وما بعضهم بتابع قبلة بعض

في هذا الباب سننقل لك عزيزي القارئ المسيحيةكما يراها أهلها ولن نتتدخل فيما يكتبون أو يسجلون عن دينهم تاركا الحكم لك في نهاية المطاف لأننا حين نقول أنهم يتخبطون في دينهم أو نقول أن دينهم الأن أصبح باطلا أو نقول أنهم مختلفون فيما بينهم في الأركان والأسس والتي من شانها أن تضعف الدين بل تقضي عليه.
 إن قمنا بهذه التعليقات فإذا بهم يتهموننا بالتدخل في دينهم ؛ أو أننا لا نفهم حقيقته ولذا رأينا أن نذكر دينهم كما يسجلونه ويشرحونه لابنائهم ومتبعيهم لترى بعينك عزيزي القارئ مدى الاختلاف ومدى التخبط ولترى أيضا أن بأسهم بينهم شديد وأنه إن حدث بينهم اختلاف قد تصل الحروب فيما بينهم لإبادة الطرف الأخر لمجرد اختلافهم في الراى .
فاحببت أن يطلع ابناء امتي على ذلك ليتيقنوا بأن اقترابهم من المسيحين واليهود ليس في صالحهم لأنه من لم يشفق على أخيه فلن يشفق على الأخر ؛ إذن المسألة بالنسبة لهم هى المصالح ؛ فإن انتهت انتهى معها كل شئ ونحن ندرك ذلك جيدا فهم على استعداد للتضحية بالغالى والنفيس مقابل مصالحهم الشخصية .
 وإن اعترضتهم بعض الشخصيات فسرعان ما يقومون بتصفيتها والعجيب أنهم بعد اغتيال الشخصيات الهامة والتى كانت تقف حجر عثرة في طريقهم يطالبون بالتحقيق في القتل وسرعان ما يتهمون بها أحزاب أو شخصيات إسلامية والأعجب : البلادة التى نتميز بها لأننا نصدقهم وننقلب على اعقابنا ويدمر بعضا بعضا .
وهم يضحكون ملئ أفواههم وهم ينظرون إلينا  فيا قومنا هذه هي عقيدتهم وما يؤمنون به  ولن نحذف منها شيئا ولكن سنقوم بالتعليق في النهاية حتى تضح الأمور وحتى لا يظن أحد أن هذا هو الدين القويم .

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

{وما بعضهم بتابع قبلة بعض } 

 

 

إعداد 

             / أ / أحمد إسماعيل زيد

             محاضر بالأكاديمية الإسلامية

             لدراسات الأديان والمذاهب

محاضر بقناة الأمة الفضائية

 

 

 

محتويات الكتاب

الباب الأول

المسيحية في عيون أهلها  ص//4

وشهدوا على أنفسهم ص// 10

-----------------------

الباب الثاني

الكتاب...... المقدس!!!!!!ص// 40

المجامع ص// 56

الفاتيكان ومباركة الاكتشافات ص// 66

التقارب بين الكنائس والطوائف المسيحية،ص// 75

المسيحية إلى ثلاثة طوائف ص// 79

   تاريخ الصراعات الطائفية ص//94

--------------------------
الباب الثالث

بأسهم بينهم شديد ص// 95

وشهد شاهد من أهلها ص//98

خلافات بالنسبة إلى الكتاب المقدس ص//102

17 لا أيقونات ولا صور فى البروتستانتية ص// 104

ما هي الاختلافات ما بين الأرثوذكسية و الكاثوليكية؟ ص111

الباب الرابع

بعض المعتقدات المسيحية ونقدها ص // 116

نقد عقيدة التثليث :ص// 128

التثليث سر لا يطيقه العقل :ص // 131
المسيح في معتقد المسلمين  ص // 135

------------------------------------

المراجع ص// 152

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة

في هذا الباب سننقل لك عزيزي القارئ المسيحيةكما يراها أهلها ولن نتتدخل فيما يكتبون أو يسجلون عن دينهم تاركا الحكم لك في نهاية المطاف لأننا حين نقول أنهم يتخبطون في دينهم أو نقول أن دينهم الأن أصبح باطلا أو نقول أنهم مختلفون فيما بينهم في الأركان والأسس والتي من شانها أن تضعف الدين بل تقضي عليه.

 إن قمنا بهذه التعليقات فإذا بهم يتهموننا بالتدخل في دينهم ؛ أو أننا لا نفهم حقيقته ولذا رأينا أن نذكر دينهم كما يسجلونه ويشرحونه لابنائهم ومتبعيهم لترى بعينك عزيزي القارئ مدى الاختلاف ومدى التخبط ولترى أيضا أن بأسهم بينهم شديد وأنه إن حدث بينهم اختلاف قد تصل الحروب فيما بينهم لإبادة الطرف الأخر لمجرد اختلافهم في الراى .

فاحببت أن يطلع ابناء امتي على ذلك ليتيقنوا بأن اقترابهم من المسيحين واليهود ليس في صالحهم لأنه من لم يشفق على أخيه فلن يشفق على الأخر ؛ إذن المسألة بالنسبة لهم هى المصالح ؛ فإن انتهت انتهى معها كل شئ ونحن ندرك ذلك جيدا فهم على استعداد للتضحية بالغالى والنفيس مقابل مصالحهم الشخصية .

 وإن اعترضتهم بعض الشخصيات فسرعان ما يقومون بتصفيتها والعجيب أنهم بعد اغتيال الشخصيات الهامة والتى كانت تقف حجر عثرة في طريقهم يطالبون بالتحقيق في القتل وسرعان ما يتهمون بها أحزاب أو شخصيات إسلامية والأعجب : البلادة التى نتميز بها لأننا نصدقهم وننقلب على اعقابنا ويدمر بعضا بعضا .

وهم يضحكون ملئ أفواههم وهم ينظرون إلينا  فيا قومنا هذه هي عقيدتهم وما يؤمنون به  ولن نحذف منها شيئا ولكن سنقوم بالتعليق في النهاية حتى تضح الأمور وحتى لا يظن أحد أن هذا هو الدين القويم .

الباب الاول

المسيحية في عيون أهلها

يرى المسيحيون أن المسيحية هي إحدى الديانات الإبراهيمية والديانات التوحيدية وأن الجذر اللغوي لكلمة مسيحية تأتي من كلمة مسيح والتي تعني حرفيًا المختار أو المعين وقد جاءت التسمية نسبة إلى يسوع الذي هو بحسب العقيدة المسيحية المسيح، ابن الله، الله المتجسد، المخلص وغيرها من التسميات الأخرى؛ ويظنون أن المسيحية تعتبر أكبر دين معتنق في الأرض ويبلغ عدد أتباعها 2.2 مليار أي حوالي ثلث سكان الكوكب من البشر، كذلك فالمسيحية دين الأغلبية السكانية في 120 بلدًا من أصل 190 بلدًا مستقلاً في العالم.

التعليق :-

وهنا عدة اخطاء منها : أنه من الأصل ليس هناك دين اسمه المسيحية ولكنهم اختلقوا هذا الإسم حين جعلوا المسيح إلها وأمنوا به إلها فأصبحوا يفتخرون بأنهم  هم وإلاههم نسيج واحد : هو المسيح الإله وهم المسيحيون !!!!  وهذا كفر محض لأن المسيح بشر وليس إلها وهم أيضا بشر فليسوا ألهة .

وأما عن العدد فمشكوك فيه لأننا لو أننا فترضنا جدلا انهم كذلك فهم ليسوا على ملة واحدة بل هم مفترقون إلى أكثر من سبعين فرقة كما سنرى في الصفحات القادمة بإذن الله تعالى ومن ثم فهم أقليات وليسوا بهذه الكثرة .

ويقولون : نشأت المسيحية حوالي العام 27 من جذور مشتركة مع الديانة اليهودية ولا تزال آثار هذه الأصول المشتركة بادية إلى اليوم من خلال تقديس المسيحيين للتوارة والتناخ والتي يطلقون عليها إلى جانب عدد من الأسفار الأخرى اسم العهد القديم الذي يشكل القسم الأول من الكتاب المقدس لدى المسيحيين في حين يعتبر العهد الجديد القسم الثاني منه.

التعليق :-

يبدوا أن كتبة هذا التقرير لم يطلعوا على العهد القديم ولا الجديد ولم يروا رفض اليهود الرفض التام لدينهم لدرجة أنهم طاردوا المسيح وحاربوه وكادوا يفتكوا به لولا أن الله تعالى رفعه إلى السماء لحكمة نذكرها في حينها بإذن الله تعالى .

كما أنه لو أن هناك قاسم مشترك بين المسيحين واليهود لحظى العهد الجديد بإحترام اليهود كما يحترم المسيحيون العهد القديم ولكنه إحترام من جانب واحد فقط ؛ فاليهود لايعترفون بالعهد الجديد بل الأعجب هو أنهم تبرأؤ من دم المسيح رغم تأكيد العهد الجديد علي اتهام اليهود بقتل المسيح .

و يعتقد : المسيحيون أيضا أن النبؤات التي دونها أنبياء العهد القديم قد تحققت في شخص المسيح وهذا السبب الرئيس لتبجيل التواراة أما العهد الجديد فهو بشكل عام قصة حياة المسيح وتعاليمه، التي تشكل أساس العقائد المسيحية.

التعليق :

لققد حاول متى ومن معه من كتبة العهد الجديد مثل لوقا ومرقس ويوحنا أن يجذبوا أنظار اليهود إليهم وإلى المسيح عليه السلام فقاموا بلى عنق البشارات الموجودة في العهد القديم والتى كانت تشير إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم وجعلوها جميعا تشيرالى المسيح عليه السلام .

كما أنهم أقحموا كلمات وعبارات لاشأن لها بالمسيح البته محاولة مهم أن يلفتوا إنتباه اليهود إليهم فكانت النتيجة أن امتلأت كتبهم بالكذب والإفتراء والأغاليط ولم يؤمن اليهود بالمسيح ولا بالمسيحية بل جعلوا المسيحين مطية لأهدافهم عبر العصور والأزمان ؛ كما أن  ماتراه في كتاب متى من استشهادات من العهد القديم لم  تكن موجودة في الكتب الأخرى .

المسيح عليه السلام في عيون أتباعه

تؤمن أغلب الطوائف المسيحية أن يسوع هو المسيح والابن أي الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس، وبالتالي فهو إله كامل. وقد ولد من عذراء بطريقة إعجازية. وخلال حياته الأرضية اجترح العجائب والمعجزات، ثم صلب ومات تكفيرًا عن خطايا البشرية، وقام من الموت في اليوم الثالث وصعد إلى السماء متحدًا مع الله الآب، بيد أنه أرسل الروح القدس ثالث الأقانيم الإلهية، وسيعود في اليوم الأخير لإدانة البشرية ومنح الحياة الأبدية في ملكوت السموات للصالحين والمؤمنين.

التعليق :

في الفقرة السابقة العديد من الأخطاء منها :

1- زعموا أن المسيح ابن الله وحاشا لله أن يكون له ولد .

2-زعموا أن هناك ثلاثة الهة وأن المسيح هو الأقنوم الثاني منهم وهذا شرك وكفر فالله تعالى إله واحد لا شريك له .

3-زعموا أن المسيح حين رفع إلى السماء أرسل الأقنوم الثالث وهو روح القدس ليكمل المسيرة وهذا خطأ لأن المسيح لا يملك أن يتصرف في كون الله ولا أن يرسل الملائكة حيث شاء ؛ لأن الملائكة انما يتصرفون بأمر الله تعالى وحده .

4- زعموا أن المسيح صلب وقتل ودفن مع الأموات وهذا لم يحدث ليس بشهادة القرآن الكريم فحسب بل بشهادة أشقائهم الكاثوليك واخوانهم اليهود .

5- زعموا أن المسيح حين رفع إلى السماء اتحد مع الله  !!!!! فكيف ؟؟؟؟؟ وكيف كان الله تعالى قبل هذا الإتحاد ؟ وكيف سيكون الله تعالى حين يفارقه المسيح وينزل في أخر الزمان ؟  أفيقوا !!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟

6- وزعموا أن المسيح هو الذي سيحاسب البشرية يوم القيامة فيغفر لمن يشاء ويدخلهم الجنة ويعذب من يشاء ويدخلهم الجحيم  وبالطبع معلوم من هم الأبرار فى نظرهم ومن هم المخطئون .

هل المسيحيون هم من خالف أوامر المسيح ولماذا ؟

يقول المسيحيون : كان الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط الثقل الرئيسي للمسيحية في القرون الأولى وظلت القدس، أنطاكية، الرها، والإسكندرية عواصم الثقافة المسيحية قبل أنتقال النفوذ والتأثير إلى روما والقسطنطينية خلال القرون الوسطى.

التعليق :

مع تأكيد المسيح على التلاميذ أكثر من مرة بعدم الخروج بالدعوة من حدود أورشليم  إلا أن المسيحين أخرجوها إلى العالم ؛  فمن السبب ولماذا ؟ وليتهم أخرجوها نقية كما جاء بها المسيح عليه السلام ولكنهم شوهوها وخالفوا العديد مما جاء به المسيح عليه السلام كما سنبينه في حينه بإذن الله تعالى .

ويواصل المسيحيون حديثهم فيقولون :عانت المسيحية في البدايات من اضطهاد الإمبراطورية الرومانية لكنها ومنذ القرن الرابع غدت دين الإمبراطورية واكتسبت ثقافة يونانية ورومانية أثرت عميق التأثير فيها؛

وكأي ديانة أخرى ظهرت في المسيحية عدة من الطوائف والكنائس تصنف في ستة عائلات كبيرة: تزامنت الانشقاقات الأولى مع القرن الرابع حين انفصلت الكنائس الأرثوذكسية المشرقية والأرثوذكسية القديمة.

 تلاها عام 1054 الانشقاق الكبير بين الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية ثم البروتستانتية خلال القرن السادس عشر فيما عرف باسم عصر الإصلاح. وكما تأثرت، فقد أثرت المسيحية في غيرها من الأديان، ولها بصمة واضحة في الحضارة الحديثة وتاريخ البشرية على مختلف الأصعدة.

التعليق

الحمد لله أن شهدوا على أنفسهم بأنهم لم يستقر بهم القرار ولم يستطيعوا التحدث عن دينهم إلا بعد أربعة قرون من المسيح عليه السلام إذن فهولاء يفصلهم عن المسيح أربعة قرون ثم يزعمون أن ما نقل في هذه الفترة إنما هو وحي من عند الله تعالى فكيف ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كما أنهم يؤكدزن بأنهم ليسوا اتباع ملة واحدة كما أن دينهم  امتزج بالثقافات اليونانية وغيرها وكذلك نسي هؤلاء الدور الذي قام الامبراطور قسطنطين واغراق دينهم بالوثنية كما سنبين ونحن نتحدث عن التثليث وسبب وجوده في دينهم ؛ لأن المسيح عليه السلام لم ينادى بعبادة ثلاثة الهة وإنما نادى بعيادة الله الواحد سبحانه وتعالى .

 

 

 

 

 

 

هل جاء المسيح بأربعة أناجيل ؟  

مع علم المسيحين بأن المسيح عليه السلام أرسله الله تعالى بإنجيل واحد ويذكرون ذلك كثيرا في كتبهم إلا أنهم يغالطون أنفسهم ويصرون على وجود أربع أناجيل والغريب أنهم ينسبونها جميعا الى المسيح.   فكيف !!!!!؟؟؟؟؟

فيقولون : تعتبر الأناجيل الأربعة المصدر الرئيسي لتتبع حياة يسوع، هناك بضعة مؤلفات أخرى تذكره يطلق عليها عامة اسم الأناجيل المنتحلة وقد ورد ذكره أيضًا بشكل عرضي في بعض مؤلفات الخطباء الرومان كشيشرون.

بحسب الأناجيل ولد يسوع في بيت لحم خلال حكم هيرودس الكبير، ولا يمكن تحديد تاريخ ميلاده بدقة، بيد أن أغلب الباحثين يحددونه بين عامي 4 إلى 8 قبل الميلاد. يتفق متى ولوقا أنه ينحدر من سبط يهوذا، السبط الرئيس من أسباط بني إسرائيل الإثني عشر

التعليق :

1- إذا كان المسيحيون لم يستطيعوا تحديد مولد المسيح عليه السلام  فلماذا يكتبون في التأريخ أننا الأن في عام 2011 ميلادية مثلا ؟؟؟؟؟؟ فكان ينبغي أن يكون العام الذي ولد فيه المسيح عليه السلام هو العام رقم { صفر } ثم نبدأ في العد من بعد ذلك ؛ إذن هم ضلوا وأضلوا معهم العالم  . ولا حول ولا قوة إلا بالله

2- والعجيب أن كتبة هذه المقالات - في العديد من المواقع الإلكترونية ومنها موقع الأنبا تكلا - ليسوا على علم حتى بكتبهم لأنهم لو اطلعوا على العهد القديم  وراؤا ما قام به يهوذا بن يعقوب من ارتكاب الفاحشة مع ثامار زوجة ابنه لما افتخروا به وجعلوا المسيح ينتسب اليه .

3- كما يبدوا انهم لم يطلعوا ايضا على العهد الجديد لأن النسب الذي ذكره متى ولوقا يختلف تمام الاختلاف ؛  والأعجب أنه في النهاية ليس نسب المسيح انما هو نسب يوسف ألصقوه بالسيدة مريم وزعموا أنه كان خطيبا .والغريب أنهم رفضوا ما ذكره القرآن الكريم حين بين أن السيدة مريم كانت في كفالة نبي الله زكريا عليه السلام  ؛ فرفضوا كفالة نبي ليجعلوها في كفالة رجل غريب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

4- وان افترضنا جدلا صحة ما تقولون فلماذا اذن تنسبون المسيح عليه السلام  لله تعالى وتجعلونه ابنا له ؟؟؟؟ حاشا لله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .

وشهدوا على أنفسهم

الحمد لله أنه بين الحين والأخر تتفلت من المسيحين عبارات تدينهم وتثبت صدق القرآن الكريم ؛ ولكنهم سرعان ما يحيدون عنها ؛ فإليك عزيزى القارئ هذا المقال المكمل لما سبق من موقع الانبا تكلا ايضا .

ويكملون الحديث عن متى ولوقا فيقولون :

-- كذلك يتفقان أن هذه الولادة قد تمت بشكل إعجازي دون تدخل رجل، ويعرف هذا الحدث في الكنيسة باسم "الولادة من عذراء" ورغم أنه ولد في بيت لحم إلا أنه قد قضى أغلب سني حياته في الناصرة

 -- نشأ يسوع في بيئة يهودية مغلقة تنتظر قدوم الماشيح، وقبيل البدء بنشاطه اعتمد على يد يوحنا المعمدان حوالي عام 27 وكان عمره ثلاثين عامًا تقريبً؛  وقد انطلق في تبشيره من دعوة المعمدان ذاتها الداعية إلى التوبة؛ بيد أنه ترك مناطق نهر الأردن واتجه شمالاً حتى استقر في كفر ناحوم، ثم أخذ يطوف قرى الجليل، وجنوب لبنان، ومناطق من الجولان. وشمال الأردن التي كان تعرف باسم المدن العشر، والخليل إضافة إلى أورشليم ومناطق أخرى. تركزت تعاليم يسوع بشكل أساسي في أهمية ترك أمور الجسد والاهتمام بأمور الروح، وشجب بنوع خاص مظاهر الكبرياء والتفاخر البشري، وحلل بعض محرمات الشريعة اليهودية .

-- وجعل بعضها الآخر أكثر قساوة كالطلاق، وركز أيضًا على دور الإيمان في نيل الخلاص، وعلى أهمية المحبة . وتذكر الأناجيل، بشكل مفصل للروايات أو بشكل عام، عددًا كبيرًا من الأعاجيب والمعجزات التي اجترحها:

-- وكان يسوع ينادي ببشارة الملكوت، ويشفي كل ذي مرضٍ وعلّة في الشعب، فذاع صيته في سوريا كلها، وحمل إليه الناس مرضاهم المعانين من الأمراض والأوجاع على اختلافها والمسكونين بالشياطين والمصروعين والمشلولين فشافهم جميعًا، وتبعته جموع كبيرة من مناطق الجليل والمدن العشر وأورشليم اليهودية وما وراء الأردن .وكان يكلم الشعب عادة بالأمثال والقصص الرمزية مبسطًا لهم أفكارًا معقدة

-- كذلك تزخر الأناجيل بالمواقف والأحداث التي واجهته في حياته، لتشكل مصدر عبرة وتعليم لأتباعه؛ وبشكل عام فإن المعجزات التي ذكرت قصصها بشكل مفصل في الإنجيل هي خمس وثلاثين معجزة،أما عدد الأمثال والقصص فأربع وثلاثون مثلاً،في حين يبلغ مجموعة الحوادث مائتان وخمس وخمسون حادثًا ويعلن الإنجيل صراحة أن هذا جزء بسيط من أعمال يسوع لأنه "لو دونت جميع أعماله واحدة فواجدة لما كان العالم يتسع ما دوّن من كتب

 -- وعيّن يسوع أيضًا اثني عشر تلميذًَا ليلازموه وكان هؤلاء الاثني عشر مختارين من حلقة أكبر كانت تتبعه بحسب العقيدة المسيحية، فإن يسوع وإثر نشاط حافل دام ثلاث سنوات، وخلال تواجده في أورشليم ضمن احتفالات عيد الفصح، قرر مجلس اليهود قتله خوفًا من تحوّل حركته إلى ثورة سياسية تستفز السلطات الرومانية لتدمير الحكم الذاتي الذي يتمتعون به،

-- وتذكر الأناجيل بشيء من التفصيل أحداث محاكمة يسوع أمام مجلس اليهود ثم أمام بيلاطس البنطي ومنازعته على الصليب ومن ثم موته الذي ترافق بحوادث غير اعتيادية في الطبيعة.  بحسب الأناجيل أيضًا، قامت بعض النساء من أتباعه فجر الأحد بزيارة القبر فوجدنه فارغًا بيد أن ملاكًا من السماء أخبرهنّ أن يسوع قد قام من بين الأموات فذهبن وأخبرن التلاميذ بذلك وما لبث أن ظهر لهم مرّات عدة واجترح عدة عجائب بعد قيامته أكد لهم خلالها قيامته

-- تعددت النظريات الأخرى حول يسوع، وطرق موته وأسبابها، لكن أغلبية الباحثين اعتقدوا فعلاً بتاريخية وجوده، والبعض أيضًا آمن بوقوع المعجزات ناسبًا إياها لطرق معينة من استخدام طاقات العقل البشري، ويعتقد أن ليلة العشاء الأخير كانت ليلة 3 نيسان 30 وأن القيامة - بالتالي - تمت فجر 6 نيسان 30.

-- حياة التلاميذ الاثني عشر ومن معهم، أو حياة الكنيسة الأولى يمكن معرفة نشاطاتها عن طريق سفر أعمال الرسل، فبعد خمسين يومًا من قيامة يسوع حلّ الروح القدس على الكنيسة الأولى وفق السفر ويمثل الحدث للمسيحيين ميلاد الكنيسة في القدس. وكان أعضائها يداومون على تلقي المواعظ الدينية والصلاة وكسر الخبز، والحضور إلى الهيكل وتقاسم جميع ما يملكون

-- وكانت جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة ولم يكن أحد يقول إن شيءًا مما عنده هو له بل كان كل شيء عندهم مشتركًا، ولم يكن فيهم محتاج لأن جميع ما كان لهم من حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بثمنها فيضعونه عند أقدام الرسل وهم بدورهم يوزعونه على كل محتاج بقدر حاجته  

-- بحسب سفر الأعمال أيضًا فإن الرسل استطاعوا اجتراح عدد من العجائب والمعجزات،وكانت تعاليمهم وعظاتهم خصوصًا عظتي بطرس الأولى والثانية،سببًا في تذمر مجلس اليهود، ما أدى إلى توقيف بطرس ويوحنا عدة مرات في السجن وكذلك بولس فيما بعد.

 

التعليق :

1- سبحان الله  الذي أنطقهم بالحقيقة وعلموا أن ميلاد المسيح إنما كان معجزة من الله تعالى وما كان كذلك إلا ليعلم الناس أن الله تعالى على كل شئ قدير بمعنى : أنه سبحانه وتعالى كما خلق آدم من غير أب أو أم وخلق حواء من أب دون أم وخلق البشر جميعا من أب وأم وقد يوجد الزوجان ولاينجبان وقد يتأخرا في الإنجاب بإذن الله فلم يبقى إذن إلا أن يخلق الله تعالى بشرا من أم دون أب فكان عيسى عليه السلام  وفي ذلك يقول تعالى {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون }

إلا أن عقول بني إسرائيل لم تدرك هذه المعجزة الإلهية وذهبوا في المسيح المذاهب مما تسبب في ضلالهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .

2- يذكر المسيحيون أن المسيح عاش في الناصرة وبعث منها وما ذكروا ذلك إلا ليؤكدوا نبؤءة في العهد القديم  فيقول متى 23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ:«إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا» وبالبحث تبين انه ليست  هناك نبؤءة في العهد القدم بأكملة بهذا الخصوص لأنه لم تكن يلدة الناصرة قد انشئت بعد . 

3- يذكر المسيحيون ان اليهود كانوا في انتظار المسيح وهذا صحيح ولكنهم تمنوا مسيحا أخر أكثر غلظة وقوة ليتسنى لهم احتلال الشعوب وان يسوموهم سؤء العذاب كما فعل بهم من قبل  ولكنهم حين راتؤا المسيح متواضعا مؤدبا ينادي بالتوحيد الرحمة والشفقة فإذا بهم يعاندوه ويطاردوه وهم ا بالفتك به لولا ان الله تعالى رفعه الي السماء      

4- يذكر المسيحيون أن الدعوة كانت في أورشليم  وهذ صحيح بدليل قوله في متى 5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.

 وفي أعمال الرسل: 1اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ، 2إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ. 3اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. 4وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي،

ولكنهم بعد المسيح خرجوا بها من أورشليم  16وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً:«دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ».

5-   يذكر المسيحيون شدد عليهم في موضوع الطلاق ولكنهم مخطئون لأن المسيح إنما جاءهم بالتيسير لأنه إنما جاء على نهج من سبقه من الأنبياء وهم جاؤا بالتخفيف ولذلك قال في كتاب متى :  17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.

 ولكنهم هم الذين شددوا على انفسهم وبدلوا تعاليم المسيح ونسبوها اليه فقالوا 31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.

 

6- قالوا بأن المسيح هو الملكوت  وماذا عن قول يوحنا 1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ

فإن قالوا بأنه إنما كان يبشر بالمسيح تقول لهم وبمن كان المسيح يبشر حين قال  17مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ:«تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ»

وبمن كان يبشر أيضا حين أمرالتلاميذ5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:«إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.

7-وعن المعجزات نختلف نحن والنصارى في شأنها فهم يرونها من صفات المسيح كإله  وَقَالَ:«يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ». 29فَقَالَ:«تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. 30وَلكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلاً:«يَارَبُّ، نَجِّنِي!». 31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ:«يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟» 32وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ. 33وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ:«بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!».

ونحن المسلمين نحمد الله سبحانه وتعالى أن حفظ قرآنه الكريم حتى اصبح شاهدا و مهيمنا على الكتب السابقة فليس هناك كتاب أنصف الأنبياء كالقرآن الكريم فقد وضع القرآن الكريم الأنبياء فى مكانتهم التى تليق بهم ؛  فهم اكمل الخلق على الإطلاق وأن الله اصطفاهم واختارهم على العالمين وأيدهم بمعجزات من عنده ولم يغالى القرآن الكريم فى حق الأنبياء ولم ينقص أحدهم قدره .

وإن الله تعالى بعث كل نبى بمعجزة تناسب زمانه فكان الغالب على زمن موسى علبه السلام السحر وتعظيم السحرة فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار فلما استيقنوا أنها  من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام

وأما عيسى فبعث فى زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد اليه الا أن يكون مؤيد من الذى شرع الشريعة فمن أين للطبيب القدرة على أحياء الموتى  أو على مداواة الأكمه والأبرص .

وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم – بعث فى زمن الفصحاء والبلغاء وتجاويد الشعر فأتاهم بكتاب من عند الله لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بسورة من مثله ما إستطاعوا أبدا ([1]

لقد أيد الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى عليه السلام بكثير من الفضائل والمعجزات منها :-

1-: " إذا قال الله ياعيسى بن مريم إذكر نعمتى عليك وعلى والدتك " فى هذه الآية الكريمة يذكر الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى بفضله عليه أن خلقه وفضله وجعله نبياً وجعله مباركاً " حيث قال سبحانه تعالى : إنى عبدالله أتانى الكتاب وجعلنى نبياً وجعلنى مباركاً أينما كنت "

بل إن الطريقة التى خلق بها سيدنا عيسى جعلته " آيه"  وعلامة على قدرة الحق سبحانه وتعالى وبها أصبح سيدنا عيسى علماً على مر الزمان كما أن الحق سبحانه وتعالى يذكر سينا عيسى بفضل الله على والدته إذ ذكر إسمها فى القرآن الكريم وفضلها على نساء العالمين وبرأها مما يزعم أهل الكتاب فقال سبحانه وتعالى " يامريم إن الله إصطفاك وطهرك وإصطفاك على نساء العالمين"

2-: " إذا أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا "

فى هذه الآية الكريمة يبين الحق سبحانه وتعالى تأييده لبنى الله عيسى عليه السلام إذ جعل روح القدس وهو سيدنا جبريل عليه السلام دائما مع سيدنا عيسى يأخذ بيديه ويثبته كما أن الحق سبحانه وتعالى بقدرته أنطق سيدنا عيسى وهو فى المهد ليبرىء ساحة والدته وليثبت قدره الله جل وعلا كما أن الحق سبحانه وتعالى بين أنه بفضله وبتأييده جعل كلام سيدنا عيسى وقت الدعوة لا يختلف عما تحدث به وهو فى المهد

3- :- " وإذا علمتك الكتاب والحكمة والتوراه والإنجيل " وهنا يبين الحق سبحانه وتعالى أنه هو الذى علم سيدنا عيسى الكتاب والحكمة كما انه جل وعلا علم سيدنا عيسى  التوراه التى نزلت على سيدنا موسى وأنزل معه الإنجيل فما كان لسيدنا عيسى أن يعلم كل هذا لولا فضل الله عليه وسيدنا عيسى عليه السلام يعرف ويعلم أن الله جل وعلا صاحب  الفضل عليه.

 إذ يقول القرآن الكريم عن ذلك " وإذ قال عيسى بن مريم يابنى إسرائيل إنى رسول الله اليكم مصدقاً لما بين يدى من التوراه " ففى هذه الآية يذكر سيدنا عيسى إنه رسول الله ولم ينسب هذا العلم والفضل الى نفسه .

4- : " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذنى " هنا تبدأ الآية فى ذكر المعجزات التى أيد بها الحق سبحانه وتعالى سيدنا عيسى عليه السلام إذ يذكر الحق سبحانه وتعالى أنه بقدرته أمر سيدنا عيسى أن يصنع من الطين أشكالاً كالطيور ثم يأمره سبحانه وتعالى أن ينفخ فيها فلولا فضل الله وإذن الله للجماد أن يتحول بقدرته جل وعلا الى طيراً محسوساً لظل جماداً كما هو إذن فالخلق هنا مرجعه الى الله سبحانه وتعالى لأن كل الذى قام به سيدنا عيسى هو أن جمع الطين ثم صنع منه ما يشبه الطير ثم ينفخ بإذن الله .

5- :- " وتبرأ الأكمه والأبرص بإذنى " وهذه الآيه من المعجزات الباهرات إذا أنه لا يستطيع طبيب أن يحول أكمه " وهو من ولد أعمى " بصيراً مهما أوتى من علم أو أن يشفى أبرص " وهو داء جلدي خطير " رغم أن الأطباء فى زمن سيدنا عيسى كانوا على درجة عاليه من العلم والتفوق فأراد الحق سبحانه وتعالى أن يتحدى هؤلاء بجنس ما برعوا فيه ليعلم الجميع أنه " و فوق كل ذى علم عليم"  وليعلم بنو إسرائيل الذين أرسل إليهم سيدنا عيسى عليه السلام أن هذه معجزات من عند الله العزيز القدير .

6-:- " وإذ تخرج الموت بإذنى " لا تزال الآيه تذكر بقدرة الله جل وعلا وبتأييده سبحانه وتعالى لنبيه عيسى عليه السلام فجعله يستطيع إحياء الموتى ولا يكون ذلك إلا بإراده الله وليخبر بنى إسرائيل بأن الله جل وعلا يؤيد رسوله بما لا يدع مجالاً لأحد أن ينكر ماجاء به هذا الرسول وحتى لا يكون للناس حجه على الله بعد الرسل  .

7-: " وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات " وتعود بنا الآيه الى الفضائل التى من الله سبحانه وتعالى بها على سيدنا عيسى عليه السلام فيذكره الحق سبحانه وتعالى بإنه بقدرتة إستطاع أن يحمى سيدنا عيسى عليه السلام من أيدى بنى إسرائيل رغم تدبيراتهم ومحاولاتهم للنيل منه عليه السلام فلقد حاولوا قتله فلم يستطيعوا بقدرة الله " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم "

8- :- " وإذ أوحيت الى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى قالوا أمنا وأشهد بأننا مسلمون " فالآية الكريمة تذكر سيدنا عيسى بفضل الله عليه أن أوحى الله سبحانه وتعالى الى الحواريين أن يؤمنوا بما جاء به سيدنا عيسى عليه  السلام حتى لا يكون بمفرده أو لا يظن أنه ليس هناك أحد يقبل ماجاء به من عند الله العزيز الحكيم كما أن الحق جل وعلا جعل الحواريين مؤيدين  لسيدنا عيسى عليه السلام .

9-:- حين طلب سيدنا عيسى عليه السلام من الله جل وعلا أن ينزل عليهم مائدة من السماء بناء على طلب الحواريين حتى تطمئن قلوبهم ويعلموا أن الله يسمع لهم أنزل الحق سبحانه وتعالى المائدة من السماء تأييداً لسيدنا عيسى عليه السلام " قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وأخرنا وآيه منك وارزقنا وأنت خير الرازقين "

" قال الله إنى منزلها عليكم " فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذاباً لا أعذبه لأحداً من العالمين "

10-:- وأنبؤكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " وهذه آيه آخرى من الآيات التى أيد بها الحق سبحانه وتعالى نبيه عيسى عليه السلام إذ بقدرته جعل سيدنا عيسى يعلم ما يأكله الناس وما يدخروه فى بيوتهم لعل القوم يدركو ا أن هذا النبى إنما جاؤهم من عندالله العليم الحكيم .

