قل صدق الله

إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً إلى الناس مبشرين ومنذرين ولأن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن لهؤلاء الرسل أجلاً محدوداً يبلغوا فيه رسالات ربهم أنزل معهم كتباً بين فيها سبحانه وتعالى مراده من عباده , وسجل فيها ما يحتاج إليه البشر ليحيوا حياة كريمة , وليسعدوا إن اتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم وقيض الله سبحانه وتعالى للأنبياء أتباعا أصفياء , اختارهم على عينه , فلم يقصروا ، وأدوا ما عليهم تجاه دينهم وربهم (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) ولكن ما إن مرت الأيام وطال على الناس الزمن قست قلوبهم و امتدت أيديهم إلى كتب أنبيائهم بحجة توضيح ما فيها من غموض , ثم أضافوا إليها من عند أنفسهم ومنهم من قال ( سأنزل مثل ما أنزل الله ) محاولين أن يجعلوا ما كتبوه بأيديهم يضاهى كتب الأنبياء السابقين فكان من الضرورى أن يرسل الله سبحانه وتعالى رسولاً  ( ما ينطق عن الهوى ) فيوحى إليه بأخبار السابقين صادقة ( ومن أصدق من الله قيلا ) وليبرئ سبحانه وتعالى ساحة أنبيائه مما يزعم هؤلاء وأنزل سبحانه وتعالى مع هذا النبى الخاتم   ( محمد صلى الله عليه وسلم ) كتاباً كريماً ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) وحفظه سبحانه وتعالى طوال الزمن مهما ضعف المسلمون أو قويت شوكتهم فالقرآن الكريم ظل وسيظل إلى قيام الساعة كما أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه ليستقبل كل جيل مسلم القرآن الكريم وكأنه أنزل إليه مما لا يدع مجالاً للريبة والشك ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ووعد سبحانه وتعالى نبيه بقوله :( أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )  فلو فتح المجال للمسلمين أن يضيفوا للقرآن ما يوافق عصورهم وأحوالهم لما وصل مراد الله للعباد جيلاً بعد آخر لأنه حينئذ سيختلط الأمر : أى الكلام ينسب إلى الله جل وعلا و أى الكلام ما قام به البشر من توضيح .
ولقد تناول هذا الموضوع وهو الإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة علماء أجلاء مثل ابن القيم الجوزية في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " وقام جمع من العلماء الأجلاء منهم : فضيلة مفتى الديار المصرية أ.د/ على جمعة في كتاب    " شبهات وردود " واستطاعوا الإجابة على أكثر من مئة شبهه زعمها أهل الكتاب .
وأيضاً تناوله السيد/ إبراهيم خليل صاحب كتاب "محمد فى التواره والإنجيل والقرآن" وبالمناسبة كان هذا العالم الفاضل قسيساً وقام بكتابة هذا الكتاب السابق بعد أن من الله عليه بنعمة الإسلام.
وسأتناول هذا الموضوع بشكل بسيط وميسر وبشئ من الترتيب حتى يسهل على القارئ فهمه والدفاع بها إن اراد , كما أنى سأضيف الى هذا الموضوع تبذة عن حياة السيد المسيح عليه السلام كما جاءت فى التوراة والانجيل مؤيدا كل ذلك بما فى القران الكريم من اّيات بهذا الخصوص , وادعوا الله أن ينفع بهذا الكتاب أبناء المسلمين ليستطيعوا الدفاع عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بأسلوب سهل بسيط وأرجو من الله أن يبصر أهل الكتاب بما كتبناه فى كتابنا هذا داعين الله أن يأخذ بأيدى الجميع إلى بر الأمان فى ظل دينه الذى ارتضاه لنا سبحانه وتعالى إذ يقول جل وعلا " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " إنه ولى ذلك والقادر عليه .

بسم الله الرحمن الرحيم
{قل صدق الله}
إعداد
أ / أحمد إسماعيل زيد
محاضر بالأكاديمية الإسلامية
لدراسات الأديان والمذاهب
محاضر بقناة الأمة الفضائية

 

 

                                        بسم الله الرحمن الرحيم
مقـــــــــدمة
إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً إلى الناس مبشرين ومنذرين ولأن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن لهؤلاء الرسل أجلاً محدوداً يبلغوا فيه رسالات ربهم أنزل معهم كتباً بين فيها سبحانه وتعالى مراده من عباده , وسجل فيها ما يحتاج إليه البشر ليحيوا حياة كريمة , وليسعدوا إن اتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم وقيض الله سبحانه وتعالى للأنبياء أتباعا أصفياء , اختارهم على عينه , فلم يقصروا ، وأدوا ما عليهم تجاه دينهم وربهم (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) ولكن ما إن مرت الأيام وطال على الناس الزمن قست قلوبهم و امتدت أيديهم إلى كتب أنبيائهم بحجة توضيح ما فيها من غموض , ثم أضافوا إليها من عند أنفسهم ومنهم من قال ( سأنزل مثل ما أنزل الله ) محاولين أن يجعلوا ما كتبوه بأيديهم يضاهى كتب الأنبياء السابقين فكان من الضرورى أن يرسل الله سبحانه وتعالى رسولاً  ( ما ينطق عن الهوى ) فيوحى إليه بأخبار السابقين صادقة ( ومن أصدق من الله قيلا ) وليبرئ سبحانه وتعالى ساحة أنبيائه مما يزعم هؤلاء وأنزل سبحانه وتعالى مع هذا النبى الخاتم   ( محمد صلى الله عليه وسلم ) كتاباً كريماً ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) وحفظه سبحانه وتعالى طوال الزمن مهما ضعف المسلمون أو قويت شوكتهم فالقرآن الكريم ظل وسيظل إلى قيام الساعة كما أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه ليستقبل كل جيل مسلم القرآن الكريم وكأنه أنزل إليه مما لا يدع مجالاً للريبة والشك ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) ووعد سبحانه وتعالى نبيه بقوله :( أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )  فلو فتح المجال للمسلمين أن يضيفوا للقرآن ما يوافق عصورهم وأحوالهم لما وصل مراد الله للعباد جيلاً بعد آخر لأنه حينئذ سيختلط الأمر : أى الكلام ينسب إلى الله جل وعلا و أى الكلام ما قام به البشر من توضيح .
ولقد تناول هذا الموضوع وهو الإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة علماء أجلاء مثل ابن القيم الجوزية في كتابه " هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى " وقام جمع من العلماء الأجلاء منهم : فضيلة مفتى الديار المصرية أ.د/ على جمعة في كتاب    " شبهات وردود " واستطاعوا الإجابة على أكثر من مئة شبهه زعمها أهل الكتاب .
وأيضاً تناوله السيد/ إبراهيم خليل صاحب كتاب "محمد فى التواره والإنجيل والقرآن" وبالمناسبة كان هذا العالم الفاضل قسيساً وقام بكتابة هذا الكتاب السابق بعد أن من الله عليه بنعمة الإسلام.
وسأتناول هذا الموضوع بشكل بسيط وميسر وبشئ من الترتيب حتى يسهل على القارئ فهمه والدفاع بها إن اراد , كما أنى سأضيف الى هذا الموضوع تبذة عن حياة السيد المسيح عليه السلام كما جاءت فى التوراة والانجيل مؤيدا كل ذلك بما فى القران الكريم من اّيات بهذا الخصوص , وادعوا الله أن ينفع بهذا الكتاب أبناء المسلمين ليستطيعوا الدفاع عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بأسلوب سهل بسيط وأرجو من الله أن يبصر أهل الكتاب بما كتبناه فى كتابنا هذا داعين الله أن يأخذ بأيدى الجميع إلى بر الأمان فى ظل دينه الذى ارتضاه لنا سبحانه وتعالى إذ يقول جل وعلا " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " إنه ولى ذلك والقادر عليه .



بين يدى الكتاب

لقد تصاعد العداء للإسلام هذه الآونة أكثر من ذى قبل فكانوا يحاربون الإسلام سراً أو من وراء حجاب , ولكن إزدادت جرأتهم لما رأوا صمت المسلمين فأخذوا يكيدون للإسلام بشتى أنواع الطرق غير مبالين بالعواقب فمنهم من يزعم أن الإسلام هو سبب تخلف المسلمين , ومنهم من يزعم أن الإسلام هو سبب الإرهاب ويتمادى بعضهم فى غييه وافترائه فينكر الإسلام كلية وينكر أن أنبيائهم أخبروهم عن الإسلام وعن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولقد كان المسلمون كما قال الشيخ الغزالى رحمة الله : (كنا سكوتا عن طمأنينة ومسالمين عن قوه , نخدم ديننا بعيداً عن إثارة الجدل وإيثاراً للمودة ).
وحين قرأت ما يكتبه الغرب عن الإسلام وعن نبيه محمد صلى الله عليه وعن تنكرهم للإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه مع أن الحق سبحانه وتعالى يقول ( الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة والإنجيل ) .
فقلت فى نفسى إنى أعلم إنه ما من أحداً أصدق من الله قيلا , ولكن كما يقال أن لكل قول حقيقة فعكفت على دراسة التوراة وما تحتويه من أسفار , والكتاب المقدس بما فيه من اسفار للانبياء الذين جاءوا بعد نبى الله موسى وما قام به العلماء من شرح للكتاب المقدس بعهديه: العهد القديم  والعهد الجديد بما يحتويه من أناجيل  وأعمال الرسل ورسائل تلاميذ السيد المسيح عليه السلام الى البلاد فوجدتنى أردد مع القرآن ما يقوله الحق سبحانه وتعالى ( قل صدق الله ) فجعلت هذه الأية الكريمة عنواناً لكتاب ينقسم الى جزئين :-
الجزء الاول :
1- الإسلام فى التوراة والإنجيل وبينت فيه ما ذكر فى العهد القديم والجديد ما يدل على البشارة بالإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ,  وتحريت فيه صدق النصوص التى نقلتها من التوراة والإنجيل واكتفيت بعدد بسيط من هذه النصوص حتى يسهل على من يقرأ الكتاب حفظها والرد بها على من ينكر ذكر البشارة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الكتب السابقة .
الجزء الثانى :
2- وهو بعنوان : عيسى عليه السلام بين المسيحية والإسلام , وذكرت فيه حقيقة سيدنا عيسى كما وردت فى القرآن الكريم مستشهداً بنصوص من العهدين القديم والجديد تأكيداً لما جاء فى القرآن الكريم بهذا الخصوص . وقد ركزت على النقاط الاساسية التى نختلف فيها مع النصارى فمثلاً هم يزعمون ان المسيح ابن الله وانه قتل وصلب  فقمت بكتابة النصوص من الانجيل التى تؤكد كذبهم فيما يعتقدوه بهذا الخصوص كما يقول القائل ( من فمك ادينك )
وقبل أن أبدا فى عرض مادة الجزء الأول ( الإسلام بين التوراة والإنجيل والقرآن)
اولا : هناك أسئلة تطرح نفسها فرأيت أن أسردها وأجيب عليها أولاُ .
ثانيا : كيف يرى النصارى الاسلام ؟
السؤال الأول :- يعتقد المسلمون أن بعضاً من كتب السابقين قد حرفت فكيف ضمنوا أن النصوص التى يستشهدون بها من كتب السابقين لم يصبها التحريف ؟
السؤال الثانى : كيف استطاع المسلمون أن يفهموا أن هذه النصوص تخصهم  هم لا غيرهم من الأمم ؟
السؤال الثالث :- ماذا على المسلمين لو لم يستطيعوا إثبات حقيقة دينهم من الكتب السابقة ؟
السؤال الرابع :- لماذا يصر اليهود والنصارى على التنكر للإسلام ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع علمهم به ؟
وتقول وبالله التوفيق
إجابة عن السؤال الأول :- نعلم أن الله جل وعلا إذا أراد فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمة كما نعلم أن الله على كل شئ قدير وأنه أحاط بكل شئ  علماً , ومن ثم فهو سبحانه وتعالى قادر على أن يحول بين المرء وقلبه فكما استطاع سبحانه وتعالى أن يعمى عين فرعون وجنوده عن قتل سيدنا موسى عليه السلام وبقدرته سبحانه جعل فرعون يربى سيدنا موسى فى قصره ويعتنى به فى الوقت الذى يقتل فيه فرعون الأطفال الذين فى سن موسى عليه السلام . استطاع سبحانه وتعالى أن يعمى أعين اليهود والنصارى عن النصوص , والآيات التى تبشر بالإسلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لتكون شاهد صدق على ما أخبر به الحق سبحانه فى قرآنه الكريم وحجة على اليهود والنصارى .
وتصديقا لذلك ما ذكره رحمت الله الهندى في مقدمة كتابه اظهار الحق ما نصه ( ولما غير الربانيون والأحبار كتاب التوراة راعوا ان تكون نصوص النبوءات عن محمد صلى الله عليه وسلم نبى الاسلام واضحة للدارسين وخافية عن غير الدارسين )
وللإجابة على السؤال الثانى :- وهو كيف استطاع المسلمون أن يفهموا أن هذه النصوص تخصهم هم لا غيرهم من الأمم ؟
نقول إن الله سبحانه وتعالى منح من أمن به نوراً فى بصيرته تجعل صاحبها يرى بنور الله ويفهم ما يريده الله سبحانه وتعالى " والذين اهتدوا زادهم هدى " ولتوضيح ما نريد : كيف فهم المسلمون هذه النصوص بأنها لهم ؟ نضرب على ذلك مثالين أحدهما من القرآن الكريم والآخر من الواقع الذى نعيشه
* أما الذى من القرآن الكريم فقد حدث فى زمن سيدنا داود عليه السلام أن جاءه صاحب أرض يشكو من صاحب غنم ترك غنمه حتى أهلكت زرعه وكان بجوار سيدنا داود عليه السلام وقت هذه القضية ابنه سليمان عليه السلام فحكم داود عليه السلام بأن يأخذ صاحب الزرع الغنم مقابل ما أتلفته من زرع إلا أن الحق سبحانه وتعالى بينها ووضحها لسليمان عليه السلام فقال لأبيه ولكنى أرى أن يأخذ صاحب الغنم الأرض فيحرثها ويعتنى بها حتى تعود كما كانت عليه وفى نفس الوقت يأخذ صاحب الزرع الغنم فينتفع بأصوافها وألبانها مقابل زرعه الذى هلك ثم يعيد كل واحد منهما حاجته إلى صاحبها وفى هذا يقول سبحانه وتعالى  ( وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكما وعلماً ) فكما أن الحق سبحانه وتعالى فهم سليمان عليه السلام حل هذه القضية فبقدرته فهم المسلمين هذه النصوص التى وردت بشأنهم فى كتب السائقين .
* أما المثل الذى نضربه من الواقع فنقول ولله المثل الأعلى :- كما ذكر أ.د/ على جمعة في كتاب " شبهات وردود"
لو أن قائداً أراد أن يرسل رسالة مع رسول فهل يكتبها بشكل واضح حتى يطلع عليها من يحملها ؟
بالطبع لا لأنه حينئذ قد يعلم هذه الأسرار فيخفيها أويضعف فينقلها إلى عدوه أو يقتل فتؤخذ منه الرسالة عنوة ومن ثم فلابد على المرسل أن يكتب الرسالة برموز لا يستطيع فمهما إلا من أرسلت اليه وهذا ما حدث فى الكتب السابقة إذا أن الحق سبحانه وتعالى يعلم أنه لا أمان لليهود والنصارى على هذه النصوص التى تبشر بالنبى الخاتم " محمد " صلى الله عليه وسلم فجعلها غربية لا يفهمونها , بل ويحملونها عبر السنين مع كرههم وعنادهم حتى يراها المسلمون ويطلعوا عليها وليقولوا " قل صدق الله "
 وللإجابة على السؤال الثالث :- ماذا على المسلمين لو لم يستطيعوا إثبات حقيقة دينهم من الكتب السابقة ؟ نقول : إن المسلمين حين أعلنوا إسلامهم لله أعلنوا معه التسليم المطلق لما يقوله الحق ســبحانه وتعالى ( قالوا سمعنا وأطعنا ) ومن ثم فالمسلمون ليسوا بحاجة إلى إثبات صدق الله عز وجل فيما يقول فسواء عثروا على نصوص من كتب السابقين أو لم يعثروا فالأمر عندهم سواء فهم يعبدون الله مؤمنين به سبحانه وبأنبيائه جميعاً وبكتبه التى أنزلها على أنبيائه وحين نذكر النصوص التى وردت فى كتب السابقين عن الإســـلام ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم لا نذكرها للمسلمين بقدر ما نريد أن نذكر بها اليهود والنصارى أن يفيقوا وألا يقولوا على الله إلا الحق
* وللإجابة على السؤال الرابع والذى يقول :-
لماذا يصر اليهود والنصارى على التنكر للإسلام ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع علمهم به ؟
نقول : إن هذه طبيعة المعاندين الجاحدين لنعم الله سبحانه وتعالى فقد غلبت الدنيا وزخارفها على هؤلاء حتى أعمت بصائرهم وقست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة ولكى نقرب هذه المسألة نذكر ما حدث فى مكة بين أبو جهل وصديق له فقال الرجل لأبى جهل يا بن هشام لا أحد معنا فأخبرنى هل جربتم على محمد غدراً ؟ فقال أبو جهل لا والله فقال الرجل هل جربتم عليه خيانة ؟ فقال أبو جهل لا والله . فقال الرجل : هل جربتم عليه كذباً ؟ فقال أبو جهل لا والله . بل ونلقبه فيما بيننا بالصادق الأمين . فقال الرجل : فعلام الحرب والعناد إذن ؟
 قال أبو جهل : كنا وبنى هاشم كفرسى رهان أطعموا الحجيج فأطعمنا وسقوا فسقينا وأعانوا الغريب فأعنا حتى قالوا منا نبى فلن نؤمن بنيهم . فقال الرجل إذن هو الجحود فحسب . قال أبو جهل نعم وفى هذا يقول الحق سبحانه تسليه لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم . " فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " . كما أننا نعلم أن هؤلاء يريدون عرض الحياة الدنيا غير مبالين باليوم الآخر وبما فيه فلقد غرتهم الدنيا وغرهم بالله الغرور
ونحن نقول لهم كما قال القرآن الكريم " يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً " ونقول لهم أيضاً كما قال القرآن الكريم "  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً }النساء47 " والعجيب أن اليهود والنصارى يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم كمعرفتهم أبنائهم إلا أن الدنيا وزخرفها طمست بصيرتهم لأنها " لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور"  .
ثانيا : كيف يرى النصارى الاسلام ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "
حين أشاهد كبار النصارى وعلماؤهم على شاشات التلفاز أو أقرا لهم على صفحات الجرائد وهم يتحدثون عن الاسلام ورحمته وعن نبى الاسلام وعظمته يخيل الى انهم يتحدثون بصدق واظن انه لا يمنعهم من اعتناق الاسلام الا امورا سياسية او اجتماعية لا نعلمها فالتمس لهم العذر
الا اننى اصابتنى صاعقة حين قرأت كتبهم الخاصة التى يعلمونها لابنائهم فرأيت فيها انهم ينكرون الاسلام كليةً ولا يعترفون به كما ا نهم لا يعترفون بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم , وحتى لا نكون مفترين عليهم فاليك عزيزى القارئ اسم الكتاب ومؤلفه والنص الذى ورد فيه ثم التعليق عليه .
اسم الكتاب / استحالة تحريف الكتاب المقدس
المؤلف / القمص : مرقس عزيز خليل
الناشر / كنيسة القديسة مريم العذراء والشهيدة دميانة المعلقة
رقم الايداع / 20991/2002
الطبعة / الثالثة عشر 2004
اما النص الذى كتبه  القمص فى هذا الكتاب السالف الذكر فى الباب الثالث عشر تحت عنوان / خلو الكتاب المقدس من اسم نبى الاسلام وعدم الاشارة الى الديانة الاسلامية / فيقول بالحرف الواحد:
 ( نقول اولا لو ان السيد المسيح ذكر هذا الاسم ( محمد , احمد  ) لقال ( يهوذا ) وليس احمد لانه كان يتحدث العبرانية , واحمد بالعبرانية هو يهوذا ) حسب ما جاء فى سفر التكوين 29/35 على لسان ليئة امراءة يعقوب ( وحبلت ايضا وولدت ابنا وقالت هذه المرة احمد الرب لذلك دعت اسمه يهوذا .
كل ما ذكره السيد المسيح عن هذا الاسم ( يهوذا ) هو ( يهوذا الاسخريوطى ) مسلمه الذى اعلن للتلاميذ معرفته لكل خطته من قبل تنفيذها وحرره ليتوب ويرجع عن شر اعماله لكنه رفض تبكيت الروح ونفذ ما اتفق عليه مع روءساء اليهود وسلم يسوع بقبله )
لو افترضنا جدلا ان السيد المسيح قالها بان الرسول اسمه محمد وليس احمد فيكون الرد : الاسمان من مصدر واحد فاحمد ومحمد ومحمود ومصطفى كلها تدل على ذلك الاسم الذى للرسول ولو افترضنا جدلا وجدلا وجدلا على صحة هذا الكلام فعندنا فى بلادنا خمسون مليون مسلم على الاقل منهم خمسة واربعون مليون اسماؤهم احمد – محمد – مصطفى – طه فالى اى منهم كان يشير السيد المسيح ؟
لانه لم يقل فى بشارته الاسم ثلاثيا حتى يتعرف عليه ويكون المقصود به شخصا بعينه وتكون الرسالة واضحة ليؤمن الجميع . ص 334
التعليق : نقول للقمص :
1-    انه لم يطلع على الكتاب المقدس بقلب الباحث عن الحقيقة فلو فعل ذلك ولو مرة واحدة لوجد عشرات البشارات بالاسلام وللنبى محمد صلى الله عليه وسلم كما سنبين ان شاء الله
2-    ونقول له هل يعقل ان ( يهوذا ) تعنى احمد فلو انها تعنى احمد فلا حاجة لنا بها لان ما ذكره اجدادك فى الكتاب المقدس عن يهوذا وابناءه وكفرهم بالله وعبادتهم الاوثان حتى اوقعهم الله فى ذل الاستعباد تارا لنبوخذ نصر ملك بابل وتارا الى الاسكندر الاكبر ثم البطالسة ثم الرومان وانتهى بهم الامر الى التشتت والتشريد فى البلاد .
3-    يزعم  ان زوجة يعقوب استطاعت ان تقول احمد الرب ثم لا يقبل ان ينطق بها عيسى عليه السلام مبشرا بالرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم فانالذى استطاع ان ينطق زوجة يعقوب بكلمة احمد ايعجزه سبحانه ان ينطق بها عيسى عليه السلام .
4-    يبدو انه لم يطلع على الاناجيل حق الاطلاع فذكر إن يهوذا سلم يسوع بقبلة والحقيقة ان يهوذا سلم يسوع مقابل ثلاثتين قطعة من الفضة اما القبلة فكانت بمثابة الاشارة .
5-    الم يستحى  وهو يتحدث عن احد تلاميذ المسيح بهذه الصورة الم يخبرونه فى الاناجيل بان المسيح اعطى تلاميذه سلطانا لاخراج الشياطين فكيف تدخل الشيطان فى يهوذا حتى اسلم سيده .
6-    يبدو انه غير مدرك لما يقول لان ملاين المسلمين الذين يسمون باحمد – محمد – مصطفى لم يطلق عليهم هذة الاسماء الا بعد مجيى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ولكن قبل بعثته لم يكنفىالعرب كلهم من يحمل هذا الاسم الطاهر ( احمد ) الا رسول الله لم يكن من الصعب اذ تحديدة ونضرب لذلك مثلا يا سيادة القمص لو ان مدرسه كل ما فيها من المدير الى العامل اقباط وشاء القدر ان يلتحق بهذة المدرسه تلميذ مسلم اسمه محمد فحينياتى والدة او اى قريب له يطلب هذا التلميذ فماذا يطلب منه هل يطلب منه الاسم رباعيا وثلاثيا بالطبع غير منطقى لانه حين يقول اريد محمد فلا يعجز الادارة والمدرسه احضار محمد لانه ليس هناك غيرة وكذلك كان المعصوم محمد حين بشر به عيسى عليه السلام
7-    و لا ادرى ما اقوله لك فهل ارسل عيسى عليه السلام بعد محمد صلى الله عليه وسلم بسنوات طويله حتى ابح عدد المسلمين الذين يحملون اسم محمد واحمد كثير لايعد ولا يحصى ام ارسل المسيح اولا
8-     اقراء ودع الاخريين يقرؤن حتى لاتتحمل اثم الاخرين فانك بهذا تحجر على عقول ابنائك وتضلهم لانهم يظنون انك قرات وتعطهم خلاصة فكرك ومنتهى علمك وطريقة اعتراضك على الاسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم لاتعنى الا شياء واحد وهو ان سيادتك لم تقرا الكتاب المقدس ولا القران الكريم بعين الاعتبار وطلب الحقيقه وصدق الحق حين قال ( يا اهل الكتاب قد جائكم رسولنا يبين لكم ما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير
9-    لو اطلعت على الكتاب المقدس وقراة ماكتبه اجدادك عن لوطوابنتاه وعن خداع يعقوب لاابه اسحاق وما ذكروة عن داود وامراة اوريا وعن سليمان وعبادته للاصنام لعلمت انه كان لابد ان يرسل الحق جل وعلا نبيه محمدا والقران الكريم ليصحح فيه ما افسدة السابقون من يرة العظماء من الانبياء صلاوة الله وسلامه عليهم ام ان سيادتك من الطائفه التى تومنو ببعض الكتاب وترفض البعض الاخر ام انك توافق علىما ذكرفى حق الانبياء فىكتابكم وتدعوا الىالاقتضاء بهم
10-    نقول للاخوة النصارى ماقاله السيد المسيح عليه السلام ( ترى القزى فى عين اخيك ولا ترى الخشبه التى فى عينك ) نقول هذا لان اخواننا النصارى كثيرا ما يسبون ديننا ويشتمون نبينا ونحن نجادلهم بالتى هى احسن كما امرنا فى كتابنا القران الكريم اما هم اذا وجدو احدنا اقترب الى دينهم من بعيد او قريب تقوم الدنيا ولا تقعد فانا اطلب منهم ان يجادلونا بالتىهى احسن 







                                                                                         الفصل الأول
                 
                 
           تعريف الإسلام
الإسلام هو إظهار الخضوع و الإلتزام بما أتى به النبى صلى الله عليه وسلم فحين نقول أن فلاناً مسلماً فيه قولان :-
أحدهما أنه المستسلم لأمر الله , وثانيهما هو المخلص لله العبادة ( )  وفى الحديث الشريف , ما من آدمى إلا و معه  شيطان , قيل ومعك ؟ قال نعم ولكن الله أعاننى عليه فأسلم ( ) وأسلم هنا بمعنى إنقاد وكف عن وسوسته .
إذن فالإسلام هو إظهار الخضوع والقبول لما أتى به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان مع ذلك الإظهار إعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان لأن المؤمن يبطن من التصديق مثل ما يظهر . والمسلم التام الإسلام  هو مظهر للطاعة مؤمن بها .
بهذا المعنى يتضح لنا أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء لأن جميع الأنبياء خاضعون وملتزمون بما أمرهم به الحق جل وعلا ونرى ذلك فى كثير من آيات القران الكريم فلقد قال القرآن الكريم عن إبراهيم عليه السلام ( إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ( )) ولم يكتف سيدنا إبراهيم بذلك بل أراد لأبنائه أن يحظوا بهذا الكرم الإلهى وهو الإسلام والاستسلام لله رب العالمين فأوصى أبناءه بالإسلام فقال :-
" يا بنى إن الله إصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ( ) ولأن ذريه الأنبياء بعضها من بعض فلقد أكد نبى الله يعقوب على هذه الحقيقة قبل موته لأبنائه فقال :-
" إذ قال يعقوب لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون " ( ) وحين شعر سيدنا إبراهيم عليه السلام بحلاوة الخضوع لله رب العالمين تمنى أن تكون ذريته مسلمه لله الى يوم القيامة فقال ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمه مسلمة لك ( ) )
وتمنى أنبياء الله بأن يكونوا مسلمين فلقد قال يوسف عليه السلام :-     ( توفنى مسلماً وألحقني بالصالحين ) ( )
وأوصى موسى عليه السلام قومه بأن يمتثلوا الأمر الله وأن يكونوا مسلمين فقال تعالى فى ذلك :-
( وقال يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ( ) )
كما أن نبى الله نوحاً حين عائده قومه أخبرهم بأنه لا يريد أجراً على دعوته لهم بل أوضح لهم أن الله أرسله لهم لهدايتهم وأمرهم أن يكون من المسلمين فقال تعالى عن ذلك :-
( فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين ( ) )
وحين أسلمت ملكة سبأ ( بلقيس) قالت كما حكى القرآن الكريم :-       ( وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ( ) )
إذن جميع الأنبياء ومن تبعهم مسلمون ولكن تختلف الشرائع باختلاف الأزمنة ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى الجميع بأن يكونوا مسلمين لله منفذين أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل " إدخلو فى السلم كافة ( ) " والسلم هنا تعنى الإسلام ويؤكد ذلك أبو عمرو مستشهداً بقول أمرى القيس
فلست مبدلاً بالله رباً        ولا مستبدلاً بالسلم دينا ( )




                  ( الإسلام بين القرآن والكتب السابقة )

لقد شغل الإسلام بال الكثيرين شرقاٌ وغرباً وبشكل خاص رجال الدين والفكر من غير المسلمين فمنهم من نظر إلى الإسلام بروح طيبه وبصيرة عاقله وعقل راجح وقلب مستنير فرأوا الإسلام على الحقيقة " نور على نور " نور يخرج الناس من الظلمات إلى النور , نور يهدى إلى صراط مستقيم فتكلموا بلسان الحقيقة وأثنوا على الإسلام ورسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم,  فلقد قال أحد علماء الغرب وهو برنارد شو   ( كنت دائماً أنزل ديانة محمد منزله كبيرة من الإعزاز والإكبار لعظمته التى لا تنكر , وإننى أعتقد أن دين محمد هو الدين الوحيد الذى يناسب كل إنسان ويصلح لكل زمان ويتمشى مع كل بيئة فى هذا العالم فى كل مرحله من الحياة , وإنى أتنبأ بأن دين محمد سيلقى القبول فى أوربا غداً كما يلقاه فيها الآن )
ولكن كانت نظرة بعض المتعصبين والمفترين على الإسلام ضيقه مما أدى بهم إلى تصور مظلم قاتم حول الإسلام فقال برنارد شو ( إن الكهنة فى العصور الوسطى قد صوروا الإسلام بصور قاتمة وألوان مظلمة لجهلهم حيناً ولتعصبهم أحياناً فلقد نشأوا ودربوا عملياً على كراهية محمد الإنسان وعلى كراهية الإسلام فقد كانوا يعتقدون أن محمداً ضد عيسى )
وكان من جراء هذا التعصب أن يخرج علينا بين الحين والأخر من يوجه إلى الإسلام ورسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم اتهامات محاولاً النيل منهما ولكن هيهات لأن الله جل وعلا " يدافع عن الذين أمنوا " فما بالكم برسوله صلى الله عليه وسلم ؟إذ يكفيه قول الحق سبحانه  " والله يعصمك من الناس " فلم نجد ولم نسمع على مر التاريخ أن رجلاً دافعت عنه الدنيا أجيالاً متعاقبة كمحمد صلى الله عليه وسلم .





                                        نشــــــأه الإســــلام

إن أمة الإسلام لم تظهر فجأة ولم تأت إلى الوجود فى غفلة ولكن ترجع بداية هذه الأمة منذ بدء الخليقة لقول المعصوم ( صلى الله عليه وسلم ) " إنى عبد الله وخاتم النبيين وآدم لمجندل فى طينته ( ) )
ثم ما من بنى من لدن آدم الى عيسى عليهما السلام إلا وأخذ الله سبحانه وتعالى عليه العهد أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن ينصره وأن يحث قومه على الإيمان به وتصديق رسالته التى تهيمن وتصدق الكتب السابقة لقول الله عز وجل " وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمه ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا  وأنا معكم من الشاهدين ( )
ولقد نظم الشيخ صلاح القوصى معنى هذه الآية فى أبيات شعرية رائعة فقال :
اّمن ادم عند الخلق                            وإبراهيم اتبع محمد
أما يعقوب الأسباط                               وكل بنيه رجال محمد
واذكر إدريس المحبوب                     وموسى بشر باسم محمد
حتى عيسى  قبلا جاء                  وقال : أنا من حزب محمد
كل الرسل جميعا اخذوا                       إصر الله لنصر محمد
والرحمن تعالى قال                         إمام جميع الرسل محمد
سبقوا بعثا والأنوار                        إليهم يرسل قلب محمد
محراب الأرواح جميعا                     وشفيع الأكوان محمد
ديوان ألفية محمد صلى الله عليه وسلم الجزء الحادي عشر ص 34 , 35
ووضع الحق سبحانه وتعالى حجر أساس هذه الأمة واللبنة الأولى فى هذا الصرح الشامخ مع سيدنا إبراهيم عليه السلام ولقد ذكر الحق سبحانه وتعالى هذه الأمة فى الكتب السابقة ونعرض بإذن الله النصوص التى وردت بهذا الخصوص من القرآن الكريم والتوراة لنعلم أن صدق الله فيما بلغنا فى قرآنه الكريم .

                                   إبراهيم عليه السلام والتوراة

تحكى لنا التوراة عن أساس أمه الإسلام بأن إبراهيم عليه السلام تزوج من السيدة سارة ولكنها كانت عاقراً فلم تنجب فنصحته أن يتزوج بجاريتها هاجر المصرية فأنجبت له أبناً سماه إسماعيل وهو الجد الأكبر لخير الأنام " محمد " صلى الله عليه وسلم
" وأما ساراى ( ) امرأة ابرام ( ) لم تلد له " وقالت هو ذا الرب قد أمسكنى عن الولادة فقالت أدخل على جاريتى فدخل على هاجر فحبلت فولدت هاجر لابرام أبناً ودعا ابرام أبنه الذى ولدته هاجر إسماعيل ( )
ومن هذا النص تبين لنا أن سيدنا إسماعيل عليه السلام هو الابن الأول لسيدنا إبراهيم عليه السلام ولكن تذكر التوراة أن السيدة سارة حزنت حينما علمت بحمل السيدة هاجر بل وإشتد غيظها حينما رأت إبنها إسماعيل معها فى المنزل فألحقت السيدة سارة بالسيدة هاجر العذاب بل وتذكر التوراة أن سيدنا إبراهيم لم يفعل شيئاً تجاه هذا التعذيب بل وترك للسيدة سارة حرية التعامل مع السيدة هاجر وفى هذا تقول التوراة " فقالت ساراى لا برام ظلمى عليك , وأنا دفعت جاريتى الى حضنك , فلما رأت أنها حبلت , صغرت فى عينيها , يقضى الرب بينى وبينك فقال ابرام لساراى هو ذا جاريتك فى يدك افعلى بها ما يحسن فى عينيك فأذلتها ساراى فهربت من وجهها ( )  " .
وكان نتيجة هذا الإذلال أن هربت السيدة هاجر تاركة البلاد وهامت على وجهها هى وإبنها فى الصحراء إلى أن إستقر بهما المقام فى أرض " فاران ( ) وفى هذا تقول التوراة فى هذه الأثناء قابلها الملاك فى الطريق وطمأنها وبشرها بأن إبنها إسماعيل سيكون له شأن عظيم فلا تحزن لما ألم بها فقال الملاك ( مالك يا هاجر لا تخافى لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو , قومى احملى الغلام , وشدى يدكى لأنى سأجعله أمه عظيمة , وفتح عينيها على إبنها فأبصرت بئر ماء فذهبت وملأت القربة ماء , وسقت الغلام , وكان الله مع الغلام فكبر وسكن فى البرية , وكان ينمو رامى قوس وسكن فى بريه فاران ( )  من هذا النص يتضح أن سيدنا إسماعيل :-
1- أنه إبن سيدنا إبراهيم فهو عبرانى  الأصل
2- استقر المقام بسيدنا إسماعيل فى بريه فاران وكما ذكرنا أنها مكة أو الحجاز حالياً والذى جاء من نسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  وقبل أن نستعرض ما جاء بعد ذلك نعرض أولاً ما قاله القرآن الكريم فيما سبق .


