قيد الصيد

الفوائد في عُرف المؤلفين هو الكتاب الذي يجمع العديد من الشوارد والدقائق التي يُدركها العالم، أو يستنبطها من النصوص، أو من الواقع، أو منهما معًا، خلال تجربته الطويلة ومعاناته الشخصية، واحتكاكه المستمر بالعلم والعلماء ومصاحبة الكتب، ومباحثة العلماء، ولا شك أنها تكون متنوعة لا تختص بباب واحد، وفي هذا الكتيب العديد من الفوائد التي جمعها المؤلف - أثابه الله -.


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد: فهذه شوارد وفوائد مما يمر على المرء حال قراءته، فيدونه لينظر فيه عند الحاجة، ومالي من جهد فيه سوى الاختيار، والإعداد، ولم أقصرها على علم، أو فن بعينه، وذكرت - في الهامش - مصدر كل نقل، لعل بعض من يقرؤه يشده بعض ما نقل، فيرجع إلى المصدر ليستزيد. ونحن في زمن عزف الكثير من أهله عن القراءة المفيدة، «ومن الأسف أن عامة الناس يعتقدون أن قراءة القصص الخفيفة، والمجلات الرخيصة كافية لغذاء عقولهم، فهم يلتهمونها التهاما، ويكتفون بها في لذتهم العقلية، وهي ليست إلا مخدرا للعقل، أو منبها للغرائز الجنسية. وقليل من الصبر وقوة الإرادة يجعل المتعلم صالحا للدراسة الجدية والقراءة المفيدة»( ).
وآمل أن أكون قد وفقت في الاختيار ( )،  سائلا الله تبارك وتعالى أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يخلص لنا النية، والذرية. آمين.
                     محمد بن عبد الله العوشن
                                    الرياض
                        10/4/1419 هـ
1- الفائدة:
قال ابن منظور: الفائدة ما أفاد الله تعالى العبد من خير يستفيده، ويستحدثه، وجمعها الفوائد.
 ابن شميل: يقال: إنهما ليتفايدان بالمال بينهما، أي يفيد كل واحد منهما صاحبه. والناس يقولون: هما يتفايدان العلم أى يفيدكل واحد منهما الآخر.
 الجوهري: الفائدة ما استفدت من علم أو مال، تقول منه: فادت له فائدة ( ).
2- الفرح بالفائدة:
قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ ) – رحمه الله تعالى: كنت في تصنيف هذا الكتاب ( ) أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا منى بتلك الفائدة. وأحدكم يجيئني، فيقيم عندي أربعة أشهر، خمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير.
ولما عمل أبو عبيد كتاب (غريب الحديث) عرضه على عبد الله بن طاهر ( ) فاستحسنه، وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر. ( )
3- الخوف من المخلوق، والخوف من الخالق:
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – (المخلوق إذا خفته استوحشت منه، وهربت منه، والرب تعالى إذا خفته أنست به، وقربت إليه). ( )
4- إنه على كل شيء قدير:
قال المؤرخ الشيخ عثمان بن بشر – رحمه الله تعالى – في حوادث 1241 هـ، بعد أن ترجم للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى -: (كتبت له مرة ودعوت له في آخر الكتاب، وفي تمام الدعاء قلت إنه على ما يشاء قدير. وكتب لى وقال في أثناء جوابه:  (هذه كلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد، وهو قول الكثير في المكاتبات إذا سأل الله شيئا قال: وهو القادر على ما يشاء. وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شرا، وكل ما في القرآن ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وليس في الكتاب والسنة ما يخالف ذلك أصلا لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم صفتان شاملتان يتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنما قصد أهل البدع بقولهم وهو القادر على ما يشاء أى أن القدرة لاتتعلق إلا بما تعلقت المشيئة به ) أ.هـ.
ثم قال ابن بشر:  
(وكتبت إليه أيضا مرة أهنيه بقدوم ابنه الشيخ عبد اللطيف من مصر وتوسلت إلى الله في دعائي بصفاته الكاملة التى لا يعلمها إلا هو، فكتب إلىّ وقال: وذكرت وفقك الله في وسيلة دعوتك، جزاك الله عنى أحسن الجزاء عن تلك الدعوات، قلت وأتوسل إليك بصفاتك الكاملة التى لا يعلمها إلا أنت، فاعلم أيها الأريب الأديب أن الذى لايعلمها إلا هو كيفية الصفة، وأما الصفة فيعلمها أهل العلم بالله كما قال الإمام مالك: ”الاستواء معلوم والكيف مجهول“
ففرق الإمام بين ما يعلم من معنى الصفة على ما يليق بالله، فيقال استواء لا يشبه استواء المخلوق، ومعناه ثابت لله كما وصف به نفسه، وأما الكيف فلا يعلمه إلا الله، فتنبه لمثل هذا، فالإمام مالك تكلم بلسان السلف) أ.هـ ( ).
5- شرف العلم:
قال الإمام أبو عمر بن عبد البر – رحمه الله تعالى - (وقال بعض العلماء: من شرف العلم وفضله أن كل من نسب إليه فرح بذلك وإن لم يكن من أهله، وكل من دفع عنه ونسب إلى الجهل عز عليه، ونال ذلك من نفسه وإن كان جاهلا) ( )
6- بعض غثاء السيل:
قال محمد جلاك كشك –رحمه الله تعالى-:(في خاطري صورة عمرها أكثر من أربعين سنة، لا هى تغيب، ولا أنا أنساها، أو أملَّ التذكير بها. .صورة نقلتها الصحف عن إحدى المجاعات في الهند خلال الأربعينات، فشاعت وذاعت، مثلما انتشرت صورة الطفلة الفيتنامية التى كانت تجري والنار تشتعل في جسدها من النابالم الأمريكي. .ولكن الصورة الهندية كانت مختلفة تماما، فهى صورة فلاح هندي أنهكه الجوع فسقط بلا حراك، إلا عيناه التى تدور وتنبئ باستمراره حيا. .وفى الصورة نرى ذراعه ممتدة إلى جانبه، وقد برزت عظامها حتى إنها كأنها بلا جلد، وكلب جائع مسعور ينهش هذه اليد، والرجل ينظر إليه ولكنه عاجز عن نهر الكلب، عاجز عن جذب يده من أنيابه، عاجز حتى عن الصراخ !!وإنما نظرة غريبة ليست من هذا العالم، نظرة ميت لو كان الموتى ينظرون !..جثة تأخر دفنها، وكائن حي فقد كل خصائص الحياة. .أربعون عاما، وهذه الصورة تقفز إلى خاطرى كلما واجهت أمتنا كارثة أو اعتداء وعجزت حتى عن التألم!..فنحن في حالة من العجز والشلل تشبه حالة هذا الفلاح الهندي، ونحن على هذا الحال منذ قرون عديدة قد تتجاوز الأربعمائة سنة بدأت بتخدر ثم شلل في الأعصاب، أفقدنا الحس والتجاوب والقدرة، بل حتى الرغبة في المقاومة ( ).
7- براءة:
قال الشيخ العلامة حمد بن عتيق –رحمه الله تعالى- (1227-1301هـ ): «فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك وأكد إيجابه، وحرم موالاتهم وشدد فيها حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم، بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده»( )
8- الجهل والهوى ( ):
قال الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان –حفظه الله تعالى- في رسالته النافعة:
«الهوى وأثره في الخلاف» ما يأتي: -
«ومن علامات ذلك (أى اتباع الهوى ) محبة من يعظمه بقبول قوله أو الاستماع له أكثر من غيره، وإن كان ذلك الغير أطوع لله وأتقى، وهذا يوجد كثيرًا حتى في أهل العلم !! فتجد بعض أهل العلم يحب من يعظمه ويطيعه دون أن يعظم من هو نظيره في العلم أو أفضل منه، وإن كانا على منهج واحد  . .وربما أبغض من يشاركه في العلم والاتباع حسدا وبغيا..كفعل اليهود لما بعث الله محمدا  يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى: كفروا به وأبغضوه، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ [سورة البقرة، الآية 91].
ثم قد يحصل -ممن هذا وصفه- ظلم وعدوان لمن خالفه في هواه، أو ربما لمن قام ببعض ما يجب عليه لله من نشر علم أو دعوة إلى الله تعالى، فيقف في وجهه صادا عن الحق أو ملبسا الحق بالباطل كفعل علماء اليهود، كما قال تعالى عنهم: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [سورة آل عمران، الآية 71]. ثم تجده يرمي من خالفه بالألقاب المكروهة المنفرة التي تخالف أمر الله ورسوله ابتغاء التفرقة وابتغاء الفتنة، وهو في ذلك يزعم أنه مصلح ودافع للفساد، كما قال الله عن فرعون: ﴿ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ [سورة غافر، الآية 26] فهو يزعم أنه هو المصلح والمحافظ على الدين الحارس له من التغيير والتبديل، وأما موسى فإنه ممن يسعى لتغيير الدين والفساد في الأرض!!
 وهكذا تقلب الحقائق لدى أهل الأهواء ومبتغي العلو في الأرض فيصبح المفسد مصلحا والمصلح حقا لديهم مفسدا، والكفر بالله ومنازعته سلطانه دينا يجب أن يحمى ويصان، ودين الله يعتبر تغييرا للدين وتبديلا للحق. فتجد هؤلاء يصنفون الناس حسب أهوائهم، فهذا إخواني وذلك سلفي، والآخر تبليغي، والثاني سروري أو خونجي !!وهكذا أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وليست في دين المسلمين بل هى من دين الجاهلية ومدعاة للعصبية والتفرقة!!
وإن كان اسم «سلفي» قد وردت به الآثار، والمقصود به من اتبع طريقة الصحابة، ومن اقتدى بهم، ومع ذلك فإذا استخدم للتعصب والتحيز إلى فريق معين فإنه يكون ممقوتا في الشرع.
فقد جاء في السيرة في أحد مغازي النبي  «أنه اقتتل غلامان: غلام من  المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجرى ياللمهاجرين، ونادى الأنصارى: ياللأنصار، فخرج رسول الله  فقال: ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية؟! دعوها فإنها منتنة» مع أن هذين الاسمين [المهاجرين والأنصار] جاء بهما القرآن، وهما محبوبان لله ولرسول الله ، ولما استخدما لنوع من العصبية صار ذلك من فعل الجاهلية، وأخبر الرسول  أن هذه الدعوه فتنة لأنها تدعو إلى التفرق والتفكك».
وقال حفظه الله في موضع آخر:
«[و]من نتائج أفعال هؤلاء تبلبلت أفكار كثير من الشباب. فمنهم من ضل طريق الهدى، وصار يتبع ما يرسمه له هؤلاء النقدة.. ومنهم من صار لديه بسبب هؤلاء النقدة، فجوة عظيمة بينه وبين العلماء، ووحشة كبيرة فابتعد عنهم.
ومنهم من جعل يصنف الناس حسب حصيلته مما يسمع من هؤلاء بأن فلانا من الإخوان لأنه يكلم فلانا من الإخوان أو يزوره أو يجلس معه.. وأن فلانا من السرورين.. وفلانا من النفعيين.. وهكذا.
والعجب أنهم بهذا يزعمون أنهم يطبقون منهج الجرح والتعديل. وقد اتخذوا في هذا رؤساء جهالا فضلوا وأضلوا...» ( ).
9- لا تسقني ماء الحياة بذلة:
لما تجزأت الأندلس إلى دويلات في عصر ملوك الطوائف وتلقب حكامها بألقاب ومسميات وصفها الشاعر أبو على القيرواني (390-463هـ) بقوله:
مما يزهدني في أرض أندلس
        