11- :- " ومصدقاً لما بين يدى من التوراه ولا حل لكم بعض الذى حرم عليكم " وهنا يبين الحق سبحانه وتعالى أنه رحم بنى إسرائيل حين أرسل إليهم سيدنا عيسى عليه السلام وجعله يصدق الكتاب الذى بين ايديهم وهو التوراة كما أن الحق جل وعلا خفف عنهم بعض ماكانوا يعانون وأحل لهم بعض ماكان محرماً عليهم من المأكولات التى حرمت على اليهود نتيجة عنادهم وبين القران الكريم ما فعله الحق ببنىاسرائيل من تشديد فقال جل وعلا :

 " وإذ قال موسى لقومة ياقوم لما تؤذوننى وقد تعلمون إنى رسول الله إليكم فلما زغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين "

وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهم إلا ماحملت ظهورهم أو الحوايا أوما أختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون "

" فيظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم "

مما سبق يتضح لنا أن القرآن الكريم ذكر أن الحق سبحانه وتعالى خلق سيدنا عيسى بقدرته وأيده بفضله وجعله (آية) للناس كما جعله رسولاً ونبياً إلا أن الناس إختلفوا فى أمر سيدنا عيسى فمنهم :

1- من أمن بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وكلمة من الله ألقاها الى مريم " ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل " وهؤلاء هم المسلمون لأنهم يعلمون أن الله على كل شىء قدير ويؤمنو بأن الله واحد " وما كان معه من إله " " انى   يكون له ولد ولم تكن له صاحبه " كما أنهم أى المسلمون يؤمنون بأن المعجزات التى قام بها سيدنا عيسى من إحياءاً لموتى أو شفاءاً لأكمه إنما هى من عند الله العزيز الحكيم فهم يؤمنون بأن الله إذ أرسل رسولاً يؤيده بمعجزات تدل على أنه رسول من الله فكما أيد الحق سبحانه وتعالى موسى عليه السلام بالعصى وأيد سليمان عليه السلام بالريح أيد سيدنا عيسى بهذه المعجزات .

2- من الناس  من قصر فكره وفهمه وعجز عن إدراك قدرة الحق جل وعلا فجعل لله ولداً بل وجعله ثالث ثلاثة و هؤلاء هم النصارى فيعتقدون فى أن عيسى ابن الله ويعتقدون بأن الله وعيسى وجبريل ثلاثة فى واحد ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمتة ألقاها الى مريم وروح منه فأمنوا بالله ورسوله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أنى يكون له ولد له مافى السموات ومافى الأرض وكفى بالله وكيلاً "

كما أن هؤلاء يزعمون أن المسيح عليه السلام قتل وصلب ليغفر لهم خطاياهم ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا" 

بل وغال بعضهم فرفع المسيح الى مقام الألوهيه ولهؤلاء يقول الحق سبحانه وتعالى " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ونحن إذ نذكر هذه الحقائق كما وردت فى القرآن الكريم لا نتهمهم ظلماً وزوراً بل سنذكر ما اختلفوا فيه فى شأن المسيح عليه لسلام فتارة يزعمون أنه إله وتارة يقولون أنه إبن إله وتاره يقولون إنه ذو طبيعتين ولذا رأيت أن من الحكمة أن أذكر ماجاء فى الإناجيل بخصوص المعجزات التى قام بها سيدنا عيسى والإختلافات التى ذكرت فى الأناجيل

- المعجزات التى قام بها المسيح والتى ذكرت فى الأناجيل

أولاً:- تذكر الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بإحياء ميت فيقولون فى إنجيل لوقا أن امرأة مات وحيدها وكانت تبكى لفراقه فتحنن عليها السيد المسيح وأحياه لها " فلما رأها الرب تحنن عليها وقال لها : " لا تبكى " ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال : " إيها الشاب لك أقول : قم " فجلس الميت وابتدأ يتكلم فرفعه الى أمه " ([2])

ثانياً :- تذكر الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بشفاء رجل أبرص فيقولون فى إنجيل لوقا أنه كان هناك رجل مملوء برصاً وطلب من يسوع المسيح أن يطهره قائلاً " يا سيد إن أردت تقبل أن تطهرنى " فمد يده قائلاً : " أريد , فأطهر " وللوقت ذهب عنه البرص " ([3])

ثالثاُ :-تذكر الأناجيل أنه جاء رجل أصم وأعقد الى السيد المسيح فطلب منه أن يشفيه فيقولون فى إنجيل مرقس " وجاءوا إليه بأصم أعقد و وطلبوا إليه أن يضع يده عليه فأخذه من بين الجميع على ناحية , ووضع أصابعه فى أذنه وتفل ولمس لسانه , ورفع نظره نحو السماء , وأن وقال له : " إفتأ " أى إنفتح وللوقت  إنفتحت أذناه وأنحل رباط لسانه وتكلم مستقيماً . ([4])

رابعاً : تذكر الإناجيل أن المسيح عليه السلام قام بالعديد من المعجزات منها شفاء أخرس وشفاء أعمى فيقولون أنه جاء أعميان الى المسيح يطلبون منه أن يشفيهما فلمس أعينهما قائلاً " حسب إيمانكما ليكن لكما " فإنفتحت أعينهما ([5]) كما أنهم يذكرون أنه قام بشفاء إمرأه كانت تنزف دماً كما أنه قام بشفاء مشلول ويذكرون أنه كان يمشى على الماء " وفى الهزيع الرابع من الليل مضى إليهم يسوع ماشياً على البحر فلما أبصره تلاميذه ماشياً على البحر إضطربوا قائلين " إنه خيال * ومن الخوف صرخوا فللوقت كلمهم يسوع قائلاً تشجعوا أنا هو لا تخافوا " ([6])

* لقد ذكرت الأناجيل أن عيسى عليه السلام قام بما ذكرناه من معجزات وأكثر منها من تلقاء نفسه لأنهم يزعمون أنه ما قام بهذه المعجزات إلا لأنه إله وابن إله وهذا هو الفارق بين ما نؤمن به نحن المسلمين بخصوص هذه المعجزات وبين ما يؤمن به النصارى فقد ذكرنا من قبل أن هذه المعجزات هى تأييد من الله جل وعلا لنبيه عيسى عليه السلام . وأن عيسى عليه السلام رسول مثل غيره من الرسل وبشراً مثل باقى البشر يخضع لقانون البشرية ويخضع لإرادة الله " قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه " أما النصارى فيصرون على إلوهية السيد المسيح عليه السلام

ولذا هناك تساؤلات بهذا الخصوص نستعرضها لنوضح إذا كانوا على حق أم لا :-

أولاً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه أحيا أمواتا ؟ فما يقولون فيمن أحيوا أمواتاً غير السيد المسيح فلقد ذكر فى العهد القديم أن نبياً من أنبياء الله وهو " إيلياء " أحيا أمواتا حين جاءوا إليه يشكون أن صبياً مات فطلب إيلياء من الله أن يحيى هذا الولد قائلاً : " يا رب إلهى , لترجع نفس هذا الولد الى جوفه , فسمع الرب صوت إيلياء , فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش " ([7]) فلماذا لم يجعل بنو إسرائيل إيلياء إلهاً ؟

فإذا كان إيلياء نبياً فإن هناك أحد تلاميذه المسيح قام أيضا .بإحياء ميت فيذكر فى كتب الأناجيل فى أعمال الرسل أن بطرس وهو أحد تلاميذ المسيح أقام ميتة " فأخرج بطرس الجميع خارجاً وجثا على ركبتيه وصلى ثم ألتفت الى الجسد وقال " ياطابئا " أى يا صبية قومى ففتحت عينها فلما أبصرت بطرس جلست فناولها يده وأقامها ثم نادى الفريسين والأرامل وأحضرها حيه "    ( [8])

 ثانياً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه ولد من غير أب ؟ فماذا يقولون فى آدم عليه السلام الذى خلق من غير أب أو أم بل ونفخ الله فيه من روحة مباشرة إذاً لو أخذنا بمنطق النصارى لكان آدم عليه السلام أولى بالألوهية من عيسى عليه السلام

ثالثاً : هل يعتقد النصارى أن عيسى عليه السلام إلهاً لأنه رفع الى السماء فيقولون " وأخرجهم خارجاً الى بيت عنيا , ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم أنفرد عنهم وأصعد الى السماء " ( [9]) فماذا يقولون عن أنبياء العهد القديم الذين ذكروا فى التوراه وهم أيضاً رفعوا الى السماء فتقول التوراه فى سفر التكوين عن نبى الله " أخنوخ " وهو أدريس عليه السلام " وصار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه " ([10]) كما تذكر التوراه أن نبى الله إيلياء أيضاً أصعد الى السماء فيقولون فى سفر الملوك الثانى " وفيما هما يسيران ويكلمان , إذا مركبه من نار وخيل من نار ففصل بينهما , فصعدا إيلياء فى العاصفة الى السماء " ([11]) فلماذا لم تعتبر بنى إسرائيل إيلياء أو أخنوخ ألهة فلقد أصعدا الى السماء كما أصعد المسيح عليه السلام والعجيب أن النصارى لا يستقرون على رأى بخصوص السيد المسيح عليه السلام فيقولون أنه إله إذ يذكرون فى الأناجيل " هو ذا العذراء تحبل وتلد إبناً , ويدعو إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا ([12])

وهذا التفسير ليس صحيحا لان كلمة (عمانوئيل) تنقسم الى مقطعين الاول عمانو – الثانى ئيل – ومن المعروف ان الهمزة اذا جاءة فى اول الكلمه هى بمثابة الالف ا فكلمة ( ئيل ) تنطق او تكتب ( ايل ) وهذة الكلمه فى العبرانية تعنى الله اذ مثل اسرائيل فهو ينقسم الى قسميت اسرا –ايل وهو يعنى عبد الله اذ فكلمة عمانويل لا تعنى مطلاقا الله معنا

 بل نعمى مثلها مثل اسؤائيل وجبرائيل واسرافيل وميكائيل فكل هذة الاسماء تعنى عبد الله وانما تنوعها يشبه عندنا بين اسماء المسلمين مثل نعنة الله – هبه الله – منه الله –عبدالله – رحمت الله اذ فالاخوة النصارى مخطئون فى تفسير كلمة عما نويل وهذا ما يكدة الواقع والقران الكريم  فالواقع ان عيسى عليه السلام ابن مريم ومريم عليها السلام مثلها مثل باقى البشر يرجع نسبهاالى ادم عليه السلام وادم وبنوه كلهم عبيد لله اما القران الكريم وضح هذا الامر على لسان عيسى ابن مريم حين تكلم فى المهد ( قال انى عبد الله )

ونحن نعجب لهذا الاله الذى حمل فى بطن إمرأه وتغذى على دم الحيض وولد ومر بمراحل الطفولة وأكل وشرب ........ فهل هذا إله ؟

ويزعمون أنه ابن الله فيذكر متى فى إنجيله أنه حينما جاء يسوع الى نواحى قيصيرية  تراى وسأل تلاميذه ماذا يقولون عنه فأجاب سمعان بطرس وقال : " أنت هو المسيح ابن الله الحى " ([13])  ونحن نعجب من هذا إذ أن الحق جل وعلا تعالى عن ذلك علواً كبيراً والأعجب من هذا أنهم يذكرون أن هذا الابن ما جاء إلا ليخلص العالم من الخطئية فيعرضوه للقتل والصلب وهذا لم يحدث لقول الحق سبحانه وتعالى " وما قتلوه يقيناً "

- ثم  يقول موضوع آخر بأنه نبى إذ يذكرون على لسان السيد المسيح قوله " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس  أو الأنبياء ما جاءت لأنقص بل لأكمل , ( [14])

ويزعم النصارى أن المسيح هو الرب فيقولون حين ذهب الى الأرملة التى مات وحيدها وأحياه لها كما ذكرنا " فلما رأها الرب تحــنن عليها " ( [15]) فى حين أن المسيح عليه السلام تبرأ من هذا إذ يقولون فى إنجيل متى على لسان السيد المسيح " ليس كل من يقول لى : يا رب , يدخل ملكوت السموات . كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم يا رب أليس بإسمك تنبأنا وبإسمك أخرجنا شياطين وبإسمك صنعنا قوات كثيرة فحينئذ أصرخ لهم : إنى لم أعرفكم قط إذهبوا عنى يا فاعلى الإثم " ([16])

 

8- ربما لم يقرأكاتب هذا المقال شيئا عن تلاميذ المسيح فنقول له نعلم جميعا بان الأنبياء هم أفضل خلق الله لأن الله جل وعلا اصطفاهم وطهرهم واختارهم على العالمين فكانوا مصابيح الهدى . اخرجوا أقوامهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم.

والحق سبحانه وتعالى أيدهم بأصحاب وأتباع أوفياء كانوا عونا للأنبياء على أداء الرسالة التى كلفهم الحق سبحانه وتعالى بها وفى هذا يقول الحق جل وعلا ( وهو الذى أيدك بنصرة وبالمؤمنين )

إذن فلن يرتقى لدرجة صحابي أو حواري الا ان يكون  متميز ذا خلق ومرؤة ودين يجعله نعم العون لنبيه, ودليلا على ان هذا النبى استطاع ونجح فى اختيار اصحابه ونرى هذا واضحا فى صحابة رسول الله محمد صلى الله علية وسلم اذا كانو جميعا على استعداد ان يضحوا بأرواحهم من اجله ( صلى الله عليه وسلم )

 ولم يتخلفوا عنه فى غزوة حتى كانو مثلا رائعا فى الصحبة حتى اثنى عليهم الحق جل وعلا فقال سبحانه وتعالى " محمد رسول الله والذين معه" وبقوله سبحانه وتعالى " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنه ورضوا عنه "

والقران الكريم أثنى على إتباع سيدنا عيسى عليه السلام إذ يقول الحق جل وعلا : " فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله واشهد بانا مسلمون " ال عمران (52 ) وقد حث القران الكريم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا كأصحاب سيدنا عيسى علية السلام وفى هذا يقول الحق جل وعلا : " يا أيها الذين امنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " الصف 14

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي بعثه الله فى أمه قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل .) مسلم (50 )

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عنى بنى إسرائيل ولا حرج ومن كذب على متعمدا فليتبواء مقعده من النار . البخاري رياض الصالحين 248/1350

وهذا ما نعتقده في إتباع كل نبي إلا أننا حين نقرا الإنجيل نرى أن إتباع سيدنا عيسى لم يذكروا بشكل لائق فتذكر الأناجيل أن منهم الخائن وان منهم من تنكر لسيدةه وقت المحنة ................. الخ .ولا ندرى أكان ذلك عمدا أم  أنها الحقيقة ولذلك أرى أن اعرض ما ذكر أولا في الأناجيل بخصوص أتباع سيدنا عيسى ثم نعلق عليها

اولا :- يهوذا الاسخريوطى

يعد يهوذا واحد من اتباع السيد المسيح الذين يعرفون بتلاميذ السيد المسيح الذين اختارهم وأعطاهم قوة وسلطانا لإخراج شياطين فتذكر الاناجيل ان المسيح عليه السلام جمع تلاميذه الاثنى عشر وأوصاهم " ودعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم قوة وسطانا على جميع الشياطين وشفاء المرضى "

من هذه الفقرة نفهم ان تلاميذ السيد المسيح في مناعة من الشياطين ولديهم قوة لشفاء المرضى الا اننا فوجئنا بمن كتبوا الاناجيل يقولون ان يهوذا دخلة الشيطان :" تتدخل الشيطان في يهوذا الذى يدعى الاسخريوطى  وهو من جملة الاثنى عشر "

فماذا حدث ؟ هل السلطان الذى اعطاه السيد المسيح لتلاميذه لم يكن محكما حتى استطاع الشيطان ان يتسرب الى يهوذا ؟ ام ان المسيح لم يكن موفقا في اختيار أتباعه ؟

وحين ارادوا الخروج من هذا المأذق ذكروا ان السيد المسيح هو الذى تنبأ بان يهوذا سيخون السيد المسيح وانه سيسلمه الى اليهود فيكر يوحنا فى انجيله بهذا الخصوص ان عيسى علية السلام قال " الحق الحق اقول لكم ان واحدا منكم سيسلمنى "

وحين سألو السيد المسيح عنه اجابهم " اجابة يسوع هو ذك الذى اغمس انا االقمة وأعطيه , فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطى 

وهذا التحلل والخروج من المأذق غير مقبول منطقيا اذ كيف يعلم المسيح ان يهوذا رجل خائن لا يؤتمن ثم يجعله احد  تلاميذه ويعطيه قوى وسلطانا لاخرج الشياطين

والعجيب انه رغم اعلان السيد المسيح امام الجميع ان يهوذا سيسلمه وسمع يهوذا بذلك لم ينتبه يهوذا ولم يرشده احد الى الصواب بل  ومضى يهوذا في ضلالة فيذكر لوقا في انجيله عن الخيانة التي قام بها يهوذا " فمضى يتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه اليهم ففرحوا وعاهدوه ان يعطوه فضه , فواعدهم وكان يطلب منهم فرصة ليسلمه اليهم "

ويتابع لوقا خيانة يهوذا فيقول " وبينما هو يتكلم اذ جمع والذى يدعى يهوذا احد الاثنى عشر يتقدمهم فدنى من يسوع ليقبله فقال له يسوع " يا يهوذا ابقبله تسلم ابن الانسان "

ثم تحكى الاناجيل انه تم القبض على السيد المسيح الا ان القران الكريم اكد على ان اليهود لم يستطيعوا الامساك به لان الحق سبحانه تعالى رفع اليه السيد المسيح وجعل اليهود يمسكون بمن شبهه الله بالسيد المسيح وفى هذا يقول القران الكريم " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وهذا ما سنوضحه فيما بعد ان شاء الله .

ثانيا : بطرس :-

حين تقرا الاناجيل وتطلع على اعتراف بطرس بالسيد المسيح تشعر لأول وهلة ان بطرس سيكون من اكثر التلاميذ اخلاصا ووفاء لمعلمه الا اننا اصابتنا الدهشة حين قرانا تنكر بطرس للسيد المسيح وقت الشدة وتركه بمفرده

فتذكر الاناجيل عن اعتراف بطرس حين قابل السيد المسيح قائلا : " فأجاب سمعان بطرس فقال انت هو المسيح ابن الله الحى , فأجاب يسوع طوبا لك يا سمعان "

ثم تذكر الاناجيل ان السيد المسيح عليه السلام بارك بطرس قائلا له " وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السموات وكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السموات "

بالإضافة الى ما سبق اصبح بطرس احد الاثنى عشر المقربين الذين باركهم السيد المسيح واختارهم ليحملوا الامانة فكان ينبغى على هؤلاء ان يضحوا بأرواحهم من اجل معلمهم.

والعجيب ان السيد المسيح تنبأ ان بطرس سيتنكر له يوما ما ، وحاول بطرس ان ينفى هذه النبؤة " فأجابه بطرس وقال له : " وان شك فيك الجميع فانا لا شك ابدا

نلحظ من هذه الاجابة ان بطرس شديد الايمان بالسيد المسيح وانه على استعداد ان يقف بجواره ويفديه بروحه وبدمه الا ان السيد المسيح اكد له انه لن ينكره مرة واحدة بل ثلاث مرات قائلا " الحق اقول لك انك في هذه اليلة قبل ان  يصيح ديك تنكرنى ثلاث مرات "

ولقد تحقق ما قالة السيد المسيح رغم اصرار بطرس على انه لن يتخلى عن نبيه ومعلمه فتذكر الاناجيل انه حين حول اليهود القبض على السيد المسيح علية السلام وامسكوا ببطرس وسألوه عن السيد المسيح فاخبرهم بأنه لم يعرف السيد المسيح وتنكر له تماما  وقال اليهود :" ان لغتك تشبه لغته فأنت جليلى مثله" فكرر بطرس تنكره  فلما شددو عليه اخذ يسب ويلعن وفى هذا تقول الاناجيل " وفى الثالثة بدا يلعن ويحلف انى لا أعرف الرجل "

) وترك سيدة يواجه الصعاب وحدة وليت الامر ينتهى عند يهوذا وبطرس الا من كتب الاناجيل اظهروا اتباع السيد المسيح بشكل دنئ لا يليق باتباع نبى ولا ندرى لماذا حاولو التقليل من شانهم 

ثالثا : يعقوب ويوحنا ابن زبدى

وهذان ايضا من تلاميذ السيد المسيح علية السلام الا انهم لم يستطيعوا اخفاء مطامعهم فطلبو من السيد المسيح ان يجعل لهم نصيبا وان يحدده لهم قبل ان يواصلوا الطريق معه فقالو ( يا معلم نريد ان تفعل لنا ما طلبنا ) وقال السيد المسيح لهما " ماذا تريدان ان افعل لكما ؟ فقال له اعطنا ان نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك  

لو ان هذا المطلب من اناس عاديين لقلنا ان الامر عادى بأنهم سيكونون في حاجة تشد ازرهم وتساعدهم على الايمان بالدين الجديد ولكن ان يأتى الامر من تلاميذ السيد المسيح الذين اختارهم عونا له لأداء الرسالة هذا هو العجيب

ولم يكن باقى التلاميذ اكثر صدقا من هؤلاء فقد رأينا ما فعله يهوذا وبطرس ويعقوب ويوحنا فقد قام باقى التلاميذ بما يشبه التمرد لأنهم شاهدوا اخوانهم لم يكونوا على المستوى اللائق وفى هذا يقول الانجيل " ولما سمع العشرة ابتداو يغتاظون من اجل يعقوب ويوحنا "ولذا حاول السيد المسيح ان يشترى رضاهم فقال لهم " تجلسون انتم ايضا على اثنى عشر كرسيا  تدينون اسباط اسرائيل الاثنى عشر "

9- زعموا أن  اعمال الرسل جزءا مقدسا ونسي هؤلاء إنما قام بكتابته شخص ليس برسول ألا وهو لوقا الذي اعترف بنفسه فقال 1اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ، 2إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ

10- أما بولس فحث ولا حرج والحقيقة أننا لا نستطيع الحديث عن بولس إلا ومعه يرنابا لتغرف وترى خيانة وخداع بولس للمسيحين .

ان حكاية حياة  هذين الرجلين حكاية غريبة فالأول ( برنابا ) رجل عاصر وعايش السيد المسيح واخذ منه ونقل عنه والثانى ( بولس ) رجل يهودى الاصل لطالما عذب اتباع السيد المسيح بشكل لم يسبق له مثيل وحين فكر كيف يبث افكاره اليهودية المتطرفة والغريبة لم يجد طريقة سوى ان يدعى انه شاهد المسيح وانه دعاه ان يتولى تبليغ الرسالة ثم استغل تلاميذ المسيح حتى وثق الناس به اختلق الخلافات معهم ثم انفرد هو بما كان يريد

ونترك المجال للاناجيل لتعرف منها على ما حدث بالتفصيل :

يحكى بولس حكايته فى الجزء الخاص المعروف " اعمال الرسل " فيذكر انه كان اسمه شاؤل وكان يونانى الجنسية ويهودى الديانة وكان شديد التأثر بفلاسفة اليونان مثل ارسطو وأفلاطون فذكرو في اعمال الرسل ان بولس والذى كان يدعى شاؤل كان يعذب اتباع المسيح تعذيبا شديدا فقالو : ( اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب "

وليس هذا فحسب بل قالو : حتى اذا اوجد اناسا من الطريق , رجالا ونساء يسوقهم موثقين الى اورشليم "

التحول فى حياة شاؤل (بولس):

تذكر الاناجيل ان شاؤل وهو في طريقه يعذب الرجال والنساء الذين يؤمنون بالمسيح ظهر له برق من السماء وسمع صوتا يناديه ودار بينهما الحوار التالى كما ذكر في اعمال الرسل " وفى ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغته ابرق حوله نور من السماء فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له : شاؤل شاؤل لماذا تضطهدنى ؟ فقال له من انت يا سيد ؟ فقال الرب انا يسوع الذى أنت تضطهده "

ثم  تذكر اعمال الرسل ان السيد المسيح طلب من شاؤل ان يكف عن اضطهاد اتباعه وليس هذا فحسب بل كلفه السيد المسيح ان يقوم بالدعوة باسمه ولكن لم يستطيع احد ان يصدق ما يقوله شاؤل فقام بحيلة عجيبة وهى اقترابه من احد تلاميذ المسيح وهو ( برنابا ) الرجل المخلص والمحبوب لدى المسيحيين وتحت رغبة برنابا في انضمام شاؤل الى المسيحيين وان يكف عن تعذيب الرجال والنساء اصطحبه برنابا ودخل به على الناس وتقول اعمال الرسل في ذلك " ولما جاء شاؤل الى اورشليم حاول ان يلتصق بالتلاميذ وكان الجميع يخافونه غير مصدقين انه تلميذ فأخذه برنابا واحضره الى الرسل "

ولما استقر الامر لشاؤل وبلغ ما يريد زعم شاؤل ان روح القدس حل عليه فقال :" قال الروح القدس : افرزوا لى برنابا وشاؤل للعمل الذى دعوتهما اليه

تقول اعمال الرسل انه حين خرج برنابا وشاؤل ليعملوا كما امرهم روح القدس ذهبا الى قبرص وكان بها والى صالح اسمه سرجيوس بولس  حينئذ قام بولس بتغيير ( شاؤل اسمه الى بولس ) تيمنا بهذا الوالى وفى هذا يقول اعمال الرسل " وأما شاؤل الذى هو بولس ايضا فامتلاء من الروح القدس "

وظل بولس يعمل مع برنابا حتى شعر بولس انه لم يعد في حاجة لبرنابا وأراد ان يبتعد عنه ليتفرغ لمبادئه التي دخل المسيحية من اجلها فاختلق مشكلة معه وعلى اثرها تفرقا فيقولون في اعمال الرسل " فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق احدهما الاخر وبرنابا اخذ مرقس وسافر في البحر الى قبرص وأما بولس فاختار سبيلا)

وهنا ادرك برنابا ان بولس خدعه وانه استغله ليتقرب من المسيحيين حتى اذا وثقوا به تركه كما ادرك برنابا ان بولس بمفرده سيحاول ان يبث افكاره ومبادئه التي هي بعيدة عن مبادئ السيد المسيح فراى ان من واجبه ان ينبه المسيحيين الى خطر بولس فقال " الاعزاء ان الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الايام الاخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمته العظيمة للتعليم والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر داعين المسيح ابن الله رافضين الختان الذى امر الله به دائما مجوزين كل لحم بخس الذى ضل في عدادهم بولس الذى لا اتكلم عنه الا مع الاسى"

مبادئ بولس :-

كان الانجيل على حالته الاولى التي نزل بها على سيدنا عيسى عليه السلام حتى استطاع بولس بسط نفوذه وأصبحت مقاليد الدعوة بيديه فشرع في ارساء المبادئ التي عانى كثيرا لكى يدخل المسيحية من اجلها فقلب مبادئ الديانة المسيحية رأسا على عقب كالتالى :-

1-            يعد بولس اول من رفع درجة المسيح من نبى ورسول لله رب العالمين الى درجة ابن اله ومساو لله في ذات الوقت وفى هذا يقول بولس في اعمال الرسل " وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح : ان هذا هو ابن الله "

ثم يذكر بولس ان المسيح هو الله فيقول ان المسيح الذى هو صورة الله غير المنظورة بكر كل خليقة فان فيه خلق الكل ما في السموات وما في الارض ما يرى وما لا يرى

2-                جعل بولس من نفسه ومن يقوم بدوره من بعده بمثابة رسول للمسيح ليحظى بمكانة الرسل من التصديق  والتوقير والإيمان بما ينادى به من مبادئ فيقول بولس في رسالة الى اهل رومية " بولس عبد ليسوع  المسيح المدعو رسولا المفرز لانجيل الله . الذى سبق فواعد به انبياءه في الكتب المقدسة عن ابية الذى صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة "

لقد حاول بولس بما تعلم من فلسفة أرسطو كيف يطوع الكلام لصالحه الشخصي . لأنك حين تنظر النص السابق نجد فيه إجهاد للعقل ومحاولة للوصول الى شئ ما لا يعلمه الا من كتب هذا النص .

   ولم يكتفى بولس بذلك بل اكد انه رسول ولا ندرى من الذى بعثة بالطبع ليس الله رب العالمين وهذا يبرر لنا لماذا رفع بولس المسيح الى درجة الا لوهيه ليدعى ان المسيح ( الاله ) هو الذى ارسله وفى هذا يقول بولس في رسالتة الى اهل كورنيوس . الست انا رسول ؟ الست حر ؟ اما رأيت يسوع المسيح ربنا ؟ الستم انتم عمل في الرب ؟

ويفيق بولس لحظة ويتذكر انه هو الذى جعل من نفسه رسولا فيقول " إن كنت لست رسولا إلى آخرين" ثم تعاوده نزعاته فيقول " فإنما أنا إليكم رسول "

3-  يعد بولس المسئول الأول عن خروج المسيحية الى العالمية مغيرا بذلك تعاليم معلمه ورسوله عيسى عليه السلام لأننا ذكرنا ورأينا في أكثر من موضع في الأناجيل إصرار المسيح على انه رسول إلى بنى إسرائيل خاصة ولم يدع تلاميذه الى اى أمم اخرى فكان يقول لهم ( إلى طريق أمم لا تمضوا الى مدينة للسامريين لا تدخلوا ولكن اذهبوا بالحرى إلى خراف بنى إسرائيل الضالة "

إلا أن بولس أصر أن ينقل هذه الديانة إلى اكبر عدد من البلاد وليته نقلها سليمة لكان خيرا له وللجميع ولكنه غير وبدل فكان كما قال برنابا ضل وأضل الآخرين معه ولا حول ولا قوة الا بالله فيقول بولس " يسبب النعمة التي وهبت لى من الله حتى أكون خادما ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرا لانجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم "

فأيهما اذا على صواب سيدنا عيسى عليه السلام ام بولس ؟

نحن المسلمين نؤمن ونصدق بما جاء به سيدنا عيسى عليه السلام ونعلم علم اليقين ان ما قام به بولس هو ادعاء وافتراء على الله وعلى المسيح عليه السلام

4-              استطاع بولس أن يؤثر على كتاب الإنجيل مثل ( لوقا ومرقس ) حيث دخل معهم ونشر إليهم مبادئه وأوهمهم انه رأى المسيح فيقول بولس في رسالته لـ ( تيموثاوس) : لوقا وحده معى . خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لى للخدمة "

وفى رسالة بولس إلى فيمون " يسلم عليك ابفراس المأثور معى في المسيح يسوع ومرقس وارسترجس وديماس ولوقا العاملون معى " (

وهذه الصحبة هي التي فسرت لنا لماذا أصر لوقا على القيام بكتابة انجيل خاص به فيقول في مقدمة إنجيله " اذا كان كثيرون قد اخذوا بتأليف قصة في الامور المتيقنة عندنا . رأيت أنا أيضا اذ قد نتبعت كل شئ من الاول بتدقيق .اكتب على التوالى إليك أيها العزيز ساوفيلس "

كما تفسر لنا هذه الصحبة لماذا اختلف لوقا مع متى في نسب السيد المسيح ولأنه لو كان لوفا منذ البدء معاينا لراجع الأمر مع متى والقفا على الأقل في ذكر النسب الصحيح للسيد المسيح علية السلام

وأيضا فسرت لنا صحبة مرقس لبولس وجود كلمات في انجيل مرقس لا يمكن أن تكون صادرة عن السيد المسيح كما جاء في حديثة عليه السلام مع المرآة الكنعانية حين قال لها " ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب "

وليس هذا فحسب بل وجدنا في الأناجيل ما يدعو للتقرفة العنصرية حيث قال بولوس " لسنا أولاد الجارية بل أولاد الحرة "

الإنجيل : كلمة يونانية الخبر السعيد أو البشارة ولقد قام أتباع السيد المسيح عليه السلام بكتابة الأناجيل ولكنه بعد رفع السيد المسيح بفترة من الزمن وذلك اختلط في الأناجيل الأمر . وأصناف كاتبوها من عند أنفسهم , ظانين أنهم بذلك أحسنوا للإنجيل ولكنهم بهذا أساءوا إلى الإنجيل فضلوا وأضلوا كثيرا إلا أن إرادة الله شاءت أن يحفظ الحق جل وعلا الإنجيل الأصلي كما نزل على السيد المسيح عليه السلام ليطلع عليه المسلمون وبحمد والله وليعلموا صدق الله حيث قال " إنا أنزلنا الإنجيل فيه هدى ونور " المائدة وهذا هو انجيل برنابا الذي وقف له اليهود والنصارى بالمرصاد ومنعوا انتشار هذا الإنجيل وابقوا على الأناجيل الأخرى ليصدق فيهم قول الحق جل وعلا " يا بنى إسرائيل لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون " البقرة

5- ويجدر بنا أن نذكر ما قاله زكى شنودة فى كتابه تاريخ الأقباط الجزء الأول ص 148 عن بولس : فيقول :

 ( أن بولس أول من ابتدع فى شأن المسيح اللاهوت والناسوت وكانت النصارى قبله كلمة واحدة : أن المسيح عبد الله ورسوله مخلوق ومصنوع لا يختلف فيه اثنان منهم فقال بولس وهو أول من افسد دين النصارى أن سيدنا المسيح عليه السلام خلق من اللاهوت إنسان كواحد منا فى جوهرة وان ابتداء الابن من مريم وانه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسي صحبته النعمة الإلهية فحلت فيه بالمحبة والمشيئة ولذلك سمي ابن الله .

وبعد موت بولس اجتمع 13 أسقفا فى مدينة انطاكيا ونظروا فى مقالة بولس فأوجبوا عليه اللعن فلعنوه ولعنوا من يقول بقوله وانصرفوا .

    6-  اراد بولس بذكائه ان يصد الباب أمام اى احد يحاول أن يفعل مثله فاخبر الجميع ان الشيطان قد يظهر فى صورة ملاك فان ظهر لأحد ملاك وقال انه المسيح فلا تصدقوه وفى هذا يقول بولس " ولكن ما افعله سأفعله لأقطع فرصة الذين يريدون فرصة كى يوجدوا كما نحن أيضا في ما يفتخرون به . لان مثل هؤلاء هم رسل كذبة فعلة ماكرون , مغيرين شكلهم الى شبه رسل المسيح . ولا عجب لان الشيطان نفسه يغير شكله الى شبة ملاك نور

ارايت عزيزى القاري كيف قطع بولس الطريق على من تسول له نفسه ان يفعل مثله ؟ وماذا يدرينا أن الذى ظهر لبولس وابرق له في الطريق نور شيطان ؟

وإذا لم يكن كذلك فلماذا لم يعطينا بولس وصفا لنور الملاك ليعرف الناس الفارق بينهما ؟ ام ان بولس فعل ما يريد ثم أغلق الباب عليه وحدة ؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

الكتاب...... المقدس!!!!!!

كنت أود أن أقوم بالنقد لما أسموه بالكتاب المقدس وأن أبين أنه لم يكن من عند الله وإنما قام بكتابته عدد من أفراد ليسوا بأنبياء ولا رسل  ؛ كما أنه جاء بعدهم أخرون قاموا بترجمة هذا الكتاب إلى أكثر من لغة من السريانية إلى الإنجليزية ثم إلى العربية والعجيب أنهم بعد كل هذا يصرون على قدسيته وأنه من عند الله .

ولكن حين قرأت المقال وجدته بين الأخطاء بنفسه دون أن يدري وهو يظن أنه يؤصل المسألة فإليك عزيزي القارئ المقال كما ذكره موقع الأنبا تكلا  ثم نعلق علي جزءياته أولا بأول :-     

فيتحدث كاتب المقال عن الكتاب الذي يؤمنون به فيقول :  ينقسم الكتاب المقدس لدى المسيحيين إلى قسمين متمايزين هما العهد القديم والعهد الجديد.

ويذكر أن أصل هذه التسمية: أن اللاهوتيين المسيحيين الأوائل راؤوا ما ذهب إليه بولس في الرسالة الثانية إلى كورنثس 14/3 بأن تلك النصوص تحوي أحكام عهد جديد، مما أدى في الوقت نفسه إلى إطلاق مصطلح العهد القديم على المجموعة التي كانت تسمى الشريعة والأنبياء وتشمل الكتاب المقدس لدى اليهود.

التعليق :

يبدوا أن كاتب المقال لم يقرأ عن بولس شيئا فبين أنه هو سبب العهد الجديد ولم يدرك أن بولس هو الذي غير وبدل دين المسيح عليه السلام ومع هذا يكمل حديثه عن التحريف والتغيير وهو لا يدري .

