Дар бораи мақола

Муаллиф :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Сана :

Sat, Sep 20 2014

Категория :

Fatwa (Q&A)

Бор кунед

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 486

الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار كلمتي في هذه الأمسية الطيّبة إن شاء الله حول حديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم و أثر عن الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله أما الحديث فهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلّط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، والشاهد من هذا الحديث هو الجملة الأخيرة سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم والأثر يلتقي مع هذه الجملة من الحديث وهو قول الإمام مالك رحمه الله " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا )) ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا  " ، إذا فالحديث يأمر المسلمين حينما يذلون ويستعمرون ويستعبدون من كل الدول الكافرة حتى من لم يكن لها دولة في قديم الزمان بل كانوا أفرادا مشردين في بلاد الدنيا أولئك هم الذين ضربت عليهم الذلة و المسكنة و باؤوا بغضب من الله ألا وهم اليهود ، فقد أدركنا هذا الزمان الذي احتلت قسم من بلاد الإسلام ومنها فلسطين التي احتلها اليهود والآن ... .

الشيخ : ... فتجد المسلمين فرقا وشيعا وأحزابا كل يدعي بأن الطريق لإقامة الدولة الإسلامية وتحقيق المجتمع الإسلامي وذلك لا يمكن أن يكون إلا بإخراج اليهود بفلسطين كل يدعي منهجا ونظاما لتحقيق هذه الغاية التي أجمع عليها المسلمون ولكنهم مع الأسف الشديد تفرقوا أشد التفرق في الطريق التي يجب على المسلمين أن يسلكوها ليعود إليهم عزهم ومجدهم الغابر لستم بحاجة إلى أن نتوسع في تسمية الأحزاب القائمة اليوم وفيها أحزاب إسلامية فضلا عن أحزاب أخرى لا تمت إلى الإسلام بصلة هؤلاء ليس كلامنا معهم إنما كلامنا مع إخواننا الإسلاميين الأخرين الذين كلا منهم اتخذ منهم منهجا ليقيموا دولة الإسلام ويحققوا المجتمع الإسلامي لكننا نحن نعتقد أنهم لم يسلكوا السبيل التي توصل المسلمين إلى تحقيق هذا الهدف المجمع عليه من المسلمين جميعا على اختلاف مناهجهم ... .

الشيخ : ... ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي افتتحنا هذه الكلمة به قد وضع العلاج الناجح الناجع ليعود المسلمون إلى أعزاء ويتغلبّوا على الذين أذلوهم من الكفار مهما كانت أديانهم ونظمهم ، حيث قال عليه الصلاة والسلام ( سلط الله عليكم ذلاّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فأنا أريد الآن أن أدندن حول هذه الكلمة ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، مما لا شك ولا ريب فيه أن الأمر كما قال ربنا عز وجل (( إن الدين عند الله الإسلام ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )) ، هذا أمر مجمع عليه والحمد لله بين المسلمين قاطبة ... .

الشيخ : ... ولكن مع الأسف الشديد إن هذا الإسلام المجمع عليه بين المسلمين قد تفرق المسلمون في فهمهم على مذاهب شتى و طرائق قددا وهذه هي المشكلة التي يحياها ويعيشها المسملون اليوم فقد وقعوا فيما عنه حذرهم رب العالمين تبارك وتعالى في غير ما آية من كتابه وأكد ذلك نبيه عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث من أحاديثه ، فالله عز وجل يقول (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون )) ، هل تفرّقنا في ديننا بعد أن اتفقنا على أنه هو الإسلام لا غير ؟ مع الأسف الشديد لقد تفرق المسملون منذ القرن الثاني من الهجرة ولم يزالوا متفرقين كما قال رب العالمين في القرآن الكريم (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، اختلفوا منذ القديم ثم ازدادوا اختلافا في هذا العصر الأخير الذي نحياه اليوم حيث تعلمون أنهم اختلفوا قديما في العقائد والأفكار والمذاهب وفي الطرق وما أدراكم ما الطرق طرق الصوفية التي لا يمكن حصرها وبخاصة أنّ بعض هذه الطرق تصرّح بخلاف القرآن الكريم الّذي يقول (( وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ، بعض تلك الطرق تقول صراحة دون أيّة مواربة " الطرق الموصلة إلى الله بعدد أنفاس الخلائق " والله عز وجل يقول كما سمعتم آنفا (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ... .

