فلا تخافوهم

إن من  كرم الله جل وعلا ورحمته بخلقه أن يعطى الدنيا لمن أحب ولمن لم يحب ؛ لانه لم يخترق أحدا الوجود على الله جل وعلا بل هو جل وعلا الموجد والخالق الأوحد للبشر ومن ثم أوجب جل وعلا على ذاته التكفل بحياتهم ومماتهم وأمور معيشتهم  فقال تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
وأرسل جل وعلا إليهم الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين ليخبروهم بأنهم وما يملكون من فيض الله جل وعلا وأن عليهم عليهم الإيمان بخالقهم سبحانه وتعالى ؛ ويعلمونهم ثواب الطاعة ؛ وشؤم المعصية لكى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ثم ترك جل وعلا لعباده بعد ذلك حرية الايمان به فقال تعالى {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29
ومن عظمته جل وعلا انه وعد أن يرزق من آمن به ومن كفر فقال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }البقرة126
وليس هذا فحسب بل وعد سبحانه وتعالى أن يعين كلا الطائفتين لما يريدان  فقال تعالى {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }الإسراء20
بل وقد يأخذ الكافر أو العاصى الأمور بجد ويعد للنجاح أسبابه فيوفقه الله تعالى لما يريد ؛ فى الوقت الذى قد يخفق فيه المؤمن المتواكل الذى لم يأخذ بالأسباب لأنه بهذا يكون قد رد يد الله الممدودة بالأسباب ثم هو يتواكل فكان أحق بالأخذ بالأسباب من العاصى وأن يكون سميعا مطيعا  ولذا قال عمر رضى الله عنه  " إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة "
 وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم لأهله " لا ياتونى الناس بأعمالهم وتأتونى بأنسابكم ؛  يا فاطمة إعملى فإنى لأغني عنك من الله شيئا "
صلى الله وسلم على من علم البشرية الإخلاص والعمل لوجه الله الكريم ؛ لأنه لو أخذ كل مسئول بهذا المنطق لصلح حال العباد فحينها يثاب المرء على قدر عمله وجهده  لا على حسبه ونسبه ولذا نجح المسلمون الأوائل حين أخذوا بهذا المبدأ .


                                            
                                 

 فلا تخافوهم

إعداد
أ / أحمد إسماعيل زيد
محاضر بالأكاديمية الإسلامية
لدراسات الأديان والمذاهب
محاضر بقناة الأمة الفضائية

 


                       
                                                    الإهداء

إلى العلماء العاملين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وزوداً عن حياض الإسلام ونخص بالذكر:
* فضيلة الأستاذ الشيخ / أبو إسلام أحمد عبد الله ..رئيس قناة  الأمة , فلقد عاوننى كثيراً وأخذ بيدى إلى الصواب فجزاه الله خيراً .
*وفضيلة الأستاذ الشيخ / وحيد عبد السلام بالى ..الداعية الإسلامى ، فلقد قدم لى العديد من الخدمات والتى أسهمت فى إخراج أعمالى إلى النور فأدعوا الله أن يجعلها فى ميزان حسناته وأن يوفقه وينفع به العباد .
* كما اهدى هذا العمل إلى زوجتى وأولادى الذين سهروا معى فى إعداد هذا العمل الطيب فكثيراً ما كنت أكلفهم بالبحث عن رقم الآيات أو تخريج الأحاديث النبويه فجزاهم الله خيراً ..
* ولا ننسى الأخوة الأخيار الذين دعوا الله أن يوفقنى فى هذا العمل الطيب ..فجزى الله الجميع خيراً .  
   المؤلف :
                                                أحمد إسماعيل زيد







                      المقدمة
إن من  كرم الله جل وعلا ورحمته بخلقه أن يعطى الدنيا لمن أحب ولمن لم يحب ؛ لانه لم يخترق أحدا الوجود على الله جل وعلا بل هو جل وعلا الموجد والخالق الأوحد للبشر ومن ثم أوجب جل وعلا على ذاته التكفل بحياتهم ومماتهم وأمور معيشتهم  فقال تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
وأرسل جل وعلا إليهم الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين ليخبروهم بأنهم وما يملكون من فيض الله جل وعلا وأن عليهم عليهم الإيمان بخالقهم سبحانه وتعالى ؛ ويعلمونهم ثواب الطاعة ؛ وشؤم المعصية لكى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ثم ترك جل وعلا لعباده بعد ذلك حرية الايمان به فقال تعالى {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29
ومن عظمته جل وعلا انه وعد أن يرزق من آمن به ومن كفر فقال تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }البقرة126
وليس هذا فحسب بل وعد سبحانه وتعالى أن يعين كلا الطائفتين لما يريدان  فقال تعالى {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }الإسراء20
بل وقد يأخذ الكافر أو العاصى الأمور بجد ويعد للنجاح أسبابه فيوفقه الله تعالى لما يريد ؛ فى الوقت الذى قد يخفق فيه المؤمن المتواكل الذى لم يأخذ بالأسباب لأنه بهذا يكون قد رد يد الله الممدودة بالأسباب ثم هو يتواكل فكان أحق بالأخذ بالأسباب من العاصى وأن يكون سميعا مطيعا  ولذا قال عمر رضى الله عنه  " إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة "
 وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم لأهله " لا ياتونى الناس بأعمالهم وتأتونى بأنسابكم ؛  يا فاطمة إعملى فإنى لأغني عنك من الله شيئا "
صلى الله وسلم على من علم البشرية الإخلاص والعمل لوجه الله الكريم ؛ لأنه لو أخذ كل مسئول بهذا المنطق لصلح حال العباد فحينها يثاب المرء على قدر عمله وجهده  لا على حسبه ونسبه ولذا نجح المسلمون الأوائل حين أخذوا بهذا المبدأ .


                                    "بين يدى الكتاب"
  ولأن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن الأمم فى ظل الوحى والرسول بين ظهرانيهم يكونون أكثر   إيجابا وأقرب إلى الله سبحانه وتعالى  لإرتباط الأرض بالسماء فتجعل قوة الفرد منهم يعدل العشرات من غيره من الأفراد ؛ لأن له على الحق والخير أعوانا .  ومن ثم قال تعالى  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }الأنفال65
  ثم لم تلبث الأمم بعد انتقال نبيهم إلى جوار ربهم جل وعلا أن تضعف عزيمتهم وتجتالهم الشياطين وتتحكم فيهم الأهواء ؛ فيثبت من يثبت ويضل بعضهم عن سبيل الله كما حدث من بنى إسرائيل  يهودا كانوا أو نصارى .وهذا لأن الله جل وعلا أراد أن يقيم الحجة على البشر فأنزل على رسله الكتب بها قوام حياتهم فى حياة الرسول وبعد انتقاله إلى جوار ربه ؛ ثم يختبر  أهل الكتب هل يحفظون الأمانة  ويبقون عليها كما هى ؟ إلا أنهم ضعفوا وضاعت الأمانة .
 وحتى لا تقع أمة محمد صلى الله عليه وسلم فريسة لشياطين الانس والجن ؛ ولكى لا تلتبث عليهم الأهواء ولا يحكم عليهم بالبوار والهلاك واللعنة كما حدث لمن قبلهم .ومن ثم فرحمهم الله جل وعلا وحفظ لهم القرآن الكريم فقال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ؛ وليس القرآن الكريم فحسب بل السنة ايضا فقال تعالى {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }النحل44
ولأنهم بعد انتقال نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه جل وعلا حرموا من عبق النبوة وأنوار الوحى والتنزيل فرفق الحق سبحانه وتعالى بهم  فقال تعالى{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال66
 وفوق حفظه تعالى للكتاب والسنة كلف الحق سبحانه وتعالى علماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم بما كلف به الأنبياء فى الأمم السابقة لأن المنهج الأن ثابت ومكتمل لقول الحق سبحانه وتعالى لنبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة 3   
 ثم قال تعالى  {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }فاطر32
وعلم الحق سبحانه وتعالى أن فيهم خيرا فقال تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }آل عمران110
دور الأنبياء السابقين:-
ومن المعلوم أن دور الأنبياء السابقين كان الغرض منه هو إعادة الناس إلى الكتاب الأول الذى نزل على نبيهم والسير على منهاجه
 وعن هذا يقول نبى الله عيسى عليه السلام فى كتاب متى 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 20فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ.
وفى القرآن الكريم يقول تعالى {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }الصف6
ولكن ظهرت فى تلك الأونة ظاهرة لا ينبغى لها الظهور ألا وهى خوف المسلمين من بنى إسرائيل  وساعد على ذلك الأكاذيب التى وضعها بنوا إسرائيل فى كتبهم وأوهموا القادة والشعوب بأنها نبؤات ولابد لها من التحقق فهم كذبوا وخططوا ثم كتبوا وحينها نقول ماذا نفعل وقد كتب الله تعالى علينا وعليهم ذلك الأمر ؟
 والحق أننا فى غفلة ووهم ؛ فبنوا إسرائيل الأن يدركون أنهم على خطأ وأنهم كاذبون ولكنهم استغلوا جهلنا بأمورهم ومخططاتهم وانقضوا علينا لعلمهم أنه لن تواتيهم هذه الفرصة مرة اخرى .
 ولقد استعنت بالله جل وعلا وسألته سبحانه وتعالى أن يعيننى لأبين لبنى أمتى أن اليهود والنصارى لا يريدون لنا خيرا وأن ما يقولونه إنما هو نابع من حقدهم وقد نبهنا الحق سبحانه وتعالى حين   قال {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120

كما أود أن أبين أن بنى إسرائيل ليسوا شعب الله المختار ؛ ولا هم ابناء الله ولا أحباءه ؛ ولا لديهم نبؤات بإحتلال أرضنا ؛ ولا نبؤات بأرض الميعاد .
وليس هذا فحسب بل لأبين أنهم ملعونين من قديم الزمان وأنهم مطرودون من رحمة الله على لسان أنبياءهم ؛ وحتى لا يقول قائل منهم أن هذه الصفات التى نرميهم بها إنما هى من القرآن الكريم وأنه ليس حجة عليهم ؛ فنقول لهم : نعم إنها من القرآن الكريم وأيضا هى من كتبكم التى بين أيديكم فإن كان القرآن الكريم وصفكم بأنكم كاذبون ضعفاء جبناء وحاقدون فكتبكم وصفتكم بما هو أكبر من ذلك .
 ألم يقل لكم المسيح عليه السلام :- 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا  أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟
ألم يقل اشعياء:- 2اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: «رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْا عَلَيَّ. 3اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ». 4وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ.
 5عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَانًا! كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. 6مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ. 7بِلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ. مُدُنُكُمْ مُحْرَقَةٌ بِالنَّارِ. أَرْضُكُمْ تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ، وَهِيَ خَرِبَةٌ كَانْقِلاَبِ الْغُرَبَاءِ
ألم يقل لكم موسى عليه السلام:-
 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ. 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي!
 28اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 29لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ».
ولذا فأنا أنادى أمتى الحبيبة بما ناداهم به الحق سبحانه وتعالى وهو جل وعلا يشير إلى اليهود والنصارى فيقول تعال {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران 175 لأنه سبحانه وتعالى يعلم أنه لا وزن لهم ولا قدر . ولقد شرفنى ربى فجعلت هذه الكلمة من الله جل وعلا وهى: " فلا تخافوهم " عنوانا لهذا الكتاب  وهو بفضل الله تعال الكتاب العاشر فى السلسلة المباركة " قُلْ صَدَقَ اللّهُ"
وبينت فى هذا الكتاب صفة من صفات بنى إسرائيل من يهود و نصارى موضحا النصوص التى عندهم بأيات من القرآن الكريم والتاريخ ليسهل على القارئ استيعابها وفهمها وليدركوا أنه لم يكن لبنى إسرائيل فى الماضى سطوة حتى فى عهود أنبياءهم  .
 ومن باب أولى فلا سطوة لهم فى زمان أمتنا ولا قدرة وإنما تأسدوا علينا لحظة غفل الأسود ولذا أذكر أمتى بقول الله تعالى {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }التوبة13
  وكنا نود أن يكون للقساوسة والأحبار دور فى إعادة أممهم إلى الصواب وإلى القرآن الكريم الذى اثنى عليهم الثناء الحسن فعن الأحبار قال تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44 وعن القسيسين قال تعالى {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }المائدة82 
   إلا أنهم تركوا المجال للأذناب فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل وأفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها  وعجز الأحبار والرهبان عن الإصلاح حتى قال عنهم الحق سبحانه {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }المائدة63 بل منهم من سار وراءهم وساعد على الإفساد .
 ومع هذا امرنا الحق سبحانه وتعالى بأن نجادلهم بالتى هى أحسن فقال تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46  هذا لمن غفل منهم  وأبدى إستعدادا للإستجابة ولكن من ظلم منهم واعتدى وحتى لا يظن أن فينا ضعفا حينها لا يفل الحديد ونذكرهم بقول الشاعر حين قال :
           إذا رأيت نيوب الليث بارزة  *  فلا تظنن أن الليث يبتسم
     حينها ليس لهم لدينا إلا بما يعاملوننا به وأشد فقال تعالى  {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2 ولذا علينا أن نعاملهم معاملة الأعداء ولا نخشاهم ولا نهادنهم ولا نتخذهم أولياء من دون الله لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51 ومن ثم أصبح الخوف من الله أولى ؛ وعلينا الإستجابة لأمر الله تعالى حين قال {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الحج78
   ومن ثم رأيت أن أبدأ البحث بنبذة عن منزلة الخوف من الله والفوائد التى تعود علينا من وجودنا فى جناب الله تعالى ثم نعقب بأن بنى إسرائيل يهودا كانوا أم نصارى لا قيمة لهم حتى بين أنفسهم ومن ثم فلا ينبغى علينا أن نخشاهم كخشيتنا لله ولهولاء يقول تعالى { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }النساء77
   وحتى لا يقال أننا نلقى بالتهم جزافا أو أننا نسب بنى إسرائيل بما ليس فيهم فسأبين بإذن الله تعالى مكانة بنى إسرائيل من كتبهم كما أبينها من القرآن الكريم ؛ وأن لديهم من الصفات التى ينبغى معها أن ننفر منهم لا أن نتقرب منهم .عملا بقول الحق سبحانه (لا تتخذوا اليهود والنصارى














                                          الباب الأول
                       الخوف من الله جل جلاله
تمهيد :
يحاول بعض أهل الكتاب من يهود ونصارى ومن تبعهم من أذناب من علمانيين وملحديين وغيرهم  أن يبثوا بذور الخوف والرعب بين صفوف المسلمين ؛ فتارة يخوفونهم بالقنابل الذرية وتارة بالصواريخ عابرة القارات وتارة  بالمقاطعات أو فرض الحصار أو يتباهون بما لديهم من علم فكل هذه إنما هى حبائل الشيطان لأنهم وأمثالهم صدق فيهم قول ربنا سبحانه وتعالى { وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ }الزمر36
ولذا كان  هذا البحث تذكرة لأمتى الحبيبة لأخبرهم بأن مهما بلغ أذى المشركين فهو بسيط إذا ما قورن بعذاب الله جل وعلا لقوله تعالى{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ }العنكبوت10
 ولقوله تعالى {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }آل عمران186ولقوله تعالى {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }آل عمران111
ولذا أردت أن أبين لأمتى الحبيبة أنه دائما يقال " مقام العبد من مقام سيده " ونحن سيدنا ومولانا هو الله تعالى والله جل وعلا {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }الأنعام18{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ }الشعراء122
ولذا فلا يتسنى لنا أن نخشى أحدا إلا الله سبحانه وتعالى وبخاصة أنه جل علا {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }الزمر63 وما اليهود والنصارى وأذنابهم إلا غثاء كغثاء السيل فهم فى غاية الجبن والخوار ؛ وفيهم بقول سبحانه وتعالى {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ }الحشر14
وهم من الغباء والصعف درجة تجعلهم دائما يضعون رؤسهم فى الرمال إن وجدوا فينا غلظة    وقوة وإلا تجدهم يتأسدون علينا إن أصبحنا كالنعاج ؛ ولذا اخبرنا جل وعلا عنهم وهو أعلم بهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } التوبة123

لأنهم إن يثقفونا لايرقبون فينا إلا ولا ذمة لقوله تعالى {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2
ولذا أحببت أن أبدأ بحثى هذا بالحديث عن من يجب الخوف منه ؛ ومن الذى بينبغى أن نعمل له ألف حساب ألا وهو الله رب العالمين وما دمنا نخشاه حق الخشية بعدها لا ينبغى لنا أن نخشى احدا لقوله تعالى { أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }التوبة13ولقوله تعالى{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175
ولذا أبدأ بإذن الله تعالى فى تعريف الخوف من الله جل وعلا وأحكامه ونماذج من خوف الصحابة لنسير على هداهم وألا نتخذ اليهود ولا النصارى أولياء ولا نخشاهم لا هم ولا أذنابهم من علمانين أو ملحديين وغيرهم ثم نتحدث بعد ذلك بإذن الله تعالى عن النصارى وأفكارهم ؛ واليهود وأخلاقهم وعن أذنابهم وصفاتهم ؛ لترى رأى العين أن هؤلاء ليس لديهم لا منهج ولا مبدأ ولا دين وصدق  فيهم قول ربنا {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }الشعراء54
ولترى رأى العين أن هؤلاء ليس لديهم ما يدعوا للخوف ولا للحذر وليعلم الجميع أن الله جل وعلا هو شغلنا الشاغل ؛ ولا نعبد إلا إياه سبحانه وتعالى .أما المشركون من يهود ونصارى وعلمانيين وغيرهم فصدق فيهم قول ربنا سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ }محمد25 ومن المعروف { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً }النساء76  وكذلك ما يعدهم الشيطان ويمنيهم إنما هو غرور وباطل لقوله تعالى {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }النساء120
 ولذا يحذرهم الحق سبحانه فيقول {وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } النساء119لأنه هل ينتظر ممن يعبد الصور والأيقونات ويصر على أن الله جل وعلا (حاشاه ) ثالث ثلاثة  أوممن يعبد عجلا له خوار أن يشرع للعالم ويرسم له طرق النجاة  فلو كان لديهم مسحة عقل لأهتدوا إلى الله الواحد القهار ولكنهم أصروا على الإلتصاق بالتراب وعبادة أهوائهم { فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50
مع أن الحق سبحانه وتعالى أرسل إليهم المرسلين وأنزل عليهم الكتب . فقال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }الأنعام48 وأكد الحق سبحانه وتعالى ذلك بقوله {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً } الكهف56 أما نحن فالله مولانا ولذا قال سبحانه وتعالى مطمئنا عباده المؤمنين {وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }الأنفال40
 ولا نخشى هؤلاء الأذناب لقوله تعالى {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المجادلة19
ولذا حذرنا الحق سبحانه وتعالى مرارا وتكرارا من الركون إليهم لأنهم ليس ورائهم إلاغضب الله والبوار فقال تعالى {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ }هود 113وقال تعالى  { وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }النساء89
لأنه ماذا نجنى من صحبة شعب { لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ }المائدة60
ونبدأ بحثنا بقول الله تعالى { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران175ومن ثم وجب
معنى الخوف وفوائده ومنزلته :
أن نتعرف أولا على معنى الخوف وفوائده ومنزلته :
تعريف الخوف : قيل : الخوف هو :
1- توقع العقوبة على مجاري الأنفاس .
2- قوة العلم بمجاري الأحكام
3-  هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره
4-  غمّ يلحق بالنفس لتوقع مكروه .
 قال بن المناوي في كتابه -التوقيف على مهمات التعاريف :- الخوف هو : توقع مكروه أو فوت محبوب
 - و قال الحرالي: الخوف هو: حذر النفس من أمور ظاهرة نضرة .
- و قال التفتازاني :الخوف هو : غمّ يلحق الإنسان مما يتوقعه من السوء ،
-  و قال الراغب: الخوف هو : توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة كما أن الرجاء توقع محبوب كذلك و ضده الأمن و يستعمل في الأمور الدنيوية و الأخروية .
- و عند الصوفية:  الخوف هو : ارتعاد القلب لما عمل من الذنب .
- وقيل الخوف هو : أن يترقب الفرد العقوبة و يتجنب عيوبه
- و قيل الخوف هو : انزعاج السريرة لما عمل من الجريرة .
منزلة الخوف و حكمه : الخوف من أجلّ منازل العبودية و أنفعها و هي فرض على كل أحد . قال تعالى ( فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ) و قال عز وجلّ ( و لمن خاف مقام ربه جنتان )
فوائد الخوف: قال أبو حفص عمر بن مسلمة الحداد النيسابوري: الخوف سراج القلب به يبصر ما فيه من الخير و الشر ، وكل أحد إذا خفته هربت منه ، إلا الله عز جلّ فإنك إذا خفته هربت إليه لقوله تعالى :{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الذاريات50  وقال أبو حفص أيضا: الخوف سوط الله، يقّوم به الشاردين عن بابه.
- قال أبو سليمان : ما فارق الخوف قلباً إلا خرب .
- قال إبراهيم بن سفيان : إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها ، و طرد الدنيا عنها .
- قال ذو النون : الناس على الطريق ما لم يَزُل عنهم الخوف ، فإذا زال الخوف ضلّوا الطريق .
-- وقال الفضيل: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد قال تعالى:  فلا تخشوا الناس واخشون 
وقال عبد الحميد التركستانى : الخوف من الله هو الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى العنيفة وقلّ أن يثبت غير هذا الحاجز أمام دفعات الهوى والشهوة والغفلة فالخوف هو الذي يهيج في القلب نار الخشية التي تدفع الإنسان المسلم إلى عمل الطاعة والابتعاد عن المعصية.
وخوف العلماء في أعلى الدرجات وذلك لأن خوفهم مقرون بمعرفة الله مما جعل خوفهم مقرون بالخشية كما قال تعالى:  إنما يخشى الله من عباده العلماء   والخشية درجة أعلى وهي أخص من الخوف، فالخوف لعامة المؤمنين والخشية للعلماء العارفين وعلى قدر العلم والمعرفة تكون الخشية، كما قال النبي  : ((إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية)) وقال: ((لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله))
 قال الإمام أحمد: وهذا يدل على أن كل من كان بالله أعرف كان منه أخوف. والخوف: هو اضطراب القلب ووجله من تذكر عقاب الله وناره ووعيده الشديد لمن عصاه والخائف دائما يلجأ إلى الهرب مما يخافه إلا من يخاف من الله فإنه يهرب إليه .
والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه ويبن محارم الله عز وجل فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيميه: الخوف المحمود: هو ما حجزك عن محارم الله وهذا الخوف من أجلّ منازل السير إلى الله وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد.
ومن كان الخوف منه بهذه المنزلة سوف يحجزه خوفه عن المعاصي والمحرمات فلا يأكل مالا حراما ولا يشهد زورا، ولا يحلف كاذبا، ولا يخلف وعدا ولا يخون عهدا ولا يغش في المعاملة ولا يخون شريكه ولا يمشي بالنميمة، ولا يغتاب الناس ولا يترك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يزني ولا يلوط ولا يتشبه بالنساء ولا يتشبه بالكفرة أعداء الدين ولا يتعاطى محرما ولا يشرب المسكرات ولا المخدرات ولا الدخان ولا يهجر مساجد الله
 ولا يترك الصلاة في الجماعة ولا يضيع أوقاته في اللهو والغفلة بل تجده يشمر عن ساعد الجد يستغل وقته كله في طاعة الله ولهذا قال  :((من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل ألا وإن سلعة الله غالية ألا وإن سلعة الله هي الجنة)) رواه الترمذي وهو حديث حسن والمراد بهذا الحديث التشمير في الطاعة والاجتهاد من بداية العمر لأن الجنة غالية تحتاج إلى ثمن باهظ ومن سعى لها وعمل صالحا وسار من أول الطريق نال بغيته إن شاء الله.
وروى ضمرة عن حفص بن عمر قال: بكى الحسن البصري فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني في النار غدا ولا يبالي. ولهذا من خاف واشتد وجله من ربه في هذه الدنيا يأمن يوم الفزع الأكبر فعن أبي هريرة  عن النبي  فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال: ((وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين: إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة)) رواه أبن حبان في صحيحه.
أنواع الخوف من حيث الحُكم  :-
  1 : - الخوف المحمود الصادق :-
 هو ما حال بين صاحبه و بين محارم الله عز و جلّ ، فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس و القنوط . قال عثمان الحيري : صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهراً و باطناً. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله .
 2 - الخوف الواجب: هو ما حمل على فعل الواجبات و ترك المحرمات .
 3 - الخوف المستحب : هو ما حمل على فعل المستحبات و ترك المكروهات .
 الجمع بين الخوف و الرجاء و الحب :  
    لا بد للعبد من الجمع بين هذه الأركان الثلاثة :
 --  لأن عبادة الله بالخوف وحده طريقة الخوارج ؛ فهم لا يجمعون إليه الحب و الرجاء ؛ و لهذا لا يجدون للعبادة لذة و إليها رغبة ، و هذا يورث اليأس و القنوط من رحمة الله ، و غايته إساءة الظن بالله و الكفر به سبحانه .
 --  و عبادة الله بالرجاء وحده طريقة المرجئة الذين وقعوا في الغرور و الأماني الباطلة و ترك العمل الصالح ، و غايته الخروج من الملة .
 -- و عبادة الله بالحب وحده طريقة غلاة الصوفية الذين يقولون : نعبد الله لا خوفاً من ناره ، و لا طمعاً في جنته ، و إنما حباً لذاته ، و هذه طريقة فاسدة لها آثار وخيمة منها الأمن من مكر الله ، وغايته الزندقة و الخروج من الدين .
 -- قال بعض السلف كلمة مشهورة و هي : " من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ، و من عبده بالخوف وحده فهو حروري - أي خارجي - و من عبده بالرجاء و حده فهو مرجيء ، ومن عبده بالخوف و الحب و الرجاء فهو مؤمن موحد
 --  قال ابن القيم : " القلب في سيره إلى الله عز و جل بمنزلة الطائر ، فالمحبة رأسه و الخوف و الرجاء جناحاه ، فمتى سلم الرأس و الجناحان فالطائر جيد الطيران ، و متى قطع الرأس مات الطائر ، و متى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد و كاسر .
أيهما يُغلَّب الرجاء و الخوف ؟
-- قال ابن القيم : " السلف استحبوا أن يقوي في الصحة جناح الخوف على الرجاء ، وعند الخروج من الدنيا يقوي جناح الرجاء على جناح الخوف ، هذه طريقة أبي سليمان و غيره .
-- و قال : ينبغي للقلب أن يكون الغالب عليه الخوف ، فإذا غلب الرجاء فسد .
-- و قال غيره : أكمل الأحوال اعتدال الرجاء و الخوف ، و غلبة الحب ، فالمحبة هي المركب و الرجاء حادٍ ، و الخوف سائق ، و الله جل وعلا الموصل بمنّه وكرمه .
أقسام الخوف :
1 - خوف السر     : 
 -- و هو خوف التأله و التعبد و التقرب و هو الذي يزجر صاحبه عن معصية من يخافه خشيةً من أن يصيبه بما شاء من فقر ، أوقتل ، أو غضب ، أو سلب نعمة ، و نحو ذلك بقدرته و مشيئته . فهذا القسم لا يجوز أن يصرف إلا الله عز و جل و صرفه له يعد من أجلّ العبادات و من أعظم واجبات القلب ، بل هو ركن من أركان العبادة .
 و من خشي الله سبحانه وتعالى على هذا الوجه فهو مخلص موحد ، و من صرفه لغير الله فقد أشرك شركاً أكبر ؛ إذ جعل لله نداً في الخوف ، و ذلك كحال المشركين الذين يعتقدون في آلهتهم ذلك الاعتقاد .
و لهذا يخوِّفون بها أولياء الرحمن كما قال قوم هود عليه السلام الذين ذكر الله  جل وعلا عنهم أنهم خوفوا هوداً عليه السلام بآلهتهتم فقالوا {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }هود54 
--  و كحال عُبّاد القبور ، فإنهم يخافون أصحاب القبور من الصالحين بل من الطواغيت كما يخافون الله بل أشد ، ولهذا إذا توجهت على أحدهم اليمين بالله أعطالك ما شئت من الأيمان صادقاً أو كاذباً ، فإذا كانت اليمين بصاحب المقبرة لم يقدم على اليمين إن كان كاذباً ، و ما ذاك إلا لأن المدفون في التراب أخوف عنده من الله .
-- و كذا إذا أصاب أحداً منهم ظلم لم يطلب كشفه إلا من المدفونين في التراب ، و إذا أراد أحدهم أن يظلم أحداً فاستعاذ المظلوم بالله لم يعذه ، و لو استعاذ بصاحب المقبرة أو بتربته لم يقدم عليه بشىء و لم يتعرض له بالأذى .
2    -  الخوف من وعيد الله : الذي توعد به العصاة و هذا من أعلى مراتب الإيمان و هو درجات و مقامات و أقسام كما مضى ذكره قبل قليل .
 - 3الخوف المحرم : و هو أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بغير عذر إلا لخوف الناس و كحال من يفر من الزحف خوفاً من لقاء العدو فهذا خوف محرم و لكنه لا يصل إلى الشرك .
 - 4  الخوف الطبيعي : كالخوف من سَبُع أو عدو أو هدم أو غرق و نحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري فهذا لا يُذم و هو الذي ذكره الله عن موسى عليه السلام في قوله عز وجل {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }القصص21 
و قوله تعالى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى }طه67 ، و يدخل في هذا القسم الخوف الذي يسبق لقاء العدو أو يسبق إلقاء الخطب في بداية الأمر ؛ فهذا خوف طبيعي و يُحمد إذا حمل صاحبه على أخذ الأهبة و الاستعداد و يُذم إذا رجع به إلى الانهزام و ترك الإقدام .
  - 5  الخوف الوهمي : كالخوف الذي ليس له سبب أصلاً أو له سبب ضعيف جداً فهذا خوف مذموم و يدخل صاحبه في وصف الجبناء و قد تعوذ النبي صلى الله عليه و سلم من الجبن فهو من الأخلاق الرذيلة .
--  و لهذا كان الإيمان التام و التوكل الصحيح أعظم ما يدفع هذا النوع من الخوف و يملأ القلب شجاعةً ، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من غير الله ، و كلما ضعف إيمانه زاد و قوي خوفه من غير الله .
--  و لهذا فإن خواص المؤمنين و أقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمناً و طمأنينة لقوة إيمانهم ولسلامة يقينهم و كمال توكلهم وعنهم يقول الحق تبارك وتعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران173 فكان جزاءهم عظيما لقوله تعالى {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }آل عمران174
من الأسباب التي تورث الخوف من الله عز و جل:-
 - 1   إجلال الله و تعظيمه و معرفة حقارة النفس .لقوله تعالى : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ }غافر19 {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }الزمر67
 -2  خشية التقصير في الطاعة و التقصير في المعصية .لقوله تعالى {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281
 - 3  زيارة المرضى و المصابين و المقابر .لقوله تعالى { وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً } الأحزاب6
 - 4  تذكر أن الله شديد العقاب و إذا أخذ الله الظالم لم يفلته .لقوله تعالى {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }هود102
 - 5  تذكر الموت و ما فيه .لقوله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185
 - 6 ملاحظة الله و مراقبته .لقوله تعالى {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ }يونس46
 -7  تذكر الخاتمة .لقوله تعالى {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الواقعة 83/  87
 - 8  تدبر آيات القرآن الكريم  لقوله تعالى  {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
9   - المحافظة على الفرائض و التزود من النوافل و ملازمة الذكرلقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً }الأحزاب41
 - 10  مجالسة الصالحين و الاستماع لنصائحهم .لقوله تعالى {وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ }المائدة84
و قال  الشيخ عبدالحميد التركستاني فى خطبة له عن الخشية ما ملخصه :
 أيها الأخوة: لقد عاش المسلمون الذين تلقوا هذا القرآن أول مرة عاشوا مشاهد الآخرة فعلا وواقعا كأنهم يرونها حقيقة ولم يكن في نفوسهم استبعاد لذلك اليوم بل كان يقينهم بذلك اليوم واقعا تشهده قلوبهم وتحسّه وتراه وتتأثر وترتعش وتستجيب لمرآه ومن ثم تحولت نفوسهم ذلك التحول وتكيفت حياتهم على هذه الأرض بطاعة الله وكأن النار إنما خلقت لهم .
قال يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأن النار لم تخلق إلا لهما. وحق لهما أيها الإخوة ولكل مؤمن أن يخاف من النار وأن يستعيذ بالله منها لأن الخبر ليس كالمعاينة يقول  : ((لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد)) رواه مسلم وقال في وصف النار محذرا منها: ((نار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار جهنم))
ولهذا كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم إذا رأى أحدهم نارا اضطرب وتغير حاله فهذا عبد الله بن مسعود  مر على الذين ينفخون على الكير فسقط مغشيا عليه وهذا الربيع بن خثيم رحمه الله مر بالحداد فنظر إلى الكير فخر مغشيا عليه، وكان عمر بن الخطاب  ربما توقد له نار ثم يدني يديه منها ويقول: (يا ابن الخطاب هل لك صبر على هذا).
 وكان الأحنف رضي الله عنه: يجئ إلى المصباح بالليل فيضع إصبعه فيه ثم يقول: (حس، حس ثم يقول يا حنيف، ما حملك على ما صنعت يوم كذا وكذا يحاسب نفسه) وفي الأثر: ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم)).
أيها الاخوة :إن أمر القيامة أمر عظيم رهيب، يرجّ القلب ويرعب الحس رعبا ؛ مشاهده يرجف لها القلوب ؛ والله سبحانه أقسم على وقوع هذا الحادث لا محالة فقال في سورة الطور   إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع 
فهو واقع حتما، لا يملك دفعه أحد أبدا والأمر داهم قاصم ليس منه دافع ولا عاصم كما أن دون غد الليلة، فما أعددنا لذلك اليوم، وما قدمنا له وهل جلس كل منا يحاسب نفسه ما عمل بكذا وما أراد بكذا ؛ والكل في سكرتهم يعمهون ويلعبون ويضحكون ويفسقون ويفجرون وكأن أحدهم بمنأى من العذاب وكأنهم ليس وراءهم موتا ولا نشورا ولا جنة ولا نارا  ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون  ليوم عظيم  يوم يقوم الناس لرب العالمين )
 يقول الحسن البصري رحمه الله: (إن المؤمن والله ما تراه إلا يلوم نفسه ما أردت بكلمتي، ما أردت بأكلتي ما أردت بحديثي، وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاقب نفسه). فحقيق بالمرء أن يكون له مجالس يخلو فيها يحاسب نفسه ويتذكر ذنوبه ويستغفر منها.
أيها الأحبة: لقد كان المسلمون يعيشون مع القرآن فعلا وواقعا عاشوا مع الآخرة واقعا محسوسا، لقد كانوا يشعرون بالقرآن ينقل إليهم صوت النار وهي تسري وتحرق وإنه لصوت تقشعر منه القلوب والأبدان كما أحس عليه الصلاة والسلام برهبة هذا الأمر وقوته حتى أنه وعظ أصحابه يوما فقال: ((إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله عز وجل، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله والله لوددت أني شجرة تعضد)) رواه البخاري
وفي رواية قال: ((عرضت علي الجنة والنار فلم أرى كاليوم في الخير والشر)) ثم ذكر الحديث فما أتى على أصحاب رسول الله  يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين و الخنين هو البكاء مع غنّه، ولطول المطلع وشدة الحساب وتمكن العلم والمعرفة لدى رسول الله  تمنى أن يكون شجرة تقطع وينتهي أمرها فكيف بنا نحن؟ عجبا لنا نتمنى على الله الأماني مع استهتارنا بالدين وبالصلاة وبكل شيء فماذا نرجو في الآخرة ؟

وكما قيل:
يـا آمنـا مـع قبـح الفعـل منـه  .....  هل  أتاك توقيـع أمـن أنت تملكه
جمـعت شيئيـن أمنـا و اتبـاع هـوى ....   هذا وإحداهما في المرء تهلــكه
والمحسنون على درب الخوف قد ساروا    .....   و ذلـك درب لسـت تسلـكه
فرطـت في الـزرع وقت البذر من سفه .....  فكيف عند حصـاد الناس تدركه
هذا وأعـجب شيء فيـك زهـدك فـي ....  دار البقاء بعيش ســوف  تتركه
 قال: الحسن البصري: لقد مضى بين أيديكم أقوام لو أن أحدهم أنفق عدد هذا الحصى، لخشي أن لا ينجو من عظم ذلك اليوم، وقد ورد في الترمذي عن أبي هريرة  عن النبي  أنه قال: ((ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا مثل الجنة نام طالبها))
والسبب في ذلك ضعف جانب الخوف عند هؤلاء، لقد كان بعض السلف من شدة خوفه ووجله وكثرة تفكيره في أحواله الآخرة لا يستطيع النوم ولا الضحك ولا اللهو حتى يعلم أهو من الناجين أم لا.
 -- فهذا شداد بن أوس  كان إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم ويقول (الله إن النار أذهبت مني النوم فيقوم يصلي حتى يصبح)
 -- وهذا منصور بن المعتمر كان كثير الخوف والوجل كثير البكاء من خشية الله قال عنه زائدة بن قدامة: إذا رأيته قلت: هذا رجل أصيب بمصيبة ولقد قالت له أمه: ما هذا الذي تصنع بنفسك تبكى عامة الليل، لا تكاد أن تسكت لعلك يا بنيّ أصبت نفسا، أو قتلت قتيلا؟ فقال: يا أمه أنا أعلم بما صنعت نفسي.
--  وهذا معاذ بن جبل  لما حضرته الوفاة جعل يبكي، فقيل له: أتبكي وأنت صاحب رسول الله  وأنت وأنت؟ فقال: ما أبكي جزعاً من الموت أن حل بي ولا دنيا تركتها بعدي، ولكن هما القبضتان، قبضة في النار وقبضة في الجنة فلا أدري في أي القبضتين أنا.
-- يقول الحسن بن عرفه: رأيت يزيد بين هارون بواسط وهو من أحسن الناس عينين، ثم رأيته بعد ذلك بعين واحدة ثم رأيته بعد ذلك وقد ذهبت عيناه فقلت له: يا أبا خالد ما فعلت العينان الجميلتان، فقال: ذهب بهما بكاء الأسحار.
والبكاء من خشية الله سمة العارفين قال عبد الله بن عمرو بن العاص  : لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بمئة ألف درهم.
-- ولما جاء عقبة بن عامر إلى النبي  يسأله: ما النجاة؟ نعم والله ما النجاة كيف ننجو من عذاب الله؟ فقال له: ((أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك)) وفي رواية قال: ((طوبى لمن ملك نفسه ووسعه بيته وبكى على خطيئته)).
وقد بين  أن من بكى من خشية الله فأن الله يظله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله فقال فى الحديث الشريف ((...ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) بل حرم الله النار على من بكى من خشيته قال  : ((لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع))، وفي رواية قال: ((حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله)) وكلا الحديثين صحيح.
وفي الأثر الإلهي: ((ولم يتعبد إلي المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي)).
أيها المسلمون :إن سلفنا الصالح كانوا يتوجهون إلى الله في خشية وبكاء ووجل وطمع الخوف من عذاب الله والرجاء في رحمته والخوف من غضبه والطمع في رضاه والخوف من معصيته والطمع في توفيقه  يدعون ربهم خوفا وطمعا 
والتعبير القرآني يصور هذه المشاعر المرتجفة في الضمير بلمسة واحدة حتى لكأنها مجسّمة ملموسة  إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين  إنها الصورة المشرقة المضيئة لسلفنا الصالح رضوان الله عليهم كانوا يخافون ويرجون وكانوا يبكون حتى يؤثر فيهم البكاء فبكاؤهم ثمرة خشيتهم لله قال تعالى عنهم:  ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا  وقال أيضا:   والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب  ، فبالخوف والخشية تحترق الشهوات وتتأدب الجوارح ويحصل في القلب الذبول والخشوع والذلة والاستكانـة والتواضع والخضوع.
 ويفارق الكبر والحسد، بل يصير مستوعب الهم يخوفه والنظر في خطر عاقبته، فلا يتفرغ لغيره ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والمحافظة على الأوقات واللحظات ومؤاخذة النفس بالخطرات والخطوات والكلمات، ويكون حاله حال من وقع في مخالب سبع ضار لا يدري أنه يغفل عنه فيفلت أو يهجم عليه فيهلك، فيكون ظاهره وباطنه مشغولا بما هو خائف منه لا متسع فيه لغيره .
هذا حال من غلبه الخوف واستولى عليه وهكذا كان حال جماعة من الصحابة والتابعين يقول بلال بن سعد: عباد الرحمن، هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من أعمالكم تقبلت منكم أو شيء من خطاياكم غفرت لكم والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم من العبادة، وتنافسون في جنة  أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار  ، ويقول أيضا: رب مسرور مغبون، ورب مغبون لا يشعر، فويل لمن بان له الدليل ولا يشعر يأكل ويشرب ويضحك، وقد حق عليه في قضاء الله عز وجل أنه من أهل النار فيا ويل لك روحا والويل لك جسدا فلتبك ولتبك عليك البواكي لطول الأبد.
 فبمثل هذه العبارات كان الرسول وكان السلف يجاهدون أنفسهم ويعظون غيرهم حتى ينتبه الناس من غفلتهم ويصحوا من رقدتهم ويفيقوا من سكرتهم رجاء أن يدركوا من سبقهم إلى الطريق المستقيم ويكون الخوف دافعا لهم على الاستقامة ما كانوا على وجه الأرض أحياء مكلّفين.
 و إليك عزيزي القارئ نماذج من خوف بعض الصحابة والتابعين:
   1- فهذا أبو بكر  أفضل رجل في هذه الأمة بعد رسول الله   نظر إلى طير وقع على شجرة فقال: ما أنعمك يا طير، تأكل وتشرب وليس عليك حساب وتطير ليتني كنت مثلك، وكان  كثير البكاء وكان يمسك لسانه ويقول: (هذا الذي أوردني الموارد) وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله .
2- وهذا عمر الرجل الثاني بعد أبي بكر قال لابنه عبد الله وهو في الموت: (ويحك ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني ثم قال: بل ويل أمي إن لم يغفر لي ويل أمي إن لم يغفر لي)، وأخذ مرة تبنة من الأرض فقال: (ليتني هذه التبنة ليتني لم أكن شيئا، ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت منسيا)، وكان  يمر بالآية من ورده بالليل فتخيفه، فيبقى في البيت أياما معاد يحسبونه مريضا، وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء .
3-  وهذا عثمان  كان إذا وقف على القبر يبكي حتى يبل لحيته وقال: (لو أنني بين الجنة والنار لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي، لاخترت أن أكون رمادا قبل أن أعلم إلى أيتهما أصيرُ)
4-  وهذا علي  كما وصفه ضرار بن ضمرة الكناني لمعاوية يقول: كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، ويتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفيه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له .
 فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه يميل في محرابه قابضا على لحيته يضطرب ويتقلب تقلب الملسوع ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه وهو يقول: يا ربنا يا ربنا، يتضرع إليه يقول للدنيا: إلي تعرضت، إلي تشوفت، هيهات هيهات غري غيري قد طلقتك ثلاثا فعمرك قصير ومجلسك حقير وخطرك يسير، آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. فوكفت دموع معاوية  على لحيته ما يملكها وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء وهو يقول: هكذا والله كان أبو الحسن.
 5- وهذا ابن عباس  كان أسفل عينيه مثل الشّراك البالي من البكاء.
 6- وهذا أبو عبيدة  يقول عن نفسه: وددت أني كنت كبشا فيذبحني أهلي فيأكلون لحمي ويشربون مرقي.
 وهكذا كان حال صحابة رسول الله مع أنهم كانوا مبشرين بالجنة فهذا علي رضي الله عنه يصفهم ويقول: لقد رأيت أصحاب محمد  فلم أرَ أحدا يشبههم منكم لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا وقد باتوا سجدا أو قياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقعون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب العزي من طول سجودهم إذا ذكر الله هطلت أعينهم حتى تبتل جيوبهم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاء للثواب. وهذا سفيان الثوري رحمه الله يقول: والله لقد خفت من الله خوفا أخاف أن يطير عقلي منه وإني لا أسأل الله في صلاتي أن يخفف من خوفي منه.
أيها الإخوة: هل من مشمر؟ هل من خائف؟ هل من سائر إلى الله؟  أرجو أن نكون مثل سلفنا علما وعملا خوفا ورجاء ومحبة فإن فعلنا ذلك كنا صادقين وكنا نحن المشمرين إن شاء الله.
أيها الإخوة: لم يكن سلفنا الصالح يخافون ويبكون ويتضرعون نتيجة تقصيرهم أو نتيجة عصيانهم وكثرة ذنوبهم، كلا بل كانوا يخافون أن لا يتقبل الله منهم ولهذا لما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله  عن قوله تعالى:  والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون  أهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: ((لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه))، قال الحسن: عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية وإن المنافق جمع إساءة وأمنا.
وكان خوفهم أيضا من أن يسلب أحدهم الإيمان عند قوته يقول ابن المبارك: إن البصراء لا يأمنون من أربع خصال: ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع الرب فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما فيه من الهلكات، وفضل قد أعطي لعله مكر واستدراج ؛ وضلالة قد زينت له فيراها هدى ؛ ومن زيغ القلب ساعة ساعة أسرع من طرفة عين قد يسلب دينه وهو لا يشعر.
-- وهذا سفيان الثوري رحمه الله كان يكثر البكاء فقيل له: يا أبا عبد الله بكاؤك هذا خوفا من الذنوب، فأخذ سفيان تبناً وقال: والله للذنوب أهون على الله من هذا ولكن أخاف أن أسلب التوحيد.
-- وهذا أبو هريرة  كان يقول في آخر حياته: (اللهم إني أعوذ بك أن أزني أو أعمل كبيرة في الإسلام)، فقال له بعض أصحابه: يا أبا هريرة ومثلك يقول هذا أو يخافه وقد بلغت من السن ما بلغت وانقطعت عنك الشهوات، وقد شافهت النبي  وبايعته وأخذت عنه، قال: (ويحك، وما يؤمنني وإبليس حي).
-- وكان بلال بن سعد يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من زيغ القلوب، وتبعات الذنوب ومن مرديات الأعمال ومضلات الفتن، قال أبو الدرداء  : (مالي لا أرى حلاوة الإيمان تظهر عليكم، والله لو أن دب الغابة وجد طعم الإيمان لظهر عليه حلاوته، ما خاف عبد على إيمانه إلا منحه وما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه) وكان من دعائه  : (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك وطاعة رسولك)
 ولما احتضر عمر بن قيس بكى فقال له أصحابه: على ما تبكي من الدنيا فوالله لقد كنت غضيض العيش أيام حياتك فقال: والله ما أبكي على الدنيا وإنما أبكي خوفا من أن أحرم الآخرة.
 يقول الإمام الغزالي: ولا يسلم من أهوال يوم القيامة إلا من أطال فكره في الدنيا فإن الله لا يجمع بين خوفين على عبد فمن خاف هذه الأهوال في الدنيا أمنها في الآخرة ولست أعني بالخوف رقة كرقة النساء تدمع عينيك ويرق قلبك حال الموعظة ثم تنساه على القرب، وتعود إلى لهوك ولعبك، فما هذا من الخوف في شيء .
 فمن خاف شيئا هرب منه، ومن رجا شيئا طلبه، فلا ينجيك إلا خوف يمنعك من المعاصي ويحثك على الطاعة، وأبعد من رقة النساء خوف الحمقى إذا سمعوا الأهوال سبق إلى ألسنتهم الاستعاذة فقال أحدهم: استعنت بالله اللهم سلم سلم، وهم مع ذلك مصرون على المعاصي التي هي سبب هلاكهم .
 فالشيطان يضحك من استعاذته كما يضحك على من يقصده سبع ضار في صحراء ووراءه  حصن فإذا رأى أنياب السبع وصولته من بعد قال بلسانه: أعوذ بهذا الحصن الحصين وأستعين بشدة بنيانه وإحكام أركانه، فيقول ذلك بلسانه وهو قاعد في مكانه فأني يغني عنه ذلك من السبع .
وكذلك أهوال الآخرة ليس لها حصن إلا قول: لا إله إلا الله صادقا ومعنى صدقه أن لا يكون له مقصود سوى الله تعالى ولا معبود غيره)، فالله أسأل أن يجعلنا ممن إذا خافه أطاعه وابتعد عن معاصيه
 قال صاحب فتح المجيد رحمه اللّه: إن إخلاص الخوف من كمال شروط الإيمان
لقول الله تعالى : " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " .
1- أخبر تعالى أن مساجد الله لا يعمرها إلا أهل الإيمان بالله واليوم الآخر ، الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا بجوارحهم ، وأخلصوا له الخشية دون من سواه ، فأثبت لهم عمارة المساجد بعد أن نفاها عن المشركين . لأن عمارة المساجد بالطاعة والعمل الصالح ، والمشرك وإن عمل فعمله " كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا " أو  " كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف" وما كان كذلك فالعدم خير منه ، فلا تكون المساجد عامرة إلا بالإيمان الذي معظمه التوحيد مع العمل الصالح الخالص من شوائب الشرك والبدع ، وذلك كله داخل في مسمى الإيمان المطلق عند أهل السنة والإجماع .
2- قوله تعالى : " ولم يخش إلا الله " قال ابن عطية : يريد خشية التعظيم والعبادة والطاعة ، ولا محالة أن الإنسان يخشى المحاذير الدنيوية ، وينبغي في ذلك كله قضاء الله وتصريفه .
وقال ابن القيم رحمه الله : الخوف عبودية القلب . فلا يصلح إلا لله ، كالذل والإنابة والمحبة والتوكل والرجاء وغيرها من عبودية القلب .
3-وقوله تعالى : " فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " قال بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : يقول : إن أولئك هم المهتدون ، وكل عسى في القرآن فهي واجبة وفي الحديث : " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان قال الله تعالى : " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر  " رواه أحمد والترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري .
  - 4 لقوله تعالى " ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " قال ابن كثير رحمه الله تعالى : يقول تعالى مخبراً عن صفات قوم من المكذبين يدعون الإيمان بألسنتهم ، ولم يثبت في قلوبهم : أنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا اعتقدوا أنها من نقمة الله بهم ، فارتدوا عن الإسلام . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني فتنة أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : الناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين : إما أن يقول أحدهم : آمنا ، وإما أن لا يقول ذلك . بل يستمر على السيئات والكفر .
 فمن قال : آمنا امتحنه ربه وابتلاه وفتنه . والفتنة : الإبتلاء والاختبار ، ليتبين الصادق من الكاذب ، ومن لم يقل : آمنا . فلا يحسب أنه يعجر الله ويفوته ويسبقه . فمن آمن بالرسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه وابتلى بما يؤلمه ، ومن لم يؤمن بهم ولم يطعهم عوقب في الدنيا والآخرة وحصل له ما يؤلمه ، وكان هذا الألم أعظم وأدوم من ألم أتباعهم . فلا بد من حصول الألم لكل نفس ، آمنت أو رغبت عن الإيمان ، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة ،
والمعرض عن الإيمان تحصل له اللذة ابتداء ثم يصير في الألم الدائم ، والإنسان لا بد أن يعيش مع الناس ، والناس لهم إرادات وتصورات ، فيطلبون منه أن يوافقهم عليها ، وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه ، وإن وافقهم حصل له العذاب تارة منهم وتارة من غيرهم ،
كمن عنده دين وتقي حل بين قوم فجار ظلمة لا يتمكنون من فجورهم وظلمهم إلا بموافقته لهم أو سكوته عنهم ، فإن وافقهم أو سكت عنهم سلم من شرهم في الإبتداء ، ثم يتسلطون عليه بالإهانة والأذى أضعاف ما كان يخافه ابتداء لو أنكر عليهم وخالفهم ، وإن سلم منهم فلا بد أن يهان ويعاقب على يد غيرهم .
فالحزم كل الحزم بما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمعاوية رضي الله عنه : " من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس . ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا من الله شيئاً ".
فمن هداه الله وألهمه رشده ووقاه شر نفسه امتنع من الموافقة على فعل المحرم وصبر على عداوتهم ، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة ، كما كانت للرسل وأتباعهم .
ثم أخبر تعالى عن حال الداخل في الإيمان بلا بصيرة وأنه إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس له ، وهي أذاهم ونيلهم إياه بالمكروه ، وهو الألم الذي لا بد أن ينال الرسل وأتباعهم ممن خالفهم ، جعل ذلك في فراره منه وتركه السبب الذي يناله به : كعذاب الله الذي فر منه المؤمنون بالإيمان .
فالمؤمنون لكمال بصيرتهم فروا من ألم عذاب الله إلى الإيمان ، وتحملوا ما فيه من الألم الزائل المفارق عن قرب .
 وهذا لضعف بصيرته فر من ألم أعداء الرسل إلى موافقتهم ومتابعتهم ، ففر من ألم عذابهم إلى ألم عذاب الله . فجعل ألم فتنة الناس في الفرار منه بمنزلة عذاب الله . وغبن كل الغبن إذ استجار من الرمضاء بالنار . وفر من ألم ساعة إلى ألم الأبد ، وإذا نصر الله جنده وأولياءه قال : إني كنت معكم ، والله أعلم بما انطوى عليه صدره من النفاق .

--: عن أبي سعيد مرفوعاً : إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله ، وأن تحمدهم على رزق الله ، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهية كاره . "وإن الله بحكمته جعل الروح والفرح في الرضى واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط " .
--: اليقين كمال الإيمان . قال ابن مسعود : اليقين الإيمان كله ، والصبر نصف الإيمان رواه أبو نعيم  فى الحلية ، والبيهقي في الزهد من حديثه مرفوعاً . قال : ويدخل في ذلك تحقيق الإيمان بالقدر السابق ، كما في حديث ابن عباس مرفوعاً : " فإن استطعت أن تعمل بالرضى في اليقين فافعل ، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً " 
وفي رواية : " قلت يا رسول الله كيف أصنع باليقين ؟ قال : أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك " .
-- : أن ترضى الناس بسخط الله أي تؤثر رضاهم على رضى الله ، وذلك إذا لم يقم بقلبه من إعظام الله وإجلاله وهيبته ما يمنعه من استجلاب رضى المخلوق بما يجلب له سخط خالقه وربه ومليكه الذي يتصرف في القلوب ويفرج الكروب ويغفر الذنوب .
وبهذا الاعتبار يدخل في نوع من الشرك .
لأنه آثر رضى المخلوق على رضى الله .
وتقرب إليه بما يسخط الله .
ولا يسلم من هذا إلا من سلمه الله .
ووفقه لمعرفته ومعرفة ما يجوز على الله من إثبات صفاته على ما يليق بجلاله ، وتنزيهه تعالى عن كل ما ينافي كماله ، ومعرفة توحيده من ربوبيته وإلهيته وبالله التوفيق .
قوله : وأن تحمدهم على رزق الله أي على ما وصل إليك من أيديهم ، بأن تضيفه إليهم وتحمدهم عليه . فإن المتفضل في الحقيقة هو الله وحده الذي قدره لك وأوصله إليك ، وإذا أراد أمراً قيض له أسباباً .
-- ولا ينافي هذا حديث : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " لأن شكرهم إنما هو بالدعاء لهم لكون الله ساقه على أيديهم فتدعو لهم أو تكافئهم ، لحديث : " ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " . فإضافة الصنيعة إليهم لكونهم صاروا سبباً في إيصال المعروف إليك ، والذي قدره وساقه هو الله وحده .
-- : وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله لأنه لم يقدر لك ما طلبته على أيديهم فلو قدره لك لساقته المقادير إليك . فمن علم أن المتفرد بالعطاء والمنع هو الله وحده وأنه هو الذي يرزق العبد بسبب وبلا سبب ، ومن حيث لا يحتسب ، لم يمدح مخلوقاً على رزق ولم يذمه على منع ، ويفوض أمره إلى الله ، ويعتمد عليه في أمر دينه ودنياه .
-- وقد قرر النبي هذا المعنى بقوله في الحديث : " إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره " كما قال تعالى : " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " .قال شيخ الإسلام رحمه الله : اليقين يتضمن اليقين في القيام بأمر الله وما عدا الله أهل طاعته ، ويتضمن اليقين بقدر الله وخلقه وتدبيره ، فإذا أرضيتهم بسخط الله لم تكن موقناً لا بوعده ولا برزقه ، فإنه إنما يحمل الإنسان على ذلك إما ميل إلى ما في أيديهم فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم  وإما ضعف تصديقه بما وعد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا والآخرة .
فإنك إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مؤونتهم .
وإرضاؤهم بما يسخطه إنما يكون خوفاً منهم ورجاءً لهم وذلك من ضعف اليقين .
وإذا لم يقدر لك ما تظن يفعلونه معك فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم .
فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،
فإذا ذممتهم على ما لم يقدر كان ذلك من ضعف يقينك ،
فلا تخفهم ولا ترجهم ولا تذمهم من جهة نفسك وهواك ،
ولكن من حمده الله ورسوله منهم فهو المحمود ،
ومن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم .
    وحين  قال بعض وفد بني تميم : " أي محمد أعطني . فإن حمدي زين وذمي شين ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك الله " ودل الحديث على أن الإيمان يزيد وينقص وأن الأعمال من مسمى الإيمان قوله : وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ، ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس " رواه ابن حبان في صحيحه .
     هذا الحديث رواه ابن حبان بهذا اللفظ ، ورواه الترمذي عن رجل من أهل المدينة قال : كتب معاوية رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها : أن اكتبي لي كتاباً توصيني فيه ، ولا تكثري علي ، فكتبت عائشة رضي الله عنها : إلى معاوية ، سلام عليك، أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من التمس " أى طلب " رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس . والسلام عليك " ورواه أبو نعيم في الحلية .
  والله يتولى الصالحين ،    والله كاف عبده : ' " ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب " .والله يكفيه مؤنة الناس بلا ريب .
   وأما كون الناس كلهم يرضون عنه قد لا يحصل ذلك ، لكن يرضون عنه إذا سلموا من الأغراض وإذا تبين لهم العاقبة . ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئاً كالظالم الذي يعض يديه .وأما كون حامده ينقلب ذاماً ، فهذا يقع كثيراً ويحصل في العاقبة . فإن العاقبة للتقوى لا تحصل ابتداء عند أهوائهم .
وقد أحسن من قال :
        إذا صح منك الود فالكل هين .... وكل الذي فوق التراب تراب
قال ابن رجب رحمه الله : فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب ؟ أم كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب ؟ إن هذا لشئ عجاب . وفي الحديث : عقوبة من خاف الناس وآثرهم رضاهم على الله ، وأن العقوبة قد تكون في الدين .عياذاً بالله من ذلك . كما قال تعالى : " فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون  "
إذن فالمسلم الحق هو الذي لا يلتمس إلا رضا خالقه ومولاه ,ولا يهتم بمراقبة الناس بل بمراقبة مولاه , فإرضاء الناس غاية لا يدركها إنسان , فينبغي أن يكون عملك خالصاً لله تعالى وحده .
كان الإمام أحمد كثيراً ما ينشد قول الشاعر:
    إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقـل * * * خلــوت ولكن قل علي رقيب
     ولا تحسبن الله يغفـــل ساعة* * * ولا أن مـا يخفـى علـيه يغيب
  * أيسلم الأعداء من يد المسلم ولسانه ، ولا يسلم المسلمون ؟!!
وليس معنى ما سبق أن نؤذى الناس فلقد قال رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
ذكر الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" عند ترجمة قاضي البصرة، الذي يُضرب بذكائه المثل وهو : إياس بن معاوية المُزَنِي (46-122هـ)عن أحد تلامذته أنّه قال : ذكرتُ رجلاً من المسلمين بسوء عند القاضي إياس ، فنظر فيّ وقال: أغزوتَ الرّوم؟ قلتُ : لا . قال : أغزوتَ السّند والتٌرك؟ قال: لا. قال: أفيسلم منك الرّوم والسند والتّرك، ولا يسلم منك أخوك المسلم؟.
 أمّا هدي النّبوّة فذلك قول النّبي : المُسلم من سَلِمَ المُسلمون من لسانه ويده)
(1). فسلامة المسلمين من لسان أخيهم ويده، وَصْف لازمٌ لأخيهم هذا، لا يكاد من دونه يستحقّ اسم المسلم، أو يتحقّق فيه الانتماء إلى الإسلام. لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم "  كل المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه ، حسب أمرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم "
ولا عجب، فالمسلمون المؤمنون كالجسد الواحد وكيف يبغي بعضُ هذا الجسد على بعض ؟
وكيف يعتدي عضوٌ منه على عضو آخر؟!، وإنّ أيّ اعتداء من المسلم حرام .
وإذا تأمّلت في قول الله تعالى: " وَلا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضا " وجدّت الّتعبير عجيباً في الّدلالة على ارتباط المسلمين ووحدتهم وانتمائهم إلى جسد واحد ، فالذين يغتابون أحداً من المسلمين إنّما يغتابون (بعضهم).وأوضَحُ من هذا أنّ الله تعالى عندما نهى عن (اللمز)، وهو الطّعن باللسان والإشارة بالعين ونحوه، قال: ( وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ (
قال المفسّرون: (أي لا يَعِبْ بعضكم بعضاً، فإنّ المؤمنين كنفسٍ واحدة، فمتى عاب المؤمن مؤمناً فكأنّما عاب نفسه.
وقد يخشى الناس الأعداء لبطشهم أو لجبروتهم ولكننا نحن المسلمبن لا يتسنى لنا ذلك لأن الحق سبحانه وتعالى وضع لنا منهجا إن سرنا عليه حفظنا ودافع عنا سبحانه وتعالى لقوله تعالى ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ) ولذا رأيت أن أناقش هذه الفكرة بموضوعية تحت العنوان التالى :
 أعداء الإسلام وكيفية مجابهتهم
     حين تمسك المسلمون بكتاب ربهم جل وعلا صدق فيهم قوله سبحانه وتعالى  ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) ولكن حين نسى المسلمون المنهج الذى أمرهم به الحق سبحانه ووصاهم به المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم صدق فيهم قول الحق جل وعلا  { نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ  } التوبة67 
  ولأنه جل وعلا أغنى الأغنياء عن الشرك فتخلى سبحانه وتعالى عن من تخلوا عنه وأوكلهم إلى من لجأوا إليهم فقال تعالى {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الممتحنة9
  ولذا إذا نظرت إلى واقع المسلمين اليوم تجده لا يسر صديقا ولا يحزن عدوا  فانظر إليهم في مشارق الأرض ومغاربها، ابدأ ببلدك، وانتقل ببصرك إلى أيّ جهة شئت، ولتصل إلى كشمير والهند والفلبّين، وإلى أفغانستان،  ثم العراق  وفلسطين وإلى شمال أفريقيا ووسطها وجنوب السودان… ستجد الحروب تُشَنٌ على المسلمين ألواناً.
والعجيب أنها بشتى الأنواع : بدءاً من حرب الإشاعة والتضليل والتزييف، إلى حرب الإغراء وغرس العملاء وشراء الذّمم، إلى إقصاء الشريعة عن ميادين الحياة ونشاطاتها، ووصولاً إلى التجويع والحصار والسّجن والتّشريد واستباحة الأعراض والأموال وإزهاق الأرواح والذّبح بالسّكين والقتل بشتى أنواعه .
والأعجب أته إذا تململ الموجوع، أو تضجّر المظلوم، أو رفع المقهور صوته في وجه الطّاغية ، أو مدّ يداً ليدفع السّكين عن عنقه... كان ذلك جرماً يُحاسب عليه، وجناية تقتضي المزيد من الاضطهاد له،وأتهموه بأنه أصوليّاً متطرّفاً، وإرهابيّاً متعطّشاً للدماء، ورجعيّاً واستعماريّاً .
وكان ينبغى أن توحّد هذه المآسى قلوب المسلمين، وتجمعها على قلب واحد، وتعيدها إلى الله تعالى، وتُحيي فيها التّقوى، وتبعثها على جهاد العدوّ ، وتُثير فيها معاني الحبّ والرّحمة والرّأفة، وتجعلها تتمثّل قول الله تعالى في وصف عباده المَرْضيين: (أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ وقوله تعالى: ( أََذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أََعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ(
ومن المذهل والغريب أننا فى وسط هذه الأهوال والأحزان نتصيد لبعضنا الأخطاء ونقيم عليها حربا شعواء وندع العدوّ يَنهَش في لحمنا ويمتص دمانا حتى إن البعض أحيانا يقول إن اليهود والنصارى أقل خطرا من هؤلاء !!!!!!!!!!!!
والسؤال الآن  كيف نخرج ونفيق من هذا السبات ؟
ولقد قدم أحد الأئمة الأعلام وهو الشيح صالح الفوزان جوابا لهذا السؤال ننقله بتصريف يسيرفيقول: ليس الإهتمام بقضايا المسلمين أننا نبكي ونتباكى، ونملأ الدنيا صياحا وعويلا ؛ لأن هذا لا {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ }الغاشية7 لكن العلاج الصحيح لقضايا المسلمين، أن نبحث أولاً عن الأسباب التى أوجبت هذه العقوبات التي حلت بالمسلمين، وسلطت عليهم عدوهم‏.‏
فما السبب في تسليط الأعداء على المسلمين‏؟‏
حينما ننظر في العالم الإسلامي، لا نجد عند أكثر المنتسبين إلى الإسلام تمسكًا بالإسلام، إلا من رحم الله، ولا يقومون بما أوجب الله عليهم، ومنها إعداد القوة لجهاد الكفار‏!‏‏!‏ هذا حال كثير من المنتسبين إلى الإسلام، ضيعوا دينهم فأضاعهم الله عز وجل‏.‏
 وأهم الأسباب التي أوقعت بهم هذه العقوبات :-  هو إهمالهم للتوحيد، ووقوعهم في الشرك الأكبر، ولا يتناهون عنه ولا ينكرونه ‏!‏
ولو أنهم تمسكوا بدينهم، وأقاموا توحيدهم وعقيدتهم على الكتاب والسنة، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولم يتفرقوا لما حل بهم ما حل؛ قال الله تعالى‏:‏ ‏﴿‏ولَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَويٌّ عَزِيزٌ‏.‏ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وآتَوا الزَّكَاةَ وأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونَهَوا عَنِ المُنكَرِ ولِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ‏﴾‏ ‏[‏الحج‏:‏ 40-41‏]‏
فبين سبحانه وتعالى أنه لا ينصر المسلمون إلا بهذه الركائز التي ذكرها الله جل وعلا فى الآية الكريمة  وهي‏:‏ إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏﴿‏وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناًَ‏﴾‏ لكن أين الشرط لهذا الوعد‏؟‏ ‏﴿‏يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً‏﴾‏ ‏[‏النور‏:‏ 55‏]‏
 فالاستخلاف والتمكين لا يتحققان إلا بتحقق الشرط الذي ذكره الحق سبحانه وتعالى : وهو عبادته وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد، فلا تحصل هذه الوعود الكريمة إلا لمن حقق التوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له، وعبادة الله تدخل فيها الصلاة والصيام والزكاة والحج، وجميع الطاعات‏.‏
ولم يقل سبحانه‏:‏ يعبدونني فقط بل أعقب ذلك بقوله‏:‏ ‏﴿‏لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً‏﴾‏ ؛ لأن العبادة لا تنفع مع وجود الشرك، بل لا بد من اجتناب الشرك أيًّا كان نوعه، وأيًّا كان شكله، وأيًّا كان اسمه‏.‏ وهو‏:‏ ‏"‏صرف شيء من العبادة لغير الله عز وجل‏"‏‏.‏
هذا هو سبب النجاة والسلامة والنصر والتمكين في الأرض، صلاح العقيدة وصلاح العمل‏.‏ وبدون ذلك فإن العقوبات والنكبات، والمثلات قد تحل بمن أخل بشيء مما ذكره الله من القيام بهذا الشرط، وهذه النكبات، وهذا التسلط من الأعداء سببه إخلال المسلمين بهذا الشرط وتفريطهم في عقيدتهم ودينهم، واكتفاؤهم بالتسمي بالإسلام فقط‏.
هذا هو التوحيد الذي يجب على المسلمين أن يهتموا به قبل كل شيء؛ حتى يتحقق لهم النصر والعز والتمكين في الأرض، فهذه الأمور لا تتحقق إلا بتحقيق التوحيد الذي خلق الله الخلق من أجله وأمرهم به من أولهم إلى آخرهم‏.‏
 ولذا قال تعالى‏:‏ ‏﴿‏وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوفِهِمْ أَمْناً‏﴾‏ لكن بشرط‏:‏ ‏﴿‏يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً‏﴾‏ ‏﴿‏ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ‏﴾‏ ‏[‏النور‏:‏ 55‏]‏ أي‏:‏ الخارجون عن طاعة الله عز وجل‏.‏
ولقد كتب العلامة محمد بن صالح العثيمين تحت هذا العنوان محاضرة هامة ننقلها لكم بتصريف يسير : بادئ ذى بدء لا يمنعنا الخوف من الله ان ننتبه لمن حولنا من الاعداء عملا بقول الحق سبحانه وتعالى {وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ  }المائدة49
ثم قال يا أيها الناس : اتقوا الله ربكم وتيقظوا لما يريده أعداء المسلمين من القضاء على الإسلام والمسلمين بكل وسيلة ، وما يدبره - هؤلاء - الأعداء من مكايد يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون .
ولقد تنوعت أساليب أعداء المسلمين في محاولة القضاء على دينهم ؛ فوجهوا إليه ألوان من الأسلحة ، وغزوا المسلمين من كل وجه ؛ غزوا المسلمين بالسلاح العسكري والقتال الدموي ، وغزوهم بالسلاح الفكري ، وغزوهم بالسلاح الخلقي ، وغزوهم بالسلاح العاطفي . غزوا المسلمين بالسلاح العسكري .
 فأعلنوا الحرب على المسلمين ، وشنوا غارة عليهم بأقوى الأسلحة التي تمكنهم الفرصة من استعمالها ، وغزوا المسلمين بالسلاح الفكري  فأفسدوا أفكارًا من المسلمين وعقيدة ؛ يحاولون تشكيك المسلمين في دينهم وزعزعة العقيدة من قلوبهم لما ينشرونه من كتب ورسائل ، وما يلقونه من خطب ومقالات بالطعن في الإسلام وقادته - أحيانًا - وبتذليل ما هم عليه من الباطل والكفر - أحيانًا –
 فإن أعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال فذلك غاية مناهم وتمام رضاهم . وصدق الحق جل وعلا حين قال  ﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ﴾ . وقال عالم الغيب والشهادة : ﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ .
- وإذا لم يعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال اقتنعوا منه بالشك في دينه والارتياب ، وفي ذلك خروجه من الدين ؛ فإن الشك في الدين كفر ، ولقد صرح - بعض هؤلاء - الأعداء بذلك  فقالوا : إننا نستبعد من المسلم أن يدخل في ديننا ، ولكن يكفينا أن يشك في دينه ثم يخرج منه إلى أي دين شاء ؛ ذلك لأن هؤلاء الأعداء يعلمون علم اليقين أن عز الإسلام هو ذلهم والقضاء عليهم  وأن انتصار الإسلام خذلانهم ، وأن قيام دولته سقوط دولهم .
- وغزا هؤلاء الأعداء المسلمين بالسلاح الخلقي ؛ فنشروا بين المسلمين ما تفسد به أخلاقهم وتفسد به آدابهم وتفسد به قيمهم ؛ نشروا في المسلمين ما يثير الغرائز والشهوة إما بالأغاني والألحان ، وإما بالكلمات الماجنة والقصص الخليعة ، وإما بالصور الفاتنة حتى يصبح المسلم فريسة لشهوته يتحلل من كل خلق فاضل وينزل إلى مستوى البهائم ، وحتى لا يكون للمسلم إي هم سواء إشباع غريزته من حلال أو حرام وبذلك ينسى دينه ويهجر كل فضيلة ، وينطلق مع شهواته ولذاته إلى غير حدود شرعية ولا عرفية ؛ فيتنكر للشرع والعادة .
- وغزوا المسلمين بالسلاح العاطفي خلاف المحبة والعطف ؛ فيتظاهرون بمحبة المسلمين والولاء لهم والعطف عليهم ومراعاة مصالحهم ؛ حتى يغتر بهم من يغتر من المسلمين وتنزع من قلوب المؤمنين العاطفة الدينية فيميلون إلى هؤلاء الأعداء بالمودة والإخاء والقرب والولاء ، وينسون قول ربهم - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ﴾ .
 ونسي - هؤلاء - المائلون إلى أولئك الأعداء نسوا قول الله - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ .
 وينسى - هؤلاء - المائلون إلى أولئك الأعداء ينسون قول الله - عز وجل - : ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ﴾ .
   - أيها المسلمون : أنه يجب علينا مع هذه التوجيهات الإلهية الصادرة عن علم وحكمة ورحمة ألا نتجاهل دليلاً واقعيًا يوجب علينا الحذر من أعدائنا ومن موالاتهم ؛ ذلك هو ما حصل للإسلام من عز وتمكين ، فإن أعدائنا لن ينسوا ذلك العز الذي أسقط دولهم وأزال سلطانهم وأجتاح بلادهم وظهر على دينهم ، ولن يهدأ لهم بال حتى يأخذوا بالثأر منه بشتى الوسائل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً .
كما أن أعداء الإسلام لا ينحصرون في طائفة معينة ولا حزب معين ؛ فالكافرونن كلهم أعداء الإسلام وأولياء بعضهم بعضا . يقول الله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ .
 فالكفر جنس تحته أنواع ، ولكل نوع منه أمة قرينة به ما بين يهودي ونصارى ، ومجوسي وصابئين ، ومشركين ودهريين ، وكلهم أولياء بعضهم لبعض لاتفاقهم على الخروج عن طاعة الله تشابهت قلوبهم واختلفت عبارتهم وأساليبهم ، قالت اليهود : عزيز ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالت اليهود : إن الله فقير ، وقالت النصارى : إن الله ثالث ثلاثة ، وقالت اليهود : يد الله مغلولة ، وقالت النصارى : إن الله هو المسيح ابن مريم .
   ومن ثم فعلينا أن ننتبه ، وعلينا أن نحذر ، وعلينا أن نعتبر بالأحداث ، و أن نكون أقوياء في التخطيط والعمل ؛ " فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير " وعلينا أن نعد لأعدائنا لكل نوع من هجومهم سلاحه المقابل له حتى نتمكن من صد هجماتهم في كل وقت .وعلينا أن نتدرع بالحذر البالغ خصوصُا في هذا العصر الذي كثر اختلاط غير المسلمين بالمسلمين حتى أصبح الإنسان لا يميز الكافر من المسلم .
وعلينا أن نحذر فإن هذا هو ما أمرنا الله به ، قال الله تعالى : ﴿ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ .
    ونحمد الله تعالى أن نبهنا فقال جل جلاله : ﴿ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .
ولم يتوقف اليهود ولا النصارى يوما عن حروبهم الصليبية ولا عن التنصير أو الإحتلال والعجيب لو نظرت إلى حروبهم وجدتها جميعها ضدنا نحن المسلمين وحقا صدق فيهم قول الشاعر حين قال : وليس الذئب يأكل لحم ذئب .ولذا نجد سهامهم وصواريخهم تجاهنا ليل نهار  ولذا علينا أن نحذرهم وألا نأمنهم . وحتى لا يكون الكلام مرسلا  نستعرض أولا النصارى وفرقههم وما يفعلونه بالمسلمين ثم نعقب باليهود وخصالهم وما يدبرونه بالمسلمين ونكمل البحث باعوانهم الأذناب من الملحدين والعلمانين والزنادقة وغيرهم .