 فيقول : إن الجماعة المسيحية الأولى، والتي انطلقت من بيئة يهودية وامتلكت قواسم مشتركة عديدة مع الديانة اليهودية، اعتبرت في البداية الشريعة والأنبياء المقدسة لدى اليهود  كتابها المقدس الوحيد ؛  وكانت الترجمة السبعينية لهذا الكتاب والتي أنجزها لاهوتيون يهود في الإسكندرية خلال القرن الثاني قبل الميلاد باللغة اليونانية النسخة الأكثر انتشارًا منه

التعليق :

كنت أتعجب وأنا أقرأ أول سفر إشعياء وهو يصف بني إسرائيل يهودا كانوا أم مسيحين بالغباء وقلة الفهم فقال 1رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ، الَّتِي رَآهَا عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ، فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحِزْقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا:

2اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: «رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْا عَلَيَّ. 3اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ». 4وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ.

 5عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَانًا! كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. 6مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ. 7بِلاَدُكُمْ خَرِبَةٌ. مُدُنُكُمْ مُحْرَقَةٌ بِالنَّارِ. أَرْضُكُمْ تَأْكُلُهَا غُرَبَاءُ قُدَّامَكُمْ، وَهِيَ خَرِبَةٌ كَانْقِلاَبِ الْغُرَبَاءِ.

ولكن حين قرأت هذا المقال لم أندهش لأن كاتب هذا المقال على غير وعي بما يكتب لانه يفتخر بالعهد القديم وباليهود الذين  لم يعترفوا يوما بالعهد الجديد ولا بأتباعه  بل حين تبرأ اليهود من دم المسيح افتخر اليهود بقتل وصلب نبيهم ؛ وحين خدعهم بولس وغير لهم دينهم تركوا الدين الذي جاءهم به المسيح واعتنقول ما ألفه لهم بولس .فأي قوم هؤلاء يتركون دين الله نعالى ليتبعوا دينا أخر لا أصل له ولا شع فيه ولا أحكام ؟؟؟؟؟؟؟؟

ويكملون الحديث فيقولون :أن المسيحين يقدسون الكتاب المقدس لعدة أسباب منها :  يسوع طلب ذلك صراحة، ولأن نبؤات العهد القديم حول الماشيح قد تحققت في شخص يسوع حسب المعتقدات المسيحية، لذلك يلبث العهد القديم هامًا لتأكيد أن يسوع هو المسيح، وكذلك لفهم البيئة التي نشأ منها يسوع، ويضاف إلى ذلك أن العهد القديم جزء من وحي الله

التعليق :

أين النص الذي طلب فيه يسوع المسيحين أن يقدسوا هذا الكتاب ؟ ثم لو أن هناك نصا بذلك فأين إنجيل المسيح الذي أمركم بإتباعه ؟ فمن المؤكد أنكم حافظتم على الطلب ثم جذفتم ما جاءكم به المسيح وقمتم بوضع تعاليم أخرة من تلقاء أنفسكم مع طلب المسيح لتوهموا أولادكم بأن هذا من عند الله .

بالضبط كما فعلتم في كتاب متى قلتم فيه ان المسيح انما جاء ليكمل الناموس لا لينقضه ثم بعدها غيرتم كل شئ بل والأحكام نفسها قمتم بتغيرها في نص واحد على سبيل المثال في نص واحد تجد المسيح يقول سمعتم أنه قيل من طلق امراته فليعطها كتاب طلاق أما أنا فأقول لكم من طلق امراته فيجعلها تزنى  فكيف يناقض المسيح نفسه ؟؟؟؟؟؟؟؟  يؤكد أنه لن يخالف العهد القديم وإذا به ينقض عراه واحدة بعد الأخرى !!!!!!!!!!!!!!!

ويضيف كاتب المقال فيقول : أما تأليف أسفار العهد الجديد، وضمها في بوتقة واحدة، فهو نتيجة تطور طويل معقد، إذ يظهر العهد الجديد كمجموعة مؤلفة من سبعة وعشرين سفرًا مختلفة الحجم، وضعت جميعها باللغة اليونانية أواخر القرن الأول

إن السلطة العليا في أمور الدين كانت تتمثل لدى المسيحيين الأولين في مرجعين، العهد القديم، والمرجع الثاني الذي انتشر انتشارًا سريعًا وقد أجمعوا على تسميته الرب، ويشمل هذا المرجع على التعاليم التي ألقاها يسوع والأحداث التي تبين سلطته؛

لكن العهد القديم وحده كان يتألف من نصوص مكتوبة، أما أقوال يسوع وما كان يعظ به فقد تناقلتها ألسن الحفاظ شفهيًا، وربما وجدت بعض الوثائق المكتوبة لروايتي الصلب والقيامة أو بعض الأحداث الهامة الأخرى؛ ولم يشعر المسيحيون الأولون، إلا بعد وفاة آخر الرسل بضرورة تدوين التقليد الشفهي

فبدؤوا قرابة العام 120 بإنشاء العهد الجديد، مبتدئين بأسفار بولس نظرًا لما كان له من شهرة ولأنه أوصى بقراءة رسائله بنفسه وتشير كتابات آباء كنيسة القرن الثاني إلى أنهم يعرفون عددًا كبيرًا من رسائل بولس وأنهم يولونها مكانة الكتب المقدسة؛ أيضًا فإن أقدم الإشارات التاريخية تعود للعام 140 تثبت أن المسيحيين يقرأون الأناجيل في اجتماعات الأحد وأنهم يعدونها مؤلفات الرسل أو أقله شخصيات تتصل بالرسل بشكل وثيق، وأنهم أخذوا يولونها منزلة الكتاب المقدس .

وليس هذا فحسب بل زادوا الأمر سؤا فقالوا : بعد عام 150 مست الحاجة في الكنيسة إلى قاعدة شاملة تنظم المؤلفات الدينية حول يسوع، تمهيدًا لإدراجها ضمن قانون الكتاب المقدس، فكان المعيار المتبع صحة نسبتها إلى الرسل، وبرزت الأناجيل الأربعة نظرًا لصحة نسبها إلى الرسل من ناحية ولما تحلّت به صفات تتطابق مع التقليد الشفهي، ومع رسائل بولس التي اعتبرت قبلاً أسفارًا مقدسة

التعليق :

 ألا يدري هؤلاء ما فعله بهم بولس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ والعجيب أنهم يكذبون على انفسهم ثم يصدقون الكذب  فيقولون أنه كان من المهم أن يتأكدوا من صحة نسبة هذه الكتب إلى تلاميذ المسيح والذين يطلقون عليه لقب رسل .

وهذا كذب وافتراء لأن كتبة الأناجيل لا علاقة لهم البتة لابالمسيح ولا برسل المسيح فكيف كانوا رسل المسيح ؟؟؟؟؟

لأن متى اعترف وقال  :

9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ:«اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.

ومرقص إنما كان تلمبذا لبولس الذي قال بشأنه:

  10يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا.

ولوقا كذلك قال:

 1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.

ويوحنا قال : 24هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقٌّ.

وليس هذا فحسب بل قالوا :وحوالي عام 170 كان قانون العهد الجديد قد اكتمل وأضيف إليه سفر أعمال الرسل كمؤلف قانوني لكون مؤلفه هو لوقا مؤلف الإنجيل الثالث نفسه،ثم ضمّ إلى القانون لاحقًا رؤيا يوحنا والرسالة إلى العبرانيين إضافة إلى رسائل يوحنا الثلاث ورسالتي بطرس فضلاً عن رسالة يهوذا ورسالة يعقوب، وذلك بعد نقاشات طويلة حول صحة نسبتها، إذ لم ينته ضم جميع الأسفار حتى نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع.

أما تلك الكتب التي لم يثبت صحة نسبتها، فقدت تدريجيًا حظوتها في الكنيسة ولدى المسيحيين كأسفار مقدسة، كرسالة اقلمنضس الأولى ورؤيا بطرس ومؤلف الراعي لهرماس، ومؤلفات أخرى غيرها، وهذه المؤلفات كانت ذات انتشار في مناطق محدودة خصوصًا مصر،

 ولكنها دُعيت عقب رفضها في قانون الكتاب المقدس بالمنحولة والتي تعني باليونانية مخفية، وذلك لأنه لم يسمح بقراءتها خلال إقامة الشعائر الدينية وأمر أن تبقى خفية خلالها، إلا أنه قد أوصي بقراءتها في بعض الأحوال لحسن تأثيرها في الحياة المسيحية، أما أناجيل الحق وتوما وفيليبس فقد رفضت لأنها مجرد أقوال محتواة في الأناجيل القانونية ولا تحوي شيءًا من رواية الأحداث، كما أن أغلبها قد وضع بعد فترة طويلة من سائر المؤلفات،في حين رفضت أناجيل مريم ويعقوب والطفولة، لكونها أقرب إلى الرؤى والقصص الشعبية منهاإلى الصيغ الواقعية، فضلاً عن التوسع في جانب معجزات الرسل بهدف تعظيم شأنهم،

أما إنجيل برنابا فلا يعتبر من الأناجيل المنحولة والكتب الأبوكريفية، إذ إنه كتب أواخر القرن الخامس عشر على يد راهب تحوّل إلى الإسلام،وبالتالي لا يعود للفترة الزمنية المبكرة ذاتها لسائر الأناجيل المنحولة، التي كتبت خلال القرن الثاني والقرن الثالث وهي على الرغم من رفضها ضمن قانون العهد الجديد إلا أنها تبلث هامة جدًا للباحثين بقصد دراسة الفكر الديني لدى المسيحيين خلال تلك الفترة.

التعليق:

والحمد لله أن الكاتب دون أن يدري بين أن أصل كتبهم إنما كانت مخطوطات عدة من لغات مختلفة وليست من عند الله تعالى فقال :  إن مخطوطات العهد الجديد، والتي أنشئت في كثير من اللغات ليست كتابًا واحدًا بخط المؤلف نفسه بل هي نسخ أو نسخ النسخ للكتب الأصلية التي فقدت اليوم، إن أقدم النصوص المتوافرة للعهد الجديد ترقى إلى القرن الثالث وقد كتبت باللغة اليونانية على الرق.

التعليق:

مع أنهم زعموا في بداية هذا البحث أن المسيح عليه السلام بدأ دعوته وهو تقريبا في الثلاثين من عمره ولم تستمر دعوته أكثر من ثلاث سنوات ثم رفع إلى السماء وتم هذا في عام 33 ميلادية . إلا أنهم يتحدثون عن كتب دونوها بعد ذلك بمئات السنين والعجيب أنهم يطمعون في أن يؤمن الجميع بقدسيتها. 

فسنترك للكاتب المجال أولا ليبين لنا متى قاموا بتدوين تلك الكتب التى يؤمنون بقدسيتها وأترك لك عزيزي القارئ الحكم في نهاية المطاف هل هناك علاقة وثيقة لكتبهم بنبي الله عيسى عليه السلام أم لا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

   يقول الكاتب : يعتبر المجلد الفاتيكاني أقدمها ويعود لحوالي العام 250 وسبب تسميته لأنه محفوظ في مكتبة الفاتيكان، وكذلك المجلد السينائي الذي يعود لحوالي العام 300 وقد أضيف إليه جزء من سفر الرعاي لهرماس، وهو من محفوظات المتحف البريطاني في لندن وسبب تسميته اكتشافه في دير سانت كاترين في شبه جزيرة سيناء

 ويكمل حديثه عن بعد المسافة بين الكتب والمسيح عليه السلام فيقول : غير أنه يوجد عدد كبير من البرديات والمخطوطات التي تعود أقدمها إلى بداية القرن الثاني وتظهر أجزاءً مختلفة متفاوتة الطول من العهد الجديد؛ إن نسخ وطبعات العهد الجديد ليست كلها واحدة بل تحوي على طائفة من الفوراق بعضها بقواعد الصرف أو النحو وترتيب الكلمات، لكن بعضها الآخر يتعلق بمعنى الفقرات .

التعليق : ويبرر الكاتب هذا الإختلاف فيقول كلاما يتسبب في ضرب كتابه عرض الحائط دون أن يدري ولو أننا قلنا هذا لرفضوا الجديث معنا ولكذبونا أما هم فيقولون  ما يشاؤن ؛  ولا أدري كيف تكون الحقيقة واضحة للعيان ثم هم يدافعون عن قدسية الكتاب .

 وإليك عزيزي القارئ ما قاله : إن أصل هذه الفروق يعود لأن نص العهد الجديد قد نسخ طول قرون عديدة وبلغات مختلفة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، مما يؤدي حكمًا إلى أخطاء عديدة في النسخ، سوى ذلك فإن بعض النساخ حاولوا أحيانًا أن يعدلوا بعض الفقرات التي بدت لهم تحوي أخطاءً أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي.

 إلى جانب استعمال نصوص فقرات عديدة من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة ما أدى أحيانًا إلى ادخال زخارف لفظية غايتها تجميل النص . إن هذه التبدلات قد تراكمت على مر العصور، فكانت النتيجة وصول عدد من النسخ المختلفة إلى عصر الطباعة مثقلة بمختلف أنواع التبديل والقراءات؛ لكنه وبدءًا من القرن الثامن عشر قد أخذ علم نقد النصوص بتمحيص الوثائق القديمة بدقة، خصوصًا المجلدين الفاتيكاني والسينائي، لوضع ترجمة جديدة للأصول القديمة

بالله عليك ما هذا الدين الذي ظل أتباعه يفكرون ويتمحصون ثمانية عشر قرنا ثم ما أدراهم أن من قام بالفحص والتمحيص على درجة من القدسية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

والعجيب أنه يكمل مقالته فيقول : إن النتائج التي وصل إليها علم نقد النصوص منذ 150 سنة خلت حتى الآن، جديرة بالإعجاب، وبوسعنا اليوم أن نعد نص العهد الجديد نصًا مثبتًا إثباتًا حسنًا، وما من داع لإعادة النظر به إلا إذا عثر على وثائق جديدة. إن هذه النتائج تظهر واضحة للمرء إذا قارن بين النسخات الحديثة والطبعات التي ظهرت سنة 1520 بفضل العمل المحكم وفق قواعد علم نقد النصوص

وصدق الحق سبحانه وتعالى حين قال في القرآن الكريم {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }  لأن الكاتب وبعد تلك  الترهات  وذكره للإختلافات فإذا به يقول : ولا تعتبر هذه الاختلافات، بحسب رأي المسيحيين، تزويرًا أو تحريفًا للكتاب المقدس، إذ إن النصوص القديمة والحديثة، على حد سواء، لم تختلف في القضايا الجوهرية، كالثالوث الأقدس أو ألوهية المسيح وتعاليمه، وهي الغاية الأساس من الأناجيل. ولا تزال هناك فروق بسيطة في مختلف الترجمات العربية للكتاب المقدس.

العهد الجديد

ثم يتحدث عن العهد الجديد فيقول :

يطلق على القسم الأول من العهد الجديد اسم الإنجيل ويشمل أربع كتب هي:

إنجيل متى  الذي كتب في جبيل أو أنطاكية للمسيحيين من أصل يهودي هم خارج فلسطين حوالي العام 80 أو 90، وينسبه التقليد الكنسي منذ النصف الأول للقرن الثاني لمتى أحد التلاميذ الاثني عشر

وهذا خطأ محض لأن متى نفسه اعترف بأنه ليس من تلاميذ المسيح فقال 9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ، رَأَى إِنْسَانًا جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ:«اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ.

ويقول : بأن إنجيل مرقس هو أقدمها تاريخيًا كتب حوالي سنة 60 أو 65 في روما خلال الفترة التي شهدت اضطهاد نيرون، وقد كتب للمسيحيين من أصول وثنية؛ ويعتبر أقصر الأناجيل، يغلب عليه سلسلة روايات قصيرة غير مترابطة فيما بينها وقد نسب إلى مرقس أو من يدعى في سفر أعمال الرسل يوحنا مرقس ذو الأصول اليهودية وهو تلميذ ومرافق لبطرس ومن ثم فهو ليس تلميذا للمسيح عليه السلام

ويقول :  أما إنجيل لوقا ثالث الأناجيل، فيوضع تاريخه بعد حصار أورشليم وتدمير هيكل سليمان عام 70 أي بحدود العام 80 وهو موجه بالتحديد إلى إحدى الشخصيات النبيلة اليونانية التي تدعى ثاوفيليوس،ومن ثم للمسيحيين ذوي الثقافة اليونانية بشكل عام،

يتميز هذا الإنجيل بأنه الوحيد الذي يفتتح بمقدمة شأنه شأن كثير من المؤلفات اليونانية في تلك الأيام إذن فهو مؤلف من المؤلفات وليس كتابا مقدسا بشهادة كاتبه لوقا الذي قال : 1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. قكيف يذكر لوقا انه رسائل ثم يقدسونها ويقولون انها من عند الله تعالى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟

ويضيف فيقول : يطلق على الأناجيل الثلاثة الأولى اسم الأناجيل الإزائية، بسبب تشابهها في ترتيب الأحداث وفي الصياغة العامة،ويفترض علماء اللاهوت وعلماء نقد النصوص، أن كلاً من متى ولوقا قد اطلعا على إنجيل مرقس، واعتمدا عليه كمرجع أساسي في تأليفهما

التعليق:

ويبدوا أنه لم يطلع علي أي من هذه الكتب ولم يرى الإختلافات التى فيها والتي تخرجها جميعا من القدسية ؛ ثم لو أنها  من مصدر واحد لكان ينبغي أن لا يكون بينها تشابه ؛ بل يجب أن تكون واحدة أي نسخة طبق الأصل ؛ ولكن مادام هناك تشابه فهي إذن ليست من مصدر واحد كما أنها ليست من عند الله تعالى .  

ويكمل كاتب المقال تعاليمه لابناء المسيحين ويذكر أمورا لا يقبلها عاقل وبخاصة عن كتاب يؤكدون انه مقدس فيقول عن متى ولوقا : وأنهما اطلعا أيضًا على وثيقة مشتركة مجهولة حتى اليوم، يطلق عليها اسم الوثيقة ق، إذ إنه بين 1068 آية في إنجيل متى يشترك مع مرقس في 508 آيات ومع لوقا في 560 آية منها مشتركة بين لوقا ومرقس في الوقت نفسه 330 آية أي أن هذه الأخيرة مشتركة بين الثلاثة

ويضاف إلى كل إنجيل مصادره الخاصة من التقاليد الشفهية، هناك 500 آية خاصة بلوقا وحده، و330 خاصة بمتى، في حين أن 53 آية فقط خاصة بمرقس، ما يؤكد ما توصل إليه الباحثون باطلاع متى ولوقا على إنجيل مرقس الأقدم تاريخيًا؛وعلى الرغم من هذا الائتلاف الشديد في النصوص فإن الأناجيل تحوي وجوه اختلاف في البنية العامة وهيكلية السرد إضافة لبعض التفاسير وفقًا للرؤية اللاهوتية لكل منهم والرمز المراد منه.

ومما يؤكد عدم قدسية هذه الكتب هو قول الكاتب :

 أما الإنجيل الرابع، فهو إنجيل يوحنا، يتميز ببنية خاصة، كذلك يغلب عليه الطابع اللاهوتي من ناحية الخطب والصلوات ولا يهتم بسرد الأحداث بقدر ما يهتم باستخلاص معانيها

ولكي يلبس الأمر على ابناء المسيحين قال : لاحقًا وجد القديس إيرونيموس ما ذكر في رؤيا يوحنا 7/4 من أسماء حيوانات تحيط بعرش الله، بأنها رموز إلى الإنجيليين الأربعة، فأخذ متى رمز الإنسان لكونه يركز على الناحية الإنسانية ليسوع وكونه هو المسيح، في حين رُمز إلى مرقس بالأسد رمزًا للعظمة، أما لوقا بالعجل رمز القوة في العهد القديم، والنسر رمز يوحنا لقدرته على الارتقاء بالمفردات والتعابير البسيطة إلى تعابير وصيغ لاهوتية معقدة

سنعرض الأن إلى قدر كبير من الأخطاء الذي قدمه إلينا كاتب المقال من على موفع الانبا تكلا ولم يدرك أنه بهذا أخل بدينه ؛ ولكنها الحقيقة التى لم يستطع تغيرها والغريب أنهم اعتمدوا على تلك الخرافات واعتبروها اساس لدينهم  قسنعرضها دون تعليق ؛ فقال :

---  أخذت الجماعة المسيحية بالنمو وبنتيجة هذا النمو أخذت تراتبية السلطة في الكنيسة بالظهور، فعيّن سبعة شمامسة كمساعدين للرسل؛لكن حدة الاضطهادات أخذت بالزيادة أيضًا ما اضطرهم للجوء إلى الجليل والسامرة ما ساعد في توسع أعداد معتنقي المسيحية من خارج القدس، فأخذ فيلبس بنشر التعاليم المسيحية في السامرة،وحنانيا في دمشق  

-- وبعد ذلك تحوّل شاول الطرسوسي إلى المسيحية بعدما خدع تلاميذ المسيح  متخذًا اسم بولس واقنع المسيحيون أن ذلك قد تم بعد ظهور يسوع له على طريق دمشق ساهم بولس بنشر المسيحية خصوصًا لدى غير اليهود، إلى جانب الرسل السبعون خصوصًا في لبنان وقبرص وأنطاكية حيث اكتسبوا قاعدة شعبية وأطلق عليهم لأول مرة مصطلح مسيحيين لقد غدت أنطاكية قاعدة بولس الأساسية في رحلاته التبشيرية نحو اليونان وآسيا الصغرى

---  ولكن مشكلة كبيرة وقعت بين المسيحيين من أصل يهودي والمسيحيين من أصل غير يهودي فيما يخص الالتزام بشريعة موسى عمومًا والختان بنوع خاص، فعقد إذاك المجمع الأول في أورشليم حوالي العام 50وحسمت نتائجه بعدم التزام غير اليهود بالختان أو الشريعة.

--- وتلا مجمع أورشليم عدة أسفار لبولس نحو اليونان ومقدونيا، وأراد السفر إلى روما وهو ما تحقق له لاحقًا حوالي عام 59، لكن تاريخ وجود المسيحيين في روما يسبق ذلك إذ وجه بولس نفسه رسالة لهم سنة 57، وينقل التقليد المسيحي أن بطرس هو من أسس كنيسة روما بعد أن أسس كنيسة أنطاكية، وقضى هناك سنواته الأخيرة حتى مقتله عام 64 أو 67 خلال حريق روما الكبير واضطهاد نيرون للمسيحيين

---  أما بولس غادر روما عام 62 متوجهًا إلى إسبانيا لكنه عاد إليها مجددًا حيث سجن وكتب من سجنه حوالي عام 66 أو 67 آخر رسائله وهي الرسالة الثانية إلى تيموثاوس قبل أن يقتل خلال اضطهاد نيرون للمسيحيين

 

--- أما مرقس وهو تلميذ بطرس فقد انتقل إلى الإسكندرية وأسس كنيسة مصر قرابة العام 45؛في حين توجه توما إلى الهند، وبشكل عام فقد كان حركة نشر المسيحية الأولى نشيطة للغاية  والرسل السبعين. وكان آخر من توفي من التلاميذ الاثني عشر يوحنا بن زبدي الذي استقر في تركيا قبل أن ينفى إلى بطمس حيث قضى هناك سني حياته الأخيرة، وكان الوحيد من الرسل الذي مات بشكل طبيعي - أي أنه لم يقتل خلال أحد الاضطهادات - قرابة العام 101

--- وفي بداية القرن الثاني كانت المسيحية عبارة عن جماعات متفرقة صغيرة على هامش المجتمع ضمن الإمبراطورية الرومانية، وكانت قوة إيمان هذه الجماعات ونبذها الرسمي للثقافة الرومانية المتعارف عليها، فضلاً عن أصول المنتمين الأوائل إليها المتواضعة، مصدر إزعاج لدى مثقفي العالم الروماني كشيشرون وجالينوس،

--- بيد أن أعظم ما كان يقلق الإمبراطورية الرومانية رفض المسيحيين عبادة الإمبراطور عنصر تماسك الإمبراطورية؛ فضلاً عن رفضهم الكثير من الطقوس الرسمية، إلى جانب إعلانهم احتكار الحقيقة وتقبل الموت على الارتداد عن الدين، ما دفع الخطيب البليغ لوقيانوس للقول بأن بسطاء العقل هؤلاء لم يكونوا مجرمين لكن يسوع المنافق قد خدعهم وكهنهتم يتلاعبون بهم؛ سوى ذلك فقد كان المسيحيون الأوائل يرفضون بنوع خاص الاحتكاك بالعلوم الدينيوية لارتباطها بشكل وثيق بالأديان الوثنية، ما دفع المؤرخ الروماني سلس حوالي العام 175 إلى لوم المسيحيين لأنهم يحرصون على جهلهم.

---   أخذ الوضع بالتغير منذ النصف الثاني للقرن الثاني، فقد أدرك المسيحيون أن عودة يسوع المنتظرة ستأخذ وقتًا طويلاً وبالتالي فإن مكوثهم على الأرض سيطول، فأخذوا يحاولون تقديم إيمانهم بشكل له المزيد من النظام والعقلانية مستخدمين صفات ثقافة عصرهم؛ نبع ذلك من إدراك أنه إن لم ترد الكنيسة البقاء كشيعة على هامش المجتمع يترتب عليها التكلم بلغة معاصريها المثقفين؛

---   وكان أول المدافعين عن المسيحية هو جوستينوس الذي لقي مصرعه خلال الاضطهادات التي قامت سنة 156.وتكاثرت من بعده مؤلفات الدفاع: هبرابوليس، أبوليناروس وميلتون وجهوا مؤلفاتهم للإمبراطور ماركوس أوريليوس، وأثيناغوراس ومليتاديس نشروا مؤلفات مشابهة حوالي العام 180

--- لقد ساهمت الشخصيات المثقفة التي اعتنقت المسيحية كجوليانوس وإغناطيوس في تسهيل دخول المسيحية ضمن المجتمع السائد، ومع نهاية القرن الثاني لم يكن هناك من مشكلة: فحتى الآباء المسيحيون كانوا يرسلون أولادهم إلى مدراس الوثنيين إذ لم تكن فكرة وجود تربية مسيحية خاصة تختلف سوى في مضمار المعتقدات الدينية والأخلاق،

--- ثم أخذت المدراس المسيحية بالنشوء والكتب المسيحية بالانتشار مع بداية القرن الثالث وتكاثر عدد المعلمين المسيحيين في المدراس اليونانية والرومانية؛ وأصبح سنة 264 أناكوليوس أسقف اللاذقية، أول عميد مسيحي لكلية الفلسفة في جامعة الإسكندرية، وأدار الكاهن مالخيون مدرسة الخطابة والبلاغة في أنطاكية.

---   يرى عدد من الباحثين أن المسيحية بقيت قريبة جدًا من الديانة اليهودية من حيث العادات والتقاليد حتى نهاية القرن الثاني، ولكن انطلاقًا من هذا التاريخ انضمت المسيحية إلى الحضارة الهيلينية التي ستتيح لها انطلاقة جديدة مع بداية القرن الثالث

---  أما على الصعيد الاجتماعي، يعلن إريك كاوفمان أن المسيحيون طوروا نظامًا اجتماعيًا فعالاً على ضوء الإنجيل، فعلى عكس الوثنيين فإن المسيحيين كانوا يعتنون بمرضاهم خلال فترات انتشار الأوبئة إلى جانب عنايتهم بالمعاقين والعجزة، فضلاً عن التشديد على أهمية إخلاص الذكور في الزواج ووحدانية هذا الزواج، ما خلق نوعًا من العائلة المستقرة التي افتقدها المجتمع الروماني وجعل المؤمنات الجدد في ظل هذا الاستقرار يلدن ويربين عددًا أكبر من الأطفال، إضافة إلى وجود حياة اجتماعية مميزة فيما بين أعضاء الجماعة الواحدة ومساعداتهم الدائمة لبعضهم البعض.

--- إن المشكلة الأساسية التي عانت منه كنيسة القرنين الثاني والثالث تمثلت في الاضطهادات الرومانية؛ فمنذ صدور مرسوم طرد المسيحيين من روما حوالي العام 58 وحتى العام 312 عانى المسيحييون من شتى أنواع الاضطهاد كان أقساها اضطهاد نيرون الذي شمل حريق روما، دومتيانوس الذي استمر سبعة وثلاثين عامًا

--- واتخذت بداية هذا الاضطهاد أصل التقويم المعروف باسم التقويم القبطي أو المصري، وحسب مراجع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقد قتل مئات الآلاف خلال هذا الاضطهاد، تراجان، ماركوس أوريليوس، سبتيموس سيفيروس، ماكسيمين، ديكيوس، جالينوس، أوريليان، دقلديانوس

--- وهي ما تعرف عمومًا في التاريخ المسيحي باسم الاضطهادات العشر الكبرى؛لكن الأمور أخذت بالتحسن مع منشور غاليريوس التسامحي وخطوات الإمبراطور قسطنطين التي توجت بمرسوم ميلانو سنة 312 والذي اعترف بالمسيحية دينًا من أديان الامبراطورية، فرغم جميع الاضطهادات، كانت قوة المسيحية الديموغرافية تتنامى مع العلم أنها وحتى عام 312 كانت أقلية داخل الإمبراطورية ككل، لكنها قد تحولت إلى قوة لا تستطيع جهات الإمبراطورية الرسمية طمسها أو التغاضي عنها.

--- لكون المسيحية قد انفتحت على مختلف الحضارات والثقافات، كان لا بدّ لها من الانقسام، ليس فقط من ناحية الطقوس إنما من ناحية العقائد أيضًا، بنتيجة تنوع البيئات والمشارب لمعتنقيها،

 ---لقد وجدت كنيسة القرن الرابع نفسها تواجه سيلاً من هذه الحركات التي دعيت في لغة الكنيسة الرسمية هرطقات؛ أغلب هذه الحركات كانت محدودة التأثير واضمحلت دون بذل جهد كبير. لكن بعضها الآخر شكل قوة كالآريوسية، ما دفع لعقد مجمع مسكوني في نيقية عام 325 برئاسة الإمبراطور قسطنطين الأول والأسقف أوسيوس القرطبي

 

 

 

المجامع

من المعلوم أن المجامع إنما تعقد لأمر هام ؛  لأن بها وعلى هديها يسير العباد الذين ينفذون تعاليم الدين من خلال العلماء الذين قاموا بغقد المجامع ومن ثم فينبغي أن تكون المجامع نابعة من الأصول الدينية وإلا أصبحت تتحدث عن أمر أخر غير الدين لأن امور الدين من المسائل التى لا تحتاج إلى تغيير وتبديل بين الجين والأخر

إلا أننا نلاحظ في المجامع المسيحية اختلافات تخرج أصحابها من الملة فجاءت المجامع جميعها مخالفة لبعضها وكأنها تناقش مسألة بعيدة عن الدين . فإليك عزيزي القارئ بعضا من هذه المجامع فسنعرضها عليك مع تعليق بسيط وبتصريف يسير كذلك إن احتاج الأمر ؛  تاركا لك في نهاية المطاف الحكم .                           

مجمع نيقية

 لا يعتبر مجمع نيقية المجمع الأول، إذ عقد قبله عدد كبير من المجامع الإقليمية غالبًا ما كان يرأسها أسقف المنطقة، لكن مجمع نيقية هو المجمع المسكوني الأول أي أن أساقفة من جميع أنحاء العالم شاركوا به: حكم المجمع بهرطقة آريوس وحَرَمه بعد أن اعتقد بأن الابن كائن مخلوق غير مساوٍ للآب،

ووضع المجمع قانون الإيمان الذي لا يزال مستعملاً حتى اليوم؛ تأتي أهمية مجمع نيقية أيضًا لأنه وللمرة الأولى في تاريخ المسيحية تستخدم مصطلحات غير توراتية بشكل رسمي أمثال: نور من نور، إله حق منبثق من إله حق، مولود غير مخلوق؛ وهذه المصطلحات القادمة من فلسفة الرومان منحت الإيمان المسيحي تحديدات جديدة ووهبته مزيدًا من الدقة

هل تدري إلام أسفر المجمع ؟

فيه صدر قرار بإدانة أريوس ووصلوا فيه الى قرار عجيب يحير العقول وأكدوا فيه على التثليث فقالوا نؤمن باله واحد ضابط الكل , خالق السموات والأرض كل ما ( يرى ومالا يرى , وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور نور من نور اله حق مولود غير مخلوق مساو للاب فى الجوهر الذى من اجلنا نحن ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من روح القدس ومن مريم العزراء وتائنس وصلب على عهد بيطلاس النبطي ونألم وقبر وقام فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب وسيأتى بمجده ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه وبروح القدس الرب المحي المميت المنبثق من الأب المتحد مع الأب والابن السجود له  )

ان ما صدر في هذا المجمع لا يقبله عقل ولا منطق إذا أنهم جعلوا المسيح عليه السلام منبثق من الله جل وعلا بل مساو له سبحانه في الخلق والأمر والثواب والعقاب ثم تمادوا وجعلوا سيدنا جبريل الروح الأمين متحداً من الله والمسيح لتكمل الثلاثية .

والحق سبحانه وتعالى حذر أهل الكتاب من هذا الخلط الذي يحير العقول ولا طائل من وراءه فقال سبحانه وتعالى " وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ ".

ثم هل الله سبحانه وتعالى في حاجة إلى من يعينه في أمر الخلق ؟ بالطبع لا فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

ولكن من أين جاءوا بهذه الثلاثية بهذا الترتيب العجيب وبهذا الإطار الغريب ؟ يبدو أنهم تأثروا بالأساطير القديمة وبخاصة الأساطير اليونانية والهندية

فيذكر الإمام محمد أبو زهرة في كتابه محاضرات في النصـــرانية ص 33 , 34 " أن أمينوس المتوفى سنة 242 اعتنق في صدر حياته الديانة المسيحية ثم ارتد عنها إلى وثنية اليونان الأقدمين وجاء من بعده تلميذه أفلوطين المتوفى سنة 270 وقد تعلم في مدرسة الإسكندرية أولا ثم ارحل إلى فارس والهند وهناك استقى ينابيع الصوفية الهندية واطلع على تعاليم بوذا وديانته وبراهمة الهند وديانتهم ثم عاد إلى الإسكندرية واخذ يلقى بآرائه على تلاميذه وكان أهم ما فيها :-

إن العلم يرجع في تكوينه وتدبيره إلى ثلاثة عناصر أو إلى ثالوث مقدس هو( العلم ) المنشى  الأول و(العقل ) الذي تولد منه كما يتولد الولد من أبيه و( الروح )الذي يتصل بكل حي ومنه  الحياة فإذا عبرنا عن المنشى الأول ( بالأب ) وعن العقل المتولد منه( بالابن ) وعن الروح (بروح القدس ) كما هو ثالوث النصارى الذي اخذ ببعضه بجمع نيقية "

وهذه حقيقة لان الأساطير الهندية القديمة تحكى ما هو قريب من ذلك فيقول ما لفير " في كتابه المطبوع سنة 1895

( لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة عن عقيدة الهنود القدماء ما نصه " نؤمن " بسافسترى " اى الشمس اله واحد ضابط الكل خالق السموات والأرض وبابنه الوحيد " أتى " اى النار نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من " فايو " اى الروح في بطن " مايا " العزراء ونؤمن بفايو الروح ألحى المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له ويمجد

لعلك عزيزي القارىء قد رأيت التشابه الواضح بين عقيدة الهنود وبين عقيدة النصارى والدليل على ذلك أنهم بعد مجمع نيقة بتسع سنوات نادى القساوسة والأساقفة لعقد مجمع أخر فكان مجمع صور .