        أسماء معتمد فيها ومعتضد

ألقاب مملكة في غير موضعها
        
        كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

لما حصلت هذه التفرقة وطمع فيها النصارى أرسل أحد ملوكهم وهو الفونسو السادس ملك قشتالة (شمال الأندلس) رسالة إلى عمر بن محمد الأفطس (460-487هـ) الملقب بالمتوكل على الله حاكم بطليوس (غرب الأندلس) يطلب فيها منه تسليم بعض قلاعه وحصونه ودفع الأموال له، ويهدده إن لم يفعل.
ورغم صعوبة الموقف وخطورته فقد رفض المتوكل التهديد ورد على ملك قشتالة ردا بليغا تجلت فيه عزة المسلم وشموخه حيث قال: «وصل إلينا من عظيم الروم كتاب مدع في المقادير وأحكام العزيز القدير، يرعد ويبرق، ويجمع تارة ثم يفرق، ويلدد بجنوده الوافرة، وأحوالة المتظافرة، ولو علم أن لله جنودا أعز بهم كلمة الإسلام وأظهر بهم دين نبينا محمد  أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون. بالتقوى يعرفون وفى التوبة يتضرعون.
ولئن لمعت من خلف الروم بارقة فبإذن الله وليعلم المؤمنين، وليميز الله الخبيث من الطيب...
«أما تعييرك للمسلمين فيما وهى من أحوالهم فبالذنوب المركوبة، ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك علمت أى مصاب أذقناك كما كانت آباؤك تتجرعه فلم تزل تذيقها من الحمام ضروب الالآم شؤما تراه وتسمعه وإذا المال تتورعه...
وأما نحن وإن قلت أعدادنا وعدم من المخلوقين استمدادنا فما بيننا وبينك بحر نخوضه ولا صعب نروضه إلا السيوف تشهد بحدها رقاب قومك، وجلاد تبصره في ليلك ويومك، وبالله تعالى وملائكته *المسومين نتقوى عليك ونستعين، ليس لنا سوى الله مطلب ولا لنا إلى غيره مهرب، وما تتربصون بنا إلا إحدى الحسنيين، نصر عليكم فيا لها من نعمة ومنة، أو شهاده في سبيل الله فيا لها من جنة، وفى الله العوض مما به هددت، وفرج يفتر بما مددت، ويقطع فيما أعددت»( ).
10- الفجر الجديد:
قال الأستاذ محمد قطب- حفظه الله- في مقدمة كتابه القيم «واقعنا المعاصر» ما يأتي:
«واليوم يدور الزمن دورته، ويبدأ الوجه الكالح للقرون الأخيرة في حياة المسلمين ينحسر، ويبزغ فجر جديد للإسلام في ربوع الإسلام. بدأ الناس- والشباب المثقف خاصة- يعودون إلى الإسلام يريدونه رائقا صافيا كما نزل أول مرة بلا غبش ولا ركام.
وفي كل مكان في الأرض التي حكمها الإسلام ذات يوم حركات بعث إسلامي، ودعاة يدعون إلى الإسلام،وشباب يتطلعون إلى اليوم الذى يجدون فيه الإسلام مطبقا بالفعل، واليوم الذى يعود فيه المسلمون إلى الاستخلاف والتمكين في الأرض- في صورتهم الإسلامية الحقيقية المتميزة- تحقيقا لوعد الله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾.
وفي الطريق عقبات كثيرة تعوق المسيرة ولكنها لا تمنع المسير".( )
11-الوقوف بين يدي السلطان وبين يدي الرحمن:      
يعد حديث «أفتّان أنت يا معاذ» من أعظم محفوظات العامة وأكثرها تداولا. وأكثر هؤلاء – ربما – لا يدرى ماذا قرأ معاذ  في صلاته( ) بل ربما لا يدري من معاذ هذا.
ومن لطيف ما ينقل عن المتقدمين ماجاء في ترجمة عماد الدين إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي-أخى الحافظ عبد الغني- في ذيل طبقات الحنابلة: «قال أبو عبد الله محمد بن طرخان: كنا نصلي يوما خلف الشيخ العماد (إبراهيم بن عبد الواحد) وإلى جانبي رجل كأنه كان مستعجلا، فلما فرغنا من الصلاة، حلف لا صليت خلفه أبدا، وذكر حديث معاذ، فقلت له: ماتحفظ إلا هذا؟ ورويت له الأخبار التي وردت في تطويل صلاة النبي .
ثم إني قعدت عند الشيخ العماد، وحكيت له، وقلت له: أنا أحبك، وأشتهي ألا يقال فيك شيء، فلو خففت؟ فقال : لعلهم يستريحون مني ومن صلاتي قريبا، يا سبحان الله! الواحد منهم، لو وقف بين يدي سلطان طول النهار ما ضجر، وإذا وقف أحدهم بين يدي ربه ساعة ضجر»( ).
12- بكاء الخشية:  
 جاء في ترجمة الإمام شيخ الإسلام أبى عبد الرحمن عبد الله بن المبارك (ت 181) رحمه الله تعالى هذه القصة:
عن القاسم بن محمد قال: كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيرا ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي: بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟ إن كان يصلي إنا نصلي، ولئن كان يصوم إنا نصوم، وإن كان يغزو فإنا نغزو، وإن كان يحج إنا نحج.
قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشي في بيت إذ طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح فمكث هنية ثم جاء بالسراج، فنظرت الي وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع. فقلت في نفسي: بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا، ولعله حين فقد السراج فصار إلى الظلمة ذكر القيامة ( ).
13- مستدرك الحاكم بمنظار الذهبي:
قال الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى- في السير: «سمعت المظفر بن حمزة بجرجان سمعت أبا سعد الماليني يقول: طالعت كتاب «المستدرك علي الشيخين» الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر منه حديثا على شرطهما.
قلت (الذهبي): هذه مكابرة وغلو، وليست رتبة أبي سعد أن يحكم بهذا، بل في (المستدرك) شيء كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير  وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد أفردت منها جزءا... وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته، ويعوز عملا وتحريرا»( ).
وفى «تذكرة الحفاظ» قال: «ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه».
وفي التذكرة أيضا: «قال ابن طاهر: سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم، فقال: ثقة في الحديث رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك، ولايعتذر منه.
قلت (الذهبي): أما انحرافه عن خصوم علىّ فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي، وليته لم يصنف المستدرك فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه» ( ).
14- مات نضّاله:
قال الشيخ محمد بن عثمان القاضي- حفظه الله تعالى- في كتابه: «روضه الناظرين» في ترجمة الشيخ إبراهيم بن عيسي، -رحمه الله-المؤرخ المشهور صاحب عقد الدرر-           (ت1343 هـ)قال:
«.. وكان له مع والدي حكايات ونوادر أثبتها والدى بمسودات، فمنها أنه كان يحب اللبن قبل كبره فعانه شخص فبقي عشرين سنة لم يشربه، وفي صبح يوم قال لوالدي: أجدني تائقا إلى اللبن، وما أرى ذلك إلا لموت فلان بن فلان.
ومن المصادفات أن الجد كان في عزيمة عند ابن حنطي،والشيخ إبراهيم والوالد معه في الصبح فدخل عليهم الطويل من أهالي شقراء فجعل الشيخ إبراهيم يسأله عن أصحابه هناك ومن جملة من سأله عنه الشخص الذي عانه فقال: توفي يوم الأحد، لليوم الذي تاق فيه لشرب اللبن. والعين تزول غالبا [بإذن الله] بموت العائن هكذا ذكره المعبرون.
وفي «تباريح التباريح» لأبي عبد الرحمن بن عقيل-حفظه الله تعالى- «.. وسمعت الوالد- رحمه الله- يحدث أن رجلا في تلك البليدة ( ) بقي خمسة عشر عاما أعمى وكانت بنته توصله إلى المسجد في الليل خاصة، وذات ليلة قام لصلاة الفجر فإذا به يبصر النجوم والجدران و(المصخنة) التي يتوضأ منها.
فلما دخل المسجد وجدهم يعلنون عن الصلاة على فلان، وكان رحمه الله تلقَّاعة. وقد جرى المثل عند عوام نجد في قولهم: (فلان مات نضّاله) إذا استجدت له السلامة من بلاء ( ).
15- هل يقتص من العائن؟:
 قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى- في الفتح:
«العين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد، ولو من الرجل المحب، ومن الرجل الصالح، وإن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة، ويكون ذلك رقية منه... والإصابة بالعين قد تقتل. وقد اختلف في جريان القصاص بذلك، فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة، وهو في ذلك كالسحر عند من لايقتله كفرا. انتهى.
ولم يتعرض الشافعية للقصاص في ذلك، بل منعوه وقالوا: إنه لايقتل غالبا ولايعد مهلكا. وقال النووي في «الروضة»: ولا دية فيه ولا كفارة، لأن الحكم إنما يترتب على منضبط عام دون ما يختص ببعض الناس في بعض الأحوال مما لا انضباط له، كيف ولم يقع منه فعل أصلا؟ وإنما غايته حسد وتمن لزوال النعمة. وأيضا فالذى ينشأ عن الإصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشخص، ولايتعين ذلك المكروه في زوال الحياة، فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين. اهـ.
ولا يعكر على ذلك إلا الحكم بقتل الساحر فإنه في معناه، والفرق بينهما فيه عسر. ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم أنه ينبغى للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وأن يلزم بيته، فإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر  بمنعه من مخالطة الناس.. وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة. قال النووي: وهذا القول صحيح متعين لايعرف عن غيره تصريح بخلافه.( )
16- صورة بدون تحية:
قال الأستاذ إسماعيل الكيلاني- حفظه الله تعالى- في كتابه القيم والمفيد «الخلفية التوراتية للموقف الأمريكي»:
«وليس أدل على هذه الحقيقة وتأثيرها في وجدان الشعب الأمريكى من خوض «ريغان» للانتخابات الأخيرة تحت راية الكتاب المقدس حيث أعلن وبكل ثقة أن: «الكتاب المقدس يضم كل الإجابات على قضايا العصر وعلى كل الأسئلة الحائرة إذا قرأنا وآمنا» وذلك في خطابه الذي بدأ به حملته الانتخابية، وكان مما جاء فيه قوله: «إن أمريكا أقامها رجال آمنوا بأنه لا عاصم إلا الله إلهنا، (!) وإذا كنت أعترف بأننا يجب أن نكون على حذر في ادعاء أن الله معنا، فإن من الضروري أن نتساءل دائما: هل نحن مع الله؟» (!) كما قال وهو يتحدث عن إصلاح التعليم: «وما دمت في حديث المدارس، فإنني أذكر الكونغرس بتقليد يحافظون عليه منذ مائتي سنة، لتأكيد أن أمريكا أمة واحدة في حفظ الله، ومن حقي أن أسأل: إذا كان الكونغرس يفتتح جلساته كل يوم برجل دين يقف هنا مكاني هذا- على المنصة- يؤمكم في الصلاة، فلماذا لا نعطى لأطفالنا في المدارس الحق نفسه في عبادة الله؟».
وفي اجتماع انتخابي مع أربعة آلاف ممثل للإذاعات الدينية أشار أربعا وعشرين مرة لله - والكلام للواشنطن بوست - وقال: «أنهم يهاجمونني لأني أعلنت أن هذه السنة سنة الكتاب المقدس، إنني أعتز بهذا الاتهام وأحمله وساما على صدري.. إننا عندما نعيد الله تعالى والنظام إلى المدارس فإننا سنطرد المخدرات والجريمة من هناك...» إنه يخوض المعركة الانتخابية تحت شعار: «الكتاب المقدس» ويتبني جميع المطالب الدينية المطروحة على الساحة الأمريكية من قبل المنظمات النصرانية الصهيونية، ويعلن بالفم الملآن قائلا: «لا يوجد شيء اسمه الفصل بين الدين والسياسة،(!) وإن القائلين بهذا الفصل لايفهمون القيم التي قام بها المجتمع الأمريكي»(!) (الأخبار القاهرية:3/10/1984م  )  ( ).
17- بل هم أضل:
نقل الكتور محمد بن مسعود البشر في دراسته القيمة المعنونة بـ «البيت الأبيض تسيس الشذوذ في وضح النهار» نقل بعض مظاهر نشاط الشاذين جنسيا في أمريكا ومن ذلك الظهور الإعلامي ومنه: المشاركة في البرامج ذات الطابع الاجتماعي التي يعرضها التلفزيون الأمريكي.