الشيخ : ... فاليوم زدنا على تلك الاختلافات في اتخاذ الطريق لأن يعود إلى المسلمين ما فقدوه من المجد و العزّ وهذا أمر معروف فما هو السبيل وما هو الطريق ؟ لقد أمرنا النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا الحديث بأن نرجع إلى الدّين وأكّد مالك رحمه الله إمام دار الهجرة أنّ هذا الدّين الذي به نعزّ وننجوا من الذل لا يمكن أن يكون بفاهيم متأخرة وإنما بالمفهوم الذي كان في ذلك العهد الأوّل الأنور حيث قال مالك رحمه الله في آخر أثره السّابق " ولا يصلح آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به أوّلها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " و واقعنا اليوم أن للدين مفاهيم عديدة وعديدة جدا ليس فقط فيما يسمى عند بعضهم بالفروع وإنما حتى بما يسمى بالأصول وبالعقيدة خلافا لما يلهج به كثير من الأساتذة والدكاترة في الجامعات في هذا الزمان حيث يلطّفون ويهوّنون من شأن الخلاف القائم بين المسلمين قديما وحديثا بقولهم الخلاف في الفروع وليس في الأصول وهذا كلام أقل ما يقال فيه إن الواقع يكذبه ،  إن الواقع يكذّب هذه الدّعوة الّتي تقول أنّ الخلاف بين المسلمين إنما هو في الفروع فقط دون الأصول على أنّي قبل أن أضرب مثلا واحدا في أنّ الخلاف تعدّ الفروع إلى الأصول أريد أن أذكّر والذّكرى تنفع المؤمنين أنّ التّقسيم الإسلامي إلى فروع وأصول هذا تقسيم مبتدع لا يرضاه الإسلام ولذلك فيكون الرجوع عن هذا التقسم من جملة ما يدخل في كلمة الإمام السابقة " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها "... .

الشيخ : ... هذا التقسيم تقسيم الإسلام إلى أصول وفروع إلى عقائد وإلى أحكام هذا عاقبة أمره على الرغم من أنه أمر اصطلاحي طارئ الاستهانة بالخلاف فيما يسمى بالأحكام والفروع والاهتمام فقط بالخلاف إذا وقع في الأصول وهم يصرّحون لا يخلاف في الأصول فإذا معنى هذا التقسيم هو إقناع المسلمين بهذا الواقع السيء من الخلاف القائم بين المسلمين لأنه إما في الأصول وهذا لا خلاف فيه بزعمهم وأما في الفروع والاختلاف في الفروع عندهم كما يقولون في الحديث الذي لا أصل له ( اختلاف أمتي رحمة ) ، هذا من أثر هذا التقسيم الذي يشهد الواقع بأن كل الجماعات الإسلامية لا تدندن إطلاقا حول الإصلاح الذي أمرت به الأنبياء حيث كل منهم كان يقول (( وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت )) ، الآن لا إصلاح لا في العقائد ولا في الفروع التي هي الأحكام لماذا ؟ عرفتم لماذا لأن الخلاف في الأصول مرفوع عندهم أي لا حقيقة له وأن المسلمين متفقون في العقيدة وأما الخلاف في الفروع فالخطب فيه سهل بل هو رحمة وهذا خلاف الآية السابقة حيث قال تعالى (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) فكيف تكون الرحمة تكون الرحمة اختلافا أو يكون الاختلاف رحمة وهذا خلاف الآية الصريحة كيف و ربنا عز و جل قد سمعتم في الآية السابقة (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) ، ثم هو ينهى عن الاختلاف فيقول عزّ و جلّ (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم و الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا )) ... .

