فاعتبروا ياأولي الأبصار

ُهوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (الحشر : 2 )
لقد تصرف بنوا اسرائيل مع الكتاب المقدس بما اخرجه من قدسيته فقاموا  بالتغيير والتبديل لنصوصه الاصيلة  بما يسمح لهم ولاحفادهم ارتكاب ما يشاؤن من قتل وتخريب وانتهاك للمحرمات ولحرمة الشعوب , مما ادى بهم الى عصيان  الحق جل وعلا  أكثر من مرة مما جر عليهم الوبال والسبي والدمار.
والسؤال : هل كان أجدادهم الذين عاصروا نبى الله موسى عليه السلام صالحين مطيعين كما نعهد في أصحاب وأتباع الأنبياء أم أنه ينطبق على الأسلاف والأحفاد قول القائل"من شابه أباه فما ظلم"  ؟
لاننا نرى من بنى اسرائيل كل يوم ما يجعلنا فى حيرة من أمرنا فما من مرة نتصفح فيها كتب التاريخ ومنذ وجود بنوا إسرائيل على مسرح الحياة إلا ونرى منهم غدرا وخيانة للعهود واغتصاب للشعوب وازهاق لأرواح بريئة .
وصدق الشاعر حين قال :
     تطالعنا الأحداث فى كل ساعة      ونلقى من الصهيون غدرا مجسما
مما جعلنا نفكر ونحاول ربط غدرهم اليوم بغدرهم بالأمس لنرى هل رسم الأجداد الطريق للأحفاد أم أن الأحفاد هم الذين غيروا تاريخ الأجداد ليوهموا العالم أنه هو الطريق الامثل  ؟ 
والعجيب أننا ما تصفحنا الأحداث الماضية والجارية إلا وقفز إلى الذهن قول القائل "ما اشبه الليلة بالبارحة " لأنه ما من نقيصة يرتكبوها اليوم إلا ولها عندهم فى الدين سند . ولا حول ولا قوة إلا بالله  .
ولما لا وقد تجرأو على الذات العلية سبحانه وتعالى وقالو ( يد الله مغلولة ) وقالوا ( إن الله فقير ونحن أغنياء ) والعجيب بعد هذه الشتائم وتلك السبة قالوا( نحن أبناء الله وأحباءه ) ضدان  لا يجتمعان فى عاقل أو مؤمن ولكن قد يجتمعان مع قوم وصفهم القرآن الكريم على لسان فرعون ( شرذمة قليلون ) ...

                     

                                           "  فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ "   

 

                                                   إعداد 

أ / أحمد إسماعيل زيد

محاضر بالأكاديمية الإسلامية 

لدراسات الأديان والمذاهب 

محاضر بقناة الأمة الفضائية

 

 

 

 

 

                                    

 

 

 

 

                                            الإهداء

 الى العلماء العاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وزوداً عن حياض الإسلام ونخص بالذكر:-

* فضيلة الاستاذ الشيخ / ابو إسلام احمد عبد الله ..رئيس قناة  الأمه , فلقد عاوننى كثيراً واخذ بيدى الى الصواب فجزاه الله خيراً

*وفضيلة الاستاذ الشيخ / وحيد عبد السلام بالى ..الداعيه الاسلامى ، فلقد قدم لى العديد من الخدمات والتى ساهمت فى إخراج اعمالى الى النور فأدعوا الله ان يجعلها فى ميزان حسناته وان يوفقه وينفع به العباد .

* كما اهدى هذا العمل الى زوجتى واولادى الذين سهروا معى فى إعداد هذا العمل الطيب فكثيراً ما كنت اكلفهم بالبحث عن رقم الآيات او تخريج الاحاديث النبويه فجزاهم الله خيراً ..

* ولا ننسى الاخوة الأخيار الذين دعوا الله ان يوفقنى فى هذا العمل الطيب ..فجزى الله الجميع خيراً ....      المؤلف

                                        احمد اسماعيل زيد

 

 

 

 

 

 

 

                                          "  المقدمة   "

   

ُهوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (الحشر : 2 )

لقد تصرف بنوا اسرائيل مع الكتاب المقدس بما اخرجه من قدسيته فقاموا  بالتغيير والتبديل لنصوصه الاصيلة  بما يسمح لهم ولاحفادهم ارتكاب ما يشاؤن من قتل وتخريب وانتهاك للمحرمات ولحرمة الشعوب , مما ادى بهم الى عصيان  الحق جل وعلا  أكثر من مرة مما جر عليهم الوبال والسبي والدمار.

والسؤال : هل كان أجدادهم الذين عاصروا نبى الله موسى عليه السلام صالحين مطيعين كما نعهد في أصحاب وأتباع الأنبياء أم أنه ينطبق على الأسلاف والأحفاد قول القائل"من شابه أباه فما ظلم"  ؟

لاننا نرى من بنى اسرائيل كل يوم ما يجعلنا فى حيرة من أمرنا فما من مرة نتصفح فيها كتب التاريخ ومنذ وجود بنوا إسرائيل على مسرح الحياة إلا ونرى منهم غدرا وخيانة للعهود واغتصاب للشعوب وازهاق لأرواح بريئة .

وصدق الشاعر حين قال :

     تطالعنا الأحداث فى كل ساعة      ونلقى من الصهيون غدرا مجسما

مما جعلنا نفكر ونحاول ربط غدرهم اليوم بغدرهم بالأمس لنرى هل رسم الأجداد الطريق للأحفاد أم أن الأحفاد هم الذين غيروا تاريخ الأجداد ليوهموا العالم أنه هو الطريق الامثل  ؟  

والعجيب أننا ما تصفحنا الأحداث الماضية والجارية إلا وقفز إلى الذهن قول القائل "ما اشبه الليلة بالبارحة " لأنه ما من نقيصة يرتكبوها اليوم إلا ولها عندهم فى الدين سند . ولا حول ولا قوة إلا بالله  .

ولما لا وقد تجرأو على الذات العلية سبحانه وتعالى وقالو ( يد الله مغلولة ) وقالوا ( إن الله فقير ونحن أغنياء ) والعجيب بعد هذه الشتائم وتلك السبة قالوا( نحن أبناء الله وأحباءه ) ضدان  لا يجتمعان فى عاقل أو مؤمن ولكن قد يجتمعان مع قوم وصفهم القرآن الكريم على لسان فرعون ( شرذمة قليلون ) ...

 

 

 

 

                               

 

 

 

                                       " بين يدى الكتاب "

ولذا حاولت جهدى فى الصفحات التالية أن ابين الفرق بين أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحاب نبى الله موسى عليه السلام  وحتى لا نصدر أحكاماً دون حقائق واضحة رأيت عزيزي القارئ أن أعرض بعضاً من مواقف أصحاب موسي عليه السلام واتباعه من ابناء بنى اسرائيل من يهود او نصارى  مقارناً إياها ببعض المواقف من أصحاب المعصوم محمد صلي الله عليه السلام ومن سار على نهجه لنري الأصول والمبادئ عندنا وعندهم  ولنرى الأسس التي بني عليها أجيال الأمتين حياتهم فمن المعلوم أن تراث السابقين هو المنار وسبيل الرشاد للاحقين .

    مبينا صفات وأعمال كل فئة والمنهج الذى تسير عليه ولنرى راى العين صدق الحق جل وعلا حين قال {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (الأعراف : 58 )

ومن ثم على الأحفاد أن يتبعوا سبيل الأجداد ليقتبسوا منه ما ينير حياتهم وبحثهم على المثابرة ومواصلة الكفاح وهذا ما نراه في الأبواب القادمة كيف تأثر أبناء اليهود بأجدادهم في الفكر وكيف تأثر أبناء المسيحيين بأجدادهم في الرأي والعقيدة .

ورأيت أن أبدأ أولاً بمواقف أبناء أهل الكتاب وكيف تاثر الأحفاد بما قاموا به من أحداث أكاد أجزم أنه لولا وجود نبى الله موسى عليه السلام بين ظهرانيهم لأبادهم الله جل وعلا كما حدث مع قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما حدث لقوم شعيب ليس منهم ببعيد إلا أن الحق سبحانه وتعالى أمهلهم  العديد من المرات{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرا } (طه : 113 )

ولكن من بنوا إسرائيل  ؟ هيهات هيهات ولما لم يرتدعوا توعدهم الحق جل وعلا بقوله { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } (الأعراف : 167 )

ثم نعقب ببعض من مواقف أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم  والتى كانت ولاتزال موضع إعجاب الدنيا ولتكون لنا نبراسا يضئ لنا الحياة ولنعلم بأننا أحفاد رجال عظماء قال عنهم الحق سبحانه وتعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } (آل عمران : 110 )وقال عنهم المعصوم صلى الله عليه وسلم ( الله الله فى اصحابى)  ولنقتدى بهم أو على الأقل نسعى جاهدين للتشبه بهم فإن التشبه بالرجال فلاح ولتعتبر بما سبقنا من أحداث فهو خير لنا من أن تكون فينا العبرة وصدق الحق جل وعلا حين قال { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } (الحشر : 2 ) 

ولقد حكي العهد القديم كثيراً من المواقف العجيبة لبني إسرائيل وكيف عملوا الشر في عيني الرب مرات ومرات وعاندوا الأنبياء أشد العناد بل وصل بهم  الأمر إلي قتلهم فقال جل وعلا{ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}البقرة : 87 )

والعجيب أنهم كانوا دائماً يفتخرون بأنهم"شعب صلب الرقبة" مع أنهم  كانوا أجبن من ذلك فكتبهم تشهد بتخاذلهم وقت الشدة فكانوا كما يقول القائل  "أسد على وفي الحرب نعامة  "

 فمع الأنبياء نجدهم أشداء غلاظ القلوب ومع الأعداء كالنعاج تغمض عيونها إذا رأت الذئاب مما يسهل على الذئاب التهامها وهذا ما حدث لهم مع ملك أشور ومع ملك بابل ومع الاسكندر وغيرهم ممن ذكروا فى كتبهم ولذا { خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } (البقرة : 7 ) فأصبحوا لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر بل وازداد بهم الأمر سواً حتي أمروا بالمنكر ونهوا عن المعروف ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وإليك عزيزى القارئ بعضا من المواقف والأحداث والأفكار والتى صدرت من الأباء والتى سار على نهجها الأحفاد والتى تملأ صفحات التاريخ والتى ستظل شاهد صدق على فساد بنى إسرائيل ورغبتهم الملحة فى التخلص من البشر جميعا لا لشئ إلا لأنهم شعب{  لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ  } (المائدة : 60 )

                                  

 

 

 

                                    

 

                                      

                                   

 

                                           "   الفصل الأول    "   

 

                                         "  خبايا بنى إسرائيل  "

 

1- أولا : أذوا الأنبياء                             2-ثانيا : نسوا الله جل وعلا فنسيهم

3-عهد الرسول صلى الله عليه وسلم            4-عهود أهل الكتاب فيما بينهم

5-موسى عليه السلام وأهل مدين               6 –غزوة بنى المصطلق

7-ثالثا : هم قساة القلوب                        8-الجهاد فى القرآن الكريم

9-عهد سيدنا عمر لأهل إيلياء                  10- رابعا : هم الجبناء

11- خامسا : بأسهم بينهم شديد     12-قوانين البروتستانت على إخوانهم الأرثوذكس

13- سادسا تأصيلهم للكذب       14-حوارى المسيح عليه السلام فى فكر بنى إسرائيل

15 - سابعا : هم اللاجئون

 

 

 

تمهيد  :

 لا ينكر عاقل أن الحق سبحانه وتعالي خلق البشر على الخير والحق والعدل فقال سبحانه وتعالى { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا }  (الروم : 30 )وقال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (الشمس7/ 8/9/ 10 )ولأن البشر كان استقبالهم للمنهج إستقبالا مختلفا فمنهم من قال { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ } (الأعراف : 43 )ومنهم من قال{  مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} (الأنعام : 91 )ولأن الحق سبحانه وتعالى لايريد أن يلوى أعناق البشر فقال سبحانه { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } (الشعراء : 4 ) 

وإنما يريد جل وعلا قلوبا تأتيه راضية مطمئنة يؤمنون بما أنزل الله فى الكتاب وعلى أيدى أنبياءه و{ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } (آل عمران : 7 )ولذا أرسل سبحانه وتعالى الأنبياء والمرسلين للبشر وأنزل معهم الكتاب والحكمة ليحيا الناس الحياة الأمنة التى أرادها الحق سبحانه وتعالى لهم .  

ومن المعلوم أن الله جل وعلا غنى عن خلقه فقال جل وعلا { مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً} (النساء : 147 )إلا أن هناك شرذمة من بني البشر أصروا على العناد لأنهم دائما وابدا  "يبغونها عوجاً"الأعراف86

 فظنوا أنهم  سيفتقرون إذا لم يتعاملوا بالربا وجمع الأموال من عرق الضعفاء والكادحين ليزداد الطامعون ثراء بينما يرضخ الكادحون تحت نير العذاب والعمل المتواصل .

كما يري هؤلاء الشراذم أنه لا سلطان لهم إلا فوق جثث وأشلاء الآخرين والعجيب { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } (البقرة : 11 )" والحقيقة َ {إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ } (البقرة : 12 ) ولكن سرعان ما يصدم هؤلاء مع أول نداء للأنبياء لهم بقوله سبحانه{ فأعلم أنه لا اله إلا الله } حينئذ يقفون للأنبياء بالمرصاد لأنهم يرون في مجيئهم ذهاب لسطوتهم وأموالهم ومكانتهم في حين أن الأنبياء ما جاءوا إلا لينقذوا هؤلاء وغيرهم من مخالب الشيطان ورجسه لأن الحق جل وعلا حذرهم من الشيطان فقال تعالى  (إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير)

 ومن هؤلاء من يفق ويرجع عن غييه ويحمد الله الذي هداه  إلى سواء السبيل ومنهم من يناوئ الأنبياء ويناصبهم العداء وكثيراً ما قرأنا عن عناد الأقوام للأنبياء ولكن العجيب فى بنى اسرائيل  أن نري العناد من أتباع الأنبياء فعلى سبيل المثال قد يكون هناك بعض العذر لمعاندة فرعون لأنه ظن زوال ملكه قد يكون فى إتباعه لموسى عليه السلام ألا تذكر قول الملأ من قوم فرعون { أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ }  (الأعراف : 127 )

 وهذا ما آثار دهشتناً لأننا نعلم أن أتباع الأنبياء يختارهم الحق سبحانه وتعالي ليكونوا عوناً لهم على أداء الرسالة وتبليغ الأمانة .

 أما أتباع سيدنا موسي عليه السلام حسبما ذكروا فى العهد القديم لم يكونوا نعم العون بل كانوا حملاً ثقيلاً وكثيراً ما عرضوه لقلاقل واضطرابات كادت أن تؤدي بحياته ولم يذكر الكتاب المقدس موقفاً لأتباع موسي عليه السلام يحمدون عليه ,  اللهم إلا القليل ومنها على سبيل المثال موقف الرجلين الصالحين ( يشوع بن نون ) و(كالب بن يفته ) حين نكص أصحابهم على أعقابهم وأبوا دخول الأرض المقدسة وحثوا قومهم مرارا على الدخول ولكنهم أبوا وأصروا واستكبروا مما جلب عليهم الوبال والتيه فى الأرض إلا أن هلكوا مع الهالكين ونجى الله جل وعلا  هذين الرجلين بفضل إيمانهما وطاعتهما لله ولرسوله موسى عليه السلام .

ونحمد الله الذي أنزل القرآن الكريم فيه عرفنا أن قوم موسي عليه السلام كان منهم الصالحون ومنهم الفاسقون فعن الصالحين قال جل وعلا{ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ  } (الأعراف : 159 )وعن الفاسقين قال سبحانه وتعالي{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ }  (المائدة : 59 ) وهذا نتيجة عنادهم وضغيانهم فسماهم نبي الله موسي عليه السلام (الفاسقين) حين تخلوا عنه فى وقت الشدة فقال القرآن الكريم عن هذا الموقف على لسان سيدنا موسى عليه السلام {  قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }  (المائدة : 25 )

وبما أن مساؤي بني إسرائيل أكثر من أن تعد أو تحصي مما جعل حسناتهم تتلاشي إذا ما قورنت بما فعلوه من مواقف حسنة إن كانت مع الأنبياء وبخاصة نبي الله موسي عليه السلام لأن به أكرمهم الحق جل وعلا وأخرجهم من ذل العبودية ونجاهم من فرعون ومن بطشه وجبروته فقال تعالى على لسان سيدنا موسى عليه السلام { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }(البقرة : 49 )

فكان ينبغي أن يحسن هؤلاء صحبة نبي الله موسي عليه السلام إلا إنهم عرضوه عليه السلام لمواقف حرجة فلولا أنه نبي ومكلف برسالة من الله سبحانه وتعالى لضاق بهم ذرعاً ولدعى عليهم كما دعا على فرعون{ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ  }(يونس : 88 )فبرغم المعاناة التي عايشها نبي الله موسي عليه السلام مع قومه "إلا إنه عليه السلام لم يدعوا عليهم دعوة إبادة مع أنهم كانوا يستحقون ذلك لأسباب منها:-

1- أولا  :  " آذوا الأنبياء "

حين أراد الحق جل وعلا أن يمن على بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لفرعون حتى قال عنهم القرآن الكريم { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }  القصص  4  فأرسل جل وعلا  إليهم نبياً منهم وهو موسي عليه السلام وأيده بالمعجزات  ليحقق جل وعلا وعده حين قال  { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }                                

ولما ذهب موسي وأخاه هارون عليهما السلام إلي فرعون ليخبراه أنهما رسولاً رب العالمين كان ينبغى على قومهما أن يساندوهما إلا أننا فوجئنا بما لم يكن فى الحسبان وهو  " فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ " يونس 83 

فكنا نظن أن بني إسرائيل سيتحملون  مع أنبياءهم هذه الأعباء فهم يعذبون في كل الأحوال سواء بسبب دعوة موسي عليه السلام أو بغيرها فإذا كان العذاب لأجل الدعوة والإيمان بالله فينبغي أن يتحملوه لأن بعده النصر والتمكين في الأرض والإستقرار .

 و سيصبحون أسيادا بعد أن كانوا عبيداً فما هي إلا صعوبات في طريق النجاة ولكن أصابتنا الصاعقة حين ذهبوا إلي نبي الله موسي عليه السلام فبدلاً من أن يشدوا من أزره معلنين ولاءهم وإيمانهم به وبما جاء به نجدهم يوجهون إتهاماً غريباً مدعين أنه عليه السلام سبب شقائهم ومعاناتهم صغيراً كان أو كبيراً فــ{ قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا  } الأعراف 129   

ولقد ذكروا فى العهد القديم ماهو قريب من هذا المعنى فقالوا فى سفر الخروج " 19فَرَأَى مُدَبِّرُو بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْفُسَهُمْ فِي بَلِيَّةٍ إِذْ قِيلَ لَهُمْ لاَ تُنَقِّصُوا مِنْ لِبْنِكُمْ أَمْرَ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ. 20وَصَادَفُوا مُوسَى وَهَارُونَ وَاقِفَيْنِ لِلِقَائِهِمْ حِينَ خَرَجُوا مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ. 21فَقَالُوا لَهُمَا: «يَنْظُرُ الرَّبُّ إِلَيْكُمَا وَيَقْضِي، لأَنَّكُمَا أَنْتَنْتُمَا رَائِحَتَنَا فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ عَبِيدِهِ حَتَّى تُعْطِيَا سَيْفًا فِي أَيْدِيهِمْ لِيَقْتُلُونَا».

إلا أن نبي الله موسي عليه السلام قرأ في عيونهم الضعف والإستمالة  إلي العبودية رغم أنه سيشرق لهم مستقبلاً جميلاً يصبحون فيه أعزة إن تمسكوا بما جاءهم به ولكنه عليه السلام لم يثق بهم فقَالَ{ عَسَى رَبُّكُمْ  أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } الأعراف 129.

ولعل قائلا يقول :  ألا ينبغى أن نلتمس لهم الأعذار لأن فرعون قال لاتباعه {  وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ }  (الأعراف : 127 )صحيح حدث هذا وأشد ولكن إن قارنا بين تصرف بنى إسرائيل وهم المستعبدون وموقف السحرة وهم المنعمون بل ووعدهم فرعون بأن يكونوا من المقربين فقد حكى القرآن الكريم وعد فرعون لهم فقال تعالى { وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ الأعراف 113-114

فشتان بين قوم يتوعدهم فرعون وبين قوم يعدهم ويمنيهم وما هي إلا لحظات وفؤجي لا بتأيد السحرة لموسى عليه السلام فحسب ولكن ماهو أعظم من ذلك ألا وهو { فألقي السحرة ساجدين *قالوا آمنا برب العالمين *رب موسي وهارون }  الأعراف 120/121/122 فانقلب الحال وشرع فرعون يهدد ويتوعد قائلاً:كما حكى القرآن الكريم  { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا اشد عذاباً وابقي } طه 71   

 فكما توعد فرعون اتباع موسى عليه السلام كذلك توعد السحرة وأشد فهل سخط السحرة على موسي عليه السلام ؟ هل قالوا كما قال له أهله وقومه ؟ لا والله ,  بل واجهوا فرعون بكل حزم وقوة وامنوا برسالة موسي عليه السلام فقال تعالى عل  لسانهم  { قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } (طه : 72 )

حقا إن للدين رجالا يظهرون وقت الشدة يصنعهم الله جل وعلا على عينه ويباهى بهم ملائكته ويجعلهم أعلاما على مر الزمان وليصبح لأى مؤمن فيهم القدوة والمثل الطيب لأن الحق جل وعلا قال { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  } (يوسف : 111 )

وأيضا ليرى بنوا إسرائيل الفارق بين أجدادهم وبين أناس لم يكن لهم بالعذاب صلة ولكن حين خالط الإيمان بشاشة قلوبهم فإذا بهم يتغيرون من النقيض إلى النقبض فبعدما قالوا ( بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون ) فإذا بهم يقولون ( آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين )وهذا حجة على أهل أى علم فإن ظهر لهم ما يؤيد الدين والأيات فلا يترددون بإعلان الإيمان بالله رب العالمين وبالإسلام ليكون لهم السبق مرتين مرة بالإيمان وأخرى باليقين والتثبت من أيات الله وصدق الحق حين قال  { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } (العنكبوت : 43 )

 إلا أن بنى إسرائيل لم يكتفوا  بمعاندة نبي الله موسي عليه السلام بل تطاولوا على شخصه الكريم عليه السلام وتدخلوا فيما لا يعنيهم مما يدل على سفاهتهم وعدم تعقلهم لأنهم لما رأوا أن موسي عليه السلام ستيراً وشديد الحياء حتي أنه لم يكشف شيئاً من جسده أمامهم لأدبه وحياءه اتهموه بأنه أورم أي منتفخ الخصية أو بها عيباً ( حاشاه ) مما يجعله يخشي أن يراه أحد ولا حول ولا قوة إلا بالله .

 أرأيت قوماً يفكرون بهذه الطريقة فهل يرجي من ورائهم خير ؟ويبدوا أن الأمر أخذ مآخذه معهم حتي أن الحق جل وعلا دافع عن نبيه موسي عليه السلام فكان موسي عليه السلام يغتسل واضعاً ثيابه على حجر فإذا بالحجر يعدو بثوبه إلي مجالس بني إسرائيل وموسي عليه السلام عرياناً يقول : يا حجر ثوبي حتي شاهدوه بأعينهم.وعن هذا يقول الحق سبحانه وتعالى {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً } (الأحزاب : 69 )

 أرأيت أخلاق بنى إسرائيل والنبي موسي عليه السلام بين ظهرانيهم فما بالك إن تركهم فهل يؤتمنون على شيء وهذا سبب ما نجده من غراميات وحديث عن الجنس في العهد القديم حتى قال صاحب قصة الحضارة:- بهذا قد لاح لنا ما في الحضارة اليهودية من عنصر شهواني دنيوي لعل كتاب العهد القديم وهم الذين يكادون أن يكونوا كلهم أنبياء قد أخفوه عنا".

مما جعل موسى عليه السلام يتنبا لهم بالابتعاد عن منهج الله جل وعلا فقال لهم فى سفر التثنية : 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! 28اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 29لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ».

ولقد عبد بنوا إسرائيل العجل بمجرد أن غاب عنهم سيدنا موسي عليه السلام فترة وجيزة ولذا صدق فيهم  ما وصفوا به أنفسهم من غباء فذكروه في الكتاب المقدس"اسمعي أيتها السماوات وأصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على . الثور يعرف قانية والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الأثم" [1]

ولذا حذر الحق سبحانه وتعالي أمة محمد صلي الله عليه وسلم أن يتشبهوا بهذه الامة المغضوب عليها فقال جل وعلا { "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }  (الحشر : 19 )

و زاد الأمر سوءاً هو اتهامهم موسي عليه السلام بقتل أخيه هارون عليه السلام فهل يليق بنبي معصوم أن يفعل ذلك  ؟ (حاشاه) و القصة أنه ذات يوم انطلق موسي عليه السلام وهارون عليه السلام وأبناه اليعازر وإيثامار فانتهوا إلي الجبل فيه سرير فقام عليه هارون عليه السلام فقبضت روحه وحين رجع موسي عليه السلام إلي قومه قالوا أنت قتلته لأنك حسدتنا على لينه وعلى خلقه .فقال عليه السلام كيف اقتله ومعي أبناه؟ ومع هذا قال لهم موسي عليه السلام اختاروا رجالاً منكم فنذهب إلي قبره ونسأله:- فاختاروا من كل سبط عشرة انتهوا إليه فقالوا من قتلك يا هارون ؟  قال ما قتلني احد ولكن الله توفاني فقالوا يا موسي لا تعص وصدق الحق حين قال{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً } (الأحزاب : 69

وليس هذا فحسب بل وكأن الأباء أوصوا أبنائهم بأن يؤذوا الأنبياء من  بعد موسى عليه السلام فقالوا عن نبى الله داود عليه السلام ما هو اسؤا مما سبق .

  فزعم بنوا إسرائيل فى العهد القديم أن الله سبحانه وتعالى لم يعصم نبيه داود عليه السلام من الوقوع فى الخطيئه حين استدعى سيدة اسمها بثشبع بنت اليعام وزوجة لأوريا الحثى زعموا ( قاتلهم الله ) أن نبى الله داود عليه السلام  استغل فرصة وجود زوجها فى الحرب وادخلها البيت وضاجعها فقالوا :فأرسل داود رسلا وأخذها  فدخلت إليه فاضطجع معها وهى مطهرة من طمثها ثم رجعت إلى بيتها وحبلت المراة فأرسلت وأخبرت داود فقالت إنى حبلى ) 

وكنت أعتقد أن هذا خطأ من المترجم لعل النص كان مختلفا وأراد أن يلفق هذه التهمة لنبى الله داود فإذا بالنص الإنجليزى أسوأ من الترجمة العربية لأن الترجمة الأصلية للنص كما جاءت فى ترجمة الملك جيمس المعتمدة لديهم يهودا كانوا أم مسيحين :

 

1)" he lay with her; for she was purified from her uncleanness"

وثانيهما

2 ) " she came to him, and he lay with her. (now she was purifying herself from her uncleanness). Then she returned to her house"  

والفارق بين الترجمتين :  أنها فى الأولى كانت مطهرة من طمثها قبل الوقوع بها أما الثانية :فتبين أنه وقع بها فى طمثها ثم تطهرت (ولا حول ولا قوة إلا بالله )

 ونحن المسلمين نبرأ إلى الله  من هذا الهراء ولكن مادامو يزعمون أن كتبهم مقدسة وأنها من عند الله جل وعلا فلنبين لهم مايفترونه على أنبياء الله جل وعلا.

ولولا القرآن الكريم الذى حفظه الحق سبحانه وتعالى لظل الناس فى ضلال مبين .وهذا دليل على فساد بنى إسرائيل الأخلاقى وحبهم للرذيله وكأنهم يرغبون  فى انتشارها بأى وسيله وكأنهم أرادوا أن يخبروا أبناءهم أن الأنبياء لم يستطيعوا حفظ أنفسهم من الوقوع فى الرذيلة فحرى بهم وهم ضعفاء إن وقعوا فى الفاحشة فلا بأس "قاتلهم الله "ومن ثم نسبوها للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ليكون لهم فيهم القدوة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .

      والأسوا من ذلك هو زعمهم أن الله جل وعلا  حين أراد أن يعاقب داود عليه السلام على صنيعه هذا زعموا عذرا أقبح من ذنب فقالوا أن الرب جل وعلا عرض نساء النبى داود عليه السلام لنفس الفعل الذى زعموه فذكروا ( هكذا قال الرب :هأنذا  أقيم عليك الشر من بيتك  وأخذ نساءك أمام عينيك أعطيهن لقريبك فيضطحع مع نساءك فىعين هذه الشمس   )

 أما كان الأشرف لبنى اسرائيل أن يذكروا أن الله جل وعلا عصم نبيه داود عليه السلام  من الوقوع فى الخطا ؟ ومن ثم يكونوا قد كسبوا مرتين ؛

 الأولى : أن نقوا كتابهم من ذكر الرذيلة . والثانية :هو ذكر نبيهم بصورة حسنة . والمذهل أنهم لم ينعموا بحياة سعيدة إلا فى عهد نبى الله داود عليه السلام فلا أدرى لماذ ينتقصون من قدره ؟

فإن دل هذا فإنما يدل على قوم بهت لا أمان لهم ولا عهد .لأنهم إن أذوا نبيا مثل نبى الله داود  عليه السلام فهم على إيذاء غيره أقدر وعلى فضيحته أيسر وصدق الحق حين قال .(هم العدو فاحذرهم .( قاتلهم الله)

وإنما أرادوا بذلك أن يؤصلوا لأولادهم  أن الرب هوالذى شرع القصاص فى هذه المسألة وأنهم لاذنب فى ارتكاب الفاحشة  إنما هى نصوص مقدسة وصدق الحقجل وعلا حين قال عنهم  (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا) الاعراف/28   

  وهنا يرد القرآن الكريم  بكل قوة وحزم قائلا  (قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /28 وليس هذا فحسب بل بين سبحانه وتعالى كذب هؤلاء  فقال جل وعلا (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)الشورى /13 

فما كان ليوصى سبحانه وتعالى أنبياءه بمكارم الأخلاق والبعد عن الفاحشة  ثم يأمر بنى إسرائيل بالفحشاء والمنكر (حاشاه سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ) ألم يقل سبحانه وتعالى فى قرآنه الكريم محذرا ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الاعراف /33 

أولم يقل صلى الله عليه وسلم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) إذن كانت هناك أخلاق فى النبؤات من قبله وإنما جاء المعصوم صلى الله عليه وسلم ليتممها ولم يخبرنا أنه صلى لله عليه وسلم جاء ليبدأ مكارم الأخلاق  وإنما ليتمما  لأنه الخاتم صلى الله عليه وسلم ولذا قال سبحانه وتعالى { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }  (البقرة : 40 )

حقا صدق ربى جل وعلا حين قال  (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) الكهف /5

 ولذا فأنا أهيب بأمتنا الحبيبه وأقول لهم إن من يكذب على الله جل وعلا وافترى الكذب على الأنبياء فمن السهل واليسير أن يكذب على البشر ولذا حذرنا الحق جل وعلا منهم حين قال سبحانه وتعالى (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) المائدة /49  

والعجيب أن العهد القديم الذى يقدسونه ويصرون على أنه من عند الله  به من أمثال هذه القصص الكثير حتى أنها أصبحت وكأنه شئ مالوف لا يتحرجون من ذكره والمذهل أنهم لم يختاروا إلا الأنبياء أو أبناءهم أو أتباعهم مما يشعرنا بحرج شديد ونحن نتحدث عنهم ولكن لا يدفعنا إلى ذلك إلا أنهم ذكروه فى كتب أكدوا أنها من عند الله وعلينا نحن المسلمين أن ندافع قدر المستطاع عن أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ونبين أن ما يقولونه إنما هو هراء وإليك قصة غاية فى الغرابة فزعموا أن يهوذا وهو جدهم الأكبر والذى يفتخرون بالإنتساب إليه وقع فى خطيئة لا يقع فيها عاقل فقالوا فى العهد القديم :

1وَحَدَثَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ يَهُوذَا نَزَلَ مِنْ عِنْدِ إِخْوَتِهِ، وَمَالَ إِلَى رَجُل عَدُلاَّمِيٍّ اسْمُهُ حِيرَةُ. 2وَنَظَرَ يَهُوذَا هُنَاكَ ابْنَةَ رَجُل كَنْعَانِيٍّ اسْمُهُ شُوعٌ، فَأَخَذَهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، 3فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَا اسْمَهُ «عِيرًا». 4ثُمَّ حَبِلَتْ أَيْضًا وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «أُونَانَ». 5ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَيْضًا ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «شِيلَةَ». وَكَانَ فِي كَزِيبَ حِينَ وَلَدَتْهُ.

6وَأَخَذَ يَهُوذَا زَوْجَةً لِعِيرٍ بِكْرِهِ اسْمُهَا ثَامَارُ. 7وَكَانَ عِيرٌ بِكْرُ يَهُوذَا شِرِّيرًا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَأَمَاتَهُ الرَّبُّ. 8فَقَالَ يَهُوذَا لأُونَانَ: «ادْخُلْ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيكَ وَتَزَوَّجْ بِهَا، وَأَقِمْ نَسْلاً لأَخِيكَ». 9فَعَلِمَ أُونَانُ أَنَّ النَّسْلَ لاَ يَكُونُ لَهُ، فَكَانَ إِذْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ أَخِيهِ أَنَّهُ أَفْسَدَ عَلَى الأَرْضِ، لِكَيْ لاَ يُعْطِيَ نَسْلاً لأَخِيهِ. 10فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَا فَعَلَهُ، فَأَمَاتَهُ أَيْضًا. 11فَقَالَ يَهُوذَا لِثَامَارَ كَنَّتِهِ: «اقْعُدِي أَرْمَلَةً فِي بَيْتِ أَبِيكِ حَتَّى يَكْبُرَ شِيلَةُ ابْنِي». لأَنَّهُ قَالَ: «لَعَلَّهُ يَمُوتُ هُوَ أَيْضًا كَأَخَوَيْهِ». فَمَضَتْ ثَامَارُ وَقَعَدَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا.

12وَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ مَاتَتِ ابْنَةُ شُوعٍ امْرَأَةُ يَهُوذَا. ثُمَّ تَعَزَّى يَهُوذَا فَصَعِدَ إِلَى جُزَّازِ غَنَمِهِ إِلَى تِمْنَةَ، هُوَ وَحِيرَةُ صَاحِبُهُ الْعَدُلاَّمِيُّ. 13فَأُخْبِرَتْ ثَامَارُ وَقِيلَ لَهَا: «هُوَذَا حَمُوكِ صَاعِدٌ إِلَى تِمْنَةَ لِيَجُزَّ غَنَمَهُ». 14فَخَلَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَغَطَّتْ بِبُرْقُعٍ وَتَلَفَّفَتْ، وَجَلَسَتْ فِي مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، لأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبُرَ وَهِيَ لَمْ تُعْطَ لَهُ زَوْجَةً. 

 15فَنَظَرَهَا يَهُوذَا وَحَسِبَهَا زَانِيَةً، لأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ غَطَّتْ وَجْهَهَا. 16فَمَالَ إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: «هَاتِي أَدْخُلْ عَلَيْكِ». لأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تَدْخُلَ عَلَيَّ؟» 17فَقَالَ: «إِنِّي أُرْسِلُ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْغَنَمِ». فَقَالَتْ: «هَلْ تُعْطِينِي رَهْنًا حَتَّى تُرْسِلَهُ؟». 18فَقَالَ: «مَا الرَّهْنُ الَّذِي أُعْطِيكِ؟» فَقَالَتْ: «خَاتِمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ الَّتِي فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَحَبِلَتْ مِنْهُ. 19ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ وَخَلَعَتْ عَنْهَا بُرْقُعَهَا وَلَبِسَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.

20فَأَرْسَلَ يَهُوذَا جَدْيَ الْمِعْزَى بِيَدِ صَاحِبِهِ الْعَدُلاَّمِيِّ لِيَأْخُذَ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَجِدْهَا. 21فَسَأَلَ أَهْلَ مَكَانِهَا قَائِلاً: «أَيْنَ الزَّانِيَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي عَيْنَايِمَ عَلَى الطَّرِيقِ؟» فَقَالُوا: «لَمْ تَكُنْ ههُنَا زَانِيَةٌ». 22فَرَجَعَ إِلَى يَهُوذَا وَقَالَ: «لَمْ أَجِدْهَا. وَأَهْلُ الْمَكَانِ أَيْضًا قَالُوا: لَمْ تَكُنْ ههُنَا زَانِيَةٌ». 23فَقَالَ يَهُوذَا: «لِتَأْخُذْ لِنَفْسِهَا، لِئَلاَّ نَصِيرَ إِهَانَةً. إِنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ هذَا الْجَدْيَ وَأَنْتَ لَمْ تَجِدْهَا

وَلَمَّا كَانَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، أُخْبِرَ يَهُوذَا وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ زَنَتْ ثَامَارُ كَنَّتُكَ، وَهَا هِيَ حُبْلَى أَيْضًا مِنَ الزِّنَا». فَقَالَ يَهُوذَا: «أَخْرِجُوهَا فَتُحْرَقَ». 25أَمَّا هِيَ فَلَمَّا أُخْرِجَتْ أَرْسَلَتْ إِلَى حَمِيهَا قَائِلَةً: «مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي هذِهِ لَهُ أَنَا حُبْلَى!» وَقَالَتْ: «حَقِّقْ لِمَنِ الْخَاتِمُ وَالْعِصَابَةُ وَالْعَصَا هذِهِ». 26فَتَحَقَّقَهَا يَهُوذَا وَقَالَ: «هِيَ أَبَرُّ مِنِّي، لأَنِّي لَمْ أُعْطِهَا لِشِيلَةَ ابْنِي». فَلَمْ يَعُدْ يَعْرِفُهَا أَيْضًا.

27وَفِي وَقْتِ وِلاَدَتِهَا إِذَا فِي بَطْنِهَا تَوْأَمَانِ. 28وَكَانَ فِي وِلاَدَتِهَا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَخْرَجَ يَدًا فَأَخَذَتِ الْقَابِلَةُ وَرَبَطَتْ عَلَى يَدِهِ قِرْمِزًا، قَائِلَةً: «هذَا خَرَجَ أَوَّلاً». 29وَلكِنْ حِينَ رَدَّ يَدَهُ، إِذَا أَخُوهُ قَدْ خَرَجَ. فَقَالَتْ: «لِمَاذَا اقْتَحَمْتَ؟ عَلَيْكَ اقْتِحَامٌ!». فَدُعِيَ اسْمُهُ «فَارِصَ». 30وَبَعْدَ ذلِكَ خَرَجَ أَخُوهُ الَّذِي عَلَى يَدِهِ الْقِرْمِزُ. فَدُعِيَ اسْمُهُ «زَارَحَ

أرجوا عزيزى القارئ ان تقرأ النص ثانية وأمعن النظر فى الجمل التى تحتها خط فهى عشر نقاط لن أعيدها فهى شديدة الوضوح ولكن ألفت إنتباهك إلى أخر جملتين " حين علم يهوذا انها حبلى من الزنا قال ماذا ؟ قال :" اخرجوها لتحرق "  وحين اعطته العلامة على انه هو الزانى قال ماذا؟ قال :" هى أبر منى " أرايت عزيزى القارئ كيف يحكمون ؟ 

 أرايت كيف يتصرف من يزعم أنهم أبناء الله وأحباءه ؟ فيا قومنا اعتبروا وانتبهوا واستجيبوا لأمر الله القائل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}(الأنفال : 24 )

وقالوا عن نبى الله عيسى عليه السلام فى إنجيل متى أنهم أركبوه حمارا ووضعوا على رأسه الشوك  " 27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ:«السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ."

ولما أهانوا الأنبياء فكان من السهل واليسير إهانة الصالحين فقالوا عن أبناء كبير الكهنة ( عالى) رغم أنهم زعموا أن الرب أمر موسى عليه السلام ببناء خيمة ليقابله فيها فهل حفظ بنوا اسرائيل للخيمة قدسيتها كمكان يبتهلون فيه إلى ربهم سبحانه وتعالى ؟ فقد كانت بمثابة المرشد لهم  فقالوا ) متى ارتفعت السحابه عن الخيمه كان بعد ذلك بنوا اسرائيل يرتحلون وفى المكان حيث حلت السحابه هناك كان بنوا إسرائيل ينزلون (   

 فمعنى ذلك أن الرب جل وعلا لم يكن يفارقهم لا ليل ولا نهار ومع هذا لم يخشوا ربهم وارتكبوا الفاحشه علانية لا فى البلدة بعيدا عن خيمة الإجتماع بل فيها فقالوا انه حين بلغ كبير الكهنه من السن عتيا وكان اسمه) عالى (لم يستطع أن يردع أبناءه ولا أبناء بنى إسرائيل من الفاحشه ) وشاخ عالى جدا وسمع بكل ما عمله بنوه  بجميع اسرائيل وبانهم كانوا يضاجعون  النساء المجتمعات فى باب خيمة الإجتماع (فإذا ارتكب أبناء الكاهن والذين يفترض فيهم القدوة هذه الفواحش فما بالك بباقى الشعب فلا شك انهم أشد فسادا وأضل عن سواء السبيل فسلط الله جل وعلا عليهم من يسومهم سوء العذاب ووقعوا سبايا فى أيدى اعداءهم وظلوا تحت الحصار والإحتلال فترة طويلة  " 11وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ. 12وَتَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَسَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ، وَسَجَدُوا لَهَا وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. 13تَرَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ وَعَشْتَارُوثَ. 14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَدَفَعَهُمْ بِأَيْدِي نَاهِبِينَ نَهَبُوهُمْ، وَبَاعَهُمْ بِيَدِ أَعْدَائِهِمْ حَوْلَهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرُوا بَعْدُ عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. "  

ولذا من كثرة المعاصى والذنوب امتدت ايديهم الى الانبياء والصالحين فقتلوهم فقال تعالى فى قرانه الكريم .... إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .آل عمران

وما هذا الا ليطفئوا نور الله الذى جاء ليخرجهم من الظلمات الى  النور لا انهم ابو الا ان يحيوا فى ظلمات يترددون وفى غيهم يعمهون  ولذا يقول ربنا جل وعلا مفهما اينا { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } البقرة     

             2- ثانيا  " نسوا الله جل جلاله فنسيهم "

لو أن لبنى إسرائيل مسحة من عقل لردوا الجميل إلى الله سبحانه ولعبدوه حق عبادته فقد علمنا المعصوم بقوله "من قدم لكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا الله له حتى تروا أنكم قد كافئتموه" وهل هناك معروف أكرم وأكبر من النجاة من العذاب والركون إلى رحمة الله  وإلى ركن متين فقد راى بنوا إسرائيل  المعاناة التي واجهها سيدنا موسي عليه السلام من فرعون وملائه من أجل خلاصهم وحريتهم فقد أمره الحق جل وعلا أن يخبر فرعون بقوله " أن أرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم"طه47  وآبي فرعون رغم الآيات والتوسلات فقال تعالى { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} (طه : 56   

فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر ونجا الله جل و علا موسي عليه السلام ومن معه آجمعين وأخبرهم بقدرته سبحانه وبفضله عليهم  فقال جل وعلا  { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }  (البقرة : 50 )

فكان ينبغي أن يسجدوا لله رب العالمين الذي نجاهم من فرعون ومن الغرق إلا أنهم قوم  فى غاية الغرابة لأنهم "يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها "فلقد بدرت منهم مواقف لا تنم إلا عن غباء أو خوف شديد من فرعون أكثر من خشيتهم لله سبحانه ولذا أخبرنا سبحانه وتعالى أنهم أجبن الناس وأمرنا سبحانه وتعالى بقوله( فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) وقال تعالى مبينا من يعمل لهم ألف حساب أنهم لاشئ فيقول تعالى {  أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ } (التوبة : 13 )

أو لعلها طبيعتهم التي جبلوا عليها فهم لا ينسبون الفضل لأهله أو ربما لم تؤمن قلوبهم الإيمان الحق الذي يجعلهم على يقين بوجود الله وبقدرته وإطلاعه جل وعلا على خبايا أنفسهم فهم لا يؤمنون بانه  سبحانه  {  يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ }  (غافر : 19 )

ودليل ذلك هو موقفهم عند عبور البحر فحين وصل موسى عليه السسلام وبنوا إسرائيل إلى البحر بناء على أمر الرب جل وعلا لموسى عليه السلام { و أوحينا إلى موسي أن آسر بعبادي ليلا إنكم متبعون } طه77 فإذا بفرعون وقد إقترب منهم هناك لأنه كان قد إستنفر ما استطاع من قومه ليتبع بنى إسرائيل فهم فى رأيه  {  إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ *  وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ }  (الشعراء 54/:55/ 56   

 فالمنطق يقتضى أن يلجئوا إلي الله بالدعاء عملا بقوله تعالى { فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} أو أن يتوسلوا إلي الله جل وعلا بنبيه موسي عليه السلام داعين إياه جل وعلا أن ينقذهم ولأن الإيمان لم يملأ قلوبهم  بعد فلم يدركوا وقتها  إلا الهلاك المحقق فلوا أن لله جل وعلا فى قلوبهم مثقال ذرة من وجود لدعوه سبجانه أن يفرج عنهم ماهم فيه  إلا أنهم  قالوا {  إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }  (الشعراء : 61 )

فلولا وجود نبي الله موسي عليه السلام بين ظهرانيهم فهو دائماً على إتصال وذكر لربه سبحانه وتعالي لجمد الدم فى عروقهم  ولكن تلطف الحق بهم إذ جعل نبيه يذكرهم بالله جل وعلا قائلاًَ { قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (الشعراء : 62 )وحقاً هداه ربه جل وعلا فقال سبحانه وتعالى { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } (الشعراء : 63 )فعبروا البحر في آمان الله.

فلو لم يمن الله جل وعلا على بنى  إسرائيل إلا بهذه المعجزة لكانت كافية أن يظلوا خاضعين لله ولكن يبدو أنهم حقاً قساة القلوب  إلاننا فوجئنا بهم يطلبون شيئاً عجيباً أصاب سيدنا موسي بالدهشة حتي سماهم (الجاهلون)وهم في طريقهم إلي سيناء مروا على قوم يعبدون الأصنام فبدلاً من أن يدعوهم للإيمان بالله رب العالمين موضحين لهم قدرته وعظمته جل وعلا فإذا بهم نسوا ما حدث وسألوا موسي أن يجعل لهم إلهاً يرونه بأعينهم ويصنعونه بأيديهم .

 ولقد سجل القرآن الكريم هذا الموقف فقال جل وعلا  { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }  (الأعراف : 138 )حقا {  فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } (الحج : 46 )وليس هذا فحسب بل إن أكبر النار من مستصغر الشرر وإن الذنوب يجتمعن على العبد حتى يصبح قلبه مغطى بالران فلا يحل حلالا ولا يحرم حراما وتتوالى على القلب المنكرات واحدة تلوا الأخرى حتى ينسى العبد خالقه ولاحول ولا قوة الا بالله

وهذا ما حدث من بنى إسرائيل فلما تجراو على الأنبياء والصقوا بهم ماعصمهم الله جل وعلا عن الوقوع فيه ولم يجدوا رادعا من الأحبار والرهبان المنوط بهم تغيير مثل هذا الهراء لقول الحق سبحانه { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }  (المائدة : 63   

فاذا بهم يتجرون على الحق سبحانه وتعالى الذى خلقهم ونجاهم فيتركوا  منهجه وعبادته ولجئوا إلى حجر أو شجر أو حيوان يليق بهم فيخرون له ساجدين . تدرى لماذا ؟  لأنهم رأوا فى اوامر الله جل وعلا ما يحثهم على الفضيلة ومكارم الأخلاق ولكن كيف يحيون فى أخلاق كريمة فالعجل الذى يعبدونه لا مبادئ عنده يأمرهم بها ولا نواهى ينهاهم عنها بل والله إن العجل يتبرأ منهم ( وصدق الحق حين قال {  وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }  (الأعراف : 179 )) 

فذكروا فى العهد القديم ..البعليم "  11وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ. 12وَتَرَكُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمِ الَّذِي أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَسَارُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ، وَسَجَدُوا لَهَا وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. 13تَرَكُوا الرَّبَّ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ وَعَشْتَارُوثَ. 14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَدَفَعَهُمْ بِأَيْدِي نَاهِبِينَ نَهَبُوهُمْ، وَبَاعَهُمْ بِيَدِ أَعْدَائِهِمْ حَوْلَهُمْ، وَلَمْ يَقْدِرُوا بَعْدُ عَلَى الْوُقُوفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. "

 رغم تحذير الحق سبحانه وتعالى لهم ومن كتبهم ففى سفر الخروج قالوا:  1ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلاً: 2«أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ، 6وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَايَ. 7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.