 كذلك فقد أقر المجمع نظام البطريركيات الخمس الكبرى ونظّم قواعد تعاملها مع بعضها البعض؛ وفي أعقاب المجمع أخذت الأديان الوثنية بالتقهقر والتراجع أمام المسيحية؛ وقد طبعت تلك المرحلة بطابع دموي من الحروب الأهلية والانقلابات خصوصًا في الإمبراطورية الرومانية الغربية،

وأدى انعدام الأمن إلى انتشار الاضطهادات الدينية:مارست المسيحية الاضطهاد تجاه الوثنية ويمكن الأخذ بتجربة البطريرك أثناسيوس الاسكندري في مصر مثالاً على ذلك، ومورست على المسيحية الاضطهادات كما فعل الإمبراطور جوليان من خلال مرسوم حظر التعليم على المسيحيين سنة 362 والذي افتتح معه موسمًا جديدًا من الاضطهاد؛

 لكن وعلى صعيد آخر فإن العمارة المسيحية وفن رسم الأيقونات وكذلك الموسيقى قد بلغوا شأنًا في كنيسة القرن الرابع؛ إضافة إلى أن من يسميهم جورج مينوا أساطين الكنيسة ظهروا في تلك الفترة: باسيليوس الكبير، جيروم، إمبروسيوس،يوحنا الذهبي الفم، مارون الكبير، سمعان العمودي، أفرام السرياني، أوغسطينوس،وأغلب هذه الشخصيات حازت على لقب قديس في الكنيسة.

 

مجمع القسطنطينية الأول

وفي سبيل استكمال تنظيم البنية الإدراية للكنيسة عقد مجمع القسطنطينية الأول سنة 381 والذي كان من أعماله أيضًا إدانة أبوليناروس أسقف اللاذقية الذي اعتقد بأن ألوهية المسيح قد حلت مكان روحه العاقلة،

مجمع أفسس

 وبعد أقل من نصف قرن انعقد مجمع مسكوني آخر في أفسس سنة 431 حرم نسطور الذي آمن بالثالوث الأقدس لكنه اعتقد أن الابن الموجود منذ الأزل هو غير يسوع، وأن هذا الابن الأزلي قد حلّ في شخص يسوع عند عماده وبالتالي فقد علّم نسطور وجود شخصين في المسيح ودعا العذراء والدة المسيح وليس والدة الله،

مجمع أفسس الثاني

وقد تعرض أتباعه لاضطهادات شديدة؛ وبعد ثمان سنوات فقط في سنة 439 انعقد مجمع آخر في أفسس يدعوه الأرثوذكس المشرقيون مجمع أفسس الثاني في حين يرفض الكاثوليك والروم الأرثوذكس الاعتراف به، انعقد هذا المجمع بشكل رئيسي لتحديد صيغة إيمان نهائية لطريقة اتحاد طبيعتي المسيح البشرية والإلهية في شخصه، وأقر نظرية البطريرك كيرلس الأول الاسكندري، التي وجدت أن النتيجة الطبيعية لاتحاد طبيعتين هي طبيعة واحدة دون الخلط بخصائص الطبيعتين.

مجمع خلقيدونية

ولكن هذه العقيدة تمت معارضتها في روما والقسطنطينية، اللتين دعتا إلى مجمع آخر سنة 451 هو مجمع خلقيدونية الذي أعاد تنظيم علاقة البطريركيات ببعضها البعض وأقر صيغة البابا ليون الأول القائلة بأن طبيعتي المسيح رغم اتحداهما قد لبثتا طبيعتين بشكل يفوق الوصف كاتحاد النور والنار، وألغى المجمع المذكور مقررات المجمع السابق وسحب شرعية الاعتراف به، فحصل الانقسام الثاني في الكنيسة وتشكلت عائلة الكنائس الأرثوذكسية المشرقية مع رفض أعضائها قبول مقررات المجمع الخليقدوني،

مجمع محلي عقد في القسطنطينية

ورغم هذا فإن الانقسام النهائي الإدراي لم يتم حتى العام 518 عندما عزل بطريرك أنطاكية ساويريوس لكونه من أصحاب الطبيعة الواحدة في مجمع محلي عقد في القسطنطينية، أعقبه رفض البطريرك لهذا القرار وانتقاله إلى مصر حيث أدار جزءًا من الكنيسة في حين أدار بطريرك خليقدوني القسم الآخر منها، وما حصل في أنطاكية حصل أيضًا في الإسكندرية

شكل أصحاب الطبيعة الواحدة أو المونوفيزيون قاعدة شعبية كبيرة في مصر، الحبشة، أرمينيا وبدرجة أقل في سوريا، وعانوا من شتى أنواع الاضطهاد على يد الإمبراطورية البيزنطية لكن الاضطهاد لم يأت بالثمار المرجوة بل عمّق الشرخ الحاصل في الإمبراطورية بين الفئتين، ولم يحسم الأباطرة الرومان موقفهم من المجمع إذ توالى على العرش عدد من الأباطرة الذين وقفوا إلى جانب مجمع خلقيدونية وآخرون وقفوا ضده، وهؤلاء الأباطرة قادوا اضطهادات ضد الخليقدونيين في الإمبراطورية؛

مجمع القسطنطينية الثاني

حاول الامبراطور جستنيان الأول توحيد الطرفين وعقد مجمع القسطنطينية الثاني سنة 553 في سبيل ذلك لكنه فشل بل اتجهت الأمور نحو الأسوأ مع تدخل الإمبراطورية الفارسية التي استطاعت أوائل القرن السابع فتح سوريا والعراق،وتبنت في مجمع قسطيفون الطبيعة الواحدة مذهبًا لها

العقيدة المونوثيلية:

استطاع الإمبراطور هرقل استعادة ما خسره سنة 622 وأقر عقيدة جديدة هي المونوثيلية: طبيعتين في مشيئة واحدة كحل وسط بين معتنقي عقيدة الطبيعتين ومعتنقي عقيدة الطبيعة؛لكن أصحاب الطبيعة الواحدة رفضوا الصيغة الجديدة ما افتتح عهدًا جديدًا من الاضطهادات الشديدة، لكنها لم تطل بسبب دخول المنطقة بيد الجيوش الإسلامية القادمة من شبه الجزيرة العربية،

 ياللعجب !!!!!!!!!!!!!

لأنه يرى عدد من الباحثين أن المسيحيون العرب دعموا عملية الفتح، خصوصًا الغساسنة والمناذرة وكذلك فعل المسيحيون السريان يُذكر أن بطريرك النساطرة قد سافر إلى المدينة المنورة طالبًا من عمر بن الخطاب الإسراع في احتلال العراق، في حين أن سكان المدن السورية على نهر الفرات فتحوا أبواب المدن مهللين للفاتحين الجدد، وكذلك فعل مقاتلوا الجيش البيزنطي في معركة اليرموك.

مجمع القسطنطينية الثالث

في العام 681 انعقد مجمع القسطنطينية الثالث الذي حكم بهرطقة صيغة هرقل المونوثيلية مثبتًا صيغة الطبيعتين والمشيئتين في المسيح؛ أما في الغرب المسيحي فقد كان الوضع أكثر هدوءًا، مع فعالية حركات التبشير في نشر المسيحية شمال فرنسا وألمانيا؛ كذلك فقد وصلت المسيحية إلى إنكلترا وإيرلندا على يد القديس باتريك

مرحلة تأسيس الرهبنات الكبرى

 ثم اعتنقت روسيا المسيحية في القرن التاسع؛ وطبعت تلك المرحلة بتأسيس الرهبنات الكبرى كالرهبنة البندكتية والرهبنة الأوغسطينية اللتين أثرتا عميق التأثير في المجتمع الغربي، ورعتا عملية التقدم العلمي إذ كانت الأديار جامعات أوروبا الوحيدة، كذلك برز دير كلوني في تنظيم السياسة الداخلية للكنيسة وتحديد دور العلمانيين فيها

مجمع نيقية الثاني سنة 787

إن مشاكل المسيحية الغربية في تلك الفترة تمثلت بالكوارث الطبيعية والفقر المدقع الذي كان يعيش به السكان في ظل نظام إقطاعي شديد، إلى جانب انتشار الأمية كذلك النزاعات المستمرة التي تحولت إلى حروب بين الإمبراطورية الرومانية المقدسة والبابوات، إلى جانب حرب الأيقونات التي اندلعت سنة 726 والتي انعقد في إثرها مجمع نيقية الثاني سنة 787، بطلب من الإمبراطورة إيريني وأقر المجمع إعادة الأيقونات إلى الكنائس بعد أن كان الإمبراطور ليون الثالث قد أصدر مرسوم تحطيمها

الإنشقاق العظيم عام1054

تلى ذلك في العام 800 تتويج البابا ليون الثالث بتتويج شارلمان إمبراطورًا للإمبراطورية الرومانية المقدسة مفتتحًا بذلك عهدًا جديدًا من العلاقات بين الإمبراطورية والكرسي الرسولي؛ ولم تنته مرحلة الانشقاقات الكنسية إذ وقع عام 1054 الانشقاق العظيم عندما أعلنت بطريركية القسطنطينية انفصالها عن روما في أعقاب وفاة البابا ليون التاسع، إن هذه الانقسامات وإن كانت ذات بعد ديني لكن لا تغيب عنها الدوافع السياسية والاقتصادية:

إن الدعوات الفكرية التي انطلقت بدءًا من القرن الرابع، والتي اكتسبت طابعًا شعبيًا مريبًا، ليست مجرد أفكار مدرسية للترف الفكري، بل تحوي الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحركة لتلك الجماهير؛ لقد تفرد البيزنطيون بالسلطة وأرهقوا الشعب بالضرائب ولم يراعوا مشاعر سكان البلاد وتطلعاتهم، وكانوا أكثر تسامحًا مع الوثنيين من المسيحيين الآخرين، وفي جو كهذا يكون الجدل الديني هو المتنفس الوحيد والطبيعي للمثقفين في سبيل معارضة السلطة.

لقد كانت هذه الأفكار الفلسفية الماورائية حول طبيعة المسيح، وطرق تعامل الشعب معها، ردة فعل قومية ضد السيطرة البيزنطية وقد ارتدت قناعًا من أيدلوجية العصر أي الدين

رغم الانشقاق بين روما والقسطنطينية إلا أن زعامة العالم المسيحي استقرت بيد روما، فالإمبراطورية البيزنطية كانت تكفيها المشاكل الدائمة مع الدولة العباسية والمسيحيون في سوريا ومصر كانوا يعانون من اضطهادات بعض الخلفاء الشديدة أمثال المتوكل على الله العباسي والحاكم بأمر الله الفاطمي كذلك فإن الركود الفكري الذي ترافق مع تراجع الوضع الاقتصادي ونمو التعصب الديني عقب عهد المأمون جعل أي تجديد علمي في الدولة العباسية سواء للمسيحيين أم للمسلمين صعبًا

الحملة الصليبية الأولى

ولم تكن سلطة كنيسة القرون الوسطى دينية فقط بل دنيوية أيضًا، تمثلت بالدولة البابوية التي ثبتت أركانها في القرن الحادي عشر؛ وتمثلت أيضًا بالدور القيادي في السياسة الذي لعبه البابا كوسيط بين مختلف ملوك أوروبا، إن قوة الكنسية السياسية، فضلاً عن وضع المسيحيين المتردي في الشرق، ورغبة أمراء أوروبا توسيع أملاكهم وثراوتهم والكف عن الاقتتال الداخلي، جعل المناخ ملائمًا لنشوء الحملات الصليبية التي دعا إليها البابا أوربانوس الثاني سنة 1094 خلال مجمع كليرمونت جنوب فرنسا، وانطلقت في إثره الحملة الصليبية الأولى التي استطاعت احتلال الساحل السوري إضافة إلى لبنان وفلسطين ومناطق من تركيا والأردن ومصر.

تتابع الحملات الصليبية

أما الحملة الصليبية الثانية كانت ردًا على سقوط الرها، والحملة الصليبية الثالثة كانت ردًا على سقوط القدس، أما الحملات التالية جميعًا فكانت ذات أثر محدود، فاحتلت الحملة الصليبية الرابعة القسطنطينية، واستطاعت الحملة الصليبية السادسة استعادة القدس زمنًا قليلاً، في حين توجهت سائر الحملات إلى مصر، لكنها لم تستطع المكوث فيها طويلاً؛ولم تكن الحقبة الصليبية حقبة صراع دائم، فقد كانت أيضًا مرحلة تمازج ثقافي وانفتاح حضاري بين الشرق والغرب

الاندلس بين السقوط والاعادة

في الوقت الذي نري فيه سقوط الأندلس خسارة فادحة للمسلمين يرون هم بأنهم استطاعوا إعادتها من أيدينا  فياأخي المسلم أفق وأنظر إلام يفكرون  وكيف ينظرون إلينا ؛ واقرأمقالهم لتعرف الحقيقة فيقولون :

سقطت آخر أملاك الصليبين في المشرق بسقوط عكا سنة1291وبدأت حروب استعادة الأندلس، ولم تنته إلا بسقوط غرناطة سنة 1492،ولم تكن العلاقات مع الأندلس أيضًا علاقة حروب بشكل دائم، إذ تعرفت أوروبا ومثقفيها وهم جميعًا من الرهبان على الفلسفة اليونانية والرومانية ومؤلفات ابن رشد وابن خلدون وغيرهما عن طريق الأندلس، ما أدى إلى حركة تطور علمي نشطة قادتها الكنيسة:

إن الأساقفة ورؤساء الأديرة والرهبان بل البابا عينه لم يتردووا في التماسهم من الإغريقيين الوثنيين، ومن اليهود الذين قتلوا الله، ومن المسلمين غير المؤمنين، قطعًا من العناصر المعقدة الهائلة للمعرفة؛ ويسعنا الحديث دون أن مبالغة عن ثورة عملية قادتها الذهنية الكاثوليكية في القرن الحادي عشر

الفاتيكان ومباركة الاكتشافات

الحق أن الكنيسة دائما وراء أي شقاق يحدث في العالم إلا أنهم دائما يضفون على هذه الإضطرابات الفاظا لا يفهمها الجميع بل يباركونها إن سمعوا عنها فمثلا تراهم يضفون كلمة الإستعمار على إحتلالهم الشعوب وإغتصابهم الثروات ؛ وكذلك يضفون كلمة اكتشافات على الاستبداد وإغتصاب الأراضي من أصحابها بحجة أنهم أول مكتشفيها متجاهلين سكانها وكأنهم ليسوا شيئا .

وسعوا وراء هذه الاكتشافات لتروي ظمأهم في إكتناز الثروات ومن ثم تدفقت الثروات على أوروبا من جراء نجاح الفتوح في إسبانيا ساهمت في تحسين الوضع الاقتصادي كذلك الحال بعيد اكتشاف العالم الجديد سنة 1492 الذي افتتح معه عصر النهضة في أوروبا وعصر التبشير في أمريكا؛

وغالبًا ما كانت الحملات الاستكشافية تتم بمباركة الفاتيكان ما أدى إلى تدفق الذهب نحو إيطاليا، وتحولت بالتالي روما، فلورنسا وجنوا إلى عواصم النهضة الأولى التي سرعان ما عمّت أوروبا، وأخذت بشكل خاص طابع الجامعات والمستشفيات والنوادي الثقافية؛ وتطورت تحت قيادة الكنيسة مختلف أنواع العلوم خصوصًا، الفلك،والرياضيات، والتأثيل والفلسفة،والبلاغة والطب، والتشريح، والفيزياء خصوصًا الأرسطوية (أي المنسوبة إلى أرسطو)، والفيزياء المكيانيكية خصوصًا أدوات الحرب، إلى جانب فن العمارة الذي بلغ شأوًا في عصر النهضة وتبدو كاتدرائيات تلك الحقبة وعلى رأسها كاتدرائية القديس بطرس وسائر مباني الفاتيكان خير مثال على ذلك، وقد بدء ببناء الفاتيكان سنة 1513، أيضًا نشط فن الرسم والنحت واحتكر الفاتيكان أغلب الفنانين: ليوناردو دافنشي، ميكيلانجيلو، رافائيل وغيرهم.

المجمع الفاتيكاني الثاني

على صعيد الكنيسة العقائدي، تماشيًا مع التطور العلمي، تمت عقلنة الطقوس والعقائد المسيحية، وهكذا أصبحت نظرية أرسطو حول الجوهر والشكل أساس سر القربان الأقدس، وكان توما الإكويني، العالم اللاهوتي والفيلسوف، باب تنظيم العقائد المسيحية في ضوء الفلسفة، لذلك حتى المجمع الفاتيكاني الثاني في القرن العشرين قد استشهد به،

 وعقدت في الكنيسة حتى القرن الخامس عشر خمسة مجامع، انعقد أربعة منها في لاتران ودعووا المجمع اللاتراني، في حين انعقد الخامس في كونستانس واضعًا نهاية للانشقاق البابوي، وتابعت المنظمات الكبرى داخل الكنيسة في الظهور، فتأسست في القرن السادس عشر سائر الرهبنات الكبرى، الفرنسيسكانية والدومنيكانية، واليسوعية

 إضافة إلى رهبنة فرسان مالطة والقديس يوحنا الأورشليمي؛ لقد سيطرت هذه الرهبنات على عملية التقدم والتطوير في الكنيسة كذلك سيطرت على النخبة في ذلك العصر.

صكوك الغفران 

على الرغم من هذا الازدهار فلم يكن العصر خاليًا مما يؤرق أوروبا: استطاعت الدولة العثمانية فتح القسطنطينية سنة 1453 وسقطت الإمبراطورية البيزنطية،وتحول ثقل الكنيسة الأرثوذكسية إلى روسيا؛ كذلك فإن الثروات المتدفقة على الغرب أدت إلى انتشار الرشوة والفساد الأخلاقي في الكنيسة،

وغالبًا ما يشار إلى تلك الفترة بفساد ثلاثة بابوات: ألكسندر السادس وعشيقاته، يوليوس الثاني وشبقه للحروب وليون الخامس وولعه في البناء، في سبيل ذلك استحدث صكوك الغفران  ما أدى إلى نشوء، حركة مارتن لوثر في ألمانيا الذي انشق عن الكنيسة الكاثوليكية مؤسسًا البروتستانتية،

مجمع ترنت

 وأدى أيضًا إلى انعقاد مجمع ترنت سنة 1545، تلاه سيطرة المحافظين على الكرسي الرسولي منذ وفاة البابا جول الثالث سنة 1555،ما أدى إلى تراجع دعم الكنيسة للعلوم، ومن ثم نشأت محاكم التفتيش في إيطاليا وكانت قد سبقتها في إسبانيا؛ شملت أهدافها الموريسكيون واليهود والبروتستانت.

 كما حاولت الكنيسة من خلالها فرض رقابة على الحركة العلمية، أدت إلى إدانة جاليليو جاليلي سنة 1633 في قضية تصفها الكنيسة اليوم بالمؤسفة رغم أن الفكرة التي ادين جاليلي بسببها وهو مركزية الشمس كانت قد ظهرت أولاً على يد كوبرنيك واستقبلت بحفاوة في بلاط البابا بولس الثالث سنة 1543، ما يعكس تأثير الوضع السياسي على الكنيسة.

البروتستانتية

كان نشوء البروتستانتية السبب الرئيس لاندلاع عدة حروب أهلية في أوروبا: ففي إنجلترا اضطهد البروتستانت الكاثوليك، ولم يكن الحال بأحسن في فرنسا حين اندلعت حرب أهلية بين الطرفين سنة 1562 تلتها مذبحة البروتستانت عام 1572؛ ومع بداية القرن السابع عشر دمرت حرب الثلاثين عاما التي اندلعت سنة 1618 أوروبا وهي تنتقل من دولة إلى دولة حاملة أبعادها الدينية؛ وقد تحارب في ألمانيا الكالفينيون واللوثريون وكلاهما من البروتستانت بحرب طاحنة

في الوقت نفسه كانت الدولة العثمانية قد بلغت أوج قوتها بقيادة سليمان القانوني وأخذت أوروبا الشرقية بالتساقط بيد العثمانيين حتى توقف التمدد العثماني على أبواب فيينا سنة 1683؛ وبلغت حركات التبشير الكاثوليكية التي قادها يسوعيون أقاصي آسيا: فوصلت البعثات التبشيرية إلى الصين واليابان وأسست الكنيسة الكاثوليكية أولى معاقلها في الهند عام 1656،

كذلك فقد أخذت هذه البعثات تتجه نحو الإمبراطورية العثمانية في سبيل ضم الطوائف المسيحية الشرقية إلى الكنيسة الكاثوليكية، الأمر الذي مهد ظهور الكنائس الكاثوليكية الشرقية، وأدت الحركة الديبلوماسية النشطة مع اسطنبول إلى نشوء نظام الامتيازات الأجنبية بدءًا من عام 1563 ثم ألحق به نظام حماية الأقليات الدينية بدءًا من عام 1649

النزعات القومية

أخذت النزعات القومية بالظهور في أوروبا خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر، ترافقت هذه الحركات بظهور عدد من المفكرين الملحدين خصوصًا في إنجلترا وهولندا التي تبنت إثر استقلالها عن إسبانيا، الكالفينية كمذهب رسمي وتبنت نظامًا ليبراليًا ما جعلها بنوع خاص موئلاً لمختلف الأقليات المضطهدة خصوصًا اليهود

فصل الدين عن الدولة

خلال القرن الثامن عشر نضجت الأفكار القومية والإلحادية في أوروبا، وتزامنت مع تجربتين لهما عميق التأثير في المسيحية: التجربة الأولى ممثلة بقيام الولايات المتحدة الإمريكية سنة 1789: كانت الولايات المتحدة مزيجًا من طوائف بروتستانتية عديدة لا تنظمها سلطة مركزية، لذلك فقد كان اعتماد إحدى هذه الطوائف دينًا للدولة أو لإحدى الولايات سيؤدي إلى مشاكل عديدة تؤثر على حالة الاتحاد الفدرالي لذلك كان لا بدّ من فصل الدين عن الدولة، وبالتالي كان الدين السبب الرئيس في خلق أول جمهورية علمانية

 لقد وجد المسيحيون الأمريكيون النظام الجديد بما يتيحه من حرية إنجاز الله تمامًا كما حصل مع موسى وداوود وفق الكتاب المقدس، فرغم علمانيتهم ظل الإمريكيون مخلصين لمسيحيتهم؛ التجربة الثانية كانت الثورة الفرنسية سنة 1789 والتي قامت تحت شعار حقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة،

الفلسفات الإلحادية

لكن التجربة الفرنسية وعلى عكس التجربة الإمريكية كانت هجومية ومضادة للكنيسة: احتلّ نابليون الأول إيطاليا وعامل الفاتيكان بقسوة، وثبتت الاتفاقية الموقعة بينه وبين الكرسي الرسولي سنة 1801 ما قامت به الجمهورية الفرنسية الأولى من مصادرة أملاك الأوقاف بما فيها الكنائس والأديرة وإخضاعها لسلطة الدولة الفرنسية، كذلك فقد أصبح تعيين الأساقفة والكهنة وإدارة شؤونهم بيد السلطات الفرنسية وليس بيد الفاتيكان، بمعنى آخر قطعت جميع أواصر العلاقة بين الكنيسة في فرنسا وبين الكرسي الرسولي

أخذت الأمور بالتحسن عقب سقوط نابليون الأول وعودة الملكية، لكن المسيحية لن تسترجع ما كانت عليه حتى عام 1905؛وقد رافق القرن التاسع عشر، انتشار الحركات والفلسفات الإلحادية العديدة، فظهر هيغل وكانط وكارل ماركس ثم داروين وجان جاك روسو ونيتشه الذي أعلن موت الله،

 فبدا أن المسيحية في أوروبا ستنهار، لكنها استطاعت الصمود، وشهدت بداية القرن العشرين أفولاً لهذه الفلسفات في الشرق .

لبنان ومسيحيوه يقودون النهضة القومية العربية

خلال القرن التاسع عشر، كان لبنان ومسيحيوه يقودون النهضة القومية العربية، وقد انتقل بعض هؤلاء المفكرين ذوي الأغلبية المسيحية من سوريا ولبنان إلى القاهرة التي كانت في ظل الخديوي إسماعيل المكان الأكثر انفتاحًا في الدولة العثمانية؛ كذلك فقد استقر بعض هؤلاء في المهجر،لقد أطلق هؤلاء المسيحيون بصحفهم وجمعياتهم الأدبية والسياسية النهضة العربية في القرن التاسع عشر والتي سرعان ما اتسعت لتشمل أطياف المجتمع برمته.

في روسيا كانت الكنيسة الأرثوذكسية مؤسسة قوية، فقد أعاد الأباطرة الروس الثنائية التقليدية في قيادة الكنيسة بينهم وبين البطاركة، واستطاعت الإمبراطورية الروسية عن طريق تحالفاتها مع سائر الدول الأوروبية استعادة اليونان ومنحها الاستقلال عام 1838؛ ثم أخذت سائر الدول المسيحية في أوروبا الشرقية بنيل استقلالها عن الدولة العثمانية الواحدة تلو الأخرى بين عامي 1812 و1881؛

واستحدثت متصرفية جبل لبنان سنة 1861 بعيد المذابح بين الموارنة والدروز في الجبل والتي سرعان ما انتشرت حتى وصلت دمشق بين المسلمين والمسيحيين؛وكان كاثوليك الدولة العثمانية قد وضعوا تحت حماية فرنسا والنمسا، في حين وضع الأرثوذكس تحت حماية روسيا وقامت إنجلترا بحماية البروتستانت

المجمع الفاتيكاني الأول

على الصعيد العقائدي، فقد أعلنت الكنيسة الكاثوليكية سنة 1856 عقيدة الحـُبل بها بلا دنس تلاها تثبيت ظهور مريم العذراء في بلدة لورد الفرنسية، حسب المعتقدات الكاثوليكية؛ ثم انعقد المجمع الفاتيكاني الأول سنة 1868 خلال حبرية البابا بيوس التاسع؛ والذي شهدت حبريته أيضًا زوال الدولة البابوية وانضمامها إلى مملكة إيطاليا سنة 1870

تميزت تلك الفترة أيضًا بميلاد الكنائس القومية المستقلة كما هو الحال في السويد والنرويج وهولندا وإنكلترا حيث يكون الملك رأس الكنيسة، وتسمى هذه الكنائس بالكنائس البروتستانتية الأسقفية: إذ إنها تقر بالقداس الإلهي والأسرار السبعة المقدسة وسائر عقائد الكنيسة الكاثوليكية بوجه الخصوص، بيد أنها تجعل من الملك رئيسًا لهذه الكنيسة بدلاً من البابا، وغالبًا ما تكون سلطة الملك فخرية في حين يتولى رئيس أساقفة معين من قبل الملك شؤون الإدارة الفعلية

الحرب العالمية الأولى

أثرّت الحرب العالمية الأولى وقيام الشيوعية سنة 1917 تأثيرًا سلبيًا على الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وأدت إلى استقلال عدد من الكنائس التابعة لها، ولم يكن تأثير الشيوعية السلبي منحصرًا عليها بل شمل الكنيسة الكاثوليكية أيضًا، بنتيجة تبني عدد من الدول ذات الغالبية الكاثوليكية للنظام الشيوعي ردحًا من الزمن. قادت الكنيسة الكاثوليكية، بنوع خاص خلال حبرية يوحنا بولس الثاني معارضة عالمية ضد الشيوعية انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي، عانت الكنيسة الكاثوليكية أيضًا من مضايقات النظام الفاشي في إيطاليا، بيد أن توقيع اتفاقيات لاتران الثلاثة بين الكرسي الرسولي وإيطاليا الفاشية سنة 1929 خطوة هامة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، فقد أنهى المرحلة التي دعي خلالها البابوات سجناء روما وأوجدت الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم

المجمع الفاتيكاني الثاني

تبنت الكنيسة الكاثوليكية في أعقاب الحرب العالمية الثانية ظهورات العذراء في بلدة فاطمة البرتغالية، وكانت الكنيسة قد أعلنت قبل ذلك عقيدة الوردية المقدسة  ومن ثم سنة 1950 عقيدة الانتقال، ثم انعقد المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1963 لمواكبة قضايا العالم المعاصر، وقد أصدر المجمع عدة دساتير تنظم دور البابا والأساقفة،

وتعيد رسم قواعد الحياة الرهبانية والحركات التبشيرية خصوصًا في آسيا وإفريقيا كذلك نظم المجمع مؤسسات العلمانيين الكنسيّة وسمح باستخدام اللغات المحلية بدلاً من اللغة اللاتينية في الطقوس، وأمر بإعادة دراسة هذه الطقوس وإجراء التعديلات اللازمة على بنيتها، وأشار إلى أهمية الحوار مع الطوائف المسيحية الأخرى والأديان المختلفة

الكنائس الشرقية

على صعيد الكنائس الشرقية، فإنّ مذابحًا قد طالت الأرمن وسائر الطوائف المسيحية خصوصًا السريانية في شرق الأناضول وجنوبه وفي شمال العراق، وقد فاق عدد ضحاياها المليون ونصف مليون إنسان على يد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، بيد أن تركيا تنفي وقوع المجازر التي تؤكدها الأمم المتحدة

سوى ذلك فقد مرت الكنائس الشرقية بمرحلة مستقرة خلال القرن العشرين، مع الإشارة إلى مآسي الحرب الأهلية اللبنانية،والخلاف بين الحكومة المصرية بقيادة السادات والكنيسة القبطية برئاسة البابا شنودة الثالث فضلاً عن ما يتعرض له المسيحيون في العراق وإيران  وهجرتهم من فلسطين،

ومنعهم من أداء طقوسهم في بعض الدول كالمملكة العربية السعودية إلى جانب المشاكل الثلاث التقليدية: قوانين منع تجنيس غير المسلمين في دول الخليج العربي حد الردة على من يتحول من الإسلام في جميع بلدان الشرق الأوسط العربية عدا لبنان، ومنع زواج المسيحي من مسلمة؛

 لكن ومن ناحية ثانية فإن المسيحيون يحكمون وفق قوانين أحوال شخصية موافقة لشرائعهم في عديد من البلدان، كسوريا والعراق والأردن ولبنان، ولا يوجد مشاكل في استحداث كنائس جديدة أو جمعيات ومؤسسات مسيحية في عدد كبير من هذه الدول، وحتى الدول التي كان يمنع فيها سابقًا بناء كنائس كقطر؛ الإمارات أو الكويت؛ كما أن العلاقات بين مختلف القيادات الكنسية والحكومات تعتبر جيدة جدًا، ما يعكس بدوره العلاقات في القاعدة الشعبية

أما في إفريقيا وآسيا فإن وضع الكنيسة في نمو، فالحركات التبشيرية تكتسب مزيدًا من المتحولين إلى المسيحية سنويًا،وتعتبر المشاكل القائمة بين الصين والفاتيكان من خلال قطع الصين لعلاقات الكنيسة داخلها مع الفاتيكان وتعيينها للأساقفة وإدارتها للكنائس من أكبر مشاكل الكنيسة في آسيا حاليًا

الكنائس البروتستانتية

الكنائس البروتستانتية كانت تعيش بهدوء بشكل عام خلال القرن العشرين في أوروبا، أما في الولايات المتحدة الإمريكية فقد كان الوضع مختلفًا، فقد ظهر شهود يهوه وأدفنتست الذين أنكروا ألوهية يسوع،وأما اليمين الإنجيلي بشكل عام، فقد استطاع منذ سبعينات القرن الماضي السيطرة على الحزب الجمهوري وكان مسؤولاً عن تحديد رئيس الجمهورية منذ جيمي كارتر عام 1976، حتى جورج بوش الابن سنة 2000، رغم تعرضه لانتكاسة إثر فضيحة جيري فالويل

على صعيد العلاقات بين الطوائف المسيحية فقد خاض الصرب الأرثوذكس والكروات الكاثوليك في البلقان حرب أهلية طاحنة سنة 1992، كما اندلعت أعمال عنف بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية التي استمرت إلى أكثر من 25 سنة، حتى وضعت اتفاقية الجمعة الحزينة لإحلال السلام حدا لها سنة1998

التقارب بين الكنائس والطوائف المسيحية،

في مطلع القرن العشرين بدأت حركة تقارب بين الكنائس والطوائف المسيحية، حيث دعيت هذه الحركة باسم الحركة المسكونية، في سنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالميّ، وهي منظمة تعمل من أجل تقليل الاختلافات حول العقائد وتطوير الوحدة المسيحية، ويضم الآن الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية كما انضمت الكنيسة الكاثوليكية بصفة مراقب

تقف المسيحية بشكل عام اليوم، بوجه الإجهاض، الموت الرحيم وزواج المثليين جنسيًا، ما يجعلها من أكبر المؤسسات المدافعة عن الثقافة التقليدية والأخلاق التقليدية في المجتمع، أما عن أبرز مشاكلها فإن تراجع عد المنخرطين في سلك الكهنوت ونسبة المدوامين على حضور الطقوس يعتبران من أكبر المشاكل؛ رغم ذلك فإن هذه المشاكل تنحصر في مناطق معينة، كفرنسا، ألمانيا وأستونيا أما في مناطق أخرى كإيرلندا، إسبانيا، إيطاليا، اليونان والبرتغال فضلاً عن الولايات المتحدة الإمريكية لا تزال هذه النسب مرتفعة

الكهنوت وسلطة الحَل

إن كلمة كاهن ظهرت في وقت لاحق للإشارة إلى رجال الدين المسيحيين، أما المصطلح الأقدم الذي كان مستعملاً في القرن الأول والقرن الثاني ولا زال حتى اليوم لدى الطوائف البروتستانتية هو قس من الكلمة السريانية قشيشو أي الشيخ، وهو المصطلح الذي استعمله القديس بولس في رسائله للإشارة إلى شاغلي هذه الرتبة.

دراسة الكهنوت - تمهيدًا ليصبح الرجل كاهنًا، تستمر في الكنيسة الكاثوليكية سبعة سنوات تترافق إلى جانب دراسة اللاهوت بدراسة الفلسفة وعلم النفس والتاريخ، ويمكن للكهنة إدراج اختصاص آخر أيًا كان؛ في بعض الكنائس الشرقية يجوز منح سر الكهنوت لمن عرف عنه التقى والصلاح في مسيرة حياته دون الحاجة إلى دراسة.

