع أهل بلده ؟

الشيخ : ولابد .

السائل : أحيانًا مثلاً أهل البلد مقصرين في رؤية الهلال بحيث يكون الفرق يومين ... أرى الهلال في السماء فتفطر البلد؟

الشيخ : قبل كل شيء بارك الله فيك ، الرؤية الشخصية الفردية لا وزن لها ولا قيمة في الشريعة الإسلامية ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( الصوم يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطر الناس ) ، لذلك كون شخص رأى ، والناس مفطرون ، لا يصوم ولو أنه رأى الهلال ؛ لأنه لا ينبغي أن ينضم إلى الجماعة و لا يفارقهم ولا يخالفهم ، ومعلوم لدى الجميع قوله عليه السلام : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) ولاشك أن هذه المسألة ليست من الأمور الفردية التي يُكلف فيها المسلم كالصلاة مثلاً بإمكانك أن تصلي في بيتك أو في حانوتك أو في معملك ... إلخ ، لكن - وعليكم السلام ورحمة الله - ليس لك أن تصوم لرؤيتك ، وإنما عليك أن تصوم مع أهل البلد التي أنت تعيش فيها ، فإذا صام أهل البلد صمت معهم ، وإذا أفطروا أفطرت معهم .

قوله عليه السلام : ( صوموا لرؤيته ) هذا لاشك خطاب عام لجميع المسلمين ، لكن مع الأسف الشديد اليوم الحكومات الإسلامية أكثرها اسم بغير جسم ، لا حقيقة لها ؛ لأنها لا تحكم بما أنزل الله ، ومن الأدلة على ذلك : أن كل دولة تصوم لوحدها ، ما في ارتباط ، ويصيحون ويزعقون بالوحدة والوحدة ، وهم غير صادقين فيما يقولون لأنه أبسط شيء كان بإمكانهم يوحدوا الأعياد والدخول في شهر الصيام والخروج منه ، لكنهم لا يفعلون ، وحينئذٍ مادام ليس بإمكان الشعوب الإسلامية أن تتوحد بالصيام وفي الإفطار بسبب اختلاف الحكومات حينئذٍ فكل دولة أو كل شعب ينبغي أن يصوم لرؤية هلاله ، أما أن ينقسم أهل البلد الواحد لقسمين ، فيكفينا انقسمنا إلى دويلات ، فما يبقى علينا غير إنه كل بلدة كمان نجعلها قسمين ، وهذا واقع مع الأسف ، ناس يصومون مع السعودية ، ناس يصومون مع سوريا .. إلخ . هذا ما ينبغي أن يكون كما قلنا آنفًا في بعض الأجوبة السابقة ، أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شرًا ، والآن أن يصوم أهل البلد لوحدهم خير من أن ينقسموا بعضهم على بعض ، هذا أشر إذا صح التعبير لغةً ، لكن الأفضل أن يصوم هذا البلد مع ذاك البلد ، هذه الدولة مع تلك الدولة ، ويصبح العالم الإسلامي كله في صيام ، أو كله في عيد ، لكن هذا غير ممكن ، نأسف لذلك كل الأسف ، لكن لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها ، أهل البلد الواحد باستطاعتهم أن الدولة إذا أعلنت الصيام يوم كذا ، صام الشعب كله ، ولو كان هذا الإعلان غير شرعي ، أي غير ثابت شرعًا ، لأن الأمر بيد الدولة ، وليس بيد فرد من الأفراد ، كالحدود الشرعية ، لو تولى إقامتها الأفراد لظهر الفساد في البر والبحر ، فالدول الآن أكثرها لا تُقيم الحدود فهل يتولى الأفراد إقامة الحدود ؟ إذا واحد قتل آخر ، يقوم مثلاً أقاربه بقتل القاتل ، فيزيد الفساد في الأرض ؛ لذلك فالصوم لأهل البلد ، يكون جميعًا ، يصومون أو يفطرون ، ولا يجوز أن ينقسموا .