وذكر في حاشية الكتاب اسم أحد أشهر البرامج الاجتماعية الأمريكية والذي يبث يوميا لمدة ساعة كاملة، وقد تناول في إحدي حلقاته موضوع الشواذ من الجنسين في أمريكا، واستضافت مقدمة البرنامج رجلين شاذين جنسيا قالا: إنهما قد تزوجا من بعضهما قبل سنتين! ويشعران بـ «السعادة الزوجية»! وعندما سألتهما المذيعة قائلة: إن من متطلبات الزواج إنجاب الأطفال فكيف تعاملتما مع هذه القضية؟ أجابا: لقد تبنينا طفلا نشعر الآن أنه ابن«شرعي» لنا!!! ( ).
18- تفقد قلبك:
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود :  اطلب قلبك في ثلاثة مواطن، عند سماع القرآن، وفي مجالس الذكر، وفي أوقات الخلوة، فإن لم تجده في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لاقلب لك!( ).
19-دليل المبطل دليل عليه:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى-: «... جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة الشرعية إنما تدل على الحق، لا تدل على قول الباطل. وهذا ظاهر يعرفه كل أحد، فإن الدليل الصحيح لايدل إلا على الحق لا على الباطل، ودلالتها على الحق: هو تفصيل هذا الإجمال.
والمقصود هنا شىء آخر، وهو أن نفس الدليل الذي يحتج به المبطل هو بعينه إذا أعطي حقه، وتميز مافيه من حق وباطل، وبين مايدل عليه، تبين أنه يدل على فساد قول المبطل المحتج به في نفس ما احتج به عليه، وهذا عجيب! وقد تأملته فيما شاء الله من الأدلة السمعية فوجدته كذلك!!» ( ).
20- فائدة حديثيّة:   
قال ابن عبد الهادي- رحمه الله تعالى- عند ذكره الحديث: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق...» ( ) وقال الخطيب: « وكل حديث جاء فيه: عاصم عن زر عن عبد الله، غير منسوب فهو ابن مسعود، غير هذا الحديث». فعبد الله في هذا الحديث هو ابن عمرو بن العاص  ( )
21- الثروة المهدرة:
 جاء في ترجمة علامة الشام محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ)- رحمه الله تعالى-: (.. وقد تحسر مرة وهو واقف أمام مقهى امتلأ بأناس فارغين يزجون الوقت في اللهو والتسلية، فقال لبعض محبيه: آه، كم أتمني أن يكون الوقت مما يباع لأشتري من هؤلاء جميعا أوقاتهم) ( ).
22- ما سمعه ابن عباس من النبي :
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى-: (.. فجاء عن محمد بن جعفر (غُندَر) أن هذه الأحاديث التى صرح ابن عباس بسماعها من النبي  عشرة، وعن يحيي بن معين وأبي داود صاحب السنن تسعة، وأغرب الغزالي في «المستصفى» وقلده جماعة ممن تأخروا عنه، فقال: لم يسمع ابن عباس من النبي  إلا أربعة أحاديث، وقال بعض الشيوخ شيوخنا: سمع من النبي  دون العشرين من وجوه صحاح.
قلت: وقد اعتنيت بجمعها فزادت على الأربعين ما بين صحيح وحسن خارجا عن الضعيف وزائدا أيضا على ماهو في حكم السماع كحكايته حضور شيء فعل بحضرة النبي ..) ( )  
23-الموت حزنا:
قال الشيخ أبو الحسن الندوي-حفظه الله تعالى-: «اشتهر نبأ وفاة الأستاذ الكبير العلامة نظام الدين اللكهنوي (1161هـ) صاحب منهاج الدرس النظامي الجاري تطبيقه في الهند وخراسان، فلما أتى النعي تلميذه السيد كمال الدين العظيمابادي، مات من شدة الحزن، وعمي تلميذه الآخر «ظريف العظيمابادي» من كثرة البكاء، وتحقق بعد ذلك أن الإشاعة غير صحيحة، ولعل ذهن هذا العصر لايسيغ هذه الرواية، ولكن الذي عرف طبيعة الشرق، ومدى اتصال التلميذ هنالك بأستاذه وحبه له- لم يستغرب هذه الرواية ولم يكذبها»( ).
 24- حياك الله وبياك:
قال ابن منظور- رحمه الله تعالى-: «حياك الله وبياك، قيل: حياك ملكك، وقيل: أبقاك، ويقال: اعتمدك بالملك، وقيل: أصلحك، وقيل: قربك.. وقال الأصمعي: معنى حياك الله وبياك أي ضحكك. وقيل: عجل لك ماتحب.. وقال الأحمر: بياك الله معناه بوأك منزلا، في الجنة وهيأك له... وقال ابن الأعرابي: بياك قصدك واعتمدك بالملك والتحية.. وقيل: بياك جاء بك...».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى-: «.. وقد روي أن الملائكة قالت لآدم: «حياك الله وبياك» أي أضحكك»( ).
25- الشرق الأوسط:
يقول الأستاذ محمد قطب-حفظه الله تعالي-: «كلمة «الشرق الأوسط» ذاتها كلمة دخيلة من تخطيط الأعداء من أجل تسويغ إقامة الدولة اليهودية في المنطقة، فإنها لو بقيت في التسمية منطقة إسلامية أو حتى عربية فكيف تقوم فيها دولة لليهود؟ أما حين تصبح المنطقة جغرافية لا انتماء لها فكل شىء ممكن»( ).
26- حسن الخاتمة:
قال الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل- حفظه الله تعالى-: «ومن أحداث حسن الخاتمة التي تتوثب لها الأرواح وتخفق لها القلوب ما حدثني إياه أخي الشيخ محفوظ الشنقيطي مدير عام العلاقات بمجمع الملك فهد للمصحف الشريف عن شيخ القراء بالمجمع الشيخ عامر السيد عثمان- رحمه الله تعالى- أنه فقد حباله الصوتية في السنوات السبع الأخيرة من حياته، وكان يدرس تلاميذه القراء فلا يفصح لهم إلا بشهيق وإيماء. ثم مرض مرض الوفاة، وكان طريح السرير الأبيض بالمستشفي ففوجئ أهل المستشفي بالرجل المريض فاقد الحبال الصوتية يقعد ويدندن بكلام الله بصوت جهوري جذاب مدة ثلاثة أيام ختم فيهن القراءة من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، ثم أسلم الروح إلى بارئها.
قال أبو عبد الرحمن: وكان خال أبي وابن عم جدي عمر بن محمد العقيل رحمهم الله مؤذنًا لمسجدنا الحسيني خمسة وثلاثين عاما أدركت منها ربع قرن لم يتخلف عن فرض واحد لحر أو قر، ومات في الرياض وعمره تسعون عاما، وكان مقعدا فلما حضرته الوفاة بعد صحوة الموت وجده ابنه واقفا- بعد أن كان مقعدا- يصدح بجمل الأذان: الله أكبر.. الخ»( ).
27- بين الأمس واليوم (الاحتراق من الداخل):
قال ابن كثير-رحمه الله تعالى- «وفيها (أي سنة 615هـ) توفي السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب، فأخذت الفرنج دمياط ثم ركبوا وقصدوا بلاد مصر من ثغر دمياط فحاصروه مدة أربعة شهور، والملك العادل يقاتلهم ويمانعهم، فتملكوا برج السلسلة وهو كالقفل على ديار مصر، وصفته في وسط جزيرة في النيل عند انتهائه إلي البحر، ومنه إلى دمياط، وهو على شاطئ البحر...
فلما ملكت الإفرنج هذا البرج شق ذلك على المسلمين، وحين وصل الخبر إلى الملك العادل وهو بمرج الصفر تأوه لذلك تأوها شديدا، ودق بيده على صدره أسفا وحزنا على المسلمين وبلادها( )،  ومرض من ساعته مرض الموت لأمر يريده الله عز وجل، فلما كان يوم الجمعة سابع جمادي الآخرة توفي بقرية غالقيت..» ( ).
28- الفن الهابط والإعلام المنهزم:
قال الأستاذ يوسف العظم- حفظه الله تعالى-: «.. ويقوم التلازم والتواؤم بين «الفن الهابط» و «الإعلام المنهزم» في دنيا العرب ليربي الجيل المنكوب على التفسخ والمهانة ويصنع الإعلام عبر نواح مطرب متهالك أو مطربة متبذلة جيل الانتحار واليأس والدموع والآهات.. وكانت حصيلة مثل هذه التربية خمسة عشر شابا وشابة انتحروا بوسائل شتى في الأسبوع الأول الذي أعقب وفاة عبد الحليم حافظ!! أليس الإعلام بوسائلة المقروءة والمسموعة والمشاهدة هو الذي أعد لمثل هذا؟ وهيأ له الأجواء اليائسة القانطة الحزينة الباكية على تفاهات الحياة واهتمامات الضائعين؟!»( ).
29- مهزلة الشعر الحر:
    قال اللواء محمود شيت خطاب- حفظه الله تعالى-: «الذي يقرأ الشعر الحر،  يجده يتميز بركاكة الأسلوب، وضعف المعاني، وكثرة الألفاظ الأجنبية الشائعة فيه، وعدم التزامه بضوابط اللغة نحوا وصرفا.. أُثبتُ ماذكرته عمليا.. طلبت من أحدهم أن يحضر ورقا وقلما، ثم أمليت عليه شعرا حرا، بدون معنى ولا هدف، وقد استغرق إملائي عشر دقائق فقط، ثم أوردت القصيدة إلى صحيفة في بغداد بدون ذكر ناظمها، وفي اليوم التالي وجدت القصيدة منشورة في الصفحة الأولى محاطة بإطار خطي جميل، ومقدمة تقديما رائعا، يصف الشاعر بالعبقرية، ويصف الشعر بالروعة والجمال، وأشهد أني كنت متعمدا ألايكون للقصيدة أي معنى، وأن الحاضرين عند إملائها لن يفهموا حرفا واحدا، فكيف إذن فهمها المحرر الأدبي في الصحيفة الذائعة الصيت، الواسعة الانتشار، وكيف أقدم على نشرها مهللا مكبرا؟!» ( ).
30- هل أحسنت الموقف الأول؟:
قال الإمام الرباني ابن القيم- رحمه الله تعالى- «للعبد بين يدي الله موقفان، موقف بين يديه في الصلاة، وموقف بين يديه يوم لقائه، فمن قام بحق الموقف الأول هون عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف، قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا * إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾( ).
31- هم العدو:
قال الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى- في ترجمه أبي بكر محمد بن أحمد بن سهل الرملي، ونعته بالإمام القدوة الشهيد:
«قال أبو ذر الحافظ: سجنه بنو عبيد، وصلبوه على السنة، سمعت الدارقطني يذكره، ويبكي، ويقول: كان يقول وهو يسلخ:﴿ كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾[الإسراء 58].
قال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر القائد لأبي تميم صاحب مصر أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الأكواخ، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم، وجب أن يرمي في الروم سهما، وفينا تسعة، قال: ما قلت هذا، بل قلت: إذا كان معه عشرة أسهم وجب أن يرميكم بتسعة، وأن يرمي العاشر فيكم أيضا، فإنكم غيرتم الملة وقتلتم الصالحين، وادعيتم نور الإلهية. فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهوديا فسلخه.
قال ابن الأكفاني: توفي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن النابلسي، كان يرى قتال المغاربة( ) هرب من الرملة إلى دمشق، فأخذه متوليها أبو محمود الكتامي، وجعله في قفص من خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصل قالوا: أنت القائل لو أن معي عشرة أسهم..».. وذكر القصة، فسُلخ وحُشي تبنا، وصُلب.
قال معمر بن أحمد بن زياد الصوفي: أخبرنا الثقة، أن أبا بكر سلخ من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه، فكان يذكر الله ويصبر حتى بلغ الصدر، فرحمه السلاخ( )،  فوكزه بالسكين موضع قلبه فقضي عليه. وأخبرنى الثقة أنه كان إماما في الحديث والفقه، صائم الدهر، كبير الصولة عند العامة والخاصة، ولما سلخ كان يسمع من جسده قراءة القرآن فغلب المغربي بالشام، وأظهر المذهب الرديء، وأبطل التراويح والضحي، وأمر بالقنوت في الظهر، وقتل النابلسي سنه ثلاث، وكان نبيلا رئيس الرملة، فهرب، فأخذ من دمشق.
وقيل: قال شريف ممن يعانده لما قدم مصر: الحمد لله علي سلامتك، قال: الحمد لله علي سلامة ديني، وسلامة دنياك.
قلت (الذهبي): لا يوصف ما قلب هؤلاء العبيدية الدين ظهرا لبطن، واستولوا على المغرب، ثم على مصر والشام وسبوا الصحابة.
حكي ابن السعساع المصري، أنه رأى في النوم أبا بكر بن النابلسي بعدما صلب وهو في أحسن هيئة، فقال: مافعل الله بك؟ فقال:
حباني مالكي بدوام عز
        وواعدني بقرب الانتصار