                            " إبراهيم عليه السلام والقرآن الكريم "

لقد ذكر القرآن الكريم أن السيدة سارة كانت عاقراً " عجوز عقيم (  ) " وعرضت أيضاً على سيدنا إبراهيم أن يتزوج بالسيدة هاجر ولكن نحن المسلمين نعلم أن الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامة يتصفون بالرحمة لأنهم رسل الله ورحمة الله للعالمين فلا ينبغى أن يترك نبى الله إبراهيم زوجته السيدة سارة تعذب زوجته هاجر وأم إبنه إسماعيل كما أننا نعلم أن السيدة سارة زوجة نبى وأم نبى وجدة أنبياء فهل يليق بهذه السيدة العظيمة بعد أن تقدم الإحسان والعطف على زوجها وتنصحه بأن يتزوج لعل الله يرزقه بولد صالح يتحمل معه أمانه الدعوة , تتمرد عليه وتعذب  زوجته وإبنه ؟
ونحن المسلمين نؤمن بأن سيدنا إسماعيل وأمه السيدة هاجر حقاً استقربهم المقام فى أرض الحجاز ولكن ليس هرباً من العذاب كما يزعمون ولكن لحكمة أرادها الحق سبحانه وتعالى فيقول ابن عباس : ( فخرج إبراهيم عليه  السلام بهاجر وإبنهما إسماعيل وهى ترضعه وسار بهما حتى وضعهما عند البيت عند دوحة زمزم فى أعلى المسجد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم رجع إبراهيم عليه السلام فتبعته أم إسماعيل فقالت يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادى الذى ليس به أنيس ولا شىء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها حتى قالت له : أألله أمرك بهذا ؟ قال نعم قالت : إذن لا يضيعنا الله ثم رجعت فانطلق إبراهيـــم حتى إذا كان عند الثنية : أى أعلى مكة حيث لا تراه استقبل البيت وقال ( ربنا إنى أسكنت من ذريتى بوادى غيرى ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون (  ) وجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من هذا الماء حتى نفذ ماء السقاء وعطشت وعطش إبنها وجعلت تنظر إليه وهو يتلوى فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل فى الأرض يليها فقامت عليه ثم إستقبلت الوادى تنظر هل ترى من أحد فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادى ثم سعيت سعى الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادى وأتت المروة فقامت عليها فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات .
فلما أشرفت على المروة فى آخر مره سمعت صوتاً فنظرت الى أعلى فإذا هى بالملك (جبريل) عليه السلام فسألها ليختبرها ويختبر إيمانها قائلاً من أنت ؟ وما جاء بك هنا ؟ فكانت إجابة هذه السيدة المؤمنة تدل على رضاً بالله وبقدرة ومع ما هى فيه فلم تسخط أو تندب حظها بل قالت : أنا هاجر زوجة نبى الله إبراهيم وأم إبنه إسماعيل , فسألها ولمن وكلكم ؟ فقالت بكل ثقة : لله .فقال أعلمى أن الله لا يضيع أهله فضرب الأرض بجناحه فنبع ماء زمزم فملأت السقاء وآخذت تحوط الماء حتى تحفظه من الزوال ولو لمدة فقال لها جبريل عليه السلام أن الجزاء من جنس العمل فكما قلت لإبراهيم بأن الله لا يضيعنا فلا تخافى الضياع بل وبشرها بأن هذا الغلام سيكون له شأن عظيم فقال لها إن ها هنا لله بيتاً ينبه هذا الغلام وأبوه وفى هذا يقول الحق سبحانه ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ( ) )
ومما سبق يتضح لنا أن سيدنا إسماعيل استقر عند بيت الله الحرام بمكة حيث تربى وتزوج وأنجب وجاء من نسله خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم ( )
                                       الابتلاء من القرآن والتوراة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أشد الناس ابتلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل, ويبتلى المرء على قدر دينه فإن كان فى دينه صلابة زيد فى بلائه (  ) 
ومن الأنبياء الذى تعرضوا لابتلاءات عظيمة سيدنا إبراهيم عليه السلام وإبنه سيدنا إسماعيل عليه السلام حيث رأى نبى الله إبراهيم عليه السلام رؤيا أنه يذبح ولده فقام على الفور ملبياً أمر الله جل وعلا فقال القران الكريم ( فبشرناه بغلام حليم " فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فأنظر ماذا ترى قال يا  أبتى أفعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين " فلما أسلما وتله للجبين " وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم (  )
من هذه الآية الكريمة يتضح الآتى :-
1- إمتثال سيدنا إبراهيم لأمر الله فى هذا الحدث الجلل
2- إن هذا الإبن الذى تعرض للذبح هو سيدنا إسماعيل عليه السلام وليس إسحاق كما يزعمون وذلك لوصف الله جل وعلا له بأنه ( غلام حليم ) وتذكر التوراة ان اسماعيل عليه السلام كان عمره ثلاث عشر سنة حين ولد سيدنا اسحاق حتىذلك الحين كان  اسماعيل عليه السلام هو الابن الوحيد لسيدنا ابراهيم عليه السلام.
3- إن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده فرحم الشيخ الكبير والغلام الصغير  وأنزل من السماء فداء له ومما يؤكد ذلك أن الذبيح الأول هو " سيدنا إسماعيل
                                             ( ما جاء فى التوراة )
فلقد ذكرت التوراة فى سفر التكوين تعرض سيدنا إبراهيم لهذا الابتلاء ونجح سيدنا إبراهيم وإبنه إسماعيل فى الأمتثال لأمر الله ومكافأة الحق لهما ( وقال بذاتى أقسمت يقول الرب إنى من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك إبنك وحيدك أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيراً كنجوم السماء وكالرمل الذى على الشاطىء ويرث نسلك باب أعدائه ويبارك فى نسلك جميع أمم الأرض من أجل أنك سمعت لقولى ( )
من هذا النص الذى ذكر فى التوراة يتضح لنا :-
1- أن الذى تعرض للذبح هو سيدنا إسماعيل وليس سيدنا إسحاق لأن سيدنا إسحاق لم يكن ولد بعد بدليل قولهم ( ولم تمسك إبنك وحيدك)
2- يدل النص أيضاً على أن الذى تعرض للذبح هو سيدنا إسماعيل لقولهم ( ويرث نسلك باب أعدائه ) وقد حدث هذا بالفعل فقد ورث المسلمون أرض فارس والروم ومعظم بقاع الأرض .
وبما أن الحق سبحانه وتعالى رحيم بعبادة فلقد كافأ الجميع وبخاصة من امتثل لأمره جل وعلا , ونرى ذلك واضحاً فى الآتى
1- بالنسبة لسيدنا إبراهيم فلقد جعله الحق سبحانه وتعالى إماما وأباً لأنبياء وخليلاً للرحمن .
فقال جل وعلا ( وإذا إبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماماً ( ) )
وقال جل علا : ( واتخذ الله إبراهيم خليلا ( ) )
2- أما السيدة سارة : فكما أنها عطفت على زوجها الشيخ الكبير فى السن ونصحته بأن يتزوج بالجارية حتى ينجب ولداً كافأها الله بنفس هذا الصنيع ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان )  
فقال فى القرآن جل وعلا ( وامرأته قائمة فضحكت فبشرنها بإسحاق (  ) ) , ورغم أنها تعلم تماماً أنها عاقر وقالت للملائكة كما حكى القرأن الكـريم ( أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخاً ) وقال القرآن الكريم فى موضع آخر عجوز عقيم " إلا إنها إرادة الله التى لا يمنع تنفيذها شىء مهما كان " إذا قضى أمراً  فإنما يقول له كن فيكون "
وفى التوراة " عهدى أقيمه مع إسحاق الذى تلده لك سارة فى هذا الوقت فى السنة الآتيه وفى القرآن الكريم ( وبشرناه بإسحاق ) منذ ذلك الحين أصبح لنبى الله إبراهيم إبنان الأول هو سيدنا إسماعيل والثانى هو سيدنا إسحاق فهما عليهما السلام أخوه وبالتالى ما جاء من نسلها أيضاً أخوه وهذا الأخوة تفسر لنا ما قاله الرب لسيدنا موسى فى التوراة مبشراً فيها بسيدنا محمد كما سنحكى فيما بعد بإذن الله ( أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك (  ) ) 
3- وسيدنا إسماعيل كافأه الله سبحانه وتعالى مكافأة عظيمة ففى التوراة حين أنزل الله سبحانه وتعالى فداء لسيدنا إسماعيل دعا سيدنا إبراهيم ربه أن يحفظ ابنه إسماعيل ( فقال إبراهيم لله : ليت إسماعيل يعيش أمامك , فقال الله وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه , ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً إثنى عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة (  ) )
وقد تحقق وعد الله فأنجب سيدنا إسماعيل إثنى عشر ولداً فلقد ذكرت التوراة ( وهذه مواليد إسماعيل بن إبراهيم الذى ولدته هاجر المصرية لإبراهيم وهذه أسماء بنى إسماعيل حسب مواليدهم .
نبايوت وهو بكر إسماعيل , قيدار , أدبئيل ، مبسام , مشمشاع , دومه , ميسا , حدد , فيما , بطور , نافيش , قدمة . أثناء عشر رئيساً حسب قبائلهم ( ) )

                                   التوراة والبشارة بالإسلام

يزعم أهل الكتاب أن الله جل وعلا لم يخبرهم بمجىء الأمة الخاتمة أمه محمد صلى الله عليه وسلم ( يريدون ليطفئوا نور الله ) ولكن شاءت إرادة الله وعنايته عز وجل أن يحفظ نصوصاً واضحة ليدحض بها مزاعمهم الباطلة ( ليتم نوره ولوكره الكافرون ) . ومن هذه النصوص :
" النص الأول "
( انظروا وأرسلوا إلى قيدار , وانتبهوا جداً , انظروا هل صار مثل هذا , هل بدلت أمه آلهة وهى ليست ألهه أما شعبى فقد بدل مجده بما لا ينفع (  ) )
ولكن لماذا اختصت النبؤة ( قيدار ) من أبناء إسماعيل عليه السلام .
يوضح ذلك ما ذكره صفى الرحمن المباركفوى بعد ما ذكر الإثنى عشر ولدا لسيدنا إسماعيل عليه السلام قال : ( وتشعبت من هؤلاء اثنا عشر قبيلة , سكنت كلها فى مكة مدة من الزمان , وكانت جل معيشتهم إذ ذاك التجارة من بلاد اليمن إلى بلاد الشام ومصر ثم انتشرت هذه القبائل فى إرجاء الجزيرة بل والى خارجها ثم أدرجت أحوالهم فى غياهب الزمان إلا أولاد نبايوت وقيدار .
وأما قيدار بن إسماعيل فلم يزل أبناءه بمكة يتناسلون هناك حتى كان منه عدنان وولده معد ومنه حفظت العرب العدنانية أنسابها وعدنان هو الجد الحادي والعشرون فى سلسلة النسب النبوي .
وقد تفرقت بطون معد من ولده نزار والذي تشعبت منه أربعة قبائل : إياد وانمار وربيعة ومضر ومن مضر تشعبت قبيلتين  عظميتين قيس عيلان بن مضر  وبطون الياس بن مضر ومن الياس بن مضر كنانه بن خزيمه  ومن كنانه قريش وهو فهر بن مالك بن النضر ومن قريش قبائل شتى :أهمها قصى بن كلاب ومنه عبد مناف بن قصى ومن عبد مناف عبد المطلب ومن عبد المطلب عبد الله ومن عبد الله ولد خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم (الرحيق المختوم ص262728)
ففى هذا النص نرى إشارات واضحة تشير وتبشر بأمه محمد صلى الله عليه وسلم لأسباب كثيرة :-
1- فالنص يذكر أن الرب جل وعلا يأمر أهل الكتاب بأن ينظروا إلى    ( قيدار ) وقيدار هذا كما ذكرنا أنه ابن سيدنا إسماعيل فهوا شارة للأمة التى ستأتى من نسلها أمة محمد صلى الله عليه وسلم
2- يذكر النص أن الأمة التى ستأتى من نسل قيدار لا تعبد إلا الله ولا تشرك به شيئاً ولا تتخذ من دونه آلهة كما فعل اليهود والنصارى ( فقالت اليهود عزير ابن الله  وقالت النصارى ( المسيح ابن الله ) بل وغالوا فى أمرهم حتى قالوا ( إن الله هو المسيح بن مريم ) مما جعل الحق سبحانه وتعالى يأمرهم فى هذا النص ( انظروا وأرسلوا الى قيدار وإنتبهوا جداً ) ثم نبه الحق سبحانه وتعالى أن مجىء هذه الأمة لتعلى كلمة لا إله إلا الله بعكس الأمم السابقة التى بدلت نعمة الله كفراً وقال فى هذا النص ( أما شعبى فقد بدل مجده بما لا ينفع )
* النص الثانى :-
لقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يزيد الأمر وضوحاً فبين أمراً لا يكون إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يشهده العالم إلا مع هذه الأمة وهو الركن الخامس من الإسلام وهو الحج لبيت الله الحرام والذهاب إليه بالإضاحى ومن المعلوم أن هذه الشعائر التى تتم فى مكة فى أيام الحج هى من سمات أمة محمد صلى الله عليه وسلم وليست لأمه أخرى وفى هذا يقول الرب فى سفر أشعياء ( كل غنم قيدار تجتمع إليك وكباش نبايوت تخدمك , تصعد مقبولة على مذبحى ( ) نفى هذا النص بين الحق جل وعلا ما يحدث فى مناسك الحج من إحضار الهدى وذبحها عند منى وكما حكى القرآن الكريم
( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله  لكم فيها خير ( ) )
( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ( ) )
فهاتان الآيتان تدلان على أن الله جلا وعلا جعل الأنعام يتقرب بها المسلمون فى مناسك الحج وأن الله سبحانه وتعالى لا ينال منها شيئاً ولكن يظهر بها المسلمون إمتثالهم لأمر الله ويبينوا تقواهم لله الذى رزقهم هذه الأنعام وقال عنها جلا وعلا : ( لكم فيها منافع الى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ( ) )
ويؤكد هذا النص نصاً آخر ذكره سيدنا عيسى عليه السلام فى الإنجيل موضحاً أن للأمه الخاتمة يوماً مشهوداً تحتفل به كل عام كما أنها ترفع وتعلن أن لا إله إلا الله وأن شعار هذه الأمة سيكون السجود ولله رب العالمين فيقول : ( سيأتى بعدى مسيا ( ) , المرسل من الله لكل العالم , الذى لأجله خلق الله العالم , حينئذ يسجد لله فى كل العالم وتنال الرحمة حتى أن سنه اليوبيل التى تجىء الآن كل مائة سنه سيجعلها المسيا كل سنه ( ) ففى هذا النص يذكر المسيح عليه السلام صفات الأمة التى ستأتى بعده وصفات نبيها محمد صلى الله عليه وسلم كالآتى :-
1- فهو يقول ( مسيا يأتى بعدى ) وهذا أكده القرآن الكريم بقول الحق جل وعلا ( وإذ قال عيسى بن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم ومصدقا لما بين يدى من التوراة  ومبشراً برسول يأتى من بعدى أسمه أحمد )
2- بين المسيح عليه السلام أن بمجىء هذا الرسول من بعده يرحم الله العالم لأن من أجله خلق الله العالم وفى القرآن الكريم ما يؤكد ذلك بقول الحق جل وعلا : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
3- يبين السيد المسيح عليه السلام أن لهذه الأمة يوماً مشهوداً يحتفلون به ويقدسون ربهم فيه وهو يوم الحج الأعظم

    النص الثالث :
 وهناك نص أخر من سفر أشعياء ويؤكد ما سبق فيقول : ( تفرح البرية والأرض اليابسة ,حينئذ تتفتح عيون العمى , وأذان الصم تتفتح , وتكون هناك سكه وطريق يقال لها ( الطريق المقدسة ) لا يعبر فيها نجس , بل هي لهم من سلك فى الطريق حتى الجهال لا يضل , لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها ) 35
هذه النبؤه تشير إلى بلد الله الحرام ( مكة المكرمة ) لأسباب :
تقول النبؤة (تفرح البرية والأرض اليابسة ) ولقد أشار الكتاب المقدس ان السيدة هاجر عليها السلام استقرت هى وابنها سيدنا إسماعيل عليه السلام فى برية فاران فيقول ( وكان الله مع الغلام فكبر وسكن فى البرية ,وكان ينمو رامى قوس ,وسكن فى برية فاران ) تكوين 21/21
 ( والأرض اليابسة )  هى بالطبع تشير إلى ( مكة المكرمة ) أيضا لأنه حين وضع سيدنا ابراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنها سيدنا اسماعيل عند البيت الحرام وفى عودته أتجه إلى ربه قائلاً كما حكى القران الكريم " ربنا أنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم "     ابراهيم
تشير الفقرة الثانية فى هذه النبؤه ( حينئذ تتفتح عيون العمى .. وأذان الصم تتفتح ) أن نبى الله أشعياء تنبأ بالإسلام الذى به فتح الله عيون الناس وبصرهم بالحقائق وأخرجهم من الظلمات إلى النور لأنها" لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور" فجاء القران الكريم ففتح الله به عيوناً عمياً وقلوب غلقاً وأذاناً صما فتحولت الأمة الأميه والتى كانت تتميز بالغلظة والشدة والقسوة إلى خير امه أخرجت للناس ونشرت الإسلام والعلم شرقاً وغرباً .
 وتشير الفقرة الثالثة (وتكون هناك سكه وطريق يقال لها(الطريق المقدسة ) لا يعبر فيها نجس بل هى لهم من سلك فى الطريق حتى الجهال لا يضل ) إلى بلد الله الحرام مكة ايضا لأن الحق جل وعلا حرم مكة المكرمة وجعلها أرض مقدسة وأمر الحق سبحانه وتعالى ان لا يطوف بالبيت الحرام نجس وفى هذا يقول جل وعلا " إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا "     التوبة 2  كما أوضح الحق جل وعلا أن من أتبع رضوان الله يهديه ويصلح أحواله فيقول سبحانه وتعالى " من أتبع هداى فلا يضل ولا يشقى "  طه 123
 وتشير الفقرة الرابعة فى نبؤه نبى الله اشعياء (لا يكون هناك أسد وحش مفترس لا يصعد إليها ) إلى مكة التى شهدت ميلاد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم والتى جعلها الله سبحانه وتعالى حرما أمنا وهى أمان لكل من دخلها لقول الحق جل وعلا " إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين ,فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان أمنا "  ال عمران 96/97 
النص الرابع :
 وهناك نبؤه اخرى أكثر وضوحا تشير إلى  الإسلام وإلى الموطن الذى نشأ فيه الإسلام وهى بلد الله الحرام ( مكة المكرمة ) فبذكر الكتاب المقدس فى سفر أشعياء ( ترنمى أيتها العاقر التى لم تلد أشيدي بالترنم أيتها التى لم تتمخض لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار ويرث نسلك أمما ويعمر مدنا خربه ) أشعياء 24 ( 1,3 )
يزعم أهل الكتاب أن هذه النبؤه تشير إلى أورشليم ولكن هذا غير صحيح لأكثر من سبب كالأتي : -
إن أورشليم لم تكن عاقرا فلقد شهدت ميلاد العديد من الأنبياء بل وشهدت قتلهم حتى رثاها السيد المسيح عليه السلام فقال ( يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين ) متى 23 ولكن مكة لم تشهد ميلاد أى نبى منذ أنشأها الحق جل وعلا حتى ميلاد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ولذا فكانت عاقرا على مر الزمان
يزعم اهل الكتاب أن مكة شهدت نبى الله  إسماعيل عليه السلام قبل المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم , هذا صحيح ولكن يبدو أن أهل الكتاب تناسوا أنهم ذكروا فى الكتاب المقدس أن سيدنا إسماعيل عليه السلام ولد فى الشام وانه إنما نشأ وتربى فى مكة المكرمه اذن لم يولد نبى فى مكة قبل ولا بعد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم
ولقد صدقت النبؤه التى تقول (  لأنك تمتدين إلى اليمين وإلى اليسار ويرث نسلك أمما ويعمر مدنا خربه ) وحدث هذا بالفعل لأن الاسلام امتد الى اليمين والى اليسار حتى وصل الى حدود الصين شرقا والى المغرب العربى غربا كما ان الاسلام وصل الى ما هو ابعد من ذلك كما أن الدين الاسلامى ورث أرض الأمم الأخرى وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " وهو الذى أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها " ألأحزاب 27 كما ان الاسلام بمبادئه السامية وأهدافه النبيلة احيا الامم السابقة فقد كانوا امواتا وكانت مدنهم خربه من الناحية الاخلاقية فكانوا يتعاملون بالربا ويعتدى القوى منهم على الضعيف ولكن حين جاء الاسلام ارشد الناس الى الصواب وعلمهم ان جميعهم أولاد ادم وان ادم خلق من تراب فقال صلى الله عليه وسلم ( كلكم لأدم وادم من تراب ) فالناس امام الله سواسية كأسنان المشط وان الافضل منهم هو من كان  تقيا عابدا لله رب العالمين وقال جل وعلا " ان أكرمكم عند الله اتقاكم "
- وعلم الاسلام العالم ان المال مال الله وانه جل وعلا أوصى الأغنياء بالفقراء وأمرهم بالإحسان و الإنفاق ووعدهم سبحانه وتعالى أن يضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها وأكثر . قال جل وعلا " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "  ونهاهم الإسلام عن التعامل بالربا فيقول جل وعلا " أحل الله البيع وحرم الربا"   " يمحق الله الربا ويربى الصدقات "
-  كما علمهم الإسلام حق الجوار وأن يراعى كل إنسان جاره فيقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه ) وقال صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من لا يأمن جاره بوائقه ) قيل : وما بوائقه ؟ قال : شروره ) ومن ثم عاش المسلمون الاوائل فى امان وعلموا العالم كيف يعيش فى امان وأصلحوا ما افسدته الأهواء من أخلاق .
_ كما استطاع المسلمون الاوائل ان ينشروا العلم والمعارف شرقا وغربا مع انتشارهم فى مشارق الارض ومغاربها وفى هذا يقول احد علماء الغرب ( ول ديورانت ) عن سيدنا محمد وعن أمته:  واستطاع محمد فى جيل واحد ان ينتصر فى مائة معركة , وفى قرن واحد ان ينشئ مجتمعا عظيما . وان يبقى ( الاسلام ) الى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم ):-
النص الخامس :-
نعلم أن الحق سبحانه وتعالى أخبر الناس بأنه على كل شىء قدير وأنه سبحانه وتعالى يجازى بالإحسان إحساناً ولكن إذا تعلق الأمر به جل وعلا أى إن جحد الناس فضله سبحانه وتعالى وأنكروا وجوده جل وعلا وزعموا أن له ولداً أو شبيهاً يستحقوا حينئذ لعنه الله وغضبه ثم ينزع الله منهم نوره وحكمته ويعطيها لقوم يستحقونها وهذا ما أيده الإنجيل حين قال السيد المسيح عليه السلام .
لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمه تعمل أثماره ( ) فقلد ذكر السيد المسيح عليه السلام هذا القول لبنى إسرائيل مبيناً لهم أنه بسبب فسادهم وقتلهم الأنبياء بغير حق نزع الله منهم النبوة والحكمة ووهبها لأمة محمد التى تجل الأنبياء وتقدر الله حق قدره فلقد شبه السيد المسيح بنى إسرائيل فى فسادهم بمثل الكرامين ففى هذا المثل يذكر السيد المسيح أن رجلاً زرع بستاناً وتركه مع أجراء أو عمال له وبعد فترة أرسل عبداً من عنده ليجمع المحصول فقتله العمال القائمون على رعاية البستان فأرسل عبداً آخر فلم يكن أحسن حظاً من سابقة فعذبوه وقتلوه فقال صاحب البستان من الأجدر أن أرسل إبنى ليأتى بالمحصول ولكن عذبه العمال أيضاً وقتلوه فماذا يفعل صاحب البستان إذن ؟
هل يبقى على هؤلاء العمال الجاحدين ؟ بالطبع لا فيستحقون إذن أن يحرموا من هذا النعيم وأن يؤخذ منهم البستان ويعطى لعمال آخرين رحماء يقدرون الناس حق قدرهم وهذا ما أراده المسيح من هذا المثل فكان بنو إسرائيل يقتلون أنبياء الله الذين أرسلهم لهدايتهم ومن هؤلاء الأنبياء الذين تعرضوا للقتل وبطريقة نكراء على أيدى بنى إسرائيل هو نبى الله يحيى فلقد ذكر الإنجيل أن غانية من بنى إسرائيل طلبت رأس سيدنا يحيى مهراً لها وذلك لأنه كان يحرم الخبائث ويأمر بالمعروف ورغم أن الملك كان يعلم أن يحيى عليه السلام نبى إلا أنه أمر بقتله واحضار رأسه لهذه المرآة الفاسقة ولقد حكى القرآن الكريم ( لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) 
* النص الرابع
يذكر السيد المسيح علية السلام بنى إسرائيل بما فعلوه قد يما والذى أدى إلى ذهاب النبوة منهم فلقد ذكروا أنهم غير راضين عن سيدنا إسماعيل عليه السلام زاعمين أنه ابن جارية فلا يستحق ما يستحقه الأحرار من ميراث ومعامله فذكروا فى التوراة ( أطرد هذه الجارية و إبنها لأن إبن هذه الجارية لا يرث مع إبنى إسحاق ( ) ففى هذا النص يزعم بنى إسرائيل أن السيدة سارة عليها السلام أمرت سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يطرد السيدة هاجر عليها السلام وإبنها سيدنا إسماعيل عليه السلام ونسوا أن الله خلق الناس متساوين فهذا الغلام الذى رفضوه قديماً ( سيدنا إسماعيل عليه السلام ) أكرم الله به الدنيا كلها حين جاء من نسله خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم , وفى هذا تذكر التوراة ( وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك( ) ففى هذا النص وعد من الله جل وعلا لنبى الله إبراهيم أن يجعل إبنه إسماعيل ومن ذريته أمه لها قدر عند الله جل وعلا وفى هذا يذكر السيد المسيح عليه السلام مؤكدا هذه الحقيقة فيقول ( الحجر الذى رفضه البناء ون هو قد صار رأس الزاوية ( ) ففى هذا النص أراد المسيح عليه السلام أن يبين لبنى إسرائيل أن من نسل سيدنا إسماعيل سيأتى رسول عظيم يكمل به بناء النبوات والرسالات ويصدق ذلك قول المعصوم محمد صلى الله عليه وســلم . ( مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيناً فجمله وأحسنه إلا موضع لبنه فجعل الناس يدخلونه ويعجبون به ويقولون لولا اللبنة فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ( ) ففى هذا الحديث يبين النبى صلى الله عليه وسلم أن الله جل وعلا أكمل به صلى الله عليه وسلم البناء ليصدق ما قاله السيد المسيح عليه السلام من أن الحجر الذى رفضه بنوا إسرائيل قديماً حقاً أصبح رأس الزاوية وبه أكتمل البناء 
* النص الخامس
إذا كانت الأدلة السابقة تشير الى الإسلام تلميحاً فهناك نص من التوراة يوضح البشارة بالإسلام توضيحًا لا يدع مجالاًً للشك ففيه يذكر الحق جل وعلا النبوات الثلاث متتابعة كما أرسلها الى البشرية فيقول ( جاء الرب من سيناء , وأشرق من ساعير وتلألأ من جبال فاران ( ) )
ففى هذا النص نرى أن الحق جل وعلا أوضح كيفيه مجىء هذه الرسالات والدور الذى قامت به كل رسالة والمكان الذى ظهرت فيه ونوضح ذلك كالأتى :-
1- ( جاء الرب من سيناء ) هذه إشارة واضحه على نبوة سيدنا موسى عليه السلام لأن الجميع يعلمون أن الله جل وعلا أوحى لسيدنا موسى بالرسالة فى سيناء ففى القرآن الكريم ( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور ناراً فقال لأهله إمكثو إنى آنست ناراً لعلى آتيكم منها بجذوه من النار لعلكم تصطلون فلما جاءها نودى من شاطىء الوادى الأيمن فى البقعة المباركة من الشجر أن يا موسى إنه أنا الله رب العالمين )
وفى التوراة يذكرون أن بعد هروب سيدنا موسى عليه السلام من مصر استقر فى مدين وأنجب هناك ولدان وفى عودته الى مصر ظهر له ملاك الرب فى برية سيناء .
( ولما كملت له أربعون سنه ظهر له ملاك الرب من بريه جبل سيناء فى لهيب نار عليفه ( )  فلما رأى موسى ذلك تعجب من المنظر وفيما هو متقدم ليتطلع صار إليه صوت الرب : أنا إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب " فارتعد موسى ولم يجسر أن يتطلع فقال له الرب اخلع نعل رجليك لأن الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة (  )   
  
وفى النص الأول ( جاء الرب من سيناء ) يشير الحق جل وعلا بأن نبوة موسى عليه السلام كانت بمثابة بزوغ فجر جديد للبشرية دعاهم فيها الحق سبحانه وتعالى أن يؤمنوا بنبيه موسى عليه السلام ومن يأتى بعده من الأنبياء مصدقا له وأنزل الحق جل وعلا على سيدنا موسى عليه السلام التوراة فقال عنها الحق جل وعلا ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ) ولكن اختلف بنو إسرائيل على أنبيائهم ومنهم من قام بقتلهم فأرسل الحق سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام ليصدق ما جاء به الأنبياء من قبله وبالتوراة وفى هذا يقول الحق جل وعلا فى القرآن الكريم ( إذ قال عيسى إبن مريم يا بنى إسرائيل أنى رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدى من التوراة ( ) )
وفى الإنجيل يذكر سيدنا عيسي لبني أسرائيل أنه ما جاء إلا ليواصل مسيرة الأنبياء من قبله فقال ( لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو ألأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل ( )) فكانت شريعته مكملة لشريعة سيدنا موسي علية السلام وكانت بمثابة إشراقة جديدة وإحياء لما مات من مبادئ وقيم لدي بني إسرائيل فشبة الحق جل وعلا رسالة عيسي عليه السلام بطلوع النهار وإشراق الشمس بعد رسالة موسي عليه السلام التي كانت بمثابة بزوغ الفجر هذا النهار فقال ( وأشرق من ساعير ) وساعير هي سلاسل جبال شرق الأردن في المنطقة القريبة من بيت لحم الفلسطينية حيث ولد المسيح عليه السلام وحيث أوحي الله عز وجل إليه
وشاءت إرادة الله جل وعلا أن يزداد النهار وضوحا وأن تسطع شمس الهداية علي البشرية كلها كما أن الشمس تشمل الجميع فأرسل نبي الهدي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم لا للعرب فحسب ولا لبني إسرائيل خاصة بل للدنيا بأسرها فقال ( وتلألأ من جبال فاران ) وكما ذكرنا من قبل أن جبال فاران هي المكان الذي استقر فيه نبي الله إسماعيل علية السلام مع أمه هاجر فهذه إشارة لنبي الله محمد صلي الله علية وسلم
ونلاحظ أن الحق جل وعلا ذكر هذه النبوات الثلاثة في نص واحد حتي لا يظن أتباع كل نبي أن النص يخص أمة دون أخري بمعني لو أن الحق جل وعلا ذكر نبوة واحد من الثلاث لظن كل أتباع نبي أنها لهم ولقد أكد الحق جل وعلا في قرأنه الكريم علي هذه النبوات الثلاث وعلي النص المذكور من التوراة فقال جل وعلا ( والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين( ) ) ففي الآيات البينات بين الحق سبحانه وتعالي الديانات الثلاثة بالإشارة إلى أماكن ظهورها ( فـ ( التين والزيتون ) هما نباتان معروفان ببلاد الشام وبخاصة فلسطين مسقط رأس المسيح عليه السلام فكأنها إشارة لرسالته أما ( وطور سنين ) فهو لا يخفى على أحد ولا يجهل أحد أن الله جل وعلا أوحى لسيدنا موسى بالرسالة عند جبل الطور بسيناء ( والبلد الأمين ) هى بلد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ومسقط رأسه والتى أوحى الله جل وعلا برسالة الإسلام و بقرآنه الكريم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بها













                                                                           الفصل الثانى

                             محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

عند الحديث عن المعصوم محمد (صلى الله عليه وسلم ) تأخذنى رهبه لأننى لا أتحدث عن شخص عادى بل سأتحدث عن رجل صنعه الهل على عينه وأدبه فأحسن تأديبه ورباه فأحسن تربيته وجعله خير خلقه ورحم به العالمين .
فإذا ذكرت الرحماء وجدته (صلى الله عليه وسلم ) أرحم الناس وإذا ذكرت العظماء ووجدته  أعظم الناس وإذا ذكرت الكرام وجدته  أكرم الناس وفى هذا يقول أحمد شوقى :-
إذا سخوت بلغت بالجود المدى
وإذا رحمـــــت فأنت أم أو أب
وإذا عفوت فقـــــــادراً ومقدراً
وإذا قضـــــــــــيت فلا ارتياب          وفعلت ما لا تفعـل الأنـــــــــــــــواء
هذان فى الدنــــــــــــيا هما الرحمـاء
لا يســــــــــــــــتهين بعفوك الجهلاء
كأنما جاء الخصوم من السماء قضاء
- فكان (صلى الله عليه وسلم) عظيما فى تواضعه رحيماً فى عظمته لم يضعف يوم أن كان وحيداً بمكة ولم يتكبر حين من الله عليه بالفتح المبين .
- وكما أوردنا فى الفصل الأول نصوصاً من الكتب السابقة وبينا كيف ذكر الحق جل وعلا  أمة الإسلام قديماً فبإذن الله نورد فى هذا الفصل النصوص التى وردت فى الكتب السابقة بشان المعصوم محمد (صلى الله عليه وسلم) فلقد بين الحق سبحانه وتعالى صفات النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) بياناً واضحاً لدرجة أن من شاهده من أهل الكتاب عرفوه وشهدوا له بالنبوة ومنهم من أمن به ومنهم من صد  عنه حسداً من عند أنفسهم .
ويقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم) :- إن الله أصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل وأصطفى من ولد إسماعيل كنانة وأصطفى من كنانة قريش وأصطفى من قريش بنى هاشم وأصطفانى من بنى هاشم فأنا خيار من خيار من خيار (  ) )
هذا الحديث الشريف يبين لنا أن سيدنا رسول الله (ص) يرجع نسبه إلى نبى الله إسماعيل ( عليه السلام ) إبن نبى الله إبراهيم ( عليه السلام ) . ولقد أوضحنا هذا فى الفصل الأول . وذكرنا النصوص التى وردت بشأن سيدنا إسماعيل ( عليه السلام ووعد الحق ( سبحانه وتعالى ) لنبيه إبراهيم بأن سيجعل من ذرية إسماعيل أمة مسـلمه وعلى رأسها نبى الله ( محمد (ص) ) ( وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه , ها أنا أباركة وأثمره وأكثره كثيراُ جداً أثنى عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة (  ) ) وذكرنا بأن الله وعد نبيه إبراهيم بأن نسل سيدنا إسماعيل يرث أرض أعداءة ( ويرث نسلك باب أعدائه ويبارك فى نسلك جميع أمم الأرض ( ) )
ولقد حدث هذا بالفعل إذ بين الحق جل وعلا ذلك فى قرآنه الكريم مخاطباً سيدنا محمد (ص) وأصحابه بقوله ( سبحانه وتعالى ) : ( وهو الذى أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئؤها ( ) وقال جل شأنه أيضاً
( لقد كتبنا فى الذبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون ( ) )
ونوضح بعض النصوص من الكتب السابقة بشأن المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم والشاهدة على نبوته كالآتى :-
- الشاهد الأول :-
( يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا , وحرزاً للأميين , أنت عبدى ورسولى , سميتك المتوكل , ليس بفظ ولا صحاب فى الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة إنما يدفع السيئة بالحسنة ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء أن يقولو لا إله إلا الله ( ) ) .
هذا النص من التوراة يدل دلاله واضحة على أن النبى والرسول المشار إليه هو سيدنا محمد (ص) لأمور كثيرة :-
1- فعبارة ( يا أيها النبى ) من النداءات التى اختص الحق ( سبحانه وتعالى ) بها نبيه محمد (ص) لأنه جل وعلا حين خاطب أنبيائه خاطبهم بأسمائهم مجرده فقال ( جل وعلا ) لأدم عليه السلام :-
( ( يا أدم إسكن أنت وزوجك الجنة ( ) )
وحين خاطب جل وعلا نوحاً عليه السلام قال جل شأنه :-
( يا نوح أهبط بسلام منا وبركات عليك ( ) )
وحين خاطب ( سبحانه وتعالى ) موسى عليه السلام قال سبحانه وتعالى 
( يا موسى خذ ما أتيتك وكن من الشاكرين ( ) )
وحين خاطب ( سبحانه وتعالى ) نبى الله يحيى قال سبحانه وتعالى ):-
( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ( ) )
وحين خاطب سبحانه وتعالى نبى الله عيسى عليه السلام قال جل شأنه :
( يا عيسى بن مريم إذكر نعمتى عليك وعلى والدتك ) وقال أيضاً
( يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس إتخذونى وأمى ألهين من دون الله )
ولكن حين خاطب سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) قال جل وعلا :-
( يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا" وقال أيضاً ( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )
وكلمة (شاهداً ) تدل على أن النبى المبشر به فى هذا النص لا بد أن يكون أخر الأنبياء وأن يكون معه كتاب فيه خبر السابقين حتى يتمكن من الشهادة لهم وفى هذا يقول الحق جل وعلا " فكيف إذا جئنا من كل أمه بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ( )" ويقول " " سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " " إذا كان يوم القيامة كنت إمام الأنبياء وخطيبهم وصاحب  شفاعتهم ولا فخراً ( )
وعبارة ( حرزاً للأمين ) تدل دلالة قطعية على أن النبى المشار إليه فى هذا النص إنما هو سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم . لأن كلمه حرز تعنى   " الموضع الحصين " وأحرزت الشىء أى " حفظته وضممته إلى وصنته عن الأخذ ( ) )
وكلمة (الأميين) هى جمع كلمة أمى وهو الذى لا يقرأ و لا يكتب وفى الحديث ( بعثت لأمة أمية) وهم العرب الأميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أوعديمة وفى هذا يقول سبحانه وتعالى " بعث فى الأمين رسولاً منهم " وقيل عن سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم النبى الأمى لأنه لا يقرأ أو لا يكتب وكانت هذه الصفة أحدى آياته المعجزة لأنه – صلى الله عليه وسلم . رغم أميته تلا عليهم كتاب الله بالنظم الذى أنزل إليه فلم يغير ولم يبدل ألفاظه ( )  وكانت قريش تعجب من ذلك لأنها تعلم أن محمداً – صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب وفى هذا يقول الحق جلا وعلا " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطة بيمينك إذا لا ارتاب المبطلون"( ) إذن فهذه العبارة " جرزاً للأميين " أوضحت أن النبى الخاتم . صلى الله عليه وسلم – هو نبى أمى وسيبعث فى أمة أمية , وهناك دليل آخر من التوراة يؤكد هذا المعنى " هم أغارونى بغير الله وأغضبونى بمعبوداتهم الباطلة وأنا أغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل أغضبهم "
ففى هذا النص يعنى الحق سبحانه وتعالى أن بنى إسرائيل جعلوا الله أنداداً فاستحقوا غضب الله " فباءوا بغضب من الله " فكان الجزاء من جنس العمل فلقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يبعث أمة غيرهم تقدر الله حق قدرة وأخبرهم الحق جلا وعلا عن هذه الأمة الخاتمة بأنها أمة أميه وبشعب جاهل أغضبهم ومن المعلوم أن الأمة العربية قبل الإسلام كانت يطلق عليها فى هذه الحقبة " الجاهلية " ففى  قوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون " وقوله تعالى " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى "
 ولقد تحولت هذه الأمة بفضل الله جل وعلا وبفضل القران الكريم إلى " خير أمة أخرجت للناس "
ونشرت الدين والعلم والمعارف شرقا وغربا وفى هذا يقول العلامة الإنجليزى ( جونسون ) : ( إننا نرى إخواننا المسلمين مولعين بالوقوف على عاداتنا ويسعون فى تقليدنا ولكنا نحن الذين يجب علينا ان نأخذ عنهم ونعلم منهم,  فهم أصحاب التعاليم الحكيمة وهم المقدمون  علينا فى الهداية , وهم اصحاب علم الالهيات وعلم التشريع فى العالم الممتدين بأسرة , وان لهم الصنيع الجميل على تقدم المدنية الغربية ومن واجب على اهل المملكه الانجليزية أن يحترموا آثارهم ويسعوا فى دفع الاباطيل المنتشرة بين عامتنا عن دينهم وعاداتهم من القرن الرابع عشر وان يراعوا احترام شريعتهم وكتبهم المقدسة ولو أننا تبصرنا من قبل فى أحوالهم وشرائعهم بإخلاص لما وجد بيننا محل للنزاع فى فضائلهم وأدائهم وسمو تشريعهم .
وعبارة " ليس فظ ولا صخاب فى الأسواق " هى أيضا من صفات سيدنا محمد صلى الله وسلم  " فبم رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك "
وعبارة (لا يدفع السيئة بالسيئة وإنما يدفع السيئة بالحسنة ) هى كذلك من صفات المعصوم – محمد لأنه – صلى الله عليه وسلم – لم ينتقم لنفسه قط وإنما كان يعفو وبصفح أمتثالا لأمر ربه " فأعف عنهم وإستغفر لهم"  وكان – صلى الله عليه وسلم – رمزا للرحمة حتى أثنى عليه الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "  ويؤيد هذا الوصف ما ذكره الحق سبحانه وتعالى عن وصف سيدنا محمد هو وأصحابه رضوان الله عليهم " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم فى جوههم من أثر السجود  ذلك مثلهم فى التوراة
وعبارة " لن يقبضه الله حتى يقيم به الملك العوجاء أن يقولوا لا إله إلا الله " وقد حدث هذا الفعل فلقد بعث رسوله الله والعالم يعيش فى ظلمات بعضها فوق بعض فمنهم من يشرب الخمر ومنهم من يدفن بناته أحياء ومنهم من يعكف على حجر لا يضر ولا ينفع فعلمهم وأرشدهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور ولم يقبضه الله حتى قال الجميع " لا إله إلا الله .. محمد رسول الله " والدليل على ذلك أنه خرج من مكة مهاجراً هو وعدد قليل  من أصحابه ثم عاد إليها فاتحا فى عدد لا بأس به وبعد الفتح بعامين جاء فى حجة الوداع ومعه أكثر من مائه ألف ليؤدوا مناسك الحج
الشاهد الثانى :-
لقد ذكرنا نصوصاً من التوراة بينت صفات المعصوم محمد (ص) وكيف كان رحيماً وربى أمة رحيمة وجعل الله هذا الوصف فى التوراة ليبين لبنى إسرائيل الذين قست قلوبهم وعصوا ربهم حتى قتلوا أنبياءه أن الأمة الخاتمة أمة تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وهى أمة رحيمة , وليس معنى ذلك أنها تعيش فى رهبانية وخضوع ولكنها أمة تعمل وتعمر الأرض , فكما أنهم ( ركعاً سجداً ) فهم أيضاً ( يبتغون فضلاً من ربهم ورضوانا ) ولذلك وصفهم الحق . جلا وعلا . فى الإنجيل بأنهم : بأنهم يشبهون الزرع الذى ينمو وظهر هذا حين : قدم لهم المسيح عليه السلام مثلاً أخر قائلاً : يشبه ملكوت السماوات حبه خردل أخذها إنسان وزرعها فى حقله , وهى أصغر جميع البذور , ولكن متى تمت فهى أكبر البقول , وتصير شجرة , حتى إن طيور السماء تأتى وتأوى فى أغصانها ( )
فهذا النص من الإنجيل ينبئ عن الأمة الخاتمة أمة محمد (ص) وصفاتها من الإنجيل وصفات أصحابه كما يلى :-
أ- كما أن أمتنا الإسلامية بدأت بفرد واحد وهو المعصوم (ص) فكذلك هذا المثل بين كيف أن الشجرة الكبيرة بدأت من حبة صغيره .
ب- يذكر هذا النص أن طيور السماء تأتى لترتاح فى ظل وثمار هذه الشجرة وهذا ما حدث ويحدث بالنسبة لأمتنا الإسلامية فمنذ نشأتها إلى الآن والى قيام الساعة يأوى إليها كل من تعرض لظلم وجور الأديان الأخرى ويدخلون فى دين الله أفوجاً .
ج- يبين هذا النص أن الأمة الخاتمة هى أمة تعمل وتعبد الله جلا وعلا ويؤكد ذلك ما جاء فى القرآن الكريم :-
( ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأذره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار (  ) )
ويقول الإمام الطبرى فى تفسير هذه الآية : " إنما مثلهم بالزرع لأنهم إبتدءوا فى الدخول فى الإسلام وهم عدد قليل ثم جعلوا يتزايدون ويدخل الجماعة بعد الجماعة حتى كثروا وقووا "
الشاهد الثالث :-
تذكرة التوراة فى أحد أسفارها – وهو سفر ( أشيعاء النبى وهو من أنبياء بنى إسرائيل – أن نبياً يأتى آخر الزمان وتصفه كالتالى :-
( هو ذا فتاى الذى إخترته حبيبى الذى سرت به نفسى , أضع روحى عليه فيخبر الأمم بالحق . لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته , قصبه مرضوضة لا يقصف , وفتيله مدخنه لا يطفىء , حتى يخرج الحق الى النصره . وعلى أسمه يكون رجاء الأمم ( ) )
نلحظ من هذه النبؤة أنها شديدة الشبه بالنبوات السابقة التى ذكرناها والتى أوضحت وصف المعصوم محمد (ص) وكيف جعله الحق سبحانه تعالى رحمة للعالمين , وأنه يحوز ( قصب السبق ) أى أنه (ص) متميز عن غيره من الأنبياء , لأن كل نبى بعثه الله سبحانه وتعالى الى قوم معينين والى زمان محدود أما المعصوم (ص) فأرسله الله للناس كافة – عربى وأعجمى – أرسله على طول الزمان والى قيام الســاعة والى ما بعدها ( وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) وهنا المعنـــــى ما قصده بنى الله ( أشـعياء ) فى نبوءته عن سيدنا محمد (ص) ( قصبه مرضوضة لا يقصف ) .
وهذه النبوءة تؤكد رحمة رسول الله (ص) ( فيما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك ) وعبارة ( وعلى أسمه يكون رجاء الأمم ) يؤكدها نص آخر من الإنجيل نذكره أولاً ( إن الرب أطلع موسى على الأنبياء فآراه الله من ثم رسوله على ذراعى إسماعيل وإسماعيل على ذراعى إبراهيم , ووقف على مقربه من إسماعيل إسحاق , وكان على ذراعيه طفلاً هو المسيح عيسى بن مريم يشير بأصبعه الى رسول الله قائلاً : هذا هو الذى لأجله خلق الله كل شىء . فصرخ موسى من ثم بفرح : يا إسماعيل إن على ذراعيك العالم كله , والجنة . إذكرنى أنا عبد الله وجد نعمه فى نظر الله بسبب إبنك الذى لأجله صنع الله كل شىء ( ) )
فى هذا النص يتضح لنا أن النبى المشار إليه هو سيدنا محمد (ص) لأسباب كثيرة :
أ- أن النبى محمد (ص) من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام
ب- أن الحق سبحانه وتعالى – أرسل سيدنا محمد (ص) للعالم كله .
جـ- الأنبياء يشهدون لرسول الله محمد (ص) بمكانته من الله وأنه بسببه خلق الله كل شىء ورحم به العالمين , وهذا يؤكد ما قاله المسيح عليه السلام – فى قوله على النبى الذى سيأتى بعده أنه : ( سيأتى بعدى مسيا – رسول – المرسل من الله لكل العالم الذى لأجله خلق الله العالم , يسجد لله فى كل العالم وتنال الرحمة ( ) )
فهذا النص يدل دلاله واضحة أن النبى المشار إليه هو محمد (ص) لأن أنبياء بنى إسرائيل كانوا مرسلين من الله لهداية بنى إسرائيل فقط لا لغيرهم من الأمم , وهذا ما أكده السيد المسيح عليه السلام فى أكثر من موقع فى الإنجيل :
أولاً: حين أرسل السيد المسيح تلاميذه ليدعوا الناس للإيمان بالله حدد لهم الأماكن التى يذهبون اليها قائلاً : ( الى طريق أمم لا تمضوا , الى مدينة للسامرين لا تدخلوا , بل إذهبوا بالحرى الى خراف بيت إسرائيل الضالة ( ) )
فى هذا النص نرى أن السيد المسيح عليه السلام حذر تلاميذه من الذهاب الى الأمم الأخرى وأن يركزوا دعوتهم فى بنى إسرائيل فقط .
ثانياً : حين جاءت امرأة كنعانية ( عربية ) ليست من بنى إسرائيل تطلب مساعدة نبى الله عيسى – عليه السلام – أن يشفى إبنتها فقال لها : ( ما جئت إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة ( ) ) .
الشاهد الرابع :
وهناك نبؤه أخرى فى الكتاب المقدس تشير إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فتقول النبؤه ( أحمد عبدى المختار ,لا فظ ولا غليظ ,  ولا صخاب فى الأسواق , ولا يجزى بالسيئة السيئة , يعفو ويغفر . مولده بكاء . وهجرته طابا , وملكه بالشام , وأمته الحمادون يحمدون الله على كل نجد ,ويسبحونه فى كل منزل , يوضئون أطرافهم , ويأتزرون على أنصافهم , وهم رعاة الشمس , ومؤذنهم فى جو السماء, وصفهم فى القتال وصفهم فى الصلاة  سواء , رهبان بالليل أسد بالنهار , ولهم دوى كدوى النحل , يصلون الصلاة حيث ما أدركتهم ) أشعياء : 42
من هذه النبؤه يتضح لنا أنها تشير إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم فجميع ما فيها من صفات تتفق وصفات المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم كالأتى :-
1- ( أحمد عبدى المختار لا فظ ولا غليظ ولا صخاب  فى الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة يعفو ويغفر) هذه الفقرة تشير إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإن كلمة ( أحمد ) لا تشير الا إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد ذكر السيد المسيح عليه السلام أن النبى الذى سيأتى بعده أسمه أحمد فيقول ( إنى ذاهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق لا يتكلم من قبل نفسه إنما هو كما يقال له ) يوحنا 16-1
ولقد وضح العلماء أن كلمة فارقليط تعنى :
أ‌)    أنه الحامد أو الحمد ويستشهدون بقول يوشع ( من عمل حسنة يكون له    فارقليط جيد ) أى حمد جيد
ب‌)    يعتقد النصارى أن كلمة فارقليط تعنى المخلص وقيل أنها كلمة سريانية تعنى فارق او فاروق وزادوا عليها كلمة ليط بمعنى فصيح المعنى
فاروق هو      :   انظر كتاب : أقانيم النصارى     , ابن القيم الجوزية  
مما سبق يتضح لنا أن الفارقليط بالمعنيين يشير إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فهو أحمد لقول الحق  جل وعلا " ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد " الصف 51
وهو محمد لقول الله جل وعلا " والذين أمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم "
وهو الفاروق لأن الحق سبحانه وتعالى انزل عليه القران الكريم ففرق الله به بين الحق والباطل فقال جل وعلا " تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان 1 
وباقى الاوصاف فى هذه الفقرة أوضحناها فى الشاهد الأول .
2- الفقرة الثانية (مولده بكاء وهجرته طابا وملكه بالشام )
تؤكد كل المصادر أن ( بكاء) أى ( مكة ) هى مسقط رأس سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد أطلق الحق سبحانه وتعالى عليها أكثر من اسم ومنها :-
1)    مكة : لقول الحق جل وعلا " وهو الذى كف ايديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم " الفتح 24
2)    بكة : لقول الحق جل وعلا "  إن اول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين " ال عمران 96
3)    البلد الأمين : لقول الحق سبحانه وتعالى " والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الامين " التين 1-2-3
4)    أم القرى : لقول الحق سبحانه وتعالى " لتنذر أم القرى ومن حولها "
ولقد ولد المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم فى هذا البلد الأمين حسبما ذكرت جميع المصادر ومنها ابن كثير فى البداية والنهاية ومنها ما ذكره محمود باشا الفلكى فى كتاب نتائج الأفهام فى تقويم العرب قبل الإسلام : ( ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بنى هاشم بمكة فى صبيحة يوم الاثنين من شهر ربيع الأول , لأول عام من حادثة الفيل )
ولقد لبث فيها المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم اربعون عاما قبل الدعوة وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " ولبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون "
وأنزل الحق سبحانه وتعالى عليه القران الكريم فى غار حراء فى ليلة مباركة وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " إنا انزلناه فى ليلة مباركة إنا كنا منذرين " الدخان 3
وشهدت مكة أول ايام الدعوة ولبث فيها ثلاث عشر عاما يدعو أهله فى مكة ومن حولها من القرى لعبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام ودعاهم الى حسن الجوار وصلة الارحام حتى امره الحق سبحانه وتعالى ان يهاجر الى المدينة المنورة وكانت مكة هى احب بلاد الله اليه فقال صلى الله عليه وسلم ( والله انك لأحب بلاد الله الى الله والى  ولولا ان اهلك اخرجونى منك ما خرجت )
والحق سبحانه وتعالى يعلم ان مكة هى احب بلاد الله الى حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فأراد ان يطمئنه بقوله جل وعلا " ان الذى فرض عليك القران لرادك إلى معاد " ولقد اوفى الحق سبحانه وتعالى بوعده لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفتح الله له مكة المكرمة فقال جل وعلا " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله أمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا " الفتح 27
وتؤكد العديد من المصادر ان مكة هى مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منها :-
1-     أن زيد بن عمرو وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد : من أين أقبلت ؟ قال : من بيت ابراهيم ( يقصد بيت الله الحرام بمكة ) قال وما تلتمس ؟ قال ألتمس الدين . قال أرجع فإنه يوشك أن يظهر الذى تطلب فى أرضك , فرجع وهو يقول ( لبيك حقا حقا , تعبدا ورقا ) إلا أن الموت ادركه قبل أن يدرك مكة وهو عائد إليها فدعا ربه قائلا ( اللهم إن لم يكن لي حظ فى إتباع دينك الجديد فلا تحرم ابني سعيد من الإيمان به ) واستجاب الله سبحانه وتعالى دعاء هذا الرجل الصالح بل وأصبح ابنه سعيد بن زيد من أفاضل الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة ( الطبراني ) ( البداية والنهاية ابن كثير )
2-     تروى السيدة عائشة فتقول ( سكن يهودي بمكة يبيع بها تجارات فلما كانت ليلة ولد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قال فى مجلس من مجالس قريش هل كان فيكم من مولود هذه الليلة ؟ قالوا : لا نعلمه قال : انظروا يا معشر قريش وأحصوا ما أقول لكم ولد هذه الليلة نبى هذه الأمة ( أحمد ) وبه شامة كتفية فيها شعرات فانصرف القوم من مجالسهم وهم يعجبون من حديثه فلما صاروا فى منازلهم ذكروه لأهاليهم فقيل لبعضهم ولد لعبد الله بن عبد المطلب الليلة غلام وسماه محمدا فاتوا اليهودي فى منزله فقالوا : علمت انه ولد فينا غلام فقال : أبعد خبري أم قبله ؟ فقالوا قبله واسمه احمد قال : فاذهبوا بنا إليه فخرجوا حتى أتوا أمه فأخرجته إليهم فرأى الشامة في ظهره فغشى على اليهودي ثم أفاق فقالوا مالك ؟ ويلك ! فقال : ذهبت النبؤة من بنى إسرائيل وخرج الكتاب من أيديهم فازت العرب بالنبؤة أفرحتم يا معشر قريش ؟! أما والله ليسطون بكم سطوة يخرج نبؤها من المشرق إلى المغرب )
ثانيا ( هجرته طابا ) وهذه النبؤة أيضا حقيقية لان المدينة التي هاجر إليها المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم كان اسمها يثرب الا انه صلى الله عليه وسلم بدل هذا الاسم إلى طيبة وطابه وفى هذا يقول بن خالويه : سماها النبي صلى الله عليه وسلم بعده أسماء وهى : طيبة وطبه وطابه والمطيببة والجابرة والمجبورة والحبيبة والمحببة.
قال الشاعر : فأصبح ميمونا بطيبة راضيا
وقال بن الأثير في الحديث أنه أمر أن تسمى المدينة : طيبة وطابه وهما من الطيب لان المدينة كان اسمها يثرب والتثريب هو الإفساد فنهى أن تسمى به وسماها طابه وطيبة وهما تأنيث طيب وطاب وقيل هو من الطيب الطاهر لخلوها من الشرك وبطهرها منه , ومنه جعلت لى الأرض طيبة وطهورا اى نظيفة غير خبيثة (1) لسان العرب 4/2734
3- ( وملكه بالشام ) تؤكد جميع المصادر أن النبؤة كانت في مكة ثلاث عشرة سنة وفى المدينة عشر سنوات ثم خلافة راشدة ثلاثون عاما ثم انتقل الحكم والخلافة إلى الشام على هيئة ملك على يد سيدنا معاوية بن أبى سفيان
ويقول الطبراني في الأوسط ( 5/ 189 ) (  أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال : ستكون خلافه نبوة ورحمة ثم يكون ملك ورحمة ثم  يكون ملك وجبرية ثم يكون ملك عضوض) وفى رواية أخرى :( تكون خلافة لنبوة ثلاثين سنة ثم يصير ملكا ) . حديث صحيح أخرجه الإمام احمد ( 5/ 220 ) ( 1)
وكانت هذه الفترة كما يلي :
1)    إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض يوم الاثنين لثنتى عشر ليله خلت من شهر ربيع الأول سنه عشر من الهجرة واستخلف أبو بكر الصديق يوم الثلاثاء ثاني وفاة النبي (ص)
2)    وتوفى أبو بكر الصديق ليلة الاثنين لسبع عشر ليله مضيت من جمادى الآخرة وكانت خلافته سنتين وثلاثة اشهر واثنين وعشرين يوما ثم استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت خلافته عشر سنين وستة اشهر وأربع ليال
3)    ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم قتل وكانت خلافته اثني عشر سنه الا اثني عشر يوما
4)    ثم استخلف على بن أبى طالب وقتل وكانت خلافته خمس سنين وثلاثة اشهر الا أربع عشر يوما - ثم دخلت سنه إحدى وأربعين هجريه وما كان فيها تسليم الحسن بن على الأمر إلى معاوية ودخول معاوية الكوفة – وبيعه أهل الكوفة معاوية بالخلافة  وحمى الله المسلمين من فتنه أخرى على يد الإمام الحسن بن على وصدق فيه قول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ( ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين( 2) وتسمى هذه السنة : بسنة الجماعة وكان معاوية رضي الله عنه يقول " أنا أول الملوك وأخر خليفة " ( 3) وهكذا نشأت دولة بنى أميه ودامت ثلاثة وثمانين سنه وأربعة اشهر ( 4)
4- ما سبق كان وصفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تكمل النبؤة .
أما أوصاف امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى نبوة أشعياء كالأتي
أ‌-    " وأمته الحمادون , يحمدون الله على كل خير ويسبحونه في كل منزل " ولما لا؟  وقد أمرهم الحق سبحانه وتعالى بقوله جل وعلا " قل الحمد لله وسلام على عبادة الذين اصطفى " النحل  وقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان , حبيبتان إلى الرحمن , ثقيلتان في الميزان ,  سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم ) ويقول صلى الله عليه وسلم : (  سبحان الله والحمد لله تملأن ما بين السماء والأرض ) ونحن المسلمين نحمد الله على كل حال وفى كل آن . قد علمنا الحق سبحانه وتعالى أن نقول ( الحمد لله )وهى صيغة الحمد والشكر التي أراد الحق سبحانه وتعالى أن نحمده بها وهى رحمة من الله بعباده فليس كل العباد يحسنون المدح أو الثناء ولذلك طلب الحق جل وعلا من عباده صيغة واحدة يحمدونه بها وهى      ( الحمد لله )
ب‌-    ( يوضئون أطرافهم ) : وهذه الصفة ليست إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول الحق جل وعلا " يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا فان لم تجدوا ماءاً فتيمموا صعيدا طيبا " والوضوء هو الذي يميز امة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم حين سأله احد الصحابة ( كيف تعرفنا يوم القيامة يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : أرأيتم لو أن لرجل خيلا دهم بهم ودخلت فيهم خيول غرا محجلين أيعرف صاحب هذه الخيول خيله قالوا نعم قال فكذلك أنتم يوم القيامة من آثار الوضوء )
ج- ( ويأتزرون على أنصافهم ) وأيضا هذه ميزة أخرى ليست إلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا لا يخفى على احد أن الحجاج في موسم الحج يأتزرون على أنصافهم وهم يؤدون مناسك الحج .
يقول الإمام أبو حنيفة فى الإحرام للحج : لبس إزار ورداء والإزار هو ما يستر به من سرته إلى ركبته والرداء هو ما يكون على الظهر والصدر والكتفين وان زر الإزار أو عقده أساء ولا دم عليه ويستحب أن يكون الإزار والرداء جديدين أو مغسولين طاهريين . كتاب الحج – كتاب الصفة على المذاهب الأربعة ص 568 عبد الرحمن الحريري
حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول مكة فى عمرة القضاء وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا : أن المشركين خرجوا إلى جبل فى شمال مكة وقد قالوا فيما بينهم انه يقدم عليكم وفد وهنتم حمى يثرب فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة  . أن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم . وإنما أمرهم بذلك ليرى المشركين قوتهم كما أمرهم أن يكشفوا المناكب اليمنى ويضعوا أطراف الرداء على اليسرى فلما رآهم المشركون قالوا هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد رهنتهم هؤلاء اجلد من كذا . البخاري 1/218/2  , مسلم 1/412