يقسم الكهنوت إلى ثلاث مراتب: الشماس والكاهن والأسقف؛ الرتب الدينية الأخرى هي وظائف لتسهيل إدارة الكنيسة: الشدياق والقندلفت اللذان يقومان بتحضير المواد اللوجستية للطقوس، الخوري أي كبير الكهنة، الخور أسقف أو الأرشمنديت كنائب للأسقف، البطريرك البابا كرؤساء أساقفة، ويمكن الأخذ بعدة شواهد من الإنجيل تؤيد فكرة السلك الكهنوتي بشكل عام،[370] وفكرة القيادة محددة بشخص معين البابا أو البطريرك،

وذلك من خلال تعيين بطرس رأسًا للرسل، فالمسيح أقام بطرس صراحة رئيسًا في إنجيل يوحنا 21/ 15-19 وسلمه مفاتيح الملكوت معطيًا له سلطة الحل والربط في متى 16/ 13-20 وقبيل آلامه طلب منه تثبيت البقية في الإيمان،

وتروي الفصول الأولى لسفر أعمال الرسل أحداث قيادة بطرس للكنيسة،فالبابا أو البطريرك هو خليفة بطرس بوضع اليد ويصبح مع الأساقفة ممثل المسيح على الأرض؛

وبينما ترى الكنيسة الكاثوليكية بشخص البابا الخليفة الأول لبطرس على الأرض لا تقبل الكنيستين الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية ذلك لكون بطرس قد أسس عددًا من الكنائس، في حين يرفض البروتستانت سلك الكهنوت برمته، ولا يوجد تنظيم مركزي حتى بين كنائس الطائفة الواحدة، فلكل منها إدارتها المستقلة دون وجود مرجعية أعلى

وظائف الكهنة هي إقامة الطقوس المسيحية خصوصًا القداس الإلهي والأسرار السبعة المقدسة، الوعظ والإرشاد من خلال تفسير الكتاب المقدس، كما لهم حق الحل من الخطايا ضمن سر التوبة؛ ولا يمكن للنساء الانخراط في سلك الكهنوت لكون يسوع قد اختار التلاميذ الاثني عشر من الذكور رغم أن عددًا من الإناث كنّ يتبعنه، لكن هناك عدد من الكهنات بل والأسقفات في الكنيسة الأسقفية الأمريكية البروتستانتية،

وتجري مطالبات بذلك في الكنيسة الكاثوليكية؛ وبجميع الأحوال يمكن للنساء التوجه نحو السلك الرهباني تمامًا كالرجال؛ ويختلف السلك الرهباني تمام الاختلاف عن السر الكهنوتي في النشأة والمهمام والواجبات، رغم وجود بعض الرهبان هم كهنة في الوقت نفسه

في الكنيسة الكاثوليكية لا يحق للكهنة الزواج، مع وجود استثناء في الكنائس الكاثوليكية الشرقية التي تسمح شأنها شأن سائر الطوائف بزواج الكهنة. فيما يخص المؤمنين فهم منظمون ضمن الرعايا يشرف على كل منها كاهن أو أكثر، وتؤلف مجموعة الرعايا في نطاق جغرافي معين الأبرشية التي يرأسها الأسقف، وتشكل الأبرشيات مجتمعة البطريركية بأشكالها المختلفة، أو تربط مباشرة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بالفاتيكان

بعض الرموز المسيحية

المسيحية تضفي هالة من القدسية على عدد كبير من الرموز كالصليب استنادًا إلى ما ورد في الرسالة الأولى إلى كورنثس 18/1 و الرسالة الأولى إلى كورنثس 22/1 إضافة إلى الرسالة إلى غلاطية 1/3، وقد وردت كلمة صليب في العهد الجديد 27 مرة في حين ورد فعل الصلب 46 مرة؛

تعتبر اللبرومة أيضًا من الرموز المسيحية المقدسة وكان الإمبراطور قسطنطين أول من قام بادخالها تحت شعار ”بهذه العلامة تنتصر“، هناك أيضًا السمكة المسيحية التي استخدمتها الأجيال الأولى للدلالة بشكل سري على اسم يسوع خوفًا من الاضطهادات، يعتبر رمز الألف والياء من الرموز المسيحية المقدسة في الإشارة إلى يسوع استنادًا إلى ما ورد في رؤيا يوحنا 8/2.

السنة الطقسية

يقسم المسيحيون العام إلى سبعة أزمنة تدعى بمجموعها السنة الطقسية، يرتبط كل زمن منها بقسم من حياة يسوع الأرضية وتختلف الأزمنة في مدتها، مواعيد بدايتها، أو طرق الاحتفال بها، بين مختلف الطوائف استنادًا إلى الليتورجيا السائدة والطقس المعتمد، إضافة إلى عادات البلدان المختلفة؛

بيد أنه عمومًا ومع استثناء الطوائف البروتستانتية حيث لا وجود لسنة طقسية، فإن السبعة أزمنة هي، الميلاد ذكرى ميلاد يسوع؛

الغطاس ذكرى عماده،

 الصوم لمدة خمسين يومًا تستذكر فيها أعاجيب المسيح وأمثاله،

أسبوع الآلام تستذكر محاكمة المسيح وآلامه وصلبه ومن ثم موته،

الفصح أو القيامة حيث تستذكر قيامة المسيح وما لحقها من ظهورات وتعاليم، العنصرة أي ذكرى حلول الروح القدس ويستذكر فيه أيضًا مواعظ المسيح وتعاليمه،

وأخيرًا زمن الصليب حيث تستذكر تعاليم المسيح عن يوم القيامة. ويحوي كل زمن أعياده الخاصة، وقد يحوي أعياد قديسين أو أعيادًا أخرى من خارج الزمن،

وعلى العموم فإن عيد الميلاد وعيد الفصح يعتبران من أهم الأعياد المسيحية ويسبقهما صيام، ولا يوجد قواعد محددة للصوم المسيحي، فمن المعروف أنه محبذ لأن المسيح قد فعل ذلك،

لكنه يختلف حسب الطوائف ومن منطقة إلى أخرى، ويتنوع بين الامتناع عن الطعام ساعات محددة أو الامتناع عن ألوان محددة من الطعام؛ وإلى جانب الأعياد الشهيرة هناك العديد من الأعياد والتذكارات المسيحية التي تكتسب طابعًا محليًا مميزًا مرتبطًا ببلد معين أو طائفة محددة كعيد القديسة جان دارك في فرنسا، فرنسيس الأسيزي في إيطاليا،القديس باتريك في ايرلندا أو القديس مرقس لدى الأقباط الأرثوذكس ومار مارون لدى الموارنة؛ ولا تقتصر الأعياد المسيحية على الاحتفالات الدينية إذ ترافق عادة بممارسات ومهرجانات اجتماعية مميزة.

              المسيحية الى ثلاثة طوائف

المسيحية تتألف من ستة طوائف أو ستة عائلات كبيرة،وتتفرع عن كل طائفة منها مجموعة من الكنائس أو البطريركيات التي هي ذات نظام إداري مستقل أو شبه مستقل عن سائر الكنائس أو البطريركيات؛ إنما في أمور الإيمان فهي تتبع العائلة الكبرى التي تنتمي إليها؛ وغالبًا ما يكون الاختلاف بين الكنائس المنتمية لطائفة واحدة هو في ظاهر الطقوس، لكون الطقوس ترتبط بشكل أساسي بثقافات الشعوب وحضارتها، أكثر من كونها ترتبط بالعقائد

الطوائف المسيحية الستة هي: كاثوليكية (تعني بالعربية الجامعة)، أرثوذكسية شرقية (تعني بالعربية الصراطية المستقيمة)، أرثوذكسية مشرقية، ونسطورية (نسبة إلى نسطور)، تدعى هذه الطوائف باسم الكنائس التقليدية ويمكن أن يضاف إليها الكنائس البروتستانتية الأسقفية ذلك لأن هذه الطوائف تؤمن بالتقليد وكتابات آباء الكنيسة والمجامع إلى جانب الكتاب المقدس،

 فضلاً عن تمسكها بالتراتبية الهرمية للسلطة في الكنيسة والطقوس والأسرار السبعة المقدسة، الطائفتان الأخرتان هم البروتستانتية (تعني بالعربية المعترضون أو المحتجون)، ومجموعة طوائف أخرى الغير محسوبة عليها لأسباب شتى أبرزها إنكار ألوهة المسيح، تدعى هاتان الطائفتان بالكنائس الغير تقليدية، لتمسكها بالكتاب المقدس وحده ورفضها للسلطة التراتبية والأسرار السبعة.

الفروق والاختلافات بين الطوائف المسيحية الحيّة

الطائفة

التكوين

السلطة

تاريخ النشوء

نظرتها إلى الله

موقفها من العذراء
والقديسين

موقفها في الأسرار السبعة
ومختلف الطقوس

كاثوليكية

الكنيسة الرومانية الكاثوليكية متحدًا معها 22 كنيسة تدعى الكنائس الكاثوليكية الشرقية.

يرأسها البابا إلى جانب الأساقفة في ترتيب هرمي معقد.

حوالي عام 30.

تؤمن بالثالوث الأقدس، وترى أن الروح القدس منبثق من الآب والابن معًا، في حين ترى سائر الطوائف أنه منبثق في الآب فقط.

تؤمن بشفاعة مريم العذراء وكونها أم الله، وتضيف عقائد أخرى كالحبل بلا دنس، الوردية المقدسة وشريكة الخلاص.
تؤمن بالقديسين وشفاعتهم، وتعين باستمرار، قديسين جدد.

كنيسة طقسية.

أرثوذكسية شرقية

مجموعة كنائس مستقلة، دائمة التنسيق فيما بينها.

لكل كنيسة رئاستها الخاصة، ممثلة بالبطريرك أو رئيس الأساقفة، إلى جانب الأساقفة.

بعيد الانشقاق الكبير، 1054.

تؤمن بالثالوث الأقدس.

تؤمن بشفاعة مريم العذراء وكونها أم الله.
تؤمن بالقديسين وشفاعتهم، غير أن منح هذه الصفة شديدة الصعوبة.

كنيسة طقسية.

أرثوذكسية مشرقية

مجموعة كنائس مستقلة، دائمة التنسيق فيما بينها.

لكل كنيسة رئاستها الخاصة، ممثلة بالبطريرك أو رئيس الأساقفة، إلى جانب الأساقفة.

في أعقاب مجمع خلقدونية، 451.

تؤمن بالثالوث الأقدس.

تؤمن بشفاعة مريم العذراء وكونها أم الله.
تؤمن بالقديسين وشفاعتهم، غير أن منح هذه الصفة شديدة الصعوبة.

كنيسة طقسية.

نسطورية

كنيستين، دائمتا التنسيق فيما بينهما.

لكل كنيسة رئاستها الخاصة، ممثلة بالبطريرك أو رئيس الأساقفة، إلى جانب الأساقفة.

في أعقاب مجمع أفسس، 431.

تؤمن بالثالوث الأقدس، لكن الابن الأزلي تجلى في يسوع، وليس هو يسوع.

تؤمن بشفاعة مريم العذراء لكنها ليست أم الله بل والدة المسيح.
تؤمن بالقديسين وشفاعتهم، غير أنها لم تعين قديسين جدد منذ القرون الوسطى.

كنيسة طقسية.

بروتستانتية13

كنائس مستقلة، يوجد أكثر من هيئة تنسيق بين بضعة كنائس.

وحدات مستقلة يشرف عليها قسس حول العالم؛ في بعض الأماكن قد تنسق الكنائس البروتستانتية فيما بينها ضمن هيئات محددة، كسينودس الكنائس الإنجيلية في سوريا ولبنان.

عقب حركة مارتن لوثر، 1517.

تؤمن بالثالوث الأقدس.

لا تؤمن بشفاعة مريم العذراء أو قديسين، وتشكك بعض هذه الطوائف في عقيدة البتولية الدائمة.

ليست كنيسة طقسية، تكتفي بعضها بسري العماد الإفخارستيا؛ غير أنه لا وجود لأي طقس في أغلبها.

أخرى

مجموعة كنائس مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض.

إدارات مركزية لكل منها، مستقلة تمام الاستقلال عن بعضها البعض.

القرن التاسع عشر، القرن العشرين.

تنكر ألوهة المسيح وترى أنه كائن روحي أشبه بالله.

لا وجود لمريم العذراء أو القديسين لدى هذه الكنائس.

ليست كنائس طقسية، قد يكتفي بعضها بسر العماد، غير أنه لا وجود لأي طقس في أغلبها.

 

الطوائف المسيحية

تنقسم المسيحية الى ثلاثة طوائف رئيسية كبرى، مع ما لا يحصى من الطوائف الصغيرة الفرعية، خصوصا في داخل الكنائس البروتستانية. طبعا ثمة خلافات تاريخية وعقائدية وسياسية كثيرة، ولكن يظل الفرق العقائدي الاساسي الاول يتمحور حول (ماهية السيد المسيح)، هل هو اله ام ابن الله ام روح الله، مع تنظيرات تفصيلية معقدة جدا ومملة وحتى مضحكة احيانا، وهذه القضية لا يفهمها حتى المؤمنين بها، ولكنها بالحقيقة خلافات شكلية مصطنعة تخفي خلافات تاريخية وسياسية ووطنية عميقة.

الأرثوذكس
وهم أتباع الكنائس الشرقية (اليونانية)، وكلمة "أرثوذكس" كلمة لاتينية معناها: "صحيح العقيدة" أو "مذهب الحق". وقد انقسمت الكنيسة الأرثوذكسية في أعقاب مجمع القسطنطينية الخامس 879م إلى قسمين كبيرين (الكنيسة المصرية أوالقبطية أوالمرقسية وكنيسة القسطنطينية، المسماة بالرومية أواليونانية). وينتشر أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وعموم آسيا وصربيا ومصر والحبشة، ويتبعون أربع كنائس رئيسة لكل منها بطريك (القسطنطينية ثم الإسكندرية وأنطاكيا وأورشليم)، وتشكل العقيدة الأرثوذكسية امتداداً صادقاً لما جرى في مجمع نيقية، إذ تتفق معتقداتهم مع ما جاء في رسائل أثناسيوس الذي ولي البابوية في الإسكندرية بعد مجمع نيقية.

عقائد الفرق النصرانية المعاصرة بوجه عام:
تجمع الفرق النصرانية المثلثة اليوم على القول بأن الإله إنما هو إله واحد من ثلاثة أقانيم، وتجمع أيضاً على أن أول هذه الأقانيم هو الآب، وثانيها هو الابن، وثالثها هو روح القدس. والثلاثة إله واحد.

يناقض المسيحيون أنفسهم فتارة يؤمنون بأن الله واحد وقد جاء في إنجيل مرقس: الرب إلهنا رب واحد وتارة يؤمنون بأن الله في العقيدة المسيحية، مكون من ثلاثة أقانيم متحدة في نفس الجوهر الذي يتساوى به منذ الأزل وإلى الأبد. وتسمى هذه العقيدة بعقيدة الثالوث الأقدس ولا يمكن قبول أحد الأقانيم منفردًا بل يجب التسليم بها جميعًا ويقول القديس غريغوريوس النياسي فيما يخص الثالوث:

إن الأقانيم الثلاثة الإلهية: الآب والابن والروح القدس، لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، كما لا يمكن فهمها عن بعضها البعض، كذلك لا يمكن استيعابها كحقائق بشرية، بل هي الطريقة التي عبّر فيها الله عن طبيعته التي لا يمكن تسميتها ولا التحدث عنها، ويتكيف مفهومنا عنها وفقًا لمحدودية عقولنا البشرية.

إن لفظة ”أقنوم“ المشتقة من اللغة الآرامية لا يوجد ما يقابها في لغاتنا اليوم، وهي تشير إلى وحدة الكيان، فالنفس أقنوم والجسد أقنوم، وهما يتحدان سوية لتكوين الإنسان فهل الإنسان اثنان؟ حاشا! واستنادًا إلى ذلك لم يقل المسيح في خاتمة إنجيل مرقس عمدوهم بأسماء الآب والأبن والروح القدس بل باسم الآب والابن والروح القدس.

يظهر الثالوث مجتمعًا في مواضع عدة من العهد الجديد أشهرها عند عماد يسوع في متى 4/ 16-17 فبينما كان المسيح يعتمد هبط الروح القدس بشكل طائر الحمام في حين سمع صوت الآب من السماء

بعض المفسرين وآباء الكنيسة يشيرون إلى أن الثالوث الأقدس قد ذكر أيضًا في العهد القديم بشكل أو بآخر، كاستخدام لفظ الجمع ألوهيم للإشارة إلى الله، واستخدام الله لصيغة الجمع في اللغة العبرية للدلالة على ذاته ما يفترض وجود ثالوث

الأقنوم الأول هو الآب ويمكن القول أنه الصورة التقليدية للالله، ويقدم الكتاب المقدس عددًا كبيرًا من صفاته. أصل المصطلح يأتي من أن يسوع قد ناداه “الآب السماوي” وكذلك القديس بولس حين اعتبره “أب واحد لجميعنا.

الأقنوم الثاني هو الابن ويطلق عليه أيضًا اسم الكلمة والحمل وهو: لم يعتبر مساواته بالله خلسة أو غنيمة يتمسك بها، بل أخلى ذاته متخذًا صورة عبد صائرًا شبيهًا بالبشر ودعي حين اتخذ جسدًا يسوع المسيح، وهو الذي تنبأ عنه جميع أنبياء العهد القديم من قبل ألوهة يسوع يمكن استنباطها من مواضع عديدة في الكتاب المقدس، فهو قال في إنجيل يوحنا: أنا والآب واحد ومن رآه قد رأى الذي أرسله

كذلك فإن أنبياء العهد القديم أشاروا إلى "التجسد الإلهي": يولد لنا ولدًا، ونعطى ابنًا، وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام يسوع ليس فقط هو الابن بل هو أيضًا الماشيح (عربت لاحقًا إلى "مسيح") الذي ينتظره اليهود، فهو كاهن ونبي وملك.

سوى ذلك فإنه بالابن قد كوّن العالم، وهو من سيدين البشرية في يوم القيامة، وسلطته على جميع البشر، وهو أيضًا صورة الله الذي لا يرى، والكائن قبل كل شيء وبه يدوم كل شيء.

الأقنوم الثالث هو الروح القدس ويمكن الاستدلال على ألوهته من مواضع عديدة أبرزها أعمال الرسل 5/ 3-5 حيث يدعى روح الله و الرسالة الأولى إلى كورنثس 10/2 حيث يذكر أنه يتقصى حتى أعماق الله و إنجيل يوحنا 26/14 إلى جانب مواضع أخرى عديدة. والمسيحي إن لم يكن تحت سلطة الروح القدس فهو ليس بمسيحيًا، ويسبغ المسيحيون عليه ألقابًا عديدة استنادًا إلى العهد الجديد، (انظر الثالوث الأقدس للاستزادة) ولديه وفق العقائد المسيحية مواهب يوزعها على المؤمنين به،وهو من يلهم الكنيسة ويقويها، ومن يضع مقرارتها. وغالبًا ما يرمز له بألسنة من نار كما حلّ في العنصرة، أو طائر الحمام كما حلّ وقت عماد يسوع.

خلال القرن الحادي عشر دار الخلاف بين بطريركية القسطنطينية والكرسي الرسولي حول أصل انبثاق الروح القدس؛ فبينما وجدت كنيسة القسطنطينية أن الروح القدس منبثق من الآب وحده استنادًا إلى تفسير إنجيل يوحنا 26/15ٍ وجدت الكنيسة الكاثوليكية أن الروح ينبثق من الآب والابن معًا استنادًا إلى تفسير إنجيل يوحنا 16/ 14-16.

بشكل عام لا يعتبر لكل أقنوم مهام محددة، فالآب يغفر الخطايا، وكذلك الابن، وبينما يعتبر الروح القدس أقنومًا خاصًا يدعى في الوقت نفسه روح الآب، وروح يسوع. فحالات الوحدة والتكامل بين الثالوث عديدة.

أراء بعض الطوائف المسيحية في الثالوث،

الآريوسية :في القرن الرابع ومع اندثارها لم تكن هناك أي طائفة ترفض هذه العقيدة حتى القرن التاسع عشر حين تأسست سنة 1872 كنيسة الرسليين في الولايات المتحدة الإمريكية  ومن ثم انشق عنهم عام 1931 شهود يهوه التي تعتبر أقوى هذه الطوائف اليوم

تجمع هذه الطوائف على تكريم يسوع وإغداق الكثير من الصفات الحميدة عليه، بيد أنه في تعليمهم كائن روحي قريب من الله ولكنه ليس بإله،وأيضًا فإن قيامته كانت بشكل روحي أي غير جسدية، كما يرفضون الدور المنسوب له في الخلاص لدى سائر المسيحيين،وتنكر أغلب هذه الطوائف وجود القيامة من القبر أو وجود الجحيم.

تفسر هذه الطوائف الآيات الكتاب المقدس التي يعتمد عليها المسيحيون في برهنة ألوهة المسيح أو قيامته من بين الأموات بشكل رمزي مجازي وفي الوقت ذاته يعتمد اللاثالوثيون على عدة آيات للبرهان من الكتاب المقدس أن المسيح ليس إلهًا، كالرسالة الأولى إلى كورنثس 15/ 27-28 حيث يذكر صراحة خضوع الابن للآب في اليوم الأخير، في حين يرى التفسير الكاثوليكي في هذا الخضوع، خضوع جسد يسوع وانتفاءه لتمام الرسالة التي اتخذ جسدًا من أجلها.

لكن هذه الفرق تختلف اختلافاً بيناً في تحديد طبيعة المسيح، فلقد صدر عن مجمع نيقية تأليهه، ثم حار النصارى في تحديد ماهية هذه الألوهية.

و نتوقف بعض الشيء مع الفرق النصرانية الكبرى، ونذكر أوجه الاختلاف بينها وظروف نشأة كل منها، ثم نذكر شيئاً من ردود المحققين في إبطال هذه المذاهب خصوصاً.
أولاً : الأرثوذكس
و هم أتباع الكنائس الشرقية (اليونانية)، وكلمة "أرثوذكس" كلمة لاتينية معناها: "صحيح العقيدة" أو "مذهب الحق".

وقد انقسمت الكنيسة الأرثوذكسية في أعقاب مجمع القسطنطينية الخامس 879م إلى قسمين كبيرين (الكنيسة المصرية أو القبطية أو المرقسية وكنيسة القسطنطينية، المسماة بالرومية أو اليونانية).
و ينتشر أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وعموم آسيا وصربيا ومصر والحبشة، ويتبعون أربع كنائس رئيسة لكل منها بطريك (القسطنطينية ثم الإسكندرية وأنطاكيا وأورشليم)، وتشكل العقيدة الأرثوذكسية امتداداً صادقاً لما جرى في مجمع نيقية، إذ تتفق معتقداتهم مع ما جاء في رسائل أثناسيوس الذي ولي البابوية في الإسكندرية بعد مجمع نيقية.
الأقانيم عند الأرثوذكس :
يرى الأرثوذكس الأقانيم مراحل لإله واحد في الجوهر، فالأب هو الابن وهو روح القدس، يقول الأنبا غريغورس ملخصاً معتقدهم بالثالوث :
"المسيحيون يؤمنون بإله واحد، أحدي الذات، مثلث الأقانيم والخاصيات، فالتوحيد للذات الإلهية، وأما التثليث فللأقانيم، وللأقانيم خاصيات وصفات ذاتية، أي بها تقوم الذات الإلهية، فالله الواحد هو أصل الوجود، لذلك فهو الآب- والآب كلمة ساميّة بمعنى الأصل -..والله الواحد هو العقل الأعظم.. تجلى في المسيح ..لذلك كان المسيح هو الكلمة..والكلمة تجسيد العقل، فإن العقل غير منظور، ولكنه ظهر في الكلمة، وهو أيضاً الابن- لا بمعنى الولادة في عالم الإنسان -، بل لأنه صورة الله غير المنظور، والله هو الروح الأعظم، وهو آب جميع الأرواح، ولهذا فهو الروح القدس، لأن الله قدوس".
ويقول الأسقف سابليوس عن الله: "ظهر في العهد القديم بصفته آب، وفي العهد الجديد بصفته ابن، وفي تأسيس الكنيسة بصفته روح القدس".
و إذا تساءلنا عن سبب اختلاف الأسماء في هذه المراحل للجوهر الواحد فإن القس توفيق جيد يجيب: "إن تسمية الثالوث باسم الآب والابن والروح القدس تعتبر أعماقاً إلهية وأسراراً سماوية لا يجوز لنا أن نفلسف في تفكيكها وتحليلها، أو نلحق بها أفكاراً من عندياتنا…".
و ما دامت هذا الأقانيم مراحل للجوهر الواحد، فإن ياسين منصور يقول عنها بأنها "ثلاث شخصيات متميزة غير منفصلة، متساوية فائقة عن التصور"، ويقول أثناسيوس بالتساوي بين الأقانيم "فلا أكبر ولا أصغر، و لا أول ولا آخر، فهم متساوون في الذات الإلهية والقوة والعظمة".
وأبرز معتقدات الكنيسة الأرثوذكسية وفروقها عن الكنائس الأخرى:
- أن المسيح (الابن) هو الله وهو روح القدس.
- تقول كنيسة القسطنطينية الأرثوذكسية أن الابن (الإله المتجسد) أقل رتبة من الإله من غير تجسد، يقول الأسقف أبولينراس: "الأقانيم الثلاثة الموجودة في الله متفاوتة القدر، فالروح عظيم، والابن أعظم منه، والأب هو الأعظم...ذلك أن الأب ليس محدود القدرة والجوهر، وأما الابن فهو محدود القدرة لا الجوهر، والروح القدس محدود القوة والجوهر".
- يرى أرثوذكس الكنيسة المرقسية المصرية أن المسيح طبيعة واحدة إلهية، ويرى أرثوذكس روسيا وأوربا (كنيسة القسطنطينية) أن له طبيعتين مجتمعتين في طبيعة واحدة كما قرر عام 451م في مجمع خلقدونية حيث رفضت الكنيسة المصرية القرار، وقبلته الكنائس الأرثوذكسية الرومية القائلة بالطبيعتين.
- أن روح القدس نشأ من الأب فقط.
- يؤمن النصارى الأرثوذكس بأسرار الكنيسة السبعة (المعمودية-الميرون المقدس-القربان المقدس – الاعتراف – مسحة المرضى- الزواج- الكهنوت).

ثانياً : الكاثوليك
و هم أتباع الكنائس الغربية التي يرأسها بابا الفاتيكان في روما.
و كلمة: " الكاثوليك" كلمة لاتينية، تعريبها: "الجامع الحر الفكر" أو "العام أو العالمي".
و ينتشر أتباع هذه الكنيسة في بقاع كثيرة من العالم ويشكلون عدداً كبيراً من سكان أوربا.
و قد وجدت هذه الكنيسة بعد أن انشقت عن الكنيسة الأم بعد صراع سياسي ديني طويل يمتد إلى القرن الخامس الميلادي، فحين قسم الإمبراطور تيودواسيوس امبراطوريته عام 395م بين ابنيه، فتولى أكاديوسيوس الشطر الشرقي وعاصمته القسطنطينية، فيما تولى نوريوس الشطر الغربي وعاصمته روما‏.
و بدأ الصراع والتنافس بين المركزين، وفي عام 451م وعقب مجمع خلقدونية انفصلت الكنيسة المصرية (أول الكنائس الأرثوذكسية) عندما قالت بطبيعة واحدة للمسيح منكرة ما ذهب إليه المجمع من أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، ثم انفصلت بقية الكنائس الشرقية عقب مجمع القسطنطينية الرابع 869م، والخامس 879م، بسبب إصرار الغربيين على اعتبار الروح القدس منبثق من الأب والابن معاً.

الأقانيم عند الكاثوليك :
ويلخص محررو قاموس الكتاب المقدس عقيدة النصارى الكاثوليك في التثليث، فيقولون: "الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله…شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى..التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتاً أو ظاهرياً، بل أبدي وحقيقي.. التثليث لا يعني ثلاثة آلهة، بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد…الشخصيات الثلاث متساوون". ( قاموس الكتاب المقدس، ص232)
والكاثوليك يعتبرونها ثلاث شخصيات أو ثلاث ذوات لكل منها مهام منفصلة، وترجع إلى ذات واحدة موجودة في الأزل، ويرون لكل أقنوم وظيفة واختصاصاً، فهم يقولون الأب وظيفته خلق العالم والمحافظة عليه، والابن كفارة الذنوب وتخليص البشر، و الروح القدس تثبيت قلب الإنسان على الحق وتحقيق الولادة الروحية الجديدة.

وأما أبرز ما تختلف فيه الكنيسة الكاثوليكية عن الأرثوذكسية فهو :

- قولهم بأن المسيح له طبيعتان ومشيئتان: إلهية وإنسانية، فهو عند الكاثوليك إله تام وإنسان تام، وفيه اتحد الابن بناسوت المسيح.
- الأب والابن وروح القدس هي الأقانيم الأزلية للإله، والمتحد منها هو الابن فقط.
- روح القدس انبثق من الأب والابن معاً، وهو مساوٍ للأب والابن.
- الأرواح الخاطئة لن تدخل الجنة حتى تتطهر في جحيم صغير في مكانٍ ما من الأرض يسمى: "المطهر" تتطهر به أرواح العصاة، ثم تكون أهلاً لدخول الفردوس.
- صلوات الكهنة ترفع العذاب عن النفوس الخاطئة، ومنه نشأت فكرة صكوك الغفران التي أقرها المجمع الثاني عشر المنعقد عام 1215م.
- القول بعصمة بابا روما، وبأنه وريث سلطان بطرس، وبذلك تسمى أيضاً كنائس الكاثوليك بالكنائس البطرسية.
- تقدس الكنسية الكاثوليكية مريم، وتسميها (والدة الإله) و(خطيبة الله)، وتخصها ببعض الصلوات والابتهالات.

وتعترف الكنيسة الكاثوليكية بسائر العبادات والطقوس الأرثوذكسية كالتعميد والاعتراف والعشاء الرباني….و يجيز الكاثوليك عبادة الصور.

ثالثاً : البروتستانت
وهم في الأصل من أتباع الكنيسة الكاثولوكية، وكلمة"بروتستانت" كلمة إنجليزية معناها: المحتجون.

وقد انشق البروتستانت عن الكنسية الكاثوليكية في منتصف القرن السادس عشر وبعد عدة احتجاجات على ممارسات بابوات الكنيسة التي زكمت منها الأنوف.

وهنا يجدر بنا الحديث عن بعض هذه الدعوات الإصلاحية التي ظهرت في أوربا. بدأت هذه الدعوات للإصلاح على يد جيرارد في كنيسة لورين في عام 914م وعاصرتها دعوة أخرى تسمى حركة كلوين.

ثم ظهرت في جنوب فرنسا حركتا الكاتاريين والوالدنيين، وتمكنت البابوية من القضاء عليهما.

وفي القرن الثالث عشر ظهرت حركة الرهبان (الإخوان)، ودعت للبساطة وحماية الكنيسة من الهراقطة، وتدعيم البابوية عن طريق الأتباع المخلصين، لكن مع نهاية هذا القرن وقع رواد الحركة فيما حذروا منه، فأصبحوا من الأثرياء، وجر الثراء إلى ما يسوء ذكره.

وفي عام 1383م توفي داعي الإصلاح حنا بعد أن طرد وأتباعه، ثم بعده نادى حنّا هس بإيقاف صكوك الغفران التي استعان بها البابا حنا الثالث والعشرون في حربه ضد مملكة نابلي، وقد أحرق حنّا هس حياً عام 1415م.

وفي أوائل القرن السادس عشر نادى آزرم بالإصلاح، واحتفظ بعلاقات طيبة مع الكنيسة والبابا ليو العاشر، ومثله فعل معاصره تومس مور.
وفي بداية هذا القرن أيضاً ظهر مارتن لوثر، وهو قس ألماني ذهب إلى الحج في روما طالباً بركات البابا فيها، وفي ذهنه صورة من النقاء والطهر والخشوع.

لكنه فوجىء في روما بواقع آخر، فجعل يصيح بأن ليس هذا دين عيسى، وعاد لألمانيا يدعو للإصلاح، وهاجم صكوك الغفران واعتبرها دجلاً، وانضم إليه أتباع سموا بالمحتجين (البروتستانت).

          تاريخ الصراعات الطائفية
عاشت الطوائف المسيحية في اوروبا صراعات طويلة فيما بينها، منذ ان اصبحت المسيحية دين الدولة الرومانية في القرن الرابع الميلادي. مهما ادعت الخلافات أسبابا عقائدية، فأنها تظل في جوهرها خلافات سياسية تبعا لخلاف مصالح الملوك والامراء المتنافسين.

 ومن أول وأبرز هذه الخلافات: الانقسام الذي حدث بين الارثوذكسية والكاثوليكية، حسب الانقسام الذي حدث في الامبراطورية الرومانية، بين القسم الشرقي البيزنطي وعاصمته القسطنطينية(اسطنبول الحالية)، والقسم الغربي وعاصمته روما.

 وقد بلغ الصراع بين الطرفين، بحيث ان الحملات الصليبية الكاثوليكية قد هاجمت ونهبت وحرقت عاصمة الارثوذكس، القسطنطينية، الى درجة انها ساعدت على انتصار الاتراك المسلمين واسقاطها في القرن الخامس عشر.
ثم تلى ذلك في القرن السادس عشر الانقسام بين البروتستان والكاثوليك، حسب الانقسام بين اوروبا الشمالية الاسكندنافية الجرمانية الانكليزية(بروتستانية)، واوروبا الجنوبية اللاتينية(كاثوليكية). وكان هذا الانقسام هو الاعنف والاكثر وحشية في تاريخ الانقسام الديني في العالم اجمع. وقد تخللته حروب وعمليات ابادة لملايين الناس الابرياء بصورة تفوق الوصف. هنا سرد مختصر لأشد هذه الحروب الطائفية، وهي ما اطلق عليه (حرب الثلاثين عام

 

 

 

 

 

الباب الثالث

بأسهم بينهم شديد

تنقسم حرب الثلاثين عام إلى أربع مراحل رئيسية :

الثورة البوهيمية. التدخل الدنماركي

التدخل السويدي. التدخل الفرنسي .

حرب الثلاثين عام
هي سلسلة صراعات دامية مزقت أوروبا بين عامي 1618 و 1648 م ، وقعت بين البروتستان والكاثوليك والدول المتحالفة معهم، وكلفت الاوربيين الملايين من الضحايا، وخصوصا في المانيا التي  خسرت حوالي نصف سكانها، وكانت المجازر تشمل عمليات القتل والحرق والتهجير بين القرى المتجاورة، بل داخل البلدة الواحدة. وقد اشتركت في هذه الحرب الوحشية تباعا معظم القوى الأوروبية الموجودة في ذاك العصر فيما عدا إنكلترا وروسيا .

 بدأت اولا كمواجهة دينية اندلعت عام 1606 في مدينة دوناوفورت الحرة إحدى مدن ألمانيا التابعة للإمبراطور الروماني الكاثوليكي، حيث حاولت الأغلبية البروتستانتية منع الكاثوليك من أداء موكب ديني مسببين اضطرابات عنيفة، مما دعى تدخل ماكسيمليان الأول حاكم (بافاريا ـ جنوب المانيا)

مساندا الكاثوليك لاعادة الوضع إلى حاله. هذه السلسة من الأحداث أوجدت لدى البروتستان الذين ظلوا أقلية في المنطقة) شعورا بوجود مؤامرة كاثوليكية لاجتثاثهم، وإزاء هذا التهديد قاموا في عام 1608 بتأسيس الإتحاد الإنجيلي بقيادة( فريدريك الرابع)  ملك اسبانيا الذي كان يحكم أجزاء من المانيا ووسط اوربا. فرد الألمان الكاثوليك عام 1609 بانشاء الرابطة الكاثوليكية تحت قيادة الامير ماكسيمليان الأول.

 عند هذه النقطة أصبح الوضع السياسي في ألمانيا على استعداد للدخول في مواجهة الطائفية. عام 1617 حاول (فيرديناند) حاكم بوهيميا(جيكيا الحالية) الذي كان كان كاثوليكيا متعصبا أن يفرض العقيدة الكاثوليكية على السكان الذين كانوا بغالبية بروتستانتية.

تسبب منعهم لبناء عدد من الكنائس البروتستانتية في ثورة عنيفة عام 1618 بلغت ذروتها عندما تم إلقاء اثنين من ممثلي الإمبراطور من نوافذ القصر الملكي في براغ، وأشعل هذا الحدث شرارة حرب الأعوام الثلاثين .
في الجزء الثاني من فترة الحرب امتدت المعارك إلى فرنسا والأراضي المنخفضة وشمال إيطاليا وكاتالونيا . خلال سنواتها الثلاثين تغيرت تدريجيا طبيعة ودوافع الحرب : فقد اندلعت الحرب في البداية كصراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت وانتهت كصراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى بين فرنسا والنمسا، بل ويعد السبب الرئيسي في نظر البعض.