الشيخ : اليوم لا تسمعون صوتا يرتفع من جماعة أو من طائفة أو حزب بوجوب رجوع المسلمين فيما اختلفوا فيه إلى الكتاب والسّنّة إلاّ أهل السّنة أهل الحديث في كل بلاد الإسلام فهم الذين فقط يدعون الناس إلى ما دعاهم رب الناس إلى الرجوع إلى الكتاب وإلى السنة (( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) فإذا كان اليوم الدعاة الإسلاميون إلا من استثنينا لا يطبّقون هذا الأمر الإلهيّ بالرّجوع عند الاختلاف فكيف يمكنهم أن يقيموا دولة الإسلام فاقد الشيء لا يعطيه ولذلك فنحن حريصون كل الحرص أن نعمل بالإسلام ككلّ أوّلا وبخصوص هذا الحديث الذي يعالج المشكلة القائمة اليوم ( سلط الله عليكم ذلا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) والدين يجب أن يكون مقطوعا يقينيّا في قلب كل مسلم أنّه له مفهوم واحد ، لأنّ الله عزّ وجلّ وصف كتابه الكريم بقوله تبارك وتعالى (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) فوجود هذا الاختلاف سواء في العقائد أو في الأحكام أو في المناهج كما هو واقع الجماعات الإسلامية اليوم هذا دليل أنه ليس من الله تبارك وتعالى إذا ما هو المنهج الذي يجب على المسلمين إذا كانوا جادّين وصادقين في أن يعود إليهم عزهم و مجدهم قال عليه الصلاة والسلام جوابا لمثل هذا السؤال ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما يشبه هذا العلاج في حديث آخر وقد صدق أيضا هذا الحديث الآخر ... .

الشيخ : ... في سنوات عشرات السنين التي مضت ثم تجلى بصورة أوضح في هذه الفتنة العمياء البكماء الصماء التي أصابت الدول الإسلامية وهي حرب الخليج حيث صدق الحديث الذي أشرت إليه أنه صدق في ما مضى من سنين ولكنه تجلى الآن بصورة أوضح ذلك هو قوله عليه الصلاة و السلام ( ستداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) ، ستداعى عليكم الأمم ثلاثين دولة ( ستداعى علكيم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها , قالوا : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال لا بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم وليقذفنّ في قلوبكم الوهن , قالوا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال حبّ الدنيا وكراهية الموت ) ، هذا هو مرض المسلمين الذي جعل الدول الكافرة تتداعى للاستيلاء على البلاد الإسلامية كلها بعضها حربا وبعضها سلما وسياسة وهذا هو أخبث مكر أصيب به العالم الإسلامي في هذه الفتنة التي أشرنا إليها حبّ الدّنيا و كراهية الموت هو مرض المسلمين اليوم الذي يحول بينهم حكّاما ومحكومين أن يحاربوا اليهود وقد احتلّوا بلادهم فما هو العلاج إذا ؟ ليس العلاج في التّحزّب والتّكتّل ووضع مناهج كلّ منهم يعجب بمنهجه وكما قيل قديما " وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك " إنما المنهج الصحيح هو ما سمعتم من الحديث والأثر والحديث الأخير ( حب الدنيا وكراهية الموت ) إذا الرجوع إلى الدين بمفهومه الصحيح وبالعمل به لذلك ... .