د- ( وهم رعاة الشمس ومؤذنهم في جو السماء ) والمقصود هنا أن مواعيد الصلاة يعرفونها بالشمس أثناء النهار وان النداء للصلاة يسرى في الفضاء مدويا معلنا ( الله اكبر . الله اكبر , لا اله الا الله )
عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ فقلنا يا رسول الله : كيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يتمون الصفوف الأولى ويتزاحمون فى الصف . رواه مسلم . رياض الصالحين 194/1082
وعن انس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) متفق عليه . رياض الصالحين 194/1087
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من أثار الوضوء فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه 
اى هريرة – 185 / 1029
وعنه انه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأنا إن شاء الله بكم لاحقون وودت أنا قد رأينا إخواننا قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ فقال : انتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال أرأيت لو أن رجلا
له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء , وأنا فرطهم على الحوض . رواه مسلم 186/1034 باب فضل الأذان 
عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة  . رواه مسلم 51/348  باب الرجاء . رياض الصالحين
عن أبى نجيح عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال : كنت وأنا فى الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة , وإنهم ليسوا على شئ وهم يعبدون الأوثان فسمعت برجل بمكة يخبر أخبار فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله مستخفيا جراء عليه قومه فانطلقت حتى دخلت عليه مكة فقلت له ما أنت ؟ قال ( أنا نبي قلت وما نبي ؟ قال : أرسلني الله . قلت وبأي شئ لرسلك ؟ قال : أرسلني لصلة الأرحام وكسر الأوثان وان يوحد الله لا شريك به شئ . قلت : من معك على هذا قال : حر وعبد ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما قلت :
أنى متبعك قال : ( انك لن تستطيع ذلك يومك هذا ) أولا ترى حالي وحال الناس ولكن ارجع إلى اهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فإتنى قال : فذهبت إلى أهلي وقدم رسول الله إلى المدينة وكنت فى أهلي فجعلت أتحر الأخبار وأسال الناس حين قدم المدينة فقالوا الناس إليه سراع وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت يا رسول الله أتعرفني قال نعم أنت الذي لقيتني بمكة قال : فقلت يا رسول الله اخبرني عما علمك الله ووجدته اخبرني عن الصلاة قال:  صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى ترتفع  الشمس قيد رمح فانه تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار .صلى فان الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فانه حينئذ تسجر جهنم فإذا اقبل الفئ فصلى فان الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار   رواه مسلم
هـ- ( وصفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء , رهبان بالليل ,أسد بالنهار,  ولهم دوى كدوى النحل , يصلون الصلاة حيث أدركتهم ) وهذه أوصاف امة محمد صلى الله عليه وسلم وفى هذا يقول الحق جل وعلا                                                                  " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا واحدا كأنهم بنيان مرصوص " الصف 2
ويقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) كما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه  " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم "  واخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأرض طهرها الحق جل وعلا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولذا أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل ) .
وقال عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب قال فى قصة داود ومما أوحى الله إليه فى الزبور : ( يا داود انه سيأتي من بعدك نبي يسمى احمد ومحمد صادقا سيدا لا اغضب عليه أبدا ولا يغضبني أبدا قد غفرت له قبل أن يعصينى ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء وذلك أنى  افترضت عليهم أن يتطهروا لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم , يا داود إني فضلت محمداً وأمته على الأمم كلها أعطيتهم ست خصال لم أعطها غيرهم من الأمم لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان , وكل ذنب ارتكبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته لهم وما قدموا لأخرتهم من شئ طيبه به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة أفضل من ذلك وأعطيتهم على المصائب إذا صبروا واسترجعوا الصلاة والرحمة والهدى فان دعوني استجبت لهم . يا داود من لقيني من امة محمد يشهد أن لا اله إلا الله أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها فهو معي فى جنتي وكرامتي ومن لقيني وقد كذب محمدا أو كذب بما جاء به واستهزاء بكتابي صببت عليه فى قبره العذاب صباً وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره فى قبره ثم ادخله فى الدرك الأسفل من النار 
الشاهد الخامس :-
تذكر التوراة أنه سيأتى وقت على العالم يعيشون فيه فى ظلام الجهل والبعد عن الإيمان بالله ولكن يدرك الله العالم برحمته فيرسل نبيه محمد (ص) حينئذ يسطع النور فى العالم وترى الدنيا كافة هذا النور وتقول التوراة ( هاهى الظلمة تغطى الأرض والظلام الدامس الأمم أما عليك فيشرق الرب فتسير الأمم فى نورك والملك فى ضياء إشراقك ( )) وهذه حقيقة لا ينكرها أحد  فإن الغرب والدنيا كانت تعيش فى ظلام دامس وقد كانوا يطلقون على هذه العصور" العصور المظلمة ( ) وبظهور الإسلام أشرقت نور الداهية وسرى نور العلم وساهم المسلمون فى بث هذا النور للدنيا بأسرها
وهذا ما أكده العلامة الفرنسى " دروى " وزير معارف فرنسا سابقاً " بينما أهل أوروبا تائهون فى بيداء الجهالة لا يرون النور الا من  سم الخياط إذ سطع نور قوى من جانب الأمة الإسلامية من علم , أدب , فلسفة , صناعات , أعمال يدوية وغير ذلك . حيث كانت مدينه بغداد , وسمقرند , والقيروان,  ومصر,  وتونس,  وغرناطه,  وقرطبة مراكز عظيمة لدائرة معارف ومنها أشرقت الأمم واغتنم منها أهل أوربا فى القرون الوسطى مكتشفات وصناعات وفنون عامة وأقاموا أساس ممالكهم على شرائع الإسلام
وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى  بسم الله " ألر كتاب أنزلنه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور " بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ( )  "
الشاهد السادس :
 " تذكر التوراة أن الله سبحانه وتعالى أخبر سيدنا موسى عليه السلام ( ) بأنه جل وعلا سيرسل رسولاً من العرب يختم به الرســالات فقال ( أقيم لهم نبيا من وسط أخوتهم مثلك , أحيل كلامى فى فمه فيتكلم بكل ما أوحيه به ) وفى الإنجيل يقولون ( فإن موسى قال للأباء  إن نبيا مثلى يقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم له تسعون فى كل ما يتكلم به ( ) )
ومن النص الاول والثانى يتبين لنا أن النبى المقصود هو سيدنا محمد صلى الله علية وسلم – للأسباب التالية
1 – عبارة ( من وسط أخوتهم ) لم يقل ( من أخوتكم ) تدل على أن هذا النبى لن يكون من بنى إسرائيل والا لكان اللفظ غير ذلك لقال الرب مثلا " من بينكم " أو " منكم " وكلمة أخوتهم تدل على العرب الذين هم من نسل سيدنا إسماعيل أخو سيدنا إسحاق عليه السلام . كماً وصفنا فى الفصل الأول
2- كلمة " مثلك " تدل على أن النبى المشار إليه سيكون مثل بنى الله موسى : أنه سيكون متزوجاً ولديه أولاد وجيوش ويحارب الأعداء وهذا ينطبق على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – كما أنه أوحى إليهما فى سن واحدة : حين بلغا أربعين سنه
3- عبارة " أحيل كلامى فى فيه ويتكلم بكل ما أوصيه به " تدل دلالة قطعيه على أنه النبى محمد صلى الله عليه وسلم – لأنه لا يتكلم من تلقاء نفسه وبلغ القرآن بالنظم الذى أوحاه الله إليه فقال سبحانه وتعالى " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى (  ) "
4- جاء فى الإنجيل ما يؤكد على أن النبى الخاتم – محمد (ص) لا يتكلم من نفسه فقال سيدنا عيسى عليه السلام . حين بشر بالنبى محمد " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق , لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع ينطق به ويخبركم بأمور آتيه ( )
فلقد أكد السيد المسيح – عليه السلام – ما ذكر فى التوراة بخصوص النبى محمد – ص – وأضاف بأن هذا النبى سيكون معه كتاب يخبر فيه الحق . جل وعلا – عن الأمور التى ستحدث فيما بعد ويؤيد ذلك قول الحق – سبحانه وتعالى " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ( )
الشاهد السابع :-
إن القرآن الكريم عرف الأنبياء قدرهم وصحح ما أفسده . أهل الكتاب بشأن الأنبياء . فقد ألصق أهل الكتاب بالأنبياء ما لا يليق بهم , فمن المعلوم أن الأنبياء هم أكمل البشر .
فعلى سبيل المثال : يزعم أهل الكتاب أن آدم – عليه السلام – هو سبب ما حدث فى العالم من خطيئة وفساد مما جعلهم يفكرون فى التضحية والفداء ويختلقون قصة صلب المسيح ليخلصوا العالم من خطيئة أبيهم آدم عليه السلام – والقرآن الكريم أكرم الأنبياء ووضعهم فى مكانتهم التى تليق بهم فقال جلا وعلا – عن آدم عليه السلام : ( وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين ( ) .
ولقد حمد السيد المسيح عليه السلام . الله سبحانه وتعالى . حين أرسل من بعده نبينا محمداً (ص) لييريء السيد المسيح علية السلام مما ألصقته به النصارى : فقد زعم النصارى أن المسيح هو الله وتارة يقولون هو أبن الله ويغالون فيزعمون أنه صلب وقتل ولذا فلقد قال المسيح علية السلام فى الإنجيل : ( وإنى وأن كنت بريئاً – لكن بعض الناس لما قالوا فى حقى أنه الله وإبن الله , كره الله هذا ( القول ) واقتضت مشيئته الا تضحك الشياطين يوم القيامة على , ولا يستهزءون بى , فأستحسن بمقتضى لطفه ورحمته أن يكون الضحك والاستهزاء فى الدنيا بسبب موت يهوذا ويظن كل شخص أنى صلبت . ولكن هذه الإهانة والإستهزاء تبقيان إلى أن يجيئ محمد رسول الله . فإذا جاء نبهه كل مؤمن على الغلط وترتفع هذه الشبهه من قلوب الناس ( ) ) فى هذا النص تتضح عدة أمور منها :
أ- أن عيسى علية السلام تبرأ ممن قالوا عنه أنه الله , وأبن الله والقرآن الكريم يصدق ذلك بقوله جلا وعلا :
( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس إتخذونى وإمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق أن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك أنك أنت علام الغيوب ما قلت له إلا ما أمرتنى به أن أعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم ( ) )
ب- أن الله سبحانه وتعالى أنزل فى القرآن الكريم تبيان كل شىء وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى أهل الكتاب كما أنه جلا وعلا حفظ مكانة أنبيائه – أحياءً كانوا أم أمواتاً
ج- لقد بشر هذا النص من الإنجيل بنبينا محمد (ص) وبأنه يصحح الأخطاء التى وقع فيها السابقون من أهل الكتاب وأن الله جلا وعلا : أنزل معه كتاباً فيه تفصيل كل شىء ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم ما كنتم تخفون من الكتاب ( ) )
ولما ذكر سيدنا عيسى علية السلام أن الله سبحانه وتعالى – سيبعث بعده رسولاً سأله أحد الحواريين عن صفاته وموعده , وهذا نذكره فى الشاهد التالى
الشاهد الثامن :-
( قال أندروس وهو أحد حوارى السيد المسيح : ( يا معلم اذكر لنا علامة لنعرفه )
أجاب يسوع : ( أنه لا يأتى فى زمنكم بل يأتى بعدكم بعده سنين . حينما يبطل أنجيلى , ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمناً فى ذلك الوقت يرحم الله العالم , فيرسل رسوله الذى تستقر على رأسه غمامة بيضاء , يعرفه أحد مختارى الله . هو سيظهره للعالم , وسيأتى بقوة , عظيمة على الفجار , ويبيد عباده الأصنام من العالم , وإنى أسر بذلك لأنه بواسطته سيعلن ويمجد الله ويظهر صدقى , وينتقم من الذين يقولون أنى أكبر من إنسان ( ) .
لا شك أن هذا النص يدل دلالة قطعية على أن الرسول المشار إليه فى هذا النص هو سيدنا محمد (ص) فهو الذى أباد عبادة الأصنام , والقرآن الكريم أوضح صدق نبى الله عيسى عليه السلام فى إنه إنسان وليس إله.
كما أن هذا النص بين أن أهل الكتاب سيتعرفون على رسول الله محمد (ص) من خلال علامات وضحها لهم السيد المسيح عليه السلام ومنهم الراهب ( بحيرى ) الذى تعرف على رسول الله محمد (ص) وهو فى الثانية عشر من عمره وأوصى عمه أبا طالب أن يعود به الى مكة وأن يخشى عليه من اليهود .
يقول الترمذي :- قال : لما خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وهو ابن ثنتى عشر سنه فلما نزل الركب بصرى من ارض الشام وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه فلما نزلوا على بحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون به ولا يكلمهم حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا , فصنع لهم طعاما ثم دعاهم وإنما حمله على دعائهم انه رآهم حين طلعوا وغمامة تظل رسول الله صلى الله عليه وسلم من دونهم حتى نزلوا تحت الشجرة ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة فاظلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها .
فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتى به وأرسل إليهم وقال أنى صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروه كلكم ولا تخلفوا احد منكم كبيرا ولا صغيرا حرا ولا عبدا فان هذا شئ تكرموني به , فقال رجل :  إن لك لشأنا يا بحيرا , ما كنت تصنع هذا فما شانك اليوم ؟ قال أنى أحب أن أكرمكم ولكم حق فاجتمع القوم إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحالهم تحت الشجرة .
فلما نظر بحيرا إلى القوم فلم  يرى للصفة التي يعرفها ويجدها عنده ,  وجعل ينظر فلا يرى الغمامة على احد من القوم ويراها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال بحيرا : يا معشر قريش لا يتخلفن منكم احد عن طعامي ؟ قالوا : ما تخلف احد الا غلام هو أحدث القوم سنا في رحالهم , فقال ادعوه ليحضر طعامي فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أنى أراه من أنفسكم , فقال القوم هو والله أوسطنا نسبا وهو ابن آخى هذا الرجل يعنون أبا طالب وهو من ولد عبد المطلب فقال الحارث بن عبد المطلب والله إن كان بنا للوم أن يتخلف بن عبد المطلب من بيننا ثم قام إليه فاحتضنه واقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه وجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده في صفته .
فلما تفرقوا عن الطعام قام إليه الراهب فقال : يا غلام أسالك بحق اللات والعزى الا ما أخبرتني عما أسالك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألني باللات والعزى فوالله ما ابغض شيئا بغضهما , فبالله الا أخبرتني عما أسالك عنه قال : سلني عما بدا لك فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده ثم جعل ينظر بين عينيه ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الصفة التي عنده فقبل موضع الخاتم .
قالت قريش : إن لمحمد عند هذا الراهب لقدرا وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه فقال الراهب لأبى طالب ما هذا الغلام منك ؟ قال هو ابني قال ما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فابن آخى قال فما فعل أبوه ؟ قال هلك و أمه حبلى فيه ,  قال فما فعلت أمه ؟ قال توفيت قريبا , قال صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلدة واحظر عليه اليهود فوالله لئن عرفوا منه ما اعرف ليبغنه عنتا فانه كائن لابن أخيك هذا شان عظيم نجدة في كتابنا واعلم أنى قد أديت إليك النصيحة فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا وكان رجال من يهود قد راؤوا رسول الله صلى الله عليه سلم وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرا فذكروا له أمره فنهاهم اشد النهى وقال لهم أتجدون صفته ؟ قالو نعم قالو فما لكم إليه سبيل فصدقوه وتركوه ورجع أبو طالب فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه                       رواه الترمذي  
وذكرت كتب السيرة أن ميسرة غلام السيدة خديجة . وهو فى رحله التجارة الى الشام مع سيدنا محمد (ص) كانت تظلله غمامة أينما حل أو أرتحل .
ولم يكن ( بحيرى ) وحده الذى تعرف على رسول الله محمد (ص) بل إن أهل الكتاب يعرفونه كما حكى القرآن الكــــريم بقوله جلا وعلا ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ( ) )
وتصديقا لهذه الأية الكريمة نذكر مثالين من أهل الكتاب ممن رأوا رسول الله وتعرفوا عليه , فمتهم من أمن به وأيده ومنهم من ناصبه العداء وحاربه .
المثال الأول
هو عبد الله بن سلام رضى الله عنه – فلقد روى البخارى فى صحيحه  ( كان عبد الله بن سلام ممن كانوا ينتظرون رسول الله بالمدينة وقت الهجرة , فلما وصل رسول الله الى المدينة جاءه عبد الله بن سلام , فسمع منه ثم رجع الى أهله , فلما خلا نبى الله (ص)  جاءه عبد الله بن سلام فقال : أشهد أنك نبى الله حقاً وأنك جئت بالحق , ولقد علمت اليهود أنى سيدهم وأعملهم . فأدعهم وأسالهم عنى قبل أن يعلموا أنى قد أسلمت , فإنهم إن يعلموا أنى أسلمت قالوا ما ليس فى ...... فأرسل نبى الله (ص) إليهم فدخلوا عليه فقال لهم نبى الله (ص) : يا معشر اليهود ويلكم إتقوا الله فو الله الذى لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنى رسول الله حقاً وأنى جئتكم بالحق فاسلموا . قالوا : ما نعلمه . فأعادها عليهم ثلاثاً وهم يجيبونه كذلك . قال فأى رجل فيكم عبد الله  ابن سلام ؟
قالوا ذاك سيدنا وإبن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا
قالوا أفريتم إن أسلم ؟
قالوا حاشا لله ما كان ليسلم .
فقال يا إبن سلام : أخرج عليهم , فخرج عليهم فقال يا معشر اليهود ويلكم إتقوا الله الذى لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقاً وأنه جاء بالحق .
قالوا : أنت شرنا وإبن شرنا
فقال ابن سلام : هذا الذى كنت أخاف يا رسول الله ( )
* المثال الثانى :-
من الشخصيات التى عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم أضمروا له العداء ( حيى بن أخطب ) فتحكى لنا السيدة صفيه بنت حيى فتقول :-
( لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة , ونزل قباء غدا ( أى ذهب إليه أبى ) ( حيى بن أخطب ) وعمى أبو ياسر إبن أخطب مغلسين ( داخلين فى ظلمة الليل ) فلم يرجعا حتى كان غروب الشمس فأتيا كالين ( يبدوعليهما الإعياء والتعب ) كسلانين متساقطين يمشيان الهونيى فهششت إليهما كما كنت أفعل فما التفت إلى أحد منهما مع ما بهما من الهم فسمعت عمى أبا ياسر يقول لأبى : أهو هو ؟ أى هو الذى بشرت به التوراة والكتب السابقة ؟ قال : نعم والله , قال عمى أتثبته ؟ قال نعم , قال عمى فما فى نفسك منه ؟ قال عداوته والله ما بقيت .
وهذا العداء من جهة حيى بن أخطب ما هو إلا حلقة فى سلسلة بدأها أجداده اليهود حين قالوا عن هاجر وإبنها إسماعيل عليهما السلام :-
( اطرد الجارية وإبنها ) فهم أول من زرعوا فكرة التفرقة العنصرية وتكبروا بغير حق والعجيب أن أحفادهم ورثوا هذا الشعور المنفر حتى قال بولس الرسول فى رسالته الى أهل غلاطيه تحت عنوان ( مثل هاجر وساره ) ( إذاً لسنا أولاد الجارية بل نحن أولاد الحره ( ) )
وصدق الله إذ يقول : ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ( )
وأنا أعجب اشد العجب لعداوة اليهود لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذي فرحت لمقدمه الدنيا بل والعالم بأسره وفى هذا يقول الشيخ صلاح الدين القوصى :
ولما مست ذات رسول الله                                     الأرض و ولد محمد
حجب الجن وهدم القصر                         وأطفأ نار الكفر محمد
لا بالروح ولكن جسدا                 فيه السر بنفس محمد
عطر كل الكون النفس            وشرف كل الكون محمد
حتى الحجر وحتى الشجر                     تهلل من إشراق محمد
ديوان ألفية محمد صلى الله عليه وسلم الجزء الحادي العشر ص 121
الشاهد التاسع
يذكر السيد المسيح عليه السلام نبؤه أخرى تبشر بمجئ سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم  فيقول : (  إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذك يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي ) يوحنا 14: 15
في هذه النبؤة يقول السيد المسيح عليه السلام أن بنى إسرائيل لن يستطيعوا تحمل الأمانة ولذلك لم يخبرهم السيد المسيح عليه السلام بكل شئ ومع هذا اخبرهم بأنه سيأتي بعده ( نبي )  من عند الله يخبرهم ويخبر الجميع بكل شئ وهذه حقيقة لان الحق جل وعلا يقول " وأنزلنا عليك القران فيه تبيان كل شئ " وقوله جلا وعلا " ما فرطنا في الكتاب من شئ "
كما اخبرهم السيد المسيح عليه السلام أن النبي الخاتم الذي يأتي بعده لا يتكلم من نفسه بل بما يوحى إليه وفى هذا يقول السيد المسيح عليه السلام في موضع أخر ( ابن البشر ذاهب والفارقليط من بعده يجئ لكم بالأسرار ويفسر لكم كل شئ هو يشهد لي كما شهدت له فاني أجيبكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل ) يوحنا 150 ترجمة اليوسعين
ويؤكد القران الكرم ذلك في أكثر من موضع :-
1-    " والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى "
2-    " ولو نقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ولقطعنا منه الوتين " الحاقة
3-    لقد شهد القران الكريم براءة السيد المسيح عليه السلام مما الصقه به اليهود والنصارى من قولهم انه اله أو ابن اله فلقد قال القران الكريم " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم " وقوله عز وجل " ما المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل " وقول الحق جل وعلا " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " 
كما أن السيد المسيح عليه السلام شهد لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ووضح صفاته ولم يكتمها عن قومه وذكرها في أكثر من موضع في الإنجيل ولقد ذكرنا منها أكثر من شاهد .
ولقد ذكر الحق سبحانه وتعالى في الزبور :
( انه يولد ولد من نسل سيدنا داود ) ولكن تختلط الأمور على الناس فيقول ( سيولد لك ولد ادعى له أبا ويدعى لي ابنا ثم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس انه بشر ) الزبور 98
في هذه الفقرة يبين الحق جل وعلا أمورا ستحدث في المستقبل كما أن هذه الفقرة تبشر برسولين عظيمين:
1-    (سيولد لك ولد ادعى له أبا ويدعى لي ابنا ) والمقصود به سيدنا عيسى عليه السلام وقد حدث هذا بالفعل فلقد زعم بنو إسرائيل أن المسيح ابن الله : قاتلهم الله :
2-    (ثم ابعث جاعل السنة كي يعلم الناس انه بشر ) وقد حدث هذا بالفعل إذ بعث الحق سبحانه وتعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم واخبر الناس بحقيقة سيدنا عيسى عليه السلام وهذا ما سنوضحه بإذن الله في الجزء الثانى من هذا الكتاب
ويؤكد ما سبق نبؤه ذكرها نبي الله أشعياء عن أوصاف سينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ( فلا يقضى بحسب نظر عينيه لا يحكم بحسب سمع أذنيه بل يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائس الأرض فيسكن الذئب مع الخروف ويكون في ذلك اليوم يصل الرسول القائم رأيه للشعوب إياه تطلب الأمم ) أشعياء 11/2001
ويجدر بنا أن نذكر هنا ما ذكره الدكتور شميس في احد الاجتماعات ببرلين فيقول : ( يعتقد بعض العلماء أن القران كلام محمد , وهذا هو الخطأ المحض ,فالقران هو كلام الله تعالى الموحى على لسان رسوله محمد ,  وليس في استطاعة محمد ذلك الرجل الأمي في تلك العصور الغابرة أن يأتينا بكلام تحار فيه عقول الحكماء , ويهدى به الناس من الظلمات إلى النور ربما تعجبوا من اعتراف رجل أوروبي بهذه الحقيقة , لا تعجبوا فاني درست القران فوجدت فيه تلك المعاني العالية والنظم المحكمة , تلك البلاغة التي لم أر مثلها قط فجملة واحدة منه تغنى عن مؤلفات , والقران دون شك اكبر معجزة أتى بها محمد من ربه )