وقربني وأدناني إليه
        وقال: انعم بعيش في جواري( )

32- لأصحاب البطنة:
قال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني- حفظه الله تعالى- عند كلامه على حديث «البطنة أصل الداء، والحمية أصل الدواء..» وبيانه بطلان الحديث وأنه من كلام الحارث بن كلدة طبيب العرب كما قاله ابن القيم، قال في نهاية كلامه: «وبهذه المناسبة أقول: لقد جوعت نفسي في أواخر سنة 1379هـ أربعين يوما متتابعا، لم أذق في أثنائها طعاما قط، ولم يدخل جوفى إلا الماء! وذلك طلبا للشفاء من بعض الأدواء، فعوفيت من بعضها دون البعض، وكنت قبل ذلك تداويت عند بعض الأطباء، نحو عشر سنوات دون فائدة ظاهرة. وقد خرجت من التجويع المذكور بفائدتين ملموستين:
الأولى: استطاعة الإنسان تحمل الجوع تلك المدة الطويلة خلافا لظن الكثيرين من الناس.
الثانية: أن الجوع يفيد في شفاء الأمراض الامتلائية كما قال ابن القيم- رحمه الله تعالى- وقد يفيد في غيرها أيضا كما جرب كثيرون، ولكنه لايفيد في جميع الأمراض على اختلاف الأجسام...» ( ).
33- شنشنة أعرفها من أخزم:
نسمع أحيانا هذا المثل العربى القديم، فما قصته؟
قال الأصمعي: هذا بيت رجز تمثل به لأبي أخزم الطائى وهو:
             إن بنيَّ زملوني بالدم
             شِنْشِنة أعرفها من أخزم
             من يلق آساد الرجال يُكلم
قال ابن بري: كان أخزم عاقا لأبيه، فمات وترك بنين عقوا جدهم وضربوه وأدموه، فقال ذلك.
والشنشنة: الطبيعة والخليقة والسجية. ( )
34- الأحرف السبعة:
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- في «الفتح» في شرحه لحديث: «أنزل القرآن على سبعة أحرف» قال: «أى على سبعة أوجه يجوز أن يقرأ بكل وجه منها، وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه، بل المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة، فإن قيل فإنا نجد بعض الكلمات يقرأ على أكثر من سبعة أوجه، فالجواب أن غالبا ذلك إما لايثبت الزيادة، وإما أن يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الأداء كما في المد والإمالة ونحوهما. وقيل ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد بل المراد التسهيل والتيسير، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثير في الآحاد كما يطلق السبعين في العشرات، والسبعمائة في المئين ولايراد العدد المعين، وإلى هذا جنح عياض ومن تبعه».
ثم نقل عن أبي شامة قولة «ظن القوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل اللغة قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل». «قال أبو طاهر بن أبي هاشم: إن السبب في اختلاف القراءات السبع وغيرها أن الجهات التي وجهت إليها المصاحف كان بها من الصحابة من حمل عنه أهل تلك الجهة، وكانت المصاحف خالية من النقط والشكل، قال: فثبت أهل كل ناحية على ما كانوا تلقوه سماعا عن الصحابة...» «وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يقرأ بها اليوم وصحت روايتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.. وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما». «.. قال (مكي بن أبي طالب): وأصح القراءات سندا نافع وعاصم، وأفصحها أبو عمرو والكسائي»( ).
35- حقيقة الصراع:
قال سعد جمعة- رئيس وزراء الأردن خلال حرب 1387هـ - 1967م- في كتابه «أبناء الأفاعي»: «لقد قلت مرة لأحد ملوك العرب: إنني استمعت بأذني إلى تسجيل حي لهتاف الجماهير اليهودية حينما وصلت إلى حائط المبكي بعد احتلال القدس سنة 1967م سمعتها تصيح بهوس وجنون:
محمد مات وخلف بنات.. اليوم انتهى محمد.. اليوم قضي على الإسلام.. قلت للملك: لم تهتف تلك الجماهير ضدك أو ضد فلان وفلان من ملوك العرب ورؤسائهم بل انصب هتافها المزمجر على محمد ودين محمد لأن محمد هو هدف المؤامرة كان ولايزال»( )
36- ما أشبه الليلة بالبارحة!:
قال سيد قطب- رحمه الله تعالى- عند حديثه عن قول فرعون عن موسي﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾[غافر الآية26] قال: فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني عن موسى رسول الله- عليه السلام- ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾؟ أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟ أليست هى بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟
إنه منطق واحد، يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان. والقصة القديمة مكررة تعرض بين الحين والحين( ).
 37- الاختلاف في التفسير:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- في بيان سبب اختلاف الصحابة في تفسير القرآن: «الاختلاف الثابت عن الصحابة، بل وعن أئمة التابعين في القرآن أكثره لا يخرج عن وجوه:
(أحدهما) أن يعبر كل منهم عن معنى الاسم بعبارة غير عبارة صاحبه، فالمسمي واحد، وكل اسم يدل على معنى لايدل عليه الاسم الآخر، مع أن كلاهما حق... فإذا قيل الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام، فهي كلها أسماء لمسمى واحد سبحانه وتعالى، وإن كان كل اسم يدل على نعت لله تعالى لايدل عليه الاسم الآخر.
ومثال هذا التفسير كلام العلماء في تفسير (الصراط المستقيم) فهذا يقول: هو الإسلام، وهذا يقول: طريق العبودية، وهذا يقول: طاعة الله ورسوله.
ومعلوم أن الصراط يوصف بهذه الصفات كلها، ويسمي بهذه الأسماء كلها.
(الوجه الثاني) أن يذكر كل منهم من تفسير «الاسم» بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب، لاعلى سبيل الحصر والإحاطة، كما لو سأل أعجمي عن معنى لفظ «الخبز» فأُري رغيفا وقيل هذا هو، فذاك مثال للخبز وإشارة إلى جنسه، لا إلى ذلك الرغيف خاصة.
ومن هذا ما جاء عنهم في قوله تعالى ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾.
فالقول الجامع أن «الظالم لنفسه» هو المفرط بترك مأمور أو فعل محظور، و«المقتصد»: القائم بأداء الواجبات وترك المحرمات، و«السابق بالخيرات»: بمنزلة المقرب الذي يتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض حتى يحبه الحق.
ثم إن كلا منهم يذكر نوعا من هذا، فإذا قال القائل: «الظالم» المؤخر للصلاة عن وقتها، و«المقتصد» المصلي لها في وقتها، و«السابق» المصلي لها في أول وقتها حيث يكون التقديم أفضل.
وقال آخر: «الظالم لنفسه» هو البخيل الذي لايصل رحمه ولا يؤدي زكاة ماله، و«المقتصد» القائم بما يجب عليه من الزكاة وصلة الرحم وقرى الضيف والإعطاء في النائبة، و«السابق» الفاعل المستحب بعد الواجب كما فعل (الصديق الأكبر) حين جاء بماله كله، ولم يكن مع هذا يأخذ من أحد شيئا.
وقال آخر: «الظالم لنفسه» الذي يصوم عن الطعام لا عن الآثام، و«المقتصد» الذي يصوم عن الطعام والآثام، و«السابق» الذي يصوم عن كل ما لا يقربه إلى الله تعالى- وأمثال ذلك- لم تكن هذه الأقوال متنافية بل كلٌ ذكر نوعا مما تناولته الآية.
(الوجه الثالث) أن يذكر أحدهم لنزول الآية «سببا» ويذكر الآخر «سببا» آخر- لا ينافي الأول- ومن الممكن نزولها لأجل السببين جميعا، أو نزولها مرتين: مرة لهذا، ومرة لهذا»( ).
38- وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم..:
ذكر أبو عمر بن عبد البر- رحمه الله تعالى- في «جامع بيان العلم» بسنده عن العباس بن عبد العظيم العنبري قال: كنت عند أحمد بن حنبل وجاءه علي بن المديني راكبا على دابة قال: فتناظرا في الشهادة وارتفعت أصواتهما حتى خفت أن يقع بينهما جفاء، وكان أحمد يرى الشهادة وعلي يأبى ويدفع، فلما أراد علي الانصراف قام أحمد فأخذ بركابه.
وفي ترجمة الإمام الشافعي من «سير أعلام النبلاء»، قال يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوما في مسألة ،ثم افترقنا،ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانا، وإن لم نتفق في مسألة، قلت (الذهبي): هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام، وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون.
وفي «السير» أيضا في ترجمة الإمام إسحاق بن راهويه:
قال أحمد بن حفص السعدي، شيخ ابن عدي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق [ابن راهويه] وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضا( ).
39- تربية اليوم:
قال الدكتور محمد أمين المصري- رحمه الله تعالى- في كتابه «المسؤولية»: «أما التربية التي نتلقاها اليوم فهي تهيب بالفرد أن يحرص على منفعته، يلقن الطفل منذ حداثته بأنه سيدخل المدرسة وسيجد للحصول على الشهادة وسيكون طبيبا أو مهندسا، كل هذا لينعم بالعيش ولتتفتح أمامه سبل الحياة. ويشهد الطفل ما تعانيه الأم لأن ولدا من أولادها لم يفلح ولم ينجح في الحصول على الشهادة الثانوية مثلا، ولايسمع الطفل في مجتمعنا هذا كلمة حزن على هذه الأمة، ولايضرب للطفل أى مثل من أمثلة الجهاد ليقتدي به، وهكذا ينشأ الطفل وقد ملأ سمعه وبصره وخلط كل ذرة من ذرات قلبه ونفسه الحصول على الشهادة في سبيل العيش، واتخذ العلم وسيلة لذلك وانحطت درجة العلم وامتهنت كرامته، وليست المدرسة أحسن حالا من المنزل فالطالب يخوف ويحذر من عدم النجاح، وجهود المدرسة كلها منصبة على الشهادة مبذولة في سبيلها».
«وتربيتنا في المنزل وفي المدرسة تربية تؤدي إلى الأثرة وحب الذات وإلى أن يجعل الغرض من الحياة منزلا فخما وأثاثا وريشا.
الأم تضع هذه المعاني في ذهن الطفل ولاتحسن أبدا أن تقول له: يابني إني لأرجو الله أن يقر عيني بجهادك في سبيل الله ونضالك في سبيل الحق واستشهادك في سبيل إعلاء كلمة الله، إن هذه الكلمات أصبحت مرعبة مفزعة تستعيذ الأم من أن تسمع ابنا لها ينطق بمثلها»( ).
 40- بكاء الرجال:
قال ابن الجوزي- رحمه الله تعالى- في ترجمة شيخه عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي (ت535هـ) «.. وما عرفنا من مشايخنا أكثر سماعا منه، ولا أكثر كتابة للحديث، ولا أصبر على الإقراء، ولا أحسن بشرا ولقاء، ولا أسرع دمعة ولا أكثر بكاء.
ولقد كنت أقرأ عليه الحديث في زمان الصبا ولم أذق بعد طعم العلم، فكان يبكي بكاء متصلا، وكان ذلك البكاء يعمل في قلبي وأقول: ما يبكي هذا هكذا إلا أمر عظيم، فاستفدت ببكائه ما لم أستفد بروايته»( ).
وفي ترجمة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب  قال الذهبي في «السير»: «روى عاصم بن محمد العمري، عن أبيه قال: ماسمعت ابن عمر ذكر النبي  إلا بكى»( ).
وفي «السير» أيضا في ترجمة محمد بن المنكدر (ت 130هـ)- رحمه الله تعالى- «.. وقال أبو حاتم البستي: كان (ابن المنكدر) من سادات القراء، لايتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله ..» ( ).
وفي ترجمة أيوب السختياني (ت131هـ) من «السير» أيضا: «حدثني حبيب بن الحسن... قال حدثني إسحاق بن محمد قال سمعت مالكا يقول: كنا ندخل على أيوب السختياني، فإذا ذكرنا رسول الله ، بكى حتى نرحمه»( ).
41- المرأة في الغرب:
قال الشيخ الطنطاوي- حفظه الله- «رأيت في بروكسيل عند ملتقى طريقين، وقد فتح الطريق للمارة، عجوزا لاتحملها ساقها، تضطرب من الكبر أعضاؤها تريد أن تجتاز والسيارات من حولها تكاد تدعسها، ولا يمسك أحد بيدها، فقلت لمن كان معي من الشباب: ليذهب أحدكم فليساعدها، وكان معنا الصديق الأستاذ نديم ظبيان، وهو مقيم في بروكسيل منذ أكثر من أربعين سنة، فقال لي: أتدري أن هذه العجوز كانت يوما جميلة البلدة، وفتنة الناس، وكان الرجال يلقون بقلوبهم وما في (جيوبهم) على قدميها ليفوزوا بنظرة أو لمسة منها، فلما ذهب شبابها وزوى جمالها، لم تعد تجد من يمسك بيدها!!» ( ).
42- شاهد من أهلها:
قال المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي- رحمه الله تعالى- وهو يتحدث عن بعض هزائم جيش محمد علي عند دخول قواته إلى الجزيرة العربية:
«... ولقد قال لى بعض أكابرهم (من جيش محمد على) من الذين يدعون الصلاح والتورع: أين لنا بنصر وأكثر عساكرنا على غير الملة، وفيهم من لايتدين بدين ولاينتحل مذهبا، وصحبتنا صناديق المسكرات ولايسمع في عرضينا( )  أذان ولا تقام به فريضة، ولايخطر في بالهم ولاخاطرهم شعائر الدين. والقوم( ) إذا دخل الوقت أذن المؤذنون وينتظمون صفوفا خلف إمام واحد بخشوع وخضوع، وإذا حان وقت الصلاة والحرب قائمة أذن المؤذن وصلوا صلاة الخوف فتتقدم طائفة الحرب وتتأخر الأخرى للصلاة، وعسكرنا يتعجبون من ذلك لأنهم لم يسمعوا به فضلا عن رؤيته..» ( )
43- الهزيمة النفسية:
ذكر الدكتور عبد الله الخاطر- رحمه الله تعالى- وهو يتحدث عن أعراض الهزيمة النفسية عند المسلمين ومنها إخفاء الهوية الإسلامية وفقدان العزة، ذكر قصة شاب إنجليزي اعتنق الإسلام، وبعد إسلامه بثلاثة أسابيع وجد وظيفة في بلدة أخرى، فأراد شباب الجمعية الإسلامية اللحاق به وإقناعه بأن لايذكر لأصحاب الوظيفة بأنه قد أسلم، كى لايكون ذلك سببا في عدم قبوله في هذه الوظيفة، فيتأثر نفسيا فيرتد عن دينه، فما استطاعوا اللحاق به حتى ذهب للمقابلة الشخصية لتلك الوظيفة، فوجد أناسا كثيرين غير مسلمين يسابقون على نفس الوظيفة، فلما دخل للمقابلة الشخصية ذكر لهم بأنه قد أسلم وكان أسمه «رود» وأصبح «عمر» وقال: غيرت ديني وغيرت اسمي وأريد أن يكون لي وقت للصلاة إذا أنتم قبلتموني في هذه الوظيفة. فما كان منهم إلا أن قبلوه في تلك الوظيفة، وكان الأمر أعجب عندما قالوا له: إننا نريد في هذه الوظيفة رجلًا عنده القدرة على اتخاذ القرارات، وأنت عندك قدرة عظيمة جدا في اتخاذ القرارات، فقد غيرت دينك وغيرت اسمك( ).
44- ابك مثل النساء:
قال الأستاذ زهدي الفاتح-حفظه الله تعالى-:
«الحمراء في الأندلس كانت آخر ما تخلينا عنه( ).
أبو عبد الله محمد بن السلطان علي بن الحسن، الغني بالله، أحد سلاطين بني الأحمر، قام بتسليم مفاتيح الحمراء لفرناندو وإيزابيلا، وسارعلى جواده منكس الرأس،وكأنه كان يعطي إشارة إلى العرب والمسلمين للبدء بتنكيس الرأس!!
أكثر من ذلك:
 فلدى بلوغه إلى آخر نقطة يستطيع منها رؤية الحمراء، وهو في مشيته الذليلة الذاهلة، التفت إلى الحمراء.. وراح ينتحب في مرارة، رغم أنه يعرف أن هذه الدنيا لم تخلق للبكائين، ولاللمتباكين، ولاللجبناء ولاللمنتحبين.
وعرف الموضع الذي شهد وقفة أبي عبد الله باكيا منذ ذلك الحين باسم «حسرة العربي».
«كثيرة هي الأمم التى بكاها التاريخ.. مثل العرب لم يبكهم التاريخ، أمه العرب احتكرت –ربما - دموع التاريخ منذ أن أسقطت الإسلام عنها في الأندلس.
الأسبان لم يسقطوا العرب عن الأندلس، بل العرب أنفسهم هم الذين تخلوا عن الأندلس. ومنذ السقطة الأندلسية حتى اليوم، والتاريخ يبكي العرب...حتي بدوا- في تاريخهم الحديث خاصة- وكأن لا هم لهم غير ارتقاب التاريخ يذرف دمعه، دمعه إثر دمعة، ونكبة بعد نكبة»( ).
45- الفرق بين.. وبين..:
قال الإمام ابن القيم- رحمه الله تعالى-:
الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق أن خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء.. فيخشع القلب لامحالة فيتبعه خشوع الجوارح. أما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع...
والفرق بين التواضع والمهانة أن التواضع يتولد من بين العلم بالله سبحانه وتعالى ومعرفة أسمائه وصفاته...، ومن معرفته بنفسه وتفاصيلها وعيوب عملها وآفاتها، فيتولد من بين ذلك كله خلق هو التواضع وهو انكسار القلب لله وخفض جناح الذل والرحمة بعباده... وهذا خلق إنما يعطيه الله عز وجل من يحبه ويكرمه ويقربه. (وأما المهانة) فهى الدناءة والخسة وبذل النفس وابتذال في نيل حظوظها وشهواتها كتواضع السفل في نيل شهواتهم..
والفرق بين الجود والسرف، أن الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه، والمسرف مبذر، وقد يصادف عطاؤه موضعه، وكثيرا لايصادفه..
والفرق بين المهابة والكبر، أن المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور ونزلت عليه السكينة، وأُلبس رداء الهيبة فاكتسى وجهه الحلاوة والمهابة فأخذ بمجامع القلوب... وإن سكت علاه الوقار، وإن تكلم أخذ بالقلوب والأسماع. وأما الكبر فأثر من آثار العجب والبغي من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم... فنظره إلى الناس شزر... ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار ولا الإنصاف.. ولايرى لأحد عليه حقا، ويرى حقوقه على الناس، ولايرى فضلهم عليه ويرى فضله عليهم، لايزداد من الله إلا بعدا ومن الناس إلا صغرا أوبغضا.
والفرق بين الشجاعة والجرأة، أن الشجاعة من القلب وهي ثباته واستقراره عند المخاوف، وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن... وأما الجرأة فهى إقدام سببه قلة المبالاة وعدم النظر في العاقبة..
والفرق بين الرجاء والتمني، أن الرجاء يكون مع بذل الجهد واستفراغ الطاقة في الإتيان بأسباب الظفر والفوز. أما التمني فهو حديث النفس بحصول ذلك مع تعطيل الأسباب الموصلة إليه...
والفرق بين المنافسة والحسد، أن المنافسة المبادرة إلى الكمال الذي تشاهده من غيرك فتنافسه فيه حتى تلحقه أو تجاوزه، فهى من شرف النفس وعلو الهمة وكبر القدر، قال تعالى﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾... والحسد خلق نفس ذميمة وضيعة ساقطة ليس لها حرص على الخير، فلعجزها ومهانتها تحسد من يكسب الخير والمحامد ويفوز بها دونها، وتتمنى أن لو فاته كسبها حتى يساويها في العدم..