الشيخ : ... قال الله تبارك وتعالى في سورة العصر ملخصا لنا هذا المنهج الذي يجب أن يسلكه المسلمون عودا إلى دينهم بالمفهوم الصحيح وعملا به ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله قال الله عز وجل (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) ، الذين آمنوا وعلموا الصالحات شرطان اثنان لنجاح حتى لا نكون من الخاسرين في الدنيا قبل الآخرة الإيمان والعمل الصالح , الآن أعود لإبطال ذلك الزعم الذي ينشر في الجامعات وبين المسلمين المثفقين أنه لا خلاف بين المسلمين في العقائد نأخذ كلمة الإيمان التي جاءت في عشرات الآيات من القرآن هل الإيمان اتفق المسملون قديما وحديثا على ماهيته ؟ الجواب مع الأسف لا ، فعلماء الحديث ومعهم بعض المذاهب الفكرية الاعتقادية كالأشاعرة مثلا يقولون " الإيمان هو اعتقاد في الجنان والعمل بالأركان " هذا هو القول الصحيح لأن الله عز وجل كلما ذكر الإيمان قرن معه العمل الصالح كما سمعتم آنفا لكن هناك قول آخر يقول الإيمان هو الاعتقاد فقط الاعتقاد الجازم فقط أما الأعمال وإن كانت مأمورا بها أي المسملون مأمورون بالأعمال الصالحية ولكن إذا أطلق الإيمان فلا يدخل في مسمى الإيمان العمل الصالح هذا أول خلاف في أول شيء من الإسلام ألا وهو الإيمان (( ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون )) بماذا (( بالغيب )) هذا الإيمان بالغيب اختلف فيه هل هو فقط الاعتقاد الجازم أم يقترن معه العمل الصالح ؟ قولان مذهبان معروفان ماتوردية وأشاعرة ,الأشاعرة يقولون بقول أهل الحديث كما ذكرته آنفا الإيمان عمل واعتقاد أما الماتوردية فيقولون هو اعتقاد ولا يدخل فيه العمل قد يكون هذا الخلاف سهلا في ظاهر الأمر ولكن قد ترتب من وراءه خلاف طويل عريض ترتبت حروب بين المختلفين فيما مضى من الزمان ... .

الشيخ : ... ترتّب من وراء هذ الخلاف خلاف ثان هل الإيمان يزيد وينقص أم هو لا يزيد و لا ينقص ؟ الذين قالوا إن الإيمان اعتقاد وعمل قالوا يزيد وينقص والآيات كثيرة و كثيرة جدا بأنّ الإيمان يزيد وما زاد شيء إلا قابلا للنقص أما الذين يقولون بأنّ الإيمان لا يدخل في مسمّاه العمل فيقولون لا ينقص و لا يزيد و لو نقص شعرة فهو الكفر بعينه . وأنتم تقرؤون في أحاديث الشفاعة ، أحاديث الشفاعة المتواترة أنّ الله عزّ و جلّ بعد أن يشفّع الرّسل والأنبياء وبخاصّة خاتم الأنبياء محمّدا عليه الصّلاة و السّلام و الملائكة و الصّالحين و الشهداء يقول الله عز وجل ( شفعت الملائكة و الأنبياء والرسل ولم يبق إلا شفاعتي فأخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرّة من إيمان ) فالأحاديث تتجاوب مع الآيات بأنّ الإيمان يزيد و ينقص مع ذلك قيل إنّ الإيمان لا يزيد و لا ينقص و لا يزال اليوم الملايين من المسلمين يحملون هذه العقيدة حتى قال قائلهم " إيماني كإيمان جبريل عليه الصلاة و السلام " ذلك لأن الإيمان عندهم حقيقة لا تتجزّأ خلافا لما سمعتم من آيات ومن أحاديث فكيف إذا يقال أن الخلاف في الفروع وليس في العقيدة  والأصول ... .