الفصل الأول





سأتحدث في هذا الجزء عند حياة سيدنا عيسى عليه السلام بداية من جده عمران ومروراً بالسيدة مريم البتول ثم عن البشارات بمولده عليه السلام كما ساتناول المعجزات التي قام بها السيد المسيح عليه السلام إلى ان رفعه الله عز وجل إليه ثم نزوله إلى الأرض قبل يوم القيامة مستنداً إلى الآيات القرآنية الكريمة التي نزلت بهذا الخصوص ثم بالنصوص التي وردت بالأناجيل
 كما سأبين بإذن الله جل وعلا ان السيد المسيح عليه السلام لم يكن إلاه ولا إبن إلاه كما إنه لم يقتل ولم يصلب مؤكداً ذلك بأكثر من دليل .
 ولأن هذا الموضوع شديد الحساسية إذ إنه يمس عقيدة الأخوة المسيحيين فهم يعتقدون بربوبية وإلوهية السيد المسيح عليه السلام كما انهم يؤمنون بأنه قتل وصلب . فتردت كثيراً في كتابة هذا الموضوع رغم اني استند إلى حقائق قرآنية ونصوص من الأناجيل ومراجع آخرى  تتعلق بهذا الموضوع, وسرعان ما تبدد هذا التردد والحياء بمجرد ان وقع في يدي كتاب قام بإعداده أكثر من أربعين من علماء النصرانية في العالم لنتصير المسلمين أجمعين وحتى لا أكون مفتري عليهم رأيت ان اكتب ملخصاً لهذا الكتاب الخطير قبل الحديث عن سيدنا عيسى عليه السلام .
 إسم الكتاب "  التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي " في الغلاف الترجمة الكاملة لأعمال المؤتمر التنبشيري الذي عقد في مدينة جيلين أرى بولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1978م ونشرته دار marc للنشر بعنوان The Go sbalond eslam a1978 combandioM
 هدف الكتاب : يقول القائمون على هذا المؤتمر بالحرف الواحد "  إن تنصير المسلمين خدمة يستلهمها المنصر من الروح القدس ومن ثم اتفقوا على إقامة جهاز مركزي للتدريب على تنصير المسلمين ويكون في أمريكا الشمالية بناءاً على رغبة نصارى أمريكا الشمالية ومسئولياتهم نحو العالم الإسلامي و مناقشات المؤتمر أكدت ان الرب شاء علينا بتخليص وتنصير الألوف المؤلفة من المسلمين وان نجعلهم يؤمنون بأن المسيح هو رب الجميع " جـ 5
وكتب(أرسر ف كلاسر) ما يقرب من ثلاثة وثلاثين صفحة تقريراً عن هذا المؤتمر نلخصها في الآتي :
المقدمة وتحدث فيها عن مسئوليات نصارى امريكا الشمالية نحو العالم الإسلامي وقيامهم بإعداد هذا المؤتمر , وقد  سبق هذا المؤتمر مؤتمرات أخرى لتنصير المسلمين وهى :
 (أ)قام صموئئيل زويمر عام 1906 بتنظيم مؤتمر في القاهرة وصف بأنه يمثل بداية عهد جديد لإرساليات التنصير بين المسلمين وضم 60 ممثلاً لثلاثين كنيسة وإرسالية للتنصير .
(ب) هيأ المؤتمر السابق لعقد مؤتمر أدنبرة للإرساليات العالمية 1910 (ج) ثم عقد مؤتمر لكناو في الهند 1911
(د) وفى لوزان قام علماء النصارى بعقد مؤتمر للمشاورات بخصوص تنصير المسلمين 1974
(هـ)ثم مؤتمر باسرينا للمشاورات 1977. ويعتبر مؤتمر (دبلوناشك)أكتر تعمقاً لكيفية الوصول إلى المسلمين 1978
ما كانت هذه المؤتمرات إلا تحضيرا لهذا المؤتمر الخطير الذي لاقى رواجا وصيتا لم يلقه مؤتمرا غيره
وقد قامت اللجنة بتوزيع أربعين بحثا أساسيا على الأشخاص البارزين في مجال التنصير وبلغ عدد المشاركين 150شخصا وكانوا نوعية خاصة ومتميزة من مختلف الدوائر والهيئات ورجال الدين من اجل توحيد جهودهم وإمكانيتهم والاستفادة من بعضهم بعضا فى عملية تنصير المسلمين ص 4
وعقب السيد ارثر ف كلاسر فى المقدمة بقوله : قمنا بتوزيعه ونودعه ايادى اخواننا النصارى فى كافة انحاء العالم لدراسته ولنذكرهم بان الرب سوف يساعد رعيته عندما يبدا اهتمامها بالمهمة التى لم تكتمل حتى الان الا وهى تنصير العالم الاسلامى  ص 47
وعقب السيد ارثر ف كلاسر متحدثا عن الخطوات التى اتخذت قبل هذا المؤتمر والاعداد له كالاتى :-
1-    الإعداد للمؤتمر واختمار الفكرة
2-    العنصر الاساسى الندم والتوبة
3-    عملية الاصغاء المتبادل
4-    عملية التخطيط للاستفادة من كافة الموارد المتوفرة
5-    الحقيقة التى لا مهرب منها : الطاغية وصراع القوى ولقد اتجه بعضهم الى تشويه وتقليل قيمة المنزلة الخلقية والدينية لمحمد والقران ص 63
6-    البرنامج الذى لم يكتمل بعد واعداد نظرة مستقبلية ومن المؤكد انه ستوجد حاجة فى الايام المقبلة الى كادر متزايد من النصارى المهتمين كى يعملوا على اتمام تنصير العالم الاسلامى ص 66
وسيتم ذلك من خلال :-
أ‌)    حقوق الانسان : نحن نقر برغبتنا فى تاسيس مكتب عالمى نصرانى اسلامى لحقوق الانسان تكون مهمته فى استقبال الشكاوى والتمعن فيها
ب‌)    مركز الموارد والابحاث : ادراكا منا للحاجة الى تطوير اتصال تنصير المسلمين نقترح  تشكيل مركز رئيسى للموارد والابحاث فى الولايات المتحدة ثم مراكز اقليمية لتهيئة المناهج والكتب المناسبة لدورات اساسية عن الارسالية التنصيرية الى المسلمين   ص 67
ج) التنصير : يجب تدريب النصارى وبشكل خاص القساوسة على ادراك الاسلام ومحاولة توصيل الكتاب المقدس للمسلمين من خلال ربط العبارات المتشابهة فى الكتاب المقدس بالموضوعات القرانية مثل الرب , الجنة , التسامح , العقاب , الثواب ....... الخ ص 68
د ) وسائل الاتصال : لابد من تطوير الطرق والمواد الملائمة وضرورة وجود كتب توجيهية للتدريس لغير المسلمين من النساء والاطفال ص 68
هـ) غرس الكنيسة : كيفية التعامل مع المنصرون الجدد على الكنائس التى يهمها ان تكسب المسلمين الى المسيح هى الكنائس التى يجب ان تهتم بهم وتتابع ما يحدث لهم بعد تنصيرهم ص 69
و ) البحوث الاهوتية : وهى عبارة عن مجموعات درامية عن المصطلحات اللاهوتية الاسلامية النصرانيةمثل : الخلق – الانبياء – الاضاحى – كلمةالرب ........ الخ
ز ) المسلمون فى امريكا الشمالية : بعد تزايد عدد المسلمين هناك فقررو لابد ان يكون هناك هدف استراتيجى لتنصير المسلمين هناك
وفى الخاتمة قال السيد ارثر ف كلاسر
1-    نامل فى مغفرة الرب لنا تقصيرنا فيما مضى
2-    نامل فى عفو اصدقائنا واخواننا المسلمين وان لا يتخذوا موقفا ضدنا بسبب تصورنا بل يمنحونا صداقتهم
3-    نامل فى روح القدس ان يخلص الناس ص 71
وقال السيد وستانلى موينهام فى تصور الكتاب :
1-    لابد ان يجد الانجيل طريقه الى الملايين من المسلمين
2-    يجب ان تخرج الكنائس القومية من عزلتها وتقتحم بعزم جديد ثقافات ومجتمعات المسلمين الذين تسعى الى تنصيرهم
3-    يجب على المواطنين النصارى فى البلدان الاسلاميةالعمل معا بروح تامة وتعاون مشترك .ص 7
ومضى بعد ذلك بقوله :
1-    لقد حان الوقت لنتوقع حصاد وافر بين المسلمين
2-    لقد حان الوقت لان نؤمن ان الرب سوف يجلب مجده للعالم الاسلامى كله .
3-    لقد حان الوقت لخلاص العالم الاسلامىفقد نضج الحصاد ورب الحصاد ينادينا فاين هم الحاصدون ؟ ص 8
 لقد حرصت عزيزىالقارئ ان انقل اليك ما كتبه هؤلاء النصارى ومخططاتهم بالحرف الواحد والصفحة التى ذكر فيها النص دون حذف او تعديل او تغيير لنعلم ان صدق الله عز وجل حين قال " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "
وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال " ودو لو تكفرون كما كفرو فتكونون سواء "
والان اذكر لك عزيزى القارئ الابحاث التى احتواها الكتاب وفيها التنصير لغزو العالم الاسلامى كما قال السيد ارثر فى كلامه .
•    تم اعداد اربعين بحثا اساسيا بواسطة نخبة مختارة من المؤلفين رجالا ونساءا من اجل لفت انظار المشاركين فى المؤتمر القضايا المتشابكة والمعقدة التى تتعلق بالمهمة المطروحة امامهم وكانت الابحاث كالاتى :-
وساكتفى بذكر اسم البحث واسم كاتبه ورقم الصفحة ولن اتناولهم بالشرح لانه ليس موضوع كتابى ولكننى حرصت على ذكر الكتاب ( التنصير . خطة لغزو العالم الاسلامى ) فى كتابى حتىلا يعترض اخواننا النصارى على ما فيه فقد سبقونا بما هو اعظم فان كنا نريد هدايتهم وتوضيح الامر لهم الا انهم يريدون ان ينصرونا كما ان جهودنا جهود فردية وليس الغرض منها الا توضيح ما خفى عنهم كما قال القران الكريم " يا اهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا ما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير "
الا انهم ينصرونا بجهود محسوبة ومدروسة ومخطط لها بل ويقومون على تنفيذها بكل ما اوتو من قوة وعلم بدليل احتلالهم لمعظم بلاد المسلمين وقتلهم لابناء المسلمين وتدمير مقدساتهم وكانهم يريدون ان يمحو المسلمين من على وجه الارض ولكن هيهات ان يحدث ذلك لامة قال لها الحق سبحانه وتعالى " اليوم  اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا "
وحتى لااذهب بعيدا فها هى الابحاث كما ذكرها السيد ارثر ف  كلاسر :
- الابحاث العشر الاولى لتقديم دراسة للمسلمات الاساسية وهى :
اسم البحث           اسم المؤلف        رقم الصفحة                  العدد    
1- الكتاب المقدس والثقافة                                   بول ج هايبرن
2- ابلاغ الكتاب المقدس الى المسلمين فى بيئات مختلفة     دونالد ن لارسون
3- استماله المسلم عن طريق تجسيد شمائل وسلوك المسيح       بشيرعبد المسيح
4- المعلم المنتصر وثقافته                                             هارفى م كوت
5- كنائس ملائمة للمنصرين فى العالم الاسلامى                    تشارلس كرافت
6- صراع القوى فى عملية تنصير المسلمين                        ارثر ف كلاسر
7- الظرفية والتحول                                                    تشارلس رثابر
8- منطلقات لاهوتية جديدة فى عملية تنصير المسلمين                 بروس ج نيكولز
9- تطبيق مقياس انيكل فى عملية تنصير المسلمين                   دابق فريزر
10- تحليل المقاومة والاستجابة لدى الشعوب الاسلامية               دون ماكرى
- اما الابحاث الستة عشر التالية عبارة عن مفاتيح فى عملية المواجهة الاسلامية – النصرانية اليوم :
اسم البحث                           اسم المؤلف                  رقم الصفحة                  العدد    
1- اللاهوت الاسلامى  الحدود والجسور                      لينين كراج
2- اسلام لعامة الاسلام لشبع الظما الروحى                 بل مسك
3-  مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى الغرب           ر ماكس كيرشو
4- مقارنة بين وضع لانصرانيةوالاسلام فى وسط وجنوب افريقيا               جرالد سوانك
5- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى شمال القارة الإفريقية                كريكورى م ليفيكستون
6- مقارنة بين وضع النصرانية والإسلام في الشرق الأوسط                       تورمت ا هورتر
7- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى تركيا                   محمد اسكندر
8- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى ايران                    ديفد ك كاشن
9- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى شبه القارة الهندية     ريتشارد بيلى
10- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى جنوب شرف اسيا                فرانك كولى
11- مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام فى روسيا والصين                     ج روبرت اوفرنوك
12- الوضع الحالى للمطبوعات وسائل الاعلام الاخرى الموجه للمسلمين      رايموند جوس
13- الوضع الراهن لترجمات الانجيل الى لغات المسلمين                       وليم د رايدن    
14- الارسال الاذاعى الحالى الموجه الى المسلمين                 فرد اكورد
15- نظرة عامة على ارساليات التنصير العاملة بين المسلمين      جورج م يرزر 
16- مراجع مختارة للمنصرين العاملين بين المسلمين             ورن و ويستر  
- وحددت الاربعة عشر بحثا الباقية استجابات ملموسة اعتبرت اساسية فى الوصول الىخدمة نصرانية مؤثرة بين المسلمين :
1- الدعوة الى التجدد الروحى                     ج ادوين اور
2- تطوير ادوات جديدة تساعد فى عملية تنصير المسلمين                         دونالد ر ريكاردز
3- مستويات واشكال ومواقع البرامج التدريسية                                        فيفان سبس
4- بناء شبكة من مراكز الابحاث                                                            رولاند اميلر
5-  اهمية ومنهجية التخطيط الاستراتيجى                                                ادوارد ر دينت
6- مهام تنصيرية يقوم بها منصرون غير متفرغين الى جانب عملهم الرسمى        
        فى البلدان الاسلامية                                                                ج كريستى  ديلسن
7- الحاجة الى مراكز للقيادة فى امريكا الشمالية                                      رالف  دونتر
8- الحوار بين النصارى والمسلمين وصلته الوثيقة بالتنصير                       دانيال بروستر
9- روابط امريكا الشمالية مع ارساليات العالم الثالث التنصيرية
والعاملة بين صفوف المسلمين                                                               والدرون سكوت
10- الحاجة الى مجلة جديدة خاصة بارساليات التنصير
       العاملة بين المسلمين                                                                     ل جورج فراى
11- الغذاء والصحة كوسائل لتنصير المسلمين                                            روبرت بيكن
12- دور الكنائس المحلية فى خطة الرب بخلاص المسلمين                            فرانك خير الله
13- المداخل النصرانية الى المراءة المسلمة واسرتها                                 فاليرى هوفمن
14- الوصول الى اولئك الذين لم يتم الوصول اليهم
ثم التقرير المقدم الى لجنة لوزان للتنصير العالمى من قبل المجموعة العاملة لاعداد الاستراتيجيات فى اللجنة
-    ولك ان تتخيل عزيزى القارئ كم هذه الابحاث وما تحتويه من فكر وتخطيط لتنصير المسلمين على مراى ومسمع من العالم دون حرج او حياء والعجيب ان يريدون ان يقنعوا انفسهم بان هذه هى ارادة الله وما اشبهه اليوم بالبارحة حين قام البابا اوريان الثانى واشعل الحروب الصليبية واوهم الناس حينئذ انها ارادة الله
ولذا يجب على المسلمين ان يتنبهوا لمثل هذه المخططات .
البشارة بسيدنا عيسى علية السلام فى القرآن والإنجيل

لقد قص علينا القرآن قصص الأنبياء السابقين لنأخذ منها الدروس والعبر فقال جل وعلا :-    ( لقد كان فى قصصهم عبرة لأولى الألباب ) ( )  . وهذه القصص جديرة بالتقدير لأن أنبياء الله صلوات الله عليهم وسلامة تحملوا فى سبيل الدعوة إلى الله مالا يتحمله أحد .
فمنهم من عذب ومنهم من تعرض للحرب ومنهم من قتل ولم يترددوا لحظة ولم يخشوا فى الله لومة لأئم . فحق علينا أنت نتعرف على سيرة هؤلاء العظماء لنقتدى بهم .
والقران الكريم تناول حياه كل نبى من اللحظة الهامة فى حياته فعلى سبيل المثال حين يحكى القرآن الكريم  قصة نبى الله نوح عليه السلام بدأها من لحظة بعثته فقال سبحانه وتعالى :
( ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومة إنى لكم نذير مبين )(  )
ومن الأنبياء من حكى القرآن الكريم حياته من لحظة ولادته مثل نبى الله موسى علية السلام إذ يقول الحق ســــبحانه وتعالى : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتى عليه فألقيه فى أليم ولا تخافى ولا تخزنى إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ( ) ومنهم  من تكلم عنه القرآن الكريم من قبل ميلاده مثل نبى الله يحيى وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى ( يا زكريا أن الله يبشرك يحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين " ( )
أ- البشارة فى القرآن الكريم
ولكن حين أراد الحق سبحانه وتعالى أن يحدثنا عن سيدنا عيسى عليه السلام بدأ بما هو قبل ذلك بمراحل ليعلم الجميع أمر سيدنا عيسى من بدايته بل ومن قبل مولد أمة السيدة مريم العذراء حتى لا تختلط المفاهيم ولا يزعم أحد أن عيسى عليه السلام غير بشر
فقصة سيدنا عيسى تبدأ من جده ( عمران ) فلقد قال القرآن الكريم : ( إن الله إصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) (  ) فلقد ذكر السـهيلى أن ( عمران ) المذكور فى الآية الكريمة هو عمران بن ماتان من ولد سليمان بن داود عليهم السلام .
وتذكر الآية الكريمة أن ( عمران ) من الصفوة الأخيار الذين إصطفاهم الله على العالمين لتقواهم وإخلاصهم العبادة لله رب العالمين , ولقد أحب هؤلاء الأخيار طاعة الله جل وعلا  حتى تمنوا أن تكون لهم ذرية طيبة تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ولذلك حين شعرت السيدة ( حنه ) زوجة سيدنا عمران بجنين يتحرك فى أحشائها تهللت فرحاً لأن الله سيرزقها بذرية طيبة فسارعت ونذرت مافى بطنها لله  رب العالمين فقال جل شأنه على لسانها
( رب إنى نذرت لك مافى بطنى محرراً فتقبل منى إنك أنت السميع العليم )
ولقد كانت السيدة ( حنه ) صادقة فى نذرها لأنها دعت الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منها نذرها كما أنها حين وضعت واكتشفت أن المولود أنثى ( وهى تريده ذكراً ليصلح لخدمة البيت والرب ) فقال جلا شأنه عن ذلك الموقف : ( فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وأنى سميتها مريم ) (  ) ومع أن هذه الأسرة الطيبة من الله بمكان ومن المصفطين الأخيار إلا أن السيدة ( حنة ) طلبت من الحق جل وعلا أن يحفظ ابنتها  مريم من الشيطان الرجيم وإن رزقها بذرية يحفظها بما يحفظ به عبادة الصالحين فقالت كما حكى القرآن الكريم : ( وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) ( )
وقد إستجاب الحق سبحانه وتعالى دعاء السيدة ( حنه ) وحفظ إبنتها وذرتيها من الشيطان الرجيم وفى هذا يقول المعصوم محمد (ص) : ( ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان , فيستهل صارخاً من نخسه الشيطان إلا إبن مريم وأمه ) (   )
بل وأصبحت السيدة ( مريم ) من أفضل نساء العالمين لقول النبى محمد (ص) : ( خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم ( إمراة فرعون ) وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ) ( )



(ب) كفالة سيدنا زكريا للسيدة مريم :
ولكى تفى السيدة ( حنه ) بنذرها خرجت بابنتها السيدة ( مريم ) إلى بيت المقدس فوضعتها عند الأحبار وقالت لهم : ( دونكم هذه النذيرة , فقالوا هذه أبنة إمامنا عمران , وكان فى حياته يأمهم فى الصلاة فقال لهم سيدنا زكريا : إدفعوها إلى فأنا أحق بها منكم فإن خالتها عندى . فقالوا : لا حتى نقترع عليها . فانطلقوا إلى نهر فالقوا فيه أقلامهم فأرتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أفلامهم فتولى زكريا كفالتها (  )
وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) (  )
وقام سيدنا زكريا عليه السلام برعاية السيدة مريم وخدمتها على أكمل وجه , وكانت السيدة مريم تنمو نمواً سريعاً لأن الله جل وعلا استجاب دعوة والدتها حين قالت : ( فتقبل منى إنك أنت السميع العليم )( ) ( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا ) ( )
وكلما توجه سيدنا زكريا عليه السلام بطعام الى السيدة مريم وجد عندها طعاماً لم يحضره وفى ذلك يقول الحق جل وعلا : ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لكى هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) (  )
وكأن الحق سبحانه وتعالى يهيىء السيدة مريم نفسياً وعملياً لحقيقة هامة : وهى كما أن الله سبحانه وتعالى رزقها بطعام من غير حول منها ولا قوه ومن غير حركة منها أو عمل أى بدون أسباب فهو سبحانه وتعالى على كل شىء قدير .
وفى هذا الرد الجميل من جهة السيدة مريم يدل على أنها مؤمنه بالله إيماناً بدرجة اليقين مما يجعلها على استعداد للحدث الجلل الذى أعدها الله سبحانه وتعالى للقيام به , مع هذا أمرها الحق سبحانه وتعالى بمزيد من الطاعة والعبادة فقال عز شأنه : ( يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم إقنتى لربك واسجدى وإركعى مع الراكعين ) (  )
ولكن هذا الاصطفاء ليس تشريفاً بقدر ماهو  إبتلاء وتكليف فلو أن الحق سبحانه وتعالى اصطفاها لتكون صاحبة أو أما لابنه ( حاشا لله ) كما يزعم النصارى  لرفع الحق سبحانه وتعالى عنها مشقة التكاليف والعبادة ولرفع عنها الحرج فى مقابلة الناس ولرفعها إلى جانبه (حاشاه) حتى تضع المولود ( المرتجى ) كما يزعم النصارى .

( جـ) بشارة الملائكة للسيدة مريم :-
فلما بلغت السيدة مريم درجة إيمانية تجعلها على إستعداد للقيام بأى أمر يؤكل إليها أرسل الحق سبحانه وتعالى إليها الملائكة ليبشروها وفى ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : ( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى بن مريم  وجيهاً فى الدنيا والآخرة ومن المقربين . ويكلم الناس فى المهد وكهلاً ومن الصالحين (  )
وكانت هذه البشارة هى بمثابة تهيئة نفسية للسيدة مريم ولذلك حين أرسل إليها سيدنا جبريل ليخبرها بأن البشارة أن لها أن تكون حقيقة فقال الحق جل وعلا : ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً . قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت  تقياً . قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً ذكياً ) ( )
لم تتردد ولم تطلب أية على ذلك إنما سؤالها الذى حكاه القرآن الكريم ( أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا ) ( )
ليس اعتراضا بل هو إستفسار لأن السيدة مريم تعلم أنها أنثى وأنه لا مانع من أن تحمل وتلد مثل النساء ولكن السؤال كيف سيأتى هذا الغلام هل عن طريق الزواج أم سيخلقه الله جل وعلا ابتداء كما خلق آدم عليه السلام ؟ فأجابها جبريل عليه السلام بما حكى به القرآن الكريم بأنه سيكون خلقاً كأدم عليه السلام وما ذلك على الله بعزيز وفى ذلك يقول الحق جل وعلا : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل أدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) ثم أخبرها جبريل عليه السلام بأن الله على كل شئ قدير وفى هذا يقول القرآن الكريم ( قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً ) ( )
وكلمة ( هين حقيقة : لأن هل الخلق بغير مثال سبق وعلى غير نموذج ومن عدم أهون أم الخلق من مثال موجود ومن حى ؟
لا شك أن الخلق من مثال سبق ومن حى أهون , ولتوضيح ذلك نذكر أن الله سبحانه وتعالى الذى استطاع بقدرته خلق آدم عليه السلام من عدم وعلى غير مثال سبق لا يعجزه أن يخلق سيدنا عيسى من السيدة مريم ومن ثم أطلق الحق سبحانه وتعالى على خلقه لسيدنا عيسى (آية) فكان حقاً أية ودلالة على قدره الله المطلقة : أى أن الحق سبحانه وتعالى أثبت بخلقه لسيدنا عيسى بدون أب للناس أنه على كل شىء قدير بمعنى ( أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم وخلق السيدة حواء من ضلع آدم عليه السلام فكأنها خلقت من أب دون أم وخلق سبحانه وتعالى البشر جميعاً من أب وأم وقد يوجد الزوجان ولا ينجبان لحكمة يريدها الله . إذا يبقى ماذا ؟ يبقى هل يستطيع الحق سبحانه وتعالى أن يخلق إنساناً من أم دون أب ؟ بالطبع يستطيع فهو على كل شىء قدير ولذلك خلق الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى من أم دون أب وفى هذا يقول الحق جلا شأنه : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب قال له كن فيكون ) ( ) مما سبق يتضح لنا أن القرآن الكريم بألفاظه الواضحة وكلماته الفاصلة وبدون التواء أو إجهاد للعقل بين لنا حقيقة سيدنا عيسى بداية من جده عمران وجدته السيدة ( حنه ) وأمة السيدة ( مريم ) موضحاً السبب من مجئ سيدنا عيسى بهذه الطريقة التى يقبلها العقل والمنطق وبأسلوب راقى بليغ يليق بجلال المنعم سبحانه وتعالى كما أن القرآن الكريم سرد الأحداث بشكل منتظم ولذا رأينا أن نورد ما جاء فى الأناجيل بشأن البشارة بسيدنا عيسى عليه السلام .
ثانياً : الأناجيل والبشارة :-
التعريف بالأناجيل
- إن لدى المسييحين الكثير من الاناجيل الا انهم بعد العديد من المجامع ابقوا على  خمسه أناجيل هم : برنابا, متى , لوقا , مرقس , يوحنا .
إلا أنهم لا يعترفون بالإنجيل الأول " برنابا " لأنه يكاد يكون أقرب الأناجيل إلى الصواب مؤكدين زعمهم هذا بان القران الكريم لم يتطرق لاسم برنابا ونحن نقول لهم : القران الكريملم يذكر اناجيلكم ولا اسماء كاتبيها مثل متى ومرقس ولكن القران انما ركز على الانجيل الصحيح الذى نزل على نبى الله عيسى عليه السلام فايما انجيل وجدناهموافقا للعقل والمنطق وتؤكده ايات القران الكريم وافقناه ولذا اعتقد المسلمون فى انجيل برنابا اكثر من غيره لصدقه فى كثير من الايات والمواقف الخاصة بنبى الله عيسى عليه السلام والمبشرة بنبىالله محمد صلى الله عليه وسلم . ولذلك أخفاه النصارى عن أعين الناس لأنه يحتوى على كثير من الآيات التى تصدق ما جاء فى القرآن الكريم وهذا ما سنراه فى الأبواب القادمة 
ويضيفون الى الأناجيل الأربعة الأخرى ما قام به تلاميذ المسيح من شفاء المرضى وبشارات ووضعوها تحت عنوان " أعمال الرسل " ويضيفون بعد ذلك الرسائل التى أرسلها كل من بولس , بطرس , يعقوب , يوحنا إلى البلاد ثم يختمون برؤيا ليوحنا ويطلقون على كل ما سبق العهد الجديد
وسنوضح بإذن الله فى فصل خاص هذه الأناجيل : متى كتبت ؟ والإختلافات التى بينهم إلخ...
 نسب السيد المسيح كما جاء فى الأناجيل
" لم يذكر نسب السيد المسيح إلا فى إنجيل متى وانجيل لوقا ومع هذا لم يتفقا فى أشياء كثيرة نذكر اولا ما جاء فى الاناجيل بخصوص نسب السيد المسيح ثم نذكر الاختلافات :-
ما جاء فى انجيل متى :-
1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ \لْمَسِيحِ \بْنِ دَاوُدَ \بْنِ إِبْراهِيمَ. 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ \لْمَلِكَ. وَدَاوُدُ \لْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ \لَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ.00000 وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ \لَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ \لَّذِي يُدْعَى \لْمَسِيحَ.
ومما جاء فى انجيل لوقا :
23وَلَمَّا \بْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ \بْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي 24بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي بْنِ مَلْكِي بْنِ يَنَّا بْنِ يُوسُفَ00000 31بْنِ مَلَيَا بْنِ مَيْنَانَ بْنِ مَتَّاثَا بْنِ نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ 32بْنِ يَسَّى بْنِ عُوبِيدَ بْنِ بُوعَزَ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ 33بْنِ عَمِّينَادَابَ بْنِ آرَامَ بْنِ حَصْرُونَ بْنِ فَارِصَ بْنِ يَهُوذَا 34بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ0000000 38بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيتِ بْنِ آدَمَ \بْنِ \للهِ.
وقد اختلفا فيما يلى :-
1- يذكر متى أن يعقوب هو أبو يوسف " رجل مريم " بينما يذكر لوقا أن يوسف " رجل مريم " هو أبن هالى
2- يذكر متى أن نسب المسيح يرجع إلى سليمان بن داود بينما يذكر لوقا أن نسب المسيح برجع إلى ناثان بن داود
3- يذكر لوقا أن نسب المسيح يرجع الى " أبن أدم , أبن الله " بينما يذكر متى أن المسيح بن داود بن إبراهيم
مما سبق يتضح لنا أن أهل الكتاب لم يستطيعو الإتفاق فى نسب السيد المسيح بل إنهم طعنوا فى نسبه . عليه السلام – حيث قال متى (وَدَاوُدُ \لْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ \لَّتِي لأُورِيَّا)
ولكى نعرف ونفهم الخطأ الذى وقع فيه متى فى قوله السابق نعرض الآتى :-
يروى أبن جرير " إن داود عليه السلام كان يصلى فى محرابه ثم تطلع من نافذة المكان فرأى امرأة جميلة فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها فأخبرته بأن زوجها اسمه " أوريا " وأنه خرج مع الجيش الذى يحارب الأعداء فأمر داود عليه السلام – قائدة أن يجعل " أوريا" فى المقدمة ليكون عرضة للقتل وبعد قتله تزوج داود بتلك المرآة وأنجب منها سيدنا سليمان ) ( )
يقول أبن كثير إن هذه القصة من الإسرائيليات ويقول الرقاعى " هذه القصة وأمثالها من كذب اليهود فقد حدثنى بعض من أسلم منهم أنهم تعمدوا ذلك فى نسب داود عليه السلام لأن عيسى عليه السلام من ذريته ليجدوا سبيلاً إلى الطعن فيه" ( )
إلا أن التوراة تؤكد ما قاله متى بشأن داود عليه السلام وامرأة أوريا وفى هذا يقولون فى  سفر صموئيل الثانى الاصحاح الحادى عشر :
" وَأَمَّا دَاوُدُ فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 2وَكَانَ فِي وَقْتِ \لْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ \لْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى \لسَّطْحِ \مْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ \لْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ \لْمَنْظَرِ جِدّاً. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ \لْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَ\حِدٌ: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ \مْرَأَةَ أُورِيَّا \لْحِثِّيِّ؟» 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ \لْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». "000000000 14وَفِي \لصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوباً إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي \لْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ \لْحَرْبِ \لشَّدِيدَةِ، وَ\رْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ».0000000000023وَقَالَ \لرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا \لْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى \لْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ \لْبَابِ. 24فَرَمَى \لرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى \لسُّورِ، فَمَاتَ \لْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ \لْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا \لْحِثِّيُّ أَيْضاً»0000000 26فَلَمَّا سَمِعَتِ \مْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا نَدَبَتْ بَعْلَهَا. 27وَلَمَّا مَضَتِ \لْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ \مْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ \بْناً. وَأَمَّا \لأَمْرُ \لَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ \لرَّبِّ.00000000 24وَعَزَّى دَاوُدُ بَثْشَبَعَ \مْرَأَتَهُ وَدَخَلَ إِلَيْهَا وَ\ضْطَجَعَ مَعَهَا فَوَلَدَتِ \بْناً، فَدَعَا \سْمَهُ سُلَيْمَانَ


البشارة بالسيد المسيح فى الإنجيل
أولاً :-
- يذكر يوحنا فى إنجيله فى الإصحاح الأول عن المسيح تحت عنوان " الكلمة صار جسداً " ( فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله , وكان الكلمة الله , والكلمة صار جسداً وحل بيننا ) ( )
من هذه الفقرة يتضح لنا أن يوحنا يعنى أن عيسى عليه السلام فى البداية كان كلمة من الله وأثناءها كان عند الله ومعه سبحانه وتعالى لأن الكلمة ملازمة لله رب العالمين فلما أطلق الله – جل وعلا – الكلمة والتى بها خلق – سبحانه وتعالى – سيدنا عيسى أصبح سيدنا عيسى الكلمة من الله أى أصبح جزءاً من الله وبها يصبح إلها , ولان البشر لن يستجيبوا إلا إلى بشر مثلهم يعاشيهم ويتقرب إليهم فألبس الله هذه الكلمة جسداً ليستطيع العيش مع الناس .
هذا ما يعتقده النصارى من هذا النص محاولين أن يلووا عنق الحقيقة , وكأنهم يستنتجون معادلة رياضية متجاهلين قدرة الله العظيم الذى لا يعجزه شىء : فتفسيرهم هذا غير منطقى بحال من الأحوال لأســباب
 أ- : إن عيسى عليه السلام – بهذه الطريقة مخلوق بكلمة من الله وهو بهذا لن يرق إلى مقام الألوهية مطلقاً وهذا ما أكدة القرآن حين قال – سبحانه وتعالى = " لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله (  )
ب- : لو كان عيسى عليه السلام – إلها لما مر بمراحل الحمل .. أن يحمل فى بطن امرأة ثم يولد ثم يكون طفلاً الخ ........ فأى إله هذا الذى حوته بطن سيده وتغذى على دم الحيض ؟
ج- : إذا كان هذا هو منطق النصارى فلا حرج إذن على من يعبد الشمس والقمر و الأصنام فكل هذه الأشياء بل والكون كله خلق بكلمة من الله فهل نعتبر الكون بما فيه إلهة من دون الله ؟
د- : لقد تبرأ المسيح – عليه السلام – مما نسبه إليه النصارى أى أنه إلها أو ابن إله فى أكثر من موضوع فى الإنجيل :
(أ) يعترف المسيح – عليه السلام – بأن الله جل وعلا إله واحد لا إله غيره وذكر ذلك فى الإنجيل تحت عنوان " الوصية العظمى " حين جاءه واحد من الكتبة وسأله " أى وصيه هى أول للكل " فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هى : أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك (  )
هذا النص يبن لنا أن المسيح – عليه السلام – يؤمن بأن الله إله وأحد لا شريك له كما أنه يؤمن بأنه عبد الله ورسوله بدليل قوله " الرب إلهنا رب واحد "
(ب) وليس هذا فحسب بل أن المسيح فى يوم القيامة يتبرأ ممن رفعوه لمقام الالوهيه ويؤكد ذلك ما ذكر فى إنجيل متى " كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم يا رب . يا رب , أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة – حينئذ أصرخ فيهم إنى لم أعرفك قط إذهبو يا فاعلى الإئم " (  )
ثانياً : يذكر متى فى إنجيله تحت عنوان " ميلاد يسوع المسيح " ( يا يوسف بن داود لا تخف أن تأخذ مريم آمراتك لآن الذى حبل به فيها هو من روح القدس . فستلد ابنا وتدعو أسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم , (  ) وفى إنجيل يوحنا يذكر أن يوحنا المعمدان " نبى الله يحيى " يقول " وفى الغد أيضاً كان يوحنا واقفا هو واثنان من تلاميذه فنظر إلى يسوع      , فقال: ( هو ذا حمل الله ) ( )
من النصين السابقين يتضح لنا كثير من المغالطات والافتراءات التي نسبها النصارى لنبي الله عيسى – عليه السلام – وهى :-
1- يذكرون أن مريم العذراء حملت من الله – حاشاه – ثم يذكرون أنها حملت من الروح القدس ونحن إذ نذكر ذلك لا نريد منهم أن يحددوا واحداً من الاثنين لأننا نرفض ذلك رفضا باتا لأن الله جل وعلا . تعالى عن ذلك علواً كبيراً فسيقولون هذا لله فماذا عن الروح القدس ( جبريل عليه السلام ) نقول لهم أيضاً إن هذا  لا يجوز بحال من الأحوال فالملائكة مخلوقات نورانية ولا يستطيعون القيام بمثل هذه الأفعال
2- كما أن النصارى يكيلون بمكيالين فهم رفعوا مكانة عيسى إلى مقام الألوهية وقدسوا معه – سيدنا جبريل فلما لم يرفعوا سيدنا يحيى إلى مقام الألوهية ومعه سيدنا جبريل ؟ مع أن الدور الذي قام به جبريل عليه السلام هو واحد في الحالتين فهو الذي أرسله الله – جل وعلا – ليبشر سيدنا زكريا وزوجته – اليصابات – بميلاد سيدنا يحيى رغم أنهما كبيران فى السن وكانت عاقراً كما أن جبريل عليه السلام بشر السيدة مريم بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام .
3- يناقض النصارى أنفسهم إذ يذكرون أن الله على كل شىء قدير ثم لا يتحملون أن يفهموا أن عيسى – عليه السلام ليس له أب أو أنه خلق بقدرة الله إذ يقولون ( هو ذا اليصابات نسيبتك هى أيضاً حبلى بإبن فى شيخوختها – وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً . لأنه ليس شيئاً غير ممكن لدى الله ) ( )
ولقد أكد القرآن الكريم ذلك فيقول الحق جل وعلا ( قال رب أن يكون لى غلام وكانت إمرأتى عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً " (  )
4- يذكر النصارى أن سيدنا عيسى عليه السلام ما جاء إلا ليخلص شعبه من خطاياه فيقولون  ( لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد ( )
ومسالة الخلاص التى يتحدثون عنها مسألة عجيبة : لأن النصارى تعتقد أنه بسبب خطأ سيدنا أدم وأكله من الشجرة فى الجنة أهبطه الله جل وعلا إلى الأرض بالخطيئة وبالتالى ورثت ذرية أدم الخطيئة ومن ثم أصبح العالم فى حاجة إلى من يطهرهم ويخلصهم من الذنب الذى ورثوه عن أبيهم آدم عليه السلام فكان المسيح الذى قدمه الله سبحانه قربانا ليغفر بموته وصلبه  للعالم !
وهذا الاعتقاد لا يقبله منطق ولا عقل لأسباب :-
1- لأن آدم عليه السلام قد غفر الله سبحانه وتعالى له قبل أن يهبطه إلى الأرض لأن المرحلة التى قضاها أدم عليه السلام فى الجنة كانت مرحلة اعداد واختبار ليتعلم آدم ما جزاء من يطع الله جل وعلا وماذا يحدث للإنسان أن عصى وتجاوز حدود الله
وفى ذلك يقول الحق جل وعلا يا أدم أسكن أنت وزوجك الجنة ( ) ويقول سبحانه وتعالى " أن لك الا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى  ( ) ثم حذره الحق سبحانه وتعالى بقوله " ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين " ثم بين له الحق سبحانه وتعالى أن الشيطان له بالمرصاد وأنه لا يحب الخير لأدم ولا لزوجته فقال سبحانه وتعالى " فقلنا يآدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ( ) 
وحين أخطأ أدم عليه السلام وأكل من الشجرة ظهر عليه فى الحال ما حذره الله سبحانه وتعالى وفى هذا يقول القرآن الكريم
" فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى أدم ربه فغوى " ( )
ولكن الحق سبحانه وتعالى لم يطرد أدم من رحمته . وكما علم أدم الأسماء كلها علمه كيف يتوب من ذنبه حتى يعلم أدم وذريته أن لهم رباً كريما يغفر الذنوب فقال جل شأنه " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " (  )
ثم أنزل الحق سبحانه تعالى أدم عليه السلام إلى الأرض فقال عز شأنه " اهبطا منها جميعاً 
فإذا يأتينكم منى هدى فمن أتبع هداى فلا يضل ولا يشقى " (  )
أذن اهبط الله سبحانه وتعالى أدم عليه السلام مغفوراً له لأن الحق سبحانه وتعالى أجل من أن يأخذ أحداً بذنب أحد لأن القاعدة العامة التى أخيرنا بها الحق جل شانه " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (  ) ومن ثم فيكون الاعتقاد الذى يعتقده النصارى اعتقاد باطلً .
2-: إذا كان ما يعتقده النصارى صحيحاً فيما بينهم وهى فكرة أن العالم كان فى حاجة لمن يظهره من  ذنب  آدم عليه السلام وخطيته . فهل تنظر ان أن يرسل الحق جل شأنه أبناً أخر ( حاشا لله ) ليطهر أبناء أبليس من الخطا الذى وقع فيه أباهم أبليس اللعين الذى جاهر   بالعداء والمعصيه وأصر عليها وطرد من رحمة الله ؟
وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة إسجدوا لآدم فسجد إلا إبليس لم يكن من الساجدين – قال مامنعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين . قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج أنك من الصاغرين    (  ) 
3- : إذا كان النصارى يعتقدون أن أدم أخطا واهبط بخطيئته  فايهما أهون ؟ أن يضحى الحق سبحانه وتعالى يا أدم من البداية ويخلق إنسانا غيره لا يخطى ويعتبر بخطيئه سلفه  و  ماحدث له أم  أن ينتظر الحق جل وعلا    طويلا حتى ازداد عدد البشر واضطر الحق ( حاشاه) أن يضحى بابنه الوحيد كما يزعمون ؟
4-ً:- ماذا يساوى هذا العالم  حتى يرسل الله إبنه الوحيد ( حاشاه ) كما يزعم النصارى ويعرضه    للقتل و الصلب  بطريقة وحشيه , وإذا كان الحق جل شأنه رحم سيدنا إبراهيم عليه السلام حين ابتلاه بذبح أبنه إسماعيل عليه السلام وأنزل من السماء فداء له " ( )
ويجدر بنا ان نذكر هذه الابيات الشعرية التى كتبها صاحب كتاب – الفاصل بين الحق والباطل –
 عجبى للمسيح بين النصارى                     والى اى والد نسبوه
اسلموه الى اليهود وقالوا                          انهم بعد قتله صلبوه
فان كان الذى يقولونه حقا                       وصحيحا فاين كان ابوه
حين خلى ابنه رهين الاعادى                   اتراهم ارضوه ام اغضبوه
فلئن كانوا ارضوه فاحمدوهم                    لانهم عذبوه
ولئن كانوا اسخطوه  فاتركوه                   واعبدوهم لانهم غلبوه

5- : هل عاش كل من سبق سيدنا عيسى عليه السلام فى براثن الخطيئة بما فيهم الأنبياء صلوات الله و سلامة عليهم أجمعين وهم المعصومون أم أنهم كما قال عنهم المسيح عليه السلام ( حاشاه )  فى انجيل يوحنا ( أن كل من سبقنى لصوص ) ( حاشاهم صلوات الله وسلامه عليهم )                  
6- : يذكر النصارى أن المسيح ما جاء إلا  لخلاص العالم  ونحن  نسألهم  يخلص من  و لاجل من ؟
إذ كان المسيح الها كما يزعمون فلما  لم يستطع أن يخلص نفسه أولا من القتل والصلب ؟
إذا كان المسيح أبن الله كما يزعمون فلا جل من يضحى   الحق ( حاشاه ) به أمن أجل اله آخر ؟ أم ليسعد البشرية ؟ وأى سعادة هذه التى لا تكن إلا  بهذه الطريقة النكراء , وأين رحمه الله إذن الذى لا يستطيع أن يرحم ابنه حاشاه أو أن بنقذه من براثن الأعداء  ؟