السائل : هل نعتمد على الحساب الفلكي ؟

الشيخ : لا ، ما في حساب فلكي كما قال عليه السلام : ( صوموا لرؤيته ) حتى لو كانت الدولة تعلن الصيام أو الإفطار بطريقة غير شرعية ، لا يستطيع الشعب أن يقاوموا الدولة لأنه رايح يصير مفسدة أكبر ، لا نعني أن هذا تمسك بالحساب الفلكي ، هو شرعي ؟ لا ، لكننا نعمل كما قيل ، " حنانيك بعض الشر أهون من بعض " هذا الذي نقوله ، وإلا الحساب الفلكي ليس له قيمة . وبهذه المناسبة الرزمانات اليوم " المفكرة " تقولون عنها الرزمانات المفكرات ، هذه قائمة على الحسابات الفلكية ، ولذلك فأكثر البلاد الإسلامية يصلون بعض الأوقات قبل حلول وقتها ، عندي علم وأنا في الأردن يصلون الفجر قبل أذان الفجر ما بين ثلث ساعة ونصف ساعة ، الأذان يؤذنون هناك قبل الوقت بثلث ساعة أو نصف ساعة ، يختلف هذا باختلاف الفصول ، كذلك في الكويت ، كذلك في المغرب ، كذلك في الطائف ، كذلك في مصر عندكم ، فقد أعلنت بالمجلات أنهم يؤذنون هناك الفجر قبل الوقت بثلث ساعة ، لماذا ؟ لأنهم أقاموا الرزنامات على الحساب الفلكي ، الحساب الفلكي يختلف بين أرض سهلة ، وبين أرض فيها جُبيل صغير كهذا ، وبين أرض فيها جبل هيمالايا أين تطلع الشمس ، لكن هم أعطوا الحساب على حساب التقدير البحري ما أقاموا لهذه الجبال كلها حسابًا ، هذا خطأ ، لذلك على المسلمين أن يعيدوا حساباتهم فيما يتعلق بكثير من الأحكام منها التوقيت للصوات الخمسة ، وهكذا .

السائل : ... اوقات الصلوات الخمسة ؟

الشيخ : أما الظهر والعصر فوقتهما لا يختلف ، المغرب يختلف ، مثل الفجر يصلونه قبل ، المغرب يصلونه بعد عشر دقائق ، العشاء يصلونه بعد ساعة وربع تقريبًا ، بينما الشفق الأحمر يغيب قبل أذان العشاء في بعض البلاد بنحو نصف ساعة .

السائل : ... .

الشيخ : كيف ما فهمت

السائل : الصيام ، يصومه المسلمون مثلاً في السعودية ، فيصوم بعض المسلمين في مصر ، في ليبيا ، في أي مكان ، يصومون وبعضهم لا يصومون ، وسمعنا الآن أن المفروض أن يصوم المسلمون في البلد حسب رؤية بلدهم ولو كانت بطريقة غير شرعية ، فهل هذه الصلاة أيضًا سيصليها المسلمون في كل بلد حسب التوقيت ؟

الشيخ : هذا ممكن بسهولة ، إظهار الفرق بين الصلاة وبين الصيام ، نحن ذكرنا مسألة الصلاة ، الآن مثلاً الفجر ممكن الإنسان يصلي في المسجد الذي تُقام فيه صلاة الفجر قبل الوقت ، ثم يرجع إلى أهله ويصليها في الوقت إذا كان عنده علم بهذا الذي نتحدث فيه معكم الآن ، أما الصيام فسيقع هناك اضطراب شديد جدًا جدًا فيما إذا قالوا اليوم في صيام وناس قالوا : لا ، اليوم ما في صيام وحينما يأتي وقت الخروج من الصيام يأتي وقت صلاة العيد ، ناس يعيدوا ، وناس ما يعيدوا .

السائل : أنا أقصد ... ؟

الشيخ : المشكلة اليوم الأذان بيد من يا استاذ ؟ الأذان بيد من ؟ وزارة الأوقاف ، فليس للأفراد هنا دخل ، خاصةً عندنا في الأردن ... .