                            



                        الباب الثاني       
               النصارى والمارد المزعوم
ما يفعله أهل الكتاب من يهود ونصارى وعلمانيين وملحدين من تهويل للأحداث التى تخصهم وتهميش لقضايا الأخرين فينطبق عليهم قول أحد مجرميهم :
" إن جرح رجل أبيض مسألة لا تغتفر ولكن قتل وإبادة شعب مسألة فيها نظر "
 فما يفعلونه يذكرنى بخرافة المارد الذى استغله أحد الجبارين وأعوانه ليهددوا قرى صغيرة مجاورة لهم ليفرضوا عليهم الإتاوات والضرائب ولييسغلوا طاقاتهم فى صالحهم من إستصلاح أراضى أو صناعة ما يريدون دون عناء منهم ؛ ومن يتذمر من أهل القرى يسحبونه على وجهه ليلا ويعذبوه خلف الجبل وقد يقتلوه ليكون عبرة لغيره حين يرون جثته ومن ثم يستتب لهم الأمر .
فهذا ما تفعله أمريكا وأعوانها بالعالم فنشروا جيوشهم وقواعدهم العسكرية فى كل مكان لدرجة أصبحوا بالقرب من أى دولة فإذا ما حاولت دولة ما أن تعترض نصبوا لها الكمائن ووجهوا إليها المدافع وهددوها حتى تستكين وتستسلم لأمرهم .وعلينا ألا نخشاهم وإن عشنا فأعزاء وإن متنا فشهداء لقول الله تعالى " هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله لعذاب من عنده أو بأيدينا "
ولا نستطيع التحدث عن النصارى قبل أن نتحدث عن سيدنا عيسى عليه السلام ؛ وكيف يراه النصارى . ونبين أن الإسلام هو الذى أعلى قدر المسيح عليه السلام وبراءه هو وامه عليهما السلام مما ألصقه بهما اليهود والنصارى  .
عيسى بن مريم عليه السلام
بادئ ذى بدئ نؤمن نحن المسلمين بعيسى عليه السلام كنبي مرسل و نبي من أولي العزم ؛  ونؤمن بأن مولده كان معجزة .وعدم الإيمان به أو بأحد من الأنبياء يعد كفرا مخرجا من ملة الإسلام بل إن النبى محمد صلى الله عليه وسلم  اثنى على أخيه عيسى عليه السلام  ثناء منقطع النظير ؛ كما أن الله جل وعلا أمر النبى محمد (صلي الله عليه وسلم)  بالإقتداء بهدى هؤلاء الأنبياء أجمعين في الصبر والجلد. فقال تعالى بعد أن ذكر الأنبياء أمرا حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم  " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده"
كما يؤمن المسلمون بعوده عيسى بن مريم إلى الأرض ليقيم فيها العدل والحق وذلك قبل قيام الساعه ونهاية الحياة الدنيا. ويصف القرآن الكريم سيدنا عيسى عليه السلام بأنه كلمة الله التي ألقاها إلى مريم بنت عمران . كما يذكر القرآن الكريم  أن عيسى عليه السلام  بشر ككل البشر وأن الله جل وعلا خلقه كما خلق آدم عليه السلام  بدون أب، وأن أمه مريم صِدّيقة اختارها الله سبحانه وتعالى لمعجزته بولادة عيسى عليه السلام  من غير ذكر. وقد اختاره المولى ليكون نبي قومه وأيده بالمعجزات من إحياء الموتى بإذن الله وغيرها كدلالة على صدقه.
كما يذكر القرآن الكريم بأن الله جل وعلا أوحي إليه بالإنجيل، وأيده الله بمعجزات عديدة : كان أولها أنه ولد لأم من غير أب، وأنه تكلم في المهد، وأنه شفى المرضى بإذن الله، وأنه خلق من الطين طيرا بإذن الله. لم يصلب ولم يقتل بل رفعه الله إليه. فقال تعالى إذا أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا "
فهيا بنا نتناول حياة المسيح عليه السلام بالتفصيل :
أولا : ميلاد عيسى ابن مريم :-
كانت مريم عليها السلام تخدم بيت المقدس وقد كفلها زوج خالتها النبي زكريا عليه السلام واتخذ لها محرابا وهو المكان الشريف من المسجد لا يدخله أحد عليها سواه، واجتهدت مريم في العبادة، وقد خاطبتها الملائكة بالبشارة باصطفاء الله جل وعلا  لها، وبأنه سيهب لها ولدا زكيا وسيكون نبيا كريما طاهرا مؤيدا بالمعجزات، فتعجبت من وجود ولد من غير والد، فلا زوج لها، فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء، إذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون، فأنابت مريم وسلمت الأمر لله .
فقال سبحانه وتعالى فى  سورة ال عمران: ((﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾  ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾  ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ﴾))
و يشير القرآن الكريم بشكل واضح، قصة ولادة النبي عيسى عليه السلام  في سورة مريم: } ((﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾ ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾  ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾﴿قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾  ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾ ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾)) (مريم ـ 16 ـ 29).
فبينما خرجت يوما لبعض شؤونها. ابتعدت مريم عليها السلام وحدها واعتزلت من أهلها شرقي بيت المقدس لعبادة الله سبحانه وتعالى واتخذت من دونهم حجابا، ولم يكن يدخل عليها أحد غير النبي زكريا عليه السلام ، فبعث الله جل وعلا  إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام، فتمثل لها بصورة بشر جميل حسن المنظر، فلما رأته خشيت منه أن يكون ليريدها بسوء فقالت له: اني أحتمي وألتجيئ إلى الله منك ان كنت تقيا.
 فقال لها جبريل مزيلا لما حصل عندها من الخوف: ما أنا إلا ملك مرسل من عند الله إليك ليهب لك غلاما طاهرا من الذنوب، قالت كيف يكون لي غلام، وعلى أي صفة يوجد هذا الغلام مني ولست بذات زوج حتى يأتيني ولد ولست بباغية، فأجابها الملك أن كذلك الأمر حكم ربك بمجيئ الغلام منك وإن لم يكن لك زوج، فإن ذلك على الله سهل يسير، فإن الله على كل شيء قدير، وليكون مجيئه دلالة للناس على قدرتنا العجيبة ورحمة لهم ببعثته نبيا يهتدون بإرشاده.
فنفخ جبريل في جيب درعها فدخلت النفخة في جوفها فحملت مريم بعيسى عليهما السلام ، واعتزلت مريم إلى مكان بعيدا عن أهلها قرب بيت لحم خشية أن يعيروها بالولادة من غير زوج، فألجئها ألم الطلق وشدة الولادة إلى ساق نخلة يابسة لتعتمد عليه عند الولادة، فقالت:يا ليتني كنت قد مت قبل هذا اليوم وكنت نسيا منسيا لا يعرف ولا يذكر، لأن مريم أحست أنها سوف تبتلى وتمتحن بهذا المولود من قبل قومها، فناداها الملك من تحت النخلة أن لا تحزني لهذا الأمر، قد جعل الله لك جدولا يجري أمامك، وحركي جذع النخلة فيتساقط عليك الرطب الطري الشهي وكلي منه واشربي من هذا الماء العذب، وطيبي نفسا بهذا المولود ولا تحزني، فإن رأيت أحدا من الناس وسألك عن شأن المولود فقولي إنك نذرت السكوت والصمت لله تعالى ولن تكلمي أحدا من الناس، وهكذا ولد النبي عيسى عليه السلام.
و بعد ولادته اتجهت السيدة مريم عليها السلام إلى قومها ومعها مولودها، فلما رأوها وابنها أعظموا أمرها واستنكروه وقالوا لها: لقد جئت شيئا عظيما منكرا، فيا شبيهة هارون في الصلاح والعبادة - هارون رجل من بني إسرائيل وكان من العباد المجتهدين لله والمراد ليس النبي هارون أخو موسى - ما كان أبوك رجلا فاجرا وما كانت أمك زانية فكيف صدر منك هذا وأنت من بيت طاهر معروف بالصلاح والعبادة . فلم تجبهم وأشارت إلى ابنها عيسى ليكلموه ويسألوه، فقالوا متعجبين: كيف نكلم طفلا رضيعا لا يزال في السرير، فيجيب عيسى وهو في المهد: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ * ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ * ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ * ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾)) (سورة مريمـ 30 ـ 33).
 وهذا أول كلام تفوه به عيسى ابن مريم وهو لا يزال في المهد، اعترف لربه تعالى بالعبودية، ثم برأ أمه مما نسبه إليها الجاهلون، الذين اتهموها أنها حملت بالزنى, فبرأها الله من ذلك وأخبر عنها أنها صديقة واتخذ ولدها نبيا مرسلا إلى بني إسرائيل, وقضى الله أن يؤتيه الانجيل, وجعل في عيسى البركة والخير والنفع حيثما كان وأينما حل, وأوصى الله عيسى بالمحافظة على الصلاة والزكاة مدة حياته, ولم يجعله متعظما متكبرا على أحد شقيا في حياته, وسلام الله عليه يوم ولادته ويوم وفاته ويوم يعود حيا وعيسى أحد أولي العزم الخمسة الكبار, وبعد هذه الحادثة العظيمة لم يتكلم عيسى إلى أن بلغ سن الكلام.
ثانيا : حياته عليه السلام :-
نشأ عيسى عليه السلام في بيت لحم, وظهر عليه العلم وهو صغير, وبدأ بنو إسرائيل يشكون منه, وأخذوا يتحدثون عنه أنه هو الذي سوف يهلك المنحرفين منهم, وأنه هو الذي سيظهر فسادهم, فبدأوا يتحرشون به, لكن أمه كانت تحرص عليه حرصا شديدا, وكانت تخرج به خارج المدينة في كثير من الأحيان ولم تكن تبقيه وحده في المدينة, بعدها لجأت به إلى تل قرب بيت المقدس فيه عين ماء, والكثير من العلماء يشيرون أنه وأمه انتقلوا من بيت لحم إلى بيت المقدس, وبدأ عليه السلام يكبر وعليه علامات الصلاح والعلم والحكمة.[7].
ثالثا :نبوته عليه السلام :-
نشأ عيسى عليه السلام وقد ظهرت عليه علامات العلم والحكمة، ولم يؤتى النبوة الا حين بلغ عمره ثلاثين عاما عندما أنزل الله عليه الانجيل، فأظهر الرسالة وبدأ يدعوا قومه لعبادة الله وحده واتقائه وطاعته, مبينا لهم صراط الله المستقيم, مصدقا لما بين يديه من التوراة وعندها أظهر الله عليه علامات النبوة مؤيدا إياه بالمعجزات.
المعجزات.
فكان يصنع من الطين كهيئة طير فينفخ فيه فيصبح طيرا بإذن الله، وكان يمسح يده على الأعمى فيشفيه بإذن الله، وأشفى الأبرص، واحي الموتى بإذن الله، وكان ينبئ قومه ما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، مع ذلك لم يصدقونه، فلما أحس عيسى منهم الكفر قال لهم: من أنصاري إلى الله، فأجابه الحواريون: نحن أنصار الله، آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون، وكان عددهم اثنا عشرا. وهكذا امن الحواريون بعيسى كنبي مرسل من الله. وذكر القرآن الكريم القصة في سورة ال عمران في قول الله: ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ * ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ * ﴿إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ * ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ * ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾)). (سورة آل عمران 49 - 53)..
رابعا : نزول المائدة:
خبر نزول المائدة حدث بعد أن آمن الحواريون بعيسى عليه السلام , ويشير القرآن الكريم خبر نزول المائدة في سورة المائدة في الايات 112 - 115 :﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ * ﴿قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ * ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ * ﴿قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾)).
سألوه أن يدعو الله جل وعلا لينزل لهم مائدة من السماء, فأجابهم عيسى أن اتقوا الله في أمثال هذه الأسئلة إن كنتم مصدقين بكمال قدرته تعالى, فقال الحواريون: نريد بسؤالنا المائدة أن نأكل منها تبركا وتسكن نفوسنا بزيادة اليقين, ونعلم علما يقينا لا يدور حوله الشك بصدقك في دعوى النبوة, ونشهد بها عند من يحضرها من الناس.
 فأجابهم عيسى إلى سؤال المائدة لإلزامهم بالحجة الدامغة وروي أنه لما أراد الدعاء لله, لبس جبة شعر ورداء شعر وقام عيسى يصلي ويدعوا ربه متضرعا له, ليكون يوم فرح وسرور لهم ولمن يأتي بعدهم, وليكون دلالة وحجة شاهدة على صدق عيسى رسول الله, وقال عيسى داعيا ربه: "ارزقنا يا الله فانك خير من يعطي ويرزق لأنك الغني الحميد", فأجاب الله دعاءه فقال إني سأنزل لكم هذه المائدة من السماء, فمن كفر بعد تلك الآية الباهرة فسوف يعذبه الله عذابا لا بعذبه لأحد من البشر. ثم نزلت المائدة من الجنة فأكلوا منها, وبذلك بقي الحواريون على ايمانهم.
خامسا : رفع المسيح عليه السلام         
نؤمن نحن  المسلمين بأن الله سبحانه وتعالى رفع المسيح عليه السلام  إلي السماء وأنه لم يقتل ولم يصلب، وأنه سيعود إلى الأرض في آخر الزمان ليقاتل المسيح الدجال. ونؤمن بأن اليهود صلبوا شبيها للمسيح  لأنه ورد ذلك صريحا في القرآن الكريم  في قول الله تعالى ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ * ﴿بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ (سورة النساء ـ 157 ـ 158).
لأنه عندما بدأت معجزات النبي عيسى عليه السلام تظهر وتحدث الناس بها, خاف اليهود على سلطانهم الدنيوي والديني وخافوا من أن يندثر دينهم, فتآمر أحبار اليهود وذهبوا إلى الحاكم الروماني في الشام, وأخذوا يحذرونه من عيسى عليه السلام, ويقولون له أن عيسى يريد أن يصبح ملكا على اليهود, وأنه سيأخذ الملك من الحاكم الروماني, فخاف الحاكم على ملكه, فأمر بالبحث على عيسى ليقتلوه ويصلبوه, فبدأت مؤامرة اليهود على عيسى عليه السلام بقتله, وذلك بعد ثلاثة أعوام على رسالته.
فلما أتوا ولم يبقى الا القبض عليه والمسيح قد اهتم لهذا الأمر وخشي أن ينالوه بالأذى, أنقذه الله من أيديهم وطهره منهم وألقى شبهه على شخص اخر علم ؛ وصار مثله تماما بحيث أن كل من راه لا يشك في أنه عيسى عليه السلام , فاخذ وصلب وقتل ونجا المسيح من شرهم وقد أعلم الله تعالى المسيح بما سيتم وشاع في الناس أن يسوع الناصري قتل بعد أن صلب. "و ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" (سورة النساء :157).
ما أورده الحافظ ابن كثير:-
و قد أورد الحافظ ابن كثير وابن جرير وغيرهما من المفسرين, أن المسيح لما قرب وقت القبض عليه, ندب أصحابه ثلاث مرات طالبا أن يتقدم واحدا منهم ليفديه بنفسه ليقدم لليهود عوضا عنه ويكون جزاؤه الجنة فلم ينتدب له كل مرة إلا واحدا بعينه, فلما جاء أعداؤه ألقى الله على صاحبه الذي انتدب له شبه المسيح وصار بحيث لا يشك أحد من أصحابه في أنه عيسى، فألقي القبض عليه وصلب وقتل., والحديث نصه جاء كالتالي: روي عن ابن عباس في رواية للنسائي على شرط مسلم، قال :
لما أراد الله عز وجل أن يرفع عيسى إلى السماء، خرج إلى أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلا من عين في البيت، ورأسه يقطر ماء، فقال : إن منكم من يكفر بي اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي. ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي ؟, فقام شاب من أحدثهم سنا فقال : أنا. فقال له : اجلس. ثم أعاد عليهم، فقام الشاب فقال : أنا. فقال له : اجلس. ثم عاد عليهم [ ص: 114 ]
 فقام الشاب فقال : أنا. فقال : نعم، أنت ذاك. فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى عليه السلام من روزنة في البيت إلى السماء، وجاء الطلب من اليهود فأخذوا شبهه فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به.
 فتفرقوا فيه ثلاث فرق. فقالت فرقة : كان الله فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء. وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء، ثم رفعه إليه وهؤلاء النسطورية وقالت فرقة كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله ثم رفعه إليه، وهؤلاء المسلمون فتظاهرت الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم –
 (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) يعني : الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى والطائفة التي آمنت في زمن عيسى) فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) بإظهار محمد - صلى الله عليه وسلم - دينهم على دين الكفار فاصبحوا ظاهرين
ما أورده ابن جرير الطبري :-
و يروي ابن جرير الطبري في ذكر رفع عيسى عليه السلام قوله: إن عيسى بن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا جزع من الموت وشق عليه، فدعا الحواريين وصنع لهم طعاما فقال: احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليل عشاهم وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه فقال: من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه. فأقروه حتى إذا فرغ من ذلك قال: أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم على الطعام وغسلت أيديكم بيدي فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أن خيركم فلا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم لبعض نفسه، كما بذلت نفسي لكم، وأما حاجتي التي استعنتكم عليها فتدعون الله لي وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي.
فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول: سبحان الله أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينوني فيها؟ فقالوا: والله ما ندري مالنا، والله لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال: يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه.
ثم قال: الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات (أي قبل حلول الفجر)، وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني.
فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون المعروف عندهم باسم ( بطرس ) أحد الحواريين فقالوا: هذا من صحابته. فجحد وقال: ما أنا بصاحبه. فتركوه. ثم أخذه آخرون فجحد ذلك، ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه.
فلما أصبح أتى أحد الحواريون وهو يهوذا الإسخريوطى إلى اليهود فقال: ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فاخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل وجعلوا يقودونه ويقولون: أنت كنت تحيي الموتى وتنتهر الشيطان وتبرئ المجنون، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا.
ما أورده ابن اسحاق:-
يقول ابن اسحاق: وجعل عيسى عليه السلام يدعو الله عزوجل أن يؤخر أجله,  ليبلغ الرسالة ويكمل الدعوة ويكثر الناس الدخول في دين الله, قيل: وكان عنده من الحواريين اثنا عشر رجلا: بطرس ويعقوب بن زبدي ويحنس (يوحنا) أخو يعقوب, وأندراوس, وفيلبس, وأبرثلما (برثلماوس), ومتى, وتوماس (توما), ويعقوب بن حلقيا (يعقوب بن حلفى), وتداوس, وفتاتيا, ويودس كريايوطا (يهوذا الاسخريوطي), وهذا الذي دل اليهود على عيسى.
ما أورده الحسن البصري :-
و يقول الحسن البصري ومحمد بن اسحاق:" كان اسمه داود بن نورا فأمر بقتله وصلبه فحصروه في دار بيت المقدس, وذلك عشية الجمعة ليلة السبت, فلما حان وقت دخولهم ألقي شبهه على بعض أصحابه الحاضرين عنده ورفع عيسى من ذلك البيت إلى السماء وأهل البيت ينظرون ودخل الشرط فوجدوا ذلك الشاب, الذي ألقي عليه شبهه فأخذوه ظانين أنه عيسى فصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه اهانة له وسلم اليهود عامة النصارى الذين لم يشاهدوا ما كان من أمر عيسى أنه صلب وضلوا بسبب ذلك ضلالا مبينا كثيرا فاحشا بعيدا".
ما أورده ابن اسحاق :-
و يقول ابن إسحاق: "وكان فيهم رجل آخر يسمى سرجس كتمته النصارى وهو الذي ألقي شبه المسيح عليه فصلب عنه. قال: وبعض النصارى يزعم أن الذي صلب عن المسيح وألقي عليه شبهه هو يودس بن كريايوطا(يهوذا الاسخريوطي). والله أعلم.
ويقول الضحاك بن مزاحم الهلالي عن ابن عباس: "استخلف عيسى شمعون وقتلت اليهود يودس (يهوذا الاسخريوطي) الذي ألقي عليه الشبه".
سادسا :- المسيح بين الإسلام والمسيحية
رغم الاختلاف بين الإسلام والمسيحية حول شخصية المسيح عليه السلام فالاتفاق بين الطرفين هو في ولادة المسيح من ام طاهرة هي مريم العذراء التي حملت وانجبت ابنها بولادة من غير زرع بشر تكريما له وتكريما لها واعتبار امه طاهرة صديقة عفيفة كرمها الإسلام في القرآن حيث سميت سورة كاملة باسمها وفيها حياتها بوصف تميز به القرآن في هذه المرأة بل انها عدت من نساء طاهرات سيدة من نساء الجنة والاختلاف بين المسلمين والمسيحيين حول شخصية المسيح هو أن المسيحيين يقولون انه الله وابن الله وانه لاهوت وناسوت وغيرها والإسلام يقول انه عبد مرسل من انبياء الله تعالى.
عيسى عليه السلام في القرآن الكريم
ونذكر الآيات الكريمة التى تحدثت عن المسيح وامه عليهما السلام ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [سورة آل عمران :37]
﴿فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [سورة مريم :26-28]
﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [سورة مريم :30-35]
﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ * إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ* فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ * إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾ [سورة آل عمران :58-63]
سابعا :المسيح عليه السلام في الديانات الأخرى:-
في اليهودية يسمونه " الماشيح "
لايؤمن اليهود بعيسى أو يسوع ويرفضون فكرة تألهه وبأنه جزء من ثالوث إلهي، واليهودية أيضا لاتعترف بكون عيسى هو المسيا أو المسيح المنتظر، لأنه وحسب اعتقادهم لم يتمم النبوات التي تحدثت عن المسيح وعن العصر المسيحاني الذي سيجلبه معه.
في المسيحية يسمونه يسوع
يعتقد أغلب المسيحيين بما فيهم الكاثوليك والأرثوذكس بألوهية المسيح، وهناك فرق أخرى أقل عددا لاتؤمن بإلوهيته.ولقد تشعّبت المسيحية إلى فرق كثيرة عرفت التناحر فيما بينها، وادّعت كل منها احتكار الحقيقة المسيحية، ونفت غيرها. وحصرت بكنيستها وحدها الفهم السليم للدين، والمسيح والثالوث وما إلى ذلك.ومن أشهر الفرق النصرانية القديمة:
الملكانية:
 قيل سموا كذلك لأنهم أيدوا القرار الذي نصره قسطنطين في المجمع الذي جمعه، وقيل لأنهم أيدوا القرار الذي اتّخذه مجمع خلقدونية عام 451م، ضد بدعة أوطيخا المونوفيزية القائلة بطبيعة واحدة للمسيح، فلقبهم مخالفوهم بالملكيين لوقوفهم في مرقيانوس الذي كان يعاضد المجمع.
وكِلا القولين مؤداه أن هذه الفرقة تابعت القول الذي نصره الملوك فنسبوا إلى ذلك، ومعتقدهم أن جزءاً من اللاهوت حلّ في الناسوت وقد ذهبوا إلى أن الكلمة وهي أقنوم العلم عندهم اتّحدت بجسد المسيح وتدرّعت بناسوته ومازجته ممازجة الخمر للّبن أو الماء للّبن لا يسمون العلم قبل ترعه إبناً، بل المسيح وما تدرع به هو الابن، وكما يقولون إن الجوهر غير الأقانيم كما في الموصوف والصفة مصرّحين بالتثليث قائلين بأن كلاً من الأب والإبن وروح القدس إله".
كما يقولون "إنّ المسيح قديم أزلي من قديم أزلي وإن مريم ولدت إلهاً أزلياً فيطلقون الأبوة والبنوة على الله تعالى وعلى المسيح حقيقة"، ويقولون: "إن المسيح ناسوت كلي لا جزئي، وإن القتل والصلب وقعا على الناسوت واللاهوت معاً"، كما نقله الشهرستاني في "الملل والنحل".انتشرت طائفتهم في سوريا ومصر والأردن وفلسطين ويتكلم معظمهم العربية.
النسطورية
في النسطورية يسوع المسيح مكون من شخصين، إلهي وهو الكلمة وإنساني أو بشري هو يسوع، فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح. بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة، وبالتالي لا يجوز إطلاق اسم والدة الإله على السيدة مريم العذراء كما تفعل الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية(الكنائس البروتستانتية لاتطلق اسم والدة الإله على العذراء أيضا) لأن مريم بحسب النسطورية لم تلد إلها بل إنسانا فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب. وهذه الطائفة انتشرت  في بلاد فارس، الهند، الصين ومنغوليا وذلك بتأسيس الكنيسة النسطوريّة..
 وهذه الفرقة نشأت في عهد المأمون العباسي، وينسبون إلى نسطور الحكيم بطريرك القسطنطينية. وذكر الشهرستاني: إنه تصرف في الأناجيل بحكم رأيه وقال: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة: الوجود والعلم والحياة، وإن هذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو، وأن الكلمة اتحدت بالجسد لا على سبيل الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور كما قالت اليعقوبية، لكن كإشراقة الشمس في كوة على بلورة، وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم.
وقالوا إن مريم لم تلد إلهاً وإنما ولدت إنساناً، وأن الله تعالى لم يلد الإنسان وإنما ولد الإله، واللاهوت والناسوت عندهم جوهران أقنومان وإنما اتحدا في المشيئة.ويخالفون في القتل والصلب مذهب الملكانية واليعقوبية جميعاً، فيقولون: إن القتل والصلب وقعا على المسيح من جهة ناسوته، لا من جهة لاهوته، لأن الإله لا تحله الآلام.
وهؤلاء ينكرون قتل المسيح عليه السلام  وصلبه، ويعتقدون أن ذلك كان سبباً لخلاص اللاهوت من الناسوت، فمن أنكر عندهم وقوع القتل والصلب على المسيح خرج من دين النصرانية بل إنكار رؤيته مصلوباً عندهم ارتكاب محظور.
وعندما اعترض نسطور الحكيم على تسمية مريم العذراء بوالدة الإله، وقد كان بطريركاً بالقسطنطينية، اجتمع مجمع البطاركة وردّوا قوله ولعنوه، وقرروا أن مريم ولدت إلهاً هو يسوع المسيح. وانتشرت هذه الفرقة بين نصارى المشرق من الجزيرة الفراتية والموصل والعراق وفارس.
اليعقوبية:-
 اختلفت الآراء والأقوال في سبب تسمية اليعقوبية. يقول ابن العميد في تاريخه: "إنهم أتباع ديسقرس بطريرك الاسكندرية، وإنما سموا بذلك لأن اسمه كان في الغلمانية يعقوب". وقيل، بل نسبوا إلى يعقوب البردغاني تلميذ سويسرس بطريرك أنطاكية وكان راهباً بالقسطنطينية، فكان يطوف في البلاد ويدعو إلى مذهب ديسقرس، وغير ذلك من الأقوال.
ويدور مذهبهم على القول إن المسيح هو الله، وقالوا بالأقانيم الثلاثة، إلا أنهم قالوا إن الكلمة انقلبت لحماً ودماً، فصار الإله هو المسيح وهو الظاهر بجسده، بل هو هو، فهم يقولون باتحاد الله بالإنسان في طبيعة واحدة هي المسيح، فالله باعتقادهم هو المسيح، فمات وصلب وقتل، وبقي العالم ثلاثة أيام بلا مدبر.
ومنهم من يقول ظهر اللاهوت بالناسوت فصار ناسوت المسيح مظهر الحق لا على طريق حلول جزء فيه ولا على سبيل اتحاد الكلمة التي هي في حكم الصفة، بل صار هو هو كما يقال: ظهر الملك بصورة إنسان وظهر الشيطان بصورة حيوان، وأكثرهم يقول إن المسيح جوهر واحد إلا أنّه من جوهرين، وربما قالوا طبيعة واحدة في طبيعتين.وهكذا جمعوا بين الخالق والمخلوق، أو كما قال بعض أهل العلم "جمعوا بين القديم والمحدث".فهم يعتقدون أن اللاهوت والناسوت اتحدا وامتزجا كامتزاج الماء والخمر، فهما جوهر واحد وأقنوم واحد وطبيعة واحدة.عاش اليعاقبة في مصر والسودان والنوبة والحبشة.
الآريوسية
لا تعتقد الآريوسية بألوهية المسيح وتقول بأن يسوع مخلوق والإبن الكلمة { المسيح } ليس بإله فهو مثله كمثل خلق الله ؛ والأنبياء مخلوقين بكلمة من الله وهى كن فيكون وهو ليست له طبيعه الاهيه ، وعلى هذا فالكلمة ليس أزلي ولكن مخلوق خاضع لله ولذلك اضهدتهم الكنيسه التي تضطهد دائما المخالفين لمصالحها.
أما أهم الفرق النصرانية الحديثة:
الكاثوليكية:
وهم أتباع الكنائس الغربية التي يرأسها بابا الفاتيكان في روما. وكلمة: " الكاثوليك" كلمة لاتينية، تعريبها: "العام أو العالمي".وينتشر أتباع هذه الكنيسة في بقاع كثيرة من العالم، ويشكلون عدداً كبيراً من سكان أوربا.
وقد وجدت هذه الكنيسة بعد أن انشقت عن الكنيسة الأم بعد صراع سياسي ديني طويل يمتد إلى القرن الخامس الميلادي، فحين قسم الامبرطور تيودواسيوس امبراطوريته عام 395م بين ابنيه، فتولى أكاديوسيوس الشطر الشرقي وعاصمته القسطنطينية، فيما تولى نوريوس الشطر الغربي وعاصمته روما‏.
وبدأ الصراع والتنافس بين المركزين، وفي عام 451م وعقب مجمع خلقدونية انفصلت الكنيسة المصرية (أول الكنائس الأرثوذكسية) عندما قالت بطبيعة واحدة للمسيح منكرة ما ذهب إليه المجمع من أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ثم انفصلت بقية الكنائس الشرقية عقب مجمع القسطنطينية الرابع 869م، والخامس 879م، بسبب إصرار الغربيين على اعتبار الروح القدس منبثق من الأب والابن معاً.
ولها اعتقاداتها الخاصة في العديد من المسائل:
مريم: هي مريم العذراء، بريئة من الشهوة ومن الخطيئة الأصلية (الخطيئة المميتة)، ومن كل خطيئة. وقد أعلن مجمع الثلاثين 1545 - 1563 براءتها الكاملة، وطهارتها التامة؛ ووضَعَها فوق كل القديسين، وكرّس حقها في نوع من التعبّد الخاص (عبادة العذراء/هيبَّردوليا). وقد أُدخلت عقيدة الحمل بلا دنَس، التي تبرىء مريم من الخطيئة الأصلية، في العام 1854.
الملائكة: خُلقوا قبل البشر؛ وهم كائنات روحانية، وينتظم الملائكة في مرتبات أولها: (السيرافيون) ثم القروبيون، ثم العروش. كما أن هناك مرتبات أخرى تُذكِّر بالاقطاع، وتتوازى مع تقسيمات الأرض والسلطة في أوروبا إبان بعض العصور .
الأسرار الإلهية: مبدأ محوري في المسيحية، فالالتجاء إلى ما هو سرّ، أي غامضٍ أو كامن ومقدّس، ظاهرة بارزة في المسيحية. هناك دائما إحالةٌ إلى الأسرار أو إلى تقديم هذه كمعتقداتٍ فوق العقل وخارجه. قد يقال أحياناً إنها ليست ضده ولا نقيضاً له؛ هي فقط من نطاق خاص أو لها منطق خاص بها قد لا يفهمه البعض .
تُقِر الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، منذ القرن الميلادي الثاني عشر ومع مجمع الثلاثين، سبعة أسرارٍ كنَسية هي: المعمودية، التثبيت، القربان المقدّس، التوبة، المسحة الأخيرة، الكهنوت، الزيجة. والسر البيعيّ صلاةٌ، أو هو نوع من الحياة ينالها الكاثوليكي بواسطة علامة؛ فيتطهر وتزكو نفسه، ويأخذ النعمة التي يمنحها الله له.
المعمودية: هي السر الكنَسي الذي يعيد بالماء والكلام الحياة التي أماتتها الخطيئة. وهي تُزيل الذنوب، والعقوبات التي تترتب على تلك الذنوب. تسمّى المعمودية، وهي واحدةٌ لا تتكرر، بسر الأموات. ويجب أن تتمّ قبل أي سر آخر. لها حلة خاصة، وتعطي المعمّد إسماً؛ ويُصرَف ماؤها على الأرض الزراعية النظيفة، يديرها أُسقف، أو أي كاهنٍ مجاز.
التثبيت: يُقصد به تعزيز الحياة الروحية في المعمَّد (المعمود)، وأن يُقَوي النفس على إتمام ما بدأ به السر الأول، وأن يَستنـزل مواهب الروح القدُس على ذلك المعمّد، ويتم التثبيت للطفل بعد بلوغ العاشرة، في حفلة خاصة على يد أُسقف المدينة: يَدهن الجبهة بدهن الميرون (مزيج من البلسم وزيت الزيتون سبقت مباركته في يوم الخميس السابق لعيد الفصح) ويرسم صليباً عليها قائلاً: "أَسِمُك بوسم الصليب، وأُثبّتك بميرون الخلاص باسم الأب والابن والروح القدس". ثم يضربه على وجهه صفعةً لطيفة خفيفة، تذكيراً بما قد يعترض المثبَّت من أجل محبة المسيح، ثم يمنح الأسقف تبريكاً للعموم.
القربان: هو سرّ أسرار؛ أو سرّ الافخارستيا. يحتوي جوهريا وفعلياً روح المسيح وألوهيته داخل الخبز والخمر. به يُدخِل المسيح ذاته إلى جسد المتناوِل تحت أعراض الخبز والخمر. القربان يغذي الروح كما أن الخبز العادي يغذي الجسد. إنه يغفر الخطايا؛ وواجبٌ على الكاثوليكي تناول القربان على الأقل مرة في السنة في موسم عيد الفصح أو إذا كان في خطر الموت. من شروطه: التوبة، والصوم عن الطعام والكحول ـ قبل ثلاث ساعات ـ إلا في حالة المرض.يزعمون أن  المسيح عليه السلام  ذاته هو الذى أسس هذا القربان ، وأوصى به. مادته الخبز اللامخمَّر، ونبيذ الكرمة دون اشتراط لونٍ معين. والاحتفال به غير مبسّط، وتحكمه عدة حركات أو رسومٍ ترمز إلى حركاتٍ تعاد إلى حياة المسيح أو تدل عليه. ويتولاه فقط الأساقفة والكهنة...
التوبة: هو سرّ اعتراف الخاطئ: يُعترف أمام الكاهن، في خلوة، بالخطايا المرتكبة ضد وصايا الله والكنيسة. ويحظى المعترف بالحلة من مرتكباته تلك، وبالغفران، بعد أن يفي بالمفروض عليه من الكاهن بشكل تعويضٍ من مثل الصدقات والإماتات الجسدية والأصوام.
 تعطي الكنيسة الكاثوليكية أهمية كبيرة لسر التوبة، فهو والمعمودية يعتبران الطريقين الوحيدين للخلاص. وللسر هذا تفصيلات، وشروط، وأوضاع، ولحلّ المعترف من خطاياه درجات. ويزعمون أن المسيح عليه السلام  هو الذي أعطى لتلاميذه سلطة الحل تلك، فيزعمون أنه قال لبطرس: "ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وما تحله يكون محلولاً".كما يزعمون أن  المسيح عليه السلام أيضاً بعد قيامته قال لتلاميذه: "من غفرتم خطاياهم غُفرت".
المسحة الأخيرة: سُميت بذلك لأنها الأخيرة التي ينالها المتدّين. تعطى للمحتضر، أو عند خطر الموت، تعزية للنفس وتعزيزاً للبدن. قوامها أن المريض أو هذا الممسوح _ الذي يكون في غرفة نظيفة وعلى سرير مغطى بخوان أبيض، وبالقرب من طاولة عليها عدة أشياء ـ يعترف أمام الكاهن الذي يزوِّده بعدئذ بالزاد الروحاني (القربان)، ويمسح بزيت الزيتون (زيت خالص، بلا بلسم ولا خمر، مبارك من الأسقف في يوم الخميس المقدس) مناطق حواسه الخمس مع تلاوة نصوص خاصة، ثم يمنحه غفراناً بابوياً كاملاً. لا تسمح الكنيسة لمن هم في مرتبة سفلى منح هذا السر لأحد.
الكهنوت: سر به تمنح السلطة الكهنوتية ـ والتي يزعمون أن المسيح عليه السلام سلمها إلى تلاميذه ـ إلى البعض كي يقوموا بخدمةٍ روحية للكنيسة. ويستمر ذلك النقل للسلطة إلى حين عودة المسيح في آخر الزمان. تتم الرّسامة بوضع اليد على رأس المرسوم مع تلاوة نصوص مخصصة، وشرط أن يكون هذا في حال النعمة، مولوداً من زواج كاثوليكي، غير مرتبط بزواج، راشداً، حائزاً على الثقافة المطلوبة، ناذراً النفس للتبتل والفقر والطاعة على مدى العمر.
الزيـجـة: سرّ يربط بين معمدين بالغين لمدى الحياة بزواج شرعي، وينالان به نعمة مزاولة الواجبات العائلية، لا تقر الكنيسة الكاثوليكية للطلاق بشرعية. يتم بحضور الخوري أو الكاهن، في احتفال يسمى بالإكليل...، ويخضع لبعض الشعائر، ولتنظيمات أو قواعد تحكم تأسيسه، وبطلانه، وأوقاته المناسبة، الخ..

الأقانيم عند الكاثوليك
ويلخص محررو قاموس الكتاب المقدس عقيدة النصارى الكاثوليك في التثليث، فيقولون: "الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله … شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى .. التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتاً أو ظاهرياً، بل أبدي وحقيقي .. التثليث لا يعني ثلاثة آلهة، بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد … الشخصيات الثلاث متساوون .
والكاثوليك يعتبرون أركان الثالوث ثلاث شخصيات أو ثلاث ذوات، لكل منها مهام منفصلة، وترجع إلى ذات واحدة موجودة في الأزل، ويرون لكل أقنوم وظيفة واختصاصاً، فهم يسندون للأب خلق العالم والمحافظة عليه، وللابن كفارة الذنوب وتخليص البشر، و أما الروح القدس فيتولى تثبيت قلب الإنسان على الحق وتحقيق الولادة الروحية الجديدة.

الاختلافات بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية
وأما أبرز ما تختلف فيه الكنيسة الكاثوليكية عن الأرثوذكسية المصرية فهو :
- قولهم بأن المسيح له طبيعتان ومشيئتان: إلهية وإنسانية، فهو عند الكاثوليك إله تام وإنسان تام، وفيه اتحد الابن بناسوت المسيح.
- الأب والابن وروح القدس هي الأقانيم الأزلية للإله، والمتحد منها بجسد المسيح الإنساني هو الابن فقط.
- روح القدس انبثق من الأب والابن معاً، وهو مساوٍ للأب والابن.
- الأرواح الخاطئة لن تدخل الجنة حتى تتطهر في جحيم صغير في مكانٍ ما من الأرض يسمى: "المطهر" تتطهر به أرواح العصاة، ثم تكون أهلاً لدخول الفردوس.
- صلوات الكهنة ترفع العذاب عن النفوس الخاطئة، ومنه نشأت فكرة صكوك الغفران التي أقرها المجمع الثاني عشر المنعقد عام 1215م.
- القول بعصمة بابا روما، وبأنه وريث سلطان بطرس الذي دفعه له المسيح (انظر متى 16/19)، وبذلك تسمى أيضاً كنائس الكاثوليك بالكنائس البطرسية.
- تقدس الكنسية الكاثوليكية مريم، وتسميها (والدة الإله) و(خطيبة الله)، وتخصها ببعض الصلوات والابتهالات.وتعترف الكنيسة الكاثوليكية بسائر العبادات والطقوس الأرثوذكسية كالتعميد والاعتراف والعشاء الرباني ... فقد صرح بقانونيتها المجمع التريدنتيني عام 1547م، ويجيز الكاثوليك عبادة الصور والأيقونات .
الأورثوذكسيـة:
وهم أتباع الكنائس الشرقية (اليونانية)، وكلمة "أرثوذكس" كلمة لاتينية معناها: "صحيح أو مستقيم العقيدة" أو "مذهب الحق".
  وينتشر أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وعموم آسيا وصربيا ومصر والحبشة، ويتبعون أربع كنائس رئيسة لكل منها بطريك (القسطنطينية ثم الإسكندرية وأنطاكيا وأورشليم
وقد انقسمت الكنيسة الأرثوذكسية في أعقاب مجمع القسطنطينية الخامس 879م إلى قسمين كبيرين  : الكنيسة المصرية أو القبطية أو المرقسية، وكنيسة القسطنطينية، المسماة بالرومية أو اليونانية
وتشكل العقيدة الأرثوذكسية امتداداً  لما جرى في مجمع نيقية، إذ تتفق معتقداتهم مع ما جاء في رسائل أثناسيوس الذي ولي البابوية في الإسكندرية بعد مجمع نيقية.

الأقانيم عند الأرثوذكس
يرى الأرثوذكس الأقانيم مراحل لإله واحد في الجوهر، فالأب هو الابن، وهو روح القدس، يقول القس القبطي الأنبا غريغورس ملخصاً معتقدهم بالثالوث : "المسيحيون يؤمنون بإله واحد، أحدي الذات، مثلث الأقانيم والخاصيات، فالتوحيد للذات الإلهية، وأما التثليث فللأقانيم، وللأقانيم خاصيات وصفات ذاتية، أي بها تقوم الذات الإلهية، فالله الواحد هو أصل الوجود،
لذلك فهو الآب - والآب كلمة ساميّة بمعنى الأصل -..والله الواحد هو العقل الأعظم.. تجلى في المسيح..لذلك كان المسيح هو الكلمة..والكلمة تجسيد العقل، فإن العقل غير منظور، ولكنه ظهر في الكلمة، وهو أيضاً الابن- لا بمعنى الولادة في عالم الإنسان -، بل لأنه صورة الله غير المنظور، والله هو الروح الأعظم، وهو آب جميع الأرواح، ولهذا فهو الروح القدس، لأن الله قدوس.

   ويقول الأسقف سابليوس عن الله في احدى كتاباته التي تقترب كثيراً من مذهب الأرثوذكس: "ظهر في العهد القديم بصفته آب، وفي العهد الجديد بصفته ابن، وفي تأسيس الكنيسة بصفته روح القدس".
   وإذا تساءلنا عن سبب اختلاف الأسماء في هذه المراحل للجوهر الواحد فإن القس توفيق جيد يجيب: "إن تسمية الثالوث باسم الآب والابن والروح القدس تعتبر أعماقاً إلهية وأسراراً سماوية لا يجوز لنا أن نفلسف في تفكيكها وتحليلها، أو نلحق بها أفكاراً من عندياتنا..".
      وما دامت هذا الأقانيم مراحل للجوهر الواحد، فإن ياسين منصور يقول عنها بأنها "ثلاث شخصيات متميزة غير منفصلة، متساوية فائقة عن التصور"، ويقول أثناسيوس بالتساوي بين الأقانيم "فلا أكبر ولا أصغر، و لا أول ولا آخر، فهم متساوون في الذات الإلهية والقوة والعظمة" وأبرز معتقدات الكنيسة الأرثوذكسية وفروقها عن الكنائس الأخرى
-1 أن الله هو المسيح (الابن)، وهو روح القدس.
-2 تقول كنيسة القسطنطينية الأرثوذكسية أن الابن (الإله المتجسد) أقل رتبة من الإله من غير تجسد، يقول الأسقف أبولينراس: "الأقانيم الثلاثة الموجودة في الله متفاوتة القدر، فالروح عظيم، والابن أعظم منه، والأب هو الأعظم ... ذلك أن الأب ليس محدود القدرة والجوهر، وأما الابن فهو محدود القدرة لا الجوهر، والروح القدس محدود القوة والجوهر".
- 3يرى أرثوذكس الكنيسة المرقسية المصرية أن المسيح طبيعة واحدة إلهية، ويرى أرثوذكس روسيا وأوربا (كنيسة القسطنطينية) أن له طبيعتان مجتمعتان في طبيعة واحدة كما قرر عام 451م في مجمع خلقدونية، وقد رفضت الكنيسة المصرية قرار المجمع، وقبلته الكنائس الأرثوذكسية الرومية القائلة بالطبيعتين، يقول القديس كيرلس الإسكندراني: "نحن نقرن الطبيعتين بالاتحاد .. نقول: طبيعة واحدة للكلمة المتجسد.
-4 يؤمن النصارى الأرثوذكس أن روح القدس نشأ من الأب فقط.
- 5يؤمن النصارى الأرثوذكس بأسرار الكنيسة السبعة (المعمودية - الميرون المقدس- القربان المقدس - الاعتراف - مسحة المرضى - الزواج - الكهنوت
تشكو الكنيسة الأورثوذكسية من ظلم الغرب الكاثوليكي لها، ومن جهله بتعاليمها، ونفوره أو كرهه لها. تقول إنها المحافظة الأمينة على اللاهوت منذ قرونه الأولى، وواحدة غير منقسمة، ولم تضف أو تحذف أي معتقد متمسكة بالتعاليم الصافية القديمة التي ورثتها عن الحواريين والآباء الأول. لذا فهي تُتهم، ـ وترفض التهمة ـ، بأنها متعض جامد وكنائس مشتتة ذات شعائر عتيقة غير متطورة.
نهوضاً من المبدأ الشمّال في الأرثوذكسية، رفض الاضافة أو الإلغاء داخل المعتقد العام، لا تقر هذه الكنيسة بتعديل العقيدة المركزية، الثالوث المقدس، من قبل الغرب الكاثوليكي، تعديلاً تأتي من زيادة كلمة والابن (فيلوك/ الابنية). إذا كانت الكاثوليكية تعتقد بأن الروح القدس انبثق، فاض عن، صدر عن، من الأب والابن قبل كل الدهور. فالأرثوذكسية هنا تنبذ إضافة كلمة والابن التي ضمتها الخوصة Symbole توليدو في السنة584م.
 كذلك لا تؤمن الأرثوذكسية بعقيدة الحمل بلا دنس التي أدخلتها الكاثوليكية في سنة 1854، مخالفة بذلك العقيدة التي تحدَّدت بموجب المجامع المسكونية السبع والخوصات نيقية ـ القسطنطينية وبإسم المبدا عينه الذي يرفض كل تعديل، لا تعترف الأورثوذكسية بأسسٍ دينية أو بنصوصٍ مقدسة تثبت الإيمان بالمَطْهر (وحتى بالجحيم). ولا تعترف بسلطة البابا، ولا بعصمته إذ العصمة للكنيسة كلها، ولا بالغفرانات الكنسية..
ومن الفروقات التي تعود إلى الشروط التاريخية والعبقريات الخاصة عند الأمم، يذكر: شكل إشارة الصليب إذ هو عند الأرثوذكسية. بثلاثة أصابع ومن اليمين إلى الشمال، وسر الاعتراف (والحلّة) يختلف نوعاً ما. وكذلك الحال في المعمودية، وفي سر الزواج إذ يسمح أحياناً بالطلاق، وفي الأصوام، والأعياد والاحتفالات الدينية أو الطقوس والشعائر...
 وتقوم أيضاً فجوة هي تباعد في الأزياء، والرتب الكهنوتية، والمناصب، وتنظيم الرهبنات والأديرة. أما بنية الكنيسة أو تقسيماتها، وخدمها.
البروتستانتيـة
وهم في الأصل من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، وكلمة "بروتستانت" كلمة إنجليزية معناها: المحتجون.وقد انشق البروتستانت عن الكنسية الكاثوليكية في منتصف القرن السادس عشر وبعد عدة احتجاجات على ممارسات بابوات الكنيسة التي زكمت منها الأنوف.وهنا يجدر بنا الحديث عن بعض هذه الدعوات الإصلاحية التي ظهرت في أوربا والتي مهدت لقيام البرتستانت.
-- بدأت هذه الدعوات للإصلاح على يد جيرارد في كنيسة لورين في عام 914م وعاصرتها دعوة أخرى تسمى حركة كلوين، ثم ظهرت في جنوب فرنسا حركتا الكاتاريين والوالدنيين، وتمكنت البابوية من القضاء عليهما.
-- وفي القرن الثالث عشر ظهرت حركة الرهبان (الإخوان)، ودعت للبساطة وحماية الكنيسة من الهراقطة، وتدعيم البابوية عن طريق الأتباع المخلصين، لكن مع نهاية هذا القرن وقع رواد الحركة فيما حذروا منه، فأصبحوا من الأثرياء، وجر الثراء إلى ما يسوء ذكره.
-- وفي عام 1383م توفي داعي الإصلاح حنا بعد أن طرد وأتباعه، ثم بعده نادى حنّا هس بإيقاف صكوك الغفران التي استعان بها البابا حنا الثالث والعشرون في حربه ضد مملكة نابلي، وقد أحرق حنّا هس حياً عام 1415م.
-- وفي بداية القرن السادس عشر ظهر مارتن لوثر، وهو قس ألماني ذهب إلى الحج في روما طالباً بركات البابا فيها، وفي ذهنه صورة من النقاء والطهر والخشوع.
لكنه فوجىء في روما بواقع آخر، فجعل يصيح بأن ليس هذا دين عيسى، وعاد لألمانيا يدعو للإصلاح، وهاجم صكوك الغفران واعتبرها دجلاً، وانضم إليه أتباع سموا بالمحتجين (البروتستانت
ثم تأثر كالفن الفرنسى المولود عام 1509م باراء لوثر ، ثم السويسري زونجلي، وأسس كلفن التنظيم الكنسي البروتستانتي.
واليهود هم الذين باركوا هذه الثورة وأيدوها وزعموا أنها حركة إصلاح إلا أنها فى النهاية إنشقاق على الكنيسة الأم وإضعاف لعزيمتها  إلا أن اليهود سرعان ما تبنوا الفكرة وأيدوها حتى أصبح لها أتباع كثيرين وتمكنت من الإتنشقاق فهى فى نظر اليهود حركة إصلاح؛ لكنها بنظر كنيسة روما، وفي أعين الكاثوليكي التاريخية، رفض وتمرد ثم انشقاق، ففي فرنسا، على سبيل المثال، يشعر البروتستانتي، الرافض، المحتج، إنه غير معروف؛ وأن فرنسا ـ البنت المدللة للكنيسة البابوية ـ طردت أفضل أبنائها بسبب معتقدهم وأنها أيضاً اضطهدت، وأبادت بل وما تزال تتغذّى فيها فكرة سيئة عنهم كي تبرر القسوة القديمة المفرطة ضدهم... والقضية، في نظر البروتستانتي، كانت قضية صفوة أرادت إصلاح الأوضاع، ورفض المزالق أو الفضائح التي غرقت في خضمّها الكنيسة الكاثوليكية، ما هدّد وحدتها بالتصدّع.
-- وجاء تصدّع الكنيسة الرومانية بحصول الانشقاق الكبير في الشرق 1054م؛ وكانت الهيمنة وبعض المسائل الأخلاقية المحيطة بسمعة رجال الكهنوت والبابوات، والامتيازات الجمّة أو الثروات المفرطة اللاصقة بالأساقفة، مع عوامل أخرى عديدة، أسباباً ظاهرة في احتدام الصراع داخل الكنيسة الكبرى الواحدة. ثم أتى سبب مباشر هو إقامة عقائد مفروضة من المجامع على المؤمن بلا أدنى نقاش، وحتى بلا سندٍ من الكتاب المقدّس أو غير موجودة في الأناجيل.
-- ومن المعروف أن من العقائد التي تميز حركة الاصلاح الديني المتعددة الأصوات والكنائس، هي فهمها لعقيدة الإيمان بالسيد المسيح، ومواقفها من سلطة الكتب المقدسة، والموحاة منها بشكل خاص، وحرية تأويل تلك الكتب أو بذل الجهد الشخصي في فهمها واستخراج قواعد الإيمان والحياة منها وحدها (راجع: مجمع سينودوس 1938؛ وخاصة فعل الإيمان الموضح هناك).
-- ليست الحركة البروتستانتية واحدة، فهي متعددة. نذكر منها سريعاً:
- الكنائس الويسلية، نسبة إلىWesley(ت 1791)؛ المنتشرة في انكلترا والمنتقلة إلى أميركا في 1784؛ والمعروفة بإسم الكنيسة الحرة.
- وهناك أيضاً الكنيسة الفالدوية أو الفودوازية  Vaudoise في فرنسا.
-والكنيسة الفرنسية المصلّحة (المستصلحة) التي تجمع بين احضانها منذ 1938 ـ دون إذابة أو إزالة التنظيمات الخاصة لكل منها ـ الكنائس الكالفينية، والاسكوتلندية، والكنيسة الحرة.
- ومن الضروري أيضاً الإشارة إلى كنائس أخرى مثل: الكنيسة اللوثرية، والكنيسة الانكليكانية ذات الأصول العائدة للقرن السادس عشر، مع الملك هنري الثامن. فقد أعلن هذا، في العام 1534، إبطال سلطة أسقف روما في إنكلترا، وأن الملك هو وحده بعد المسيح رئيس الكنيسة. ثم أعلنت في أيام أدوار السادس، خليفة الملك المذكور، القطيعة النهائية، على شكل 42 ثم 39 بنداً في سنة 1563، تحت حكم الملكة اليزابيت.
- ومنها أيضاً الكنيسة المعمدانية التي تقول بأن لا وجوب لتعميد المولد، وتدعو أتباعها إلى إعادة تعميد الراشدين، وهي تعمد بالتغطيس لا بالسكب، ولا تقيم فرقاً بين راعي الكنيسة والمؤمن، ولا تقول بالمناولة الأولى.
- وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية أشهر الكنائس المعمدانية. وتجعل الكنيسة السبتية Adventiste،  كاليهود، يوم السبت يوم الراحة إذ تقول إن الله قدّس اليوم السابع من الأسبوع، وليس يوم الأحد. وهي تنتظر الآتي أي المسيح الذي تتوقع مجيئه الثاني من خلال إشارات تسقطها على الوقائع. ترفض تعميد المولودين الصغار، ولا تعترف بأي يوم عيد؛ تكرس العبادة لله وحده، وتقر بسلطة الكتاب المقدس وحده. فهي عارية من أي ليتورجيا. ولدت هذه الكنيسة المجيئية (المنتظرية، أدفنشتية) في أميركا؛ ومعترف بها هناك منذ العام 1860، ومركزها العالمي في واشنطن.
- وفي السنة 1829، نشأت في دبلين، ومن داخل الكنيسة الانكليكانية، الكنيسة الدربية  Darbyste أو كنيسة الأخوة. فحول منشئها غرفز Groves أشهر الأتباع بقولهم، إنّ الرسل لم يعيّنوا خلفاء لهم، وإنّ لا أحد له الحق في أن يكون راعياً في الكنيسة. وحول دربي Darby في السنة 1832 ترسخت، وتوضحت. وهم اليوم شديدو الانصباب على قراءة الأسفار المقدسة، والنبوءات التوراتية حول نهاية العالم.
- ثم الكويكرز Quakers، أو الجمعية المسيحية للأصدقاء، لمؤسسها جورج فوكس Fox الذي نال لقب كويكر، أي المرتجف، يرفضون كل قَسَم، ولا يحيون أحداً، ويتصفون بالزهد، ويشجبون الغناء والرقص، والألعاب والتدخين، ويرفضون حمل السلاح، ويتصفون بحسن الأخلاق ومحمودية السيرة. ومن المحموديات في هذه الجمعية الاعتناء بالمحروم، وبكل عرق أو لون: وهنا تتميز نظرتهم ـ داخل الولايات المتحدة ـ إلى الهنود الحمر، السكان الأصليين، وإلى السود.
- ومن الكنائس الأخرى، جيش الخلاص. ويقول أتباعها إنّ مهمتهم هي أن يجعلوا البشرية، كلها تخضع لله وتنال خلاصه...
- وتزداد الانشقاقات، أو تقوم بين الحين والحين كنائس جديدة داخل الحركة الإصلاحية، في الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص. لكن البروتستانتية تجتمع حول توجهات عامة أو تتصف بخصائص:
الاستناد إلى الكتب المقدسة وحدها، الاعتراف بالمسيح وحده معلماً، نفي ضرورة توسط الكنيسة بوزرائها وتمرتبها في العلاقة بين الله والمؤمن، إقتبال العبادة باللغة الوطنية للمتعبد، اهتمام بقراءة الكتب المقدسة، رفض لعبادة القديسين وعبادة مريم وللغفران أو الدهن بالزيت والأصوام والعزوبية والتثبت .
 عدم الإيمان بوجود المسيح فعلياً في خبز وخمر القداس، الإيمان بحرية الفكر عند المتعبد، رفض الصور والتماثيل والآلات الموسيقية والمقاعد داخل المعبد، التحرر من أزياء وطقوس ومراسم وتمرتبات بيعية، عدم رسم شارة الصليب... وهكذا!!! حيث السعي إلى البساطة، والفعل الحر، والتساوي بين الشعب والإكليروس.
وقد انتشرت أراء هذه المدرسة الإصلاحية في ألمانيا وأمريكا واسكتلندا والنرويج وهولندا.

والبرتستانت في الجملة كاثوليك، إلا أنهم يتميزون عنهم بأمور أهمها:
-1 الإيمان بأن الكتاب المقدس فقط (وليس البابوات) هو مصدر النصرانية، لكنهم لم يطبقوه فيما سوى مسألة صكوك الغفران وعصمة البابا.
-2 إجازة قراءة الكتاب المقدس لكل أحد، كما له الحق بفهمه دون الاعتماد في ذلك على فهم بابوات الكنيسة.
-3 عدم الإيمان بأسفار الأبوكريفا السبعة، واعتماد التوراة العبرانية بدلاً من اليونانية.
-4 عدم الاعتراف بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية كالاستحالة في العشاء الرباني وعبادة الصور وتقديس مريم، وعذاب المطهر، وعموم الأسرار الكنيسة.
-5 يعتبرون الأعمال الصالحة ثمرة من ثمار الإيمان، ويرونها غير ضرورية للخلاص.
- 6لكل كنيسة بروتستانتية استقلالها التام.
- 7يمنع البروتستانت الصلاة بلغة غير مفهومة كالسريانية والقبطية، ويرونها واجبة باللغة التي يفهمها المصلون.
-8 يمنع البروتستانت التبتل، ويوجبون زواج القسس، إذ يرونه طريقاً لازماً لإصلاح الكنيسة.
- 9ويوافق البروتستانت الكاثوليك في انبثاق الروح القدس من الأب والابن كما يوافقونهم في أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين.
العقيدة عند الفرق المسيحيه المعاصرة

تجمع الفرق النصرانية المثلثة اليوم على القول بأن الإله إنما هو إله واحد من ثلاثة أقانيم، وتجمع أيضاً على أن أول هذه الأقانيم هو الآب، وثانيها هو الابن، وثالثها هو روح القدس. والثلاثة إله واحد.لكن هذه الفرق تختلف اختلافاً بيناً في تحديد طبيعة المسيح، فلقد صدر عن مجمع نيقية تأليهه، ثم حار النصارى في تحديد ماهية هذه الألوهية.ونتوقف بعض الشيء مع الفرق النصرانية الكبرى، ونذكر أوجه الاختلاف بينها وظروف نشأة كل منها، ثم نذكر شيئاً من ردود المحققين في إبطال هذه المذاهب خصوصاً.

عقيدة إلـهية المسيح لدى فرق النصارى المختلفة و تطورها عبر التاريخ :-يقـرّر دستور الإيمان المسيحي الذي أقرته كنيسة روما العامة، بناء على قرار مجمع نيقية المسكوني للأساقفة عام 325 م. أن :
أرأيت عزيزى القارئ الإضطرابات والتناقضات التى ذكرها أعل الكتاب بخصوص  المسيح عليه السلام والمعجزات التى قام بها فتارة يزعمون أنه إله وتارة نبى وتارة أخرى إنسان وهذا الخلط  لم يوقعنى وحدى فى حيره بل وقع فيها كبار القساوسة إذا أنهم اختلفوا على مر العصور فى طبيعة  المسيح عليه السلام هل هو بشر ؟ أم إله ؟ أم ذو طبيعتين ؟ مما أضطرهم الى عقد العديد من   المجامع ولم يصلوا الى حل يريح العقول بهذا الخصوص فلقد بدأت هذه الإضطرابات حين        ظهر " أريوس " وهو أسقف إسكندرى وقال :
( إن المنطق يحتم وجود الأب قبل الإبن ولما كان المسيح الابن مخلوقا للإله الأب فهو إذن دونه ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يعادل الإبن الأب فى المستوى والقدرة وبعبارة أخرى فإن المسيح مخلوق لله )
بينما عارضة فى هذه الفكرة شماس إسكندرى أسمه إثناسيوس حيث قال :-( إن فكرة الثالوث المقدس تحتم أن الابن مساويا للإله الأب تماما فى كل شىء ).
ووجد كل منها مؤيدين فازداد الخلاف بينهم مما أضطر الإمبراطور قسطنطين أن ينادى بعقد مجمع " نيقية " فحضر فى بداية الأمر ( 1048) أسقفا وشماسا وقسيسا وغيرهم من أصحاب الكلمة إلا أنهم اختلفوا اختلاف شديداً فمنهم من يقول بأن المسيح إله ومنهم من يقول أن المسيح وأمة الهين
ولقد ذكر (زكى شنودة ) فى كتابه ( تاريخ الأقباط ) المجامع والكنائس وأهم هذه المجامع هو مجمع نيقية إذ عليه تم بناء المجامع الأخرى ولو بصورة مختلفة وسترى فيه كيف تخبط النصارى طوال عقودهم
وكان نتيجة الخلاف أن انسحب عدد كبير من القساوسة والأساقفة ولم يبقى من هذا العدد سوى (324) وهؤلاء تم  بهم عقد المجمع المعروف بـ(مجمع نيقية ) عام 325م
وفيه صدر قرار بإدانة أريوس ووصلوا فيه الى قرار عجيب يحير العقول وأكدوا فيه على التثليث فقالوا  " نؤمن بإله واحد ضابط الكل , خالق السموات والأرض كل ما يرى ومالا يرى , وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور إله حق     مولود غير مخلوق مساو للاب فى الجوهر الذى من أجلنا نحن ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العزراء وتائنس وصلب على عهد بيطلاس النبطي ونألم       وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب وسيأتى     بمجده ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه وبروح القدس الرب المحي المميت المنبثق       من الأب المتحد مع الأب والابن السجود له  )
إن ما صدر في هذا المجمع لا يقبله عقل ولا منطق إذا أنهم جعلوا المسيح عليه السلام منبثق من   الله جل وعلا بل مساو له سبحانه في الخلق والأمر والثواب والعقاب ثم تمادوا وجعلوا سيدنا  جبريل الروح الأمين متحداً من الله والمسيح لتكمل الثلاثية .
والحق سبحانه وتعالى حذر أهل الكتاب من هذا الخلط الذي يحير العقول ولا طائل من وراءه   فقال سبحانه وتعالى " وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ ".ثم هل الله سبحانه وتعالى في حاجة إلى من يعينه في أمر الخلق ؟ بالطبع لا فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.ولكن من أين جاءوا بهذه الثلاثية بهذا الترتيب العجيب وبهذا الإطار الغريب ؟يبدو أنهم تأثروا بالأساطير القديمة وبخاصة الأساطير اليونانية والهندية :
فيذكر الإمام محمد أبو زهرة في كتابه محاضرات في النصـــرانية ص 33 , 34 " أن أمينوس المتوفى سنة 242 اعتنق في صدر حياته الديانة المسيحية ثم ارتد عنها إلى وثنية اليونان الأقدمين وجاء من بعده تلميذه أفلوطين المتوفى سنة 270 وقد تعلم في مدرسة الإسكندرية أولا ثم ارحل  إلى فارس والهند وهناك استقى ينابيع الصوفية الهندية واطلع على تعاليم بوذا وديانته وبراهمة    الهند وديانتهم ثم عاد إلى الإسكندرية واخذ يلقى بآرائه على تلاميذه وكان أهم ما فيها :-
إن العلم يرجع في تكوينه وتدبيره إلى ثلاثة عناصر أو إلى ثالوث مقدس هو( العلم ) المنشى  الأول و(العقل ) الذي تولد منه كما يتولد الولد من أبيه و( الروح )الذي يتصل بكل حي ومنه  الحياة فإذا عبرنا عن المنشى الأول ( بالأب ) وعن العقل المتولد منه( بالابن ) وعن الروح (بروح   القدس ) كما هو ثالوث النصارى الذي اخذ ببعضه بجمع نيقية "
وهذه حقيقة لان الأساطير الهندية القديمة تحكى ما هو قريب من ذلك فيقول ما لفير " في كتابه المطبوع سنة 1895
( لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة عن عقيدة الهنود القدماء ما نصه " نؤمن " بسافسترى "     اى الشمس إله واحد ضابط الكل خالق السموات والأرض وبابنه الوحيد " أتى " اى النار      نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من " فايو " اى الروح في بطن " مايا " العزراء ونؤمن     بفايو الروح الحى المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له ويمجد ( )
لعلك عزيزي القارىء قد رأيت التشابه الواضح بين عقيدة الهنود وبين عقيدة النصارى والدليل على ذلك أنهم بعد مجمع نيقة بتسع سنوات نادى القساوسة والأساقفة لعقد مجمع أخر فكان مجمع صور .وهكذا فلا ثبات عندهم ولا استقرار
وصدق الحق حين قال {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }الحج31
ولذا فبآى منطق نخشى هؤلاء {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
فلو أخذ ابناء النصارى بمنطق الباباوات العجيب لصار عندهم تعدد الهة ؛و هذا يتناقض بظاهره مع ما يدعونه من إيمانهم بوحدانية الله، لذا لا بد من تفصيل تلك العقيدة المجملة، و بيان شرح مختلف فرق النصارى لها، لتتضح حقيقة ما يعتقده  النصارى حول المسيح و علاقته بالله عز و جل حسبما جاء في كتب عقائدهم و تقريرات لاهوتييهم، فنقول:
-- يعتقد الجمهور الأعظم من النصارى أن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاث، و الأقنوم لفظة يونانية تعني الشخص Person، و هذه الأقانيم أو الأشخاص الثلاث هي: شخص الآب، و هو الخـالق لكل شيء و المالك و الضابط للكل، و شخص ابنه، المولود منه أزلا المساوي لأبيه في الألوهية و الربوبية لأنه منه، و شخص الروح القدس،
 و هذه الأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر و الإرادة و المشيئة، إلا أن هذا لا يعني أنها شخص واحد بل هم أشخاص ثلاثة، كل واحد منهم إله كامل في ذاته غير الآخر، فالآب إله كامل، و الابن إله كامل غير الآب، و روح القدس أيضا إله كامل غير الآب و الابن، و لكن مجموع الثلاثة لا يشكل ثلاث آلهة ـ كما هو مقتضى الحساب! ـ بل يشكل إلـها واحدا، و يعترفون أن هذا لا سبيل لفهمه و إدراكه بالعقل و يسمونه "سرّ التثليث". فهل نخشى قوما يفكرون بهذه الطريقة ؟
ثم يعتقدون أن الأقنوم الثاني لله، أي أقنوم الابن، هو الذي تجسد و صار إنسانا حقيقيا، بكل ما في الإنسانية من معنى، و هو المسيح المولود من مريم العذراء، فالمسيح في اعتقادهم إله إنسان، أي هو بشر حقيقي مثلنا تماما تعرض له جميع أعراض الضعف و الاحتياج البشرية، و هو في عين الحال إله قادر كامل الألوهية، و يسمون هذا بـ " سر التجسد ".
و هكذا، فالمسيح، حسب تفسير قانون الإيمان المسيحي الذي تقرر في مجمع خلقيدونية سنة 451 م.، هو شخص واحد ذو طبيعتيـن، طبـيعة إنسـانية (ناسوت) و طبيعة إلهية (لاهوت) فهو إله بشر.
و نتيجة هذه العقيدة أن يكون عيسى المسيح عليه السلام ـ في نظرهم ـ شخص واحد هو خالق و هو نفسه مخلوق، رازق و مرزوق، قديم وحادث! معبود وعابد، كامل العلم و ناقصه، غني و محتاج!...الخ
أقول: و لو كانت هذه الصفات المتناقضة لشخصين اثنين اتحدا بمظهر واحد لكان هناك    مجال لفهم ما يقولون، لكن الذي يعسر على العقل فهمه بل يستحيل فهمه و قبوله عقلا هو       أن تكون هذه الصفات لشخص واحد و ذات واحدة.... لأن هذا بمثابة أن نقول أن هذا الشكل مربع و دائرة بنفس الوقت، أو موجود و معدوم بنفس الوقت؟! فيا قومنا أفيقوا أتتبعون قوما جهلاء إلى الأن وفى القرن الحادى والعشرون ولا يزالون يعبدون الاشخاص وليس هذا فحسب بل يصرون على أن واحد +واحد +واحد =واحد !!!!!      بالله عليك لو أخبرت بها طفلا فبماذا يرد عليك ؟
ما تقدم كان عقيدة جمهور المسيحيين أي: الكاثوليك أو الكنيسة الغربية و الروم الأرثوذكس، الكنيسة الشرقية الأورثوذكسية ( و التي انفصلت عن الكنيسة الغربية عام 879 م.)، و البروتستانت بفرقهم المختلفة من أنجليكان ولوثريين و إنجيليين و غيرهم... الذين خرجوا من بطن الكنيستين السابقتين في القرن السادس عشر الميلادي و ما تلاه.
 لكن هناك طائفتين قديمتين من النصارى لم تعترفا أبدا بقرار مجمع خلقيدونية المذكور، الذي نص على أن المسيح شخص واحد في طبيعتين، و هما: النساطرة أتباع نسطوريوس و اليعاقبة أتباع يعقوب البرادعي.