 وكذلك فى العهد القديم  تحذير يقول : "  أن الداعي إلى عبادة غير اللّه، ولو كان نبياً صاحب معجزات، واجب القتل، وكذا الداعي إلى عبادة الأوثان واجب الرجم، وإن كان من الأقارب أو من الأصدقاء. وإن عبدها أهل القرية، يقتل هؤلاء كلهم ودوابهم بحد السلاح وتحرق القرية ومتاعها وأموالها بالنار وتجعل تلاً، ثم لا تبنى." ‏

مع أن النص عجيب لأنه ماذنب المواشى والأمتعة والجمادات ؟  لكن نقبله لسببين الأول : إن بنى اسرائيل بلغوا درجة من الشقاء جعلت من يجاورهم يشقى بهم وإن كان جماد أو حيوانا  والثانى:  إن الردة تستوجب القتل إلا أننا لا نقبل ما يقولونه عن الأنبياء فهم معصومون لا يصلون الى درجة الشرك بالله .

والعجيب أنهم مازالو يؤكدون عقاب المرتد عن عبادة الله ومن نسى اوامر الله جل وعلا ولم يعمل بها فالوا فى العهد القديم فى سفر التثنية ايضا :

  (إذا وجد عند أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أوامرأة، تعمل سيئة قدام الرب إلهك ويعدوا ميثاقه) 3 (ليذهبوا ويعبدوا آلهة أخرىويسجدوا لها ويسجدوا للشمس والقمر، ولكل أجناد السماء ما لم آمر به أنا) 4 (وأنت أخبرت بذلك وسمعت ذلك، وفحصت عنه بحرص فوجدت أن ذلك حق، وأنها قد صنعت رجاسة فاخرج الرجل الذي فعل الفعل السيء أو الامرأة إلى أبواب قريتك وارجموه بالحجارة)

‏ فلا أدرى كيف ضلوا بعد ذكر هذه النصوص ؟  لأننا إن قلنا لهم بأن الله سبحانه وتعالى يقول لكم فى القرآن الكريم    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَـزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا قالواعنه مفترى  وقال المشركون  { فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْـزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ}  المؤمنون 24)  وأنه ليس عندهم ما يحثهم على ذلك فلمن كانت هذه النصوص إذن ؟ بل ولم عذبكم الحق سبحانه ومزققكم كل ممزق وجعلكم أحاديث ؟ غير نسبانكم لاوامر الله سبحانه فالفرصة لازالت أمامكم فاستجيبوا لله واعملوا صالحا {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }  (الحديد : 28 )

إلا أن الفترة التى قضوها عبيد لفرعون وغيرها من الفترات التى كانوا فيها مشتتين وسبايا لنبوخذ نصر والاسكندر وغيرهم ممن نكلوا بهم وساموهم سؤ العذاب تركت اثرا فيهم أيما اثر  فبدلا من يحندوا طاقتهم لله ويلجئو إليه سبحانه  ليخفف عنهم ماهم فيه فإذا بهم إن وجدوا فرصة فى إحتلال شعب أو إغتصاب أرض لا يترددون لحظة بل وسرعان ما يدبرون لإبادته والمذهل هو زعمهم أن الرب سبحانه هو الذى أمرهم بهذا .

فقالوا فى العهد القديم  أن الرب جل وعلا قال (مر بني إسرائيل وقل لهم إذا عبرتم الأردن وأنتم داخلون أرض كنعان) 25 (فأبيدوا كل سكان تلك الأرض واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها) 55 (ثم أنتم إن لم تبيدوا سكان الأرض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماح في أجنابكم ويشقون عليكم في الأرض التي تسكنونها) 56 (وما كنت عزمت أني أفعل بهم سأفعله بكم. عدد4/51    

أرايت كم الحقد والغل !!!  فأى معاهدات ينتظرها قومنا وأى مبادرات يسعون إليها وأى نتائج يتمنون الوصول إليها وعند بنى اسرائيل  مثل هذه النصوص ؟ مع الوضع فى الإعتبار أنهم يعتبرونها نصوص  مقدسة لا تقبل النقد أو التاويل أوالتغيير فياقومنا استجيبوا للحق جل وعلا  حين يقول {  هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }  المنافقون 4

لأن هذا ما يحدث منهم على الدوام فهم يقتلون ويغتصبون الأموال والأرض ولا يذكرون     ان هناك يوما يرجعون فيه إلى الله لأنهم لو علموا وامنوا بأن هناك يوما يعود فيه العباد إلى الله جل وعلا يحاسبهم فيه ويجازى بالإحسان إحسانا ويعاقب المسئ على اساته  , ما اقدموا على هذا الدمار والتخريب .

ولكى نأخذ العبرة فإليك عزيزى القارئ ما يفعلونه بأنقسهم أولا إن ظفر بعضهم ببعض أو خالف بعضهم بعضا فى المذهب أو الطائفة . وحين أتحدث عن بنى إسرائيل فأنا أقصد اليهود والنصارى بكل طوائفهم فهم جميعا وجوه لعملة واحدة يغيرونها من حين لأخر  قيخرجون على العالم كل حين بوجهين ثم تنتهى مهمتمها ليحل محلهما وجهين أخرين .

 رغبة  أن ننسى أو نظن أن الأبناء فى حل مما فعل الأجداد وهم كاذبون فهم جميعا أجداد وأباء وأبناء وأحفاد مهما اختلفت عصورهم وأزمانهم فهم يرددون معا عبارة واحدة وينفذون مخططا واحدا . وأنا لن أذهب بك بعيدا عزيزى القارئ ولكن قبل الحديث عن مآسيهم بينهم وبين بعضهم عن البعض . فسأذكر لك موقفا وأحدا اثار دهشى وأكد حدثى وظنى ألا وهو : حين جاء الجنرال اللنبى فى الحرب العالمية الأولى فى عام 1917 ووصل بحنوده إلى حدود الشام سأل عن قبر صلاح الدين وركل الجنرال لعنه الله ) القبر يقدمه  وقال : ها نحن قد عدنا ياصلاح الدين !!!!

 مع العلم بأن أجداد الجنرال وأجداده إلى الجد السابع تقريبا لم يروا صلاح الدين (رحمه الله) لأنه كان قائدا لمعركة حطين فى عام 1297 ولذا أقولها بملئ فمى وقلبى وأردد مع القرآن الكريم قوله تعالى {  فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ  } (الحشر : 2 )

فمن يقرأ ويطالع كتب التاريخ يجدهم لا يرقبون فى انفسهم عهدا ولا ميثاق فيرى من اليسير أن يقتل اليهودى أخاه لمجرد إختلافه معه فى المذهب أو الطائفة وقد يقتل أخاه المسيحى رغم إيمانهم بما يؤمنون به وقد يقتل المسيحى أخاه لمجرد إختلافه معه فى الطائفة كذلك وصدق الحق حين قال {  لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ }  الحشر 14 ثم لا يتفقون إلا علينا نحن المسلمين فتداعوا علينا من كل حدب وصوب وصدق فينا قول رسولنا " سوف تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال بل كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ينزع الله مهابتكم من قلوب أعدائكم ويصيبكم بالوهن قالوا وما الوهن يارسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت "

 فياقومنا أفيقوا ويابنى إسرائل احذروا فإن الأيام يداولها الحق جل وعلا بين الناس فإن كان اليوم لكم فكما كان الأمس لنا فغدا وإلى قيام الساعة لنا إن شاء الله فاعملوا صالحا نكرمكم من أجله .

والعجيب أن يدعى علماء البروتستانت وغبرهم  كذباً أن دين الإسلام شاع وانتشر بالسيف، وهذا إدعاءكاذب وأفعالهم غير أقوالهم، فإنهم وكذا أسلافهم من أهل التثليث إذا تسلطوا عى إخوانهم  تسلطاً تاماً، اجتهدوا في إمحاء المخالفين لهم فى المذهب أو الطائفة محوا يكاد يصل إلى الإبادة فلايقبلون من إخوانهم عدلا ولارحما فيذكر صاحب كتاب كشف الأثار فىقصص أنبياء بنى إسرائيل غرائب عدة منها :

- (إن القسطنطين الأعظم  وكان مسيحى الديانة و كان قبل الهجرة بثلثمائة سنة تقريباً اى ما يقارب من عام 312  من الميلاد  أمر بقطع آذان اليهود وإجلائهم إلى أقاليم مختلفة،

ثم أمر الملك فى روما  في القرن الخامس الميلادى ، بإخراجهم من الاسكندرية التي كانت مأمنهم من مدة، وكانوا يجيئون إليها من كل جانب، فيستريحون فيها. وأمر بهدم كنائسهم ومنع عبادتهم، وعدم قبول شهادتهم وعدم نفاذ الوصية إن أوصى أحد منهم لأحد في ماله،  ص27

بل واضاف ما هو اسؤا من ذلك فذكر (أن المسيحين الذين ظفروا بيهود تلك البلاد واسروهم وصاروا مغلوبين أمر الملك  بقطع أعضاء البعض، وقتل البعض، وأجلى الباقين منهم ، وظلم الملك اليهود في جميع مملكته بأنواع الظلم،  ولم يكتف بذلك بل  أجلاهم من مملكته آخر الأمر. وهيج ولاة الممالك الأخرى على أن يعاملوا اليهود هذه المعاملة،)  ص 28

                3-عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

فاين هذه المعاملة من معاملة المعصوم صلى الله عليه وسلم الذى عاهدهم حين دخل المدينة المنورة. وإليك عزيزى القارئ معاهدة السلام والدفاع المشترك مع اليهود  ؛ ونورد هنا قطوف من الوثيقة والعهد الذي أبرمه النبي (صلى الله عليه وسلم)

"بسم الله الرحمن الرحيم"

"هذا كتاب من محمد (صلى الله عليه وسلم) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم.. وجاهد معهم.. إنهم أمة واحدة من دون الناس..  وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض من دون الناس".

"وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصرة والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.

 وإن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سيبل الله.. إلا على سواء وعدل بينهم.

 وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدي  وأقومه..  وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله (عز وجل) وإلى محمد (صلى الله عليه وسلم).

 وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.. وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم .. مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يؤتغ إلا نفسه وأهل بيته".

"وأن الله على أبر هذا.. وأن على اليهود نفقتهم وعلي المسلمين نفقتهم. وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة.. وإن بينهم والنصح والنصيحة والبر دون الإثم.. وأن النصر للمظلوم .

 وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.. وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.. وأن بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى الصلح يصالحونه ويلبسونه.

 وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين.. على كل أناس حصنهم من جانبهم الذي قبلهم .. وإن البر دون الإثم.. ولا يكسب كاسب إلا على نفسه.. وأن الله على أصدق ما في هذه الصحفية وأبر .

                   4- عهود أهل الكتاب فيما بينهم

أرايت عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم وقرأته جيدا أرجوا إعادة قرأته قبل أن أذكر لك المعاهدات التى عاهد عليه  النصارى إخوانهم من اليهود فها هى العهود التى أبرمها المسيحيون مع اليهود حين كان الأمر للمسيحين  فرأوا  اليهود كفارا  ولذا عقدوا  مجلساً للمشورة، وأجروا عليهم عدة أحكام منها:

-  من حمى يهودياً  ضد مسيحي يكون ذا خطأ، ويخرج عن الملة.

-   أنه لا يعطى يهودي منصباً في دولة من الدول .

-   لو كان مسيحي عبد يهودي فهو حر .

 -  لا يأكل أحد مع اليهودي، ولا يعامله.

-    أن ينزع الأولاد منهم وتربى في الملة المسيحية .

- على المسيحين أن يلطموا وجوه اليهود فى عيد الفصح .

- على المسيحين أن يرموا اليهود بالحجارة طوال أيام العيد .

وليس هذا فحسب بل دبر السلاطين فى فرنسا والنمسا وانجلترا  الذين كانوا يحكمون بلادا يقطنها يهود ما هو أشد من ذلك :

-السلطان فيليب أوغسطس : كان يترك اليهود يربحون وتنموا تجارتهم ثم يسلبه دون أن يبقى لهم منه شئ وبعدها يطردهم من مملكته .
 -السلطان كرلس السادس أجلى اليهود من فرنساوقد ثبت من التاريخ، أن اليهود طردوا  منها سبع مرات، وعدد اليهود الذين أخرجوا منها لو فرض في جانب القلة، لا يكون أقل من ألف وسبعين ألف بيت،

وفي مملكة النمسا قتل المسيحيون  كثير من اليهود ونهب كثير منهم ونجا منهم قليل وهم الذين تنصروا، ومات كثير منهم بأن سدوا أولاً أبوابهم، ثم أهلكوا أنفسهم وأولادهم وأزواجهم وأموالهم، إما بالإغراق في البحر أو بالإحراق بالنار، وقتل غير المحصورين منهم في الجهاد المقدس،

 وكان الإنجليز اتفقوا على أن يظلموا اليهود، فلما حصل اليأس العظيم لليهود بسبب الظلم، قتل بعضهم بعضاً فقتل ألف وخمسمائة من الرجال والنساء والأطفال،

وصار اليهود ا أذلاء في هذه المملكة بحيث إذا اراد الأمراء فى انجلترا  ان يتمردوا على السلطان قتلوا سبعمائة يهودي ونهبوا أموالهم، ليظهروا شوكتهم على الناس .

- أما رجار دوجان وهنري الثالث من سلاطين إنجلتر قاما بسلب  أموال اليهود ظلماً سيما هنري الثالث، فإنه كانت عادته أنه كان ينهب اليهود بشتى الطرق  ، وعدم الرحمه، وكان يجعل أغنيائهم الكبار فقراء وظلمهم لدرجة رضوا على الجلاء، وطلبوا أن يخرجوا من مملكته، لكنه ما قبل هذا الأمر منهم أيضاً.

- أما السلطان  إدوارد الأول فختم الأمر بأن نهب أموالهم كلها ثم أجلاهم من مملكته، فأجلى أزيد من خمسة عشر ألف يهودي في غاية العسر .

-وفى البرتغال : كانوا يأخذون اليهودي ويحرقونه بالنار، ويجتمع رجالهم ونساؤهم يوم إحراقه كإجتماع يوم العيد، وكانوا يفرحون وكانت النساء يصحن وقت إحراقهم من شدة الفرح ص32/33

 وحكى صاحب كتاب سير المتقدمين مانصه :
 -أمر سلطان روما الأمراء عام 379  أن يتنصر كل من هو في السلطنة الرومية ويقتل من لم يتنصر)
ولم تقف إعتداتهم على اليهود فحسب بل شملت أى سكان لأى بلدة ينزلون بها محتلين إياها فيقتلون ما بها من أصحاب ملل وأديان وطوائف مختلفة .

ففى أورشليم إبان الحروب الصليبية عام 1099بعد حصارها لأيام عديدة

قتلوا أزيد من سبعين ألفاً من المسلمين وجمعوا اليهود وأحرقوهم ووجدوا في المساجد غنائم عظيمة بل وقتلوا اخوانهم المسيحين المخالفين لهم فى الطائفة .
 
- قامت  الكنيسة الرومانية الكاثولوكية  بإضطهاد وطرد  البروتستانت بطريقة مزعجة وأحرقت في النار أقل ما يكون مائتين وثلاثين ألفاً من الذين آمنوا بيسوع دون البابا، واتخذوا الكتب المقدسة وحدها هدى وإرشاداً لإيمانهم وأعمالهم، وقد قتلت أيضاً منهم ألوف بحد السيف واستعملوا آلات لتخليع المفاصل بالجذب، وأفظع العذابات المتنوعة. وفي فرنسا قتل في يوم واحد ثلاثون ألف رجل وذلك في اليوم الملقب بيوم ماريرثو لماوس  ص15/16
      وقد حكى صاحب كتاب الثلاث عشرة رسالة الذي طبع في بيروت سنة 1849،  مانصه :  أن كل من يقبل إلى اسبانيا، لا تأذن له أن يصعد إلى الكرسي إن لم يحلف أولاً أنه لا يترك أحداً غير كاثوليكي يعيش في مملكته، وإن كان بعد ما أخذ الحكم يخالف هذا العهد فليكن محروماً، أمام الإله السرمدي وليصر كالحطب للنار الأبدية).  ص 338
وأنا أرى أن لليهود ذنب فى ما حدث لهم على أيدى إخوانهم من أهل الكتاب تدرى لماذا عزيزى القارئ  ؟  لأنهم هم الذين أصلوا لإبادة الأخر فى كتبهم وورثوها لإخوانهم المسيحين فالمسيحيون إنما ينفذون ما أوصاهم به اليهود فى العهد القديم .

 والمحزن أنهم نسبوا إبادة الأخر والتخلص منه للأنبياء حتى لا يتجرأ أحد على الكتاب المقدس ويزعم أن مثل هذه النصوص ليست من عند الله ولذا تلظوا هم بنارها فبل غيرهم من الشعوب وصدق فيهم قول ربنا ( ألا فى الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) وإليك  عزيزى القارئ بعض الإفتراءات على الأنبياء الكرام بهذا الخصوص  .

فذكروا أن نبى الله إبراهيم عذب أقواما ونهبهم فذكروا فى العهد القديم أنه : حين فتح أربعة ملوك سادوم، وعامورة، ونهبوا جميع أموال أهاليهما، وأسروا لوطاً عليه السلام، ونهبوا ماله أيضاً. ووصل هذا الخبر إلى إبراهيم عليه السلام، خرج إبراهيم عليه السلام ليخلص لوطاً عليه السلام.: (فلما سمع إبرام أن لوطاً ابن أخيه سبي فأحصى غلمانه أولاد بيته ثلثمائة وثمانية عشر، وانطلق في أثرهم حتى أتى دان) 15 ووزع الأفراد ، ونزل عليهم ليلاً، وضربهم، وطردهم إلى حوبا التي هي من شمال دمشق16 (واسترد المقتنى كله، ولوطاً ابن أخيه وماله، والنسوة أيضاً، والشعب) تكوين 14/14

                     5-موسى عليه السلام وأهل مدين
وعن موسى عليه السلام يذكرون حادثا عجيبا ، ( أن موسى عليه السلام لما أرسل اثني عشر ألف رجل مع فنيحاس بن ألعازار لمحاربة أهل مديان، فحاربوا وانتصروا عليهم، وقتلوا كل ذكر منهم، وخمسة ملوكهم وبلعام، وسبوا نسائهم، وأولادهم، ومواشيهم كلها، وأحرقوا القرى والدساكر والمدائن بالنار، فلما رجعوا غضب عليهم موسى عليه السلام، وقال: لِمَ استحييتم النساء، ثم أمر بقتل كل طفل مذكر، وكل امرأة ثيبة، وإبقاء الأبكار، ففعلوا كما أمر، وكانت الغنيمة من الغنم ستمائة وخمسة وسبعين ألفاً، ومن البقر اثنين وسبعين ألفاً، ومن الحمير أحداً وستين ألفاً، ومن الأبكار اثنتين وثلاثين ألفاً، وكان لكل مجاهد ما نهب من غير الدواب، والإنسان، وما بين مقداره في هذا الباب غير أن رؤساء الألوف والمئين، أعطوا الذهب لموسى والعازار ستة عشر ألفاً وسبعمائة وخمسين مثقالاً.)

 وإذا كان عدد النساء الأبكار اثنتين وثلاثين ألفاً، فكم يكون مقدار المقتولين من الذكور مطلقاً، شيوخاً كانوا أو شباناً أو صبياناً، ومن النساء الثيبات ‏ عدد31

أود أن أذكرك عزيزى القارئ بأن أهل مديان هؤلاء هم أصهار سيدنا موسى عليه السلام وأن أخلاق الأنبياء لا تسمح بهذا الهراء وتلك الإنتهاكات  ( وحسبنا الله ونعم الوكيل ) فهل تعلم أن صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اطلقوا سراح الأسرى من بنى المصطلق لمجرد أن تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من ابنة قائدهم  السيدة جويرية بنت الحارث رضى الله عنها   :

وقالوا :  إنما هم أصهار رسول الله فما بالك بأخلاق الأنبياء  وإليك عزيزى القارئ :

                           6-غزوة بني المصطلق

كانت العيون تأتي بالأخبار للمسلمين عن العرب جميعًا، يراقبونهم حتى لا يفاجئوهم بحرب أو خيانة، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زعيم بني المصطلق -وهم من اليهود- يجهز قومه للهجوم على المدينة، ولما تأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأنباء جهز جيشه، وغزا بني المصطلق، واتخذهم أسارى وسبايا، وكان في السبي جويرية بنت الحارث -بنت سيد بني المصطلق- فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجها، ولما انتشر الخبر بين
الناس، قالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقوا مائة أهل بيت من بني المصطلق إكرامًا لمصاهرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، فكانت أكبر نعمة عليهم إلى جانب نعمة مصاهرة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم.

و نعود لبنى إسرائيل فعن يوشع قالوا : عمل يوشع عليه السلام بعد موت موسى عليه السلام على الأحكام المندرجة في التوراة، فقتل المليونات الكثيرة، ومن شاء فليطالع هذا في كتابه سفر يشوع  من الباب الأول إلى الباب الحادي عشر، وقد صرح في الباب الثاني عشر من كتابه، أنه قتل إحدى وثلاثين سلطاناً من سلاطين الكفار، وتسلط بنو إسرائيل على مملكتهم"

ألا تعلم أن يوشع هو ابن نون ابن افرايم ابن يوسف عليه السلام وأنه هو فتى موسى الذى ذكر عندنا فى القرآن الكريم فى  القصة المشهورة " موسى عليه السلام والعبد الصالح  "الخضر "وفى هذا يقول القران الكريم  { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً  } (الكهف : 60 )

وعن من جاءوا بعد موسى عليه السلام  ذكروا :  

أن شمشون ‏‏: (وجد فكاً أعني خد حمار، فمد يده وأخذه، وقتل به ألف رجل  قضاة 15/14

وعن داود عليه السلام قالوا :

(وصعد داود ورجاله، وكانوا ينهبون أهل جاسور وجرز وعمالق، لأن هؤلاء كانوا سكان الأرض من الدهر من حد سوراً حتى حد مصر) 9 (وكان يخرب داود كل الأرض، ولم يكن يبقى منهم رجلاً، ولا امرأة، ويأخذ الغنم، والبقر، والحمير، والجمال، والأمتعة، وكان يرجع ويأتي إلى أخيس)   صموئيل الاول 27/8    انظروا إلى فعل داود عليه السلام أنه كان يخرب الأرض، وما كان يبقي رجلاً، ولا امرأة من أهل جاسور، وجرز، وعمالق، وينهب دوابهم وأمتعتهم.‏

وأضافوا إلى ما سبق نصا أخر فقالوا فى سفر صموئيل الثانى (وضرب الموأبيين ومسحهم بالحبال وأضجعهم على الأرض، ومسح حبلين للقتل وكمل حبلاً واحداً للإستحياء، وكان الموأبيون عبيداً لداود يؤدون إليه الخراج) 3 (وضرب داود أيضاً هدر عازار بن راحوب ملك صوبا) الخ 5 (فأتت أرام دمشق ليعينوا هدر عازار ملك صوبا، وضرب داود من أرام اثنين وعشرين ألف رجل). فانظروا إلى فعل داود عليه السلام بالموأبيين، وهدر عازار، وجيشه وجيش أرام17- صموئيل الثانى 8/2

 ونصا ثالثا فى سفر صموئيل الثانى (وهرب السريانيون من بين يدي إسرائيل، وقتل داود من السريانيين سبعمائة مركب، وأربعين ألف فارس، وسوباك رئيس الجيش ضربه فمات في ذلك المكان) ‏8 /10   

(فجمع داود جميع الشعب، وسار إلى راية فحارب أهلها، وفتحها) 30 (وأخذ تاج ملكهم عن رأسه وكان وزنه قنطاراً من الذهب، وكان فيه جواهر مرتفعة ووضعوه على داود، وغنيمة القرية أخرجها كثيرة جداً) 31 (والشعب الذي كانوا فيها أخذهم ونشرهم بالمناشير وداسهم بنوارج حديد، وقطعهم بالسكاكين وأجازهم بقمين الأجاجر، كذلك صنع بجميع قرى بني عمون، ورجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم)صموئيل الثانى . 12/29                 ونقلت هذه العبارة لفظاً لفظاً، عن الترجمة العربية المطبوعة سنة 1831، وسنة 1844.    فانظرواكيف قتل داود عليه السلام بني عمون قتلاً شنيعاً، وأهلك جميع القرى بمثل هذا العذاب العظيم الذي لا يتصوره عقل .كيف والقرآن الكريم يقول عن داود عليه السلام . وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (صـ : 17 )وقوله تعالى   { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ }  (سبأ : 10 )

7-ثالثا   "   قساة القلوب   "

يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم في ما  معناه"ان العبد إذا أذنب ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء"  وهكذا مع كل ذنب حتي يكسى القلب بالران  لقوله تعالى {  كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }  (المطففين : 14 )ويكسبون هنا تعني ما كسبوه من الإثم وبنوا إسرائيل اكتسبوا من الأثام ما جعل قلوبهم قاسية فأصبحوا لا ينفذون  أمراً من الله ورسوله وإن أصر الرسول على هذا الأمر قابلوه بالإستهزاء تارة وبالجمود تارة أخري مما تسبب في تشديد الأوامر عليهم  وهذا جزاء عادل لأن الجزاء من جنس العمل لأنه لا يستوي من ينفذ الأمر من أول وهلة ومن يتلكأ و يتباطأ حتي لا يكاد ينفذ الأمر.

 إذن فتصرفات بني إسرائيل هي التي تسببت في تشديد الأوامر ويتضح تباطؤ بني إسرائيل في تنفيذ الأمر في  أكثر من قصة  إلا أننى أثرت أن أذكر قصة البقرة بإختصار شديد لأنهم أنكروها ولم يذكروها فى كتبهم ففى قصة البقرة التي حكاها لنا القرآن الكريم ما يكفى لمعرفة تلكؤ بنوا  إسرائيل فى تنفيذ أوامر الله جل وعلا و يدل على قسوة قلوبهم وعدم إستجابة أصحاب موسى عليه السلام لاوامر الله سبحانه وتعالى بشكل يليق بأتباع نبى كريم .

- ولأن فى قصة البقرة أراد الحق جل وعلا أن يختبر مدي استجابتهم لأوامره سبحانه وإن كان في ظاهرها أمرا يخالف هواهم إنما فى باطنه الجواب لما يريدون  وذلك هو عين الإيمان أن تؤمن وتنفذ ما أمر الله به لقول الرسول محمد صلي الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به".

-والحق سبحانه وتعالي يعلم أن بني إسرائيل قوم معاندون ومجادلون وليتهم يجادلون بحجة مقنعة ولكنهم يجادلون بالباطل ويؤيدونه فأراد أن بفضح أمرهم فكثيرا ما طلبوا أشياء لا تنم إلا عن جهل أو غباء أو تلكؤ  لأنه حين أمرهم نبى الله موسى عليه السلام بقوله {  إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً }  (البقرة : 67 )كان يكفى أن يقوموا بذبح أى بقرة ويقضى الأمر إلا أنهم أخطاؤا فى حق نبى الله موسى عليه السلام قائلين ( اتتخذمنا هزوا ) ولما أكد لهم صدق طلبه { قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ } (البقرة : 68 )وهنا خطأين  الأول قولهم ( ربك ) لأنه كان ينبغى أن يفولوا ربناولكن  يبدوا أن الإيمان  لم يدخل فى قلوبهم بعد ,  والأخر هو قولهم ( يبن لنا ماهى ) فهل نسوا أم لا يفهمون ماهية البقرة ؟  ألا يذكرون أنهم عبدوهايوما ما ؟ وظلوا هكذا فى مناورات ومجادلات عقيمة ظانين أنهم سيغلبون الله سبحانه وتعالى ولكن الحقيقة أنه من غالب الله غلبه  فتورطوا فى دفع ثمن كان ينفق عليهم عشرات السنين .

يبين الحق جل وعلا الغرض من ذبح البقرة فى نهاية القصة  بالإضافة إلي ما رأيناه ونكشف لنا من طباع بني إسرائيل فقال جل وعلا {  فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }  (البقرة : 73 )

 وسببها  أن رجلا منهم فتل ابن اخيه ووضعه فى بلدة غير التى يسكنون فيها فلما اصبح الناس قالوا لم نقتله  فقالوا انختلف ورسول الله فينا هيا لنخبره فكانت القصة . ولو كانوا يستحقون الراحة لهداهم الله جل وعلا فى لحظة ولارشد نبيه إليه من البداية دون هذه التجربة المريرة التى كشفت كثيرا من طبائعهم  والتى أود ان يستفيد منها قومنا حين يجلسون معهم فى مفاوضات فها هم بنوا إسرائيل لولا الله جل وعلا وعزيمة نبى الله موسى عليه السلام  ما وصل أحد  معهم الى حل أو قرار .

ورغم هذه التجربة التي رأوها رأي العين وبعد الخسارة الفادحة التي تعرضوا لها فلقد انفقوا نصف ما يملكون من ذهب في صناعة العجل ثم قتلوا بسببه واحرق والقى في البحر . وانفقوا النصف الأخر في دفع ثمن البقرة وهنا يصدق فيهم المثل الانجليزى (Easy come easy go )بمعنى ماجاء بسهولة ضاع بسهولة وهذا المثل إنما يقال لمن لم يبذل جهدا فى الحصول على المال فمابالكم بمن سرق المال  . ماذا  ؟ سرق المال ؟

نعم بنوا إسرائيل سرقوا المال, والمذهل أنهم نسبوا الأمر لنبى الله موسى عليه السلام بأمر من الرب سبحانه وتعالى ( ولا حول ولا قوة الا بالله ) فقالوا فى العهد القديم

 (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».

ونفذ بنوا اسرائيل الأوامر تماما فقالوا فى العهد القديم :

"34فَحَمَلَ الشَّعْبُ عَجِينَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ، وَمَعَاجِنُهُمْ مَصْرُورَةٌ فِي ثِيَابِهِمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. 35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ

 وياترىكم كان عدد بنوا اسرائيل يوم الخروج من مصر ؟ فيذكرون " 37فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ إِلَى سُكُّوتَ، نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ مِنَ الرِّجَالِ عَدَا الأَوْلاَدِ. 38وَصَعِدَ مَعَهُمْ لَفِيفٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مَعَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، مَوَاشٍ وَافِرَةٍ جِدًّا. 39وَخَبَزُوا الْعَجِينَ الَّذِي أَخْرَجُوهُ مِنْ مِصْرَ خُبْزَ مَلَّةٍ فَطِيرًا، إِذْ كَانَ لَمْ يَخْتَمِرْ. لأَنَّهُمْ طُرِدُوا مِنْ مِصْرَ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَتَأَخَّرُوا، فَلَمْ يَصْنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ زَادًا

فلك أن تتخيل أن يستعير هذا العدد الهائل من بنى إسرائيل من المصريين قيكون ما استعاروه لايعد ولا يحصى وما كانت الإستعارة إلا غدرا ومكرا وخديعة وهل هذا هو حق الجوار ؟      { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ }  الحشر 2

وليس هذا فحسب بل إن قسوة قلوبهم جعلتهم لا يشعرون بالأخر وإذا حلوا بقوم أبادوهم فلم يرحموا شيخا لهرمه ولا امراة لضعفها ولا طفلا لعجزه حتى المواشى والحيوانات لم تسلم من غدرهم وقسوتهم والعجيب أنهم ذكروا ذلك فى كتبهم وجعلوها دستورا لاجيالهم وزعموا انها من عند الله حتى لا يتسنى لأحد تغيرها أو تعديلها .

وإن تتبعنا ما يحدث فى العالم من حروب ونزاعات نجد أن بنى إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحين يطبقون هذه الأومر والتوجيهات بحذافيرها ونحن فى سبات عميق ظانين أنهم إنما يحاربون لأجل الشعارات الخداعة التى خدعوا بها الشعوب ومنها تخليص الشعوب من الحكام الظالمين مستغلين الشباب الحالم الذين تربوا فى أحضان الغرب فغيروا مفاهيمهم وخدعوهم ودخلوا البلدان على أكتافهم ثم ما إن دخلوا حتى دمروا الشعوب بما فيها من أخضر ويابس وليس ما حدث فى العراق عن الأذهان والعيون ببعيد .

فما الفائدة التى عادت على أهل العراق من تدخل الأمريكان وحلفائهم من اليهود والنصارى ؟ فلم يجنى العراقيون إلا دمارا فى مواردهم الإقتصادية وتدميرا لترسانتهم العسكرية وتحطيما لأمال أبنائهم الذين يعانى أكثرهم من عجز دائم " قاتل الله من تسبب لهم فى هذا الشقاء"

 وإليك عزيزى القارئ النصوص التى يعتمدون عليها فى تلك الحروب لترى راى العين انهم لا يمزحون بل إنهم يسيرون على منهج رغم أنه باطل , ونحن لدينا كتاب ينطق بالحق  وبعيدين عن تطبيقه  فياقومنا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحبكم  واشهدوا العالم الفارق بين ماهو حقا من عند الله وماهو من عند إبليس . فقالوا فى سفر التثنية ما تشيب له الولدان .

«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، كلهم بحد السيف الحيثي والأموري والكنعاني والفرزي والحوايي واليابوسي كما أوصاك الرب إلهك).تثنية 20  

لعلك عزيزى القارئ قد تلحظ بعض التغيرات فى الكلمات وسبب ذلك ان لديهم كتب مختلفة وكلما أدركوا أن المسلمين ألموا بما لديهم من نصوص حاولوا جهدهم فى تعديلها  إلا أنهم مهما حاولوا فرائحتهم فيها . نعود للنص لنرى : من هذه العبارة أن اللّه أمر في حق  القبائل الست، أعني الحيثانيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحوايين واليابوسيين، أن يقتل بحد السيف كل ذي حياة منهم ذكورهم وإناثهم وأطفالهم. وأمر فيما عداهم، أن يدعوا أولا إلى الصلح، فإن رضوا به وقبلوا الإطاعة وأداء الجزية فيها فيصبحون عبيد إذا الصلح خدعة لا كما عندنا نحن المسلمين فإن تصالحنا مع قوم فلهم مالنا وعليهم ماعلينا أو على الأقل تلتزم بما اتفقنا عليه لا خداع  عملا بقول المعصوم "المؤمنون عند شروطهم "

 أما بنوا إسرائيل فلهم راى أخر فى الصلح كما رايت ويا ترى إن شعرت البلاد بأن فى الأمر شئ واستعدت للقتال والدفاع فقالوا :، وإن لم يرضوا يحاربوا، فإذا حصل الظفر عليهم، يقتل كل ذكر منهم بالسيف ويسبي نساؤهم وأطفالهم، وينهب دوابهم وأموالهم، وتقسم على المغتصبين ، وهكذا يفعل بكل القرى التي هي بعيدة من قرى الأمم الست. وقد وجه علماء الامة سلفاً وخلفاً  لهم تلك العبارات القاتلة ولكنهم يسكتون عنها كأنهم لم يروها ولا يجيبونهم عنها لا بالتسليم ولا بالتأويل .

ولكى تعلم أمتى الحبيبة علم اليقين أنهم لا امان لهم ولا استعداد  للمعهادات ولا المفاوضات فاليك نصا أخر يزعمون فيه  أن الرب امرهم بالاتى : فاحذر أن تعاهد البتة سكان تلك الأرض الذين تأتيهم لئلا يكونوا لك عثرة 13 ولكن اهدم مذابهحم وكسر أصنامهم واقطع أنسابهم).‏خروج 34

وليس هذا فحسب بل اليك نصا ثالثا  قالوا فيه أن الرب أمر موسى عليه السلام أن يأمر بنى إسرائيل بما ياتى (مر بني إسرائيل وقل لهم إذا عبرتم الأردن وأنتم داخلون أرض كنعان) 25 (فأبيدوا كل سكان تلك الأرض واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها) 55 (ثم أنتم إن لم تبيدوا سكان الأرض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماح في أجنابكم ويشقون عليكم في الأرض التي تسكنونها) 56 (وما كنت عزمت أني أفعل بهم سأفعله بكم ) عدد33

ونصا رابعا :1 (إذا أدخلك الرب إلهك الأرض التي تدخل لترثها، وتبيد الشعوب الكثيرة من قدامك الحيثي والجرحيثاني والأموراني والكنعاني والفرزاني والحوايي واليوساني، سبعة أمم أكثر منكم عدداً وأشد منكم) 2 (وسلمهم الرب إلهك بيدك فاضربهم حتى إنك لا تبقي منهم بقية، فلا تواثقهم ميثاقاً ولا ترحمهم) 5 (ولكن فافعلوا بهم هكذا خربوا مذابحهم وكسروا أصنامهم وقطعوا مناسكهم وأوقدوا أوثانهم).تثنية 7

فيعلم من هذه العبارات أن اللّه أمر بإهلاك كل ذي حياة من الأمم السبع وعدم الرحمة عليهم، وعدم المعاهدة معهم وتخريب مذابحهم، وكسر أصنامهم، وإحراق أوثانهم، وقطع مناسكهم، وشدد في إهلاكهم تشديداً بليغاً، وقال: إن لم تهلكوهم أفعل بكم ما كنت عزمت أن أفعله بهم. ووقع في حق هذه الأمم السبعة (أنهم أكثر منكم عدداً وأشد منكم)

ولعل قائلا يقول إن هذا كان مع الأمم المذكورة  وقد انتهت فلم بعد هناك حيثين أو كنعانيين  أو غيرهم نقول نعم وكنت أظن أنا أيضا كذلك ولكن هذه النصوص آثرت أن أتى بها لأنها من كتاب قديم لهم أما الكتب الحديثة فحذفوا منه أسماء تلك البلاد وأبقوا على الأحكام ليظل الحكم بغض النظر عن البلاد  وهنا مكمن الخطورة فهم يعتبرون الأقطار المجاورة لفلسطين هى بمثابة هذه الأقطار والواقع يؤكد ذلك فنحن راينا كيف دمروا العراق ويحاولون تفرق شمل العرب المجاورين وتسببوا فى إغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق ( رفيق الحريرى ) ليبثوا التفرقة بين سوريا ولبنان ولم ينتهوا حتى أصبحت لبنان تعادى سوريا وهكذا لن يهدأ لهم بال إلا إذا شتتوا شمل الأمة عملا بمذهبهم "فرق تسد  { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار }ِ (الحشر : 2 )

وقد ثبت في الباب الأول من سفر العدد أن عدد بني إسرائيل الذين كانوا صالحين لمباشرة الحروب، وكانوا أبناء عشرين سنة وما فوقها، كان ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين رجلاً، وأن اللاويين مطلقاً ذكوراً أو إناثاً، وكذا إناث سائر الأسباط الإحدى عشر مطلقاً، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد، ولو أخذنا عدد جميع بني إسرايل، وضممنا المتروكين والمتروكات كلهم بالمعدودين، لا يكون الكل أقل من ألفي ألف وخمسمائة ألف، أعني مليونين ونصف مليون، وهذه الأمم السبعة إذا كانت أكثر منهم عدداً وأشد منهم، فلا بد أن يكون عدد هذه الأمم، أكثر من عددهم .

فمن أين جاءتهم هذه القوة المزعومة ؟  ألم  يجمد الدم  فى عروقهم حين رأوا فرعون خلفهم وقالوا " إنا لمدركون " ؟  فهم لا يقصدون أنفسهم فهم كانوا فى التيه ثم مستعبدين لأهل بابل ثم الاسكندر فالرومان الخ  فمتى قاموا بتلك الحروب الجبارة ؟ ولكنهم يشرعون لأبناءهم ماعجزوا عن تحقيقه أو كانوا يحلمون به يوم أن كانوا  يجرون بالسلاسل إلى بابل  أو  روما إذن يجب أن نفيق لأن هذه النصوص لا أساس لها إلا فى أنفسهم وصدق الحق حين قال { وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ }  ال عمران 118

 وألف القسيس ( دقتركيث ) كتاباً ، في بيان صدق الإخبارات عن الحوادث المستقبلة المندرجة في كتبهم المقدسة، وترجمه القسيس ( مريك )  بالفارسية وسماه كشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل. وهذه الترجمة طبعت في أدن برج سنة 1846  من الميلاد وسنة 1262 من الهجرة. ففي الصفحة 26 من هذه الترجمة يقول: (علم من الكتب القديمة أن البلاد  المجاورة لليهود كان فيها قبل خمسمائة وخمسين سنة من الهجرة ثمانية كرورات) أي ثمانون مليوناً (من ذي حياة  فهل أمر اللّه بقتل ثمانين مليونا أو أكثر منها من ذي حياة.‏فى لحظة واحدة ؟!!!

والعجيب هو اتهامهم  المسلمين بالإرهاب  وساعدهم على ذلك صمت المسلمين وعدم مواجهتهم بمثل هذه النصوص ناهيك عن ما يحدث ويراه العالم راى العين فى أفغانستان والشيشان والعراق وما يحدث فى فلسطين ليس عن العالم ببعيد . إلا أنهم تركوا هذه النصوص وأقاموا الدنيا بالأيات التى تدعوا إلى الجهاد فى القرآن الكريم رغبة منهم أن يشغلونا بأنفسنا  أو  يبعدون عنهم وعن أفكارهم المسمومة .

                 8-  الجهاد فى القرآن الكريم

  والآن وبعدما وضحنا نقاط ضعفهم والتى كانوا لا يرغبون أن نفتح أعين الناس عليها نرى أنه من الواجب أن نوضح الفارق بين آيات الجهاد فى القرآن الكريم وبين نصوص الإبادة التى رايناها فى العهد القديم فلقد ذكر دكتور يوسف القرضاوى بحثا فى هذا الخصوص نذكره بشئ من التصريف والتعديل  :

فيقول : من قرأ القرآن مكيَّهُ ومدنيَّهُ ـ مائة وأربع عشرة سورة ـ لاح له بغير خفاء أن القرآن من أوله إلى آخره كتاب دعوة وحوار، خطاب للعقول، وإقامة للحجج، وتفنيد للشبهات، وبيان لحقائق الدين، ورد على أباطيل الخصوم، وإيضاح لآيات الله في الأنفس والآفاق. فهو كتاب هداية وبيان، كما قال تعالى: { إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيرا } ً (الإسراء : 9 )

ولهذا سماه الله نورا  { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } (النساء : 174 )كما أنه يتعامل مع المخالفين له بسماحة منقطعة النظير، يدعو على بصيرة، { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (يوسف : 108 )ويجادل بالتي هي أحسن { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (العنكبوت : 46 )

ويدفع بالتي هي أحسن { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } (الإسراء : 53 ). ويأمر بالصبر على أذى الخصوم{ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (آل عمران : 186 )، والصفح عنهم،{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ } (الحجر : 85 )

 { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الزخرف : 89 )   وترك أمرهم إلى الله يحكم بينهم يوم القيامة.{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (الحج : 17 )

كما يدعو إلى الدخول في السلم كافة، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } (البقرة : 208 ) والإعراض عمن تولى عن الدخول في الإسلام{ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } (النجم : 29 ) ولا يشرع القتال إلا لرد العدوان { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (الممتحنة : 8 )

وقتال من يقاتل المسلمين، أو يفتنهم عن دينهم، أو يعذب المستضعفين منهم ممن لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا { إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } (النساء : 98 )وإذا اضطر المسلمون إلى القتال فعليهم أن يلتزموا بآداب وأخلاق تقفهم عند حدود الله، فلا يقاتلون إلا من يقاتلهم، ولا يقتلون امرأة ولا وليدا ولا شيخا ولا راهبا في صومعته ولا فلاحا يحرث أرضه ولا تاجرا في متجره، ولا يخربون عامرا، فقال تعالى { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }(القصص : 77 )

إلا أن بنى إسرائيل تركوا كل هذا وقالوا إن الإسلام انتشر بالسيف وأن فى القرآن الكريم آية تسمى آية السيف . فأين هى ؟

فإذا استشهدت بقوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (البقرة: 256) قيل لك: نسختها آية السيف.

أو بقوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" (النحل: 125) قيل لك: نسختها آية السيف.

أو بقوله عز وجل: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله" (الأنفال: 61) قالوا لك: نسختها آية السيف.

أو بقوله تعالى: "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا" (النساء: 90) قيل: نسختها آية السيف.

أو بقوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم" (الممتحنة: 8) قيل: نسختها آية السيف!! حقا { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }  الحج 46

وإليك عزيزى القارئ موقفا من الصحابى الجليل عمر بن الخطاب رضى الله عنه مع العدو فى أرض القتال وأرجوا عزيزى القارئ أن تتذكر جيدا النصوص التى ذكرناها منذ قليل من العهد القديم والتى بينا فيها كيف شرع بنوا إسرائيل لأبنائهم ممعاملة الشعوب الأخرى من إبادة تامة وأذكر لك هذا النموذج لصحابى جليل  صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ودليلا على جميع الصحابة الذين جاءوا من بعده ومكنهم الله جل وعلا فى الأرض لترى الفارق بنفسك ولتردد معى ومع القرآن الكريم { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار }ِ (الحشر : 2 )

                 9- عهد سيدنا عمر بن الخطاب لأهل إيلياء
   { بسم اللّه الرحمن الرحيم }

       هذا ما أعطى عبد اللّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أماناً لأنفسهم وكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها، أنها لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينقص منها ولا من صلبانهم ولا شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم  ولا يسكن إيلياء أحد من اليهود،

وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعتهم وصليبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعتهم وعلى صليبهم حتى يبلغوا مأمنهم .   

ومن كان فيها من أهل الأرض، فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء رجع إلى أرضه وأنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد اللّه وذمته وذمة رسوله صلى اللّه عليه وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك من الصحابة رضي اللّه عنهم خالد بن الوليد رضي اللّه عنه وعمرو بن العاص رضي اللّه عنه وعبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه ومعاوية بن أبي سفيان رضي اللّه عنه)

وكل الناس يعترفون أن أمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه كان شديداً في الإسلام في غاية الشدة، وكان جهاد الشام من أعظم جهاداته وكان جاء بنفسه الشريف عند محاصرة إيلياء، ولما استولى على إيلياء وقبل المسيحيون الجزية ما قتل أحداً ولا أكره على الإيمان وأعطاهم شروطاً حسنة، وقد اعترف به مؤرخوهم ومفسروهم أيضاً،

                                10- رابعا:  هم  الجبناء  الضعفاء

إن ما سبق من نصوص فى العهد القديم إنما تدل على قوم أشداء جبابرة ولكن المذهل أننا حين نقرأ كتبهم ونغوص فيها نجدهم أجبن الناس فحين يرون من قوم شدة وبأس يحمد الدم فى عروقهم  ويقفوا مشدوهين لا يدرون كيف يتصرفون بل إنهم قد تنسيهم رؤية الأشداء أن يسألوا الله سبحانه أن يعينهم أو يأخذ بأيديهم .

وأكبر دليل على ذلك موقف سعدت حين وجدته عندهم كما هو عندنا فى القرآن الكريم ألا وهو موقفهم العجيب عندما أمروا بدخول الأرض المقدسة التى يتشدقون  بها وملاؤ الدنيا صراخا وعويلا أنها لهم وأنهم أمروا ووعدوا بدخولها والسكنى فيها إلا أنهم حين رأوا بأس أهلها انقلبوا على أعقابهم  وخذلوا نبيهم موسى عليه السلام ورفضوا دخولها .

فإليك عزيزى القارئ القصة من القرآن الكريم ومن العهد القديم لترى راى العين كم كانوا جبناء وضعفاء ولنعلم أننا إن جبنا وضعفنا عن حربهم ومقاومتهم فلنستحق إذن ما يحدث لنا وأكثر  فيقولون في العهد القديم أن الرب جل وعلا كان قد وعدهم بدخول الأرض المقدسة فقال لهم  :-"أنا الرب إلهكم الذي أخرجكم من تحت أثقال المصرين وأدخلكم إلي الأرض التي أقسمت أن أعطيها لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وأعطيتكم إياها ميراثاً،وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة تفيض لبناً وعسلاً"

ومع هذا حين جاءتهم الفرصة وأمروا بالدخول فإذا بهم ينقلبون  ويكشفون عن جبن وضعف لم يسبق له مثيل بل وبدت من أفواههم عبارات ما كان ينبغي أن تقال لنبي الله موسي عليه السلام ولا يجب أن تصدر من قوم أراد الله جل وعلا أن يفضلهم على عالمي زمانهم ونبدأ القصة:-

يذكر العهد القديم  أن موسي عليه السلام أرسل من كل سبط رجلاً يتكشفوا أحوال المدينة ليتعرفوا على ما بها وعلى أسوارها وعلى الأشخاص القاطنين بها ليعودوا إلي نبيهم موسي عليه السلام بالأسرار فيضعوا الخطة التي تناسبهم والتي يستطيعوا بها دخول المدينة ولتنفيذ أمر الله جل وعلا القائل لهم "ادخلوا وتملكوا الأرض التي اقسم الرب لآبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم"

ولكن الصاعقة أن هؤلاء الذين اختارهم موسى عليه السلام لهذه المهمة  حين رأوا قوة وشجاعة أهل المدينة عادوا مذعورين فقالوا لموسي عليه السلام"دعنا نرسل رجالاً قدامنا ليتجسسوا لنا الأرض ويروا لنا خبراً عن الطريق التي نصعد فيها والمدن التي نأتي إليها"فرد عليهم قائلاً:-" فأخذت منكم اثني عشر رجلاً رجلاً واحداً من كل سبط" 

إلا أن موسي عليه السلام طلب منهم أن يكتموا الأمر حتي لا يدخل الخوف قلوب بني إسرائيل وكان ينبغي أن يكونوا أمناء إلا أنهم قالوا "  فذهبنا إلي الأرض التي أرسلتنا إليها وحقا أنها تفيض لبناً وعسلاً وهذا ثمرها غير أن الشعب الساكن في الأرض متين وقوي والمدن حصينة عظيمة جداً وأيضاً رأينا بني عناق هناك العمالقة ساكنون في أرض الجنوب"

فلم يحفظوا الأمانة ولا العهد فسرعان ما أنتشر الخبر في القوم ودب فيهم الخوف والجبن حتي قالوا:-"وأما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا لا نقدر أن نصعد إلي الشعب لأنهم أشد منا فأشاعوا مذمة الأرض التي تجسسوها في بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لتجسسها هي أرض تأكل سكانها وجميع الشعب الذي رأينا فيها أناس طوال القامة وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة فكنا في أعينهم كالجراد وهكذا كنا في أعينهم.