السائل : بعض المساجد اليوم تسمى مساجد أهلية ؟

الشيخ : جميل جدًا ، هؤلاء يُقال لهم أذنوا في الوقت ما دام ..

السائل : يصير بلبلة ..

الشيخ : لا ، ليست هنا بلبلة لأن الأراضي تختلف بالشبر ، يعني مثلاً أترى هذا الجبل أعلى أم هناك ؟

السائل : نسبيًا نظريًا .

الشيخ : هذا هو لكن الذين هناك الذين هم هناك أليست تغرب الشمس من هنا قبل أن تغرب عن هؤلاء ؟

السائل : محتمل .

الشيخ : لا ، بل يقينًا ليس محتملاً ، إذا الجبل بدأ ينزل حتى صار سهلاً ، هل تغرب الشمس عمن وراء الجبل كالذين هم في السهل وإلا يختلف الوقت ؟ يختلف هذا ، هذا أمر بدهي جدا مشاهد بالعين ، أنتم مسافرون .

السائل : ... الاسكندرية منطقة ... .

الشيخ : ما فهمت الكلمة الأولى

السائل : الاسكندرية منطقة ... المساجد كثيرة بجوار بعضها ، يعني يكاد كل عشر أمتار يكون في مسجد ، البعض سوف يؤذن على المفكرة ، والبعض الآخر سوف يؤذن حسب الوقت ، وهذا ما أتكلم عنه ... .

الحلبي : الآن المؤذنون الذين على المفكرات كلهم يتخلفون فيما بينهم وهم على المفكرات ، فكيف يكون بطريق المشاهدة .

الشيخ : يعني ما الحل بوجهة نظرك ، أنت ما هو الحل أنا في وجهة نظري .. ؟

السائل : هل نطبق قاعدة الصيام ..

الشيخ : لابد ولابد من  ذلك ، لكن المشكلة يا أخي أنا أشرح لك من زاوية أخرى ، المؤذنون اليوم ، بل الأئمة ، ليسوا أئمة ولا مؤذنين ، إنما هم موظفون صح وإلا لا ؟

السائل : صح .

الشيخ : فالمشكلة من هنا تبدأ فلو كان عندنا مؤذنون بمعنى الكلمة يراعون الأوقات ويعرفون مثلاً الآن نحن مسافرون ، ما ندري متى يدخل وقت الظهر ، ومتى يدخل وقت العصر ؟ لكن الذي يكون متفقهًا بالأحكام الشرعية سهل عليه جدًا أن يعرف -وعليكم السلام - والمفروض في المؤذنين وأئمة المساجد أن يكونوا متفقهين في الشريعة ، فأنت لما ضربت المثال السابق ما بين المسجد والمسجد كذا متر ، أولاً هذا يجوز في الإسلام ؟

السائل : لا .