أما النساطرة ـ و هم أقلية قليلة العدد تتوطن حاليا شمال غرب إيران وجنوب شرق تركيا و شمال العراق و عدد من المناطق الأخرى و يسمون كذلك بالآشوريين ـ فهم يميزون في المسيح بين شخصين: شخص عيسى البشر المولود من مريم العذراء الذي هو إنسان بشر محض، و شخص الله الابن، أو ابن الله الذي هو إله كامل، المتحد بعيسى الإنسان، حسب زعمهم، فالذي ولد من مريم العذراء هو عيسى الإنسان و ليس الله،
و لذلك رفضوا قبول عبارة " مريم والدة الله "، كما أن الذي صُلِبَ ـ في اعتقادهم ـ و تألم و مات، لم يكن الله الابن، بل عيسى الإنسان البشر، و الحاصل أن المسيح في اعتقادهم شخصيتان متمايزتان لكل شخصية طبيعتها الخاصة: البشرية المحضة لعيسى الناصري المولود من مريم العذراء، و الإلهية المحضة لابن الله المتحد بعيسى في اعتقادهم.
و على النقيض من ذلك تماما الطائفة الأخرى و هم اليعاقبة، الذين يرون أن عيسى المسيح شخص واحد فقط، لا شخصان، و ليس هذا فحسب، بل هذا الشخص الواحد ذو طبيعة واحدة أيضا، و لذلك يُسمَّوْن أيضا بالمونوفيزيين، أي القائلون بالطبيعة الواحدة للمسيح، فاعتقادهم هو أن: أقنوم الابن من الله تجسد من روح القدس و مريم العذراء فصيَّر هذا الجسد معه واحدا وحدة ذاتية جوهرية، أي صار الله (الابن) المتجسد، طبيعة واحدة من أصل طبيعتين، ومشيئة واحدة و شخصا واحدا.
و بعبارة أخرى: المركز المسيّر و الطبيعة الحقيقية لعيسى المسيح الذي ولد من مريم هي الألوهية المحضة، فهو الله عينه، أما بشريته فهي مجرد لباس فانٍ في إلـهيته. فلذلك الله تعالى عندهم هو بذاته الذي وُلِدَ من مريم العذراء، لذا فهي والدة الله، و الله نفسه هو الذي عُذِّب و تألم و صلب و مات! ثم قام بعد ثلاثة أيام من قبره حيا. تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً.
قلت: و في هؤلاء جاء قوله تعالى: { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم و أمه و من في الأرض جميعا و لله ملك السموات و الأرض و ما بينهما يخلق ما يشاء و الله على كل شيء قدير } المائدة /17.
و قوله سبحانه كذلك: { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم، إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار وما للظالمين من أنصار } المائدة / 72. و بهذا المذهب اليعقوبي تدين الكنيسة القبطية في مصــر وكنيسة الحبشة التابعة لها، كما هو مذهب السريان الأرثوذكس في بلاد الشام، و مذهب الكنيسة الأرمنية الغريغورية.
أما مذهب الجمهور الأعظم من النصارى فهو الذي قال الله تعالى في شأنه: { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة و ما من إله إلا إلـه واحد، و إن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم } المائدة / 73.
و الحاصل أن جميع الفرق المسيحية تتفق على أن المسيح بشرٌ وإلهٌ بنفس الوقت! و إنما تختلف عن بعضها في مدى تأكيدها و إبرازها لأحد الجانبين الإلهية أو البشرية في المسيح، فاليعاقبة يؤكدون الجانب الإلـهي أكثر و على عكسهم النساطرة الذين يبرزون أكثر الجانب البشري في حين يطرح الجمهور الأعظم رؤية متوازية و متعادلة للجانبين الإلـهي و البشري دون ترجيح أي منهما على الآخر.
بهذا نكون قد عرفنا عقيدة مختلف الفرق النصرانية بإلهية المسيح و كيفية تفسيرهم لهذه العقيدة. لكن هل آمن جميع المسيحيين دون خلاف بهذه العقيدة؟ هذا ما تجيب عنه الفقرة التالية :
-عقيدة تأليه المسيح بين الرفض و القبول في الأوساط المسيحية عبرالتاريخ :
يعترف جُلُّ المؤرخين المسيحيين، أن هذا الاعتقاد بإلهية المسيح لم يصبح عقيدة مستقرة و سائدة بين المسيحيين إلا بعد انقضاء عهد الحواريين و عهد التلاميذ الأوائل للمسيح عليه السلام، أي بعد انقضاء قرن على الأقل على انتقال المسيح و رفعه، أما قبل ذلك، أي في القرن الأول لبعثة المسيح، فكانت مذاهب الناس في المسيح لا تزال متشعبة، فغالبية اليهود المعاصرين له أبغضوه و أنكروا رسالته من الأساس و اعتبروه ساحرا و دجالا ـ حاشاه من ذلك ـ
 و صرفوا جهودهم لمحاربة أتباعه و القضاء على دعوته، و في المقابل آمن به عدد من يهود فلسطين ممن تجرد لله تعالى و كان تقيا مخلصا، و رأوا فيه المسيح المبشر به في الكتب المقدسة السابقة، و من هؤلاء الحواريون، الذين تدل كتاباتهم و رسائلهم أنهم كانوا يرون في المسيح نبيا بشرا، و رجلا أيده الله تعالى بالمعجزات الباهرة ليرد الناس إلى صراط الله الذي ضلوا عنه و ابتعدوا عنه، و ليعلن بشارة الله تعالى بالرحمة و الغفران و الرضوان للمؤمنين التائبين.
كما وجد في ذلك القرن الأول و ما بعده يهود تشبعوا بأفكار الفلسفة اليونانية سيما الأفلاطونية الحديثة منها وتشربت بها قلوبهم فنظروا للمسيح و لارتباطه بالله عز وجل بمنظار ما كانوا مشبعين به من تلك الفلسفة حول الإلـهيات، و ما تعلمه حول "اللوجوس" أي العقل الكلي الذي ترى فيه أول ما فاض عن المبدأ الأول ـ أي الله ـ فاللوجوس هو الوسيط بين الله في وحدته و بساطته المتناهية و بين العالم المتكثر، و به و فيه خلق الله العالم و الكائنات.... فطابقوا بين المسيح و اللوجوس، و كل هؤلاء كانوا يرون المسيح مخلوقاً لِلَّه، فلم يقولوا بإلهية المسيح و لا ساووه مع الآب في الجوهر.
و أخيرا كان هناك المؤمنون الجدد من الأمميين (الوثنيين) و غالبهم آمن بدعوة التلاميذ بعد رحلة المسيح، و هؤلاء كانوا متشبعين بثقافة عصرهم الوثنية الهيلينية التي تنظر للعظماء من أباطرة أو قادة فاتحين أو فلاسفة عظام، على أنهم أنصاف آلهة أو أبناء آلهة هبطت لعالم الدنيا و تجسدت، لخلاص بني الإنسان و هدايتهم.
 فصار كثير منهم ينظرون لشخصية المسيح بنفس المنظار، خاصة أنه كان يعبر عن المسيح في لغة الأناجيل بابن الله، فأخذوا البنوة على معناها الحرفي لوجود نظير لذلك في ثقافتهم الوثنية، و رأوا فيه ابن الله الحقيقي الذي كان إلها فتجسد و نزل لعالم البشر لخلاصهم... و لاقت هذه العقيدة رواجا لدى العوام الذين يعجبون بالغلو في رفع مقام من يقدسونه و يؤمنون به و يرون ذلك من كمال الإيمان به و المحبة له،
و قد لعبت عدة عوامل سياسية و ثقافية و اجتماعية و حتى لغوية ـ ليس هنا موضع بسطها ـ لصالح الاتجاه الوثني الأخير في النظر لشخصية المسيح، فساد و انتشر، و شيئا فشيئا صار هو الأصل و صارت مخالفته هرطقة و خيانة لحقيقة المسيح، و صار الموحدون، أي الأتباع الحقيقيون للمسيح، فئات ضئيلة عرضة للاضطهاد، يُنْظَر إليها على أنها مبتدعة ضالة!
وإحقاقا للحق وليعلم أهل الكتاب أننا لسنا مثلهم نتصيد الأخطاء فحسب (حاشا لله ) أن نكون مثلهم ؛ ولذا فكما ذكرنا نقاط ضعفهم ومع أنها من سجلاتهم ووثائقهم إلا أننا رأينا أن نبحث عن المخلصين والموحدين منهم لنقدمهم أيضا ليكونوا شاهد صدق على أننا نحن المسلمين كما علمنا ربنا جل وعلا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم  أن نعطى لكل ذى حق حقه وأن لا نبخس الناس حقوقهم وفضلهم  ؛ فكما ذكرنا ووضحنا المخالفين منهم لاوامر الله سبحانه وتعالى سنبين من آمن بالله جل وعلا إيمانا صادقا وعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الإله الواحد الأحد ؛
كلمة حق
 لكن هذا لا يعني أن الموحدين انتهوا تماما، بل إن التاريخ و الوثائق تثبت أنه هناك و لا يزال، في كل عصر من عصور تاريخ المسيحية و حتى يومنا هـذا، أعداد غير قليلة من علماء النصارى و عامتهم ممن أنكر تأليه المسيح ورفض عقيدة التجسد و التثليث مؤكدا تفرد الله الآب وحده بالألوهية و الربوبية والأزلية، و أن المسيح مهما علا شأنه يبقى حادثا مخلوقا.
 هذا و قد حظي أولئك الأساقفة أو البطارقة الموحدون بآلاف بل عشرات آلاف الأتباع والمقلدين و ليس ههنا مجال لذكر و استقصاء أسماء كل من نقله التاريخ لنا من أولئك الموحدين الأعلام.
ونكتفي هنا بإشارة سريعة لأسماء أشهر الفرق و الشخصيات النصرانية الموحدة البارزة عبر التاريخ:
 فقد ذكرت المراجع التاريخية النصرانية، التي تتحدث عن تاريخ الكنيسة، أسماء عدة فرق في القرون المسيحية الثلاثة الأولى كانت تنكر التثليث و التجسد و تأليه المسيح و هي: فرقة الأبيونيين، و فرقة الكارينثيانيين، و فرقة الباسيليديين و فرقة الكاربوقراطيين، فرقة الهيبسيستاريين، و فرقة الغنوصيين.
أشهر القساوسة القدامى
و أما أشهر القساوسة و الشخصيات المسيحية الموحدة القديمة التي تذكرها المصادر هم :
1- ديودوروس أسقف طرطوس.
2-  بولس الشمشاطي، و كان بطريركا في أنطاكية و وافقه على مذهبه التوحيدي الخالص كثيرون و عرفوا بالفرقة البوليقانية. وهو غير بولس الرسول اليهودى الأصل الذى غير دين المسيح عليه السلام والذى كان معروفا قبل تدخله فى المسيحية باسم شاؤؤل كما ذكر كتاب العهد الجديد فى الجزء المعروف باعمال الرسل .
3-  الأسقف لوسيان الأنطاكي أستاذ آريوس (توفي سنة 312 م.)
4- آريوس أسقف كنيسة بوكاليس في الإسكندرية (250 ـ 336 م.) و قد صار له ألوف الأتباع عرفوا بالآريوسيين و بقي مذهبهم التوحيدي حيا لفترات زمنية طويلة و صار آريوس علما للتوحيد حتى أن كل من جاء بعده إلى يومنا هذا و أنكر التثليث و إلهية المسيح، يصمه رجال الكنيسة الرسميون بأنه آريوسي!!.
5- يوزيبيوس النيقوميدي أسقف بيروت ثم نقل لنيقوميديا عاصمة الإمبراطورية الشرقية، و كان من أتباع لوسيان الأنطاكي و من أصدقاء آريوس.

أما أشهر الموحدين من رجال الدين و المفكرين المسيحيين المتأخرين فهم :
1) المصلح المجاهد الطبيب الأسباني ميخائيل سيرفيتوسMichael Servitus (1151 ـ 1553): تأثر بحركة الإصلاح البروتستانتية لكنه خطا في الإصلاح خطوات جذرية و جريئة أكثر، فأعلن بطلان عقيدة التثليث و رفض ألوهية المسيح بشدة و كان يسمي الثالوث بـ" الوحش الشيطاني ذي الرؤوس الثلاثة!" و قام بحركة نشطة جدا في الدعوة إلى التوحيد الخالص، و قد اتهمته الكنيسة بالهرطقة و اعتقلته ثم أعدمته حرقا. لكنها لم تستطع إعدام أفكاره وكتاباته التي انتشرت في وسط و شرق أوربا انتشار النار في الهشيم و صار لها عشرات الألوف من الأتباع و المؤيدين.
2) القسيس الروماني فرانسيس ديفيد Francis David (1510 ـ 1579): صار أسقفا كاثوليكيا أولا ثم اعتنق البروتستانتية ثم وصل في النهاية للتوحيد الخالص فأبطل التثليث و نفى ألوهية المسيح، و قد أوجدت أفكاره فرقة من الموحدين في بولونيا و المجر (هنغاريا) و أثرت أفكاره حتى في ملك هنغاريا الذي أصدر بيانا أمر فيه بإعطاء الموحدين حرية العقيدة.
3) اللاهوتي الإيطالي فاوستو باولو سوزيني Fausto Paolo Sozini (1539 ـ 1604): اشتهر باسم سوسيانوس Socianus، نشر كتابا إصلاحيا ينقد عقائد الكنيسة الأساسية من تثليث و تجسد و كفارة و غيرها، ثم توصل للتوحيد الخالص و أخذ يؤكد عليه في كتاباته و رسائله و انتشرت تعاليمه في كل مكان و عرفت مدرسته أو مذهبه اللاهوتي باسم " السوسيانية "
 أما مخالفوه فسموا أتباعه بـ " الآريانيين الجدد "(أي أتباع مذهب آريوس القديم). و بعد وفاته جمعت رسائله و كتاباته في كتاب واحد نشر في مدينة "روكوف" Rokow في بولندا، و لذلك أخذ اسم " كتاب العقيدة الراكوفية "، و قد تعرض أتباع السوسيانية لاضطهاد وحشي منظم منذ عام 1638 و حرق الكثير منهم أحياء أو حرموا حقوقهم المدنية و حرقت كتبهم، و في سنة 1658 خُـيِّرَ الناس بين قبول الكاثوليكية أو الذهاب للمنفى، فتوزَّع التوحيديون في أطراف أوربا و ظلوا فئات منفصلة لفترات طويلة، و قد لقيت السوسيانية رواجا عميقا في هنغاريا (المجر) ثم بولندا و ترانسلفانيا (إقليم في رومانيا) و انتشرت منها إلى هولندا ثم بريطانيا و أخيرا سرت للولايات المتحدة الأمريكية و كانت وراء نشوء الفرقة الشهيرة التي تسمت باسم التوحيديين The Unitarians.
4) الأستاذ المحقق البريطاني جون بيدل John Biddle (1615 ـ 1662): يعتبر أبا مذهب التوحيد في إنجلترا، حيث قام بنشاط إصلاحي قوي و رائع في بريطانيا و نشر رسائله التوحيدية المدللة بأقوى البراهين المنطقية على بطلان إلـهية المسيح و بطلان إلـهية الروح القدس، و تفرد الله (الآب) وحده بالإلـهية و الربوبية، و قد تعرض هو و أتباعه لاضطهاد شديد و حوكم و سجن عدة مرات و توفي أخيرا و هو سجين بسبب سوء ظروف السجن و سوء المعاملة فيه و قد أثرت أفكاره في الكثيرين من متحرري الفكر في بريطانيا فآمنوا بها و من أشهرهم: السيد ميلتون Milton (1608 ـ 1674)
و السيد إسحاق نيوتن Sir Issac Newton (1642 ـ 1727) العالم الفيزيائي الشهير، و أستاذ علم الاجتماع جون لـوك John Lock (1632 ـ 1704)، و كلهم ساهم بدوره في نقد عقائد و تعاليم الكنيسة المعقدة غير المفهومة كالتثليث و التجسد و إلهامية كل ما في الكتاب المقدس و... الخ بما كتبوه و نشروه من كتب و أبحاث و رسائل قيمة.
5) القسيس البريطاني توماس إيملين Thomas Emlyn (1663 ـ 1741):  و كان من القساوسة البروتستانت المشايخية Presbyterian و نشر كتابا بعنوان: " بحث متواضع حول رواية الكتاب المقدس عن يسوع المسيح " بيَّن فيه بطلان القول بإلـهية المسيح و بطلان القول بتساويه مع الآب، فقبض عليه و اتهم بالهرطقة و نفي من بريطانيا لكنه رغم ذلك لم يتوقف عن دعوته للتوحيد التام، و نشر رسائله المدللة بالبراهين القوية من الكتاب المقدس، على نفي إلـهية المسيح أو إلـهية الروح القدس، و وجوب إفراد الله تعالى وحده بالعبادة و الصلوات، و تعتبر رسائله من أقوى و أحسن ما كتب في هذا الباب و كان عدد القساوسة البريسبيتاريين Presbyterians الذين انضموا إليه و آمنوا بآراء آريوس و غيره من الموحدين في بداية القرن الثامن عشر الميلادي عددا لا يستهان به.
6) القسيس البريطاني ثيوفيلوس ليندسيTheophilos Lindsy (1723 ـ 1808): و كان منظم أول جماعة مصلين موحدة في إنجلترا، و كان يؤكد أنه ليست الكنائس فقط مكان عبادة الله، بل للإنسان أن يختار أي مكان لأداء الأدعية و الصلوات لله وحده فقط.
7) القسيس و العالم البريطاني جوزيف بريستلي Joseph Priestly (1733ـ 1804): و كانت أبعد كتاباته أثرا كتاب "تاريخ ما لحق بالنصرانية من تحريفات"و جاء في مجلدين. و قد أثار هذا الكتاب ثائرة أتباع الكنيسة الرسمية و أمروا بإحراقه فيما بعد، كما ألف كتابا رائعا آخر في دحض التثليث و إبطال ألوهية المسيح سماه " تاريخ يسوع المسيح ". هذا و قد اهتم بريستلي كذلك بالكيمياء و اكتشف الأوكسجين الأمر الذي أكسبه شهرة عالمية. و قد هاجر بريستلي في آخر عمره إلى أمريكا و أنشأ هناك الكنيسة التوحيدية Unitarian Church، و توفي في بوسطن.
8) القسيس الأمريكي ويليام إيليري تشانينغ William Ellery Channing (1780 ـ 1842): كان له الفضل في تطوير و إرساء دعائم الكنيسة التوحيدية في أمريكا و بريطانيا و التي يربو عدد أتباعها اليوم على المائة و الخمسين ألفا على الأقل، و ذلك بفضل مواعظه المؤثرة البليغة و خطبه القوية و محاضراته القيمة، هو و مساعده القسيس رالف والدو أيميرسن Ralph Waldo Emerson. و من الجدير بالذكر أن أفكار فرقة الموحدين Unitarians هذه تسربت إلى قادة الحركة التي قامت بتأسيس مدرسة اللاهوت العصرية في جامعة هارفورد الشهيرة في سنة 1861.
9) البروفيسور البريطاني المعاصر جون هيك John Hick أستاذ اللاهوت في جامعة برمنجهام و صاحب الكتاب الممتاز “ The Myth of God Incarnate” أي: أسطورة الله المتجسد، الذي ترجم للعربية و لعدة لغات عالمية، و يضم مقالات له و للفيف من كبار الأساتذة  في اللاهوت و مقارنة الأديان في جامعات بريطانيا، محورها جميعا ما أشار إليه البروفيسور هيك نفسه في مقدمة كتابه ذاك حيث قال ما نصه :
The writers of this book are convinced that another major theological development is called for in this last part of the Twentieth Century. The need arises from growing knowledge of Christian origins and involves a recognition that Jesus was (as he is presented in Acts 2.21) “A man approved by God “ for a special role within the Divine purpose, and that the later conception of him as God Incarnate, The Second Person of the Holy Trinity living a human life, is a mythological or poetic way of expressing his significance for us. ].
و ترجمته: [ إن كُتَّاب هذا الكتاب مقتنعين بأن هناك، في هذا الجزء الأخير من القرن العشرين، حاجة ماسة لتطور عقائدي كبير آخر. هذه الحاجة أوجدتها المعرفة المتزايدة لأصول المسيحية، تلك المعرفة التي أصبحت تستلزم الاعتراف بعيسى أنه كان (كما يصفه سفر أعمال الرسل: 2/21): " رجل أيده الله " لأداء دور خاص ضمن الهدف الإلـهي، و أن المفهوم المتأخر عن عيسى و الذي صار يعتبره " الله المتجسد و الشخص الثاني من الثالوث المقدس الذي عاش حياة إنسانية " ليس في الواقع إلا طريقة تعبير أسطورية و شعرية عما يعنيه عيسى المسيح بالنسبة إلينا ].
الفرق النصرانية الجديدة المنشقة عن الكنيسة،
و في الختام أشير إلى أن كثيرا من الفرق النصرانية الجديدة، التي انشقت عن الكنيسة في قرننا هذا و الذي سبقه، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، تتفق على إنكار إلـهية المسيح و إنكار التثليث و رفض فكرة: الله ـ الإنسان، و تنظر لبنوَّة المسيح لله على معنى مجازي لا حرفي، و من أشهر هذه الفرق الجديدة التي قالت بذلك :
1¨ فرقة الموحدين أو التوحيديين The Unitarians
2¨ فرقة شهود يهْوَه s Witnesses’ Jehovah
3¨ فرقة الروحيين The Spiritualist
4¨ فرقة العلم المسيحي The Christian Science
مع العلم أن لكل واحدة من هذه الفرق عشرات الكنائس و عشرات آلاف الأتباع من مختلف الطبقات، لا سيما الطبقات المثقفة العصرية، في الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من بلدان العالم الأخرى .








                    الباب الثالث                      
            الإسلام والديانات الأخرى
كما رأينا أن أصحاب الملل الأخرى ليس لديهم من الله جل وعلا العون الذى لدينا ولذا فلا   ينبغى أن نخشاهم . لأننا لانعبد إلا الله تعالى ومن ثم فلا نخشى إلا الله جل وعلا ولا ينبغى لمن يخشى الله تعالى أن يخشى أحد سواه وحتى لا يكون  الكلام مرسلا سنبين لك عزيزى القارئ سبب ضعفهم وهوانهم على الله ومن ثم وجب علينا ان نضعهم فى حجمهم الطبيعى لا إفراط ولا  تفريط
فنبدأ برسالة نبى الله موسى عليه السلام :فرسالة نبى الله موسى عليه السلام _كما أنزلت وكما يصورها القرآن الكريم _ تختلف عن "اليهودية" التي يتبعها اليهود والتي يتخذون منها أساساً في قيام دولة إسرائيل المعاصرة، يقول الله عز وجل في وصف رسالة موسى: أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة).
فقد وصف القرآن الكريم  "الكتاب الذى أنزل على نبى الله موسى عليه السلام" بأنه كان قبل القرآن إماماً للبشرية ورحمة لهم. وجاء القرآن  الكريم شاهداً عليه ومؤيداً لما جاء به وهو (أي القرآن الكريم ) لذلك إمام ورحمة للناس جميعاً.فقال تعالى
بينما يقول القرآن الكريم في وصف اليهودية من بني إسرائيل:-(وقالوا (أي أهل الكتاب) كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا!.فصحح القرآن الكريم ذلك النداء فقال تعالى قل: بل ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين وليس هذا فحسب بل قال تعالى  {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة136
ثم بين للمسلمين حقيقة هؤلاء فقال تعالى  "  {فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة137 {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ }البقرة138
ثم وضح سبحانه وتعالى ما يقولونه فقال جل وعلا {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة140
فالقرآن _فيما يحكيه عن المولى جل شأنه هنا _ لا يقبل اليهودية "أو النصرانية" كدين لهداية البشرية وإنما دين الله مصدر هدايته هو: "ملة إبراهيم حنيفاً".
فاليهودية أو "النصرانية" دين فريق مقيد من البشر، لقوله تعالى {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران67ولذا فهما ليسا الدين الذي هو للناس جميعاً، أو الدين الذي يقبل عند الله أو الدين الذي جاءت به الرسل جميعها.
ثم في قوله تعالى: (ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين).ينفي أن يكون إبراهيم عليه السلام يهودياً، ثم يثبت أنه كان مسلماً وهذا يوضح أن هناك إختلافاً وفجوة بين ما لليهود من يهودية... وبين ما عليه المسلمون من إسلام الذي هو رسالة الله منذ إبراهيم عليه السلام حتى محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
وتختلف اليهودية عن كتاب نبى الله موسى عليه السلام كما تختلف عن ملة إبراهيم عليه السلام، وعما أنزل إلى الرسل جميعاً: فكتاب موسى، ورسالة إبراهيم وما أنزل على الرسل من بعدهما هو الإسلام الذي جاء به القرآن مصدقاً لما بين يديه من هذه الرسالات.إذن: فالإسلام، هو الرسالة الإلهية منذ إبراهيم. حتى موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.
والسؤال الآن: بم تختلف اليهودية عن كتاب موسى؟
ويجيب القرآن الكريم أيضاً عن هذا السؤال في قول الله تعالى:(وقالت اليهود والنصارى: نحن أبناء الله وأحباؤه )وهذا إدعاء باطل ولذا رد عليهم القرآن الكريم بقول الله تعالى " قل{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } المائدة18
وليس هذا فحسب بل كان بنو إسرائيل يدعون أنهم أولاد إبراهيم عليه السلام ومن ثم فهم يزعمون أنهم  لا يعاقبون على ذنوب يرتكبونها، وإن عوقبوا عليها _على أسوأ الفروض _ فلمدة قصيرة. ولذا جاء القرآن _كرسالة لله _ ينفي هذا الإدعاء، ويؤكد أن الناس جميعاً سواء أمام الجزاء، وأنه لا فرق بين مجموعة وأخرى، ولا بين شعب وآخر في ذلك.
ولذا حين قالوا كما حكى القرآن الكريم عنهم قولهم  {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة80 ووضح سبحانه وتعالى الحقيقة بقوله سبحانه {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة81{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة82ومن ثم فشعب بني إسرائيل ليس شعباً "مختاراً"
والذين يكفرون "بروحية" الدين تحت تأثير الاتجاه المادي في الإيمان بالله، ويباشرون هذا الإتجاه في ارتكابهم الجرائم الإجتماعية رغم إعطائهم العهد والميثاق على عدم ارتكابها، لا يستبعد منهم أن يخالفوا هذه الروحية في تمييز أنفسهم عن سواهم بعد أن يعلنوا الإيمان بها:
1_ فقد طالبوا برؤية الله عياناً كطريق للإيمان به:
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153
_ وباشروا الجرائم الإجتماعية، رغم المواثيق المؤكدة على عدم ارتكابها:
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ }البقرة84{ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة85
_ واستمر شعب بني إسرائيل نفسه تحت تأثير "المادية" قروناً وأجيالاً عديدة حتى اليوم، رغم سلسلة من الأنبياء توضح لهم رسالة موسى عليه السلام ، ورغم أن عيسى عليه السلام جاء على أثرهم برسالة الله اليهم مرة أخرى فقال تعالى (وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقاً لما بين يديه) ورغم مناشدته إياهم أن يسمعوا لصوت الآيات،
ورغم توضيحه لما اختلفوا فيه عن كتاب الله: (وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل). (وإذ قال عيسى بن مريم: يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة).
ومما اختلفوا فيه عن كتاب الله قولهم، إنهم شعب الله المختار، ومع ذلك ظلوا ماديين ومدعين لأنفسهم بسبب ماديتهم ما يتفوقون به على غيرهم. ولهذا كانوا ظالمين لأنفسهم:
(ولما جاء عيسى بالبينات قال: قد جئتكم بالحكمة، ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه (أي عن كتاب الله) فاتقوا الله وأطيعون.
{إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }آل عمران51{فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }مريم37
فبنوا إسرائيل ظلوا مختلفين عن دين الله ورسالته على عهد موسى عليه السلام. ثم اختلفوا كذلك عن دين الله ورسالته على عهد عيسى عليه السلام : منهم من كفر به وبرسالته، ومنهم _وهم قلة _ أصبحوا حواريين له وهم الذين أخذوا إسم "النصارى" من أبناء هذا الشعب الإسرائيلي: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران52واختلافهم عن دين الله ورسالته _سواء على عهد موسى، أو على عهد عيسى عليهما السلام _هو على نحو إدعاءاتهم التي سجلها القرآن الكريم عليهم فيما يحكيه عنهم:
من قولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه).وقولهم: (لن تمسنا النارُ إلا أياماً معدودة).وقولهم: إن إبراهيم كان يهوديا، فيما ينفيه القرآن في قوله:(ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً، ولكن كان حنيفاً مسلماً).(وقولهم على مريم بهتانا عظيما).ومن قولهم: (إنا قتلنا المسيح بن مريم رسول الله).
(وأكلهم أموال الناس بالباطل)...
وقد جاء القرآن بعد ذلك يناشدهم عدم الغلو في الدين، وعدم اتباع الهوى. ولكن ظل نداؤه إياهم بغير جدوى. واستحقوا بسبب ظلمهم لأنفسهم واختلافهم عن دين الله اللعن من الله جلت قدرته:
(قل يا أهل الكتاب: لا تغلوا في دينكم غير الحق).(ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل).
_ فاستعلاء شعب إسرائيل اليوم في دولتهم المعاصرة على أساس من عقيدة اليهودية يحول دون أن يكون "الدين" من مقومات الدولة كدولة عصرية، يجب أن تسوي بين جميع الأفراد في الإعتبار البشري وفي حرية العقيدية.وتأثر شعب إسرائيل اليوم في دولتهم المعاصرة بالإتجاه المادي _الذي ظل طوال تاريخهم لا يجعل "اليهودية" أيضاً ديناً يعتبر أو لا يعتبر من مقومات دولة عصرية. أي أنه يحول دون إعتبار اليهودية ديناً أولاً.
اليهودية :-
فاليهودية إذن لا تصاحبها خصائص الرسالة الإلهية  أو خصائص دينية كالتى يتميز بها الإسلام  وأبرز هذه الخصائص.
أولاً: المساواة في الإعتبار البشري لقول الله تعالى : (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
وثانياً: "روحية" الدين وهي تلك الروحية التي تحول دون الجرائم الإجتماعية في الأموال والأعراض والأنفس والتي تحمل على تجاوز دائرة الطفولة البشرية في التفكير والإعتقاد.فلا يقف تفكير المؤمن بدين الله وروحية هذا الدين عند حد المحسوس والشاهد، كما لا يجمد إعتقاده وإيمانه بما يحسه فقط، ويرفض كل ما عدا المحس إن فكر أو اعتقد. ولذا يرفض الإيمان بالله لأنه لا يحس:(ذلكم الله ربكم، لا إله إلا هو، خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصارَ وهو اللطيف الخبير).لأنه إن أدرك الإنسان أن الله جل وعلا يراه فى سره وعلانيته وأنهة جل وعلا يعلم ( ما توسوس به نفسه ) حينها لا يقدم على أى عمل يضر به نفسه أو مجتمعه خشية من انتقام الحق سبحانه وتعالى منه او محا سبته إياه .
_ لأن الإتجاه المادي من شأنه أن يفرق حتى بين الإخوة، والدين من شأنه أن يكتل ويجمع حتى بين الأعداء: فقال تعالى  {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103
_كما أن الإتجاه المادي يشجع "الأنانية" و "الفردية". والدين يشجع روح الجماعة والمشاركة، على حساب الذات وشهواتها. والأنانية هي داء المجتمع وعدوه الأول.. وهي مصدر الخصومات والأحقاد.. وهي مصدر الإستغلال والإحتكار.. وهي مصدر العبث والفساد عن طريق الترف والمبالغة في المتعة المادية.. وهي مصدر القتل وإشاعة الفحشاء والمنكر.. كما أنها مصدر الشرك والإنتهازية والنفاق.
ولذا لا يصدق إطلاقاً أن أية إيديولوجية تدعو إلى المبادلة أو المنفعة المادية وحدها تصبح عقيدة أو ديناً، فضلاً عن أن تكون ذات أثر إيجابي في حياة من يدعي أنهم يؤمنون بها.. لا يصدق مطلقاً: أن مذهباً مادياً في الحياة يشيع روح الإنسانية أو يستهدف المستوى الإنساني في المجتمع.وهذا لأن الإتجاه المادي يطلب إقتناص الفرصة في جمع المال والمتع الدنيوية، والدين يطلب الزهد فيها لصالح الإيمان بالله والقيم العليا و يطلب التضحية حتى بالنفس بعد المال والولد.
و "اليهودية"  تدعي أنها دين "النخبة" ودين "الشعب المختار" ومن ثم حين أقامت دولتها العنصرية فكان الصراع الداخلي أشد وأعنف فيها، نتيجة لعوامل العنصرية والإنتهازية المادية.
ولكنها في الآونة الحاضرة لا يبدو عليها مظهر التفرق ولا التمزق الداخلي بسبب التركيز على "توسعاتها" وعلى ما يضمن لها شبه الإستقرار ويكفل لها أمنا خارجياً.وعوامل العنصرية إذا أوحت بها عقيدة كان تمزيقها للوحدة الداخلية أمراً لا مفر منه إن عاجلا أو آجلاً وعوامل الإنتهازية المادية لا تسبب فرقة الأنانية فحسب، وإنما مع ذلك تجعل الأخ يحقد على أخيه ويغدر به ويتسلط عليه إن أمكن، في سبيل تحصيل المتعة المادية.
متابعة اليهود للدين الإسلامي
_ ولنحاول أن نتعمق في التاريخ لنتعرف على متابعة اليهود للدين الإسلامي حتى نستطيع أن نحكم على هذه الطائفة.. في وضوح.. وعدل.. وعلى الدوام.. ومن خلال حياتهم عبر العصور لا من خلال فترة ما بعد البروتوكولات... وفقط..
-- لقد أثبتت الوثائق العلمية أن اليهود ترقبوا الدين الإسلامي.. ومطلع الدعوة المحمدية.. حتى أنهم تركوا الأرض.. واتجهت عناصرهم المفكرة والرئيسية إلى الصحراء القاحلة في المدينة، وبالقرب من مكة.. وزعموا أنهم جاءوا إلى هذه المنطقة.. تاركين خلفهم الأرض السهلة والبلاد الخصبة..
-- إنتظاراً لنبي سيظهر في هذه الأرض.. فيتبعونه لأن كتبهم تنبئهم بذلك.. قالوا هذا لقبائل العرب.. فتركوهم وشأنهم إذ أنهم أهل إيمان بالله والعرب قوم وثنيون..
ولكن اليهود.. بعد أن استقر بهم الأمر.. بدأوا يقيمون الحصون.. ويوسعون في رقعة أرضهم.. ويعملون فيما لا يعمله العرب ويكونون الثروات، ويتدربون على القتال وإستعمال الأسلحة.
ولما أثار هذا شك العرب، واستفسروا عنه، خاصة وأن أحداً لم يحتك بهم أو يحاول الإعتداء عليهم كانوا يجيبون بما لا يضمرون..
-- أما الحقيقة.. فهي ملاقاة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته.. وحتى يمثلوا معه صلى الله عليه وسلم  دورهم مع المسيح عليه السلام فيقاتلونه . ويشرعون في قتله إن استطاعوا.. لكيلا ينتشر دينه، وليخلو لهم الجو مع الدين الجديد يصارعونه ويقتلون قادته ثم يقضون عليه تماما.. لأن الإسلام كما أنه أخر دين فهو دين آخر.. يختلف عنهم، وعن المسيحية، في انتشاره وتعمقه في النفوس.. قضاء على ما سواه..
هكذا كانوا يفكرون.. ومن أجل هذا كانوا يعملون ويستعدون ولم يتبع اليهود النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا بالإسلام وإنما كانوا حرباً عليه من اللحظة الأولى.. ولكن الأمر إنتهى بهم من غير طائل.وانتشر الإسلام وقويت جماعة المسلمين  وتحرك اليهود يكشفون عن نياتهم ومؤامراتهم، ويواجهون المسلمين في وضوح وصراحة بالعداء.. ويؤلبون عليهم العرب.. وينضمون إليهم في قتالهم للمسلمين.
-- ومن خلال المرور العاجل لوصف القرآن الكريم لهم، تبرز بعض جوانب مؤامرة اليهود ضد المسلمين الأول وقد قضى الله سبحانه وتعالى على هؤلاء اليهود في حروب المسلمين معهم سواء مع بني قينقاع أو بني النضير أو بني قريظة، وأخيراً في خيبر..ومن هذا المنطلق والوضع.. نجد صفات اليهود التي يحذر القرآن المسلمين منها ويعلمهم إياها.
فمن هذه الصفات الكثيرة التي ذكرها لنا القرآن الكريم:
-- الغرور والصلف
إنهم مغرورون.. فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم  مرة إلى حيث يتعبد اليهود يتدارسون كتابهم، ودعاهم النبي إلى الإسلام فصمتوا، ولم يتحدث واحد منهم، ثم بدد الصمت النعمان بن عمرو والحارث بن زبير إثنان من أحبار اليهود ليسألا سؤالا غريباً: "على أي دين أنت يا محمد؟".
فيقول لهم الرسول "على ملة إبراهيم ودينه.." فيجيبان: "إن إبراهيم كان يهودياً".
فيسألهما النبي عن أي سند لهما فيما يقولان وعمن تعلماه وأين وجداه؟ فيجيبان أنهما يجدانه في كتابهما المقدس، فيرد عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم "فهلم إلى التوراة فهي بيننا وبينكم.." فرفضا.. لينتهي هذا اللقاء كما بدأ من غير طائل.. ولينزل قول الله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ }آل عمران23
السفه والغباء
ويصفهم القرآن مرة أخرى بأنهم سفهاء إذ عندما استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه وتحولت القبلة من المسجد الأقصى الحرام.. صعق اليهود، وسارع وفد من أحبار اليهود إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم ليساوموه على أن يعود إلى القبلة الأولى، وهم يدخلون في الدين الإسلامي، وظلوا يساومون النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم  يقول لهم: إن هذا هو أمر الله.. ولا يملك إلا طاعته.. ولم يقتنعوا ولم ييأسوا، وانصرفوا غاضبين مقهورين، لينزل فيهم قول الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة142 {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }البقرة143
وأتباع شياطين:
وأشمل الأوصاف.. من بين أوصاف عديدة يذكرها القرآن الكريم لليهود.. أنهم أتباع الشياطين، وكان هذا إثر محاورة مع النبي صلى الله عليه وسلم  يذكرها عبد الله بن عبد الرحمن فيقول: أن نفراً من أحبار اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقالوا: يا محمد أخبرنا عن أربع نسألك عنها، فإن فعلت ذلك إتبعناك وصدقناك وآمنا بك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  عليكم بذلك عهد الله وميثاقه.
قالوا: نعم.
قال: فاسألوا عما بدا لكم.
قالوا: فأخبرنا كيف يشبه الولد أمه. وإنما النطفة من الرجل.
فقال لهم: هل تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة فأيتهما علت صاحبتها كان لها الشبه.
قالوا: اللهم نعم..
قالوا: فأخبرنا كيف نومك؟
قال: تنام عيني وقلبي يقظان.
قالوا: فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه.
قال: هل تعلمون أنه كان أحب الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها وأنه اشتكى شكوى فعافاه الله منها فحرم على نفسه الطعام والشراب من الابل
فقالوا: اللهم نعم.
قالوا: فأخبرنا عمن يأتيك بالوحي..
قال: هل تعلمونه جبريل وهو الذي يأتيني.
قالوا: اللهم نعم ولكنه يا محمد هو لنا عدو لأنه إنما يأتي بالشدة وبسفك الدماء ولولا ذلك لاتبعناك.
فانصرفوا. لينزل الله قوله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }البقرة97إلى قوله تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }البقرة100{وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }البقرة101 {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }البقرة102

ولليهود أوصاف قبيحة، وأخلاق ذميمة مرذولة، والكتاب والسنة حافلان في بيان ذلك. كما أن شواهد التاريخ والواقع شاهدان على اليهود بالسوء والفساد. ..فمن أخلاقهم وصفاتهم على سبيل الإجمال:
الوقاحة والجرأة
بوقاحة مُتوقعة ومُعتادة من كيان يهود الغاصب لأرض فلسطين المباركة، قرر رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، يوم الأحد الموافق  21/2/2010 اعتبار المسجد الإبراهيمي في الخليل، ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم، ضمن المناطق التراثية "الإسرائيلية"، في خطوة تأتي تعبيراً وتأكيداً على الأمر الواقع الذي فرضه كيان يهود منذ أمد بعيد.
فالمسجد الإبراهيمي في الخليل ومنذ أن ارتكب باروخ غولدشتاين مجزرته في 25 شباط 1994 التي راح ضحيتها عشرات المسلمين الساجدين لربهم، منذ ذلك الحين ودولة يهود تسيطر على المسجد سيطرة كاملة بعد أن قسمته إلى جزأين، أحدهما للمصلين المسلمين والآخر لليهود، وتستمر في مصادرة الأراضي من حوله وتضع الحواجز والعراقيل أمام المسلمين لمنعهم من الوصول إلى المسجد، إضافة إلى منع رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي، ووضع البوابات الحديدية عليه. وأما مسجد بلال فهو يشكل جيبا ليهود في مدينة بيت لحم.
إنّ هذه الخطوة من كيان يهود تأتي إمعاناً منهم في إهانة الأمة الإسلامية وتمريغ أنف السلطة وحكام العرب والمسلمين الذين يقفون مواقف الذل والتوسل أمام صلف وعنجهية يهود المتكررة. فالسلطة الفلسطينية لم يتعد موقفها سقف الاستنكار الذي يتلاشى ويذوب أمام اليد الذليلة الممدودة للسلام، وأما حكام الضرار "فأشجعهم" من استنكر الحدث واعتبره دليلاً على عدم جدية يهود في السلام، إمعاناً من الحكام في تضليل الأمة وحرفها عن الطريقة التي تليق في التعامل مع يهود، والبقية كعادة أهل القبور، صمتٌ وركود.
ولذا لم يعد هناك مبرر من الخوف لا من اليهود ولا من يعاونهم من نصارى فعلى كل حال، فلسطين وأهلها لا يحتاجون إلى الحكام ليتوسلوا يهود من أجل أن يتوقفوا عن بناء المستوطنات ووقف الانتهاكات وعمليات التهويد، بل يحتاجون إلى من يحررهم وأرضهم من دنس يهود، وهذا يلزمه تحرك جيوش المسلمين، لا دبلوماسييهم. فمشكلة المسلمين في فلسطين ليست في الحدود والتفاصيل الجانبية التي أضاعت أصل القضية، بل هي في وجود هذا الكيان السرطاني الغاصب لأرض المسلمين والمُنتهك لحرماتهم ومقدساتهم. إنّ موقف الاستخذاء الذي اعتاد عليه قادة السلطة وحكام المسلمين أمام كل الانتهاكات والتحديات من كيان يهود هو ما جرّأ يهود علينا، فلو رأى قادة يهود موقف عزةٍ واحد من حكام المسلمين لتزلزلت الأرض من تحت أقدامهم، ولكن أنى لحكام الضرار أن يقفوا موقفاً يشرفهم وقد ألفوا خيانة الله ورسوله والمؤمنين.
إنّ هذه الحادثة لتدلل للمرة بعد الألف على حاجة الأمة الإسلامية إلى حكامٍ حقيقيين يقودونها إلى ما يحب الله لنا، نصرٍ وعزةٍ في الدنيا وجنةٍ في الآخرة. فيا جيوش المسلمين تحركوا لنصرة  الأقصى وأزيلوا عروش الظالمين، ويا أهل القوة والمنعة ( انصروا الله ينصركم )
جبناء وأذلاء
ـ من فرط جبهم وخوفهم كانوا إذا خافو من شئ عبدوه فعبدوا الحيات وعبدوا العجل وعبدوا عشتار غيرهم من الأوثان التى نهاهم الله عنها لأنهم كانوا يتجهون إلى التعدد والتجسيم والنفعية، مما أدَّى إلى كثرة الأنبياء فيهم؛ لردهم إلى جادة التوحيد كلما أصابهم انحراف في مفهوم الألوهية.
  ـ اتخذوا العجل معبوداً لهم بُعَد خروجهم من مصر، ويروي العهد القديم أن موسى قد عمل لهم حية من نحاس، وأن بني إسرائيل قد عبدوها بعد ذلك، كما أن الأفعى مقدس لديهم؛ لأنها تمثل الحكمة والدهاء والفتك أيضا كما أنها ليس لها حبيب ولا صديق حميم .
  ـ الإله لديهم سموه يهوه، وهو ليس إلهاً معصوماً، بل يخطئ ويثور، ويقع في الندم، وهو يأمر بالسرقة، وهو قاس، متعصب، مدمر لشعبه، إنه إله بني إسرائيل فقط، وهو بهذا عدو للآخرين، ويزعمون أنه يسير أمام جماعة من بني إسرائيل في عمود من سحاب.
مظاهر انحراف عقيدتهم:
وإليك عزيزى القارئ فى عجالة بعض الأسباب التى أدت بهم إلى هذا الإنحراف فى العقيدة ومن ثم البعد عن منخج الله جل وعلا :
1- الشرك بالله في العبادة, كاتخاذهم العجل... .
2- نسبتهم الابن إلى الله : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ } [التوبة: 30].
3- جرأتهم على الله تعالى، كقولهم: { إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء }. [آل عمران: 181] وقولهم: { يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ } [المائدة: 64].
4- القول على الله  بغير علم: { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80], {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [البقرة: 111].
5- زعمهم أن الله تعالى تعب من خلق السموات والأرض, فردَّ الله عليهم بقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوب}. [ق: 38] وذلك لكمال قوته وقدرته.
6- زعمهم أن الله ندم على خلق البشر، ومرض حتى عادته الملائكة، وأنه بكى حتى رمد من كثرة البكاء، لما رأى من معاصي البشر.
7- فساد اعتقادهم في وحي الله وكتبه، حيث اعتقدوا أن الله لم ينزل شيئاً {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون} [الأنعام: 91].
8- فساد اعتقادهم في النبوة والأنبياء، ومن ذلك أنهم يرون أن النبوة لا يستحقها إلا من كان منهم، ويرشحونه للنبوة, لذلك إذا جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون.ومن مظاهر انحراف عقيدتهم في النبوة والأنبياء أنهم نسبوا للأنبياء والمرسلين أعمالاً قبيحة فمن ذلك قولهم كما جاء في كتبهم  :
أ - إن نبي الله هارون عليه السلام صنع عجلاً وعبده مع بني إسرائيل، (إصحاح 32 عدد 1 من سفر الخروج). وقد بيَّن الله ضلالهم في القرآن عندما أخبر أن الذي صنع لهم عجلاً هو السامري.
ب - إن إبراهيم عليه السلام قدَّم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال الخير بسببها. (إصحاح 12 عدد 14 من سفر التكوين).
ج - ومن ذلك قولهم: إن لوطاً شرب الخمر حتى سكر ثم قام على ابنتيه، فزنى بهما الواحدة تلو الأخرى, ومعاذ الله أن يفعل لوط ذلك، وهو الذي دعا إلى الفضيلة طوال عمره. (سفر التكوين إصحاح 19 عدد 30).
د - وإن روابين زنى بزوجة أبيه يعقوب، وأن يعقوب عليه السلام علم بهذا الفعل القبيح فسكت. (سفر التكوين إصحاح 31 عدد 17).
هـ - وإن داود عليه السلام  زنى بزوجة رجل من قواد جيشه، ثم دبر حيلة لقتل الرجل، فقتله، وبعدئذ أخذ داود الزوجة وضمَّها إلى نسائه فولدت سليمان. (سفر صموئيل الثاني إصحاح 11 عدد 1).
و- وإن سليمان عليه السلام ارتد في آخر عمره، وعبد الأصنام وبنى لها المعابد. (سفر الملوك إصحاح 11 عدد 5).
هذه بعض المخازي والقبائح التي نسبتها هذه الأمة الغضبية إلى أنبياء الله الأطهار, وحاشاهم مما وصفوهم به, وقد فعل اليهود ذلك لمرض قلوبهم وخبث نواياهم، وليسهل عليهم تسويغ ذنوبهم ومعايبهم عندما ينكر عليهم منكرٌ، أو يعترض عليهم معترض.
9- فساد اعتقادهم في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم : ومن ذلك إنكارهم وجحودهم لنبوته مع علمهم بذلك حقًّا: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام: 20].
10- فساد اعتقادهم في الملائكة: حيث يزعمون أن جبريل وميكائيل من أعدائهم, وقد بيَّن الله تعالى ذلك وتوعَّدهم، فقال: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِين} [البقرة: 98].
 11- فساد عقيدتهم في اليوم الآخر: فهم يزعمون أنه لن يدخل الجنة إلا من كان من اليهود, وأن العاصي منهم مهما فعل من المعاصي والآثام فلن يدخل النار إلا أياماً معدودات. وقد كذَّبهم الله تعالى بقوله: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} [البقرة: 111].
وقال: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون} [البقرة: 80].
12- زعمهم أنهم هم أصحاب الحق: {وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} [البقرة: 135].
13- تنقصهم لله تعالى وكذبهم عليه: ومن ذلك قولهم:
أ - النهار اثنتا عشرة ساعة في الثلاثة الأولى منها يجلس الله ويراجع الشريعة، وفي الثلاثة الثانية يحكم، وفي الثلاثة الثالثة يطعم العالم، وفي الثلاثة الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت والأسماك.
ب - ليس الله معصوماً من الطيش والغضب والكذب. (حاشاه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا )
 ج - أرواح اليهود مصدرها روح الله، وأرواح غير اليهود مصدرها الروح النجسة.
د - خلق الله الناس باستثناء اليهود من نطفة حصان، وخلق الله الأجنبي على هيئة إنسان؛ ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهم.
هـ - اليهودي معتبر عند الله أكرم من الملائكة.
و- لو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة في الأرض، ولما خلقت الأمطار والشمس.
لماذا ؟
والعجيب أنه رغم كل ما سبق وما ذكرناه  عن اليهود وإخوانهم النصارى يتساءل البعض أحيانا: لماذا يحمل المسلمون هذا الحنقَ ضد اليهود؟ هل هذا بسبب التعصب أم له ما يبرره؟
يتحدث بهذا بعض الأوروبيين الذين يعيشون في عالم وَهْمِيٍّ من الحضارة، بينما يغفلون عن الحقائق التي غيبهم عنها الإعلامُ والسياسةُ الموجَّهة بكل خبث واقتدار؛ لتجعل منهم قطيعا مسوقا؛ بينما هم في غفلة عن ذلك الإطار المرسوم الذي لا يملكون الخروج عنه.
أقول: يردد تلك المقولة أناس منهم؛ لأنهم لم يطلعوا على الواقع، ولم يُخبَروا حقائقَ التاريخ، ولم يستضيئوا بهدي الدين؛ ولأن لدينا بعض الببغاوات، فإن جهلتهم إلى وقت قريب ظلوا يرددون ذلك الاستغراب بكل سذاجة -أو قل عَمَالة- لذا قلتُ: فلأُجَلِّي شيئا من أسباب لعن اليهود، ولأُجِيبَ على هذا السؤال: لماذا ننقم على اليهود بهذه الطريقة؟
وأقول أولا: إننا لا نفعل ذلك لمجرد كونهم أتباع دين؛ فنحن نعلم بأن الله -تعالى- لم يكلفنا بإجبار غيرنا على اتباع ديننا أو ترك دينه، وإنما نحن هنا نتحدث عن واقع مادي، وواقع فكري هو الذي حدا بنا إلى النظر إليهم -أو إلى من يقر منهم بهذا وهم الأكثرية- بهذه الطريقة.
ولا يحتاج المرء إلى كثير استدلال بالواقع المادي ليرد على هذا التساؤل واصفا ما يفعلونه من ظلم غشوم، وقتل بلا مبرر، وغرور حقير يدعمه دائما الاستتار بالأقوياء والتقوي بهم، وهذا الأذى يـُعجل لهم بعقوبة الله ولا بد؛ مما يحدث في فلسطين ولبنان، لكن دعونا نتناول الأمر أيضا من الناحية الشرعية -أي الواقع الفكري-، فقد فعل اليهود أشياء كثيرة متجرأة على الدين نفسه -دينهم هم-،  وأفسدوا في الأرض أيضا فسادا عظيما؛ فاستحقوا بذلك عقاب الله -تعالى- ولعنته.
ولك أن تتخيل أي فساد فيهم، وأي ظلم منهم يجعل ربهم -وهو أرحم الراحمين ورب العالمين ورحمته وسعت كل شيء- يلعنهم ويغضب عليهم، بل ويمسخ بعضا منهم.
 فقد ورد لعن اليهود في القرآن الكريم في آيات كثيرة منها قول الله -تعالى-: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(المائدة:78)، وقوله -تعالى-: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)(المائدة:60.
والآن دعنا نذكر تحديدا بعض تلك الأسباب التي استحقوا بها هذا العقاب:
  -1 كفروا بآيات الله وتبع ذلك جرأتهم على الأنبياء واعتدائهم عليهم؛ قال -تعالى-: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(البقرة:61.
  -2 آمنوا بالجبت والطاغوت، وكفروا بالله -تعالى-؛ حتى إنهم -وبكل حقد وحسد- زينوا لكفار قريش الاستمرارَ على رفضهم وكفرَهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما استشارتهم قريش، فقالوا لهم: أنتم أهدى من محمد -صلى الله عليه وسلم- سبيلا، بينما هم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وكانوا يتوعدون سكان المدينة ببعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبأنهم سيتبعونه، فلما جاءهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفروا به؛ قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلا . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا)(النساء:51-52
 - 3عبدوا العجل من دون الله بعد أن أنجاهم الله -تعالى- من الغرق وعاينوا بأنفسهم النجاة؛ قال -تعالى-: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ)(الأعراف:14.
  -4 نبذوا كتابَ اللهِ وراء ظهورهم، وصدوا عن سبيله، واتبعوا الشياطين، قال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(البقرة: 101).
  -5 رفضوا التحاكم إلى كتاب الله، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(آل عمران:23
وذكر النقاش أن هذه الآية نزلت لأن جماعة من اليهود أنكروا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: هلموا إلى التوراة ففيها صفتي فأبوا. كما أنهم كانوا يأبون أي دعوة للتحاكم إلى شريعتهم -وليس إلى شريعتنا- إن تعارض ذلك مع أهوائهم،
 وهذا يجرنا إلى النقطة التالية:
وهي أنهم حرفوا كلام الله وبدلوه، وبدلوا حكم الله، فجاملوا الشرفاء، وأقاموا الحد على الضعفاء؛ قال -تعالى-: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) (النساء:46)
 فلأنهم أصحاب تجرؤ على الله -تعالى- فإنهم لا يتورعون عن مخالفة حكمه في العقائد أو الأوامر؛ لاسيما الحدود التي يكون فيها عقابا يؤذي بعض أصحاب النفوذ فيهم، وكلمتهم الكاشفة عن شديد التبجح والجرأة أنهم يقولون: سمعنا وعصينا، وهو مزيد حمق وجهل بالله وقدرته عليهم -نعوذ بالله من الخذلان، ومن الجرأة عليه-.
 ومما استحقوا به اللعن أنهم كتموا الحق وهم يعلمون، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(البقرة:146) وقد كانوا يعرفون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم- فجحدوها وأنكروها بالرغم من أنهم يعرفون صفته كما يعرف الإنسان ولده، وخص الأبناء في المعرفة بالذكر دون الأنفس وإن كانت ألصق؛ لأن الإنسان يمر عليه من زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه.
وروي أن عمر قال لعبد الله بن سلام -رضي الله عنه-: "أتعرف محمدا -صلى الله عليه وسلم- كما تعرف ابنك؟ فقال: نعم وأكثر، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه".
6  - تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فلعنهم الله على لسان داود وعيسى ابن مريم -عليهما السلام-، قال -تعالى-: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:79
 -7 أكلوا الربا وكلَ حرام: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا . وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)(النسـاء:160-161
8 - قالوا على الله الكذب؛ فقاموا بتحريف الكتاب، وقالوا: إنـَّهُ من عند الله، ولهذا فضح الله حالهم بقوله -تعالى-: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78.
9  - ومن إساءة أدبهم وسوء عقائدهم أنهم نسبوا لله -تعالى- كل نقيصة فوصفوه بالبخل -وهم أرباب البخل على مر العصور-، قالوا: ( يدُ الله مغلولة )  فلعنوا؛ لذلك قال -تعالى-: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) (المائدة:64.
 -10 وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، ولقد سجل القرآن هذا القول البشع أيضاً (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (آل عمران:181)، فهل يطمعون بعد كل هذه الإساءات المتوارثة عبر العصور في رحمة أم عذاب؟!
 -11 وقالوا: نَحْنُ أبناء الله وأحباؤه، ولقد سجل الله -عز وجل- قولهم هذا في القرآن الكريم، وبيَّن كذبه؛ فقال: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ)(المائدة:18)، وهذا هو عجب العجاب كما يقال، فبعد كل فسادهم وضلالهم يعتقدون أنهم أفضل خلق الله، ولا تزال تلك العقيدة تحركهم وترسم خططهم، وتذكي نار حقدهم على البشر الذين من وجهة نظرهم لا يستحقون الحياة إلا أن يكونوا خدما لهم!
وليس هذا فحسب بل إن مما استحقوا به اللعن وغضب الله عليهم ما رددوه من افتراءات متتالية:
1-فقد افتروا على الله الكذب -كما مر بنا- بتحريف دينه عن علم منهم، أو بالقول عليه بغير علم، وكلا الخصلتين سوء وظلم، ونضيف إلى تلك الافتراءات أنهم جعلوا لله ولداً -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- فقالوا: عزير هو ابن الله (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(التوبة:30
2- من أسباب لعنهم: كثرة افتراءاتهم، وأنهم لا يتورعون عن قذف أطهر الناس بأفحش الصفات حتى آذوا الأنبياء بهذا، وفيما يسمى "العهد القديم" من ذلك مخازٍ كُثْرٌ منسوبة لأنبياء كرام مثل: نوح ولوط -عليهما السلام- وغيرهما، وكذلك ما نسبوه لمريم الطاهرة حيث بلغ من إثمهم أنهم كذبوا عليها فرموها بالفاحشة النكراء -والعياذ بالله-، وهي الطاهرة العفيفة التي اصطفاها الله وطهرها وفضلها على نساء العالمين، وسجل القرآن ذلك: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا)(النساء:156
3- ومن افترائهم على الله وتهاونهم بأمره -تعالى-؛ ما كان من جرأتهم على أنبيائه، فهم قتلة الأنبياء كما قال -تعالى-: (سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (آل عمران:181)، فقتلوا زكريا ويحيى -عليهما السلام-، وادعوا قتل المسيح -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)(النساء:157-108)، وفي تلمودهم المكذوب يؤكدون على أنهم قتلوه وصلبوه حيث يقولون: "أخيراً لقي ميتةً حقيرةً بشنقه على صليب في ليلة عيد الفصح اليهودي، وذلك عقاباً له على جرائمه وعقوقه".
4- وحاولوا اغتيال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهنا دعنا نمر على بعض تلك المحاولات الآثمة  وأبرزها:
أ- محاولة يهود بني النضير قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- بإلقاء صخرة عليه وهو جالس إلى جنب جدار بيت من بيوتهم.
ب- محاولة قتله -صلى الله عليه وسلم- بالسحر على يد الساحر اليهودي لبيد بن الأعصم، وقد وردت هذه القصة في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
ج- محاولة قتله بالسُّم، وجاءت هذه القصة في الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
5- ومن أسباب لعنهم أيضا أنهم اعتدوا في السبت الذي حرم الله عليهم العمل فيه فاجتهدوا في المخالفة والاستهزاء، وكان منهم أصحاب القرية، ومنهم من مسخه الله -تعالى- قردة وخنازير، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة:65
6- ومن أسباب لعنهم أيضا أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فعظموها حتى عبدوها من دون الله -تعالى-، فبدلا من أن تكون مكانا للعبادة والطاعة إذا بهم يحولونها إلى مقر للشرك والفتنة والصد عن سبيل الله، وعليهم بذلك إثم من اقتدى بهم وتشبه بأحوالهم ممن جاء بعدهم؛ فقد روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ. يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا) متفق عليه.
فتلك إذن بعض أسباب لعنهم.. ولعن من تشبه بهم وركن إليهم، وفعل مثل ما فعلوا.
هم استحقوا اللعن بأسباب فلم يظلمهم الله -تعالى-، ولم يظلمهم المسلمون، بل وفوا لهم وأدوا ما عليهم؛ فلم يجدوا إلا الخيانة والأذى، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
ونحن هنا نذكر ذلك ليس معاداة لجنسهم -فقد استوعبت حضارتنا من أسلم منهم-، وإنما نذكر ذلك لنعتبر، ولنعلم أنهم لم يلعنوا لذواتهم وإنما بسبب ما اقترفوه لنأخذ الحذر من تلك الخصال وننتبه لكيدهم، وظلمهم. فلنحذر من كيدهم، ولنبتعد عن خصالهم، تكن لنا السلامة والخير في الدنيا والآخرة.
خصال اليهود في القرآن الكريم
ولليهود فى القرآن الكريم خصال نذكرها ليعلم أهل أمتنا الحبيبة أن اليهو  ومن شابههم ما هم إلا كالأنعام بل أضل ومن ثم لا نخشاهم فهل تخشى الأنعام ؟ وإليك عزيزى القارئ بعض هذه الصفات
 -1  فهم كالحمير لا يفقهون :
قال تعالى:[مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين، سورة الجمعة آية 5-.
 - 2محرفون مزيفون عصاة:
قال تعالى:[من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وأنظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا]النساء آية 46
3 - سماعون للكذب أهل فتنة :
قال تعالى:[ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة41
 -4العدو الأول لأهل الإيمان:
قال تعالى:[لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا،ولتجدن أقربهم مودة للذين قالوا أنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وإنهم لا يستكبرون]المائدة81
6 - مستكبرون حمقى:
قال تعالى:[يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون]آل عمران 70
 -7المكذبون للرسل والقتلة:
قال تعالى:[لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون]المائدة 70.
8 - الآثمون المعتدون آكلوا السحت:
قال تعالى:[وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون]المائدة 62.
 -9سفلة يتطاولون على الله عليهم اللعنة:
قال تعالى{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }المائدة64
  -10قردة وخنازير وعبيد للطواغيت عليهم اللعنة:
قال تعالى:[قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل]المائدة 60
 -11المصّرون على المنكر بئس القوم اليهود:
قال تعالى:[كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون]المائدة 79.
 -12سخط الله عليهم:
قال تعالى:[ترى كثيراً منهم يقولون الذين كفروا لبئس ما قدمت أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون]المائدة 80.
 -13يأكلون أموال الناس بالباطل ويتعاملون بالربا:
قال تعالى:[فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ويصدهم من سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً]النساء 160.
 - 14ملاعين على السنة الأنبياء لعصيانهم وعدوانهم:
قال تعالى:[لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون]المائدة 78.
 -15صم وعمي مكذبون ومجرمون:
قال تعالى:[لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون]المائدة 70-71.
 -16قلوبهم مسودة قاسية:
قال تعالى:[أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون]البقرة87-88.
 -17جبناء ظلمة:
قال تعالى:[قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة] البقرة 94.
 -18حمقى أغبياء تحسبهم متحدين والحقيقة أنهم شتات:
قال تعالى:[لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون]الحشر 14.
 ومن صفات اليهود وأخلاقهم أيضا :
والعجيب إن أردنا أن نعدد أوصاف اليهود الغريبة وأخلاقهم العجيبة ما انتهينا فبعدما قدمناه وبيناه اليك عزيزى القارئ صفاتا أخرى لنعلم أنهم وأعوانهم كما حكى عنهم القرآن الكريم ( يا أهل الكتاب لستم على شئ ) ومن ثم فلأى سبب نخشاهم أو أن نعمل لهم حسابا ؟
1ـ فهم يتصفون بكتمان الحق والعلم، حتى وإن كان وحياً منزلا من الله تعالى لهم، فإنهم لا يتورعون عن جحده وكتمانه ما دام لا يخدم أغراضهم وغاياتهم الفاسدة، قال الله تعالى عنهم يعاتبهم على ذلك: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون} [عمران: 71].
2ـ كما أنهم يتصفون بالخيانة والغدر والمخادعة، فهم بجهلهم وغرورهم يخادعون الله تعالى وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، فقد خانوا موسى عليه السلام، وخانوا الله ورسوله في المدينة حيث نقضوا عهدهم، وحالفوا المشركين، وهموا بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أجلاهم من المدينة.
3ـ والحسد: فهم يحسدون الناس على كل شيء حتى على الهدى والوحي المنزل من الله رحمة للعالمين، قال الله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [ البقرة: 109]. وقال تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ } [ النساء: 54].
4ـ ويتصفون  بالإفساد وإثارة الفتن والحروب: قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم ما أنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين} [المائدة: 64].
5ـ ويتجراؤن على تحريف كلام الله تعالى وشرعه، والكذب على الله بما يتفق مع أهوائهم وأغراضهم الفاسدة، فقد قال تعالى عنهم: { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } [المائدة: 13].
ثم هم يبتدعون كلاما وشرعا ويوهمون الناس بكلامهم المزيف أنه منزل من الله، قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]
وإذا لم توافق أحكام الشرع أهواءهم تحايلوا في انتهاك حرمات الله، قال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما): (( قاتل الله اليهود حرَّم الله عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها)). هذا لفظ مسلم  كما حصل منهم في قصة اعتدائهم في السبت.
6 ـ كما أنهم يتصفون بالبذاءة وسوء الأدب: وهذا ناشئ عن احتقارهم لغيرهم من الأمم والشعوب، بل إنهم ليحتقرون أنبياء  الله تعالى ويسخرون منهم، فقد كانوا يمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون له: (السام عليك). فقد روى مسلم عن جماعة من الصحابة ((أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم  جماعة من اليهود فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم.  قال: وعليكم)). 
ولذلك صح في السنة أن يردَّ المسلم على الكافر إذا  سلَّم عليه بقوله:  (وعليك). ليردَّ التحية بمثلها، والمبادر بالسوء أظلم.
6ـ واحتقار الآخرين: فهم يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأنهم أولياء الله وأحباؤه، وأنهم وحدهم أهل الجنة والمستحقون لرضا الله ورحمته، ويسمون غيرهم من النصارى والمسلمين وسواهم (الأمميين) أو الأميين؛ لذلك هم يستبيحون أموال الآخرين ودماءهم وأعراضهم، بل يرون أنهم كالأنعام مسخرة لليهود، وذكر الله عنهم بأنهم يقولون: { لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ }. [ آل عمران: 75].
أي: ليس علينا حرج إذا أخذنا أموالهم واغتصبنا حقوقهم وجعلناهم فريسة لنا.وقد ذكروا ذلك أيضا في مخططاتهم يقولون:  (إن الأمميين (غير اليهود) كقطيع من الغنم وإننا الذئاب، فهل تعلمون ما تفعل الغنم حينما تنفذ الذئاب إلى الحظيرة) 
7ـ ويتصفون بقسوة القلوب: وقد جاء ذلك عقوبة من الله تعالى لهم على مخالفتهم لأوامره، وكثرة شغبهم على رسله، قال تعالى: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } [المائدة: 13]. وقال: { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } [ البقرة: 74].
8ـ ويتصفون كذلك بالجشع والطمع والحرص على الحياة الدنيا، قال الله تعالى: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ } [البقرة: 96].
9ـ وكراهية المسلمين والكيد الدائم لهم: قال الله تعالى: { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [ المائدة: 82] .
 10-ويتصفون بالغباوة: -
- وأما عن الغباء فهى صفة أصيلة فيهم فقد حكى الله جل وعلا عن جهل أسلافهم وغباوتهم وضلالهم ما يدل على ما وراءه من ظلمات الجهل التي بعضها فوق بعض، ويكفي في ذلك عبادتهم العجل الذي صنعته أيديهم من ذهب، ومن عبادتهم أن جعلوه على صورة أبلد الحيوان وأقله فطانة، الذي يضرب المثل به في قلة الفهم . - فانظر إلى الجهالة والغباوة المتجاوزة للحد، كيف عبدوا مع الله إلهاً آخر وقد شاهدوا من أدلة التوحيد وعظمة الرب وجلاله ما لم يشاهده سواهم ؟!  وللأدلة على جهلهم عدة أمور :
-- اتخذوه ونبيهم حي بين أظهرهم .
--  لم يتخذوه من الملائكة المقربين ولا من الأحياء الناطقين، بل  من الجمادات!
- لم يتخذوه من الجواهر العلوية كالشمس والقمر والنجوم، بل من الجواهر الأرضية! 
- لم يتخذوه من الجواهر التي خلقت فوق الأرض عالية عليها كالجبال ونحوها، بل من جواهر لا تكون إلا تحت الأرض، والصخور والأحجار عالية عليها!
- لم يتخذوه من جوهر يستغني عن الصنعة وإدخال النار وتقليبه وجوهاً مختلفة وضربه بالحديد وسبكه، بل من جوهر يحتاج إلى الأيدي له بضروب مختلفة وإدخاله النار وإحراقه واستخراج خبثه!
-  لم يصوغوه على تمثال ملك كريم ولا نبي مرسل ولا على تمثال جوهر علوي لا تناله الأيدي بل على تمثال حيوان أرضي.
- وإذ قد فعلوا لم يصوغوه على تمثال أشرف الحيوانات وأقواها وأشدها امتناعاً من الضيم كالأسد والفيل ونحوهما، بل صاغوه على تمثال أبلد الحيوان وأقبله للضيم والذل بحيث يحرث عليه الأرض، ويسقى عليه بالسواقي والدواليب، ولا له قوة يمتنع بها من كبير ولا صغير.
فأي معرفة لهؤلاء بمعبودهم ونبيهم وحقائق الموجودات ؟ وحقيق بمن سأل نبيه أن يجعل له إلهاً فيعبد إلهاً مجعولاً بعد ما شاهد تلك الآيات الباهرات، أن لا يعرف حقيقة الإله ولا أسماءه وصفاته ونعوته ودينه، ولا يعرف حقيقة المخلوق وحاجته وفقره. ولو عرف هؤلاء معبودهم ورسولهم لما قالوا لنبيهم: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة:55]. ولا قالوا له:{ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا}[المائدة:24].
ولا قتلوا نفساً وطرحوا المقتول على أبواب البرآء من قتله، ونبيهم حي بين أظهرهم، وخبر السماء والوحي يأتيه صباحاً ومساءً، فكأنهم جوزوا أن يخفى هذا على الله كما يخفى على الناس! ولو عرفوا معبودهم لما قالوا في بعض مخاطباتهم له: يا أبانا انتبه من رقدتك، كم تنام ؟. ولو عرفوه لما سارعوا إلى محاربة أنبيائه وقتلهم وحبسهم ونفيهم، ولما تحيلوا على تحليل محارمه وإسقاط فرائضه بأنواع الحيل.
-- ومن جهلهم بمعبودهم ورسوله وأمره أنهم أُمروا أن يدخلوا باب المدينة التي فتحها الله عليهم سُجَّداً ويقولوا: حطة. فيدخلوا متواضعين لله سائلين منه أن يحط عنهم خطاياهم, فدخلوا يزحفون على أستاههم بدل السجود لله، ويقولون: هنطا سقمانا. أي: حنطة سمراء، فذلك سجودهم وخشوعهم، وهذا استغفارهم واستقالتهم من ذنوبهم.
-- وكان الله سبحانه قد أمر موسى أن يختار من خيارهم سبعين رجلاً لميقاته، فاختارهم موسى وذهب بهم إلى الجبل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل، وقال للقوم: ادنوا. ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الحجاب وقعوا سُجَّداً، فسمعوا الرب تعالى وهو يكلم موسى ويأمره وينهاه ويعهد إليه، فلما أنكشف الغمام قالوا: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة:55] .
-- ومن جهلهم أن هارون لما مات ودفنه موسى قالت بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته حسدته على خلقه ولينه ومحبة بني إسرائيل له. قال: فاختاروا سبعين رجلاً فوقفوا على قبر هارون، فقال موسى: يا هارون أقتلت أم مت ؟ قال: بل مت وما قتلني أحد.
 اليهود واثارة الفتن 
        ولعل سائلا يسأل لماذا نلقى اللوم دائما على اليهود رغم ان النصارى هم الذين ينفذون ويدمرون ؟ لأنه فى الحقيقة حين جاءت المسيحية ظن اليهود أنها قد ألغت اليهودية ومن ثم ناصبوها العداء وحاول اليهود مرارا وتكرارا إفسادها كما يحاولون إفساد أى دين سليم .
ولذا رأيت أن أستعرض فى الصفحات التالية ما فعلوه بالمسيحية ثم ما حاولوا  القيام به من أعمال  ليفسدوا بها الاسلام ولكن الله جل وعلا أحبط كيدهم وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال " إنهم يكيدون كيدا * وأكيد كيدا *فمهل الكافرين وأمهلهم رويدا "
واليهودية ألغت المسيحية
حين علم اليهود بأن الله جل وعلا أرسل إليهم المسيح عليه السلام رسولا عاندوه وناصبوه العداء ولم يؤمنوا فكان نذيرا بعصيانهم لأمر الله فبذلك غضب الله جل وعلا على اليهود رغم ما قام به وقاله المسح عليه السلام لهم من نصوص يدعوهم فيها للإيمان ومنها :36اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ.
وليس معنى دعوة المسيح لليهود أن يتركوا اليهودية ويصبحوا مسيحيين لأن المسيحية مكملة لليهودية   فقد أخبرهم المسيح عليه السلام بقوله 17:5لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.5: 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.
وحذرهم عليه السلام وبين لهم أن وجوده بينهم إنما هى فرصة لهم عليهم أن ينتهزوها فقال لهم
21: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا  وقال أيضا "24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ».
28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - إذا وضح المسيح عليه السلام بأن اليهود الذين لم يؤمنون به وبرسالته ليس لهم حياة ويموتون بخطيتهم .
لذلك قام اليهود بمحاولة صلبه وبالقضاء على اتباعه وملاحقتهم وحرق أناجيلهم وتحريفها وإنهاء رسالته وبذلك قضى اليهود على العديد من أتباع المسيح عليه السلام ومن بقى منهم هرب الى أماكن بعيده .
 فاليهود قوم عصاة يضطهدون المسيحية أضف إلى ذلك حكم رومانى محتل وثنى بغيض يجسم على أنفاس شعوب المنطقة .والحكام وثنيون منذ زمن المسيح وحتى عام 325م حيث أمر الإمبراطور الرومانى كهنته من الرومان بترك آلهتهم الوثنية وإتخاذ المسيحية لتكون دين رسمى للرومان وإختار الكهنه فى مجمع نيقية التثليث ليتناسب مع الوثنية لأنهم لايؤمنون إلا بإلاه ظاهر يحل محل أوثانهم ويرفضون الإيمان بإلاه غير ظاهر أى لايؤمنون بالغيبيات والتى سموها "غنوسية"
   كما أن الكهنة الرومان لم يعملوا بتعاليم المسيح بل ألفوا من لديهم ما يناسب وثنيتهم  فقالوا من عند  أنفسهم بأن المسيح هو ابن الله أو هو الله ليعبدوا إلاه ظاهر حسب إقتناعهم بالأوثان التى كانوا يعبدونها فقالوا" 18اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.
37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ
وبذلك هم خالفوا أول قانون فى الناموس والذى قال فيه : 28فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَناً سَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 32فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «جَيِّداً يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
ولما جاء الإسلام  أكد لهم ذلك فقال تعالى :
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ* لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ] {المائدة72- 73
إذن فما سبب هذا الكفر البواح ؟
   ولم يقدموا على هذا الكفر البواح إلا بعد ما سولت لهم أنفسهم أن يكونوا هم أربابا  ؛ لهم سلطان يملكون الغفران ولذا فهم الأن يخشون فقدها رغم تحذير المسيح عليه السلام لهم فقال فى أكثر من موضع: 15 :13فَأَجَابَ: «كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ.
15 : 14اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ

 وأراد القرآن الكريم أن يفتح بصيرتهم ويبصرهم بالحقيقة الغائبة عنهم فقال تعالى  [قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] {آل عمران:64
ورغم أن المسيح عليه السلام بين فى أكثر من موضع أنه عليه السلام لم يرسل إلا إلى بنى إسرائيل حيث ذكروا فى أنا جيلهم أكثر من مرة ما نصه ».15 : 24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ
وحاول اليهود كعادتهم أن يقولوا على السنة الرسل ما لم يقال فاستغلوا أن المسيح ذكر لهم أنه لم يرسل إلى إلى بنى إسرائيل فظنوا بأن الأمم الأخرى هم كلاب لاتصلح رسالة المسيح لهم فقالوا على لسانه ما لم يقل ألا وهو :26 فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ "
 ولذا حاول المسيح عليه السلام أن يخبرهم بأن الله جل وعلا سيرسل بعده رسوله للعالم ليهتدى الأممين من نوره ويكون لهم حياة :
41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟
21: 43 لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».
45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.
وفى هذا يقول القرآن الكريم عن المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"{سبأ:28
وحاول المسيح عليه السلام مرارا وتكرارا أن يذكرهم بالرسول المبعوث بعده وهو محمد صلى الله عليه وسلم فقال "38وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ.
27اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ لأَنَّ هَذَا اللَّهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ». 28فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللَّهِ؟» 29أَجَابَ يَسُوعُ: «هَذَا هُوَ عَمَلُ اللَّهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ».
. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللَّهَ صَادِقٌ 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكلاَمِ اللَّهِ.
وأخبر الحق سبحانه وتعالى بنى إسرائيل عامة والنصارى خاصة أن المسيح عليه السلام رسول وعبد لله رب العالمين مثل إخوانه المرسلين فقال تعالى  " لَنْ يَسْتَنْكِفَ المَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا للهِ وَلَا المَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا] {النساء:172
وليس هذا فحسب بل كان المسيح عليه السلام  يعبد الله ويخر ساجدا فذكروا فى كتبهم " 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».
وبل وأخبرتهم كتبهم بأن المسيح عليه السلام ليس هو الله تعالى لأن المسيح لايعلم ماعند الله جل جلاله فقالوا : 32وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ.
لذلك فمن الواضح بأن اليهودية قد ألغاها المسيح وبأن من اتبع المسيح قد قضى عليهم اليهود ومن بقى كان مسماهم هو الأريسين ؛ والرومان أضطهدوهم حتى بعد أن تسمى الرومان بالمسيحية وهذا واضح من رساله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم  الى هرقل إمبراطور الروم والتى جاء فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى• أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإيريسيين، ([قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ] {آل عمران:64
وهذا يدل على وجود الموحدين اتباع المسيح بمسمى "الأيرسيين" وخوف الرسول صلى الله عليه وسلم  عليهم حتى مجيىء الإسلام وهذا معناه بأن الإسلام يدافع عن الذين آمنوا ويحميهم ولم يعادى ماسبقه من أديان .ولكن اليهود "خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ] {البقرة:7 وصدق فيهم قول الله تعالى "وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا] {الإسراء:46
وبين الحق سبحانه وتعالى الفارق بين من يهديه الله تعالى وبين من يظل فى الظلمات فقال جل وعلا "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] {الأنعام: 122 
كما بين سبحانه تعالى أنه "مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البَلَاغُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ] المائدة:99
{ مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ}
ومع هذا ضل النصارى الطريق وساروا وراء إخوانهم اليهود الذين أوهموهم بأن المسيح هو الله وأنه ربهم وأنه سيخلصهم من عذاب الله فى الدنيا والأخرة ولذا حذرهم المسيح عليه السلام أكثر من مرة فقال " 7 :21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
7 : 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟7 : 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!
وهذه حقيقة فالمسيح لم يقل مطلقا لبنى إسرائيل أنه ربهم أو أنه هو الله فحقا لم يعرفهم قط لأنه لم يدعوا الأمم وقد ضللوهم فجعلوهم يرتكبون خطية الأثم
وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم {مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ] {المائدة:75 وهذا معناه بأن الإسلام يضع الأمور فى نصابها الصحيح وهو نفس منطق المسيح
فالتمجيد هو لله وحده ؛ وليس لأى رسول من الرسل تمجيد ؛ فهم جميعا عبيد لله الواحد حيث قال المسيح عليه السلام "3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.
وأخبرهم بأن  السجود لله تعالى وحده لا شريك له :-
 فقال المسيح عليه السلام حين جاءته سيدة ودار بينهما الحوار التالى "19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 
 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». 25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ.
اليهود والنصارى ......والشيعة.....
 واعلم عزيزى القارئ بأن لله سبحانه وتعالى سننًا في الأمم والمجتمعات لا يضطرب ميزانها, ولا يتغير سيرها, ولا يتأخر وقوعها، دائمة دوام الليل والنهار, مطردة على مر العصور والأعوام، لا يعتريها ارتباك ولا اختلال، قال الله تعالى:{ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً } فاطر:43
ومن هذه السنن أن الله سبحانه وتعالى قضى بأن يكون لكل نبي عدوٌّ من المجرمين, يحاربونه ويعملون على إبطال رسالته, وإطفاء أنوار شريعته, ودحض حجته, وتبديد دعوته, وإفساد ملته, وتمزيق أمته, وتشويه سمعته, ليصد الناس عنه, قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا [الفرقان:31]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ  }الأنعام:112
وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه هؤلاء المجرمين, وذكر كثيرًا من أوصافهم وأعمالهم وأحوالهم, وقصصهم مع الأنبياء السابقين وأتباعهم المصدِّقين، بيد أن المتأمل في كتاب الله وما فيه من القَصص يلاحظ أن فئة من هؤلاء الأعداء قد شَغلت أخبارهم واحتلت أنباؤهم قسمًا كبيرًا من آيات القرآن وقصصه، فبين أفعالهم مع أنبيائهم وصادقيهم, وأظهر مواقفهم من المؤمنين على توالي السنين, وكشف النقاب عن كثير من صفاتهم وأحوالهم وخصالهم التي اختصوا بها دون سائر الأعداء المعاندين.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن شدة عداوتهم للمؤمنين الصادقين عامة, ولخاتم النبيين وأتباعه خاصة, فقال تبارك وتعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82]، فأشد الناس عداوة لرسول الله ودينه وأتباعه هم اليهود, الذين مَرَنوا على تكذيب الأنبياء والرسل وقتلهم،عاندوا الله في أمره ونهيه, وحرفوا كتبه، مردوا على اللعنة والذلة والمسكنة، طويت قلوبهم على الكفر والفسوق والعصيان, فحاربوا الإسلام وأهله منذ أول وهلة, وسعوا بكل وسيلة، وطرقوا كل باب, وسلكوا كل درب, لإطفاء نور الله, وإحباط دعوته ورسالته, فباؤوا باللعنة والخيبة والغضب والخسار { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8


وقد حفظت آيات الكتاب ودواوين السنة وكتب السيرة ألوانًا وصورًا من مكايد هؤلاء، ومكرهم بالنبي .
منها: لما قدم المدينة مهاجرًا عاهد من فيها من اليهود وسالمهم, وأقرهم على البقاء فيها ما أقاموا العهود, وحفظوا المواثيق، إلا أن اليهود لما رأوا ظهور الدين وانتصارات خاتم النبيين ملأ الحسدُ والحقد قلوبهم, فتفجرت ينابيع الشر والغدر والخيانة في أفعالهم و أقوالهم, فناصبوا رسول الله و أصحابه العداء ، وأخذوا ضده كل كافر ومنافق أثيم, فرحوا واستبشروا بما نزل برسول الله وأصحابه من المنكرات والأزمات، وتألموا لما أحرزوه من الفتوحات والانتصارات, فطفقوا يخططون, وأخذوا يمكرون برسول الله أنواعًا من المكر والكيد.
فمن ذلك أنهم أكثروا على رسول الله الأسئلة تعنتًا وتعجيزًا, ليحرجوا رسول الله ، ويشككوا في صدقِه ونبوته، فأحبط الله عملهم، وخيب سعيهم، وفلّ قصدهم، فأجابهم عما كانوا يسألون، وأسمعهم ما يكرهون، فقال الله تعالى { وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة:144
ومما آذوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم سحروه, فقد أوعزت يهود ـ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ إلى لبيد بن الأعصم اليهودي, فسحر رسول الله ، فكان يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله, فأبطل الله كيدهم, وأفسد مكرهم, ففك الله عن رسوله السحر وشفاه.
ومما آذت به يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا أنهم نقضوا العهود, ونكثوا بالمواثيق, وسلكوا دروب الغدر والخيانة والغش والاحتيال, فألبوا القبائل على رسول الله ، وأغروهم بقتاله، وحرضوا على حربه، ووعدوهم بالمساندة والمناصرة عليه، فلما بان نكثهم وظهر نقضهم أجلاهم رسول الله عن المدينة طائفةً تلو أخرى, حتى كان آخرهم خروجًا بنو قريظة, الذين أجلاهم النبي بعد غزوة الأحزاب, كما قص الله علينا نبأهم في سورة الأحزاب.
وقد بلغ الحقدُ والغلُ والكفرُ في يهود منتهاه بعد انتصارات رسول الله وأصحابه, وبعد انحساراتهم وانكساراتهم, فحاولوا أن يحيوا سنة آبائهم وأسلافهم, فدبروا عددًا من المؤامرات لقتل النبي , وكان آخر محاولاتهم أن امرأة منهم دست السم لرسول الله في شاة صنعتها, فتناول الذراع, فلاك منها مضغة ولم يسغها, فما زال لهذه الأكلة التي أكلها أثر, حتى إذا كانت ساعةُ وفاته قال لعائشة رضي الله عنها كما في البخاري معلقًا بصيغة الجزم: ((يا عائشة, ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر, فهذا أوان وجدت انقطاع أَبهري من ذلك السم) والأبهر: عِرق في الظهر متّصل بالقلب, إذا انقطع مات صاحبه. وقد وردت العديد من الروايات بهذا المعنى, وهي تفيد أنه مات شهيدًا من أثر السمّ الذي وضعته اليهودية كما قال بعض أهل العلم. ومهما يكن من أمر في ذلك فإن الله سبحانه وتعالى قد قص علينا أخبارهم مع أنبيائهم, وكيف فعلوا بهم, فقال عنهم سبحانه { أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ [البقرة:87
ومع هذه المكايد كلها فقد رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا, وكفى الله رسوله والمؤمنين شرَ أعدائهم, وصدق الله العظيم حيث قال { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال:64]. فقد أخبر الله سبحانه أنه كافٍ نبيه, وكافٍ أتباع نبيه , فلا حاجة للمؤمنين مع كفاية الله سبحانه وتعالى إلى أحد, فمن كفاه الله وقاه, ومن كان الله معه خاب كل من ضاده وعاداه.
فقد استعرضنا صفحة من تاريخ يهود مع هذه الأمة, ممثلة بنبيها , وقد رأينا ما اجتمع في هؤلاء القوم من الكفر والاستكبار والعناد والظلم والغدرِ والحسدِ والبغي؛ ورأينا كيف آل بهم الأمر, فأجلاهم النبي عن المدينة، وغزاهم في خيبر آخر معاقلهم في الجزيرة, و أنزل بهم ألوانًا من العذاب, بسبب ما اجتمع فيهم من خلال الكفر وصفاته, فصدق الله تعالى حيث قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36
والمتأمل في ماضي الأمة وحاضرها يدرك أن بليةَ الإسلام في أهله باليهود عظيمة شديدة, فكم من معقل للإسلام قد سعوا في هدمه، وكم من حصن راموا هتكه، وكم من عَلَم عملوا على طمسه, ضربوا بمعاول الشبهات في أصله, وروجوا الإباحية والفساد ليصدوا الناس عن عبادة رب العباد, تحالفوا مع شياطين الإنس والجن ضده, عملوا على إحداث الفُرقة في أمته وإثارة الفتن بين أهل ملته، وعكفوا على ترويج وإشاعة وإنشاء الأقوالِ المبتدعة والآراء الضالة والمذاهب المنحرفة, فهل السبئية إلا من بنات أفكارهم؟! وهل الباطنية إلا ثمرة جهودهم؟! وهل الماسونية والعلمانية إلا نتاجُ مؤامراتهم ومخططاتهم؟! فعداوة القوم للإسلام وأهله لم ترضَ محلاً لها إلا سويداء قلوبهم.
وعداوة يهود للأمة ليست رهينة فترة زمنية ثم تنتهي، بل عداوتهم للإسلام وأهله دائمة إلى آخر الزمان, ممتدةٌ عبر الليالي والأيام, متوارثة جيلاً بعد جيل, أوصى بها الأكابر الأصاغر, وحمّلها سلفهم خلفَهم، لذا فإن اليهود حلفاءُ كلِ من عادى الأمة.
فبالأمس حالفوا مشركي العرب ضدّ النبي , واليوم حالفوا النصارى وغيرهم ضدّ أهل الإسلام, وغدًا يحالفون الدجال ويتبعونه ضد أمة الإسلام, ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا, عليهم الطَّيَالِسة))[1]، وقد قال في حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ((وأكثر تبعه ـ أي: الدجال ـ اليهود والنساء))[2].
إلا أن هذا الكيد
 والمكر الكُبَّار إلى زوال واضمحلال, إذا صبرت الأمة واتقت ربها وتمسكت بدينه, قال الله تعالى: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120].
ولا نشك أن الله سبحانه وتعالى سينصر دينه, ويعلي كلمته, ويؤيد أوليائه, طال الزمن أو قصر, فإن العاقبة لله ولرسوله وللمؤمنين, ويصدّق هذا ما وعد به رسول الله أمته, ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون, حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم, يا عبد الله, هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله, إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))[3
وهذا الحديث يفيد أن الصراع بين أمة الإسلام وبين يهود لن يضع أوزاره حتى يُقتلوا عن آخرهم, كما أخبر النبي , فما دام في اليهود عرق ينبض وعين تلحظ وقلب يخفق فلن تزول هذه العداوة, فإن معركتنا معهم معركة إبادة، فكل من حاول إزالة هذه العداوة أو رفعها فإنما يركض وراء السراب, ويحرث في الماء, ويضادُ ما قضاه الله سبحانه كونًا وقدرًا وشرعًا, والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
بين السّنّة والشّيعة
 للسنة مذاهبهم المتعددة التي لا تخرج عن الكتاب والسنة، وللشيعة مذاهبهم التي يبتعد فريق منهم عن الكتاب والسنة ؛ وقد يظن البعض أننا نتجنى على الشيعة ونحن نتحدث عنهم ولكن حقيقتهم أسوأ مما نتخيل فلدى بعضهم من الأفكار ما لا يقل خطورة عن أفكار اليهود والنصارى بل أشد فاليهود والنصارى معروف ما عندهم بالنسبة لنا أما الشيعة فكان ينبغى أن يكونوا مثلنا يوقرون القرآن والسنة ويحترمون الصحابة .
 إلا أنه صدر منهم ما يؤكد أنهم صنيعة اليهود وتربيتهم  لأن ما يقومون به فى الإسلام يشبه إلى حد كبير ما قام به اليهود بواسطة بولس الرسول قى تغيير المسيحة  ولكن الفارق أن الله جل وعلا حفظ القرآن والسنة  فأصبح لدينا منهجا واضحا وهو الذى به تعرفنا على مكر اليهود واعوانهم من الشيعة وإليك عزيزى القارئ بعض ما تقوم به إحدى فرق الشيعة وهي فرقة الاثناعشرية لترى مدى التشابه بين اليهود والشيعة وما تسببت فيه الشيعة من خسارة للدول الإسلامية .
الاثناعشرية.
تمهيد:
  يعد محمد بن نصير(270هـ) الذي ظهر في زمن الإمام الحسن العسكري (230-260هـ) زعيم الشيعة النصيرية، فقد ألّهت جماعته علي بن أبي طالب، وتركت ظاهر العبادات، فأهملت المساجد، ولم تصم شهر رمضان، وخالفت المسلمين في أحكام الزواج، وقالت بثالوث مقدس يتكون من علي ومحمد وسلمان الفارسي، وأوغلت هذه الجماعة في سرّيتها ثم اندثرت لتحل محلها الاثناعشرية.
 والاثناعشرية ينكرون مزاعم ابن نصير وأكاذيبه ويكفرون من اعتقد بها.اهتمت الاثناعشرية بإشاعة العلوم ورعاية الشؤون الاجتماعية والروحية للناس، إلى أن قامت لها دولة في فارس على يد الشاه إسماعيل الصفوي (906-930) فانتقل من المذهب السني إلى المذهب الشيعي، 
  وقد استمر حكم الصفويين زهاء قرنين ونصف القرن، فكانوا في عداء مستمر مع الدولة العثمانية، وكانوا صنيعة اليهود والصليبين الذين جعلوهم مطية توصلهم إلى مرادهم ولقد أرهقت  الدولة الصفوية الدولة العثمانية العديد من السنوات بل وأجهضت محاولاتها فى نشر الإسلام فى أوروبا.
 فكانت كلما تقدمت الدولة العثمانية ناحية الغرب كانت الدولة الصفوية بإيعاز من اليهود تناوشها من الشرق مما يضطر القائد آنذاك أن يعود بجيوشه ليؤمن حدود دولته مما جعله فريسة سهلة من الغرب لليهود والنصارى.
فبدلا من أن تقف الدولة الصفوية خلف الدولة العثمانية آنذاك لتحمى ظهرها إلى تنشر الإسلام كانت شوكة فى ظهرها ؛ ولم يهدأ لها بال حتى تقوضت أركان الخلافة العثمانية .إذْ نشبت بينهما الحروب التي تسببت في انحسار المدّ الإسلامي عن قارة أوروبا، وتمزقت بلدان العالم الإسلامي وتفككت قوتها ووهنت إلى أن سقطت في براثن الاستعمار الغربي.
وما أشبه الليلة بالبارحة فاليوم نرى الشيعة فى العراق بمساعدة اخوانهم فى ايران يعينون الامريكان على انشاء قواعد عسكرية لهم فى الخليج العربى مما جعلهم يوجهون سهامهم للمسلمين السنة فى لحظة . وليس هذا بجديد فقد فعل الصفويون ذلك قديما فمن الكبائر التي ارتكبها الشاه إسماعيل الصفوي :
--  اتفاقه مع البرتغاليين ضد الخلافة العثمانية، إذْ أعطى البرتغاليين جزراً على الخليج جعلوها قواعد عسكرية لهم موجهة بالدرجة الأولى ضد الخلافة العثمانية..
-- وتحالف عباس الصفوي (996هـ) مع الإنجليز لمحاربة دولة الخلافة
--  ومنع الحجاج من الذهاب إلى مكة المكرمة
-- وطلب إلى أجهزة الحكم تحويل الناس إلى مدينة (طوس) التي تضم رفات الإمام الثامن علي الرضا.
وهكذا بتحول إسماعيل الصفوي ونسله إلى المذهب الشيعي، تكاثرت أعداد الداخلين في هذا المذهب، فتحولت إيران من دولة ذات أغلبية سنية إلى دولة ذات أغلبية شيعية، بحيث لا يزيد عدد السنيين عن (20%) عشرين في المئة من مجموع السكان، وهم ممنوعون من تولي الوظائف الرئيسية في الدولة. وإليك بعض أفكارهم ومعتقداتهم التى لا تمت للدين بصلة .
المعاد والرجعة:
تعتقد الاثناعشرية بالمعاد واليوم الآخر، كما وردت في القرآن والسنة، ويعتقدون برجعة الإمام المهدي المنتظر ولكن على طريقتهم فهم يعتقدون أنه هو الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) سيعود ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
 وأول من قال بفكرة الرجعة هو عبد الله بن سبأ اليهودي الذى أراد أن يفعل بالإسلام ما فعله سلفه بولس يالنصرانية ولكن الله سلم . فهو الذي قال برجعة الرسول صلى الله عليه وسلم مثل عيسى عليه السلام مستشهداً بقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} القصص (85) ثم قال برجعة علي بن أبي طالب، مما ترتب عليه تمزيق الصف الإسلامي، وتقوية الخلاف بين الشيعة والسنة.
وقد تخرج من مذهب الاثنا عشرية العديد من الأكاذيب مثل البابية والقاديانية وغيرهم الذين حاولوا أن يروجوا لافكارهم تحت شعار انها مذاهب إسلامية وكذبوا فلقد كشف الله جل وعلا سترهم وفضح امرهم.
 فكان منهم الميرزا محمد، مؤسس البابية، والميرزا حسين بهاء الله مؤسس البهائية الحديثة ، والبهائية صورة متطورة من البابية المغالية، أعلنت عن نفسها كديانة جديدة تنسخ الجهاد وتنادي بالسلام، وتتخذ كتباً تزعم أنها مقدسة بديلة عن القرآن الكريم، وتهدد وحدة الأمة الإسلامية بوجه خاص، ويعيش رؤساؤها الحاليون في ظل الدولة العبرية ولهم مقامات معروفة في حيفا، حيث قبة عباس الشهيرة، وهذه الفرقة تحظى بتأييد الدول الغربية ومباركتها ودعمها.
الإمامة:
يدعي الاثناعشرية أن الله أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يعلن في الناس أن علياً وصيّه، وأنه الإمام من بعده، وذلك بعد حجة الوداع، وأن تستمر الإمامة في ولد عليّ وفاطمة الزهراء إلى يوم القيامة، وأن علياً هو الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم  بأمر من الله .
والعجيب أن عليا رضى الله عنه كان على قيد الحياة وبايع مع الصحابة أبا بكر فعمر فعثمان رضى الله عنهم أجمعين , إلا أن هذه الفرقة ترى أن الصحابة ( حاشاهم ) قد خالفوا النَّصَّ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كنتُ مولاه فعليّ مولاه"، وقولَه: "اللهم والِ من والاه، اللهم عادِ من عاداه".ويعتبرون الإمامة ركناً من أركان الدين، فمن لم يعرف إمام زمانه، ولم يبايعه يعد عدّوه خارجاً عن المذهب، وربما كفّره بعض غلاتهم.
والاثناعشرية يقولون:
--  بعصمة الإمام من الخطأ والمعصية وله صفة المعرفة اللدنية، دون حاجة إلى تلقين الرواة ويصح له أن يروي مباشرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم دون سند من الرجال .
-- ويعتقدون أن الإمام يعلم الغيب، ولا يموت إلا باختيار منه، ويقولون بأن نزول الوحي مستمر ولم ينقطع حتى غيبة الإمام الثاني عشر، ولا يباح الاجتهاد مع وجود الإمام، وإنما يبدأ بعد تلك الغيبة.
والحقيقة أن هذه الآراء لا تخالف السنة فحسب بل تخالف الواقع :-
-- فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بايع أبا بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين كما وضحنا ، بل وسمى أولاده بأسمائهم " عمر وعثمان " وزوج ابنته أم كلثوم لعمر. وكان مستشاراً لهم وقاضياً، ولو كانت الوصية من الرسول صلى الله عليه وسلم لعليٍّ لما خالفها أحد من الصحابة.
التقية:
ويقصدون بها أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن، أو أن يقوم بعمل تعبدي لا يعتقد بصحته، ثم يؤديه بعد ذلك بالصورة التي يعتقد صحتها... ويصل العمل بهذه التقية إلى حد استباحة الكذب والنفاق وإخفاء العقيدة الأصلية عن الخصوم، ومع هذا فإنهم ينسبونها إلى أئمتهم وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
مع أن هذا مخالف للنص القراني القائل فى وصف المنافقين : {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ} البقرة (14) ولحديث الرسول صلى اله عليه وسلم القائل: " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو به مصدق وأنت له كاذب".
الخمس:
-- يرى الاثناعشرية وجوب دفع الخمس من دخل الأفراد التابعين لهم في كل عام إلى مرجعية المذهب، وهم المجتهدون من قادة الطائفة الذين يتبعهم العوام ويقلدونهم ويلتزمون بفتواهم؛ وذلك لينفق منها على الشؤون المذهبية والمصالح الدينية التي يقدّرها هؤلاء القادة... ويرون في ذلك بديلاً للزكاة..
-- وقد أحدثوا في الصلاة أموراً منها السجود على التربة الحسينية المأخوذة من تراب مدينة كربلاء التي استشهد فيها الإمام الحسين رضي الله عنه، إذ لا يكاد بيت من بيوت الشيعة الاثناعشرية يخلو من تلك التربة، حيث يقومون بالسجود عليها وتقبيلها والتبرك بها بل وأكل القليل منها للشفاء على الرغم من أن الفقه الشيعي يحرم أكل التراب، كما يصنعون من هذا التراب أشكالاً مختلفة يحملونها في أسفارهم ويسجدون عليها في صلواتهم التماساً للبركة.
زواج المتعة:
أي الزواج لمدة محدودة إذْ كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أباحه في غزوة  وفترة محددة لظروف معينة ، ثم حرمه تحريماً مؤبداً بعد ذلك، كما حرمه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إلا أن بعض علماء الشيعة يبيحونه مستدلين على ذلك بآية من سورة النساء يؤولونها: { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} النساء (24)، وقالوا إن هذا الزواج يحل مشاكل الشباب حين يرحل خارج البلاد، والحقيقة أنهم يحلونه داخل بلادهم.
وقد ورد في صحيح مسلم نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن زواج المتعة حين قال: "يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
الطعن في القرآن:
يقول بعض غلاة الاثناعشرية، أن هناك مصحفاً للإمام علي وفاطمة الزهراء رضوان الله عنهما كان يخالف المصحف المتواتر، وأن الصحابة قاموا بتبديله وأسقطوا كثيراً من السور والآيات التي نزلت في فضائل أهل البيت.ومن جملة ما يدّعون إسقاطه ما يسمونه سورة الولاية التي يزعمون أنه كان فيها: (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي اللذين بعثناهما يهديانكم إلى صراط مستقيم) ويضيفون كلمات إلى ما هو موجود في المصحف الإمام نحو: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (بعليّ)} ونحو:{وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (في ولاية عليّ والأئمة بعده) فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}ومع هذه المزاعم والإضافات الكاذبة فإنهم يتواصون بالعمل بما في المصحف الذي بين أيدينا، حتى يخرج المهدي المنتظر ومعه المصحف الكامل كما يدّعون.وهذا كله مخالف للكتاب والسنة، فالله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر (9)
كما أنه لم يثبت وجود مصحف لعليّ ولا لفاطمة، فقد سُئل الإمام علي رضي الله عنه عن هذا فقال: "ما عندنا شيء إلا ما في القرآن".هذه بعض من الخلافات بين واحدة من الفرق الشيعية المعروفة- وهي فرقة الاثناعشرية- وبين المذاهب السنية المعروفة .
والدليل على أنهم صنيعة اليهود والنصارى : أن منهجهم فى الطعن فى القرآن والسنة لا يختلف عن منهج اليهود والنصارى ؛ فتراهم يعرضون الشبهات ويظنون أنهم بذلك إنما يفتنون شبابنا ولكن بحمد الله وتوفيقه تصدى علماءنا الأجلاء لهذه الشيهات وقاموا بتفنيدها وتوجيه ابناءنا الإتجاه الأمثل .
 وساعدهم على ذلك هو حفظ الله جل وعلا للقرآن والسنة فأصبح الرد والتوضيح من الأمور الهينة وحتى لا نذهب بك عزيزى القارئ بعيدا عما نحن بصدده رأيت أن أعرض لك منهج اليهود واعوانهم من النصارى والشيعة والعلمانيين وغيرهم فى وضع الشبهات ثم ابين لك كيف يقوم علماءنا بالرد المنطقى عليها بخلاف اليهود وأعوانهم فمن الصعب بمكان أن تجد لدى أحدهم ردا منطقيا
 مثيرى الشبهات حول الإسلام.
اجتمعت العديد من الفرق على محاربة الإسلام بطرق عديدة , محاولة منهم إضلال عوام المسلمين بإثارة الشبهات حول الإسلام, والشبهات تنشأ على لسان أو في كتاب أي من التيارات والفرق التالية : أ- النصارى .ب- الملحدون. ج- العلمانيون واللا دينيين د- الشيوعيون.ه-  واليهود وتعرف العلمانية بأنها اللادينية, ولكن بعض من المنتسبين للإسلام أو للنصرانية, يعتقدون أن العلمانية هي أن تكون العلاقة مع الله جل وعلا تعالى في مكان العبادة فقط, ولا دخل للدين في المعاملات التجارية والسياسية, بل يجب القبول والخضوع لكل القوانين والنظم التي تضعها الأنظمة الحاكمة وكذلك
فهؤلاء تنتشر بينهم الشبهة فتصبح عاملاً مشتركاً في كل كتابتهم مع بعض التحفظ عن بعض الشبهات التي تجد إحدى الفرق أنها ستنتقد نفسها بعرضها, نظراً لوجود مثيل لها في منهجهم.
وينضم لهم في نفس المنهج ولكن في أجزاء محددة من الدين الإسلامي بعض الجهلة من المسلمين أنفسهم وبعض الفرق التي تعاونت مع أعداء الدين في نقاط اجتمعوا عليها مثل :
أ- الشيعة : عن طريق الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين والطعن في القرآن وفي كتب السنة .
ب- القرآنيون ومنكري السنة والعقلانيون : عن طريق الطعن في الأحاديث ورفض بعضها أو كلها.
ج- الصوفية : وذلك بنشر الأحاديث الضعيفة والخرافات ونبذ الجهاد والتساهل في الدين .
د - المنافقون وعوام العلمانيين وبعض الجهلة المنتسبين للإسلام الذي يسيطر بعضهم على بعض وساعدت وسائل الإعلام فى تلك الأونة على عرض الشبهات وإثارتها وعرض الخلافات  بهدف إثارة البلبلة بين العوام وإظهار أن الدين لا يوجد به شيء واضح وكله اختلافات. وتسليط الضوء على كل رأي شاذ واستضافة صاحبه وتلميعه كما لو كان القائل بالرأي الشاذ, يتكلم بإجماع علماء الإسلام.ولكن هناك أسئلة تطرح نفسها ينبغى أن نعرضها :
ما هى الشبهة :
المشتبهات من الأمور : المشكلات. والاشتباه : الالتباس , واشتبهت الأمور وتشابهت : التبست فلم تتميز ولم تظهر.
واصطلاحا الشبهة هي : " ما يشبه الشيء الثابت وليس بثابت في نفس الأمر " .
وعرف الجرجاني الشبهة بقوله : " ما لم يتيقن كونه حراما أو حلالا "
وينسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه القول : " وأنه إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق. وأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين"
وربما يسأل سائل :لماذا نجد فى الدين شبهات أو أمور متشابهة ؟ أو بطريقة اخرى: لماذا لا يعلن الله تعالى عن الدين الصحيح بكل وضوح ؟ أو لماذا لا نجد إشارة أو لا فتة من السماء تقول إن الدين الصحيح هو الإسلام ؟
فبعض هذه التساؤلات تدور في أذهان الملحدين أو غير المسلم عند مناقشته عن أدلة وجود الله تعالى أو عن أمر من أمور الإسلام, والرد عليها بفضل الله تعالى بينه الله تعالى في الإسلام كما يلي:
بين الله تعالى أن الدنيا هي محل امتحان واختبار للإنسان, فقال الله تعالى: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " [الملك : 2.
وفي التفسير الميسر للآية السابقة:
الذي خلق الموت والحياة؛ ليختبركم - أيها الناس-: أيكم خيرٌ عملا وأخلصه؟ وهو العزيز الذي لا يعجزه شيء, الغفور لمن تاب من عباده. وفي الآية ترغيب في فعل الطاعات, وزجر عن اقتراف المعاصي.
والحقيقة أن  الله تعالى وضع أدلة وجودة في الكون, يراها من يعمل عقله ويأخذ بالأسباب والقوانين التي خلقها الله تعالى, وأعطى الله تعالى الدين واضحاً في أغلب أجزاءه وخاصة أسس الإيمان.
وبقيت بعض الأمور التي تشتبه على البعض وذلك امتحانا وتمحيصاً لقلوب العباد. والأمور المتشابهة وإن كانت قليلة مقارنة بالثوابت إلا أنها أيضاً ليست في أصل الدين فلا تجد المتشابه في وحدانية الله تعالى , أو الكفر والإيمان , أو فى قدرة الله تعالى , أو فى الثواب والعقاب , أو فى تحيد كبائر الذنوب مثل الزنا والسرقة والخمر والربا وعقوبة كل منها  ..... الخ ).
بل وجدت الأمور التي تتشابه على بعض الناس في بعض قضايا الحلال والحرام ووجدت في نص القرآن الكريم, كما وجدت في بعض أمور الاعتقاد مثل صفات الله تعالى.
جاء في الحديث الشريف :
عن النعمان بن بشير قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الْشَبَّهَاتِ فقد اسْتَبْرَأَ لِدِيِنِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وقع فى الحرام كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى ، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ . أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِى أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ ، أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ . أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ » . ( البخاري 52 – 2051 و مسلم 4178.).
وقال الله تعالى :
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران : 7]
وجاء في التفسير الميسر :
أن الله جل وعلا هو وحده الذي أنزل عليك القرآن: منه آيات واضحات الدلالة, هن أصل الكتاب الذي يُرجع إليه عند الاشتباه, ويُرَدُّ ما خالفه إليه, ومنه آيات أخر متشابهات تحتمل بعض المعاني, لا يتعيَّن المراد منها إلا بضمها إلى المحكم.
 فأصحاب القلوب المريضة الزائغة, لسوء قصدهم يتبعون هذه الآيات المتشابهات وحدها; ليثيروا الشبهات عند الناس, كي يضلوهم, ولتأويلهم لها على مذاهبهم الباطلة. ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله. والمتمكنون في العلم يقولون: آمنا بهذا القرآن, كله قد جاءنا من عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ويردُّون متشابهه إلى محكمه, وإنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها الصحيح أولوا العقول السليمة.
وربما يسأل أحدهم فيقول : لماذا لم ينزل الله جل وعلا نصوص القرآن واضحة جلية بحيث يفهمها العالم والجاهل على نحو واحد؟ وكذلك لماذا لم تأتِ نصوص السنة هكذا؟ لماذا هذا الإجمال الذي يسمح بفهم النص على عدة أوجه حسب أفهام الناس؟
الإجابة :
1  - إن الله سبحانه وتعالى أنزل المتشابه ليمتحن قلوبنا في التصديق به، فإنه لو كان كل ما ورد في القرآن واضحا لا شبهة فيه عند أحد من الأذكياء ولا من البلداء لما كان في الإيمان شيء من معنى الخضوع لأمر الله تعالى، والتسليم لرسله.
2  - جعل الله جل وعلا المتشابه في القرآن حافزا لعقل المؤمن إلى النظر كيلا يضعف عقله فيموت. فإن السهل الجلي جدا لا عمل فيه للعقل، والدين أعز شيء على الإنسان. فإذا لم يجد فيه مجالا للبحث يموت فيه، وإذا مات فيه لا يكون حيا بغيره.
ولذلك قال تعالى : "والراسخون في العلم" ولم يقل: والراسخون في الدين؛ لأن العلم أعم وأشمل، فمن رحمته تعالى أن جعل في الدين مجالا لبحث العقل بما أودع فيه من المتشابه، فهو يبحث أولا في تمييز المتشابه من غيره، وذلك يستلزم البحث في الأدلة الكونية والبراهين العقلية وطرق الخطاب، ووجوه الدلالة ليصل إلى فهمه ويهتدي إلى تأويله، وهذا الوجه لا يأتي إلا على قول من عطف "والراسخون" على لفظ الجلالة، وليكن كذلك.
3   - إن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم  بعثوا إلى جميع الأصناف من عامة الناس وخاصتهم، فإذا كانت الدعوة إلى الدين موجهة إلى العالم والجاهل، والذكي والبليد ، وكان من المعاني ما لا يمكن التعبير عنه بعبارة تكشف عن حقيقته وتشرح كنهه بحيث يفهمه كل مخاطب عاميا كان أو خاصا، ألا يكون في ذلك من المعاني العالية والحكم الدقيقة ما يفهمه الخاصة ولو بطريق الكناية والتعريض ويؤمر العامة بتفويض الأمر فيه إلى الله تعالى، والوقوف عند حد المحكم، فيكون لكل نصيب على قدر استعداده.
مثال ذلك: إطلاق لفظ " كلمة الله وروح من الله " على عيسى عليه السلام، فالخاصة يفهمون من هذا ما لا يفهمه العامة؛ ولذلك فتن النصارى بمثل هذا التعبير؛ إذ لم يقفوا عند حد المحكم وهو التنزيه واستحالة أن يكون لله جنس أو أم أو ولد، والمحكم عندنا في هذا قوله تعالى: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم
وقال السيوطي رحمه الله :
" وقال بعضهم: إن قيل ما الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده به البيان والهدى قلت إن كان مما يمكن علمه فله فوائد:
منها الحث للعلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائقه فإن استدعاء الهمم لمعرفة ذلك من أعظم القرب .
ومنها ظهور التفاضل وتفاوت الدرجات إذ لو كان القرآن كله محكما لا يحتاج إلى تأويل ونظر لاستوت منازل الخلق ولم يظهر فضل العالم على غيره   .
وإن كان مما لا يمكن علمه فله فوائد : منها ابتلاء العباد بالوقوف عنده والتوقف فيه والتفويض والتسليم
قال الزمخشري في تفسيره :
فإن قلت : فهلا كان القرآن كله محكماً؟ قلت:لو كان كله محكماً لتعلق الناس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمّل من النظر والاستدلال ، ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذي لا يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده إلا به ، ولما في المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه ، ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه وردّه إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله ، ولأنّ المؤمن المعتقد أن لا مناقضة في كلام الله ولا اختلاف ، إذا رأى فيه ما يتناقض في ظاهره ، وأهمه طلب ما يوفق بينه ويجريه على سنن واحد ، ففكر وراجع نفسه وغيره ففتح الله عليه وتبين مطابقة المتشابه المحكم ، ازداد طمأنينة إلى معتقده وقوّة في إيقانه.
لذلك على الإنسان البحث عن الواضح أولاً, عن المحكم وأدلته, وعند التعرض لشبهة أو سوء فهم في موضوع عليه رده إلى الأصل المحكم الذي قبله عقله.
وإليك عزيزى القارئ مثال على ذلك نوضح به المراد :
من المعلوم أن الماء أثقل من زيت الطعام.فهذه حقيقة لا جدال فيها وليست نسبية, تم بناؤها بناء على التجربة, وتم التأكيد على ذلك بناء على القياس والأبحاث.فلو عرض علينا أحد الأشخاص
فلو عرض علينا أحد الأشخاص زجاجة بها بعض من الماء مختلطاً مع الزيت, وادعى أن لهما نفس الوزن أو نفس الكثافة, فلمعرفتنا بالحقيقة الثابتة, نتيقن أن هناك خلل ما, وأن هذه حالة خاصة مخالفة للثوابت التي عندنا, والتي توصلنا لها وآمنا بها عن قناعة وعن يقين لا عن إيمان أعمى وتلقين.
وبالبحث عن الخلل الذي تيقنا بوجوده, سيتضح لنا سبب تشابه مثل هذا الأمر مثل وجود شوائب من مواد ثقيلة ذائبة في الزيت أو عالقة به, أخرجت الزيت عن حالته الطبيعية.
إذن فمع وجود ثوابت آمن بها الإنسان عن تجربة واقتناع, لن يكون للشبهات أي تأثير, ولكن تكمن المشكلة في:
أ- المسلمين الذين لم ينالوا حظاً من التعليم الديني أو صغار السن, فيتم تركيز عرض الشبهات عليهم, ولا يجدوا محكماً يعودون عليه بالشبهات التي تأتيهم تباعاً من وسائل الإعلام ومن الانترنت والمطبوعات.
فتجدهم يتخبطون يسألك أحدهم: هل الذي أمر بالحجاب هو الله أم عمر بن الخطاب ؟! , هذا مع أن ثوابت الإسلام أن القرآن من عند الله تعالى, وأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ناقلاً للتشريع وليس مشرعاً.
فانظر كيف يسأل بعض المسلمين عن أمر يعارض أصول وأسس ثابتة ؟.
قال الله تعالى : وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [يونس : 15وقال تعالى : قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ [الأنعام : 50]
ب- يتم عرض الشبهات على غير المسلم , فينتجون أشخاصاُ لا يعلمون عن القرآن الكريم إلا أنه :قال أن مريم أخت هارون !, أو لا يعلمون عن القرآن إلا أنه قال أن الشمس تغرب في عين حمئة ويعتبرون هذا خطئاً علمياً, ولا يذكرون عن الرسول عليه الصلاة إلا الأحاديث الموضوعة أو المفتراه .ولا يعلمون عن التشريع الإسلامي إلا أنه أمر بجعل ميراث المرأة نصف الرجل, وأنه سمح للزوج بتعدد الزوجات !.
لذلك الرد على الشبهات له عدة جوانب من الممكن تغطيتها كلها أو تغطية جزء منها:
1  - إظهار الحق الخاص بالشبهة نفسها.
2   - بيان الأصل الذي ينفيها.
3   -ذكر ما يعارض الشبهة من أحكام.
4  - الرد البديهي أو العقلي.
5  - إلزام الخصم بما عنده.
مثال :
شبهة : أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يشرب الخمر وطلب من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تناوله الخمر الذي كان يضعه في المسجد !!, كما وهموا من نص الحديث الشريف: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَاوِلِينِى الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ ». قَالَتْ : فَقُلْتُ إِنِّى حَائِضٌ. فَقَالَ « إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِى يَدِكِ ». ( صحيح مسلم – 715
الرد باختصار :
 -1إظهار الحق الخاص بالشبهة نفسها.
الخمره بضم الخاء هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أو نسيجه خوص ونحوه من النبات وسميت خمره بضم الخاء لان خيوطها مستوره بسعفها .
 -2 بيان الأصل الذي ينفيها.
نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام
 -3 ذكر ما يعارضها من أحكام.
 ورد تحريم الخمر شربها وبيعها ونقلها والجلوس في أماكن شربها في القرآن الكريم و في أكثر من 20 حديثاً, وشرع الإسلام عقاباً وحداً لشارب الخمر, فلا يعقل أن يشربها الرسول عليه الصلاة والسلام "نهى الله عن الخمر والميسر (القمار) والأزلام والأنصاب (الأصنام) فقال الله تعالى{  أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}  المائدة: 90
 -4 الرد البديهي.
بالسؤال هل تفترض أن :
أ- محمد عليه الصلاة والسلام, كان نبياً حقاً, وأمرهم بعدم شرب الخمر وقام هو بشربه وتخبئته في المسجد ! ( هذا الافتراض  يفترضه غير المسلم, والمسلم سيكفيه معرفة معنى الحديث وعرض الأحاديث التي تبين النهي عن الخمر وعقوبة شربة الخمر
ب- أم تفترض أنه لم يكن نبياً ؟ ( إن لم يكن نبياً ورسولاً, ما المانع أن يقول لهم اشربوا الخمر, فبذلك لن يفقد الكثير من اتباعه , فلماذا يدعي شخص ما النبوة , ثم يأمر أتباعه بما يشق عليهم من صلاة وصيام وجهاد وقيام بالليل والبعد عن الزنا وعن الخمر؟ , فلا معنى لأن يأمرهم بشرب الخمر ويشرب هو الخمر .
 -5إلزام الخصم بما عنده.
غالباً يهرب النصارى من الكشف عن حقيقة معتقدهم عند الحوار معهم, وذلك خوفاً من هذا الجانب, وهناك العديد من المناظرة التى انتهت قبل أن تبدأ حول أدلة نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام مع  النصارى, انتهت عندما طلب منهم أن يضعوا مقياس يتم عليه رفض أو قبول النبوة, تهربوا وانتهت المناظرات, والسبب هو أن أي مقياس للنبوة يضعه سيلغي نبوة كل أنبياء كتابه المقدس, ولن يتعارض مع محمد عليه الصلاة والسلام.
في الشبهة السابقة:
هل الخمر تنفي النبوة عند النصارى ؟
ففي كتاب النصارى المقدس عندهم :
أ- شرب نوح الخمر وتعرى : (تكوين 9: 20 21):«وابتدأ نوح يكون فلاحًا وغرس كَرْمًا. وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه
ب- نبي الله لوط (حسب الكتاب المقدس) يشرب الخمر وتزني معه ابنتاه
جاء في الكتاب المقدس أن ابنتي لوط سقتا لوطًا عليه السلام خمرًا وزنتا معه، ويأتي التبرير أن هذا من أجل النسل! كما لو كانت الأرض لم تكن تحوي إلا لوطًا وابنتيه!.
تكوين 19:: (30«وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ». (31):«وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ»  . (32):«هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلًا». (33):«فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا». (34):«وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلًا». (35): «فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَم بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا».
ج- جعلوا أول معجزة للمسيح عليه السلام أنه صنع لهم خمراً من الماء في أحد الأفراح, بناء على توصية من أمه له , وعندما شربها السكارى في الفرح ابدوا إعجابهم بها 
 يوحنا 2 : 1 وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2 وَدُعِيَ أَيْضاً يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3 وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ».4 قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5 قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6 وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثلاَثَةً. 7 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8 ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9 فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10 وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11 هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ
وقالوا عن المسيح  لوقا 7 : 34 جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فتقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر . لذلك لا مجال منطقي لاعتراض النصارى وعرضهم هذه الشبهة, ولكنهم لا يزالون يعرضونها, بعد أن علموا الرد .
إذن فما هو الغرض من نشر الشبهات؟
إن لديهم من الحقد والكره للإسلام ما جعلهم يتصرفون تصرفات عجيبة كا لذى يهذى أو كالذى أصابه مس من الجان فمع علمهم بصحة الإسلام إلا أنهم يقومون ليل نهار بعرض الشبهات لعدة أغراض منها :
1 - التشكيك في مصدرية الإسلام.
2 - الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم.
 -3الطعن في القرآن الكريم.
 -4الطعن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
 -5الطعن في تاريخ الإسلام على مر العصور.
 -6 الطعن في الشخصيات والرموز الإسلامية.
 -7الزعم بأن القرآن قد حوى في دفتيه ما يؤيد المعتقدات و الكتب النصرانية.
وتقوم العديد من الفرق يهودا كا نوا أو نصارى مع أعوانهم بمحاربة الإسلام ومن هذه الفرق:
 -1النصارى.
 - 2الملاحدة والعلمانيون.
 -3 الفرق المنشقة عن الإسلام.
 -4 اليهود ويدخلون كعامل مع كثير من التصنيفات السابقة.
ولكل فرقة من الفرق أسبابها التي سنتعرض لها كما يلي:
 -1 أسباب نشاط النصارى في نشر الشبهات:-
أ- يعتقد أصحاب النصرانية أنها ديانة تبشيرية تتميز بمحاولة نشر المعتقد النصراني في كافة أنحاء العالم, وتتنافس الفرق النصرانية فيما بينها من أجل أن تنشر كل فرقة مذهبها.
ب- الدعم المادي الكبير.
ج- شعور المنظمات التبشرية والكنائس بالخطر نتيجة لتناقص عدد النصارى وتزايد المسلمين على مستوى العالم, حسب كل الإحصاءات العالمية.
د- منافسة الدعوة للإسلام لعمليات التبشير النصراني في المناطق التي لا تدين بالإسلام ولا النصرانية.
ه- زيادة نسبة معتنقي الإسلام في بلاد غالبيتها من النصارى.
 -2 الملاحدة واللادينيين بكل طوائفهم, ويقوموا بنشر الشبهات لمحاربة الإسلام عن طريق :
أ- النظم الشيوعية التي تحارب كل الأديان وتدعوا للإلحاد فيكون من ضمن حربها على الأديان, نشر الشبهات حول الإسلام.
ب- الأفراد والهيئات المحدودة: وذلك بحصولهم على دعم مادي أو معنوي من جهات لها علاقة بمؤسسات نصرانية أو منظمات صهيونية, الانتصار للنفس وللفكر بالتعرض للمخالفين بشتى الطرق ولو بالكذب والتدليس.
 الحصول على بعض السلام النفسي بالاعتقاد أن مخالفيهم على خطأ, الشعور بالألفة والثقة نتيجة زيادة عددهم باستقطاب أي عدد من المسلمين لمجموعتهم.
الحقد والمقت للالتزام والملتزمين الذين يعتقد الملحد أنهم وضعوا القوانين ويريدون تطبيقها ليحدوا من حريته التي يكره تقييدها بأي قيد.
 -3 الفرق المنشقة عن الإسلام:
هذه الفرق خرجت عن الإطار الصحيح للإسلام, وابتعدت عن منهجه, فيتم تدعيم هذه الفرق ومحاولة نشر أرائها وأفكارها من كل صاحب مصلحة في حرب الإسلام, وذلك كمحاولة ضرب الإسلام من الداخل, فلا غرابة أن نقرأ كيف أيد الاحتلال الإنجليزي الطرق الصوفية في أفريقيا, والأحمدية في الهند وباكستان, وتأييد اليهود للبهائية.
 ولا غرابة أن يحضر السفير الأمريكي مولد البدوي في مصر, ويتم دعوة كل مهاجم للسنة أو لنص القرآن الكريم لوسائل الإعلام المختلفة, ويتم إعطاء من قال بأن القرآن هو نص قابل للنقد لقب عميد الأدب العربي, وإعطاء سلمان رشدي الجنسية والأوسمة وتعيين نصر أبو زيد في الجامعات الأوربية........ الخ.
ما غاية هذه الفرق من الشبهات؟
أ- النصارى : ينشرون الشبهات حتى يستمروا في الاعتقاد أن بالإسلام الكثير من التساؤلات والمشاكل والخرافات والتناقضات, وأنه ديانة بشرية باطلة تهتم بالجنس والملذات والعنف والإرهاب, فيكون هذا الاعتقاد بالنسبة للنصارى تحصينا لهم من قبول الإسلام أو تقبل الحوار حول محاسنه وصدقه.
ب- الملحدين والمعتنقين لغير الإسلام والنصرانية: بالإضافة إلى نفس الأهداف السابقة, يتم عرض عليهم الشبهات لمحاولة اكتسابهم في الصف النصراني بدلاً من وقوفهم على الحياد, واستخدامهم كوسيلة لنشر الشبهات حول الإسلام بين المسلمين.
ج- المسلمين:لو وضعنا تقسيماً تدريجياً حسب الولاء والانتماء للإسلام والبعد عن النصرانية, سنبدأ من المسلم الملتزم وننتهي إلى المبشر النصراني.
 -1 مسلم ملتزم.
2 -مسلم أقل التزاما.
 -3مسلم مستهتر.
 -4 فاسق.
5 - ملحد – لا ديني – لا أدري - .....
 -6نصراني.
 -7 مبشر بالنصرانية.
بملاحظة سلوك النصارى على الانترنت وفي وسائل الإعلام وخاصة الغربية منها , يتضح أن أكثر ما يزعج المبشر النصراني أو النصراني المتعصب هو الرجل المسلم الملتزم, والمرأة المسلمة الملتزمة, ويحاول النصارى جاهدين كتم الغيظ من مظاهر الالتزام الإسلامي المتمثلة في اللحية والنقاب أو الخمار,
ولكن تخرج بعض التصريحات بين الحين والآخر تظهر ما في قلوبهم مثلما أعلن ملياردير نصراني مصري يمتلك قناة فضائية عن مقته للحجاب ورغبته في محاربته بقناته التي لن تمر أفلامها على مقص الرقابه والتي منعت استخدام اللغة العربية واستبدلتها بالعامية المصرية حتى في نشرات الأخبار وتركز الكثير من برامجها حول المرأة والحرية والرقص والسينما لأغراض أخرى شيطانية.
فهم لا يحلمون أن يصبح المسلم نصرانياً, بين يوم وليلة, فلا يحلم أكثر المتفائلين من النصارى بهذا, بل إن نجاح النصراني يتمثل في نقل المسلم إلى درجة للأسفل, سواء أصبح أقل التزاماً أو ملحداً أو فاسقاً, المهم انه يكون بعيداً عن الالتزام بالإسلام وتعاليمه, ولو تحول إلى النصرانية فهذا خير بالنسبة للمبشر ولكن مجرد هبوط المسلم درجة للأسفل, فهذا قد قرب الشخص إلى التنصير وأبعده عن محاربة التنصير.
وإن أصبح أقل التزاماً أو ملحداً ولم يتنصر فعلياً, فالأمل في أبناءه أكبر, ففرصة تنصير أبناء الملحد أكثر من فرصة تنصير أبناء الملتزم دينياً الذي تربى على الإسلام.
لذلك لا يعتبر التنصير نشر شبهات فقط, بل إن له:
أ- وسائل مباشرة مثل محاولات التنصير الفعلي بالتحول إلى النصرانية عن طريق المقابلات أو المراسلة
ب- وسائل غير مباشرة أو وسائل مساعدة: يقوم بها منصرون يعلمون هدفهم جيداً من كل خطوة يخطونها, ويساعدهم منتفعون أو عميان يهاجمون ويدعمون ولا يعلمون الهدف أو السبب الرئيسي لتجنيدهم أو لدعمهم, لمهاجمة الإسلام أو نشر العري أو المناداة بالانتماء للفراعنة بدلاً من الإسلام والعروبة أو للمناداة بحرية المرأة .....الخ.
وسائل دعم التنصير ( الغير مباشرة
 -1 نشر كل ما يبعد عن القيم الإسلامية من عري واختلاط ورقص وعروض أزياء وغناء...الخ.
 -2 نشر ما يفتن المسلم بالغرب وما توصلوا إليه من حضارة وتقدم وثقافة وربط ذلك بالبعد عن الدين أو بالبعد عن الإسلام.
3  -الإساءة إلى التاريخ الإسلامي والرموز الإسلامية, بعرض السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات.
4  - الاستهزاء بالتدين والمتدينين, ووضع المتدين كنموذج مقيت في المواد الإعلامية, فيظهرونه له صوت أجش ومظهر كئيب وسيء العلاقة مع أهله وجيرانه ومتكاسل في عمله وعنيف مع زوجته وإظهار أن له جانب خفي من حياته يفعل ما يأمر الناس بتركه من زنا أو شرب خمر أو سرقة, وفي نفس الوقت إظهار المستهتر أو الملحد أو النصراني بمظهر الوديع المخلص في عمله, صاحب الخلق الرفيع والأخلاق العالية. وترديد مقولة الدين لله ولنا الأعمال والتصرفات, فينشأ بالتكرار عند العامة مقت وكره للمتدين المسلم, وحب للنصارى وتعاملهم وأخلاقهم, ويساعدهم في نشر هذا قادة الإعلام الذين تربوا على كره التدين الذي يلزمهم بما لا يطيقونه من التزام وحجاب ومنع اختلاط وغيرها.
 -5محاولة التقليل من الدراسات الدينية واللغة العربية بتهميش تدريسهما والتقليل من استخدامهما في الحياة العامة, والتوسع في مدارس الراهبات والمدارس الأجنبية وجعلها علامة للرقي العلمي والأدبي وعلامة على الوجاهة الاجتماعية لأولياء الأمور. مع علمهم بأن ابناءهم لا يتعلمون شيئا عن دينهم أو لغتهم فذكر أحد الأدباء عن هؤلاء ما نصه :
"وقد اختلطت مؤخراً مع كثير من طلبه هذه المدارس على النت في إحدى المواقع, حيث تعرضوا لمحاولات جادة للتنصير لأنهم فريسة سهلة لذلك , فتم عرض سيل من الشبهات عليهم, وأسفت أشد الأسف لانعدام المعلومات الدينية والجهل بالكتابة بالعربية, فمن استطاع منهم الرد على بعض الشبهات, كان رده بالحروف الأجنبية لتعبر عن العربية ( 3 = ع ( 7 =فعندما يريد كتابة "حرام" يكتبها haram, وعندما يريد كتابة "دعوة " يكتبها " da3wa ) أما من جاهد نفسه لكتابة بالعربية فالردود تؤسف أكثر من الشبهات نفسها.
فإن قال له النصراني " الحديث كذا "  قال أنا لا يهمني الأحاديث أغلب الأحاديث خاطئة وهكذا الردود , فالأصل والأساس ضعيف واهي, أخرج نبتة انشغلت بالأغاني والأفلام واللغة والتكنولوجيا وروايات هيجو وشيكسبير, فأصبحت تحمل الإسلام اسماً, ومعدة لتولي أكبر المناصب في المستقبل نظراً لتفوقها الاجتماعي والمادي والدراسي بحصولها على أهم الشهادات العلمية من الجامعات الأجنبية أو المميزة, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 -6إثارة المواضيع ذات الحساسية التي تحتوي على شبهات حول الإسلام, مثل اضطهاد المرأة والختان والميراث والخلع وضرب الزوجات والحجاب والنقاب وغيرها, حتى أن إحدى القنوات الأمريكية الناطقة بالعربية لها برنامج أسبوعي يذاع أكثر من مرة باسم " مساواة " يستضيف كل من له صوت ضد الإسلام عن طريق انتقاد وضع المرأة في الإسلام والمنطقة العربية.
 -7 إثارة النزعات القومية مثل نوبي وقبطي وفرعوني وكردي وتركي وغيرها.
كيف تنشأ الشبهات:
-1 الكذب والتدليس.
 -2 سوء فهم النص.
 -3عدم ثبوت النص.
 -4 انتفاء العلاقة بين النص وبين الإسلام.
 -5 نص خاص جاءت الشبهة من التعامل معه على أنه عام.
 -6 نص أو أمر ورد بعده نصاً آخر من باب التدرج في التشريع ( النسخ ).
- 7استدلالات لا علاقة لها بالمقدمات.
 -8إلقاء أحكام بناء على تصرفات فردية لأشخاص.
-9 الاستدلال بالشاذ من الآراء.
-10 التلاعب والمغالطات.
قبل أن نبين كيف يكذب, نتساءل لماذا يكذب ؟
لماذا يكذب بعض القساوسة ؟
في بعض الأحيان تكون الحقيقة واضحة ونجدهم يكذبون, فهل يكرهون الحق ؟ , أم لا يعلمون ؟
بعض القساوسة والمنصرين يتعمد الكذب في وضع شبهات للأسباب الآتية:
-1 تأويلهم لنص بولس رسولهم الذي يقول فيه إن كان صدق الرب يزداد بالكذب, فلا يوجد سبب لإدانتي ففى رسالته إلى أهل رومية 3 : 7  قال : فإنه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أدان أنا بعد كخاطئ؟
والنص في ترجمة كتاب الحياة: رومية 3 : 7 ولكن، إن كان كذبي يجعل صدق الله يزداد لمجده، فلماذا أدان أنا بعد باعتباري خاطئا؟.
2 - البعض يعتقد أن النصرانية ديانة بلا أدلة, بل هي ديانة روحية, سيشعر بصدقها من يؤمن, فلا يجد مشكلة في أن يكذب حتى يدخل غير المؤمن في الإيمان, على أمل أن يشعر بالصدق بعد إيمانه.
 -3يظن البعض أن الخير في النصرانية ويخشى هروب أتباعه, فيكذب عليهم بشأن الإسلام معتقداً أن في هذا الخير لهم بإبقائهم داخل النصرانية.
 -4 البعض أعماه الكره والحقد على الإسلام الذي ينتشر ويزداد أتباعه بالرغم من كل الحروب والمؤامرات حوله, فهدفه ليس إظهار الحق بل كل هدفه إخراج غله وحقده على الإسلام والمسلمين.
-1الكذب والتدليس.
لذلك الخطوة الأولى عند التعرض لشبهة هو التأكد من صحة القول, ولا تتعجل فهناك خطوات آخرى بعد التأكد من صدق قائل الشبهة.أمثلته :
أ- في الحلقة الثالثة من حلقات أسئلة عن الإيمان " لزكريا بطرس قال : " وفى القرآن يقول لا تكذبوا على الله وروحه " , وذلك كمحاوله منه لبيان أن الروح القدس له صفات الألوهية, لتأكيد ثالوث النصرانية. ولا توجد آية أبداً بهذا المعنى .
ب- في الحلقة الخامسة من حلقات أسئلة عن الإيمان, وكمحاولة من زكريا بطرس لبيان أن الله تعالى يتجسد حسب الاعتقاد الإسلامي أيضاً, وأن تجسده حسب اعتقاد النصرانية في شخص شيء معتاد , كذب زكريا بطرس وقال : " وفى البقعة المباركة من الشجرة بمعنى أكثر تحديداً يقول يا موسى إنى أنا الله رب العالمين أخلع نعليك لأنى بوادى المقدس طوى ". والمعروف أن الآية لأنك ( أي يا موسى ) بالوادي المقدس, وليس أن الله بالوادي المقدس.
هذه أمثلة قليلة من كذب زكريا بطرس أنشط المبشرين ومثالهم الأعلى والبطل الهمام عند النصارى في استدلالاته والمجال غير متاح لتعديد كذبه حتى في استدلاله من كتابه.
ج- من الكذب أيضاً قول القس شروش و هو عربي فلسطيني في مناظرته لديدات أمام جمهور من الأعاجم الذين لا يعرفون العربية، قوله:"المسلمون غير العرب يشعرون بأنهم مجبرون أن يحفظوا على الأقل أربعين سورة من القرآن بالعربية مع أنهم لا يتكلمونها و لا يتخاطبونها " و أي من العلماء لم يوجب مثل هذا .
د- قول وهيب خليل في كتابه " استحالة تحريف الكتاب المقدس " في سياق حديثه عن معجزات المسيح المذكورة في القرآن، فيقول: "و إن كان بعض المفسرين يحاولون أن يقللوا من شأن السيد المسيح في المقدرة قائلين : إنه يصنع هذا بأمر الله ، فنجد أن الإسلام يشهد بأن هذه المقدرة هي لله فقط ". ومن المعلوم عند كل مسلم أو مطلع على القرآن الكريم أن الذي أحال معجزات المسيح إلى قدرة الله و إذنه هو القرآن الكريم و ليس مفسروه
 