الشيخ : ... ترتب من وراء هذا الخلاف الثاني خلاف ثالث وهو كما يسمونه ليس له علاقة بالعقيدة فانظروا الذي ستسمعونه لعلّه أخطر من الخلاف الأول والثاني لأنه أثر من هاذين الخلافين قال قائلهم هل يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية ؟ هذا مسطور حتى اليوم في كتب الفقه في كتب الأحكام وليس العقيدة كان الجواب الذي استمر العمل عليه سنين طويلة لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية لماذا ؟ قالوا لأن المذهب الشافعي يقول بأن الإيمان يزيد وينقص ويترتب من وراء ذلك أن أحدهم إذا سئل هل أنت مؤمن ؟ قال أنا مؤمن إن شاء الله قال أولئك الذين يقولون إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص من قال أنا مؤمن إن شاء الله فقد شك في إيمانه ومن شك في إيمانه فهو كافر فالمرأة الشافعية إذا هي كافرة هي شر من اليهودية والنصارنية لأن اليهودية من أهل الكتاب أما هذه فخرجت من الإسلام بزعم هؤلاء الذين خالفوا القرآن و السنة في قولهم الإيمان لا يزيد ولا ينقص وترتب من وراء ذلك أنه إذا قيل لأحدهم هل أنت مؤمن قال أنا مؤمن حقا لأنه قال أنا إيماني كإيمان جبريل أما الذي يقول إن الإيمان يزيد وينقص فيقول إن شاء الله لأن الإيمان لا حدود له (( الذين قالوا لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فما زداهم إلا إيمانا ... )) ، لذلك يقول أحدهم إذا سئل هل أنت مؤمن لأن الإيمان قابل للزيادة أما أولئك لما فهموا خطأ أن ألإيمان لا يزيد ولا ينقص رتبوا عليها أمورا خطيرة جدا ، نتج من وراءها أنه لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية لأنها تشك في إيمانها تبعا لمذهبها إذا قيل لها هل أنت مؤمنة تقول أنا مؤمنة إن شاء الله ومن شك في إيمانه فقد كفر وأنتم تلاحظون أن الأشاعرة وأهل الحديث معهم كالإمام أحمد رحمه الله وغيره من أهل السنة حينما يقولون الإيمان يزيد وينقص لا يقصدون ما فيه القلب و إنما يقصدون ما يترتب من أثار الإيمان من العمل الصالح الذي يقرنه الله عز وجل دائما مع الإيمان (( الذين آمنو وعملوا الصالحات )) ، فحينما يقول الحنفية عن الشافعية يشكون في إيمانهم هذه مغالطة يشكون في إيمانهم أي أثار إيمانه أي عملهم الصالح أما الذي في القلب فلا يشكون فيه أبدا قلت آنفا استمرت الفتوى سنين طويلة لا يتزوج الحنفي بالمرأة الشافعية حتى جاء رجل من أفاضل علماء الحنفية وهو المعروف بأبي السعود صاحب التفسير المعروف به ، ويلقب بمفتي الثقلين لأنه قالوا كان يفتي الجن مع الإنس سئل هذا السؤال هل يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية اسمعوا الآن الجواب الذي يرضي العاقل أوله ويزعجه آخره ، وهذا من عجائب الفتاوى قال يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية فهذا خير لأنه خالف الفتوى السابقة التي قالت لا يجوز لكن اسمعوا التّعليل قال يجوز تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب يعني سعرها سعر اليهودية والنصرانية هذا يا إخواننا نحن لا نقصد الآن إحياء المقبور لأنّ هذه المسائل لا يدرسها متفقّهة العصر الحاضر لا يتعمقون في دراسة المذاهب القديمة هم مستريحون منها لأن الإسلام بالمفهوم العام هذا هو الذي يهمهم فنحن لا نريد من هذا إلا أن نبيّن لهم إن قولهم إن الخلاف في الفروع وليس في الأصول هذا كذب يخالف الواقع ... .