ويحكي القرآن الكريم قول الحق جل وعلا على لسان موسى عليه السلام حين قال لهم  {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ }(المائدة : 21 )ولأن سيدنا موسي عاين قومه أكثر من مرة وجرب تباطئهم وخذلانهم وعصيانهم حذرهم أشد التحذير لأن الأمر هنا يختلف فلو أنهم رفضوا دخول الأرض المقدسة وعصوا أمر ربهم وجبنوا كعادتهم  فأين سيقيمون وهم مطرودون من مصر فأي أرض تأويهم إذن ؟

 فلم يبقي لهم إلا العراء والإقامة في الصحراء يعانون الأمرين بالإضافة إلي غضب الله جل وعلا وسخطه عليهم ولذا قال موسي عليه السلام"ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"المائدة /21

فبدلاً من الإذعان للأمر والخوف من العصيان والتعرض لغضب الله جل وعلا نجدهم يقولون "قالوا يا موسي إن فيها قوماً جبارين"المائدة 22 ولو قالوا ذلك وحسب لأعانهم الله جل وعلا ولساندهم سيدنا موسي عليه السلام وقال لهم وماذا فيها؟ وألم يقفوا موقفاً أصعب من ذلك فقد كانوا بين فرعون وجنوده والبحر وأمواجه ثم قالوا وقتها "إنا لمدركون" الشعراء  إلا أن نبي الله موسي عليه السلام استعان بالله جل وعلا فقال { قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} الشعراء 62  وهداه الله جل وعلا وأخذ بيده ونجاه من فرعون وجنوده.

ما المانع الآن من دخول الأرض المقدسة ؟  فإذا كان أهلها أقوياء ولا يستطيعون مواجهتهم فيلجئون إلي نبي الله موسي عليه السلام فيدعوا الله جل وعلا أن يعينهم ولكن يبدو أن بني إسرائيل كانوا من الضعف لدرجة اختلاط الخوف والجبن بدمائهم مما جعلهم يقولون دون تردد { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } المائدة24

 أرأيت عزيزي القارئ قوة بني إسرائيل المزعومة وتخيل أن هؤلاء هم الآباء وأصحاب نبي الله موسي عليه السلام فما بالك بالأحفاد فهم أكثر خواراً وجبناً .  إلا أننا نحن من قدم  لهم الفرصة فى  إحتلال أراضينا ونهب ثرواتنا وأموالنا والعجيب أنهم لا يريدون مواجهة لأنهم يعلمون أنه ليس باستطاعتهم ذلك وصدق الحق حين قال {   لايُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ }   الحشر 14

ولذا طلبوا من سيدنا موسي أن يخرج أهل المدينة أو لا حتي تصب ح خالية حينئذ يدخلون إذا ما الدور الذي قام به بنوا إسرائيل من أجل رسالة سيدنا موسي عليه السلام ؟  فعند البحر وقفوا مكتوفي الأيدي وبعد البحر طلبوا إلهاً آخر يعبدوه وعند غياب سيدنا موسي عليه السلام  لميقات ربه صنعوا عجلاً وعبدوه والآن يرفضون دخول الأرض المقدسة إذ فما الحسنات التي فعلوها والخير الذي قدموه رحم الله نبيه موسي عليه السلام كم تحمل من قومه .

وليس هذا فحسب بل حين أراد اثنان من الصالحين أن يذكروا أهلهم بفضل الله وبقدرته    وأن بيده ملكوت كل شيء وأن النصر من عنده سبحانه قائلين كما جاء في القرآن الكريم     { قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }  المائدة 23.

وهذان الرجلان هما يوشع بن نون  بن افرايم بن يوسف عليه السلام وهو المعروف عندنا      في القرآن الكريم بفتي موسي  { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}  الكهف60  والآخر وهو كالب بن يفتة ففهما القوم بأنه لم يطلب منهم إلا دخول باب المدينة فأرادوا أن ييسر الأمر ولم يذكرا قتالاً ولا مواجهة . فإن فعلوا ذلك غلبوهم بإذن الله ثم نصحوهم بأن يتوكلوا على الله حق توكله  تاركين الأمر له وحده جل وعلا.

وعن هذا يقول الكتاب المقدس:-"لكن كالب أنصت الشعب إلي موسي وقال أتنا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها".

ومع كل هذا أسفروا عن وجههم القبيح ونفوسهم المريضة قائلين "قالوا يا موسي إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت وربك "المائدة 24.

وليتهم إلي هنا وسكتوا لقلنا إنهم مصرون على خروج الآخرين أولا قبل الدخول إلا أنهم  من سفاهتهم وجهلهم قالوا "فاذهب أنت وربك فقاتلا  إنا  ها هنا قاعدون" المائدة 24 ولا حول ولا قوة إلا بالله إلي هذا الحد وصل بهم الضعف وللمرة الثانية يقولون لموسي "وربك" وكأنهم   لم يؤمنوا به بعد كل العون والنصر والتأييد والتسامح .

 ويؤكد العهد القديم  تمردهم ونكوصهم على أعقابهم فيقولون:-" فرفعت كل الجماعة صوتها وصرخت وبكي الشعب تلك الليلة وتذمر على موسى وعلى هارون جميع بني إسرائيل قال  لهما كل الجماعة ليتنا متنا في أرض مصر أو ليتنا متنا في هذا القفر ولماذا اتى  بنا الرب إلي   هذه الأرض لنسقط بالسيف وتصبح نساءنا وأطفالنا غنيمة أليس خيرا لنا أن نرجع إلي مصر حتي قال بعضهم لبعض نقيم رئيسا ونرجع إلي مصر"[2]

ولذا لم يطق سيدنا موسي عليه السلام هذا الهراء وهذا الجبن لأنهم في تمردهم على سيدنا موسي عليه السلام أولاً كانوا يتمردون بقسوة وشدة لولا ثبات سيدنا موسي عليه السلام لحدث ما  لم  يحمد عقباه  .

ولذلك توجهه موسي عليه السلام لربه هذه المرة لا ليدخلهم المدينة دون جهاد فهم لا يستحقون ذلك بل :{  قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }  المائدة 25ويذكر العهد القديم :-" فسقط موسي وهارون على وجهيهما أمام معشر جماعة بني إسرائيل ويشوع من نون وكالب بن يفته...إن سر بنا الرب  يدخلنا إلي هذه الأرض ويعطينا إياها".[3]

فكان الجزاء من جنس العمل لم يريدوا هم الدخول إلي الأرض المقدسة فحرموا منها إلي الأبد ولكن لم يحرموا وحدهم بل حرم أيضاً سيدنا موسي عليه السلام من دخولها فلم يشقوا وحدهم بل شقي معهم من دافع عنهم كثيراً فقال الحق جل وعلا { قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }  المائدة 26.

وأكد العهد القديم على هذا فقال:- إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي التي عملتها في مصر وفي البرية وجربوني الآن عشر مرات ولم يسمعوا لقولي لم يروا الأرض التي حلفت لآبائهم وجميع الذين أهانوني لا يرونها".[4]

وكلم الرب موسي وهارون قائلاً حتي متى  اغفر لهذه الجماعة الشريرة المتزمره على قد سمعت تذمر بني إسرائيل الذي يتذمرونه على فقل لهم:- لن تدخلوا الأرض التي رفعت بيدي لتسكنوا فيها ما عدا كالب بن يفتة ويشوع بن نون .[5]  كعدد الأيام التي تجسستم  فيها الأرض أربعين يوماً للسنة يوم تحملون ذنوبكم أربعين سنة [6]

وعن حرمان موسي عليه السلام من دخول الأرض المقدسة يقول الكتاب المقدس:-" وتضرعت إلي الرب في ذلك..لكن الرب غضب على ولم يسمع لي بل قال لي الرب كفاك لا تعد تكلمني أيضاً في هذا الأمر.[7]

هذا بعض ما حدث من أصحاب موسي عليه السلام وهم الذين عايشوه وشاهدو النور الذي أنزل معه ورأوا المعجزات رأي العين فكان ينبغي أن يكونوا أفضل أهل زمانهم كما أنهم من المفروض أن يكونوا قدوة للأجيال اللاحقة.

                            11-   خامسا :  بأسهم بينهم شديد

ذكرت فيما سبق  بعض مما فعله النصارى مع اليهود حين كانت الغلبة للنصارى والآن  أذكر لك عزيزى القارئ ما هو أعجب مما سبق ألا وهو كيف تعامل أبناء المسيحين مع  بعضهم  البعض لمجرد الإختلاف فى الطائفة فكانت لاتأخذهم بهم شفقة  ولارحمة .

 -ففي سنة 1724 وضع الملك لويس الحادي عشر ثمانية عشر قانوناً.
أولها: أننا نأمر أن المذهب الكاثوليكى وحده، المسموح به في مملكتنا، وأما الذين يتمسكون بديانة أخرى ومن باب أولى أى مذهب أخر فليذهبوا إلى الإعتقال طول حياتهم، والنساء فلتقطع شعورهن ويحبسن إلى الموت.
وثانيها: أننا نأمر أن جميع الواعظين الذي جمعوا جماعات على غير العقائد الكاثوليكية، والذين علموا أو مارسوا عبادة مخالفة لها يعاقبون بالموت (وكان من جملة رسوم إنجلترا تحت رياسة البابا أن كل من يقول أنه لا يجوز أن يسجد للايفونات يحبس في السجن الشديد حتى يحلف أنه يسجد لها، والأسقف أو القاضي الكنايسي له  سلطان أن يحضر إليه، أو يحبس كل من يقع عليه الشبهة أنه أرثوذكسى، والأرثوذكسى العنيد فليحرق بالنار قدام الشعب، وجميع الحكام فليحلفوا أنهم يعينون هذا القاضي على استئصال  أى أرثوذكسين بسلب أموالهم ويسلمون إليه، وتمحى خطاياهم بلهيب النار).
 
 وفي سنة 1206 رغماً عن الأمير رايمون وإلى مدينة ثولوس، أرسل البابا قضاة بيت التفتيش إلى تلك المدينة، لأن الأمير الديفنسو ملك أراجون فى أسبانيا كان قد أبى أن ينفي المخالفين   لهم فى المذهب.

 ثم بعد قليل أرسل ملك فرنسا بطلب البابا إلى تلك المدينة ونواحيها عسكراً، عدده ثلثمائة ألف، فحاصر الأمير رايمون في مدينته لأجل المحاماة عن نفسه، ولكي يدفع القوة بالقوة، فانذبح في ذلك القتال ألف ألف، وانكسر أهل رايمون وأحاط بهم كل صنف من الإهانات والعذابات،

وكان البابا في حركة هذه الحروب يقول لقومه: إننا نعظمكم ونحتم  عليكم أن تجتهدوا في ملاشاة  الطائفة الأرثوذكسية  الخبيثة وتطردوهم بيد قوية أشد مما يكون ضد  المسلمين..

وفي سنة  1400  من الميلاد في آخر شهر ديسمبر، قام أهل البابا بغتة على الأرثوذكسين في سردينيا، فهربوا من وجوههم بلا قتال، ولكن قتل كثيرون بالسيف وكثيرون ماتوا بالثلج، ثم أن البابا  الذى جاء بعده بسبع وثمانين سنة، كلف البرتوس أرشيديا كونوس في مدينة كريمونا أن يحاربهم في النواحي القبلية من فرنسا، وفي أوديابيت مونت، حيث بقي البعض منهم من الذين رجعوا بعد الحرب .

وفي السنة  نفسها  تقدم حالاً ومعه ثمانية عشر ألف محارب، وأقام تلك الحرب التي استمرت نحو ثلاثين سنة على المسيحيين الذين قالوا: نحن في كل وقت نكرم الملك ونؤدي الجزية، ولكن أرضنا وديانتنا التي ورثناها من اللّه ومن آبائنا لا نريد أن نتركها،

وفي كالابريا من بلاد إيطاليا سنة 1560 قتل  الكاثوليك الألوف من البروتستانتين، بعضهم قتل من العسكر وبعضهم من محكمة بيت التفتيش. قال أحد المعلمين الرومانيين: إنني أرتعد كلما اتذكر ذلك الجلاد والخنجر الدموي بين أسنانه والمنديل يقطر دماً بيده وهو متلطخ بيديه يسحب واحداً بعد واحد من السجن، كما يفعل الجزار بالغنم..

وأيضاً سنة 1655 وسنة 1676 تجددت الإضطهادات عليهم في أوديابيد مونت، لأن الملك لويس الرابع عشر بإشارة من البابا تقدم إليهم بجيشه، وهم في بيوتهم بغاية الطمأنينة، فذبح العسكر خلقاً كثيراً منهم، ووضعوا في الحبس أكثر من عشرة آلاف، فمات كثير منهم من الزحام والجوع، والذين سلموا أخرجوهم لكي ينزحوا من تلك البلاد، وكان ذلك اليوم شديد البرد والأرض مغطاة بالثلج. والجليد، فكان كثير من الأمهات وأولادهن في أحضانهن موتى على جانب الطريق من البرد..

 وكارلوس الخامس سنة 1521، أخرج أمراً في طرد البروتستانتين في بلاد فلامنك عن رأي البابا، وبسبب ذلك قتل خمسمائة ألف نفر.. وبعد كارلوس تولى ابنه فيلبس، ولما ذهب إلى إسبانيا سنة 1559، استخلف الأمير ألفاً على طرد البروتستانتين، والمذكور في أشهر قليلة قتل على يد الجلاد الملوكي الشرعي ثمانية عشر ألفاً، وبعد ذلك كان يفتخر بأنه قتل في كل المملكة ستة وثلاثين ألفاً،

وكان ( ملك فرنسا قد وعد بأخته لأمير نافار وهو من علماء البروتستانتين وأشرافهم، ثم اجتمع هو وأصدقاء أعيان كنيستهم في باريس لأجل استتمام الوعد بالزواج، ولما ضربت النواقيس لأجل الصلاة الصباحية، قاموا بغتة حسب اتفاقهم السابق على الأمير وأصحابه، وعلى جميع البروتستانتين في باريس، فذبحوا منهم للوقت عشرة آلاف . وهكذا جرى أيضاً في روين وليون وأكثر المدن في تلك البلاد، حتى قال البعض من المؤرخين أنه قتل نحو ستين ألفاً، واستمر هذا الإضطهاد مدة ثلاثين سنة، لأن البروتستانتين مسكوا سلاحهم لكي يدفعوا القوة بالقوة، ومات في هذا الحرب منهم تسعمائة ألف .

ولما سمع في رومية فعل ملك فرنسا في عيد ماربرثولماوس أطلقوا المدافع من الأبراج، وذهب البابا مع الكرديناليين ليرتل مزمور الشكر في كنيسة ماربطرس، وكتب شكراً وتعظيماً للملك على الخير والجميل الذي صنعه مع الكنيسة الرومانية بهذا العمل،

إن ما سبق هو ماقام به الكاثوليك ضد البروتستانت  فإليك ما قام به البروتستانت ضد الكاثوليك :
 وأنقل هذا الحال عن كتاب مرآة الصدق الذي ترجمه القسيس ( طامس  انكلس )  من العلماء الكاثوليك ، من الإنجليزية إلى أردو، وطبع سنة 1851 من الميلاد. ويوجد هذا الكتاب عند أهل هذه الفرقة في الهند كثيراً. في الصفحة 41 و 42

(سلب البروتستانت في إبتداء أمرهم ستمائة وخمسة وأربعين ثغرا ، وتسعين مدرسة، وألفين وثلثمائة وستة وسبعين كنيسة، ومائة وعشر مارستانات من ملاكها، فباعوها بثمن بخس وقاسمها الأمراء فيما بينهم، وأخرجوا ألوفاً من المساكين  عريانين من هذه الأمكنة). ثم قال في الصفحة 54: (امتد طمعهم أنهم ما تركوا الأموات أيضاً آذوا أجسادهم في نوم العدم ولكنهم سلبوا أكفانهم.
ثم قال في الصفحة 48 و 49: (وضاعت في هذه الغنائم كتبخانات ذكرها ( جيء بيل ) متحسراً بهذه الألفاظ: إنهم سلبوا كتباً واستعملوا أوراقها في الشواء، وفي تطهير الشمعدانات والنعال، وباعوا بعض الكتب على العطارين وباعة الصابون، وباعوا كثيراً منها ما وراء البحر على أيدي المجلدين، وما كانت هذه الكتب مائة أو خمسين، بل المراكب كانت مملوءة منها، وأضاعوها بحيث تعجب الأقوام الأجنبية، وإني أعلم تاجر اشترى كتبخانتين كلا منهما بعشرين ربية. وبعد هذه المظالم ما تركوا من خزائن الكنائس إلا جداراً عريانة، ثم ظنوا أنفسهم من أهل الوقار وملؤوا الكنائس من أناس من أهل ملتهم).

                  12- قوانين البروتستانت لإخوانهم الكاثوليك

 ولم يكتفوا بذلك بل فرضوا قوانين ظالمة غاية الظلم ومنها :

[1] لا يرث كاثوليكى تركة أبويه.
 [2]
لا يشتري واحد منهم أرضاً بعد ما يجاوز عمره ثماني عشر سنة إلا أن يصير بروتستانتى.
[3]
لا يكون لهم مكتب .
[4]
لا يشتغل أحد منهم بالتعليم ومن خالف هذا الحكم يحبس دائماً.
[5]
من كان من هذه الملة يؤدي ضعف الخراج .
[6]
إن صلى أحد من قساوستهم فعليه أداء ثلثمائة وثلاثين ربية من ماله، وإن صلى أحد منهم ولا يكون قسيساً فعليه أداء ربية ويسجن سنة .
[7]
إن أرسل أحد منهم ولده خارج إنجلترا للتعليم، يقتل هو وولده ويسلب أمواله ومواشيه كلها.
[8]
لا يعطى لهم منصب من الدولة .
[9]
من لم يحضر منهم يوم الأحد أو العيد في كنيسة بروتستانتية، تؤخذ منه مائتا ربية في كل شهر، ويكون خارجاً عن الجماعة، ولا يعطى له منصب .
[10]
من ذهب منهم بعيداً من لندن مسافة خمسة أميال، يؤخذ منه ألف ربية مصادرة.
[11]
لا يسمع استغاثة أحد منهم عند الحكام بحسب القانون .
[12]
ما كان أحد منهم يسافر أزيد من خمسة أميال، مخافة أن ينهب ماله ومتاعه، وكذا ما كان أحد منهم يقدر على الإستغاثة في أمر عند الحكام، مخافة أن يؤخذ منه ألف ربية مصادرة.
[13]
لا تنفذ أنكحتهم ولا تجهيز موتاهم ولا تكفين الموتى ولا تعميد أولادهم، إلا إذا كانت هذه الأمور على طريقة كنيسة إنجلترا.
[14]
إن تزوجت إحدى نساء هذه الملة، تأخذ الدولة من جهازها ثلثين، ولا ترث من تركة زوجها، ولا يوصي زوجها لها من تركته بشيء، ونساؤهم كن يحبسن إلى أن يعطي أزواجهن عشر ربيات في كل شهر أو يعطوا ثلث أراضيهم إلى الدولة .
[15]
ثم صدر الحكم عاقبة الأمر إن لم يصر كلهم بروتستانت يسجنون ثم يجلون من أوطانهم مدة حياتهم، وإن أبوا عن الحكم أو رجعوا من الجلاء بدون الأمر كانوا ملزمين بإلزام عظيم.
[16]
لا يحضر القسيس عند قتلهم ولا عند تجهيزهم وتكفينهم .
[17]
لا يكون السلاح في بيت أحد منهم .
[18]
لا يركب أحد منهم على حصان يكون ثمنه أزيد من خمسين ربية.
[19]
إن أدى قسيس منهم أمراً من الخدمات المتعلقة به يسجن دائماً.
[20]
القسيس الذي يكون مولده إنجلترا، ولا يكون من مذهب البروتستانت، إن أقام أزيد من ثلاثة أيام في إنجلترا يتصور أنه غدار ويقتل.
[21]
من أنزل القسيس المذكور على مكانه يقتل.
[22]
لا تقبل شهادة كاثوليكى في العدالة..

وقتل على هذه القوانين الظالمة في عهد الملكة اليصابات مائتان وأربعة أشخاص. كان مائة وأربعة منهم قسيسين والباقون من أهل الغنى، وما كان ذنبهم غير أنهم أقروا أنهم من ملة كاثوليك، ومات تسعون قسيساً وكبار آخرون في السجن، وأجلى مائة وخمسة أشخاص مدة حياتهم، وضرب كثيراً منهم بالسياط وصودروا وحرموا من أموالهم، حتى هلك عشيرتهم،

 وقتلت ميري المشهورة ملكة أسكات، وكانت بنت الخالة للملكة اليصابات، لأنها كانت  كاثوليكية.
ثم قال في الصفحة الحادية والستين إلى السادسة والستين: (حمل كثير من رهبانهم وعلمائهم بأمر الملكة اليصابات في المراكب، ثم أغرقوا في البحر. جاء  جنودها  إلى أيرلاند ليدخلوا الكاثوليك في ملة البروتستانت، فأحرقوا كنائس الكاثوليك وقتلوا علماءهم، وكان يصطادونهم كاصطياد الوحوش البرية، وكانوا لا يؤمنون أحداً وإن أمنوا أحد قتلوه أيضاً بعد الأمان، وذبحوا العسكر الذي كان في حصن سمروك وأحرقوا القرى والبلاد، وأفسدوا الحبوب والمواشي وأجلوا أهلها بلا امتياز لمنزلة  أو لسن . فمن الإرهابى إذن ؟
                            13-   سادسا :  تأصيلهم للكذب

 وفوق ما سبق ووضحناه من خبايا بنى إسرائيل ومن كتبهم المقدسة يبقى أن  أذكر خبيئة  ألا وهى" نقيصة الكذب" فنحن نرى أنها من النقائص بخلافهم فهم رأوا أنها من أهم المبادئ للوصول إلى ما يريدون فهم يؤمنون بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة .

بينما نحن المسلمين نؤمن بالصدق مهما كلفنا الأمر فالحق سبحانه وتعالى يقول  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }  التوبة 119والنبى صلى الله عليه وسلم حثنا على الصدق لأن الصدق من أهم وأسمى المبادئ التى نادى بها الإسلام فقال جل وعلا ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) واثنى سبحانه وتعالى على الصادقين فقال جل وعلا( { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}   الزمر 33 

 وحث النبى صلى الله عليه وسلم على الصدق فقال( عليكم بالصدق  فإن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) وحذر سبحانه وتعالى من الكذب فقال جل وعلا  { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}   الزمر 60وشدد النبى محمد صلى الله عليه وسلم على الكذب أيما تشديد فقال (  وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار لايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا )

بينما نرى كبيرا من كبار المسيحية والذى يعدونه رسولا ألا وهو بولس يقول ( إذا كان مجد الله قد إزداد بكذبى فلماذا تعدوننى كخاطئ )

وهذ بسبب ما أصله اليهود الأباء فى الكذب  فقد وضعوا منهجا عجيبا له  , والمذهل أنهم أفردوا قدرا كبيرا فى العهد القديم وفى قصة طويلة ليبينوا أن الكذب مسموح به مادامت الغاية نبيلة  فالصقوا بنبى الله يعقوب عليه السلام اتهامات نحن نؤمن أنه منها براء ولكن نذكر فقط ماقالوا ليعتبر قومنا وليعلم أن من كذب على الله جل وعلا وعلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين  فهم على غيرهم أقدر والمشكلة أن أصبح الكذب مبدأ هاما من مبادئ حياتهم وإن أعطوه أوصاف أخرى فهى جميعا أوصاف خداعة فالصدق ليس له إلا وجه واحد مشرق أما الكذب فله العديد من الوجوه وصدق الشاعر حين قال :

نحن اليواقيت خاض النار جوهرنا    ولم يهن بيد التشتيت غالينا

ولا يحول لنا صبغ ولا خلق         إذ تلون كالحرباء شانينا

وإليك عزيزى القارئ القصة كاملة من العهد القديم كما ذكروها ورايت أن من واجبنا الإسلامى الدفاع عن الأنبياء بالقرآن الكريم و أن نصحح  الأفكار واحدة تلو الأخرى

 فمن القضايا العجيبة التى تناولها العهد القديم  والتى تثير العديد من التساؤلات هى قضية نبى الله يعقوب عليه السلام فنحن المسلمين نؤمن بأن نبى الله يعقوب عليه السلام نبى من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأن الله سبحانه وتعالى وهبه النبوة وبشر جده إبراهيم عليه السلام بذلك فقال سبحانه وتعالى { فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً  *وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } مريم 49/50 

 بهذه الكلمات الراقية الهادفة وصلت لنا الرسالة بأن نبى الله يعقوب عليه السلام نبى بأمر من الله سبحانه وتعالى و آمنا بذلك  إلا أننا اصابتنا الدهشة حين اطلعنا على قصة نبى الله يعقوب فى العهد القديم وما اضافه الأحبار و الكهنه من أفعال وأحداث لا يقبلها  عقل ولا منطق  فذكروا أن النبوة آلت الى يعقوب عليه السلام بطريقة عجيبة فيزعمون أنه إحتال على والده  وكذب عليه لينل منه البركه والنبوة

  وتبدا قصة سيدنا يعقوب حين تزوج ابيه نبى الله إسحاق من سيدة اسمها رفقه وظلا فترة دون إنجاب إلى أن صلى نبى الله اسحاق إلى الرب جل وعلا أن يرزقه بذرية صالحة تتحمل معه الآمانه فقالوا (وصلى إسحاق إلى الرب لأجل امراته لأنها كانت عاقرا * فاستجاب له الرب فحبلت رفقه امراته)

وبعد شهور الحمل ) فلما كملت  أيامها لتلد  اذا فى بطنها  تؤامان فخرج الأول أحمر  كله  كفروة  شعر  فدعوا اسمه  عيسو  وبعد ذلك خرج  اخوه  ويده قابضة  بعقب عيسو فدعى اسمه يعقوب وكان إسحاق بن  ستين سنه لما ولدتهما )

 من هذا النص نفهم أن الابن الاكبر انما هو عيسو وبنوا إسرائيل يقدسون الابن الأكبر ويعرفون للبكر حقه وقدره حتى ولو كان ابن جاريه أوامراة مكروه فقالوا ) إذا كان لرجل  امراتان احداهما محبوبه والاخرى مكروهه  فانجبتا له بنين المحبوبه والمكروه  فلا يقدم ابن المحبوبه البكر على ابن المكروه البكر بل يوم يقسم  يعطى ابن  المكروهه  البكر ضعف ابن المحبوبه البكر لانه اول قدرته  له حق البكورية )

    وبناء على نصوصهم المقدسة فإن لعيسو النصيب الأكبر إلا انهم ذكروا  ان يعقوب عليه السلام تحايل على عيسو حتى اشترى البكوريه من اخيه  وليته  قدرها حق قدرها قال لاخيه ( بعنى اليوم حق بكوريتك فباع بكوريته ليعقوب ( لا ادرى كيف تباع البكورية وتتحول ومع هذا اشتراها بثمن بخس  ) فاعطى يعقوب  عيسو خبزا  وطبيخ عدس ( حقا إن هذا لشئ عجيب ولكن هذا ليس ببعيد على بنى إسرائيل فهم يريدون أغلى الأشياء بأقل تكلفه وبأرخص الأثمان بعدما يشعرون صاحبها بتفاهتها وعدم جدواها حتى يزهد فيها ويتنازل عنها بأى ثمن ولكنه لايدرك قيمتها إلا بعد فوات الأوان .

ويمضى العهد القديم فى سرد الأحداث فيذكر أن نبى الله اسحاق  لما كبر فى السن أراد أن يمنح ابنه الأكبر البركه ليصبح هو النبى من بعده حسب شرائعهم  فقالوا ( حدث لما شاخ اسحاق  وكلت عيناه عن النظر  انه دعا عيسو  ابنه الأكبر  وقال له  فالان خذ عدتك  واخرج الى  البريه  وتصيد لى صيدا جيدا  واصنع لى اطعمه  كما احب  واتنى بها لاكل حتى تباركك نفسى قبل ان اموت )

  وما هى علاقة الأكل بالمباركة وبالنبوة ؟ولكنها طبيعة بنى إسرائيل  الذين حاولوا ان يؤصلوا لابنائهم ان كل شى لابد له من مقابل  فلا يقدمون شيئا لأحد دون ان يبذل فيه الأخر قدر استطاعته ولكن لولم يستطع عيسو احضار الطعام أو تاخر هل تضيع البركة وتذهب النبوة سدى ؟

   هيا نرى ما حدث حين خرج عيسو ليحضر الصيد لابيه  حدث مالم يكن يتوقع وهو أن رفقه كانت تتصنت على اسحاقوكانت رفقه سامعه  اذ تكلم اسحاق  مع عيسو ابنه ورغم أن كليهما ابنائها إلا أنها سارعت الى ابنها يعقوب واخبرته الخبر بل ورسمت له خطة يستطيع بها ان يخدع اباه وان يسرق النبوة من اخيه فقالوا ) فاستدعت ابنها يعقوب  فقالت له اننى قد سمعت اباك  يكلم عيسو اخاك  قائلا  انت  تصيد  واصنع لى اطعمه لاكل واباركك امام الرب قبل وفاتى ثم يذكرون انهما وضعا خطة عجيبةفقالت   اذهب الى الغنم  وخذ لى  من هناك جديين  جيدين من المعزى  فاصنعهما اطعمة لابيك  كما يحب فتحضرها الى ابيك  لياكل  حتى يباركك قبل وفاته وحين واجهتهم مشكلة ألا وهى :

 أن يعقوب أملس بينما عيسو اخيه مشعر سأل امه ) قال يعقوب لرفقه هوذا عيسو  اخى رجل اشعر وانا رجل املس (الا ان رفقه) اخذت ثياب عيسو  ابنها  الاكبر  الفاخره  التى كانت عندها فى البيت  والبست يعقوب  ابنها الاصغر  والبست يديه  وملاسة عنقه  جلود جدى  المعزى واعطت الاطعمه  والخبز التى صنعت   فى يد يعقوب ابنها (  

  ثم يذكر العهد القديم  أن يعقوب دخل على ابييه وكذب عليه قائلا  ) قال يعقوب  لابيه  أنا عيسو  بكرك قد فعلت كما كلمتنى  قم اجلس  وكل  من  صيدى  لكى تباركنى نفسك )إلا ان نبى الله اسحاق كاد أن يدرك الاختلاف فى الاصوات ) فقال الصوت صوت يعقوب  ولكن اليدين يد عيسو)

   ولم يعرفه ) لان يديه  كانت مشعرتين  كيدى عيسو  اخيه فبارك ثم دعا له  قائلا )فليعطك الله من ندى السماء  ومن دسم الارض  وكثرة حنطه  وخمر يستعبد لك شعوب  وتسجد لك قبائل  كن سيدا  لاخوتك  ويسجد لك بنوا امك  ليكن لاعنوك ملعونين  ومباركوك  مباركين  (

حقا صدق الله حين قالغُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُوا )  المائدة /64

 لأن ما ذكروه من نصوص غاية فى الغرابة اذ  كيف تتصنت زوجة نبى الله اسحاق على الحوار الذى دار بين زوجها وبين ابنهما عيسو؟  ثم  كيف تفضل رفقه ابنها الأصغر على الاكبر مخالفة بذلك تعاليم شريعتها كما ذكرنا  وكيف تسول لنبى الله يعقوب  نفسه ان يسرق  النبوة  من اخيه عيسو ؟ ألم يدرك نبى الله اسحاق ما فعله ابنه يعقوب  وأين  أسرار النبوة اذن ؟

  وإن كان هذا أو ذاك فأين الله جل وعلا  هل رضى بما فعله يعقوب عليه السلام   ووافق عليه واقره وجعله نبيا بهذه الطريقه  اين هذا من حديث المعصوم صلى الله عليه وسلم ) من غشنا فليس منا   ( إذن بناء على ذلك فلا ينبغى أن يكون نبى الله يعقوب نبيا إن الكذب من شيم اللئيم   ولايليق بأحاد الناس فما بالك بالأنبياء  العظماء  ولاينبغى أن ينسب اليهم الكذب ولا الخداع  فكيف يجرؤ نبى الله يعقوب  على خداع والده حاشاهم ذلك

والأعجب من ذلك  أن بنى إسرائيل زعموا أن الرب جل وعلا تابع هذه المسرحيه الهزلية دون تدخل وترك الأنبياء  يكذبون وكأن قدر الله جل وعلا ليس له مكان  إنما أراد بنوا إسرائيل ان يؤصلوا لابنائهم بأن يعقوب عليه السلام هو الأولى بالرسالة  وحين ادرك ان الأمر الإلهى سيخطئه  تحايل حتى نال ما يريد رغم انف القدر.

  لقد أراد الأحبار والكهنه  أن يشوهوا صورة الأنبياء وسيرتهم أمام أبنائهم ليعلموهم ان (   الغايه تبرر الوسيله   وظهر هذا جليا  فى البروتوكول  الأول (  فقالوا   ان السياسة  لاتتفق مع الاخلاق  فى شى والحاكم المقيد بالاخلاق  ليس بسياسى بارع  وهو  لذلك غير راسخ  على عرشه  لابد لطالب الحكم  من الالتجاء  الى المكر  والرياء  فان الشمائل  الانسانيه  العظيمه   من الاخلاق  والامانه تصير رذائل فى السياسه )

  أين ما سبق من قول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ) إن الرائد لا يكذب أهله   (  فكيف يفترون على الله الكذب  ويبلغ بهم الهراء مبلغه  حتى يكذبوا على انبياء الله  بل ويسجلوا هذا الكذب فى كتاب ويسمونه  الكتاب المقدس فكيف ذلك ؟   

 نحن المسلمين نبرأ الى الله من هذا الهراء  لأننا نؤمن بان الله جل وعلا) أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ  (الانعام /124 كما أنه جل وعلا يعصم انبيائه من الوقوع فى الأخطاء فهم قدوة البشر  وصنعهم الله على عينه  والأنبياء يعلمون  (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّة )الزمر /60 ومن ثم فإن ما ذكروه  فى حق نبى الله يعقوب  لا نقبله  ولانؤمن به 

  وماذا على بنى إسرائيل  لو تركوا الأمور على ما هى عليه  فنبى الله يعقوب هو النبى  دون هذا الخداع و الكذب  ولكن كيف يعيش بنوا إسرائيل دون كذب أوخداع  فهم أهل الكذب والبهت  وكأنهم لايستطيعون العيش إلا فى هذه الأجواء الحالكة الظالمة  .

وليس هذا فحسب بل انهم بما ذكروه عن زوجة نبى الله اسحاق  وما قامت به من خداع  وتخطيط أرادوا ان يؤصلوا لأبنائهم أن المراة هى أساس كل الشرور فلو لم تتصنت رفقه ولم تخطط ما حدث هذا المكر والخداع  ونحن نؤمن بأن زوجة نبى الله اسحاق لا تقدم على مثل هذا الصنيع  فهى زوجة نبى وام  نبى  فلا ينبغى على سيدة تحيا فى  هذا البيت الطاهر ان تفعل هذا وتتسبب فى التفرقه بين ابنائها بل وتجعل من يحصل على النبوة يحصل عليها  بالسرقة والخداع وهى تعلم ان  هذا لايليق  بالأنبياء  وصدق الحق حين قال عن بنى إسرائيل ) يبغونها عوجا)

 ولقد تركت هذه الفكار اثرها على كتبة العهد القديم وهذا ما اكد لنا ان النصارى واليهود إنما هما وجهان لعملة واحدة فلا ينكر أحد أن الأنبياء هم صفوة الخلق على الإطلاق ويليهم فى الدرجة والمكانة حوارييهم واتباعهم فمن المعلوم ان الحق جل وعلا يختار النبى ويختار له اصحابه فهو جل وعلا أعلم بقلوب عباده .

 فمن المنطق ان يختار اصحابا أوفياء يتحملوا الأمانة مع النبى لأن هذا ما رايناه نحن المسلمين راى العين مع المعصوم صلى الله عليه وسلم  واصحابه رضوان الله عليهم وكذلك نؤمن بما سبقنا من الأمم ولا ادرى لماذا يحاول أهل الكتاب ان ينقصوا من قدر أنبياءهم ومن اتباعهم مع ان الحكمة تقتضى ان يرفعوا من قدرهم ليكون لابناءهم فيهم القدوة الحسنة .

وإلا فهم حقا ( يبغونها عوجا ) أو أنهم يربدون ليبنوا لأبناهم أنهم أفضل من الأنبياء ومن تابعيهم وراينا ان نسوق مثالين نحن لا نثق فيما ذكر فى حقهم ولكن بما انهم ذكروا فى كتبهم وتاثروا بالكذب الذى أرساه لهم الأباء فلا حرج أن أسرد حكايتهم حتى تعلم عزيزى القارى اننا لا نفترى عليهم ولذا اقولها للجميع مع القران الكريم (فاعتبروا ياولى الابصار )

إذن فلن يرتقى لدرجة صحابي أو حواري إلا أن يكون  متميز ذا خلق ومرؤة ودين يجعله نعم العون لنبيه, ودليلا على أن  النبى محمد صلى الله عليه وسلم  استطاع ونجح فى اختيار اصحابه فكانو جميعا على استعداد أن يضحوا بأرواحهم من أجله ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يتخلفوا عنه فى غزوة حتى كانو مثلا رائعا فى الصحبة حتى اثنى عليهم الحق جل وعلا فقال سبحانه وتعالى " محمد رسول الله والذين معه" وبقوله سبحانه وتعالى " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنه ورضوا عنه "

والقران الكريم أثنى على إتباع سيدنا عيسى عليه السلام إذ يقول الحق جل وعلا : { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }   ال عمران (52 )

وقد حث القرآن الكريم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا كأصحاب سيدنا عيسى عليه السلام وفى هذا يقول الحق جل وعلا :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ }  الصف 14

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي بعثه الله فى أمه قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .) مسلم (50 )

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عنى بنى إسرائيل ولا حرج ومن كذب على متعمدا فليتبواء مقعده من النار . البخاري رياض الصالحين 248/1350

     14-حوارى المسيح عليه السلام فى نظر بنى إسرائيل

وهذا ما نعتقده في إتباع كل نبي إلا أننا حين نقرا الأناجيل نرى أن أتباع سيدنا عيسى عليه السلام  لم يذكروا بشكل لائق فتذكر الأناجيل أن منهم الخائن وان منهم من تنكر لسيدة وقت المحنة ................. الخ .

أولا :- يهوذا الإسخريوطى

يعد يهوذا واحد من اتباع  المسيح عليه السلام  الذين يعرفون بتلاميذ المسيح عليه السلام الذين اختارهم وأعطاهم قوة وسلطانا لإخراج شياطين فتذكر الاناجيل أن المسيح عليه السلام جمع تلاميذه الإثنى عشر وأوصاهم " ودعا تلاميذه الإثنى عشر وأعطاهم قوة وسطانا على جميع الشياطين وشفاء المرضى [8]

من هذه الفقرة نفهم أن تلاميذ  المسيح عليه السلام في مناعة من الشياطين ولديهم قوة لشفاء المرضى إلا أننا فوجئنا بمن كتبوا الأناجيل يقولون أن يهوذا دخله الشيطان :" تتدخل الشيطان في يهوذا الذى يدعى الإسخريوطى  وهو من جملة الإثنى عشر " ([9] )

فماذا حدث ؟ هل السلطان الذى أعطاه  المسيح  عليه السلام لتلاميذه لم يكن محكما حتى استطاع الشيطان أن يتسرب إلى يهوذا ؟ أم أن المسيح عليه السلام لم يكن موفقا في اختيار أتباعه ؟

وحين أرادوا الخروج من هذا المأذق ذكروا أن  المسيح عليه السلام هو الذى تنبأ بأن يهوذا سيخون المسيح  عليه السلام وأنه سيسلمه إلى اليهود فيذكر يوحنا فى إنجيله بهذا الخصوص ان عيسى عليه السلام قال " الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمنى " ([10])

وحين سألو السيد المسيح عنه اجابهم " اجابة يسوع هو ذك الذى اغمس انا االقمة وأعطيه , فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطى  ([11])

وهذا التحلل والخروج من المأذق غير مقبول منطقيا اذ كيف يعلم المسيح ان يهوذا رجل خائن لا يؤتمن ثم يجعله احد  تلاميذه ويعطيه قوى وسلطانا لاخرج الشياطين

والعجيب انه رغم اعلان السيد المسيح امام الجميع ان يهوذا سيسلمه وسمع يهوذا بذلك لم ينتبه يهوذا ولم يرشده احد الى الصواب بل  ومضى يهوذا في ضلالة فيذكر لوقا في انجيله عن الخيانة التي قام بها يهوذا " فمضى يتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه اليهم ففرحوا وعاهدوه ان يعطوه فضه , فواعدهم وكان يطلب منهم فرصة ليسلمه اليهم "([12])

ويتابع لوقا خيانة يهوذا فيقول " وبينما هو يتكلم اذ جمع والذى يدعى يهوذا احد الاثنى عشر يتقدمهم فدنى من يسوع ليقبله فقال له يسوع " يا يهوذا ابقبله تسلم ابن الانسان " ([13])

ثم تحكى الاناجيل انه تم القبض على السيد المسيح إلا أن القرآن الكريم أكد  أن اليهود لم يستطيعوا الإمساك به لان الحق سبحانه تعالى رفع اليه السيد المسيح وجعل اليهود يمسكون بمن شبهه الله بالسيد المسيح وفى هذا يقول القران الكريم " { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}   النساء 157وهذا ما سنوضحه فيما بعد إن شاء الله .

ثانيا : بطرس :-

حين تقرا الاناجيل وتطلع على اعتراف بطرس بالسيد المسيح تشعر لأول وهلة ان بطرس سيكون من اكثر التلاميذ اخلاصا ووفاء لمعلمه الا اننا اصابتنا الدهشة حين قرانا تنكر بطرس للسيد المسيح وقت الشدة وتركه بمفرده

فتذكر الاناجيل عن اعتراف بطرس حين قابل السيد المسيح قائلا : " فأجاب سمعان بطرس فقال انت هو المسيح ابن الله الحى , فأجاب يسوع طوبا لك يا سمعان "([14])

ثم تذكر الاناجيل ان السيد المسيح عليه السلام بارك بطرس قائلا له " وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السموات وكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السموات " ([15])

بالإضافة الى ما سبق اصبح بطرس احد الاثنى عشر المقربين الذين باركهم السيد المسيح واختارهم ليحملوا الامانة فكان ينبغى على هؤلاء ان يضحوا بأرواحهم من اجل معلمهم.

والعجيب ان السيد المسيح تنبأ ان بطرس سيتنكر له يوما ما ، وحاول بطرس ان ينفى هذه النبؤة " فأجابه بطرس وقال له : " وان شك فيك الجميع فانا لا شك ابدا " ([16])

نلحظ من هذه الاجابة ان بطرس شديد الايمان بالسيد المسيح وانه على استعداد ان يقف بجواره ويفديه بروحه وبدمه الا ان السيد المسيح اكد له انه لن ينكره مرة واحدة بل ثلاث مرات قائلا " الحق اقول لك انك في هذه اليلة قبل ان  يصيح ديك تنكرنى ثلاث مرات " ([17])

ولقد تحقق ما قالة السيد المسيح رغم اصرار بطرس على انه لن يتخلى عن نبيه ومعلمه فتذكر الاناجيل انه حين حول اليهود القبض على السيد المسيح علية السلام وامسكوا ببطرس وسألوه عن السيد المسيح فاخبرهم بأنه لم يعرف السيد المسيح وتنكر له تماما  وقال اليهود :" ان لغتك تشبه لغته فأنت جليلى مثله" فكرر بطرس تنكره  فلما شددو عليه اخذ يسب ويلعن وفى هذا تقول الاناجيل " وفى الثالثة بدا يلعن ويحلف انى لا أعرف الرجل "([18]) وترك سيدة يواجه الصعاب وحدة وليت الامر ينتهى عند يهوذا وبطرس الا من كتب الاناجيل اظهروا اتباع السيد المسيح بشكل دنئ لا يليق باتباع نبى  ولا تدرى لماذا حاولو التقليل من شانهم 

                                         

                         15- سابعا : هم اللاجئون

بعدما راينا  من خبايا بنى اسرائيل مالم يكن ليخطر لاحد على بال بقى ان نذكر خصلة لو علمها قومنا وادركوها جيدا لعلموا ان بنى اسرائيل من الضعف بمكان وكانوا وما زالوا طوال تاريخهم لا يستطيعون التحرك او العمل وحدهم بل دائما يلجئون الى قوة يحتمون اليها ويركنون اليها ومن ثم اخبرهم الحق سبحانه وتعالى على لسان موسى عليه السلام لقومه

( ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا واتاكم مالم يؤت احدا من العالمين ) الا انهم لم يخالط الايمان بشاشة قلوبهم بعد ولم يدركوا النعمة التى كانوا فيها وهذا الذى جعلهم دائما يتصورون ان الرب جل وعلا يسكن فى وسطهم ويسير معهم ولم يتخيلوا الحياة بدون معين يرونه راى العين وبلغ بهم الخوف درجة جعلتهم لا يتصورون الحياة دون معين ومؤيد لهم ولذا وقعوا فى العديد من الأخطاء .

 فرايناهم وكاد الدم يجمد فى عروقهم حين ادركهم فرعون عند البحر  كما وجدناهم يطلبون من موسى عليه لسلام ان يصنع لهم الها يسير معهم ثم وجدناهم اتخذوا العجل الها لمجرد غياب موسى وذهابه لميقات ربه جل وعلا  ورغم العقوبة الرادعة التى حلت بهم بعد هذه الجريمة الا انهم مازالوا يسريون ويطلبون الها يسيرون خلفه اى ان كان هذا الاله: المال , الذهب ,  القوة العسكرية ,  الغدر ,  الخيانة ,  الجبن .  المهم ان يحيون اى حياة كما حكى القران الكريمعنهم حين قال ( ولتجدنهم احرص الناس على حياة ) فاليك عزيزى القارئ وباختصار سريع مشوار حياتهم بالنسبة لهذا الخصوص  

فزعموا ان الرب جل وعلا تفرغ لهم وكأنه لم يكن فى الكون غيرهم  أو أنهم على درجة إيمانيه تجعلهم دائما فى رعاية الله سبحانه وتعالى فذكروا ان الرب إنما كان يسير امامهم ليل نهار  ( وكان الرب يسير امامهم  نهارا  فى عمود سحاب ليهديهم  الطريق  وليلا فى عمود نار ليضى لهم  لكى يمشوا نهارا وليلا  ولم يبرح عمود السحاب  نهارا  وعمود النار ليلا  من امام الشعب )[19]

ارايت كيف افترى بنوا إسرائيل على الحق جل وعلا وزعمهم أنه سبحانه وتعالى كان يسير امامهم ونسى هؤلاء ان الحق جل وعلا لا يحيطه زمان ولا مكان فاى سحاب او اى نار هذه التى تستطيع احتواء جلال الله سبحانه وتعالى  ثم ما هو حال باقى الكون حين وجوده معهم فى سحاب او فى نار ؟ فمن يدبر امره اذن ؟

  إنما أراد الأحبار ان يؤصلوا لابناءهم انهم من الله جل وعلا بمكان لدرجة ترك فيها ملكه وملكوته ليسير معهم وليهديهم الطريق  وهذا وان لم يحدث فهو ليس فى صالحهم لان به دليل واضح ان بنى اسرائيل  بهم من الغباء والجهل ما يجعلهم يضلون عن سواء السبيل ان افتقدوا الدليل 

   ولما لا وهم بمجرد خروجهم من البحر فقال جل وعلا عنهم ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ الاعراف /138 وليس هذا فحسب  بل حين تاخر عليهم سيدنا موسىصنعوا لانفسهم  عجلا من ذهب وعكفوا على عبادته واضلهم السامرى (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِي  )   َطه/88

  أراد الأحبار والكهنه  أن يؤصلوا لابناءهم  ان يلجئوا دائما وابدا الى قوة عظمى يحتمون بها إذ أنهم لايستطيعون السير أو العمل بمفردهم  ونرى ذلك واضحا عبر التاريخ  فما من قوة عظمى إلا  وارتموا فى احضانها  يستفيدون من خيراتها ويحتمون بقوتها  فإن ظهرت قوة اخرى  يسارعون اليها  وكأنهم لم يكن بينهم وبين الأولى مودة ورحمه  فرايناهم فى أحضان روما قديما .ولكن حين فطن لهم الرومان  ساموهم سوء العذاب  فا ختباؤ فى الجحور .