 ففرنسا الكاثوليكية تحت حكم الكردينال ريشيليو في ذلك الوقت ساندت الجانب البروتستانتي في الحرب لإضعاف منافسيهم آل هابسبورغ لتعزيز موقف فرنسا كقوة أوروبية بارزة، فزاد هذا من حدة التناحر بينهما، مما أدى لاحقا إلى حرب مباشرة بين فرنسا وإسبانيا.
كان الأثر الرئيسي لحرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع ، تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش . وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك العديد من سكان الولايات الألمانية وبشكل أقل حدة الأراضي المنخفضة وإيطاليا بينما أُفقرت العديد من القوى المتورطة في الصراع

 استمرت الحرب ثلاثين عاما ولكن الصراعات التي فجرتها ظلت قائمة بدون حل لزمن أطول بكثير.

 انتهت الحرب بمعاهدة مونستر وهي جزء من صلح فستفاليا الأوسع عام 1648 م . وخلال الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 30 ٪ في المتوسط ؛ و في أراضي براندنبورغ بلغت الخسائر النصف، في حين أنه في بعض المناطق مات مايقدر بثلثي السكان وانخفض عدد سكان ألمانيا من الذكور بمقدار النصف تقريبا .كما انخفض عدد سكان الأراضي التشيكية بمقدار الثلث .

وقد دمر الجيش السويدي(البروتستاني) لوحده اثناء تغلغله في المناطق الالمانية الكاثوليكية 2000 قلعة مع سكانها ، 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث   عدد جميع المدن الالمانية .هبطت حرب الثلاثون عام بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم.

ففي مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وشهد شاهد من أهلها

الحق لوأننا أردنا أن ننقض الطوائف المسيحية ما استطعنا أن ننقضها كما يقوم بذلك أحد ابناءها  وليس أي شخص إنما هو كبير من كبار المسيحية ألا وهو البابا شنودة لأنني حين عثرت على كتابه اللاهوت المقارن وهو يبين فيه الاختلافات بين كنيسته والكنائس الأخرى  وكذلك وجدت معه ردودا وفوارقا بين الكنائس من أكثر من وجهة نظر مسيحية قمت بنسخ تلك الأمور وعرضها لك عزيزي القارئ دون حذف أو تغيير أو حتى تتدخل بالتعليق تاركا لك الحكم في نهاية المطاف

كتاب اللاهوت المقارن (1)البابا شنودة الثالث

 فيقول : مجمل خلافاتنا مع البروتستانت

 الخلافات كثيرة: بعضها فى العقيدة والايمان، وبعضها فى الطقوس، والبعض الثالث فى النظام الكنسى، وفى أمور العبادة...وأهم الخلافات بيننا وبين البروتستانتية ما يلى:

1- اعتقادهم بالطبيعتين والمشيئتين فى السيد المسيح:

بينما تؤمن الكنيسة القبطية، أن طبيعة السيد المسيح اللاهوتية وطبيعته الناسوتية، متحدتان معاً فى طبيعة واحدة، هى طبيعة الكلمة المتجسد. ونحن نؤمن أن السيد المسيح كامل فى لاهوته، وكامل فى ناسوته، وأن لاهوته لم يفارق ناسوته، لحظة واحدة ولا طرفة عين، لذلك لا نتكلم مطلقاً عن طبيعتين بعد الاتحاد، هذا التعبير الذى بسببه رفضنا مجمع خلقيدونية سنة 451 م. 

 

2- انبثاق الروح القدس

يعتقد البروتستانت مثل الكاثوليك بإنبثاق الروح القدس من الآب والابن، وهذا مخالف لعقيدة كنيستنا، التى تؤمن بإنبثاق الروح القدس من الآب وحده، حسبما ورد فى (إنجيل يوحنا 26:15).

3- عدم إيمانهم بأسرار الكنيسة السبعة

وإن وجد عندهم شئ من ذلك، لا يسمونه سراً. مثال ذلك: يوجد زواج عند البروتستانت، ولكنه مجرد رابطة أو عقد بين اثنين، وليس سراً كنسياً. كذلك توجد عندهم معمودية، ولكنها ليست سراً كنسياً بكل فاعليته... ويسمونها فريضة.

4- لا يؤمنون بالتقليد Tradition أو التسليم الرسولى

فهم لا يؤمنون إلا بالكتاب المقدس فقط، ولا يقبلون كل القوانين الكنسية، ولا المجامع المقدسة وقراراتها، ولا يلتزمون بتعاليم الآباء. وبالتالى لا يقبلون كل ما قدمه التقليد من نظم كنسية.

5- لا يقبلون الكهنوت

فهم إما ينادون بكاهن واحد فى السماء وعلى الأرض، هو يسوع المسيح، دون أى كهنوت للبشر، وإما أن يقولوا إننا جميعاً كهنة، ولا فارق فى ذلك بين إنسان وآخر، ومن يدعى (قساً) من الطوائف البروتستانتية، لا يقصد به أنه كاهن، إنما هذا لقب يعنى عندهم أنه خادم أو راع، أو معلم، وليس كاهناً يمارس الأسرار الكنسية.

وإن كانوا لا يؤمنون بالكهنوت، فمن باب أولى لا يؤمنون برئاسة الكهنوت، ويرون أن الكنيسة هى جسد واحد، له رأس واحد هو يسوع المسيح، ولا توجد رئاسة كهنوت من البشر، بحيث يرون رئاسة المسيح للكنيسة لا تسمح بوجود رئاسات بشرية. ونتيجة لهذا لا يؤمنون طبعاً بسلطان كنسى أيا كان...

نستثنى من كل هؤلاء الانجليكان أو الاسقفيين، الذين توجد فى كنيستهم، درجات الأسقف و القس و الشماس، ولهم أيضاً رؤساء أساقفة، مثل رئيس أساقفة كانتربرى Canterbury، ورئيس أساقفة يورك وغيرهما. ولكنهم يعتقدون بموضوع زواج الأساقفة، وقد رسموا حالياً قسوساً من النساء، وأسقفاً إمرأة، وقد وضع قداسة البابا شنودة الثالث كتاباً خاصاً عن الكهنوت يمكن الرجوع إليه.

6- خلافات كثيرة فى موضوع الخلاص

من أهمها التركيز فقط على الإيمان، وعدم الاهتمام بكل ما عداه، وهنا يعتمدون على عبارة "آمن بالرب يسوع فتخلص..." (أعمال الرسل 31:1) (اقرأ مقالاً آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ويرون أنه بمجرد إيمان الانسان يخلص، فى نفس لحظة إيمانه، وكأنهم بهذا ينكرون الأسرار اللازمة للخلاص، مثل المعمودية والتوبة، وينكرون دور الكنيسة فى موضوع الخلاص، الذى يعتبرونه مجرد علاقة مباشرة مع الله.

ومن ضمن الموضوعات التى هى مجال خلاف: مدى إمكانية هلاك المؤمن إذا ارتد، فيرون أن المؤمن لا يمكن أن يهلك مهما سقط.

ومن الخلافات البارزة فى موضوع الخلاص، مسألة الإيمان والأعمال. ففى تركيزهم على الإيمان يغفلون جانب الأعمال، وفى اهتماهم بعمل النعمة، ينكرون لزوم الجهاد، وأكثر هؤلاء بعداً عن التطرف من يقولون أن الإيمان ينبغى أن يكون إيماناً عاملاً بالمحبة (غلاطيه 6:5).

 

7- ينكرون الطقوس

البروتستانتية ضد الطقوس، وبالتالى لا يعترفون بأية ليتورجيات (صلوات طقسية)، لا يستخدمون ما عندنا من كتب طقسية، مثل: القطمارس، و الابصلمودية، وصلوات اللقان، وطقس السجدة، و طقوس البصخة و الشعانين، والطقوس التى تصاحب كل سر من أسرار الكنيسة، وما إلى ذلك.

8- خلافات فى المعمودية

لعل من أهمها لزوم المعمودية للخلاص، كذلك لزوم المعمودية للأطفال، ولا يؤمنون بكل فاعلية المعمودية، ولا علاقة المعمودية بالولادة الجديدة، وبالتبرير وغفران الخطايا، وهكذا تتحول المعمودية فى البروتستانتية إلى اسم بلا مفعول، لأن كل ما ننسبه إلى المعمودية من فاعلية، ينسبونه كله إلى الإيمان، وكأنها أصبحت مجرد علامة أو مجرد طقس، بينما هم لا يؤمنون بالطقوس... ومع ذلك ليس كل البروتستانت إيمان واحد فى المعمودية، فمنهم من يوافق على معمودية الأطفال، ومنهم من يوافق أن المعمودية بالتغطيس.. مع خلافات أخرى.

9- لا يؤمنون بالاعتراف

ونقصد عدم إيمانهم بالاعتراف على الآباء الكهنة من جهة، لأنهم لا يؤمنون أصلاً بكهنوت البشر، ومن جهة أخرى، لأنهم يرون الاعتراف على الله مباشرة، ويتبع هذا طبعاً، أنهم لا يؤمنون بالتحليل الذى يقرأه الكاهن على رأس المعترف، ولا يؤمنون بسلطان الحل والربط جملة.

 

 

10- لا يؤمنون بسر الأفخارستيا

فى البروتستانتية لا توجد قداسات، ولا ذبيحة إلهية، ولا يؤمنون بإستحالة الخبز والخمر، إلى الجسد والدم الأقدسين، وهكذا لا يوجد تناول من هذه الأسرار المقدسة، وكل ما يفعلونه لتنفيذ وصية الرب (أنجيل لوقا 22: 19) هو احتفال فى بعض المواسم، فيه كسر الخبز، لمجرد الذكرى، ويدعون ذلك فريضة وليس سراً كنسياً. وهكذا فإنه لا يوجد مذبح فى الكنائس البروتستانتية، لأنه لا توجد ذبيحة... يستثنى من ذلك الانجليكان (الأسقفيين)، فعندهم مذابح وقداسات، ويؤمنون بإستحالة الخبز والخمر إلى الجسد والدم...  (اقرأ المزيد حول هذا الأمر هنا في موقع أنبا تكلا).

11- خلافات بالنسبة إلى الكتاب المقدس

على الرغم من اهتمام البروتستانت بالكتاب اهتماماً كبيراً، على الرغم من كلامهم عن (الحق الكتابى)، إلا أننا نأخذ عليهم هنا أمرين هامين:

أ- عدم إيمانهم ببعض أسفار الكتاب مثل طوبيا، يهوديت، يشوع بن سيراخ، باروخ، سفر الحكمة، المكابيين الأول والمكابيين الثاني، وبعض أجزاء أخرى من الكتاب... واعتبارهم إنها أبوكريفا، وعدم ضمها إلى الكتاب، مثلما تضم فى ترجمة الكاثوليك للكتاب...

ب- لا يتعاملون مع العهد القديم بالاحترام اللائق لكل تعاليمه، كما لو كان السيد المسيح قد نقض الناموس أو الأنبياء، أو اعتبار أشياء جوهرية فى العهد القديم، وكأنها كانت مجرد رموز، وانتهت فى العهد الجديد! فإذا أثبتنا عقيدة بآيات من العهد القديم، لا يقبلون ذلك على اعتبار أنه من العهد القديم! وعلى هذا فإن الخط الذى يفصل بين الرمز والحقيقة الثابتة فى العهد القديم، غير واضح أمامهم أو نختلف نحن معهم فيه...

12- لا يؤمنون بأصوام الكنيسة

قد يقبلون الصوم كعمل فردى فى أى وقت، ولكنهم لا يوافقون على أصوام محددة فى مواعيد معينة يصومها كل الشعب، فهم لا يصومون الأربعاء والجمعة، ولا أسبوع الآلام، ولا الصوم الكبير، ولا صوم الميلاد، ولا صوم العذراء، ولا صوم الرسل، ولا باقى الأصوام، كما لا يؤمنون بالصوم النباتى. لا يقبلون قيداً على الإنسان فى أكله وشربه بأية صورة...

13- لا رهبنة فى البروتستانتية

لا يوجد نظام الرهبنة، إلا عند الأرثوذكس و الكاثوليك، أما الرهبنة فلا وجود لها فى البروتستانتية، وكل رتب الخدام متزوجون. حتى فى الكنيسة الأسقفية، التى هى فى وضع متوسط بين الكاثوليكية والبروتستانتية، وتؤمن ببعض أسرار الكنيسة، كالكهنوت والأفخارستيا، لا يوجد فيها رهبنة، ولا تبتل، فالأساقفة ورؤساء الأساقفة، متزوجون أيضاً...سمعنا أخيراً عن وجود رهبنة عند بعض الألمان البروتستانت...

14- لا يؤمنون بالصلاة على الموتى

فلا يطلبون الرحمة لنفس الميت، ولا النياح له، كل ما يحدث أن يدخل جثمان الميت إلى الكنيسة، لتقرأ بعض الفصول وتلقى العظة، لمجرد تعزية أسرة المتوفى، أو للإستفادة من الموت، ولكن لا يصلون مطلقاً من أجل الميت، ولا يطلبون مغفرة، ولا يسألون الله من أجل أبدية هذا الذى انتقل.

 

 

15- لا شفاعة فى البروتستانتية

لا يؤمنون بشفاعة الملائكة، ولا العذراء، ولا القديسين، ولا شفاعة الموتى فى الأحياء، ولا الأحياء فى الموتى، لا وساطة إطلاقاً بين الله والناس. وهذا يقود إلى نقطة أخرى، أو تتسبب عنها، وهى:

16- عدم إكرام القديسين

لا إكرام للملائكة ولا للقديسين، فلا يحتفلون بأعياد القديسين، كما نفعل نحن، ولا يقرأون فى الكنيسة سنكساراً يشمل سير القديسين، ولا توجد عندهم تماجيد للقديسين، ولا ذكصولوجيات، ولا تذاكيات، ولا صلاة مجمع، ولا إكرام لعظام القديسين، ورفات أجسادهم. وهذه النقطة تقود إلى نقطة أخرى وهى:

17- لا أيقونات ولا صور فى البروتستانتية

وقد أخذت (حرب الأيقونات)، دوراً هاماً فى التاريخ، بينهم وبين الكاثوليك. فلا يؤمنون بوجود صور وأيقونات فى الكنيسة، ولا بإيقاد شمعة أمام صورة أحد القديسين، ولا بنذر ينذر على اسمه، فهذا نوع من طلب شفاعة، وهم لا يؤمنون بالشفاعة. وتتعلق بهذا الموضوع نقطة أخرى وهى:

18- عدم بناء الكنائس على أسماء القديسين

فلا تبنى كنيسة على اسم ملاك، أو شهيد، أو قديس، ولا تتسمى بإسمه، إنما قد تتسمى الكنيسة، باسم المدينة أو الحىّ، مثل: الكنيسة الإنجيلية بشبرا، أو الكنيسة الانجيلية بأسيوط... أو قد تتسمى الكنيسة باسم فضيلة، مثل: كنيسة الرجاء... ولكنها لا تحمل اسم قديس... أما الأسقفيون فتوجد عندهم كنائس بأسماء القديسين، مثل: كاتدرائية جميع القديسين فى القاهرة مثلاً، أو كاتدرائية سان بول بلندن..

19- الكنيسة كبناء

البعض يتطرف فينكر الكنيسة كبناء، على اعتبار أن الله مالئ السماء والأرض، لا يسكن مكاناً، ولكن عموماً توجد كنائس للبروتستانت، ولكنها بلا هياكل، ولا حجاب، ولا تتقيد بمنارات أو قباب، وبلا أيقونات. كل ما فيها، منبر للوعظ ومقاعد، كالجمعيات التى تتخصص فى الوعظ عندنا.

20- لا اتجاه إلى الشرق

كنائس البروتستانت لا تتجه إلى الشرق، مثل كنائسنا، كذلك إذا وقفوا للصلاة، لا يتجهون إلى الشرق، بل فى أى اتجاه، حسب موضع كل منهم.

21- لا بخور ولا شموع

لا يستخدم البخور فى الكنائس البروتستانتية، ولا يوجد طقس رفع بخور عشية، ولا طقس رفع بخور باكر، ولا تصحب الصلوات ببخور، والمبخرة غير موجودة فى الكنيسة إطلاقاً، كذلك لا توجد شموع، ولا يصحبون قراءة الإنجيل، بإضاءة شموع.

22- لا توجد صلاة قنديل

(أى صلاة مسحة المرضى)، سواء اعتبرت سراً من أسرار الكنيسة أم لا، هم لا يؤمنون بالأسرار، أو بأية صلاة طقسية، ولا بالصلاة على المرضى، كسر كنسى، فيه تقديس الزيت والدهن به.  هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا

 

 23- لا صلوات أجبية

لا يؤمنون بالصلوات السبع التى للكنيسة، لا بمواعيدها ولا بمحتوياتها. ولا يلزمون بمبدأ الصلوات المحفوظة عموماً. يصلى كل انسان متى يشاء، وكيفما يشاء.

وهذا يقود إلى نقطة أخرى، وهى صلاة (أبانا الذى فى السموات)، لا يستخدمونها فى بدء الصلاة، ولا فى نهايتها، ولا يلتزمون بها إطلاقاً، كما لا يلتزمون مطلقاً بصلاة المزامير، ولا مانع فى بعض الإجتماعات، من أن تردد الصلاة الربانية، باعتبار أنه لا خطأ فى ذلك، ولكن بغير إلتزام.

24- الحكم الألفى

ويؤمنون أن السيد المسيح، سيأتى فى آخر الزمان، ويحكم ألف سنة على الأرض، يكون فيها الشيطان مقيداً. ويسود فيها السلام، ويرعى فيها الحمل مع الأسد...ولكن توجد اختلافات بين البروتستانت فى تفاصيل الحكم الألفى.

25- لا يؤمنون بدوام بتولية العذراء

بل يعتقدون أنها تزوجت بيوسف النجار، وأنجبت منه بنين، عرفوا باسم "اخوة يسوع" (آنجيل متى 13: 55، 56). ولا يكرمون العذراء، وكثيراً ما يلقبونها باسم "أم يسوع"، ولا يوافقون على عبارة "الممتلئة نعمة" (لوقا 28:1)، بل يترجمونها "المنعم عليها"، وينكرون صعود جسد العذراء إلى السماء، الأمر الذى يعتقد به الكاثوليك والأرثوذكس، ولا يحتفلون بأى عيد من أعياد السيدة العذراء، وبعضهم يقول عن العذراء إنها "أختنا"!!

 

 

مريم العذراء

تجمع الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية والنساطرة والكنيسة الأنجليكانية والكنيسة اللوثرية على تكريم خاص لمريم العذراء، ويسمى ما يخص دراستها في الكتاب المقدس والعقائد المسيحية بالماريولوجي.

نعظمك يا أم النور الحقيقي،
ونمجدك أيتها العذراء القديسة،
يا والدة الإله، يا ثيوتوكوس،
لأنك ولدت مخلص العالم،
فأتى وخلص نفوسنا.
قانون إيمان مجمع أفسس 431

يعتقد المسيحيون أن مريم قد حبلت من الروح القدس،[لوقا 35/1] في الوقت الذي كانت به مخطوبة ليوسف النجار، ورغم زواجها اللاحق منه لكنها ظلت خطيبته،[254] أي أنها دائمة البتولية وذلك استنادًا إلى نشيد الأناشيد 12/4 و حزقيال 2/44 و المزامير 5/45، إضافة إلى تسميتها أم يسوع وليس زوجة يوسف في متى 13/2 إلى جانب أن يسوع قد عهد بها إلى يوحنا بن زبدي في ساعاته الأخيرة ولو أنها أنجبت سواه لكان أولى أن يقوم أولادها برعايتها.[255]

ترى هذه الطوائف أن إكرام مريم أمر واجب، استنادًا إلى لوقا 45/1 و لوقا 48/1 و لوقا 27/11، فضلاً عن كونها الشخص الوحيد الذي رافق يسوع من ميلاده حتى صلبه، ولأنها كانت سبب اجتراح أولى معجازته في عرس قانا حسب إنجيل يوحنا.[256] ولذلك تخصص الكنيسة الكثير من الصلوات والأدعية لها، وتوضع في جميع الكنائس أيقونات تمثلها، وكتب الكثير في مدحها خلال مختلف مراحل الأدب المسيحي.

يرى المسيحيون أيضًا بأن إكرام مريم هو إكرام للمسيح نفسه، لذلك فقد خصصت الكنيسة عددًا كبيرًا من الأعياد المريمية وأغدقت عليها العديد من الألقاب،[257] ويستمد بعضها من العهد القديم،[258] سوى ذلك تدعى العذراء "أم الله" وقد دار جدال لاهوتي في القرن الخامس حول شرعية استخدام هذا اللقب، خصوصًا إثر تعاليم نسطور الذي اعتقد بأن الابن الكلمة قد حلّ في يسوع وقت العماد وليس يسوع هو الابن، وبالتالي فضل نسطور دعوة العذراء " أم المسيح" وليس "أم الله"، بيد أن مجمع أفسس سنة 431 قد حسم الجدل باعتماد مصطلح ثيوتوكس التي تعني بالعربية والدة الإله، ويشير هذا المصطلح إلى أنها والدة الله حسب الجسد وليست والدة اللاهوت في الله. حكم المجمع أيضًا بالهرطقة على نسطور، ولا يزال النساطرة حتى اليوم يدعون العذراء والدة المسيح.

يؤمن المسيحيون أيضًا بشفاعة مريم، أي بأن الصلاة والتضرع نحوها يأتِ بنتائج حسنة للفرد لأنها تقوم بفعل وساطة مع الله، ينبثق هذا الاعتقاد بشكل أساسي من حادثة عرس قانا الجليل، فيسوع لم يكن يريد اجتراح معجزة لكنها طلبت منه فاستجاب؛وتضيف العقائد المسيحية أنها انتقلت إلى السماء بالنفس والجسد،حيث توجت هناك كملكة للسماء والأرض وجلست عن يمين الله استنادًا إلى ماورد في مزامير 2/45.

تضيف الكنيسة الكاثوليكية

 إلى هذه العقائد عددًا من العقائد الأخرى أشهرها الحبل بلا دنس المعلنة عام 1856 والتي تشير إلى أن العذراء قد حُبل بها من دون دنس الخطيئة الأصلية التي يرثها الجنس البشري منذ آدم، وقد ورد في نص العقيدة، إن العذراء قد نالت هذا "التكريم الفائق" باستحقاقات ابنها يسوع المسيح. ويحتفل بعيد الحبل بلا دنس في 8 كانون الأول من كل عام، ويعتبر عطلة رسمية في عدد من بلدان العالم. يرى الكاثوليك أيضًا أنها شركة في الفداء استنادًا إلى لوقا 35/2، وهي سيدة الوردية المقدسة، والوردية عبارة عن صلوات تأملية في مسيرة المسيح على الأرض من خلال العذراء.

النظرة للعذراء لدى الطوائف البروتستانتية مختلفة تمامًا عن سائر الكنائس، فهم يعترفون بإكرام خاص للعذراء ودورها في حياة يسوع، لكن أغلب هذه الطوائف تنكر الشفاعة ولا ترفع طلبات لها كما أنه لا يوجد أيقونات تمثلها. عدد من هذه الطوائف يعتبر أن دور العذراء قد انتهى عقب ميلاد يسوع وبالتالي فهي ليست ببتول بل قد تابعت حياتها بشكل طبيعي وأنجبت ذرية. الأمر المرفوض تمامًا لدى سائر الطوائف المسيحية.

26- يؤمنون بحرية العقيدة وتنوعها

فكل إنسان له الحق فى أن يعتقد ما يشاء، ويعلم بما يشاء، وينشر ما يشاء من معتقدات، دون سلطة كنسية تمنعه، فهم لا يؤمنون بالسلطة الكنسية، ومن هنا نشأت عشرات المذاهب البروتستانتية، تختلف فيما بينها فى كثير من العقائد، وإن كان يضمها إطار عام فى بعض النقاط. ويقولون أن هذا لون من التعدد Plurality ، يثرى فكر الكنيسة! وكأنه لا يلزم، أن يكون للكل إيمان واحد (رسالة أفسس 5:4).

27- مواهب الروح القدس

كثير من المذاهب البروتستانتية، تؤمن باستمرار موهبة الألسنة، ويعتبرونها دليلاً على الملء بالروح، أو دليلاً على قبول الإنسان للروح القدس، والبعض يقبل وجودها، وانتشارها، ولزومها، ولكن ليس للكل. ولعل هذا واضح جداً فى طائفة الخمسينيين، وفى جماعات الكرزماتيك Chrismatic.

28- ينكرون الأبوة الروحية

فلا يدعون أحداً أباً، ولا قساً، ولا أسقفاً، معتمدين على فهم خاطئ لقول السيد المسيح للآباء الرسل: "لا تدعوا لكم أباً على الأرض" (متى 9:23). وقد أجبنا على هذه النقطة بتوسع فى كتاب الكهنوت لقداسة البابا شنوده...

29- لا يستخدمون رشم الصليب

مع أهمية الصليب فى البروتستانتية كوسيلة الرب لفداء البشر، إلا أنهم لا يكرمون الصليب، كما يكرمه الأرثوذكس. لا يوجد عندهم عيد للصليب، كما يوجد عندنا، ولا يبدأون الصلاة برشم الصليب، وباسم الآب والإبن والروح القدس، كما نفعل نحن. ولا ينهونها كذلك. ولا يمسك رعاتهم صلباناً فى أيديهم، لأنه للرشم وللبركة، وهم لا يؤمنون باستخدام الصليب للبركة، ولا بصدور بركة عن الآباء الكهنة، ولا بطريق الرشم. ونشكر الله أن كثيراً منهم يعلقون حالياً صلباناً على الكنائس، وما كانوا يفعلون ذلك من قبل.

30- عقيدة الإختيار

وفيها يؤمنون بعقيدة هى: اختيار الله البعض للخلاص، منذ الأزل، وعلى مبدأ النعمة المطلقة، وعلى مبدأ سلطان الله المطلق. وكما يقولون: "أن الله بمجرد مسرته قد اختار منذ الأزل بعضاً للحياة الأبدية... فرز الله لبعض من الناس، وتعينهم بالقضاء الإلهى للحياة الأبدية".

 

 

ثم قام أحدهم بتوجيه سؤال إلى البابا قائلا : ما هي الاختلافات ما بين الأرثوكسية و الكاثوليكية؟

فقال : أولاً، ليس الهدف من ذكر نقاط الخلاف هو التركيز على ما يهدم وليس ما يبني، ولكن ينبغي ملاحظة أن هذا هو إيماننا، وهو ما يجب أن نوضحه وننادي به للعالم أجمع. فالهدف هو أن نتدارس ونتباحث معاً في الأمور اللاهوتية والعقائدية، ولا نعتمد على توارث عقائد قد يشوبها بعض الأخطاء.

  ومن الجانب الآخر، فمن الواضح تاريخياً أن الأرثوذكس Orthodox و الكاثوليك Catholic هما أوائل الطوائف المسيحية، وهم -على الرغم من بعض نقاط الاختلاف- الأقرب بين الطوائف المسيحيه أجمع.

فالكاثوليك يؤمنون:-

1. أن الروح القدس منبثق من الأب والابن ونحن نؤمن بانبثاق الروح القدس من الأب.

2. أن السيدة العذراء مريم حبل بها بلا دنس الخطية الأصلية، وفى هذا الاعتقاد سلبت السيدة العذراء المخلوقة بالسيد المسيح وهو الله الخالق الذي وحدة فقط حبل بلا دنس الخطية الأصلية، وهذا محال أن يسوى المخلوق بالخالق، لذلك نحن الأرثوذكس نؤمن بأن السيدة العذراء ولدت كآي إنسان أخر ومثل الأنبياء القديسين.

3. المطهر، فيعتقد الكاثوليك آن الإنسان بعد موته يقضى فترة من العذاب في المطهر ثم بعد ذلك ينتقل إلى النعيم الأبدي ونحن الأرثوذكس لا نؤمن بالمطهر، فهذه العقيدة ضد إيماننا، وضد عمل المسيح في الفداء، لأنة لا توجد مغفرة إلا بدم المسيح.

4. يؤمنون بالغفرانات، أي من حق الباباوات والأساقفة أن يعطوا غفرانا لمدة معينة نتيجة لعمل معين خاص أو منح هذه الغفرانات القانون بناء على قرارات سابقة لبعض الباباوات ولكن عقلاء الكاثوليك ينكرونها حاليا على اعتبار أنها فساد في التاريخ انتهى زمنه.

5. برئاسة بطرس الرسول للكنيسة ولزملائه الرسل، كأنة وحدة خليفة المسيح إذ يعتقدون أن بطرس هو مؤسس كنيسة روما رغم أنة كان يخدم مع بولس الرسول الذي أسسها…. وبابا روما هو خليفة بطرس الرسول لذلك يعتقدون أن بابا روما هو خليفة المسيح على الأرض وهو الرئيس المنظور للكنيسة الجامعة الرسولية. ولقد تحدثنا عن هذا الخطأ في أكثر من مقال هنا في موقع الأنبا تكلا.. ويؤمنون بعصمة البابا من الخطأ وهو أثناء إلقاءه بيانا وهو على كرسى الكاتدرائية لأنة يكون مقودا بالروح القدس حسب تعبيرهم ولكننا لا نؤمن بعصمة البابا من الخطأ!

6. يجوز الزواج بين الكاثوليك وغير المسيحي أحيانا يسمحون لرجل الدين غير المسيحي بالاشتراك في شعائر هذا الزواج ويجوز أيضا الزواج الكاثوليكي وبين غيرة من المسيحيين

7. لا يعتقد الكاثوليك بإمكانية الطلاق حتى لعلة الزنا، الأمر الذي ينتج عنة انتشار الزواج المدني في الغرب هو وما من زيجات يصعب الإفلات منها في حالة الخيانة الزوجية.

8. لا يسمح الكاثوليك بزواج الكهنة، أما كنيستنا الأرثوذكسية تسمح بزواج الكهنة قبل رسامتهم فقط إذ توفيت امرأته بعد رسامته فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة ثانية وأما الكهنة الرهبان فلا يسمح لهم بالزواج لا قبل ولا بعد رسامتهم.

9. تأجيل مسح الأطفال بالميرون إلى سن 8 سنوات أما نحن فلا نؤخر دهن الأطفال المعمدين بزيت سر الميرون بل في الحال بعد عمادهم مباشرة يدهن المعمد (سواء كان طفلاً أو كبيراً ذكرا كان أم أنثى) فيدهن 36 رشمة لينال المؤمن به موهبة الروح القدس وحماية له من الشيطان.

10. عدم مناولة الأطفال وأجراء طقس المناولة الأولى من سن 8 سنوات آما نحن فبمجرد أن يتم العماد يمكن للطفل أو للشخص المعمد أن يتناول ولا نؤخر ذلك ابداً لأنة اتحاد بالرب يسوع وفى ذلك قوة وحصانة.

11. إلغاء الكاثوليك لغالبية الأصوام، فنظام وطقس الكاثوليك في الصوم غريب جداً فهم يفطرون إفطاراً كاملاً في يومين السبت والأحد ويصومون يومي الأربعاء والجمعة صوم كامل، أما أيام الاثنين والثلاثاء والخميس تسمى عندهم أيام بياضي أي يأكلون فيها البيض واللبن ومستخرجاتها.

12. عدم التغطيس في المعمودية والاكتفاء بسكب طبق صغير على رأس الطفل أما نحن فلا نستخدم الرش على الإطلاق في المعمودية بل بالتغطيس بأسم الأب والابن والروح القدس.

13. يقدمون القربان المقدس من الفطير وليس من الخمير.

14. عدم الاحتراس تسع ساعات قبل التناول والاكتفاء بساعتين بالنسبة للأكل ونصف ساعة بالنسبة للشرب.

15. إقامة أكثر من قداس على نفس المذبح في يوم واحد.

16. الكاهن يصلى ويتناول في أكثر من قداس في اليوم الواحد.

17. السماح للراهبات بمناولة الجسد للمرضى في المستشفيات.

18. السماح للشمامسة بحمل الجسد لمناولة درجات الكهنوت المتعددة.

19. الكاثوليك يبرئون اليهود من سفك دم المسيح (1965م) إما نحن الأرثوذكس فلا نبرئ اليهود لانهم طالبوا ببلاطس البنطى بصلبة انظر (إنجيل يوحنا 6:19)، (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) (يو 15:19)، (إنجيل متي 25:27)، (آنجيل مرقص 13:15)، (مر 15:15)، (إنجيل لوقا 22:23)، (لو 23:23).

20. السماح للعلمانيين رجالاً ونساءً بدخول الهيكل وقراءة الأسفار المقدسة أثناء القداس.

21. عدم الاتجاه للشرق فى الصلاة.

22. قبول قيام أي شخص بالعماد حتى لو كان هذا الشخص غير مسيحي.

23. مناولة غير المؤمنين (وهذه يمارسها الأساقفة الكاثوليك بدون قرار واضح رسمي من الفاتيكان).

24. يؤمنون بخلاص غير المؤمنين كما قرر المجمع الفاتيكاني الثاني في دستورهم الرعوي عام 1965 أن من لم يؤمن ولم يعمد من كافة البشر سوف ينالون الاشتراك في سر الفصح والقيامة ويتوقف خلاصه بذلك أن كانوا من ذوى النية الحسنة وكنيستنا الأرثوذكسية لا تؤمن بخلاص غير المؤمنين بهذه الطريقة لأن ذلك يعتبر ضربة شيطانية موجهة إلى الإيمان المسيحي والى السعي والاهتمام بالكرازة بموت المسيح وقيامته. كما أن هذه الطريقة مخالفة لوصية المسيح في قولة "أكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها من أمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن" (مر 15:16،16).

25. يؤجلون ممارسة سر مسحة المرضى حتى أشراف المريض على الموت ويسمى سر المسحة الأخيرة بينما عندنا نحن هو سر يدهن فيه المريض بزيت مقدس لشفائه من أمراض الروح والجسد والنفس "آن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا ويطهرنا من كل أثم" (يو 9:1).

وفي سبتمبر 1971 كان هناك حوار بصورة غير رسمية بين الكاثولبك والأرثوذكس وقد مثل الكنيسة القبطية في هذا الحوار  البابا شنودة الثالث وقت أن كان أسقفاً للتعليم (وقت خلو الكرسي البطريركى) وقد وضع في ذلك اللقاء صيغة الاتفاق حول طبيعة السيد المسيح قبلها لاهوتي عائلة الكنائس المشتركة معنا في الأيمان ولاهوتي الكنائس الكاثوليكية. وهذا نص الاتفاق الكريستولوجى مع الكاثوليك:

"نؤمن كلنا أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكلمة (اللوغوس) المتجسد هو كامل في لاهوته وكامل في ناسوته وأنه جعل ناسوته واحداً مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغير ولا تشويش (confusion) وإن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته حتى إلى لحظة أو طرفة عين (لحظة واحدة ولا طرفة عين). وفى نفس الوقت نحرم كل من تعاليم نسطور و أوطاخى.

 وقد تم قبول هذا على المستوى الرسمي أيضا في فبراير 1988م حينما وقع البابا شنودة الثالث وممثلو بابا روما ومعهم بطريرك الأقباط الكاثوليك وعدد من الأساقفة واللاهوتيين على هذا النص.

 

 

 

 

       

الباب الرابع

بعض المعتقدات المسيحية ونقدها

أولا : ماذا عن الروح القدس في الكتاب المقدس ؟
الروح القدس هو ثالث أطراف الثالوث الأقدس عند النصارى، فمن هو الروح القدس؟ وما أدلة النصارى على تأليهه؟

في عام 381م وبأمر الإمبراطور تاؤديوس انعقد مجمع القسطنطينية للنظر في قول الأسقف مكدونيوس أسقف القسطنطينية الأريوسي، والذي كان ينكر ألوهية الروح القدس ويقول بما تقوله الأسفار عن الروح القدس : "إن الروح القدس عمل إلهي منتشر في الكون، وليس أقنوماً متميزاً عن الأب و الابن"، وكان يقول عنه: إنه كسائر المخلوقات، ويراه خـادماً للابن كأحد الملائكة.