                              الباب الرابع
                 اليهود والنصارى وأذنابهم
الحق أنك ما سمعت عن مصيبة كبيرة أو صغيرة وتتبعتها وأردت معرفة مصدرها إلا و تجد بدايتها من اليهود . وكنا نتمنى أن يكون اليهود وهم أهل كتاب أن يكونوا من المهتدين أو على الأقل يلتزمون الحياد إلا أنهم فعلوا بالعالم ما لم يفعله المشركون الذين لا كتاب لهم ولا دين .
 و لو نظرت إلى المشرك وتصرفاته وإلى اليهودى وتصرفاته تعجب أشد العجب وتتسأل أيهم بدأ أولا ؟ أو بمعنى أوضح من منهم تولى إفساد الأخر ؟ لأن لديهم صفات مشتركة لا تكاد تفرق بينهم . فلنتأمل ما هو الشرك، وما هي صفات أهله. ثم نقارنها بصفات اليهود لترى أن أهل الكفر والمعادين للإسلام ملتهم واحدة :-
* الشرك بالله: هو أعظم الذنوب كما روى البخاري عن ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ( أي الذنب أعظم ؟ فقال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك… ) [رواه البخاري:4117]. لأنه الذنب الذي من مات عليه فهو مخلد في النار لا يخرج منها أبداً، وهو الذي من فعله فقد حبط جميع عمله، فلو أن رجلاً قام بصالح الأعمال في حياته كلها ولكنه قبل مماته بأيام وقع في الشرك ثم مات على ذلك فقد حبطت جميع أعماله  لقوله تعالى ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) [الزمر:65] وقال تعالى:(وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [الأنعام:88].
-- وليس هذا فحسب بل إن الشرك هو الظلم العظيم الذى قال عنه الحق سبحانه وتعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ))[لقمان:13]. يا سبحان الله! لو رأينا إنساناً يصرف شيئاً لغير مستحق لوصفناه بالظلم والتعدي، فلماذا تصرف العبادة التي هي أجلّ الأعمال وأزكاها لغير الله تعالى، الذي ما خلقك إلا لكي تحقق العبادة له وحده فقال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ))[الذاريات:56] وقوله تعالى (( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ ))[المؤمنون:115].
-- والشرك بالله هو الذنب الذي يوجب للعبد الضلال والانحراف فقال تعالى(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا ))[النساء:116].
- والشرك وأهله هم مَنْ حق عليهم العذاب السرمدي فقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ))[البينة:6].
-- وأهل الشرك هم شرُّ الخليقة ((أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ))[البينة:6] فعجب لمن يحب المشركين ويتولاهم من دون المؤمنين، بل ويساعدهم ويترك مساعدة المسلمين.
-- وأهل الشرك هم أعداء الله تعالى لقوله سبحانه وتعالى  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) [الممتحنة:1].
-- فيا أهل الإيمان هذا نداءُ من الرحمن ناداكم بأجمل الصفات فقال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا )) ((لا تتخذوا عدوي )) فبدأ بإخباركم بأنهم أعداء له تبارك وتعالى، ثم أخبركم بأنهم أعداءٌ لكم أيضاً. فالكافر مهما أظهر لكم من  المودة والمحبة والنصرة فهو (( عدو )
أخي المسلم: إن الله تعالى يعلم ما في قلب ذلك الكافر وما يُخفي في صدره تجاهك، فمتى تستيقظ وتعتقد بعداوته ؟ لك فقال تعالى((وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ))[آل عمران:118]
 فلو رأيتم ماذا يحمل ذلك الكافر من العداوة والحقد لما رضيتم لأنفسكم بالجلوس معه لحظة ولكننا غافلون.
فيا أمة الإسلام: لقد بين القرآن الكريم حقيقة الكافرين وما يدور في قلوبهم تجاه أهل الإيمان، فإذا أردنا معرفة حقيقتهم فلنعد إلى كتاب ربنا وإلى سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
* ومن أقبح صفاتهم:-
وإليك عزيزى القارئ لعضا من صفات المشركين والتى إن قرأتها تجدها شديدة الشبه بصفات اليهود وأعوانهم :-
-- البغض الشديد لكل من ينتسب للإسلام فقال تعالى( هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ [آل عمران:119] فهل أيقنت بعداوتهم يا من والى اليهود والنصارى من دون المؤمنين. فقال تعالى( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا ))[البقرة:14]  فلسانهم يخرج أحسن الكلمات وأعذب الألفاظ ولكنهم  يحملون قلوبا أقسى من الذئاب لأن الحق تعالى أخبرنا بما يفعلونه فيما بينهم فقال تعالى  ((وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ ))[آل عمران:119]
--  فهذا حالهم عندما يتركون مجالس أهل الإيمان، فقلوبهم مليئة بالغيظ حتى إنهم يعضون على أناملهم. وليس هذا فحسب بل أخبرنا سبحانه وتعالى عن حالهم أن أكرمنا الله سبحانه وتعالى فقال جل وعلا ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ))[آل عمران:120] فهم لا يحبون لنا إلا الشر والقتل والضياع. وفى المقابل إن أصابنا سؤء قال تعالى مخبرا عنهم (( وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ))[آل عمران:120]
-- فأسعد اللحظات لديهم هي لحظات المصائب التي تمر بالأمة؛ فهم يطربون ويرقصون عندما تنزف دماء الأبرياء المسلمين، ويغنون ويفرحون عندما تُباد أمة الإسلام، فهل بعد ذلك نصدق مزاعم مجلس الأمن بل " مجلس الظلم " ؟
وهاهو مندوبهم يصرح قائلاً: ليس هناك ضرورة للتقصي فيما صنعه اليهود في مخيم جنين.لا تتعجب، فهذا مما يفرحهم، وإذا فرحوا فكيف يحققون فيما أفرحهم (( وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ))[آل عمران:120].
-- ومن غريب حال أولئك الكافرين جرأتهم على الله تعالى، وما نسبوه له من النقائض؛ فاليهود قالوا: يدُ الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير.وقالوا: عزير ابن الله، ويعتقدون بأن أرواح اليهود جزء من الله، وقالوا: إن يعقوب قد صارع الله.. تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.. إلى غير ذلك من مزاعمهم الباطلة أفبعد ذلك ترجون من هؤلاء سلاماً وإخاءً، فرب العالمين لم يسلم من حقدهم وعباراتهم وباطلهم. أترجون من هؤلاء سلاماً؟!.
-- ثم انظر لجرأتهم على أنبياء الله تعالى، فقتلوا منهم ما شاءوا فقال تعالى((وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ))[آل عمران:112] وحاولوا قتل نبينا صلى الله عليه وسلم مرات عديدة، وانظر لتاريخهم المليء بالجرائم. فلماذا نتعجب من قتلهم للأطفال الأبرياء؟ لماذا نتعجب من اعتقالهم للمسلمين ووضعهم في سجون لا تليق حتى بالحيوانات؟.
-- " يا أمة المليار " اليهود طغوا وتجبروا، ودماء المسلمين ليست رخيصة، ورب العالمين ليس بغافل، والساكتون محاسبون، فالموقف بين يدي الله شديد.ومن سمات الكافرين في داخل صفوفهم " التفرق والاختلاف والنزاع ولا ينبغى أن نخشاهم فقد أخبرنا سبحانه وتعالى بحالهم فــ (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى )[الحشر:14] .
-- فيا أهل الإيمان: لا تنخدعوا بتجمعات الكافرين، ولا تخشوا من تسلط أعوان الشيطان، إن المظهر الخارجي لهم: التماسك، والتحالف ولكن في الحقيقة: أن داخل الصف تخاذل، ونزاع، واضطراب ( وقلوبهم شتى )) فها هي الخلافات في الكنيست اليهودي، وها هي الاضطرابات في صفوف الجيش، نسأل الله أن يزيد ما بينهم من خلاف ونزاع.
-- نعم.. هناك صورتان: صورة اليهود وطغيانهم وتكبرهم وقتلهم، وهذا يؤلمنا ولا شك، ولكن ينبغي أن لا نغفل عن ما يدور من خلافات ونزاعات بينهم، حتى إن بعض المستوطنات قاربت أن تكون خالية منهم .ومن قبيح أولئك الكفرة " نقض العهود " سئمنا من " المفاوضات " ومللنا من " السلام في الشرق الأوسط " .
-- لو فتحتُ كتاب الله تعالى، ترى قول الحق سبحانه وتعالى يخاطبنا فيقول ( أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ ))[التوبة:13] ولو فتحتُ صفحة أخرى فستجد قول الحق سبحانه وتعالى( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ))[المائدة:13]
--  فهم خونة ؛ يا من يطالب بالعهود لقد خانوا ربهم، أفلا يخونون العباد، ومع وضوح ذلك إلا أنك سوف ترى وتسمع من يرجو بركة اليهود وعطفهم وأمانتهم؛ والسِّر في ذلك " البعد عن كتاب الله تعالى ".
-- ومن أفعال الكافرين " الظلم والتعدي على حقوق الآخرين ". وهاهو التاريخ يعيد نفسه، فانظر لتاريخنا المعاصر لترى ماذا صنعت الأمم الضالة من الظلم والإجرام في حق العالم وخاصة عندما يكون ذلك العلم علماً إسلامياً؟.
-- وتاريخ الظالمين لا يُنسى، فدماء الأبرياء قد كتبت على صفحات التاريخ " صيحات الأسى والحزن " ولكن لا مجيب.- تُباد أمة كاملة لأجل ماذا " لأنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله  "، ولا يزال مسلسل الإجرام والظلم مستمر.
--ومن صفات أولئك الكفرة " الاستكبار، والعلو في الأرض والبغي والطغيان " ؛ فهم يتكبرون أولاً على الله جل وتعالى، فلا يعبدونه، ولا يستجيبون لدينه، مع تنبيه الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا(وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ))[النساء:172]
-- وهم يتكبرون على الرسل فلا يقبلون ما جاءوا به فتجدهم دائما يقولون كما أخبر سبحانه وتعالى عنهم ((أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ))[التغابن:6].
-- ويتكبرون أيضاً على سائر الخلق باحتقارهم، بل وتعذيبهم متى شاءوا، فانظر في التاريخ لترى كبر فرعون القائل ((أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ))[النازعات:24]، وقد وصفه الله بالعلو (( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ ))[القصص:4] ولكن كانت نهايته الغرق، والنار تنتظره.
--وانظر لتاريخنا الآن لترى صور الاستكبار لدى أولئك الشرذمة، ولكن العجب ليس من تمردهم وطغيانهم إن العجب ممن يأنس بهم ويرضى بعملهم، ويسكت عن جرائمهم.
-- وتأمل " الطاغية قارون " يمشي متبختراً متكبراً مُحتقراً لمن حوله، مهلاً: فانظر لما أمامك (( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ))[القصص:81].
-- فيا أمة الإسلام أبشروا فلقد أهلك لله تلك الأمم التي استكبرت فقال تعالى (( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ))[الحاقة:6] والذي أهلكهم قادر على أن يُهلك من سار على نهجهم فقال تعالى( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ))[الفجر:14].
-- إن الكافرين يحسدونكم يا أمة الإسلام على كل خير لديكم فقال تعالى عنهم ( مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ ))[البقرة:105].
--  إن أهل الكفر يحسدوننا حتى على الهواء الذي نتنفسه، وعلى الأمن الذي نعيشه ولله الحمد، وهذا الحسد نتج عنه الحقد والكراهية ثم محاولات ومحاولات لإفساد الثوابت في ديننا، فهاهم تنوعت وسائلهم في غزونا، نعم إنه الغزو الهادئ عبر " القنوات الفضائية فكم من شبهة حلت، وكم من شهوة أثيرت، كل هذا وغيره لأنهم يحسدوننا.يا أمة الإسلام! ما هي النتيجة في طاعتنا للكافرين على اختلاف مذاهبهم ولقد نبهنا الحق سبحانه وتعالى فقال جل وعلا(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ))[آل عمران:149] فأين العداء لأهل الكفر، أنسينا " الولاء والبراء " الذي هو قاعدة الدين وملة إبراهيم، وأصل دين الإسلام.
-- ويا سبحان الله: إن خسارة الأمم الإسلامية وما هى فيه  إنما هو من تقصيرها في هذا الأمر.فهل من عودة إلى نور الإسلام، هل من توبة يا أمة الإسلام من هذا الذنب الذي نسيناه " تولي اليهود والنصارى "
ونعجب حين نرى موالاة بعض المسلمين  للغرب ، وليس هذا فحسب بل نرى ونسمع  بين الحين والأخر الثناء الغريب والمدح لكل ما لديهم، رغم توجيه الحق سبحانه وتعالى حول هذا الموضوع فقال تعالى ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ *مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ))[آل عمران:196-197] 
-- يا أيها المعجب بالكافرين: أتعلم ماذا يتمنى الكافر يوم القيامة (( يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا ))[النبأ:40] وقبل ذلك يتمنى ذلك الكافر أنه لم يكفر بالله شيئاً؛ فيطالب بالإعادة إلى الدنيا ليعمل عملاً صالحاً فقال تعالى ( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ))[الأنعام:27] ويتمنى الكافر أنه مثلك مسلم  فقال تعالى( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ))[الحجر:2].
* فياعباد الله!
-- الكافرون جبناء لا يثبتون عند اللقاء، فلا تخشاهم ؛ وانظر للتاريخ لترى الهزائم التي حلَت بالكفر وأهله رغم قوة العدد والعدة، ولكنه الضعف والجُبن الذي استقر في قلبه.فهذه الرسالة أوجهها إلى كل من نظر لقوة الكافرين وغره ما يمتلكون من أسلحة الدمار الشامل، أقول لذلك الذي يعتقد ذلك:
أنصت لكلام الله جل وعلا وهو يقول(( وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا ))[الفتح:22] وقال جل وتعالى مبيناً ومؤكداً ضعف المشركين ((وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ))[آل عمران:111].
-- ولما لا والعالم كله ينظر إلى أطفال فلسطين وهم يقفون أمام الدبابات وهم يحملون ماذا، وبأيديهم ماذا؟ حجر صغير!!!!!!
-- ولكن في قلوبهم الثقة بالله والاعتماد على العلي الكبير، لقد دمرت تلك الأحجار قوة اليهود الجبناء، فكيف لو تملك الأطفال السلاح.
كالأنعام بل هم أضل :-
أيها الناس: قبل أن نستعد بالأسلحة والمدافع يجب أن نعود إلى كتاب ربنا لنرى أن النصر كله من عنده سبحانه وتعالى، وما هذه الأسلحة إلا وسائل قد تنفع وقد لا تنفع وإن كنا مطالبون بالاستعداد بها. فاأعداءنا جبناء فلماذا لا نستيقظ؟ إنهم يحرصون على الحياة الدنيا، ونحن نطمح إلى أن نفوز بشرف النعيم بجوار الله سبحانه وتعالى لقوله جل وعلا( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ))[آل عمران:169].
-- فاأهل الشرك هم الذين فقدوا معنى الحياة فأصبحوا كالأنعام بل هم أضل، فمهمتهم لا تتجاوز شهوة البطن والفرج، وهم يعيشون في قلق واكتئاب وحيرة لا عجب فقال تعالى عنهم ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ))[طه:124].
-- وإن أمعنت النظر في حياتهم تجد فيها كل معاني البؤس والعناء والضياع فليس هناك رحمة بالأبناء ولا بالآباء، أبناء يطردون آباءهم إلى دور الرعاية، وأم تموت في منزلها وتخرج رائحتها فيدخلون فلا أبناء ولا زوج، وذلك الأب يطالب ابنته بدفع ثمن إقامتها فى الغرفة التي تسكن فيها ويخرج ذلك الابن ليكون من رواد المخدرات.هذا هو حال أهل الكفر.
-- قال رتشارد نيكسون رئيس أمريكا الأسبق: " بلادنا قد تكون غنية بمصادرها وخيراتها ولكنها فقيرة في روحانيتها، واليوم عدونا يكمن في أنفسنا "
.وإليك عزيزى القارئ تقريرا عن حال النساء في المجتمع الكافر، لتتأمل حالها في المجتمع الغربي من مذلة وهوان وحالها فى المجتمع الشرقي من آمن وآمان مما يغيظ قلوبهم ففى الغرب :
-- (772) امرأة قتلهن أزواجهن في البرازيل عام (1980م) و يتعرض ما بين ( 3-4 ) ملايين من الأمريكيات للإهانات المختلفة من أزواجهن وعشاقهن سنوياً.
--- في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها (100) ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهن على مدار (15) سنة ماضية.
--- تتعرض في أمريكا (300) امرأة يومياً للاغتصاب.عل تعلم أن  مجلة في بريطانيا نشرت خبراً تقول فيه : إن أخطر مكان يعيش فيه الإنسان الأوروبي هو منزله؛ ونح نسألهم : لماذا؟.
-- وفى أمريكا 79% من الأمريكيين يضربون زوجاتهم وحوالى 83% دخلن المستشفى لتلقي العلاج من أثر الضرب.
-- وتقريرا يقول : 60 % من الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة باريس أثناء الليل هي نداءات استغاثة من نساء تُساء معاملتهن.فأين حقوق الإنسان في تلك البلاد التي تزعم السلام؟.
- تأملوا هذه الإحصائيات:
-- دراسة أجراها " لويسنز " عام 1977م أن ما بين 50% إلى 70% من الأمريكان لهم علاقات خارج فراش الزوجية.
-- انعدمت العذارى في بريطانيا، وأغلق صندوق الجائزة الذي كان يقدم للعذراء ليلة زفافها.
-- ظاهرة تبادل الزوجات منتشرة بشكل غريب.
-- من سن (15) تمارس الفتاة الحرية الجنسية.
-- وسائل منع الحمل تباع في الشوارع بالموزع الآلي.
-- تقرير نشرته " التايم " الأمريكية (50) مليون حالة إجهاض سنوية في العالم كله، وأن امرأة تموت كل ثلاثة دقائق بسبب ذلك.
-- وفي أمريكا وحدها يقتل (1.5) مليون ونصف المليون جنين سنوياً بسبب الإجهاض.
-- في أمريكا يقع (100) ألف حادث اغتصاب في عام (1990م) أي بمعدل (122) حالة في الساعة وفي جنوب أفريقيا (10) حالات كل دقيقة.• في أمريكا (19) مليون طفل ابن حرام.
هذا غيض من فيض من حال المرأة الغربية التي تحررت من كل القيود، هذه حضارتهم والشر يملؤها ماتت على صرحها الأخلاق والشيم.
--- فيا دعاة التحرير، يا من تريدون من فتاة الإسلام أن تنزع الحجاب، وترتدي البنطلون وتزاحم الرجال في الأعمال.- أما رأيتم ماذا يجري لنساء الغرب لما خرجن عن أعفاف الدين أمالنا فيهم عبرة (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ))[يوسف:111].فماذا لديهم إذن لنخشاهم ؟
* نسوا الله فأنساهم أنفسهم
-- فقال تعالى (( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ))[الأعراف:50-51]
--فالكافرون تعاموا عن رؤية الحق وأغمضوا أعينهم عن النظر في أدلة الحق، فالنتيجة هو حالهم  يم القيامة حين يقول  كل منهم كما أخبر الحق سبحانه وتعالى ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ))[طه:125-126].
--أهل الكفر هم قوم أطاعوا قادتهم وأئمة الضلال فكانت النهاية " ناراً تلظى " وعندما يجتمعون سوياً في النار يكون بينهم  هذا الحوار بين المتبوعين وأتباعهم (( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ))[غافر:47-48].
--بل إن الأتباع يدعون على قادتهم بزيادة العذاب (( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ))[الأحزاب:67-68].
-- فهذا نداء إلى من أطاع القادة في غير طاعة الله، يا من رضي لنفسه غير ما رضيه الله له، تبرأ من قادتك وزعمائك قبل أن تلتقي بهم في النار وتلعنهم ويلعنوك فقال تعالى (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ))[الأعراف:38] وقال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ))[البقرة:167].
-- أهل الكفر يسعون ويكدحون لإطفاء نور الإسلام فا أخبرنا سبحانه وتعالى بأنهم ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )[الصف:8] ولن يرضوا عن المجتمعات ولا عن الشعوب إلا بشرط واحد بينه الحق سبحانه وتعالى فى قوله جل وعلا (( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ))[البقرة:120].
--ولو تأملت ملف الصراع من بداية دعوة الأنبياء لعلمت حقاً بأن اليهود والنصارى ومن والاهم إنما يريدون القضاء على الإسلام وأهله، فكفي مخادعة.وكتاب ربنا ببين أيدينا،وسنة نبينا جلية واضحة لمن تأملها، وهاهو تاريخ واقعنا ينطق.
--  فماذا صنع اليهود يا دعاة السّلام، وماذا صنع الهندوس بالمسلمين؟ دماء تنزف، وأعراض تنتهك ما ذنبهم  فقال تعالى (( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8].
--ومن سماتهم " الصد عن سبيل الله " فهم لا يريدون الإسلام أن ينتشر في العالم، بل ويحاربونه ويحاربون أهله، وقد وصفهم الله بالصد عن سبيله تعالى (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا ))[النساء:167].
-- بل وإن المتأمل في واقع المنصرين وجهودهم ليرى البذل والإنفاق لأجل تنصير المسلمين وللصد عن سبيل الله تعالى ومصداق ذلك قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )[الأنفال:36].
-- فهم قد اتفقوا على حرب الإسلام، وحرب كل ما يتعلق به، أتريد شاهداً واقعياً على " الصد عن سبيل الله ":
-- محاربة الحجاب في تركيا، التي كانت إسلامية، بل إن مجموعة من  الطالبات فُصلن من الجامعة لأجل تمسكها بالحجاب.
-- في بعض البلاد " يُراقب من يؤدي الصلوات الخمس في المساجد ويحقق معه " خشية أن يكون ضمن جماعة " إرهابية "
-- في بعض البلاد تُحارب العقيدة السلفية ويُلقبونها بـ " الوهابية " ومن يُرى وهو يحمل كتاب التوحيد يُضرب ويُهان؛ لأنه وهابي، في حين ترى المذهب الصوفي والرافضي والقبوري يُشجع ويُدعم وتأتيه الحوافز لنشره " إنه الصد عن سبيل الله "
--ومن صور الصد عن سبيل الله: هدم المساجد ومنع الصلاة فيها كما جرى في فلسطين حيث عُطِّل (1200) مسجد ما بين هدم وتغيير، وبعضها حولت لمعابد لليهود، وبعضها إسطبل للخيل.
-- ومن صور الصد عن الدين: تشويه سمعة الإسلام فهو عند الغرب دين القتل والإرهاب والتشريد.وهم ينقلون في وسائل الإعلام عندهم أبشع الدلائل والصور عن الإسلام، وعامة الشعب هناك قد لا يكون قد سمع عن الإسلام إلا عن طريق وسائل الإعلام لديه فيصيبه الخوف من التمسك بالإسلام فضلاً عن البحث عنه." إنه الصد عن سبيل الله تعالى " ومن صوره:
--- تعذيب المسلمين وقتلهم وتشريدهم، كما جرى في البوسنة، وفلسطين، وكشمير، وأفغانستان، والهند، والعراق، وغيرها مما لا نعلم، ولكن الله يعلم.ولكن مع توالي ذلك الصد في هذا العصر وبشكل لا غموض فيه فإن المستقبل لهذا الدين، والنصر قادم، وكلما طال الظلام فإن الصبح قريب، والفجر آت ولو بعد حين، وربك بالمرصاد لكل الطغاة.
* فمهلاً يا طغاة، فالله ليس بغافل، واعلموا أنه شديد الانتقام فمن أهلك عاد وثمود، ومن أرسل الموج على قوم نوح، ومن أغرق فرعون، ومن خسف بقارون، إنه الله الجبار القهار جل جلاله. لقد تحدثنا عن المشركين وصفاتهم ورأينا كم هى شديدة الشبه بصفات اليهود والأن نتابع صفات الكافرين ونرى هل يشتركون مع اليهود فى صفات أم لا ؟
الكافر:
والكفر في اللغة : ستر النعمة وأصله الكفر ـ بالفتح ـ أي: الستر
وفي الشرع: "إنكار ما عُلِم بالضرورة مجيءُ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ به.
وأصل الكفر التغطية
قال أبو العباس المقري: ورد لفظ الكفر بمعنى: سَتْر التوحيد وتغطيته
ويأتي بمعاني مختلفه منها :-
ـ الجحود؛ بأن يعرفه قلبًا وينكره لسانًا، ككفر إبليس فقال تعالى (فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ) أي جحدوه.
ـ وكفر النعمة؛ فقال تعالى (فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً ) وقوله تعالى (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ ) أي النعمة. وكذلك قوله تعالى(وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) أي نعمتي.
ـ والبراءة؛ لقوله تعالى(كَفَرْنَا بِكُمْ) أي تبرَّأنا منكم.  وقوله تعالى(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ) أي يتبرأ منه.
وكفر نفاق: بأن يُقرّ لسانا ويُنكر قلبا.
وكفر إنكار: بأن لا يعرف الله أصلاً ولا يقر به.
كفر عناد: بأن يعرف الله بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به، ككفر أبي طالب
وجميعها قاض بخلود من لقي الله بواحد منها في النار أبدًا.
والكفر نوعان: أصغر ، وهو شامل للمعاصي
وأكبر: وهو المخرج من الملة كسب الله والمشرك:
ومن المعلوم أن الشرك نوعان :أكبر: وهو تسوية غير الله به تعالى .وأصغر: وهو ما كان ذريعة للأكبر.
وبعض العلماء يجعلونه: أكبر.وأصغر.وخفي.: وهو الرياء.السجود للأصنام.
إذن فالفارق بينهما :-
-- الكفر هو جحد الحق وستره ، فأصل الكفر في اللغة : التغطية ، وأما الشرك فهو صرف العبادة لغير الله تعالى .
-- فالكفر قد يكون بالجحود والتكذيب ، أما المشرك فإنه يؤمن بالله تعالى ، هذا هو الفرق بين المشرك والكافر ‏.‏
وقد يأتي كل من اللفظين بمعنى الآخر ، فيطلق الكفر بمعنى الشرك ، ويطلق الشرك بمعنى الكفر .
قال النووي رحمه الله :
" الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى ، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبادة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش ، فيكون الكفر أعم من الشرك ""شرح صحيح مسلم" (2/71
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" الكفر جحد الحق وستره ، كالذي يجحد وجوب الصلاة أو وجوب الزكاة أو وجوب صوم رمضان أو وجوب الحج مع الاستطاعة أو وجوب بر الوالدين ونحو هذا ، وكالذي يجحد تحريم الزنا أو تحريم شرب المسكر أو تحريم عقوق الوالدين أو نحو ذلك .
-- أما الشرك فهو : صرف بعض العبادة لغير الله ، كمن يستغيث بالأموات أو الغائبين أو الجن أو الأصنام أو النجوم ونحو ذلك ، أو يذبح لهم أو ينذر لهم ، ويطلق على الكافر أنه مشرك ، وعلى المشرك أنه كافر ، كما قال الله عز وجل : ( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون/117
 وقال سبحانه : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ) المائدة/72 ، وقال جل وعلا في سورة فاطر : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر/13، 14 ، فسمى دعاءهم غير الله شركا في هذه السورة ، وفي سورة المؤمنون سماه كفراً .
وقال سبحانه في سورة التوبة : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة/32، 33 ، فسمى الكفار به كفاراً ، وسماهم مشركين ، فدلَّ ذلك على أن الكافر يسمى مشركاً ، والمشرك يسمى كافراً ، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة ،
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْك الصَّلاةِ ) ، أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/174، 175) .
وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً - :
" ومن الشرك أن يعبد غير الله عبادة كاملة ، فإنه يسمى شركا ، ويسمى كفرا ، فمن أعرض عن الله بالكلية وجعل عبادته لغير الله كالأشجار أو الأحجار أو الأصنام أو الجن أو بعض الأموات من الذين يسمونهم بالأولياء ، يعبدهم أو يصلي لهم أو يصوم لهم وينسى الله بالكلية ، فهذا أعظم كفرا وأشد شركا ، نسأل الله العافية ،
وهكذا من ينكر وجود الله ، ويقول ليس هناك إله ، والحياة مادة ، كالشيوعيين والملاحدة المنكرين لوجود الله ، هؤلاء أكفر الناس وأضلهم وأعظمهم شركا وضلالا نسأل الله العافية ، والمقصود أن أهل هذه الاعتقادات وأشباهها كلها تسمى شركا ، وتسمى كفرا بالله عز وجل ، وقد يغلط بعض الناس لجهله فيسمي دعوة الأموات والاستغاثة بهم وسيلةً ، ويظنها جائزة ، وهذا غلط عظيم ؛ لأن هذا العمل من أعظم الشرك بالله ، وإن سماه بعض الجهلة أو المشركين وسيلة ، وهو دين المشركين الذي ذمهم الله عليه وعابهم به ، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لإنكاره والتحذير منه "
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4/32، 33
وبناء على ماسبق فإن هناك سؤال يطرح نفسه : هل اليهود والنصارى كفار مشركون ؟
نذكر لك عزيزى القارء صفات الكفار والمشركين وأترك لك الحكم  فاليهود والنصارى جحدوا الحق ، وكذبوا به ، و عبدوا غير الله تعالى .
فقال الله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ . اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/30، 31
 . ولقد وصفهم الحق سبحانه وتعالى  هنا بالشرك ، وفي سورة البينة وصفهم بالكفر ، قال الله تعالى : ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) البينة/1 . قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ردّاً على من قال : إن لفظ المشركين بإطلاقه لا يتناول أهل الكتاب :
" والأقرب أن أهل الكتاب داخلون في المشركين والمشركات عند الإطلاق رجالهم ونساؤهم ؛ لأنهم كفار مشركون بلا شك ، ولهذا يمنعون من دخول المسجد الحرام ، لقوله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) التوبة/28.
ولو كان أهل الكتاب لا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق لم تشملهم هذه الآية ، ولما ذكر سبحانه عقيدة اليهود والنصارى في سورة براءة قال بعد ذلك : ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31 ، فوصفهم جميعا بالشرك ؛ لأن اليهود قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى قالوا : المسيح ابن الله ؛ ولأنهم جميعاً اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ، وهذا كله من أقبح الشرك والآيات في هذا المعنى كثيرة "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4/274
وليت الأمر يقف باليهود والنصارى عند هذا الحد بل نجدهم شديدى الشبه بغيرهم من الطوائف الأخرى وإنما نذكر لك ذلك عزيزى القارئ لترى ولتعلم أن الكفر كله ملة واحدة : كفار ؛ مشركين ؛ فاسقين ؛ زنادقة ؛ ملحدين ؛ علمانيين ......إلخ  وإن كانت قلوبهم شتى فهم متفقون علينا ؛  لأنهم جميعا متفقون فى هدف واحد ألا وهو " يبغونها عوجا "
ولقد تكلمنا عن اليهود والنصارى ومشابهتهم بالكفر والشرك فهيا بنا نستعرض الفاسقين والملحديين والزنادقة ثم العلمانيين ونرى هلى هناك توافق بينهم أم لا ؟ ثم لنعلم أن أهل الكفر وإن كانوا أكثر عدد فالله جل وعلا " أكثر جمعا " وإن كانوا أكثر مالا  فالله عنده خزائن السموات والارض "وإن كانوا أكثر قوة فالله " هوالقوى المتين " فلا ينبغى إذن ان نخشاهم فهم غثاء كغثاء السيل " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى " وأضف إلى ذلك أن الله معنا ومتم وعده ووناصر جنده ومتم نوره لو كره الكافرون 
الفاسق:-
-- الفسق اسم عام يشمل الكفر، والكبائر، وبقية المعاصي،
والفسق لغة: الخروج عن الشيء، أو القصد، وهو الخروج عن الطاعة، ويعين بالفسق: الفجور.
وأما المقصود بالفسق اصطلاحًا: فقد تنوعت عبارات العلماء في ذلك، ومنها:
يقول ابن عطية والقرطبي : 'الفسق في عرف الاستعمال الشرعي: الخروج من طاعة الله ـ عز وجل ـ فقد يقع على من خرج بكفر، وعلى من خرج بعصيان'
وقال الألوسي:'الفسق شرعًا: خروج العقلاء عن الطاعة، فيشمل الكفر ودونه من الكبيرة والصغيرة، واختص في العرف والاستعمال بارتكاب الكبيرة، فلا يطلق على ارتكاب الآخرين إلا نادرًا بقرينة'
أقسام الفسق:-
الفسق له عدة أقسام باعتبارات مختلفة، فهو ينقسم إلى:
                             فسق يخرج عن الإسلام. وفسق لا يخرج عن الإسلام.
--اما الفسق الذي يخرج عن الاسلام هو فسق الكفر وهو المذكور في غالب آيات القرآن الكريم،
ويقول في ذلك ابن الوزير: 'قد ورد في السيرة ما يدل على أن الفاسق في زمان النبي، صلى الله عليه وسلم،يطلق على الكافر كثيرًا، كقوله تعالى:( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) وقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ)وذكر آيات كثيرة ثم قال: 'فهذه الآيات دالة على أن الفاسق في العرف الأول يطلق على الكافر .
 -- اما الفسق الذي لا يخرج من الملة يمكن تقسيمه إلى :
                                   فسق الإعتقاد، وفسق العمل.
أما فسق الاعتقاد ههنا: ما قاله ابن القيم :'فسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرًا مما أثبت الله ورسوله، جهلاً وتأويلاً، وتقليدًا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله.
-- وأما فسق العمل فأمثلته كثيرة وإطلاقاته متعددة،كما جاء ذلك في النصوص الشرعية،وآثار أهل العلم، ولعل ما يضبط ذلك ما قاله النووي رحمه الله:'وأما الفسق فيحصل بارتكاب الكبيرة، أو الإصرار على الصغيرة' فيسمى القاذف فاسقًا، كما جاء في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
-- ويطلق على الكاذب فاسقًا، كما في قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )
-- وتسمى محظورات الإحرام فسوقًا، حيث يقول تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
-- ويعد التنابز بالألقاب فسوقًا، كما في قوله تعالى: ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ )
-- وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الرويبضة فويسقًا، فقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ)
قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ: [ الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ]
قال البيضاوي:'والفسق إذا استعمل في نوع من المعاصي دل على عظمته كأنه متجاوز عن حده'
* رأي أهل السنة في الفاسق:-
مرتكب الكبيرة عند أهل السنة لا يخرج من الايمان بالكلية مع أنه فاسق بكبيرته، فيمكن اجتماع الإيمان مع هذا الفسق الأصغر ومن ثم فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وأمره إلى الله تعالى، إن شاء غفر له برحمته، وإن شاء عذبه بعدله، ومآله إلى الجنة فيما بعد؛ فأهل السنة متفقون على أن فساق أهل الملة ـ وإن دخلوا النار، أو استحقوا دخولها ـ فإنهم لابد أن يدخلوا الجنة.
وما قوله صلى الله عليه وسلم: [لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌوَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ] رواه البخاري ومسلم . لا يعني مخالفة أهل السنه في رأيها في الفاسق عن رأي رسول الله إنما لهذا الحديث معنى نوضحه كالتالي :هو مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، فلا يعطي الاسم المطلق، ولا يسلب مطلق الاسم'
*رأي الفرق الاخرى في الفاسق:-
-- الأشاعرة: فنجد فيهم من يجعل الفاسق الملي مؤمنًا بإطلاق، ويعتبرونه مؤمنًا حقًا
-- المعتزلة : فالفاسق عندهم ليس مؤمنًا، كما أنه ليس كافرًا، بل هو في منزلة بين المنزلتين، فلم يقل احدهم بإيمان مرتكب الكبيرة سوى الأصم. ولما كان مرتكب الكبيرة ـ عندهم ـ فاسقًا غير مؤمن، لذا حكموا عليه بالخلود في النار
".إضافة إلى ذلك فقد حذر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الحكم بالفسق على شخص مادون بينة، وإقامة للحجة، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ وَلَا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ] رواه البخاري.
* الزنديق:-
--وهو لفظ فارسي معرب. أصل لفظه (زنده كرد) الذي يرى الحياة المادية ولا يؤمن بالروحانيات والغيبيات ومعنى زنده اي الحياة وكرده اي العمل و أصل الزندقة هو القول بمذهب الدهرية ثم وسع معناه فشمل كل مارق عن الشريعة ببدعة مكفرة .وقد أطلقه الإمام أحمد على بعض المبغضين لأهل الحديث وهو ابن أبي قتيلة لما قيل له إنه بمكة يسب أهل الحديث ، فقام ينفض ثوبه وقال: زنديق، زنديق، زنديق.
-- والزندقة في كلام نفر من أهل العلم تعني : الملحد الذي لا دين له، وهذا هو المعنى الشائع للكلمة.ويعرف ايضا : بأنه هو الذي نفاقه اعتقادي ولكنه يظهر كفره ويدعو له ويعرف ذلك عنه وإذا أقيمت عليه الحجة واستتيب جحد ما ظهر منه من الكفر .ويعرف بأنه : المُلحد المُنكر للمبدأ و المعاد الذي لا يتمسك بشريعة ، و قديماً كان يُعَبَّرُ عنه بالدَّهْرِي .
ويقول مجموعه من العلماء في تعريف الزنديق :
-- قال مالك: (الزنديق ما كان عليه المنافقون و كذا أطلق جماعة من الشافعين و غيرهم أن الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
-- والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره سواء أبطن دينا من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم أو كان معطلا جاحدا للصانع والمعاد والأعمال الصالحة ومن الناس من يقول الزنديق هو الجاحد المعطل وهذا يسمى الزنديق في اصطلاح كثير من أهل الكلام والعامة ونقلة مقالات الناس ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه هو الأول)
-- قال النووي: (الزنديق الذي لا يتبع دينا) فكل زنديق منافق من غير عكس )
قال ابن حجر في فتح الباري " قال أبو حاتم السجستاني وغيره : الزنديق فارسي معرب أصله زنده كرداي ، يقول بدوام الدهر ؛ لأن زنده : الحياة ، وكرد : العمل .
* الملحد:-
-- الملحد لغة هو : لحَدَ في الدِّينِ يَلْحَدُ وأَلحَدَ: مالَ وعدَل، وقيل: لَحَدَ مالَ وجارَ.
-- أما في الاصطلاح : فهو الميل عن ما يجب اعتقاده أو عمله ويقول ابن السكيت: المُلْحِدُ العادِلُ عن الحق المُدْخِلُ فيه ما ليس فيه، يقال قد أَلحَدَ في الدين ولحَدَ أَي حاد عنه، وأصل الإلحاد الميل عن الحق.وقد اشتهر بهذا اللقب الدهرية والقائلين بقدم العالم ، وهو عام يشمل كل زائغ عن طريقة الحق من أهل البدع المضلة.
* والإلحاد نوعان:   إلحاد أكبر وإلحاد أصغر .
* فالإلحاد الأكبر : الذي هو الميل عن الإسلام كله إلحاد أكبر مخرج عن الملة كإلحاد الشيوعيين والمشركين ومن ضاههم
* والإلحاد أصغر :لا يخرج من الملة كالإلحاد في بعض الأعمال كقوله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) أي بمعصية صغرى والكبرى أشد وأعظم
ومن امثلة الإلحاد : الإلحاد في اسماء الله جل وعلا وصفاته وهو ينقسم إلى أقسام :
* القسم الأول أن ينكرها إنكاراً كليا فينكر الأسماء والصفات ويدعي أن هذه الأسماء والصفات للمخلوقات وليست للخالق كما يفعله غلاة المعطلة من القرامطة والباطنية ونحوهم .
* الثاني إلحاد في الأسماء فقط بأن يثبتها لله عز وجل لكن ينفي ما دلت عليه من الصفات مثل أن يقول أن الله سميع ولا سمع له بصير ولا بصر له عليم ولا علم له وما أشبه ذلك فهذا أثبت الأسماء ولكن لم يثبت ما دلت عليه من الصفات .
* الثالث ومن الإلحاد في الأسماء أن يثبت الأسماء لكن يجعلها دالة على التمثيل فيقول أن لله تعالى أسماء يثبت ما دلت عليه من الصفات على وجه المماثلة ونقول أن لله تعالى علما لكن علمه مماثل لعلم المخلوق . وكذلك من يمثل في الصفات وهو ملحد فيها كالذي يقول إن لله تعالى وجها لكنه مماثل لأوجه المخلوقين وما أشبه ذلك فالتمثيل في الأسماء والصفات هذا من الإلحاد .
* الرابع ومن الإلحاد أيضا أن نسمي الله بما لم يسمي به نفسه فيسميه الصانع والساخر وما أشبه ذلك فيثبت لله تعالى أسماء من عنده فإن هذا إلحاد وذلك لأن الواجب في أسماء الله أن يقتصر فيها على ما ورد .
* الخامس ومن الإلحاد يثبت لله تعالى بعض الصفات دون بعض بأن يثبت لله تعالى من الصفات ما يزعم أن العقل دل عليها وينفي من الصفات ما يزعم أن العقل لا يدل عليها فإن هذا من الإلحاد والتعطيل والإيمان ببعض الكتاب دون بعض .
* السادس ومن الإلحاد في أسماء الله أن يسمي بها الأصنام ويشتق للأصنام أسماء من أسماء الله كقولهم اللات والعزي أخذوا الأول من الله وهو إسم من أسماء الله جل وعلا وأخذوا الثاني من العزيز وهو إسم من أسماء الله تعالى.
                     


                    * العَلْمانِيَّة *
ـ بفتح العين ـ مشتقة من الكلمة عَلْم، وهي مرادفة لكلمة عالَم. قارن الإنكليزية Laicism والفرنسية Laïcisme وهما مشتقتان من الكلمة اليونانية: Λαος/لاوُس/ "شعب"، "رعاع" أي عكس "الكهنة" وهم النخبة في الماضي. من ثم صارت الكلمة تدل على القضايا الشعبية "الدنيوية"، بعكس الكهنوتية "الدينية".
-- وكلمتنا العربية هي ترجمة مستعارة من السريانية لأن السريان اشتقوها أولا في لغتهم ترجمة مستعارة عن اليونانية أيضاً. (قارن السريانية: /ܥܠܡܐ: عَلْما/ "العالم، الدهر، الدنيا"، فالعلماني في السريانية هو "الدنيوي، الدهري "
 ولا علاقة لهذا المعنى بالعِلم (بكسر العين). ومن الجدير بالذكر أن الجذر السامي /ع ل م/ يفيد في جميع اللغات السامية معاني "الدهر، الدنيا، العالم، الزمن اللامتناهي"، إذ يجانس كلمة "العالم" عندنا كل من الكلمات السريانية: /ܥܠܡܐ: عَلْما/، والعبرية: /עולם: عُولَم/، وكذلك البابلية: /عَلونو/، والحبشية: /عالَم/.. فالكلمة السريانية أعلاه ترجمة مستعارة عن اليونانية كما نرى لأن "الدنيا" من معاني الكلمة السريانية /ܥܠܡܐ: عَلْما/ أيضاً.
وفي تعريف آخر للعلمانية:
--  هي رفض أية سلطات تشريعية أو تنفيذية في الدين تتدخل بحياة الفرد. فالدين في العلمانية ينتهي عندما يخرج الفرد من المسجد أو من الكنيسة. مثال للتوضيح: لو حكم على شخص بالإعدام على أساس ديني فهذا الحكم مرفوض في النظرة العلمانية. فيجب أن يكون الحكم مبني على قانون قضائي وطني تضعه حكومة الدولة ولا يتدخل رئيس الدولة فيه لأنه يجب أن يكون القضاء مفصولاً عن الحكم.



وفى تعريف ثالث للعلمانيه :
 هو استخدام أساليب المنهج العلمى البحثى التجريبى القائم على العقل العلمى قي إداره جميع شئون الحياه بعيدا عن أى معتقدات دينية بأى شكل من الأشكال - حيث أن المعتقدات الدينية بطبيعتها تقسم البشر لأصناف بين أتباع مؤمنين ومخالفين غير مؤمنين .
فالعلمانية لا تنهى عن اتباع دين معين أو ملة معينة، بل تنادى فقط بأن يتم فصل الدين عن السياسة والدولة، وبأن تكون الأديان هي معتنق شخصي بين الإنسان وربه.
* ماهية العلمانية
"العَلْمَانِيَّة" ترجمة غير دقيقة، بل غير صحيحة لكلمة "Secularism" في الإنجليزية، أو "Sécularité" أو "laïque" بالفرنسية، وهي كلمة لا علاقة لها بلفظ "العِلْم" ومشتقاته، على الإطلاق. فالعِلْم في الإنجليزية والفرنسية يعبر عنه بكلمة "Science"، والمذهب العِلْمِي، نُطلق عليه كلمة "Scientism"، والنسبة إلى العِلْم هي "Scientific" أو "Scientifique" في الفرنسية، والترجمة الصحيحة للكلمة هي "الدنيوية"، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص، وهو ما لا صلة له بالدِّين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.
تعريف المعاجم للعلمانية :
-- تقول دائرة المعارف البريطانية مادة "Secularism": "وهي حركة اجتماعية، تهدف إلى صرف الناس، وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة، إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها، وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا، والتأمل في الله واليوم الآخر، وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ "Secularism" تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية، وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة.
-- ويقول قاموس "العالم الجديد" لوبستر، شارحاً المادة نفسها:
1-الروح الدنيوية، أو الاتجاهات الدنيوية، ونحو ذلك على الخصوص: نظام من المبادئ والتطبيقات "Practices" يرفض أي شكل من أشكال الإيمان والعبادة.
2-الاعتقاد بأن الدين  لا دخل له في شئون الدولة، وخاصة التربية العامة.
-- ويقول "معجم أكسفورد" شارحاً كلمة ":Secular"
1-دنيوي، أو مادي، ليس دينياً ولا روحياً، مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للدين .
2-الرأي الذي يقول: إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية.
-- ويقول "المعجم الدولي الثالث الجديد" مادة "Secularism":
"اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص، يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية، يجب ألا تتدخل في الحكومة، أو استبعاد هذه الاعتبارات، استبعاداً مقصوداً، فهي تعني مثلاً السياسة اللادينية البحتة في الحكومة". "وهي نظام اجتماعي في الأخلاق، مؤسس على فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية على اعتبارات الحياة المعاصرة والتضامن الاجتماعي، دون النظر إلى الدين".
على المستوي السياسي
-- تطالب العلمانية بحرية الاعتقاد وتحرير المعتقدات الدينية من تدخل الحكومات والأنظمة، وذلك بفصل الدولة عن أية معتقدات دينية أو غيبية، وحصر دور الدولة في الأمور المادية فقط. لقد استخدم مصطلح "Secular" (سيكولار) لأول مرة مع توقيع صلح وستفاليا - الذي أنهى أتون الحروب الدينية المندلعة في أوروبا - عام 1648م، وبداية ظهور الدولة القومية الحديثة (أي الدولة العلمانية) مشيرًا إلى "علمنة" ممتلكات الكنيسة بمعنى نقلها إلى سلطات غير دينية أي لسلطة الدولة المدنية.
-- والعلمانية هي عموما التأكيد على أن ممارسات معينة أو مؤسسات الدولة ينبغي أن توجد بمعزل عن الدين أو المعتقد الديني. وكبديل لذلك، مبدأ العلمانية تعزيز الأفكار أو القيم إما في أماكن عامة أو خاصة. كما قد يكون مرادفاً للـ "الحركة العلمانية". في الحالات القصوى من ايديولوجيا العلمانية تذهب إلى أن الدين ليس له مكان في الحياة العامة.
-- وفي أحد معانيها، العلمانية قد تؤكد حرية الدين، والتحرر من فرض الحكومة الدين على الناس، أن تتخذ الدولة موقفاً محايداً فيما يخص مسائل العقيدة، ولا تعطي الدولة امتيازات أو إعانات إلى الأديان. بمعنى آخر، تشير العلمانية إلى الاعتقاد بأن الانشطة البشرية والقرارات، ولا سيما السياسية منها، ينبغي أن تستند إلى الأدلة والحقيقة بدلاً من التأثير الديني.
--والعلمانية هي أيديولوجيا تشجع المدنية والمواطنة وترفض الدين كمرجع رئيسي للحياة السياسية، ويمكن أيضاً اعتبارها مذهب يتجه إلى أنّ الأمور الحياتية للبشر، وخصوصاً السياسية منها، يجب أن تكون مرتكزة على ما هو مادي ملموس وليس على ما هو غيبي، وترى أنّ الأمور الحياتية يجب أن تتحرر من النفوذ الديني.
 ولا تعطي ميزات لدين معين على غيره، على العكس من المرجعيات الدينية تعتمد على ما تعتقده حقائق مطلقة أو قوانين إلهية لا يجوز التشكيك في صحتها أو مخالفتها مهما كان الأمر، وتُفسّر العلمانية من الناحية الفلسفية أن الحياة تستمر بشكل أفضل ومن الممكن الاستمتاع بها بإيجابية عندما نستثني الدين.
* علاقة العلمانية بالليبرالية والديمقراطية
-- العلمانية بمعناها الأشمل الذي يعني فصل الدين عن الحياة (ومن ضمنها الحياة الشخصية) قد يكون هو الأكثر تميّزا من معاني العلمانية عن المفردات الاُخرى بينما قد يشترك اللفظ لمن يعرّفها بمعناها الضيق والذي يعني فصل الدين عن الدولة مع بعض مبادئ الليبرالية، حيث تذكر الموسوعة البريطانية ذلك المعنى ضمن الليبرالية.
-- من جهة اُخرى فإن الديمقراطية بمعناها الضيق وهو حكم الأغلبية بدون الاهتمام لحريات الأفراد وهو ما يدعى بالديمقراطية اللاليبرالية، فإنها بهذا المعنى لا تقتضي فصل الدين عن الدولة بالضرورة بل تعتمد على اختيار أغلبية الشعب التي قد تكون دينية كما يمكن أن تكون لادينية. لكن إذا أدخلنا حرية التعبير اللازمة لمنافسة عادلة للمعارضة السياسية في تعريف الديمقراطية فيستلزم ذلك فصل الدين عن الدولة بما يسمح بحرية الأفراد في التعبير بلا قيود دينية إذ بدون هذه الحرية لا يمكن للسياسيين والمفكرين العلمانيين أن يعبّروا عن آرائهم مما يخل بمبدأ الحرية الأساسية للدعاية الانتخابية التي يمكن أن تتضمن ما هو مخالف للدين.
-- كذلك فإن العلمانية بمعناها الضيق ليست الا جزءا من معنى الليبرالية فهي تفصل الدين فقط عن الدولة وهذا لا يكفي لضمان حرية وحقوق الأفراد بينما تفصل الليبرالية جميع المعتقدات الشمولية عن الدولة سواء كانت دينية أو غير دينية، ومن أمثلة انتهاك حريات وحقوق الأفراد لأسباب غير دينية حكم ستالين في الاتحاد السوفيتي السابق، وحكم هتلر في ألمانيا النازية.
-- أما المعنى الأشمل للعلمانية المتمثل بفصل الدين عن الحياة والاهتمام بها على حساب الدين فهو واحد من الخيارات التي تتيحها الليبرالية لأفرادها كما تتيح لهم أيضا الاهتمام بالدين على حساب الحياة إذا رغبوا ذلك بشرط عدم إرغام الأفراد على أي رأي معيّن بشأن الدين أو غيره.
* الحجج المؤيدة والمعارضة للعلمانية
-- الحجج التي تدعم العلمانية تختلف اختلافاً كبيراً. وقد ذهب البعض إلى أن العلمانية هي حركة في اتجاه التحديث، بعيداً عن القيم الدينية التقليدية. وهذا النوع من العلمانية، وعلى المستوي الاجتماعي أو الفلسفي، فقد وقعت في كثير من الأحيان مع الاحتفاظ به الكنيسة الرسمية للدولة أو غيرها من دعم الدولة للدين. في الولايات المتحدة، يقول البعض أن الدولة العلمانية قد ساعدت إلى حد كبير في حماية الدين من التدخل الحكومي، في حين أن العلمانية على المستوي الاجتماعي أقل انتشاراً داخل البلدان أيضاً، غير أنه يختلف دعم الحركات السياسية للعلمانية لأسباب متفاوتة.
يجادل معارضوا الحكومة العلمانية بأنها تخلق من المشاكل أكثر مما تحل، وأن حكومة دينية (أو على الاقل ليست علمانية) ستكون أفضل. بعض المسيحيين يحادلون بأن في إمكان الدولة المسيحية إعطاء المزيد من حرية الدين أكثر مما تعطيه دولة علمانية، وأشاروا إلى النرويج وايسلندا وفنلندا والدانمرك، مع جميع الصلات الدستورية بين الكنيسة والدولة، ولكن كما اعترف أكثر تقدمية وليبرالية من بعض البلدان دون هذا الربط.
على سبيل المثال، ايسلندا كانت من بين أوائل البلدان الساعية إلى تقنين الاجهاض، والحكومة الفنلندية وفرت التمويل اللازم لبناء المساجد.
-- والسبب الذى يستشهد العلمانيون به فى أوروبا في العصور الوسطى  هو فشل النظام الشمولي الذى وصلت إليه أوروبا من تردي عندما حكمت الكنيسة أوروبا وتعسّفها تجاه كل صاحب فكر مغاير لها. لذلك فهم يرتؤون أن الكنيسة لا يجب أن تخرج من نطاق جدران الكنيسة لتتحكم في قوانين الميراث والوقوف في وجه النهضة العلمية ونعتها بالسحر إبّان العصور الوسطى.
وعلى أرض الواقع يعلن كثير من العلمانيين (العرب باللأخص)أنهم يؤمنون بالدين ولكن بشكل تجديدي عصري، متطور متحرك. فيتحول الخلاف الرئيس بين المؤيدين والمعارضين للعلمانية (اللادينية) إلى اختلاف حول طبيعة الإنسان ما بين الثبات والتغير؛ وموقف الشريعة من ذلك ما بين الجمود والمرونة.
ولأنه ليس فى المسيحية ولا اليهودية الحالية من مبادئ تساير التغير الذى يعترى الإنسان فيرى العلمانيون أن تكون الأحكام التي تنظم حياة الإنسان متغيرة، فلا تصلح له شريعة جوهرها الثبات. وأن هذا يعني الحجر على الإنسان والحكم عليه بالجمود الأبدي.
بينما يرى المعارضون ان الإنسان ليس صحيحاً أن جوهره التغير، فبالرغم من هذا التغير الهائل، الذي حدث في دنيا الإنسان، لم تتغير ماهيته؛ ولا استحال جوهر إنسان العصر الذري عن جوهر إنسان العصر الحجري. فجوهر الإنسان، ليس ما يأكله الإنسان، أو ما يلبسه الإنسان، أو ما يسكنه الإنسان، أو ما يركبه الإنسان، أو ما يستخدمه الإنسان، أو ما يعرفه الإنسان من الكون من حوله، أو عما يقدر عليه من تسخير طاقاته لمنفعته،
 ولكن الواقع أن الإنسان في جوهره وحقيقته بقي هو الإنسان، منذ عهد أبي البشر آدم إلى اليوم، لم تتبدل فطرته، ولم تتغير دوافعه الأصلية، ولم تبطل حاجاته الأساسية، التي كانت مكفولة له في الجنة، وأصبح عليه بعد هبوطه منها أن يسعى لإشباعها. ولذلك فان إنسان القرن الحادي والعشرين، أو ما بعد ذلك، لا يستغنى عن هداية الله المتمثلة في وصاياه وأحكامه، التي تضبط سيره، وتحفظ عليه خصائصه، وتحميه من نفسه وأهوائها.
-- وهذه المبادئ لا وجود لها إلا فى الإسلام الذى حاولت الطوائف التى ذكرناها بكل ما لديها من جهد ومال أن تبتعد عنه : بمعنى أنهم ليس لديهم ما يصلح لبناء مجتمع قويم فرأرا أن البشر سيتجهون للإسلام لأن فيه ما ليس لديهم وأنه الدين الذى يصلح لكل زمان وإنسان ومكان ؛ ومن ثم فكروا فى فصل الدين عن الدولة ونادوا بأن الدين لا يخرج من مكانه ؛ مسجدا أو كنيسة أو معبد , المهم فى النهاية  يتعامل البشر بالأهواء لا بالدين .إذن فليس لديهم ما نخشاه أو نعمل له آى حساب .
ونحن نقول لهؤلاء : الشريعة ليست أغلالاً في أعناق الناس، ولا قيوداً في أرجلهم، بل هي علامات هادية، ومنارات على الطريق، وقواعد للسير حتى لا يصطدم الناس بعضهم ببعض، فتذهب الأرواح والأموال. فيسألون لماذا نقبل قوانين الله الكونية، ولا نقبل قوانينه الشرعية؟!
فلماذا إذن نقبل سنن الله في خلقه، ونرفض سننه في أمره، وهو سبحانه وتعالى في كلا الحالين: العليم الذي لا يجهل، والحكيم الذي لا يعبث؟! بل يرون أن من تمام حكمة الله تعالى وبره بعبادة ورحمته بهم، ألا يدعهم هملاً، ولا يتركهم سدى، وأن يلزمهم بما فيه مصلحتهم، والرقي بأفرادهم وجماعاتهم.
فلكى تقدر الله الجليل حق قدره، ولا تعلى الإنسان فوق مرتبته، فتصور الإنسان مستغنياً عن هدى الله، ومنهج الله. نتزود بتوجيهات عامة ووصايا حكيمة، في معاملات الناس، كمثل الأب مع ابنه إذا وضع له بعض القواعد المستخلصة من تجارب السنين، ثم ترك له التصرف بعد ذلك، فهذا ما يقتضيه فضل الأبوة، الذي يجب أن يقابل من الابن البار، بالاعتراف بالجميل.
وبهذا نرى: أن الله جل وعلا أودع  في الشريعة الإسلامية  عنصرى الثبات والخلود، وعنصر المرونة والتطور معاً، ففى تحديد مجالات الثبات والمرونة فهو على الأهداف والغايات، والمرونة في الوسائل والأساليب. الثبات على الأصول والكليات، والمرونة في الفروع والجزئيات. الثبات على القيم الدينية والأخلاقية، والمرونة في الشئون الدنيوية والعلمية.
* فالأحكام نوعان*
نوع: لا يتغير عن حالة واحدة مر عليها، لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم، ونحو ذلك. فهذا لا يتطرق إليه تغيير، ولا اجتهاد يخالف ما وضع عليه.
والنوع الثاني: ما يتميز بحسب اقتضاء المصلحة له زمانا ومكاناً وحالاً، كمقادير التعزيزات وأجناسها وصفاتها، فإن الشارع ينوع فيها حسب المصلحة.
* الدولة العلمانية*
حين عجز علماء أهل الكتاب على الحفاظ على ما أنزل الله جل وعلا على أنياءهم من كتب كالتوراة والإنجيل ؛  ووجهوا رعاياهم حسب ما أملت عليهم أهواءهم فسادت الظلمات بل والحروب والتخلف كل أنحاء أوروبا .  ولذا قامت العديد من الثورات على الحاخامات والباباوات إلى أن انفصلت الكنيسة عن الدولة وأصبحوا يقولون "  دع مالقيصر لقيصر وما لله لله "
 وضاعت سلطتهم الدينية فطاشت عقولهم وخافوا على ما بقى لهم من ود واحترام كرجال دين واصبحوا يخشون من تحول رعايهم إلى الإسلام فسارعوا  بكل ما لديهم من مال وقوة وسياسة ودهاء أن يحولوا البلاد الإسلامية إلى علمانية بأن يكون الدستور والقانون والمواطنة والعديد من هذه المصطلحات هى التى تسود وتحكم لا القرآن أو السنة
                * مراحل العلمانية *
مرّت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:
* مرحلة التحديث*
اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، ولذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل . والإحتلال الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.


* مرحلة الحداثة*
هي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق آثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.
* مرحلة ما بعد الحداثة*
في هذه المرحلة أصبح الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه اللذة الخاصة، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرّر إلى قضايا البيئة والإيدز وثورة المعلومات، وتضعف المؤسسات الاجتماعية الوسيطة مثل الأسرة، لتحل محلها تعريفات جديدة للأسرة مثل رجلان وأطفال أو امرأة وطفل أو امرأتان وأطفال، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت والمعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل في مجال الهندسة الوراثية.
* العلمانية في الدول*
رغم أنبثاق مصطلح العلمانية من رحم التجربة الغربية، إلا أنه انتقل إلى القاموس العربي الإسلامي، مثيراً بذلك جدلاً حول دلالاته وأبعاده. والواقع أن الجدل حول مصطلح العلمانية في ترجمته العربية يعد إفرازاً طبيعياً لاختلاف الفكر والممارسة العربية الإسلامية عن السائد في البيئة التي أنتجت هذا المفهوم، لكن ذلك لم يمنع المفكرين العرب من تقديم إسهاماتهم بشأن تعريف العلمانية. تختلف إسهامات المفكرين العرب بشأن تعريف مصطلح العلمانية، فعلى سبيل المثال:
-- يرفض المفكر المغربي محمد عابد الجابري تعريف مصطلح العلمانية باعتباره فقط فصل الكنيسة عن الدولة، لعدم ملاءمته للواقع العربي الإسلامي، ويرى استبداله بفكرة الديموقراطية "حفظ حقوق الأفراد والجماعات"، والعقلانية "الممارسة السياسية الرشيدة".
-- في حين يرى د. وحيد عبد المجيد الباحث المصري أن العلمانية (في الغرب) ليست فكرانية (أيديولوجية)(منهج عمل)، وإنما مجرد موقف جزئي يتعلق بالمجالات غير المرتبطة بالشؤون الدينية. ويميز د. وحيد بين "العلمانية اللادينية" -التي تنفي الدين لصالح سلطان العقل- وبين "العلمانية" التي نحت منحى وسيطاً، حيث فصلت بين مؤسسات الكنيسة ومؤسسات الدولة مع الحفاظ على حرية الكنائس والمؤسسات الدينية في ممارسة أنشطتها.
-- وفي المنتصف يجيء د. فؤاد زكريا -أستاذ الفلسفة- الذي يصف العلمانية بأنها الدعوة إلى الفصل بين الدين والسياسة، ملتزماً الصمت إزاء مجالات الحياة الأخرى (مثل الأدب). وفي ذات الوقت يرفض سيطرة الفكر المادي النفعي، ويضع مقابل المادية "القيم الإنسانية والمعنوية"، حيث يعتبر أن هناك محركات أخرى للإنسان غير الرؤية المادية.
-- ويقف د. مراد وهبة - أستاذ الفلسفة- وكذلك الكاتب السوري هاشم صالح إلى جانب "العلمانية الشاملة" التي يتحرر فيها الفرد من قيود المطلق والغيبيّ وتبقى الصورة العقلانية المطلقة لسلوك الفرد، مرتكزاً على العلم والتجربة المادية.
-- ويتأرجح د. حسن حنفي-المفكّر البارز صاحب نظرية اليسار الإسلامي- بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة ويرى أن العلمانية هي "فصل الكنيسة عن الدولة" كنتاج للتجربة التاريخية الغربية. ويعتبر د. حنفي العلمانية -في مناسبات أخرى- رؤية كاملة للكون تغطي كل مجالات الحياة وتزود الإنسان بمنظومة قيمية ومرجعية شاملة، مما يعطيها قابلية للتطبيق على مستوي العالم. من جانب آخر
و يتحدث د.حسن حنفي عن الجوهر العلماني للإسلام -الذي يراه ديناً علمانياً للأسباب التالية:
1-النموذج الإسلامي قائم على العلمانية بمعنى غياب الكهنوت، أي بعبارة أخرى المؤسسات الدينية الوسيطة.
2-الأحكام الشرعية الخمسة، الواجب والمندوب والمحرّم والمكروه والمباح، تعبّر عن مستويات الفعل الإنساني الطبيعي، وتصف أفعال الإنسان الطبيعية.
3-الفكر الإنساني العلماني الذي حول بؤرة الوجود من الإله إلى الإنسان وجد متخفٍ في تراثنا القديم عقلاً خالصًا في علوم الحكمة، وتجربة ذوقية في علوم التصوف، وكسلوك عملي في علم أصول الفقه.
-- يقول المفكر السوداني الخاتم عدلان الذي يعتبر من أبرز المنادين بالعلمانية في المنطقة العربية "إن العلمانية تعني إدارة شؤون الحياة بعيداً عن أي كهنوت، كما ظهرت اتجاهات جديدة في تعريف العلمانية مثل التي تنص على أن العلمانية هي استعداد الفرد والمجتمع للاستفادة من خلاصة المنتوج البشري في سبيل تحقيق رفاهيته".
•    العلمانية في الدول الإسلامية -السودان كنموذج:
علينا نحن المسلمين أن نحذر من العلمانيين وأفكارهم فلدينا فى السودان نموذجا قد يؤدى بحياة السودان كبلد مسلم مترابط وذلك لأن دخول العلمانية في المجتمعات العربية والإسلامية إنما هى مرتبطه "بالكفر" و"الالحاد" و"الزندقة" وهذا قد يرجع إلى طبيعة المجتمع الذي الذي يعتنق الإسلام وطبيعة الإسلام كدين له خصوصيته ومن أهم الأسباب التي خلقت التلازم الوهمي بين الالحاد والعلمانية :
-- عدم احترام قيم الشعب وازدراءها من النخب العلمانية في الدول العربية والإسلامية وارتبطت الشيوعية في دولة كالسودان بالشيوعية التي ارتبطت بدورها بالكفر وهذا ناتج بصورة أساسية من التعالي الذي أبداه الشيوعيون الأوائل على قيم الدين.
-- حتى أن جماعات الإسلام السياسي استطاعت أن تستغل ذلك وتطرد أعضاء الحزب الشيوعي من البرلمان بعد إساءة وجهها أحدهم في منبر من منابر الحزب إلى شخص السيدة عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنهما  زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
 -- ونتيجة لقوة تيارات الإسلام السياسي في السودان جعلت انتشار العلمانية في دولة كالسودان من الأمور الصعبة، ومما زاد الطين بلة أن بعض العلمانيين السودانيين ربطوا بين العلمانية والتعدد الديني
-- والمشكلة الآن أن السودان سيشهد في عام 2011 عملية استفتاء تقرير مصير التي نصت عليها اتفاقية نيفاشا 2005 والتي غالب الظن ستؤدي لانفصال جنوب السودان -البقعة الوحيدة في السودان التي فيها تنوع ديني- مما سيؤدي إلى إدخال العلمانيين الذين يبررون بالتعدد الديني في محك حقيقي.
-- كما توجد في السودان حالياً تنظيمات دخيلة على السودان  تسمى تنظيمات السودان الجديد وتدعو للعلمانية ولا تربط بينها وبين التنوع بل تعتبرها شرط التطور، ومن هذه التنظيمات، الحركة الشعبية لتحرير السودان، حركة تحرير السودان التي أسسها عبد الواحد محمد نور، المؤتمر السوداني، حركة القوى الجديدة الديمقراطية حق.
           * من هم العلمانيون؟
بعد هذا الحديث عن العلمانية فالسؤال الآن  : من هم العلمانيون ؟ وماذا يريدون ؟ وما هي صفاتهم ؟ وما هو السبيل إلى معرفتهم والرد على أفكارهم ؟
العلمانيون هم: كل من ينسب أو ينتسب للمذهب العلماني، وينتمي إلى العلمانية فكراً أو ممارسة.
وأصل العلمانية ترجمة للكلمة الإنجليزية (secularism) وهي من العلم فتكون بكسر العين، أو من العالَم فتكون بفتح العين وهي ترجمة غير أمينة ولا دقيقة ولا صحيحة، لأن الترجمة الحقيقية للكلمة الإنجليزية هي (لا دينية أولا غيبية أو الدنيوية أولا مقدس).
-- نشأت العلمانية في الغرب نشأة طبيعية نتيجة لظروف ومعطيات تاريخية –دينية واجتماعية وسياسية وعلمانية واقتصادية- خلال قرون من التدريج والنمو، والتجريب، حتى وصلت لصورتها التي هي عليها اليوم..
-- ثم وفدت العلمانية إلى الشرق في ظلال الحرب العسكرية، وعبر فوهات مدافع البوارج البحرية، ولئن كانت العلمانية في الغرب نتائج ظروف ومعطيات محلية متدرجة عبر أزمنة متطاولة، فقد ظهرت في الشرق وافداً أجنبياً في الرؤى والإيديولوجيات والبرامج، يطبق تحت تهديد السلاح وبالقسر والإكراه؛ لأن الظروف التي نشأت فيها العلمانية وتكامل مفهومها عبر السنين تختلف اختلافاً جذرياً عن ظروف البلدان التي جلبت إليها جاهزة متكاملة في الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والتاريخية والحضارية، فالشرط الحضاري الاجتماعي التاريخي الذي أدى إلى نجاح العلمانية في الغرب مفقود في البلاد الإسلامية،
-- بل فيها النقيض الكامل للعلمانية، ولذلك كانت النتائج مختلفة تماماً، وحين نشأت الدولة العربية الحديثة كانت عالة على الغربيين الذين كانوا حاضرين خلال الهيمنة الغربية في المنطقة، ومن خلال المستشارين الغربيين أو من درسوا في الغرب واعتنقوا العلمانية، فكانت العلمانية في أحسن الأحوال أحد المكونات الرئيسية للإدارة في مرحلة تأسيسها، وهكذا بذرت بذور العلمانية على المستوى الرسمي قبل جلاء جيوش الاستعمار عن البلاد الإسلامية التي ابتليت بها.
-- ومن خلال البعثات التي ذهبت من الشرق إلى الغرب عاد الكثير منها بالعلمانية لا بالعلم، ذهبوا لدراسة الفيزياء والأحياء والكيمياء والجيولوجيا والفلك والرياضيات فعادوا بالأدب واللغات والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والنفسية .
--  بل وبدراسة الأديان وبالذات الدين الإسلامي في الجامعات الغربية، ولك أن تتصور حال شاب مراهق ذهب يحمل الشهادة الثانوية ويلقى به بين أساطين الفكر العلماني الغربي على اختلاف مدارسه، بعد أن يكون قد سقط أو أسقط في حمأة الإباحية والتحلل الأخلاقي .
وما أوجد كل ذلك لديه من صدمة نفسية واضطراب فكري، ليعود بعد عقد من السنين بأعلى الألقاب الأكاديمية، وفي أهم المراكز العلمانية بل والقيادية في وسط أمة أصبح ينظر إليها بازدراء، وإلى تاريخها بريبة واحتقار، وإلى قيمها ومعتقداتها وأخلاقها –في أحسن الأحوال- بشفقة ورثاء، إنه لن يكون بالضرورة إلا وكيلاً تجارياً لمن علموه وثقفوه ومدّنوه، وهو لا يملك غير ذلك.
-- ثم أصبحت الحواضر العربية الكبرى مثل: (القاهرة-بغداد-دمشق) بعد ذلك من مراكز التصدير العلماني للبلاد العربية الأخرى، من خلال جامعاتها وتنظيماتها وأحزابها، وبالذات دول الجزيرة العربية، وقل من يسلم من تلك اللوثات الفكرية العلمانية، حتى أصبح في داخل الأمة طابور خامس، وجهته غير وجهتها، وقبلته غير قبلتها، إنهم لأكبر مشكلة تواجة الأمة لفترة من الزمن ليست بالقليلة.
-- ثم كان للبعثات التبشيرية دورها، فالمنظمات التبشيرية النصرانية التي جابت العالم الإسلامي شرقاً وغرباً من شتى الفرق والمذاهب النصرانية، جعلت هدفها الأول زعزعة ثقة المسلمين في دينهم، وإخراجهم منه، وتشكيكهم فيه.
-- ثم كان للمدارس والجامعات الأجنبية المقامة في البلاد الإسلامية دورها في نشر وترسيخ العلمانية.
-- ثم كان الدور الأكبر للجمعيات والمنظمات والأحزاب العلمانية التي انتشرت في الأقطار العربية والإسلامية، ما بين يسارية وليبرالية، وقومية وأممية، سياسية واجتماعية وثقافية وأدبية بجميع الألوان والأطياف، وفي جميع البلدان حيث إن النخب الثقافية في غالب الأحيان كانوا إما من خريجي الجامعات الغربية أو الجامعات السائرة على النهج ذاته في الشرق،
-- وبعد أن تكاثروا في المجتمع عمدوا إلى إنشاء الأحزاب القومية أو الشيوعية أو الليبرالية، وجميعها تتفق في الطرح العلماني، وكذلك أقاموا الجمعيات الأدبية والمنظمات الإقليمية أو المهنية، وقد تختلف هذه التجمعات في أي شيء إلا في تبني العلمانية، والسعي لعلمنة الأمة كل من زاوية اهتمامه، والجانب الذي يعمل من خلاله.
-- ولا يمكن إغفال دور البعثات الدبلوماسية: سواء كانت بعثات للدول الغربية في الشرق، أو للدول الشرقية في الغرب، فقد أصبحت في الأعم الأغلب جسوراً تمر خلالها علمانية الغرب الأقوى إلى الشرق الأضعف، ومن خلال المنح الدراسية وحلقات البحث العلمي والتواصل الاجتماعي والمناسبات والحفلات ومن خلال الضغوط الدبلوماسية والابتزاز الاقتصادي، وليس بسر أن بعض الدول الكبرى أكثر أهمية وسلطة من القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء في تلك الدول الضعيفة التابعة.
-- ولا يخفى على كل لبيب دور وسائل الإعلام المختلفة، مسموعة أو مرئية أو مقروءة، لأن هذه الوسائل كانت من الناحية الشكلية من منتجات الحضارة الغربية –صحافة أو إذاعة أو تلفزة- فاستقبلها الشرق واستقبل معها فلسفتها ومضمون رسالتها، وكان الرواد في تسويق هذه الرسائل وتشغيلها والاستفادة منها إما من النصارى أو من العلمانيين من أبناء المسلمين، فكان لها الدول الأكبر في الوصول لجميع طبقات الأمة، ونشر مبادئ وأفكار وقيم العلمانية، وبالذات من خلال الفن، وفي الجانب الاجتماعي بصورة أكبر.
-- ثم كان هناك التأليف والنشر في فنون شتى من العلوم وبالأخص في الفكر والأدب والذي استعمل أداة لنشر الفكر والممارسة العلمانية.
-- فقد جاءت العلمانية وافدة في كثير من الأحيان تحت شعارات المدارس الأدبية المختلفة، متدثرة بدعوى رداء التجديد والحداثة، معلنة الإقصاء والإلغاء والنبذ والإبعاد لكل قديم في الشكل والمضمون، وفي الأسلوب والمحتوى، ومثل ذلك في الدراسات الفكرية في علوم الاجتماع والنفس والعلوم الإنسانية المختلفة، حيث قدمت لنا نتائج كبار ملاحدة الغرب وعلمانييه على أنه الحق المطلق، بل العلم الأوحد ولا علم سواه في هذه الفنون، وتجاوز الأمر التأليف والنشر إلى الكثير من الكليات والجامعات والأقسام العلمية التي تنتسب لأمتنا اسماً، ولغيرها حقيقة.
-- ولا يستطيع أحد جحد دور الشركات الغربية الكبرى التي وفدت لبلاد المسلمين مستثمرة في الجانب الاقتصادي.
-- هكذا سرت العلمانية في كيان الأمة، ووصلت إلى جميع طبقاتها قبل أن يصلها الدواء والغذاء والتعليم في كثير من الأحيان، ولو كانت الأمة حين تلقت هذا المنهج العصري تعيش في مرحلة قوة وشموخ وأصالة لوظفت هذه الوسائل توظيفاً آخر يتفق مع رسالتها وقيمها وحضارتها وتاريخها وأصالتها.
* بعض ملامح العلمانية*
لقد أصبح حَملة العلمانية الوافدة في بلاد الشرق بعد مائة عام من وفودهم تياراً واسعاً نافذاً متغلباً في الميادين المختلفة، فكرية واجتماعية وسياسية واقتصادية، وكان يتقاسم هذا التيار الواسع في الجملة اتجاهان:
أ: الاتجاه اليساري الراديكالي الثوري، ويمثله –في الجملة- أحزاب وحركات وثورات ابتليت بها المنطقة ردحاً من الزمن، فشتت شمل الأمة ومزقت صفوفها, وجرت عليها الهزائم والدمار والفقر وكل بلاء، وكانت وجهة هؤلاء الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه، سواء كانوا شيوعين أمميين، أو قوميين عنصريين.
ب: الاتحاد الليبرالي ذي الوجهة الغربية لأمريكا ومن دار في فلكها من دول الغرب، وهؤلاء يمثلهم أحزاب وشخصيات قد جنوا على الأمة بالإباحية والتحليل والتفسخ والسقوط الأخلاقي والعداء لدين الأمة وتاريخها.
* وللاتجاهين ملامح متميزة أهمها*
1- مواجهة التراث الإسلامي، إما برفضه بالكلية واعتباره من مخلفات عصور الظلام والانحطاط والتخلف –كما عند غلاة العلمانية-، أو بإعادة قراءته قراءة عصرية –كما يزعمون- لتوظيفه توظيفاً علمانياً من خلال تأويله على خلاف ما يقتضيه سياقه التاريخي من قواعد شرعية، ولغة عربية، وأعراف اجتماعية.
--  ولم ينج من غاراتهم تلك حتى القرآن والسنة، إما بدعوى بشرية الوحي، أو بدعوى أنه نزل لجيل خاص أو لأمة خاصة، أو بدعوى أنه مبادئ أخلاقية عامة، أو مواعظ روحية لا شأن لها بتنظيم الحياة، ولا ببيان العلم وحقائقه.
2- اتهام التاريخ الإسلامي بأنه تاريخ دموي استعماري عنصري غير حضاري، وتفسيره تفسيراً مادياً، بإسقاط نظريات تفسير التاريخ الغربية العلمانية على أحداثه، وقراءته قراءة انتقائية غير نزيهة ولا موضوعية، لتدعيم الرؤى والأفكار السوداء المسبقة حيال هذا التاريخ، وتجاهل ما فيه من صفحات مضيئة مشرقة.
--  والخلط المتعمد بين الممارسة البشرية والنهج الإسلامي الرباني، ومحاولة إبراز الحركات الباطنية والأحداث الشاذة النشاز وتضخيمها، والإشادة بها، والثناء عليها، على اعتبار أنها حركات التحرر والتقدم والمساواة والثورة على الظلم، مثل: (ثورة الزنج) و (ثورة القرامطة) ومثل ذلك الحركات الفكرية الشاذة عن الإسلام الحق، وتكريس أنها من الإسلام بل هي الإسلام، مثل القول بوحدة الوجود، والاعتزال وما شابه ذلك من أمور تؤدي في نهاية الأمر إلى تشويه الصور المضيئة للتاريخ الإسلامي لدى ناشئة الأمة، وأجياله المتعاقبة.
3- السعي الدؤوب لإزالة أو زعزعة مصادر المعرفة والعلم الراسخة في وجدان المسلم، والمسيرة المؤطرة للفكر والفهم الإسلامي في تاريخه كله، من خلال استبعاد الوحي كمصدر للمعرفة والعلم، أو تهميشه –على الأقل- وجعله تابعاً لغيره من المصادر، كالعقل والحس، وما هذا إلا أثر من آثار الإنكار العلماني للغيب، والسخرية من الإيمان بالغيب، واعتبارها -في أحسن الأحوال- جزءاً من الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية، والترويج لما يسمى بالعقلانية والواقعية والإنسانية، وجعل ذلك هو البديل الموازي للإيمان في مفهومه الشرعي الأصيل، وكسر الحواجز النفسية بين الإيمان الكفر، ليعيش الجميع تحت مظلة العلمانية في عصر العولمة.
4- خلخلة القيم الخلقية الراسخة في المجتمع الإسلامي، والمسيرة للعلاقات الاجتماعية القائمة على معاني الأخوة والإيثار والطهر والعفاف وحفظ العهود وطلب الأجر وأحاسيس الجسد الواحد، واستبدال ذلك بقيم الصراع والاستغلال والنفع وأحاسيس قانون الغاب والافتراس، والتحلل، والإباحية من خلال الدراسات الاجتماعية والنفسية، والأعمال الأدبية والسينمائية والتلفزيونية، مما هز المجتمع الشرقي من أساسه، ونشر فيه من الجرائم والصراع ما لم يعهده أو يعرفه في تاريخه، ولعل رواية (وليمة عشاء لأعشاب البحر) –السيئة الذكر- من أحدث الأمثلة على ذلك.
5- رفع مصطلح الحداثة كلافتة فلسفية اصطلاحية بديلة لشعار التوحيد، والحداثة كمصطلح فكري ذي دلالات محددة تقوم على مادية الحياة، وهدم القيم والثوابت، ونشر الانحلال والإباحية، وأنسنة الإله وتلويث المقدسات، وجعل ذلك إطاراً فكرياً للأعمال الأدبية، والدراسات الاجتماعية، مما أوقع الأمة في أسوأ صور التخريب الفكري الثقافي.
6- استبعاد مقولة الغزو الفكري من ميادين الفكر والثقافة، واستبدالها بمقولة حوار الثقافات، مع أن الواقع يؤكد أن الغزو الفكري حقيقة تاريخية قائمة لا يمكن إنكارها كإحدى مظاهر سنة التدافع التي فطر الله عليها الحياة، وأن ذلك لا يمنع الحوار، لكنها سياسة التخدير والخداع والتضليل التي يتبعها التيار العلماني، ليسهل تحت ستارها ترويج مبادئ الفكر العلماني، بعد أن تفقد الأمة مناعتها وينام حراس ثغوره، وتتسلل في أجزائها جراثيم وفيروسات الغزو العلماني القاتل.
7- وصم الإسلام بالأصولية والتطرف وممارسة الإرهاب الفكري، عبر غوغائية ديماجوجية إعلامية غير شريفة، ولا أخلاقية، لتخويف الناس من الالتزام بالإسلام، والاستماع لدعاته، وعلى الرغم من وقوع الأخطاء –وأحياناً الفظيعة- من بعض المنتمين أو المدعين إلى الإسلام، إلا أنها نقطة في بحر التطرف والإرهاب العلماني الذي يمارس على شعوب بأكملها، وعبر عقود من السنين، لكنه عدم المصداقية والكيل بمكيالين، والتعامي عن الأصولية والنصرانية، واليهودية، والموغلة في الظلامية والعنصرية والتخلف.
8- تمييع قضية الحل والحرمة في المعاملات والأخلاق، والفكر والسياسة، وإحلال مفهوم اللذة والمنفعة والربح المادي محلها، واستخدام هذه المفاهيم في تحليل المواقف والأحداث، ودراسة المشاريع والبرامج، أي فك الارتباط بين الدنيا والآخرة في وجدان وفكر وعقل الإنسان، ومن هنا ترى التخبط الواضح في كثير من جوانب الحياة الذي يعجب له من نور الله قلبه بالإيمان، ولكن أكثرهم لا يعلمون.
9- دق طبول العولمة واعتبارها القدر المحتوم الذي لا مفر منه ولا خلاص إلا به، دون التمييز بين المقبول والمرفوض على مقتضى المعايير الشرعية، بل إنهم ليصرخون بأن أي شيء في حياتنا يجب أن يكون محل التساؤل، دون التفريق بين الثوابت والمتغيرات، مما يؤدي إلى تحويل بلاد الشرق إلى سوق استهلاكية لمنتجات الحضارة الغربية، والتوسل لذلك بذرائعية نفعية محضة لا يسيّرها غير أهواء الدنيا وشهواتها.
10- الاستهزاء والسخرية والتشكيك في وجه أي محاولة لأسلمة بعض جوانب الحياة المختلفة المعاصرة في الاقتصاد والإعلام والقوانين، وإن مرروا هجومهم وحقدهم تحت دعاوى حقوق الإنسان وحرياته، ونسوا أو تناسوا الشعوب التي تسحق وتدمر وتقتل وتغصب بعشرات الآلاف، دون أن نسمع صوتاً واحداً من هذه الأصوات النشاز يبكي لها ويدافع عنها، لا لشيء إلا أن الجهات التي تقوم بانتهاك تلك الحقوق، وتدمير تلك الشعوب أنظمة علمانية تدور في فلك المصالح الغربية.
11- الترويج للمظاهر الاجتماعية الغربية، وبخاصة في الفن والرياضة وشركات الطيران والأزياء والعطور والحفلات الرسمية، والاتكاء القوي على قضية المرأة، ولإن كانت هذه شكليات ومظاهر لكنها تعبر عن قيم خلقية، ومنطلقات عقائدية، وفلسفة خاصة للحياة، من هنا كان الاهتمام العلماني المبالغ فيه بموضة المرأة، والسعي لنزع حجابها، وإخراجها للحياة العامة، وتعطيل دورها الذي لا يمكن أن يقوم به غيرها، في تربية الأسرة ورعاية الأطفال.
-- وهكذا العلمانيون يفلسفون الحياة. يعطلون مئات الآلاف من الرجال عن العمل لتعمل المرأة، ويستقدم مئات الآلاف من العاملات في المنازل لتسد مكان المرأة في رعاية الأطفال، والقيام بشؤون المنزل، ولئن كانت بعض الأعمال النسائية يجب أن تناط بالمرأة، فما المبرر لمزاحمتها للرجل في كل موقع؟
12- الاهتمام الشديد والترويج الدائم للنظريات العلمانية الغربية في الاجتماع والأدب، وتقديم أصحابها في وسائل الإعلام، بل وفي الكليات والجامعات على أنهم رواد العلم، وأساطين الفكر وعظماء الأدب، وما أسماء: (دارون)و (فرويد), (دوركايم)و (أليوت وشتراوس وكانط) وغيرهم بخافية على المهتم بهذا الشأن، وحتى أن بعض هؤلاء قد تجاوزه علمانيو الغرب، ولكن صداه ما زال يتردد في عالم الأتباع في البلاد الإسلامية.
--ولذا كان من الطبيعى أن نتكلم عن الغزو الفكرى من الصليبين واليود والعلمانين وغيرهم لبلادنا .والتنبيه على ظأمتنا الحبيبة بأن لا تخشى هؤلاء مهما علت أصواتهم فما هى إلا كالطبل الأجوف تسمعه دائما أعلى رنينا ولكنه فارغا خاويا لايحمى ضعيفا أو يسر حزينا . فالنصر لنا والفخر لنا والعزة لنا  وما علينا إلا أن نتمسك بكتاب ربنا وننفض عن كاهلنا ما القاه العلمانيون من يهود وصليبين وغيرهم عملا بقول ربنا جل وعلا " إن تنصروا الله ينصركم "