والفرق بين المبادرة والعجلة أن المبادرة انتهاز الفرصة في وقتها ولايتركها حتى إذا فاتت طلبها، فهو لايطلب الأمور في إدبارها ولا قبل وقتها بل إذا حضر وقتها بادر إليها... والعجلة طلب أخذ الشىء قبل وقته، فهو لشدة حرصه عليه بمنزلة من أخذ الثمرة قبل أوان إدراكها..
والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد المعطلين أن توحيد الرسل إثبات صفات الكمال لله على وجه التفصيل وعبادته وحده لاشريك له، فلايجعل له ندا في قصد ولاحب ولاخوف ولارجاء ولا لفظ ولا حلف ولا نذر، بل يرفع العبد الأنداد له من قلبه وقصده ولسانه وعبادته كما أنها معدومة في نفس الأمر لا وجود لها البتة فلا يجعل لها وجودا في قلبه ولسانه.
وأما توحيد المعطلين فنفي حقائق أسمائه وصفاته وتعطيلها، ومن أمكنه منهم تعطيلها من لسانه عطلها فلا يذكرها، ولايذكر آية تتضمنها ولاحديثا يصرح بشىء منها، ومن لم يمكنه تعطيل ذكرها سطا عليها بالتحريف ونفى حقيقتها وجعلها اسما فارغا لامعنى له... ( ).
  46- همّ يوسف:
قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي (ت 1393هـ)- رحمه الله تعالى- في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ [الآية24 من سورة يوسف] قال: «ظاهر هذه الآية الكريمة قد يفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام همّ بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت به منه، ولكن القرآن العظيم بين براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لاينبغي حيث بين شهادة كل من له تعلق بالمسألة ببراءته، وشهادة الله له بذلك واعتراف إبليس به.» ثم قال-رحمه الله- «.. ولكن ماتقولون في قوله تعالى: ﴿هَمَّ بِهَا﴾؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن المراد بهمّ يوسف بها خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوي، وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى، وهذا لامعصية فيه لأنه أمر جبليّ لا يتعلق به التكليف، كما في الحديث عنه  أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك». يعني ميل القلب الطبيعي...
... وهمَّ بنو حارثة وبنو سلمة بالفرار يوم أحد كهمِّ يوسف هذا، بدليل قوله: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾ لأن قوله: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾ يدل على أن ذلك الهم ليس معصية، لأن اتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية.
والجواب الثاني- وهو اختيار أبي حيان-: أن يوسف لم يقع منه همٌّ أصلا، بل هو منفي عنه لوجود البرهان.
قال مقيده- عفا الله عنه-: هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان وغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية، لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب: أن الجواب المحذوف يذكر قبله مايدل عليه، كقوله: ﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ أي أن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه، فالأول: دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب، لأن جواب الشرط وجواب "لولا" لا يتقدم، ولكن يكون المذكور قبله دليلا عليه كالآية المذكورة، وكقوله ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم.
وعلى هذا القول: فمعنى الآية ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ أي لولا أن رآه هم بها، فما قبل «لولا» هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة.
ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ فما قبل"لولا" دليل الجواب. أي لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به..» ( ).
47- ثلاث فوائد:
جاء في ترجمة أبي عبيد القاسم بن سلام- رحمه الله تعالى- أنه قال: «زرت أحمد بن حنبل، فلما دخلت عليه بيته قام فاعتنقني، وأجلسني في صدر مجلسه، فقلت: يا أبا عبد الله، أليس يقال صاحب البيت- أو المجلس- أحق بصدر بيته أو مجلسه؟ قال: نعم يقعد ويقعد من يريد. قال: فقلت في نفسي: خذ إليك يا أبا عبيدة فائدة. ثم قلت: يا أبا عبد الله لو كنت آتيك على حق ماتستحق لأتيتك كل يوم. فقال: لاتقل ذاك، فإن لى إخوانا ما ألقاهم في كل سنة إلا مرة، أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم. قال: قلت: هذه أخرى يا أبا عبيد.
فلما أردت القيام قام معي. قلت لاتفعل يا أبا عبد الله. فقال قال الشعبي: «من تمام زيارة الزائر أن تمشى معه إلى باب الدار، ويؤخذ بركابه» «قال: قلت: يا أبا عبد الله من عن الشعبي؟ قال: ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي. قال: قلت: يا أبا عبيد: هذه ثالثة»( ).
48- من مغن إلى مقرئ:
جاء في «سير أعلام النبلاء» في ترجمة: «زاذان أبو عمرو الكندي، مولاهم الكوفي البزاز الضرير» قال الذهبي: أحد العلماء الكبار، ولد في حياة النبي  وشهد خطبة عمر بالجابية.
«قال زاذان: كنت غلاما حسن الصوت، جيد الضرب بالطنبور، فكنت مع صاحب لي وعندنا نبيذ، وأنا أغنيهم فمر ابن مسعود  فدخل فضرب الباطية( )، بددها، وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان مايسمع من حسن صوتك ياغلام بالقرآن كنت أنت أنت، ثم مضى. فقلت لأصحابي: من هذا؟ قالوا ابن مسعود، فألقي في نفسي التوبة فسعيت أبكي، وأخذت بثوبه، فأقبل علي فاعتنقني وبكى، وقال مرحبا بمن أحبه الله، اجلس، ثم دخل وأخرج لي تمرا»
«قال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جذع»( ).
وفي «ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب في ترجمة عبد الرحمن بن النفيس بن الأسعد الفقيه المقرئ (ت560هـ): كان في ابتداء أمره يغني، وله صوت حسن، ثم تاب وحسنت توبته... وكان فقيها فاضلا، قارئا مجودا، مليح التلاوة، طيب النغمة. ( )
وفي «الدرر الكامنة» لابن حجر في ترجمة علي بن عبد الله المارديني (ت772): كان يضرب بالعود فبلغ الناصر بن قلاون (سلطان المماليك) خبره فاستهداه من صاحبه فأرسله في سنة 728هـ، فحظي عنده إلى الغاية، فلما مات الناصر تاب من ضرب العود، وكسر آلته، مع أنه كان لانظير له فيه( )
وفي «صفة الصفوة» لابن الجوزي في ترجمة أبي الحارث الأولاسي فيض بن الخضر(ت297): «كان شابا يغني في أول أمره» ثم ذكر قصة توبته ( ).
وفي «وفيات الأعيان» لابن خلكان في ترجمة أبي بكر الرازي الطبيب المشهور (ت311هـ): أنه كان في شبيبته يضرب بالعود ويغني، فلما التحى وجهه قال:كل غناء يخرج من بين شارب ولحية لا يستظرف( ).
وعلى العكس من ذلك ماذكره ابن كثير في «البداية والنهاية» في حوادث سنة192هـ في ترجمة: إسماعيل بن جامع بن أبي وداعة أحد المشاهير بالغناء، كان ممن يضرب به المثل! وقد كان أولا يحفظ القرآن(!) ثم صار إلى صناعة الغناء وترك القرآن) ( )(!)
وفي «الأعلام» للزركلي في ترجمة: سيد درويش البحر (1309-1342هـ): حفظ القرآن، وتحول من ترتيله إلى إلقاء التواشيح!.. ثم الضرب على العود!.. واشتغل بتلحين الأغاني للفرق المسرحية.. وابتلي بشم «الكوكايين»! فمات بتأثيره( )(!) نعوذ بالله من الخذلان( )، ومن الحور بعد الكور، ونسأله تعالى حسن الخاتمة.
49- يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان:
قال سفيان بن حسين: ذكرت رجلا بسوء عند إياس بن معاوية فنظر في وجهي وقال: أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: السند والهند والترك؟ قال: لا. قال: أفسلم منك الروم والسند والهند والترك، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟ قال: فلم أعد بعدها( ).
50- غربة الدين:
قال صاحب كتاب «الغرباء الأولون»: ويمكن تقسيم المعنى العام للغربة إلى صورتين:
الأولى: غربة أهل الإسلام في أهل الأديان، في كل زمان ومكان، فالمسلمون في الكفار هم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض...
الثانية: هي غربة أهل السنة الصابرين عليها، المنتسبين إليها، البراء مما عداها، في أهل الإسلام.
وغربة هؤلاء المسلمين قد تكون في كثير من الأحيان أشد من غربة المسلمين في سائر الأديان، وكلما ازداد تمسك هذا الغريب بالسنة- علما وعملا- ازدادت غربته وقل مشاكلوه وكثر مخالفوه، فهو مسافر في طريق طويل، ذي مراحل، ومعه أصحاب، كلما قطع مرحلة انقطع بعضهم، حتى لا يكاد يواصل السير معه إلا القليل.
وقد كانوا إذا عدوا قليلا
        