  وحين جاء الإسلام ودعاهم لعبادة الله الواحد الأحد  صموا اذانهم  واستكبروا استكبارا  وناصبوه العداء  رغبة منهم فى القضاء عليه ولكن هيهات  انى لهم ذلك  وقد تكفل الحق جل وعلا بنصر الإسلام واهله فقال سبحانه وتعالى ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)الصافات 171/172/173

 ومع هذا سولت لهم انفسهم أن قريشا وهى أم القرى آنذاك  هى القوة العظمى  فانضموا إليها  لعلها تساعدهم فى القضاء على المسلمين ودفعهم هذا الى الكذب  فحين ذهب  كعب بن الاشرف ومعه وفد من اليهود الى قربش وهناك سالوهم سؤالا بديهيا كان من الممكن ان صدقوا الله ان ينجوا هم وقريش من العذاب الأليم فى الدنيا والاخر

فقالوا لهم ) ننشدكم الله هل تعلمون ادين محمد حق ام ديننا ؟ فقالوا لهم اخبرونا عن دينكم  فقالوا نحن نخدم البيت ومن يحج اليه ونفك العانى ونقرى الضيف فأجاب كعب بن الأشرف قائلا  إن دينكم خير من دين  محمد ولم يكتف بذلك بل عظم الهتهم هبل واللات وغيرهما وفيهم نزل  قول الحق جل وعلا  ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً  ) النساء/51     

    فظلوا يحتمون بقريش ويدفعونها إلى المهالك والى محاربة المسلمين وتم لهم هذا الأمر حين جاءت قريش وغطفان والأحزاب فى غزوة الخندق  ولكن الله سلم  ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً )  الأحزاب /125

بل وجرت عليهم الوبال  فقتل منهم من دبر لهذه المكيده واخرج الأخرون من المدينة  ثم كتموا انفاسهم لما راو مكانة المسلمين تعلوا بفضل الله جل وعلا  منتظرين اى لحظة ضعف  يستطيعون من خلالها السطو على المسلمين وكسر شوكتهم  ووجدوا فى المغول والصليبين بغيتهم فساعدوهم بكل ما لديهم من مال وعتاد ولكنهم باؤ بغضب من الله وابقى الله جل وعلا ما يسؤؤهم  فانتهى التتار  وقضى على الصليبين  بفضل الله سبحانه وتعالى

  وحين خمدت اوروبا  بعد الحروب الصليبيه  بالتالى خمدت جذوتهم  الى ان ظهرت بريطانيا  على مسرح الحياه  كقوة عظمى سرعان ما ارتموا فى احضانها  ولم تغرب شمس بريطانيا  الا بعد  ان  سرقت  قطعة من ارض العرب والمسلمين  واعطتها لليهود  يا سبحان الله من لايملك اعطى لمن لا يستحق

 وليس هذا فحسب  بل حين انتهى دور بريطانيا البطولى وظهرت امريكا  فسارع اليهود يقدمون فروض الولاء والطاعه حتى اصبحوا ابناء امريكا المدللين سبحان الله بعدما كانوا يسمون انفسهم ابناء الله اصبحوا ابناء الشيطان  ولما لا وقد حققت لهم امريكا مالم يحلمون به .

وامريكا مثلها مثل باقى الشعوب لها نهاية وصدق الحق حين قال ( انهم يرونه بعيدا ونراه فريبا ) فياترى ماذا سيفعلون حينها  فقد انتهت بريطانيا التى كان مضرب الامثال وكان يطلق عليها الامبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس  فقد غابت وظلت الشمس وان شاء الله ستذهب امريكا فى طيات النسيان فماذا اذن ؟  

وماذا حين يؤل الأمر إلينا نحن المسلمين فوعد الله لا يتخلفوَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ  ) الانبياء/105  واذكرهم بقول الله جل وعلا ) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  )  الجمعة/8   

فهم يهربون من مواجهتنا بمفردهم وانه لات لامحاله وصدق القائل "ان غدا لناظره قريب " لان الحق سبحان وتعالى يقول) وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ  (ال عمران  / 140وقتها ) وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ   ( الشعراء/227  

فزعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا لم يطق السير فى السحاب وفى النار  فطلب من موسى عليه السلام  ان يصنع له خيمة  ليحل بها  فقالوا " اخذ موسى  الخيمه ونصبها  له خارج المحله  بعيدا عن المحله  ودعاها خيمة الاجتماع  فكان كل من يطلب الر ب  يخرج  الى خيمة الاجتماع  التى خارج المحله  وكان عمود السحاب  اذا دخل موسى الخيمه  ينزل ويقف  عند باب  الخيمه ويتكلم الرب مع موسى  فيرى جميع الشعب  عمود السحاب ويكلم الرب موسى وجها لوجه  كما يكلم الرجل صاحبه "

فى هذا النص:  يزعم بنوا اسرائيل ان الرب جل وعلا حاشاه طلب من موسى ان يصنع له خيمه ليحل بها كيف ؟ وقد وسع كرسيه السموات والارض والعجيب ان الغرض منها ان من اراد الرب ذهب الى تلك الخيمه ذكروا ان موسى وضع الخيمه خارج البلدة التى يعيشون فيها فان دل ذلك فانما يدل على انه ليس ثمة مكان فيها يصلح للعبادة ومناجاة الرب سبحانه وتعالى    نحن لا ننكر  ان الرب جل وعلا كلم موسى تكليما ولكن ليس لدرجة ان يقال  كما زعموا  ان الرب كان يكلم موسى كما يكلم الرجل صاحبه  فتعالى الحق عن ذلك علوا كبيرا

نؤمن نحن المسلمين بان الله جل وعلا اقرب الى البشر من حبل الوريد ومن ثم فمن اراد ان يناجى الله جل وعلا فليناجيه فى اى وقت وفى اى مكان ) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِى) البقرة/186

   ومع هذا  هل حفظ بنوا اسرائيل للخيمة قدسيتها  كمكان يبتهلون فيه الى ربهم سبحانه وتعالى ؟ فقد كانت بمثابة المرشد لهم  فقالوا ) متى ارتفعت السحابه  عن الخيمه  كان بعد ذلك  بنوا اسرائيل  يرتحلون  وفى المكان حيث حلت السحابه  هناك كان بنوا اسرائيل  ينزلون(   فمعنى ذلك ان الرب جل وعلا لم يكن يفارقهم لا ليل ولا نهار ومع هذا لم يخشوا ربهم وارتكبوا الفاحشه علانية  لا فى البلدة بعيدا عن خيمة الاجتماع بل فيها فقالوا انه حين بلغ كبير الكهنه من السن عتيا وكان اسمه ) عالى (لم يستطع ان يردع ابناءه ولا ابناء بنى اسرائيل من الفاحشه ) وشاخ عالى جدا  وسمع بكل ما عمله بنوه  بجميع اسرائيل  وبانهم كانوا يضاجعون  النساء المجتمعات  فى باب خيمة الاجتماع ( 

فاذا ارتكب ابناء الكاهن  والذين يفترض فيهم القدوة  هذه الفواحش  فما بالك بباقى الشعب  فلا شك انهم  اشد فسادا واضل عن سواء السبيل  فسلط الله جل وعلا  عليهم  من يسومهم سوء العذاب ووقعوا سبايا  فى أيدى اعداءهم  وظلوا تحت الحصار  والإحتلال  فترة طويلة .

 ـ وحين من الله جل وعلا عليهم  بعبده داود عليه السلام واعاد لهم مكانتهم زعموا ان الرب جل وعلا طلب من داود مقابل هذا النصر والتاييد ان يبنى له بيتا فقد تعب من السير فى السحاب وفى الخيمه   حاشاه  فقالوا :  )  كان كلام الرب الى ناثان  قائلا  اذهب وقل لعبدى داود  هكذا قال الرب اانت تبنى لى بيتا لسكناى ؟ لانى لم اسكن فى بيت  مذ يوم اصعدت بنى اسرائيل  من مصر  الى هذا اليوم  بل كنت اسير فى خيمه وفى مسكن   ( وليس هذا فحسب  بل زعموا ان الرب جل وعلا  قطع عهدا مع داود  عليه السلام  قائلا ) هو يبنى بيتا لاسمى  وانا  اثبت كرسيه مملكته

    والعجيب انه مع هذا العهد وبعد هذا الرجاء وبعد تلك الشكوى لم يقم  داود ببناء البيت للرب جل وعلا وخروجا من هذا المازق  زعموا ان نبى الله سليمان عليه السلام  اراد ان يبنى  البيت عوضا عن ابيه فقالوا ) فارسل سليمان  الى حيرام  يقول  انت تعلم  ان داود  ابى لم يستطع ان يبنى  بيتا لاسم الرب  الهه  بسبب الحروب  التى احاطت به  حتى جعلهم الرب تحت بطن قدميه  وهانذا قابل على بيت لاسم  الرب الهى كما كلم الرب داود  ابى قائلا  ان ابنك الذى  اجعله  مكانك  على كرسيك هو يبنى البيت لاسمى   

 سرعان ما نقل بنوا اسرائيل  الوصيه من الاب الى الابن دون حرج  ومع هذا وبعدما  بذل سليمان عليه السلام كل جهده فى بناء البيت  لم يحافظ عليه بنوا اسرائيل  فعصوا الله سبحانه وتعالى  وارتكبوا من الاثام  الكثير حتى سلط الحق جل وعلا عليهم من هدم لهم هذا البناء  ومن ثم لم يعد لبنى اسرائيل مكان مقدسا يلجئون الى الله سبحانه وتعالى فيه  ولذا فنحن المسلمين نحمد الله جل وعلا  ان اكرمنا بفضله  وجعل لنا الارض مسجدا وطهورا لقول المعصوم صلى الله عليه وسلم : جعلت لى الارض مسجدا وطهورا فايما رجل ادركته الصلاة فليصل .. كما نحمد الله جل وعلا ان جعل لنا قبلة واحدة  فقال جل وعلا (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاس)   ِالمائدة/67    ثم امر المسلمين فى مشارق الارض ومغاربها بالاتجاه اليه فى الصلاة (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ)البقرة /144 ومن كرم الله سبحانه وتعالى  بالامه الاسلاميه ان جعل لها مقومات لم تتوفر لغيرها من الامم  وهى:-يؤمن جميع المسلمين بالله الواحد جل وعلا . للمسلمين دين هو افضل الأديان  ألا وهو الإسلام  الذى ارتضاه رب العالمين  فقال جل وعلا  :الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا  )ً المائدة/3

  يؤمن المسلمون بالقران الكريم الذى  اخبر عنه الحق جل وعلا (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ  )  الاسراء/9  مهما أصيب المسلمين من تفرق وشتات إلا أن لهم مواسم للطاعة تجمعهم وتذكرهم بانهم ماخلقوا ليتفرقوا  ومنه :الحج الى بيت الله الحرام بمكه .كما انهم يصومون شهر رمضان فى كل عام . إذن المسلمون لهم رب واحد ,وقبلة واحده , وقران واحد  ,وشهر للصوم واحد , وكعبة واحدة يحجون اليها فهذا دليل على ان مايمر به المسلمون اليوم من فرقة واختلاف انما هى سحابة صيف تنقشع عما قريب ويعودون الى سالف عهدهم والى كتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم  والغرب يرونه بعيدا ونحن بفضل الله نراه قريبا  فوعد الله جل وعلا لهذه الأمة الكريمة لن يتخلف فقال تعالى  (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الانبياء/105   وليس هناك على وجه الارض من هم اصلح واتقى من امة محمد صلى الله عليه وسلم فيكفيهم انهم الامة الوحيدة التى تسجد لله رب العالمين فى كل وقت وحين .

                                     

 

                                         

                                        

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                                          الفصل الثانى

                    مناقب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

1-المعصوم صلى الله عليه وسلم          2-مناقب أصحاب المعصوم صلى الله عليه وسلم

3-هم الفدائيون                             4-أبو بكر الصديق رضى الله عنه

5-فضائل الصديق رضى الله عنه           6-الصديق وضى الله عنه ويوم السقيفة

7-خلافة الصديق وضى الله عنه            8-وفاة الصديق رضى الله عنه

9-خالد بن الوليد رضى الله عنه وقصة إسلامه   10-غزوة مؤته

11-هدم العزى                             12-معركة اليرموك وبطولاتها

13-كرامات خالد بن الوليد              14-ثانيا هم ورثة الأنبياء

15-سيدنا : أبو هريرة                  16-شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة

17- مكانته بين الصحابة                 18-أراء الأئمة والعلماء فى أبى هريرةرضى الله عنه

19- ثالثا هم الحكماء                   20- سيدنا سعد بن معاذ رضى الله عنه

21-لم تأخذه فى الله لومة لائم           22-مكر بنى إسرائيل

23-الفتنة وإعتزال بعض الصحابة لها     24-رابعا : هم الطائعون

25-وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بوعده للأنصار 26-الهند وظهير الدين بابر

27-المولد والنشأة                 28-التوجه الى الهند

 تمهيد

1-المعصوم محمد صلي الله عليه وسلم

   لانى تناولت فى هذا الكتاب ماضى بنى إسرائل وبه من الهموم مالا يعلمه إلا الله وسنكمل فى نهاية الكتاب مايفعله بنوا إسرائيل بامتنا الحبيبة وبه من النكد والحزن ما لايدركه  إلا الله جل وعلا ولذا رايت أن اعطيك فرصة عزيزى القارئ أن تستنشق عبيرا رقراقا تطهر به انفك  وقلبك وتأخذ فرصة لإلتقاط الأنفاس

فلم تشهد الدنيا تواضعاً في غير مذلة كتواضع أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ولم تسمع الدنيا عن قوة في غير عنف إلا مع أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ولم تري الدنيا غني في غير بذخ ولا إسراف إلا في أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم

ولم تعهد الدنيا إمارة في غير جور إلا تحت إمرة أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ولم تعرف الدنيا قضاء فيه إنصاف للعدو قبل الصديق إلا قضاء أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ولم تشهد ميادين الحروب شجاعة وبسالة في غير تهور إلا مع أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ولم تري الدنيا رحمة بالبشر والحيوان والبيئة إلا في صحبة أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم فاستحقوا رضي الحق جل وعلا

فقال عنهم:-{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة100.

وهذه الأخلاق الحميدة التي تحلي بها أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ما هي إلا قطرة من فيض المعصوم محمد صلي الله عليه وسلم لأن الحق جل وعلا جمع فيه الصفات العلي التي توفرت في البشرية من لدن آدم عليه السلام إلي شخصه الكريم صلي الله عليه وسلم فقد كان للأنبياء مع إتصافهم بالكمال صفة يذكرون بها إذا ذكروا.

فجمع الحق جل وعلا  الصفات العظمي في انبياءه ووهبها لنبيه العظيم محمد صلي الله عليه وسلم ليكون رمزاً على مرأي ومسمع من الزمان فإذا وصف بعض الأنبياء بالصبر نجده صلي الله عليه صبر صبراً جميلاً على أذي قومه

وشاء الله جل وعلا أن يخلق محمداً صلي الله عليه وسلم لا ليكون أمة واحدة بل يوازي العالم اجمع فلقد جاء المعصوم صلي الله عليه وسلم إلي الدنيا بحسب ونسب لم يشاركه فيه أحد وقد مات أبوه وهو في بطن أمه حتي يكون فريداً في هذا النسب العظيم

 فيه توجت الأخلاق النبيلة والكرم والوفاء والشجاعة التي تحلي بها السابقين من أجداده بداية من أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام إلي جده عبد المطلب الذي نحر المائتى ناقة التي كان إبرهة قد استلبها ووزعها كلها في سبيل الله وأعلنها صريحة أن للبيت رب يحميه فتصرف عبد المطلب عن عزة وكرامة وإباء لم يسبق له مثيل فرأي أن شأن البيت اعظم من أن يحدث فيه إبرهة فوكل أمر البيت الحرام لله رب العالمين ولقد صدق الله جل وعلا ظنه فحمى  بيتة وأعلى ذكره ودمر إبرهة وجيشه بطريقة نكراء

 وشاء الله جل وعلا أن يولد المعصوم صلي الله عليه وسلم في هذا العام الذي أصبح علماً في كل الجزيرة بل وعلى مر التاريخ فكان تقدمه رائعة لميلاد حبيبه محمد صلي الله عليه وسلم ولقد نشأ محمد صلي الله عليه وسلم موضع اهتمام قريش فتسمي باسم لم يسبق أن سمي به احد من العرب قبله ووصفوه صلى الله عليه وسلم " بالصادق الامين "  

وسرعان ما عادت السيدة حليمة السعيدية تحكي قصصاً كالأساطير بما رأته من البركة والخير والنماء حين نزل هذا المولود المبارك صلي الله عليه وسلم أرضهم

وفي شبابه صلي الله عليه وسلم إمتاز بخلق نبيل ومرءوة وحكمة وعفة وطهور لم تعهد مكة له مثيل حتى قال أبو طالب حين خطب له السيدة خديجة رضي الله عنها"ثم أن هذا محمد ابن أخي لا يوزن به فتي في قريش إلا رجح عليه محمد نبلاً وخلقاً وحسباً ونسباً"

ولم ينكر أحد من الحضور وكانوا من أشراف مكة على أبو طالب ما قال بل والله الذي لا اله إلا هو لو قال أبو طالب لو وزن محمد صلي الله عليه وسلم بالعالم لفاق العالم كله نبلاً وخلقاً ولم لا وقد قال عنه ربه" فإنك بأعيننا"الطور 48

فلم تشهد مكة شاباً حسيباً ونسيباً ثم يمتاز بالطهر والعفة مثله فلم يشارك شبابهم اللهو والمجون ولم ينكروا عليه صلي الله عليه وسلم هجرانهم ولم ينهوه بل زادت ثقتهم به فلا خمر تذهب عقله ولا هوي يغير رأيه ولا أزلام تحجر على فكره و عهدو ه وفيا ً أميناً فأتمنوه على ودائعهم وأماناتهم.

ويكفي أن أنقذهم الله جل وعلا حين نجاهم من حرب طاحنة يوم اختلفوا في وضع الحجر الأسود فقالوا رضينا بالصادق الأمين حكماً فأصبح ذكر محمد صلي الله عليه وسلم ملْ الأسماع في مكة ومجالسها وفي بيوتها

 بل وربما ذاع صيته صلي الله عليه وسلم في الجزيرة معلنين اسم الرجل الشاب الحكيم الذي استطاع أن يحقن دماء القريش القبيلة العظمى أنذاك محط أنظار الجزيرة كلها.

وتوج الحق جل وعلا هذه الأخلاق الحميدة وهذا النسب الفريد بالنبوة فأصبح محمد صلي الله عليه وسلم فريداً حقاً في كل الزمان لأن نبؤته صلي الله عليه وسلم جاءت مهيمنة على الرسالات السابقة ومصدقة لها بل فرض الحق جل وعلا على الأنبياء الإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم"

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }  أل عمران 81.

فاق المعصوم صلي الله عليه وسلم السابقين وختم الله به الرسالات فلن يأتي بعده نبي وبهذا فاق اللاحقين فصدق فيه قول الإمام البوصيري:-

فاق النبيين في خلق وفي خلق      ولم يدانوه في علم ولا كرم.

وبين سيدنا حسان بن ثابت أن المعصوم صلي الله عليه وسلم لم يُخلق مثله في نبوة ولا في خلق فقال رضي الله عنه يوم انتقال المعصوم إلي جوار ربه:-

وما فقد الماضون مثل محمد        وما مثله حتي القيامة يفقد

ولبى النبي صلي الله عليه وسلم أمر ربه جل وعلا حين قال  { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}  "الشعراء 214وأخبره الحق جل وعلا بأنه صلي الله عليه وسلم سيلقي عناداً من قومه فقال له { وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ  }  المدثر 7

فأعلمه أن هذه الغاية الجليلة تستحق الصبر الجميل ثم طمأن الحق جل وعلا نبيه بأن عنادهم ليس طعناً في شخصه ولا شكاً  فيه او  فى  صدقه وإنما هو الحسد والحق قال { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}   الأنعام 33

 وليس هذا فحسب بل إنهم من فرط حسدهم أخبره الحق جل وعلا بقوله { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ }  القلم 51.

وسط هذه الزحامات من العناد والجدال والأقاويل التي نسبوها إلي شخصه الكريم صلي الله عليه وسلم طمأن الحق جل وعلا نبيه محمداً صلي الله عليه وسلم فأرسل إليه إشارات لا يفهمها إلا هو صلي الله عليه وسلم بأن الإسلام سيصل إلي الأفاق .

 وستسمع الدنيا كلها دعوته فأتي القدر برجال عظماء من كل فئات قريش فأتي الصديق رضي الله عنه وكأنه ينوب عنه فئة الأثرياء والتجار واتي حمزة بن عبد المطلب وعثمان بن عفان وجعفر بن أبي طالب من فئة الأشراف وهاتان هما الفئتان اللتان تعيشان في مكة فكان إيذاناً بدخول مكة يوماً ما في دين  الله

مما جعل النبي محمد صلي الله عليه وسلم يقول لجبريل عليه السلام يوم جاءه بملك الجبال ليطبق عليهم الأخشبين فقال"دعهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يقول  "لا اله إلا الله"

ثم أكرم الحق جل وعلا نبيه صلي الله عليه وسلم فألقي الإيمان في قلوب أبناء البلاد المجاورة فكان بلال رضي الله عنه ينوب عن الحبشة بل وأفريقيا كلها

 ثم صهيب الرومي نيابة عن سقوط الدولة الرومانية ودخولها في حوزة الإسلام وسلمان الفارسي  دلالة على دخول فارس وما بعدها في الإسلام ولذا أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه يوماً رغم الضعف الذي كانوا فيه فقال"لقد زوي الله لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ديني سيبلغ ما زوي لي منها"

ثم يتابع الناس الدخول في دين الله راضين مختارين حتي وقف مع الرسول صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع على عرفات ما يزيد على مائة وأربعة عشرة ألف رجل يقولون"لبيك اللهم لبيك ،لبيك لا شريك لك لبيك" فعلمهم أمور الدين واخذوا عنه صلي الله عليه وسلم مناسكهم حتي قال" تركتم على المحاجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك"

            2- مناقب أصحاب المعصوم صلى الله عليه وسلم

وهؤلاء الصحب الكرام لهم مواقف تفوق الوصف لا يجد الفرد أمامها من فرط  عظمتها إلا أن ينحني إجلالاً وإكباراً لهؤلاء الذين عايشوا الرسول صلي الله عليه وسلم وكيف اقتبسوا من نوره حتي ذابوا فيه صلي الله عليهم وسلم وأصبحوا جميعاً كجسد واحد .

وصدق فيهم وفيه صلي الله عليه وسلم قوله"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضواً تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي"

فكانوا مثلاً رائعاً في تطبيق هذا الحديث الشريف فلو قرأت سيرتهم العطرة ورأيت كيف كان الرسول صلي الله عليه وسلم يحنو عليهم ويشفق بهم ويستغفر لهم حتي قال عنه ربه جل وعلا { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا }  الأحزاب 6

وقال جل وعلا  { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } التوبة 128.

ورأيت كيف ساندوا الرسول صلي الله عليه وسلم وردوا عنه وضحوا بأرواحهم من اجله صلي الله عليه وسلم ولم يتوانوا لحظة في الدفاع عنه صلي الله عليه وسلم وعن الإسلام ولم يتخلفوا عنه في سرية أو في غزوة أو في تنفيذ أمر بل كانوا مثلاً عالية في طاعة الأمر حتي قال عنهم الحق سبحانه

{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}  البقرة 285.

ولم يصبروا على فراقه ولو للحظة ولما رأوا وهو صلي الله عليه وسلم كما قال عنه ربه جل وعلا "قد جاءكم من الله نور"فسطع عليهم من نوره فامتزجوا بأنواره حتي أصبحوا شموساً وأقماراً تنير الزمان والمكان بإيمانهم وصدقهم ونياتهم وعزيمتهم مما أذهل العالم وكما كانوا رجالاً ورسول الله بين  أطهرهم كانوا أيضاً رجالاً حين اسند  الأمر إليهم وحملوا أمانة الدعوة حتي قال عنهم صلي الله عليه وسلم

 "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"وليس هذا فحسب أشار إلي أن قدرهم لا يدانيه قدر فقال"الله الله في أصحابى فلو أنفق أحدكم مثل احد ذهباً لا يقابل مد أحدهم ولا نصيفه"

وأثني عليهم الحق جل وعلا فقال { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }  الفتح/29.

وقال جل وعلا عنهم { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا  } الأحزاب /23.

وكما تناولت بعض خبايا بنى اسرائيل رأبت أن اسرد بعضا من اوصاف اصحاب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لنري كيف تصرف أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم الذين كانوا في منعة وعزة وثمار ونعيم بعكس بني إسرائيل الذين كانوا في مذلة وشقاء وإستعباد .

 ومع هذا حين دخل الأنصار في حروب طاحنة ورمتهم العرب بقوس واحدة لم ينقضوا عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يتخلفوا ولم ينكصوا على أعقابهم ولم يتركوه وحده صلي الله عليه وسلم يواجهه الصعاب بل كانوا طوق نجاه له وكانوا يقولون نحورنا دون نحرك يا رسول الله صدورنا دون صدرك يا رسول الله فأصبحوا ولا غاية لهم إلا رضاء الله وحب  الله وحب رسوله صلي الله عليه وسلم فهيا نقترب من الصحب الكرام لنقتطف زهرات يانعة التي كانت وستظل يشار  إليها  بالبنان وسيظل عبيرها وشذاها على مر التاريخ لينهل منها كل جيل القوة والرحمة والعظمة في أبهي صورها :-

                            3-   أولا :  هم الفدائيون

لقد كان صحابة رسول الله على درجة من التضحية والفداء يندر أن ياتى الزمان بمثلها والرائع أنهم جميعا وكانهم خرجوا من مشكاة واحدة فإذا أردت التحدث عن أحدهم فلا تستطيع أن تميزه عن غيره لأنهم جميعا كانو ومازالوا مضرب الأمثال فى الشجاعة والفداء درجة باهى الحق جل وعلا بهم ملائكة السماء .

أتذكر عزيزى القارئ يوم بات على بن أبى طالب فى فراش المعصوم ليلة الهجرة وهو يعلم أن بالباب أربعون فارسا سينقضون بعد لحظات عليه  فكان الجزاء من جنس العمل فامر الحق سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام أن يقف عند رأس علىرضى الله عنه  وميكائيل عليه السلام  عند قدميه يحرسانه حتى الصباح  لفدائه لحبيب الرحمن محمد صلى الله عليه وسلم

أم اتحدث عن بلال رضى الله عنه  العبد الضعيف الذى ضحى بالإستقرار  ليعلن إيمانه بالله جل وعلا وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم  أم اتحدث عن أول سفير فى الإسلام الذى ضحى بنعمائه وسرائه وعطره الذى كان يعرف به بين شباب مكة وتحمل أمانة الدين وحده لينشرة بين أهل المدينة  أم نتحدث عن سلمان الفارسى الذى ضحى بسلطانه وتعرض للعبودية والمذلة ليشهد أنوار النبوة أم عن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى نصر الله به الدين وأعلى به كلمة الاسلام

ففى الوقت الذى ملأ فيه أهل الكتاب كتبهم المقدسة بالعديد من المواقف التى يندى له الجبين فما راينا من اتباع أنبيائهم إلا غدرا أو خيانة  كما راينا من يهوذا الإسخريوطى وبطرس ناهيك عن ما ذكره أهل الكتاب عن اتباع الأنبياء وأبناء الأنبياء والكهنة ووقوعهم فى الفاحشة  نجد كتب التاريخ الإسلامية وغير الإسلامية تشهد لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم  بالفداء والتضحية وحب نبيهم ودينهم حبا منقطع النظير .

والحق إن ظللنا نتحدث هكذا فلن ننتهى لأن الحديث عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضوان الله عليهم  يطيب له القلب والوجدان لدرجة يصعب عليك  أن نقف عن الحديث عنهم  وإننى لفى حيرة أى هؤلاء الصحب الكرام أتحدث عنه كمثال أبينه لأهل الكتاب ليعلموا وليروا الفارق بيننا وبينهم فنحن نجل أسلافنا وندافع عن  سيرتهم بكل غال ونفيس ورايت المخرج أن أستاذن من الصحب الكرام جميعا وأتحدث عن رجل لا يختلف عليه اثنان لا منا ولامنهم  ولو أخبرناهم بمن نبدأ لأشاروا جميعا إليه من قال عنه على بن ابى طالب " رضيك رسول الله لديننا أفلا نرضاك لدنيانا " ومن قبل الفاروق عمر بن الخطاب رأسه بعد حروب الردة وقال لولا أنت لهلكنا "  ألا وهو الصديق رضى الله عنه  .

                   4- أبو بكر الصديق رضى الله عنه  :

إنى أقترب على إستحياء شديد لأننى سأتحدث عن رجل له من الفضائل مالا يعد ولا يحصى فهل أبدا بسابقته فى الإسلام بشكل راق ومتحضر حتى قال عنه صلى الله عليه وسلم ما دعوت أحدا للإسلام إلا وجدت عنده كبوة إلا أبا بكر فلم يتردد لحظة . أم أبدا بحبه لرسول الله الذى ملك عليه وجدانه لدرجة أن رسول الله سأل أصحابه يوما ماذا تحبون من أمر الدنيا فقال أبو بكر أحب لأجلك ثلاثا يارسول الله " أحب الجلوس بين يديك والنظر إليك وإنفاق مالى عليك " وإليك بعضا مما عرف به رضى الله عنه :

              5- مكانته عند رسول الله صلى الله عليه و سلم

  قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً". رواه البخاري ومسلم.

وعن عمرو بن العاص: أن النبي عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟  فقال: عائشة.

فقلت: من الرجال؟  فقال: أبوها.

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : ‏كنت جالسا عند النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏إذ أقبل ‏‏أبو بكر‏ ‏آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-: ‏‏أما صاحبكم فقد ‏‏غامر ‏‏

فسلم وقال :( إني كان بيني وبين ‏‏ابن الخطاب ‏ ‏شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك

فقال :( يغفر الله لك يا ‏أبا بكر ‏)  ثلاثا ،

ثم إن ‏عمر ‏ندم ، فأتى منزل ‏أبي بكر ‏، ‏فسأل :( أثم ‏أبو بكر ‏)    فقالوا :( لا )

فأتى إلى النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏فسلم ، فجعل وجه النبي‏ -‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏يتمعر ، حتى أشفق ‏‏أبو بكر ،‏ ‏فجثا ‏‏على ركبتيه فقال :( يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )

فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم-:( ‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال ‏ أبو بكر‏ ‏صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )  مرتين فما أوذي بعدها

                          6- فضائل الصديق رضى الله عنه

وعن أبي هريرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟  قال أبو بكر: أنا.

قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟  قال أبو بكر: أنا.

قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟  قال أبو بكر: أنا.

قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟  قال أبو بكر: أنا.

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة"

 وعن أبي هريرة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان على حِرَاء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير. فتحركت الصخرة فقال النبي عليه السلام: "اهدأ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد" رواه مسلم.

وعن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اقتدوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه الترمذي.

وعن ابن عمر: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأبي بكر: "أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار" رواه الترمذي.

والحق إن حياة أبى بكر جميعها فى حاجة إلى مجلدات فصفحات لا تكفى ولذا رايت أن  أركز على ثلاث مواقف :

الأول يوم الهجرة  والحق إن كل مواقف هذا الرجل الكريم مواقف مشرفة ويندر أن ياتى الزمان بمثلها  وبلغ حبه وإيمانه بالله وبرسوله درجة فاقت الجنميع وكان الجزاء من جنس عمله فأحبه الله ورسوله ولذ حين أراد الهجرة وأخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم بذلك قال له رسول الله تمهل لعل الله يجعل لك صاحبا فتمنى أن يكون الصاحب هو رسول الله  .

وهذه مكرمة قل وجودها أن يصحب الرسول فى هذه الرحلة المباركة  وكأن الله سبحانه أراد أن يعده ليوم شديد مثل ذلك اليوم وليرى أنه لو أرادت الدنيا بأسرها أمرا وأراد الله أمرا      لا يكون إلا ما أراده الله سبحانه وأن الله جل وعلا يحول بين المرء وقلبه . وإذاكان المؤمن على يقين من نصر ربه له  ومن عقيدتة فليفعل العالم مايشاء فإنهم لا يحركون ساكنا ويكون صاحب الحق كالجبل الأشم  وقد كان .كما سنوضح بعد قلبل إن شاء لله . نعود ليوم الهجرة

هجرته مع رسول الله صلى الله عليه و سلم

ولما كانت الهجرة جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: قد أذن الله لي في الخروج .

قالت عائشة: فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح،

ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة  أيام. وأن رسول اللّه لولا ثقته التامة بأبي بكر لما صاحبه في هجرته فاستخلصه لنفسه. وكل من سوى أبي بكر كان قد هاجر وفارق رسول اللّه، ولذا سماه اللّه تعالى فى قرآنه الكريم "ثاني اثنين".

  أقام أبو بكر رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام؛ قال اللّه تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}.

قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت: "هل قلت في أبي بكر شيئاً؟" فقال: نعم.

فقال: "قل وأنا أسمع".

 فقال:

وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف العدوّ به إذ صعَّد الجبلا

وكان حِبِّ رسول اللّه قد علموا * من البرية لم يعدل به رجلاً

 فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه، ثم قال: "صدقت يا حسان هو كما قلت".

                            جهاده بنفسه و ماله

كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يكرمه ويجله ويثني عليه في وجهه واستخلفه في الصلاة، وشهد مع رسول اللّه بدراً وأُحداً والخندق وبيعة الرضوان بالحُدَيبية وخيبر وفتح مكة وحُنَيناً والطائف وتَبوك وحَجة الوداع. ودفع رسول اللّه رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر وكانت سوداء، وكان فيمن ثبت معه يوم أُحد وحين ولَّى الناس يوم حنين. وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله.

وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون في اللّه تعالى وهم: بلال، وعامر بن فهيرة، وزِنِّيرة، والنَّهديَّة، وابنتها، وجارية بني مؤمّل، وأم عُبيس.

وكان أبو بكر إذا مُدح قال: "اللّهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم. اللّهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون".

قال عمر رضي اللّه عنه: أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي. فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئت بنصف مالي.

فقال: ما أبقيت لأهلك؟

قلت: مثله.

وجاء أبو بكر بكل ما عنده.

فقال: يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟

قال: أبقيت لهم اللّه ورسوله. قلت: لا أسبقه إلى شيء أبداً.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما نفعني مال أحد قطُّ ما نفعني مال أبي بكر"

فبكى أبو بكر وقال: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه.

ونزل فيه وفي عمر: {وَشَاوِرْهم في الأمر} فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكان يشاوره في أموره كلها.

                                           7-  الصديق ويوم السقيفة

تحكى كتب السيرة أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة . واعتزل علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة . وانحاز المهاجرون إلى أبي بكر وعمر ومعهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل . فأتى آت إلى أبي بكر وعمر فقال إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه . فإن كان لكم بأمر الناس من حاجة فأدركوا الناس قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق أهله دونه الباب . فقال عمر لأبي بكر . انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار ، حتى ننظر ما هم عليه .

قال ابن إسحاق : وكان من حديث السقيفة أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن محمد بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال أخبرني عبد الرحمن بن عوف - وكنت في منزله بمنى أنتظره وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر - قال فرجع عبد الرحمن من عند عمر فوجدني في منزله بمنى أنتظره وكنت أقرئه القرآن . فقال لي : لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال هل لك في فلان ؟ يقول والله لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت .

فغضب عمر وقال إني - إن شاء الله - لقائم العشية في الناس فمحذرهم من هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم . قال عبد الرحمن فقلت لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس . وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها أولئك عنك كل مطير ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم المدينة . فإنها دار السنة وتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا ، فيعي أهل الفقه مقالتك ، ويضعوها على مواضعها .

 فقال عمر أما والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة . قال ابن عباس : فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة . فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حذوه تمس ركبتاه ركبتيه . فلم أنشب أن خرج عمر .

فقلت لسعيد ليقولن الساعة على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف . فأنكر علي ذلك . وقال ما عسى أن يقول مما لم يقل قبله ؟ فجلس على المنبر .

فلما سكت المؤذن قام . فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها . ولا أدري : لعلها بين يدي أجلي ؟ فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته . ومن خشي أن لا يعيها ، فلا أحل لأحد أن يكذب علي .

 إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب . فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها . وعقلناها . ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده . فأخشى - إن طال بالناس زمان - أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله . وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى ، إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف .

 ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من الكتاب " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم - أو كفر لكم - أن ترغبوا عن آبائكم " إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم . فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا . فلا يغترن امرئ يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت .

 ألا وإنها والله قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها . وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر . فمن بايع رجلا عن غير مشورة المسلمين . فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا . إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم –

 أن الأنصار خالفونا ، فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة . وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما . واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر . فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار .فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان . فذكرا لنا ما تملأ عليه القوم .وقالا لنا : أين تريدون يا معاشر المهاجرين ؟ قلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا : لا عليكم ألا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم . قال قلت : والله لنأتينهم .

فانطلقنا ، حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة . فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت : من هذا ؟ قالوا : سعد بن عبادة . قلت : ما له ؟ قالوا : وجع . فلما جلسنا نشهد خطيبهم . فأثنى على الله عز وجل بما هو له أهل ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام .وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا .وقد دفت دافة من قومكم . قال وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ، يغتصبونا الأمر .

فلما سكت أردت أن أتكلم - وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر . وكنت أداري منه بعض الحد .

فقال أبو بكر على رسلك يا عمر فكرهت أن أعصيه . فتكلم - وهو كان أعلم مني وأحكم وأحلم وأوقر - فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو أفضل . حتى سكت .

فقال أما بعد فماذا ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل . ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش . هم أوسط العرب نسبا ودارا . وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين . فبايعوا الآن أيهما شئتم . فأخذ بيدي ، وبيد أبي عبيدة عامر بن الجراح - وهو جالس بيننا - فلم أكره شيئا مما قال غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر .

قال فقال قائل من الأنصار : جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش . قال فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشينا الاختلاف .

فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر . فبسطها ، فبايعته . ثم بايعه المهاجرون . ثم بايعه الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة .

 

8- خلافته

وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر رضى الله عنه بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع إليها ،

وبعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة، صعد المنبر وقال بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه:

"أيها الناس قد وُلِّيت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكَذِب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء اللّه تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم اللّه بالذل، أطيعوني ما أطعت اللّه ورسوله فإذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم رحمكم اللّه".

فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل، مع التواضع والفضل، والحث على الجهاد لنصرة الدين، وإعلاء شأن المسلمين.  دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له :( يا عمر لا حاجة لي في امارتكم فرد عليه عمر :( أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك)

                                      حروب الردة

بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ؟!

فقال أبو بكر : الزكاة حقُّ المال

وقال : والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها .

ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين .

جيش أسامة

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم قد وجه- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا : يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!

فقال : والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الإرتداد إلا قالوا :( لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم ) فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام

                     

                                         جيوش العراق والشام

ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة إلى الشام وخالد بن الوليد إلى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام .

                                  استخلاف عمر

عقد أبو بكر في مرضه الذي توفي فيه لعمر بن الخطاب عقد الخلافة من بعده، ولما أراد العقد له دعا  عبد الرحمن بن عوف. فقال: أخبرني عن عمر.

فقال: يا خليفة رسول اللّه هو واللّه أفضل من رأيك فيه من رجل، ولكن فيه غلظة.

فقال أبو بكر: ذلك لأنه يراني رقيقاً ولو أفضى الأمر إليه لترك كثيراً مما هو عليه. ويا أبا محمد قد رمقته فرأيتني إذا غضبت على الرجل في الشيء، أراني الرضا عنه، وإذا لنت أراني الشدة عليه، لا تذكر يا أبا محمد مما قلت لك شيئاً. قال: نعم.

ودخل على أبي بكر طلحة بن عبيد اللّه. فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بهم، وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك؟

فقال أبو بكر وكان مضطجعاً: أجلسوني. فأجلسوه. فقال لطلحة: "أباللّه تفرقني أو باللّه تخوفني، إذا لقيت اللّه ربي فساءلني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك"؟.

وأشرف أبو بكر على الناس من حظيرته وأسماء بنت عميس ممسكته موشومة اليدين وهو يقول:

"أترضون بمن أستخلف عليكم فإني واللّه ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا

فقالوا: "سمعنا وأطعنا".

دعا أبو بكر عثمان خالياً. فقال له: اكتب: "بسم اللّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد به أبو بكر ابن أبي قحافة إلى المسلمين. أما بعد" ثم أغمي عليه فذهب عنه. فكتب عثمان: "أما بعد فإني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيراً"

ثم أفاق أبو بكر فقال: "اقرأ عليَّ فقرأ عليه فكبَّر أبو بكر وقال:

"أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي".

قال: نعم. قال: "جزاك اللّه خيراً عن الإسلام وأهله" وأقرها أبو بكر رضي اللّه عنه من هذا الموضع. فأبو بكر كان يرى ويعتقد أن عمر بن الخطاب خير من يتولى الخلافة بعده مع شدته. والحقيقة أنه كان كذلك.‏                                

                                           9- وفاته رضى الله عنه :

قيل: إنه اغتسل وكان يوماً بارداً فاصابته الحمى خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة فأمر عمر أن يصلي بالناس .

ولما مرض قال له الناس: ألا ندعو الطبيب؟ فقال: أتاني وقال لي: أنا فاعل ما أريد، فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات.

وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن وأن يكفن في ثوبيه ويشتري معهما ثوب ثالث. وقال: الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصَّديد..

وإن قيل بأن هذا هو الصديق إن لم يقم هو بهذا وأكثر فمن ؟  نقول نعم  ولكن كما أخبرتك عزيزى القارئ أشر على أى صحابى فإذا به نجم لا يدانيه نجم فهيا نقترب عزيزى القارئ  من الصحابة رويدا لترى أول صحابى تقع أعيننا عليه نتحدث عنه من  هذا ؟  إنه  سيف الله المسلول  الله اكبر  إنه خالد بن الوليد رضى الله عنه .

من أجمل الدروس التى تعلمها الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حسن الظن بالله  وثقتهم بالله جل وعلا  فعلمهم الرسول قول الله جل وعلا ( أنا عند ظن عبدى بى ) فمن يظن فى الله النصرة ينتصر . ألم تقرأ قول الحق سبحانه { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ }  القمر  10   ألم تقرأ قول الحق سبحانه عن العبد الصالح { فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }  غافر 44  ونحن الأن مع مواقف قأدها خالد بن الوليد كانت ولا تزال مضرب الأمثال لأنها غاية فى الإعجاب والتوفيق وجميعها  تفوق الوصف والعد .

ولما لا وهو يعلم ويؤمن ويقرأ قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة 111وكذلك كل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذ ا كان جهاد رأيتهم فى المقدمة  أشاوس يخشاهم العدو لأنه مادام الأمر لله وجدتهم يواجهون بشرف وكرامة وقوة وإليك عزيزى القارئ نبذة سريعة عن حياة خالد بن الوليد رضى الله عنه :

10-خالد بن الوليد

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي، أبو سليمان، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب... كان إسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير).

قصة إسلامه

وتعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ودخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)... فقال الوليد: (يأتي به الله)

فقال النبي: -صلى الله عليه وسلم-: (ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره)... فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده، فترك له رسالة قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك، ومثل الإسلام يجهله أحد؟!... وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد - وذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه - ثم قال له: فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه، فقد فاتتك مواطن صالحة) .

وقد كان خالد -رضي اللـه عنه- يفكر في الإسلام، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا، وأعجبه مقالة النبـي -صلى اللـه عليه وسلم-فيه، فتشجع و أسلـم... 

الحلم الذى رأه :

ورأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة، فخرج إلى بلد أخضر واسع، فقال في نفسه: (إن هذه لرؤيا) فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له: (هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك ).

الهجرة إلى المدينة المنورة :

يقول خالد  رضى الله عنه عن رحلته من مكة إلى المدينة: (وددت لو أجد من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال: (مرحبا بالقوم)... قلنا: (وبك)... قال: (أين مسيركم؟)... فأخبرناه، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان).

قدومه رضى الله عنه المدينة 

فلما رآهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: (رمتكم مكة بأفلاذ كبدها)... يقول خالد: (ولما اطلعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وحينها قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحمد لله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك إلا إلى الخير)... وبايعت الرسـول وقلت: (استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه)... فقال: (إن الإسلام يجـب ما كان قبله)... فقلت: (يا رسول الله على ذلك)... فقال: (اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك)... وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله)... 

والدته

كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة، وأمّه عصماء، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفضـل بنت الحارث، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

11-غزوة مؤتة

كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد، وقد أستشهد قادتها الثلاثة: زيد بن حارثة، ثم جعفر بن أبي طالب، ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنهم-، فسارع إلى الراية (ثابت بن أقرم) رضى الله عنه فحملها عاليا وتوجه مسرعا إلى خالد بن الوليد رضى الله عنه قائلا له : (خذ اللواء يا أبا سليمان) فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا: (لا، لا آخذ اللواء أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا)... فأجابه ثابت: (خذه فأنت أدرى بالقتال مني، ووالله ما أخذته إلا لك). ثم نادى بالمسلمين: (أترضون إمرة خالد؟)... قالوا: (نعم)... فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين، يقول خالد: (قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية). 

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة: (أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،... وعيناه -صلى الله عليه وسلم- تذرفان...، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)... فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله. 

12-هدم العُزّى

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد  إلى العُزّى ليهدِمُها، فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (هُدِمَتْ؟)... قال: (نعم يا رسول الله)... فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل رأيت شيئاً؟)... فقال: (لا)... فقال: (فإنك لم تهدِمْها، فأرجِعْ إليها فاهدمها)... فرجع خالد وهو متغيّظ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه، فخرجت إليه إمرأة سوداء عُريانة، ناشرة الرأس، فجعل السادِنُ يصيح بها، قال خالد: (وأخذني اقشِعْرارٌ في ظهري)... فجعل يصيح: (... 

أعُزَّيَّ شـدِّي شدّةً لا تكذّبـي ... أعُزّيَّ فالْقي للقناع وشَمِّـري 
أعُزَّي إن لم تقتلي اليومَ خالداً ... فبوئي بذنبٍ عاجلٍ فتنصّري 

وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول:

يا عُزَّ كُفرانَكِ لا سُبحانَكِ ... إنّي وجدتُ اللهَ قد أهانَكِ 

فضربها بالسيف فجزلها باثنتين، ثم رجع الى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: (نعم ! تلك العُزّى قد أيِسَتْ أن تُعبدَ ببلادكم أبداً)... 

ثم قال خالد: (أيْ رسول الله، الحمدُ لله الذي أكرمنا بك، وأنقذنا من الهَلَكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العُزّى نحيرُهُ، مئة من الإبل والغنم، فيذبحها للعُزّى، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً، فنظرتُ إلى ما مات عليه أبي، وذلك الرأي الذي كان يُعاش في فضله، كيف خُدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع؟!)... فقال رسول الله: (إنّ هذا الأمرَ إلى الله، فمَنْ يسَّرَهُ للهّدى تيسر، ومَنْ يُسِّرَ للضلالة كان فيها). 

حروب الردة

وشارك خالد بن الوليد رضى الله عنه  في فتح مكة وفي حروب الردة، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح، وقتل مالك بن نويرة، ثم أوقع بأهل بُزاخَة - وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد-، وحرقهم بالنار، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة، شتموا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثبتوا على ردّتهم، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة.

بلاد الفرس

وفي فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بإرسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فالحمدلله الذي فض خدمكم، وسلب ملككم، ووهّن كيدكم، من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا، إذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرّهُن واعتقدوا مني الذمة، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة !!).

وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيوشهم لمواجهته لم ينتظر، وإنما سارع ليقابلهم في كل مكان محققا للإسلام النصر تلو الآخر0ولم ينس أن يوصي جنوده قبل الزحف: (لا تتعرضوا للفلاحين بسوء، دعوهم في شغلهم آمنين، إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم، فآنئذ قاتلوا المقاتلين).

13-معركة اليرموك وبطولاتها

إمرة الجيش 

أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً: (إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم، وتعالوا نتعاور الإمارة، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً، والآخر بعد غد، حتى يتأمر كلكم).