                    الباب الخامس         
             اليهود والنصارى والغزو الفكري
قد يتبادر إلى أذهان البعض من أبناء الأمة الإسلامية , أو يعتقد أن الاحتلال والغزو الصليبي اليهودي على الأمة الإسلامية, محصور فقط باحتلال الأراضي واستخدام الجيوش والسلاح ووقوع المعارك وسفك الدماء وسقوط القتلى والجرحى , ولكن الحقيقة أن هذا الغزو والاحتلال هو الغزو الوحيد الذي كان سائداً ومعروفاً في العصور الماضية بين المسلمين وأعداءهم من اليهود والنصارى والوثنيين والملحدين منذ ظهور الإسلام وحتى النصف الأول من هذا القرن .
 ولكن أعداء المسلمين في عصرنا هذا وجدوا من خلال تجاربهم السابقة فشل تلك الحملات العسكرية الصليبية التي وجهوها ضد البلدان الإسلامية وأيقنوا أن استخدام السلاح والجيوش وحدها لا تكفي لغزو الأمة الإسلامية , لأنهم كلما تمكنوا من احتلال بعض الأراضي الإسلامية منذ بدءهم بغزو البلدان الإسلامية, لم يطل لهم المقام فيها لانه إذا بظهور قائد وبطل صنديد من أبناء الأمة الإسلامية يقوم بقيادة الجيوش الإسلامية,إما في الفتوحات الإسلامية أو في حربها ضد الصليبين فيهزمهم شر هزيمة ويطردهم من الأراضي العربية التي كانوا قد قاموا بإحتلالها.
-- بل ويقوم بفتح أراضي صليبية جديدة كأمثال الأبطال والفاتحين الصناديد من الصحابة والتابعين وتابعيهم كأمثال عمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة بن الجراح والمثنى بن حارثة الشيباني والقعقاع بن عمرو التميمي وحبيب بن مسلمة بن مالك الفهري والمقداد بن الأسود وموسى بن نصير وطارق بن زياد ومحمد بن سلمة وغيرهم من الفرسان والأبطال والفاتحين الشجعان .
-- أو يقوم بطرد الجيوش الصليبية من الأراضي الإسلامية التي كانوا قد احتلوها ويلحق بهم الخسائر الفادحة في الأموال والأنفس كأمثال القائد والبطل الصنديد صلاح الدين الايوبي الذي حرر القدس بتاريخ ربيع الثاني سنة 583هـ الموافق يوليو سنة 1187م في معركة حطين الشهيرة --بل وأستطاع مواجهة التحالف الصليبي الذي جاء من كل أنحاء أوربا لاحتلال بيت المقدس ونزعها من يد المسلمين فأستطاع ذلك البطل الصنديد من دحر الجيوش الجرارة التي كان يقودها إمبراطور ألمانيا فردريك الملقب ببربروس وهنري دي شمانيا وفيليب أرغست ملك فرنسا وريتشارد ملك انجلترا الملقب بقلب الأسد .
 -- فيلحق بها أشر الهزائم في معارك دارية في البر والبحر لعامين كاملين خالدين في تاريخ الفروسية والقتال اقتنع فيها قادة تلك الجيوش المحتلة اقتناعاً تاماً, بعجزهم وعدم قدرتهم على احتلال بيت المقدس وصلاح الدين حياً والمسلمون متحدون مهما امتلكوا من قوات وجيوش .
-- بل وقال ريتشارد ملك انجلترا الملقب بقلب الأسد, مقولته المشهورة الخالدة في التاريخ التي تشهد بصلابة وقوة المسلمين التي لا تقهر حينما يتحدون وتكون كلمتهم مجتمعة فقال(هذه مدينة لا يمكن محاصرتها وصلاح الدين حي وكلمة المسلمين مجتمعة)
 -- وكذلك أمثال القائد الهمام الملك المظفر قطز** والقائد المقدام الظاهر محمود بيبرس اللذان استطاعا في موقعة المنصورة التي حدثت سنة 647هـ الموافق 1249م , دحرا القديس لويس التاسع والصليبين الذين هاجموا مصر وهزيمتهم وفشل الحملة الصليبية السابعة, كما هزما التحالف الصليبي المغولي في موقعة عين جالوت وذلك عام 658هـ الموافق 1260م , والتي كان من نتائجها سحق الصليبيين في الشام والقضاء على الحشاشين في جبل لبنان وانسحاب المغول من الشام.
-- وكذلك أمثال السلطان والقائد البطل محمد الفاتح( السلطان محمد خان الثاني بن السلطان مراد خان الثاني) الذي تولى الخلافة العثمانية الإسلامية بعد وفاة والده ولم يكن عمره ائنذاك يتجاوز 22 عاماً , وكانت جميع بلاد آسيا الصغرى خاضعة للسلطنة العثمانية الإسلامية, فلم يكن منه إلا أن قام بتوسعة الخلافة الإسلامية في أراضي و بلدان جديدة من بلدان آسيا وأوربا التي يحكمها الصليبيون والوثنييون ,بلدان لم يصل إليها جميع قادة وخلفاء الأمة الإسلامية من قبله, ولم ينتظر الصليبيون والوثنيون حتى يأتوا لغزوا البلدان الإسلامية فيكون في موقع المدافع الضعيف , وإنما كان في موقع القوي المهاجم,فقام بفتح بلدان جديدة وهاجم الأعداء إلى عقر ديارهم ,
 -- ورفع راية الإسلام شامخة في العديد من القلاع والبلدان والجزر التي كانت تحت أيدي الصليبين والوثنيين , فاستطاع فتح القسطنطينية يوم الثلاثاء شهر جمادى الآخر سنة 857هـ 29ماية 1453م وفتح البوسنة867هـ  وفتح بلاد الصرب سنة 860هـ وفتح أماصرة وطرابزون وسينوب سنة 865 هـ,واستولى على جزيرة مديللي سنة 866 هـ1462 م وفي سنة 880هـ أمر السلطان وزيره الأعظم كديك أحمد باشا لفتح بلاد القريم,
--وهو الذي افتتح مدينة أتينا وكسر أساطيل البنادقة مراراً حتى جبرهم على دفع الجزية له ونزع من بلاد إيطاليا عدة مدائن وافتتح دولة طرابزون وغير ذلك, ورغم أنه قد أصيب بمرض عضال سنة 886هـ 1481 م, فإنه مع ذلك لم تفتر همته عن الفتوحات بل جهز جيشين عظيمين أحدهما لفتح جزيرة قبرس وقاد الثاني بنفسه لغزو بلاد العجم وبينما هو في الطريق أدركته الوفاة.
-- فانتقل إلى رحمة ربه في سنة 886 هـ 1481 م بمدينة ككبوزه, ودفن بجامعه الذي شيده بالقسطنطينية المعروف باسمه, بعد أن حكم اثنتين وثلاثين سنة حكماً مكللاً بالنصر والمجد,وأعطى للدولة الإسلامية هيبتها وكان ملكاً جليلاً يعجز الواصفون عن مقدار فضائلة ومحاسنه وكان رحمه الله محباً للعلم والعلماء شجاعاً كريماً عاقلاً له الفتوحات العظيمة والمآثر الجسيمة معدوداً من أعظم الفاتحين وأسمى المتغلبين ,وغيره من القادة والفاتحين والفرسان المسلمين الذين خلد ذكرهم التاريخ في صفحات من نور.
-- وهذا ما قد جعل أعداء الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى والملحدين يبحثون في عصرنا هذا عن وسائل وأسلحة يستطيعون من خلالها غزو الأمة الإسلامية بأقل التضحيات والخسائر, فوجدوا أن قيامهم بغزو شباب وفتيات المسلمين فكريا وثقافيا وأخلاقيا, وجرهم نحو وسائل الفساد والانحلال هي أنجح الطرق التي سوف تمكنهم من احتلال البلدان الإسلامية بسهولة ويسر وتحقيق ما عجزت تحقيقه الحملات العسكرية الصليبية السابقة .
-- فسعوا إلى احتلال شباب وفتيات الأمة الإسلامية فكريا ً وثقافياً واقتصادياً وعلمياً وأخلاقياً, مستخدمين في ذلك شتىء الوسائل المتاحة في عصرنا هذا , نتيجة للتطور والتقدم التكنولوجي والمعلوماتي الذي لم يشهد له العالم مثيل من قبل , وسهولة التواصل بين العالم , حيث يقوم أعداء الأمة الإسلامية اليوم بتوجيه تلك الأسلحة الفتاكة نحو شباب و فتيات المسلمين لانهم يعلمون يقيناً أن الشباب هم مستقبل أمتهم الإسلامية و ازدهار وتقدم شعوبهم ودولهم ,وهم قوة الإسلام ودرعه وحصنه الحصين وحماه ومركز عزته .
--وإذا تمكن الأعداء من احتلال شباب المسلمين والسيطرة على فتيات المسلمين عقائدياً وفكريا ً وثقافيا وأخلاقياً , فأنهم سيتمكنون من احتلال الأراضي الإسلاميةً بسهولة ويسر وبأقل الخسائر والتضحيات, ومن تلك الوسائل التي أستخدمها ويستخدمها الأعداء من اليهود والنصارى والملحدين في غزوهم لشباب المسلمين ثقافياً وفكرياً وعقائدياً تتمثل بالآتي:-
1- أرسلوا الشواذ من ابناءهم تحت ستار السياحة ثم استقروا وفتحوا بيوتا للدعارة فنشروها في شتى البلدان العربية والإسلامية سواء علناً وبموجب تراخيص من الحكومة أو شبه علناً برضا وبعلم الحكومة.
2-كما قاموا بفتح الحانات والبارات والفنادق السياحية التي تقوم ببيع الخمور والمشروبات الكحولية علناً وجهاراً في بعض الدول العربية والإسلامية.
3-ولم يكتفوا بذلك بل أقاموا المراقص والملاهي الليلية وما تعرضه من راقصات شبه عاريات, وخمور ومسكرات ومشروبات كحولية محرمة .
4- نا هيك عن دور السينما وما تعرضه من أفلام إباحية وهابطة, سواء كانت أفلام عربية أو أجنبية.
5- ثم قاموا بعرض القنوات المشفرة,التي يوجها الصليبيون واليهود نحو أبناء الأمة الإسلامية, والتي تعد أكثر الأسلحة فتكاً بأبناء الأمة الإسلامية , فهي تحرك في الشباب الشهوة القاتلة من خلال ما يشاهده في تلك القنوات من أفلام ***ية عارية , تجعله يتبع خطوات الشيطان فيترك تعاليم الإسلام ويرتكب الفاحشة فتفسد أخلاقه وسلوكه ويصبح عضواً فاسداً في المجتمع .
6- كما أنهم قاموا بتسجيل مواقع على شبكة الانترنت التي تملأ شبكات الانترنت والتي تبث صور وأفلام عارية, وغرف الدردشة الفاسدة .
7- ولم يتركوا المنازل على حالها بل أدخلوا القنوات التلفزيونية الخاصة الهابطة , التي تبث باللغة العربية وقد تكون محطاتها في أراضي عربية وإسلامية ويديرها إعلاميون عرب, والتي قد أصبحت من أنجح وسائل الغزو الصليبي فاعلية في غزو الشباب المسلم والفتيات المسلمات ثقافياً وفكريا وأخلاقياً واجتماعياً, من خلال ما تبثه تلك القنوات على شاشات التلفزيون, ليلاً ونهارا من أغاني عربية هابطة يظهر فيها نساء عربيات كاسيات عاريات, تبرئن من الخجل والحياء ومن العادات والتقاليد العربية والإسلامية , يرقصن مع رجال في ملابس شبه عاريات ,تظهر جميع مفاتن جسمهن ويتمايلن بحركات مخزية, يخجل المسلم من النظر إليهن.
وكذلك من خلال بث السهرات لفانين وفنانات والتي يحضرها مئات من الشباب والشابات الشبه عاريات, مختلطون في المسرح , و يرقصون ويتمايلون مع الموسيقى والدبكات دون حياء أو خجل, وكأنهم في إحدى بلدان أوربا أو في إحدى المدن الأمريكية, بل وقد أصبحت بعض القنوات العربية وسيلة لنشر الفجور والفسق بين شباب وفتيات المسلمين من خلال ما يسمى بـ (الدردشة) والتي يقوم الشباب والفتيات من خلالها بمحادثة بعضهم البعض بكلمات وعبارات ***ة وسيئة وعارية من الأخلاق الإسلامية ترسل إلى القنوات عبر رسائل قصيرة من الهواتف النقالة.
8- والمسارح التي تقيم السهرات لفنانين عرب , والتي يحضرها الشباب والشابات بمختلف الأعمار, ويختلطون مع بعضهم البعض, بل وحينما تبث إحدى القنوات العربية لإحدى السهرات ترى العجب العجاب, حيث ترى الشباب والشابات العاريات, وهم يرقصون ويتمايلون مع الموسيقى دون حياء أو خجل والبعض يغني مع الفنان وكأننا في إحدى مسارح نيويورك أو باريس أو لندن .
9-وكذلك المجلات والصحف والكتب الهابطة التي ينشرها أعداء الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى في البلدان الإسلامية والتي يسعون من خلالها إلى نشر الثقافة والعادات والتقاليد الغربية, وتدعو شباب المسلمين والفتيات المسلمات إلى هجر العادات والتقاليد العربية والتعاليم الإسلامية وترك الحياء وأخلاقيات الإسلام , واستبدالها بالثقافة والتقاليد والعادات الغربية التي تحثهم على السفور والمجون والفسق والتعري بدعوى الانفتاح والتقدم والتطور .
10- وكذلك الأفلام المسجلة على شرائط الفيديو أو الدسكات, وكذلك المجلات التي تؤجج في الشباب نيران الشهوانية, وتجرهم إلى ارتكاب الفاحشة والرذيلة والفساد.

وسائل مواجهة الغزو الفكري الذي يوجهه الأعداء نحو شباب وفتيات المسلمين :- إذن فمواجهة الغزو الفكري الذي يشنه أعداء الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى والملحدين على شباب وفتيات الأمة الإسلامية , واجب ديني واجتماعي يجب على جميع أبناء الأمة الإسلامية مواجهته والتصدي له , فيجب على الأفراد والجماعات ,أباء وأمهات وأبناء وبنات وعلى الجمعيات والاتحادات والنقابات وعلى الأحزاب والتنظيمات وعلى وسائل الأعلام والمؤسسات والحكومات الإسلامية القيام به , والتصدي لكل وسائل الغزو الفكري التي يستخدمها الأعداء في غزوهم لشباب وفتيات المسلمين , ومحو هويتهم وثقافتهم الإسلامية وجرهم نحو الرذيلة والانحلال والفساد والضياع, وبإمكان ابناء الأمة الإسلامية مواجهة الغزو الفكري والثقافي من خلال الطرق والوسائل التالية :-
أولاً/ واجبات الآباء والأمهات تجاه مواجهة الغزو الفكري والتصدي له
يعتبر الآباء والأمهات المسئولون الأول عن مواجهة الغزو الفكري الذي يوجه نحو شباب المسلمين  وكذلك هم المسئولون الأول عن حماية أبنائهم وبناتهم من الوقوع في فخ ذلك الغزو وتجرع السموم التي يبثها أعدائنا من اليهود والنصارى والملحدين عبر العديد من الوسائل التي وجدت في عصرنا هذا بسبب التقدم والتطور التكنولوجي والمعلوماتي الذي لم يشهد له البشر مثيل من قبل كالتلفزيون والكتب والمجلات والأنترنت والفيديو والكمبيوتر .
والسؤال الذى يطرح نفسه :-
كيف يمكن للآباء والأمهات مواجهة الغزو الفكري وحماية أبناهم وبناتهم منه ؟نقول أنه يمكن للآباء والأمهات مواجهة الغزو الفكري الذي يوجهه الأعداء نحو شباب وفتيات المسلمين من خلال الآتي
1- تربية أبناءهم وبناتهم تربية صالحة مبنية على الاستقامة والعفاف والتقى والصلاح والخوف من الله والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي والمداومة على الصلاة في المساجد وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
2- تربيتهم على الأخلاق الإسلامية الحميدة المتمثلة بالصدق والتواضع وبحسن الخلق في القول والعمل والحياء من الله ومن الناس في السر والعلانية واجتناب القول الفاحش والأفعال المشينة والابتعاد عن الكذب والكبر والغرور وغيرها من الصفات التي نبذها ونهى عنها ديننا الإسلامي.
3- الإهتمام بهم والإشراف عليهم في كل وقت وحين , وعدم غض الطرف عنهم أو تجاهل أخطاءهم ومتابعة تحركاتهم وتصرفاتهم وأفعالهم اليومية, ومعرفة أين يذهبون عند خروجهم من المنزل ومع من يجلسون ومع من يمشون ومن يصادقون .
4- منعهم عن مصاحبة ومجالسة أصدقاء السوء الفاسدين, وتوجيههم باختيار أصدقاء صالحين .
5- إعطاءهم النصائح الأبوية باستمرار, وتوجيههم بما يجب عليهم القيام به من أفعال وتصرفات, وبما يجب عليهم اجتنابه من أفعال وتصرفات سيئة ومنبوذة , وتأنيبهم إذا أخطأوا , وبيان عواقبه عليهم وعلى المجتمع وتحذيرهم من تكرار الخطأ مرة أخرى وإلا فسوف يتم معاقبتهم بالعقوبة المناسبة وحرمانهم من بعض المزايا .
6- حمايتهم من سلك طريق الشيطان والانجرار نحو الرذيلة والفساد وارتكاب المعاصي والذنوب وذلك بعدم السماح لهم من البقاء خارج المنزل لاوقات طويلة إلا إذا كان الآباء والأمهات يعلمون مكان تواجدهم ومع من يجلسون , وكذلك منعهم من دخول السينما والمراقص والملاهي الليلية , ومنعهم من التدخين وتناول المشروبات الكحولية أو أي حبوب منشطة , وغير ذلك من الأمور التي تكون طريقاً إلى ارتكاب الفاحشة والكبائر, وفساد الشباب وانحلال أخلاقهم .
7- تجنيبهم من وسائل الفساد التي يستخدمها الأعداء في غزو شباب المسلمين, وذلك من خلال منعهم من اقتناء المجلات والصحف الهابطة ومنعهم من اقتناء أشرطة الفيديو والديسكات التي تحتوي على أفلام إباحية أو هابطة , ومنعهم من مشاهدة القنوات المشفرة أو القنوات العربية التي تبث أغاني وبرامج هابطة, ومنعهم عن سماع أشرطة الأغاني الهابطة .
8- توفير المجلات والكتب الإسلامية للأبناء والبنات , وحثهم على قراءتها , وتوفير أشرطة الفيديو والدسكات وأشرطة الكاسيت المتضمنة للأناشيد الإسلامية وللمحاضرات والخطب الدينية وللعلوم والبرامج النافعة , وحثهم على سماعها ومشاهدتها, وحثهم أيضاً على مشاهدة القنوات التلفزيونية الجيدة .
9- حثهم على حضور مجالس العلم , وسماع المحاضرات التي يلقيها علماء المسلمين في المساجد في العديد من الأوقات وحثهم على مجالسة ومصاحبة العلماء والصالحين .
ثانياً/ واجبات شباب وفتيات المسلمين تجاه الغزو الفكري الذي يوجهه الأعداء نحوهم
1- التسلح بالاستقامة والصلاح والورع والتقى والعفاف والخوف من الله عز وجل ومن عقابه في السر والعلانية, والإيمان الكامل بأن الله عز وجل مطلع على أفعالهم وتصرفاتهم , فلا تخفى عليه خافية وأن كل إنسان لديه رقيب وعتيد يسجلان كل أفعاله في كتاب مبين , والإيمان الكامل بان مصير كل إنسان إلى الموت وأن الحياة فانية وظل زائل وسوف يحاسب على أفعاله صغيرها وكبيرها.
2- التمسك بتعاليم الإسلام , وإتباع أوامره واجتناب نواهيه في القول والعمل بالسر والعلانية, في كل وقت وحين والمداومة على الصلاة في المساجد وحضور مجالس العلماء والصالحين, وحفظ القرآن الكريم والمداومة على تلاوته أناء الليل وأطراف النهار.
 وحفظ الأحاديث النبوية الشريفة وقراءة الكتب الدينية والتاريخية والأدبية والشعرية التي خلفها لنا علماؤنا الأجلاء, وسماع الأشرطة الإسلامية ومشاهدة أشرطة الفيديو والدسكات المتضمنة على محاضرات وخطب دينية وعلى برامج علمية وثقافية مفيدة .
 فقد قال تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124 {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً }طه125{قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى }طه126  وقال عليه الصلاة والسلام (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله منهم شاب نشأ في عبادة الله) .
3- حسن اختيار الأصدقاء ومصاحبة الأخيار والصالحين والجلوس معهم , واجتناب مصاحبة أهل السوء والفساد, أو الجلوس معهم , فقد قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ( مثل الجليس السوء والجليس الصالح , كنافخ الكير وحامل المسك )
4- عدم ارتياد دور السينما والمراقص والملاهي الليلية وعدم التدخين أو شرب المشروبات الكحولية , واجتناب كل أفعال الرذيلة والمعاصى والآثام ما ظهر منها وما بطن.
5- الابتعاد عن وسائل الانحطاط والفساد التي يستخدمها الأعداء في غزو شباب المسلمين, والتي تتمثل بالمجلات الهابطة , والقنوات المشفرة والقنوات العربية الهابطة وأشرطة الفيديو والديسكات المتضمنة على أفلام إباحية, ومواقع الإنترنت الإباحية .
6- التوبة إلى الله عز وجل والاستغفار في كل وقت وبعد الوقوع في المعصية وارتكاب الخطيئة والذنب, لأن تجديد التوبة بعد الذنب والشعور بالخطأ وتأنيب النفس , هو الطريق الوحيد لمحو الذنب والشعور بالطمأنينة والراحة,وهناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث المسلمين على الإسراع بالتوبة بعد ارتكاب الذنوب والمدوامة على التوبة والإستغفار في كل وقت وحين.
7- مجاهدة النفس في كل وقت وحين, وإرغامها على الرجوع عن المعصية والذنب والهوى عندما تهم على ارتكابه , وإرغامها على الابتعاد عن الشهوات والملذات والمتعة الزائلة التي قد يزينها لهم الشيطان من خلال تلك الوسائل التي يوجهها إليهم الأعداء, فقد قال عليه الصلاة والسلام (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) .
ثالثاً/ واجبات الجمعيات الاجتماعية والأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات المهنية تجاه الغزو الفكري الذي يوجهه الأعداء نحو شباب وفتيات المسلمين :-
1- تكوين الاتحادات الشبابية واللجان المتخصصة لحماية شباب وفتيات المسلمين من الغزو الفكري الذي يوجهه نحوهم أعداء الأمة الإسلامية من اليهود والنصارى والملحدين, ومواجهة كل الوسائل والطرق التي يستخدمها الأعداء في ذلك.
2- إصدار الصحف والمجلات الإسلامية والثقافية والفكرية التي تتصدى لوسائل وطرق الغزو وتحتل مكانها في زرع وتغذية عقول شباب المسلمين بتعاليم وأوامر دينهم الإسلامي الحنيف , وبقيمهم وثقافتهم الإسلامية وحضارتهم وتاريخهم العريق وبتقاليدهم وعاداتهم الاجتماعية المميزة , التي تدعوهم إلى طرق الفضيلة والاستقامة والصلاح , ونبذ طرق الرذيلة والمعصية والفساد والانحلال الخلقي.
3- إقامة المنتديات واللقاءات الشبابية التي يتم من خلالها تحذير شباب وفتيات المسلمين من وسائل وطرق الغزو الفكري التي يسعى من خلالها اليهود والنصارى إلى غزو المسلمين ومحو هويتهم, وتوجيه الشباب إلى قراءة المجلات والصحف والكتب الإسلامية , وإلى اقتناء أشرطة الكاسيت والفيديو والديسكات المتضمنة على الأناشيد الإسلامية والمحاضرات الدينية .
4- إطلاق مواقع إسلامية عبر شبكات الانترنت تهتم بشكل مباشر بشباب المسلمين والتصدي لوسائل وطرق الغزو الفكري الصليبي اليهودي , وتحذير شباب المسلمين من سموم تلك الوسائل وإنشاء غرف دردشة ومسابقات ومعلومات ثقافية ودينية وشعرية وأدبية وتاريخية في هذه المواقع , من أجل جذب الشباب إليها وتنمي ثقافتهم الإسلامية وتغنيهم عن الدخول إلى المواقع وغرف الدردشة الفاسدة .
5- إطلاق قنوات إسلامية تهتم بالشباب بشكل مباشر وتهتم في التصدي لوسائل وطرق الغزو الفكري الصليبي اليهودي, وتفتح أمام الشباب الفرصة في الإبداع والمشاركة في برامج شبابية إجتماعية وفي مسابقات ثقافية وشعرية وأدبية وعلمية وتاريخية ويكون مشاركة الشباب في تلك القنوات إما عن طريق اللقاءات في قاعة يحضر العديد من الشباب ويختار للمشاركة شباب من بين الحاضرين أو عبر الإتصال بالبرنامج ويبث البرنامج على الهواء مباشرة أو عن طريق لقاءات ميدانية في الجامعات والمدارس والشوارع تكون مسجلة في عدة أوقات وتبث عبر البرنامج أو يتم بثها في البرنامج على الهواء مباشرة , أو يتم مشاركة الشباب عبر الرسائل البريدية أو الفاكسات أو التلفون أو عبر البريد الالكتروني .
6- مطالبة الحكومات العربية والإسلامية في اتخاذ إجراءات حاسمة وجادة تجاه وسائل وطرق الغزو الفكري الصليبي اليهودي , وحماية الشباب من ذلك كحمايتهم للسلطة و للأراضي والممتلكات في الدولة لأن الشباب هم الثروة الحقيقية للبلدان .
رابعاً/ واجبات الحكومات الإسلامية تجاه الغزو الفكري الذي يوجهه الأعداء نحو شباب وفتيات المسلمين :-
1- حماية شباب المسلمين من جميع الوسائل والطرق التي يستخدمها الأعداء من اليهود والنصارى في غزوهم لشباب وفتيات المسلمين, والتصدي لتلك الوسائل من خلال الأتي :-
أ‌- إغلاق البيوت الني تقوم بنشر الفسق والفجور والفاحشة في بلدان المسلمين.
ب‌- إغلاق دور السينما التي تعرض أفلام هابطة ومعاقبة أصحابها والعاملين فيها.
ت‌- إغلاق جميع البارات والحانات التي تقوم ببيع الخمور والمشروبات الكحولية ومعاقبة كل من يقوم ببيع إحدى هذه المشروبات المحرمة أو من يقوم بتعاطيها وشربها, تطبيقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء .
ث‌- إغلاق الملاهي والمراقص الليلية, ومعاقبة كل من يقوم بفتح ملهى أو مرقص ليلي .
ج‌- منع بيع المجلات والصحف أو الكتب والمجلات الهابطة, ومعاقبة كل من يقوم ببيعها.
ح‌- منع بث القنوات المشفرة ومنع بيع كروت الاشتراك في تلك القنوات, ومعاقبة كل من يقوم ببيع كروت إحدى تلك القنوات .
خ‌- إغلاق القنوات العربية التي مقرها في أراضي عربية وإسلامية والتي تبث أغاني هابطة ودردشة فاسدة عبر رسائل الموبايل والهواتف النقالة والتي ليس لها أي هدف سوى كسب المال والربح بأي طريقة كانت, حتى ولو نتج عن ذلك نشر الرذيلة والفساد بين شباب المسلمين.
د‌- عدم تمكين مواقع الإنترنت الفاسدة من الظهور وحظرها عبر منافذ شبكات الاتصالات العربية والإسلامية, مثلما فعلت دولة إيران والمملكة العربية السعودية.
2- تقديم الدعم المادي للاتحادات الشبابية والجمعيات والنقابات واللجان التي تهتم بحماية شباب وفتيات المسلمين , وبمواجهة وسائل الغزو الفكري وتقوم بتثقيف الشباب بالثقافة والقيم الإسلامية وتحثهم على التمسك بتعاليم الإسلام السامية وبالعادات والتقاليد العربية الأصيلة .
3- الاهتمام بالشباب والفتيات إعلامياَ وثقافيا, ومنحهم حقهم من أوقات وبرامج وسائل الاعلام الحكومية سواء في القنوات التلفزيونية الرسمية أو في الاذاعات الحكومية أو في المجلات والصحف الحكومية الرسمية , وذلك من خلال فتح المجال أمام الشباب للإبداع والمساهمة والكتابة في الصحف الحكومية ومن خلال بث العديد من البرامج الجيدة كالمسابقات والبرامج الثقافية والشعرية والأدبية, وكذلك من خلال تخصيص برامج تهتم بالشباب وتفسح المجال أمامهم للمشاركة والابداع وطرح مواهبهم على الجمهور, وتغذية عقولهم فكريا وثقافيا , وتحذيرهم من الوسائل التي يستخدمها الأعداء في غزوهم .
4- عدم بث الأفلام والبرامج الفاسدة, والأغاني العربية الهابطة عبر القنوات العربية الحكومية
ولتعلم حكوماتنا بأن أعداء الإسلام لا يتورعون عن سبنا وسب ديننا ليل نهار رغم صداقة بعض ابناء جلدتنا لهم فنحن نحترم العهود والمواثيق اما هم فلا وإليكم بعضا مما يقوم به النصارى :-
فقد أعلنت  " الجزيرة نت " ما يلى : أثارت تصريحات للبابا " بنديكت السادس عشر " بشأن الإسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم  موجة انتقادات في العالم الإسلامي, وسط دعوات له بالاعتذار باعتبار تلك التصريحات مغالطات مسيئة للدين الإسلامي.
وأعرب الكثير من الاسلاميين عن شجبه واستنكاره لتلك "المغالطات والإساءات التي لم يكن لها مبرر والتي أساءت لمليار مسلم", مطالبا البابا بالاعتذار الصريح عن كل ما صدر عنه.
ونقول لهذا الحاقد ما قاله القرآن الكريم " {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ }الأعراف175 {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف176
ومهما كره الحاقدون ومهما دبر الكافرون فالنصر بإذن الله لنا نحن المسلمين ففي الحديث :
-- حدثنا ‏ ‏يحيى بن إسحاق ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن أيوب ‏ ‏حدثني ‏ ‏أبو قبيل ‏ ‏قال كنا عند ‏ ‏عبد الله بن عمرو بن العاص ‏ ‏وسئل أي المدينتين تفتح أولا ‏ ‏القسطنطينية ‏ ‏أو ‏ ‏رومية ‏ ‏فدعا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏بصندوق له حلق قال فأخرج منه كتابا قال: فقال ‏ ‏عبد الله ‏ ‏بينما نحن حول رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وآله وسلم ‏ ‏نكتب إذ سئل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أي المدينتين تفتح أولا ‏ ‏قسطنطينية ‏ ‏أو ‏ ‏رومية ‏ ‏فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وآله وسلم : ((‏ ‏ مدينة ‏ ‏هرقل ‏ ‏ تفتح أولا ‏ ‏يعني ‏ ‏قسطنطينية
والقسطنطينية قد فتحها محمد الفاتح رحمه الله ، وجاء دور رومية بإذن الله تعالى وصدق الحق جل وعلا حين قال "  {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً }المعارج 6/7
ويبقى أن نعلم أن ملة الكفر واحده كما أنهم يكرهون الإسلام والمسلمين فاليهود والنصارى ومن يدين لهم  لديهم من الأحقاد والكره والحنق على الاسلام مالا يعلمه إلا الله ولذلك حذرنا سبحانه وتعالى منهم جميعا فقال تعالى {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ }الممتحنة2
والعجيب بل المحزن أن كل ما يردده هؤلاء بين الحين والاخر من هجوم على الاسلام وعلى النبى الكريم ياتى من منطلق عقدي يؤمن به هؤلاء الكفرة الفجرة.
ولذا قال تعالى..يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ 
كما يقول سبحانه وتعالى :
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120
واصبحنا نرى ونسمع من ان أعداء الإسلام يتزايدون يوما بعد يوم بهدف القضاء على الاسلام فلديهم أساليب وأعمال وخطط للقضاء على هذا الدين العظيم وأهله ولكن مهما فعلوا وخططوا فالله ناصر دينه ..فقال سبحانه{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }التوبة32
ولم يكتف اليهود والنصارى بذلك أشاعوا أن هناك حربا أمرهم الرب سبحانه وتعالى بها وهى حرب هرمجدون فإليك عزيزى القارئ ما خططه هؤلاء المعتدين وما أوهموا به شعوبهم وجعلوهم كالمطايا ينفذون وهم لا يدرون انهم يصيرون إلى حتفهم بايديهم وصدق الحق حين قال { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }الحشر2
اليهود والنصارى واختلاق معركة أرمجـدون
بداية يقول الحق سبحانه وتعالى { يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَــعْلَمُونَ أَنَّهَـا الْحَـقُّ أَلَا إِنَّ الَّـــذِينَ يُمَــارُونَ فِي السَّاعَــةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ } الشورى(18
 وقال تعالى {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا الاحزاب (63
إوقال تعالى {ِنَّ اللَّهَ عِـندَهُ عِلْــمُ السَّـاعَـةِ وَيُـنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَــامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لقمان (34
 يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } الروم(7
عن جبل من ذهب 
فإليك عزيزى القارئ قرآءة للمستقبل من واقع الاحداث الجارية في المنطقة منذ نيف و 60سنة.
الروم وحربنا معهم طويلة حتي تأتي المعركة الفاصلة.الثوابت:خروج الاعور الدجال.ونزول عيسى صلى الله عليه وسلم.وخروج المهدى رضى الله عنه. والمعركة الفاصلة وكسر الصليب وإبادة اليهود.
اما تسلسل الاحداث ووقت وقوعها فهو بيد الله وحده وعنده مفاتح الغيب.فالأدلة من السنة على حقيقة المهدي واقتراب الساعة :
1- عن الإمام علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) رواه ابن ماجه وأحمد وصحيح الجامع للألباني قال ابن كثير: ( أي : يتوب عليه ، ويلهمه ، ويرشده ، بعد أن لم يكن كذلك  ،
2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين) رواه أبو داود وقال الألباني اسناده حسن .
3- وعن أم سلمة رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) رواه أبو داود والحاكم في المستدرك
4- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها) أخرجه أحمد ،
5- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ، قال : ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا ) رواه أحمد وابن حبان والحاكم ،
6- وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليو م حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهلي يواطئ اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي) رواه أبو داود والترمذي .
7- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم أمتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها ترسل السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الأرض شيئا من النبات والمال كدوس يقوم الرجل يقول: يا مهدي أعطني ، فيقول : خذ  رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات ،
8- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم ، وإمامكم منكم  رواه البخاري ومسلم ،
9- وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) قال : ( فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم : تعال صل لنا . فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض إمراء، تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه مسلم
أما ماذا عن Armageddon  إنها الوقعة العظيمة، والحرب النووية المدمرة.
• إنها المنازلة الاستراتيجية الضخمة.
• إنها الحرب التحالفية العالمية التي ينتظرها جميع أهل الأرض اليوم.
• إنها المواجهة الدينية السياسية.
• إنها الحرب الصليبية الجديدة.
• إنها معركة التنين "Dragon War" متعددة الأطراف.
• إنها أعنف وأشرس حروب التاريخ.
• إنها بداية النهاية.
• إنها الحرب التي يعم قبلها "السلام المشبوه" فيقول الناس: حل السلام حل الأمن.
• إنها ارمجدون.
الحرب العالمية الثالثة "ارمجدون":
هذه الكلمة العبرية المكونة من مقطعين: "هر" بمعنى جبل، و "مجيدو" هو وادي بأرض فلسطين، فهي تعني جبل مجيدو بفلسطين.
هذه الكلمة على بساطتها تعني الكثير والكثير، فهي تخطيط اليهود وسيطر على أذهان المثقفين من "المسيحيين" خاصةً رؤساء أمريكا، بل تعتبر المحرك الأساسي والموجه الرئيسي للسياسة الأمريكية والغربية المسيحية عموماً.
وقد أوردت في كتاب "عمر أمة الإسلام" طائفة من أقوال رؤسائهم وعلمائهم ومثقفيهم في شأن ارمجدون، فليرجع إليها من أراد، غير أنني أورد هنا نصاً واحداً لكل طائفة من طوائف القوم، من باب الإشارة وبيان معتقدهم في هذه الكلمة "ارمجدون".
1- يقول "رونالد ريجان" الرئيس الأسبق لأمريكا: "إن هذا الجيل بالتحديد هو الجيل الذي سيرى ارمجدون".
2- ويقول "جيري فولويل" زعيم الأصوليين المسيحيين: "إن ارمجدون هي حقيقة، إنها حقيقة مركبة، ولكن نشكر الله أنها ستكون نهاية العامة".
وهذه الكاتبة الأمريكية "جريس هالسل" تقول في كتابها "النبوءة والسياسة":
"إننا نؤمن كمسيحيين أن تاريخ الإنسانية سوف ينتهي بمعركة تدعى "ارمجدون"، وأن هذه المعركة سوف تتوج بعودة المسيح الذي سيحكم بعودته على جميع الأحياء والأموات على حدٍ سواء".
-- هذه المقولات مأخوذة من كتب: "النبوءة والسياسة" لجريس هالسل، وكتاب: "دراما نهاية الزمن" للكاتب أورال روبرتس، وكتاب "نهاية أعظم كرة أرضية" للكاتب هال ليندسي، ويفترض صاحب الكتابين الأخيرين المشهورين في أمريكا أن الكرة الأرضية سوف تنتهي تماماً في سنة 2000م أو قريباً منها.  أتدرون ما سر اهتمام الغرب المسيحي قادةً وعلماء و مثقفين وكثير من عامتهم بهذه الكلمة "ارمجدون"؟
إن ذلك يرجع إلى أن أسلافهم حين حرفوا الإنجيل وغيروا تعاليمه ذكروا هذه الكلمة في الإنجيل في أكثر من موضع وهم يعتبرونه " كتاب مقدس " فهي إذن  عندهم كلمة مقدسة لها معنى مقدس  ومن هنا جاء اهتمامهم بها.  فقد جاء في سفر الرؤيا (16/16 " فجمعهم إلى الموضع الذى يدعى بالعبرانية  "هرمجدون"
فهذا اعتقاد العامة منهم والمثقفين والعلماء، وهذا سر اهتمامهم بـ "ارمجدون"؛ لأنها عقيدة عندهم، أما القادة والعسكريون فيجمعون إلى هذا السر في الاهتمام بـ "ارمجدون" سبباً آخر كشفت عنه "جريس هالسل" في كتابها المذكور ص 40 إذ تقول:
-- و يعتبر العسكريون –خاصةً الغزاة القدماء- هذه المنطقة موقعاً استراتيجياً، يستطيع أي قائد يستولي عليه أن يتصدى لكل الغُزاة
-- وهذا ما يكشف لنا سرّ تمكين الغرب لليهود من إقامة دولة بأرض فلسطين بوعد "بلفور" واستماتتهم في الدفاع عنهم، لأن هذه الدولة الناشئة – التي وافقت أطماعها أطماعهم – هي قاعدة عسكرية لهم في "ارمجدون"؛ لأنهم يخططون للمرحلة القادمة من المواجهات المحتومة.
-- ومن العجب أننا حين نرى أقوال أهل الكتاب قد تواطأت وكلمتهم قد اتفقت على اعتبار ارمجدون عقيدة وحقيقة ينتظرونها، نجد كثيراً من المسلمين بل أكثرهم لا يعلمون عنها شيئاً. بل على العكس يهاجمون من يحاول تنبيههم إلى خطرها القادم، والمرء عدو ما يجهل.
-- إن النصارى جميعاً يعتقدون أن المسيح هو الرب المخلص "Jesus is the Christ"، وأنه لابد سينزل آخر الزمان ويجيء من السماء بمجرد أن تقوم حرب "ارمجدون" النووية الفظيعة، ليأخذ أتباعه ويرفعهم فوق السحاب، حتى لا يعاينوا أهوال الحرب الضروس، بل يظلون في "البلكونة" فوق السحاب –كما يقولون- حتى تفرغ الحرب من القضاء على الأشرار أو بمعنى أصح "الإرهاب".
فيزعمون أن المسيح عليه السلام قال لهم:
"سآتي أيضاً وآخذكم"."لتكن أحقَّاؤكم مُمَنطَقة، وسُرُجكم موقدة، وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم حتى يرجع من العُرْس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت، طوبى لهؤلاء العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين..." (لوقا: 12/25-37 ولذلك فإنهم ينتظرون "ارمجدون"، بل ويستعجلون مجيء المسيح، ويقولون متغنيين: (O Jesus Come) أيها المسيح تعال.
 و "حبيبنا يا يسوع، آمين، تعال"، وقد علمتم أنهم يعتقدون أنه لن يأتي حتى يمهدوا له الأرض بالقضاء على الأمم الأخرى أو الأشرار في معركة "ارمجدون".
ومن هنا جاءت أهمية التنبيه على خطورة هذه الكلمة وضرورة إلقاء البيان الخاص بارمجدون.
توضيح معنى: لإزالة سوء فهم وقع فيه البعض –يغفر الله لنا ولهم- نقول:
-- إن المقصود بحديثنا عن ارمجدون ليس اللفظ والكلمة، وإنما المراد المدلول والمعنى، فإنها كلمة تعني الكثير والكثير. فإذا كان بعض المسلمين انشغل باللفظ عن المعنى، وشَغل نفسه بالقِشر عن اللُّباب، وظل يعترض على مجرد كلمة "ارمجدون"، على أنها كلمة لم ترد في السنة، وبناءً على ذلك أغمض عينيه وأغلق قلبه وجعل أصابعه في أذنيه، حتى لا يسمع هذه البدعة. فأقول لهم –إشفاقاً على حالهم-:
-- دعوكم من الكلمة كلفظ، وافهموا المعنى المراد، فهي حرب تحالفية عالمية نووية مدمرة قريباً جداً، ويمكنكم أن تطلقوا عليها هذا الاسم: "الحرب العالمية الثالثة" آخذين في الاعتبار أن أهل الكتاب الذين سيشعلون نار هذه الحرب يسمونها "ارمجدون".. هذا الاسم الأعجمي المبتدع.
فهل يا ترى استطعنا بذلك أن نحل هذا الإشكال، ونزيل هذا الهم الكبير الذي جثم على صدوركم من جرّاء هذا الاسم "ارمجدون"؟؟!!
والسؤال الآن هل أرمجدون هي الملحمة الكبرى؟
والجواب: كلا.  فالملحمة الكبرى تكون بعد ارمجدون وفي أعقابها، ويمكن أن نميز ارمجدون بالآتي:
• هي حرب تحالفية عالمية، يشترك فيها معظم أهل الأرض.
• الأرض الرئيسية للمعركة وادي مجيدو بفلسطين.
• هي حرب نووية مدمرة تقضي على معظم الأسلحة الاستراتيجية للدمار الشامل.
• وهي تمهيد للملحمة الكبرى، إذ يستعين الروم (أمريكا و أوروبا) بالمسلمين للقضاء على الشرق (الصين و روسيا و إيران ومن معهم). ويتم لهم ما أرادوا، ثم يشحذوا سيوفهم، ويحدوا أسنانهم للقضاء على المسلمين في الملحمة الكبرى، والتي تتميز بالآتي:
• تكون بعد ارمجدون العالمية وفي أعقابها بفارق بضعة أشهر.
• هي لقاء مباشر بين الغرب الصليبي والمسلمين.
• تكون في سوريا، وتحديداً في "الأعماق" أو "دابق" قريباً من دمشق.
• يكون قائد المسلمين فيها المهدي عليه السلام بلا خلاف.
• وهي حرب بالخيل والسيوف.
• ومدتها أربعة أيام.
• والنصر في النهاية هو للمسلمين بقيادة المهدي.
• و نقول إن ثمة حربين ستقعان: ارمجدون ويليها الملحمة الكبرى، ويكون النصر في الأولى للروم والمسلمين على عدوهم، أو بمعنى أصح كما جاء في بعض الروايات أنه عدو لهم –أي للروم- وهم المعسكر الشرقي (الصين و روسيا و إيران ومن معهم)، ويكون النصر في الثانية - وهي الملحمة الكبرى- للمسلمين على الروم.
ويمكننا القول بأن الحربين حرب واحدة في جولات، إذ أن الروم بعد رجوعهم ورجوعنا معهم منتصرين يرجعون إلى بلادهم وفي نيتهم الغدر بنا، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "وفي نيتهم الغدر"، فهي حرب واحدة طويلة في جولتين بل جولات، بدأت بضرب العراق وتنتهي بالملحمة الكبرى، ولعل ذلك يفسر ذكرهم ارمجدون فقط دون الملحمة، على أنها حرب واحدة طويلة، يدخل في مرحلتها الأخيرة الملحمة الكبرى.
حملات الإساءة للإسلام :-
ولقد بين لنا " القرآن الكريم " وحذرنا من خطر اليهود، فيوجد صفات مشتركة بين النصارى واليهود،مثل معاندتهم، وجرأتهم على الله، وغرورهم، وأمانيهم، وعدم رضاهم عمّن لم يتبع ملتهم وشركهم
والحقيقة أن اليهود وراء كل جريمة، إمّا تخطيطاً وتنفيذاً، فهم المحرفون قصداً للديانات ماضياً، وهم المحرفون للواقع حاضراً، وهم وراء إشعال الحروب والفتن قديماً وحديثاً ،فضح الله أمرها قبل تحقيقها، فهم بشر يصيبون ويخطئون، وخطؤهم أكثر من صوابهم. 
وفى السنوات الماضية  تصاعدت حملات الاساءة للاسلام بشكل أكثر شراسة من ذى قبل بداية من "نشر الصور المسيئة عام 2005 وهجوم البابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر المتواصل على الإسلام منذ عام 2006 كان الهدف الاساسى لفت الانتباه مرتادي الكنيسة بعيدا عن الفضائح السابقة من ناحية وللحد من اعتناقهم الإسلام من ناحية أخرى .
 وفى حين ذلك  نشرت صحيفة " لاريبيبليكا " الايطالية أثناء مقابلته مع بطريرك البندقية الكاردينال "أنجلو سكولا " وعلق على الفضائح الجنسية إن الحرب على الإسلام تتصدر أعمال أجندة البابا ، وأن هذا الموضوع يعد بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية ولأوروبا أهم قضية في القرن الحادي والعشرين. 
وفى عام 2008هناك أيضا تصريحات البابا نفسه ، حيث دعا إلى ضم كل البشر إلى المسيحية، واصفا هذا الأمر بـ "الواجب" و"الحق الثابت"  بالنسبة إلى الكنيسة وكل مؤمن بالمسيح،تلك الدعوة - التي تضع أمام المسيحيين فى العالم أجمع مبررات شن الحرب ضد العالم الإسلامي .
والان تصاعدت حملات الإساءة للإسلام في أمريكا وأوروبا وان الإعلام الصهيوني قد استطاع تحقيق السيطرة المطلقة على الحملات ضد النقاب الذي أصبح يعتبر النهضة الإسلامية المتوقعة كابوسًا مزعجًا، فيشغل ليله ونهاره في صنع المكائد ضد الاسلام والمسلمين .
-- ولم يتوقف الامرإلى ذلك بل بدءات فضيحة حرق "القرآن الكريم " عندما دعت كنيسة "دوف" التبشرية وهى كنيسة محلية فى ولاية " فلوريد ا" الامريكية إلى حرق " القرآن الكريم " علنا في ذكرى هجمات 11 سبتمبر .
-- فخرج مسرعاً "القس تيري جونز "المشرف على كنيسة "دوف" بتصريحات عنصرية شن خلالها هجوما على الإسلام ، قائلا " إنه ليس ديناً سماوياً بل هو من نتاج الشيطان وهو يتسبب بدفع مليارات البشر إلى جهنم ، إنه دين مخادع وعنيف ".
--وأكد القس المتطرف أنه سيقوم في ذكرى هجمات سبتمبر بتنظيم حملة لحرق القرآن حول العالم .حيث كشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 29 يوليو أن المدن بالولايات المتحدة  سوف تشهد حملة دعائية معادية للإسلام تتخذ من حافلات المواصلات العامة وسيلة للترويج لأفكارها .
-- وأضافت الصحيفة أن جماعة تطلق على نفسها اسم "أوقفوا أسلمة أمريكا" بدأت بإلصاق إعلانات دعائية في حافلات نقل الركاب العامة في المدن الكبرى تحث فيها المسلمين على الردة عن دينهم .
-- ومن الشعارات التي تحملها الملصقات الدعائية في الحافلات وتدعو المسلمين للارتداد عن دينهم " "هل أنت مستعد لتحمل فتوى ضدك" و"هل أسرتك أو جماعتك تهددك" و"هل تركت الإسلام" .و يؤكد هذا أن هناك مؤامرة يتم تنفيذها بخطوات مدروسة لإثارة فزع الأمريكيين من الإسلام بعد تراجع مرتادي الكنائس وتزايد اعتناق الإسلام .
لماذا الخطر اليهودي أشد من الخطر الأمريكي والغربي؟
الخطر اليهودي والخطر الغربي عبارتان كثيرا منا نسمع بهما في وسائل الإعلام، لكن الخطر الغربي والأمريكي نسمع به أكثر بأضعاف مضاعفة في معظم وسائل الإعلام مثل قناة الجزيرة كمثال، فهل هذا يعني تلقائيا أن الخطر الغربي أشد من الخطر اليهودي؟ دعونا ندخل في صلب الموضوع لنرى ولنقارن.إن كتاب الله تعالى قد ذكر لنا عن اليهود والنصارى
-- فنجد أنه قد ذكر أهل الكتاب (يهود ونصارى) في (99) آية، وذكر النصارى والنصرانية في (60) آية، بينما اختص ذكر اليهود من بين الأمم والديانات بـ (278) آية(انظر الجدول التالي:
جدول يوضح موضوعات الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والنصارى يتبين لنا من خلال تحليل هذا الجدول ما يلي:

 