الفصل الثانى

ميلاد عيسى علية السلام
أولاً القرآن الكريم :
- بعد البشارة من سيدنا جبريل عليه السلام للسيدة مريم العذراء وبعد الحوار الذى دار بينهما والذى أوضحناه فى الفصل الأول   أتمت  السيدة مريم فتره الحمل وجاء وقت الوضع فقال القران الكريم فى ذلك   "
(فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً فأجاءها المخاض الى جذع النخلة قالت يليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسياً فنادها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سرياً ) ( )
ولان الحق سبحانه وتعالى يدافع عن الذين أمنوا  فأمر الحق جل وعلا السيدة مريم بالصمت حين تواجهه الناس لأن  ما حل بها أمر عجيب يحتاج إلى معجزة من الله حتى لا تتهم السيدة مريم بما لا يليق فقال سبحانه وتعالى " فإما ترين من البشر أحداً فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " (  )
* وانطلقت السيدة مريم بإبنها إلى قومها وحسناًً فعلت لتكمل المعجزة لا أنها لو تحرجت السيدة مريم واختبأت فترة ثم ظهرت على الناس ثم تكلم سيدنا عيسى فقالوا أن أمة لقنته ما يقول
وحدث ما كانت تتوقع : نظر الناس إليها نظرات كلها شك وحيره . ولان السيدة مريم كانت معروفة بينهم بالورع والتقوى " وقالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا " وكأنهم يريدون أن  يذكرو السيدة مريم  بتقواها وأصلها النبيل العفيف فقالوا " يا أخت هارون ما كان أبوك أمراً سوء وما كانت أمك بغيا " وهذا يؤكد أن القوم لا زالو فى حيره ومع هذا فهم لم يتجاوزا الحدود بل ذكر أن السيده مريم أخت هارون . وهم بهذا شبهوا السيدة مريم بنبى الله هارون فى تقواه وورعه . وذكرو أن أهلها كانوا من الله بمكان فلم يكن عمران رجل سوء ولم تكن حنه إلا سيدة كريمة عفيفه .
هذا الموقف الصعب توقعته السيدة مريم من قبل وتمنت أن كانت ماتت قبل هذا الموقف الا أن الحق جل وعلا يثبت هولاء العظماء وبخاصة وقت المحن والشدائد . وهنا سؤال مادام هولاء العظماء مؤيدون من الله جل وعلا فلماذا يشعرون باليأس أحياناً ؟
نقول أن هؤلاء العظماء صنعهم الله على عينه واصطفاهم على العالمين وأمدهم سبحانه وتعالى بمدد من عنده حتى يستطيعو تحمل مايوكل اليهم من صعاب ومسئوليات الا أنهم فى نهاية الأمر أيضا بشر يشعرون بما نشعر به ويفرحون لما نفرح له وليكون لنا فيهم قدوة حسنه والا أحس الناس أن هؤلاء العظماء من طينة أخرى لا يبالون بالحوادث ولا تؤثر فيهم مجريات الأمور فيكون للناس عذر فى عدم الإقتداء بهم .
ونعود للسيدة مريم فى موقفها العصيب الذى كانت تخشاه : وهو مواجهة الناس . ولكنها تذكرت أن الغلام الذى ستلده اخبرها الحق جل وعلا بانه " يكلم الناس فى المهد " فما أن وجهه القوم اليها اللوم لأنها دخلت عليهم بطفل وهم يعلمون أنه ليس لها زوج حتى نفذت أمر الله جل وعلا : لازت بالصمت وأشارت الى الغلام ( فاشارت اليه " ويبدوا أن القوم فهموا أنها تخبرهم بأن جواب ما قالوا عند هذا الغلام وهم لم يعهدو أن تحدث أطفال لم تمضى على ولادتهم فترة وجيزة ولذا قالو " كيف نكلم من كان فى المهد صبياً"  الا أن إرادة الله شاءت أن يتكلم سيدنا عيسى وهو فى المهد لأسباب :-
1- ليبرىء ساحة أمة مما قد  يدور فى أذهان هؤلاء .
2- ليعلم الجميع أن عيسى عليه السلام " أيه " ودليل على قدرة الله العلى القدير
3- أراد الحق أن يخبر القوم بحقيقة سيدنا عيسى عليه السلام وبمستقبله الذى أعده الله له حتى إذا بلغ عيسى عليه السلام مبلغ الرجال والدعوة وقال لهم أنه عبدالله ورسوله لا ينكرون عليه ذلك ولا يختلفون فى أمره
ولذا أعلن الحق سبحانه وتعالى على لسان سيدنا عيسى عليه السلام وهو فى المهد قال"  إنى عبدالله آتانى الكتاب وجعلنى نبياً وجعلنى مباركاً اينما كنت واوصانى بالصلاه والزكاه مادمت حيا وبارا بوالدتى  ولم يجعلنى جباراً شقياً والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا" 
ونحن المسلمين نؤمن بما أخبر به الحق جل وعلا عن سيدنا عيسى عليه السلام فنؤمن بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم ونؤمن بان الله واحد لا شريك له
 ثانياً : ما جاء فى الاناجيل بخصوص ميلاد السيد المسيح عليه السلام :-
 تذكر الاناجيل فى اكثر من موضع ان الملاك جاء ليوسف خطيب السيدة مريم فى حلم واخبره بان مريم اصبحت حبلى من روح القدس وان عليه الا يقربها بل يقوم بخدمتها هى ومن ستلده فيقول انجيل متى فى ذلك " اذ ملاك الرب قد ظهر له فى حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امرءتك لان الذى حبل به فيها هو من روح القدس فستلد ابناً اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم "
 ولقد قام يوسف بخدمة السيدة مريم على اكمل وجه حتى وضعت المولود فيذكر متى فى ذلك " فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امراته فلم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع "
 وتذكر الاناجيل ان السيد المسيح ولد فى مدينة بيت لحم فيقول متى ايضا " ولما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية فى ايام هيرودس الملك اذ ماجوس من الشرق قد جاءوا الى اورشليم قائلين اين هو المولود ملك اليهود " ( 3 )
 وتذكر الاناجيل ايضا ان الملاك جاء ليوسف فى حلم وامره ان يهرب بمريم وابنها الى مصر خوفا من الملك هيرودس فيقول متى " اذ ملاك الرب قد ظهر ليوسف فى حلم قائلا : قم وخذ الصبى وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك, ان هيرودس مزمع ان يطلب الصبى ليهلكه "
ثم بعد موت الملك هيرودس ظهر الملاك فى حلم ليوسف وامره ان يعود من مصر وان يستقر فى بلده تسمى " ناصرة " فيقول متى " فلما مات هيرودس اذ ملاك الرب د ظهر فى حلم ليوسف فى مصر قائلا قم وخذ الصبى وامه واذهب الى مسقط راسه واسكن فى مدينة يقال لها ناصرة " وتذكر الاناجيل ايضا ان يوحنا " نبى الله يحي " كان يمهد الطريق امام السيد المسيح فيقول متى " توبوا لانه قد اقترب ملكوت السموات "  وقام يوحنا بعد ذلك بتعميد السيد المسيح ونزل عليه روح القدس فيذكر متى فى انجيله " فلمااعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذ السموات قد  انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة واتى عليه صوت من السماء قائلاً : هذا هو ابن الحبيب الذى به سررت "
كما تذكر الاناجيل ان السيد المسيح ظل اربعين يوما يجرب من ابليس ليعرف قدرة ايمانه فيقول متى " ثم صعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس " وانتهت هذه الفترة بقدرة يسوع على فهم حيل ابليس الذى قال له " اعطيك هذه جميعا ان خررت وسجدت لى حينئذ قال له يسوع " اذهب يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " 
ثم اصبح يسوع بعد ذلك قادرا على تبليغ الدعوة وشفاء المرضى وإحياء الموتى 00000000
هذا ما ذكره متى بخصوص بداية السيد المسيح  اما لوقا فيذكر ماهو قريب من ذلك الا انه يضيف الى ما سبق بعض التوضيحات فيذكر ان السيدة مريم ولدت ابنها فى المزود وهو مكان المواشى فيقول " وبينما هما هناك تم ايامها تلك لتلد,  فولدت ابنها البكر وقمطته واضطجعته فى المزود اذ لم يكن لها موضع فى المنزل "
ويذكر لوقا انه حين اتمت مريم ايام طهرها ذهبت الى المذبح لتقديم زوج يمام ذبيحة للرب فيقول " ولكى يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب زوج يمام او فرخى حمام " كما يذكر لوقا ان المسيح كان يمكث فى الهيكل فترة طويلة ليتعلم وبعد فترة وجيزة اصبح لديه القدرة على ان يعلم ويعرف الناس بعض الامور فيقول لوقا " واما يسوع فكان يتدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس "
الفصل الثالث

معجزات سيدنا عيسى علية السلام
أولا:  فى القران الكريم
نحمد الله سبحانه وتعالى ان حفظ قرانه الكريم حتى اصبح شاهدا و مهيمنا على الكتب السابقة فليس هناك كتاب انصف الانبياء كالقران الكريم فقد وضع القران الكريم الانبياء  فى مكانتهم التى تليق بهم فهم اكمل الخلق على الاطلاق وان الله اصطفاهم واختارهم على العالمين وأيدهم بمعجزات من عنده ولم يغالى القران الكريم فى حق الانبياء ولم ينقص احدهم قدره .
فأن الله بعث كل نبى بمعجزة تناسب زمانه فكان الغالب على زمن موسى السحر وتعظيم السحرة فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار فلما استيقنوانها  من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام
وأما عيسى فبعث فى زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد اليه الا أن يكون مؤيد من الذى شرع الشريعة فمن أين للطبيب القدرة على أحياء الموتى  أو على مداواة الأكمه والأبرص
وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم – بعث فى زمن الفصحاء والبلغاء وتجاويد الشعر فأتاهم بكتاب من عند الله لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بسورة من مثله ما إستطاعوا أبدا ( ) 
لقد أيد الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى عليه السلام بكثير من الفضائل والمعجزات منها :-
1-: " إذا قال الله ياعيسى بن مريم إذكر نعمتى عليك وعلى والدتك " فى هذه الآية الكريمة يذكر الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى بفضله عليه أن خلقه وفضله وجعله نبياً وجعله مباركاً " حيث قال سبحانه تعالى : إنى عبدالله أتانى الكتاب وجعلنى نبياً وجعلنى مباركاً أينما كنت " بل إن الطريقة التى خلق بها سيدنا عيسى جعلته " آيه"  وعلامة على قدرة الحق سبحانه وتعالى وبها أصبح سيدنا عيسى علماً على مر الزمان كما أن الحق سبحانه وتعالى يذكر سينا عيسى بفضل الله على والدته إذ ذكر إسمها فى القرآن الكريم وفضلها على نساء العالمين وبرأها مما يزعم أهل الكتاب فقال سبحانه وتعالى " يامريم إن الله إصطفاك وطهرك وإصطفاك على نساء العالمين"
2-: " إذا أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا "
فى هذه الآية الكريمة يبين الحق سبحانه وتعالى تأييده لبنى الله عيسى عليه السلام إذ جعل روح القدس وهو سيدنا جبريل عليه السلام دائما مع سيدنا عيسى يأخذ بيديه ويثبته كما أن الحق سبحانه وتعالى بقدرته أنطق سيدنا عيسى وهو فى المهد ليبرىء ساحة والدته وليثبت قدره الله جل وعلا كما أن الحق سبحانه وتعالى بين أنه بفضله وبتأييده جعل كلام سيدنا عيسى وقت الدعوة لا يختلف عما تحدث به وهو فى المهد
3- :- " وإذا علمتك الكتاب والحكمة والتوراه والإنجيل " وهنا يبين الحق سبحانه وتعالى أنه هو الذى علم سيدنا عيسى الكتاب والحكمة كما انه جل وعلا علم سيدنا عيسى  التوراه التى نزلت على سيدنا موسى وأنزل معه الإنجيل فما كان لسيدنا عيسى أن يعلم كل هذا لولا فضل الله عليه وسيدنا عيسى عليه السلام يعرف ويعلم أن الله جل وعلا صاحب  الفضل عليه إذ يقول القرآن الكريم عن ذلك " وإذ قال عيسى بن مريم يابنى إسرائيل إنى رسول الله اليكم مصدقاً لما بين يدى من التوراه " ففى هذه الآية يذكر سيدنا عيسى إنه رسول الله ولم ينسب هذا العلم والفضل الى نفسه
4- : " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذنى " هنا تبدأ الآية فى ذكر المعجزات التى أيد بها الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى علية السلام إذ يذكر الحق سبحانه وتعالى أنه بقدرته أمر سيدنا عيسى أن يصنع من الطين أشكالاً كالطيور ثم يأمره سبحانه وتعالى أن ينفخ فيها فلولا فضل الله وإذن الله للجماد أن يتحول بقدرته جل وعلا الى طيراً محسوساً لظل جماداً كما هو إذن فالخلق هنا مرجعه الى الله سبحانه وتعالى لأن كل الذى قام به سيدنا عيسى هو أن جمع الطين ثم صنع منه ما يشبه الطير ثم ينفخ بإذن الله .
5- :- " وتبرأ الأكمه والأبرص بإذنى " وهذه الآيه من المعجزات الباهرات إذا أنه لا يستطيع طبيب أن يحول أكمه " وهو من ولد أعمى " بصيراً مهما أوتى من علم أو أن يشفى أبرص " وهو داء جلدي خطير " رغم أن الأطباء فى زمن سيدنا عيسى كانوا على درجة عاليه من العلم والتفوق فأراد الحق سبحانه وتعالى أن يتحدى هؤلاء بجنس ما برعوا فيه ليعلم الجميع أنه " و فوق كل ذى علم عليم"  وليعلم بنو إسرائيل الذين أرسل إليهم سيدنا عيسى عليه السلام أن هذه معجزات من عند الله العزيز القدير .
6-:- " وإذ تخرج الموت بإذنى " لا تزال الآيه تذكر بقدرة الله جل وعلا وبتأييده سبحانه وتعالى لنبيه عيسى عليه السلام فجعله يستطيع إحياء الموتى ولا يكون ذلك إلا بإراده الله وليخبر بنى إسرائيل بأن الله جل وعلا يؤيد رسوله بما لا يدع مجالاً لأحد أن ينكر ماجاء به هذا الرسول وحتى لا يكون للناس حجه على الله بعد الرسل  .
7-: " وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات " وتعود بنا الآيه الى الفضائل التى من الله سبحانه وتعالى بها على سيدنا عيسى عليه السلام فيذكره الحق سبحانه وتعالى بإنه بقدرتة إستطاع أن يحمى سيدنا عيسى عليه السلام من أيدى بنى إسرائيل رغم تدبيراتهم ومحاولاتهم للنيل منه عليه السلام فلقد حاولوا قتله فلم يستطيعوا بقدرة الله " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم "
8- :- " وإذ أوحيت الى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى قالوا أمنا وأشهد بأننا مسلمون " فالآية الكريمة تذكر سيدنا عيسى بفضل الله عليه أن أوحى الله سبحانه وتعالى الى الحواريين أن يؤمنوا بما جاء به سيدنا عيسى عليه  السلام حتى لا يكون بمفرده أو لا يظن أنه ليس هناك أحد يقبل ماجاء به من عند الله العزيز الحكيم كما أن الحق جل وعلا جعل الحواريين مؤيدين  لسيدنا عيسى عليه السلام .
9-:- حين طلب سيدنا عيسى عليه السلام من الله جل وعلا أن ينزل عليهم مائدة من السماء بناء على طلب الحواريين حتى تطمئن قلوبهم ويعلموا أن الله يسمع لهم أنزل الحق سبحانه وتعالى المائدة من السماء تأييداً لسيدنا عيسى عليه السلام " قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وأخرنا وآيه منك وارزقنا وأنت خير الرازقين "
" قال الله إنى منزلها عليكم " فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذاباً لا أعذبه لأحداً من العالمين "
10-:- وأنبؤكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " وهذه آيه آخرى من الآيات التى أيد بها الحق سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام إذ بقدرته جعل سيدنا عيسى يعلم ما يأكله الناس وما يدخروه فى بيوتهم لعل القوم يدركو ا أن هذا النبى إنما جاؤهم من عندالله العليم الحكيم .
11- :- " ومصدقاً لما بين يدى من التوراه ولا حل لكم بعض الذى حرم عليكم " وهنا يبين الحق سبحانه وتعالى أنه رحم بنى إسرائيل حين أرسل إليهم سيدنا عيسى عليه السلام وجعله يصدق الكتاب الذى بين ايديهم وهو التوراة كما أن الحق جل وعلا خفف عنهم بعض ماكانوا يعانون وأحل لهم بعض ماكان محرماً عليهم من المأكولات التى حرمت على اليهود نتيجة عنادهم وبين القران الكريم ما فعله الحق ببنىاسرائيل من تشديد فقال جل وعلا :
 " وإذ قال موسى لقومة ياقوم لما تؤذوننى وقد تعلمون إنى رسول الله إليكم فلما زغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين "
وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهم إلا ماحملت ظهورهم أو الحوايا أوما أختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون "
" فيظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم "
مما سبق يتضح لنا أن القرآن الكريم ذكر أن الحق سبحانه وتعالى خلق سيدنا عيسى بقدرته وأيده بفضله وجعله (آية) للناس كما جعله رسولاً ونبياً إلا أن الناس إختلفوا فى أمر سيدنا عيسى فمنهم :
1- من أمن بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمة من الله ألقاها الى مريم " ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " وهؤلاء هم المسلمون لأنهم يعلمون أن الله على كل شىء قدير ويؤمنو بأن الله واحد " وما كان معه من إله " " انى   يكون له ولد ولم تكن له صاحبه " كما أنهم أى المسلمون يؤمنون بأن المعجزات التى قام بها سيدنا عيسى من إحياءاً لموتى أو شفاءاً لأكمه إنما هى من عند الله العزيز الحكيم فهم يؤمنون بأن الله إذ أرسل رسولاً يؤيده بمعجزات تدل على أنه رسول من الله فكما أيد الحق سبحانه وتعالى موسى عليه السلام بالعصى وأيد سليمان عليه السلام بالريح أيد سيدنا عيسى بهذه المعجزات .
2- من الناس  من قصر فكره وفهمه وعجز عن إدراك قدرة الحق جل وعلا فجعل لله ولداً بل وجعله ثالث ثلاثة و هؤلاء هم النصارى فيعتقدون فى أن عيسى ابن الله ويعتقدون بأن الله وعيسى وجبريل ثلاثة فى واحد ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمتة ألقاها الى مريم وروح منه فأمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أنى يكون له ولد له مافى السموات ومافى الأرض وكفى بالله وكيلاً "
كما أن هؤلاء يزعمون أن المسيح عليه السلام قتل وصلب ليغفر لهم خطاياهم ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا" 
بل وغال بعضهم فرفع المسيح الى مقام الألوهيه ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ونحن إذ نذكر هذه الحقائق كما وردت فى القرآن الكريم لا نتهمهم ظلماً وزوراً بل سنذكر ما اختلفوا فيه فى شأن المسيح عليه لسلام فتارة يزعمون أنه إله وتارة يقولون أنه إبن إله وتاره يقولون إنه ذو طبيعتين ولذا رأيت أن من الحكمة أن أذكر ماجاء فى الإناجيل بخصوص المعجزات التى قام بها سيدنا عيسى والإختلافات التى ذكرت فى الأناجيل
- المعجزات التى قام بها المسيح والتى ذكرت فى الأناجيل
أولاً:- تذكر الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بإحياء ميت فيقولون فى إنجيل لوقا أن امرأة مات وحيدها وكانت تبكى لفراقه فتحنن عليها السيد المسيح وأحياه لها " فلما رأها الرب تحنن عليها وقال لها : " لا تبكى " ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال : " إيها الشاب لك أقول : قم " فجلس الميت وابتدأ يتكلم فرفعه الى أمه " ( )
ثانياً :- تذكر الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بشفاء رجل أبرص فيقولون فى إنجيل لوقا أنه كان هناك رجل مملوء برصاً وطلب من يسوع المسيح أن يطهره قائلاً " يا سيد إن أردت تقبل أن تطهرنى " فمد يده قائلاً : " أريد , فأطهر " وللوقت ذهب عنه البرص " ( )
ثالثاُ :-تذكر الأناجيل أنه جاء رجل أصم وأعقد الى السيد المسيح فطلب منه أن يشفيه فيقولون فى إنجيل مرقس " وجاءوا إليه بأصم أعقد و وطلبوا إليه أن يضع يده عليه فأخذه من بين الجميع على ناحية , ووضع أصابعه فى أذنه وتفل ولمس لسانه , ورفع نظره نحو السماء , وأن وقال له : " إفتأ " أى إنفتح وللوقت  إنفتحت أذناه وأنحل رباط لسانه وتكلم مستقيماً . ( )
رابعاً : تذكر الإناجيل أن المسيح عليه السلام قام بالعديد من المعجزات منها شفاء أخرس وشفاء أعمى فيقولون أنه جاء أعميان الى المسيح يطلبون منه أن يشفيهما فلمس أعينهما قائلاً " حسب إيمانكما ليكن لكما " فإنفتحت أعينهما ( ) كما أنهم يذكرون أنه قام بشفاء إمرأه كانت تنزف دماً كما أنه قام بشفاء مشلول ويذكرون أنه كان يمشى على الماء " وفى الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشياً على البحر فلما أبصره تلاميذه ماشياً على البحر إضطربوا قائلين " إنه خيال * ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلاً تشجعوا أنا هو لا تخافوا " ( )
* لقد ذكرت الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بما ذكرناه من معجزات وأكثر منها من تلقاء نفسه لأنهم يزعمون أنه ما قام بهذه المعجزات إلا لأنه إله وابن إله وهذا هو الفارق بين ما نؤمن به نحن المسلمين بخصوص هذه المعجزات وبين ما يؤمن به النصارى فقد ذكرنا من قبل أن هذه المعجزات هى تأييد من الله جل وعلا لنبيه عيسى عليه السلام . وأن عيسى عليه السلام رسول مثل غيره من الرسل وبشراً مثل باقى البشر يخضع لقانون البشرية ويخضع لإرادة الله " قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه " أما النصارى فيصرون على إلوهية السيد المسيح عليه السلام
ولذا هناك تساؤلات بهذا الخصوص نستعرضها لنوضح إذا كانوا على حق أم لا :-
أولاً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه أحيا أمواتا ؟ فما يقولون فيمن أحيوا أمواتاً غير السيد المسيح فلقد ذكر فى العهد القديم أن نبياً من أنبياء الله وهو " إيلياء " أحيا أمواتا حين جاءوا إليه يشكون أن صبياً مات فطلب إيلياء من الله أن يحيى هذا الولد قائلاً : " يا رب إلهى , لترجع نفس هذا الولد الى جوفه , فسمع الرب صوت إيلياء , فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش " ( ) فلماذا لم يجعل بنو إسرائيل إيلياء إلهاً ؟
فإذا كان إيلياء نبياً فإن هناك أحد تلاميذه المسيح قام أيضا .بإحياء ميت فيذكر فى كتب الأناجيل فى أعمال الرسل أن بطرس وهو أحد تلاميذ المسيح أقام ميتة " فأخرج بطرس الجميع خارجاً وجثا على ركبتيه وصلى ثم ألتفت الى الجسد وقال " ياطابئا " أى يا صبية قومى ففتحت عينها فلما أبصرت بطرس جلست فناولها يده وأقامها ثم نادى الفريسين والأرامل وأحضرها حيه "    (  )
 ثانياً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه ولد من غير أب ؟ فماذا يقولون فى آدم عليه السلام الذى خلق من غير أب أو أم بل ونفخ الله فيه من روحة مباشرة إذاً لو أخذنا بمنطق النصارى لكان آدم عليه السلام أولى بالألوهية من عيسى عليه السلام
ثالثاً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه رفع الى السماء فيقولون " وأخرجهم خارجاً الى بيت عنيا , ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم أنفرد عنهم وأصعد الى السماء " (  ) فماذا يقولون عن أنبياء العهد القديم الذين ذكروا فى التوراه وهم أيضاً رفعوا الى السماء فتقول التوراه فى سفر التكوين عن نبى الله " أخنوخ " وهو أدريس عليه السلام " وصار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه " ( ) كما تذكر التوراه أن نبى الله إيلياء أيضاً أصعد الى السماء فيقولون فى سفر الملوك الثانى " وفيما هما يسيران ويكلمان , إذا مركبه من نار وخيل من نار ففصل بينهما , فصعدا إيلياء فى العاصفة الى السماء " ( ) فلماذا لم تعتبر بنى إسرائيل إيلياء أو أخنوخ ألهة فلقد أصعدا الى السماء كما أصعد المسيح عليه السلام والعجيب أن النصارى لا يستقرون على رأى بخصوص السيد المسيح عليه السلام فيقولون أنه إله إذ يذكرون فى الأناجيل " هو ذا العذراء تحبل وتلد إبناً , ويدعو إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا ( ) وها التفسير ليس صحيحا لان كلمة (عمانوئيل) تنقسم الى مقطعين الاول عمانو – الثانى ئيل – ومن المعروف ان الهمزة اذا جاءة فى اول الكلمه هى بمثابة الالف ا فكلمة ( ئيل ) تنطق او تكتب ( ايل ) وهذة الكلمه فى العبرانية تعنى الله اذ مثل اسرائيل فهو ينقسم الى قسميت اسرا –ايل وهو يعنى عبد الله اذ فكلمة عمانويل لا تعنى مطلاقا الله معنا بل نعمى مثلها مثل اسؤائيل وجبرائيل واسرافيل وميكائيل فكل هذة الاسماء تعنى عبد الله وانما تنوعها يشبه عندنا بين اسماء المسلمين مثل نعنة الله – هبه الله – منه الله –عبدالله – رحمت الله اذ فالاخوة النصارى مخطئون فى تفسير كلمة عما نويل وهذا ما يكدة الواقع والقران الكريم  فالواقع ان عيسى عليه السلام ابن مريم ومريم عليها السلام مثلها مثل باقى البشر يرجع نسبهاالى ادم عليه السلام وادم وبنوه كلهم عبيد لله اما القران الكريم وضح هذا الامر على لسان عيسى ابن مريم حين تكلم فى المهد ( قال انىعبد الله )
ونحن نعجب لهذا الاله الذى حمل فى بطن إمرأه وتغذى على دم الحيض وولد ومر بمراحل الطفولة وأكل وشرب ........ فهل هذا إله ؟
ويزعمون أنه ابن الله فيذكر متى فى إنجيله أنه حينما جاء يسوع الى نواحى قيصيرية  تراى وسأل تلاميذه ماذا يقولون عنه فأجاب سمعان بطرس وقال : " أنت هو المسيح ابن الله الحى " ( )  ونحن نعجب من هذا إذ أن الحق جل وعلا تعالى عن ذلك علواً كبيراً والأعجب من هذا أنهم يذكرون أن هذا الابن ما جاء إلا ليخلص العالم من الخطئية فيعرضوه للقتل والصلب وهذا لم يحدث لقول الحق سبحانه وتعالى " وما قتلوه يقيناً "
- ثم  يقول موضوع آخر بأنه نبى إذ يذكرون على لسان السيد المسيح قوله " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس  أو الأنبياء ما جاءت لأنقص بل لأكمل , (  )
ويزعم النصارى أن المسيح هو الرب فيقولون حين ذهب الى الأرملة التى مات وحيدها وأحياه لها كما ذكرنا " فلما رأها الرب تحــنن عليها " (  ) فى حين أن المسيح عليه السلام تبرأ من هذا إذ يقولون فى إنجيل متى على لسان السيد المسيح " ليس كل من يقول لى : يا رب , يدخل ملكوت السموات . كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم يا رب أليس بإسمك تنبأنا وبإسمك أخرجنا شياطين وبإسمك صنعنا قوات كثيرة فحينئذ أصرخ لهم : إنى لم أعرفكم قط إذهبوا عنى يا فاعلى الإثم " ( )
- وتذكر الأناجيل أيضاً أن عيسى عليه السلام إنسان فيقولون فى إنجيل مرقس " إن ابن الإنسان ماضٍ لما هو مكتوب عنه " ( ) ثم يذكرون فى إنجيل متى أن النبى أشيعاء قال : قولوا لابنه صهيون (أورشليم) هو ذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً على أتان "  ( )
فلا ندرى لماذا كل هذا التخبط فلما لا يستقرون على رأى واحد ليريحوا عقولهم وليبتعدوا عن هذه الإضطربات التى لا تجعل الإنسان يهتدى الى الصراط المستقيم ؟
العقيدة فى القرآن والأناجيل .
أولا- الألوهية
نلحظ نحن المسلمين – ونحن نقرأ القرآن الكريم أن الحق سبحانه وتعالى حسم قضية العقيدة بشكل واضح لا غموض فيها ولا التباس ففى مسألة التوحيد وجدنا أن الحق سبحانه وتعالى أعلنها صريحة بقوله جلا وعلا : " ما من إله إلا الله " ويقوله سبحانه : " الله لا إله إلا هو الحى القيوم " وأكد الحق سبحانه وتعالى هذا بقوله جلا وعلا " قل هو الله أحد " بل إن الحق سبحانه وتعالى بين أن من يؤمن بغير ذلك أى يجعل لله ولداً أو صاحبه أو شريكا فلا يعد مؤمناً لقوله سبحانه : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح أبن مريم " بل وزجر من جعلوه سبحانه ثالث ثلاثة لقوله سبحانه : " لا تقولوا ثلاثة انتهوا خير لكم " وشبه الحق سبحانه وتعالى الذين يتخذون من دون الله شركاء كأنهم اتخذوا لأنفسهم بيتا كبيت العنكبوت " " مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لوكانوا يعلمون وبهذا تكون قضيته الألوهية ووحدانية الله جل وعلا واضحة ومفهومة .
بينما نلحظ أن الأناجيل تناولت مسألة الإيمان بالله الواحد بشكل غامض مما يجعل القارىء أو المتلقى فى حيرة من أمره فنجد فى الأناجيل اعترافاً من السيد المسيح عليه السلام بأن الله سبحانه وتعالى إله واحد وذكر هذا على لسانه عليه السلام تحت عنوان :
الوصيه العظمى : حين جاء واحد من الكتبة يستمع الى السيد المسيح وسأله ( أية وصية هى أول الكل ؟ ) فأجابه يسوع: ( إن أول كل الوصايا هى : اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد . وتحب الرب إلهك من كل قلبك ) ( ) فهذا النص اعتراف صريح من السيد المسيح بأن الله سبحانه وتعالى إله واحد وهذا ما أكده هذا الكاتب حين سمع هذه الوصيه فيقولون فى نفس الإصحاح : فقال له الكاتب : ( جيداً يا معلم بالحق قلت , لأنه الله واحد وليس أخر سواه ) ( ) ولكن النصارى رفعوا المسيح عليه السلام الى مقام الألوهية فجعلوه مساوياً لله إذا يقولون فى إنجيل متى حين كان يسوع يجرب من إبليس قال له يسوع : ( مكتوب أيضاً : لا تجرب الرب إلهك ) ( )
بل ويجعلون السيد المسيح فى درجة أعلى من ذلك أنه يهب الملك لمن يشاء ويعطى من يشاء فيقولون فى إنجيل متى حين  اعترف بطرس بالمسيح فقال له المسيح : ( وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات , فكل ما تربطة على الأرض يكون مربوطاً فى السموات , وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً فى السماوات ) ( ) 
بل يغالون فى الأمر فيعطون المسيح سلطاناً يوم القيامة فيحاسب البشر بجوار الرب جل وعلا إذ يقولون : ( فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحيئذ يجازى كل واحد حسب عمله ) (  )
ثم نفاجى أن تحول ذكرهم للسيد المسيح من إله ورب الى ابن إنسان يقولون فى موضع أخر أنه ابن الله فيقولون : ( وكانت شياطين تخرج من كثيرين وهى تصرخ وتقول : ( أنت المسيح ابن الله ) 
ثانياً  الأنبياء :
حين تحدث القرآن الكريم عن الأنبياء من لدن آدم الى محمد ( ص ) ذكر أنهم أكمل البشر على الاطلاق إصطفاهم الله جلا وعلا ورفع قدرهم ولم ينقص أحداً منهم قدرة فقال الحق جلا وعلا" الحمد لله وسلام على عبادة  الذين إصطفى "
ويقول سبحانه وتعالى :- " ووهبنا لدواد سليمان نعم العبد أنه أواب " ويقول سبحانه وتعالى : " وإذكر فى الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبياً "
كما يقول جل وعلا : وإذكر فى الكتاب موسى إنه كان مخلصاوكان رسولاً نبياً "
ويقول جل وعلا : " وأذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً " ويقول سبحانه وتعالى : " يايحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً "
ويقول سبحانه وتعالى  عن  يوسف عليه السلام : " وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى والديك كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك حكيم عليم "
فهذه الآيات بعض من كل أثنى الحق سبحانه وتعالى على أنبيائة وأخبرنا بسيرتهم الحسنه وأمرنا بالإيمان بهم جميعاً ولا نفرق بين أحد منهم فقال سبحانه وتعالى : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير "
كما أننا نلاحظ أن القرآن الكريم تناول حياة الأنبياء وكيف أدوا رسالات ربهم وكيف قابلت الأمم هذه الرسالات وكيف أيد الحق سبحانه وتعالى أنبيائه بشكل واضح مما يجعل من يرد أن يتعرف على حياة الأنبياء وماجاؤ به يجد فى القرآن الكريم ما يريد .
وذكر القرآن الكريم قصص الأنبياء ليكون لنا فيها العبره والعظة ولقتدى بهم جميعاً ومن ثم حرص القرأن الكريم على أن يتحدث عن الأنبياء  بشكل راق وبأسلوب واضح والقرآن الكريم إذ يذكر ذلك فإنه لا يجمل الصورة أولا يريد الإفصاح عن شىء فعله لأنبياء ( حاشا ذلك ) ولكن القرأن الكريم أخبرنا بأن الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامة رسل لله الى الناس فلا بد أن يكونوا على درجة عاليه من الإيمان والعفه والطهارة والنقاء و التقوى حتى يتسنى لهم أن يأخذو بايدى الناس وليرشدوهم وليقيموا الدين لله .
فقال سبحانه وتعالى يخاطب سيدنا محمد بعد ذكر الأنبياء " أولئك الذين هدى الله فبهداهم إقتده " وقال سبحانه وتعالى عنهم أنهم " المصطفين الإخيار " ومن ثم فنحن المسلمين ملتزمون بما أمر به الحق جل وعلا وبخاصة لأن القرآن الكريم يدعوا الى المساواة والإخوه والى مكارم الأخلاق فيقول سبحانه وتعالى " أن الله يأمر بالعدل والإحسان وأيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى " .
بينما نلحظ أن الأناجيل تناولت الأنبياء بشكل آخر فيقللون من شأن بعضهم ويمرون بذكرهم مرور الكرام حتى إنك لا تستطيع أن تتعرف على حياة الأنبياء معرفة واضحة فمثلاً :
1- تذكر الأناجيل أن نبى الله يحيى المعروف عندهم بإسم يوحنا المعمدان قال عن نفسه وهو يقدم المسيح عليه السلام : ( يأتى بعدى من هو أقوى منى , الذى لست أهلاً أن أنحنى وأحل سيور حذائه )(  ) . فى هذه الفقرة تذكر الأناجيل أن سيدنا يحيى لا يرتقى لدرجة تسمح له أن يحل سيور حذاء سيدنا عيسى عليه السلام وهذا غير منطقى لأن كليهما نبى باعتراف الأناجيل فيقولون عن يوحنا " يحيى" : ( وقال آخرون : أنه نبى أو كأحد الأنبياء ) ( ) , ويقولون فى موضع أخر : ( فخافوا الشعب لأن يوحنا كان عند الجميع أنه بالحقيقية نبى )( ) ويقولون عن المسيح عليه السلام : ( فقالت الجموع : ( هذا يسوع النبى الذى من ناصرة الجليل )( )
فأنى لنبى الله يحيى أن يقول  ذلك وقد قال عنه القرآن الكريم حين بشر الحق سبحانه وتعالى سيدنا زكريا عليه السلام ( أن الله يبشرك بيحى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبينا من الصالحين " ( )  فإن كان نبى الله عيسى عليه السلام كلمة من الله فإن نبى الله يحيى أيضا كلمة من الله وإن كان نبى الله عسى ( آية ) فأيضا سيدنا يحى ( آية ) فهذا دليل على مدى إفتراء وكذب بنى إسرائيل وما كتبوه عن الأنبياء كما أنهم لم يقدموا تقريرا أو تصورا كاملا للأنبياء وحياتهم او ما حدث للانبياء مع اممهم فلا ندرى لماذا تجاهلوهم ؟
2- يذكر كتاب الاناجيل ان نبى الله عيسى عليه السلام افضل من سيدنا ادم عليه السلام فيزعمون ان خطيئة ادم تسببت فى موت العالم وأصبح الجميع يحملون قدرا من هذه الخطيئة مما جعل الحق سبحانه وتعالى حاشاه ان يرسل ابنه فيعرضه للموت والقتل والصلب ليغفر بهذا للبشر نتيجة ما تسبب فيه اباهم ادم وليحيا العالم من جديد بموت المسيح " قاتلهم الله انى يؤفكون " فيقولون فى الانجيل " من اجل  ذلك كانما بإنسان واحد دخلت الخطيئة الى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس لأنه كما بمعصية الانسان الواحد جعل الكثيرون خطاه هكذا تملك النعمه بالبر للحياة الابدية بيسوع المسيح ربنا " (  )
الا ان القران الكريم بين لنا ان الانبياء جميعهم مرسلون من الله الى العباد لهدايتهم وإخراجهم من الظلمات الى النور وحين تحدث القرآن الكريم عن نبى الله عيسى عليه السلام شبهه الحق سبحانه وتعالى بسيدنا ادم عليه السلام فقال جلا وعلا " ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون " بل لو بحثنا عن التفاضل بينهما لوجدنا ان ادم عليه السلام خلقه الله بيديه واسجد له ملائكته وعلمه الاسماء كلها فلا ندرى من اين جاء النصارى بما يزعمون على انبياء الله .
3- يذكر كتاب الاناجيل أن نبى الله عيسى عليه السلام افضل من نبى الله موسى اذ يزعمون ان موسى عليه السلام ما هو الا خادم فى بيت الرب اما سيدنا عيسى فانه ابن صاحب البيت ولا حول ولا قوة الا بالله فيقولون " فان هذا قد حسب اهلا لمجد اكثر من موسى بمقدار ما لبانى البيت من كرامه اكثر من البيت . لان كل بيت يبنيه انسان ما ولكن بانى الكل هو الله وموسى كان امينا فى كل بيت كخادم وأما المسيح فكأبن على بيته "(  )
لا ندرى لماذا كل هذا الاجهاد للعقول ومحاولة تغيير الامور ؟ هل يريدون ان يفرقون بين رسل الله؟  ام يريدون رفع مقام السيد المسيح لدرجة الالوهية ؟ والعجيب انهم أخطاؤ حتى فى هذه المقارنات لأنهم يعتقدون ان المسيح عليه السلام الها فكيف يقارنوه بالأنبياء ؟ فهذا الخلط دليل على ان ما ذكر فى الاناجيل فيه افتراء كثير على عيسى عليه السلام
ونحمد الله ان هدانا نحن المسلمين الى ما فيه الخير مما جعلنا نؤمن بما جاء به جميع الانبياء ولم نفرق بين احد منهم ولم نضع من قدر احدهم وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالو سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير "
- كما أن الأناجيل لا تحتوى على سرد واضح لحياه الأنبياء فإنك لا تجد فى الأناجيل ما قام به الأنبياء من دعوة وتبليغ الرسالة وكيف قابلت الأمم هذه الرسالات ولا نجد إلا إشارات بسيطة .
من الأنبياء وربما ذكرت للتقليل من شأنهم إذا ما قارنوهم بالسيد المسيح عليه السلام لأن النصارى تصر على رفع مكانة المسيح الى مقام الألوهية ولذا فهم يعتبرونه أفضل من الأنبياء
ويرجع السبب فى التقليل من شأن الأنبياء فى الأناجيل الى تأثر من كتب الأناجيل بما ذكر فى العهد القديم عن الأنبياء لأن اليهود والأحبار حين كتبوا التوراة لم يتقوا الله ولم يراعوا حق الأنبياء ووصفوهم بأوصاف لا يقبلها عقل ولا دين ونذكر مثالين لنبيين عظيمين ونرى كيف أهانهما أهل الكتاب فهم أعداء الفطرة السليمة والأخلاق الحميدة
فيقولون عن نبى الله " سليمان " عليه السلام
( وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موأبيات وعمونيات وأدوميات صيدونيات وحيثيات من الأمم الذين قال عنهم الرب لبنى إسرائيل لا تدخلو إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء ألهتهم . فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة وكانت له سبع مائة من النساء السيدات وثلاث مائة من السرارى فأمالت نساؤه قلبه وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساؤه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب ألهه ) (  )
إن هذا النص الذى ذكر فى التوراة عن نبى الله سليمان غير منطقى ولا يقبله عقل ولا دين لأسباب :
1- إن نبى الله سليمان عليه السلام من الأنبياء الكرام الذين إصطفاهم الحق سبحانه وتعالى وإثنى عليه بقوله جل وعلا ( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد أنه أواب )
فكيف يخبر الحق عنه بأنه " نعم العبد " ثم هو يميل الى الهه أخرى .
2- أن الأنبياء أرسلهم الحق سبحانه وتعالى ليبلغوا رسالات ربهم وأن يؤدوا الأمانة كاملة فليس لديهم وقت لهذه الشهوات والملذات لأنهم ما أرسلوا إلا ليرشدو الناس الى الخير وليعلموا الناس العفة والطهارة فكيف يقدمون على ذلك وهم غارقون فى الملذات ؟ " حاشاهم "
3- ما فعل اليهود ذلك الا ليجدو سبيلا للطعن فى نسب سيدنا عيسى عليه السلام فهم يريدون أن يقللو من شأن السيد المسيح ويظنون أنه لا ينسنى لهم ذلك إلا إذ غيرو فى الأنساب من البداية ولكن شأت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تكشف كذبهم وافتراءهم على الأنبياء فأنزل الحق سبحانه وتعالى القرآن الكريم وحفظ فيه سيرة الأنبياء كاملة ولندافع نحن المسلمين بالقرآن الكريم عن هؤلاء العظماء لقول الحق سبحانه وتعالى ( وجاهدهم به جهاداً كبيراً )
كما تذكر التوراة أن النبى لوط عليه السلام بعدما هلكت قريته ونجاه الله هو وابنتيه إستقر بهم المقام فى مغارة فيزعم اليهود أن ابنتى لوط عليه السلام سقتا أباهما خمراً ونامتا معه فيقولون :
( وصعد لوط من صوغر وسكن فى الجبل وابنتاه معه لأنه خافا أن يسكن فى صوغر فسكن فى المغارة هو وابنتاه وقالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ وليس فى الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض , هلم نسقى أبانا خمراً ونضطجع معه فنحى من أبينا نسلاً , فسقتا أباهما خمراً فى تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها . وحدث فى الغد أن البكر قالت للصغيرة : إنى أضجعت البارحة مع أبى فنسقيه خمرا الليلة أيضا فأدخلى اضجعى معه فنحي من أبينا نسلاً فسقتاً أباهما خمراً فى تلك الليله أيضاً وقامت الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم بإضطجاعها ولا بقيامها .
فحملتا ابنتا لوط من أبيهما فولدت البكر ابنا ودعت اسم موأب وهو أبو المؤأبين الى اليوم والصغيرة أيضاً ولدت أبناً ودعت إسمه بن عمى وهو أبو بنو عمون الى اليوم ) ( )
لو لم يوجد فى التوراة نص غير هذا لكفى به إثماً مبيناً إذ إن اليهود يفترون على الله الكذب ويفترون على أنبياء الله وعلى أسرهم فهذا النص دليلا قطعياً على مدى غباء اليهود وحقدهم الأعمى وأنهم دعاة الرذيلة والفحشاء فكيف يقولون عن نبى الله لوط ذلك فإن ما قيل باطل ومحال للأسباب كثيرة :-
أولاً : إن نبى الله لوط من الأنبياء الذين إصطفاهم الله ليكون قدوة للبشر وحقاً كان كذلك بشهادة قومة له أجمعين حين أمرهم بترك الفاحشة فيقول القرآن الكريم " ولوط إذ قال لقومه أتأتون تالفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين . قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم إناس يتطهرون "
ثانياً : لو كانت ابنتا لوط بهذه الأخلاق الرذيلة لأهلكهم الحق سبحانه وتعالى مع أهل القرية بدليل أن الله جل وعلا أهلك امرأة لوط كما أهلك ابن سيدنا نوح أمام عينيه حين قال
" ربى إن أبنى من أهلى قال أنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح "
إذن كان السهل إهلاكهم بدلاً من أن يقعا فى الرذيلة ويدنسوا أباهم النبى .
ثالثاً: هل حين أهلك الله هذه القرية أهلك معها كل من على الأرض حتى لم يبقى فى الأرض رجلاً واحد ؟
بالطبع لا لأن ما كانت قرية لوط إلا قرية من ألاف القرى إذن فلو رحلوا أو تحركوا لوجدوا قرى أخرى بها رجالا يستطيعون أن يعاشروهم بالمعروف .
رابعاً : كيف لم يعصم الحق سبحانه وتعالى نبيه لوط من الوقوع فى المحرمات فهل كان الله جل وعلا غائباً " حاشا لله " وقت هذه الجريمة فيترك نبيه مرتين ليتعرض فيها بالزنا وهو لا يدرى .
خامساً : ألم تكن لدى نبى الله لوط نخوة الرجولة فيسأل بناته عن حملهن ومن أين جاءو بهذه الأبناء أم أنه كان مغيباً ورضى بما فعلوه ؟ فلو كان ذلك فكيف يعدونه نبياً ؟
سادساً : نحن نبرأ الى الله من هذه الافتراءات والأكاذيب التى يقوم بها أحبار اليهود ويدسونها ليشككوا الناس فى أمور العقيدة وليشيعوا الفاحشة ونحن ما ذكرنا هذين المثاليين الا لنلتمس العذر لمن كتب الأناجيل فإذا ما قارنا بين ذكر الأنبياء فى التوراة وذكرهم فى الأناجيل لو جدنا فارقاً كبيراً إذ أنهم فى الأناجيل مروا بالأنبياء مرور الكرام ويبنوا أن الأنبياء ليسوا بمثل مكانة السيد المسيح عليه السلام دون أن يخوضوا فى أعراضهم إلا أن من كتب الأناجيل تأثر ببعض ما كتب فى التوراة عن الأنبياء .
الايام
    لكل امة ايامها المشهودة التى تعتز بهاوتسجلها فى ذاكرة التاريخ لينهل منها الاجيال الدروس والعبر وتعينهم على مجابهة الصعاب
ونحن المسلمين لنا اياما عظيمه ساندت فى ترسيخ قوائم الامه ودعمة مكانتها وصانت حرماتها ومنها
1-    الهجرة فان للهجرة مكانه عظيمه فبها تحول المسلمون من مجرد مجموعه تنادى بالتوحيد وتعانى الامرين من عناد قومهم اصبحت امه ذات سيادة ومكانه وفى المدينه استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم ان يرسى مبادء هذة الامه فبنى المسجد واخا بين المهاجرين والانصار وعقد المعاهدات وارسل البعوث والثرايا وانطلق بالجيوش يعلن كلمةالله حتى دخل الناس فى دين الله افواجا
2-    يوم بدر : تعد غزوة بدر من اهم الغزوات فى تاريخ الامه الاسلاميه حتى سماه الله يوم الفرقان لان الله جل وعلا هو الذى اعد هذا اللقاء فجعل قريش تخرج عن بكرة ابيها وبكل عدتها ورجالها تريد القضاء على المسلمين فى حين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بعدد قليل وبعتاد بسيط لا يكاد يذكر لانهم لم يخرجوا لحرب ولكن ارادها الله حربا ليثبت للجميع ان النصر من عنده هو سبحانه وتعالى اذا توكل المسلمين عليه حق التوكل وقد كان ذلك يوم بدر فقتل العتاة من قريش واسر عدد لاباس به وكسرت شوكتها وهم كانو يظنون انهم سيلتهمون محمدا صلى الله عليه وسلم ومن معه فى لحظات
3-    فتح مكه : يطلق المؤرخون على فتح مكه الفتح الاعظم لان الله سبحانه وتعالى اوفى بوعده لنبية محمد صلى الله عليه وسلم  حين اخرج من مكه مهاجرا وقال جل وعلا ( ان الذى فرض عليك القران لارادك الى معاد ) فمكن الله سبحانهوتعالى نبيه من دخول الارض المقدسه دون قتال يذكر وبهذا الفتح انتهى معقل الوثنيه فى الجزيرة وفتح الباب امام الرسول وصحابته ان ينشروا ها الدين شرقا وغربا دون اعتراض من قريش التى طالما ناصبته الاعداء  واصبحت الانظار جميعها تتجه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمو ان الاسلام هو دين الحق
4-    معركة حطين : وفيها لقن صلاح الدين الصليبين درسا غاليا وهو ان المحتل مهما طال وجودهفىالاراضى التى يستولى عليها عنوة الا انه له يوم يعود فيه الى مسقط راسه وليته يعود رابحا بل يعود نكس الرلس خسرنا فليته اراحوا انفسهم وحقنوا دماء ابنائهم ولكن ماذا نفعل وقد ( بدت البغضاء من افواههم وما تخفى صدورهم اكبر )
5-    معركة عين جالوت : هذة المعركه تعد وساما على صدر هذة الامه المحمديه بان انتصار المسلمين فيها على التتار كسر شوكتهم وحمى العالم الاسلامى والغربى من همجية التتار ووحشيتهم لانهم لو هزموا المسلمين لاواصلوا زحفهم وابادوا كل ما وجدواه اخضرا كان او يابس
6-    معركة اكتوبر : تعتبر معركة اكتوبر من اروع المعارك فى العصر الحديث فقد ازهلت العالم كله واهم ما فيها هو ان المصريين لقنوا اليهود درسا غاليا وهو ان المسلمين قد يغفلون عن دينهم احيانا وقد يتناسون منهج الله حين اخر ولكن اذا افاقو من سباتهم وتمسكوا بمنهج ربهم وسنة نيهم وقتها لا تستطيع قوة ان تقف فى وجوههم لانهم حين ا يصبحون من جنود الله الى قال عنهم جل وعلا ( وان جندنا لهم الغالبون ) وهذا ما حدث ففى اعات قليله حطم المصرين خط بارليف ودمرو الاسطورة الاسرائيليه التى كانوا يزعمون انها قوة لا تقهر وبالمناسبه فهم الان يبنون سورا عازلا فسيهدم عما قرب بازن الله (  وسيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون )
مما سبق يتضح ان للمسلمين اياما مشهودة ونعتقد ان لدى اخواننا النصارى اياما يعتزون بها الا انهم فى القرون الاولى للمسيحيه عانوا كثيرا من بطش اليهود والرومان وكان هذا الضغط والعناد له ما بعدة فحين اشتد القتل فيهم فى عهد الامبراطور ديقلديانوس عام 284م اعدوا هذا العام بداية للتقويم القبطى وبعدها حاول كبار النصارى ان يجمعوا المسيحيين على كلمة سواء فعقدوا العديد من المجامع الا ان هذة المجامع كانت تواكب الجيل الذى تعقد فيه وما ان ياتى جيل اخر فيلغى ماسق ويقرر مبدا جديد    
كما إن الإضطرابات والتناقضات التى ذكرناها بخصوص نسب السيد المسيح عليه السلام والمعجزات التى قام بها ومن ذكرهم أنه تارة إله وتارة نبى وتارة أخرى إنسان  لم توقعنى وحدى فى حيره بل وقع فيها كبار القساوسة إذا أنهم اختلفوا على مر العصور فى طبيعة السيد المسيح هل هو بشر ؟ أم أله ؟ أم ذو طبيعتين ؟ مما أضطرهم الى عقد العديد من المجامع ولم يصلوا الى حل يريح العقول بهذا الخصوص فلقد بدأت هذه الإضطرابات حين ظهر " أريوس " وهو أسقف إسكندرى وقال :
( إن المنطق يحتم وجود الأب قبل الإبن ولما كان المسيح الابن مخلوقا للإله الأب فهو إذن دونه ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يعادل الإبن الأب فى المستوى والقدرة وبعبارة أخرى فإن المسيح مخلوق لله )
بينما عارضة فى هذه الفكرة شماس إسكندرى أسمه إثناسيوس حيث قال :-( إن فكرة الثالوث المقدس تحتم أن الابن مساويا للإله الأب تماما فى كل شىء ).
ووجد كل منها مؤيدين فازداد الخلاف بينهم مما أضطر الإمبراطور قسطنطين أن ينادى بعقد مجمع " نيقية " فحضر فى بداية الأمر ( 1048) أسقفا وشماسا وقسيسا وغيرهم من أصحاب الكلمة إلا أنهم اختلفوا اختلاف شديداً فمنهم من يقول بأن المسيح إله ومنهم من يقول أن المسيح وأمة الهين
ولقد ذكر (زكى شنودة ) فى كتابه ( تاريخ الأقباط ) المجامع والكنائس ورأيت ان اسرد أهم هذه المجامع  بشئ من التلخيص حتى يسهل على القارئ فهمها ورايت فيها كيف تخبط النصارى طوال عقودهم فمنهم من يزعم ان المسيح اله ومنهم من يقول بان المسيح وأمه الهين ومنهم من يقول انه بشر في صورة اله أو اله فى صورة بشر وكان نتيجة هذا الخلاف أن انسحب عدد كبير من القساوسة والأساقفة ولم يبقى من هذا العدد سوى (324) وهؤلاء تم  بهم عقد المجمع المعروف بـ
(مجمع نيقية ) عام 325م
وفيه صدر قرار بإدانة أريوس ووصلوا فيه الى قرار عجيب يحير العقول وأكدوا فيه على التثليث فقالوا نؤمن باله واحد ضابط الكل , خالق السموات والأرض كل ما يرى ومالا يرى , وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور اله حق مولود غير مخلوق مساو للاب فى الجوهر الذى من اجلنا نحن ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العزراء وتائنس وصلب على عهد بيطلاس النبطي ونألم وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب وسيأتى بمجده ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه وبروح القدس الرب المحي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن السجود له  )
ان ما صدر في هذا المجمع لا يقبله عقل ولا منطق إذا أنهم جعلوا المسيح عليه السلام منبثق من الله جل وعلا بل مساو له سبحانه في الخلق والأمر والثواب والعقاب ثم تمادوا وجعلوا سيدنا جبريل الروح الأمين متحداً من الله والمسيح لتكمل الثلاثية .
والحق سبحانه وتعالى حذر أهل الكتاب من هذا الخلط الذي يحير العقول ولا طائل من وراءه فقال سبحانه وتعالى " وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ ".
ثم هل الله سبحانه وتعالى في حاجة إلى من يعينه في أمر الخلق ؟ بالطبع لا فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ولكن من أين جاءوا بهذه الثلاثية بهذا الترتيب العجيب وبهذا الإطار الغريب ؟
يبدو أنهم تأثروا بالأساطير القديمة وبخاصة الأساطير اليونانية والهندية
فيذكر الإمام محمد أبو زهرة في كتابه محاضرات في النصـــرانية ص 33 , 34 " أن أمينوس المتوفى سنة 242 اعتنق في صدر حياته الديانة المسيحية ثم ارتد عنها إلى وثنية اليونان الأقدمين وجاء من بعده تلميذه أفلوطين المتوفى سنة 270 وقد تعلم في مدرسة الإسكندرية أولا ثم ارحل إلى فارس والهند وهناك استقى ينابيع الصوفية الهندية واطلع على تعاليم بوذا وديانته وبراهمة الهند وديانتهم ثم عاد إلى الإسكندرية واخذ يلقى بآرائه على تلاميذه وكان أهم ما فيها :-
إن العلم يرجع في تكوينه وتدبيره إلى ثلاثة عناصر أو إلى ثالوث مقدس هو( العلم ) المنشى  الأول و(العقل ) الذي تولد منه كما يتولد الولد من أبيه و( الروح )الذي يتصل بكل حي ومنه  الحياة فإذا عبرنا عن المنشى الأول ( بالأب ) وعن العقل المتولد منه( بالابن ) وعن الروح (بروح القدس ) كما هو ثالوث النصارى الذي اخذ ببعضه بجمع نيقية "
وهذه حقيقة لان الأساطير الهندية القديمة تحكى ما هو قريب من ذلك فيقول ما لفير " في كتابه المطبوع سنة 1895
( لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة عن عقيدة الهنود القدماء ما نصه " نؤمن " بسافسترى " اى الشمس اله واحد ضابط الكل خالق السموات والأرض وبابنه الوحيد " أتى " اى النار نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من " فايو " اى الروح في بطن " مايا " العزراء ونؤمن بفايو الروح ألحى المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له ويمجد ( )
لعلك عزيزي القارىء قد رأيت التشابه الواضح بين عقيدة الهنود وبين عقيدة النصارى والدليل على ذلك أنهم بعد مجمع نيقة بتسع سنوات نادى القساوسة والأساقفة لعقد مجمع أخر فكان مجمع صور .
مجمع صور سنة 334 م 
(نادى الإمبراطور قسطنطين يعقد هذا المجمع وصدر فيه قرارات بإلغاء ما حدث في مجمع نيقية ومن ثم أصدر الإمبراطور قسطنطين عفواً عن اريوس وأتباعه )
فلا ندرى لماذا عوقب اريوس ؟ ولماذا عفي عنه الإمبراطور ؟ فهل حلت عليهم روح السيد المسيح وأخبرتهم بالحقيقة اى انه بشر كما قال لهم اريوس من قبل ؟
وهذا التخبط أدى إلى تحير الأجيال المتعاقبة في فهم حقيقة السيد المسيح عليه السلام ما اضطروا إلى عقد مجمعا أخر وهو مجمع خلقدونيا .
مجمع خلقدونيا سنة 451 :-
وتم في هذا المجمع ( إغفال القرارات التي أصدرها مجمع صور واتخذوا قراراً بان للمسيح طبيعتين طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية متحدتين اتحادا وثيقا ).
وهذه الآراء المختلفة لا تستند إلى مرجعية ثابتة أو حقيقة واضحة بل تستند إلى أهواء شخصية ومعتقدات فردية والعجيب أنهم لا يختلفون عن شيء من الأشياء الفرعية حينئذ نلتمس لهم العذر ولكنهم اختلفوا في أمر لا يستحق لهم الخلاف فيه وهو حقيقة السيد المسيح والدليل على ذلك كثرة المجامع والتي تناقض بعضها بعضا والتي يبدو أن كل جيل من أجيال النصارى يصر على أن يدلو بدلوه في الحديث عن الله سبحانه وتعالى وعن المسيح عليه السلام لأنه وبعد ما استقر النصارى على أن للمسيح طبيعتين فوجىء النصارى بان القساوسة والأساقفة نادوا بعقد مجمع معروف بمجمع القسطنطينية الثاني .