وقد حضر المجمع مائة وخمسون أسقفاً، وقرروا حرمان مكدونيوس وتجريده من وظائفه الكنسية، واتخذوا أحد أهم قرارات المجامع الكنسية، وهو تأليه الروح القدس ، واعتبروه مكملاً للثالوث الأقدس، وقالوا: "ليس روح القدس عندنا بمعنى غير روح الله، و ليس الله شيئاً غير حياته، فإذا قلنا أن روح القدس مخلوق فقد قلنا: إن الله مخلوق".
يتعلق النصارى في تأليه الروح القدس بما جاء في إنجيل يوحنا: "إن الله روح" (يوحنا 4/24)، كما يرونه الروح الموجودة منذ بدء الخليقة " في البدء خلق الله السماوات والأرض… و روح الله يرف على وجه الماء" (التكوين 1/1-2) وكذا كثير من النصوص يتحدث عن الروح أو روح الله أو الروح القدس.

يقول القس ياسين منصور : " إن الروح القدس هو الله الأزلي ، فهو الكائن منذ البدء قبل الخليقة، وهو الخالق لكل شيء، والقادر على كل شـيء، والحاضر في كل مكان، وهو السرمدي غير المحدود ".

ويقـول في موضع آخـر : "إن الروح القدس هو الأقنوم الثالث في اللاهوت، وهو ليس مجرد تأثير أو صفة أو قوة، بل هو ذات حقيقي، وشخص حي، وأقنوم متميز ولكنه غير منفصل، وهو وحدة أقنومية غير أقنوم الآب وغـير أقنوم الابن ، ومسـاوٍ لهما في السـلطان والمقـام، ومشترك وإياهما في جوهر واحد ولاهوت واحد".
نقض أدلة ألوهية الروح القدس :
ومن المهم أن نقرر أن روح القدس في الكتاب المقدس من أغمض المصطلحات الكتابية، وهو على أية حال لا يتفق مع المعنى الذي قدمه مجمع القسطنطينية، فقد ورد هذا الإطلاق في الكتاب المقدس على معان متعددة:

1- الروح التي هي مادة الحياة، ومنه ما جاء في سفر التكوين " فقال الرب: لا تحل روحي على إنسان أبداً، لأنه جسد" (التكوين6/3)، وقال عن آدم: "ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حياً" (التكوين 2/7).

2- الوحي الذي تأتي به الملائكة إلى الأنبياء ومنه: "داود قال بالروح القدس" (مرقس 12/36)، ومثله "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس" (لوقا 1/67)، بطرس: " أيها الرجال الإخوة، كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود " (أعمال 1/16)، وقد سمى الله الأنبياء وما يأتون به من الوحي روح القدس فقال موبخاً لبني إسرائيل: " يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان، أنتم دائماً تقاومون الروح القدس، كما كان آباؤكم كذلك أنتم، أيُّ الأنبياء لم يضطهده آباؤكم؟!" (أعمال 7/51).

3- كما يطلق على ما يعطيه الله من تأييد وفهم وحكمة لغير الأنبياء، وقد يكون بواسطة الملائكة وسواهم، ومنه قول فرعون لعبيده، وهو يبحث عن رجل حكيم: "هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله" (التكوين 41/38) وكذا " كان الرجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه" (لوقا 2/25)، وكذلك أيد روح القدس التلاميذ في اليوم الخمسين " فامتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدؤوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أعمال 2/4)، ومثله قول حجي: "روحي قائم في وسطكم. لا تخافوا" (حجي 2/5).

4- الرياح الشديدة، ومنه قول التوراة وهي تصف الريح المدمرة: "يبس العشب، ذبل الزهر، لأن روح الرب هب عليه" (إشعيا 40/7) ، وهو ينطبق على ما جاء في مقدمة سفر التكوين "وروح الله يرف على وجه الماء" (التكوين 1/1-2)، فإن في ترجمته لبساً أوهم هذا الخلط، فالنص كما ينقل الناقد الكبير اسبينوزا عن مفسري اليهود، يقصد منه رياح عظيمة أتت من عند الله فبددت ظلمات الغمر.

ونسبة الروح لله في هذين النصين نسبة تعظيم، لا تأليه كقوله "جبال الله" (المزمور 36/6)، وهي ليست أقانيم بالاتفاق.

لكن جميع المعاني التي ذكرناها قبلُ للروح القدس غير مرادة عند مؤلهي روح القدس، الذين لا يوافقون على كونه مجرد قوة أو تأثير أو ملاك من الله، فيقول ياسين منصور: "هو الأقنوم الثالوث في اللاهوت، وليس مجرد تأثير أو صفة أو قوة، بل هو ذات حقيقي، وشخص حي، وأقنوم متميز، ولكنه غير منفصل، وهو وحدة أقنومية غير أقنوم الأب وغير أقنوم الابن، وهو مساو لهما في السلطان والمقام، ومشترك وإياهما في جوهر واحد ولاهوت واحد"، وبالطبع هذه الذات التي يتحدثون عنها ليست ملاكاً من الملائكة، بل هي أحد أقانيم الإله.

وتتحدث الأسفار عن تجسدات الروح القدس، منها نزوله على شكل حمامة على المسيح وهو يصلي " نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة" (لوقا 3/22)، فهل كانت تلك الحمامة إلهاً؟

وفي مرة أخرى أتى على شكل ألسنة نارية، وذلك حين حل على التلاميذ يوم الخمسين "وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة، وملأ البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت في كل واحد منهم، وامتلأ الجميع من الروح القدس" (أعمال 2/1-4).

ويغمض النصارى الطرف عن النصوص التي صرحت بأن الروح القدس هو جبريل عليه السلام أو سواه من الملائكة ، فقد جاء الروح إلى كرنيليوس وبطرس، وهو ملاك " قال له الروح: هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. لكن قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء، لأني أنا قد أرسلتهم. فنزل بطرس إلى الرجال الذين أرسلوا إليه من قبل كرنيليوس .. فقالوا: إن كرنيليوس.. أوحي إليه بملاك مقدس أن يستدعيك إلى بيته، ويسمع منك كلاماً" (أعمال10/20-22)، فالملاك المقدس هو الروح الذي كلم بطرس، وهو الذي طلب من كرنيليوس أن يرسل رجاله إلى بطرس.

وعدو بني إسرائيل من الملائكة جبريل عليه السلام، فهو الروح القدس الذي خلص بني إسرائيل مراراً، ثم لما أصروا على كفرهم عذبهم وغضب عليهم، وتحول إلى عدو لهم، يقول إشعيا: " وملاك حضرته خلصهم. بمحبته ورأفته هو فكهم، ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة، ولكنهم تمردوا وأحزنوا روح قدسه، فتحول لهم عدواً، وهو حاربهم" (إشعيا 63/8-10).

وروح الله ليس اسماً خاصاً بجبريل، بل يطلق على غيره من الملائكة "ورأيت فإذا في وسط العرش والحيوانات الأربعة، وفي وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح، له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله، المرسلة إلى كل الأرض" (الرؤيا 5/6)، فالأرواح التي رآها يوحنا ليست آلهة، وإلا تحول الثالوث النصراني إلى عاشور!!

وقد تكرر الحديث عن أرواح الله السبعة في سفر الرؤيا في موضعين آخرين، حيث قال: "ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات، وأمام العرش سبعة مصابيح نار متّقدة هي سبعة أرواح الله " (الرؤيا 4/5)، ويقول: "واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ساردس. هذا يقوله الذي له سبعة أرواح الله، والسبعة الكواكب.. " (الرؤيا 3/1).

إن الروح القدس ليس بإله، ولو كان إلهاً لاستقل بالفعل بنفسه، لكنه لم يكن كذلك، يقول بطرس: "الروح القدس دفع بعض الناس أن يتكلموا بكلام من عند الله" (بطرس (2) 1/21) فلو كان الروح القدس إلهاً أزلياً مساوياً للآب في كل شيء لدفع الناس أن يتكلموا بكلام من عنده هو.

ومما يدفع ألوهيته أن النصوص تجعله هبة من الله يعطيها لأوليائه، كما قال المسيح: " فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري الآب الذي من السماء، يعطي الروح القدس للذين يسألونه " (لوقا 11/13).

ولو كان الروح القدس إلهاً لوجب القول بألوهية أولئك الذين يحل عليهم، فقد حل على كثيرين، منهم داود حيث "استوت روح الرب على داود" (ملوك (1)6/13)، وأيضاً "سمعان عليه روح القدس" (لوقا 2/25)، وحل الروح القدس على مريم " وقال لها: الروح القدس: يحل عليكِ، وقوة العلي تظللك" (لوقا 1/35) وأحبلها عيسى، فقد " وجدت حبلى من الروح القدس" (متى 1/18).

وكذا حل على التلاميذ " لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً" (أعمال 1/8)، فصاروا يتكلمون بالروح القدس " فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا، بل مهما أعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا، لأن لستم أنتم المتكلمين، بل الروح القدس " (مرقس 13/11) فهؤلاء جميعاً يستحقون العبادة لو كان الإله قد حل فيهم، وامتلأوا منه.

وأما ما يتعلق به النصارى على ألوهية روح القدس في قوله: "إن الله روح" (يوحنا 4/24)، إذ مقصود يوحنا أن الله روح، أي لا يرى، إذ ليس هو جسداً مادياً مكوناً من لحم وعظم، وقد قال لوقا ما يؤكد هذا الفهم: "والروح ليس له لحم أو عظام" (لوقا 24/39).

وهكذا يرى المحققون أن الروح القدس هو الآخر ليس بإله، وأن التثليث صياغة بشرية قامت بها المجامع بأهواء البابوات والأباطرة من غير أن تستند إلى دليل يؤكد أصالة هذا المعتقد الذي لم يعرفه الأنبياء ولم يذكره المسيح ولم يدركه الحواريون.

وقد صدقت الموسوعة الكاثوليكية الحديثة حين قالت: "إن صياغة الإله الواحد في ثلاثة أشخاص لم تنشأ موطدة وممكنة في حياة المسيحيين وعقيدة إيمانهم قبل نهاية القرن الرابع

ثانيا : أدلة النصارى على التثليث

من الطبيعي والمتوقع ونحن نتحدث عن أهم عقائد النصرانية، أي التثليث أن نجد ما يؤصله في عشرات النصوص الواردة على لسان الأنبياء ثم المسيح ثم تلاميذه من بعده.

لكن عند التصفح الدقيق لما بين دفتي الكتاب المقدس فإنا لا نجد الدليل الصريح الذي نبحث عنه، لا في العهد القديم، ولا في الجديد، ولم العجلة في إصدار الأحكام، هلم نتأمل ما جاء في الكتاب المقدس من تأصيل لهذا المعتقد الهام.

1- النصوص من العهد القديم الدالة على التثليث
تعلق النصارى ببعض النصوص التوراتية وزعموا أنها إشارات إلى التثليث منها استخدام بعض النصوص صيغة الجمع العبري (ألوهيم) عند الحديث عن الله كما في مقدمة سفر التكوين" في البدء خلق الله السماء والأرض" (التكوين1/1)، وفي النص العبري"ألوهيم" أي: (الآلهة) ومثله في استخدام ما يدل على الجمع في أفعال منسوبة لله كقول التوراة أن الله قال: "هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم" (التكوين11/7).
و من الإشارات التوراتية أيضاً لتثليث الأقانيم قول الملائكة " قدوس، قدوس، قدوس، رب الجنود" (إشعيا6/3)، فقد كرر ذكر كلمة قدوس ثلاث مرات، ومثله قالت الحيوانات التي رآها يوحنا في رؤياه: " قدوس، قدوس، قدوس، الرب الإله القادر على كل شيء" (الرؤيا 4/8).
- نقد نصوص العهد القديم
وبداية يعترف النصارى بأن ليس في هذه النصوص ما نستطيع أن نعتبره دليلاً صريحاً على التثليث الذي تنقضه النصوص التوحيدية الصريحة، كما لم يفهم سائر قراء العهد القديم - من لدن الأنبياء الأوائل لبني إسرائيل - شيئاً عن تلك التي يعتبرها النصارى إشارات على التثليث.

ويعترف بذلك القس بوطر، فيقول: "بعدما خلق الله العالم، وتوج خليقته بالإنسان لبث حيناً من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بالوحدانية كما تبين ذلك من التوراة على أنه لا يزال المدقق يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية، لأنك إذ قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات "كلمة الله" أو "حكمة الله" أو "روح الله" ولم يعلم من نزلت إليهم التوراة في ضوء الإنجيل يقف على المعنى المراد، إذ يجدها تشير إلى أقانيم اللاهوت…فما لمحت إليه التوراة صرح به الإنجيل"، وهنا يتساءل المرء لم ألغز الله تثليث أقانيمه عن موسى وبني إسرائيل، ولم كان سبب ضلالهم بما أورده لهم من نصوص موحدة، جعلتهم يحاربون عقيدة التثليث ويرفضونها، وهل سيغفر لهم ولغيرهم أنهم لم يهتدوا إلى حقيقة المراد من هذه الألغاز.

ونظر المحققون فيما أسمته النصارى إشارات التوراة، فوجدوا من النصارى لها تمحلاً لا تقبله الأذواق السليمة، ولا ترتضيه دلالات الكلام وتناسق السياق.

إن غاية ما يمكن أن تدل عليه هذه النصوص تعدد الآلهة، من غير تحديد لها بالتثليث أو التربيع أو غيره.

والجمع الوارد في مثل قوله: (ألوهيم، هلم ننزل ونبلبل) هو جمع تعظيم لا يفيد الكثرة، وقد اعتادت الأمم التعبير عن عظمائها باستخدام جمع التعظيم، فيقول الواحد: نحن، ورأينا، وأمرنا، ومقصده نفسه، ولا يقهم منه مستمع أنه يتحدث عن ذاته وأقانيمه الأخرى.

واستخدام صيغة الجمع للتعظيم لا العدد معروف حتى في الكتاب المقدس، وله صور منها قصة المرأة التي رأت روح صموئيل بعد وفاته، فعبرت عنه باستخدام صيغة الجمع، تقول التوراة: " فلما رأت المرأة صموئيل صرخت بصوت عظيم..فقالت المرأة لشاول: رأيت آلهة يصعدون من الأرض، فقال لها: ما هي صورته؟ فقالت: رجل شيخ صاعد، وهو مغطي بجبّة. فعلم شاول أنه صموئيل" (صموئيل (1) 28/12-14)، فقد كانت تتحدث عن صموئيل، لقد رأته على هيئة رجل شيخ، وتستخدم مع ذلك صيغة الجمع (آلهة)، فالجمع لا يفيد العدد بالضرورة.

وعندما عبد بنو إسرائيل العجل، وهو واحد سمته التوراة آلهة مستخدمة صيغة الجمع في ثلاثة مواضع، تقول: " فأخذ ذلك من أيديهم وصوّره بالإزميل، وصنعه عجلاً مسبوكاً، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر....صنعوا لهم عجلاً مسبوكاً، وسجدوا له، وذبحوا له، وقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر" (الخروج 32/4-8)، ويمضي السفر ليؤكد ثالثة أصالة استعمال الجمع الذي يراد منه الواحد، فيقول: "رجع موسى إلى الرب، وقال: آه قد أخطأ هذا الشعب خطية عظيمة وصنعوا لأنفسهم آلهة من ذهب" (الخروج 32/31).

ومثله تجد هذا الاستخدام عند المسلمين كما في قول الله: [ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ] (الحِجر: 9)، فالمقصود هو الله الواحد العظيم.

وأما التكرار ثلاث مرات في قول الملائكة أو حيوانات رؤيا يوحنا وأمثال ذلك، فلا يصلح في الدلالة في شيء. فلو اطرد الاستدلال على هذه الكيفية فلسوف نرى تربيعاً وتخميساً وغير ذلك من التعداد للآلهة، فلئن وردت كلمة "قدوس" مثلثة مرتين في الكتاب المقدس، فإنها وردت مفردة نحو أربعين مرة، وإنما يراد من التكرار التأكيد كما في نصوص إنجيلية وتوراتية كثيرة، منها قول اليهود: " فصرخوا قائلين: اصلبه، اصلبه" (لوقا 23/21)، ونحوه في سؤال المسيح لبطرس، فقد كرره ثلاث مرات " فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء؟ قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك... قال له أيضاً ثانية: يا سمعان بن يونا أتحبني؟... قال له ثالثة: يا سمعان بن يونا أتحبني؟ فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة: أتحبني" (يوحنا21/15-17).
2- النصوص من العهد الجديد الدالة على التثليث
ويرى النصارى أن ثمة أدلة على التثليث في أسفار العهد الجديد أصرح وأوضح من تلك التي وردت في التوراة منها أنه" لما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة، وآتياً عليه، وصوت من السماء قائلاً: هذا هو ابني الحبيب والروح الذي سررت به" (متى 3/16-17).
فقد جمع النص الآب والابن الحبيب والروح النازل مثل الحمامة. ومثله يقول بولس: "بنعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم. آمين" (كورنثوس (2)13/14).
لكن المتأمل في نص متى يرى ثلاث ذوات تمايزت بالأسماء والأعمال فكيف بعد ذلك يقال عنها بأنها وحدة واحدة.
ثم أن النصارى يقولون بحلول الابن في عيسى، وهنا يتحدث النص عن حلول الروح عليه، وفي مواضع أخرى أكد ذلك (انظر لوقا 3/22، متى 12/18)، فيما جاءت مواضع أخرى تتحدث عن حلول الله الأب فيه (انظر يوحنا 17/21، 14/9-10)، فأي الأقانيم إذاً الحال في المسيح.
و ليس في الكتاب المقدس سوى نصين فقط ذكر فيهما عناصر التثليث الثلاث جنباً إلى جنب، وهما نص الشهود الثلاثة في رسالة يوحنا الأولى وخاتمة إنجيل متى .
- الاستدلال بنص الشهود الثلاثة على التثليث
وهو أول النصين وأصرحهما، وهو ما جاء في رسالة يوحنا الأولى في قول يوحنا: " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم الواحد" (يوحنا(1) 5/7).
فهذا النص صريح في جعل الثلاثة إلهاً واحداً، غير أنه غير موجود في سائر المخطوطات القديمة للكتاب المقدس، بل وغير موجود حتى في أول نص مطبوع، فقد أضيف لاحقاً، وقد اعترف بإضافته علماء النصرانية ومحققوها ومنهم هورن، وجامعو تفسير هنري واسكات، وآدم كلارك، وفندر، وخلت ردود القديس أكستاين (ق4) من هذا النص على الرغم من مناظرته لفرقة ايرين المنكرة للتثليث، كما قد كتب عشر رسائل في شرح رسالة يوحنا لم يذكر في أيها هذا النص.

وقد حذفته النسخة القياسية المنقحة ( R S V ) من نسختها الإنجليزية، كما حذفته بعض التراجم العالمية، وما يزال موجوداً في غالب التراجم، ومنها العربية، يقول بنيامين ولسن مترجم المخطوطات اليونانية: "إن هذه الآية التي تشمل على الشهادة بالألوهية غير موجودة في أي مخطوط إغريقي مكتوب قبل القرن الخامس عشر، إنها لم تذكر بواسطة أي كاتب إكليركي (إغريقي) أو أي من الآباء اللاتينيين الأولين حينما يكون الموضوع الذي يتناولونه يتطلب بطبيعته الرجوع إليها، لذلك فهي بصراحة مختلقة".
- نقد الاستدلال بخاتمة متى على التثليث
وأما النص الثاني فهو ما جاء في خاتمة متى من أن المسيح قبيل صعوده إلى السماء " كلمهم قائلاً: دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن وروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. آمين" (متى 28/ 18-20).

وأول نقد يتوجه لهذه الفقرة أنها رغم أهميتها لم ترد في الأناجيل الثلاثة الأخرى التي اتفقت على إيراد قصة دخول المسيح أورشليم راكباً على جحش. فهل كان ركوبه على جحش أهم من ذكر التثليث فلم يذكره سوى متى.

هذه الفقرة دخيلة بدليل قول علماء الغرب أيضاً، يقول ويلز: ليس دليلاً على أن حواريي المسيح اعتنقوا التثليث".

ويقول أدولف هرنك: "صيغة التثليث هذه التي تتكلم عن الآب والابن والروح القدس، غريب ذكرها على لسان المسيح، ولم يكن لها وجود في عصر الرسل، …كذلك لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة في من التعاليم النصرانية ما يتكلم به المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات، إن بولس لا يعلم شيئاً عن هذا ". إذ هو لم يستشهد بقول ينسبه للمسيح يحض على نشر النصرانية بين الأمم.

ويؤكد تاريخ التلاميذ عدم معرفتهم بهذا النص، إذ لم يخرجوا لدعوة الناس كما أمر المسيح، ثم لم يخرجوا من فلسطين إلا حين أجبرتهم الظروف على الخروج "وأما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرص وأنطاكيا وهم لا يكلمون أحداً بالكلمة إلا اليهود فقط" (أعمال 11/19).

ولما حدث أن بطرس استدعي من قبل كرنيليوس الوثني ليعرف منه دين النصرانية، ثم تنصر على يديه. لما حصل ذلك لامه التلاميذ فقال لهم: " أنتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه، وأما أنا فقد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما أنه دنس أو نجس" (أعمال 10/28)، لكنه لم يذكر أن المسيح أمرهم بذلك بل قال: " نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات، وأوصانا أن نكرز للشعب" (أعمال10/42)، أي لليهود فقط.

وعليه فبطرس لا يعلم شيئاً عن نص متى الذي يأمر بتعميد الأمم باسم الأب والابن والروح القدس. ولذلك اتفق التلاميذ مع بولس على أن يدعو الأمميين، وهم يدعون الختان أي اليهود يقول بولس: "رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة (الأمم) كما بطرس على إنجيل الختان…أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان" (غلاطية2/7-9)، فكيف لهم أن يخالفوا أمر المسيح - لو كان نص متى صحيحاً - ويقعدوا عن دعوة الأمم، ثم يتركوا ذلك لبولس وبرنابا فقط ؟

وجاءت شهادة تاريخية تعود للقرن الثاني مناقضة لهذا النص إذ يقول المؤرخ أبولونيوس : "إني تسلمت من الأقدمين أن المسيح قبل صعوده إلى السماء كان قد أوصى رسله أن لا يبتعدوا كثيراً عن أورشليم لمدة اثني عشر سنة".

فكل هذه الشواهد تكذب نص متى، وتؤكد أنه نص مختلق لا تصح نسبته للمسيح.

ثم عند غض الطرف عن ذلك كله، فإنه ليس في النص ما يسلم بأنه حديث عن ثالوث أقدس اجتمع في ذات واحدة، فهو يتحدث عن ثلاث ذوات متغايرة، قرن بينها بواو عاطفة دلت على المغايرة، والمعنى الصحيح للنص : "اذهبوا باسم الله ورسوله عيسى والوحي المنزل عليه بتعاليم الله عز وجل".

ولهذه الصيغة مثل لا يصرفه النصارى للتثليث، فقد جاء في بعض رسالة بولس إلى تيموثاوس: "أناشدك أمام الله والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين…" (تيموثاوس(1) 5/21) فإن أحداً لم يفهم من النص ألوهية الملائكة أو أنهم الأقنوم الثالث، ويقال في نص متى ما يقال في نص بولس.

 وهذا الأسلوب في التعبير معهود في اللغات والكتب وقد جاء في القرآن مثله [  يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ] (النساء: 136) وغير ذلك من الآيات القرآنية.


نقد عقيدة التثليث :

وإذا لم نجد للتثليث دليلاً صريحا واحداً ينهض للاستدلال، فهل ترانا نجد لنقيضه، وهو التوحيد دليلاً في ثنايا الكتاب المقدس؟

إن المتأمل في الأسفار المقدسة يرى بوضوح غرابة دعوة التثليث وتسطع أمامه أصالة التوحيد في النصرانية وبهاؤه، فقد دلت عليه عشرات النصوص الصريحة الناصعة في وضوحها، والتي تؤكد بأن معتقد المسيح وتلاميذه، ومن قبلهم أنبياء الله هو توحيد الله عز وجل.
1- النصوص الموحدة في العهد القديم
تتلألأ دعوة التوحيد في العهد القديم، وتنطق بها النبوات، وتكثر حولها وصاياهم، وتتسابق النصوص وهي تؤكد أصالة هذا المعتقد، منها:

- ما جاء في سفر التثنية من وصايا موسى التي كتبها الله لموسى على لوحي الحجر، وأر بين إسرائيل بحفظها، وجاء المسيح بعده فأكد عليها "اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا واحد، فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك، ولتكن هذا الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك، وقُصّها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك، وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم، واربطها علامة على يديك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك" (التثنية 6/4-9).

- " أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" (التثنية 5/6).

- ومنها وصية الله لموسى وبني إسرائيل: " أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك إلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة ما، مّما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض" (الخروج 20/2-4).

- وجاء في مزامير داود: " كل الأمم الذين صنعتهم يأتون ويسجدون أمامك يا رب ويمجدون اسمك، لأنك عظيم أنت، وصانع العجائب. أنت الله وحدك" (مزمور 86/9-10) هو وحده الله، وليس يشاركه في اسمه أو ألوهيته أحد، بما في ذلك المسيح عليه السلام.

- وجاء في إشعيا: " يقول الرب:…قبلي لم يصور إله، وبعدي لا يكون. أنا أنا الرب، وليس غيري مخلص، أنا أخبرت وخلصت و…" (إشعيا 43/10-12).

- و"أيها الرب إلهنا خلصنا من يده، فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب وحدك" (إشعيا 37/20).

- "أنا الرب صانع كل شيء، ناشر السماوات وحدي باسط الأرض، من معي؟!" (إشعيا 44/ 24)، فأين هذا ممن جعل الواحد ثلاثة، وأوكل الخلق إلى غيره؟

- "أنا الرب وليس آخر، لا إله سواي" (إشعيا 45/5).

- وجاء في نبوة إشعيا " يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه رب الجنود: أنا الأول وأنا الآخر، ولا إله غيري. ومن مثلي ينادي، فليخبر به ويعرضه لي.. هل يوجد إله غيري، ولا صخرة لا أعلم به" (إشعيا 44/6-9).

- ومثله كثير في أسفار العهد القديم (انظر ملاخي 2/10، ملوك(1)8/27، …).
2- النصوص الموحدة في العهد الجديد
وكذا جاءت أسفار العهد الجديد تؤكد تفرد الخالق بالألوهية والربوبية وتذكر ذلك على لسان المسيح وحواريه.
- يقول المسيح: " ولا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد، الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين، لأن معلمكم واحد، المسيح". (متى 22/9-10).
- ومن ذلك أيضاً ما جاء في متى: " وإذا واحد تقدم وقال له: أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ فقال له: لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (متى 19/17).
- وكذا قول يوحنا " كلم يسوع بهذا، ورفع عينيه نحو السماء وقال: أيها الآب قد أتت الساعة، مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً، إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته، وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17/2-3) ، فليس من إله على الحقيقة إلا هو تعالى، سبحانه.
- ولما جرب الشيطان يسوع وقال له: " أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي. حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4/10، ومثله في لوقا 4/8).
- وقال المسيح لليهود " أنتم تعملون أعمال أبيكم.فقالوا له: إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد، وهو الله. فقال لهم يسوع: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني، لأني خرجت من قبل الله وأتيت، لأني لم آت من نفسي، بل ذاك أرسلني" (يوحنا 8/41-42).
- كما قال مخاطباً ربه " الحياة الأبدية أن يعرفونك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17/3).
- والتوحيد معتقد تلاميذ المسيح وتلاميذهم، فهاهم عن بولس ينقلون " المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب، الذي وحده له عدم الموت، ساكناً في نور، لا يدنى منه، الذي لم يره أحد من الناس، ولا يُقدر أن يراه، الذي له الكرامة والقدرة الأبدية." (تيموثاوس (1) 6/15-16).
- و مما جاء على لسان تلاميذه قول يعقوب " أنت تؤمن أن الله واحد. حسناً تفعل" (يعقوب 2/19).
- ويقول: "واحد هو واضع الناموس القادر أن يخلص ويهلك" (يعقوب 4/12).
- ويقول يهوذا: "الإله الحكيم الوحيد مخلصنا" (يهوذا 25).
- ويقول أيضاً: "و ينكرون السيد الوحيد: الله، وربنا يسوع" (يهوذا 4).
- بل وحتى بولس نجد له بعض النصوص التي تعترف لله بالوحدانية، ومن ذلك قوله "يوجد إله واحد ووسيط بين الله والناس:الإنسان يسوع المسيح" (تيموثاوس(1)2/5).
- ويقول: " لكن الله واحد" (غلاطية 3/20).
فهذه النصوص وكثير مثلها تتحدث عن الإله الواحد، وليس في واحد منها أو غيرها حديث عن الإله المتعدد الأقانيم المتوحد في الجوهر الذي يدعيه النصارى.
التثليث سر لا يطيقه العقل :
وإزاء هذا التناقض بين قرارات المجامع المثلثة والنصوص الموحدة كان لابد أن يعمل النصارى عقولهم على جمع هذه المتناقضات التي يستحيل تصورها معاً، وعلى تفهيم البشر قضية الثلاثة الذين هم واحد، والواحد الذي هو ثلاثة.

وأمام ضعف هذه العقيدة وعجز العقل البشري عن تصورها، بل رفضه لها لا يجد النصارى من سبيل إلا القول بأن تثليثهم سر من الأسرار التي لا يمكن للعقل أن يقف على كنهها، بل يعترف البعض منهم بتعارض المسيحية والعقل فيقول القديس سان أوغسطين : "أنا مؤمن، لأن ذلك لا يتفق والعقل".

ويقول كير كجارد: "إن كل محاولة يراد بها جعل المسيحية ديانة معقولة لابد أن تؤدي إلى القضاء عليها"، و قد جاء في "التعليم المسيحي" : لا يجوز التدخل في أسرار الله، لأننا لا نستطيع إدراك أسرار الإيمان.

ويقول زكي شنودة: "و هذا سر من أسرار اللاهوت الغامضة التي لا يمكن إدراك كنهها بالعقل البشري".

ويقول الأب جيمس تد: "العقيدة المسيحية تعلو على فهم العقل".

ويقول القس أنيس شروش: " واحد في ثلاثة، وثلاثة في واحد، سر ليس عليكم أن تفهموه، بل عليكم أن تتقبلوه".

نشأة التثليث في النصرانية :
والحق أن كل ما يقوله النصارى من أدلة على التثليث لا يسوغ الاستدلال بها، لأن من تنسب إليهم هذه الأسفار لم يعلموا عن التثليث شيئاً.

فأول من أدخل تعبير الثالوث إلى النصرانية ترتليان (200م تقريباً)، كما ذكر ذلك قاموس الكتاب المقدس، وقد خالفه كثيرون من آباء الكنيسة حينذاك، منهم سبيليوس وغيره، وقد انتصر التثليث على التوحيد بعد تنصر قسطنطين في القرن الرابع. وأما ما قبل ترتليان فليس للتثليث أي ذكر.

وقد أصبح التثليث عقيدة رسمية للنصرانية في أعقاب مجمعين قرر في الأول منهما تأليه المسيح، وفي الثاني تم تأليه روح القدس.

أولاً: مجمع نيقية: انعقد مجمع نيقية عام 325م بأمر من الإمبراطور الوثني قسطنطين الذي كان قد أعلن قبل بضع سنوات قانون التسامح الديني في الإمبراطورية.

ورأى قسطنطين النزاعات بين الكنائس النصرانية تفتت شعب الإمبراطورية وتزعج كيان الدولة، فقرر الدعوة إلى مجمع عام تحضره الطوائف النصرانية المختلفة، وقد عقد المجمع بإشرافه الشخصي، وقام بافتتاحه، وحضره 2048 أسقفاً من مختلف الكنائس المسيحية، واستمرت المداولات ثلاثة أشهر من غير أن يصل المجتمعون إلى رأي موحد.

 

وقد كان المجتمعون على ثلاثة محاور رئيسة:

أ- موحدون منكرون لألوهية المسيح يتزعمهم آريوس الاسكندراني وأوسابيوس ومعهم زهاء ألف من الأساقفة.

ب- القائلون بأن للمسيح وجوداً أزلياً مع الأب وأنه من ذات جوهره وإن مثّل أقنوماً مستقلاً عنه، وذكر هؤلاء بأن المسيح لو لم يكن كذلك لما صح أن يكون مخلصاً، ومن القائلين بهذا الرأي بابا روما الاسكندروس، والشاب الوثني المتنصر أثناسيوس الذي يقول عنه كتاب التربية الدينية المسيحية:

"كلنا يعلم ما للقديس أثناسيوس الرسول من مكانة ممتازة في الكنيسة المقدسة على مر العصور… لقد حضر هذا القديس مع البابا الاسكندروس مجمع نيقية… فكان القديس أثناسيوس هو الجندي الصالح ليسوع المسيح، وكان للقديس أثناسيوس أيضاً الفضل في صياغة قانون الإيمان… وفي أواخر سنة 329م بطريركاً خليفة للبابا الكسندروس".

ج- وأراد بعضهم التوفيق بين الرأيين ومنهم أوسايبوس أسقف قيسارية حيث قال بأن المسيح لم يخلق من العدم، بل هو مولود من الآب منذ الأزل، وعليه ففيه عناصر مشابهة لطبيعة الآب.

ولا يخفى أن هذا الرأي-الذي زعم التوفيق - لا يكاد يختلف عن رأي أثناسيوس، وقد مال الملك إلى هذا الرأي الذي مثله ثلاثمائة وثمانية عشر قساً، وخالف بقية المجتمعين الذين كانوا يشايعون آريوس أو مجموعات تتبنى آراء أضعف في المجمع كالقائلين بألوهية مريم أو أن الآلهة ثلاثة صالح وطالح وعدل أو غير ذلك.

وقد أصدر القسس الثلاثمائة والثمانية عشر قرارات مجمع نيقية والتي كان من أهمها إعلان الأمانة التي تقرر ألوهية المسيح، كما أمر المجمع بحرق وإتلاف كل الكتب والأناجيل التي تعارض قراره.

وأصدر قراراً بحرمان آريوس والقائلون برأيه، وقراراً آخر بكسر الأصنام وقتل من يعبدها، وأن لا يثبت في الديوان إلا أبناء النصارى.

وحصل لآريوس وأتباعه ما كان قاله المسيح: "سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله، وسيفعلون هذا لكم، لأنهم لم يعرفوا الآب ولم يعرفوني" (يوحنا 16/2-3)، فلو عرفوا الله حق معرفته وقدروه حق قدره لما جرؤوا على نسبة الولد إليه، ولما قالوا بألوهية المصفوع المصلوب.

وقد أغفل مجمع نيقية الحديث عن الروح القدس ولم يبحث ألوهيته، فاستمر الجدل حولها بين منكر ومثبت حتى حسمت في مجمع القسطنطينية.
ثانياً: مجمع القسطنطينية

انعقد المجمع عام 381م للنظر في قول مكدونيوس أسقف القسطنطينية الأريوسي والذي كان ينكر ألوهية الروح القدس ويقول: "إن الروح القدس عمل إلهي منتشر في الكون، وليس أقنوماً متميزاً عن الأب والابن".