تأمين الجيش 

وقبل أن يخوض خالد القتال، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن: (من يولي هاربا، فاقتلنه).

خالد و ماهان الروماني 

وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد، وبرز إليه خالد، في الفراغ الفاصل بين الجيشين، وقال (ماهان) قائد الروم: (قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما، وترجعون إلى بلادكم، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !).

وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا: (إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت، ولكننا قوم نشرب الدماء، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك !)... وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال: (الله أكبر، هبي رياح الجنة).

من البطولات 

ودار قتال قوي، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم... فها هو خالد على رأس  جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم، يصيح بهم: (والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم)... وبالفعل انتصر المسلمون عليهم نصرا أخذ بالعقول .

خالد وجرجه الروماني 

وقد انبهر القادة الروم من عبقرية خالد في القتال، مما حمل (جرجه) أحد قادتهم للحديث مع خالد، حيث قال له: (يا خالد اصدقني، ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه، فلا تسله على أحد إلا هزمته؟)... قال خالد: (لا)... قال الرجل: (فبم سميت سيف الله؟). 

قال خالد: (إن الله بعث فينا رسوله، فمنا من صدقه ومنا من كذب، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام، وهدانا برسوله فبايعناه، فدعا لي الرسول، وقال لي: (أنت سيف من سيوف الله) فهكذا سميت سيف الله)... قال القائد الروماني: (وإلام تدعون؟). 

قال خالد: (إلى توحيد الله وإلى الإسلام)... قال: (هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر؟)... قال خالد: (نعم وأفضل)... قال الرجل: (كيف وقد سبقتموه؟)... قال خالد: (لقد عشنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر، أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب، فإن أجركم أجزل وأكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم).

وصاح القائد الروماني وقد دفع جواده إلى ناحية خالد ووقف بجواره: (علمني الإسلام يا خالد !)... وأسلم وصلى لله ركعتين لم يصل سواهما، وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستميتا في طلب الشهادة حتى نالها وظفر بها ... 

وفاة أبوبكر رضى الله عنه :

في أثناء قيادة خالد -رضي الله عنه- معركة اليرموك التي هزمت فيها الإمبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق -رضي الله عنه-، وتولى الخلافة بعده عمر -رضي الله عنه-، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد... وصل الخطاب الى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة، ثم أخبر خالدا بالأمر فلم يغضب خالد -رضي الله عنه-، بل تنازل في رضى وسرور، لأنه كان يقاتل لله وحده لا يبغي من وراء جهاده أي أمر من أمور الدنيا ... 

قلنسوته رضى الله عنه :

سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال: (إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول الله وإني أتفائل بها وأستنصر)... ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأسه أعطى خالداً ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله تعالى... 

قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد، سيْفٌ من سيوف الله). 

قال خالد -رضي الله عنه-:(ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو). 

وأمَّ خالد رضى الله عنه الناس بالحيرة فى الصلاة، فقرأ من سُوَرٍ شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: (شغلني عن تعلّم القرآن الجهادُ). 

وأخبِرَ خالد -رضي اللـه عنه- أنّ في عسكره من يشرب الخمر، فركب فرسـه، فإذا رجل على مَنْسَـجِ فرسِـهِ زِقّ فيه خمر، فقال له خالد: (ما هذا؟)... قال: (خل)... قال: (اللهم اجعله خلاّ)... فلمّا رجع الى أصحابه قال: (قد جئتكم بخمر لم يشرب العربُ مثلها)... ففتحوها فإذا هي خلّ قال: (هذه والله دعوة خالد بن الوليد).

وفاة خالد

استقر خالد في حمص -من بلاد الشام- فلما جاءه الموت، وشعر بدنو أجله، قال: (لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامت أعين الجبناء)... وكانت وفاته سنة إحدى وعشرين من الهجرة النبوية... مات من قال عنه الصحابة: (الرجل الذي لا ينام، ولا يترك أحدا ينام)... وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه... وودعته أمه قائلة:  

أنت خير من ألف ألف من القوم ... إذا ما كبــت وجوه الرجال 
أشجاع؟.. فأنت أشجع من ليث ... غضنفر يـــذود عن أشبال 
أجواد؟.. فأنت أجود من سيل ... غامر يســيل بين الجـــبال 

فلما سمعها عمر رضى الله عنه بكى وقال صدقت والله ثم ذكر مقالة ابو بكر فى خالد حين قال  عقمت النساء أن ينجبن مثل خالد

                         14- كرامات خالد بن الوليد رضى الله عنه

أما حكاية خالد رضى الله عنه والسم فكانت كالأتى :           

فالقصة رواها الإمام أحمد في فضائل الصحابة ، وأبو يعلى في مسنده ، ، وابن عساكر في تاريخ دمشق  وقد جاءت من عدة طرق ، دلّ مجموعها على ثبوت القصـة ، ولهذا تناقلها عدد من الأئمة بالإقرار فلم ينكروهـا، كالإمام الذهبي الذي قال في سير أعلام النبلاء : هذه والله الكرامة ، ، وهذه الشجاعة  

كما احتج بها في بـاب إيمان أهل السنة بالكرامات ، شيخ الإسلام ابن تيمية ، في كتابه الفرقان ، وفي منهاج السنة ، وفي النبوات أيضا, وأطول سياق  و أكمله لهذه القصة ، ما رواه ابن عساكر فقال:

"لما انصرف خالد بن الوليد بن اليمامة ، ضرب عسكره على الجرعة التي بين الحيرة والنهر ،  وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض ، وقصر ابن بقيلة فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى نفذت ، ثم رموه بالخزف من آنيتهم ،  فقال ضرار بن الأزور:  ما لهم مكيدة أعظم مما ترى ، فبعث إليهم ،  ابعثوا إلي رجلا من عقلائكم أسائله ، ويخبرني عنكم.

 فبعثوا إليه عبد المسيح بن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني ،  وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة ، فأقبل يمشي إلى خالد ، فلما رآه ، قال :  ما لهم أخزاهم الله بعثوا إلي رجلا لا يفقه ،  فلما دنا من خالد ،  قال : أنعم صباحا أيها الملك ، فقال خالد : قد أكرمنا الله بغير هذه التحية ،  بالسلام.

 ثم قال له خالد : من أين أقصى أثرك  ؟

قال :  من ظهر أبي ،

قال : من أين خرجت ؟

قال :  من بطن أمي

قال : على ما أنت ؟

قال :  على الأرض

قال : فيم أنت ويحك ؟

قال : في ثيابي

قال :  أتعقل ؟

قال : نعم ، وأقيد

قال :  ابن كم أنت ؟

قال :  ابن رجل واحد

قال خالد :  ما رأيت كاليوم قط ,  أسائله عن شيء ، وينحو في غيره

قال :  ما أجيبك إلاّ عن ما سألت عنه ،  فاسأل عمّا بدالك ؟

قال :  كم أتى لك ؟

قال : خمسون وثلاثمائة

قال : أخبرني ما أنتم ؟

قال : عرب استنطبنا ونبط استعربنا

قال :  فحرب أنتم أم سلم ؟

قال :  بل سلم

قال : فما بال هذه الحصون ؟

قال : بنيناها لنحبس السفيه ، حتى ينهاه الحليم

قال ، ومعه سم ساعة ، يقلبه في يده

فقال له خالد : ما هذا معك ؟

قال : هذا السم

قال : وما تصنع به ؟

قال :  أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله،وإن كانت الأخرى،  لم أكن أول من ساق إليهم ضيما ، وبلاء ،  فآكله وأستريح ، وإنما بقي من عمري يسير.

فقال :  هاته .

 فوضعه في يد خالد

فقال خالد : بسم الله ، وبالله رب الأرض ،  ورب السماء ،  الذي لا يضر مع اسمه داء ، ثم أكله ،  فتجللته غشية ،  فضرب بذقنه على صدره ،  ثم عرق ، وأفاق ، فرجع ابن بقيلة إلى قومه ، فقال جئت من عند شيطان ،  أكل سم ساعة فلم يضره ، أخرجوهم عنكم ،  فصالحوهم على مائة ألف .ويقول العلماء عن تلك الوقعة : وهذه كرامة لخالد بن الوليد ، فلا يتأسى  احد به في ذلك ، لئلا يفضي إلى قتل المرء نفسه ، عملا بقوله تعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )

 

 وإن قيل بأن هذه  أخلاق القادة فهم دائما وأبدا يتمتعون بالجراة والإقدام وإلا فلا , نقول :  نعم ,   ولذا رايت أن أذكر مثالا لصحابى جليل حفظ الله به السنة فمن فرط حبه للرسول وللدين لم يفارقه فكان خيرا علينا إلى يوم الدين إلا أن المغرضين حاولوا النيل منه  ولكن هيهات أنى لهم وهم النجوم وقد وعد الحق سبحانه وتعالى أن يحفظهم بعنايته وقدرته :                 

                                     15-  ثانيا : هم ورثة الأنبياء :

والحمد لله أن بذل علماء الأمة من مهدها إلى اليوم وإلى قيام الساعة  ما يوصلهم لرضى الله جل وعلا  فبخلاف علماء أهل الكتاب الذين بذلو جهدهم فى تشويه صورة أنبيائهم ودينهم رأينا علماء أمتنا الحبيبة يبذلون قصارى جهدهم  فى الحفاظ على مكانة الانبياء وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك مكانة العلماء ولقد كتب الأستذ محمد عبده يمانى فى ابى هريرة مقالا رائعا بعنوان " أمانة الرواية وصدقها " وتناول حياة هذا الصحابى الجليل بما يحفظ له مكانته سأعرضه لك عزيزى القارئ بتصريف يسير :

                      

           16- سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه

 فمن الصحابة الأجلاء الذين اهتموا بجانب العلم وبلغوا فيه الثريا  الصحابى الجليل  عبد الرحمن بن صخر المعروف فى السيرة بأبى هريرة رضى الله عنه فمما ورد عنه أنه كان يسير فى السوق يوما فوجد أناس يبيعون ويشترون فقال لهم أأنتم هنا وميراث رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقسم فى المسجد فترك الناس ما بأيديهم  وأسرعوا إلى المسجد وهناك لم يجدوا  إلا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم من يقرأ القرآن ويتدارسه ومنهم  من يتدارس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فعادوا إلى ابى هريرة وقالوا له لم نجد شيئا قال ألم تجدوا أحدا ؟ قالوا وجدنا أناسا يذكرون الله وبفعلون كذا وكذا فقال لهم  هذا هو ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 ثم قال إنى سمعت رسول الله يقول " العلماء ورثة الأنبياء ,  وإن  الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر "

فهذا الصحابى الجليل عمل بهذا الحديث وتمسك بتلابيب العلم وتحمل معاناة ومشقة ليظل بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم لينهل من علمه ما استطاع إلى ذلك سبيلا  .

 وعلينا أن نعلم أن سيدنا أبوهريرة صحابي جليل، صحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكان قريبا منه، وقد أحبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ودعا له بالحفظ، وكان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، ومن أهل الصفة، وكان حريصا على سماع الحديث من النبي (صلى الله عليه وسلم )، وكثيرا ما كان يتحمل آلام الجوع حتى لا يفوته شيء من الحديث النبوي الشريف.وقد صحب النبي (صلى الله عليه وسلم) وحفظ الكثير من أحاديثه، وآتاه الله قلبا واعيا، وحفظا دقيقا، وعرف بالصدق والإيمان والتقوى، والمروءة، والأخلاق، فقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق، ودعا له،  

                17--شهادة النبى صلى الله عليه وسلم  له بذلك :

 لقدكان رضي الله عنه حريصا على العلم، وشهد له النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد روى ابن كثير في البداية والنهاية أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له: «ألا تسألني من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟»: فقلت له أسألك أن تعلمني مما علمك الله.وكان كثير الحفظ لا ينسى، فقد دعا الله فقال: اللهم إني أسألك علما لا ينسى وقد أمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) على دعائه. وروى البخاري ومسلم، قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله إني لأسمع منك حديثا كثيرا أنساه. قال (صلى الله عليه وسلم): «ابسط رداءك» فبسطته، ثم قال: ضمه إلى صدرك» فضممته، فما نسيت شيئا بعد ذلك.

                   18-مكانته بين الصحابة:

وهذه ميزة مهمة لهذا الصحابي الجليل فقد روى ابن حجر في الإصابة: أنه جاء رجل إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فسأله، فقال له زيد: عليك بأبي هريرة، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره، إذ خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حتى جلس إلينا فقال: عودوا للذي كنتم فيه.

 -قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤمن على دعائنا، دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل ماسأل صاحباي وأسألك علما لا ينسى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): آمين.. فقال زيد وصاحبه: ونحن يا رسول الله نسأل علما لا ينسى... فقال سبقكم بها الغلام الدوسي. (يعني أباهريرة). فأبو هريرة إذن محفوف بالعناية الإلهية، والدعوات النبوية،

-وقال طلحة بن عبيد الله «أحد العشرة المبشرين بالجنة والملقب: طلحة الخير»: لا أشك بأن أبا هريرة سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ما لم نسمع، ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ما لم يقل.
-وشهد له عبد الله بن عمر رضى الله عنهما  فيقول: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) واحفظنا لحديثه.

أما سيدنا حذيفة ابن اليمان رضى الله عنه يوثقه ويزكيه وينقل تزكية ابن عمر له وقال رجل لابن عمر: أن أبا هريرة يكثر الحديث. فقال ابن عمر: أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجيء به،لكنه اجترأ وجبنا.-واعتمده أبو بكر رضي الله عنه بتبليغ الحديث لما كان أميرا على الحج: أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ووثقه كثير من الصحابة ورووا عنه وكثير من التابعين رووا عنه كذلك حتى قال البخاري: روى عنه الثمانمائة من كبار أهل العلم من الصحابة والتابعين وكان احفظ من روى الحديث في عصره.

- تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم  من التعرض لأصحابه :

ولأن الحديث عن رسول الله صلى الله علسه وسلم  ليس كحديث عن أى أحد إنما هو منهج ودين وحديث ولذا حذر الرسول صلى الله علي وسلم أصحابه أو من يجلس للحديث عن رسول الله أن يتقول على الرسول صلى الله عليه وسلم مالم يقل  :

والحديث عن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) (ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه) لا بد أن يكون بأدب وعلى علم وأسس صحيحة لا يخدش صحابيا ولا يغمز بأحد منهم، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم ) حذرنا من ذلك عندما قال: «الله الله في أصحابي، فلو انفق أحدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد حدهم ولا نصيفه» لأنهم تربوا على يد رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وسمعوا منه، واخذوا عنه، وتعلموا منه أهمية الصدق، وقد حذرهم من الكذب عليه حين قال: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"

-رد أبو هريرة رضى الله عنه  على من زعم أنه أكثر الحديث :
والسبب في إكثاره من الحديث وعدم نسيانه طول الصحبة، وملازمته لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتأمين الرسول (صلى الله عليه وسلم) على دعائه ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم  له . فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة انه قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والله الموعد، إني كنت امرءا مسكينا أصحب الرسول على ملء بطني.

وإن أيام صحبته للنبي (صلى الله عليه وسلم ) تبلغ أكثر من ألف وأربعمائة وستين يوما

فلو قسمناها على  ما روي عنه من الأحاديث الشريفة لوجدنا أنه يروي كل يوم ما يقارب ثلاثة أحاديث ونصفا،فهل هذا كثير ؟ بالطبع لا , لا ننا نرى كل يوم عددا من الغلمان يحفظون فى اليوم الواحد مالا يقل عن عشرين آية من القرآن الكريم وهذا كل يوم .

وعليه فإن أبا هريرة يحفظ في كل مائة يوم 367 حديثا أو أنه كان يحفظ مائة حديث في كل سبعة وعشرين يوما، فهل يستغرب أن يحفظ أبو هريرة رضي الله عنه كل يوم أربعة أحاديث مع ما رأينا من قصة الكساء، وقصة الدعاء، وما رأينا من حرصه على العلم، وحرصه على حفظ الأحاديث الشريفة، ومع ما رأينا من انقطاعه لخدمة النبي (صلى الله عليه وسلم ) وسماع أقواله، وزهده في الدنيا، وعيشه مع أهل الصفة، وصبره على الجوع في سبيل ذلك.

-تدوين أبوهريرة رضى الله عنه للحديث :

ولا بد أن نعلم أنه رضي الله عنه قد حرص على تدوين الحديث وكتابته في آخر أيامه وكان يرجع إليه كلما سأله سائل، وقد روى الحاكم والإمام احمد ما يدل أن الحديث كان مكتوبا عند أبي هريرة قال ابن حجر: لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده أن يكون بخطه فقد ثبت أنه لم يكتب فتعين أن يكون المكتوب عنده بخط غيره، وكان يرجع في آخر أيامه إلى ما كتب من الحديث.

                19-* أراء العلماء والأئمة فى أبى هريرة رضى الله عنه :
-وقال الشافعي عنه: أبو هريرة احفظ من روى الحديث في عصره، ومن هنا فإني أحذر الذين يطعنون في هذا الصحابي بأن الطعن بأبي هريرة طعن بالنبي (صلى الله عليه وسلم ) الذي وثقه، وطعن بكبار الصحابة والتابعين الذين رووا عنه ووثقوه، وتطاول على السنة الشريفة.
وقد حرص بعض أعداء الإسلام من الذين أثاروا الشبهة حول كثرة روايات أبي هريرة بقصد الطعن في رواية الحديث وكان هدفهم التشكيك في السنة النبوية الشريفة والتشكيك في الإسلام، فالذي يطعن بأبي هريرة يطعن بثمانمائة من الصحابة وكبار العلماء من التابعين، والأمر أكبر من ذلك بكثير عند أهل العلم، لأنه يستهدف السنة النبوية.
-وقد بين الإمام القرطبي رضي الله عنه أن الطاعن في رواية هذا الصحابي طاعن في الدين خارج عن الشريعة مبطل للقرآن، بل قال بعض السلف: إجلال أبي هريرة إجلال للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وإتهام أبي هريرة فيما يرويه عنه إزدراء على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى ما جاء به.
كلمة حق فى أبى هريرة يقولها علماء الأمة :

والمؤسف أن  يقوم بعض بنى الإسلام بالطعن فيه رضى الله عنه والطعن في الحديث الشريف، والتشكيك في روايته، وكثير من هؤلاء الطاعنين من المسلمين الذين لم يدرسوا حياة هذا الصحابي الجليل دراسة صحيحة، ولم يعرفوا حقائق ناصعة عن روايته ودقته، ولهذا فقد أخذوا بكل أسف يغمزون ويلمزون، وهذا أمر خطير لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: «من آذى أصحابي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله... »

ومن هنا فإننا نلاحظ أن بعض هؤلاء الطاعنين قد أسرفوا على أنفسهم وعمدوا إلى اتهام أبي هريرة رضي الله عنه بالإكثار في رواية الحديث النبوي،

وأنه قد روى الآلاف من الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، واتهامه بأنه أسرف في الحديث، وهذا أمر غير صحيح، بل هو تزوير وتدليس على هذا الصحابي الجليل الذي خدم الحديث النبوي وأخلص في روايته، وانقطع له، وصحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكان يتحمل ألم الجوع حتى لا يفوته شيء من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد اخرج البخاري عنه انه قال: «والله الذي لا اله إلا هو أن كنت لأعتمد على الأرض بكبدي من الجوع، وأشد الحجر على بطني».

ولقد قام فريق من العلماء الأجلاء وعلى رأسهم العالم ( محمد عبده يمانى )بالتحقيق فى هذا الأمر فقال :

" وعندما قمت بنفسي بالتحقق من هذه المسألة بواسطة فريق مختص في الحاسب الآلي ظهرت لنا حقائق مهمة عن روايات أبي هريرة، فعندما تتبعنا رواياته وجدنا أن هناك ما يزيد عن ثمانمائة صحابي وتابعي رووا عنه الحديث وكلهم ثقات، لكن القضية الأساسية التي أفادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي :  أنه عندما أدخلت هذه الأحاديث المروية في كتب الحديث الستة وجدنا أن أحاديث أبي هريرة بلغت 5374،

 ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الكومبيوتر إن المكرر منها هو 4074 وعلى هذا يبقى العدد غير المكرر 1300 وهذا العدد تتبعناه فوجدنا أن العديد من الصحابة قد رووا نفس هذه الأحاديث من غير طريق أبي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وبعد أن قمنا بحذف الأحاديث التي رويت من غير طريق أبي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا أن ما انفرد به أبو هريرة ولم يروه أي صحابي آخر هو اقل من عشرة أحاديث  ." الله اكبر "
ومن هذا يظهر أمانته وصدقه في رواية الحديث الشريف، وببريء ذمته رضي الله عنه مما اتهم به، وقد ساهم في هذه الدراسة رجال خدموا سيرة أبي هريرة ومنهم" محمد ضياء الدين الأعطى الذي قام بعمل دراسات دقيقة وبذل جهودا تستحق التقدير وقد ساعدني في هذا الموضوع.
ثم شاء الله أن نطور العمل في أحاديث أبي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة إلى الكتب التسعة وقد لاحظنا أن الأحاديث في الكتب التسعة المنسوبة إلى أبي هريرة هي 8960 حديثا، منها 8510 بسند متصل و450 حديثا بسند منقطع وبعد التدقيق انتهينا إلى أن الأحاديث التي رواها أبو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي 1475 حديثا، وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة. وعندما حذفت الأحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا إلى حقيقة مهمة وهي أن ما أتى به أبو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي 253 حديثا،

 ثم إن الأحاديث التي انفرد بها أبو هريرة بدون تكرار ولم يروها احد غيره في الكتب التسعة هي 42 حديثا، وما زلنا نواصل البحث، لكن هذه الأمور وهذه الحقائق أزالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبي هريرة ويتهمونه فيها بالإكثار ويقولون عنه رضي الله عنه انه روى 8000 حديث بمفرده.. وبعضهم يقول انه روى 5000 حديث بمفرده.. هكذا دون روية أو تدقيق أو تمحيص.

وختاما فاني أضع هذه المعلومات بين يدي القاريء الكريم حتى يتبين له الحق، ويعلم خطأ الذين يتهمون هذا الصحابي الذي صدقه رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، وقربه وصحبه ودعا له، ولو لم يعلم فيه خيرا لما فعل كل ذلك.
والقضية ليست قضية عاطفة وإنما حقائق نضعها أمام القارىء ولا أملك إلا أن أقول اتقوا الله في صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ولا تتجرأوا ولا تتهموا ولا تلقوا القول بغير علم ولا هدى، فإن الله عز وجل يقول: «ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا».

                       20- ثالثا :هم الحكماء

من يطلع على تاريخ الصحابة يجد أن بهم من الحكمة ما لم يتوفر لغيرهم من الرجال فكانوا نعم العون لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وظهرت هذه الحكمة فى العديد من المواقف ومنها : يوم بدر

فلم يكونوا على استعداد للغزوة ولا للحرب ولكن الله جل وعلا هو الذى أعدها ليرى ويعلم الجميع أن النصر من عند الله وأنه ليس بالفوة والعدة والعتاد بقدر ما هو بالإيمان والتقوى والثقة بالله سبحانه وتعالى كما أن الحق أرادها كذلك { إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}   الأنفال42

ونظرًا إلى هذا التطور الخطير المفاجيء عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا عسكريًا إستشاريًا أعلى، أشار فيه إلى الوضع الراهن، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه وقادته‏.‏ وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس،وخافوا اللقاء الدامى،وهم الذين قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏5، 6‏]‏،

-أراء كبار الصحابة من المهاجرين :

وأمــا قادة الجيش فقـام أبو بكر الصديق فقال وأحسن،ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن،ثم قام المقداد بن عمرو فقال‏:‏ يا رسول الله، امض لما أراك الله،فنحن معك،والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى‏:‏ ‏{‏فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏24]‏، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْك الغِمَادلجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له به‏.‏

                 21- سيدنا سعد بن معاذ رضى الله عنه :

إلا أن  هؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة الأنصار؛ لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة‏:‏ ‏‏(‏أشيروا علىّ أيها الناس‏)‏ وإنما يريد الأنصار، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ رضى الله عنه .فقال‏:‏ والله، ولكأنك تريدنا يا رسول الله‏؟‏

قال‏:‏ ‏‏(‏أجل‏)‏‏.‏قال‏:‏ فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدَّق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تَقَرَّ به عينك، فسِرْ بنا على بركة الله‏.

‏ وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم‏:‏ فاظعن حيث شئت، وصِلْ حَبْل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فهو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غِمْدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك‏.فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال‏:‏ ‏‏(‏سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكإني الآن أنظر إلى مصارع القوم‏)‏‏.‏وقد كان ووفق الحق سبحانه نبيه ونصره على عدوه وفي هذا بقول سبحانه{  وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}  الأنفال 62

         22-لم تأخذ سعد بن معاذ رضى الله عنه فى الله لومة لائم :

وبما أننا نتحدث عن الصحابى الجليل  سعد بن معاذ فإليك موقفا أخر لا يقل روعة وإيمانا وصدقا عن موقفه يوم بدر فلا شك عزيزى القارئ أنك تعلم ما حدث من اليهود إبان غزوة الخندق ونقضهم العهد هذا بخلاف مافعلوه من قبل وهو  تأليبهم القبائل على الرسول صلى الله عليه وسلم  وحاولوا جهدهم  لإستئصال شأفة المسلمين . ولولا الله جل وعلا لكانت النهاية ولتعلم عزيزى القارئ السبب الذى آدى بهم إلى تلك النهاية , والأيات التى  فى سورة الأحزاب هى أبلغ دليل على ما حدث وفيها يقول تعالى{  إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}  الأحزاب 10

 يقول تعالى ذكره: إذ جاءتكم جنود الأحزاب من فوقكم، ومن أسفل منكم. وقيل: إن الذين أتوهم من أسفل منهم، أبو سفيان في قريش ومن معه.

ويذكر الطبرى  الأحاديث التى ذكرت فى هذا الشأن فقال :

- حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {إذ جاءوكم من فوقكم} قال عيينة بن بدر في أهل نجد، ومن أسفل منكم، قال: أبو سفيان. قال: وواجهتهم قريظة.

 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ذكرت يوم الخندق وقرأت: {  إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}  الأحزاب 10قالت: هو يوم الخندق.

 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان مولى آل الزبير، عن عروة بن الزبير، وعمن لا أتهم، عن عبيد الله بن كعب بن مالك، وعن الزهري، وعن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعن محمد بن كعب القرظي، وعن غيرهم من علمائنا:

 أنه كان من حديث الخندق، أن نفرا من اليهود، منهم سلام بن أبي الحقيق النضري، وحيي بن أخطب النضري، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي، في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل.

وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرجوا حتى قدموا مكة على قريش، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا: إنا سنكون معكم عليه، حتى نستأصله. فقال لهم قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول، والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه. قال: فهم الذين أنزل الله فيهم: {ألَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا } [النساء: 51] إلى قوله: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا  [النساء: 55]

 فلما قالوا ذلك لقريش، سرهم ما قالوا، ونشطوا لما دعوهم له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا لذلك، واتعدوا له. ثم خرج أولئك النفر من اليهود، حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا فيه، فأجابوهم .

 فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة، ومشعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان، فيمن تابعه من قومه من أشجع؛ فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما اجتمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة؛ فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق،

 أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم، ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد، حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب احد، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره، والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء، فرفعوا في الآطام.

 وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري، حتى أتى كعب بن أسد القرظي، صاحب عقد بني قريظة وعهدهم، وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، وعاهده على ذلك وعاقده، فلما سمع كعب بحيي بن أخطب، أغلق دونه حصنه، فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له، فناداه حيي: يا كعب افتح لي، قال: ويحك يا حيي، إنك امرؤ مشئوم، إني قد عاهدت محمدا، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا؛ قال: ويحك افتح لي أكلمك، قال: ما أنا بفاعل. قال: والله إن أغلقت دوني إلا تخوفت على جشيشتك أن آكل معك منها، فأحفظ الرجل، ففتح له .

 فقال: يا كعب جئتك يعز الدهر، وببحر طم، جئتك بقريش على قاداتها وساداتها، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قاداتها وساداتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني أن لا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه، فقال له كعب بن أسد: جئتني والله بذل الدهر، وبجهام قد هراق ماءه، يرعد ويبرق، ليس فيه شيء، فدعني ومحمدا وما أنا عليه، فلم أر من محمد إلا صدقا ووفاء؛ فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاهم عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان عليه، فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، وإلى المسلمين، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، أحد بني الأشهل، وهو يومئذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة بن ديلم أخي بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، وهو يومئذ سيد الخزرج، ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بلحرث بن الخزرج، وخوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف، فقال: انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟، فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم، فاجهروا به للناس.

فخرجوا حتى أتوهم، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد، فشاتمهم سعد بن عبادة وشاتموه، وكان رجلا فيه حدة، فقال له سعد بن معاذ: دع عنك مشاتمتهم، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليه، ثم قالوا: عضل والقارة: أي كغدر عضل والقارة بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين"، وعظم عند ذلك البلاء، واشتد الخوف، وأتاهم عدوهم من فوقهم، ومن أسفل منهم،

حتى ظن المسلمون كل ظن، ونجم النفاق من بعض المنافقين، حتى قال معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر أن يذهب إلى الغائط، وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث: يا رسول الله إن بيوتنا لعورة من العدو، وذلك عن ملإ من رجال قومه، فأذن لنا فلنرجع إلى دارنا، وإنها خارجة من المدينة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر، ولم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالنبل والحصار".

 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني يزيد بن رومان، قوله {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} فالذين جاءوهم من فوقهم: قريظة، والذين جاءوهم من أسفل منهم: قريش وغطفان.  وقوله: {وإذ زاغت الأبصار} يقول: وحين عدلت الأبصار عن مقرها، وشخصت طامحة.  وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

 ذكر من قال ذلك:

 -حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {وإذ زاغت الأبصار} شخصت. وقوله: {وبلغت القلوب الحناجر} يقول: نبت القلوب عن أماكنها من الرعب والخوف، فبلغت إلى الحناجر. كما: - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سويد بن عمرو، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة: {وبلغت القلوب الحناجر} قال: من الفزع.

 وقوله: {وتظنون بالله الظنونا} يقول: وتظنون بالله الظنون الكاذبة، وذلك كظن من ظن منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغلب، وأن ما وعده الله من النصر أن لا يكون، ونحو ذلك من ظنونهم الكاذبة التي ظنها من ظن ممن كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عسكره.

 - حدثنا بشر، قال: ثنا هوذة بن خليفة، قال: ثنا عوف، عن الحسن {وتظنون بالله الظنونا} قال: ظنونا مختلفة: ظن المنافقون أن محمدا وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله حق، أنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

وبعد انتها الغزوة أمر جبريل عليه السلام النبى أن لا يضع السلاح وأن يتجه إلى بنى قريظة  فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في موكبه من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‏:‏ بئر أنَّا‏.‏ وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة.                  وأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم‏:‏ لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا، حتى إن رجالاً منهم صلوا العصر بعد العشاء الآخرة، وقال بعضهم‏:‏ لم يرد منا ذلك، وإنما أراد سرعة الخروج، فصلوها في الطريق، فلم يعنف واحدة من الطائفتين‏.‏ هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار‏.‏

ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال‏:‏ إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم في دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم ـ وقد قال لهم‏:‏ والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم ـ وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالسيوف مُصْلِِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم، وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ـ في انزعاج وغضب‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‏.‏

                           23-مكر بنى إسرائيل :

ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أرادوا أن يتصلوا ببعض حلفائهم من المسلمين، لعلهم يتعرفون ماذا سيحل بهم إذا نزلوا على حكمه، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرسل إلينا أبا لُبَابة نستشيره، وكان حليفاً لهم، وكانت أمواله وولده في منطقتهم .

فلما رأوه قام إليه الرجال، وجَهَشَ النساء والصبيان يبكون في وجهه، فَرَقَّ لهم، وقالوا‏:‏ يا أبا لبابة، أتري أن ننزل على حكم محمد‏؟‏ قال‏:‏ نعم ؛ وأشار بيده إلى حلقه، يقول‏:‏ إنه الذبح، ثم علم من فوره أنه خان الله ورسوله فمضي على وجهه، ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتي المسجد النبوي بالمدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبداً‏.‏

 فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره ـ وكان قد استبطأه ـ قال‏:‏ ‏(‏أما إنه لو جاءني لاستغفرت له، أما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه‏)‏‏.‏ وبرغم ما أشار إليه أبو لبابة قررت قريظة النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كان باستطاعة اليهود أن يتحملوا الحصار الطويل ؛ لتوفر المواد الغذائية والمياه والآبار ومناعة الحصون؛ ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القارس والجوع الشديد وهم في العراء، مع شدة التعب الذي اعتراهم ؛ لمواصلة الأعمال الحربية من قبل بداية معركة الأحزاب، إلا أن حرب قريظة كانت حرب أعصاب، فقد قذف الله في قلوبهم الرعب، وأخذت معنوياتهم تنهار، وبلغ هذا الإنهيار إلى نهايته أن تقدم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وصاح علي‏:‏ يا كتيبة الإيمان، والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم‏ .‏

زول اليهود على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم :

وحينئذ بادروا إلى النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقال الرجال، فوضعت القيود في أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري، وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال في ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال‏:‏ ‏(‏ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فذاك إلى سعد بن معاذ‏)‏‏.‏

-لقبه رسول الله بـ(سيد قومه )

 قالوا‏:‏ قد رضينا‏.‏فأرسل إلى سعد بن معاذ، وكان في المدينة لم يخرج معهم للجرح الذي كان قد أصاب أكْحُلَه في معركة الأحزاب‏.‏ فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ‏:‏ يا سعد، أجمل في مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال‏:

‏ لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعي إليهم القوم‏.ولما انتهى سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة‏:‏ ‏(‏قوموا إلى سيدكم‏)‏، فلما أنزلوه قالوا‏:‏ يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك‏.‏ قال‏:‏ وحكمي نافذ عليهم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وعلى المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ وعلى من هاهنا‏؟‏ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له وتعظيمًا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، وعلي‏)‏‏.‏

 قال‏:‏ فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبي الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات‏)‏‏.‏ وكان حكم سعد في غاية العدل والإنصاف، فإن بني قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‏.‏               

                               24- الفتنة وإعتزال بعض الصحابة لها   

  من المعلوم أن الفتنة التى حدثت إبان خلافة سيدنا على رضى الله عنه  كانت من أشد ما أصاب المسلمين طوال عصورهم المديدة ولكنها أرادة الله فليس لنا أن نخوض فيها لأن فيها عددا من الصحابة رضوان الله عليهم  والذين اثنى عليهم المعصوم صلى الله عليه وسلم وقال   " الله الله فى اصحابى " وحذرنا من المساس بهم  وكان منهم السابقون الذين قال عنهم القرآن الكريم { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}  التوبة 100

ومن ثم فأثرت ألا أتحدث عن الفتنة  وما حدث فيها خشية الوقوع فى خطأ  أو أن أفتى فيهم  بلا علم فإنما أمرهم إلى الله ولكن آثرت أن أتحدث عن عدد من الصحابة الذين آثروا الإبتعاد عن الفتنة ولم يشتركوا فيها فأذكرهم مع أسباب إعتزالهم وكيف قابل سيدنا  على بن ابى طالب رضى الله عنه  هذا الإعتزال والذى دل على مدى سماحتة رضى الله عنه  ورغبته أن يجنب كبار الصحابة الوقوع فى الفتنة .

 لأنه لو كان الأمر قتال على الدنيا كما كان يظن البعض لعاقب على رضى الله عنه كل من تخلف عنه واعتبره مرتدا عن قتال  أو  أنه سيشق عصا الجماعة  بحكم أنه الخليفة إلا أننا وجدنا الإمام يعاملهم بالتى هى أحسن وكأنه كان يتمنى أن يسلك الجميع  من أنصاره  أو من  أنصار معاوية رضى الله عنه  هذا الفكر.

فقد  اعتزل أكثر الصحابة القتال في موقعتي الجمل و صفين في سنتي: 36-37ه ، و أبوا أن يخوضوا في دماء المسلمين ، فمنهم من اعتزل الفتنة عزلة مطلقة ،و منهم من اعتزلها و اجتهد في دعوة الناس إلى اعتزالها ، و منهم من انتسب إلى إحدى الطائفتين المتنازعتين ثم انسحب كلية من الفتنة ، و منهم من اعتزلها في الجمل و صفين ثم انظم إلى علي في حربه للخوارج ، و منهم من حمد الله تعالى على ذهاب بصره قبل أن يراها  .

-المعتزلون للفتنة :

    فمن الذين اعتزلوا الفتنة مطلقا : سعد بن أبي وقاص ، و عبد الله بن عمر ،و محمد بن مسلمة الأنصاري ،و سلمة بن الأكوع ،و سعيد بن زيد[20] ،و صهيب بن سنان الرومي ،و أسامة بن زيد ،و أبو هريرة، و هبيب بن مغفل ،و المغيرة بن شعبة[21] ، و عبد الله بن سعد بن أبي سرح ،و سعيد بن العاص ، و معاوية بن حديج الأمير، و زيد بن ثابت ، و كعب بن عجرة [22] ،و سليمان بن ثمامة بن شراحيل ،و عبد الله بن مغفل ،و عبد الله بن سلام ،و أهبان بن صيفي ،و الحكم بن عمرو الغفاري[23]- رضي الله عنهم - .

من مواقفهم في اعتزال الفتنة :

 موقف الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص ، فقد جاء في خبر صحيح الإسناد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر بن راشد ، عن أيوب السختياني ،و عن محمد بن سيرين ، أنه قيل لسعد : ألا تقاتل ، فإنك من أهل الشورى ،و أنت أحق بهذا الأمر من غيرك ؟ قال :( لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ،و لسان و شفتان ، يعرف الكافر من المؤمن ،و قد جاهدت و أنا أعرف الجهاد ،و لا أبخع نفسي إن كان رجل خيرا مني ))[24]

و ورد في رواية أخرى أن أحد أبناء سعد بن أبي وقاص ، قال لوالده : نزلت في إبلك و غنمك و تركت الناس يتنازعون الملك ، فضرب سعد صدر ولده عمر و قال له :( اسكت سمعتُ رسول الله    صلى الله عليه وسلم-يقول :إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ))[25] . و في رواية لأحمد بن حنبل أن سعدا قال لابنه عمر : (( أي بني أفي الفتنة تأمرني أن أكون  رأسا ، لا و الله حتى أعطي سيفا إن ضربت به مؤمنا نبا عنه ،و إن ضربت به كافرا قتلته ،و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم- يقول : ((إن الله عز وجل يحب الغني الخفي التقي )) [26] .

   و جاء رجل إلى سعد بن أبي وقاص ،و قصّ عليه مناما رآه عن الفتنة ، ثم قال له : مع أي الطائفتين أنت ؟ فقال سعد : ما أنا مع واحدة منهما ، فقال الرجل : فما تأمرني ؟ قال : هل لك من غنم ؟ قال : لا ، فقال له سعد : فاشتر غنما ، فكن فيها حتى تنجلي الفتنة [27] 

  و روى المؤرخ شمس الدين الذهبي  بلا إسناد- أن علي بن أبي طالب   رضي الله عنه- كان يغبط سعد بن أبي وقاص ،و عبد الله بن عمر   رضي الله عنهم و يقول : (( لله منزل نزله سعد و ابن عمر ، لئن كان ذنبا لصغير ،و لئن كان حسنا إنه لعظيم ))[28] . و قوله هذا صحيح المعنى و جدير بالتنويه و الإعتبار ، لأن الفتنة جرّت على المسلمين مصائب كثيرة ،و أورثتهم الفرقة و العداوة ،و البغضاء و الإقتتال ،و لم ينج منها إلا الذين اعتزلوها .

-موقف الصحابى الجليل محمد بن مسلمة

   و أما محمد بن مسلمة الأنصاري   رضي الله عنه فقد اعتزل موقعتي الجمل و صفين و اتخذ سيفا من خشب ، و خرج من المدينة إلى بادية الرّبذة و أقام بها ، و كان ذلك بأمر نبوي ، على ما ذكره الحافظ الذهبي .و هو من نجباء الصحابة ، شهد بدرا و المشاهد الأخرى [29] . و هو الذي قال فيه رسول الله   صلى الله عليه و سلم-: (( لا تضرّه الفتنة )) و في رواية (( لا تضرّك الفتنة ))[30]  .

و في رواية[31] للتابعي أبي بردة بن أبي موسى  أنه مر-أيام الفتنة- بمحمد بن مسلمة بالربذة ، فقال له : لو خرجت إلى الناس فأمرت و نهيت ، فقال له : قال لي النبي عليه الصلاة و السلام- ( يا محمد ستكون فرقة و فتنة و اختلاف ، فاكسر سيفك ،و اقطع وترك ،و اجلس في بيتك )) ففعلت ما أمرني[32] . و هناك أربعة أحاديث أخرى متشابهة المتون ، فيها أمر نبوي صريح ، لمحمد بن مسلمة بإعتزال الفتنة و عدم الخوض فيها ، أولها أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال له :( إذا رأيت الناس يقتتلون على الدنيا فاعمد بسيفك على أعظم صخرة في الحرة ، فاضربه بها ، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة ، أو منية قاضية ) ، ثم قال محمد بن مسلمة : ففعلت ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه و سلم ))[33] .

   و الحديث الثاني ، فيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم- أعطى سيفا لمحمد بن مسلمة ، -رضي الله عنه و قال له :( جاهد بهذا ، في سبيل الله ، فإذا اختلفت أعناق الناس ، فاضرب به الحجر ، ثم ادخل بيتك ، فكن حلسا ملقى ، حتى تأتيك يد خاطئة ، أو منية قاضية ))[34] .

و في الحديث الثالث ، أن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه جاء أيام الفتنة-إلى محمد بن مسلمة  و قال له : ما خلفك عن هذا الأمر  ؟ فقال له : دفع إلي ابن عمك يعني الرسول  سيفا و قال لي : قاتل به ما قوتل العدو ، فإذا رأيت الناس يقتل بعضهم بعضا ، فاعمد به إلى صخرة فاضربه بها ، ثم ألزم بيتك حتى تأتيك منية قاضية ، أو يد خاطئة ) فقال علي خلّو عنه [35]

  و آخرها أي الحديث الرابع-  فيه أن رسول الله  عليه الصلاة و السلام قال لمحمد بن مسلمة: ( إنها ستكون فتنة و فرقة و اختلاف ، فإذا كان كذلك فأت بسيفك أُحدا فاضربه حتى ينقطع ، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة ، أو منية قاضية )، ثم قال محمد بن مسلمة   أيام الفتنة-  : فقد فعلت ما قاله لي رسول الله  عليه الصلاة و السلام -[36]  .

-موقف حب رسول الله وابن حبه :

   ألاوهو أسامة بن زيد  رضي الله عنه- فإنه عندما أرسل مولاه حرملة إلى علي بن أبي طالب زمن الفتنة ، قال لمولاه عن علي ، إنه يسألك عن تخلفي عنه ، فقل له يقول لك :( لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ، لكن هذا الأمر لم أره )[37] .و في رواية أخرى عن معمر بن راشد عن الشهاب الزهري ، أن عليا لقي أسامة رضي الله عنهما فقال له : ما كنا نعدك إلا من أنفسنا يا أسامة ، فلم لا تدخل معنا   أي في القتال- فقال له : يا أبا حسن ، إنك و الله لو أخذت بمشفر   أي الشفة- الأسد  لأخذت بمشفره الآخر معك حتى نهلك جميعا ، أو نحيا جميعا ، و أما هذا الأمر الذي أنت فيه ، فو الله لا أدخل فيه ))[38] .

-موقف الصحابى الجليل سلمة بن الأكوع :

    و أما الصحابي سلمة بن الأكوع ، - رضي الله عنه- فإنه لما استشهد عثمان   رضي الله عنه- و حدثت الفتنة اعتزل الناس ،و خرج من المدينة إلى بادية الرّبذة و سكنها ، و تأهل بها و لم يلابس شيئا من الفتنة . و عندما قيل له : لماذا تعرّبت  أي أصبح أعرابيا- قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم- أذن لي في التعرّب و سكن البادية [39] .

-موقف  الصحابى الجليل أبو هريرة

    و الصحابي الجليل :  أبو هريرة -رضي الله عنه- فقد اعتزل الفتنة كذلك و لم يلابسها [40] و يبدوا أنه اتخذ هذا الموقف تمسكا بالحديث المشهور عن إعتزال الفتنة ، لأنه هو أحد رواته ، فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم- قال :( ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم ،و القائم فيها خير من الماشي ، و الماشي فيها خير من الساعي ،و من تشرّف لها تستشرفه ، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذبه ))[41] .

-موقف  الصحابي أهبان بن صيفي البصري     

   وأما  الصحابي أهبان بن صيفي البصري   رضي الله عنه- فإنه عندما إعتزل الفتنة ، جاءه علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- و طلب منه أن يلتحق به ، فقال له : نعم ثم دعا جارية له بأن تأتيه بسيفه ، فأخرجته فإذا هو من خشب ، و قال لعلي :( إن خليلي ابن عمك -صلى الله عليه و سلم-عهد إلي إذا كانت الفتنة بين المسلمين ، فاتخذ سيفا من خشب ، فإن شئت خرجت معك ، قال علي : لا حاجة لي فيك و لا في سيفك [42] .

- موقف الصحابي عبد الله بن عمر 

     وأما الصحابي عبد الله بن عمر  رضي الله عنهما- ، فقد حرص على ألا يقترب من الفتنة أبدا ،و لا يكون سببا في قتل أحد ، و كان يقول : من قال حي على الصلاة أجبته ، و من قال : حي على قتل أخيك المسلم و أخذ ماله ،  فلا [43] .و عندما كلّفه علي بن أبي طالب-بعدما بايعه الناس- بالذهاب إلى الشام ليتولى إمارته ، اعتذر له و ترجاه بأن يعفيه ، فلم يقبل منه ، فظل ابن عمر يبحث عن المعاذير ، و استعان عليه بأخته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها- ثم خرج ليلا إلى مكة فارا دون علم من علي ، فلما سمع بأمره سكن[44]  .

-الصحابي عبد الله بن سعد بن أبي سرح  

     وأما الصحابي عبد الله بن سعد بن أبي سرح   رضي الله عنه- ، كان واليا لعثمان بن عفان- رضي الله عنه- على مصر ، فلما سمع بإستشهاده سنة 35ه إعتزل الفتنة ،و التحق بفلسطين فرارا  منها - أي الفتنة- فبقي بها إلى أن وافته المنية ، و هو في الصلاة ، سنة 36ه [45] 

    و من مظاهر الإعتزال الجماعي للفتنة ، أنه روي أن علي بن أبي طالب عندما ندب أهل المدينة للخروج معه للقتال لم يوافقوه ،و أبوا الخروج معه ، فكلّم عبد الله بن عمر شخصيا للخروج معه ، فقال له : أنا رجل من المدينة . ثم كرر عليهم دعوته للسير معه عندما سمع بخروج أهل مكة إلى البصرة ، فتثاقل عنه أكثرهم ،و استجاب له ما بين : 4-7 من البدريين[46] 

                25- رابعا : هم الطائعون لله ولرسوله

لم تشهد الدنيا رجالاً سمعوا وأطاعوا لنبيهم كأصحاب سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فلم يترددوا أبداً في أمر أصدر إليهم ولقد رأينا في العهد القديم كيف عاند بنوا إسرائيل أنبياءهم ولم ينفذوا أوامرهم بسهولة .  أما أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أمرهم الرسول صلي الله عليه وسلم بحفر الخندق فحفروا وأمرهم بالجهاد فجاهدوا  أمرهم بالهجرة فهاجروا ولم يبدر منهم إلا قولهم"سمعنا وأطعنا"  

ولوأ أردنا أن نستعرض الاف المواقف التى تبين مدى طاعة الصحابة لله وللرسول  لوجدنا بين دفات الكتب ما يثلج صدورنا ولكنى رايت أن أذكر أكثر هذه المواقف خطورة وتحولا فىحياة الأمة والتى اعتبرها الفاروق كذلك فاتخذا منها تقويما  وتاريحا يعرف به المسلمون وحدهم  ألا وهى الهجرة من مكة إلى المدينة لنرى كيف استجاب أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لتوجيهات نبيهم محمد صلي الله عليه وسلم:-

- الهجرة إلي المدينة

كان الرسول صلي الله عليه وسلم يعلم أن دعوته ستصل إلي الأفاق ومع هذا لم يتعجل وكان يقدر الأمور حق قدرها ولذا فكان لا يريد رجالاً أرغموا على الإيمان بل يريد رجالاً أشربوا الإيمان وحب الله وحب رسوله لأنهم سيواجهون عقبات لا يعلم خطرها إلا الله جل وعلا .