مجمع القسطنطينية الثاني  سنة 553 .
في هذا المجمع صدر القرار بإلغاء ما صدر في مجمع خلقدونيا وهو أن للمسيح طبيعتين ونادوا بتأكيد مذهب الطبيعة الواحدة وليت الأمر استقر عند ذلك ولكن جاءت أجيال أخرى من النصارى تعارض كل ما سبق وعقدوا مجامع كثيرة أهمها مجمع القسطنطينية الثالث .
مجمع القسطنطينية الثالث .
وكان أهم قرارات هذا المجمع : إلغاء وإدانة مذهب الطبيعة الواحدة ولم يطق بعض النصارى هذا التخبط فنادوا بالانقسام وحدث هذا في مجمع القسطنطينية الرابع .
مجمع القسطنطينية الرابع .
وفى هذا المجمع انقسم النصارى إلى طائفتين طائفة في الشرق وهى الكنيسة الشرقية وهى كنيسة أرثوذكسية ومقرها الإسكندرية وطائفة في الغرب وهى الكنيسة الغربية وهى كنيسة كاثوليكية
والعجيب أن هاتين الكنيستين إخلتفتا فيما بينهما وأصبح لكل منهما منهجه الخاص به وظل الأمر كذلك والاختلافات فيما بينهما مما أدى بالنصارى إلى أن نادوا بمذهب معتدل بين الكنيستين ولذا قام راهب ألماني يدعى " مارتن لوثيروس " وكان من الجراءة أن اعترض على الكنيسة وعرض نفسه للخطر وكان له أتباع كثيرون ضربوا بقرارات البابا عرض الحائط ولم يأت عام 1522 حتى ظهرت كنيسة ثالثة وهى الكنيسة البروتسنتانية
شهادة البابا شنودة على الاختلافات بين الكنائس
مما سبق رأينا أن الاختلاف حول طبيعة السيد المسيح أدى بالنصارى في النهاية إلى الانشقاق وليتهم اختلفوا في معجزة من معجزات السيد المسيح عليه  السلام لالتمسنا لهم العذر ونقول ان بعضهم لم يشهدها ولكنهم اختلفوا في الأسس والمبادئ التي تقوم عليها الديانة المسيحية
ولذا رأينا أن نأتي بشاهد من أهل هذه الديانة وهو البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية ليشهد على الاختلافات بين الكنائس وهذا ما ذكره  في كتابه " اللاهوت المقارن " فلقد ذكر أكثر من ثلاثين اختلافا بين الأرثوذكس وبين باقي الكنائس .
ولان الشيء بالشيء يذكر فان النصارى تزعم أن بين المسلمين خلاف في العقيدة وهذا غير صحيح لأنه ليس بين المسلمين خلاف في الأسس ومن ثم رأينا أن نستعرض بعضا من الأسس والمبادئ ثم نقابلها بما عند النصارى .

أولا ً :- الأيمان بالله الواحد الأحد
أن أئمة المسلمين وعامتهم في مشارق الأرض ومغاربها يؤمنون بان الله سبحانه وتعالى اله واحد لا شريك له ولا صاحبه له ولا ولد وان بيده ملكوت السموات والأرض ليس كمثله شيء .
أما النصارى فيؤمنون بالله ولكن بشكل مختلف فهم يجعلون مع الله الابن ويجعلون للابن سلطانا مساوٍ لله ويشركون معه روح القدس مما يجعل إيمانهم بالله إيمانا باطلاً وهذا ما أكده البابا شنودة في  كتابه سالف الذكر فيقول "  أن الكنيسة القبطية تؤمن أن طبيعة المسيح اللاهوتية والناسوتية متحدتان معاً في طبيعة واحدة ونحن نؤمن بان السيد المسيح كامل في لاهوته وكامل في ناسوته "
ثانياً:- الإيمان بالرسول :
يؤمن المسلمون جميعا بان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله وخاتم النبيين والمرسلين كما أنهم يؤمنون بجميع الرسل والأنبياء من لدن ادم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم كما أنهم يؤمنون بان عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى "  } آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وملائكته وَكُتُبِه وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "
-بينما نجد أن النصارى أجهدو العقول وحيرو اولو الالباب فما ان استقرفى اذهان الناس ان عيسى بن مريم من انبياء الله حتى يفاجئهم كتاب الانجيل بانه ابن الله وكما ان الانجيل ماذكرت الانبياء السابقين لسيدنا عيسى الا لتقلل من شانهم لأنهم رفعو درجة السيد المسيح إلى مقام الالوهية ومن ثم فهو في نظر النصارى اعظم من الانبياء
ولم يكتف النصارى بهذا الافتراء ولكنهم ما رفعوا مقام السيد المسيح إلى مقام الالوهية  الا  ليجعلوا من انفسهم رسلا مبشرين فلقد جعلو تلاميذ السيد المسيح رسلا  ورغم تحذير السيد المسيح لهم في الانجيل بان هناك اناس سيزعمون انهم رسل الله وهم كذبه فيقول متى في انجيلة على لسان السيد المسيح " حينئذ ان قال لكم احد هو ذا المسيح هنا او هناك فلا تصدقو لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبه ويعطون آيات عظيمة وعجائب ( )
ثالثا : الصلاة
يتجه جميع المسلمين في صلاتهم إلى قبله واحدة وهى الكعبة وليس هناك خلاف بين المسلمين على ذلك وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ) اى ان الحق جل وعلا يامر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بان يتجهوا في صلاتهم الى الكعبة المشرفة .
بينما يذكر البابا شنودة في كتابة اللاهوت المقارن ان هناك خلاف بين الكنائس في الصلاة فيقول " كنائس البروتستانت لاتتجه إلى الشرق مثل كنائسنا كذلك اذا وقفوا للصلاة لايتجهون إلى الشرق بل في اى اتجاه حسب موقع كل منهم  ونشكر البابا شنودة حيث بين بمقارنته هذه صدق قول الحق جل وعلا في القران الكريم " ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعو قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض "
رابعا : الكتاب
يؤمن جميع المسلمين بان القران الكريم هو الكتاب الذي انزلة الحق جل وعلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيه نبيان كل شئ ومهيمنا على الكتب السابقة لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتكفل الحق جل وعلا بحفظه فقال سبحانه وتعالى " } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " ولقد اثبتت الدراسات والأيام  ان الله سبحانه وتعالى حفظ كتابه الكريم ولم تمتد اى ايد اليه بسوء بينما يختلف الامر بالنسبة لأهل الكتاب فنجد بعض النصارى يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وبما يحتويه من اسفار والبعض الاخر لا يؤمن بكل ما في الكتاب المقدس والعجيب انك ترى اختلافات كثيرة بين الأناجيل سواء في الالفاظ او في الاحداث كما اننا رأينا ان العهد القديم ذكر فيه افتراءات كثيرة على الانبياء ولم يقدر أهل الكتاب الأنبياء حق قدرهم وقد قال البابا شنودة في هذا الخصوص " ان البروتستانت لا يؤمنون ببعض اسفار الكتاب المقدس كما انهم لا يتعاملون مع العهد القديم بالاحترام اللائق "
خامساً : الصوم
يؤمن المسلمون بان الصوم فرض من فرائض الإسلام وان صوم شهر رمضان من أركان الدين فلا ينكر احد من المسلمين صيام هذا الشهر الكريم تنفيذا لأمر الحق جل وعلا إذ يقول سبحانه " شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه " ولكن يختلف النصارى فيما بينهم في الصوم ويؤكد ذلك ما قاله البابا شنودة في كتابه اللاهوت المقارن فيقول " ولكن البروتستانت لا يوافقون على أصوام محددة في مواعيد معينة يصومها كل الشعب فهم لا يصومون الأربعاء والجمعة "


