About the fatwa

Date :

Mon, Oct 27 2014
Question

أحاديث ضعيفة في عدم قبول عمل المبتدع مطلقا

السؤال : قرأت سؤالا في موقعكم حول شخص يقع في البدع ، وذكرتم أنه تجوز الصلاة خلف المبتدع الذي لم تصل بدعته إلى حد الشرك ، لكني قابلت الحديث التالي في ابن ماجه والدارمي ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ، ولا صلاة ، ولا صدقة ، ولا حجا ، ولا عمرة ، ولا جهادا ، ولا صرفا ، ولا عدلا ، يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من العجين ) فإذا كان هذا الحديث صحيحا فكيف نصلي وراء المبتدع حتى ولو لم يقع في الشرك ؟ في الحديث السابق جاءت كلمة : " صاحب بدعة " عامة تشمل كل مبتدع . في المنطقة التي أعيش بها توجد بعض المساجد تقع في البدع ، بينما المسجد الذي يسير على السنة بعيد عن بيتي جدًا . فماذا أفعل ؟ رجاء بيان الأمر بأدلته من القرآن والسنة . بارك الله فيكم تلقاء هذا العمل العظيم الذي تقومون به .
Answer
Answer
الجواب : الحمد لله أولا : سبق تقرير حكم الصلاة خلف المبتدع ، في جواب السؤال رقم : (20885) ، (26152) ، فلا داعي لإعادته هنا . ثانيا : أما الحديث الذي جاء في السؤال ، وغيره من الأحاديث المرفوعة الواردة في عدم قبول عمل المبتدع ، فهي أحاديث ضعيفة أو منكرة لا تصح ، وهذا بيان ذلك : الحديث الأول : عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ صَوْمًا ، وَلَا صَلَاةً ، وَلَا صَدَقَةً ، وَلَا حَجًّا ، وَلَا عُمْرَةً ، وَلَا جِهَادًا ، وَلَا صَرْفًا ، وَلَا عَدْلًا ، يَخْرُجُ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا تَخْرُجُ الشَّعَرَةُ مِنْ الْعَجِينِ ) رواه ابن ماجه في "السنن" (رقم/49) قال : حدثنا داود بن سليمان العسكري ، حدثنا محمد بن علي أبو هاشم بن أبي خداش الموصلي ، حدثنا محمد بن محصن ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبد الله بن الديلمي ، عن حذيفة به . قال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/1493) : " موضوع ، آفته ابن محصن هذا فإنه كذاب كما قال ابن معين وأبو حاتم ، وقال الحافظ في " التقريب " : كذبوه " وتساهل البوصيري فيه فقال في " الزوائد " (1/10) : " هذا إسناد ضعيف ، فيه محمد بن محصن ، وقد اتفقوا على ضعفه " ووجه التساهل أن الراوي قد يتفق على ضعفه ، وليس بكذاب ، وحينئذ فذكر الاتفاق دون ذكر السبب لا يكون معبرا عن واقع الراوي . فتأمل " انتهى. الحديث الثاني : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَدَعَ بِدْعَتَهُ ) رواه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9/439) ، وابن ماجه في السنن (رقم/50) ، وأبو الفضل المقرئ في "أحاديث في ذم الكلام وأهله" (3/111) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (رقم/32) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (13/185) ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/144) جميعهم من طريق : بشر بن منصور الخياط عن أبي زيد ، عن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن عباس به. قال ابن أبي حاتم –بعد روايته له - : " سئل أبو زرعة عنهما – يعني أبا زيد وأبا المغيرة - : فقال : لا أعرفهما ، ولا أعرف بشر بن منصور الذي روى عنه الأشج " انتهى. وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/145) : " هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وفيه مجاهيل " انتهى. وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/1492) : " منكر ، وهذا إسناد ضعيف ، مسلسل بالمجهولين ، قال أبو زرعة : " لا أعرف أبا زيد ولا شيخه ولا بشرا " وقال الذهبي في أولهم : " يجهل " . وقال في الآخرين : " لا يدرى من هما " ووافقه البوصيري في " الزوائد " (1/11 ) " انتهى. ثالثا : ولكن قد يستشكل