كما أن  قريش كانت لا تزال في نظر الجزيرة حاضنة البيت الحرام والوريث الشرعي لدين إبراهيم ولا تري الجزيرة محمداً صلي الله عليه وسلم وأصحابه إلا فئة يريدون أن ينزعوا من قريش زعامتها ومكانتها فلو انتصر الدين فى مكة وتبنته قريش لقيل  بأن الدين الإسلامي قام على أنقاض قريش وزعامتها واستمد قوته وزعامته واحترامه من تقدير العرب لقريش .

 والرسول صلي الله عليه وسلم يريدها لا شرقية ولا غربية بل يريد مدينة بكراً ذات أوصاف خاصة أعدها الله منذ الأزل أن تكون مهجر نبيه وصحبه وأن تكون مستقراً لدعوته ويكون الرسول صلي الله عليه وسلم بها هو الأمر الناهي صاحب الكلمة العليا وهذا حقه لأنه أشرف الخلق والمبلغ عن الخالق فلا ينبغي أن يكون تحت ضغط أو قيادة أخرى ولذا أمر الحق جل وعلا رسوله وصحبه الكرام بقوله"فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم" لماذا؟

أولاً:- لأن الإسلام في بدايته يحتاج إلي رجال أشداء أقوياء عقلاء يؤمنون بالله حق الإيمان      لا يشوب إيمانهم شائبة لأنهم سيكونوا مرآة هذا الدين فإذا لاحظ عليهم من يخالطهم فيما بعد أي خلل في سلوك لن يثقوا إذن لابهم ولا بهذا الدين وينتهي الدين في مهده . فالحكمة تقتضي أن الرعيل الأول يجب أن يصل في التربية والإيمان المطلق لدرجة الكمال لأنهم لن يكونوا قدوة فحسب بل سيواجهون صعاب شاقة فهم عما قليل سيؤمرون بالهجرة والهجرة ليست رحلة سياحية فالسائح يعلم انه في رحلة يستكشف فيها عالماً جديداً يستمتع به يقيم في أغلى الفنادق ويأكل في أفضل المطاعم وأشهر المأكولات وفوق هذا معه أمواله التي تكفيه وبعد هذا الإستمتاع يعود إلي وطنه فيجد منزله كما تركه وأهله كما هم بل في اشتياق إليه.

أما المهاجر سيهاجر سراً متخفياً تاركاً أهله ووطنه وأمواله ولك أن تتخيل لوعة الفراق ثم هو سيسير في صحراء شديدة البرودة ليلاً شديدة الحرارة نهاراًُ وليس معه غذاء ولا ماء ناهيك عن مصاعب الصحراء من ذئاب وسباع ولصوص وإن قدرت له السلامة فكيف يستقبله أهل المكان الجديد وكيف سيعيش بينهم وهو ينوي الإستقرار والنهوض بأمر هذا الدين.

إذا فكان إعداد المهاجرين نفسياً ودينياً وخلقياً أمراً واجباً ولذلك عرضهم الحق جل وعلا لإختبارات عديدة "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ " البقرة  143فشاء قدر الله أن تضاعف قريش العذاب ووسط هذا الصراع ويري المسلمون الرسول صلي الله عليه وسلم وهو عائد من الطائف ويدخل مكة في جوار رجل مشرك وهو المطعم بني عدى لنرى كيف يتصرف المسلمون وفيما يفكرون .

هل ينقص ذلك قدر رسول الله عندهم أم يزداد يقينهم بأن ما هذه إلا صعوبات في طريق النجاة ثم يكافئ الحق نبيه محمد صلي الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج وتعلم قريش وليس الغرض قريش بقدر ما هو مراد من أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم فيا تري هل سيصدقون دون نقاش كما فعل الصديق رضي الله عنه أم أن إيمانهم مازالت تشوبه شائبة ؟

فحين استقر الإيمان في قلوبهم هيأ الحق سبحانه وتعالي المكان الذي سيهاجرون إليه لأنه لابد أن يكون له أوصاف تناسب هؤلاء السابقون الأولون وبخاصة أنهم في صحبة خير خلق الله ولذا: شاء الله أن تكون المدينة هي مهجر النبي صلي الله عليه وسلم وحقاً كان نعم الاختبار لأسباب

 أولاً:- لأن موقعها الجغرافي يجعل من الصعب دخول الأعداء إليها فهي بين جبلين والبيوت في الأعالي فليس لها إلا مدخل واحد للجيوش من  بين الجبلين فمن السهل التصدي للعدو مثلما حدث يوم الخندق.

ثانياً:- كان أهل المدينة مع كثرة عددهم يرجع أمرهم إلي رجلين عظيمين هما  سعد بن عبادة وسعد بن معاذ رضي الله عنهما  حتي انه بإيمانها آمنت المدينة كلها وإن دل ذلك فإنما يدل على مدي الترابط والصلة والتراحم والتعاطف بين هؤلاء الأخوة.

ثالثاً:- وجود هؤلاء بجوار اليهود كان له فائدتين :

 الأولي :  أنهم سمعوا من اليهود عن النبي الخاتم الذي ظهر أوانه وكان اليهود دائماً يستفتحون به في الحروب فينتصروا فعزم أهل المدينة حين علموا بالرسول محمد إلا تسبقهم اليهود إليه.

الثانية:- وإن كانت سيئة أنذاك إلا أنها أفادتهم فيما بعد وهي ان جيرتهم لليهود تسببت في نشوب الحروب بين الأوس والخزرج لأن اليهود كانوا دائماً يوقعون العداوة والبغضاء بينهم ليبيعوا لهم السلاح ويضمنون العيش في أمان مادام جيرانهم في اختلاف فالحرب الطويلة جعلت من أهل المدينة فرساناً أقوياء لا يهابون الموت ومدربين  على كل فنون القتال.

رابعاً:- أن الحروب الطويلة أنهكت أهل المدينة فحين جاءهم من يخبرهم بالدين الجديد الذي بحث على الروابط والأخلاق الكريمة ويأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي فاستجابوا لله وللرسول رغبة منهم في أن يحيوا حياة طيبة.

خامساً:- لابد من إعداد أهل المدينة دينياً وخلقياً كما أعد المهاجرون لأن أهل المدينة باستضافتهم للمهاجرين سيواجهون أعباء كثيرة منها :- أن العرب واليهود سيقاتلونهم  على قلب رجل واحد كما أن عليهم أن يكرموا المهاجرين الذين جاءوا دون مال ولا أي شيء تحقيقاً لمبدأ الأخوة"إنما المؤمنون أخوة" وتحقيقاً لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً".

وبهذا أصبح الجميع على استعداد لتنفيذ أمر الله فحين أمر الرسول أصحابه رضوان الله عليهم بالهجرة قالوا سمعنا واطعنا رغم إقبالهم على مستقبل مجهول لا يدرون عواقبه إلا أنهم تعلموا وامنوا بقوله تعالي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }  الأنفال 24

وأهل المدينة  أكرمهم الله بالإسلام على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير حتى لم يبق    تقريباً بيت في المدينة إلا وآمن بالله جل وعلا ونبيه محمد صلي الله عليه وسلم أرسلوا وفوداً   إلي النبي صلي الله عليه وسلم في مكة فبايعوه بما يعرف باسم "العقبة الأولي"  والثانية فرغم الشروط التي وضعها النبي صلي الله عليه وسلم وهي كما روي الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله قال:-

قلنا يا رسول الله علام نبايعك" قال صلي الله عليه وسلم :- 1- على السمع والطاعة في النشاط والكسل   2- النفقة في العسر واليسر  3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  4- أن تقوموا في الله .لا تأخذكم في الله لومة لائم  5- أن تنصروني إذا قدمت إليكم وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم .ولكم الجنة .

ويؤكد ابن اسحاق فيما راوه ابن كعب أن البراء بن معرور أخذ بيد  الرسول صلي الله عليه وسلم فقال:- نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنك مما نمنع أزرنا منه فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحرب وأصل الحلقة ورثناها كابر عن كابر"وحتى تعلم عزيزي القارئ مدي الخطورة التي سيقدم عليها هؤلاء يذكر ابن اسحاق أن أبو الهيثم بن التيهان اعترض القول فقال :- يا رسول الله إن بيننا ويين الرجال(أي اليهود)حبالاً وإنا قاطعوها فهل عسيت أن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلي قومك وتدعنا.

قال :- فتبسم رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال:- بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم"

 كما أخذ الرسول عليهم العهد وقالوا سمعنا وأطعنا أخذو ا هم أيضاً العهد على رسول الله صلي الله عليه وسلم  ألا يتركهم إذا أعز الله دينه فقال صلي الله عليه وسلم  سمعاً وطاعة أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم نعم هؤلاء الصحب الكرام وكأنهم حقاًَ فرد واحد "إذا اشتكي عنه عضواً تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي"

 

 

           26- وفاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعهده للأنصار

سادسا : موقف الأنصار ) منح الرسول أموالا طائلة من الغنائم لبعض من أسلموا حديثا ، ولم يعط للأنصار شيئا !! فماذا حدث بعد ذلك ؟؟ روي عن ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال‏:‏ لما أعطى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ ( غضب ) هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت فيهم القَالَةُ - يعني كثرة الكلام بين الناس - حتى قال قائلهم‏:‏ لقي - واللّه - رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- قومه ( أي عاد إليهم وأهملنا )، فدخل عليه سعد بن عبادة ، فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدوا عليك في أنفسهم، لِما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏
قال‏:‏ ‏" ‏فأين أنت من ذلك يا سعد‏ ؟

 قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.‏ قال‏:‏ " ‏فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة‏ ( خيمة كبيرة )" .‏ فخرج سعد ، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا‏.‏ وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد ، فقال‏:‏ لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم-

 فحمد اللّه، وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ ‏" ‏يا معشر الأنصار، ما قَالَةٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها عليَّ في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكم اللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم ‏؟‏‏" قالوا‏:‏ بلى، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفضل. ثم قال‏:‏ ‏" ‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ‏؟‏‏" قالوا‏:‏ بماذا نجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المنّ والفضلُ‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏ أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك. ‏

أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم فيَّ لَعَاعَةٍ من الدنيا ( شيئًا حقيرا ) تَألفَّتُ بها قومًا ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكتُ شِعب الأنصار. وإنكم ستلقون أثَرَةً من بعدي، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ‏" فبكي القوم حتى اخضلوا - بللوا - لحاهم، وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه - صلى الله عليه- وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا " ( ابن هشام 2/ 499 ، 500 عن الرحيق المختوم 499، 500) يظهر في الموقف السابق عدد من الفوائد ومنها :

-لابد أن يحذر القائد أو المربي من نزغات الشيطان بين جنوده وأتباعه وطلابه ولو في أزهى حالات النصر ، ويجب أن يكون فطنا واعيا بما يحدث حوله
-
ينبغي أن يستوثق القائد من كل ما يصل إليه قبل الحكم واتخاذ القرارات 
-
الاقتصار على حضور أصحاب المشكلة عند التفاهم حولها ، ولا بأس بحضور البعض من غيرهم حسب المصلحة

- اعتماد الحوار ، والحرص على استماع الرأي الآخر
-
الاعتراف بالفضل لأصحابه إن لزم الأمر ، مع إعلاء الحقوق وهذا مما يذهب بالضغائن ويبعث الطمأنينة ويهون المشكلات عند أصحاب المروءات
-
التذكير بالغاية السامية ( وهي الجنة ) ، او بالأهداف العليا مما يؤثر إيجابا في نفوس المؤمنين ، ومما يزيل ما علق بالنفوس من التنافس والرغبة في الدنيا وما عليها 
-
للتحفيز وإعلان المكافآت دور خطير في شحذ النفوس وإبعاد ما قد يعلق بها من أنواع الصدأ.

- تنويع المثيرات وألوان التحفيز : بحسب درجة وميول الأشخاص وبحسب قيمة أعمالهم أمر مطلوب .( للمؤلفة قلوبهم المال الكثير ، وللأنصار عودة الرسول إلى دارهم وتفضيله إياهم على أهله وبلده ، ودعائه الأثير لهم ...إلخ ) .

27-ظهير الدين بابر.. والهند

أعرض لك عزيزى القارئ نموذجا قد يكون منسيا لدى أبنائنا ولا يكادون يعرفون عنه الكثير فإذا حدثت أحدا وأخبرته أنه كان لنا فى الهند دولة إسلامية كبرى ينظر إليك من باب الشفقة   ولذا سعدت غاية السعادة حين عثرت على بحث يتحدث عن الهند وفاتحها  ولقد قام بهذا البحث العالم " أحمد تمام " فسأقدمه إليك مع بعض التعديلات فيقول :

من المعلوم  أن الهند فتحه السلطان محمد الغزنوى فى نهايه القرن الرابع الهجرى  ولكن تعرضت فيما بعد لخطر الهندوس  إلى أن جاء ظهير الدين بابر ليعيد لها مجدها الإسلامى ولكن للأسف الجديد  أضاعه المسلمون فيما بعد كما ضاعت الأندلس  فيا مسلمون أفيقوا  وهذا الفاتح العظيم لم يكن كبير السن أو من المخضرمين . إنما كان شابا فيعد ظهير الدين بابر من كبار القادة والفاتحين في تاريخ الإسلام، نجح في إقامة دولة كبيرة بهمته العالية وروحه الطامحة وإصراره الدائب قبل أن يقيمها بسيفه وغزواته، تعرض لمحن كثيرة وهو لا يزال صبيًا غض الإهاب فقابلها بثبات الأبطال، وبقلب لم يعرف اليأس إليه طريقًا.

قامت في النصف الأول من القرن العاشر الهجري دولة فتية في شمال شبه القارة الهندية، وأصبحت ثالث ثلاث دول- بعد الدولة العثمانية والدولة الصفوية-. وقد نشأت هذه الدولة الفتية على يد "ظهير الدين محمد بابر"، وشاء الله لها أن تحيا ثلاثة قرون حتى اغتصب البريطانيون الهند كلها من أهلها بالدس والخديعة، وقد نعم الناس تحت حكم  المسلمين  بالعدل والتسامح والسلام والأمن. وتعود جذور ظهير الدين بابر إلى "تيمورلنك" الذي أقام دولة عظيمة امتدت من دلهي حتى دمشق، ومن بحيرة آرال إلى الخليج العربي، ولم تلبث هذه الدولة أن تفككت بعد وفاته بين أولاده، حتى أفلح حفيده السلطان "أبو سعيد ميزرا" في أن ينشئ له دولة امتدت من السند إلى العراق، وخلفه فيها أبناؤه العشرة، واختص عمر شيخ ميرزا- والد ظهير الدين بابر- بإقليم فرغانة بأقصى الشمال الشرقي من بلاد ما وراء النهر.

                          28-المولد والنشأة

ولد ظهير الدين سنة (888هـ = 1418م) في إمارة فرغانة التي كان يحكمها أبوه عمر شيخ ميرزا، وكان حاكمًا طموحًا؛ دخل في صراع مع جيرانه من المغول- وكانوا أصهاره- ومع إخوته من أجل توسيع سلطانه ومد نفوذه، لكن يد الأجل بادرته قبل أن يحقق أطماعه؛ حيث سقط من فوق حصن له قتيلاً، وخلفه ابنه ظهير الدين على ملكه، وكان صبيًا صغيرًا في الثانية عشرة من عمره. تولى ظهير الدين حكم فرغانة سنة (899هـ = 1429م)، وورث عن أبيه خلافاته وصراعاته مع جيرانه، ولم يكن لمثل هذا الصبي أن يتحمل تبعات إمارة يتربص بها جيرانها، لكن من حوله أداروا له دفة الأمور، وساعدوه في حكم البلاد، ولم تكد تمضي سنوات قلائل حتى انقض على "سمرقند" فاستخلصها لنفسه من أيدي أبناء عمومته، واتخذها عاصمة لدولته، كما كانت من قبل حاضرة لجده تيمورلنك.

 

بابر يفقد سلطانه

جلس بابر على عرش تيمورلنك ثلاثة أشهر وعشرًا، ثم انقض عليه جيرانه من الأمراء الأوزبك والشيبانيين، ففقد سمرقند وجميع أملاكه ببلاد ما وراء النهر، وأصبح شريدًا طريدًا يضرب في الأرض ويبحث عن مأوى، لكنه وإن خسر ملكه وتخلى عنه رجاله، فإنه لم يتطرق اليأس إلى قلبه، ولم يضع الأمل، فظل عامًا وبعض عام في الصحاري والجبال حتى واتته الفرصة فانتهزها بعد أن التقى بجموع من عشائر المغول والأتراك الفارة من وجه الأوزبك عند الجنوب الشرقي ببلاد ما وراء النهر، فقادها واتجه بها إلى أرض "كابل" و"غزنة"، وكان أحد أعمامه قد تُوفي حديثًا عنها، فأقام هناك، وتولى عرشها، وظل نحو عشرين عامًا قبل أن يقدم على فتح الهند، وإقامة دولة المغول.

التحالف مع الصفويين

انتعشت الآمال في نفس ظهير الدين بقيام إسماعيل الصفوي شاه الفرس بالقضاء على شوكة الأوزبك وزعيمهم شيباني خان، وانتزاع قسم كبير من أملاكه وأراضيه، وتطلع إلى استرداد بلاد ما وراء النهر، فأمده حليفه بفرق من جنده ليستعين بهم في تحقيق آماله وطموحاته، وقد رحّب أهالي بخارى وسمرقند بأميرهم القديم واستقبلوه استقبالاً حسنًا، ثم ما لبث أن تحول الترحيب إلى داء ومقاومة، لإصرار جنود الشاه على إرغام أهالي البلاد على اعتناق المذهب الشيعي، وارتكبوا في سبيل تحقيق ذلك مذابح رهيبة، مما جعل الناس يأتلفون مع الأوزبك لطرد هؤلاء الغزاة ومعهم بابر نفسه، الذي حاول أن يمنع قادة الفرس من ارتكاب جرائمهم المخزية، لكن صوت نصحه ضاع أدراج الرياح.

ولو أن العالم الإسلامي كانت به من القوة ما تمنع الإعتداء الغاشم، ورد الباغي عن غيه، لأمكنه ذلك من نصرة المسلمين في الأندلس والوقوف أمام إسبانيا التي انفردت بالمسلمين تفعل بهم ما تشاء، لكن المسلمين كانوا في شغل بالحروب في غير ميدان، والصراع على آمال حقيرة. ولو ترابطت الدول الإسلامية الكبرى، العثمانية والصفوية والمغولية، لما ظهرت روسيا، أوعلى الأقل لتأخر ظهورها على مسرح التاريخ، وهي التي كانت في مهدها تدفع الجزية للمسلمين، لكنها استغلت الخلافات المذهبية والصراع بين الدول الإسلامية لتبني مجدها، وتصبح مصدر خطر دائم عانت منه الدولة العثمانية، وتستولي على أراض إسلامية، وتشرد من سكانها ملايين عديدة.

                            29-التوجه إلى الهند

ولّى ظهير الدين بابر وجهه شطر الهند بعد أن استنجد به فريق من أمرائها ليخلصهم من استبداد "إبراهيم اللودهي" حاكم "دلهي"، فانتهز الفرصة لتحقيق آماله العريضة في إقامة دولة كبيرة له في الهند، بعد أن ثبت الأوزبك أقدامهم ببلاد ما وراء النهر من جديد، واستولى الصفويون على خراسان كلها، ولم تعد له فرصة سوى أن يقيم دولة في الهند.

خرج بابر إلى الهند في غزوات متتالية بدأت في سنة (925هـ= 1519م) حتى تم له السيطرة على السند والبنجاب، ثم كانت معركته الفاصلة "باي بت" في (7 من رجب 932هـ= 20 من إبريل سنة 1526م) مع إبراهيم اللودهي على بعد عشرة أميال شمالي "دلهي" وقد حقق نصرًا هائلا على اللودهيين على الرغم من قلة عدد جنوده الذين لم يتجاوز عددهم اثني عشر ألفًا في مقابل مائة ألف، بعد أن باغت خصمه وهو في طريقه للقتال، وأخذت بنادقه ومدفعيته تصلي قلب الجيش اللودهي نارًا حامية، ولم يكن للهند معرفة بها من قبل، فتمزق جيش اللودهيين، وقتل السلطان إبراهيم في ساحة القتال، ودخل بابر مدينة دلهي واستقر على عرش اللودهيين بقلعة آكرا.

وبعد النصر بدأ الفاتح العظيم في توزيع ما وقعت عليه يده من كنوز الهند على رجاله، وبلغ من كثرتها أنه بعث بنصيب منها إلى ولاته وجنوده فيما وراء حدود الهند، وأغدق على العلماء والفقراء في كافة المزارات الإسلامية والأراضي المقدسة، وخص كل ساكني كابل بنصيب من غنائمه. يذكر أن مما غنمه الفاتح جوهرة كوهينور أكبر ماسة عرفتها الدنيا، وهي التي نهبها البريطانيون في القرن التاسع عشر، وزينوا بها تاج ملكتهم فكتوريا.

التوغل في شبه القارة الهندية

وفي الوقت الذي انشغل فيه ظهير الدين بابر بتنظيم أموره بدأ الأمراء الأفغان يضعون أيديهم في أيدي الأمراء الهندوس بالراجيوتانا، يكونون جبهة واحدة لطرد بابر وقواته، واقتضى الأمر تحركًا سريعًا لضرب هذا التحالف قبل استفحاله، وما كاد يستعد لذلك حتى فوجئ بشيوع روح التذمر تسري بين جنوده، وبتسرب الملل إلى نفوسهم، وبدءوا يطالبون بالعودة إلى بلادهم، وشعر "بابر" أن آماله ستتبدد لو رضخ لهوى جنوده، وأن طموحه العظيم سيصبح سرابًا لو وافقهم على هواهم؛ فبذل معهم محاولات جادة لثنيهم عن عزمهم وبث فيهم روح الجهاد والآمال العظيمة حتى أفلح في جعلهم يخضعون له.

وما كاد يتم له ذلك حتى أرسل ابنه "همايون" إلى المناطق الشرقية في أربعين ألفا من الجند، فاستولوا على "قنوج"، واتجهوا إلى آكر فاستولوا عليها، وتوغلوا حتى أشرفوا على حدود البنغال، وبينما قوات همايون تحقق تلك الانتصارات، كان خطر الأمراء الهنادكة لا يزال قائمًا، فأرسل "بابر" إلى ابنه يستدعيه على عجل لمواجهة التحالف الذي قام بين الهنادكة وأمراء الأفغان تحت زعامة "راناسنكا" سيد الراجيوتانا وأكبر أمراء الهاندكة، وتجمع في هذا التحالف نحو مائة وعشرين ألفًا من الجند ومئات الأفيال.

والتقى الفريقان في معركة هائلة في "خانوه" وثبت المسلمون في الميدان، وأبلوا بلاء حسنًا، وأخلصوا نياتهم، وبالغوا في تضرعهم إلى الله طلبًا للنصر، واستعملوا البنادق والمدفعية، حتى جاء نصر الله والفتح، فانفرط عقد الهندوس وولوا الأدبار. وبهذا النصر العظيم قضى على الخطر الهندوسي الذي ظل يهدد كيان الدولة الإسلامية بالهند منذ قيامها على يد السلطان محمود الغزنوي في نهاية القرن الرابع الهجري.

ولم يكتف بابر بهذا النصر، فخرج بقواته لمطاردة ثورات الأفغان حتى حدود البنغال، وبذلك خضعت له الهندستان، وأقام إمبراطورية المغول في الهند.

شخصية بابر

يعد ظهير الدين بابر من كبار القادة والفاتحين في تاريخ الإسلام، نجح في إقامة دولة كبيرة بهمته العالية وروحه الطامحة وإصراره الدائب قبل أن يقيمها بسيفه وغزواته، تعرض لمحن كثيرة وهو لا يزال صبيًا غض الإهاب فقابلها بثبات الأبطال، وبقلب لم يعرف اليأس إليه طريقًا.

يذكر له أنه كان يقود جندًا من مختلف الأجناس، من مغول وترك وأفغان لكنه نجح في قيادتهم، وقضى بعزيمته وحكمته على بوادر أي تذمر في مهده؛ ولذا نجح فيما عجز عنه غيره في مواصلة الفتح في بلاد الهند. وعرف هذا السلطان بسماحته وبغضه للتعصب الديني، ونهج خلفاؤه في الهند هذه السياسة فمارس الهندوس طقوسهم الدينية في حرية تامة ودون تضييق إبان حكم الدولة المغولية في الغالب، وكان سمحًا مع رجاله الذين تخلوا عنه، فعفا عنهم حين وفدوا عليه في الهند.

وعلى الرغم من قصر المدة التي مكثها في الهند فقد اجتهد في إصلاح نظم الإدارة، وبناء دولته، فشق الطرق، وحفر الترع والأنهار، وأقام عددًا من البساتين وجلب لها صنوفًا من الثمار والنباتات لم تكن الهند تعرفها من قبل

ولم يكن بابر قائدًا عظيمًا وفاتحًا كبيرًا فحسب، بل كان أديبًا موهوبًا كتب سيرة ذاتية لنفسه باللغة التركية باسم "بابرنامة" ضمنها ترجمة لحياته وعصره، وذكر فيها ما قابله من أحداث وحروب، واتسمت تلك السيرة بالصدق مع النفس وغيره، فلم ينكر فضيلة لعدو أو يخفي رذيلة لصديق، وقد ترجمت هذه السيرة إلى الفارسية وإلى عدة لغات أوروبية.

وفاته

بعد أن انتصر بابر على الأفغان لم يمتد به الأجل فتُوفي في (5 من جمادى الأولى 937هـ= 22 من فبراير 1530م) وهو في الخمسين من عمره، ولم يكن قد مضى عليه في الهند أكثر من ست سنوات.

 

                                                

                                       

 

 

 

 

 

               

 

 

 

 

 

                                           الفصل الثالث

 

                                 بنوا إسرائيل والإرهاب

 

 

1-تمهيد : بنوا إسرائيل والإرهاب         2-إفتراء النصارى على المسيح عليه السلام

3-مشروع تنصير بلاد البحر المتوسط      4-البابوات والأمر بالتخريب

5-المرأة فى فكر بنى إسرائيل                 6-وشهد شاهد من أهلها

7-صحيفة الدستور الأمريكية               8-لماذا يكرهون الإسلام ؟

9-بنوا إسرائيل وأطفال المسلمين          10 -الصحف الإسرائيلية

11-إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية  12-بعض ملامح الجرائم الإسرائيلية

13-الإسلام والإحسان                     14-الغرب والشرق حسد أم إلتهام

15-عدوان بنى إسرائيلعلى العالم الإسلامى 16-الهند الإسلامية

  17-جنوب أفريقيا                        18-الجزائر                    

19-واى الجنرالات الفرنسيين           20-المغرب العربى

21-ليبيا                                     22  -الروس الأرثوذكسوالعالم الإسلامى

23-أسبانيا بين المسلمين وأهل الكتاب  24-أمريكا والإرهاب

25-أصل أمريكا                            26-بنوا إسرائيل والرقيق

27-أمريكا وإسرائيل                      28-الخاتمة

 

 

                                 

                                      1-  بنوا إسرائيل والإرهاب

لقد تعجبت كثيرا حين خرج علينا العالم الغربى منذ سنوات بمصطلح الإرهاب وقبل أن يلتصق بهم فإذا بهم سرعان مااتهموا به العالم الإسلامى من باب "ضربنى وبكى وسلقنى واشتكى "  والمحزن أن ساعدهم طائفة من بنى جلدتنا وساعدوهم فى انتشار هذا المصطلح المفزع  بل قدموا لهم تسهيلات ليخترقوا صفوفنا وليبثوا الرعب قى قلوب الضعفاء والفرقة بين الاخوة .

 بل ومهدوا لهم الطريق ليتحكموا فى اقتصادنا ومقدراتنا حتى اصبحنا نتاثر بهم بسرعة منقطعة النظير والأسوأ من ذلك هو اطلاعهم على اسرارنا حتى اكتشفوا خبايانا مما ساعدهم على تشكيل أعلامنا حسب أهواهم ولمصلحتهم فى الوقت الذى يسخرون فيه إعلامهم فى عرض قضاياهم بشكل مذهل فأصبح إعلامنا أجوف غير مجدى ولا مفيد بينما يقدم إعلامهم أهدافا سامية  تليق بمجتمعاتهم الراقية ومن ثم ضاعت الكثير من المعالم حتى كاد بعض المغلوب عليهم من أبناء امتنا يرددون دون فهم دقيق لما يقوله الغرب من مصطلحات واهمها واخطرها مصطلح الإرهاب . 

والعجيب حين قرأت تاريخنا وتاريخهم والأحداث من هنا وهناك رايت عجبا ففى الوقت الذى كان المسلمون الفاتحون يحترمون قواعد وعرف البلاد التى  يفتحونهاويحررونها من ظلم المحتلين لها بناء على رغبة أهلها ومع هذا لا يعتدون على أعراض  أو  ثروات  فى الوقت الذى وجدت فيه بنى إسرائيل ما حلوا ببلد إلا وجعلوا أعزة أهلها أذلة فلم يتركوا شيخا إلا  أهانوه ولا امراة  إلا وكشفوا سترها وعن الأطفال حدث ولا حرج .  والمحزن  ما هوذنب الأطفال الرضع ؟

وكأننا نعيش فى غابة بل والله إن مجتمع الغاب أقل وحشية إذ لاتصيد الأسود إلا إذا جاعت وتترك فضل الطعام لغيرها  أما هؤلاء فرايت فيهم وحشية منقطعة النظير ؛  قتل دون مبرر  وانتهاك للحرمات لا ينم إلا عن قوم يقتلهم الشذوذ والخوار الأخلاقى والمذهل أنهم ينادون بين الحين والأخر أنهم أصحاب الحضارة الحديثة التى تقدر الإنسانية والإنسان .  

ووالله الذى لا إله إلا هو لم يعرفوا للإنسان قدره ولم يهن الإنسان أحد غيرهم . والمذهل أن تلك الإهانة  لم تكن  للأغراب عنهم فحسب بل أحيانا لمن هم  من  بنى جلدتهم فهم لا يثقون لا فى أنفسهم  ولا فى غيرهم  وصدق الحق حين قال { لايُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ}   الحشر 14

ولعلك عزيزى الفارئ تود أن تقول لى  : على رسلك لماذا كل هذا التحامل أليسوا إخواننا ؟  وأبناء عمومتنا ؟ أليسوا شركائنا فى هذا العالم ؟  والله كنت مثلك أظن أنهم من الرقى والحضارة بمكان وأنهم على  درجة من الديمقراطية تكفى العالم . ولكن حين اطلعت على ما يعملونه ويدبرونه  ومن رغبة جامحة فى تدمير ما يستطيعون تدميره .

رايت من واجبى أن انبه أمتى الحبيبة  بما يدبر لهم  لأننا سرعان ما نعفوا ونصفح فى الوقت الذى لايعفون هم ولا يصفحون فهم يبيتون الغدر جيلا بعد الأخر وكلما لاحت لجيل منهم فرصة انتهزها خشية أن  لا يستطيع من بعده القيام بها .

ولذلك تدبر معى عزيزى القارئ وانظر : من ورط  العالم بالحروب من مطلع الألفية الثانية إلى الأن  فمن اشعل الحروب الصليبية ومن قام بإحتلال الشرق ونهب ثرواته ومن قام بإحتلال العالم الإسلامى المرة تلو الاخرى من اندونسيا شرقا الى المغرب العربى غربا غيرهم  وما خرجوا إلا حين تأكدوا أن ما لدينا من ثروات قد نهبوها ولم يبق ما ينفعهم .

 وحين ظهر البترل فى بعض البلدان العربية اختلقوا فكرة الإرهاب وتكاتفوا فى سرعة مذهلة وجاءوا  بجحافلهم واجتاحوا العراق وافغانستان  وحطموا فى سبيل ذلك  الأخضر واليابس  وإن احتلوا أرضا تشبثوا بها وكأنهم ولدوا بها فيقاتلون بإستماته للبقاء فيها وما يحدث فى فلسطبن بوميا ليس عن العين ببعيد فمن الإرهابى إذن ؟  هل سمعت عن دولة إسلامية قامت بالإعتداء على دولة أجنبية  ؟

وحتى لايكون الكلام مرسلا رايت عزيزى الفرائ أن أضع أمام عينيك بعضا مما  ألم بنا        من جراء بنى إسرائيل وما أصاب نساءنا وأطفالنا وثرواتنا والمحزن أنها ليست جهودا فردية وإنما تحت سمع وبصر ومباركة البابوات والحاخامات وهم رجال الدين المنوط إليهم فرض الأمن والأمان كرسل للمسيح  كما يزعمون ويتشدقون .

 وحين أتحدث عن بنى إسرائيل إنما أقصد اليهود والمسيحين على السواء فهما وجهان لعملة واحدة فلا ندرى من  منهم يمتطى الأخر المهم لديهم أن  تشترك مصالحهم فى التخلص منا  , فهم لا يتفقون إلا علينا فكلاهما مدين فى حقنا .

فكثيرا ما نرى الجندى الإسرائيلى والأمريكى يشهران السلاح فى وجه طفل أعزل فأين المروءة والشهامة وقولهم : إنهم ما جاءوا إلى بلادنا إلا من أجل الحريات والعجيب هو تصفيقنا وإعجابنا بالديمقراطية  ونداء بعضنا بالمزيد من الحرية وصدق الحق حين قال { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}   الحج 46

و من يتابع تاريخ الغرب فى حروبه سواء  بينهم وبين أنفسهم  , أم ما يقومون به  من حروب على المسلمين وبلدانهم التى يحتلونها يرى شعبا همجيا لا يعرف حضارة ولا رقى ولا صلة له بالرحمة .

تدرى ما هو سبب هذه الوحشية وما يزيدها ضراوة عند النصارى عن غيرهم ؟ ما يسمونها " عقيدة الفداء " إذ هي تمنح النصراني اعتقاداً بنجاته على الرغم مما يحدثه من ذنوب وفظائع، إذ يكفيه الإيمان بالمسيح لينجوا، أو يكفيه أن يحصل على صك غفران من أحد آباء الكنيسة ليدخل في ملكوت الله، وعليه فهو لايبالي بالوحشية والقسوة التي يتعامل بها مع الشعوب المستضعفة.فجميع ذنوبه سيغفرها له البابا " ولا حول ولا قوة الا بالله" ولذا استغل البابوات تلك الفكرة واشعلوا الحروب وعلى راسها الحروب الصليبية والذى تولى كبرها  " البابا اوربان الثانى  " والعجيب أنه أقنعهم " إنها إرادة الله "

وثمة أمر أخر يدفع النصارى للوحشية تدرى ما هو : هو فقد النصرانية لوسائل الإقناع وعجز رجال الكنيسة عن شرح العقائد النصرانية في ضوء المعطيات العقلية. فلايجد القساوسة إلا شعارات مثل  قاتلوا من أجل المسيح ,  قاتلوا من أجل القبر المقدس ليشغلوا الناس عن التفكير فى سبب ما يقومون به من حروب .

وما رايناه فى العراق أكبر دليل ؛  فبعد حروب وانتهاكات وتدمير وخراب وصيحات متعالية لم نجد شيئا وراينا الكذاب بوش الابن وهو يعترف قائلا : لم نجد فى العراق أسلحة دمار شامل كما كنا نظن  .

بالله عليك يدمر شعب وينتهك حرماته لمجرد الظن والمحزن هم العرب والمسلمون الذين استسلموا للأمر وتركو الكذاب وأذنابه يلتهمون بلدا إسلاميا عريقا كان لها شأنها .فأذكر الجميع بقول الحق سبحانه { (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}  281البقرة

ولذا إذا أراد النصارى نشر النصرانية لم يجدوا سوى السيف بديلاً يستجيب الناس من خلاله لمنطق القوة الغالبة، فكأن الإحتلال حلاً ناجعاً لقصور العقائد والعبادات النصرانية. ([47])

وإحتلال الأخر وإزهاق روحه أصبح ثقافة عندهم  وما يحدث بين الحين والأخر لهو دليل صادح ودائم على إرهابية الثقافة الغربية العنصرية، ومؤسساتها المختلفة سواءً كانت دولاً أو منظمات أو أحزاباً.

ومن الطرق والمناهج التى يقومون بها بجانب الحروب هو التبشير :فالتبشير لفظة مشتقة من بشر بمعنى فرح وتهلل، ومنه البِشَارة، وهي الخبر السار الذي لايعلمه المخبَر، والبُشرى هي ما يبشَّر به أو ما يعطاه المبشَّر. والتبشير بالمعنى الإصطلاحي يطلق على دعوة النصارى الآخرين إلى النصرانية. ([48])

            2- إفتراء النصارى على المسيح عليه السلام

والسبب فى ذلك هو ما افتراه اليهود والمسيحيون الأوائل وزعموا أن المسيح عليه السلام هو الذى حثهم وأمرهم بأن ينشروا المسيحية فى أرجاء العالم  وأن هذا الأمر صدر لهم من المسيح حين قال : " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " ( متى 28/20 ) مع أن كل أناجيلهم تؤكد حرص المسيح على ألا تخرج الدعوة من حدود بلاده

 

المراة الكنعانية

21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً:«ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:«اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً:«يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ وَقَالَ:«لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». 27فَقَالَتْ:«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». 28حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

        3- مشروع تنصير بلاد البحر المتوسط

و ثمة سبب أخر وهو حين أخفق القساوسة فى أوروبا وكادت هيمنتهم تضيع وكاد ثراءهم يتلاشى بسبب ما فقدوه من عدم دفع الناس لصكوك الغفران وغيرها من الإتاوات التى كانوا يحصلون عليها بشتى الطرق فقاموا بتشجيع الامراء على التوجه ناحية الشرق وكان الغرض الأول هو الإستيلاء على ثروته ولكنهم بما أنهم فى نظر العامة علماء دين فأقنعوا الناس إنها مهمة مقدسة وأن عليهم أن ينشروا مبادئ المسيح وحتى لايتوانى  أحد أقنعوهم أنهم لن ينالوا ما عند المسيح إلا من ساهم فى نشر مبادئه .

ومما قاموا به أن تجمعت فلولهم في مالطة عام 1815م ( 1213هـ ) ووضعوا برامج للتبشير في الدول العربية إستجابة لبرنامج إنجليزي اسمه " مشروع تنصير بلاد البحر الأبيض المتوسط " وأرادوا من خلال انتشارهم في الشرق الإسلامي تعويض الخسارة التي لحقت بالكنيسة في أوربا أمام موجة الحضارة الجديدة الناشئة في الغرب. ([49])

وفي عام 1830 غزت فرنسا الجزائر، وقد صحب الجنرال الفرنسي بورمنت ستة عشر قسيساً، وقال لهم بعد سقوط مدينة الجزائر : " إنكم ساهمتم  معنا فتح الباب للنصرانية في أفريقيا، ونأمل أن تنبع قريباً الحضارة التي انطفأت في هذه الربوع.

                   4-البابوات والأمر بالتخريب والقتل

لقد ذكرنا فيما سبق بعضا من اراء اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فياترى كيف ينصح البابوات أبناءهم وإليك أراء ثلاثة من كبار البابوات لتعرف الفارق بينهم وبيننا وبين ما كان الصحابة يوصون به وبين البابا ونصائحة

-أصدر البابا نيقولا الخامس مرسوماً في عام 1454م يعطي البرتغاليين حقاً في أراضي حقاً في أراضي الكفرة على الساحل الغربي لإفريقيا، -وأكد ذلك البابا كالكستس الثالث عام 1456م،

- ثم أصدر البابا إسكندر الثالث في عام 1493م مرسوماً يمنح التاج الأسباني الحق المطلق في المتاجرة مع البلاد التي اكتشفت، ووضع قيداً، وهو أن تجلب تلك الشعوب إلى المسيحية. ([50])  ( فاعتبروا ياولى الابصار )

وعليه فالأسبان قد استخدموا الإرهاب الدموي ضد الأقليات الدينية (المسلمين)، وهي إحدى أهم محطات الإرهاب المروّعة في تاريخ الثقافة الغربية; حيث أقاموا محاكم التفتيش الشهيرة عن العقائد، ومارسوا خلالها أبشع صور التعذيب والقتل، تفتيشا عن العقيدة الإسلامية في صدور المسلمين، أو من يشتبه بهم أنهم مسلمون، وذلك لوأدها بوأد معتنقيها، حال الظن بأنهم من معتنقيها.

                     

 

               5- المراة فى مفهوم بنى إسرائيل

نرى الأن صيحات متعالية تتهم المسلمين الذى يرون فالمراة اختا واما وابنة وزوجة ومدرسة ومربية للسباع  فالشاعر يقول :

قم ابن الامهات على مهل     ولا تبنى الحصون ولا القلاع

فهن يلدن للقصب المذاكى    وهـن يـلدن للغاب السباع

ومن ثم اولاها الإسلام قرانا وسنة وعلماء عناية خاصة وحفظوها وصانوها وصانوا كرامتها بشكل لم ولن يكن له مثيل وهذا مما جعل الغرب وبنو إسرائيل خاصة يضيقون بشرعنا زرعا لما لا تتكشف نسائهم حتى صارت مثلها مثل أى متاع وأعادوها إلى الجاهلية الاولى .

فسرعان ما استغلوا بعض الشباب الحالم واستقطبوه وحملوه وباء وخدعوه بأنها أمانة تحربر المراة  .  ألم ينتبه هؤلاء الحالمون  ؟ ليحرروها ممن ؟  أمن الفضبلة ؟ أمن الأخلاق ؟ أمن العفاف ؟  فظلوا وراها حتى خلعت النقاب وكشفت السيقان والرأس والصدر وماتبقى سارع   أتباع إبليس قى التفنن فى ما يسمى بالموضة واظهروا مفاتنها مما أوقع الشباب فى ورطة لأن الأصل عندنا{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}  النور 30                      

{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}  النور 31لكن أن نضع النار فى قلب البنزين ثم نصرخ أغيثونا من الإغتصاب أغيثونا من الفاحشة  .

 ومما أكرره دائما ويحزننى هو إنسياق بعض أبناءنا وراءهم فإليك صورة سريعة للمرأة عندهم لتعلم عزيزى القارئ  أنهم عارون من منهج يصون المرأة ولذا حذرنا القرآن الكريم  فقال تعالى  (وَلا تُؤْمِنُوا إِلا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}  ال عمران 73)  لماذا ؟  لأنهم دئما وأبدا الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ  الأعراف 45

فنظرتهم الدينية للمرأة إتهامّية إغوائية لأن في سفر التكوين يقولون  أن الرب عاقب المراة ( فقال للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك ، بالوجع تلدين أولادا ، وإلى رجلك يكون إشتياقك و هو يسود عليك )

فثقافتهم الدينية تجعل سيادة الرجل على المرأة عقوبة لها على غوايتها له وإيقاعها به في الخطيئة الأولى ؛التى قالوا عنها فى سفر التكوين:  8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». 14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».

بل ذهبوا إلى أحط و أخس من ذلك حين يتهمون في عهدهم القديم بنات الأنبياء اللاتي طهّرهن القرآن كبنات نبي الله لوط عليه السلام  أتذكر عزيزى القارئ  ما قالوه عنهن ؟{  مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا } الكهف  فهم أصحاب الثقافة الجنسيّة و النظرة الإغوائية البحتة للمرأة ، ونظرتهم الإغوائية هذه جعلتهم لا يقدرون المراة حق قدرها بل ظنوا أنها وعاء لتفريغ شهواتهم وتففنوا فى ذلك ولذلك لم  ولن يثقوا بنسائهم فتحكى كتبهم تناقضا عجيبا ففى الوقت الذى يدعوننا فيه أن نترك المرأة تسير وحدها وتسافر وحدها دون محرم ويقولون ما هذه الرجعية تدرى ماذا كان يقعل هؤلاء إذا ابتعدوا عن نساءهم؟

 كان المقاتل الصليبي لا يخرج إلى الحروب قبل أن يصنع لزوجته لباسا واقيا من الحديد يطلقون عليه اسم ( حزام العفاف chastity belt  ) يشدّه على عورتها ويؤمنه بقفل فلا يفتح إلى أن يرجع من الحرب إليها ، ويمن عليها ببعض ثقوب فيه تقضي حاجتها منها بشق الأنفس ..  وساترك لك عزيزى القارئ التعليق والتخيل لحالها وانتظر الى وضع المراة عندنا وكيف اكرمها الحق جل وعلا فى القرآن الكريم والمعصوم صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة .

 والعجيب أن ما حدث منهم كان في الماضي حين كانوا متشبثين بثقافتهم الدينية التي كانت تثمر عندهم شكا في المرأة وعدم ثقة ويعتبرونها داعية للغواية فيتعاملون معها بهذا التعقيد و القهر والإذلال  و الكبت الحقيقي المنقطع النظير .

أما اليوم ؛ فانقلبوا على أعقابهم و صاروا إلى الثقافة العلمانية و الحياة الإباحية كردّة فعل  للفترة التى كانت فيها الكنيسة مسيطرة على افكارهم وتحجر على عقولهم  .

 فقلّ حياءهم بل انعدم وقالوا إن العفة والطهارة و الستر والإحتجاب إنما هو قهر للمرأة وقيدا ، والمحزن أنهم أصبحو بتهمون الفتاة التى تحافظ على عزريتها بأنها معقدة وربما نصحوها بالعلاجات النفسية .

هذا ما فعلوه بالنساء عموما فيا تر ى هل صدروا لنا شيئا واحتفظوا لأنفسهم بأشياء كما يفعلون بالإستراتيجيات العسكرية ؟ والمذهل أن هذه المرة ما أرسلوه إلينا هو معشار مالديهم من يؤس وشقاء فى حق المرأة .  وستقولون بأننا لم نر  إلا الوجه المظلم ومن الأكيد أن عندهم فى بلادهم تحضر ورقى وأن نساءهم يتمتعن بحصانة وكرامة  ونحن الذين أساءنا  إستخدام الثقافة نقول لأمثال هؤلاء ما قاله الشاعر الكريم :

                         أبا هند لا تعجل علينا   فانظرنا نخبرك اليقينا

                     6-وشهد شاهد من أهلها

وكما يقال الأرقام لا تكذب ؛  وبخاصة  أن  شهد عليهم  شاهد منهم  لأننا إن قدمنا  نحن الإحصائيات لقالوا  هى مفتراة   واتهمونا برغبتنا فى تغيرالحقيقة أو نشويهها ولذلك رايت أن أترك  المجال إلى صحفهم ومفكريهم يتحدثون عن امتهانهم لكرامة المرأة لعل نساءنا أو من تفكر فى السير خلف هؤلاء أو من يعاونهم من الرجال أن  يقف الجميع  مع أنفسهم لحظة ليعلموا أن فاقد الشئ لا يعطيعه وليعلموا  أن { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ}   القصص 60ورغم أنه لا ينكر عاقل ومطلع على أحوالهم مدى التحلل الاسرى الذى يحل بهم فإنك من المستحيل أن تجد هذا الترابط الاسرى الذىتشهده فى بلادنا وهذا ما يقتلهم لأن مستوى الاسر هناك لا يمثل عشرة بالمائة فقد يقابل الإبن أباه وهو لا بعرفه والبنت امها لا تعرفها وقد يدخل الرجل بيته ليجد عشيق زوجته أو ابنته وكأنه خنزير لا يتأثر وهذا ما يقتلهم .

 فلقد رزقنا الحق سبحانه وتعالى  بدين قويم وسنة شريفة تحثنا على حفاظ مكانة المرأة  فالحمد لله رب العالمين

* فنشرت صحيفة اللومند الفرنسية في شهر 11/2003 م  عن وضع المرأة في الغرب والذي جاء فيه أن :

-           أربع أمريكيات يتعرضن للضرب كل دقيقة...

-           700 ألف يغتصبن كل عام ..

-           مليونا فرنسية يعانين من عنف الزواج يموت منهن 400 كل عام

أما تقرير منظمة  العفو الدولية الصادر في شهر آذار 2004 م تحت عنوان (أوقفوا العنف ضد المرأة ) فقد ذكر (أن فى الولايات المتحدة تتعرض امرأة للضرب على يد زوج أو صديق كل 15 ثانية في المتوسط

وتغتصب امرأة كل 90 ثانية ، أي بمعدل (350) ألف حادثة اغتصاب سنويا .

بينما تتعرض 25 ألف امرأة سنويا للإغتصاب في فرنسا )

 

    7-*ونشرت صحيفة الدستور الأمريكية فى  8\2\2004م

أن وزير الدفاع الأمريكي  دونالد رامسفيلد (بطلب إجراء تحقيق بعشرات قضايا الاعتداء الجنسي من قبل جنود ضد مجندات في معسكرات الجيش الأمريكي في الكويت والعراق وأفغانستان وإبقاء بعض المجندات في معسكراتهن مع من اعتدى عليهن على الرغم من تقدمهن بشكاوى إزاء ذلك .