الاختلافات والتناقضات فى الأناجيل
مما سبق يتضح لنا أن الخلاف بين النصارى هو خلاف عقائدي في المقام الأول ويرجع السبب في ذلك إلى أن الأناجيل بها الكثير من الغموض والأمثال التي يفهم منها أكثر من معنى وكما أن الأناجيل تحتوى على نصوصاً متناقضة لان من كتب الأناجيل لم يطلعوا على الأناجيل قبل كتابتها فلو أنهم قاموا بذلك واثبتوا ذلك في انجيل واحد لكان أفضل واقرب للصواب لان النصوص المتناقضة تجعل القارىء في حيرة . اى هذه النصوص صحيحة ؟  ولكى نوضح ذلك نعرض بعض هذه النصوص المتناقضة:
أولا الأناجيل
الإنجيل : كلمة يونانية (  الخبر السعيد أو البشارة ) ولقد قام أتباع السيد المسيح عليه السلام بكتابة الأناجيل ولكن بعد رفع السيد المسيح بفترة من الزمن وذلك اختلط الامر في الأناجيل واضاف كاتبوها من عند أنفسهم , ظانين أنهم بذلك أحسنوا للإنجيل ولكنهم بهذا أساءوا إلى الإنجيل فضلوا وأضلوا كثيرا .  إلا أن إرادة الله شاءت أن يحفظ الحق جل وعلا الإنجيل الأصلي كما نزل على السيد المسيح عليه السلام ليطلع عليه المسلمون وبحمد والله وليعلموا صدق الله حيث قال " إنا أنزلنا الإنجيل فيه هدى ونور " المائدة وهذا هو انجيل برنابا الذي وقف له اليهود والنصارى بالمرصاد ومنعوا انتشار هذا الإنجيل وابقوا على الأناجيل الأخرى ليصدق فيهم قول الحق جل وعلا " يا بنى إسرائيل لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون " البقرة
أولا : انجيل برنابا
برنابا : هو احد حوارى السيد المسيح عليه السلام , اشتهر بينهم بالصدق والصلاح والتقوى ولم يكن خبيثا ولا سيئ الخلق وكان حسن الظن بالآخرين وهذه الأخلاق الحميدة هى التى دفعت بولس ان يلجا اليه ويصاحبه كى يدخل من خلاله الى النصارى لان بولس يعلم ان النصارى تكن احتراما  للحوارى العزيز برنابا وفى هذا تقول اعمال الرسل : ( ولما جاء شاول اى بولس الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصرفين انه تلميذ . فاخذه برنابا واحضره الى الرسل ) اعمال الرسل 9: 26 , 27
واخذ بولس يستغل وجود برنابا معه وسافر الى اكثر من مكان وظهر امام الكثيرين حتى يثق به الجميع وما ان شعر بولس انه لم يصبح في حاجة الى برنابا افتعل معه مشاجرة ثم افترقا على اثرها فيقولون ( فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحرالى قبرص واما بولس فاختار سيلا ) اعمال الرسل 4,49:15
وبعد هذه المشاجرة ادرك برنابا الشرك الذي وقع فيه وانه هو الذي ساعد بولس في الدخول الى المسيحية ولكن برنابا كان يقصد خيرا لعله بذلك يستطيع كف ايدى بولس عن تعذيب النصارى كما كان يفعل وليت بولس ظل يعذب النصارى ولم يدخل في المسيحية فقد قلب الدين راسا على عقب واحدث في الدين ما ليس فيه وقال عن الله عز وجل ما لم يقل وتحدث عن لسان المسيح بما لم يتحدث به وابتدع امورا في الدين افرغت المسيحية من مضمونها ولقد شعر برنابا بخيبة امل فيقول :( وان هناك كثيرون ضلوا بسبب تعاليم بولس و الذين ضل في عدادهم ايضا بولس الذي لا اتكلم عنه الا مع الاسى ) برنابا 2 : 4 فهذه العبارة تحمل في طياتها حزن واسى شديدين مما دفع برنابا ان يسجل وبسرعه وبخط يده المبادى والاسس السليمه التى جاء بها سيدنا عيسى عليه السلام لتكون حجة على من يختلف غيرها ولتكون مرجعا اليها وقت الحاجه فقال بعد ماراى من ضلال بولس ومن معه وضاع الكثير من مبادئ الإنجيل القيمه " وهو السبب الذى  لاجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته في اثناء معاشرتى ليسوع  ليسوع , لكىتخلصوا ولايضللنكم الشيطان فتهلكوا في دينونه , وعليه فاخذروا كل واحد يبشركم بتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا اخلاصا ايدينا " برنابا 2 , 9 وبهذا استطاع برنابا ان يبرئ زمته امام الله جل وعلا وان يكون خادما مطيعا لدينه القيم ولرسوله عيسى بن مريم عليه السلام فبين في انجيله كثيرا مما اخفاه الاخرون مثل:
1- بين برنابا في انجيله ان البشر لم يتحملوا وزر اليهم ادم وعليه فليسو في حاجه الى من يخلصهم وان كل انسان في حاجه ان يخلص نفسه بنفسه عن طريق الايمان بالله الواحد الاحد فهو سبحانه وتعالى الذي يغفر الذنوب جميعا
2- واكد برنابا ان سيدنا اسماعيل عليه السلام هو الابن البكر وعليه فهو الذي تعرض للذبح وليس اسحاق عليه السلام وان وعد الله عز وجل  لابراهيم ان برت ابنه باب اعدائه وانما المقصود به هو سيدنا اسماعيل ومن ياتى من ذريته وهو  اْلمعصوم محمد (ص) وامته ...
3- اكد برنابا ان المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله مثل سائر الانبياء وانه بشر وليس اله ولا ابن اله فيقول: ( فلما كان الناس قد دعونى الله وابن الله على انى كنت بريئافى العالم " برنابا لباب " واجاب يسوع انى حقا ارسلت الى بيت "اسرائيل نبى "  برنابا 82 ,16
4- ذكر برنابا ان السيد المسيح عليه السلام بشر في انجيله بالرسول محمد (ص) في اكثر من موضع فقال " ولكن سياتىبعدى ميسا اىرسول المرسل من الله لكل العالم الذى لاجله خلق الله العالم " برنابا 82 :17
5- اكد برنابا على ان السيد المسيح لم يتعرض للقتل ولا للصلب وان الذي قتل هو يهوذا الخائن وان السيد المسيح رفع الى السماء دون قتل أو صلب فيقول " لان الله سيصعدنى من الارض , وسيغير منظر الخائن حتى يظنه كل احد اياى :برنابا .....
6- اكد برنابا ان سيدنا محمد رسول صلى الله عليه وسلم سياتى في اخر الزمان ومعه القران الكريم ليشهد صدق نبى الله عيسى عليه السلام " ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عنى هذة الوصمة " برنابا ويقول في موضع اخر " وسيبقى هذا الى ان ياتى محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله . برناباالباب 22  ولما شاهد بولس ومن معه ماكتبه برنابا وان الحقائق لابد انها ستكشف خداعهم وتزييفهم لان الناس لاشك أنهم سيصدقون ما قاله برنابا فهو الذي عاشر وعايش السيد المسيح عليه السلام لاننا لو قلنا على سبيل المثال : لوحدث اختلاف بين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وبين رجل ممن اسلموا بعد فتح مكه واقترفا سيكون الحق مع من منهما ؟  لاشك انه سيكون مع سيدنا عمر بن الخطاب لانه عايش وجاهد وهاجر وراى رسول الله  سيدنا محمد ( ص) اكثر من الاخر " ولذا سارع اليهود بالتنكيل بالنصارى وقتل اكبر عدد منهم وقد ذكرو في الكتاب لهم يسمى ( سد حادوروت ) بانهم
1- الامبراطور ( مارك اوريل ) قتل جميع النصارى بناء على ايعاز ليهود
2- لقد ثار اليهود على المسيحين في فلسطين عام 70م وذبحوا منهم خلقا كثيرا . وفى عام 105م في عهد الحاخام ( اكيا ) ذبحوا من المسيحين 200 الف في ليبيا , 240 الف في قبرص
3- وفى عام 124م ذبح اليهود وشنقوا عشرات الالاف من الفلسطينين . 4- وفى عام 135م قتل اليهود بقيادة ( باركوخيا ) عشرات الالاف من المسيحين الفلسطينين
كل هذه الاعمال الوحشيه وغيرها جعلت من الذين يتبعون انجيل برنابا يتركون المدن ويلجئون الى الصحراء للاقامه والعباده فيها واصبحت الفرصه سانحه لليهود ان يبثو افكارهم من خلال مبادئ بولس ومن تبعه ووقفوا بالمرصاد لكل من يحاول ان يخرج انجيل برنابا أو يتعامل به وظهر هذا واضحا حين ظهر اّريوس ونادى بان الله واحد لاشريك له وان عيسى بن مريم مخلوق وبشر ورسول مثل سائر الرسل حكمو على اريوس بالسجن وسارعو الى عقد مجمع لنيقية المعروف والغاء كل ما نادى به اريوس بناء على انجيل برنابا ولم يهدا لهم  بال حتى اصدر البابا 0 جلاسيوس )امرا باباويا عام  492م بتحريم  التعامل بانجيل برنابا مطلقا
وظل الامر كذلك اى يعقد المجمع تلو المجمع لتاكيد مبادئ اليهود والبعد كل البعد عن انجيل برنابا واصبح انجيل برنابا فى طى النسيان حتى (عثر كرمر مستشار ملك بروسيا على نسخه لانجيل برنابا مترجمه الى اللغه الايطاليه ولما لها من قيمه تاريخيه اهداها الى البرنس يوجين سافواى ثم انتقلت النسخه مع سائر مكتبة البرنس الزاخرة بالاثار التاريخيه والكتب الغاليه الى مكتبة البلاط الملكى فى فيينا حيث لا تزال هناك حتى الان ص148( محمد فى التوراة والانجيل والقران ابراهيم خليل احمد )
وحين ظهر هذا الانجيل مرة اخرى فى القرن الخامس عشر اسرع اليهود ومن عاونهم  من النصارى كتابة نسخه اخرى من الانجيل بلغات اخرى محاولين ان يغيروا التعاليم التى تميز بها هذا الانجيل عن غيرة حتى اصبحنا نرى الان نسخه كبيرة لانجيل برنابا فى الاسواق بعيدة كل البعد عن النسخه الاصليه صدق الله حيث يقول " باهل الكتاب قد جاكم رسولنا يبن لكم كثير مما كنتم تخفون "  من الكتاب و يعفو عن كثير قد جاءكم من الله  نور وكتاب مبين " المائده15
وفى هذا يقول " رحمت الله الهندى عن ما سبق ( ما نصه : ان الله قد عرف بنى اسرائيل فى التوراة ان نبيا من بنى اسماعيل سوف ياتى فى يوم من الايام ليبلغ العالم رساله منه , هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولكراهيتهم لابناء اسماعيل ولحبهم لانفسهم غيرو التوراة لتكون شريعة لهم الى يوم القيامه ولما جاء المسيح بن مريم عليه السلام ليبشر بمجىء بنى الاسلام من بعده اضطهوده وحرفو دعوته )
العهد الجديد
يحتوى على الأنجيل الأربعة : انجيل متى " انجيل مرقس " انجيل لوفا " انجيل يوحنا " ثم أعمال الرسل ثم رسائل بولس وبطرس ويعقوب ويوحنا اللاهوتى "
وقبل ان نكتب عن هذه الإنجيل نورد ما ذكره ( هورن) فى الباب الثانى من القسم الثانى من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنه 1812 فيقول عن الإنجيل ما نصه
" الحالات التى وصلت إلينا فى  باب زمن تأليف الإنجيل من قدماء مؤرخى الكنيسة ناقصة ولا توصلنا إلى أمر معين " ومشايخ القدماء الأولون صدقوا الروايات الواهية وكثبوها " وقبل الذين جاوءا من بعدهم كتابتهم تعظيما لهم " وهذه الروايات الصادقة والكاذبة وصلت من كاتب إلى كاتب أخر وتعذر تنقيحها بعد انقضاء المدة )
ا" انجيل منى
(متى) هو احد تلاميذ السيد المسيح وأول من امنوا برسالته وكان يعمل جابيا للضرائب وكان بنوا إسرائيل يكرهون هذه المهنة لأنهم يرون إن الضرائب كانت تجمع من الموطنين لصالح الرومان ولذا فكان مثى وأمثاله فى نظر المجتمع مخطئون فيذكر منى عن إيمانه بالسيد المسيح ما يلى : وفيما يسوع مجتاز من هناك " رأى إنسانا جالسا عند مكان الجباية " اسمه متى " فقال له " ( اتبعنى ) فقام وتبعه ثم يذكر متى أن السيد المسيح جمع هؤلاء واكل معهم وتعجب اليهود لذلك ( فلما نظر الفريسيون قالو لتلاميذه " لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة ) إلا أن السيد المسيح بين لهم انه جاء رحمه وانه يأخذ بأيدى هؤلاء فقال ( لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى) فأذهبو وتعلمو ما هو " أنى أريد رحمه لا ذبيحه " لانى لم آت لأدعو أبرار بل خطاة إلى التوبة ) متى 9: 1329
ويحتوى انجيل متى على 28 إصحاح وتحتوى هذه الإصحاحات على 116 سند ما بين معجزه قام بها السيد المسيح أو أمثال ذكرها السيد المسيح عليه السلام لليهود . ويتكلم متى فى إنجيله عن السيد المسيح عليه السلام بداية من نسب السيد المسيح مرورا بميلاده ثم ذهابه الى مصر مع العائلة المقدسة والعودة مره أخرى إلى مدينه أخرى اسمها الجليل 
وتناول حياة السيد المسيح أثناء تعليمه فى الهيكل ومعموديته من سيدنا يحيى ( يوحنا المعمدان ) ثم بذكر المعجزات التى قام بها السيد المسيح والامثله التى ذكرها " وتكلم عن فضائل بعض العبادات كالصلاه والصوم والزكاة ثم يختم إنجيله بالتآمر على السيد المسيح والقبض عليه ثم صلبه وقتله ودفنه وقيامته ورفعه الى السماء وتحدث عن ايمان التلاميذ بالسيد المسيح ووصاياه لهم ونبؤات السيد المسيح بما سيحدث من التلاميذ
* نلحظ ان متى ركز فى الإنجيل على النبؤات التى ذكرت فى العهد القديم  التى كانت نبشر بالنبى الخاتم صلى الله عليه وسلم الا ان متى  جعلها كلها للسيد المسيح حتى يساعد اليهود ويقنعهم على الإيمان به إلا أن هناك ملحوظات كثيرة منها " لقد ذكر متى فى إصحاح واحد نصين عجبين " فقال ان الملاك ظهر فى حلم ليوسف قائلا " يايوسف ابن دواد لا تخف ان نأخذ مريم امرائتك لان الذى حبل به فيها هو من الروح القدس " فستلد ابنا وتدعو اسمه (يسوع) فقد ذكر فى هذا النص إن المولود القادم اسمه (يسوع) ثم يذكر فى نص أخر ( هو ذاء العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عما نويل ) الذى تفسيره (الله معنا ) 1 : 23
فالنص الأول هو الاصوب لان القران الكريم يقول فى هذا الخصوص ( إذا قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمه منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجبها فى الدنيا والاخرة ومن المقربين _ ال عمران : 45
2_ ذكر متى أن نسب السيد المسيح يرجع إلى سليمان بن داود من أمراه أوربا فيقول ( ويسى ولد دواد الملك : وداود الملك ولد سليمان من التى لأوربا ) 1 : 6
وذكرنا من قبل هذه القصة وكيف أنها لا تليق بهؤلاء الأنبياء العظماء فلا تدرى كيف استطاع متى ذكر هذه القصة الغريبة
3_ يذكر متى إن دواد عليه السلام قال ( قال الرب لربى اجلس عن يمنى حتى أضع أعداءك موطئا لقدمك ) 22 : 44
هذا النص من النصوص التى ذكرها متى من العهد القديم مبشرا بها للسيد المسيح عليه السلام ولكن كيف ذلك والمسيح عليه السلام من أبناء دواد فليس هناك ابن سيد ابيه إلا أن هذا النص بذكره سيدنا دواد ويعنى به سيد المرسلين , محمد صلى الله عليه وسلم لانه صلى الله عليه وسلم  يقول :
إذا كان يوم القيامة كنت إمام الانبياء وصاحب شفاعتهم ولا فخر ) فالنبى محمد  ) سيد ولد ادم عله السلام وهذا النص دليل على شفاعه النبى محمد  يوم القيامة.
وهناك العديد من الاختلافات التى نجعلنا فى حيره " أن رجلا مثل متى عاصر وعايش السيد المسيح يكتب هذه الأمور العجيبة مما يجعلنا نصدق ما قاله ( بوبى ) فى دائرة المعارف الانسانية عن انجيل متى ما نصه ( كتب هذا الإنجيل فى السنة الحادية والأربعين باللسان العبرانى " وباللسان الذى ما بين الكلدانى والسريانى لكن الموجود منه الترجمة اليونانية " والتى توجد الان باللسان العبرانى فهى ترجمه الترجمه اليونانيه "
اذن فالانجيل الحالى هو ترجمه عن ترجمه " الخ مع عدم ذكر من قام بهذه التراجم ومدى ثقتهم والمامهم باللغات " كما ان علماء النصارى يختلفون حتى فى وقت كتابه هذا الإنجيل فيقول ( هورن) فى المجلد الرابع الباب الثانى عن انجل متى ( ألف الإنجيل الأول سنه37 او سنه 38 او سنه 41 او سنه 43 او سنه 48 او سنه 61 او سنه 62 او سنه 63 او سنه 64 من الميلاد ويذكر موارخوا المسيحية ان متى ظل بالحبشة بضع وعشرون سنه يبشر بالمسيحيه ومات بها فى سنه 70 م ""
انجيل مرقس
لم يكن مرقس من تلاميذ السيد المسيح عليه السلام ولكن ذكرت أعمال الرسل أن مرقس ابن أخت الحوارى برنابا فيقولون فى ذلك
فأشار برنابا أن يأخذا معهم ايضا يوحنا الذى يدعى مرقس
وبعدما حدثت المشاجرة بين برنابا وبولس افترقا (وبرنابا اخذ مرقس وسافر فى البحر الى قبرص ثم بعد وفاة برنابا عاد مرقس للعمل مع بولس وظهر هذا فى رساله بولس الى اهل كولوسى حين قال بولس
( يسلم عليكم ارسترخسى المأسور معى ؛ ومرقس ابن أخت برنابا الذى أخذتم لأجله وصايا ؛ إن أتى إليكم فاقبلوه ) كولوسى
وقد ظل مرقس مع بولس فزه من الزمن حتى تشرب مبادئه حتى يقول ( يسلم عليكم ابفراس المأسور معى فى المسيح يسوع ومرقس)
كما تتلمز مرقس على يد بطرس الذى تنكر للسيد المسيح وقت الشده ثلاث مرات ويذكربطرس فى رسالته الاولى قائلا ( تسلم عليكم التى فى بابل المختارة معكم ومرقس ابنى ) رساله بطرس الاولى
ويذكر المؤرخون ان بطرس هو الذى علم مرقس وبناء عليه قام مرقس  بكتابه هذا الانجيل فلماذ لم يقم بطرس بكتابته ونسبته اليه ؟ فلو كان ذلك لكان اقرب الى الصواب ولكن هذا ما حدث
ويتضمن انجيل مرقس (16) سنه عشر اصحاحا وتحتوى هذه الاصحاحات على 85) خمسه وثمانون سند ما بين المعجزة قام بها السيد المسيح وأمثال ذكرها السيد المسيح لليهود وكما ذكر مرقس ما حدث للمسيح من تامر وقبض وصلب الى أخر ذلك وقد اختلف المؤرخون فى تاريخ كتابه هذا الإنجيل كما اختلفو فى تحديد زمان غيره من الإناجيل
الملحوظات الموجوده فى انجيل مرقس
هناك العديد من التناقض فى انجيل مرقس إلا اننى ساذكر اثنين فقط
1_ يذكرون فى انجيل مرقس ان بطرس اعترف بالسيد المسيح حين سالهم يسوع ( من يقول الناس انى انا ) فاجاب بطرس وقال له ( انت المسيح )
ثم يذكر مرقس ان بطرس تنكر للسيد المسيح وقت الشده حين سالو عن يسوع الناصرى فانكره وقال ( لست ادرى ولا افهم ما تقولون )
وتكررهذا اكثر من مره الى ان قال ( فابتدا يلعن ويحلف (( انى لا اعرف هذا الرجل الذى تقولون عنه )
ثم يذكر مرقس ان المسيح ظهر للاثنى عشر بعد موته وباركهم جميعا وكأن شياء لم يكن ""
يبدو ان مرقس نسى ما فعله يهوذا الذى خان السيد المسيح وشنق نفسه . فهل كان موجودا ايضا ضمن الاثنى عشر ؟
2_ يذكر مرقس ان السيد المسيح عليه السلام قال تحت عنوان يسوع ينبئ  بموته وقيامته ( وابتدا يعلمهم ان ابن  الانسان ينبغى   ان يتالم كثير " ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنه والكتبه ويقتل " وبعد ثلاثه ايام  يقوم " مرقس  8: 31
الا ان المدة من الموت الى القيامة لا تتعدى يوما لا ثلاثة ايام كما ذكر مرقس فيقول مرقس فى نفس الانجيل تحت عنوان الدفن ( ولما كان المساء اذ كان الاستعداد اى ما قبل السبت ) مرقس 15: 42
فاراد ان يدفنوه قبل الاحتفال بعيد السبت فيقول ( ولما عرف من قائد المئه وهب الجسد ليوسف فاشترى كتانا فانزله وكفنه بالكتان ووضعه فى قبر كان منحوتا فى صخره ودحرج حجر على باب القبر ) مرقس 15 : 45
ثم يذكر مرقس تحت عنوان القيامة الاصحاح السادس عشر ( وبعد ما مضى السبت اشترت مريم المجدلية ومريم ام يعقوب وسالومة حنوطا لباتين ويدهنه وباكرا جدا فى اول الاسبوع اتين الى القبر اذ طلعت الشمس وكن يقلن فيما بينهن : من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر ؟! فتطلعن وراين ان الحجر قد دحرج لانه كان عظيما جدا ولما دخلن القبر راين شابا جالسا عن اليمين لابسا حله بيضاء فاندهشن فقال لهن ( لاتندهشن ) اانتن تطلبن يسوع الناصرى المصلوب . قد قام اليس هو هنا ) مرقس 16 : 621
اذن بناء على هذين النصين الذين ذكرهما مرقس يتضح لنا ان المدة التى قضاها المسيح من الموت الى القيامة لم تكن ثلاثة ايام كما راينا فقد مات كما يزعمون يوم السبت وقام اول الاسبوع وهو يوم الاحد مما يؤكد لنا ان القصة برمتها ليس لها اساس من الصواب .
انجيل لوقا :-
لوقا لم يعاصر او يعايش السيد المسيح ولم يسمع منه عليه السلام ولكنه كان تلميذا نجيبا وصديقا مخلصا لبولس وذكر بولس ذلك اكثر من مرة فى اكثر من رسالة فيقول ( يسلم عليكم لوقا الطيب الحبيب ) كولوسى 4 : 14
وفى موضع اخر ( يسلم عليكم ابفراس الماسور معى فى المسيح يسوع ومرقس وارسترخس وديماسى ولوقا العاملون معى ) فليمون 23 , 24
والعجيب ان لوقا يذكر انه كتب الاناجيل كما سمعه من الاولين الذين عايشوا السيد المسيح فيقول فى مقدمه الانجيل ( اذ كان كثيرون قد اخذوا بتاليف قصة فى الامور المثبقنة عندنا كما سلمها الينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداما للكلمة رايت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شئ من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالى اليك ايها العزيز ثاوفيلسى )
فلماذا لم يكتب تلاميذ السيد المسيح عليه السلام الانجيل ؟
فلو حدث ذلك لاستراح الجميع ثم من هم الذين بلغوا لوقا بكل ما سمعوه من السيد المسيح عليه السلام ؟
من الواضح ان لوقا لم يتلق الانجيل من تلاميذ السيد المسيح عليه السلام لاسباب :
1- لانه لو تلق الانجيل من تلاميذ السيد المسيح عليه السلام لما اختلف مع متى فى ابسط شئ وهو نسب السيد المسيح عليه السلام كما اوضحنا من  قبل
2- كما اننا نلحظ ان انجيل لوقا شديد الشبه بانجيل مرقس مما يجعلنا نجزم بان المصدر الذى اخذا من مصدر واحد واغلب الظن انه بولس
3- لوجود تناقضات فى انجيل لوقا لا يمكن ان تكون صادرة من السيد المسيح عليه السلام ولا من حواريه فعلى سبيل المثال يذكر لوقا تحت عنوان محبة الأعداء ( ان السيد المسيح عليه السلام يقول " لكنى اقول لكم أيها السامعون أحبوا أعدائكم أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ) لوقا 6: 27 , 28
ثم يذكر لوقا فى الإصحاح الثانى عشر تحت عنوان لا سلام بل انقسام  ان السيد المسيح عليه السلام يقول " جئت لالقى نار على الأرض , فماذا أريد لو اضطر مت؟ أتظنون أنى جئت لأعطى  سلاما على الأرض ؟ أقول لكم بل انقساما " لوقا 12: 49, 51
فاى النصين إذن هو للسيد المسيح عليه السلام ؟
إذا كان الأول فمن قائل الثاني ؟!
وهناك العديد من التناقضات التي لا يتسع المجال لذكرها هنا ويحتوى انجيل لوقا على 24 إصحاح وتحتوى هذه الإصحاحات على 131 سند ما بين معجزة قام بها السيد المسيح أو مثل كما انه تناول حياة السيد المسيح عليه السلام من البداية باختصار شديد وركز لوقا على نهاية السيد المسيح عليه السلام من وجهة نظره لأننا لاحظنا أن فيها تخبطا مثل الذي ذكرناه في انجيل مرفس بهذا الخصوص ولم يستطع المؤرخون تحديد العام الذي كتب فيه انجيل لوقا .
انجيل يوحنا :
يعتقد النصارى أن يوحنا صاحب هذا الإنجيل هو يوحنا الحواري احد تلاميذ السيد المسيح عليه السلام الذى قال عنه متى في إنجيله فيذكر انه أثناء سير السيد المسيح عليه السلام عند بحر الجليل رأى يوحنا وأخوه ودعاهما لإتباعه فيقول ( ثم اجتاز من هناك فرأى اخوين آخرين : يعقوب بن زبدى واخاه , في السفينة مع زبدى ابيهما يصلحان شباكهما , فدعاهما , فللوقت تركا السفينة واباهما وتبعاه ) متى 4: 21 , 22
ويحتوى انجيل يوحنا على 21 إصحاح وتحتوى الإصحاحات على 58 سند ويتكلم عن السيد المسيح عليه السلام وعن المعجزات التى قام بها ثم تحدث عن نهاية السيد المسيح كما في الاناجيل الاخرى
إلا أن الأفكار التى تضمنها هذا الإنجيل جعلت المؤرخون يعتقدون أن كاتب هذا الإنجيل يوحنا أخر يوحنا الحواري :
كتب استنادين في كتابه ان كاتب انجيل يوحنا طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية بلا ريب ) جـ 205 المجلد السابع المطبوع سنة 1844 من كاثوليك هولد
ويستدل على ذلك ما ذكر في أخر الإنجيل ما نصه ( هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا وكتب هذا , وتعلم ان شهادته حق ) يوحنا 21 : 24
فيقول المحقق انه النص يقول ( ونعلم ان شهادته حق ) وشهادته حق بضمير الغائب لا بضمير المتكلم فكان ينبغى أن يقول : هذا هو التلميذ الذى يشهد بهذا أو كتب هذا واعلم ان شهادتى حق ومن ثم يرى المحقق ان اخر غير يوحنا عثر على مكتوبات يوحنا فنقل عنه مع زيادة ونقصان – اظهار الحق جـ 99 الباب الاول – الفصل الثانى
ويذكر رحمت الله الهندى في كتابه اظهار الحق صـ99 ما نصه ( وان فاستيس الذى هو من اعظم علماء فرقة  ( مانى كينر ) كان يصيح في القرن الرابع : ( ان العهد الجديد ما صنفه المسيح ولا الحواريون , بل صنفة رجل مجهول الاسم ونسبه الى الحواريون , ورفقاء الحواريون ليعتبره الناس , واذن المريدين لعيسى ابتداءا بليغا بان الف الكتب التى فيها الاغلاط والتناقضات )
ونذكر هنا ما قاله الامام محمد ابو زهرة في كتاب محاضرات في النصرانية صـ 46 ما نصه ( و لقد جاء في دائرة المعارف البريطانية التى اشترك في تاليفها خمسمائة من علماء النصارى ما نصه : اما انجيل يوحنا فانه لا مرية ولا شك كتاب مزور اراد صاحبه مضادة اثنين من الحواريون بعضهما لبعض وهما القديسان يوحنا ومتى وقد ادعى هذا الكاتب الممرور في متن الكتاب انه هو الحواري الذى يحبه المسيح فاخذت الكنيسة هذه الجملة على علاتها )
التناقضات
    اولا ً : نحن المسلمين نؤمن بان سيدنا عيسى عليه السلام كان رمزا للسلام والرحمة ولكن وجدنا في الأناجيل ما يناقض ذلك فيقولون في انجيل لوقا ان السيد المسيح عليه السلام قال لهم " أحبوا أعدائكم أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم من ضربك على خدك الأيمن فاعرض له الأخر أيضا ومن اخذ ردائك فلا تمنعه  ثوبك أيضا " (  ) هذا كلام حسن جميل وهذا ما نعتقده في سيدنا عيسى عليه السلام إلا أننا فوجئنا بنص أخر يقلب هذه الحقائق رأسا على عقب فيقول متى في إنجيله على لسان السيد المسيح  "لا تظنوا إني جئت لألقى سلاماً على الأرض ما جئت لألقى سلاما بل سيفا فاني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكنه ضد حماتها أعداء الإنسان أهل بيته " ( ) نحن نؤمن بان النص الاول قد يكون للسيد المسيح لأنك تلحظ فيه الرحمة والموعظة الحسنة الا ان النص الثانى يشعرنا بان هناك ايدى خفية تسللت إلى الاناجيل لينفثوا ما بداخلهم واعتقد ان كاتب هذا النص تأثر بما فى العهد القديم لأننا نجد فى التوراة نصا قريبا من ذلك وهو " وراى الرب ان شر الانسان قد كثر فى الأرض وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم فحزن الرب انه عمل الانسان فى الأرض وتاسف فى قلبه فقال الرب امحو عن وجهه الأرض الانسان الذى خلقته "  (1)
ويؤكد ذلك ما ذكره لوقا فى انجيله فيقول عن لسان السيد المسيح " جئت لألقى نارا على الأرض فماذا اريد لو اضطرمت اتظنون انى جئت لالقى سلاما على الأرض بل انقساما "( )
    ثانيا : تحكى الاناجيل موقفا حدث بين سيدنا عيسى عليه السلام وبين امرأة طلبت منه مساعدة فرد عليها السيد المسيح عليه السلام بطريقة غريبة فيقولون فى الانجيل " ان امرأة كنعانية جاءت للسيد المسيح ترجوه ان يشفى ابنتها قائلة ( ارحمنى يا ســــيد يا بن داود ابنتى مجنونة جداً  ) فلم يجيبها بكلمة فتقدم تلاميذه وطلبوا اليه قائلين اصرفها لأنها تصبح وراءنا فأجاب وقال " لم ارسل الا إلى خراف بيت اسرائيل الضالة " فاتت وسجدت له قائله :" يا سيد أعنى ! " فأجاب وقال "ليس حسنا ان يؤخذ خبز النبيين ويطرح للكلاب " فقالت نعم يا سيد والكلاب ايضا تأكل من الفتات الذى يسقط من مائدة اربابها "( )
 بعد قراءة هذا النص هل يعقل ان تصدر مثل هذه العبارات من السيد المسيح ؟ بالطبع لا لأننا رأينا فى هذا النص ان السيد المسيح يخبر المرآة الكنعانية أنها هى وجنسها ما هم الا كلاب ولم يكتف بذلك بل اخبرها بأنه ليس من الصواب ان يؤخذ خبز النبيين ويعطيه للكلاب بمعنى ان السيد المسيح يشبه بنى اسرائيل بأنهم ابناءه وان الاجناس الاخرى فى نظره ما هى الا كلاب مما جعل المرآة تحت ضغط مرض ابنتها  تضع السيد المسيح فى حرج قائلة له ان الكلاب تأكل من الفتات الذى يسقط من المائدة ! ونحن نلحظ ان من كتب هذا النص متاثر بالنزعة  اليهودية لأنهم هم الذين يعتبرون الاجناس الاخرى اقل منهم درجة فيقولون فى التلمود " مصرح لليهودى فى الاعياد ان يطعم الكلب وليس له ان يطعم الاجانب "
ثالثاً : نلحظ ان هناك تناقضاً بين العديد من الفقرات منها : يذكر الانجيل ان السيد المسيح طلب من تلاميذه ان يبشروا بالإنجيل بنى اسرائيل فقط وان لا يذهبوا إلى امم اخرى فيقول متى فى انجيله ان السيد المسيح كلم الأثنا عشر وأوصاهم قائلا " إلى طريق امم لا تمضوا " والى مدينة للسامرين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " ( )
فى هذه الفقرة اعلان واضح وصريح يدل على ان السيد المسيح عليه السلام هو رسول لبنى اسرائيل فقط ولم يكن رسولا لكل العالم وهذا ما يؤكده القران الكريم اذ يقول الحق جلا وعلا " واذ قال عيسى بن مريم يا بنى اسرائيل انى رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة " ( )
نلحظ ان الآية الكريمة تبين حقيقتين هامتين :
الاولى :- ان عيسى عليه السلام انما ارسل لبنى اسرائيل وهذا ما اكدته الفقرة السابقة من الانجيل .
الثانية :- ان عيسى عليه السلام جاء ليصدق ما جاء بالتوراة ويؤكد ذلك ما جاء فى الانجيل : حيث طلب بنو اسرائيل من السيد المسيح ان يأتى لهم بشرع جديد غير شريعة موسى عليه السلام قال لهم " لا تظنوا  انى جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لأنقص بل لأكمل " ( )
بعد ما رأينا فى الفقرات السابقة ان السيد المسيح ارسل لبنى اسرائيل نفاجىء بان الانجيل يذكر شيئا اخر وهو ان المسيح امرهم بان يبشروا العالم اجمع بالإنجيل فيقولون " اخيرا ظهر للاحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم ايمانهم وقسوة قلوبهم , لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام وقال لهم : اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها " ( )
فأى الفقرتين اذا هى للسيد المسيح ؟
لاحظنا ان السيد المسيح عليه السلام أمر اتباعه ان يذهبوا إلى بنى اسرائيل فقط وهو امامهم على قيد الحياة ثم يذكرون انه بعد وفاته امرهم ان يذهبوا إلى العالم اجمع .
ما فعل النصارى ذلك الا ليصرفوا اذهان الناس عن النبى الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم والذى بشر به السيد المسيح ومحاولين ان يوهموا الناس انهم هم حملة الرسالة الخاتمة زاعمين ان هذا بأمر الله والمسيح عليه السلام على علم به وهو منه براء لان السيد المسيح عليه السلام اكد فى اكثر من موضع فى الانجيل انه ما جاء الا لبنى اسرائيل كما ان السيد المسيح عليه السلام بين ان هناك نبيا ورسولا سياتى بعده سيكون صاحب الرسالة الخاتمة والمهيمنة على الكتب والرسالات السابقة  وليس نبى الله عيسى عليه السلام وحده هو الذى بشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولكن كل الانبياء فلقد بينا بعضا منها فى الجزء الاول
ونضيف اليها نصا ذكر فى الانجيل على لسان نبى الله يحيى ونبى الله عيسى عليهما السلام فيذكر متى فى انجيله ان نبى الله يحيى قال لليهود " توبو لأنه قد اقترب ملكوت السموات " ( )
فظن النصارى ان المقصود بملكوت السموات انما هو عيسى بن مريم عليه السلام ولكن ماذا بقول النصارى فيما قاله السيد المسيح عليه السلام بنفسه قائلا " وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات " اذا قلنا ان نبى الله يحيى بشر بنبى الله عيسى عليهما السلام  مستخدما عبارة " اقترب ملك السموات " فلمن استخدم نبى الله عيسى عليه السلام عبارة " اقترب ملكوت السموات " ؟
اذا فهذا دليل واضح على ان النبيين العظيمين بشروا بنبى يأتى اخر الزمان وهو نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم لان لو الامر يراد به سيدنا عيسى عليه السلام لكانت العبارة مختلفة ولقال سيدنا عيسى " جاء ملكوت السموات " بدلا من ( اقترب ) لأنه اصبح الان بين ايديهم فلا مجال هنا لكلمة ( اقترب ) ثم قال لتلاميذه " استريحوا لقد حضر ملكوت السموات " ولكن رأينا فى الانجيل ان نبى الله يحيى ونبى اله عيسى واتباع سيدنا عيسى عليه السلام الجميع يرددون عبارة واحدة وهى " اقترب ملكوت السموات " فهى اذا يراد به النبى محمد صلى الله عليه وسلم .
رابعا : من الاشياء المتناقضة ايضا ما تذكره الاناجيل بخصوص سيدنا يحيى وسيدنا عيسى عليهما السلام فيقولون ان نبى الله يحيى ابتهج وهو جنين فى بطن امه اثناء زيارة السيدة مريم العذراء لها وهى حامل بالسيد المسيح فيقول لوقا ان السيدة مريم دخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات ( زوجة سيدنا زكريا ) فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين فى بطنها وقالت فمن أين لى هذا ان تأتى أم ربى إلى ؟( 1)
فى هذه الفقرة يتبين لنا ان سيدنا يحيى تعرف على سيدنا عيسى وهما اجنة بل وتحرك فرحا وسرورا بهذه الزيارة .
ولكن نرى فى فقرة اخرى فى الاناجيل انه حين كان سيدنا يحيى فى السجن وسمع عن سيدنا عيسى وما يقوم به من شفاء لمرضى وإحياء لموتى اسرع سيدنا يحيى على الفور وأرسل إلى سيدنا عيسى رجلين يسالنه هل هو المسيح الذى كان يبشر به ام لا وفى هذا فيقول لوقا " انت هو الاتى ام ننتظر اخر " 
خامساً : نرى نصوصا فى الاناجيل تدعوا إلى التفرقة العنصرية وتقسيم البشر إلى سادة وعبيد فيقولون فى الانجيل ان السيدة سارة زوجة سيدنا ابراهيم قالت له عن السيدة هاجر زوجة سيدنا ابراهيم وام سيدنا اسماعيل انها ليست فى مقام السيدة سارة قائلة " اطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة اذا ايها الاخوة لسنا اولاد جارية بل اولاد حرة " ( )
ان هذه الفقرة دليل واضح على ما قام به كتاب الاناجيل من اضافات وافتراءات من عند انفسهم لان الجميع يعلم ان الله سبحانه وتعالى خلق البشر كلهم من اب واحد وام واحدة اذن فكل البشر لأدم وكلهم خلقوا من تراب اذن لا فضل لأحد  من بنى ادم على الاخر الا بما حقق وأنجز للبشرية وبتقواه لله جل وعلى وهذا ما اكده القران الكريم اذ يقول الحق سبحانه و تعالى " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " اذا الاتقى هو الاقرب والأكرم عند الله الا ان من كتب الانجيل اصر على ان يفرق بين البشر من البداية فيجعل الناس سادة وعبيد لا لشىء الا ليظهروا ما بداخلهم من حقد وبغضاء وهذا دليل على ان هناك ايدى خفية تسللت إلى الانجيل لأنه من المستحيل ان تصدر مثل هذه العبارات عن نبى الله عيسى عليه السلام او السيدة سارة لأنها سيدة عظيمة زوجة نبى عظيم هو نيى الله ابراهيم وأم نبى الله اسحاق وجدة نبى الله يوسف فكيف لهذه السيدة العظيمة ان يصدر منها هذه العبارات .
ولذا نعتقد ان من كتب هذا لازال متاثرا بالنزعة اليهودية فهم الذين يعتقدون انهم ارقى من الاجناس الاخرى فيقولون فى الكنز المرصود " ان ارواح اليهود تتميز عن باقى الارواح بأنها جزء من الله كما ان الابن جزء من ابيه
ومع هذا الدور الذي قام به بولس إلا أننا رأينا نصا كتبه بولس فى رسالته إلى أهل كورتثوس مخالفا  لما ذكر فى الأناجيل  ففي الوقت الذي يذكر فيه(متى –ومرقس أن المسيح ظهر بعد قيامته لأحد عشر من أتباعه لأنهم يعلمون أن يهوذا شنق نفسه قبل ذلك فيقولون عن يهوذا (حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنه0 فطرح الفضة فى الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه)ومن ثم أصبح الإثنى عشر رسولا احد عشر وفى هذا يقولون عن ظهور السيد المسيح بعد قيامته( وأما الأحد عشر تلميذا فانطلقوا إلى الجليل حيث أمرهم يسوع ولما رأوه سجدوا له (متى28/16)
إلا أن بولس ذكر غير ذلك فقال أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتاب وأنه دفن وأنه قام فى اليوم الثالث حسب الكتب وأنه ظهر لصفا ثم للإثنى عشر) فى هذا النص يذكر بولس أن المسيح مات ولم يذكر أنه صلب أو قتل-ثم يذكر أن المسيح ظهر للإثنى عشر فلا تدرى أي هذه النصوص صحيحة؟


                                                                                                              الفصل الرابع

                                                   الحواريون

نعلم جميعا بان الأنبياء هم أفضل خلق الله لأن الله جل وعلا اصطفاهم وطهرهم واختارهم على العالمين فكانوا مصابيح الهدى . اخرجوا أقوامهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم.
والحق سبحانه وتعالى أيدهم بأصحاب وأتباع أوفياء كانوا عونا للأنبياء على أداء الرسالة التى كلفهم الحق سبحانه وتعالى بها وفى هذا يقول الحق جل وعلا ( وهو الذى أيدك بنصرة وبالمؤمنين )
إذن فلن يرتقى لدرجة صحابي أو حواري الا ان يكون  متميز ذا خلق ومرؤة ودين يجعله نعم العون لنبيه, ودليلا على ان هذا النبى استطاع ونجح فى اختيار اصحابه ونرى هذا واضحا فى صحابة رسول الله محمد صلى الله علية وسلم اذا كانو جميعا على استعداد ان يضحوا بأرواحهم من اجلة ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يتخلفوا عنه فى غزوة حتى كانو مثلا رائعا فى الصحبة حتى اثنى عليهم الحق جل وعلا فقال سبحانه وتعالى " محمد رسول الله والذين معه" وبقوله سبحانه وتعالى " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنه ورضوا عنه "
والقران الكريم أثنى على إتباع سيدنا عيسى عليه السلام إذ يقول الحق جل وعلا : " فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله واشهد بانا مسلمون " ال عمران (52 )
وقد حث القران الكريم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا كأصحاب سيدنا عيسى علية السلام وفى هذا يقول الحق جل وعلا : " يا أيها الذين امنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " الصف 14
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي بعثه الله فى أمه قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .) مسلم (50 )
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عنى بنى إسرائيل ولا حرج ومن كذب على متعمدا فليتبواء مقعده من النار . البخاري رياض الصالحين 248/1350

وهذا ما نعتقده في إتباع كل نبي إلا أننا حين نقرا الإنجيل نرى أن إتباع سيدنا عيسى لم يذكروا بشكل لائق فتذكر الأناجيل أن منهم الخائن وان منهم من تنكر لسيدة وقت المحنة ................. الخ .
ولا ندرى أكان ذلك عمدا أم  أنها الحقيقة ولذلك أرى أن اعرض ما ذكر أولا في الأناجيل بخصوص أتباع سيدنا عيسى ثم نعلق عليها
اولا :- يهوذا الاسخريوطى
يعد يهوذا واحد من اتباع السيد المسيح الذين يعرفون بتلاميذ السيد المسيح الذين اختارهم وأعطاهم قوة وسلطانا لإخراج شياطين فتذكر الاناجيل ان المسيح عليه السلام جمع تلاميذه الاثنى عشر وأوصاهم " ودعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم قوة وسطانا على جميع الشياطين وشفاء المرضى " ( 1)
من هذه الفقرة نفهم ان تلاميذ السيد المسيح في مناعة من الشياطين ولديهم قوة لشفاء المرضى الا اننا فوجئنا بمن كتبوا الاناجيل يقولون ان يهوذا دخلة الشيطان :" تتدخل الشيطان في يهوذا الذى يدعى الاسخريوطى  وهو من جملة الاثنى عشر " (  )
فماذا حدث ؟ هل السلطان الذى اعطاه السيد المسيح لتلاميذه لم يكن محكما حتى استطاع الشيطان ان يتسرب الى يهوذا ؟ ام ان المسيح لم يكن موفقا في اختيار أتباعه ؟
وحين ارادوا الخروج من هذا المأذق ذكروا ان السيد المسيح هو الذى تنبأ بان يهوذا سيخون السيد المسيح وانه سيسلمه الى اليهود فيكر يوحنا فى انجيله بهذا الخصوص ان عيسى علية السلام قال " الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمنى " ( )
وحين سألو السيد المسيح عنه اجابهم " اجابة يسوع هو ذك الذى اغمس انا االقمة وأعطيه , فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطى  ( )
وهذا التحلل والخروج من المأذق غير مقبول منطقيا اذ كيف يعلم المسيح ان يهوذا رجل خائن لا يؤتمن ثم يجعله احد  تلاميذه ويعطيه قوى وسلطانا لاخرج الشياطين
والعجيب انه رغم اعلان السيد المسيح امام الجميع ان يهوذا سيسلمه وسمع يهوذا بذلك لم ينتبه يهوذا ولم يرشده احد الى الصواب بل  ومضى يهوذا في ضلالة فيذكر لوقا في انجيله عن الخيانة التي قام بها يهوذا " فمضى يتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه اليهم ففرحوا وعاهدوه ان يعطوه فضه , فواعدهم وكان يطلب منهم فرصة ليسلمه اليهم "( )
ويتابع لوقا خيانة يهوذا فيقول " وبينما هو يتكلم اذ جمع والذى يدعى يهوذا احد الاثنى عشر يتقدمهم فدنى من يسوع ليقبله فقال له يسوع " يا يهوذا ابقبله تسلم ابن الانسان " ( )
ثم تحكى الاناجيل انه تم القبض على السيد المسيح الا ان القران الكريم اكد على ان اليهود لم يستطيعوا الامساك به لان الحق سبحانه تعالى رفع اليه السيد المسيح وجعل اليهود يمسكون بمن شبهه الله بالسيد المسيح وفى هذا يقول القران الكريم " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وهذا ما سنوضحه فيما بعد ان شاء الله .
ثانيا : بطرس :-
حين تقرا الاناجيل وتطلع على اعتراف بطرس بالسيد المسيح تشعر لأول وهلة ان بطرس سيكون من اكثر التلاميذ اخلاصا ووفاء لمعلمه الا اننا اصابتنا الدهشة حين قرانا تنكر بطرس للسيد المسيح وقت الشدة وتركه بمفرده
فتذكر الاناجيل عن اعتراف بطرس حين قابل السيد المسيح قائلا : " فأجاب سمعان بطرس فقال انت هو المسيح ابن الله الحى , فأجاب يسوع طوبا لك يا سمعان "( )
ثم تذكر الاناجيل ان السيد المسيح عليه السلام بارك بطرس قائلا له " وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السموات وكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السموات " ( )
بالإضافة الى ما سبق اصبح بطرس احد الاثنى عشر المقربين الذين باركهم السيد المسيح واختارهم ليحملوا الامانة فكان ينبغى على هؤلاء ان يضحوا بأرواحهم من اجل معلمهم.
والعجيب ان السيد المسيح تنبأ ان بطرس سيتنكر له يوما ما ، وحاول بطرس ان ينفى هذه النبؤة " فأجابه بطرس وقال له : " وان شك فيك الجميع فانا لا شك ابدا
" ( )
نلحظ من هذه الاجابة ان بطرس شديد الايمان بالسيد المسيح وانه على استعداد ان يقف بجواره ويفديه بروحه وبدمه الا ان السيد المسيح اكد له انه لن ينكره مرة واحدة بل ثلاث مرات قائلا " الحق اقول لك انك في هذه اليلة قبل ان  يصيح ديك تنكرنى ثلاث مرات " ( )
ولقد تحقق ما قالة السيد المسيح رغم اصرار بطرس على انه لن يتخلى عن نبيه ومعلمه فتذكر الاناجيل انه حين حول اليهود القبض على السيد المسيح علية السلام وامسكوا ببطرس وسألوه عن السيد المسيح فاخبرهم بأنه لم يعرف السيد المسيح وتنكر له تماما  وقال اليهود :" ان لغتك تشبه لغته فأنت جليلى مثله" فكرر بطرس تنكره  فلما شددو عليه اخذ يسب ويلعن وفى هذا تقول الاناجيل " وفى الثالثة بدا يلعن ويحلف انى لا أعرف الرجل "( ) وترك سيدة يواجه الصعاب وحدة وليت الامر ينتهى عند يهوذا وبطرس الا من كتب الاناجيل اظهروا اتباع السيد المسيح بشكل دنئ لا يليق باتباع نبى ولا ندرى لماذا حاولو التقليل من شانهم 
ثالثا : يعقوب ويوحنا ابن زبدى
وهذان ايضا من تلاميذ السيد المسيح علية السلام الا انهم لم يستطيعوا اخفاء مطامعهم فطلبو من السيد المسيح ان يجعل لهم نصيبا وان يحدده لهم قبل ان يواصلوا الطريق معه فقالو ( يا معلم نريد ان تفعل لنا ما طلبنا ) وقال السيد المسيح لهما " ماذا تريدان ان افعل لكما ؟ فقال له اعطنا ان نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك " 
لو ان هذا المطلب من اناس عاديين لقلنا ان الامر عادى بأنهم سيكونون في حاجة تشد ازرهم وتساعدهم على الايمان بالدين الجديد ولكن ان يأتى الامر من تلاميذ السيد المسيح الذين اختارهم عونا له لأداء الرسالة هذا هو العجيب
ولم يكن باقى التلاميذ اكثر صدقا من هؤلاء فقد رأينا ما فعله يهوذا وبطرس ويعقوب ويوحنا فقد قام باقى التلاميذ بما يشبه التمرد لأنهم شاهدوا اخوانهم لم يكونوا على المستوى اللائق وفى هذا يقول الانجيل " ولما سمع العشرة ابتداو يغتاظون من اجل يعقوب ويوحنا "
ولذا حاول السيد المسيح ان يشترى رضاهم فقال لهم " تجلسون انتم ايضا على اثنى عشر كرسيا  تدينون اسباط اسرائيل الاثنى عشر " ( )

رابعا : برنابا وبولس
ان حكاية حياة  هذين الرجلين حكاية غريبة فالأول ( برنابا ) رجل عاصر وعايش السيد المسيح واخذ منه ونقل عنه والثانى ( بولس ) رجل يهودى الاصل لطالما عذب اتباع السيد المسيح بشكل لم يسبق له مثيل وحين فكر كيف يبث افكاره اليهودية المتطرفة والغريبة لم يجد طريقة سوى ان يدعى انه شاهد المسيح وانه دعاه ان يتولى تبليغ الرسالة ثم استغل تلاميذ المسيح حتى وثق الناس به اختلق الخلافات معهم ثم انفرد هو بما كان يريد
ونترك المجال للاناجيل لتعرف منها على ما حدث بالتفصيل :
يحكى بولس حكايته فى الجزء الخاص المعروف " اعمال الرسل " فيذكر انه كان اسمه شاؤل وكان يونانى الجنسية ويهودى الديانة وكان شديد التأثر بفلاسفة اليونان مثل ارسطو وأفلاطون فذكرو في اعمال الرسل ان بولس والذى كان يدعى شاؤل كان يعذب اتباع المسيح تعذيبا شديدا فقالو : ( اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب " ( )
وليس هذا فحسب بل قالو : حتى اذا اوجد اناسا من الطريق , رجالا ونساء يسوقهم موثقين الى اورشليم " ( )
التحول فى حياة شاؤل (بولس):
تذكر الاناجيل ان شاؤل وهو في طريقه يعذب الرجال والنساء الذين يؤمنون بالمسيح ظهر له برق من السماء وسمع صوتا يناديه ودار بينهما الحوار التالى كما ذكر في اعمال الرسل " وفى ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغته ابرق حوله نور من السماء فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له : شاؤل شاؤل لماذا تضطهدنى ؟ فقال له من انت يا سيد ؟ فقال الرب انا يسوع الذى أنت تضطهده " ( )
ثم  تذكر اعمال الرسل ان السيد المسيح طلب من شاؤل ان يكف عن اضطهاد اتباعه وليس هذا فحسب بل كلفه السيد المسيح ان يقوم بالدعوة باسمه ولكن لم يستطيع احد ان يصدق ما يقوله شاؤل فقام بحيلة عجيبة وهى اقترابه من احد تلاميذ المسيح وهو ( برنابا ) الرجل المخلص والمحبوب لدى المسيحيين وتحت رغبة برنابا في انضمام شاؤل الى المسيحيين وان يكف عن تعذيب الرجال والنساء اصطحبه برنابا ودخل به على الناس وتقول اعمال الرسل في ذلك " ولما جاء شاؤل الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ فأخذه برنابا واحضره الى الرسل "( )
ولما استقر الامر لشاؤل وبلغ ما يريد زعم شاؤل ان روح القدس حل عليه فقال :" قال الروح القدس : افرزوا لى برنابا وشاؤل للعمل الذى دعوتهما اليه "
تقول اعمال الرسل انه حين خرج برنابا وشاؤل ليعملوا كما امرهم روح القدس ذهبا الى قبرص وكان بها والى صالح اسمه سرجيوس بولس  حينئذ قام بولس بتغيير ( شاؤل اسمه الى بولس ) تيمنا بهذا الوالى وفى هذا يقول اعمال الرسل " وأما شاؤل الذى هو بولس ايضا فامتلاء من الروح القدس "
وظل بولس يعمل مع برنابا حتى شعر بولس انه لم يعد في حاجة لبرنابا وأراد ان يبتعد عنه ليتفرغ لمبادئه التي دخل المسيحية من اجلها فاختلق مشكلة معه وعلى اثرها تفرقا فيقولون في اعمال الرسل " فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرص وأما بولس فاختار سبيلا "( )
وهنا ادرك برنابا ان بولس خدعه وانه استغله ليتقرب من المسيحيين حتى اذا وثقوا به تركه كما ادرك برنابا ان بولس بمفرده سيحاول ان يبث افكاره ومبادئه التي هي بعيدة عن مبادئ السيد المسيح فراى ان من واجبه ان ينبه المسيحيين الى خطر بولس فقال " الاعزاء ان الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الايام الاخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمته العظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله رافضين الختان الذى امر الله به دائما مجوزين كل لحم بخس الذى ضل في عدادهم بولس الذى لا اتكلم عنه الا مع الاسى" ( )
مبادئ بولس :-
كان الانجيل على حالته الاولى التي نزل بها على سيدنا عيسى عليه السلام حتى استطاع بولس بسط نفوذه وأصبحت مقاليد الدعوة بيديه فشرع في ارساء المبادئ التي عانى كثيرا لكى يدخل المسيحية من اجلها فقلب مبادئ الديانة المسيحية رأسا على عقب كالتالى :-
1-    يعد بولس اول من رفع درجة المسيح من نبى ورسول لله رب العالمين الى درجة ابن اله ومساو لله في ذات الوقت وفى هذا يقول بولس في اعمال الرسل " وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح : ان هذا هو ابن الله "( )
ثم يذكر بولس ان المسيح هو الله فيقول ان المسيح الذى هو صورة الله غير المنظورة بكر كل خليقة فان فيه خلق الكل ما في السموات وما في الارض ما يرى وما لا يرى ( )
2-    جعل بولس من نفسه ومن يقوم بدوره من بعده بمثابة رسول للمسيح ليحظى بمكانة الرسل من التصديق  والتوقير والإيمان بما ينادى به من مبادئ فيقول بولس في رسالة الى اهل رومية " بولس عبد ليسوع  المسيح المدعو رسولا المفرز لانجيل الله . الذى سبق فواعد به انبياءه في الكتب المقدسة عن ابية الذى صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة " ( )
لقد حاول بولس بما تعلم من فلسفة أرسطو كيف يطوع الكلام لصالحه الشخصي . لأنك حين تنظر النص السابق نجد فيه إجهاد للعقل ومحاولة للوصول الى شئ ما لا يعلمه الا من كتب هذا النص .
   ولم يكتفى بولس بذلك بل اكد انه رسول ولا ندرى من الذى بعثة بالطبع ليس الله رب العالمين وهذا يبرر لنا لماذا رفع بولس المسيح الى درجة الا لوهيه ليدعى ان المسيح ( الاله ) هو الذى ارسله وفى هذا يقول بولس في رسالتة الى اهل كورنيوس . الست انا رسول ؟ الست حر ؟ اما رأيت يسوع المسيح ربنا ؟ الستم انتم عمل في الرب ؟ ( ) 
ويفيق بولس لحظة ويتذكر انه هو الذى جعل من نفسه رسولا فيقول " إن كنت لست رسولا إلى آخرين" ثم تعاوده نزعاته فيقول " فإنما أنا إليكم رسول " (  )
3-    يعد بولس المسئول الأول عن خروج المسيحية الى العالمية مغيرا بذلك تعاليم معلمه ورسوله عيسى عليه السلام لأننا ذكرنا ورأينا في أكثر من موضع في الأناجيل إصرار المسيح على انه رسول إلى بنى إسرائيل خاصة ولم يدع تلاميذه الى اى أمم اخرى فكان يقول لهم ( إلى طريق أمم لا تمضوا الى مدينة للسامريين لا تدخلوا ولكن اذهبوا بالحرى إلى خراف بنى إسرائيل الضالة " (  )
إلا أن بولس أصر أن ينقل هذه الديانة إلى اكبر عدد من البلاد وليته نقلها سليمة لكان خيرا له وللجميع ولكنه غير وبدل فكان كما قال برنابا ضل وأضل الآخرين معه ولا حول ولا قوة الا بالله فيقول بولس " يسبب النعمة التي وهبت لى من الله حتى أكون خادما ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرا لانجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم " ( )
فأيهما اذا على صواب سيدنا عيسى عليه السلام ام بولس ؟
نحن المسلمين نؤمن ونصدق بما جاء به سيدنا عيسى عليه السلام ونعلم علم اليقين ان ما قام به بولس هو ادعاء وافتراء على الله وعلى المسيح عليه السلام
4-    استطاع بولس أن يؤثر على كتاب الإنجيل مثل ( لوقا ومرقس ) حيث دخل معهم ونشر إليهم مبادئه وأوهمهم انه رأى المسيح فيقول بولس في رسالته لـ ( تيموثاوس) : لوقا وحده معى . خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لى للخدمة " ( )
وفى رسالة بولس إلى فيمون " يسلم عليك ابفراس المأثور معى في المسيح يسوع ومرقس وارسترجس وديماس ولوقا العاملون معى " ( )
وهذه الصحبة هي التي فسرت لنا لماذا أصر لوقا على القيام بكتابة انجيل خاص به فيقول في مقدمة إنجيله " اذا كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الامور المتيقنة عندنا . رأيت أنا أيضا اذ قد نتبعت كل شئ من الاول بتدقيق .اكتب على التوالى إليك أيها العزيز ساوفيلس " ( )
كما تفسر لنا هذه الصحبة لماذا اختلف لوقا مع متى في نسب السيد المسيح ولأنه لو كان لوفا منذ البدء معاينا لراجع الأمر مع متى والقفا على الأقل في ذكر النسب الصحيح للسيد المسيح علية السلام
وأيضا فسرت لنا صحبة مرقس لبولس وجود كلمات في انجيل مرقس لا يمكن أن تكون صادرة عن السيد المسيح كما جاء في حديثة عليه السلام مع المرآة الكنعانية حين قال لها " ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب " ( )
وليس هذا فحسب بل وجدنا في الأناجيل ما يدعو للتقرفة العنصرية حيث قال بولوس " لسنا أولاد الجارية بل أولاد الحرة " ( )
الإنجيل : كلمة يونانية الخبر السعيد أو البشارة ولقد قام أتباع السيد المسيح عليه السلام بكتابة الأناجيل ولكنه بعد رفع السيد المسيح بفترة من الزمن وذلك اختلط في الأناجيل الأمر . وأصناف كاتبوها من عند أنفسهم , ظانين أنهم بذلك أحسنوا للإنجيل ولكنهم بهذا أساءوا إلى الإنجيل فضلوا وأضلوا كثيرا إلا أن إرادة الله شاءت أن يحفظ الحق جل وعلا الإنجيل الأصلي كما نزل على السيد المسيح عليه السلام ليطلع عليه المسلمون وبحمد والله وليعلموا صدق الله حيث قال " إنا أنزلنا الإنجيل فيه هدى ونور " المائدة وهذا هو انجيل برنابا الذي وقف له اليهود والنصارى بالمرصاد ومنعوا انتشار هذا الإنجيل وابقوا على الأناجيل الأخرى ليصدق فيهم قول الحق جل وعلا " يا بنى إسرائيل لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون " البقرة
5- ويجدر بنا أن نذكر ما قاله زكى شنودة فى كتابه تاريخ الأقباط الجزء الأول ص 148 عن بولس : فيقول :
 ( أن بولس أول من ابتدع فى شأن المسيح اللاهوت والناسوت وكانت النصارى قبله كلمة واحدة : أن المسيح عبد الله ورسوله مخلوق ومصنوع لا يختلف فيه اثنان منهم فقال بولس وهو أول من افسد دين النصارى أن سيدنا المسيح عليه السلام خلق من اللاهوت إنسان كواحد منا فى جوهرة وان ابتداء الابن من مريم وانه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسي صحبته النعمة الإلهية فحلت فيه بالمحبة والمشيئة ولذلك سمي ابن الله .
وبعد موت بولس اجتمع 13 أسقفا فى مدينة انطاكيا ونظروا فى مقالة بولس فأوجبوا علية اللعن فلعنوه ولعنوا من يقول بقوله وانصرفوا .