الشيخ : ... وقد يصعب على بعض الناس أن يتقبل هذا المثال و لذلك فأنا أنهي هذه الكلمة بمثال تسمعونه في كل يوم وربما أكثر من مرة حيث يقول قائلهم وهو يذكر الله فيقول لا إله إلا الله ، الله موجود في كلّ مكان , الله موجود في كل الوجود , هذه الكلمة تقال في كل المجالس فيها فقهاء , فيها علماء , فيها دكاترة ولا تسمع لأحد منهم حسّا في إنكار هذه العبارة وهي خلاف العقيدة الإسلامية التي  قال فيها قائلهم

" و رب العرش فوق العرش لكن *** بلا وصف التمكّن و اتّصال "

وقال الإمام عبد الله ابن المبارك الّذي يضرب به المثل في جهاده في سبيل الله في زمانه وهو من كبار شيوخ الإمام أحمد إمام السنة " الله تبارك وتعالى ... " احفظوا هذه الكلمة لأنها جمعت العقيدة الصحيحة في عبارة قصيرة جدا هي خلاصة الآيات الواردة فيما يتعلق بعلو الله على عرشه من جهة وإحاطة علمه بعباده من جهة أخرى ، قال عبد الله بن المبارك " الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته " هذه أول عبارة منه " الله تبارك وتعالى فوق عرشه بذاته بائن من خلقه وهو معهم بعلمه " والشاهد من كلمة عبد الله بن المبارك هذه قوله " بائن من خلقه " ما معنى بائن ؟ أي مستغن وهو الغني عن العالمين كان الله تبارك وتعالى ولا شيء معه ثم خلق العرش وخلق السموات والأرض كما هو معروف في الكتاب والسنة فهو بائن من خلقه هذه عقيدة أهل السنة والجماعة حقا فما هي عقيدة المسلمين اليوم تلخص في الكلمة السابقة الله موجود في كل مكان الله موجود في كل الوجود ... .

الشيخ : ... وهذا بحث يطول الخوض فيه فحسبي هذه الكلمة التي أريد منها أن ألفت نظر الحاضرين و ليبلّغ الشّاهد الغائب أنه لا خلاص للمسلمين مما أحاط بهم من الذل ولا سبيل لهم لإعادة مجد الإسلام وحكم الإسلام ودولة الإسلام بنظم ابتكروها وتركوا الإسلام فهما وتطبيقا عمليا جانبا فسوف يظل أمرهم في تأخر حتى يأذن الله عز وجل للطائفة التي تدعو إلى فهم الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح والعمل بذلك كما قال ربنا تبارك وتعالى (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) وسبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك والآن إذا كان لأحد سؤال يوجهه أستحب أن يكون حول ما سمعتم فإن لم يكن فأي سؤال نجيب عنه إن شاء الله بما ييسره الله تبارك وتعالى لنا ،وأرجو أن تكون الأسئلة منتظمة ولو برفع اليد ، تفضل .

السائل : يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة الشورى (( وهو على جمعهم إذا يشاء قدير )) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر حديث في صحيح مسلم و في صحيح الجامع حاكيا عن ربه ( ولكني على ما أشاء قادر ) وأظن أن الشيخ لا يستحب استخدام عبارة " والله على ما يشاء قدير " ألا يعني يخالف ذلك هذه الأدلة الواردة في الكتاب والسنة ؟