ونشرت الدستور ايضا بتاريخ 13\2\2004م تقريراً عن ذلك تضمن دعوة الكونجرس لفتح تحقيق موسع في ذلك ، وذكر التقرير أنه يجري تكتم شديد على عدد حوادث الإغتصاب وأن عددا كبيرا من المجندات اللاتي تعرضن للإغتصاب يحملن رتب جنود وضباط ، وأن بعضهن تعرضن للتهديد بالعقاب بعد أن قمن بالتبليغ عن تعرضهن للإغتصاب ،

وهناك 30% من المحاربات القدامى في فيتنام قلن في دراسة مسحية للكونجرس الأمريكي في عام 1990م أنهن واجهن اعتداء جنسيا رافقته القوة والتهديد.

ونقلت صحيفة الدستور أيضا بتاريخ 28\2\2004م عن صحيفة الجارديان البريطانية أنه تم تسجيل (112) حالة اغتصاب لمجندات أمريكيات على أيدي زملائهن في الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان وهذا فقط بالنسبة للقضايا المبلغ عنها في العراق وأفغانستان.

أما عن حوادث التحرش والإعتداء الجنسي في القواعد العسكرية الأمريكية جميعها أخبر (تشارلز جونسون) من معهد (نيشن أنستيتوت) في دراسة له أنها بلغت 14 ألف حادثة.

هذه أفاعيلهم وحالهم مع نسائهم وهذه هي حقوق المرأة وحرياتها التي يتحدثون عنها ويخادعوننا بها  فهل يدخرون لنساء المسلمين في البلاد التي يحتلونها خيرا  . مع العلم بأن هذه الإحصائيات منذ فترة و إن تتبعناهم إلى الأن لوجدنا ماهو اسوأ فاخبارهم فى هذا الشأن كلها مقززة محزنة وما ذكرت ما سبق إلا من باب  " فليبلغ الشاهد منكم الغائب "

كما لا أود الإقتراب مما يحدث فى العراق من اعتداءات لأنها تثير حفيظتى  وتصيبنى بإختناق شديد وما اكتبه  إلا لأذكر  من نسى ما كان يحدث لعلنا نعتبر ونفكر الف مرة إذا  أرادوا تصدير الحريات لنا مرة ثانية لأن المتابع لأخبار العراق في ظل الإحتلال الأمريكي يرى ويسمع معاملة الصليبين للعراقيات وإهانتهن وإذلالهن واعتقالهن وتفتيشهن  .

 ولا شك أن الإحتلال قد يكون  نجح فى إستقطاب أبواق نسائية لا حياء لديهن ساعدن الإحتلال على إهانة المرأة لأن  الإحتلال رأى أن أفضل وسبلة لدخول للمرأة والسرعة فى بلوغ الغاية فى إذلالها هى أن يرسل لها  مثلها فإن رات اختها سافرت إلى أمريكا ولبست كذا وحصلت على شهادات كذا وكذا سيسيل لعابها وتحاول تقليدها.

 وما يحدث فى افغانستان هو صورة مكررة لما يحدث فى العرق فإن منظر النساء المحتشمات يقتل بنى إسرائيل وبيصيبهم بهوس فهم ( يبغونها عوجا  )  فحاولو  تغير ملامح بعض النسوة ليغيظوا بهن الاخريات أو ليقنعوا  العالم على السنتهن أنهن تمتعن بحرية لم تكن موجودة من قبل  .

في الوقت الذى تعاني فيه الغالبية العظمى من الشعب  العراقى و الأفغاني من فقر مدقع وظروف معيشية متدنية ومسحوقه مع انتشار قطع الطرق واغتصاب النساء ، وهنا سؤال :    

                         8-*لماذا يكرهون الإسلام ؟

ولأن هذه كرامة المرأة عندهم وتلك هي حقوقها وحرياتها ...وهم  يريدونها سلعة رخيصة و شهوة عابرة ، و لذلك يطعنون في الإسلام الذي يصونها من شهواتهم الرخيصة ، ويكرمها ويطهرها ، و يطعنون في كل من دعا إلى شرائعه وسعى إلى تحكيمه ويتألّبون عليه ويحاربونه كما فعلوا مع  العديد من الدول التى حاول أبنائها تطبيق شرع الله وملاؤا  الدنيا ضجيجا     زاعمين  أنهم  الإرهابيون  فحرضوا  الدول والنساء عليهم قائلين امسكوا بهم ,  سيعيدوكم  إلى عصر العبيد .  فخرجت نساء غافلات خلفهم ينادين نحن لن نرجع إلى عصر الحريم وسى السيد  وهل هذا ما نادى به الإسلام ؟ أنهم ضالون  وأضلوكم عن سواء السبيل  وكل ما يريدونه لكن  أيتها النسوة هو الإبتذال والسفور ؟

 ولقد شهد  لمن أرادوا  تطبيق الشريعة  أنهم بحفظون كرامة النساء ويصونون أمانهن ومن ثم فلم يكن هناك حوادث اغتصاب أو خطف أو عنف تجاههن ، فقد جاء على لسان الصحفية البريطانية التي أسرها الطالبان " أنها عايشت بينهم –وهي عدوة- أمانا على عرضها وشرفها ونفسها لا يمكنها أن تعايش  مثله في وطنها وبين بني قومها و أثنت عليهم وعلى معاملتهم لها "

 مما دعاها إلى أن تسلم بعد أن أطلق سراحها ,  لماذا  ؟ لأن من  أراد تطبيق الشريعة يعمل بأحكام الدين كاملة  . ومن مبادئ الدين الحنيف قوله تعال {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ} التوبة 6بخلاف بنى إسرائيل الذين إن ظفروا بأحد طفلا كان أو رجلا ,  أو  امرأة  كانت شيخا  , قويا كان  أو ضعيفا يصدق فيهم قول ربنا {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ }  التوبة 10) وقوله تعالى{  إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ؟}  الممتحنة2) والأهم من ذلك  هى رغبتهم الدفينة والتى أوضحتها الآية الكريمة  ( وودوا لوتكفرون )

-وتذكر "كيت الان"  ، المديرة في منظمة العفو الدولية ، في (صحيفة  الجارديان ) شئيا عجيبا عن الفارق بين النساء قى حكم طالبان وبينهن فى ظل الاحتلال  تقول : أنها طلبت من عاملة في إحدى المنظمات غير الحكومية أن تصف لها الفرق فقالت :" إذا ذهبت إمرأة         إلى السوق وظهر انش"  اى سنتيمترات"   فليلة من جسدها فإنها في أيام طالبان كانت تضرب ، أما الأن فهي تغتصب " . اهـ نقلا عن الدستور 17/3/2004م

 فما رايك عزيزى القارئ  ؟ يكفى ما سبق وسنضرب لك مثال أخيرا على أنهم يبغونها عوجا وأنهم يودون لنا الكفر بأى وسيلة  فلاشك أنك تذكر أن فرنسا رفضت الحجاب واقامت الدنياولم تقعدها وقالت أنه يمثل خطورة عليها بالله عليك الحجاب والعفة أم العرى والإبتذال   و الشذود  والزنا واللواط والعديد من الفواحش التى تشتهر بها فرنسا عن غيرها من الشعوب باسم الحرية  وصدق الحق جل وعلا حين فال

{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ  البقرة 120ولذا قال سبحانه وتعالى وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}   المائدة 49

ومن المعلوم أن الحجاب مؤشر على صحوة الأمة ونهضتها من سباتها وإعلانها رفض الإنقياد لحضارة الغرب الفاسدة أو السير في ركابها  والحمد لله  أنهم كلما أمعنوا فى إضطهاد المرأة ومحاولة تعريتها تزداد عفة وطهارة عندنا لأنه ليس بأيديهم ولا بأيدينا إنما هو الله القائل{ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}  غافر 51وصدق الحق حين قال {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}  الطارق 15 16 17.)

 ما سبق كان نبذة سريعة عن وضع المراة يصفة عامة فى ذهن وفكر بنى إسرائيل وربما بعد فترة نتحدث عن واقع للمراة هو اسوأ من ذلك  .  ولكن لإلتقاط الأنفاس وفى هذه الصفحات سأتحدث عن الطفل  بوجه عام لأننى  لا حظت مدى كراهيتهم  لاطفالنا ولذا فهم يحاولون القضاء عليهم بشكل لافت للإتنباه ومحير فى نفس الوقت .

ويقدمون على إبادة أطفال البلاد التى يحتلونها هل لأنهم محرمون من هذه النعمة  أو ربما يرون فى أطفالنا ما لم يروه فى أطفالهم أم يرونهم عقبة فى سبيل بقائهم فهم  شباب الغد ورجاله البواسل فأرادوا تصفيتهم صغارا وخاصة أنهم أى الأعداء الآن بين ظهرانينا  خشية  أن  الا تاتيهم الفرصة غدا .

لأنك حين تطلع معى الآن على ما يفعلونه بأبناء المسلمين لا تشعر إلا بخزى وسوء وحسرة وتقول { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}  البقرة  156وتصرخ قائلا  ياقومنا { أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}   هود 78  ليدرك هؤلاء الأطفال ويحفظهم من غدر الصهاينة وأذنابهم فالرجال ضعفاء والأطفال يبادون فمن سيقى إذا نزلت بالناس النوازل )

ومما يزيدك دهشة هو إعلانهم وثيقة حقوق الطفل أى طفل هذا الذى وضعوا له الحقوق ؟ هل هو الطفل الذى يقتلونه فى فلسطين وفى الغراق وفى افغانستان أم الطفل الذي سببوا له  إعاقة مزمنة  أم  الطفل الذى أفقدوه ابويه وأصبح يتسول ليسد رمقه حقا ( انها لاتعمى الابصار )

                9-بنوا إسرائيل وأطفال المسلمين

إن ما يقوم به الصهاينة وأعوانهم من النصارى فى إبادة أطفال المسلمين أو  أصابتهم بعجز كلى إنما هى جريمة فى حقنا نحن المسلمين إذ نقف مكتوفى الأيدى ونحن نرى ونسمع ونشاهد كل لحظة على شاشات التلفاز والفضائيات ماتشيب له النواصى  .

ووالله سنسأل جميعا أمام الله عن تقصيرنا , ألا تذكر عزيزى القارئ سيدنا  عمر بن الخطناب رضى الله عنه وهو يخشى أن يسأله ربه عن الدابة التى قد تتعثر فى طرق العراق  لما لم يعبد لها الطريق ؟  فما بالك بأطفال الأمة ,  شباب الغد ورجال الستقبل  فمن يحمل كتاب الله  إلى الأجيال القادمة  إن هلك جبل كامل من امتنا  ؟ حسبنا الله ونعم الوكيل

فعلى سبيل المثال في فلسطين نرى أن حياة الطفل  عبارة عن موت يومي ومعاناة دائمة وآلام وعذاب ، فكثير من الأطفال الفلسطينيين وضعتهم أمهاتهم وولدتهم على بوابات الإذلال التي تفصل القرى والمدن الفلسطينية بعضها عن بعض ليولد الطفل وكأنه فى تيه لا يدرى لمن ينتمى وفى أى  قطاع  سيسكن فهو يولد  إما في سيارة  وإما فى الشارع وإما فى السجن  وقد لا يدرك الطفل ولا امه هذه اللحظة فقد تناله رصاص القناصة أو شظايا القذائف قبل أن يكمل ولادته أو  رضاعته ،

وإن تركوه حتى يشب عن الطوق تلاحقه القذائف فى أى لحظة أتذكرون ، محمد الدرة  فقد حرصت أن  أتى بصورته على الغلاف وهو يلتصق ويحتمي بظهر أبيه قبل أن يلفظ أنفاسه ويتمدد ساكنا دون ذنب جناه  فأين حقوق الطفل هل رفع فى وجوههم مدفعا أم أنه رماهم بقذائف ؟

وإذا نجا أى طفل  من هذا أو ذاك لم يسلم من الألغام التي يخلفها الجيش الإسرائيلي على شكل أجسام ملونة يظنها الطفل المسكين ألعابا فتقتله أو تبتر بعض أطرافه وتحدث له إعاقات دائمة ،  ناهيك عن الصدمات النفسية  والعصبية التي تؤثر على الأطفال وقد تبقى آثارها  على حياته فالعدو الصهيونصرانى لايرحم أطفالنا فقد ذكرت صحيفة إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي  يستخدم الأسلحة الكيماوية الحارقة ضد الأطفال وكذلك يستخدم الكلاب فى حال اعتقالهم  أو الذهاب بهم  إلى المحاكم العسكرية ،فاعتبروا ياولى الابصار  

وما يحدث فى أمريكا  ليس عن الأذهان ببعيد  ففى جوانتنامو فتيانا أحداثا مصنفين كأطفال في إعلانهم العالمي لحقوق الطفل .. ؟ ومع هذا تواطأ العالم  مع أمريكا وترك هؤلاء الأطفال حبيسى السجون الأمريكية وما ادراك ما هى ؟ هب أن هذا يحث فى أى دولة  أخرى لشنت أمريكا بل والعالم كله عليها الحرب . أما عند أمريكا فلتفعل بهم ما تشاء فهذا لا يخالف حقوق الطفل عندهم ولا يخالف إعلاناتهم ولا ديمقراطيتهم أبداً ما دام هؤلاء الأطفال مسلمون.

-وفي أفغانستان يقتل مئات الأطفال  تحت أسقف منازلهم جراء القصف العشوائي للمدن والقرى الأفغانية بقنابل أمريكا الغبية التي يزن كثير منها أكثر من طن .

-فى العراق حدث ولا حرج فلقد تآمر العالم مع أمريكا على أطفال العراق ثلاثة عشر عاماً ووضعهم تحت حصار ظالم طوال هذه المدة بحجة البحث عن أسلحة الدمار الشامل .

-ونعود للطفل فى فلسطين  فالعالم يشاهد كيف تُواجَه حصيات الأطفال الفلسطينيين بالدبابات والمدافع الرشاشة والرصاص الحي ومع ذلك يقف مكتوفى الأيدىً بل وتعقد المؤتمرات ليجدوا حلا  لإيقاف عدوان  الحصى عليهم واعتدائهم بها على الدبابات والمصفحات والمدرعات الإسرائيلية !!

فقد نقلت وكالة " فرانس برس "  عن بعض المنظمات الإنسانية أن نسبة القتلى والجرحى من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ( 15 ) عاما بلغت ( 20% ) من إجمالي القتلى خلال إنتفاضة الأقصى ..

وأشارت دراسة لمؤسسة الشرق الأدنى الثقافية والتعليمية الكندية إلى أن عدداً كبيراً من الأطفال قتلوا بالرصاص الحي خلال الانتفاضة وأن معظمهم أصيبوا بقذيفة في الرأس أو الصدر أو المعدة مما يثبت النية المتعمدة لقتلهم أو إصابتهم بجروح خطيرة ..

                    10-الصحف الإسرائيلية:

 تعترف بأنها تقذف الروع والخوف والجبن فى نفوس وصدور الأطفال فى فلسطين .

- ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اعترافات لقناص إسرائيلي فإليك عزيزى القارئ الأسئلة التى وجهت إليه وإجاباته كما أوردتها الصحيفة :

س- ماذا يقولون لكم في التعليمات العسكرية بالنسبة لإطلاق النار على الأطفال ؟

ج- يسمح لنا بإطلاق النار على طفل عمره ( 12 ) عاماً فأكثر لأنه ليس بطفل !!

س- لكن حسب القانون الدولي فإن الطفل هو من يقل عمره عن 18 عاما

ج- الأطفال هم من تقل أعمارهم عن 12 عاما حسب تعليمات الجيش الإسرائيلي .

س- هل توجد تعليمات بإطلاق النار على الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عاما و 18 عاما ؟

ج- بالطبع !

س- هل محض الصدفة أن يصاب الأطفال في رؤوسهم ؟

ج- إذا شاهدت أطفالا مصابين برؤوسهم فهذه الرماية لقناص .

س- لكنه يظل طفلاً عمره 12 عاما لا يحمل سلاحاً ؟

ج- إذا لم يكن يحمل سلاحا ، فإنه قد يحمل زجاجة حارقة . انتهى الحوار

لكن السؤال الذي لم تسأله الصحيفة الإسرائيلية هو :

حتى لو افترض حمل الطفل لزجاجة حارقة ؛ فلماذا لا تختار الطلقة سوى الرأس ، ألا يمكن إصابته في رجله أو في يده ؟ خصوصاً إذا كان الرامي قناصاً .

* أما صحيفة ( أحرونوت ) الإسرائيلية

فأجابت على هذا التساؤل بعرض راى لـ ( يهود باراك  ) الذى كان يشغل رئيسا لوزراءهم فترة ما , قالت الصحيفة : إن باراك قد أصدر أمراً للتعامل مع الأطفال الفلسطينيين المتحمّسين وطنياً كما لو كانوا جنوداً مسلحين )

والمذهل أن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال تؤكد ( أن إسرائيل تمعن في انتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين من خلال عمليات القتل التي طالت المئات من الأطفال الفلسطينيين وسقوط الآلاف من الجرحى ؛ وجزء كبير منهم أصيبوا بإعاقات دائمة .. )

أرايت عزيزى القارئ كيف يتعامل بنوا إسرائيل مع الأطفال  تحت سمع وبصر ومباركة الحاخامات والقساسوسة رجال الدين المسيحى واليهودى  وكنا نود أن يكونوا هم الرعاة للتسامح والمحبة إلا أنهم هم العدو قد قصروا فى حق أنفسهم وفى حق الدين والبشرية وصدق فيهم قول ربنا { لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }  المائدة 63

ولكنهم هم من يبارك ويؤيد تلك العمليات ولذا أصبح واجبنا نحن أن نفيق وأن نعتبر ونعلم أن العدوا لن يكون صديقا  ولن يرتدع إلا إذا راى منا ما يخيفة  ولاتغرنكم ترسانتهم فهى فى جنب الله لا تعد شيئا ولذا طمائننا الحق سبحانه وتعالى  فقال ( اتخشونهم فالله احق ان تخشوه )  ولم يقف الحاخامات عند مباركة إقتتال الأطفال بل شرعوا لهم قتلهم وأباحوه ,  وإليك بعضا من التقارير التى تبين ما فعله ويفعلونه الصهياينة بأطفال المسلمين وبمباركة النصارى .

 

                 11- إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية .

  وهناك فتاوى دينية لحاخامات تستبيح دماء الأطفال غير اليهود عموما .. معتمدة ومستندة إلى نصوص توراتهم المحرفة والتي توصي المقاتل اليهودي مع الشعوب التي يتغلب عليها أن يستعبد طائفة منهم ، وطائفة لا يبقي منهم نسمة ، كما في سفر التثنية (20/10-17)

 هناك تعليمات عسكرية من أعلى المستويات في الدولة الإسرائيلية عُمّمت على الجنود والضباط اليهود بقتل الأطفال المتحمسين بلا هوادة .. وهناك أوامر للقناصة اليهود بإستهدافهم ما داموا فوق 12 عاماً ولو لم يكونوا مسلحين ؛ وكأن القناص المتحصن على ظهر مبنى أو خلف دبابة سيسأل الطفل عن عمره هل تجاوز 12 عاما !! وصدق الحق حين قال { لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ}  الحشر 14 سبحان الله حتى ولو كانوا اطفال فما بالكم لو كانوا رجالا سيجمد الدم فى عروقهم ان شاء الله

  وحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية ، فقد بلغ عدد الأطفال القتلى في انتفاضة الأقصى (512) طفلاً بينما بلغ عدد الجرحى حوالى (15) ألف طفل .والعجيب أنهم يتشدقون بالديمقراطية وملاؤا  العالم ضجيجا بأنهم رعاة الحرية والديمقراطية فإليك صورا من رعايتهم للنشئ وحمايتهم للديمقراطية .

             12-بعض ملامح الجرائم الإسرائيلية :

-أكد  الحقوقي الأمريكي ( جوزيف شاكلا )  منسق التحالف الدولي الذي يضم حوالى ( 400 ) مؤسسة دولية وفرد في عضويته ؛ الذي عمل في مكتب المفوض لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في غزة ما بين عامي ( 1998- 2000م ):

 أن إسرائيل تمارس سلسلة من جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني وتمارس القتل المتعمد ضد المدنيين وترتكب المجازر الجماعية وتهدم المنازل وتشرد اللاجئين وتحل محلهم المهاجرين اليهود من مختلف دول العالم ، وأنها تمارس التمييز العنصري ضد السكان العرب الأصليين في الأراضي المحتلة عام 1948م

وتذكر الإحصاءات المختلفة أنه خلال الثلاثة أعوام التي سبقت عام 2003م قد قتل (3500) فلسطيني بينهم ما يقارب ( 700 ) طفل وأكثر من ( 200 ) امرأة ..

فيما بلغ عدد الجرحى نحو ( 47 ) ألف جريح ثلثهم من الأطفال ، ومنهم ثمانية آلاف فلسطيني أصيبوا بإعاقات دائمة ، بينما وصل عدد المعتقلين نحو ( 35 ) ألف معتقل لا يزال حوالي ( 7500 ) منهم في معسكرات الإعتقال  .

أرايت رغبتهم الدموية فى إبادة جيل كامل من الفلسطينين  فيا قومنا أإدركوا إخوانكم وأبناءكم  فهؤلاء هم خط الدفاع الأول فإن هلكوا كانت الدئرة على أبنائنا , وقتها لن يشعر بنا أحد ولن يرحمنا أحد لأننا لم نقدم  لا نفسنا ما ينفعنا وقت الصدمة  ومن المعلوم أن العدو  إذا حل بأرض مسلمة وجب على أهلها الجهاد وإن  عجزوا فيصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم وإلا أصبحنا جميعا مقصرين  وصدق المعصوم حين قال " ما ترك قوم الجهاد فى سبيل الله الا وضربهم الله بالذل .."

 والعجيب أنهم لم يكتفوا بذلك  بل أجهزوا على الأرض وانتهكوا حرماتها ودمروا منشاتها  فقاموا بتدمير ( 7500 ) ورشة ومحل ومنشأة صناعية بخلاف الأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار المثمرة حتى لا يجد من بقى على قيد الحياة مايسد به رمقه وصدق الحق حين قال{ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}   البقرة 12

وقصفت قوات الإحتلال  أكثر من ( 200 ) مدرسة وتم تحويل أكثر من ( 45 ) مدرسة إلى ثكنات عسكرية ..

أما المستشفيات والجامعات والمباني العامة ومنازل الفلسطينيين ، فلم يسلموا من التدمير  فقد دمرت قوات الإحتلال خلال السنوات الثلاث المذكورة ( 72 ) ألف منزل منها حوالي 5 آلاف منزل دمرت تدميراً شاملا كلياً وكثير منها دمرت مع أثاثها ومحتوياتها دون أن يمهل أصحابها لإخراج الأثاثات ليبدأ بها فى مكان أخر  .

والمذهل هو قولهم أنه  حين تفعل إسرائيل هذه الأفاعيل فهي دولة ديمقراطية تمارس حقها الشرعي في الدفاع عن النفس !! والمقاومة ومن يقوم بها هم الإرهابيون عند الساسة الأمريكان  وغيرهم من الغرب الاوروبى الذى يباركون ما تقوم به إسرائيل لا يجوز ولو كان دفاعاً عن النفس !!

ولم يترك جيش الإحتلال سلاحاً خلال هذه الانتهاكات إلا استعمله باستثناء السلاح النووي ؛ ففتحت القوات الإسرائيلية ترسانتها على مصراعيها وجعلت الفلسطينيين حقل تجارب لأسلحتها الحديثة والقديمة فلم تتردد عن استعمال السلاح الخفيف والثقيل والقنص وغيره مروراً بالطائرات المروحية والنفاثة والدبابات والمدفعية والجرافات والنسف والتفجير والوحدات النظامية والخاصة ، وحتى الأسلحة الكيماوية فقد أكدت صحيفة هآرتس اليهودية استخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة الكيماوية الحارقة ضد الأطفال الفلسطينيين .هذا عن السنوات الثلاث قبل عام 2003 م ..

أما فى عام 2003م نشرت صحيفة الدستور فقد قتل مالا يقل عن (627)  فلسطيني من بينهم (123) طفل و(17) امرأة ، وتجاوز عدد الجرحى (2000) جريح . وشملت حملات الإعتقال (6206) فلسطيني ومن بينهم  (275) طفلا و(77) امرأة .

أما هدم المنازل فتم إلحاق الضرر بما لا يقل عن (2000) منزل هدم منها بشكل كلي (790) منزلا .وتم تجريف ما لا يقل عن (3570) دونما زراعيا

ناهيك عن ما صادروه من عام 1948 الى  2004    والتى أصبحت مستوطنات  وأصبحت فى طى النسيان  .

_ وتؤكد الباحثة النرويجية في حقوق الإنسان (( آن كريستين )) : ( أن 70% من أفراد الجيش الإسرائيلي هم مجرموا  حرب وفقاً للمعايير الدولية ، وأنه أصبح من المعتاد أن يطلق الجندي الإسرائيلي النار بهدف قتل الفلسطينيين دون أن يعاقب على ذلك ) .

 وعن الجدار العازل حدث ولا حرج فقد صادر اليهود آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين وحولها إلى كانتونات معزولة وآثاره المدمرة طالت أكثر من (200) قرية وبلدة وسيتم بواسطته فصل أكثر من (100) قرية وبلدة فلسطينية بشكل كامل عن أراضيها الزراعية

 وأشارت في تقرير لها نشر في صحيفة الدستور في 25/12/2003م أن الجدار يصادر قرابة 28 ألف دونم من الأراضي الزراعية أما عموم الأراضي الزراعية وغيرها التي يصادرها الجدار فتجاوز مجموعها في إحصاءات أخرى (164) ألف دونم .وتم الفصل بين المواطنين وبن مصالحهم الموجودة داخل الجدار العازل مما تسبب فى تشريد العديد من الاسر وضياع حقوقهم

ولم تكتف اسرائيل بذلك بل  لما رات المسلمين لا يحركون ساكنا بالنسبة لهذا الجدار تقوم  ببناء جدار اخر حول القدس لتهويدها ولتغير المعالم الإسلامية فيها قدر المستطاع ولعل قائلا يقول :  فلتساعد أمريكا إسرائيل لتفعل ما تشاء فان لهم يوما . نعم ان لهم يوما ولكن         إلى أن يأتى ماذا قدمنا ؟ فصمودنا اليوم يسهل المهمة غدا .

والمحزن أن مليار ونصف مليار مسلم يرون هذه الإتهاكات وكان شئيا لم يكن وإذا تحركوا يرسلون بالقضية للجلاد الذى يتمنى زوال القضية أو انهائها لصالحه فما مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة إلا خداما لإسرائيل  والواقع والتاريخ يشهدان بذلك .

والحمد لله أن لنا ولهم عودة ولقاء إن شاء الله فليتهم ينتهون من الجدار سريعا لأن مع انتهاءه نهايتهم بإذن الله  وحتى لا يكون الكلام من باب تطيب الخاطر فإليك عزيزى القارئ موقفا مشابه فى بداية صدر الإسلام قام به اليهود بل تقريبا نفس الشئ نبينه لك اولا ....ز ( الحشر )

والعجيب أن القضاء الإسرائيلى يبارك قتل الأطفال فى فلسطين فقد أشارت تقارير فلسطينية صادرة عن مركز غزة للحقوق والقانون إلى ( أن ما يزيد عن (30) طفلا فلسطينيا توفوا نتيجة منع الجنود الإسرائيليين للأمهات الفلسطينيات من الوصول للمستشفيات لوضع مواليدهن .. وهذا في غزة وحدها ..

فقد سقط خلال انتفاضة الأقصى منذ عام 2000م إلى اليوم نحو ثمانية آلاف طفل فلسطيني-حسب التصنيف العالمي لسن الطفل وفق المادة الأولى لاتفاقية حقوق الطفل التي نصت على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره-ما بين شهيد وجريح إلا أن المجتمع الدولي لم يبد حيال ذلك سوى الصمت وهذا كله يتم كما تقدم بالسلاح والمال والدعم المادي والمعنوي المسيحى، وفي ظل حمايته بالفيتو الأمريكي من أية إدانات .

وترك بنوا إسرائيل كل ما فعلوه وذكرناه عنهم وبداو فى الصاق التهم بالإسلام وأن المسلمين هم القساة على أطفالهم واستشهدوا بوصية الرسول بتعليم الصبيان الصلاة لسبع وضربهم عليها لعشر؛ وكأن نبينا صلى الله عليه وسلم حين أمر بهذا قصد الضرب المبرح أو القاتل ؟ لا ضرب التأديب الذي يرحم الوالد فيه ولده .. والذي يجمع على ضرورته بقدره المناسب ومكانه الضروري كافة العقلاء بل وكثير من علماء التربية والنفس حتى إن كثيراً من محاكمهم أقرته قانونيا بعد أن ضاقوا ذرعاً بالفوضى التي يعيشون فيها وتمرد الأبناء الصغار على الآباء بحيث لا يتجرأ الوالد على تأديب ولده أو ابنته الصغيرة مخافة أن ترفع به شكوى إلى القضاء

سبحان الله فبعدما صالوا وجالو فاذا بالقضاء الكندى يقر ما اقره الرسول من قبل

. فهذه ( المحكمة الكندية العليا تقرر أنه للآباء الكنديين مواصلة العقاب البدني لأطفالهم بين سن الثانية والمراهقة . وقررت أن تحويل الآباء إلى مجرمين لاستخدامهم قوة معقولة لتأديب أبنائهم من سن الثانية وحتى سن المراهقة سيكون أكثر ضررا للأسرة . )

                              13-الإسلام والإحسان

أما ديننا العظيم فقد قرر نظاما تربويا أسرياً رؤوفاً رحيماً عادلاً متوازناً شاملا لكل المجالات قبل أربعة عشر قرناً ، أليس هو الدين الذي كتب الإحسان على كل شيء ليس فقط الإحسان للأطفال والإنسان عموما المسلم والكَافر ، بل والإحسان إلى الحيوان والنبات فذم إهلاك الحرث والنسل وأمر بالإحسان حتى في القتل والذبح:فقال تعالى{  وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}  الأعراف 56

وقال صلى الله عليه وسلم  ( إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة وليحد أحدكم شفرته وليُرِح ذبيحته ) رواه مسلم . فنهى عن تعذيب الحيوان حتى عند ذبحه وأرشد إلى الآداب التي تهوّن الذبح الذي لا بد منه ، وكذلك القتل أمر بإحسانه حتى مع الأعداء فنهى عن المثلة والتحريق بالنار لغير ضرورة .وذكر ان امراة دخلت النار فى هرة واخر دخل الجنة فى كلب.

 

                        

                        14-الغرب والشرق " حسد أم إلتهام "

قيل قديما إن صاحب النعمة محسود وحين تتصفح كتب التاريخ وترى نظرة الغرب إلى الشرق تضيف إلى ذلك أن صاحب النعمة مأكول .  لأننا لم نرى أن الغرب تمنى فقط زوال نعمتنا بل حرص أن يكون زوالها إلى بطونهم فارتكبوا فى سيبل ذلك من المجازر والماسئ مالايغفر .

ولأن الله جل وعلا حبى الشرق بنعم جليلة مناخ رائع ومزروعات يندر أن يجدوا لها مثيلا  ووفرة فى المياه وكذلك فى الثمار . ومن ثم تربوا هذه النعم على أصحابها فتجد رجال الشرق فى رغد وهدوء وراحة بال  وفوق كل هذا أن الله جل وعلا أكرم الشرق بالديانات  فأصبح مهد الحضارات وحاضن الديانات .

ولذا كان الشرق ولا يزال مطمع للغرب فقديما جاء الرومان بجحافلهم ناحية الشرق ونهبوا خيراته وكأنهم أهل البلد وأثكلوا كاهل الشعوب بالضرائب الباهظة ليحيوا هم فى ترف .وحين جاءت المسيحية , منهم من اعتنقها حتى لا يخرج من البلاد وليتهم ما اعتنقوها لأنهم ادخلوا عليها وثنيتهم وغيروا العديد من مبادئ المسيحية حتى فرغوها من مضمونها  , ولم يقفوا عند هذا الحد بل حاربوا من خالفهم فى المذهب حتى أن المسيحى الأرثوذكسى عانى الأمرين من أخيه الكاثوليكى وكانت بينهم مقاتلات شرسة  .

 ولذا حين جاء المسلمون سرعان ما ناداهم  مسيحى الشرق ليخلصوهم من إخوانهم الغربيين الظالمين وارغموا الامبراطورية الرومانية على التراجع وتقوقغت حتى  أصبحت اثرا بعد عين .

وفى الوقت الذى كانوا  لايرون النور إلا من سم الخياط  وكانوا يقتلون العلماء  ومن تبدوا عليه ملامح البنوغ  لأن الكنيسة الغربية كانت تحت حكم الباباوات يقومنون يقتل من يشعرون انه فى نهاية مطافة قد يسحب البساط من تحت ارجلهم ولذا أعدموا العديد من العلماء وأحرقوا كتبهم وكان من المفترض أن يحرسوا هم العلماء ويأخذوا بأيديهم ولكن كان من الممكن أن يتم ذلك لوا أنهم كانوا يعقلون .

ولما ظهر الإسلام  ووصل اليهم نور حياتهم وغير مناهجهم ودعاهم  أن يروا  الحياة على حقيقتها  فانطلقوا فى نور الله ونور العلم ولكن سرعان  ما انقلبوا على أعقابهم حين راوا صمت المسلمين  وغرهم هدؤهم فسال لعابهم مرة اخرى ناحية ثراء الشرق فنسوا المبادئ التى علمناهم إياها لقرون طويلة وإذا بهم ينقضوا علينا كإنهم  لم يأكلوا من سنين . وإن رايتهم نصاب بدوار من فرط نهمهم وجشعهم . ويذكرونى بالمرأة الأعرابية والذئب : والقصة أن سيدة أعرابية وجدت ذئبا مولودا يكاد يموت جوعا ولدته امه وماتت فى الوقت الذى كان لديها شاة ولدت شويهة صغيرة فقالت فى نفسها وما يضيرنى اتى به ليرضع مع الشويهة الصغيرة  وكان الذئب الصغير والشاة الصغيرة يرضعان سويا ويلعبان سويا حتى اذا بلغ كلاهما موعد الفطام ذهبت السيدة كعادتها الى حقلها فعادت ووجدت الذئب وقد بقر بطن الشاة ويلتهمها فنظرت السيدة اليه فى دهشة وحيرة منقطعة النظير وقالت:

 

 بقرت شويهتى وفجعت قلبى    وأنت لشاتنا ولد ربيب

غزيت بلبنها وربيــت فينا    فمن أنباك أن أباك ذيب

إذا كانت الطباع طباع سوء   فلا أدب يفيد ولا أديب    

 

   15- عدوان بنى إسرائيل على  العالم الإسلامى

وكان من الممكن أن أنتناول الحروب والهحمات الصليبية على مدى التاريخ بداية من الحروب الصليبية إلى الآن  ولكنها متشابه إلى حد  لو ذكرناها لوجدتها من التشابه أنها مكررة  ولذا رأيت أن اكتفى بالأثر الذى تركته تلك الهجمات التى عانى منها الشرق كثيرا فسأذكر بعضا من الأثار السلبية من خلال ذكر الأقطار التى عانت من الإحتلال  والأثار السلبية التى حلت بهم وإليك الأن المزيد مما قام به الدول المعتدية فنذكر أمثلة منها وما فعلوه فى البلاد التى إحتلوها

            16- الهند الإسلامية

سيتعجب القارئ الكريم حين ابدأ بالهند وسيقول مالنا وعبدة البقر ؟ إلا أننى أحب أن أبين أن أغلب القارة الهندية كان مسلما يوما ما . ولقد ذكرت لك كيف جعل ظهير الدين بابر من الهند دولة إسلامية مترامية الأطراف لا تقل مكانة عن البلدان الإسلامية الكبرى بل كانت تضاهى الجزيرة العربية فىالمساحة  .

ولكن فى غفلة من المسلمين وكالعادة انقض الأعداء عليها فمزقوا أشلاءها واعادوها إلى الجاهلية الاولى وساعدوا عبدة بوذا والبقر  على الظهور والضغط على المسلمين حتى اصبح الأمر  الآن كما ترى وهذا الذى اخشاه  فصمت المسلمين لما يحدث فى القدس هو جريمة فى حق الإسلام وفى حق الأجيال القادمة لأنه حين يأتى دور الأجيال القادمة سيجدون المشكلة أكثر تعقيدا فالمعالم قد تتغير وتتحول وقتها لم يبق للمسلمين بها اثر واضرب لك مثل :

 كناونحن أطفال إبان حرب العاشر من رمضان المعروفه بحرب أكتوبر عام 1973م كنا نقرأ فى الكتب الدراسية  أن إسرائيل عدو صهيونى احتل اراضينا  واغتصب سيناء وأن جنودنا البواسل استطاعو تحيريرها إلى أخر هذه الأمور  فلما بلغنا مبلغ الرجال أكدنا المسألة وتعرفنا عليها ووقفنا على مدى عداوة إسرئيل واخوانهم المسيحين  فلم تخدعنا أقوالهم  ولم تبهرنا نصائحهم بل استطعنا بفضل الله أن نفتش فى أسرارهم حتى وصلنا إلى خباياهم وها نحن نعرض عليك بعضا منها .

أما الآن فالأجيال الحالية  لا يرون إلا مصافحة القادة المسلمين  للقادة المجرمين من  يهود أو مسيحين  واستصافتهم لهم وعقد المعاهدات معهم وزيارتهم وتراهم يقتلون الفلسطنين ونحن لا نحرك ساكن فسيستقر شعور عند الأبناء أن اليهود إنما يدافعون عن أنفسم وارضهم وهذه هى الجريمة التى نرتكبها فى حق الأجيال القادمة فإن كنا ضعافا فعلى الأقل نساعهم على توصيل الحقائق كما هى فربما يصبحوا أفضل منا وأكثر جراة  .

وإليك بعض مما ارتكبه بنوا إسرائيل فى الهند الإسلامية القديمة .

فعلى الصعيد الإنساني ارتكب المسيحيون وهم من بنى إسرائيل كما وضحنا أكثر من مرة فقد قاموا بمجازر بحق الشعوب التي قامت تدافع عن دينها وخيراتها، فقد بلغت أعداد قتلى المسلمين في الهند حتى عام 1880م مليون مسلم سقطوا على يد الإنجليز،

ولقد شهد احدهم وهو" الكونت هيريسيون " وهو منهم على هذه الفظائع فقال انها:" فظائع لا مثيل لها، فكانت  أوامر الشنق تصدر من نفوس كالصخر يقوم بتنفيذها جلادون قلوبهم كالحجر... في أناس مساكين جُلُّ ذنبهم أنهم لايستطيعون إرشادنا إلى ما نطلب إليهم أن يرشدونا إليه "

وقد تفنن المسيحيون المغتصبون للأرض في طرق إبادة هذه الشعوب، ومما أبدعوه في هذا الباب طريقة يسمونها "جهنم" حيث يتبع الجنود الهاربين من النساء والأطفال والرجال إلى الكهوف فيشعلون عند باب الكهف ناراً عظيمة، فيموت من بداخله حرقاً أو خنقاً ". ([51]) 1857هو العام الذى قضت فيه بريطانيا على الدولة المغولية فى الهند والتى  بذل فى اقامتها القادة المسلمون الأوائل اموالهم وانفسهم  .

ولم يكتف المسيحيون البريطانيون بذلك بل كانوا يعدون لذلك من سنين ففي عام 1600م أنشئت بريطانيا أول جهاز استعماري لها تحت مسمى شركة الهند الشرقية البريطانية، ومثله صنعت فرنسا عام 1664م فأنشئت ما أسمته بشركة الهند الشرقية الفرنسية، وبدأ الصراع والتنافس بين الدولتين، وانتهى بانتصار الإنجليز عام 1775م ( 1171هـ ) وخروج فرنسا من الهند والصين.

انظر إن اختلفت مصالحهم فيما بنهم تراهم لا برقبون فى بعض إلا ولاذمة وإن تخلتف مصالحهم معنا تجدهم يتركون لبعضم البعض  ويتجهون نحونا  المهم أن يزال أحدهم جاسم على صدورنا  وحتى تتمكن بريطانيا من البقاء أطول فترة من الزمن رأت أن هذا لن يتأتى إلا إذا سيطرت على فناة السويس  والبحر الاحمر فاحتلت مصر ووضعتها تحت الحماية عام 1882م،  ومن قبلها كانت قد قامت باحتلال العديد من الدول الإسلامية  ومن جاورهم من البلاد مثل  بلاد البنغال عام 1757م، والبنجاب عام 1849م، ونيجيريا عام 1851م.والسودان  عام 1898م فالعراق 1919م، ثم الأردن عام 1920م

 ولم يقف الحد عند البريطانين والفرنسين بل ساعدهم وجاء ليقتسم معهم ثروات الشرق الأقصى والأدنى البرتغاليون ففي عام 1499م توصل فاسكو دا جاما إلى طريق رأس الرجاء الصالح، فوصل البرتغاليون إلى الشواطئ الهندية بعيداً عن المرور في الأراضي الواقعة في سلطة الخلافة العثمانية.

وشرع البرتغاليون يؤسسون مستعمرات ومراكز تجارية في أماكن مختلفة من السواحل التي وصلوا إليها، ولم يكد النصف الأول من القرن السادس عشر ينقضي حتى كان البرتغاليون قد أحكموا السيطرة على شواطئ شرق أفريقيا وغربها إضافة إلى شواطئ الخليج وفارس والهند. ([52])

وكان البرتغاليون قد أحدثوا مجازر عند سيطرتهم على الشواطئ الهندية، ويسجل القائد البرتغالي " البوكيرك  " بعضاً مما فعلوه من مجازر وهو يخاطب ملك البرتغال مهنئاً إياه بالسيطرة على مقاطعة جوا الهندية فيقول : " وبعد ذلك أحرقت المدينة، وأعملت السيف في كل الرقاب، وأخذت دماء الناس تراق أياماً عدة.... وحيثما وجدنا المسلمين لم نوقر معهم نفساً، فكنا نملأ بهم مساجدهم، ونشعل فيها النار، حتى أحصينا ستة آلاف روح هلكت، وقد كان ذلك يا سيدي عملاً عظيماً رائعاً أجدنا بدايته وأحسنا نهايته ".

             17- جنوب أفريقيا

وأما جنوب افريقيا فقد استغلوا إختلاف لون البشرة وظنو انهم اقل منهم درجة فاستعبدوهم واذلوهم أيما إذلال ففرض المسيحيون القوانين الجائرة والضرائب، ومنح البيض في عام 1913م   88% من أراضي جنوب أفريقيا مالا يستحقون وفرض على السود دون البيض مصروفات الدراسة، وأمر بأن يدفع كل أسود بين سنة 12 - 65 سنة ضريبة عن نفسه وأخرى عن كوخه. رغم أنه لا يملك قوت يومه فقد نهبوا ارضه وثرواته وإن لم يأت بالضرائب يذيقوه أشد العذاب فما ذنب هذا المسكين ؟

               18- الجزائر

أما الجزائر فحدث ولا حرج فيكفى أن تعلم أنها بلد المليون شهيد  فكم بذلوا من جهد وتحملوا من معاناة فى سبيل تحرير  بلادهم إن دل ذلك فإنما يدل على أنها المعاناة بلغت بهم مبلغا صعبا  ووصل بهم الحال  إما حياة وإما موتا .

والحق اننا لن نفلح ولن نتخلص من الإحتلال الصهيونصرانى إلا إذا كان هذا المفهوم لدينا إما حياة تغيظ العدا وإما موتا مشرفا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم 

وفي عام 1827م أعلن الملك شارل العاشر إعتزام فرنسا إنشاء مستعمرة ذات شأن في شمال أفريقيا، وزحفت الجيوش الفرنسية لإحتلال الجزائر عام 1830م، واستتب الوضع لهم عام 1857م وقد ألحقت فرنسا الجزائر بها عام 1881م،

وهي نفس السنة التي أعلنت فرنسا وضعها تونس تحت الحماية الفرنسية بموجب ميثاق باردو، ثم السنغال ومدغشقر عام 1882م، في عام 1887م (1295هـ ) وتوالى سقوط البلدان الإسلامية واحدة تلو الاخرى وصدق الرسول الكريم حين قال ( سوف تداعى عليكم الامم كم تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله قال بل كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل وينزع الله مهابتكم من قلوب أعدائكم ويصيبكم بالوهن قالوا وما الوهن يارسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت ) فإنما يدل على أن غفلة المسلمين وتركهم الجهاد هو السبب فى ضياع البلدان منا , لقوله صلى الله عليه وسلم " ما ترك قوم الجهاد فى سبيل الله الا وضربهم الله بالذل "  ولم تكتف فرنسا بذلك بل سيطر الفرنسيون على المغرب سنة 1912م، وعلى سورية سنة 1920م

وإليك بعضا مما تذكره الكتب عن المظالم التى وقعت على الجزائر إبان إحتلالها :

-وظف الفرنسيون المحتلون  أبناء جلدتهم في مؤسسات الدول المحتلة وأبعدوا أهل البلاد الأصليين، فقاموا بتوظيف 200 موظف فى الدوائر العقارية منهم ثمانية فقط من الجزائريين،

وأجبر السكان الأصليون تحت مظلة المحتل على العمل بأبخس الأجور، ففي حين كانت الأسعار في الجزائر مقاربة للأسعار في فرنسا كان العامل الجزائري يحصل على 40 - 70 فرنكاً لقاء عمله اليومي، في حين أن العامل الفرنسي يحصل على أكثر من ضعف المبلغ في فرنسا .

 وقد كان سعر كيلو الخبز يومذاك في الجزائر 48 فرنكاً وكيلو السكر 94، واللبن 25 فرنكاً فيما كان اللحم الردئ يباع الكيلو منه بـ 400 - 500 فرنك فرنسي.

ورغم الإستغلال الواسع للموارد الطبيعية والقوى البشرية فإن المحتل  لم يقدم أبسط الخدمات الإنسانية وهي الصحة والتعليم ففي الجزائر التي اعتبرتها فرنسا جزءً منها لم يستطع سوى 12% من أطفال الجزائر ممارسة عملية التعلم .

ويخلص هنري كلود إلى أن نسبة التعليم في المستعمرات الفرنسية جملة لا يتجاوز 9 % من أطفال المستعمرات الفرنسية. ([53])

وأما الخدمات الصحية فجرى تأمينها في المناطق التي ينتشر فيها الفرنسيون فيما كان لكل 10000 جزائري طبيب واحد، وتصل هذه النسبة في الأقاليم الجنوبية للجزائر إلى 30000/1،

            19- رأى الجنرالات الفرنسيين .

-الجنرال الفرنسي " شان  " يقول  : " إن رجاله وجدوا التسلية في جز رقاب المواطنين من رجال القبائل الثائرة في بلدتي الحواش وبورقيبه ".

-أما الماريشال " سانت أرنو "  فيقول : " إن بلاد بني منصر بديعة، وهي من أجمل ما رأيت في أفريقيا، فقُراها متقاربة، وأهلها متحابون، لقد أحرقنا فيها كل شيء، ودمرنا كل شيء. ثم قال معقبا لزوجته :.. أكتب إليك ويحيط بي أفق من النيران والدخان، لقد تركتني عند قبيلة البزار فأحرقتهم جميعاً، ونشرت حولهم الخراب، وأنا الآن عند السنجاد أعيد فيهم الشيء نفسه ولكن على نطاق أوسع ".  وصدق الحق حين قال { إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ  } الممتحنة 2

أما " مونتياك " فيقول في كتابه " رسائل جندي " وهو يصف إحدى المذابح التي حضرها : "لقد كانت مذبحة شنيعة حقاً، كانت المساكن والخيام في الميادين والشوارع والأفنية التي انتشرت عليها الجثث في كل مكان، وقد أحصينا في جو هادئ بعد الإستيلاء على المدينة عدد القتلى من النساء والأطفال فألفيناهم ألفين وثلاثمائة، وأما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب هو أننا لم نترك جرحاهم على قيد الحياة ".

وعلى المستوى الإقتصادى فقد حل بالبلاد كساد غير مسبوق مما كان له بالغ الاثر على الحياة هناك :

ففي عام 1951م باع فلاحو الجزائر قنطار الزيتون بـ 2000 فرنك في حين كانوا يبيعونه قبل دخول فرنسا بـ 5000 فرنك فرنسي.

وأجبر الفرنسيون السكان في أفريقيا الإستوائية على زراعة القطن عام 1955م، ثم باعوه لأربع شركات استغلالية بما ثمنه 72 -60 فرنكاً للكيلو، فيما باعه المستخربون  بسعر 245-285 فرنكاً في مرفأ التصدير.

وقد كان كيلو القطن المستورد في فرنسا يماثل - في مراكش - أربعة مرات كيلو القطن المصدر، وذلك في عام 1938م، ثم ارتفع إلى ست مرات في عام 1949م ومثله يقال في القطن التونسي.

وفي نيجيريا يباع الخشب أكثر من سعره بـ 30 - 40 %، وباعت بلجيكا كيلو زيت النخل فيالبلا التى احتلتها بـ 110 فرنكاً بدلاً من 75 فرنكا. ([54])

             20- المغرب العربى

ولم بسلم المغرب العربى كذلك من بطش الفرنسيين أصحاب الحضارات والرقى فليشهد العالم رقيهم وتقدمهم ولقد كتب"  هنرى كلود " واخرون فى كتابهم الإستعمار فى المغرب العربى وإن شئت فقل ( الإستخراب فى المغرب العربى ) العديد من الماسئ التى قام بها بنى جلدتهم  وإليك صورا مما فعلوه فى المغرب :

فقد كان العمال في صفاقص من عمال شركة الفوسفات الفرنسية يسكنون بمعدل 10 عمال في كل كوخ، فيما تحدثت الصحف الفرنسية عن مدينة ( مراكش ) حيث يسكن 200000 من العمال وعوائلهم في بيوت أو أكواخ من الخشب الذي يلتقطونه من مخلفات الشحن .