أولا : انجيل برنابا
برنابا : هو احد حوارى السيد المسيح عليه السلام , اشتهر بينهم بالصدق والصلاح والتقوى ولم يكن خبيثا ولا سيئ الخلق وكان حسن الظن بالآخرين وهذه الأخلاق الحميدة هى التى دفعت بولس ان يلجا اليه وبصاحبه كى يدخل من خلاله الى النصارى لان بولس يعلم ان النصارى تكن احتراما  للحوارى العزيز برنابا وفى هذا تقول اعمال الرسل : ( ولما جاء شاول اى بولس الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصرفين انه تلميذ . فاخذه برنابا واحضره الى الرسل ) اعمال الرسل 9: 26 , 27
واخذ بولس يستغل وجود برنابا معه وسافر الى اكثر من مكان وظهر اما الكثيرين حتى يثق به الجميع وما ان يشعر بولس انه لم يصبح في حاجة الى برنابا افتعل معه مشاجرة ثم افترقا على اثرها فيقولون ( فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهم الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحرالى قبرص واما بولس فاختار سيلا ) اعمال الرسل 4,49:15 وبعد هذه المشاجرة ادرك برنابا الشرك الذي
وقع فيه وانه هو الذي ساعد بولس في الدخول الى المسيحية ولكن برنابا كان يقصد خيرا لعله بذلك يستطيع كف ايدى بولس عن تعذيب النصارى كما كان يفعل وليت بولس ظل يعذب النصارى ولم يدخل في المسيحية فقد قلب الدين راسا على عقب واحدث في الدين ما ليس فيه وقال عن الله عز وجل ما لم يقل وتحدث عن لسان المسيح بما لم يتحدث به وابتدع امورا في الدين افرغت المسيحية من مضمونها ولقد شعر برنابا بخيبة امل ( وان هناك كثيرون ضلوا بسبب تعاليم بولس فقال الذين ضل في عدادهم ايضا بولس الذي لا اتكلم عنه الا مع الاسى ) برنابا 2 : 4 فهذه العبارة تحمل في طياتها حزن واسى شديدين عما دفعبرنابا ان يسجل وبسرعه وبخط يده المبادى والاسس السليمه التى جاء بها سيدنا عيسى عليه السلام لتكون صجه على من يختلف غيرها ولتكونمرجعا اليها وقت الحاجه فقال بعد ماراى من خلال بولس ومن معه وضاع الكثير من مبادئ الإنجيل القيمه " وهو السبب الى لاجله اسطر ذلك الحق الذي رايته وسمعته في اانشاها وترى ليسوع , لكىيخلصوا ولايضللنكم الشيطان فتتهالكو في دينونه , وعليه فاخذوا كل واحد يغركم لتعليم جديد مضاد لما اكتبه لتخلصوا اخلاصا ابدينا " برنابا 2 , 9 وبهذا استطاع برنابا ان يبرئ زمته امام الله جل وعلا وان يكون خادما مطيعا لدينه القيم ولرسوله عيسى بن مريم عليه السلام فبين في انجيله كثيرا مما اضاف الاخرون مثل
بين برنابا في انجيله ان البشر لم يتحملوا وزر اليهم ادم وعليه فليسو في حاجه الىمن يحملهم وان كل انسان في حاجه ان يخلص نفسه لنفسه عن طريق الايمان بالله الواحد الاحد فهو سبحانه وتعالى الذي يغفر الذنوب جميعا
واكد برنابا ان سيدنا اسماعيل عليه السلام هو الابن البكر وعليه فهو الذي تعرض للذبح وليس اسحاق عليه السلام وان وعد الله عز وجل وعلا لاابراهيم ان برت ابنه باب اعدائه وانما اْلمعصوم محمد (ص) وامته ...
اكد برنابا ان المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله مثل سائر الانبياء وانه بشر وليس اله ولا انت اله فتقول فلما كان الناس قد دعونى الله وابن الله على انى كنت بريئافى العالم " برنابا " واجاب يسوع انى حقا ارسلت الى بيت "اسرائيل بنى "  برنابا 82 ,16
ذكر برنابا ان السيد المسيح عليه السلام بشر في انجيله برسوله محمد (ص) في اكثر من موضع فقال " ولكن سياتىبعدى ميسا اىرسول المرسل من اله لكل العالم الى لاجله خلف الله العالم " برنابا 82 :17
اكد برنابا على ان السيد المسيح لم يتعرض للقتل ولا للصلب وان الذي قتل هو يهوذا الخائن وان السيد المسيح رفع الى السماء دون قتل أو صلب فيقول " لان الله سيصعدنى من الارض , وسغير منظر الخائن حتى يظنه كل احد اياى :برنابا .....
اكد برنابا ان سيدنا محمد رسول صلى الله عليه وسلم سياتى في اخر الزمان ومعه القران الكريم ليشهد صدق نبى الله عيسى عليه السلام " ولكن متى جاء محمد رسول الله المقدس تزال عنى هذة الوصيه " برنابا ويقول في موضع اخر " وسيبقى هذا الى ان ياتى محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله . برناباالباب 22  ولما شاهد بولس ومن معه ماكتبه برنابا وان الحقائق لابد انها ستكشف خداعهم وتزييفهم لان الناس لاشك أنهم سيصدقون ما قاله برنابا فهو الذي عاشر وعايش السيد المسيح عليه السلاملاننا لو قلنا على سبيل المثال : لوحدث اختلاف بين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه وبين رجل ممن اسلموا بعد فتح مكه واقترفا سيكون الحق مع من فيها لاشك انه سيكون مع سيدنا عمر بن الخطاب لانه عايش وجاهدوا وهاجر وراى رسول الله  سيدنا محمد ( ص) اكثر من الاخر " ولذا سارع اليهود بالتشكيل بالنصارى وقتل اكبر عدد منهم وقد ذكرو في الكتاب لهم يسمى ( سد حادوروت ) بانهم
الامبراطور ( مارك اوريل ) قتل جميع النصارى بناء على ايعاز ليهود
لقد ثار اليهود على المسيحين في فلسطين عام 70م وذبحوا منهم خلقا كثيرا . وفى عام 105م في عهد الحاخام ( اكيا ) دبحوا من المسيحين 200 الف في لبيا , 240 الف في قبرص
وفى عام 124م ذبح اليهود وشنقوا عشرات الالاف من الفلسطينين . وفى عام 135م قتلاليهود بقيادة ( باركوخيا ) عشرات الالاف من المسيحين الفلسطينين
كل هذه الاعمال الوحشيه وغيرها جعلت من الذين يتبعون انجيل برنابا يتركون المدن ويلجئون الى الصحراء للاقامه والعباده فيها واصبحت الفرصه سانحه لليهود ان يبثو افكارهم من خلال مبادئ بولس ومن تبعه ووقفوا بالمرصاد ولكل من يحاول ان يخرج انجيل برنابا أو يتعامل به وظهر هذا واضحا حيث ظهر اريوس ونادى بان الله واحد لاشريك له وان عيسى بن مريم مخلوق وبشر ورسول مثل سائر الرسل حكمو على اريوس بالسجن وسارعو الى عقد مجمع لنيقية المعروف والفاء كل ما نادى به اريوس بناء على انجيل برنابا لم يهدا لهم  بال حتى اصدر البابا 0 جلاسوس ) 492م سيجزيهم التعامل بانجيل برنابا مطلقا
وظل الامر كذلك اى يعقد المجمع تلو المجمع لتاكيد مبادئ اليهود والبعد كل البعد عن انجيل برنابا واصبح انجيل برنابا فى طى النسيان حتى (عثر كرمر مستشار ملك بروسيا على نسخه لانجيل برنابا مترجمه الى اللغه الايطاليه ولما لها من قيمه تاريخيه اهداها الى البرنس يوجين سافواى ثم انتقلت النسخه مع سائر مكتبة البرنس الزاخرة بالاثار التاريخيه والكتب الغاليه الى مكتبة البلاط الملكى فى فيينا حيث لا تزال هناك حتى الان ص148( محمد فى التوراة والانجيل والقران ابراهيم خليل احمدوحين ظهر هذا الانجيل مرة اخرى فى القرن الخامس عشر اسرع اليهود عن عونهم من النصارى كتابة نسخه اخرى من الانجيل بلغات اخرى محاولين ان يغيروا التعليم التى تميز بها هذا الانجيل عن غيرة حتى اصبحنا نرى الان نسخه كبيرة لانجيل برنابا فى الاسواق بعيدة كل البعد عن النسخه الاصليه صرف الله حيث يقول " باهل الكتاب قد جاكم رسولنا يبن لكم كثير مما كنتم تخفون " المائده15 من الكتاب " يعفو عن كثير قد جاءكم من الله
نور وكتاب مبين " وفى هذا يقول " رحمت الله الهندى عن ما سبق ( ما نصه : ان الله قد عرف بنى اسرائيل فى التوراة ان نبينا من بنى اسماعيل سوف ياتى فى يوم من الايام ليبلغ العالم رساله منه هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولكراهيتهم لابناء اسماعيل ولحبهم لانفسهم غيرو التوراة لتكون شريعة لهم الى يوم القيامه ولما جاء المسيح بن مريم عليه السلام ليبشر بمجىء بنى الاسلام من بعده اضطهوده وحرفو دعويه )
5- اراد بولس بذكائه ان يصد الباب أمام اى احد يحاول أن يفعل مثله فاخبر الجميع ان الشيطان قد يظهر فى صورة ملاك فان ظهر لأحد ملاك وقال انه المسيح فلا تصدقوه وفى هذا يقول بولس " ولكن ما افعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كى يوجدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به . لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون , مغيرين شكلهم الى شبه رسل المسيح . ولا عجب لان الشيطان نفسه يغير شكله الى شبة ملاك نور ( )
ارايت عزيزى القاري كيف قطع بولس الطريق على من تسول له نفسه ان يفعل مثله ؟ وماذا يدرينا أن الذى ظهر لبولس وابرق له في الطريق نور شيطان
وإذا لم يكن كذلك فلماذا لم يعطينا بولس وصفا لنور الملاك ليعرف الناس الفارق بينهما ؟ ام ان بولس فعل ما يريد ثم أغلق الباب علية وحدة

وما قتلوه وما صلبوه .
قد يتعرض الانبياء الى شدائد ومحن فى سبيل الدعوة الى الله بل وقد يصل الامر الى استشهادهم في سبيل الله ولقد تعرض سيدنا عيسى عليه السلام مثل سائر الانبياء لشدائد ومحن وكان من الممكن ان يقتل لولا عناية الله الذى حفظه ورفعه اليه فاعمى الحق سبحانه وتعالى اعين اليهود عن الامساك بالسيد المسيح عليه السلام والقى سبحانه وتعالى شبهه على رجل اخر قاموا بالإمساك به وقتله وصلبه وظنوا انه السيد المسيح عليه السلام وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبهه لهم
ونحن نعلم أن سيدنا عيسى عليه السلام كان ( ايه ) يوم خلقه الله من غير اب بقدرة الله وكان ( ايه ) يوم أن كلم الناس في المهد بقدرة الله وكذلك لابد ان يكون ( ايه ) في نهايته
وكما كان عيسى عليه السلام دليلا على قدرة الله في الاعجاز في الخلق فأراد الحق سبحانه وتعالى ان يبين للناس قدرته جل علا في رفع المسيح اليه رغم ان اليهود احكموا خطة للامساك به الا انها قدرة الله الذى لا يعجزه شئ في الارض ولا في السماء وفى هذا يقول الحق سبحانه وتعالى " واذ قال الله يا عيسى انى متوفيك ورافعك الى ومطهرك من الذين كفروا "
وللعلماء فى تفسير هذه الآية اقوال منها :-
اولا :- " ان الله سبحانه وتعالى قبض سيدنا عيسى بروحه وجسده ورفعه الى السماء ليتوفى حظه من الحياة هناك وان الله سبحانه وتعالى رفع سيدنا عيسى اليه دون موت " ( )
ثانيا :- يذكر بعض العلماء ان الرفع لسيدنا عيسى الى السماء لابد ان يكون بجسد سيدنا عيسى وروحه فلو ان عيسى عليه السلام رفع بالروح فقط لأصبح مواكبا لما يزعمه النصارى من قتله وصلبه وهذا يفترض ان يكون الرفع بالروح والجسد معا .
ثالثا :- يذكر بعض العلماء ان رفع الله سبحانه وتعالى لسيدنا عيسى بروحه وجسده يتناسب مع اكرام الله تعالى لنبيه عيسى عليه السلام ولا يصح ان تحمل الاماتة على التوفى لان اماتة عيسى وقت حصار الاعداء ليس فيها امتنان عليه برفعه الى السماء جثه هامدة وقد نزه الله سبحانه وتعالى ان تكون السماء قبور لجثث الموتى كما انه اذا كان الرفع بالروح فقط فاى ميزه لعيسى في ذلك على سائر الانبياء والسماء مستقر ارواحهم الطاهرة
فالحق انه عليه السلام رفع الى السماء بجسده حيا وكما كان عليه السلام في مبدأ خلقه ( ايه ) ومعجزه ظاهرة كان في نهايته ( ايه ) ومعجزه ظاهرة والمعجزات بأسرها فوق قدرة البشر ومدارك العقول " ( )
ونحن نستريح للرأى الثالث اذ انه يعبر عن قدرة الله جل وعلا ونضيف اليه ان الله سبحانه وتعالى انما رفع سيدنا عيسى عليه السلام الى السماء بروحه وجسده لينزله اخر الزمان فيملا الارض عدلا ويحكم بشرع الله وسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رادعا لما يزعمه اهل الكتاب لان وجود سيدنا عيسى عليه السلام اخر الزمان بروحه وجسده مؤيدا لما حكاه القران الكريم وليجعل النصارى يفهمون الاعتقادات التي طالما ذكرهم بها القران الكريم وفى هذا يقول الحق جل وعلا " وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته "
والمعنى انه ما من احد من اهل الكتاب الا ليؤمنن بحقيقة سيدنا عيسى وهو عبد الله ورسوله كما حكى القران الكريم وقد يكون المعنى انه ما من كتابى الا وقبل خروج روحه يشهد ان عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله ويؤمن بان الله واحد لا شريك له ولكن بعد فوات الاوان "
والسؤال الذى يطرح نفسه الان :
كيف يحيا سيدنا عيسى عليه السلام الان في السماء وكم سيكون عمره وقت نزوله عليه السلام ؟
نجيب وبالله التوفيق ونقول :
ان الله سبحانه وتعالى بيده الزمان يقبضه على من يشاء فهو سبحانه وتعالى لا  يسأل عما يفعل والقران الكريم يبين لنا في اكثر من موضع كيف ان الله سبحانه وتعالى  يقبض الزمان ويبسطه ونرى هذا واضحا في قصة الرجل الذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها " مات اهلها " فتعجب الرجل وتسال بينه وبين نفسه قائلا " انى يحى هذه الله بعد موتها " فأراد الحق سبحانه وتعالى ان يبين لهذا الرجل وللعالم بأسره ان الزمان هو ايضا خلق من  خلق الله يتحكم الحق سبحانه وتعالى فيه مثل سائر المخلوقات وأراد الحق سبحانه وتعالى ان يجعل السائل يرى بنفسه هذه المسألة " فامانه الله مائة عام ثم بعثة "
وقد كان الرجل يركب حمارا ومعه طعاما وجرى الحمار ما جرى الرجل وبعد المائة عام احياة الله سبحانه وتعالى ثم يسال الرجل "كم لبثت " فلما نظر الرجل الى نفسه وانه كما هو ظن ان الفترة ليست طويلة فقال  لبثت يوما او بعض يوم " ولكن نظر الرجل الى ما كان معه فراى عجبا : وجد الحمار قد تناثرت عظامه وبقى منها اثار قليلة مما يدل على انها فترة طويلة ونظر الى الطعام فوجده كما هو لم يصبه ضرر وهنا وقف صامتا امام هذه المعجزة الباهرة
فاخبره الحق سبحانه وتعالى بأنه قد بسط الزمان على الحمار فكانت مائة عام وقبض نفس الزمان على الطعام فكانت يوما او بعض يوم وقال له الحق جل وعلا " بل لبست مائة عام " ولكن الحق سبحانه وتعالى اراد ان يبين لهذا الرجل ان المائة عام مرت على الرجل وعلى الحمار وان الله قبض الزمان على الطعام فكانها يوما او بعض يوم " فانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر الى حمارك ولنجعلك ايه للناس " ثم بين الحق جل وعلى اية اخرى تدل على قدرته وهى " وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال اعلم ان الله على كل  شئ قدير "
من هذا المنطلق وهذا المفهوم للزمان فان الحق سبحانه وتعالى قبض الزمان على سيدنا عيسى فستكون الفترة منذ رفعه عليه السلام الى السماء الى نزوله الى الارض فترة وجيزة وما ذالك على الله بعزيز ومن ثم لن يختلف عمر سيدنا عيسى وقت هبوطه الارض عن وقت رفعه الى السماء
وعن وقت نزول سيدنا عيسى عليه السلام يقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم " يوشك ان ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا , يقتل الدجال , ويقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " ( )
ويقول ايضا صلى الله عليه وسلم ان عيسى ابن مريم ينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على اجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ . فلا يحل لكافر ان يجد ريح نفسه الا مات , ونفسه ينتهى الى حيث ينتهى طرفه , فيطلب الدجال حتى يدركه بباب لد فيقتله .( )
وسيحكم سيدنا عيسى عليه السلام بما في القران الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تصديقا لما جاء في الانجيل على لسان سيدنا عيسى عليه السلام
"لا تظنوا انى جئت لانقض الناموس او الانبياء ما جئت لانقض بل لأكمل . فانى الحق اقول لكم ان نزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد او نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" . ( )
وليس هذا فحسب بل ان السيد المسيح عليه السلام لن يصلى اماما بالمسلمين حتى لا يظن احد ان المسلمين تابعين له بل سيصلى عليه السلام وراء امام المسلمين آنذاك مصداقا لقول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم في افضلية الامة الاسلامية : " منا من يصلى وراءه ابن مريم "
" اى انه سيكون في امة سيدنا محمد ائمة ومسلمون عظماء حتى يستحقون ان يتقدم احدهم  على نبى الله عيسى عليه السلام . وحتى لا يختلط الامر على الناس فتكون الرسالة واحدة والصلاة واحدة  والسجدة واحدة لله رب العالمين فالجميع سيسجد لله بما فيهم ابن مريم عليه السلام "
ما اقتبسه كتاب الأناجيل من الأساطير
مما سبق رأينا ان القران الكريم بين لنا بكل سهولة مسالة رفع السيد المسيح عليه السلام الى السماء دون اجهاد للعقل . بعكس للاناجيل التي وضعت الناس فى حيرة بخصوص السيد المسيح عليه السلام .
فانك حين تقرا في الاناجيل عملية القبض على السيد المسيح ومحاكمته وقتله وصلبه كما يزعمون تجد ان الامور لا تتعدى اسطورة من الاساطير التي كانت موجودة في العصور القديمة مثل قصة اوزويريس وغيره ولذا رأينا ان نستعرض حكاية اوزويريس ثم نعرض معها قصة القبض على السيد المسيح كما وردت في الاناجيل لنرى مدى التشابه بينهما ولنرى مدى التخبط والتناقض في الاقوال والأفعال التي تصل بنا في نهاية المطاف الى صدق قول الحق جل وعلا " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبهه لهم "
اما ما ذكر في الاناجيل بخصوص نهاية السيد المسيح عليه السلام نرى فيه غموض وعدم وضوح بما يبين ان عملية قتل السيد المسيح التي يزعمها النصارى ما هى الا اسطورة من الاساطير القديمة التي تأثر بها كتاب الاناجيل لحاجة في نفوسهم ارادوا ان يجعلوا لأنفسهم مكانة من لا شئ
فقد ذكرت الكتب انه في الماضى كانت تروى الاساطير عن الهه ضحوا بأرواحهم من اجل شعوبهم مما دفع بكتاب الاناجيل ان يجعلوا من السيد المسيح الها ضحى بروحه من اجل شعبه ولقد تحدثنا عن هذه النقطه كثيرا في الفصل الاول ونضيف الى ذلك ما ذكر في كتاب تاريخ وحضارة مصر القديمة " نسج رجال الدين اسطورة اوزيرية لتكون نواه لنظام الحكم في مصر القديمة ولتأكيد ما ذهب اليه فكر ووجدان المصرى القديم بان حاكمه ملك مؤله او بمعنى اخر ينسب الى عالم الالهه وكانت هذه الاسطورة هي الدعامة او الركيزة الشرعية لملوك مصر حيث كان يشار للملك المصرى على انه اله يحكم على الأرض ( )
من النص السابق نرى ان الاساطير القديمة ركزت على نقطة هامة وهى ان الحاكم المصري القديم لابد أن يكون منتسبا إلى الألهة وإذا نظرنا إلى الأناجيل لراينا ان التهم التي نسبها اليهود للسيد المسيح هي :
1-  انه ملك                         2 – انه إله
فالبنسبة للتهمة الأولى نرى أن كتاب الأناجيل أصروا أن يجعلوا السيد المسيح ملكا منذ لحظة ميلاده فيقولون " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيردوس الملك اذ مجوس من الشرق قد جاءوا الى اورشليم قائلين اين هو المولود ملك اليهود ؟" ( )
والعجيب رغم انهم ذكرو انه ملك اليهود واعترفوا بذلك والمسيح لا يزال طفلا الا انهم جعلو هذه الصفة هي التهمة الاولى التي الصقها بيلاطس بالسيد المسيح فتقول الاناجيل ان بيلاطس سال السيد المسيح وقال له" انت ملك اليهود , فأجاب يسوع وقال له انت قلت "  ( )
وهذه الفقرة شديدة الشبه بما ذكر عن الاساطير القديمة فيقولن عن اوزويرس " انه عندما ولد اوزويرس ارتفع صوت من السماء من معبد طيبه معلنا ان الملك العظيم قد ولد " ( )
ثم وجهه بيلاطس تهمة اخرى للسيد المسيح قائلا له " انت المسيح ابن المبارك فقال يسوع انا هو " ( )
في هذه الفقرة يذكر بيلاطس ان الوهية المسيح هي التي دفعتهم للقضاء علية وهذا يشبه الى حد كبير ما ذكر في اسطورة اوزويرس عند  موته فيقولون " كان اوزويرس الابن الاكبر لأله الارض" جب ", آلهة السماء" نوت " ملكا عادلا محبا للخير يحكم الارض كلها وعلم الناس مختلف الفنون والصناعات وحولهم من حالة الهمجية الى الحضارة " ( )
وليس هذا فحسب بل ان التضارب في الاقوال التي ذكرت في الانجيل حول ما يزعمونه من قتل للسيد المسيح اكبر دليل على ان الشخص الذى صلب وقتل لا يمكن ان يكون هو السيد المسيح عليه السلام
فنرى ان الاناجيل تذكر ان كلوديا زوجة الوالى الرومانى بيلاطس تحذر زوجها بقولها " اياك وذلك البار لأنى تألمت كثيرا في حلم من اجلة "  ( ) 
وفى الحال استجاب بيلاطس لطلب زوجته فقال للجموع الموجودين " انى برئ من دم هذا البار "  ( )
وبدلا من ان يقف بيلاطس بجانب السيد المسيح وان يدافع عن نبيه عيسى علية السلام الا اننا فوجئنا ببيلاطس يسلم السيد المسيح لليهود ويقول لهم " خذوه أنتم وأحكمو عليه حسب ناموسكم "  ( )
والعجيب ان اليهود قالو لبيلاطس انه " لا يجوز لنا ان نقتل احدا " ( ) 

ثم يقولون بعد ذلك " دمه علينا وعلى اولادنا "  ( ) 
 لاشك ان هذه الفقرات التى تدل على التخبط في الاقوال والأفعال اكبر دليل على ان الشخص الذى أمسكو به لا يمكن ان يكون هو السيد المسيح لأنه هل يترك الله سبحانه وتعالى نبية عيسى عليه السلام يتعرض الى هذه المهزلة والى السخرية والتهكم من الناس والى عدم معرفة مصيره بالطبع لا : لان الله جل وعلا يدافع عن " الذين امنوا فما بالك بأنبياءه عليهم صلوات الله وسلامه
كما ان  التوراة تؤكد ان الشخص المصلوب ليس هو السيد المسيح ففى سفر التثنية يقولون" اذا كان على انسان   خطيئة حقها الموت وعلقته على خشبة فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لان المعلق ملعون  من الله فلا تنجس ارضك التي يعطيك الرب الهك   
ان هذه الفقرة هي اكبر دليل على ان ما يزعمونه من قتل وصلب للسيد المسيح ليس صحيح بحال من الاحوال لأنه لا يمكن ان يكون المسيح ملعون لأنه علق وصلب وهذا دليل على ان المصلوب شخص اخر غير السيد المسيح عليه لأسباب كثيرة منها :-
اولا :- يؤكد ذلك ما جاء في انجيل برنابا بهذا الخصوص " لان الله سيصعدنى من الأرض , وسيغبر منظر الخائن حتى يطن كل احد انه اياى . ومع ذلك فانه لما يموت شر ميته , امكث في ذلك العار زمنا طويلا في العالم (  )
ويقول برنابا أيضا ان السيد المسيح عليه السلام يقول "  وانى وان كنت بريئا ولكن بعض الناس لما قالو في حقى انه الله وابن الله كرة الله هذا  القول واقتضت مشيئته الا تضحك الشياطين يوم القيامه على ولا يستهزؤن بى فإستحسن بمقتضى لطفه ورحمته ان يكون الضحك والاستهزاء  في الدنيا بسبب موت يهوذا ويظن كل شخص انى صلبت ولكن هذه الاهانة والاستهزاء تبقيان الى ان يجئ محمد رسول الله فإذا جاء نبه كل مؤمن على الغلط  ونرتفع هذه الشبهه من قلوب الناس  ( )
والحمد لله الذى انزل القران الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانزل فيه تبيان كل شئ فلقد ذكر الحق سبحانه وتعالى ذلك صراحة في اكثر من موضع حيث يقول جل وعلا " وما قتلوة وما صلبوه ولكن شبه لهم "  ( )  ويقول سبحانه وتعالى " وماقتلوه يقينا "  ( )
ثانيا :-
يحاول من كتب الاناجيل ان يقنعو الناس بان الشخص المقتول والمصلوب هو السيد المسيح فيقولن شيئا عجيبا لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق وهو " ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمه على الارض كلها الى الساعة التاسعة " ( ) 
في هذه الفقرة يزعم كاتب الإنجيل ان الدنيا اظلمت من الساعة السادسة حتى الساعة التاسعة وهذا غير منطقى لاكثر من سبب :
1- يذكرون ان هذه الاستعدادات كانت مساء يوم الجمعة في الساعة السادسة لانهم كانوا يريدون الانتهاء من القتل والصلب قبل حلول يوم السبت يوم عيدهم فيقولون ( ولما كان المساء اذ كان الاستعداد اى ما قبل السبت ) مرقس 15 : 42
اذن الوقت اصلا دخل في ظلمة الليل فكيف عرفوا ان هناك كسوفا للشمس ؟
و يقولون انه حين تم  القتل والصلب تعاطفت الشمس وحزنت وحجبت عن الارض لمدة ثلاث ساعات وهذا لا يعقل لان من المعلوم ان الشمس والقمر من الظواهر الطبيعية التي لا تتأثر بما يحدث للبشر بل هي دليل على قدرة الله جل وعلا وأين مازعمته النصارى من قول المعصوم محمد حين تعرض لموقف مشابه : فقد مات ابراهيم ابن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و كسفت الشمس يومها وقال الناس ان الشمس كسفت لموت ابراهيم وكان من الممكن ان يصمت رسول الله فهو في حالة حزن وفقد لابنه العزيز الا انها الامانه فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم " ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد او لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلو وأدعو حتى يكشف عنكم "  ( )
يذكرنا كتاب الأناجيل بكتاب القصص  الذين يريدون ان يضفوا على الحكايات التي يسردونها هاله من التقديس كأن يقال " لقد شاركت الطبيعة الشعب الأحزان لفقد زعيما نادرا ما يجود بمثله الزمان فغابت الشمس وراء السحاب وقامت الأعاصير وكان الدنيا تود الرحيل برحيل هذا الزعيم "
لان ما يزعمه النصارى غير منطقى فكان ينبغى على الكون كله ان يختل نظامه لا الشمس فقط فكسوف الشمس شئ لا يذكر في مقابل موت الاله ولا حول ولا قوة الا بالله
ثالثا :-لا يزال من كتب الاناجيل متاثرا بالأساطير القديمة فانظر عزيزى القارئ الى هاتين الفقرتين الاولى من قصة اوزويرس والأخرى من الانجيل لنرى مدى التشابه والاقتباس والتأثر فيقولون عن اوزويرس انه بعد موته " قامت الاختان ازيس ونفتيش بالبحث عن جثة اوزويريس في كل مكان حتى عثرتا على الجثة "  ( )
وفى الانجيل يقولون عن السيد المسيح بعد موته كما يزعمون " كانت هناك نساء كثيرات ينتظرن من بعيد وهن كن قد تتبعنا يسوع من الجليل لخدمته ومنهن مريم المجدلية ومريم ام يعقوب  ( )
ويقولون ايضا " وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الاخرى جالستين تجاه القبر "  
ويقول مرقس في انجيله وبعد موت السيد المسيح كما يزعم ان بيلاطس استدعى قائد المئة وساله عن موته " ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف فاشترى كتانا وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتا في صخرة ودحرج حجرا على باب القبر وكانت مريم المجدلية ومريم ام يوسى تنظران اين وضع " ( )  اى ان اله هذا ؟ لا حول ولا قوة
رابعا :-
وما يدل اكثر على ان الشخص المصلوب لم يكن السيد المسيح عليه السلام ما ذكروه في الانجيل ان الشخص المصلوب وصل به الامر الى حد القنوط والاعتراض على قدر الله ومن المعلوم ان الانبياء لا يصلون الى هذه المرحلة لأنهم انما ينفذون تعاليم الله بكل رضا ويستقبلون قدر الله بنفس راضية مطمئنه فيقولون " ونحو الساعة السادسة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلى ,ايلى : لماذا شبقتنى ؟ أى الهى  لماذا تركتنى ؟  
فيا عجبا لهؤلاء اله يستغيس باله ولا ينجده ! لو قلنا هذا في أقصوصة لأطفال لقذفونا بالحجارة لأنه كيف يذكر للاطفال  شجاعة الابطال وبسالتهم ثم نحكى لهم مثل هذه المواقف الهذيلة والعجيب انها تصدر من الهه ..... قاتلهم الله .....
ثم ماذا بعدما تركه الهه بالطبع مات كما يزعمون ووضع في القبر فكيف كان الكون يدار اذن والهه حبيس المقابر ؟ ان هذا لشئ عجيب .
خامسا: - يزعم النصارى ان المسيح ظهر بعد موته لتلاميذه . ولا نراهم الا انهم اقتبسوا هذه الفقرة " من قصة اوزوريس الذى ظهر في مصر في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وكان اميرا مصلحا فظن الناس انه اله لان الالهه كما يعتقدون تلبس لباس ذوى الشرف الرفيع ولما ظهر شبحه بعد الممات ظنو ان الالهه سمحت بالحياة وأنها لم تعد غاضبه على الشعب الذى كان يرزخ في خطاياه وآثامه وأنها رفعت عنه غضبها  ولعنتها التي كتبت عليه بسبب آثامه وخطاياه "
وفى الانجيل يقولون ان السيد المسيح ظهر بعد ثلاث ليال من موته ودفنه " جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم ولما قال هذا اراهم يدية وجنبه ففرح التلاميذ اذا راو الرب وقال لهم " من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه  أمسكت " 
وفى الختام نُ ذكر النصارى بما قاله أحد أئمة المسلمين ملخصا لكل ما سبق

أعباد المسيح لنا سؤال                     نريد جوابه مــــــمن وعاه
إله مات بصنع قوم قتلوه                  فهل هــــــــــــــــــــــــذا اله
ويا عجبا لقبر ضم ربا                    وأعجب منه بطن قد حواه
أقام هناك تســـــــعا من                   شهور ودم الحيـــض غذاه                                   
وشــــــــق الفرج للحياة                    فاتـــــــــــــــــــــــــــحا فاه                                     
واكل وشرب واتى بلازم                  ذاك فهـــــــــــل هذا إله ؟
                                      







 ( خاتــــمة )
مما سبق أتضح لنا أن رسول الله محمد (ص) قد بشر به فى الكتب السماويه السابقة واستشهدنا بأكثر من نص على ذلك ولذا نقول لأهل الكتاب ما قاله الحق سبحانه تعالى :-
" يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدى به الله من إتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم ( ) 
وندعوا أهل الكتاب الى ما دعاهم الحق سبحانه وتعالى إليه على لسان نبى الإسلام محمد (ص) إذ يقول جلا وعلا :-
( قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد ألا الله ولا تشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقو لوا اشهدوا بأنا   مسلمون ( ) )
لو عرف الناس حقيقة الإسلام ومبادئه التى أرساها وقيمه الى أسسها لسجدوا لله لأنه سبحانه وتعالى أخرج الناس بالإسلام من الظلمات الى النور : وكثيراً ما نسمع أو نقرأ قول الحق جلا وعلا : ( الر* كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور بإذن ربهم الى صراط العزيز الحميد ( ) )
وربما يتساءل البعض ما المقصود بالظلمات والنور ؟
ولكى يقرب الحق جلا وعلا المعنى  للناس جعلهم بدون رسول فتره من الزمان وليرى الناس كيف ستكون حياتهم بدون رسل وكتب سماويه أى بدون نور من الله بل وعافاهم سبحانه وتعالى من الحساب على هذه الفترة فقال سبحانه وتعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( )
فإذا بالناس وقد أختلط الحابل بالنابل فقامت شعوب باحتلال شعوب أخرى لمجرد الاختلاف فى اللون أو الجنس ورأينا شعوبا تهجم على شعوب أخرى لأسباب تافهة فتقتل أبناءها ويسبوا نساءهم ورأينا أقوماً يفتخرون بالأحساب والأنساب ويظنون أن لا أحد فوقهم ومثال ذلك ما قاله عمرو بن كلثوم فى معلقته :-
لنا الدنيـــا وما أمسى عليها
بغاه ظالمــــين وما ظلمنا
ونشرب إن وردنا الماء صفوا
إذا بلغ الرضـــيع لنا فطاما     ..
..
..
..    ونبطش حين نبطـش قادرينا
ولكنا ســـــنبدأ ظالمينا
 ويشربه غيرنا كـدراً وطينا
تخر له الجبابر ســاجدينا
وأنشر بين الناس فساد عظيم منهم من عبد النار ومنهم من عبد حجارة صماء ومنهم من عبد الأشخاص فكانوا يعيشون فى ضلال مبين .
وانتشر وأد النبات وشرب الخمر ولعب الميسر واعتدى القوى على الضعيف وانتشر الربا بين الناس مما جعل الاغنياء يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً مما تسبب فى خلق طبقات فى المجتمع بل وتفاقم الأمر حتى استغل الأغنياء الفقراء أسوا استغلال ولذلك تنفس أهل فارس الصعداء حين دخل مسلم على قائدهم ووجدهم راكعين له وقال : ( جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ) فهذه المقولة هى من جوهر ديننا الإسلامى الحنيف الذى جعله الحق سبحنه وتعالى نوراً أخذ بأيدى الناس من الظلمات أو من ظلمات الجهل الى نور العلم ومن ظلمات الضلال الى نور الهدى . وحرص الإسلام على احترام بنى الإنسان جميعاً لا فرق بين سيد ومسود ولا يفتخر غنى لغناه ولا يضيع فقير لفقره بل ونادى بإسمى مبادئ عرفتها الدنيا ومنها :-
1- الإيمان بالله الواحد الأحد .. فالإسلام دعا الجميع أن يؤمنوا بالله رب العالمين ففى الإيمان به جل وعلا – يصبح الجميع متساويين لا فضل لأحدهم على الآخرين الا بقدر إيمانه وتقواه لله والعجيب رغم أن الله جلا وعلا هو خالق هذا الكون بما فيه الا أنه – سبحانه وتعالى – حين دعا الى الإيمان به لم يجبر أحد على الإيمان به فقال – سبحانه وتعالى – "" وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
2- الإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم – فبه (ص) ختم الله الأنبياء و الرسالات وبه فتح الله آذاناً صما وأعيناً عميا وقلوباً غلفاً . صنعه الله على عينه ورباه فأحسن تربيته وأدبه فأحس تأديبه وجعله على خلق عظيم وبالمؤمنين رؤوف رحيم . لم يألو جهدا حتى بلغ رسالة ربه كاملة وتحمل في سبيلها  ما لا يتحمله أحد وصحح الله به ما أفسده السابقون وبين به ما أخفاه أهل الكتاب وجعله بشيراً ونذيراً فقال – جل وعلا " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ  شَيْءٍ قَدِيرٌ "( )
3- الإسلام والأخر .. لم نجد شريعة قبل الإسلام سماويه أو وضعيه نادت بحسن التعامل مع الأخر مثل شريعة الإسلام ففى التوراة " كثيرا من النصوص التى دسها الأحبار تنادى بإزدراء واحتقار الآخرين فيقولون في الأناجيل  " أطرد الجارية وإبنها (249)
وفى الإنجيل يقولون " إذن أيها الأخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد الحره (250)
ولولا ان الحق سبحانه وتعالى ارسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم لضاعت حقائق كثيرة فاليهود قتلوا كثيرا من الانبياء وزعموا انهم قتلوا المسيح عليه السلام وأهانوا العذراء عليها السلام , والقران الكريم هو الذى برا العذراء وبين كذب اليهود وأوضح الامر إلى الناس " لئلا يكون للناس على الله حجة " .
ولان الإسلام نادى باحترام الأخر احتراما كاملاً حتى لو كان مشركاً بالله فأمرنا الإسلام بحسن التعامل معهم وأن نؤمنهم ونحميهم وقال جل وعالى:- "
" وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ     وأمرنا – سبحانه وتعالى – معامله الجميع معاملة حسنه فقال سبحانه وتعالى " وقولوا للناس حسناً
وحثنا سبحانه وتعالى أن نجادل الآخرين بالتى هى أحسن فقال سبحانه وتعالى " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن  "
ولقد ناشد احد رجال الغرب الشباب المسلم وهو السيد ( كامف ماير ) رئيس الجمعية الألمانية للمعارف الإسلامية فى مجلة العالم الاسلامى سنة 1927 ناصحا لهم فيقول :-
يأتي إلى دياركم مستشرقون ومبشرون أوروبيون من مختلف الطبقات الدينية واللادينية يودون أن يفتنوكم عن دينكم الفطري . فإياكم ثم إياكم أن تتأثروا بأقوالهم وحذار أن تبدلوا الثمين بالغث فإنكم أن فعلتم ذهبت ريحكم ولن تقوم لكم قائمة .









المراجـــــــــــع
•    القران الكريم
•    تفسير القرطبى
•    تفسير بن كثير
•    تفسير الكشاف
•    تفسير بن جرير
•    تفسير القاسمى
•    صحيح مسلم
•    صحيح البخاري
•    صحيح الترمذي
•    لسان العرب  لابن منذور
•    كتاب التربية في كتاب الله للشيخ / محمد عبد الوهاب
•    السيرة النبوية لابن هشام
•    صفوة البيان في معاني القران للشيخ / حسنين مخلوف
•    القصة في القران الكريم د/ محمد سيد طنطاوى
•    رياض الصالحين
•    كتاب هداية الحيارى " بن قيم الجوزية "
•    كتاب الفصل " بن حزم "
•    التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام للشيخ الغزالى
•    موضوعات من تاريخ وحضارة مصر القديمة د/ جمال عبد الرازق
•    محاضرات في الديانة المصرية في العصر الفرعوني أ.د/ أبو العنين بركات
•    كتاب أهرام مصر أ.د/ ادواردز ترجمة / مصطفى عثمان
•    محاضرات في النصرانية للإمام / محمد أبو زهرة
•    التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام للشيخ / الغزالي
•    سفر التكوين
•    سفر التثنية
•    سفر ملوك الأول
•    سفر ارمياء
•    سفر أشعياء 
•    سفر ملوك الثانى
•    سفر صموئيل
•    انجيل متى
•    انجيل لوقا
•    انجيل مرقس
•    انجيل يوحنا
•    انجيل برنابا
•    أعمال الرسل
•    رسائل بولس
•    كتاب اللاهوت المقارن " البابا شنودة الثالث "

قل صدق الله

Download

About the book

Author :

أحمد إسماعيل زيد

Publisher :

www.islamland.com

Category :

Comparative Religions