        فقد صاروا أقل من القليل!

ويجد هذا الغريب كرب الغربة ولأواءها وشدتها على النفس حين يكون المنابذون له، المسفهون لرأيه، هم من إخوته في الدين!
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
        
        على المرء من وقع الحسام المهند

فالمسلم لا يعجب أن يحاربه الكفار، ويضعوا العقبات والأشواك في سبيله، بل العجب لو لم يفعلوا ذلك.
لكن أن يكون إخوانه في الدين هم القائمون بهذا الإيذاء.. فذلك الجرح الذي لايندمل.
ولذلك قال سفيان الثوري-رحمه الله-:
«استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء»( )
وقال: «إذا بلغك عن الرجل بالمشرق صاحب سنة، وآخر بالمغرب، فابعث إليهما السلام، وادع لهما، ماأقل أهل السنة والجماعة».
وقال أبو بكر بن عياش: «السنة في الإسلام أعز من الإسلام في سائر الأديان»( ).
51- دم البعوض، ودم الحسين:
قال العلامة ابن القيم (ت751هـ)- رحمه الله تعالى-:
«ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لايلقى لها بالا ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولايبالي بما يقول»( )!
وقبله قال ابن الجوزي (ت597هـ) - رحمه الله تعالى-:
«رأيت كثيرا من الناس يتحرزون من رشاشة نجاسة ولايتحاشون من الغيبة، ويكثرون من الصدقة ولايبالون بمعاملات الربا، ويتهدجون بالليل ويؤخرون الفريضة عن الوقت، في أشياء يطول عددها من حفظ فروع وتضييع أصول، فبحثت عن سبب ذلك، فوجدته من شيئين: أحدهما العادة، والثاني غلبة الهوى في تحصيل المطلوب، فإنه قد يغلب فلايترك سمعا ولا بصرا»( ).
52- تفنيد:
يستدل بعض القائلين بعدم نقض الوضوء من أكل لحم الإبل- ضمن أدلتهم- بأن الخلفاء الأربعة  لم يكونوا يرون الوضوء منه، وقد فند شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- هذا الزعم بقوله:
«وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة.. أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحم الإبل، فقد غلط عليهم، وإنما توهم ذلك لما نقل عنهم: «أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار» وأما المراد: أن أكل ما مس النار ليس هو سببا عندهم لوجوب الوضوء، والذي أمر به النبي  من الوضوء من لحوم الإبل ليس سببه مس النار، كما يقال كان فلان لايتوضأ من مس الذكر. وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه مذي».
ثم قال: «ولقد كان أحمد- رحمه الله- يعجب ممن يدع حديث الوضوء من لحوم الإبل» مع صحته التي لاشك فيها وعدم المعارض له، ويتوضأ من مس الذكر مع تعارض الأحاديث فيه، وأن أسانيدها ليست كأحاديث الوضوء من لحوم الإبل..». «وكان أحمد يعجب أيضا ممن لايتوضأ من لحوم الإبل، ويتوضأ من الضحك في الصلاة،مع أنه أبعد عن القياس والأثر، والأثر فيه مرسل قد ضعفه أكثر الناس، وقد صح عن الصحابة مايخالفه»( ).
53- وشهدوا على أنفسهم:
أتى نفر من أهل العراق إلى علي بن الحسين- رحمه الله ورضي عن أبيه وجده- فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم- فلما فرغوا قال: ألا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾؟
قالوا: لا. قال: فأنتم﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾؟
قالوا: لا. قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، ثم قال: أشهد أنكم لستم من الذين قال الله عز وجل﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ اخرجوا فعل الله بكم( ).
54- الذهبي وفرسان الأمة:
قال الإمام الذهبي- رحمه الله تعالي- «قلت: الكتابة مسلّمة لابن البوّاب، كما أن أقرأ الأمة أبي بن كعب، وأقضاهم علىّ، وأفرضهم زيد، وأعلمهم بالتأويل ابن عباس، وأمينهم أبو عبيدة، وعابرهم محمد بن سيرين، وأصدقهم لهجة أبو ذر، وفقيه الأمة مالك، ومحدثهم أحمد بن حنبل، ولغويهم أبو عبيد، وشاعرهم أبو تمام، وعابدهم الفضيل، وحافظهم سفيان الثوري، وأخباريهم الواقدي، وزاهدهم معروف الكرخي، ونحويهم سيبويه، وعروضيهم الخليل، وخطيبهم ابن نباتة، ومنشئهم القاضي الفاضل، وفارسهم خالد بن الوليد رحمهم الله»( ).
55- فبهت الذي كفر:
يروي الدكتور عبد الودود شلبي: «أن طالبا سودانيا مسلما كان يدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت.. وكان هذا الطالب محافظا على أداء فرائضه الدينية، وفي أحد الأيام لاحظه أحد المدرسين في هذه الجامعة- وهو أمريكي- يتوضأ للصلاة، فصاح فيه غاضبا: كيف تغسل قدميك في حوض نغسل فيه وجوهنا؟ إنها حيلة الذئب المعروفة مع الحمل.
فقال له الطالب السوداني: كم مرة تغسل وجهك في اليوم؟
قال الأستاذ الأمريكي: مرة واحدة في كل صباح طبعا.
فقال الطالب السوداني: أما أنا فأغسل رجلي على الأقل خمس مرات في اليوم.. ولك أن تحكم بعد ذلك أيهما أكثر نظافة رجلي أم وجهك!!؟» ( ).
 