وقد تحدثت إحدى الصحف الفرنسية عن القسوة البالغة التي يعيشها العمال المغاربة وعائلاتهم في هذه البيوت من غير توفر أي إجراءات تضمن صحتهم وسلامتهم. ([55])

 وانتشر الفقر  بصورة لم يسبق لها مثيل حتى كتب أحد أطباء وادي الداد في جنوب مراكش: " إن الأطفال في هذه البلاد يأكلون التراب. لماذا ؟ أذلك من الفقر أو الجوع أم أنها عادة مجهولة المنشأ ؟ لا أستطيع أن أقول شيئاً، ولكن هذا الواقع ماثل هنا. إن الأطفال يأكلون التراب ويصابون بالأمراض الخطيرة : فقر الدم وتضخم الطحال.... ". ([56])

وقد اقتصر غذاء الأسرة المراكشية في الغالب على عدة أقراص من الشوفان، فيما ذكرت إحصائيات فرنسية في عام 1945م أنه ". ([57]) بالاضافة الى التمييز العنصرى الذى كان له بالغ الاثر  . وقد قام الاحتلال الغربي، بتصفية سكان البلاد الأصليّين وعزل وتهميش من بقي منهم.

                  

وفي عام 1798م ( 1213هـ ) وصل نابليون يقود الحملة الفرنسية على مصر ثم حاول السيطرة على بلاد الشام، فغادر وهو يحمل أدراج الخيبة لكثر من قتل من جنوده هناك، ثم ما لبث أن عاد إلى فرنسا ولحقته جيوشه عام 1801م. واسوأ ما اذكره لنابليون صاحب الحضارة المزعومة بعد دخوله الأزهر بخيوله  هو ماقام به من مذبحة  مفزعة فى يافا لأنه عاهدهم إن القو سلاحهم لم يحاربوه وتركوه يمر الى عكا عفا عنهم والمؤسف انه عقد صلحا بذلك  واطمان اهل يافا لهذا العهد وما ان مر ببلادهم وكان على ابوانب عكا استدار بجنوده وذبح ثلاثة الاف من اهل يافا دفعة واحدة ولم يراع عهداولا صلحا "                      

               21- ليبيا

ولم بيق من دول اوروبا إلا الايطاليون فجاؤء بخيلاءهم وقواتهم وزحفوا على العالم الاسلامى فاحتلوا الصومال وأريتريا عام 1887م،  ومن اسوأ ماقاموا به هو احتلالهم ليبيا عام 1914م، وأكملت الاحتلال عام 1914م  ـ وتوالى مسلسل الإرهاب الدموي لمنظومة الغرب بأبشع صوره; عندما امتزج التعصب العرقي القائم على العقيدة التي تدعي تفوق الدم النقي الجرماني والإيطالي مع الحقد والطغيان، وأصبح جزءاً من المباني السياسية والبرنامج الرسمي للدولة، والذي زاد في دمويته التطور التقني الكبير في آلة الحرب وأسلحة الدمار، كما في دولة ألمانيا النازية على عهد هتلر ودولة إيطاليا الفاشية على عهد موسوليني. ولم يستريحوا حتى اعدموا القائد المجاهد عمر المختار واحكموا سيطرتهم على ليبيا بعد المجازر التى يندى لها الجبين .

                  22- الروس الأرثوذكس والعالم الإسلامى

ولما رأى  المعسكر الشرقى أن الغرب كله تقريبا اقتسم العالم الإسلامى من المغرب العربى مرورا بافريقيا الى الجزيرة العربية ثم الى المسلمين فى الهند والصين  واندونسيا فراوا أن الشرق الإسلامى بعيدا عنهم ولكنه قريبا من الروس الأرثوذكس فانقضوا على بلاد المسلمين فأخذوا ما يحاذيهم منها، وضموه إلى بلادهم، ففي 1670م دخل الروس بلاد الأورال، وأحكموا السيطرة على مسلميها، وفي عام 1859م ضمت روسيا طشقند، ثم القوقاز عام 1864م، ثم بخارى عام 1882م، فيما دخلت بلاد التركستان تحت سيطرة الروس عام 1884م . ([58])

ومن اسوأ  مايقوم  به النصارى هو  تحويل مساجد البلدان الإسلامية  جميعاً إلى كنائس أو إسطبلات للخيول ، وتدمير قرى إسلامية كاملة ، وإذا كان المسلمون يأخذون من النصارى الذميين جزية لمرة واحدة في السنة مقابل حمايتهم ويردونها عليهم في حال عجزهم عن ذلك ،

فإن التاريخ يخبرنا أن النصارى أرغموا المسلمين بعد مصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم وتدمير قراهم وذبح طائفة منهم واستعباد طائفة أخرى وتسخيرهم للعمل في أراضيهم .

أرغموا من تبقى منهم على دفع الجزية مرتين في العام.. وتعرض كثير منهم للإبادة والتنصير القصري ، حتى إن المؤرخ الأوروبي دانيال يعلق على ذلك بقوله:(إن هذا الذي حدث هو حقيقة الرحمة التي كانت أوروبا تقدمها دائماً للمسلمين فهي رحمة مشروطة بالقضاء على دينهم

والعجيب ان هذا الشعور مترسخ لديهم فهم لا يودون إلا القضاء على الدين وصدق الحق حين قال ( وودو لو تكفرون ) ولا يستحى قادتهم وزعمائهم ان يعلنوها اكثر من مرة على الملأ وفى صفحات الكتب كما أوضحنا وليؤكدوا هذا الإحساس لدى ابنائهم فإذا بهم يكذبون عليهم حتى لا تأخذهم بنا شفقة وحتى لا تخرج اصوات من عندهم فيها بقية من رحمة تنادى بالإحسان  ومن هؤلاء:-الكاردينال الإيطالي(روبرتو توتشي) الذى  يزعم  (أن الإسلام لا يعطي احتراماً كافياً لغير المسلمين باعتبارهم مواطنين حقيقيين) ويضيف الكاردينال الذي كان مديراً لإذاعة الفاتيكان على مدى عشرين عاماً:(إن المسيحيين في الدول الإسلامية!! يعانون دونية اجتماعية ويواجهون بالتالي مصاعب اقتصادية وثقافية.

والحمد لله  ان التاريخ يشهد للمسلمين على الدوام انهم ما نقضوا عهدا ولا خانوا أمانة ولا أرغموا أحدا على ترك دينه ولم يدنسوا مقرا للعبادة . فاليهود والنصارى كانوا ينعمون بالأمن والأمان على ممتلكاتهم وعباداتهم وكنائسهم وأنفسهم وذراريهم في ظل دولة الإسلام ، ولم يكونوا يكلفون الدفاع عن الدولة أو يجندون تجنيداً إجبارياً بل تتحمل الدولة حمايتهم مقابل جزية زهيدة تدفع بالسنة مرة وكان كثير من الخلفاء والولاة يسقطونها عمن كبر وعجز منهم.. ويردونها عليهم في حال عجز الدولة عن حمايتهم وتأمينهم.. كل ذلك عملاً بقوله تعالى:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.. وعملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الذمة والمعاهدين الذين يحفظون عهودهم ويلزمون حدودهم فلا يعتدون على الإسلام وأهله ( من اذى ذميا فقد اذانى  .............)

ولقد نعمت الأقليات غير المسلمة في ظل الدولة الإسلامية بالصون والأمان ؛ و ذاقوا من الأمن والأمان في ظل عدل الإسلام مالم يذوقوه تحت حكم أبناء جلدتهم وأهل ملتهم  ولقد ذكرنا فى هذا الكتاب بعضا مما فعلوه بإخوانهم حين اختلفوا معهم فى المذهب ؛ وقد أقر العديد منهم  بأنهم كانوا يعاملون بالعدل والمعروف والإحسان حتى في حال غدرهم بالمسلمين وتعديهم على الإسلام وأهله..

              

 

                     23-  أسبانيا بين المسلمين وأهل الكتاب  

وإليك عزبزى القارئ نموذجا معروفا لترى الفارق بين معاملة المسلمين لغيرهم نصارى كانوا أم يهودا  فمن المعلوم أن أسبانيا كانت تحت حكم المسلمين قرابة الثمانى قرون وكان لايزال فيها بقايا من يهود ومسيحين ولم يجبر المسلمون أحد منهم على ترك دينه للدخول فىالإسلام بل استعملوا بعضهم فى المصالح الحكومية إلا أن الغدر و الخيانة المتأصلان فى قلب اليهود والنصارى اشتعلا من جديد فظلوا وراء الحكام حتى أجلوا المسلمين من هناك فإليك صورة سريعة لما كان فى الأندلس :

فتح المسلمون  الأندلس سنة 93هـ وكان اليهود محكوماً عليهم بالطرد والقمع والإضطهاد من قبل النصارى ومصادرة أموالهم وفرض التعميد التنصيري على أبنائهم إذا وصلوا سن السابعة ، فلما جاء الفتح الإسلامي أنقذهم من إستبداد النصارى وقمعهم ، ولذلك فرحوا بالفتح الإسلامي ورحبوا بالمسلمين وعاشوا على امتداد الحكم الإسلامي في الأندلس(93-897هـ) آمنين يتمتعون بعدالة الإسلام وسماحته.

بل إن بعض حكام المسلمين المتساهلين بالغوا في إكرامهم إلى حد الوقوع في المخالفة الشرعية بتوليتهم الوزارة والولايات المختلفة ، فصار المسلمون يقفون بأبوابهم ويحجبون ويذلون ، وتجرأ بعضهم كالوزير اليهودي(ابن النرغيلة) فصنف كتاباً يطعن فيه بالإسلام ، مما حدا بالإمام ابن حزم إلى الرد عليه ودحره في كتابه(الرد على ابن النرغيلة) ،

ولا شك أن هذا التساهل كان من أسباب ضعف المسلمين في الأندلس إذ استغل اليهود هذه المناصب للنخر في الدولة واستغلوا ضعف الدولة فأخذوا يتنكرون للمسلمين ويغدرون بهم ويمالئون النصارى عليهم ويدلوهم على عوراتهم ونسوا كيف كان حال آبائهم تحت نير حكم النصارى وما نقموا على المسلمين إلا تسامحهم معهم وعدالتهم ، فأعانوا النصارى وظاهروهم على إسقاط حكم المسلمين .

فبماذا جازاهم النصارى يا ترى؟!لقد سلطهم الله عليهم فأذلوهم وأبعدوهم وصادروا أموالهم وأرغموهم على التنصر كما فعلوا بالمسلمين وكان لهم نصيب من عذابات محاكم التفتيش التي أقيمت أصلاً للمسلمين وتحدث التاريخ عن الفظائع التي ارتكبت بالمسلمين فيها وطرد النصارى مائة وخمسين ألفاً من اليهود لجأ أكثرهم ولاذوا بالعالم الإسلامي الذي تآمروا عليه من قبل فآووا إلى كثير من دول شمال إفريقيا.. وصدق الحق حين قال{  وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ }  المائدة 49

                          24- أمريكا والإرهاب

خرجت أمريكا على العالم فى الآونة الأخيرة بمصطلح الإرهاب لتصرف الأذهان عنها وإليها والمحزن أن انخدع بعض بنى جلدتنا وراها وراحوا يرددون الكلمة التى راح ضحيتها الالف من المسلمين فى العراق وافغانستان وفلسطين  وغبرها من البلدان الإسلامية والحق أن أمريكا هى صانعة الإرهاب وراعيته وإليك ما يدل على ذلك .

ألزمت أمريكا عشرات الدول في مختلف أنحاء العالم،  بالتهديد أو بالاستضعاف أو بالعمالة على القبول بإنشاء قواعد عسكرية على أراضيها; حتى أصبحت بعض هذه الدول لا هوية لها إلاّ بالقواعد العسكرية الأميركية القائمة على أراضيها.

قامت بتأسيس مدرسة رسمية لتدريب وإعداد مجاميع منظّمة، وظيفتها القيام بعمليات الإرهاب والتعذيب والإغتيال في الدول الاُخرى .

وكشف الكاتب البريطاني (جورج مونبيوت) عن معسكر في ولاية جورجيا تشرف عليه الحكومة منذ 55 عاماً; لتدريب رجال شرطة اتّهموا بالتعذيب وممارسة الإرهاب ضد المواطنين في دول أميركا اللاتينية. وقال (مونبيوت) في مقاله بتاريخ 30/10/2001م: في مقال بصحيفة (الجارديان) البريطانية   انه يوجد في مدينة (فورت بينينج) بولاية (جورجيا) معهد لتدريب الإرهابيين يطلق عليه (ويسترن هميسفير للتعاون الأمني WHISK)

وفاق ضحايا هذا المعهد قتلى انفجارات 11 سبتمبر وتفجير السفارتين الأميركيتين في أفريقيا عام 2001م.

 وقال إن هذا المعهد الذي كان يطلق عليه (مدرسة الأميركيين SOA) قام حتى عام 2000م بتدريب أكثر من 60 ألف جندي وشرطي من أميركا الجنوبية متهمين بالقيام بأعمال تعذيب وإرهاب، وذلك منذ عام 1946م. وقد درّب هذا المعهد أخطر الضباط الذين ارتكبوا جرائم وحشية ما بين قتل وخطف ومذابح جماعية في دول أميركا اللاتيية، على رأسها تشيلي وكولومبيا وهندوراس وبيرو.                                     

وحين اصطلى الغرب بنار التطرف العنصرى والتمايز  وكان عل اثره أن عانت الدول الحاضنة للإرهاب والتميز قام  تيار إصلاحي في الغرب لنزع حالة التطرف العنصري في المجتمع والمؤسسات الغربية، وبسبب ضغوطه المستمرة اضطرت الدول الغربية إلى إعادة النظر في استرقاق الإنسان والمتاجرة به;

فحظرت انجلترا في عام 1807م هذه التجارة وحظرت الاسترقاق عام 1833م، كما منعت فرنسا هذه التجارة البشعة عام 1815م، إلاّ أنها ترددت في إلغاء الإسترقاق البشري حتى عام 1848م حيث قرّرت إلغاءه رسمياً بمبادرة من السياسي الفرنسي (فيكتور شولشر)

وفى أمريكا قام الرئيس الأميركي (إبراهام لينكولن) بتحرير العبيد الذين بلغ تعدادهم أربعة ملايين نسمة في عام 1865م، ووعدهم بمائتي دونم من الأرض ، إلاّ أن الكونجرس الأميركي الذي تحكمه غالبية عنصرية متطرفة لم يفِ بذلك الوعد.

بل توعدت الجمعيات الصهيونية هذا التيار لأنها دئما وأبدا يبغونها عوجا  ورأوا  أنه إن ساد هذا التيار  الإصلاحى وذابت الفوارق واصبح الناس سواسية كما ينادى الإسلام لأصبحوا قريبين منه  ومن ثم فالدخوال فيه قد يكون يسيرا وهذا هو عدوهم اللدود  ومن ثم جن جنونهم  وقام اللوبى الصهيونى بدعمها فقام بتشكيل أول جماعة مسلحة في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، إلاّ أنها أخذت تنتشر وتتطور تنظيمياً وتسليحياً بعد التعديل الثاني للدستور الأميركي الذي سهّل لها ذلك، من خلال نصه على:

 (إن وجود ميليشيا منظّمة أمر ضروري لتأمين حرية كل ولاية). وهكذا استمرت في النمو الكمي والنوعي إلى حدٍّ بدأت تتحكم ـ ومن خلال نفوذها في الأجهزة الرسمية الحاكمة ـ في كثير من الاتجاهات الإجتماعية والثقافية والإعلامية والسياسية، فعمدت إلى القيام بموجة من أعمال العنف والإرهاب والإغتيال، خصوصاً للرموز المطالبة بالحقوق المدنية وإلغاء التطرف العنصري، وكان من أهم  أهدافها هو التخطيط للتخلص من أى شخصية إصلاحية علىمستوى العالم  مهماكان مركزه ومهما قدم لهم فإن قام بخدمتهم العمر كله ثم وقف فى وجه مصلحة واحدة لهم  لا تغفر له  ومن الذين اكتوا بنار تلك العصابات والمليشيات الصهيونبة :

فقامت باغتيال الرئيس الأميركي (إبراهام لينكولن) عام 1865م وهو العام الذي أعلن فيه عن تحرير العبيد في أميركا .

كما اغتالت الرئيس (جون كنيدي) في عام 1963م وهو الذي عُرف برغبته في الحد من الاتجاهات العنصرية المتطرفة .

 وفي عام 1965م اغتالت زعيم (أمة الإسلام) الأميركي (مالكوم إكس)، كما اغتالت في عام 1968م داعية الحقوق المدنية والأسود اللون (مارتن لوثر كينج).

وعن تدخل أمريكا فى شئون البلاد فحدث ولا حرج فمخابراتها هي التي أطاحت بحكومة منتخبة(أي ديمقراطية في عرفهم) في (جواتيمالا) عام 1954م وأخضعتها لحكم دكتاتوري أربعة عقود ذهب ضحيته عشرات الألوف من الرجال والنساء تحت صنوف التعذيب والقتل الجماعي والخطف والإعدام .

وفي تشيلي أطاحت (بسلفادور الليندي) الذي وصل على الحكم من خلال ديمقراطيتهم ومع ذلك فلمعارضته لأمريكا وميوله الماركسية ومع أنه سعى لجعل تشيلي نموذجاً ديمقراطياً!! وسعى في محاربة الفساد ونادى بأن يتمتع الشعب بثروات البلاد إلا أن واشنطن سلطت مخابراتها لإسقاطه ، واغتالته في 11/9/1973م وخربت اقتصاد البلد ونشرت الفقر ودعمت الفساد وساندت انقلاباً دموياً أوصل إلى الحكم حكومة دكتاتورية ذهب ضحيته آلاف الرجال والنساء تحت التعذيب والقتل حتى استعملت الكلاب المدربة في اغتصاب النساء كل ذلك ببركات أمريكا .

وفى العراق أطاحت بحكومة صدام حسين بل واعدمته هو وافراد حكومته على مراى ومسمع من العالم وفى سبيل تحقيق ذلك كادت أن تبيد شعب العراق بأسلحتها المحرمة دوليا .                                                                

                       25-  أصل أمريكا

يبقى أن تتعرف عزيزى القارئ على أمريكا والتى يعتبرها البعض ( ماما أمريكا ) فلقد كانت أسبانيا والبرتغال يعانون أشد المعاناة من المجرمين والمتشردين والسجناء فأشارت ملكة أسبانيا على كريستوفر كولومبس الرحالة والمستكشف المعروف عام 1492 أن يتخلص منهم بأن يأخذهم فى رحلته الإستكشافية فأخذهم معه إلى أمريكا فهؤلاء هم أجداد الأمريكان الفاتحين !!

وليس هذا فحسب بل إن من أول النازحين إلى أمريكا كانوا من أصل إنجليزى وكانوا من الطمع والشره بمكان حتى أنهم تركوا بلادهم سعيا وراء مكاسب جديدة ويؤكد الكاتب الأمريكي " دي توكفيل  " ذلك في كتابه(( الديمقراطية في أمريكا))فيقول : (نزلت أول جالية إنجليزية في فرجينيا عام 1607م وكانوا يسعون وراء الذهب ، وكانوا قوماً مقامرين نفعيين لا أخلاق لهم )

ومن فرط جرم هذه العصابات إن أبادوا سكان البلاد الأصليين وحلوا  محلهم فتشير الدراسات الحديثة إلى أن عدد السكان  كان ما بين 10 إلى 12 مليون نسمة قبل وصول تلك العصابات إليها في القرن الخامس عشر الميلادي، لكن هذا العدد انخفض وبسب التصفية العنصرية بحلول عام 1890م إلى حوالي 300 ألف نسمة فقط، ثمّ تهميشهم وعزلهم في زوايا المجتمع الأميركي.

فلقد بنى هؤلاء أمريكا بسواعد وجهود الأفارقة الذين كانوا يختطفونهم من شواطئ أفريقيا ويجلبونهم بالسلاسل إلى أمريكا فيسترقونهم ويبيعونهم ويسخرونهم في الأعمال الشاقة والفظيعة وازدهرت بذلك تجارة الرقيق ، وكانوا يعيشونهم كقطعان الدواب ويستعبدون نسلهم ويتاجرون بهم أيضاً.

وساعدهم دول الغرب فى نهاية القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر بنقل 12 إلى 20 مليون رجل وامرأة قسراً، من أفريقيا إلى الغرب وخصوصاً إلى القارة الأميركية لإسترقاقهم فيها. فقد تقاسمت أسبانيا والبرتغال منذ عام 1494م أميركا بموجب اتفاقية (تورديسيلاس)،

             26- بنوا إسرائيل و الرقيق

وكان الامبراطور الجرماني ملك أسبانيا (شارل كينت) أول من أفضى الطابع الرسمي عام 1518م على إستيراد الإنسان من أفريقيا لإسترقاقه في الغرب، واستخدامه يداً عاملة مجانية لإستغلال الأراضي الجديدة الشاسعة خلف المحيط الأطلسي ـ الأميركيتين ـ إقتصادياً،

وبلغت تجارة بالإنسان الأفريقي لإسترقاقه في الغرب ذروتها في القرن الثامن عشر، فالسفن كانت تبحر دوماً محمّلةً بالبضائع من الغرب إلى أفريقيا، وهناك تستبدل حمولتها بـ(البشر) ليتم نقلهم خلف المحيط الأطلسي، حيث الدول الغربية وعلى رأسها الأميركيتان.

 وكان مرفأ (بوردو) و(لاروشيل) في فرنسا أهم مركزين لتجارة البشر المسترق، وحظى مرفأ (تانت) الفرنسي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر بإدارة 70% من التجارة الفرنسية للبشر المسترق. واستمرت هذه التجارة بشكلها الرسمي العلني حتى عام 1865م.

بعدها تحولت بالتدريج إلى تجارة خفيّة ، وفي القرن العشرين أخذت مسارات جديدة، حيث يتم وبطرق متنوعة خداع أو بيع أو قسر أو إرغام الملايين من البشر ـ وغالبيتهم من النساء والأطفال ـ على الوقوع في حالات من الإستغلال القهري; ليدخلوا كسلع في تجارة عالمية للبشر، تقدّر ببلايين الدولارات، وتسيطر على هذه المهمة الإجرامية جماعات منظمة تنظيماً عالياً، وتقوم بعملياتها آمنة من العقاب ، ووفقاً لمستندات الأمم المتحدة فإنه من الصعب الحصول على أرقام موثوق بها عن حجم هذه التجارة، إلاّ أنها تقدّر بين 45 ألفاً إلى 50 ألفاً من النساء والأطفال سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.

وليذهب المتشدقون والحالمون بالديمقراطية الأمريكية إلى هناك ليرون راى العين  أن سلالات اؤلئك العبيد لا زالت  تعاني إلى اليوم من العنصرية والتفرقة وسوء الحالة المعيشية وتدني مستويات الدخل وتفشي البطالة ، والمتأمل لمناطق سكناهم وأحوالهم في أمريكا لا يجادل في هذه الحقائق ويعرف عنصرية الحضارة الأمريكية المعاصرة وتمييزها !!

وأيضاً فالمتأمل لتاريخ أمريكا منذ تأسيسها ، وتدخلاتها في أنحاء العالم يجدها تقوم على تحقيق مصالحها بغض النظر عن خسة الوسائل ومخالفتها لمبادئ الحرية والعدالة والحقوق التي تتغنى بها ، الشيء الذي يفضح دعاوى ترويجها للديمقراطية والحريات .

إن الولايات المتحدة تقود حركة مضادة للثورات  التى تحاول الإصلاح فى بلادها على نطاق العالم في سبيل مصالحها ، إنها تصارع من أجل ما كانت تصارع من أجله روما؛ وقفت إلى جانب الأغنياء ضد الفقراء ، ولأن الفقراء هم الأكثر فإن سياسة روما قامت على الظلم      إن من يراقب حركة التاريخ الآن يجد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الأغنياء ضد الفقراء وإلى جانب المستبدين ضد أنصار الحرية ، وتقف إلى جنب العناصر الفاسدة والمفسدة ضد دعاة الإصلاح ومحاربة الجهل والفقر والمرض)

                                    

 

                            27-  أمريكا وإسرائيل

ولعل سائلا يسال ماعلاقة إسرائيل بامريكا ؟ نجيب عليه قائلين :لوتذكر فقد قلنا سابقا إن إسرئيل دائما وابدا ترتمى فى أحضان قوة عظمى وذكرنا انها ارتمت فى احضان روما ثم قريش  ثم خفت نجمهم إلى أن ظهرت برطانيا قلم تتركها حتى اقتطعت لها جزا من أراضينا غاليا ألا وهو فلسطين  وما ان أفل نجم بريطانيا حتى ارتمت فى احضان امريكا وخاصة أن أمريكا  انتقلت اليها الدعوة إلى الأصولية البروتستانتية الإنجيلية من بريطانيا ابان احتلالها لا مريكا .

        حرب هرمجدون وإمتطاء إسرائيل لأمريكا

 وتقوم هذه الأصولية على نبوءات توراتية من مزاعم اليهود مفادها أن لإسرائيل دور رئيسى في حرب نهاية العالم  التى يسمونها حرب( هرمجدون )  والتى يزعمون أنها مما يعجل بنزول  المسيح عليه المسيح ولقد أوهمت إسرائيل العدبد من رؤساء أمريكا وحاولت إقناعهم بأنه بأيديهم رؤية المسيح عليه السلام ولن يتأتى ذلك إلا إذا ساهموا فى كل ما تريده إسرائيل حروبا كان ام دمارا  ومن الرؤساء الذين نجحت إسرائيل فى السيطرة على أذهانهم وتصرفاتهم بوش الأب والابن عليهما من الله ما يستحقاه فهما قاما بما قاما به من إحتلال وتدمير لبلاد المسلمين ليحدثوا فى العالم هرجا فقد يعجل بنزول المسيح عليه السلام  ولكن انتهت مدة حكمهما واستفادت اسرائيل منهما اغلى استفادة وذهبا هما الى مذبلة التاريخ تلاحقهم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين .

ويعلق ( توم ديلاري ) من المحافظين الجدد قائلا: ( إسرائيل لا تعتبر مشكلة في الشرق الأوسط بل إسرائيل هي الحل ) .

ولم تكتف إسرائيل بذلك بل إن حلمها الأكبر هو هدم المسجد الأقصى لتبني مكانه الهيكل المزعوم لتهيئ الأرض لعودة المسيح عليه السلام  بعد معركة ( هرمجدون ) حيث سيتبع اليهود جميعهم المسيح ويؤمنون به بحسب عقائد هؤلاء الصليبيين ، والحقيقة أنهم سيتبعون المسيخ الدجال لأن المسيح الحقيقي لم يؤمنوا به بل وحاولوا قتله  فالمسيحيون مخدوعون ويسيرون وراء اليهود سير اعمى حقا انه الضالون  وما يدفعهم الى ذلك هو الاستفادة من ثروات الشرق وخيراته.

أرايت أن اليهود والصليبين المسيجيبن إنما هما وجهان لعملة واحدة فتطلعاتهم وسياساتهم وعلاقاتهم تستلهم رؤاها من أفكار وعقائد الأصولية الصليبية اليهودية التى اختلقها الأحبار فى التلمود وسار على نهجها الأبناء .

 ومن المعلوم والذى يجب أن نعلمه جيدا أن وعود أمريكا ستكون قطعاً كاذبة مخادعة إذا ما كانت تخالف مصالح إسرائيل في المنطقة ..( فاعتبروا ياولى الابصار )ويؤكد هذا الزعم وزير خارجية أمريكا الأسبق كولن باول فيقول  : ( منذ أن قامت دولة إسرائيل قبل 50 عاماً والولايات المتحدة ملتزمة التزاماً متواصلا باتجاه إسرائيل ، دولتان مرتبطتان معا إلى الأبد بواسطة قيم وأعراف مشتركة ، وهذا لن يتغير إلى الأبد ) ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد .

                          الكيل بمكيالين

ورغم أن استطلاعات الرأي الشعبية الغربية  أظهرت أن غالبية الغربيين يعتقدون أن إسرائيل أكبر خطر على الأمن والسلام العالمي بما تقوم به من تحريك لسياسات العالم وما تسببه من حروب وقلاقل  ونزاعات فما يصدر من أمريكا وأوروبا رسميا من نقد لإسرائيل لايتعدى في أفظع صوره وفي حال أخطر التجاوزات والمجازر الإسرائيلية لا يكون اكثر من عتاب  .

 بدليل أن أمريكا ومن عاونها من أبناءنا فى منع المنطقة من امتلاك السلاح النووى  لا يشمل إسرائيل أبداً ولا تُحاصر أو تعاقب أو تحارب كما يحارب ويحاصر غيرها ممن قد يفكر بامتلاك ذلك ، بل هو حق مشروع لها تحتاجه لضمان أمنها ، فإسرائيل تمتلك اليوم زهاء ستمائة رأس نووي ولديها ترسانة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وبرامج ضخمة لتطوير السلاح ، وتستفيد من جميع برامج التكنولوجيا الأمريكية في مجالات التسلح والأقمار الصناعية وغيرها ..

وتدعم  امريكا إسرائيل دعماً ماليا سخياً .. فحسب قول الأمريكي ( جيمس ديفيد ) : (( فإن إسرائيل كلفت دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من ( 240 ) مليار دولار في السنوات الأربعين الماضية ) ، وتدفع لها أمريكا سنويا ثلاثة مليارات دولار  ناهيك عن الإعلام فدور أمريكا فى الإعلام المؤيد لإسرائيل لا يمكن أن تتصوره فأمريكا تنفق المليارات لترضى إسرائيل وان كذبت على العالم وشوهت الحقائق .

                            

                                                 الخاتمة

                                     فيا أمة الإسلام احذرى

لأن التربية الأمريكية لطلبة المدارس تنطلق من هذا التحيّز الظاهر  لإسرائيل ؛ فبينما يتجاهل العرب  والمسلمون ويحاولون تجريد الأجيال الإسلامية  من كل ما قد يعزز تلك الثقافة .

ويعملون جاهدين لبث ثقافة  جوفاء من خلال الإعلام بل وخطب المساجد ويسطون اليوم على ما قد يوجد من مسحة إسلامية في المناهج المدرسية ويعملون على طمس تلكم المسحة أو مسخها  المهم أن يخرج جيل بل وأجيال من المسلمين توائم  محبتهم لليهود والصليبيين وتناسب أخوّتهم لليهود تحت مسمى بث روح التسامح والإخاء والمحبة ( الموالاة ) وبدعوى نبذ كل ما يدعو إلى العنف والإرهاب ( الجهاد ) والكراهية والبغضاء ( الولاء والبراء ) ؛

ألا تعلم عزيزى القارئ  أن المناهج الدراسية في المدارس الأمريكية تقوم بسرد تاريخ المسلمين والصراع الإسلامي الإسرائيلي ولكن على طريقتهم سرداً مضللا مشوّها يظهر اليهود على الدوام كأصحاب حق في فلسطين وأنها وطنهم الذي عادوا إليه بعد اضطهاد وتشرد وشتات طويل  وأنهم هم المغلوبون على أمرهم  .

أما جرائم إسرائيل ومجازرها ومذابحها منذ قيامها إلى اليوم فلا يذكرونها لا من بعيد ولا من قريب ، بل تطمس وتغيّب حتى لا تسيء إلى إسرائيل ، وتكيل لها الثناء دوما في كتب التاريخ وأغلب الكتب المدرسية ، فإسرائيل في هذه الكتب تُقدَّم دائماً للطلاب كدولة ديمقراطية تقدمية رائدة في منطقة البحر المتوسط ..

 

 

 

 

 

 

قائمة أهم المصادر والمراجع

1-             القرآن الكريم

2-             الجامع لاحكام القرآن – أبو عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي – دار الفكر للطباعة والنشر 1991

3-             مختصر الطبري للامام محمد بن جرير الطبري

4-             البخاري

5-             الموطأ للامام مالك

6-             المسند للامام أحمد

7-             الترمذي

8-             رياض الصالحين للامام شرف الدين النووي الدمشقي – دار المنار للطباعة والنشر

9-             نور القبس المختصر من المقتبس للحافظ اليغموري

10-        أسرار اللغة – د - ابراهيم أنيس – القاهرة 1966

11-        الرحيق المختوم – صفي الرحمن المباركفوري

12-        الجامع لأحداث الراوي وآداب السامع – الخطيب البغدادي

13-        ديوان ألفية محمد – د. -  صلاح القوسي

14-        ديوان هاشم الرفاعي

15-        اظهار الحق – رحمت الله الهندي

 

 

16- سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبى

17- سيدنا أبو هريرة – محمد عبده يمانى

18- الفرقان  -ابن تيمية

19- فتح البارئ – محى الدين الخطيب

20- الإصابة فى معرفة الصحابة – ابن حجر

21- تذكرة الحفاظ – الذهبى

22- الجامع – معمر بن راشد

23- منهاج السنة – ابن تيمية

24- تهذيب الأسماء –الإمام النووى

25- المعجم الوسيط – إبراهيم أنيس وأخرون

26- أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها. ط1. دار القلم. بيروت. دمشق، 1395هـ.

27- الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي. هنري كلود و اندريه برينان و ايف لاكوست. ترجمة : محمد عيتاني مكتبة المعارف. بيروت.

28- الاستعمار. أحقاد وأطماع. محمد الغزالي. ط2. الدار السعودية للنشر. جدة، 1389هـ.

29- الإسلام والتحدي التنصيري. عمر بابكور. معهد البحث العلمي. جامعة أم القرى، 1407هـ.

30-التبشير والاستشراق، محمد عزت الطهطاوي، ط1، الزهراء للإعلام العربي، 1411هـ.

31- التبشير والاستعمار في البلاد العربية، مصطفى خالدي وعمر فروخ، منشورات المكتبة العصرية، صيدا، 1983م.

32- حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر. أحمد عبد الوهاب. ط1. مكتبة وهبة، 1401هـ.

33- رسالة الطريق إلى ثقافتنا، محمود شاكر، دار المدني، جدة، مكتبة الخانجي، مصر، 1407هـ.

34- العالم الإسلامي والاستعمار السياسي والإجتماعي والثقافي، أنور الجندي ط1، دار المعرفة، 1970م..

35- غارة تبشيرية جديدة على أندنوسيا، أبو هلال الأندنوسي، ط3، دار الشروق، جدة، 1399هـ.

36- الغارة على العالم الإسلامي. أ. ل. شاتليه. تاخيص وتعريب : محب الدين الخطيب ومساعد اليافي. ط4. الدار السعودية للنشر والتوزيع. جدة، 1405هـ.

37- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار، محمد البهي، ط4، مكتبة وهبة، القاهرة، 1384هـ.

38- المسيحية، أحمد شلبي، ط10، مكتبة النهضة المصرية، 1993م.

* المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس وآخرون، ط2، دار الفكر.

39 - ملامح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي، إبراهيم عكاشة، إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1407هـ.

40ـ المسلمون في الهند ـ أحمد بخش الهروي ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ 1995م.

41ـ تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندوباكستانية ـ  أحمد محمود الساداتي -مكتبة نهضة الشرق ـ القاهرة ـ 1970م.

42 ـ تاريخ الإسلام في الهند ـ عبد المنعم النمر -  المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ـ بيروت  (1401 هـ= 1981م).

43ـ الشعوب الإسلامية ـ عبد العزيز سليمان نوار

44- الاحتلال الصليبى والعالم الاسلامى- محمد المقدسى

45- الاحتلال الصليبى والعالم الاسلامى د. منقذ بن محمود السقار

46- كشف الأثار فى قصص أنبياء بنى إسرائيل  القسيس مزبك

 47- صدق الإخبارات عن الحوادث المستقبلية                             

48-        هداية الحيارى – ابن قيم الجوزية

49-  قصة الحضارة . ويل ديورانت – ترجمة محمد بدران

50-        سفر  التكوين

51-                    سفر الخروج

52-                    سفر التثنية

53-                    سفر اللاوين

54-                    سفر العدد

55-                    سفر يشوع

56-                    سفر القضاة

57-                    سفر صموئيل

58-                    سفر الملوك

59-                    سفر أشعياء

60-                    سفر عزرا

61-                    سفر دانيال

62-                    سفر عاموس

63-                    سفر نشيد الانشاد

64-                    سفر الجامعة

65-                    سفر ايوب

66-                    المزامير

67-                    انجيل متي

68-                    انجيل يوحنا

69-                    انجيل لوقا

70-                    رسائل بولس الى أهل غلاطيا

71-                    رسائل بولس الى أهل رومية

                                                         


الفهرس

مسلسل

الموضوع

رقم الصفحة

1

الاهداء

2

2

المقدمة

3

4

بين يدى الكتاب

5

5

الفصل الأول : خبايا بنى إسرائيل

8

6

أولا : أذوا الأنبياء

12

7

ثانيا : نسوا الله جل وعلا فنسيهم

23

8

عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

31

9

عهود أهل الكتاب فيما بينهم

33

10

موسى عليه السلام وأهل مدين

36

11

 غزوة بنى المصطلق

37

12

ثالثا : هم قساة القلوب

39

13

الجهاد فى القرآن الكريم

47

14

عهد سيدنا عمر لأهل إيلياء

50

15

رابعا : هم الجبناء

51

16

خامسا : بأسهم بينهم شديد

57

17

قوانين البروتستانت لإخوانهم الكاثوليك

61

18

تأصيلهم للكذب

63

19

حواري المسيح عليه السلام

71

20

سابعا : هم اللاجئون

75

21

الفصل الثانى :مناقب أصحاب الرسول

83

22

تمهيد : المعصوم صلى الله عليه وسلم

84

23

مناقب أصحاب المعصوم صلى الله عليه وسلم

89

24

أولا : هم الفدائيون

91

25

أبو بكر الصديق رضى الله عنه

93

26

فضائل الصديق رضى الله عنه

94

27

الصديق رضى الله عنه ويوم السقيفة

98

28

خلافة الصديق رضى الله عنه

102

29

وفاة الصديق رضى الله عنه

105

30

خالد بن الوليد وقصة إسلامه رضى الله عنه

107

31

غزوة مؤته

109

32

هدم العزى

110

33

معركة اليرموك وبطولاتها

112

34

كرامات خالد بن الوليد رضى الله عنه

116

35

ثانيا : هم ورثة الأنبياء

119

36

أبو هريرة رضى الله عنه

119

37

شهادة النبى صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة

121

38

مكانة أبى هريرة بين الصحابة

121

39

أراء العلماء والأئمة فى أبى هريرة

124

40

ثالثا : هم الحكماء

127

41

سيدنا سعد بن معاذ رضى الله عنه

128

42

لم تأخذه فى الله لومة لائم

129

43

مكر بنى إسرائيل

135

45

الفتنة وإعتزال بعض الصحابة لها

137

46

الصحابى الجليل محمد بن مسلمة

140

47

حب رسول الله وابن حبه ( اسامة بن زيد )

142

48

الصحابى الجليل عبد الله بن عمر

142

49

الصحابى  عبد الله بن سعد بن أبى السرح

144

50

رابعا : هم الطائعون لله ولرسوله

144

51

الهجرة إلى المدينة

145

52

وفاء رسول الله للأنصار بما عاهدهم عليه

150

53

ظهير الدين بابر والهند الإسلامية

152

54

المولد والنشأة

153

55

 التحرك صوب الهند

155

56

شخصية بابر

157

57

الفصل الثالث : بنوا إسرائيل والإرهاب

159

58

تمهيد : بنوا إسرائيل والإرهاب

160

59

إفتراء النصارى على المسيح عليه السلام

163

60

مشروع تنصير بلاد البحر المتوسط

164

61

البابوات والأمر بالتخريب

165

62

المرأة فى فكر بنى إسرائيل

166

63

وشهد شاهد من أهلها

169

64

صحيفة الدستور الأمريكية

170

65

لماذا يكرهون الإسلام

171

66

بنوا إسرائيل وأطفال المسلمين

173

67

الصحف الإسرائيلية

175

68

إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية

177

69

بعض ملامح الجرائم الإسرائيلية

177

70

الإسلام والإحسان

181

71

الغرب والشرق حسد أم إلتهام

182

72

عدوان بنى إسرائي على العالم الإسلامى

الهند الإسلامية

جنوب أفريقيا

الجزائر

رأى جنرالات فرنسا

المغرب العربى

ليبيا

الروس الأرثوذكس والعالم الإسلامى

أسبانيا بين المسلمين وأهل الكتاب

أمريكا والإرهاب

أصل أمريكا

بنوا إسرائيل والرقيق

أمريكا وإسرائيل

الخاتمة

المراجع

الفهرست

184

184

187

188

189

191

192

192

194

195

198

199

200

203

204

208

 

 

          رقم الإيداع



[1] اشعياء 1 / 1 .4

 

[2] عدد / 14 /1 .5

[3] عدد / 14 5 ...8

[4]  عدد / 14 32

[5] عدد / 14 30

[6] عدد / 14 36

[7] تثنيه / 3 26

 

[8] لوقا 9-1

 

 

1- يوحنا 13-21

2- يوحنا 13-26

3-  لوقا 22 – 4-6

4- لوقا 22-47

1- متى 16-16

2- متى 16-19

13- متى 26-33

1- متى 26-34

2- متى 26 - 34

[19] خروج 23/21

[20] الذهبي: سير أعلام النبلاء ، ج3 ص: 128 .و ابن حجر : فتح الباري ، حققه محب الدين الخطيب  ، بيروت ، دار المعرفة ، 1379ه ، ج13ص: 42 .

[21] الذهبي : نفس المصدر ج 2 ص: 18، 504 .و ابن تيمية : المصدر السابق  حققه محمد رشاد سالم ، ط1، د م ، مؤسسة قرطبة ، ج 8  ص: 146 .و ابن حجر : الاصابة في معرفة الصحابة،    ج6 ص: 198، 529   . و تعجيل المنفعة ، ط1، بيروت ، دار الكتب العلمية ، د ت ، ج 1 ص: 429 .

[22] الذهبي : المصدر السابق ج 3ص: 445 .و تذكرة الحفاظ حققه حمدي السلفي ، ط1 الرياض ، دار الصميعي ، 1415ه ج 1ص: 30 .و ابن عبد البر: الاستيعاب ،  ط1، بيروت دار الجيل 1412 ج 2ص: 537 .و النووي:  تهذيب الأسماء ط1 بيروت، دار الفكر ، 1996 ج1 ص: 254 .

[23] ابن حجر: الإصابة ، ج3ص: 137 ،و ج4 ص: 119 . ابن كثير: المصدر السابق ج 7 ص: 234 .و محمد أمحزون : تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة ، ط3 الرياض، دار طيبة الرياض ، 1420ه ، ج2 ص: 170 .و ابن ماجة :السنن بيروت دار الفكر ،دت    ج 2ص: 1309 .و الذهبي : المصدر السابق ج 2 ص: 474 .

[24] معمر بن راشد : الجامع ، ط2 بيروت المكتب الإسلامي،   ج11 ص: 357 .

[25] مسلم : صحيح مسلم ، بيروت دار إحياء التراث العربي د ت، ج4 ص: 2277 

[26] أحمد بن حنبل : المسند ، مصر مؤسسة قرطبة ، د ت  ج 1 ص: 177 .

[27] إسناد هذا الخبر صحيح على ما ذكره المحقق  . الذهبي : سير أعلام النبلاء ج 1 ص: 120  .

[28] الذهبي : تذكرة الحفاظ ج 1 ص: 22 .و  نفس المصدر ج 1 ص: 122 .

[29] الذهبي:السيرج2 ص: 266، 369 .و الكاشف ، حققه محمد عوامة ، ط1 جدة، دار الثقافة الإسلامية ، 1413 ج 2 ص: 222  .

[30] رواه الحاكم و  صححه . المستدرك على الصحيحين ، حققه عبد القادر عطا ، ط1 بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1990 ، ج 3 ص: 492 .و رواه أيضا  أبو داود ،و صححه الألباني ، سنن أبي داود ،بيروت دار الفكر  دت ، القرص المضغوط ،: مكتبة البيت المسلم الشاملة ، مؤسسة الخطيب للبرمجيات ، الأردن .

[31] رواتها كلهم ثقات ما عدا : علي بن زيد بن جدعان ، ففيه ليّن و ليس بالثبت .الذهبي : الكاشف ج1ص: 178، 313،ج2ص: 40 .و ابن حجر : تقريب التهذيب ، حققه محمد عوامة ، ط1 سوريا ، دار الرشيد ، 1986 .

[32] أحمد بن حنبل : المصدر السابق ، ج 3ص: 493 .و الذهبي :السير، ج2 ص: 371 .و البخاري : التاريخ الكبير ، ج1 ص : 11 .

[33] الحديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط ، و رجاله ثقات . علي بن أبي بكر الهيثمي : مجمع الزوائد ، القاهرة دار الريان للتراث ، 1407 ، ج 7 ص: 301 .

[34] رواه الطبراني في المعجم الكبير ، و رجاله ثقات . نفسه ج 7 ص: 301 .

[35] أحمد بن حنبل : المصدر السابق ج 4 ص: 225 .

[36] رواه الطبراني في المعجم الأوسط ،و رجاله ثقات . الهيثمي : المصدر السابق ج 7 ص: 301 .و  رواه أيضا  ابن ماجة ،و صححه الألباني ، سنن ابن ماجة ،     القرص المضغوط : مكتبة البيت المسلم الشاملة ، مؤسسة الخطيب للبرمجيات ، الأردن .

[37] البخاري : صحيح البخاري ط3 بيروت، دار ابن كثير ج 6 ص : 2602  .

[38] الذهبي : سير أعلام النبلاء ج 2 ص: 504 .

[39] البخاري : المصدر السابق ج 8 ص : 2597 . و ابن حجر : فتح الباري ، ج 13 ص: 42  .

[40] ابن تيمية : منهاج السنة  ط رشاد سالم ج 8 ص: 146

[41] صحيح البخاري ، ج6 ص: 2594 .

[42] روى الخبر  احمد بن حنبل : المسند ج 5ص: 69، و ج6 ص: 393 .و ابن ماجة ،و الترمذي ،  و صححه الألباني . سنن ابن ماجة  كتاب الفتن ج 2 ص: 1309 .و سنن الترمذي ،  كتاب الفتن ج4 ص: 490 ، القرص المضغوط : مكتبة البيت المسلم الشاملة ، مؤسسة الخطيب للبرمجيات ، الأردن  .

[43] إسناد هذا الخبر حسن ،قاله المحقق . .الذهبي: السير، ج 3 ص: 228  .

[44] رجال هذا الخبر ثقات ، و هم : ابن عيينة ،و عمر بن نافع ، عن أبي ، عن ابن عمر  . نفس المصدر ج 3 ص: 224  .

[45] البخاري : التاريخ الكبير ، ج5 ص: 29 .و  النووي : تهذيب الأسماء ، ج1 ص: 254 .

[46] ابن كثير : المصدر السابق ج 7 ص: 231 ، 234 .

([47]) انظر : الاستعمار. أحقاد وأطماع، محمد الغزالي، ص (36).

([48]) انظر : المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس وآخرون (1/58).

([49]) انظر : ملامح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي، إبراهيم عكاشة، ص (55)، التبشير المسيحي في منطقة الخليج العربي، أحمد فون دنفر، ص (3).

([50]) انظر : أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص (170 – 172)، حقيقة التبشير بين الماضي والحاضر، أحمد عبد الوهاب، ص (129).

([51]) انظر هذه الفظائع وغيرها: أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص (175)، الاستعمار. أحقاد وأطماع، محمد الغزالي، ص (34، 46 - 49، 56، 302).

([52]) انظر : أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص (165 – 167)، الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار، محمد البهي، ص (29 – 30).

([53]) انظر : المصدر السابق، ص (20 - 21).

([54]) انظر : الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي، هنري كلود، وآخرون، ص (34، 135 – 138).

([55]) انظر : المصدر السابق، ص (24).

([56]) انظر : المصدر السابق، ص (51).

([57]) انظر : المصدر السابق، ص (41، 49).

([58]) انظر : التبشير والاستعمار في البلاد العربية، مصطفى خالدي وعمر فروخ، ص (148)، رسالة الطريق إلى ثقافتنا، محمود شاكر، ص (93 – 94، 105 – 108)، ملامح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي، إبراهيم عكاشة، ص (160 – 161)، أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها، عبد الرحمن حبنكة الميداني، ص (170 – 172)، العالم الإسلامي والاستعمار السياسي والإجتماعي والثقافي، أنور الجندي، ص (416 – 417).

 

فاعتبروا ياأولي الأبصار

Download

About the book

Author :

أحمد إسماعيل زيد

Publisher :

www.islamland.com

Category :

Comparative Religions