 -1هناك صفات ذميمة مشتركة بين اليهود والنصارى، مثل معاندتهم، وجرأتهم على الله، وغرورهم، وأمانيهم، وعدم رضاهم عمّن لم يتبع ملتهم وشركهم.
 -2 لم نلاحظ وجود صفة ذميمة خاصة بالنصارى دون اليهود.
 -3 نلاحظ وجود العديد من الصفات الخاصة باليهود، مجرمة في حق الله تعالى والأنبياء والملائكة والمؤمنين، مثل:
• تحريف كلام الله.
• قتلهم الأنبياء.
• عداوتهم لله تعالى والملائكة وشدتها على المؤمنين.
• شدة حرصهم على الحياة.
• إفسادهم في الأرض مرتين.
• بغيهم، حيث أدى ذلك بهم إلى تحريم بعض ما أحل لهم.
هذا عن الصفات الذميمة التي اختص بها اليهود، أما عن الصفات الحسنة، فلم يتصف اليهود بأية صفة حسنة، بينما ذكرت صفة حسنة للنصارى في قوله تعالى: )لَتجِدَنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَداوةً للذينَ آمَنواْ اليَهودَ والَّذينَ أشْركُواْ وَلَتجدنَّ أقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِلَّذينَ ءَامَنواْ الَّذينَ قَالواْ إنَّا نَصارى ذَلِكَ بأنَّ مِنهُم قِسّيسنَ وَرُهْبَاناً وَأنَّهُم لاَ يَستَكبِرونَ * وإذا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرى أعْيُنُهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمَّا عَرَفواْ مِنَ الحَقِّ يَقولُونَ رَبَّنا ءَامَنَّا فاكْتُبنا مَعَ الشَّاهِدينَ( [المائدة: 82-83].
وقد يقول قائل: فما القول إذن بما نرى من اعتداء النصارى علينا في كل مكان، وكيف توفق بين ما نراه وما تفسر به الآية الكريمة: ) وَلَتجدنَّ أقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِلَّذينَ ءَامَنواْ الَّذينَ قَالواْ إنَّا نَصارى.. قلت:
 -1 لا بد من التسليم لظاهر الآية، على أن النصارى هم الأقرب مودة للذين آمنوا، وهذا لا يعني المودة المطلقة. فالآية أخرجتهم من صفة العداء للذين آمنوا.
 -2 لا بد من تحقق التهمة في حق النصارى، لإمكانية التزوير في الواقع واتهام النصارى من قبل جهات معلومة، تهدف إلى تغذية الصراع بين المسلمين والنصارى، تماماً كما يحصل بالنسبة للإسلام، حيث تقوم جهات مشبوهة بأعمال استفزازية تعمل باسم الإسلام ضد النصارى مثل إحراق كنائسهم، وقتل أطفالهم ونسائهم، كما هو حاصل على يد القاعدة والشيعة وبعض الشيوعيين المتخفين بالإسلام خاصة لتشويه صورة الإسلام عند الغرب ليصدوا الناس عن الدخول فيه.
3 - إذا تبين لنا أن الفعل صادر عن النصارى حقيقة، وليس عن يهود أو يساريين يفسدون في العالم الإسلامي باسمهم، ففي هذه الحالة يوجد عدة احتمالات:
• أنهم قاموا بفعلتهم ضد الإسلام والمسلمين بإرادة مسبقة وقصد، بسبب أطماع دنيوية، وهذا جائز الحدوث كالاستعمار وحروب الفرنجة، أو دفاعاً عن عقيدتهم حين دعوتهم إلى الإسلام فيختارون القتال دون الإسلام أو دفع الجزية.
 أو أنهم قد تأثروا بتزوير الواقع الناشئ عن برمجة مقصودة، فاعتبروا أن الإسلام يسعى إلى اجتثاث جذورهم من الأرض حين قام الدخلاء على الإسلام بتلك الجرائم البشعة ضد النصارى بأحدث ما توصل إليه علم الجاسوسية وفن الكذب، وخاصة الشيوعيون واليساريين الثوريين منهم.
أو أنهم يقومون بضرب فئات معلومة تعمل باسم الإسلام وهم ليسوا منه بل دخلاء عليه، وأشد ضرراً على الإسلام من هذا النوع من النصارى، أو يعتدون على من اعتدى عليهم من المسلمين، فيظن بعض المسلمين أنهم يقصدون ضرب الإسلام عقيدة، علماً أنهم في بلادهم يسمحون للدعوة الإسلاميــة بالانتشار وأن يدخل نصارى بلادهم في الإسلام بدون أي حرج.
-- إذن هناك فارق كبير بين عداوة التعاليم اليهودية للديانات السماوية وغير السماوية، وبين الظاهر من عداوة النصارى لتلك الديانات، فنرى أن الدين اليهودي واليهودي يحملان الحقد على الناس جميعاً مسلمين ونصارى وغيره تديناً وعقيدةً مما حرّفوا وبدّلوا في هذا الجانب، بينما لم تكن هذه الصفة ظاهرة في النصارى، بل على العكس من ذلك فإن العهد الجديد (الإنجيل) يأمرهم بعكس ذلك.
-- بالنظر إلى الجدول السابق يتضح لنا كذلك أن عدد الآيات القرآنية التي حدثتنا عن موضوعات خاصة باليهود (278) آية، مقابل (60) آية تحدثت عن موضوعات خاصة بالنصارى، وهناك آيات كثيرة مشتركة بين اليهود والنصارى حدثتنا عن أهل الكتاب غير هذه الآيات المذكورة في الجدول.
-- إن زيادة تكرار الآيات الخاصة بذكر بني إسرائيل أكثر من أربعة أضعاف ونصف الضعف عن الآيات الخاصة بالنصارى له دلالة واضحة على اهتمام الشريعة الإسلامية بالتحذير من اليهود والتركيز على فضحهم لما اختصوا به من صفات ذميمة دون النصارى كما مر قبل صفحات.
ويعجب المرء حين يعلم أن هذا القرآن الكريم اختص بفضح اليهود بهذه الصفات، وكرر في حقهم هذه الآيات، علماً أن الله تعالى يعلم أن عدد النصارى سيبلغ في المستقبل أكثر من مائة ضعف عن عدد اليهود.
-- فلو كان العدد له اعتبار في تكرار الآيات، لاحتجنا على (27800) آية بدلاً من (60) آية في حق النصارى. أما بالنسبة لليهود، فلو اعتبرنا أن ألـ (60) آية الواردة في حق النصارى تتناسب مع عددهم، فإننا سنحتاج إلى (0.6) آية فقط تتحدث عن اليهود لانخفاض عددهم مقارنة مع عدد النصارى. وعليه تؤكد لنا هذه الآيات الكثيرة، على مدى خطورة اليهود على العالم مع قلة عددهم فهم جذر الداء، فهل من مدَّكر؟
-- ومما يدلنا كذلك على مدى خطر اليهود مقارنة بالنصارى، هو ذكرهم في أم الكتاب بالمغضوب عليهم، وأما النصارى بالضالين والفارق بينهما كبير جداً، إذ أن اليهود استحقوا الغضب لأنهم علموا الحق وجحدوه، بينما النصارى قد ضلّوا الحق مع إرادتهم له. ولذلك فإن كل مقلِّل أو مهمِّش لخطر اليهود العالمي على حساب تضخيم خطر النصارى، إنما هو مغذٍ لصراع الحضارات ومخالف للقرآن وللتاريخ، وللواقع حاضراً. وهذا ما نشاهده ونسمع به مع الأسف في كصير من وسائل الإعلام، وهذا أيضا مما سعى إليه حزب التحرير والشيعة، والشيوعيون.
فالحقيقة
-- إذن أن اليهود وراء كل جريمة، إمّا تخطيطاً وتنفيذاً، وإما تخطيطاً وتوريطاً لغيرهم بالدعاية والأكاذيب، فهم المحرفون قصداً للديانات ماضياً، وهم المحرفون للواقع حاضراً، وهم قتلة الأنبياء قديماً، وهم قتلة دعاة الحق اليوم، وهم وراء إشعال الحروب والفتن قديماً وحديثاً، قال الله تعالى عنهم: )كُلَّما أوقَدوا ناراً للحربِ أطْفأها اللهُ وَيَسعَونَ في الأرضِ فَساداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ( المائدة:64
-- وأما خطرهم هذا الزمان فيتمثل في تطبيق وكلائهم الشيوعيين لبروتوكولات حكماء صهيون الذي اشتهر بالاسم الآخر (الإنجيل البلشفي). ويجب أن لا يفهم من قولنا: إن اليهود وراء كل جريمة، إلغاء الأدوار الأخرى، أو أنهم يحققون كل ما يصبون إليه، فكثير من مخططاتهم فضح الله أمرها قبل تحقيقها، فهم بشر يصيبون ويخطئون، وخطؤهم أكثر من صوابهم، ولكن بجهلنا علوا علينا.
-- ولما كان ذكر الخطر اليهودي يحتاج إلى دراسة معمّقة في القرآن والتوراة والتلمود والبروتوكولات، ويحتاج كذلك لتتبع الأذرع اليهودية الممتدة في العالم، فإن هذا الموضع يضيق بمثل هذا البحث الكبير الخطير.
-- ولكن لمن أراد الاطلاع والبحث فليقرأ بعضاً مما كتب في موضوع الخطر اليهودي أمثال كتاب: خطر اليهودية))، وكتاب: ((الصهيونية في المجال الدولي))، وكتاب: ((أسرار المؤامرة الصهيونية))، وكتاب: ((احذروا اليهودية) ، وكتاب: ((الشيوعية منشئاً ومسلكاً))، وكتاب: ((الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام> وكتاب: ((رؤية إسلامية لأحوال العالم المعاصر))، وكتاب: ((الفكر الصهيوني المعاصر))، وكتاب: ((التحدي الصهيوني))، وكتاب: ((اليهودية))، وكتاب: ((جذور البلاء))، وكتاب: ((موسكو وإسرائيل))، وكتاب: ((سقوط الجولان))، وكتاب: ((من ملفات الجولان))، و((سلسلة أبناء يهوذا في الخفاء))، وكتاب: ((حكومة العالم الخفية)). وعلى رأس هذه الكتب ((بروتوكولات حكماء صهيون وتوراتهم
-- فهل في التقليل من خطر اليهود مصلحة للإسلام وللإنسانية؟ أم أن فيه تخديراً للمسلمين ليسهل على اليهود تحقيق نبوءات توراتهم الفاسدة؟
--إن كل متستر على أخطار اليهودية والتقليل من شأنها على الرغم أن الله تعالى ذكر فيهم قوله: )وَقَضَينا إلى بَني إسْرائيلَ في الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ في الأرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلواً كَبيرا [الإسراء:4]. وقوله تعالى: )وَقالَتِ اليَهودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلولَةٌ غُلَّتْ أيديهِمْ وَلُعِنوا بما قَالواْ بَل يَداهُ مَبسوطَتانِ يُنفِقُ كَيفَ يَشاءُ وَلَيَزيدَنَّ كَثيراً مِنهُم مَّا أُنزِلَ إلَيكَ مِن رَّبّكَ طُغياناً وكُفْراً وَألقَينا بَينَهُمُ العَداوَةَ وَالبَغضَاءَ إلى يَومِ القِيامَةِ كُلَّما أوقَدوا ناراً للحربِ أطْفأها اللهُ وَيَسعَونَ في الأرضِ فَساداً واللهُ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ(المائدة:64
-- إن كل متستر على هذه الحقائق القرآنية بقصد أو بغير قصد، إنما يريد صرف الناس عن أخطر عدو خارجي يتهدد كيان الأمة الإسلامية، وبالتالي تقع الأمة الإسلامية فريسة ولقمة سائغة بيد عدوها.
ولكن قام نصارى اليوم بالدور الذى كانت اليهود تقوم به ؛ فلا ندرى أهو بتفويض منهم أم أنه تتطوع من النصارى ؟ فهم أيقظوا جميع الفتن ذموا كتابنا وذموا نبينا صلى الله عليه وسلم وأشاعوا الفتن فى كل مكان  ؛ وحين قمنا بالرد اتهمونا بالارهاب وسبب ذلك أن قلة ممن يطلقون على أنفسهم ” أقباط الولايات المتحدة الأمريكية ” – بأعتبار أنهم يتحدثون بإسم أمريكا , أو أنهم يحتمون بأمريكا , أو انها توفر لهم الحماية على أرضها , أو على أعتبار أنهم يحملون الجنسية الأمريكية – تسير على منهج النفخ فى النار لحرق مصر كلها ؟؟
-- فإذا كانت هناك جماعات استخدمت القنابل فى حربها ضد كل ما هو مصرى تحت ستار أن مصر دولة كافرة ويجب أجبار الحكومة على تطبيق الشريعة الإسلامية , وإقامة الدولة الإسلامية بالبلاد , فإن جماعة منظمة أقباط الولايات المتحدة ومعها قلة من أقباط أمريكا , وكندا , واستراليا , واوروبا , تمثل جماعات مسيحية متطرفة ذات نزعات عرقية كذوبة , تستخدم هذه الأيام أساليب أخطر مما كانت تلجأ له الجماعات السابقة فى اختلافها مع الحكومة.
فهم يستخدمون حرب البيانات والمنشورات والإنترنت والصحف الأمريكية فى محاولة لتطبيق نفس منهج الجماعات الإسلامية ولكن فى الخارج وعلى أوسع نطاق , أنهم يشيعون أن مصر دولة محتلة من المسلمين ، وان مصر للمسيحيين باعتبارهم هم سكان مصر الاصليين , وان المسلمين هم احفاد الغزاة العرب ؟؟؟ !!! واذا كانت الجماعات الإسلامية تتهم الدولة بالسعى لعلمنة المجتمع ، والعلمانيون يتهمون الدولة بالتهاون مع الإسلاميين ، فها هى تهمة جديدة لنفس الدولة وهى أسلمة المسيحيين واضطهادهم وقتلهم كأنهم يعيشون داخل غابة وبين اسود ونمور وليس بين بشر مثلهم ينالون ماينالونه ويعانون مما يعانون منه ان لم يكن اكبر واقسى !!! .
فدائما تجدهم يقولون ويعلمون ابناءهم ” أنا القبطي الفرعوني صاحب الأرض، أنا القبطي الشامخ صاحب هذا الوطن الذي سُلِبَ مني منذ الغزو الإسلامي وإلى الآن، وسيرحل قريباً كما رحل من أسبانيا، فلم تعد النعرة الإسلامية لها جاذبيتها الآن في جو أصبح الغرب المتحضر يفهم أن العرب جرب ” ( !!! ) …. ‘ إنه علينا أن نعمل بكل جهدنا وطاقتنا وأموالنا وذكائنا وأن نطرد الشر ونقاوم كل سهامه الشريرة، وأن نستأصل الاستعمار الإسلامي من جذوره في مصر.. كل مصر؛ فأمة الأقباط ليست لبني إسماعيل فيها جذور.
وإذا كان المستعمر المسلم قد فقد كرامته وحياءه فوجب عليه أن يرحل بإرادته عن مصر ويترك أصحاب الأرض ( الأقباط ) في حالهم ؛ لذا وجب علينا نحن ” الأقباط ” الذين هاجرنا بعيداً عن عبودية الإسلام أن نعمل جاهدين على طرد المستعمر المسلم قبل أن يبيد المسيحيين ويطردهم من ديارهم ؛ فإن كان طرد الاستعمار الإسلامي قد يأخذ أجيالاً ولكنه في الإمكان طرده ؛ فقد حدث في أسبانيا بعد استعمار إسلامي لقرون طويلة ، وحدث في الفلبين وبعض جزر اليونان ، ولن يخرج الاستعمار الإسلامي من مصر إلا بالقوة ”
-- هذا هو رأى أديب يكتب في مجلة صوت مصر الحر الصادرة في الولايات المتحدة يعبر بها عن الشعور السائد لدى نصارى مصر منذ عدة عقود لتنفجر على شكل موجات غضب مفتعلة كل فترة من الزمن و التي كانت آخر موجاتها المظاهرات التي تم تنظيمها في ساحة الكاتدرائية المرقسية بعد فرار زوجة أحد القسس بدينها الإسلامي الذي اعتنقته عن طيب خاطر و إيمان بالله الواحد القهار .
-- مثلما كان يحدث قديما فكانت صحيفتا الوطن لمالكها ميخائيل عبد السيد ومصر التي يملكها تادرس شنودة قد عملتا على تأييد الانجليز في كل قراراتهم بل وذهب النصارى فى هذا الوقت المبكر إلى أنهم أمة منفصلة وأنهم من سلالة الفراعنة وأصحاب البلاد حتى عندما جاء الرئيس الأمريكي روزفلت إلى مصر عام1910 وألقى خطبة في الجامعة المصرية غضب منها الشعب المصري , لأنها كانت تدخلا فى أدق الشئون المصرية , رغم الأحتلال البريطانى لمصر , كما ناصر النصارى ضد المسلمين بما يمكن تسميته بالأسفين بين المصريين المسلمين والنصارى واليهود , و كان الوحيد الذي استحسنها هم النصارى ؟؟!! .. وتصاعدت أساليب الأقباط فى الضغط على الحكومة المصرية مستغلين وجود الأنجليز , حتى عقدوا المؤتمر القبطي في أسيوط في 5 مارس عام 1910 ووضعوا لهم مطالب تناقض كل مشاعر الانتماء الوطني ؟
ولذا رأينا أن نناقش  هذه الأفكار السوداء بكل صراحة , من منطلق وضع الأمور فى نصابها الصحيح , وبحثا عن الحقيقة مستعينين بالتاريخ الذى لايكذب ولايتجمل !!
-- بداية نقول ان الكنيسة الأرثوذوكسية نفسها غير بريئة من ممارسة الاضطهاد الطائفى بحق طوائف مسيحية اخرى صغيرة العدد بل واستعداء الدولة المصرية وجهازها الامنى ضدها وعلى سبيل المثال جماعات شهود يهوه والادفنتست… وغيرهم
-- كما نشطت جماعة ” الأمة القبطية ” عام 1954 ، و طالبت علناً بتدريس اللغة القبطية ، ورفضت إطلاق لفظة أو مسمى مصري على النصارى ، بل حرصوا ـ وأصروا ـ على استخدام مسمى قبطي ، – كما جاء على لسان غالي شكري فى كتابه ( الثورة المضادة في مصر) – وقد عادت هذه الجماعات ثانية ـ منذ عهد السادات ـ تطالب بما طالبت به الجماعة المذكورة آنفا ولكن هذه المرة ظهرت وهى ترتدى ثوباً جديداً مستندة الى الكنيسة ، وتعمل تحت مظلتها !!!
-- أما المشكلة الجديدة القديمة التى تلاك فى ألسنتهم منذ ردح من الزمن قولهم أنهم أصحاب البلد , أن المسلمين دخلاء عليها , وبالتالى لابد من خروجهم منها مثلما خرجوا من الأندلس !! , وصاروا يشيعون أنهم اقباطا وليسوا عربا مثل المسلمين الغزاة !!
* هوية الأقباط* ومن هم أهل مصر الأصليون ؟؟
-- وهو الأمر الذى جعلنا نتساءل عن هوية الأقباط , ونبحث فى التاريخ عن أصولهم , وأصول هذه اللفظة , وهل حقا ان النصارى فقط دون المسلمين واليهود والنوبيين والأعراب شرقا وغربا , الذين يقتصر تسميتهم بإسم الأقباط ؟
-- من المؤسف ان هذا التعريف قد اشتهر به النصارى المصريون دون غيرهم على خلاف الحقيقة والتاريخ !! والمؤسف أيضا ان النصارى صدقوه !! والمسلمون بعضهم لايعرف الحقيقة فأنجرف الى التعريف الذى يجر البلاد الى هاوية عميقة , يعلمها النصارى جيدا ويعلمون ان رؤيتهم وغرضهم بقصر تعريف الأقباط او القبط عليهم فقط دون غيرهم من المسلمين يؤدى الغرض الذى من أجله رفعوا هذا الشعار , شعار نحن أقباطأ , ولسنا عربا !! ولقد نقبنا فى التاريخ وكانت النتائج حاسمة ومذهلة .. فماذا قال التاريخ ؟
--وللإجابة على السؤال السابق- لماذا يحاول النصارى فى مصر قصر لفظة الأقباط على أنفسهم فقط ؟ – يجرنا هذا السؤال الى سؤال آخر وهو : – من هم أهل مصر الأصليون ؟؟
--المعروف تاريخيا أن مصر لم تكن عربية قبل الفتح الإسلامى بل كانت قبطية .. بدليل أن الرسائل الموجودة فى خزانات المتاحف ودور المحفوظات والمخطوطات الأثرية كانت تخاطب الحاكم المصرى بلقب مقوقس الأقباط , وهو نفس اللقب الذى خاطبه به النبى محمد صلى الله عليه وسلم , حينما بعث إليه برسالة تدعوه الى الدخول فى الإسلام وكان رد المقوقس يحمل فى ثناياه التصديق بنبى منتظر مع حرص شديد على سلطانه بإبقاء الحال على ما هو عليه .
 فقال فى كتابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :- أما بعد , فقد قرأت كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه ، وقد علمتُ أن نبياً قد بقى ، وكنت أظن أنه يخرج بالشام , وقد أكرمت رسولك ، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان من القبط عظيم ، وبكسوة ، ومطية لتركبها , والسلام عليك.
-- والمعروف أيضا ان كلمة قبط أو مفرداتها لم تذكر في أي من الكتب الثلاثة على الإطلاق ؛ وبذا ينتفي أي تعلُّق عقائدى او دينى أو جنسى باسم غير اسم مصر , وكما ذكرت فى القرآن بهذا الأسم مثل قوله سبحانه وتعالى : – ” اهْبِطُوا مِصْراً فَإنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ” ( البقرة : 61) , ومثلما جاء فى العهد القديم :- ” فانحدر إبرام إلى مصر ؛ ليتغرب فيها ” ( سفر التكوين ، 12/10) , ” وأقام في بيت سيده المصري ” ( التكوين ، 39/3 ) , وايضا جاء فى العهد الجديد مايلى : – ” قم واهرب بالصبى وأمه إلى مصر ” ( مَتَّى ، 2/13) , ” قد ظهر في حُلم ليوسف في مصر ” ( متى ، 2/19 )
-- يقول ابن تغرى بردى فى كتابه ” النجوم الزاهرة ” : – ” فأما مصر فقد سميت هكذا نسبة إلى مصرايم بن بيصر ابن حام بن نوح ، وكان لمصرايم أربعة أولاد و هم : قبط و أشمون و أثريب و رحا ، و أقباط مصر يضافون فى النسب إلى أبيهم قبط ” , و بناء على ذلك فالتسمية لم تكن فى العصر الذى تلى رسالة المسيح , ولكنها كانت منذ عهود مصر القديمة .
-- كما ورد في المعجم الوجيز عن معنى كلمة قبط أنها كلمة يونانية الأصل بمعنى سكان مصر و يقصد بهم اليوم المسيحيون من المصريين , و ورد فى القاموس المحيط القبط : هم أهل مصر , و على ذلك فالقبطى هو المصرى سواء كان نصرانيا أو مسلما , والثابت بقولهم انه كان هناك اقبالا على اعتناق الدين الاسلامى عقب الفتح العربى , من جانب القبط النصارى واليهود والوثنيين .
--ولم تعرف مصر باسم المملكة الفرعونية على سبيل المثال بل عرفت باسم مصر كما جاء فى القرآن والعهدين القديم والجديد , أما الشعب فلم يعرف تاريخيا بهذا الإسم , فلم يكن يقال مثلا الشعب الفرعونى , بل كان يطلق عليه مسمى , المصريون.
--وتم ترجمة الإسم الى اليونانية القديمة الى ايجيبت او ايجيبتوس – اى المصريين , او سكان مصر – أما الرومان فلقد اطلقوا على المصريين إسم القبط , إذن فأهل مصر هم الاقباط أو القبط سواء المسيحى أو اليهودى أو الوثنى , فكلهم مصريون , اقباط , إذن فإن لفظة الأقباط ليست مسمى قاصر على النصارى المصريين .. وإلا لكان نصارى العالم كله من أمريكا الى اليابان من الأقباط !! .. وهذا طبعا ليس صحيحا.. إذن لماذا يطلق النصارى على أنفسهم لفظ الأقباط ؟.. أو لماذا يحتكر النصارى فى مصر لفظة الأقباط , على الرغم أن أهل مصر كلهم أقباط , سواء كانوا مسلمين أو نصارى او يهود !! .. ولماذا ظهر هذا المصطلح أو هذا المسمى حديثا ؟
-- أما لفظة قبط أو أقباط فهى كلمة أصلها يعود الى اللغة اليونانية وهو Alguptos ، أو ” أي ـ جيبتوس ” بمعنى سكان مصر , او دار الفراعنة ولأسباب غير معلومة تنازل النصارى ثم المسلمون عن الاسم الذي ورد في القرآن الكريم والعهد القديم والجديد ، وهو مصر ، وتمسك النصارى بالمسمى اليونانى !! لماذا ؟؟ لاندرى , ولكن بالتأكيد فنصارى مصر يعلمون السبب وراء ذلك جيدا !! ….
-- إذن فهم ليسوا أصحاب هذه البلاد .بل هى كذبة من أكاذيبهم التى صدقوها وعاشوا عليها ويتاجرون بها , وهم فى الحقيقة إما سلالة رومان أو إسرائيليين أو فرس أو بطالمة يونانيون , ولقد ثبت من الحفريات الأثرية , والفحوصات التشريحية ان جماجم الكثير من نصارى مصر , تشبه الى حد كبير جماجم الاسرائيلين التى وجدت فى بلاد الشام والاراضى المقدسة فى فلسطين , وفى رسومهم التى رسموها للمسيح وامه عليهما السلام نجد تشابها كبيرا بينهما وبين نصارى مصر , فالراجح انهم اسرائيليون ورومان وليسوا اقباطا , – اى ليسوا مصريين .
-- والصفات الوراثية لنصارى مصر اقرب ما تكون الى الاسرائيليين والرومان , وقد يرجع ذلك لكون الاسرائيليين ابناء يعقوب بن اسحاق عليهما السلام , والروم ابناء العيص بن اسحاق عليه السلام , فهم اقرب الى بعضهم منا ,
 -- والتاريخ يذكر ان المسيح عليه السلام بعث لليهود برسالة أخلاقية بعد ان تفشى بينهم الفساد , وحادوا عن طريق الحق , وحرفوا دين موسى عليه السلام , ولم يبعث بدين جديد , ولذلك حاربه اليهود وطاردوه , كعادتهم مع أنبياء الله سبحانه وتعالى , وتحالفوا مع الرومان لقتله , ولكن الله سبحانه وتعالى رفعه إليه , وهربا من اليهود والرومان فر عدد من حوارى المسيح وتلاميذه الى سيناء ومنها الى دلتا مصر وصعيدها .
-- دخلت الديانة المسيحية الى مصر عام 48 م على يد مرقس كاتب أحد الأناجيل و بمجيئه إلى مصر بدأت المسيحية تنتشر فيها , ومات فى الإسكندرية سنة 68 م , واستطاع مرقس في هذه الفترة القصيرة أن يكسب قلوب الكثير من المصريين الذين اعتنقوا المسيحية ووضع أساس الكنيسة فى مصر , وكان من أهم العوامل التى ساعدت مرقس فى مهمته هو تدين المصريين , ورغبتهم فى التخلص من الألهة الرومانية التى أتى بها الرومان معهم عند احتلالهم لمصر وفرضها على المصريين الذين كانوا يعبدون فى هذا الوقت اتون وآمون ,
-- وحتى قبيل الفتح العربى كانت المسألة الدينية هى مشكلة المشاكل ، فمصر كانت فى طليعة البلاد التى تسربت إليها المسيحية في القرن الأول الميلادى، وأخذت في الانتشار تدريجيا في جميع أنحاء مصر منذ القرن الثاني الميلادي , الا أن الأباطرة الرومان الوثنيين ناصبوا المسيحية العداء ، والتى ظلت تلقى اضطهادا كبيرا في مصر , إلى أن ولي العرش الرومانى الامبراطور دقلديانوس (482-503م) فبلغ في عهده اضطهاد المسيحيين أقصاه .
-- وقد قابل المصريون ذلك الاضطهاد بالهرب الى الجبال خوفا من الحرق والقتل ومن ثم بدأت ظاهرة الأديرة النصرانية والرهبنة فى مصر , كما بدأت الكنيسة المصرية تقويمها الذى سمته تقويم الشهداء بالسنة الأولى من حكم دقلديانوس (842م) نتيجة لما ترك هذا الاضطهاد من أثر عظيم في نفوس المسيحيين المصريين .
-- وحينما اعترف الأباطرة بالمسيحية منذ بداية القرن الرابع الميلادي لم تخف المشكلة الدينية بل زادت تعقيدا ، اذ تدخل الأباطرة فى المنازعات التى قامت بين المسيحيين حول طبيعة المسيح وصفته  هل هو إله أم إنسان أم رسول أم ابنا لله !! – وعقدوا من أجل ذلك المجامع الدينية، وبلغ ذلك النزاع الديني بين كنيستي الاسكندرية والقسطنطينية (أو بيزنطة) أقصاه منذ حوالى منتصف القرن الخامس الميلادى حينما اختلفت الكنيستان حول طبيعة المسيح، وعقد الأمبراطور البيزنطي من أجل ذلك مجمعا دينيا في خلقدونية بآسيا الصغرى سنة 154م  (تركيا حاليا )
-- وقد أقر ذلك المجمع ماذهبت إليه كنيسة القسطنطينية بأن للمسيح طبيعتين ، وقرر أن مذهب الكنيسة المصرية القائل بأن للمسيح طبيعة واحدة كفر وخروج على الدين الصحيح !! ، كما قرر حرمان بطريرك الاسكندرية من الكنيسة!! , ولم يقبل البطريرك السكندري ولا مسيحيو مصر ما أقره مجمع خلقدونية وأطلقوا على أنفسهم ” الأرثوذكسيين ” وهي كلمة يونانية معناها اتباع الديانة الصحيحة !!.
-- وهكذا يتضح ان المسيحيين فى مصر ليسوا من ابناء مصر وليسوا اقباطا , بل مهاجرين من الشام , وأصلهم يهود من بنى إسرائيل , ولكنهم آمنوا بدعوة عيسى عليه السلام وتعاليمه , وكان عدد هؤلاء فى الغالب عشرات , بينما كان المصريون ( الأقباط ) حينئذ قد تخطوا المليون , وكان منهم اليهود ومنهم الوثنيون , وكما أعتنق المصريون بعد ذلك الإسلام , وأصبحوا مسلمين , أعتنق المصريون النصرانية فى ذلك الوقت على يد هؤلاء النصارى القادمين من فلسطين , وتحول من تحول من اليهود والوثنيين الى النصرانية , وبقى من بقى على عقائده , حتى ظهور الاسلام
-- وبدء الفتوحات الإسلامية حيث أرسل الخليفة عمر بن الخطاب قائده عمرو بن العاص لفتح مصر، فسار بن العاص من فلسطين على رأس جيش قيل أنه كان مكونا من أربعة آلاف محارب وذلك في سنة 81 هـ (936) م , وعقب الفتح الاسلامى أسلمت الغالبية العظمى من القبط – يهود ونصارى ووثنيون – وأصبحت مصر دولة مسلمة منذ ذلك الوقت , ولكن ظل اعداد من المصريين على ولائهم للمسيحية لتنشأ تدريجيا أقلية دينية متمايزة تختلف دينيا عن بقية الشعب المصري ومذهبيا عن بقية مسيحيي العالم .
-- اندمج العرب بصورة أشد من جميع من سبقهم الى مصر كالبطالمة , والرومان وغيرهم , بعد ان اتخذوا من مصر زوجات وأزواجا واصهارا , وتحولت مصر بمرور الوقت الى دولة عربية جنسا ودينا ولغة , حتى أن عمرو بن العاص بعث للخليفة عمر بن الخطاب يقول له : – ” لقد أستعجم على الجيش ” أى ان الجيش أصبح معظمه من القبط ( المصريين ) الذين دخلوا فى الإسلام , وهو مايعنى أيضا أن معظم المصريين أعتنقوا الإسلام , وهو ماينفى أيضا شبهة وفرية أن المسلمين غزاة يجب طردهم من قبل النصارى المصريين , لقد كان المصريون أو الاقباط اكثر عددا من القبائل العربية التي اتت مع الفتح الاسلامي وبعده , فان المسلمين في مصر غالبيتهم العظمى من اصول مصرية ( قبطية ) وليسوا وافدين , من ذلك يثبت ان النصارى المصريين ليسوا اقباطا فقط , بل كالمسلمين المصريين خليط من أجناس بشرية شتى ,
--  ويتضح كذلك أن القبط اسم جنس وليس اسم دين , وإلا فإن جميع نصارى العالم يصبحوا أقباطا ..!! , وعلى أى حال فأننا كلنا وافدون الى مصر , منا من كان سابقا , ومنا من أتى لاحقا ولكن اذا كان المجتمع المصرى المسلم استوعب داخله الأقباط واصبحوا عربا كغيرهم , فاين الاقباط المستقلون فى النصارى المصريين ؟
-- وطالما ان الشىء بالشىء يذكر , فأننا نسأل النصارى ومن يدعون هذه الدعاوى , اذا كنتم انتم اصحاب البلاد والأرض , فلماذا أنتم غير سود , بل معظمكم من أصحاب البشرة البيضاء والصفات الأوروبية , فهل كان من بين المصريين القدماء من يشبه الرومان , او الفرنسيين .. مثلا ؟؟ انه سؤال لايجد أجابة سوى أن النصارى فى مصر مثلهم مثل غيرهم , أجناس وافدة إلى هذه البلاد , واستوطنوا بها واندمجوا فيها , واصبحوا مصريين , تماما مثل الفرس والأغريق والرومان و الترك والعرب واليونانيين والأكراد والأنجليز و البلغار والألمان والفرنسيين والعرب والليبيين والزنوج الأفارقة والسودانيين وغيرهم , من الأجناس التى جاءت الى مصر واستوطنوها , لقد انصهر الجميع فى البوتقة القبطية ( المصرية ) , واصبحوا يشكلون القومية المصرية الحديثة , فلماذا تريدون إيهام العالم أنكم أصحاب الأرض ؟
-- إن تبرأنا من هذه التسمية – القبط – و لمجرد أنه تعارف على إطلاقه على النصارى المصريين , يعد تبرأ من مصريتنا , فمعنى اعترافنا بأنهم قبطا دوننا هو اعتراف منا بأنهم هم أصحاب هذه الأرض دوننا واعطاءهم صفة أصحاب البلاد الأصليين , و أننا العرب و أحفاد العرب وافدين , ويجب أن نتأكد إن أجدادنا العرب لم يكونوا بأمريكيين احتلوا أرض الهنود الحمر أو بريطانيين استولوا على أرض استراليا , إنما نحن أحفاد المصريين و العرب معا , و كفانا فخرا ما ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فينا نحن قبط مصر .
-- وبناءً على تلك الحقائق يجب ان نعود الى رشدنا ونسمى الأمور بمسمياتها الحقيقية , بدلا من التزييف المقصود , ومحاولات التضليل المتعمد , وتغيير المفاهيم لدى الناس لتحقيق مكاسب وهمية وآنية ومرحلية , لأنه لن يسمح أحد بقصر لفظ مصرى على فئة معينة , قليلة العدد من أفراد المجتمع , وليس ذلك فحسب , بل و صبغها بالصبغة العقائدية او الدينية , لأن هذا يعد تزييفا للتاريخ والواقع وتغييبا للعقول , وأختزال رخيص للقومية فى طائفة معينة لاتشكل سوى مايقرب من 8% من تعداد سكان الوطن !!
                    *الكتاب المقدس*
ما قام المسيحيون بهذه الافتراءات وتلك الأكاذيب إلا ليصرفوا ابناءهم عن الكتاب المقدس الذى بين ايديهم وبخاصة بعدما وضحنا لهم أننا تعرفنا على خبايا كتابكم ؛ وبينا ما فيه من غموض مما صرف العديد من ابناءهم عن دينهم ؛ ولذا حين وجدوا الطريق الى الفتنة والطائفية فى مصر موصدا ,  رجعوا الى التسأل عن الكتاب المقدس ؛ قائلين: من الذي حرف الكتاب المقدس؟ ولمصلحة من حرفوه؟ وكيف ومتى؟ وما هو الدليل؟ ولذا فينبغى ألا نخشاهم والدليل على أنهم ليسوا من القوة بمكان نبين لك عزيزى القارئ الكتاب المقدس  وبعض ما فيه من تحريف .
ولكن بداية نقول : نحن لسنا بصدد القبض على من قام أو قاموا بالتحريف، و لا يهمنا معرفة زمان أو مكان وقوع التحريف .. ان الشيء المهم في هذا الصدد هو بيان وقوع التحريف والعثور على أمثلة توضح بما لا يدع مجالاً للشك وقوع هذا التحريف ، وهذا هو ما أثبته الباحثون المنصفون الذين درسوا الكتاب المقدس ووجدوا فيه ما وجدوا من أمور تجافي وحي السماء ، وأخطاء و تناقضات لا تقع إلا في كلام البشر.
هب أن شخصاً أمسك بيد قسيس إلى خارج الكنيسة ، وقال له : أنظر إلى هذا القتيل الذي أمامك  فقال القسيس : لا ، لن أصدق حتى تخبرني : متى ومن ولماذا وكيف قتل؟! لو حدث هذا ماذا يقول الناس عن هذا القسيس؟!
وهذا يشبه تماماً موقف المبشرين من قضية تحريف الإنجيل ، إنك تضع أيديهم على مئات الأمثلة وتبين لهم بالمحسوس التحريف الواضح والاختلاف البين بين إنجيل وإنجيل ونسخة ونسخة ولكنهم يتمتمون .. لا .. لن نصدق . أخبرونا أين ومتى وكيف ولماذا حدث هذا؟!
عندما تقدم لي ورقة نقدية مزيفة فلن أقبلها ولن يقبلها غيري منك لأنه ببساطة لا تحتوي على العلامات التي تؤكد صحتها وبالتالي أنا لست مستعد أن أناقشك في مكان تزييف تلك الورقة هل في منزل أم تحت شجرة هل زيفت بآلة طابعة أم بخط اليد؟ أنت تملك ورقة مزيفة ولا يهمني متى وقع تزييفها؟ منذ سنة أو خمس سنين في مدينة لندن أو باريس … هذه ليست مشكلتي.
الكتاب المقدس ينص على إمكانية تحريفه :
يتساءل بعض المسيحيين الذين يتجاهلون الشواهد والأدلة الدالة على تحريف كتابهم المقدس قائلين : عندما يعطى الله الإنسان كتابا من عنده فهل تظن أنه لا يستطيع المحافظة علية من عبث البشر ؟
الجواب :
بلا شك الله قادر على ان يحفظ كتابه، ولكن علينا ألا ننسى أيضاً بأن حفظ الكتب السابقة كان موكولاً إلى البشر اختباراً وامتحاناً وتكليفاً، والتكليف عرضة لأن يطاع أو يعصى من قبل المكلفين، وإليكم الأدلة من كتابكم المقدس على هذا :
جاء في سفر التثنية [ 4 : 2 ] قول الرب :
” لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا “. [ ترجمة فاندايك ]
وجاء في سفر التثنية [ 12 : 32 ] قول الرب :
” كُلُّ الكَلامِ الذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لا تَزِدْ عَليْهِ وَلا تُنَقِّصْ مِنْهُ “.
وجاء في سفر الأمثال [ 30 : 5 _ 6 ] :
” كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. لا تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ “.
وفي ختام الأسفار المقدسة، نقرأ هذا التحذير الشديد : ” لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذا الكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذا يَزِيدُ اللّهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ المَكْتُوبَةَ فِي هذا الكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذهِ النُّبُوَّةِ يَحْذِفُ اللّهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الحَيَاةِ، وَمِنَ المَدِينَةِ المُقَدَّسَةِ، وَمِنَ المَكْتُوبِ فِي هذا الكِتَابِ “.
ان النصوص السابقة تحذر اليهود من ان يغيروا كلام الله سواء بالزياده او بالنقصان .. وهذا يعني ان التحريف أمر وارد خصوصاً وان الكاتب جعل عقوبة من زاد شيئاً كذا وعقوبة من حذف شيئاً كذا .
ان أمر الله لهم بعدم تغيير الوصايا ( عدم تحريفها ) لهو اكبر دليل على ان هذا التحريف ممكن بل انه سيقع، كيف هذا ؟تعال نتصور الأمر ببساطه :لو أن الأمر مستحيل ، فلماذا ينهاهم الله عنه ؟أليس هذا عبثا وتضييعا للوقت ؟!!
بمعنى لو أن البشر لا يمكنهم تحريف كلام الله ، فلماذا يحذرهم الله من تحريف الكلام ؟؟ هل فى أمر الله لبنى اسرائيل بعدم تغيير وصايا الله ، دليل على انها يستحيل ان تغير ؟ بالطبع لا …. لقد أمر الله بنى إسرائيل بوصايا كثيرة للغاية كقوله لهم : ” لا يَكُنْ لَكَ الِهَةٌ اخْرَى أمامي. لا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالا مَنْحُوتا … ” خروج 20 : 3 . فهل يعنى هذا الأمر أنهم لم يعبدوا غيره وأنهم لم يصنعوا تماثيل أو صور وأنهم لم يعبدوها أبدا ؟التوراة مليئة بالأمثلة حول ارتداد بنى إسرائيل لعبادة البعل وغيرها من آلهة الوثنيين.
يقول الله سبحانه وتعالى عن التوراة التي كانت شريعة موسى عليه السلام ، وشريعة الأنبياء من بعده حتى عيسى عليه السلام :
(( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ))  [ قرآن -المائدة : 44 ]
ومعنى ( استحفظوا ) : أي أمروا بحفظه ، فهناك حفظ ، وهناك استحفاظ .وإذا كان الأحبار والرهبان ممن جاء بعد لم يحفظوا ، بل بدلوا وحرفوا ، فليس معنى ذلك أن الله لم يقدر على حفظ كتابه _ حاشا وكلا _ ولكن المعنى : أن الله لم يتكفل بحفظه ، بل جعل اليهود أمناء عليه .
ومن المعلوم أن هناك المئات من الرسل والأنبياء جاؤوا بعد نوح عليه السلام ولم يتكفل الرب بحفظ رسائلهم سواء كانت شفوية أو مكتوبة وإلا فأين هي؟ مثال ذلك : صحف إبراهيم التي ذكرت في القرآن الكريم فلا وجود لها اليوم .
وأخيراً : لماذا نستكثر على اليهود التحريف وهم اليهود وما أدراك ما اليهود قتلوا الأنبياء بغير حق وصنعوا العجـــل وسجدوا له من دون الله وعبدوا الأصنام واستحلوا المحرمات  وقذفوا العذراء الطاهرة مريم عليها السلام بتهمة الزنا وكفروا بالمسيح عليه السلام ……. فهل نستكثر عليهم التحريف ……
لقد أعلنت التوراة بكل وضوح أن اليهود سيفسدون ويقاومون الرب وكلامه ، وذلك كلام موسى في التوراة بعد أن أوصاهم بوضعها بجانب التابوت وفيه كذلك : ” لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ اليَوْمَ قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ فَكَمْ بِالحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! “. [ تثنية 31 : 27 ]
موقف الأزهر الشريف :-
شنت جبهة علماء الازهر هجومًا شديد اللهجة على البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية السابق، متهمة إياه أنه يستخدم منطق “العصابات” كمنهج لتعامله مع الدولة وأغلبيتها المسلمة.
وذلك بعد استمرار اختطافه لعشرات المسلمات والمسيحيات اللاتي أسلمن واحتجازهن تحت سلطته ، على حد تعبير الحبهة، إضافة إلى تحديه أحكام القضاء في مسالة الزواج الثاني للأقباط.
وأوضحت الجبهة، في بيان لها حصلت “المصريون” على نسخة منه، أن البابا شنودة لا يزال يتحرك بعقلية جماعة “الأمة القبطية” وهي الحركة الكنسية السرية التي تزعمها إبراهيم هلال وقامت بعزل البطرك العجوز الأنبا ” يوساب” بقوة السلاح عام 1954م والذي قامت الحكومة المصرية برد الهيبة إليه وإعادته إلى المقر البابوي بعد أن ألقت القبض على الرهبان المتمردين الذين كان يطلق عليهم داخل الكنيسة “الإخوان المسلمون الأقباط”.
وطالبت الجبهة “شنودة والذين معه” بأن يراجع عقله وتاريخ الدولة الروماني المفتون بنظمها، رغم أن فساد المسيحية كان بسبب تحالف تلك الدولة الظالمة مع رجال الدين، وهو الامر الذي جعل السيد المسيح – عليه السلام – يدين المؤسسة الدينية بعد هذا التحالف عندما رأى كهنة الهيكل يبيعون ويشترون داخل الهيكل ويغيرون فيها العملات، فقال لهم قولته المشهورة في أسلاف شنودة: “بيتي بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص”.
وتساءل البيان: لو أذن الله للمسيح عليه السلام بالحديث اليوم إلى شنودة وعصابته فماذا عساه أن يكون قوله لهم وفيهم بعد أن اشتهروا بسرقة وخطف النساء والأولاد؟ وهل نأمل بعد هذا من شنودة أن يصحح من الأمة والدولة والملة مواقفه؟، فإنه في سن لا يسمح ببقاء ودوام رعونة الشباب فيه.
وتابع: فإن لم يفعل فأملنا في غيره من عقلاء أهل الكتاب عظيم بأن يسارعوا بالأخذ على يديه قبل أن يهدم المعبد على رأسه ورؤوس المفتونين به، وخاصة أنه لم يزل قانونا على الوضع الذي وضعه فيه الرئيس السادات، وإن رجوعه إلى عرشه كان بقوة قرار لا ينهض أن يبطل القانون، ثم إن شأن الكنيسة المصرية هو من الشؤون الوطنية العامة التي تهم الجماعة الوطنية كلها.
وأضاف: إن نيافة البطريرك –البابا – شنودة للأسف الشديد لم يدع معلما من معالم الاعتداء على حرمة الأمة وحقوقها بغير اعتداء واستخفاف يجعل من رقة و سمو الخطاب معه إساءة لمعالم الحق، فهو – بحسب البيان – أولا قد رضي لنفسه أن يكون رئيس عصابة صادفت من الدولة عجزا وانشغالا فسوَّلت له نفسه الإيغال في نهش أجساد وحرمات الحرائر والأئمة الكرام.
وهو لا يزال مختطفا للسيدتين المسلمتين الطاهرتين: “ماري عبده زكي” التي كانت زوجة للقس “نصر عزيز” كاهن كنيسة الزاوية الحمراء، وكذا السيدة الصابرة المحتسبة “وفاء قسطنطين” التي كانت زوجة الكاهن “يوسف” راعي كنيسة أبي المطامير، ولا يزال يحكم سيطرة الإجرام عليهما سيطرة لا مثيل لها إلا في أعراف المجرمين الموغلين في الإجرام .
ولا يزال يسبغ حمايته الشخصية على القساوسة العشرة الذين فضحتهم أفعالهم الفاسدة، ابتدءا من التحرش الجنسي وانتهاء بالعلاقات الجنسية المؤثمة التي نتج عنها أبناء غير شرعيين من هؤلاء القساوسة الذي ثبت أن لأحدهم قصرين بمدينة الشروق يديرهما للأعمال المنافية للآداب، وكذا ما ثبت في حقهم من قيامهم – وهم قساوسة- بتصوير النساء في أوضاع مخلة لا بتزازهن، كما نشر بإحدى الصحف المستقلة.
وتابع: وتحت رعايته وبإشرافه قام القس “مكاري يونان” ببناء عشرة قصور خلف مزارع “دينا” على طريق مصر اسكندرية الصحراوي، وعلى أراض مغتصبة من الدولة، يحتجز فيها أبناء وبنات للمسلمين منذ أكثر من خمسة أعوام، قامت خلالها الكنيسة بتغيير بطاقات بعضهم، ومن ثم تهريبهم بعد استخراج جوازات سفر مزورة لهم ولهن إلى قبرص، ومن هناك وُزِّعوا على كندا، وأمريكا، واستراليا، ونيوزلندا لغرض تنصيرهم وتنصيرهن.
إضافة غلى ذلك قام شنودة بالإشراف على مراكز التنصير المقامة بالكيلو 10 في طريق السويس، واسطبل عنتر بمصر القديمة، والمتسترة وراء أسماء مكاتب استثمار أجنبية يقوم مسئوليها بتركيب صور مخلة لكبار أئمة الإسلام ودعاته بغرض عرضها على أبناء الفقراء المسلمين من تلك المناطق تمهيدا لتسويغ الرذيلة، وتوطئة لنزع الإسلام من صدورهم ومنهم الإمامان الشعراوي والغزالي رحمهما الله كمثال على ما ذكر البيان.
كما استندت الجبهة فى بيانها إلى ما ذكره الأستاذ محمد حسنين هيكل ص 356 بكتاب خريف الغضب عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الرابعة من أن شنودة جبل على الخروج على النظام حتى ولو كان نظام الكنيسة وآبائها، وذلك سعيا منه في هوى نفسه، مما جعل الرئيس السادات نفسه يرى فيه “قنبلة موقوتة وضعت تحت كرسي رئاسة الدولة” .
ومن مظاهر ذلك – وفق ما أورده البيان – أنه بعد انتخاب شنودة بستة أشهر وترسيمه، أقام كنيسة في منطقة الزاوية الحمراء بغير ترخيص، ولما أرادت الدولة أن تسترد هيبتها المعتدي عليها، أصدر “شنودة” أوامره إلى مجموعة من الأساقفة بأن يتقدموا موكبا ضخما أعده هو؛ و أمرهم بالمسير صفا بعد صف في زحف شبه عسكري إلى أطلال أرض الكنيسة الغاصبة في منطقة معظم ساكنيها من المسلمين.
ثم كلفهم بعد طابور العرض الكنسي بأن يقيموا قداس صلاة على أطلال الكنيسة الغاصبة، وكانت الأوامر لهم منه أن يواصلوا التقدم مهما كان الأمر، حتى ولو أطلق البوليس عليهم النار، وحاول البوليس أن يعترض مسيرة هذا الجيش الكنسي الزاحف لكن بغير جدوى .
ثم أورد البيان موقف البابا شنودة الأخير من قرار المحكمة الإدارية العليا قائلا: سعي شنودة لمخالفة هذا القرار لهوى في نفسه، إذ أن الأمر ليس أمر شريعة وعقيدة كما زعم.
ولكنه يريد الانتصار لرؤيته السابقة التي قدمها حسب كلامه لزعيمه “كيرلس” الذي تمرد عليه بعد ذلك أو قبل ذلك، ثم قام البطريرك “كيرلس” بإحالتها إلى جهة الاختصاص وزارة العدل صاحبة الشأن لترى فيها رأيها على وفق طلب الكنيسة التي لا تُحكم بشريعة.
إنما يسيرها هوى البطاركة وأعضاء الإكليروس على وفق ما ذكر الكاتب الكبير المستشار “لبيب حليم لبيب” في دراسته القيمة المنشورة بصحيفة الميدان في 14 مايو 2008م بالصفحة السادسة تحت عنوان
” لوائح الكنيسة تخالف تعاليم المسيح” وفيها يثبت أن الكنيسة نفسها التي اعتادت أن تنتخب بطريركها من المطارنة أكدت في المجلة الصادرة في نيسان – إبريل ، أيار مايو سنة 1995م أن اختيار البطريرك من بين المطارنة يعتبر نقل أسقف من إيبراشية إلى إيبراشية أخرى وهو يمثل زواجا بامرأتين بالمخالفة لتعاليم السيد المسيح، الأمر الذي لا يزال معمولا به تحت رعاية شنودة حتى الآن.
وليس هذا فحسب بل هم يقومون بالتنصير ونشر النصرانية بين المسلمين وبخاصة فى مصر وإليك عزيزى القارئ هذا الموضوع لتقف على أحدث ما يقوم به المسيحيون قى مصر وغيرها من البلاد الإسلامية  :
التنصير في مصر
تمهيد:- لقد أعد التقرير التالى مجموعة المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير ننقله لك عزيزى القارئ بتصريف يسير :-
--يتعرض المسلمون اليوم لحرب كونية شاملة تستهدف انتمائهم الديني بالأساس، وهذه الحرب مستعرة على كل صعيد وبكل الوسائل والإمكانيات الممكنة لذلك ، وقد يظن البعض أن هذه الحرب تشبه سابقاتها من الحروب الكثيرة التي خاضها الإسلام عبر تاريخه المنير وخرج منها منتصرًا قويًا شامخًا، كما كان دائمًا.
لكن الواقع يخبرنا أن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها كليًا، وإن كنا لا نشك أن الإسلام سيخرج منها منتصرًا قوياً؛ لأنه قدر الله الغالب على أمره.
واختلاف هذه الحرب الكونية يرجع لعدة أسباب وعوامل وفرت لها قوة لم تتوفر لسابقتها، ومن أهم هذه الأسباب:
-- حالة الضعف الفكري والمادي التي تعصف بالأمة الإسلامية؛ والتي مكنت العدو مما كان لا يحلم به يوماً , ولأن هذه الحرب كونية فإنها تعني اشتباك على كل صعيد، وقتال على كل الجبهات، ومن كل الموقع، إن الحرب الكونية بتصورها البسيط تعني إن يهجم كل فرد في معسكر العدو على الإسلام من موقعه الخاص؛ فالكاتب يحارب بقلمه، والفنان بفنه، والمفكر بفكره، والتاجر بتجارته، والعسكري بسلاحه، والسياسي بسياسته، وهكذا من كل موقع وعلى كل صعيد , وهذا ما نراه اليوم في أرض الإسلام؛ حتى إنه ليصعب على المرء أن يحصي سهام الكفر الطائشة بأرضنا،
--وتتصف هذه الحرب الكونية أولاً بالجرأة والقوة في الطرح والسرعة في الانتشار والتنوع في الوسائل.
--كما إنها تدور على جبهتين فقط لا ثلاثة كباقي الحروب؛ فالحرب تتم دائمًا على الجانب الفكري الثقافي والجانب السياسي والجانب العسكري، لكننا نلاحظ أن هذه الحرب اختفى فيها الجانب السياسي، وأصبحت تدور على الجانب الفكري والعسكري فقط، وهذا يعني بوضوح أنها حرب إبادة وصراع بقاء لا غير، وأنها لن تهدأ أو تنتهي إلا بنهاية أحد الأطراف.
والجديد أيضًا في هذه الحرب هو الغفلة المسيطرة على عقول المسلمين وقلوبهم؛ والتي حققت للعدو كثيرًا من الأهداف بأقل جهد وبذل، بل أحيانًا بلا جهد ولا بذل.
* موقع التنصير في الحرب الكونية على الإسلام
سبق أن قلنا أن هذه الحرب تدار على جبهتين هما العسكرية والفكرية، وفي خطاب الرئيس الأمريكي- جورج بوش- الأول عن حالة الاتحاد بعد أحداث سبتمبر كان واضحًا وصريحًا ودقيقًا حين قال:" إنها حرب صليبية جديدة " وذلك لأن راية الصليب هي الوحيدة التي تسع تحتها كل التيارات المعادية للإسلام اليوم .
-- فالنصرانية تمثل جميع الرموز والأفكار الوثنية والشركية المنتشرة بين الأمم، كما إنها بالأساس ديانة علمانية تعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله , وهي أيضًا ديانة إباحية تطلق العنان لشهوات أتباعها طالما يجلس للاعتراف بين يدي القس أو يؤكد إيمانه بالإله المتجسد المصلوب الذي حمل عنهم خطاياهم , وبنفس المنطق يقول "بوش" في خطابه أن المعركة الفكرية ستكون هي الأهم والأطول والأكثر كلفة ومشقة في هذه الحرب؛ لأنه يعلم جيدًا أن قوة المسلمين تكمن في قوة عقيدتهم ويقينهم.
* حرب اليقين مخطط قديم*
قضى "شيمون بيريز" عقدًا كاملاً من حياته يبحث عن إجابة على أهم سؤال يواجه إسرائيل وهو "لماذا يفجر المسلم نفسه؟"وبعد عقد كامل وجد الإجابة في كلمة واحد هي " اليقين"
--نعم اليقين الذي يملأ قلب المسلم بأنه على الحق ويدافع عن الحق و يفعل الحق، وأن وعد الرسول له بالجنة حق؛ لذلك قامت خطة اليهودي العالمية على ضرب اليقين وإزالته من قلب المسلم؛ لأنه بعد هذا لن يستطيع أن يضحي بنفسه لعقيدة لا يوقن بها أو لمصير يشك فيه.
-- وعلى صعيد آخر كان "مجلس كنائس الشرق الأوسط" يناقش قضية ذوبان نصارى سوريا، واضمحلال الكنيسة السريانية والتي تعد أحد أعمدة المسيحية الأساسية قديمًا, لكنها الآن تشرف على الانهيار الكامل.
-- وكلف المجلس لجنة بإعداد تقرير عن أسباب هذا الانهيار، وجاء في هذا التقرير أنه بعد سنوات قد تندثر المسيحية بسوريا تماماً، ويذكر تقرير المجلس والذي كان يرأسه وقتها الأنبا شنودة بابا الكنسية الأرثوذكسية بمصر أسباب هذا الانهيار في الآتي:-
-دخول كثير من أتباع الكنيسة السريانية في الإسلام.
-مسايرة الكنيسة السريانية لأيديولوجية الدولة الرسمية في سوريا وهي القومية الاشتراكية؛ مما اضعف الإيمان المسيحي، وشتت شعب الكنيسة وضعفت سلطة الكنيسة عليهم .
-التناحر بين الطوائف المختلفة لاسيما الكنيسة المارونية بلبنان والسريانية بسوريا والرومية الكاثوليكية بفلسطين .
-- وذكر التقرير أن غالبية من اعتنق الإسلام من أتباع الكنيسة السريانية كان دافعهم الأول هو الإعجاب بالإسلام وشعائره وشخصية رسوله وتأثرهم بالقران الكريم , بل إن كثيرًا منهم لم يعرف حقيقة المسيحية إلا بعد دخول الإسلام.
-- وحذر التقرير أن كثيرًا من الكنائس في البلاد الإسلامية قد تواجه نفس المصير إذا ظلت على سياستها الحالية وأن واقع كنائس الشرق الأوسط ومستقبلها لا يبعث على الأمل،
-- وعلى أساس هذا التقرير الذي نشرت "مجلة العالم الإسلامي التنصيرية" مقتطفات منه وضعت خطة عمل للحفاظ على المسيحية في الشرق الأوسط، ارتكزت بالأساس على قاعدتين:
الأولى: تنفير المسيحيين من الإسلام وتكوين مناعة نفسية تجاه التفكير في الإسلام كدين رباني.
والثاني: الاستقلال السياسي والفكري والاقتصادي عن الدول الإسلامية التي تعيش فيها هذه الكنائس بحيث تصبح الكنيسة دولة داخل الدولة.
-- وعلى صعيد ثالث كانت الكنيسة الغربية تواجه الإسلام الذي انتشر بين الأوربيين بسرعة كبيرة؛ مما يهدد التركيبة السكانية لأوربا بأسرها؛ فكان لابد من خطة لطرد الإسلام من أوربا ووقف انتشاره وتنفير الغربيين منه .
-- وغير بعيد عن هذا كله كانت أمريكا تعد لحرب طويلة المدى على العالم الإسلامي، وهي بالأساس حرب إجهاض للنمو الإسلامي المتزايد، بعد أن عجزت الأنظمة والحكومات عن قمعه تمامًا أو القضاء عليه ومدت أمريكا يد العون للمنصريين ووفرت لهم الدعم السياسي والمادي على أمل أن يحقق لها الآتي :-
1 - إضعاف مقاومة الأمة للعدوان الصليبي وذلك بنزع سلاحها الأول في هذه المعركة وهو الإسلام وذلك عن طريق نزع قدسية واحترام المسلمين لدينهم بنشر الافترات والأكاذيب على القران والنبي وزوجاته وكذلك شعائر الإسلام الظاهرة كالحج والصلاة والصيام .
 -2 تفتيت المجتمع المسلم عن طرق تنصير بعد أفراده واستخدامهم كوقود للمعركة مع المسلمين لأن الشجرة لا يقطعها إلا أحد أعضائها .
 -3 إلحاق الهزيمة النفسية بالمسلمين وذلك عن طرق البث المنظم والمكثف لشبهاتهم القذرة حول الإسلام وجعله دائما ً محل شك وانتقاد .
 -4 إشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين والاقليات (النصرانية خصوصاً) وذلك بتشجيع هذه الاقليات على انتقاد المسلمين والتشكيك في دينهم ونشر الأباطيل عنه .
 -5 استنزاف جهود المسلمين ولفت انتباههم عن المعركة الحقيقة الدائرة في البلاد المحتلة من قبل الجيوش الصليبية وأشغالهم بمعارك داخلية مع المنصريين لتنفرد هذه الجيوش بتلك البلاد .
وهنا تلاقت الإيرادات العالمية على حرب الإسلام: فكريًا وعسكريًا حرب كونية شديدة الوطيس...وبدون هذه الحرب تصبح كل الأطراف في خطر وتهديد لا تقوى على تجاهله ولا تستطيع التكيف أو التعايش معه.
* واقع التنصير في مصر*
--تعتبر مصر الآن هي مركز النشاط التنصيري في الشرق وذلك لعدة أسباب هامة منها:
-قوة الكنيسة المصرية السياسية والدينية والاقتصادية؛ فالكنيسة القبطية مثلاً تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ المسيحي بعد الكنيسة الرومانية , وقد تمكنت هذه الكنيسة من ترؤس كنائس الشرق جميعًا حتى بدء النشاط البروتستانتي في إضعاف دورها ، لكنها ما لبثت أن عادت إلى قوتها بعد سيطرة تنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه "البابا شنودة" ومجموعة رهبان الستينات والسبعينات لها، ووصولها إلى قمة هرم السلطة فيها والكنيسة الإنجيلية تعمل بنشاط وقوة منذ نشأتها أيام الاحتلال الأجنبي في القرن ال19 وهي المسؤولة عن النشاط التنصيري في جميع دول الشرق الأوسط وأفريقيا
-المطاردة الأمنية المستمرة والمتصاعدة للعلماء والدعاة والتي امتدت إلى علماء الأزهر، ودعاة الأوقاف، وشملت كذلك حصار المساجد وتلقيص دورها وتحديده في الصلاة فقط بما لا يزيد عن ثلاث ساعات يومًا، وقصر الخطابة والإمامة على المعنيين من قبل الأجهزة الأمنية ومراقبة جميع المراكز الخدمية والدعوية الإسلامية والتضيق عليها
-تشجيع الدولة للتيارات العلمانية واللبرالية المعادية للإسلام، والغريب أن تتوطد علاقة الكنيسة مع هذه التيارات، ويستفيد كل منهم من الآخر في دعم ومساندة موقفه في الحرب على الإسلام.
-انتشار الجهل بين المسلمين بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ الأمة، وهذا الجهل لا يتمثل في صورته البسيطة الناشئة عن سياسة تجفيف المنابع وضرب الرؤوس ومحاصرة العلماء، بل يتعداه إلى الجهل المركب والناتج عن ظهور طبقة جديدة من الدعاة والوعاظ -من غير أهل العلم- يعتمدون على زخرف القول في التأثير على مستمعيهم، و لا يطرقون سوى القصص والفروع الصغيرة ؛ كي لا تثقل المواعظ على نفوس العامة فينصرفون عنهم.
- حملة شهوانية مسعورة تملأ على المسلمين حياتهم، تقعد لهم بكل صراط وسبيل تصدهم عن سبيل الله، وتزرع في نفوسهم الدياثة وحب الفواحش، حتى صار العامة لا يبالون إلا ببطونهم و فروجهم، وهذه الحملة تستخدم كل وسائل الاتصال البشري المسموعة والمرئية والمكتوبة، كما أنها في متناول الجميع وبسهولة وكثافة وتنوع وتلون لا يترك فرصة لأحد أن ينفصل عن فلكها، حتى أصبحت ميزانية وزارتي الإعلام والثقافة في مصر من أكبر الميزانيات بعد الداخلية والدفاع!! و أصبحت مصر هي محط كل المغنين والراقصين من الدول العربية!!
- حالة الفقر المدقع والغلاء الفاحش والبطالة التي تخنق المسلمين في مصر، والتي وصلت إلى ذروتها؛ مما دفع البعض إلى الانتحار أو قتل الأطفال لعدم القدرة على إطعامهم أو شيوع البغاء والسرقة، وما يسمى أخلاقيات الفقر و العنوسة وأصبح لا هم للعامة سوى الحصول على المال للبقاء على قيد الحياة بكل وسيلة ممكنة، دون النظر إلى شرعية الوسيلة أو عواقبها.
كل هذه الأسباب سواء كانت تم التخطيط لها من قبل أعداء الأمة الإسلامية، أو وقعت لجهل المسلمين وبعدهم عن دينهم أو لكليهما معًا ، فإن المتيقن منه الآن أن مصر تجهزت تمامًا لتأخذ نصيبها من مخطط الشرق الأوسط الكبير، وأن التنصير أحد أهم الوسائل المخصصة لذلك.
* استقراء واقع التنصير*
من خلال استقرائنا لواقع التنصير نلاحظ أنه تم توزيع الأدوار على الكنائس المختلفة، وهذا التوزيع استغل الخصائص المختلفة للكنائس ليوظفها كعناصر قوة دافعة في برنامج واحد بمنظومة واحدة؛ هدفها تشويه الإسلام وزعزعة اليقين في قلوب المسلمين، وتسخين الوضع الطائفي عن طريق شحن الأقباط بعقدة التفوق والاضطهاد؛ مما يضمن تمسكهم، وانعزالهم، وبث الثقة واليقين فيهم، وإثارة جرأتهم على الإسلام.
ولذلك تم تقسيم الحملة التنصيرية إلى قسمين:
القسم الأول: السياسي :-
-- وتتولاه الكنيسة الأرثوذكسية باعتبارها أقلية أصلية، وليست وافدة وهي الأكثر عددًا والأكفأ تنظيمًا وإعداداً، وقد تجهزت الكنيسة الأرثوذكسية لهذا الدور عبر إعداد جيل كامل من الرهبان والكهنة المشبعين بالتعصب، والموالين لتنظيم الأمة القبطية الذي يتزعمه البابا نفسه..
-- وكذلك إنشاء التنظيم الدولي المساعد الذي يمثله أقباط المهجر وهي ظاهرة صنعها البابا شنودة بنفسه، وهو يفخر بهذا وقد استطاع هذا التنظيم إنشاء لوبي قوي في أمريكا وكندا واستراليا , وتمكن هذا التنظيم من الوصول إلى دوائر صنع القرار في أمريكا و أوربا مستغلاً العون اليهودي المقدم لإضعاف الدولة المصرية.
ويهدف هذا القسم إلى :
* تدويل قضية نصارى مصر سياسيًا على المستوى الدولي، وتهيئتهم للانفصال عن الدولة .
* انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب والامتيازات من الحكومة.
* الوقيعة المستمرة بين المسلمين والأقباط ؛ ليصبح الانفصال حلاً مريحًا للجميع.
* استقطاب الشخصيات العامة عن طريق الرشوة، والمصالح المتبادلة، أو إرهابها وتحيديها.
* تحييد المؤسسات الدينية الرسمية "الأزهر ـ الأوقاف" ، عن طريق الترهيب والترغيب والتنادي بمسميات الوحدة الوطنية ووئد الفتنة الطائفية ونزع أسباب التوتر
ويتزعم هذه الحملة السياسية داخليًا القمص "مرقس عزيز" كاهن الكنيسة المعلقة والمستشار "نجيب جبرائيل" المستشار القانوني للبابا شنودة وخارجيًا تنظيم "عدلي أبادير".
القسم الثاني هو القسم العلمي:
-- وتتزعمه بالأساس الكنيسة البروتستانتية باعتبارها الأكثر تعلماً وثقافة وقدرة على الجدل مع المسلمين ، وكذلك لارتباطها مع المؤسسات التنصيرية العالمية، وهي في أغلبها مؤسسات بروتستانتية تتمتع بسند أمريكي وبريطاني باعتبار رابط المذهب الديني
ويهدف هذا القسم إلى:
* تشويه صورة الإسلام لإقامة حائط صد يمنع المسيحيين من اعتناقه أو حتى التفكير فيه .
* تشكيك المسلمين في دينهم وهزيمتهم نفسيًا .
* استفزاز المسلمين للقيام بأحداث ثأرية تصب في صالح الشق السياسي وتزيد الضغوط على الدولة، وتتزعم هذا القسم داخليًا كنيسة "قصر الدوبارة" برئاسة القس "منيس عبد النور" و الدكتور "داود رياض" وجمعية خلاص النفوس الإنجيلية والقس "عبد المسيح بسيط" وهو كاهن كنيسة العذراء الأرثوذكسية ويتزعمه خارجيًا القمص "زكريا بطرس" وتنظيمه.
وعتاد هذا القسم هو:
عدد من القنوات الفضائية مثل: "الحياة" , "سات7", "النور" , "السريانية", "أغابي" المعجزة" الكرامة" المسيح للجميع "CTV"
وأكثر من خمسمائة موقع إلكتروني مثل : "صوت المسيحي الحر" "الكلمة" , "النور والظلمة","فازر زكريا", "فازر بسيط ", "الأقباط متحدون" , مسيحيو الشرق الأوسط ...
أكثر من عشر مجلات متخصصة مثل "الكتيبة الطيبية", "الطريق" ,الأخبار السارة , أخبار المشاهير...
أكثر من مائتي غرفة حوارية على برامج المحادثة الإلكترونية مثل "البالتوك" و"الماسنجر" و"الياهو" و"سكاي بي".
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المنصرين والمتنصرين الذين يقودون الحرب على الإسلام باعتبارهم أصحاب تجربة، وهؤلاء ينشطون داخل شبكات تنصير منظمة وممولة .