الشيخ : ها ، هذه أول مخالفة ، طيب : ثانيًا : هؤلاء الذين يؤذنون في هذه المساجد هل هم عارفون بأحكام الشرع خاصة فيما يتعلق بالأذان وما يتعلق بالإمامة ؟ لا ، هم موظفون كهؤلاء الموظفين الآخرين بالدولة ، المشكلة متعددة الجوانب ، فإذا نحن عرضنا جانبًا منها وذكرنا مقابلها الحكم الشرعي ، فلا يُشكلن الأمر من زاوية أخرى ؛ لأن هذه الزاوية الأخرى فيها مشاكل أخرى ، وهذا هو الواقع الآن في العالم الإسلامي ، نحن عندنا في الأردن يوجد أذان ابتدعه الأُردنيون فقط ، انفردوا عن كل العالم الإسلامي وهو الأذان الذي يسمونه بالأذان الموحد ، هل يوجد عندكم في مصر أذان موحد ؟ لا ، وهذا من فضل الله ، أنه لا يوجد أذان موحد ، إلا في الأردن ، يؤذن إنسان وربما لا يؤذن ، وإنما يذاع بمسجلة ويذاع إلى كل المساجد ، فالذي هو في وسط البلد في عمان في وادٍ في الأصل والذي هو في جبل ؟ يختلف جدًا بينما هم يصلون في وقت واحد ، وأنا رأيت بعيني هاتين ذهبنا إلى قرية اسمها ناعور ، في الطريق الخارج من عمان إلى القدس ، ودخلنا المسجد ، وهذا المسجد الأذان يأتيه من عمان ، أذان المغرب يؤذن والشمس بعد لم تغرب هؤلاء يصلون قبل الوقت ، بينما في عمان يؤذنون بعد زمان بعشر دقائق ، وهكذا تختلف الأمور ، لذلك من الخطأ الفاحش جدًا الأذان الموحد هذا ، وإذا كان الشرع في كل مسجد له مؤذنه وله إمامه ، هذا هو الشرع ، لكن يجب أن يكون الإمام عارفًا فقيهًا ، والمؤذن ايضا على الأقل عارف بأحكام مواقيت الصلوات الخمس ، طيب الساعة على أي توقيت مصر أم سوريا أم عمان أم السعودية ؟ السعودية نفسها تختلف فيها المواقيت ، الدمام مثلاً والمنطقة الشرقية غير المنطقة الغربية وهكذا ، فنسأل الله عز وجل أن يعلم المسلمين دينهم ويلهمهم العمل به .

السائل : ... .

الشيخ : ما قام على فاسد فهو فاسد ، وهل يستقيم الظل والعود أعوجُ ؟ المفكرات يجب أن لا تُستعمل ، يجب أن تُستعمل الأحكام الشرعية ، الفجر معروف وقته ، (( فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) هل الأذان في مصر يؤذنون على رؤية الفجر الصادق ؟ لا ، إنما على المفكرة ، في عمان وفي سوريا أيضًا على المفكرة ، وكذلك في الكويت والمغرب ، وهكذا كله مخالف للشرع ، ولذلك المشكلة هو الفقه والعمل به ( ومن يرد الله به خيرًا يفقه في الدين ) .

السائل : ... الهجرة إلى بلاد الكفر والعمل فيها ؟

الشيخ : ما يجوز ، (( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )) ، الذين يذهبون إلى بلاد الكفر يعودون وقد حملوا معهم عاداتهم وتقاليدهم ، هذا إذا بقي لهم شيء من دينهم .

السائل : من كان يستوطن في بلاد الكفر أو بلاد اسلامية أو أحيانًا في بلاد فيها مسلمون ، أحيانًا يعملون مركز إسلامي في فيلا كبيرة أو كذا ، ويصلون صلاة الجماعة والجمعة في فيلا مستأجرة، فهل يجوز إقامة الجمعة في فيلا مستأجرة ؟