وقد أمر بعقد المجمع الإمبراطور تاؤديوس (ت395)، وحضره مائة وخمسون أسقفاً قرروا فيه:

1- عدم شرعية المذهب الأريوسي، وفرضوا عقوبات مشددة على أتباعه.

2- أن روح القدس هو روح الله وحياته، وزادوا في قانون الإيمان فقرة تؤكد ذلك، وبذلك أصبح التثليث ديناً رسمياً في النصرانية، و قد ذكر القائلون بألوهية روح القدس في المجمع بأنه "ليس روح القدس عندنا بمعنى غير روح الله، وليس الله شيئاً غير حياته، فإذا قلنا أن روح القدس مخلوق، فقد قلنا أن الله مخلوق".

3- لعن مكدونيوس وأشياعه.

4- وضعت بعض القوانين المتعلقة بنظام الكنيسة وسياساتها

المسيح في معتقد المسلمين
يتلخص معتقد المسلمين في المسيح عليه السلام أنه المسيح ابن مريم الصديقة، ولد بمعجزة إلهية من غير تدخل بشري، وقد ابتعثه الله نبياً ورسولاً إلى بني إسرائيل، يدعو إلى توحيد الله، ويبشر بمقدم خاتم النبيين، وأيده بالمعجزات العظيمة، فاستمر في دعوته، حتى أراد اليهود قتله، جرياً على عادتهم في قتل الأنبياء لكن الله أنجاه من مكر اليهود ومؤامرتهم لقتله، ورفعه إلى سماواته، وسيعود عليه السلام قبيل قيام الساعة، داعية إلى الله من جديد، ومطبقاً لشرعه، منكساً للصليب، ورافعاً لأعلام التوحيد.
ويتضح ذلك كله لمن قرأ الآيات التي أنزلها الله بشأنه في القرآن الكريم .
فقد تحدثت الآيات عن عيسى عليه السلام فذكرت أن الله صوره في رحم مريم التي اصطفاها الله وطهرها [ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ] (سورة آل عمران: 42) وأكرمها الله بالكرامات ومنها [ كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ] (سورة آل عمران : 37) وحكى القرآن عن كفالة زكريا لها بعد نذر أمها بأن يكون حملها محرراً لله، وقد أمرها الله عز وجل بعبادته [ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ] ( سورة آل عمران : 43)
و قد حملت مريم بمولودها بعد أن بشرها الله به عن طريق الملائكة، وسماه لها [ إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ] ( سورة آل عمران : 45) ، وذكرت الآيات أنه كلمة منه، وأن الله خلقه من غير أب، وأن ليس في ذلك ما يقتضي ألوهيته، فقد خلق الله آدم أيضاً على غير الصورة المألوفة [ إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ] . (سورة آل عمران : 59).
و تحدثت الآيات عن معجزات هذا المولود المبارك، والتي كان أولها حديثه في المهد حال طفولته، فقد أنطقه الله ليرد فرية اليهود على أمه العذراء [ قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّاً * قال إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً * وجعلني مباركاً أين ما كنت
وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيّاً * وبرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقيّاً * والسّلام عليّ يوم ولدت  ] (مريم: 28-33)، [ ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومنويوم أموت ويوم أبعث حيّا الصالحين ] (سورة آل عمران: 46).
ولما بلغ مبلغ الرجال أرسله الله كما أرسل رسلاً قبله [

وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم ] (سورة المائدة : 41) ، ورسالة عيسى تصديق وتتمة لرسالة موسى الكليم [ ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ] ( سورة آل عمران : 50)، لذا آتاه الله العلم بالتوراة [ وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ] ( سورة المائدة : 110)، وأنزل الله عليه الإنجيل [ وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ] ( سورة المائدة : 41).
و قد أيده الله بالمعجزات وجعل ميلاده من غير أب أول معجزاته عليه السلام [ وجعلنا ابن مريم وأمه آية ] ( سورة المؤمنون : 50)، وآتاه من الآيات ما ينبغي أن يؤمن له قومه الذين أرسل إليهم [ وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني ]

(سورة المائدة : 110 )، ومن آياته أيضاً علمه ببعض الغيوب [ وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ] ( سورة آل عمران : 49).و كما أيده الله بالبينات أيده بروح القدس جبريل عليه السلام [ وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ] ( سورة البقرة : 87) .

و كانت رسالته عليه السلام إلى بني إسرائيل خاصة [ و رسولاً إلى بني إسرائيل ] (سورة آل عمران :49) ، فدعاهم [ يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ] (سورة الصف : 6 ).و قد انقسم بنو إسرائيل حيال دعوته إلى مؤمن به وكافر [ فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ] ( سورة الصف : 14).و المؤمنون به هم حواريوه عليه السلام .
و أما غيرهم من اليهود فكادوا عيسى ابن مريم ولم يؤمنوا به، فاستحقوا اللعنة والغضب [ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ] ( سورة المائدة ، 78-79) .
و تحدثت الآيات القرآنية أيضاً بوضوح عن نجاة عيسى من الصلب الذي لم تنف الآيات وقوعه، لكنها أكدت على أن المصلوب غيره عليه السلام [ وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ] ( سورة النساء : 157) ، وأكد القرآن قلة علم أهل الكتاب في هذا الموضوع وعدم تيقنهم منه [ ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً ] ( سورة النساء : 157).
ويذكر القرآن مصير عيسى عليه السلام [ بل رفعه الله إليه ] ( سورة النساء : 158)، ويذكر القرآن أيضاً نزوله آخر الزمان وإيمان أهل الكتاب به [ وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ] ( سورة النساء : 159).
و أشارت الآيات أيضاً إلى نزوله في آخر الزمان، فذكرت في سياق معجزاته أنه [ يكلم الناس في المهد وكهلاً ] ( سورة آل عمران : 46)، وليس في كلام الكهل إعجاز إلا إذا كان صاحبه قد رفع إلى السماء ولما يبلغ بعد سن الكهولة، أي أنه سيعود مرة أخرى، ويكلم الناس حال كهولته.
و ذكرت الآيات وفاة عيسى عليه السلام، ورفعه إليه [ إني متوفيك ورافعك إلي ] ( سورة آل عمران : 55)، وأشارت الآيات إلى نجاته من الصلب في قوله [ ومطهرك من الذين كفروا ] (سورة آل عمران : 55)، وقوله [ ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ] ( سورة آل عمران : 54).
وحذرت الآيات من الغلو في عيسى عليه السلام [ يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ] (سورة النساء : 171)، فهذه هي حقيقة المسيح، فهو لم يدع ألوهية نفسه قط [ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ] ( سورة المائدة : 116-117 ) ، فعيسى بشر رسول .
وأما مذاهب النصارى فيه فهي افتراء [ ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] (سورة مريم : 34)، ومن افترائهم قولهم الذي كفرهم الله به: [ وقالت النّصارى المسيح ابن اللّه ذلك قولهم بأفواههم ] ( سورة التوبة : 30)، وذمت قول آخرين :[ لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً ] ( سورة المائدة : 17

النصوص المناقضة لألوهية المسيح
رأى المحققون أن الأحوال البشرية المختلفة التي رافقت المسيح طوال حياته تمنع قول النصارى أن المسيح هو الله أو ابنه، إذ لا يليق بالإله أن يولد ويأكل ويشرب ويختن ويضرب و…. ثم يموت.
ولا يشفع للنصارى قولهم بأن هذه الأفعال صدرت من الناسوت لا اللاهوت، لأنهم لا يقولون بأن تجسد الإله في المسيح كان كالجبة أو العمامة يلبسها المسيح أحياناً، وينزعها أخرى، فما صدر منه إنما صدر من الإله المتجسد كما زعموا، وإلا لزمهم الاعتراف ببشريته، وهو الصحيح.
وأورد المحققون عشرات النصوص التي تتحدث عن ضعف المسيح البشري وتحكي قعوده عن مرتبة الألوهية ، وهي على ضروب أربعة:
الضرب الأول:

هو تلك النصوص التي تبين عجز المسيح، وقعوده عن مقام الألوهية والربوبية، وعليه فهو ليس بإنسان تام وإله تام كما يقول النصارى، إنما كان فقط إنساناً تاماً , و في ذلك نصوص كثيرة منها جهل المسيح بأشياء كثيرة أهمها جهله بيوم القيامة، فقد قال: " أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب." (مرقس 13/32) فكيف تدعي النصارى بعد ذلك ألوهيته، فالجهل بالغيب مبطل لها.
و ليس ما يجهله المسيح هو موعد القيامة فحسب ، بل كل ما غاب عنه فهو غيب يجهله إلا ما أطلعه الله عليه، ولذلك نجده عندما أراد إحياء لعاذر يسأله
" فانزعج بالروح واضطرب وقال: أين وضعتموه؟ " (يوحنا 11/33-34).
ولما جاءه رجل يريد منه شفاء ابنه من الجنون " فسأل أباه كم من الزمان منذ أصابه هذا؟ فقال: منذ صباه." (مرقس 9/11)
و المسيح أيضاً وهو يظهر معجزاته الباهرة يشير إلى افتقاره لله وعجزه عن هذه المعجزات لولا معية الله ونصرته فيقول: " أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً.كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني" (يوحنا 5/30).
ويؤكد هذا المعنى فيقول:
" قال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علّمني أبي. والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " (يوحنا 8/28).
وفي نص آخر يقول لليهود: " الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل.لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5/19).
و المسيح أيضاً لا يملك لنفسه - فضلاً عن غيره - نفعاً ولا ضراً إلا أن يتغمده الله برحمته، وقد كان، إذ لما جاءته أم ابني زبدى وكانا من تلاميذه
" فسألها ما تريدين؟ قالت: أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك. فأجاب يسوع ... وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعدّ لهم من أبي " (متى 20/20-22).
كما وقد وصف المسيح نفسه بصفة العبودية، ومن ذلك ما جاء في متى في وصف المسيح
"هذا هو عبدي" (متى 12/18)، وفي سفر أعمال الرسل "قد مجد عبده يسوع" (أعمال3/13)، " فإليكم أولاً أرسل الله عبده" (أعمال 3/26)، "عبدك القديس يسوع " (أعمال 4/30).
وقد استبدلت لفظة (عبد) بجميع هذه النصوص بكلمة " فتى" موهمة، وذلك في التراجم العربية المختلفة.
الضرب الثاني:

 هو النصوص التي تحدثت عن أحوال المسيح البشرية التي يشترك فيها مع سائر الناس من طعام وشراب وعبادة لله وتذلل و….. درس المحققون سيرة المسيح-كما عرضتها الأناجيل- منذ بشارة أمه إلى حمله، وولادته في المزود، ثم لفّه بالخرق، ثم ختانه، ومن ثم نشأته وتعليمه مع الصبيان، ثم تعميده على يد المعمدان إلى أن ذكروا نهايته المزعومة على الصليب بعد أن جزع وتذلل لله ليصرف عنه هذا الأمر… فوجدوا أن لا يفترق في شيء عن سائر الناس، فقد ولد وكبر، وأكل وشرب، ومات. فما الذي يميزه بالألوهية عن غيره ؟
فقد ولد من فرج امرأة
"وبينما هما هناك تمّت أيامها لتلد". (لوقا 6/2)، ورضع من ثدييها "وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حملك، والثديين اللذين رضعتهما". (لوقا 27/11)، فهل علمت مريم أن طفلها الخارج من رحمها والذي كانت تتولى كافة شئونه من نظافة وتربية ورضاع، هل كانت تعلم ألوهيته، أم جهلت ما علمه النصارى بعد ذلك.
وقد ختن المسيح في ثامن أيام ولادته
"ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع " ( لوقا 2/21) فهل كان الذي يختنه يدور في خلده أنه يختن إلهاً؟.
كما عمده يوحنا المعمدان في نهر الأردن
" جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه" (متى 13/3)، أفجهل المعمدان أنه يعمد الإله، ومن المعلوم أن معمودية المعمدان غفران الذنوب، كما في متى: " واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم.. أنا أعمدكم بماء للتوبة... حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه" (متى 3/6-14)
فهل كان الإله مذنباً يبحث عن من يغفر له ذنوبه؟!
وأصاب المسيح ما يصيب كل البشر من أحوال وعوارض بشرية فقد نام
" وكان هو نائماً". (متى 24/8)، وتعب كسائر البشر " كان يسوع قد تعب من السفر" (يوحنا 6/4)، واكتئب لما أصابه " وابتدأ يدهش ويكتئب". (مرقس 33/14).
وأحياناً كان يبكي كسائر الناس
"بكى يسوع" (يوحنا 11/35)، أحياناً يجتمع عليه الحزن والاكتئاب "وابتدأ يحزن ويكتئب " (متى 26/37)
كما تعرض لمكايد أعدائه فقد حاول الشيطان أن يغويه فلم يقدر
" قال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي، حينئذ قال له يسوع :اذهب يا شيطان" (متى 4/9-10)، وتعرض للطم والشتم " ولما قال هذا، لطم يسوعَ واحد من الخدام كان واقفاً" (يوحنا (22/18)، فلم يستطع أن يدفع عن نفسه إلا بالكلام، لأنه كان موثقاً " قبضوا على يسوع وأوثقوه" (يوحنا 8/12).
والمسيح قد جاع أيضاً، وبحث عن طعام يأكله "وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع". (متى 18/21)، كما عطش " قال: أنا عطشان". (يوحنا 28/19).
وقد أكل وشرب، فسد جوعته وروى ظمأه " فناولوه جزءاً من سمك مشوي وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قدامهم" (لوقا 24/42-43).
والطعام والشراب الذي كان يتقوى به، وينمو به جسمه طولاً وعرضاً " وكان الصبي ينمو " (لوقا 2/40)، ونموه كان بالجسد والعقل " وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لوقا 2/52)، فالطعام ينميه جسدياً والتعلم في الهيكل من الشيوخ والمعلمين ينميه عقلياً " وجداه في الهيكل جالساً في وسط المعلمين يسمعهم ويسأله" (لوقا 2/46).
كما يقتضي الطعام خسيسة أخرى لا يليق أن تنسب لمقام الألوهية، ألا وهي التبول والتغوط، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وهو مفهوم قوله تعالى [ ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ] فكل من طعم وشرب احتاج لإخراج ما طعم، ولا يليق نسبة هذه المنقصة ولا غيرها لله عز وجل الذي لا يشارك الناس هذه الدنايا.
و تذكر الأناجيل حزن المسيح ليلة الصلب وغيرها
" إن نفسي حزينة حتى الموت " (مرقس 14/32-36).
ثم لما جزع من اليهود ظهر له ملك من السماء ليقويه (انظر لوقا 22/43).
ثم لما وضع – حسب الأناجيل - على الصليب جزع وقال: " إلهي إلهي لم تركتني " (مرقس 15/34).
بل وتزعم الأناجيل أنه مات، فهل رب يموت؟ "فصرخ يسوع بصوت عظيم، وأسلم الروح" (مرقس 37/15).
ولا يجد الأسقف ترتليان ( ق3 ) ما يدفع به هذه القاصمة إلا أن يقول: " لقد مات ابن الله ! ذلك شيء غير معقول، لا لشيء، إلا لأنه مما لا يقبله العقل وقد دفن من بين الموتى ، وذلك أمر محقق، لأنه مستحيل "، ومع ذلك يؤمن به ترتليان والنصارى من بعده.
و ذكرت الأناجيل أيضاً تذلـله وخضوعه لله عز وجل وتضرعه بين يديه
" وكان يصلي قائلاً: يا أبتاه، إن أمكن أن تعبر عني هذا الكأس، ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت" (متى 26 /39). " وكان يصلّي هناك". (مرقس 35/1) ، ويصور لوقا صلاته، فيقول:" جثا على ركبتيه وصلى" (لوقا 22/41) فلمن كان الإله يصلي طوال الليل منفرداً ؟
ومن تضرعه ما ذكره يوحنا عن حال المسيح عندما أحيا لعاذر " ورفع يسوع عينيه إلى فوق وقال: أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي. وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي. ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت.ليؤمنوا أنك أرسلتني" ( يوحنا 11/40-41 ).
وكان يصلي متوارياً وصار عرقه كعبيط الدم، يقول لوقا: "وإذ كان في جهاد كان يصلّي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه" (لوقا 22/44).
ويتحدث بولس عن انتصار المسيح على الكل بما فيهم الموت، ثم يذكر خضوعه بعد ذلك لله، فيقول:
"متى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل (لله)، كي يكون الله الكل في الكل" (كورنثوس (1) 15/28)
والتضرع والعبادة نوع من دلائل العبودية لا يجوز نسبته لله أو للمتحد معه، إذ الأناجيل شهدت بعبوديته والتزامه بناموس موسى عليه السلام في سائر أحواله .
وجماع هذا كله قوله عن نفسه:
"وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8/40)، أفلا نقبل شهادته عن نفسه، فلو كان إلهاً لما صح منه أن يعمي علينا هذه الحقيقة بمثل هذا القول الصريح الدال على إنسانيته.
وأخيراً فإن مما يؤكد بشرية المسيح ما أخبر من أنه عليه السلام سيدخل الجنة التي وعدها الله عباده المؤمنين، ومنهم المسيح وتلاميذه ، وأنه سيشرب في اليوم الآخر ويأكل معهم، حيث قال:
" في بيت أبي منازل كثيرة… أنا أمضي لأعد لكم مكاناً….حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً " (يوحنا 14/2 – 3)، قال: " إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم، حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي" (متى 26/29).
ومن المعلوم أن ملكوت الله يراد به هنا الجنة، حيث يلقى التلاميذ من جديد، فيشرب معهم في جنة الله، فهل سيتجسد الابن ثانية يوم القيامة؟ وما الحكمة من التجسد حينذاك؟ أم أن المسيح سيعود ككائن بشري عادي يأكل كسائر المؤمنين.
وحين يصر النصارى على القول بألوهيته فإنهم يضربون بعرض الحائط قول المسيح وتلاميذه، ويتنكرون بذلك لكل هذه النصوص التي لم تتحدث أبداًَ عن إله متجسد، ولا عن ناسوت حل به الله.
وبذا يكون النصارى قد وقعوا فيما حذر منه مقدسهم بولس الذي ألبسهم هذه العمامة ثم تبرأ منهم ومن صنعهم، حيث قال:
" إنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء، أبدلوا مجد الله الذي لا يفنى، بشبه صورة الإنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات. لذلك أسلمهم الله أيضاً في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم. الذين استبدلوا حق الله بالكذب واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق، الذي هو مبارك إلى الأبد " .(رومية 1/21-25).
الضرب الثالث:

 هو النصوص التي بينت ذهول معاصريه من حوارييه وأعدائه عن فكرة ألوهيته وربوبيته، مما يدل على أن الفكرة لا علاقة لها بالمسيح ولا أتباعه, بل هي من مخترعات لاحقة لذلك العهد، وذلك يكفي للإعلان عن بطلانها, وفي ذلك نصوص كثيرة منها:
- جهل أمه بألوهيته، لما كان المسيح راجعاً مع والدته ويوسف النجار حصل ما يدل على جهل والدته بمقامه، فإن جهلت والدته ألوهيته، فمن ذا الذي يعلمها، فقد جاء في لوقا
"وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم، ويوسف وأمه لم يعلما، إذ ظناه بين الرفقة، ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف، ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل بين المعلمين يسمعهم ويسألهم … يا بني لماذا فعلت بنا هكذا ؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين" (لوقا 2/41-48).
ويذكر يوحنا أن المسيح لما صلب ذهبت والدته لتذرف عليه الدمع (انظر يوحنا 19/25)، أفلم تكن تعلم حين ذاك أن ولدها هو الله أو ابنه، وأن الموت لا يضيره؟
- ويقول شمعون الصفا (بطرس) وهو أقرب التلاميذ إلى المسيح:
" أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضاً تعلمون. هذا أخذتموه مسلّماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي آثمة صلبتموه وقتلتموه." (أعمال الرسل 2/22)، فلم يشر في خطبته المهمة إلى شيء من الألوهية للمسيح.
و هو ما نجده أيضاً عند غير شمعون فقد عرض المسيح بعد الصلب المزعوم لرجلين من أصحابه قد حزنا عليه، فسألهما عن سبب حزنهما فقالا:
" يسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب. كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت، وصلبوه. ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل." (لوقا 24/19-21)، فليس في قولهما حديث عن ناسوت مقتول، ولا عن لاهوت متجسد نجا من الموت.
و أيضاً عجب منه تلاميذه لما رأوا بعض معجزاته ، ولو كانوا يرونه إلهاً لما كان في معجزاته أي عجب، فقد مر يسوع عليه السلام بالشجرة وقد جاع فقصدها، فلم يجد فيها سوى الورق فقال : لا يخرج منك ثمرة إلى الأبد، فيبست الشجرة لوقتها، فتعجب التلاميذ
" قال لها لا يكون منك ثمر بعد إلى الأبد.فيبست التينة في الحال. فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين: كيف يبست التينة في الحال..." (متى 21 /18-22) فدل عجبهم على أنهم كانوا لا يدركون شيئاً مما تعتقده النصارى اليوم من ألوهية المسيح ، وإلا فإن إيباس الإله للشجرة ليس فيه ما يدعو لأي عجب.
و هذا يوحنا المعمداني ( يحيى ) الذي لم تقم النساء عن مثله
(انظر متى 11/11)، يرسل إلى المسيح رسلاً بعد أن عمده ليسألوه " أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه. وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟ فأجاب يسوع وقال لهما: اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران. العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصم يسمعون، والموتى يقومون، والمساكين يبشّرون. وطوبى لمن لا يعثر في" (متى11/3-6).
فيحيى المعمداني مع جلالة أمره لم يظن في المسيح أنه أكثر من النبي المنتظر الذي كانت تنتظره بنو إسرائيل. وإجابة المسيح لا تدل بحال على ألوهية، فقد أخبر بمعجزات نبوته، ثم عقب بالتحذير من الغلو فيه - كفعل النصارى – أو التفريط كفعل اليهود الذين كذبوه وآذوه وهموا بقتله.
وقال يوحنا مبينا اعتقاده نبوة المسيح:
" طوبى للذي يقرأ، وللذين يسمعون أقوال النبوة" (الرؤيا 1/3).
ثم لما جاءته المرأة السامرية قالت له بعد أن رأت قدراته وأعاجيبه:
" قالت له المرأة: يا سيد أرى أنك نبي" (انظر يوحنا 4/19/26)، وما زادت على ذلك، فما صحح لها معتقدها، فكان هذا معتقداً يعتقده عامة الناس كما اعتقده تلاميذ المسيح وحواريوه.
وكذا لما دخل أورشليم
" فقالت الجموع هذا يسوع النبي". (متى 21/11).
وهو ما قاله عنه الأعمى الذي شفاه
" فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يقال له يسوع" (يوحنا 9/ 10-11)
ثم إن كان المسيح إلهاً متجسداً فكيف نفهم تبريراً لخيانة يهوذا؟ وهل يخان الإله؟ وكيف نفهم بطرس إنكار بطرس له ثلاث مرات؟ بل إن كل ما قيل في سيرة المسيح يصعب فهمه مع القول بألوهيته، ويترك علامات استفهام لا إجابة عنها.
و هاهم أعداؤه من اليهود يلاحقونه، ويطلبون منه آية، فأخبرهم بأنه لن تأتيهم سوى آية يونان النبي ( يونس )
"أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين: يا معلّم نريد إن نرى منك آية. فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي" (متى 12/38-39)، واليهود ولا ريب يبحثون عن آية تدل على نبوته التي يدعوهم إلى الإيمان بها، ولو كان ما يدعو إليه الألوهية لما رضوا منه بمثل آية يونان، بل ولطالبوه بآيات أعظم من آية يونان، وغيره من الأنبياء.
و لما أرادوا قتله كانت جريمته عندهم دعواه النبوة لا الربوبية، فقد قالوا لنيقوديموس:
"ألعلك أنت أيضاً من الجليل. فتّش وانظر. إنه لم يقم نبي من الجليل." (يوحنا 7/52).
و الشيطان أيضاً لم ير المسيح إلا بشراً، لذلك فقد حصره في الجبل أربعين يوماً من غير طعام ولا شراب ، وهو في ذلك يمتحنه ويمنيه بإعطائه الدنيا في مقابل سجدة واحدة له "أخذه أيضاً إبليس إلى جبل عال جداً، وأراه جميع ممالك العالم ومجدها. وقال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي. حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" ( متى 4/9-10)، فهل كان الشيطان يعد الرب بالدنيا؟!!.
ثم إن بشرية المسيح موجودة ليس في أقوال معاصريه بل حتى في النبوءات السابقة التي يؤمن النصارى بها، ويقولون أنها تحققت فيه عليه السلام، فهذه النبوءات لم تتنبأ بقيام رب أو إله ، وإنما تنبأت بنبي ورسول صالح.
من ذلك ما جاء في كلام عاموس النبي
"قال الرب: من أجل ذنوب إسرائيل الثلاثة والأربعة لا أرجع عنه لأنهم باعوا البار بالفضة ..." (انظر عاموس 2/6)، فهو لم يقل: في بيعهم إياي، ولا بيع إله متساو معي، بل سماه باراً.
الضرب الرابع:

النصوص التي شهدت للمسيح بالنبوة، وإثبات النبوة والرسالة له مبطل للألوهية.
من هذه النصوص قوله:
" أنتم تدعونني معلّما وسيّداً، وحسناً تقولون، لأني أنا كذلك" (يوحنا 13/13) وقد شاع تسميته عندهم بالمعلم، "وقال له: يا معلم " (مرقس 10/20).
وقد بدأت نبوته، وهو في سن الثلاثين
"ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة " (لوقا 3/23).
وشهد المسيح لربه بالوحدانية ، ولنفسه بالرسالة ، فقال:
" أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته " (يوحنا 17/3).
ونحوه قوله عن نفسه:
" فكانوا يعثرون به.وأما يسوع فقال لهم: ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته" (متى 13/57)، فاعتبر نفسه كسائر الأنبياء لا يعرف أقوامهم لهم قدرهم .
و لما خوفه الفريسيون من هيرودس قال لهم:
" ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجاً عن أورشليم. يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين" (لوقا 13/33-34).
و لما أظهر المعجزات لقومه قرنها بدعوى نبوته قائلاً وهو يناجي الله:
" ولكن أسألك من أجل هذه الجماعة، ليؤمنوا بأنك أنت أرسلتني " (يوحنا11/26).
ولما أرادوا قتله قال:
" تريدون قتلي، وأنا رجل قلت لكم الحق الذي سمعت الله يقوله " (يوحنا 8/40).
ولما بعث تلاميذه للدعوة قال لهم: " فقال لهم يسوع أيضاً سلام لكم.كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (يوحنا 20/21).
وأكد رسالته بقوله: " الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم " (يوحنا 14/2 – 3).
وهو في كل ما يقوله عن الله معصوم لأنه ينطق بالوحي، فقد قال: "الكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني" (يوحنا 14/28)، وفي موضع آخر: "تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني" (يوحنا 7/16) وقال:" ولا رسول أعظم من مرسله " (يوحنا 13/16)
ومما يبطل قول النصارى بألوهية المسيح النصوص التي جعلته رسولاً خاصاً إلى بني إسرائيل، والإله لا يكون خاصاً بأمة دون أمة.
ومن ذلك قوله
" لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة " (متى10/6).
ومثله قصة المرأة الكنعانية التي رفض شفاء ابنتها لأنها ليست من شعبه (انظر متى 15/21-28) ومثله الوعد الذي وعِده كما جاء في لوقا "وسيعطيه الرب الإله عرش داود أبيه، ويملك على آل يعقوب إلى الأبد" (لوقا1/32-33)، فهل هو إله خاص ببني إسرائيل، فلو كان إلها لما صح اختصاصه بشعب دون شعب، فهذا شأن الأنبياء.
و لما خاطب أورشليم التي تدعي النصارى قتله وصلبه فيها قال لها:
" يا قاتلة الأنبياء، كم من مرة أريد أن أجمع بنيك حولك " (متى 33/37) فلم يقل لها :يا قاتلة الإله. فذلك أبلغ لو صح. بل أراد أنكم تريدون قتلي كما قتلتم غيري من الأنبياء .
و نبوته هي معتقد الناس عامة فيه، وقد صرحوا بذلك أمامه فلم يخطئهم، فعندما أحيا المسيح ابن الأرملة في نايين
" أخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه" (لوقا 7/13).
ولما أطعم الخمسة آلاف إنسان من خمسة أرغفة قالوا :
" فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" (يوحنا 6/14).
وقد قال بولس معترفاً برسالته وبشريته :
"لأنه يوجد إله واحد، ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح" (تيموثاوس (1) 2/5).

وهكذا رأينا من الضروب الأربعة ما قام فيه دليل وبرهان واضح على عبودية المسيح لله، وأنه رسول عظيم من لدن ربه جل وعلا.
القول بتدرج إعلان ألوهيته :
ولما عدم النصارى الدليل على ألوهية المسيح، ورأوا أن أحداً من معاصرييه لم يدرك تلك الألوهية التي يتحدثون عنها صدروا بقول جديد، مفاده أن المسيح لم يعلن ألوهيته لتلاميذه في بدء دعوته، بل تدرج بهم حتى كشف لهم عنها بعد قيامته، أي لم يدركوا هذا السر إلا بعد موته.

ومن القائلين بهذا الرأي بتر سمث في كتابه الشهير "سيرة المسيح الشعبية"، فيقول عن مريم وموقفها من ابنها: "هل حسبته إلهاً ابن الآب الأزلي… إن رواية الإنجيل تجعل هذه الفكرة محالة، كما أن العقل لا يسلم بها، وإلا كيف استطاعت أن تؤنبه على توانيه في الهيكل مع أحبار وعلماء اليهود؟ وكيف عالجت شؤونه كلها كطفلها الخاضع لها…

كلا إن العذراء لم تفكر في ولدها كإله…لم تدرك سر ألوهيته الهائل الذي لم تفطن إليه ولم تعرفه إلا مؤخراً، وحتى التلاميذ أنفسهم لم يدركوا هذا السر الهائل إلا قبيل نهاية حياته… لكنهم لم يفطنوا إليه ويدركوه تماماً إلا بعد موته وقيامته وصعوده بمجد وإرساله الروح القدس.

عندئذ أخذوا يرجعون بذكرياتهم إلى الوراء خلال ثلاث سنوات تقضت في صحبته، ويتعجبون كيف أمسكت عيونهم عن معرفة ما عرفوه الآن".

إذن كانت ألوهية المسيح استنتاجاً عقلياً توصل إليه التلاميذ بعد رفع المسيح.

وهذه الدعوى من النصارى تثور في وجهها تساؤلات عدة منها: لم أخفى المسيح هذه الحقيقة؟ ولم َلم ْيعلنها منذ اليوم الأول؟ إن إخفاءه المزعوم جعل الكثيرين – من معاصريه ومن بعدهم من الذين تسميهم الكنيسة بالهراقطة - يقولون ببشريته، وحق لهم ذلك.

و نتساءل هل كان إخفاؤه لحقيقته خوفاً من اليهود؟ كيف وهو الرب الذي نزل ليصلب؟

ونتساءل ماذا عن النصوص التي أوردها يوحنا في بداية بعثة المسيح وتتحدث بما يعتبره النصارى أدلة على الألوهية كما في قوله: " ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يوحنا 3/10-18).

وكذا قوله: " الحق الحق أقول لكم: ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء، بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء. لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم.... فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة. من يقبل إلي فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا" (6/32-38).

وقال أيضاً في مطلع بعثته:" فإن رأيتم ابن الإنسان صاعداً إلى حيث كان أولاً. الروح هو الذي يحيي. أما الجسد فلا يفيد شيئاً. الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة." ( يوحنا 6/61-62) فكيف سطر يوحنا ذلك؟!

ثم إن المتتبع لآخر أحاديث المسيح لا يجد أي مفارقة عما سبق الصلب من أقوال، كما لا يجد في أحوال التلاميذ ما يدل على أنهم اكتشفوا ما لم يدروه من قبل، فلوقا يذكر أن المسيح على الصليب قال: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون" (لوقا 23/34)، وكان ينبغي أن يجهر فيقول: سأغفر لكم , لكنه بشر يعجز عن ذلك.

وأيضاً قال للص المصلوب:" تكون معي في الفردوس" (لوقا 23/43)، ولو كان إلهاً لقال: أنعمت عليك بالفردوس.

وها هو المسيح بعد القيامة يقول: "إني ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يوحنا 20/17).

وها هم تلاميذه بعد القيامة يعتبروه إنساناً فقط، فيقول اثنان منهم : "الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وأمام الناس" (لوقا 24/19).

وكذلك قال عنه بطرس بعد رفعه: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من الله بقوات وعجائب" (أعمال 2/22).

وقال في مرة أخرى: "يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة…" (أعمال 10/38).

إن مجرد الحديث عن تدرج إعلان ألوهية المسيح يطعن في كل ما تورده النصارى من أدلة على ألوهية المسيح من التوراة والأناجيل، إذ هذه الأدلة كلها وغيرها لم تجعل تلاميذه يقولون بألوهيته، فهم عندما أسموه ابن الله أو الرب أو الله ما كانوا يقصدون الحقيقة، إنما كانوا يريدون المجاز، وهكذا في جميع ما يتعلق به النصارى في موضوع ألوهية المسيح من أدلة

 

 

 

المراجع

  • القرآن الكريم
  • تفسير القرطبى
  • تفسير بن كثير
  • تفسير الكشاف
  • تفسير بن جرير
  • تفسير القاسمى
  • صحيح مسلم
  • صحيح البخاري
  • صحيح الترمذي
  • لسان العرب  لابن منذور
  • كتاب التربية في كتاب الله للشيخ / محمد عبد الوهاب
  • السيرة النبوية لابن هشام
  • صفوة البيان في معاني القران للشيخ / حسنين مخلوف
  • القصة في القران الكريم د/ محمد سيد طنطاوى
  • رياض الصالحين
  • كتاب هداية الحيارى " بن قيم الجوزية "
  • كتاب الفصل " بن حزم "
  • التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام للشيخ الغزالى
  • موضوعات من تاريخ وحضارة مصر القديمة د/ جمال عبد الرازق
  • ·  محاضرات في الديانة المصرية في العصر الفرعوني أ.د/ أبو العنين بركات
  • كتاب أهرام مصر أ.د/ ادواردز ترجمة / مصطفى عثمان
  • محاضرات في النصرانية للإمام / محمد أبو زهرة
  • التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام للشيخ / الغزالي
  • سفر التكوين
  • سفر التثنية
  • سفر ملوك الأول
  • سفر ارمياء
  • سفر أشعياء 
  • سفر ملوك الثانى
  • سفر صموئيل
  • كتاب متى
  • كتاب لوقا
  • كتاب مرقس
  • كتاب يوحنا
  • كتاب برنابا
  • أعمال الرسل
  • رسائل بولس
  • كتاب اللاهوت المقارن " البابا شنودة الثالث "
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 



 

1-- تفسير بن كثير جـ1 ص365

2-- لوقا7: 15,14,13

3-- لوقا 13,5

4-- مرقس7: 35,34,33,32

-5- متى 9: 29

6- متى 27,26,25,14

7- ملوك أول 17: 22,21

8- أعمال الرسل 9: 41,40

9- لوقا 51,50,24

10- تكوين 5 : 24

11- الملوك الثانى 2: 11

12- متى 1: 23

13-- متى : 16

14 متى 5 : 17

15- لوقا  7 : 13

16- متى 7 : 22 , 23 

 

وما بعضهم بتابع قبلة بعض

Download

About the book

Author :

أحمد إسماعيل زيد

Publisher :

www.islamland.com

Category :

Biographies & Scholars