ومن هذه الشبكات التنصيرية:
1 - شبكة قمح مصر، وهي تنشط في أكثر من محافظة لاسيما القاهرة والمنيا وبني سويف، ويقودها شاب متنصر كان اسمه" محمد عبد المنعم" وأصبح "بيتر عبده" من محافظة المنصورة، ويساعده شاب متنصر أيضًا كان اسمه " مصطفى"، وأصبح "جون" وكلاهما تنصر على يد دكتور أمريكي اسمه "بوب" , وقد تفوق "محمد عبد المنعم" أو "بيتر" فحصل على منحة لدراسة اللاهوت بالأردن، وهو يتقاضى راتبًا شهريًا يصل إلى عشرة آلاف دولار .
2 - جمعية أرض الكتاب المقدس، ومقرها الرسمي "بكينجهام شاير" ويرأسها شخص اسمه"موبير نلي" وتنشط في الريف المصري، ويقوم عليها مجموعة من المنصرين العرب الأجانب، وتقوم هذه الجمعية بزيارة المناطق الفقيرة والمعدمة وتقوم ببناء البيوت ودفع اشتراكات التلفونات ومصاريف المدارس وتشارك هذه الجمعية في مشروع بناء مصر العليا وهو مشروع تنصيري ممول من جمعيات تنصيرية أوربية، وفي أخر رصد لنشاط جمعية أرض الكتاب المقدس خرج فريق من منصري هذه الجمعية إلى قرية الكوم الأخضر أحد قري الجيزة، وظلوا لمدة عشرة أيام كاملة يساعدون العائلات في بناء بيوتهم وتجديدها وأعمارها، حيث انفق الفريق أكثر من مائة ألف جنية إسترليني هناك.
 - 3الجمعية الإنجيلية للخدمات الإنسانية وهي جمعية تقوم بإقامة مشروعات صغيرة لفقراء المسلمين عن طريق القروض الميسرة، وتنشط في القاهرة الكبرى بوجه خاص، لاسيما المناطق العشوائية وهي خاضعة لكنيسة "قصر الدوبارة البروتستانتية" وقد تنصر بسببها عدد كبير من المتنصرين و يمولها عدد من الشركات المسيحية التجارية.
4 - الجمعية الصحية المسيحية وهي جمعية ممولة من السفارة الأمريكية، وتدير عدة مدارس ومستشفيات وتقدم الخدمات المجانية لعدد كبير من المسلمين.
5 - مؤسسة "دير مريم" وهي مؤسسة قديمة تقدم الدعم المادي والقروض الحسنة وتعرض خدمات الهجرة والسفر للمتنصرين.
 - 6مؤسسة "بيلان" وهي أيضًا مؤسسة عريقة في التنصير، وبجانب ما توفره من دعم مادي تقوم بإقامة حفلات عامة يوم الأحد وتدير شبكة مراسلة وتعارف بين الشباب من سن الحادية عشرة إلى الخامسة عشرة سنة بين مصر والبلاد الأوربية .
 -7مؤسسة حماية البيئة ومقرها الأساسي في منشية ناصر أحد أفقر أحياء القاهرة، ولها فروع في العديد من المناطق الشعبية، وتقوم بتدريب الشباب والفتيات من كل الأعمار على الأشغال اليدوية وإقامة المشروعات الصغيرة، وتقوم بالتعاون مع السفارة الأمريكية بإعداد معارض لمنتجات المتدربين فيها، وتضم كذلك دور حضانة ومدارس بأجور رمزية يقوم فيها المسيحيون بالتدريس لصغار المسلمين.
8 - جمعية "الكورسات" بالإسكندرية، وهي جمعية إنجيلية تقوم برعاية أطفال الشوارع، حيث توفر لهم ثلاث وجبات يومية ومدرسة لمحو الأمية وورش لتعلم الحرف، وقد تحدثنا مع بعض الأطفال الذين عاشوا فيها لفترة وأكدوا لنا أنهم تعرضوا لعمليات تنصير، وأنهم أجبروا على أداء صلوات مع القساوسة، وعلى شكر يسوع بعد تناول الطعام، وأنهم تلقوا وعودًا بالسفر والتوظيف إذا استجابوا لتعليمات القساوسة والراهبات القائمين على هذه الجمعية.
-- ويقدر تقرير أمريكي نشرته صحيفة "المصريون" بتاريخ 15-8-2007 أعداد الجمعيات والمنظمات التنصيرية بقرابة ألفي منظمة وجمعية، منها قرابة ثلاثمائة تقيم في مصر بشكل رسمي ودائم ويعمل بها ما لا يقل عن خمسة آلاف مصري و ألف وخمسمائة أجنبي .وجميعها تتلقى دعم مالي من المؤسسات التنصيرية العالمية مثل :
"مؤسسة ماري تسوري "
"ومؤسسة" كريتاس" التابعة "لمجلس الكنائس العالمي
"ومؤسسة" الكريستيان أيد"
ومؤسسة" ما وراء البحار"
ومؤسسة "الطفولة الأمريكية "
وهيئة "سدبا"
ومؤسسة "كاتليست"
-- ومن الملاحظات التي رصدناها في الفترة الأخيرة، هو انتشار النشاط التنصيري إلى أماكن التوتر العرقي في مصر، فقد رصدنا عمليات تنصير تجري في النوبة وهي تقوم بالأساس على استغلال مشاكل النوبة الاقتصادية والسياسة، وتقوم جمعيات تنصيرية أمريكية بمشروع يسمي "الوعي القومي" في هذه المناطق، وهو يهدف إلى عزلهم كمجموعة مستقلة لغة وثقافة وعرقًا، وقد نجحت هذه المجموعات التنصيرية في تنصير الكثير من هؤلاء مطبقة بذلك نموذج "أمازيغ" الجزائر ويساعدهم في ذلك أحد كبار مثقفيهم وهو "حجاج أدول"، وقد حصل على عدة جوائز أدبية وشارك في العديد من المؤتمرات الخاصة بالأقباط في أمريكا.
-- كذلك رصدنا مجموعة من المنصرين تنتشر بين بدو سيناء مستغلة مشاكلهم الاقتصادية والأمنية مع الدولة، وتدير هذه المجموعة نشاطها من بعض الفنادق والأديرة، ويشاركها مجموعة من جمعية المعونة الأمريكية، وقد حققت نجاحات على مستوى الأطفال والنساء وإقامة علاقات وثيقة مع شيوخ بعض القبائل.
-- كذلك انتشر التنصير في صعيد مصر الذي يعاني من التهميش والإهمال والفقر، وبينما توفر الكنيسة للنصارى فيه الدعم والسند المالي الكبير؛ والذي جعلهم أقلية منعمة ومرفهة .
استقراء الواقع من خلال نماذج من المتنصرين:
تم تدريب فرق من الشباب المسيحي للعمل في مجال التنصير وهؤلاء الشباب يتلقون تدريبات مكثفة على كيفية إدارة الحوار مع المسلمين، وكسب مودتهم وثقتهم واكتشاف نقاط الضعف في شخصيتهم واستثمارها، ويتركز النشاط التنصيري على عدة جبهات أساسية وهي:
المراكز التعليمية: الجامعات والمدارس والمدن الطلابية وقد رصدنا أحاديث تدور داخل الكنيسة عن ضرورة وجود جامعة مسيحية على غرار جامعة الأزهر، وذلك بعد رفض الدولة انتساب المسيحيين لها، ومع صعوبة ذلك من الناحية العملية قرر المنصرين تحويل أحد الجامعات العامة إلى جامعة مسيحية بواقع الحال، وتم اختيار "جامعة حلوان" بالفعل ، وبَدَئُوا المخطط بأيديهم لا بأيدي الدولة ، فتم عمل تركيز تنصيري على شباب الجامعة بشكل مكثف ، وعمل اتصالات مع وكلاء الجامعة وكلياتها لشئون البيئة والمجتمع حتى تحل مشاكل التنصير وما يضاده ، الموظفون النصارى بالجامعة يساندون بعضهم، ويجنبون المسلمين المراكز التي يتولها أحد منهم، ولا يتسامحون في ذلك ويتخطون اللوائح المنظمة لذلك وسط تخاذل غريب من المسلمين .
المراكز الاجتماعية : النوادي والتجمعات الليلية وأماكن تجمع الشباب بصفة خاصة، وقد رصدنا في تسجيل مصور مع أحد كبار المنصرين بكنيسة "قصر الدوبارة" اسمه "مجدي برسوم" يشرح الكيفية التي يتم بها التحضير لهذا؛ فقال أنهم يجتمعون للصلاة في الكنيسة حتى منتصف الليل ثم يخرجون في مجموعات إلى أماكن تجمع الشباب وأماكن اللهو؛ ليستقطبوا الشباب إلى الكنيسة بغض النظر عن دينهم، وهناك توطد العلاقات بينهم وبين المنصرين وتستمر الزيارات بينهم .
المراكز الطبية : مستشفيات وجمعيات مرضى الكلي والسرطان، فهناك رحلات تنظمها الكنائس إلى هذه الأماكن، وتقوم بتوزيع الهدايا والأموال والتعرف على احتياجات المرضى، وقيام صداقات بينهم وبين المنصرين.
التجمعات الفقيرة : مثل منطقة "الكيلو أربعة ونصف" و"منشية ناصر" و"عزبة الهجانة" و"الدويقة" و"البساتين" و"مصر القديمة" و"المقطم" و "جزيرة الدهب" بين "المعادي" ومنطقة "البحر الأعظم" "جزيرة الوراق " امبابة"
مراكز الإيداع الخاصة: السجون وملاجئ الأطفال ودور المسنين، ومع حساسية هذه الأماكن وظروفها الخاصة، إلا أننا لا نجد أي اهتمام من الجمعيات الإسلامية الدينية أو الاجتماعية بها، ولا عجب بعد هذا أن ينتشر التنصير وأن يحقق نجاحات واسعة في بلاد المسلمين,
واختصاراً سوف ننقل ثلاثة أمثلة متنوعة للشباب المتنصر؛ توضح لنا كيفية عمل المنصرين وما هي أساليبهم ووسائلهم، وقد حرصنا على ألا ننقل الوقائع إلا من على ألسنة هذه النماذج نفسها
بلا واسطة، وذلك من خلال علاقتنا بهم:
زينب نموذج واقعي لتنصير فتاة مسلمة في الجامعة:
في واقعة تنصر الفتاة المسلمة "زينب" اكتشفنا الكثير من أساليب عمل الخلايا التنصيرية فقد التفت حول الفتاة خلية تنصيرية أرثوذكسية داخل جامعة حلوان، مكونة من شاب مسيحي وفتاتين متنصرتين سراً، وبدأ الشاب التودد والتقرب إلى الفتاة مستغلاً أنها غير جميلة، ولا يعبأ بها شباب الجامعة، وتعاني من الإهمال في بيتها، في نفس الوقت بدأت صداقة بينها وبين الفتاتين وبعد أن توطدت علاقتها بالشاب المسيحي صارحها برغبته في الارتباط بها، وعندما عرضت عليه الإسلام طرح عليها بعض الشبهات العلمية التي تقف حائلاً بينه وبين الإسلام،
 في ذات الوقت الذي كانت تجلس فيه مع الفتاتان يوميًا لقراءة القرآن في مسجد الجامعة، وكانت كل منهما تثير بعض الأسئلة حول الإسلام في صيغة تساؤل واستفهام لزرع الشك في قلبها , ومع ضعف ثقافتها ومهارة الخلية المسيحية كانت تضع دائمًا الإسلام في مقارنة المسيحية، حتى سألتها يومًا أحد الفتاتين عن تفسير قوله- تعالى- (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(البقرة: من الآية222) وكيف يكون هذا مع ما تقوله عائشة أن النبي كان يباشرها وهي حائض ؟
--ولجأت الفتاة إلى أحد الدعاة المشهورين تسأله؛ فقال لها أن المباشرة غير الجماع، ولم تفهم الفتاة فطلبت منه توضيحًا أكثر، فسألها هل أنت متزوجة، فقالت لا ؛ فعنفها هذا الداعية واتهمها بقلة الأدب والتربية؛ لأنها تسأل فيما لا يعنيها ولا تسأل عن ذلك سوى المتزوجة , مما أحدث لها أثرًا نفسيًّا سيئًا.
-- وعندما علم الشاب بهذا الموقف طلب منها أن تتحدث مع القس "زكريا بطرس" مباشرة في غرفة خاصة على "البالتوك"، ووجدت عند القس من الاهتمام والتودد والملاطفة والتواضع معها ما لم تجده عند من احتكت بهم من الدعاة؛ فكثر حديثها معه وكان القس يتصل بها هاتفيًا من أمريكا كل يوم ثم صارحتها أحد الفتاتين أنها تفكر جدياً في التنصر هي و أسرتها، وبالفعل أخذتها بعد ذلك لتجلس مع أسرتها وهي متنصرة بأكملها وبعد رحلة بين المتنصرين والإنترنت والدعاة تنصرت" زينب"..
وظلت تمارس التنصير وتتدرب عليه وتمارسه مع غيرها من المسلمين، حتى طلبت منها الكنيسة أن تترك بيتها وتهرب، وبالفعل تركت الفتاة البيت والتحقت بأحد الأديرة، وهناك رأت عائلات كاملة تنصرت وتركت الإسلام، وتعيش في معية الكنيسة، وهذه العائلات المتنصرة تمثل أخطر الجهود المبذولة لتنصر المسلمين , وبعد ستة أشهر قضتها "زينب" تتدرب على التنصير، وتتلقى دورات في كراهية الإسلام والطعن فيه، قررت أن تعود إلى بيتها لتنصير أسرتها ويشاء الله أن يتلقى والدها مع بعض الشباب المهتم بقضايا التنصير، وبعد عدة جلسات ومناظرات عادت زينب إلى الإسلام ,
وبعد عودتها إلى الإسلام كشفت لنا زينب معلومات هامة عن النشاط التنصيري فتقول:
- إن هناك إمكانيات هائلة لدي الكنيسة لاستيعاب أي أعداد من المتنصرين وإن هناك أسر مسيحية تستضيف المتنصرين، وتدمجهم داخلها بحيث يصبح أحد أفراد الأسرة، ومن لا يرغب في الالتحاق بهذه الأسر، توفر له الكنيسة بيوت إيواء المتنصرين وهي بيوت مجهزة للمعيشة، وتوفر له الكنيسة مشروع عمل صغير، وتلبي الكنيسة طلبات بعض المتنصرين بالسفر للخارج , كما يعمل بعضهم في مجموعات التنصير.
- وحول سؤالنا عن عدد المتنصرين قالت زينب أنها علمت أنهم أكثر من ثلاثة آلاف متنصر .
-وقالت أنه يتم تصوير المتنصرين فيديو وهم يحكون تجاربهم وكيفية تنصرهم، وتسوق هذه التسجيلات لدي المؤسسات التنصيرية الكبرى كدليل على نجاح خطة العمل بمصر، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى زيادة الدعم المادي للمنصرين وأكدت أنه قد طلب منها أن تحكي قصتها بشكل مخالف لما حدث؛ حتى تؤثر على من يسمعها من المسلمين.
-تستخدم هذه التسجيلات لزعزعة إيمان المسلمين عن طريق بثها عبر الإنترنت وتوزيعها على الشباب على أقراص مدمجة في الجامعات والنوادي.
-وتكشف زينب أن العامل المادي أو العاطفي ليس هو الدافع الأول لتنصر بعض المسلمين، وإنما كثرة الشبهات المثارة على الإسلام وعقيدته وقلة اهتمام العلماء بالردود المطمئنة؛ هو السبب في تنصر الغالبية العظمي من المتنصرين وأن المال عامل مساعد فقط.
-وفي ردها على سؤال لنا حول هدف المنصرين وهل يسعون إلى تغير التركيبة السكانية لمصر مثلاً ؟ قالت زينب إن المنصرين يرددون دائمًا أن الأندلس لم يكن بها سوى ثمانية مسيحيين فقط وأنهم استطاعوا بعد سنوات من العمل والجهد طرد الإسلام وأهله من الأندلس، وهدم ثمانية قرون من الإسلام تماماً , لكنهم يستخدمون التنصير عنصر جذب للتعاطف المسيحي لقضيتهم وزعزعة عقيدة المسلمين ومنع النصارى من اعتناق الإسلام؛ لتبقى الكنيسة قوية ومتحدة
والنموذج الثاني هو: الشاب "محمد السيد" من الإسكندرية وقد تنصر على يد فريق من المنصرين الإنجيليين، وعاد إلى الإسلام بعد سبع سنوات ونستطيع من خلال قصته أن نلاحظ الخطوات المتبعة في إعداد المتنصرين , يقول "محمد" : أنه مر بضائقة مالية، وعندما لجأ لأحد أصدقائه المسلمين؛ ليقترض منه أعطاه هذا الصديق رقم تلفون لأحد النصارى اسمه "ميخائيل" وهو يقود جمعية إنجيلية اسمها " جمعية الخدمات الإنسانية الإنجيلية " فطلب منه أن ينزل إليه في القاهرة؛ ليقابله، وبعد لقاء في أحد الأماكن العامة اصطحبه "ميخائيل" إلى شقة بأحد أحياء القاهرة؛ ليبيت فيها وهناك رأى مجموعة من الشباب المسلمين من محافظات مختلفة كلهم حضروا ليتم تنصيرهم، وبعد عدة لقاءات مع ميخائيل و"جون" رئيس مجموعة التنصير تم فيها تشكيكه في الإسلام، وإغرائه بالمال والجنس تم اصطحابه إلى كنيسة "قصر الدوبارة"؛ ليسمع بعض العظات فقط ،
 وفي مرحلة أخرى سمح له بالصعود إلى الدور الخامس بالكنيسة وهو مخصص للمتنصرين من المسلمين، واجتمع فيه هو وعدد كبير من الشباب المتنصرين مع الدكتور "داود رياض" وهو مسيحي أسلمت زوجته فتفرغ لتنصير المسلمين، وحصل على دكتوراه في اللاهوت، ويعد الرجل الثاني في كنيسة "قصر الدوبارة" بعد القس "منيس عبد النور"، والمسئول عن المنصرين هناك شخص مسيحي يدعي "صبحي"، وكان يعمل في أحد الجهات الأمنية الحساسة، وتقاعد وتفرغ لتنصير المسلمين.
وبعد هذه الجلسات التي كانت تعقد يوم الاثنين والخميس والتي استمرت لمدة أربعة أشهر والتي تعقد لكل مجموعة على حدا والمجموعة تتكون من عشرين متنصر حضروا بأسماء وهمية من محافظات مختلفة، ومادة الدراسة هي الشبهات على الإسلام والقرآن والرسول وبعد الاجتماع تعقد اجتماعات بين المتنصرين ، وبعض الأسر المسيحية للتعارف والتودد والتقريب بينهم، وبعد انتهاء مرحلة الدراسة بالكنيسة تبدأ مرحلة الكنائس المنزلية، ومدتها شهرين وفيها تجتمع المجموعة المتنصرة في أحد البيوت المعدة ككنسية منزلية ومجهزة بكافة وسائل المعيشة والترفيه ويحضر فريق من المنصرين المتمرسين لتدريبهم على تنصير المسلمين، وبعد هذه الفترة يتم فرز المتنصرين وتوزيعهم على عدة أعمال حسب إمكانياتهم ما بين مجموعة تستمر في الدراسة؛ ليصبح منصرًا ومحاورًا للمسلمين، ومجموعة تلتحق بفريق خدمة المتنصرين الجدد والتدريس لهم، وفريق يتم توظيفه؛ لمهاجمة الإسلام عبر الإنترنت وغيره من الوسائل الإعلامية وهناك أيضًا من يتم تسفيره بعض الدول الغربية، ولا يعلم "محمد" ما يحدث هناك.
أما "محمد" فقد فتح الباب أمامه للتعرف على مجتمع المنصرين والخروج إلى المؤتمرات التنصيرية والانخراط في عمليات التنصير وتعلم أساليبها المختلفة .
ويصف "محمد" أحد هذه المؤتمرات والذي أقيم في منطقة فيلات "كينج ماريوت"، حيث تم اصطحاب الشباب وجميعهم من المتنصرين في سيارات مكيفة، وتم توزيعهم على الفيلات والشاليهات وهي مجهزة على أحدث طراز على حد وصفه ويبدأ البرنامج اليومي بالاستيقاظ في السادسة صباحًا ثم فترة خلوة وهي أن يجلس المتنصر بمفرده يقرأ الكتاب المقدس ويتدبر في بعض نصوصه.
 ثم التوجه إلى مكان مخصص للإفطار وبعدها يبدأ برنامج المحاضرات ويقوم عليها قساوسة وقادة مسيحية مشاهير وغالبًا ما يحضر المؤتمر أحد الشخصيات المرموقة داخل الكنيسة، وتتم المحاضرات في صورة حوار حول مسالة عقائدية أو أخلاقية ويقارن فيها بين المسيحية والإسلام، وخلال هذه المحاضرة مشاركات من المتنصرين حول تجاربهم الخاصة في هذا الأمر بين المسيحية والإسلام ويكون الجو العام للمحاضرة هو التطاول والهجوم على الإسلام.
وبعد هذا تبدأ فترة الغداء وبعدها فترة الترفيه، وفيها يخرج الشباب إلى حمامات السباحة وملاعب التنس ومشاهدة التلفاز، وفي المساء يكون لقاء مفتوح مع الشخصيات العامة أو القيادية في المؤتمر، ويتحدث كل متنصر فيها عن مشاكله واحتياجاته ويطلب ما يريد ويعطي دائمًا ما يطلب بل ويتم توزيع مكافآت ثمينة على أكثر الأعضاء نشاطًا في تنصير المسلمين، وينتهي المؤتمر دائمًا بتوزيع جدول عمل ومهام جديدة لتنصير المسلمين ويتم صرف مبلغ مائتي جنيه يوميًا لكل فرد طوال أيام المؤتمر.
ويذكر "محمد" أن هناك مجموعات كاملة عملها هو التنصير داخل السجون عبر ترتيب زيارات لهم، وإقامة احتفالات لهم وإعانتهم و أسرهم بالمال .
ويذكر "محمد" أن عددًا كبيرًا من الشركات والمطاعم العالمية والصيدليات ومعارض السيارات تقدم خدمات توظيف للمتنصرين وبمرتبات مجزية .
وينهي "محمد" شهادته لنا بقوله عن التنصير :" لو علم الكثير من فقراء المسلمين بهذا الكلام سوف يتنصرون نتيجة الفقر والجهل"
وفي سؤال لنا حول أعداد المتنصرين قال "محمد" إنهم بالتأكيد أكثر من عشرة آلاف متنصر وأن أعداهم تتضاعف بسرعة كبيرة وكلما تنصر مسلم زاد الدعم الخارجي والداخلي للمنصرين وذادت إمكانياتهم ونفوذهم.
وفي سؤال عن موقف السلطات الأمنية من هذه المعلومات قال "محمد" أنه أبلغ السلطات بكل هذه المعلومات وأنهم تقبلوها بهدوء شديد وأخبروه أنهم على علم بأكثر من هذا، وقال أنه لم يلاحظ أي خوف أمنى من جماعات التنصير بل العكس، ففي أحد المرات استدعت مباحث أمن الدولة أحد قادة المجموعات وتحدث معه بلين شديد وصل إلى سؤالهم له عما إذا كان هناك أحد من المسلمين يضايقه!!
وفي سؤال لنا عن الأسلوب الأمثل لمواجهة التنصير قال "محمد" "إنها مهمة صعبة وإنه ينبغي للمسلمين الانتشار السريع والواسع" وقال "إن مهاجمة المسيحية تربك دائمًا المنصر" لذلك كانوا يحذروهم من طرح فكرة الدخول للمسيحية قبل الإقناع التام بترك الإسلام .
والنموذج الثالث مغاير تمامًا لسابقيه فهو يجسد الخطورة التي يمثلها المتنصرين حتى يصبح أحدهم شوكة في ظهر الإسلام أخطر ممن دعاه إلى المسيحية
"محمد حسن" شاب مسلم تنصر ثم سافر إلى الخارج فتعلم وتلقى دعمًا وتزوج من منصرة مصرية، ثم عاد ففتحت له الكنيسة دار للنشر اسمها الكلمة " اللوجوس" في منطقة عين شمس الشرقية.وهو يتلقى تمويلاً من مؤسسة "ماريا ميتسوري" العالمية التنصيرية .
ويتظاهر "محمد حسن" هذا بالإسلام وينشر مؤلفات باسمه تحمل رؤية المنصرين وشبهاتهم فقد طبع كتاب اسماه( المنار في الحج والاعتمار ) يحاول فيه تأصيل فكرة أن الحج مأخوذ من العادات الوثنية قبل الإسلام، ويطعن فيه في الإسلام طعنًا شديداً وقد وضع اسمه على الغلاف " محمد حسن"، وهو يفتح بيته للحالات الحرجة من المتنصرين باعتباره مسلم يستضيف مسلم أو مسلمة .
-- وقد حاولنا أن نعرف منه قصة تنصره لكنه يرفض ويزعم أنه مسلم مفكر يستخدم عقله على الرغم من اعتراف الكثير من المتنصرين الذين عادوا إلى الإسلام أنه متنصر وأنه كان يلقى فيهم بعض المحاضرات وزوجته معروفة بنشاطها التنصيري، وهي تعمل في بيوت خدمة المتنصرين    الجدد .
ويعد "محمد حسن" المستشار الأول لكثير من الجهات التنصيرية في مصر وقد استخدموه كثيرًا في التصدي لمقاومي التنصير في معرض الكتب الدولي بالقاهرة والذي يقام سنويًا تحت رعاية شركة "موبنيل" المسيحية والتي تمول الكثير من الأنشطة التنصيرية باعتراف المنصرين أنفسهم .
ومن خلال هذه الأمثلة يتضح لنا مدي خطورة وقوة المشروع التنصير بمصر، والذي تقف الدولة أمامه عاجزة بل ومتواطئة أحيانا بينما استهان العلماء والدعاة بالتنصير لسخافة فكرته وعدم معقولية العقيدة النصرانية الأمر الذي أوجد اطمئنانًا لعدم انتشارها ، ونسوا أن المنصرين لا يرتكزون على العقل في دعوتهم بل يستندون على الحيل والإغراء واستغلال جهل المسلمين والاستعانة بالقوى السياسية الدولية المعادية الإسلام.
وليس "محمد حسن" فحسب فالأغلبية من المتنصرين هم الذين يديرون الحرب على الإسلام وكبار المنصرين اليوم كانوا مسلمين يومًا ما ثم تنصروا ومن هؤلاء
- "ناهد محمود متولي" وهي مدرسة سابقة تنصرت وسمت نفسها "أدويت عبد المسيح" وان كنت اشك في اسلامها وسافرت إلى هولندا ثم بريطانيا ثم استقر بها المقام في أمريكا وتعتبر"ناهد" الشخصية الثانية في معسكر تنصير المسلمين بعد القمص "زكريا بطرس" بل إنها هي التي شهرت هذا القس بعد سلسلة لقاءات معها .
- "أحمد أباظة" وهو مسلم مصري من الشرقية تنصر وسافر إلى أمريكا ومن هناك انشأ موقعًا على الإنترنت اسمه "المتنصرون" و أنشأ غرفة على برنامج البالتوك ونجح في تكوين فريق تابع له في مصر وهو السبب في تنصير عدد من الفتيات المسلمات، بعد إقامة علاقات معهن عبر الهاتف ووعدهم لهن بالزواج والإقامة معهم في أمريكا
- "محمد النجار" وهو يدعي أنه مسلم من الجيزة وتنصر هو وزوجته وسمى نفسه "صموئيل عبد المسيح" وسافر إلى هولندا وسجل عدة حلقات يتحدث فيها عن رحلته إلى المسيحية، كان له أثر بالغ في النشاط التنصيري وله الآن موقع على الإنترنت يبث فيه سمومه، وقد رصدنا اتصالات له مع بعض المتنصرين الجدد يشجعهم ويعدهم ويقص عليهم تجربته .
- "فرحة" وهي فتاة مصرية لا نعلم عنها سوى أن اسمها الحقيقي "ريهام" تنصرت في جامعة حلوان وتزوجت من منصر وهي تقود فريق المتنصرين عبر غرف الشات بالبالتوك وكان لها دور هام في تنصير عدد من الفتيات المسلمات، وهي من أشد المتنصرين كرهًا للإسلام.
- "أسماء محمد الخولي" وهي فتاة مسلمة من القاهرة تنصرت وسافرت إلى اليونان، وهناك تزوجت من منصر شهير وسجلت حلقات تتحدث فيها عن تنصرها، ونشطت عبر البالتوك ومؤخرًا واجهت والدها عبر فضائية دريم2 وتهجمت على الإسلام،وطالبت بحرية التنصر في مصر.


حملات التنصر العامة :
وهي نوع آخر من النشاط التنصيري لكنه مختلف لكونه غير سري بل يتم على مستوى كبير وفي وقت واحد ويسمى عندهم حملة إلقاء البذور، وتقوم فيها مجموعات كبيرة بنشر موضوع تنصيري على أكبر عدد ممكن من المسلمين بصورة علنية ومن أمثلة ذلك:
- قيام مجموعات تنصيرية في أول شهر رمضان سنة 2005 بتوزيع اسطوانة مدمجة CD على شباب الجامعات في القاهرة و الإسكندرية والمنصورة وبنها كتب عليها هدية رمضان واتضح أن هذه الاسطوانة تحوي مسرحية سافلة مثلت في أحد كنائس الإسكندرية بعنوان " كنت أعمى و الآن أبصر" تحكي قصة شاب مسيحي أسلم ثم اكتشف أن الإسلام ديانة شيطانية- على حد قوله- فعاد للمسيحية وحاول المسلمون قتله لكنه نجا ببركة العذراء!! , وقد أدت هذه المسرحية إلى قيام الكثير من المسلمين بمهاجمة الكنيسة التي مثلت بها، واستمرت أحداث العنف أكثر من شهر كامل.
- قيام الكنائس بتنظيم عرض كبير لفيلم آلام المسيح، ودعوة الشباب لحضور الفيلم وتوزيع الهدايا عليهم والتعارف بينهم وبين الفتيات المسيحيات، ثم تنظيم رحلات إلى بعض الأديرة الأثرية والشواطئ الخاصة، وخلال هذه المدة يتم التأثير عليهم واستقطابهم للانتظام في عظات الكنيسة ومجموعات التنصير.
- ومن أخطر مواسم التنصير إن لم يكن أخطرها على الإطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يعد أكثر مواسم التنصير خصوبة حيث يتم توزيع ملايين الكتب المجانية وعرض الأفلام التنصيرية و إقامة الحوارات مع رواد المعرض، وتبادل أرقام الهواتف والعناوين والعناوين الإلكترونية , ويتم تسريح فرق من المنصرين بين شباب المعرض وأمام المكتبات المسيحية، وتباع الكتب المسيحية بأسعار رمزية جدًا "خمسة كتب بربع جنية فقط "بينما توزع الملايين منها مجانًا على المسلمين ويصل رواد المعرض يومياً إلى مائة وعشرين ألف في المتوسط
 وتنشط في المعرض ثلاثة من أكبر جمعيات التنصير في العالم
 -1 جمعية خلاص النفوس المسيحية
 -2 جمعية كنيسة الإخوة الإنجيلية
3  - دار الكتاب المقدس
ويقام المعرض تحت رعاية شركة "موبنيل" للاتصالات وهي أحد شركات "نجيب ساويرس" وهو من أكبر ممولين التنصير في مصر مما جعل المعرض مكاناً خصباً و آمناً لمجموعات التنصير، وقد رصدنا عدد من المتنصرين تحت تأثير النشاط التنصيري بالمعرض.
- قيام المجموعات التنصيرية بتوزيع كتاب يهاجم الإسلام أو يدعوا إلى المسيحية عن طريق تحريف الإسلام على نطاق واسع مثل توزيع كتاب مرقس عزيز "استحالة تحرف الكتاب المقدس" وقد رصدنا أكثر من عشر فتيات تعرضوا لعملية تنصير بهذا الكتاب عن طريق توزيعه عليهم كهدايا وكذلك قيامهم بتوزيع ونشر محاضرة مرئية لأحد القساوسة يتحدث فيها عن إثبات إلوهية المسيح من القران الكريم وقد انتشرت هذه المحاضرة بين المسلمين وللأسف لم يفرد لها أحد من الدعاة رد علمي حتى الآن .
هذه باختصار أهم مجالات وأساليب التنصير في مصر و أخير أحب أن أشير فقط "مجرد إشارة إلى العامل المسكوت عنه وهو:الإعداد العسكري : فمؤخرًا أفرجت الدولة عن بعض الأدبيات التي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكسية مسلحة بمصر منها ما سمي بـ : "جماعة الجهاد النصراني" , وغيرها (**)
لغة الارقام :التنصير حول العالم ـ أرقام مبدئية
• بلغ عدد المنظمات التنصيرية في العالم 23,300 منظمة  • منها 4500منظمة ترسل منصرين إلى الخارج .
• تصدر 3100 دورية ومجلة • تشرف على 104 آلاف معهد ومدرسة .
• بهذه المدارس 6 ملايين تلميذ مسلم • ولها 500 جامعة، و490 مدرسة لاهوت لتخريج المنصرين • 10    آلاف و677 مدرسة رياض أطفال. ألف وخمسين صيدلية.
• أكثر من 4450 محطة إذاعية تقريباً ما بين مرئية ومسموعة تبث 447 مليون ساعة تنصيرية في كل عام . هذه المحطات تبث بأكثر من 64 لغة مختلفة . بلغ عدد المستمعين والمستهدفين لها 619 مليون إنسان .
• في إفريقيا أكثر من 119.000 مُنَصِّر ومُنَصِّرة ينفقون أكثر من ملياري دولار سنوياً ومجموع الإرساليات الموجودة في 38 بلداً إفريقياً 111.000 إرسالية.
كيف نواجه التنصير
في ظل هذا النشاط الهائلة والإمكانيات الضخمة والواقع الصعب ليس من السهل مواجهة التنصيري، لا سيما وواقع الدعوة في مصر يتراجع ولا يتقدم والضغط الأمني يتزايد وقافلة الدعوة تتجه إلى حقول غريبة وبعيدة عن واقع الأمة، وقضاياها الهامة والأساسية .
ومهما يكن من أمر فإن الدعاة يملكون ما لا يملكه المنصرون، وهو أقوي من جميع إمكانياتهم ألا وهو الحق الذي تعرفه القلوب، وترتاح إليه الفطرة وتحن إليه الأرواح المتعبة، والنفوس البائسة .
ثم إنه ينبغي علينا أن نعلم أننا لسنا سوى أسبابا ينصر بها الله دينه فقط (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(المائدة: من الآية 23)
 فنحن أُجراء عند الله سبحانه صاحب الدعوة، وما علينا إلا الامتثال والطاعة، أما تحقيق الأهداف وقطف الثمار والانتصار الظاهر على العدو؛ فهذا أمر الله وحده يقدره متى وأين وكيف شاء سبحانه..
وينبغي علينا أن نتشبع بيقين أن الله سبحانه ناصر عباده ومظهر دينه وغالب على أمره، ومع هذا فإن النصر لا يأتي بمجرد اليقين أو الإيمان المجرد عن العمل، بل كما أخبر الله (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) (لأنفال:62) وكما قال تعالى(لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (التوبة:88)
 فلابد من رجال مؤمنين يخدمون هذا الدين ويحملون هذه الدعوة ويضحون في سيبلها ليتحقق الوعد الإلهي بالنصر وتجري سنة الله بالمدافعة التي هي دائمًا في صالح الإسلام.
ومن هنا نضع ما يجب علينا فعله تجاه هذه الحرب الصليبية الفكرية على أمة الإسلام ،
وحين ننطلق لمواجهة التنصير فلابد أن نرتكز على مسلمات هامة في هذا الأمر:
* - مواجهة التنصير ينبغي أن تكون مواجهة علمية عملية ولا يمكن أن تقوم بأحدهما فقط
*- المواجهة تستلزم الدفاع والهجوم معًا ولن تنجح بغير ذلك .
*- لن تنجح أي مواجهة مع التنصير سوى المواجهة القائمة على الالتزام بمنهج السلف في الفهم والتصور والاعتقاد والحركة.
*- أن نفهم جيدًا أن هدف المنصرين الأساسي ليس إدخال المسلمين في النصرانية ولكن إخراجهم عن الإسلام.
*- أن العلاقة بين معركة التنصير والمعارك الأخرى الدائرة بين الإسلام وأعدائه علاقة وثيقة ومترابطة، باعتبار وحدة الصراع ووحدة القيادة في معسكر الكفر، وبغياب هذا المفهوم يصبح التنصير ثقبًا أسود يبتلع جهود المسلمين و أموالهم ليشغلهم عن المعركة الكبرى في ديارهم.

الخطة العامة لمواجهة التنصير:
تقوم الفكرة الرئيسة لهذه الخطة على عنصر الموجهة الشاملة، وذلك لأن أقوى أسلحة الدعاة في هذه المعركة هو الحق الذي تخضع له النفوس وتطمئن إليه القلوب.
وتحتاج المواجهة إلى ثلاثة عناصر أساسية هي "الكوادر" و"الإمكانيات" و"الوسائل "
أولاً : الكوادر:
ونقصد بها الأفراد الذين يملكون من الإمكانيات ما يؤهلهم لخوض هذا الصراع
وهذه المؤهلات تتركز في ثلاث جهات أساسية هي
1- العلم الشرعي
2- العلم بالنصرانية من مصادرها وكتبها
3- القدرة على التواصل مع العامة والحوار مع الآخرين
-- والطريق المثلى لتوفير هذه الكوادر هو إقامة محاضرات ودورات تعليمية وتبصيرية بالتنصير وخطره وكيفية مواجهته والتدريب على إدارة الحوار مع المنصرين.
-- إن الغالبية من شاب الإسلام المتدين اليوم تتحرق شوقًا لخدمة دينها، ولكنها تفتقد البوصلة الموجهة و القيادة التي تستثمر جهودهم وتوجهها الوجهة الصحيحة.
*- ويقترح في هذا السياق إنشاء مراكز تدريبية وتأهيلية لتدريب الشباب على التصدي للمنصرين.
*- استغلال مراكز الدعوة لإدخال مقاومة التنصير كمادة دراسية أساسية.
*- إعطاء دورات علمية للخطباء وطلبة العلم حول نقد المسيحية وكيفية مواجهة التنصير .
*- إعطاء دورات علمية لشباب المناطق المنكوبة بالتنصير.
*- إعطاء دورات علمية لشاب الجامعات والمدارس.
*- استنفار الشباب المسلم للاهتمام بهذه القضية عبر جميع وسائل الاتصال ومراكز التجمع .
*- تحفيز الدعاة والعلماء على استنفار طلبة العلم للتصدي للمنصرين وشبهاتهم .
*- استنفار الطلبة بكليات الدعوة و أصول الدين ومعاونتهم في إعدد البحوث والدراسات للرد على المنصرين.
*- استنفار الكتاب والصحفيين للتصدي للمنصرين وكشف خطرهم
*- الترابط بين المهتمين بمواجهة التنصير
*- توجيه الشباب إلى المنتديات ومواقع التصدي للتنصير الإلكترونية للتعلم والتثقف والتدريب على مقاومة التنصير.
ثانياً: الوسائل
وهنا ينبغي لنا أن نرصد أساليب المنصرين ووسائلهم فالتنصير يستخدم جميع الوسائل الإعلامية لنشر سمومه.
ولا يصح لنا إلا أن نستخدم الوسائل الإعلامية نفسها " مرئية ومسموعة ومقروءة" في نشر جهودنا وبصورة تناسب جميع المستويات الثقافية، وذلك لخلق ثقافة عامة لدي جميع المسلمين حول حقيقة النصرانية، وتناقضاتها وتحريفها ،ونقترح هنا عدة اقتراحات:
*- نشر الدراسات المتخصصة في نقد المسيحية بين المسلمين، وبكل الوسائل وفي كل الأماكن وهذا الجانب يعاني من نقص خطير على النقيض تمامًا من الجانب الأخر، حيث توجد غزارة شديدة في الكتابات النصرانية التي تتناول الرد على الإسلام .
*- نشر فضائح الكنيسة و المنصرين بين العامة لتكوين حائط سد نفسي تجاه الاجتماع بهم أو الاستماع لهم أو التعاون مع المنصرين.
*- نشر الدراسات الإسلامية الخاصة بدلائل النبوة والإعجاز العلمي في القرآن والسنة على نطاق واسع بين المسلمين.
* إنشاء جمعيات ومراكز لمتابعة التنصير والتصدي له على أن يكون مقرها الأساسي في الدول الأوربية؛ لنتحاشى الإغلاق والمصادرة الداخلية.
*- تخصيص باب بكل جريدة أو مجلة أو موقع إسلامي للرد على المنصرين.
* - توجيه القنوات الفضائية الإسلامية إلى الرد على المنصرين ولو بطريقة غير مباشرة.
*- توجيه الدعاة و أصحاب المنابر الدعوة إلى الرد على المنصرين.
*- خروج قوافل دعوية إلى المناطق المنكوبة بالتنصير ولابد من تجهيزها بقافلة طبية واجتماعية.
* استنفار هيئات الإغاثة والجمعيات الاجتماعية الإسلامية لمساعدة المسلمين؛ لتكثيف نشاطها في الأماكن المنكوبة بالتنصير.
*- استنفار التجار ورجال الأعمال والموسرين مطالبتهم بالإسهام في التصدي للتنصير ولو بكفالة أسرة واحدة، أو طباعة كتاب واحد، أو نشر شريط أو CDواحد .
*- مراسلة الهيئات الإسلامية الدولية حول خطر التنصير وانتشاره وتقديم اقتراحات جادة ونافعة لهم .
*- مراسلة الجمعيات الطلابية وشباب الجامعة في خطر التنصير وإمدادهم بوسائل مجابهته .
*- مراسلة الجامعات العلمية الإسلامية لتخصص منح دراسية لدراسة مقارنة الأديان لأهل البلاد المنكوبين بالتنصير.
*- كفالة طلبة العلم والمتصدين لمقاومة التنصير وذلك لنضمن تفرغهم لهذا العمل.
*- دعم الأبحاث والإصدارات التي ترد على النصرانية، وتكشف تحريفها وتوزيعها على أكثر عدد ممكن من المكتبات ودور العرض، وجعلها في متناول الجميع.
*- إقامة المسابقات بين طلبة المدارس حول الأبحاث الصغيرة في نقد النصرانية وخطر التنصير ورد شبهات المنصرين.
*- مزاحمة المنصرين في أماكن انتشارهم كمعرض الكتاب، والتجمعات الشبابية .
*- تكوين المجموعات البريدية لنشر الرسائل البريدية على أكبر نطاق ممكن؛ لتحذير المسلمين وتبصيرهم بالنصرانية وتحريفها والرد على شبهات المنصرين .
*- إنشاء خط تلفوني ساخن للرد على شبهات المنصرين وإنقاذ من ابتلي من المسلمين بهم.
ثالثاً: الإمكانيات
تتضح حاجتنا إلى الإمكانيات من خلال إمكانيات الخصم ومن خلال الواقع على الأرض، ومن خلال احتياجاتنا التي سردناها من قبل , ولكن عدم توفر الإمكانيات كلها لا يعني أن نهمل الأمر برمته، فعلينا العمل بما هو تحت أيدينا ومحاولة الاستفادة منها إلى الحد الأقصى , فإن الله سبحانه تعبدنا بالاستطاعة، وأن ما نحتاجه بالدرجة الأولى هو شباب مؤمن ومضحى ومستعد للبذل والتضحية للدفاع عن هذا الدين.
وأخيراً
لم يكن أحد من المسلمين يتصور يومًا أن تصبح أكبر دولة إسلامية "إندونيسيا" هي أول دولة يقام على أرضها دويلة تجمع المتنصرين من المسلمين " تيمور الشرقية "
تمامًا كما لم يكن أحد يتصور يومًا ما أن تصبح الأندلس بعد ثمانية قرون دولة نصرانية خالية من الإسلام
ومن قبل الأندلس كانت "أمان الله" التي أصبحت فيما بعد "الفليبين" وكذلك "منشوريا" و"منغوليا" و"تركستان".
وغير ذلك من أرض الإسلام التي خرجت أو خرج منها الإسلام ونحن اليوم إذ نطلق هذه الصيحة عن خطر التنصير وانتشاره في مصر –قلب العالم الإسلامي- ننبه أن الأمر خطير ويستدعي تدخل فوري واهتمام بالغ من كل غيور على هذا الدين لاسيما والأمر كله يدور في نطاق معركة الإسلام الكبرى وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21
الصهيونية ومعاداة السامية: وجهان لعملة واحدة
ولعل سائلا يسأل ما دخل اليهود فى عملية التنصير  وما دخل النصارى فى ما يقوم به اليهود ؟ نقول لهم ما قاله د عبد الوهاب المسير بأناليهود والنصارى ما هم إلا وجهان لعملة واحدة فلقد ذكر مقالة فى صحيفة الاتحاد الإماراتية 7/5/2005.. ننقلها لك عزيزى القارئ بتصريف يسير ؛ فقال :
  ينطلق الصهاينة مما يسمونه "القومية اليهودية" والإيمان بأن أعضاء الجماعات اليهودية المنتشرة في أرجاء العالم هم في واقع الأمر شعب عضوي مرتبط ارتباطاً عضوياً وحتمياً بأرض فلسطين أو "إرتس إسرائيل" في المصطلح الصهيوني.
 ولهذا فاليهود المنتشرون في شتى أنحاء العالم، والذي يُسمى "المنفى" أو "الشتات" أو "الدياسبورا" حسب المصطلح الصهيوني، لا يدينون بالولاء لأوطانهم التي يقيمون فيها، ويحنون بطبيعتهم إلى العودة إلى "وطنهم"، أي فلسطين، لأنهم يعرفون أن جوهرهم اليهودي لن يتحقق إلا هناك، وأن وجودهم في أوطانهم المختلفة هو وجود مؤقت.
والنتيجة المنطقية لنقطة الانطلاق هذه هو المفهوم الصهيوني الذي يُسمى "نفي الدياسبورا" negation of the Diaspora، فكل إنجازات عصور الشتات (عبر تواريخ كل الجماعات اليهودية) من المنظور الصهيوني هي محض خيانة للروح اليهودية النقية وللجوهر اليهودي.
 ولكل هذا، يحول الصهاينة يهود العالم إلى وسيلة في خدمة الوطن اليهودي القومي وليس إلى غاية لها قيمة في حد ذاتها، وهو ما عبر عنه المفكر الصهيوني "كلاتزكين" بقوله إن "الشتات في حد ذاته لا يستحق البقاء، لكنه قد يكون مفيداً كوسيلة". وقد أوضح الصهيوني الروسي "أهارون جوردون" القضية كلها حين قال إن "الدولة الصهيونية ستكون الوطن الأم ليهود العالم وتكون الجماعات اليهودية في الشتات مستعمرات لها".
 ولكن رفض الشتات هو في واقع الأمر رفض ليهود العالم وعداء لهم، أي أنه في جوهره تعبير عن عداء جذري عنيف لليهود، وهو ما يُطلق عليه اسم "معاداة السامية". وقد وصف المتحدثون الصهاينة يهود الشتات بأنهم "لعنة إلى الأبد"، "مجرد غبار إنساني" و"دمار وانحلال وضعف أبدي". ويُعد مثل هذا الوصف السلبي ليهود العالم "يهود الشتات" أمراً جوهرياً بالنسبة للفكرة الصهيونية، لأنه إذا افترض أن حياة اليهود في أنحاء العالم "خارج إسرائيل" حياة نشطة لها نصيبها الطبيعي من السعادة والمعاناة الإنسانية، فماذا يكون إذن مبرر وجود الدولة الصهيونية؟ ولماذا توجد الصهيونية أصلاً بحديثها عن الوطن القومي وضرورة بل وحتمية "العودة" إليه؟
 والواقع أن مثل هذه المقولات تقود بالضرورة إلى السقوط في حبائل معاداة السامية. وقد لاحظ الكاتب البريطاني "ج. ك. تشسترتون" (1847-1936) أن ما يُسمى معاداة السامية هو في واقع الأمر الصهيونية. فالصهيونية تقول إن اليهودي يهودي، والنتيجة المنطقية أنه ليس روسياً ولا فرنسياً ولا بريطانياً. وميزة هذا بالنسبة لليهودي أنه سيستعيد أرض الميعاد، أما بالنسبة لغير اليهود فهو التخلص من المسألة اليهودية "أي الفائض البشرى اليهودي" الذي لم يعد العالم الغربي في حاجة إليه.
 ويرى الصهاينة أن وجود اليهود خارج وطنهم القومي المزعوم قد حولهم إلى شخصيات هامشية طفيلية غير منتجة، وإلى كائنات شاذة وغير طبيعية. وقد عبر الكاتب الصهيوني "حاييم برينر" عن هذه الأفكار الصهيونية بكلمات فظة حين وصف اليهود بأنهم "مرابون" و"شخصيات مريضة" يحيون مثل "الكلاب والنمل"، وبأنهم "غجر وكلاب جريحة قذرة"، يجمعون المال ويتبعون قيم السوق، ودعاهم إلى الاعتراف بوضاعتهم منذ فجر التاريخ حتى الوقت الحاضر، وأن يبدأوا بداية جديدة في الوطن القومي.
 وقاموس الأوصاف المعادية للسامية ضخم وطويل في الأدبيات الصهيونية، فكلاتزكين يصف اليهود بأنهم شعب بلا جذور يعيش حياة زائفة. وتظهر نفس النغمة المعادية للسامية بوضوح في كتابات الكاتب الصهيوني "إسرائيل سنجر"، شقيق الكاتب المرموق إسحق أشيفيس سنجر. فاليهود، حسب تصوره، "شعب منحط قانط يحيا في القذارة"، وهم "مجموعة من آسيا" تحيا وسط أوروبا، وهم - ككيان مستقل - يمثلون "حدبة واحدة كبيرة". وفي مقال بعنوان "دمار الروح"، يورد يحزقيل كوفمان مجموعة من أوصاف اليهود في الكتابات الصهيونية، على الوجه التالي: -
فريشمان: حياة اليهود حياة كلاب تثير الاشمئزاز.
برديشيفسكي: اليهود ليسوا أمة، ليسوا شعباً، وليسوا آدميين.أ. د. جوردون: اليهود عبارة عن طفيليات - أناس لا فائدة منهم أساساً.
شوادرون: اليهود عبيد وبغايا ... أحد أنواع القذارة ... ديدان وطفيليات بخسة بلا جذور.
وهذه نغمة متكررة في أعمال هرتزل "الليبرالي"، كما في أعمال برينر غير الليبرالي. وإذا كان الأخير قد استخدم كلمات شديدة الواقع، فإن هرتزل هو الآخر - كما قال كاتب يهودي معاد للصهيونية - قد وضع قوالب معينة لو كان أي كاتب غير يهودي قد استخدمها لاتهم بلا جدال بعنصرية تعادل "بروتوكولات حكماء صهيون".
 ويرى أحد المستوطنين الصهاينة قبل سنة 1948 أن معاداة السامية كانت أمراً "إيجابياً" إلى درجة دفعته إلى الاعتقاد بأنها "مستوحاة من عقيدة إلهية" إلى حد ما. وهو في هذا كان يردد، دون وعي، نفس آراء هرتزل الذي ادعى أن "معاداة السامية ربما تنطوي على إرادة الرب الإلهية، لأنها تجبرنا على توحيد صفوفنا". وفي مناظرة أُقيمت في الجامعة العبرية في فلسطين خلال الثلاثينيات بين هذا المستوطن وكوفمان، وصف المستوطن نفسه بأنه "صهيوني، معادٍ للسامية" ثم أضاف أنه "لم يستطع أن يرى كيف يمكن لأي صهيوني أن يتجنب اتخاذ نفس الموقف". وقد صرَّح هرتزل نفسه بأنه إذا لم يسلم الصهاينة بعدالة معاداة السامية، فإنهم ينكرون بذلك عدالة الصهيونية ذاتها.
 وقد أدى قبول جوانب معينة من معاداة السامية إلى اعتبار المعادين للسامين حلفاء طبيعيين وقوة إيجابية للصهاينة في سعيهم من أجل "تحرير" يهود الشتات من عبوديتهم المزعومة. وبدلاً من أن يصارع هرتزل معاداة السامية، كان يرى أن "المعادين للسامية سيكونون أكثر أصدقاء يمكننا الاعتماد عليهم، وستكون الدول المعادية للسامية حليفة لنا". وقد أدرك منذ البداية التوازي القائم بين الصهيونية ومعاداة السامية، ورأى الإمكانيات الكامنة للتعاون بينهما.
وقد وضع هرتزل الخطوط العامة لتصوره للأنشطة الصهيونية المستقلة، فأشار إلى أن الخطوة التالية ستكون "بيع الصهيونية"، ثم أضاف بين قوسين أن هذا "لن يتكلف شيئاً، لأنه سيسعد المعادين للسامية". وفي فقرة أخرى من مذكراته عدَّد هرتزل عناصر الرأي العام العالمي التي يستطيع حشدها لمناصرته في قتاله ضد "سجن" اليهود، أي حياتهم في الشتات، فذكر من بينها المعادين للسامية كأحد العناصر التي يمكن أن تعمل نيابة عن اليهود.
 وتكرر هذا التصور الخاص بالصورة المشتركة للصهاينة والمعادين للسامية في أقوال الزعماء الصهاينة في المراحل التالية. ففي سنة 1925، قال "كلاتزكين" إنه "بدلاً من إقامة جمعيات لمناهضة المعادين للسامية الذين يريدون الانتقاص من حقوقنا، يجدر بنا أن نقيم جمعيات لمناهضة أصدقائنا الراغبين في الدفاع عن حقوقنا".
وهذا الرأي الشاذ هو جزء من نمط إدراكي متكرر تضمنته الأيديولوجية والممارسات الصهيونية، وأكدت عليه مراراً وتكراراً. وكان آباء الصهاينة المؤسسون هم أول من طرحوه، ثم جاء أحفادهم في "إسرائيل" فحافظوا على استمراره بنفس القوة والحماس. ولعل آخر تبدٍّ لهذا الموقف هو تصريحات شارون التي حث فيها يهود فرنسا على الهجرة إلى "وطنهم القومي" لأن معاداة السامية ستلحق بهم إن عاجلاً أو آجلاً، وهو الأمر الذي رفضته غالبية يهود فرنسا، فهو بهذه الطريقة يشكك في ولائهم لوطنهم، ويقلل من قيمة إسهاماتهم وإنجازاتهم، ويحولهم من غاية إلى وسيلة. والسؤال الآن: هل سيطبق جورج بوش "قانون معاداة السامية" على هذا الجانب الجوهري في الفكر الصهيوني؟.
      " إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم "
كما أن السنن الكونية لا تتغير ولا تتبدل إلا عندما يأذن الله بخراب الدنيا في آخر المطاف، فتختل السنن الكونية، وتتغير الموازين الكلية، وتتبدل النواميس الأرضية، فيكون اليوم من أيام المسيح الدجال الأربعين، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، أي أسبوع، وباقي أيامه كسائر أيامنا، ثم تخرج الشمس من غير مخرجها المعتاد، تخرج من المغرب..
فكذلك الأمر بالنسبة للسنن الشرعية، والثوابت القطعية، والمسائل الكلية، فإنها لا ينبغي لها أن تتغير أوتتبدل عما كانت عليه في عهد الإسلام الأول، وإلا حل الخراب والدمار، وفسد الحال، ولا مجال للإصلاح إلا بالرجوع إلى الأمر الأول: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
حيث لا يمكن أن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وقد صلح أول هذه الأمة بالاعتصام بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه السلف الصالح، وبعدم التنازل عن الثوابت.
لذلك فإن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، الذين لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً، ولا يميزون بين سنة وبدعة، وحلال وحرام.
فمهما قل تمسك الناس بالدين، والتزامهم بسنة سيد المرسلين، إلا وأثر ذلك على حياتهم ومعاشهم: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس"، "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"، "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمَرْنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً"، فكما تدين الأمة تدان، فتخلي الناس عن الدين، وتهاونهم بسنة نبيهم الكريم، نذير شؤم وعلامة خطر عليهم، وكذلك قيام طائفةمن هذه الأمة بالأمر والنهي، والجهاد للدفاع عن الدين، ولصد المعتدين، من أوجب الواجبات، حيث يرفع الإثم عن الأمة، ويحد من غضب رب العالمين.
أقول ذلك بمناسبة الفرق الشاسع والبون الواسع بيننا وبين سلفنا في كل شيء، إذ لا مجال للمقارنة، علماً بأن الجميع مكلفون، والكل سواسية في نظر الشرع، ولنضرب لذلك مثلاً واحداً لبعض المستضعفين الغرباء، وهم مهاجرة الحبشة بقيادة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم، في ثباتهم على دينهم، وعدم تنازلهم عنه، ولو أدى ذلك إلى هلاكهم، وبين استكانة المسلمين اليوم حكاماً، وعلماء، ودعاة، وعامة، وتنازلهم عن أصول دينهم وثوابتهم، بما أدهش الكافرين أنفسهم، وزاد من جرأتهم على غزو ديار الإسلام، وإهانة أبنائه، وشيوخه، ونسائه، وما حدث ويحدث في فلسطين، والعراق، وأفغانستان ليس ببعيد عنا، ولا أنسى أن أذكر بثالثة الأثافي، وهو ما حدث ويحدث في سجن أبي غريب بالعراق، حيث أهينت وخدشت العفة، وانتهكت الأعراض، ومارس فيها الأمريكان والبريطان ما يستحي منه بعض الحيوان.
أخرج أحمد1 وغيره بسند قوي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، ثمانين رجلاً: أنا، وجعفر، وأبوموسى، وعبد الله بن عُرْفطة، وعثمان بن مظعون؛ وبعثت قريش عمرو بن العاص وعُمارة بن الوليد بهدية، فقدما على النجاشي، فلما دخلا سجدا له وابتدراه، فقعد واحد عن يمينه، والآخر عن شماله، فقالا: إن نفراً من قومنا نزلوا بأرضك، فرغبوا عن ملتنا؛ قال: وأين هم؟ قالوا: بأرضك؛ فأرسل في طلبهم، فقال جعفر: أنا خطيبكم؛ فاتبعوه، فدخل فسلم، فقالوا: مالك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا نسجد إلا لله؛ قالوا: ولِمَ ذلك؟ قال: إن الله أرسل فينا رسولاً، وأمرنا أن لا نسجد إلا لله، وأمرنا بالصلاة والزكاة؛ فقال عمرو: إنهم يخالفونك في ابن مريم وأمه؛ قال: ما تقولون في ابن مريم وأمه؟ قال جعفر: نقول كما قال الله: روح الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر؛ فرفع النجاشي عوداً من الأرض، وقال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان! ما تريدون، ما يسوءني هذا! أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى في الإنجيل، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته، فأكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضئه.
وقال: انزلوا حيث شئتم؛ وأمر بهدية الآخر فرُدَّت عليهم".
والله يحتار الإنسان أيعجب من موقف جعفر وأصحابه وثباتهم على الحق وعلى عدم التنازل، أم من صدق النجاشي وشجاعته؟!
وبضدها تتميز الأشياء، وتستبين المواقف والآراء، ويتضح الحق بجلاء، مقابل هذا الثبات، وتلك التضحيات من السلف الكرام، نجد الاستكانة، والتنازلات، والمسارعة بخطب ود من نهانا الله عن موالاتهم والتشبه بهم، واتخاذهم حلفاء وأصدقاء.
يتمثل ذلك في أقبح صوره في الآتي:
1.    الدعوة إلى توحيد الأديان أوالتقارب بينها.
2.    الدعوة إلى التعايش السلمي مع الكفار من اليهود والنصارى.
3.    محاولة البعض نفي الكفر عن اليهود والنصارى.
4.    التجسس لصالح الكفار.
5.    العمل في المنظمات الدولية التي يهيمن عليها الكفار.
6.    الحكم نيابة عنهم في البلاد التي استعمروها، كما هو الحال في العراق وأفغانستان.
7.    تطبيع العلاقات مع الكفار المحاربين، لاسيما الدولة الصهيونية.
8.    القتال تحت رايتهم.
9.    الاستعانة بهم في القتال.
 واللهَ أسأل أن يؤلف بين قلوب المسلمين، ويهديهم سبل السلام، وأن يردهم إليه رداً جميلاً، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومن والاهم بإحسان.
الحمد لله الذي لعن الكافرين وأعد لهم عذاباً أليماً، الحمد لله الذي قدر الصراع بين الحق والباطل فلا راد لقضائه وقدره، فلا إله إلا الله، يفعل ما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهو الحكيم العليم.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ذلك الرسول الذي تبرأ من الكافرين واعتصم بالله رب العالمين.
أيها الناس: في زحمة الأحداث والأمة تمر بمراحل غريبة ينسى بعض من ينتسب للإسلام حقيقة العداء للكفر وأهله، نعم ينسى من هو الولي الحقيقي ومن هو العدو الحقيقي.
وترتفع شعارات تدعو للسلام والإخاء حتى لو كان ذلك الإخاء على حساب الدين، كما قال ذلك المرتد: سلامُ على كفر يوحد بيننا    وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
يا أمة الإسلام: لقد بين الله في كتابه صفات الكافرين، وأوضحت سنة نبينا ما تخفيه صدور الكافرين تجاه المؤمنين؛ لهذا وجب علينا أن نعرف عدونا، ونتعرف إلى منهجه، وما طريقته في الحياة لعلنا أن نحذر منه.







                      الخاتمة
والمتأمل في ماضي الأمة وحاضرها يدرك أن بليةَ الإسلام في أهله باليهود عظيمة شديدة, فكم من معقل للإسلام قد سعوا في هدمه، وكم من حصن راموا هتكه، وكم من عَلَم عملوا على طمسه, ضربوا بمعاول الشبهات في أصله, وروجوا الإباحية والفساد ليصدوا الناس عن عبادة رب العباد, تحالفوا مع شياطين الإنس والجن ضده, عملوا على إحداث الفُرقة في أمته وإثارة الفتن بين أهل ملته.
 وعكفوا على ترويج وإشاعة وإنشاء الأقوالِ المبتدعة والآراء الضالة والمذاهب المنحرفة, فهل السبئية إلا من بنات أفكارهم؟! وهل الباطنية إلا ثمرة جهودهم؟! وهل الماسونية والعلمانية إلا نتاجُ مؤامراتهم ومخططاتهم؟ ! فعداوة القوم للإسلام وأهله لم ترضَ محلاً لها إلا سويداء قلوبهم.
وعداوة يهود للأمة ليست رهينة فترة زمنية ثم تنتهي، بل عداوتهم للإسلام وأهله دائمة إلى آخر الزمان, ممتدةٌ عبر الليالي والأيام, متوارثة جيلاً بعد جيل, أوصى بها الأكابر الأصاغر, وحمّلها سلفهم خلفَهم، لذا فإن اليهود حلفاءُ كلِ من عادى الأمة.
فبالأمس حالفوا مشركي العرب ضدّ النبي , واليوم حالفوا النصارى وغيرهم ضدّ أهل الإسلام, وغدًا يحالفون الدجال ويتبعونه ضد أمة الإسلام, ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا, عليهم الطَّيَالِسة))[1]، وقد قال في حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ((وأكثر تبعه ـ أي: الدجال ـ اليهود والنساء))[2].
إلا أن هذا الكيد والمكر الكُبَّار إلى زوال واضمحلال, إذا صبرت الأمة واتقت ربها وتمسكت بدينه, قال الله تعالى: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120].
ولا نشك أن الله سبحانه وتعالى سينصر دينه, ويعلي كلمته, ويؤيد أوليائه, طال الزمن أو قصر, فإن العاقبة لله ولرسوله وللمؤمنين, ويصدّق هذا ما وعد به رسول الله أمته, ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون, حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم, يا عبد الله, هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله, إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))[3
وهذا الحديث يفيد أن الصراع بين أمة الإسلام وبين يهود لن يضع أوزاره حتى يُقتلوا عن آخرهم, كما أخبر النبي , فما دام في اليهود عرق ينبض وعين تلحظ وقلب يخفق فلن تزول هذه العداوة, فإن معركتنا معهم معركة إبادة، فكل من حاول إزالة هذه العداوة أو رفعها فإنما يركض وراء السراب, ويحرث في الماء, ويضادُ ما قضاه الله سبحانه كونًا وقدرًا وشرعًا, والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .






















                                       المراجع
1-    القرآن الكريم
2-    الجامع لاحكام القرآن – أبو عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي – دار الفكر للطباعة والنشر 1991
3-    مختصر الطبري للامام محمد بن جرير الطبري
4-    الميزان فى تفسير القرآن
5-    فتح الرحمن فى تفسير القران
6-    تفسيرالبضاوى
7-    التفسير الشامل
8-    الكشاف الزمخشرى
9-    كتب السنة
10-    البخاري
11-    الموطأ للامام مالك
12-    المسند للامام أحمد
13-    الترمذي
14-    أبو داود
15-    ابن ماجة
16-    البداية والنهاية لابن كثير
17-    سير أعلام الحديث
18-    كتاب السنن
19-    شذرات الذهب
20-    علوم الحديث للامام ابن كثير
21-    سير أعلام النبلاء
22-    فتح الباري-- للبخاري
23-    تهذيب التهذيب--  للحافظ ابن حجر العسقلاني
24-    رياض الصالحين للامام شرف الدين النووي الدمشقي – دار المنار للطباعة والنشر
25-    لسان العرب-- ابن منظور 
26-    معجم الادباء – ياقوت الحموي
27-    السنن– البيهقي
28-    تحفة المودود-- ابن القيم
29-    الرحيق المختوم – صفي الرحمن المباركفوري
30-    المستدرك --للحاكم 
31-    الزواجر--- للهيثمى
32-     الفتح  ---الحافظ بن حجر
33-    فتح البارئ --للخطابى
34-     المجموع-- للنووى
35-    الإرواء للألبانى
36-    ديوان ألفية محمد – د. -  صلاح القوسي
37-    ديوان هاشم الرفاعي
38-    إظهار الحق – رحمت الله الهندي
39-    هداية الحيارى – ابن قيم الجوزية
40-    الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح-- ابن تيمية
41-    الصفة على المذاهب الاربعة --عبد الرحمن الحريرى
42-    محمد فى التوراة والإنجيل والقرآن --- إبراهيم خليل أحمد
43-    محمد فى الكتاب المقدس--- عبد الأحد داود
44-    قصة الحضارة . ويل ديورانت – ترجمة محمد بدران
45-    بروتوكولات حكماء صهيون ترجمة د / أحمد السقا
46-    تاريخ الأقباط  -- زكى شنودة
47 -  أحمد الرشيدي , المجتمع الدولي والقضية الفلسطينية , معهد البحوث والدراسات العربية , القاهرة , 1993.
    48- أحمد خليفة , مفاوضات السلام : الموقف الإسرائيلي عشية مؤتمر مدريد , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 8 , خريف 1991.
   49-  أحمد سعيد نوفل , القدس بين التهويد والأمم المتحدة ومشاريع السلام , المستقبل العربي , عدد 74 , إبريل 1985.
50- أحمد فارس عبد المنعم , الإتحاد السوفييتي والصراع العربي الإسرائيلي منذ حرب 1973 , شؤون فلسطينية , عدد 27 , 1983.
51-  إبراهيم أبو حليوة, القدس في السياسة الأمريكية من 1947 – 2000 , مركز الدراسات الاستراتيجية للبحوث والتوثيق , بيروت, ط 1 ,2001.
52-  الأمم المتحدة , قضية فلسطين والأمم المتحدة , منشور إعلامي , نيويورك 2001.
53-   بيار فايس , حركة عدم الانحياز وقضية فلسطين , شؤون عربية ,    ع 33 / 34 نوفمبر / ديسمبر 1983.
54  - تقرير الندوة الدولية بشأن القدس بعنوان " القدس مدينة السلام " , القاهرة , 12 – 14/3/1995.
55-تيسير جبارة , تاريخ فلسطين , دار الشروق للنشر والتوزيع , عمان , ط 1 , 1998.
56- جامعة الدول العربية , جامعة الدول العربية وقضية القدس في المجال الدولي , شؤون عربية , الأمانة العامة , عدد 40 , يونيو 1993.
57- جمال عبد الجواد , السياسة الأوروبية والصراع العربي الإسرائيلي , شؤون عربية , عدد 34 , 33 نوفمبر / ديسمبر 1983.
58-   حازم نسيبة , القدس في ضوء الأوضاع الراهنة واستشراف المستقبل , رابطة العالم الإسلامي, جدة, سلسلة دعوة الحق, العدد 155, 1415هـ.
59-حسن عبد القادر صالح , فلسطين المحتلة 1967 الجغرافيا والديمغرافيا , شؤون عربية 60 , ديسمبر 1989.
60-  خالد بن سلطان بن عبد العزيز , موسوعة مقاتل من الصحراء , الرياض.
61- خليل السواحري , الخطة الصهيونية لتهويد القدس العربية , شؤون عربية عدد 19 , جامعة الدول العربية , أكتوبر 1982.
62-   خليل إسماعيل الحديثي, القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة    ""مرحلة أخري من الصراع بين الشرعية والقوة"" , شؤون عربية ,       عدد 56 , ديسمبر 1988.
63-   خليل حسين , المفاوضات العربية الإسرائلية , بيان للنشر والتوزيع , بيروت , ط 1 , 1993.
64-  ديفيد ماكدوول , فلسطين وإسرائيل : الانتفاضة وما بعدها , عرض : عماد فزي شعيب , شؤون عربية , عدد 60.
65-  رفيق الخطيب التميمي , إجراءات تهويد القدس , سلسلة دعوة الحق رابطة العالم الاسلامي , عدد : 155 , مكة المكرمة , 1415 هـ.
66-  روحي الخطيب, المؤتمرات الإسرائلية علي القدس 1965 – 1975 , أمانة القدس.
67-  روحي الخطيب , تهويد القدس , لجنة إنقاذ القدس , عمان 1970.
68- زعيف سكيف , مجلة الشؤون الخارجية الإسرائيلية , العدد 70 , ربيع 1971 , ص 19 , عن مجلة الدراسات الفلسطينية , مؤسسة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 7 , صيف 1991.
69-   زياد أبو زياد , نقطة الانطلاق الإسرائيلية بين الوهم والواقع , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.
70-   جيفري أرونسون , مستقبل المستعمرات الإسرائيلية في الضفة والقطاع , مؤسسة الدراسات الفلسطينية , بيروت , 1990.
71-  سعيد الحسن , حول اتفاق غزة – أريحا أولاً ""وثائق ودراسات "" , تقديم وإشراف خالد الحسن (أبو السعيد), ط الثاني , يناير 1995.
72-   سليم نوران الجنيدي, المستقبل السياسي للأراضي المحتلة في المنظور الإسرائيلي, شؤون عربية, عدد60 , فبراير1986, ص52, 53.
73-سليمان فتوح , اليهود والقدس – دراسة تاريخية للادعاءات الصهيونية وممارساتها في المدينة.
74-  سمير جريس , " القدس " المخططات الصهيونية , الاحتلال , التهويد , مؤسسة الدراسات الفلسطينية, بيروت , العدد 61, ط 1 , 1981.
75-  صالح مسعود أبو يصير , جهاد شعب فلسطين , ط 2 , دار الفتح , القاهرة 1969.
76-  صلاح العقاد , تطور النزاع العربي الإسرائيلي 1956- 1967 , معهد البحوث والدراسات العربية , القاهرة , ص 233.
77-  صلاح عبد المقصود , القدس ولعبة المفاوضات , مجلة القدس , مركز الإعلام العربي , العدد : 0 , 1998 , القاهرة.
78- طاهر شاش , مفاوضات التسوية النهائية والدولة الفلسطينية الآمال والتحديات , دار الشروق , القاهرة , ط 1 , 1999.
79-  عبد العزيز محمد الشناوي , الدولة العثمانية دولة إسلامية مفتري عليها , ج 2 , مكتبة الأنجلو المصرية , القاهرة , 1970.
80-  عبد العزيز المهنا , فلسطين وإسرائيل , مطابع دار الهلال , الرياض , ط 1 , 1994.
81-   عبد الله الأشعل , القدس في المنظورين العربي والإسرائيلي , مجلة القدس , العدد :30 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , يونيو , 2001.
82-  عبير ياسين , القدس الشرقية و 36 عاما من الضم , مجلة القدس , العدد : 55 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , يوليو 2003.
83-  علي الدين هلال , السلام الإسرائيلي – دراسة لمشروعات التسوية الإسرائيلية , شؤون عربية عدد 33 نوفمبر / ديسمبر 1983.
84-   عمران أبو صبيح , دليل المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة , دار الجليل للنشر والدراسات والأبحاث الفلسطينية  ,      ط 1 عمان , 1993.
85-   فايز جابر وآخرين , القدس في ضمير العالم الإسلامي , رابطة العالم الإسلامي , سلسلة دعوة الحق , العدد 155 , 1415 هـ .
86-   فوزي طايل , الجولة الإسرائيلية العربية السادسة , مجلة استراتيجيا , بيروت , العدد 109 , نوفمبر 1991.
87-   فوزي طايل , القدس بين المواثيق الدولية والأطماع الصهيونية , سلسلة قراءة في فكر علماء الاستراتيجية , إعداد : جمال عبد الهادي وعبد الراضي أمين , دار الوفاء , المنصورة , ط 1 , 2001.
88-  فوزي محمد طايل , النظام السياسي في اسرائيل , دار الوفاء , المنصورة , 1992.
89-  كامل محمود خلة , تشويه تعليم وتاريخ وجغرافية الوطن العربي في المرحلة الابتدائية في فلسطين , شؤون عربية 19 , أكتوبر 1982.
90-   اللجنة الملكية لشؤون القدس , عمان – الأردن , 1994.
91-  محسن صالح , القضية الفلسطينية خلفياتها وتطوراتها حتي سنة 2001 , مركز الإعلام العربي , القاهرة , ط 1 , 2002.-
92-  محسن محمد صالح , فلسطين , دراسات منهجية في القضية الفلسطينية , سلسلة دراسات فلسطينية , العدد :1 , مركز الإعلام العربي , ط 1 , 2003 , القاهرة.
93-   محمد السيد سليم , منظمة المؤتمر الإسلامي والقضية الفلسطينية , شؤون عربية , عدد 56 , أكتوبر 1985.
94-  محمد الفرا , قضية القدس علي الساحتين العربية والدولية , شؤون عربية , عدد 40 , ديسمبر 1984.
95-  محمد جاد الله , عام من محادثات التسوية – نظرية نقدية , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.
96-  محمد خالد الإزهري , القوي الأوروبية الكبري وقضية فلسطين , شؤون عربية , عدد 50 , يونيو 1987.
97-   محمد خليفة حسن, القدس والاستيطان " مؤامرة التهويد والمواجهة " , المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة , القاهرة 1999.
98-   محمد علي حلة , القدس الشريف حقائق التاريخ وآفاق المستقبل , رابطة العالم الإسلامي, جدة, سلسلة دعوة الحق, عدد 192 , لعام 1421.
99-      محمد علي حلة , الحركة الصهيونية , ج 2 , القاهرة.
100-  محمد نصر الدين مهنا, مشكلة فلسطين والصراع الدولي 1945-1967 , معهد البحوث والدراسات العربية , سلسلة الدراسات الخاصة رقم : 14 , القاهرة 1978.
101-    محمود شيت خطاب , أهداف إسرائيل التوسعية , دار الاعتصام , القاهرة , ط 3.
102-   معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني , استراتيجية أمريكا لعملية السلام العربية  لإسرائيلية, مجلة الدراسات الفلسطينية , عدد 12,      خريف 1992.
103-  ممدوح الروسان , إسرائيل مصلحة قومية أمريكية , شؤون عربية , الأمانة العامة لجامعة الدول العربية , القاهرة , عدد 33/34 نوفمبر / ديسمبر 1983.
104-   منظمة المؤتمر الإسلامي , القرارات الخاصة بالقدس الشريف وفلسطين , الأمانة العامة , الجماهرية العظمي.
105-   ميرون بنفينسيتي , العناق الحاسم " الانتفاضة - حرب الخليج - عملية السلام " , ترجمة أوري ديفيز , مجلة الدراسات الفلسطينية , بيروت , عدد 12 , خريف 1992.
106-   ناصر الفضالة , أرض الإسراء دروس في العزة والفداء , مركز الإعلام العربي , القاهرة , سلسلة كتاب القدس , العدد رقم : 28 , الطبعة الأولي , 2005 م , ص 50.
107-  نظام محمود بركات , الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين بين النظرية والتطبيق , مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت , 1988.
108-   هنري كتن , قضية فلسطين , ترجمة : رشدي الأشهب , السلطة الوطنية الفلسطينية , مطبوعات وزارة الثقافة , ط 1 , 1999.
109-  وحيد عبد المجيد , إدارة ريجان الثانية "" مرحلة ثالثة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط "" , المستقبل العربي , عدد 73.
110-سفر  التكوين
111-سفر الخروج
112-سفر التثنية
113-سفر اللاوين
114-سفر العدد
115-سفر يشوع
116-سفر القضاة
117-سفر صموئيل
118-سفر الملوك
119-سفر أشعياء
120-سفر عزرا
121-سفر دانيال
122-سفر عاموس
123-سفر نشيد الانشاد




                             







                                          
                                               الفهرس

مسلسل    الموضوع    الصفحة
1    الإهداء    2
2    المقدمة    3
4    بين يدي الكتاب     4
5    دور الأنبياء السابقين    5
6    الباب الأول   //الخوف من الله جل جلاله    9
7    معنى الخوف وفوائده ومنزلته     11
8    أنواع الخوف من حيث الحُكم           13
9    الأسباب التي تورث الخوف من الله عز و جل    16
10    نماذج من خوف بعض الصحابة والتابعين    21
11    أيسلم الأعداء من يد المسلم ولسانه ، ولا يسلم المسلمون ؟!!    29
12    أعداء الإسلام وكيفية مجابهتهم    30
13    الباب الثاني //  النصارى والمارد المزعوم    36
14     ميلاد عيسى ابن مريم    37
15    نبوته عليه السلام    40
16    نزول المائدة    41
17    رفع المسيح عليه السلام              41
18    المسيح بين الإسلام والمسيحية    45
19    المسيح عليه السلام في الديانات الأخرى    46
20    أهم الفرق النصرانية الحديثة    49
21    الأقانيم عند الكاثوليك    52
22    الاختلافات بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية    53
23    البروتستانتيـة    56
24    العقيدة عند الفرق المسيحية المعاصرة    60
25    فبآي منطق نخشى هؤلاء    64
26    تأليه المسيح بين الرفض و القبول    67
27    أشهر القساوسة القدامى     69
28    الفرق النصرانية الجديدة المنشقة عن الكنيسة    73
29    الباب الثالث// الإسلام والديانات الأخرى    74
30    فاليهودية أو "النصرانية    75
31    متابعة اليهود للدين الإسلامي    78
32    الغرور والصلف    79
33    لليهود أوصاف قبيحة    81
34    مظاهر انحراف عقيدتهم    82
35    خصال اليهود في القرآن الكريم    90
36    صفات اليهود وأخلاقهم    92
37    اليهود واثارة الفتن      96
38    اليهود والنصارى ......والشيعة.....    101
39    عداوة يهود للأمة    104
40    بين السّنّة والشّيعة    105
41    ما أشبه الليلة بالبارحة    106
42    والاثنا عشرية يقولون    107
43    مثيري الشبهات حول الإسلام    110
45    الرد على الشبهات له عدة جوانب    115
46    ما هو الغرض من نشر الشبهات؟    118
47    وسائل دعم التنصير    121
48    كيف تنشأ الشبهات    122
49    الباب الرابع // اليهود والنصارى وأذنابهم    124
50    فيا عباد الله!    128
51    فمهلاً يا طغاة    132
52    أقسام الفسق    136
53    العَلْمانِيَّة    141
54    ماهية العلمانية    142
55    مراحل العلمانية    148
56    الباب الخامس     //    اليهود والنصارى والغزو الفكري        
    159
57    واجبات الآباء والأمهات تجاه مواجهة الغزو الفكري    164
58    واجبات شباب وفتيات المسلمين تجاه الغزو الفكري    166
59    واجبات الجمعيات الاجتماعية والأحزاب السياسية    167
60    واجبات الحكومات الإسلامية تجاه الغزو الفكري    168
61    اليهود والنصارى واختلاق معركة أرمجـدون    171
62    حملات الإساءة للإسلام    176
63    هوية الأقباط    185
64    الكتاب المقدس    191
65    موقف الأزهر الشريف    194
66     التنصير في مصر    197
67    نماذج من المتنصرين    206
68    الخطة العامة لمواجهة التنصير    216
69    الصهيونية ومعاداة السامية: وجهان لعملة واحدة    219
70     الخاتمة                                           225
71    المراجع      227
72    الفهرس      234


          رقم الإيداع //           /2011              

فلا تخافوهم

Download

About the book

Author :

أحمد إسماعيل زيد

Publisher :

www.islamland.com

Category :

Comparative Religions