56- قاعدة مطّردة:
قال الإمام الشوكاني- رحمه الله تعالى- في كتابه «البدر الطالع» في ترجمة شيخ الإسلام الإمام أحمد بن تيمية- رحمه الله تعالى- بعد نقله لكلام الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى- في الثناء على شيخه، قال:... ومع هذا فقد وقع له مع أهل عصره قلاقل وزلازل، وامتحن مرة بعد أخرى في حياته، وجرت فتن عديدة. والناس قسمان في شأنه فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه بل يرميه بالعظائم. وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد ويتعصب له كما يتعصب أهل القسم الأول عليه. وهذه قاعدة مطرودة في كل عالم يتبحر في المعارف العلمية، ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة، فإنه لابد أن يستنكره المقصرون، ويقع له معهم محنة بعد محنة. ثم يكون أمره الأعلى وقواه الأولى، ويصير له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين، ويكون لعلمه حظ لايكون لغيره، وهكذا حال هذا الإمام، فإنه بعد موته عرف الناس مقداره، واتفقت الألسن بالثناء عليه إلا من لايعتد به وطارت مصنفاته واشتهرت مقالاته.
... والظاهر أنه لو سلم مما عرض له من المحن المستغرقة لأكثر أيامه، المكدرة لذهنه المشوشة لفهمه، لكان له من المؤلفات، والاجتهادات مالم يكن لغيره( ).
57- من يشتري؟
لابن الجوزي (ت597هـ)- رحمه الله تعالى- لفتات جميلة وتنبيهات لطيفة في مواضع من كتبه ومن ذلك ماقاله في «صيد الخاطر»:
من تأمل بعين الفكر دوام البقاء في الجنة في صفاء بلا كدر، ولذات بلا انقطاع، وبلوغ كل مطلوب للنفس، والزيادة مما لاعين رأت، ولا أذن سمعت، ولاخطر على قلب بشر، من غير تغيير ولازوال، إذ لايقال ألف ألف سنه ولامائة ألف ألف، بل ولو أن الإنسان عد ألوف ألوف السنين لاينقضي عده وكان له نهاية، وبقاء الآخرة لانفاد له.
إلا أنه لايحصل ذلك إلابنقد هذا العمر. وما مقدار عمر غايته مائة سنة منها خمسة عشر صبوة جهل، وثلاثون بعد السبعين- إن حصلت- ضعف وعجز؟ والتوسط نصفه نوم، وبعضه زمان أكل وشرب وكسب، والمنتحل منه للعبادات يسير.
أفلا يُشترى ذلك الدائم بهذا القليل؟ إن الإعراض عن الشروع في هذا البيع والشراء لغبن فاحش في العقل، وخلل داخل في الإيمان بالوعد( ).
 
58- حكايات الأغاني:
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي (ت1386هـ)- رحمه الله تعالى- في «التنكيل» في بيان كثرة الكذب والحكايات الفاجرة في بعض كتب الأدب كــ «الأغاني» ونحوه وبيان بعض الأغراض التي تدفع الفجرة على الكذب فقال:كان فجرة الإخباريين يضعون تلك الحكايات لأغراض منها دفع الملامة عن أنفسهم، يقولون ليس هذا عيبا خاصا بنا بل كان من قبلنا كذلك حتى المشهورين بالفضل، ومنها ترويج الفجور والدعاية إليه ليكثر أهله فيجد الداعي مساعدين عليه ويقوى عذره، ومنها ترغيب الأمراء والأغنياء في الفجور وتشجيعهم عليه ليجد الرعاة المتأدبون مراعي خصبة يتمتعون فيها بلذاتهم وشهواتهم، ومنها التقرب إلى الأمراء والأغنياء بالحكايات الفاجرة التي يلذ لهم سماعها إلى غير ذلك، وما يوجد في تلك الكتب من الصدق إنما يصور طائفة مخصوصة كالأمراء المترفين والشعراء والأدباء ونحوهم( ).
59- فتنه النساء:
قال اللواء محمود شيت خطاب- حفظه الله تعالى-:
«رأيت رجلا كهلا في(جنين)[بفلسطين] يمشي مطرق الرأس بأسماله البالية يستجدي الصدقات من الناس.
وقال صاحبي الفلسطيني يحدثني عن أمر هذا الكهل المسكين فقال:
كان هذا الرجل يمتلك بيارة( )  للحمضيات تدر عليه عشرة آلاف جنية كل عام، وكان يمتلك مايزيد على الألف دونم من الأرض الخصبة المباركة التي فيها العيون، وكان في بيارته أجير يهودي له ابنة حسناء في السادسة عشرة من عمرها، وكانت تحضر الطعام لوالدها ظهر كل يوم.
وفي يوم من الأيام اختلى بها هذا الرجل فراودها عن نفسها فامتنعت عليه، فشغف بها حبا، وفي اليوم الثاني عادت إليه، فأعاد الرجل مراودتها، فقالت له: لا أسلم لك نفسي إلا بأن تكتب باسمي دونمًا من أرضك! ووافق الرجل، واستسلمت له الفتاة ثم صارت تمتنع عليه إلا إذا كتب باسمها دونمًا جديدا، واستمر حالها على هذا المنوال حتى أصبح هذا الرجل أجيرا في بيارته وأرضه التي أصبحت ملكا للفتاة اليهودية الحسناء، وكان أبوها يعلم ما جرى ويجرى لابنته وهو فرحان مرتاح، حتى إذا أصبح اليهود دولة طرد هذا الرجل من عمله، فأصبح حاله كما ترى يستجدي أكف الناس»( ).
60- سِيَرُ الذهبي:
قد يكون من المتفق عليه عند أهل العلم أن كتاب «سير أعلام النبلاء» للذهبي- رحمه الله تعالى- هو أمتع كتب السير والتراجم وأحسنها وأكثرها فائدة، لكن الأمر الذي يجهله الكثير هو أن سير النبلاء المطبوع والمتداول في ثلاثة وعشرين مجلدا- عدا الفهارس في المجلدين- ينقصه الجزء الأخير منه وهو في حكم المفقود إلى اليوم.
قال الدكتور بشار عواد معروف في مقدمته الحافلة لـ «سير أعلام النبلاء» «.. وكان من المظنون أن المجلد الثالث عشر من نسخة ابن طوغان- وهو المجلد الذي يبتدئ بترجمة المحدث الكبير أبي طاهر السلفي المتوفى سنة576هـ، وينتهي بترجمة السلطان الملك المنصور نور الدين علي بن السلطان الملك المعز أيبك التركماني الصالحي المعزول من السلطنة سنة 657هـ، والذي تأخرت وفاته إلى حدود سنة700هـ -أقول كان من المظنون أن هذا هو المجلد الأخير من الكتاب، لكني أعتقد- بل أكاد أجزم- أن هناك مجلدا آخر يتمم الكتاب هو المجلد الرابع عشر».اهـ.
ثم ذكر الدكتور بشار بعض الأدلة على تأييد ما ذهب إليه.
فليراجعها من شاء في مقدمته (السير1/94). ويمكن الجزم بلا أدنى تردد بصحة ما ذهب إليه الأستاذ بشار، وأسوق هنا شواهد دامغة على ذلك، فقد ذكر الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى- في كتابه «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» وهو الخاص بتراجم أهل القرن الثامن الذي توفي الذهبي في منتصفه تقريبا(748هـ) ذكر نقلا عن الذهبي في السير هي في الدرر كالتالي:  
1- في (1/426) قال في ترجمة تنكز نائب الشام (ت741هـ): «... وقال الذهبي في أواخر كتابه سير النبلاء( ) كان ذا سطوة وهيبة...» ولا توجد ترجمة لـ تنكز في المطبوع من السير.
2- في (2/201) قال ابن حجر في ترجمتة صالح بن عبد الله بن جعفر بن الصباغ الحنفي الكوفي (ت727هـ): «... وذكره الصفدي في حرف العين المهملة فقال عبد الله بن جعفر إلى آخره وأظنه وهم في ذلك، ثم رأيته تبع الذهبي فإنه ذكره في سير النبلاء كذلك، وكان قد ذكره قبل ذلك فقال صالح بن عبد الله...».
3- وفي (2/254) في ترجمة عبد الله بن أبي جمرة البستي المالكي: «... اتفق أنه صعد المنبر يوم الجمعة فسقط ميتا وذلك في سنة710هـ نقلته من ذيل سير النبلاء»
4- وفي (3/284) في ترجمة محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الواسطي (ت738هـ) «... ومات عن نيف وثمانين سنة نقلته من سير النبلاء».
5- وفي (3/351) في ترجمة محمد بن أحمد بن أبي الوليد... بن قاضي الجماعة: «قال الذهبي في ذيل العبر... وقال في سير النبلاء:« كان وقورا منور الشيبة حسن الفضيلة متين الديانة والتأله منقبضا مات في الثامن عشر من رجب سنة718هـ».
6- وفي (4/112) في ترجمة محمد بن عمر بن محمد الفهري السبتي (ت721هـ): «قال الذهبي في سير النبلاء...».
وجميع هذه التراجم ليست في السير المطبوع، وهى لا تدع مجالا للشك في بقاء قطعة مفقودة من هذا السفر النفيس، لعلها تحوي تراجم الأئمة: ابن تيمية، والنووي، والمزي وغيرهم. أسأل الله أن يوفق الباحثين للعثور على هذا الجزء المفقود ( )( ).
 
فهرس الموضوعات
العنوان    الصفحة
مقدمة    5
1- الفائدة    6
2- الفرح بالفائدة    6
3- الخوف من المخلوق والخوف من الخالق    7
4- إنه على كل شيء قدير    7
5- شرف العلم    9
6- بعض غثاء السيل    10
7- براءة    11
8- الجهل والهوى    11
9- لا تسقني ماء الحياة بذلة    14
10- الفجر الجديد    16
11- الوقوف بين يدي السلطان وبين يدي الرحمن    17
12- بكاء الخشية    18
13- مستدرك الحاكم بمنظار الذهبي    19
14- مات نضاله    20
15- هل يقتص من العائن؟    22
16- صورة بدون تحية    23
17- بل هم أضل    25
18- تفقد قلبك    25
19- دليل المبطل دليل عليه    26
20- فائدة حديثية    26
21- الثروة المهدرة    27
22- ما سمعه ابن عباس عن رسول الله     27
23- الموت حزنًا    28
24- حياك الله وبياك    28
25- الشرق الأوسط    29
26- حسن الخاتمة    29
27- بين الأمس واليوم    30
28- الفن الهابط والإعلام المنهزم    31
29- مهزلة الشعر الحر    31
30- هل أحسنت الموقف الأول؟    32
31- هم العدو    33
32- لأصحاب البطنة    35
33- شنشنة أعرفها من أخزم    37
34- الأحرف السبعة    37
35- حقيقة الصراع    39
36- ما أشبه الليلة بالبارحة    39
37- الاختلاف في التفسير    40
38- وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم    42
39- تربية اليوم    43
40 بكاء الرجال    44
41- المرأة في الغرب    46
42- شاهد من أهلها    46
43- الهزيمة النفسية    47
44- ابك مثل النساء    48
45- الفرق بين.. وبين    49
46- همّ يوسف    52
47- ثلاث فوائد    54
48- من مغن إلى مقرئ    55
49- يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان    57
50- غربة الدين    58
51- دم البعوض ودم الحسين    59
52- تفنيد    60
53- وشهدوا على أنفسهم    61
54- الذهبي وفرسان الأمة    62
55- فبهت الذي كفر    63
56- قاعدة مطردة    64
57- من يشترى    65
58- حكايات الأغاني    66
59- فتنة النساء    66
60- سير الذهبي    68