بعض الناس ما ورد في حديث علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن أحدث حدثا في المدينة : ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ) رواه البخاري (7300) ومسلم (1370) وكذلك ما جاء عن جماعة من التابعين : كالحسن البصري أنه قال : " لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ، ولا صلاة ، ولا حجة ، ولا عمرة ، حتى يدعها " انتهى. رواه الآجري في "الشريعة" (64) ، وأبو شامة في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (ص/16) وغيرهما. وجاء نحوه عن الأوزاعي - كما في "البدع والنهي عنها" لابن وضاح (27) -، وعن الفضيل بن عياض أنه قال : " لا يرفع لصاحب بدعة إلى الله عمل " رواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/139) فقد ذكر الشاطبي احتمالين في تفسير مثل هذه الآثار ، فقال في "الاعتصام" (1/108-112): " إما أن يراد : أنه لا يقبل له بإطلاق ، على أي وجه وقع من وفاق سنة أو خلافها . وإما أن يراد : أنه لا يقبل منه ما ابتدع فيه خاصة ، دون ما لم يبتدع فيه . فأما الأول : فيمكن على أحد أوجه ثلاثة : الأول : أن يكون على ظاهره من أن كل مبتدع أي بدعة كانت فأعماله لا تقبل معها ، داخلتها تلك البدعة أم لا ، وهذا شديد جدا على أهل الإحداث في الدين . الثاني : أن تكون بدعته أصلا يتفرع عليه سائر الأعمال : كما إذا ذهب إلى إنكار العمل بخبر الواحد بإطلاق ، فإن عامة التكليف مبني عليه . الوجه الثالث : أن صاحب البدعة في بعض الأمور التعبدية أو غيرها قد يجره اعتقاد بدعته الخاصة إلى التأويل الذي يُصَيِّرُ اعتقاده في الشريعة ضعيفا ، وذلك يبطل عليه جميع عمله . وأما الثاني : وهو أن يراد بعدم القبول لأعمالهم ما ابتدعوا فيه خاصة ، فيظهر أيضا ، وعليه يدل حديث : ( كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) " انتهى باختصار . ولكن التحقيق في هذه المسألة ما ذكره الدكتور إبراهيم الرحيلي في كتابه "موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع" (1/292-293) حيث قال : " ما دلت عليه ظواهر النصوص وكلام السلف من أن صاحب البدعة لا يقبل الله له عملا ، يمكن حمله على الأوجه التالية : الوجه الأول : أن الكلام على ظاهره ، وأن المراد رد عمل المبتدعِ كلِّه ، ما ابتدع فيه وما لم يبتدع فيه ، وهذا في حق المبتدع الكافر لا غير . الوجه الثاني : أن المراد رد العمل المبتدَع خاصة ، سواء كان ابتداعا محضا ، أو كان شرعيا دخل عليه الابتداع فأفسده . الوجه الثالث : إحباط البدع أجر العمل على سبيل الجزاء ، حتى كأنه لم يقبل . الوجه الرابع : أن النصوص محمولة على الزجر عن الابتداع والتنفير منه . والحامل لتوجيه النصوص وكلام السلف هنا هو ما يظهر من معارضة ظواهر هذه النصوص لأصول الشريعة الدالة على قبول عمل المسلم إذا توفر فيه شرطا الإخلاص والمتابعة ، دون النظر إلى ما عليه صاحب العمل من ابتداع ومعصية في غيره من الأعمال ، إذ لا تأثير لها على قبول ذلك العمل " انتهى باختصار. والوجه الثالث المذكور هنا ، لا ينبغي حمله إلا على بدعة دل الشرع أنها تحبط عمل صاحبها وليست كل بدعة يصح فيها هذا التوجيه . وقد ذكر أهل العلم شراح الحديث أن المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم في شأن المحدث : ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا ) قال القاضي وقيل المعنى لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا وإن قبلت قبول جزاء وقيل يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما "شرح النووي على مسلم" (9/141) والحاصل أنه تجوز الصلاة خلف المبتدع إذا لم تكن بدعته مكفرة كفرا صريحا ، وأن الله سبحانه وتعالى يحاسب الناس على قدر أعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره . والله أعلم . الإسلام سؤال وجواب