الشيخ : طبعًا يجوز لأن الشروط التي جاء ذكرها في كثير من كتب الفقه قديمًا وحديثًا هي أحسن أحوالها أنها قيلت باجتهادات لبعض الأئمة والاجتهاد مُعرض للصواب والخطأ ، ومن أجل مثل هذه الأحكام التي صدرت من أصحابها اجتهادًا وليس اعتمادًا على نص قال علماء الفقه الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان ، أما الأحكام التي نُص عليها في الكتاب أو في السنة فهذه لا يجوز أن تتغير أو أن تتبدل مهما تغيرت الأزمان والأماكن ، ونحن لا نجد في كتاب الله بل ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي بيان للقرآن الكريم كما هو معلوم ، لا نجد شرطًا لصحة صلاة الجمعة إلا الجماعة ، وكلنا يقرأ ويسمع قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ... )) الآية ، فهذه الدار أو هذه الفيلا كما قلت استأجرت أو اشتريت لأني أنا رأيت فعلاً في بريطانيا كثير من الدور استئجرت لصلاة الجمعة والجماعة ، بل رأيت في بعضها كنيسة ضخمة اشتراها المسلمون وحولوها مسجدًا مادام أن هذه الدار أو هذه الفيلا يؤذن لها لصلاة الجمعة أو الجماعة ، فعلى كل مسلم أن يستجيب لنادي الله تبارك وتعالى ، وأن يحضر صلاة الجمعة وهنا ينكشف لي أهمية الفقه القائم على الكتاب والسنة ، ومزيته على الفقه التقليدي المذهبي الجامد فقد رأيت في بريطانيا جاليات إسلامية مختلفة باكستانيين وهنود وعرب وأتراك كلهم ذهبوا إلى تلك البلاد مع الأسف لكسب القوت ، لكن مع ذلك فهم حريصون على أن يتمسكوا بدينهم ، فاشتروا الدور وحولوها إلى مصليات ومساجد عفوا في المسجد الحنفي أو في المسجد الذي يصلي فيه الأحناف ، لا تصح الصلاة فيه إلا بإذن الحاكم المسلم ، أين الحاكم المسلم في بريطانيا ؟ ما في حاكم مسلم ، لكن هؤلاء المسلمون شعروا بضرورة اجتماعهم على الصلاة وفي بلاد الكفر التي يحكمها الكفار ، هنا سبحان الله آية من آيات الله ، أن يشعر المسلمون بأن الفقه المذهبي هذا لا يمدهم ولا يساعدهم على أن يتمسكوا بدينهم لأنه صدر لظروف زمنية وموضعية فكنا نرى هؤلاء الأحناف يصلون صلاة الجمعة في هذه البيوت التي استأجروها من الكفار ؛ فنحمد الله أنه لا يوجد في الكتاب ولا في السنة ما يمنع من إقامة صلاة الجمعة ، فضلاً عن صلاة الجماعة في شيء من هذه البيوت المستأجرة أو التي استئجرت من أصحابها من الكفار .

السائل : نرجع لكلام حضرتك قبل ... قلت حضرتك إنه لا يجوز الإجهاض على أساس أن الجنين العلم أثبت فيه أن الجنين ممكن يكون فيه عاهة أو موت ، أنا أعرف زوج وزوجة كان كل ما يخلفون يجيئون بأولاد معوقين ، نتيجة جينات معينة بالنسبة لاندماج الزوج مع الزوجة دي ، يترتب عليها أطفال معوقين ، ولو أن الزوج تزوج واحدة ثانية والزوجة تزوجت رجل آخر ، ممكن يخلفون أطفال عاديين أو طبيعيين ، فما رأي حضرتك في الموقف ده ؟

الشيخ : أجبت عن مثل هذا السؤال .

السائل : بالنسبة لحياتهم الاثنين مع بعض هل ... .

الحلبي : هذا السؤال مسألة ثانية يعني رجل متزوج بامرأة يعني الطبيعة الجسمانية والجينات الذكرية والأنثوية غير متطابقة بينهما معًا وبالتالي الرجل كلما يلقح هذه المرأة وكذا يعني ينتج ولد معوق ، لكن لو تزوج امرأة أخرى وهي تزوجت رجل آخر لأتى الجنين طبيعيًا ، فهل حياتهم تستمر على هذا ويصبران ؟ أم يجيز لهما الشرع الطلاق ؟ أم يوجب عليهما ذلك ؟

الشيخ : أنت تقصد هذا ؟ يعني هو الأخ سمعت منه صراحة كلمة الطلاق ، وأنا ما سمعتها منك .

السائل : أنا بتكلم على أساس هل من مصلحة الإسلام أو المسلمين أن يكون لهم الأطفال التي تأتي ويكون مسبقًا معلوم أنهم سوف يكونون معوقين ؟ أو يكونوا ... ؟

الشيخ : أعتقد يا أخي أننا أجبنا عن هذا ايضا ، وقلنا لما تحدثنا مع الأخ أنه هل هذه كون الولد سيكون معوقًا يقين ؛ لأن العلم ما دائمًا يكون يقيني ، والله ما أدري أنت كنت حاضرًا أم لا .

السائل : كنت ، الكلام هذا في حالة إذا كان لما يحصل حمل فعلاً أما الآن نتكلم قبل الحمل ؟

الحلبي : يقين وإلا غير يقين