الشيخ : الآية ليس فيها كلام طبعا أما الحديث فنحن نتوقف بالنسبة للحديث فقط والسبب يعود إلى شيئين اثنين , الشيء الأول أن الآيات الكثيرة المذكورة في القرآن و المدعومة بكثير من الأحاديث تقول إن الله على كل شيء قدير وليس كما جاء في رواية مسلم التي أشرت إليها و هي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه إذا يشاء لا شك أن كل شيء بمشيئة الله عز وجل لكن هذه الرواية جاءت بلفظين أحدهما على الجادة  " والله على كل شيء قدير " ، الأخرى هي هذه التي ذكرتها آنفا وقد سئلت أكثر من مرة حول هذا الحديث فأجبت إن الحديث مع كونه في صحيح مسلم فهو يحتاج إلى دراسة حديثيّة من حيث ترجيح إحدى الروايتين وهذا مما لم نتفرغ له كما نقول نحن دائما في مثل هذه المناسبة لم نتوجه ولا يصحّ لنا أن نتوجّه لنقد أحاديث الصحيحين وإنما قد نفعل ذلك أحيانا لمناسبة ما فإن جاءت مناسبة اضطرتنا إلى البحث والترجيح فعلنا و هذه الرواية إلى الآن لم يتيسر لنا أن نقول هذه الرواية هي أرجح أو الرواية التي جاءت على الجادة والتي هي المشهورة في الكتاب و السّنّة (( والله على كل شيء قدير )) ، أما من حيث الجواز جواز هذا الاستعمال فهذا لا شك فيه بعد مجيء الآية التي ذكرتها آنفا إنما لا نقول أنّ هذه اللفظة في هذا الحديث هي ثابتة وإن كان جاءت في صحيح مسلم . نعم ... إذا مجمع تفضل .

السائل : سمعنا من الإخوة الجزائريين أن فضيلتكم قد أفتيتهم بأنه لا يجوز الحرب إلى جانب العراق ضد أمريكا وقلت لهم بالحرف وفر نقودك ونفسك هل هذا صحيح ؟

الشيخ : لا هذا على كل حال المسألة مع الأسف مضى عهدها نحن كان لنا موقفان في أول الأمر كنا نقول لما انقسمت الدول الإسلامية إلى قسمين قسم ضد العراق ومع الكفار الأمريكان و البريطان فقلنا للمسلمين أنهم لا يجوز لهم أن يقاتلوا مع أحد الفريقين وروينا لهم الحديث الصحيح ( كونوا أحلاس بيوتكم ) ، قلنا هذا في أول الفتنة لماذا ؟ لأن من يقاتل العراق باعتبار حكمه بعثيا غير إسلامي مع السعوديين فهو سيحارب الشعب العراقي المسلم ونحن نفرق بين الحاكم الذي يحكم المسلمين بغير الإسلام وبين الشعب المحكوم  بذلك الحكم فلا يجوز للمسلمين أن ينضمّوا إلى أحد الجيشين ليقاتل المسلمون بعضهم بعضا هذا الذي كنا نقوله من قبل ولكن لما بدأت الحرب حقيقة وانضمت السعودية والحكومة المصرية وغيرها السورية إلى الأمريكان والبريطان وغيرهم من الدول الكافرة يومئذ قلنا بإنه يجب على المسلمين أن ينصروا الجيش العراقي ولكن بشرط بحكوماتهم وليس بأفرادهم هذا الذي قلناه وهنا أشرطة عديدة عند أخونا أبو أحمد ولعله بإمكانكم أن تحصلوا عليها ولذلك قلت أنه هذا هو خلاصة ما كنت ذكرته سابقا وإن كان مع الأسف انتهت القضية على ما لا يسر مسلما سواء كان ضد العراق أو مع العراق والعاقبة كما سترون سيئة جدا جدا لأن هذه الحرب مكنت للكفار في عقر دار المسلمين ألا وهي السعودية . نعم .

السائل : اللي يحب يسمع هذه الفتوى موجودة عندنا في الأشرطة !

الشيخ : جزاك الله خيرا .

السائل : يقول السائل ما رأي فضيلتكم بفتوى الإمام مالك رضي الله عنه للمنصور عندما همّ بحمل الناس على الموطأ حيث جوّز رضي الله عنه الخلاف ؟

الشيخ : لا . هو ما جوز الخلاف لكنه وهذا من كماله هو ومن كمال كل أئمة المسلمين لا يريدون للحاكم المسلم أن يحمل المسلمين أن يتمسّكوا بمذهب إمام واحد هذا من فضل الإمام مالك مع أنّه يعتقد فيما ذهب إليه بلا شك هو صواب ولكنه لا يعتقد أنّه مصيب في كل مسألة قالها ولذلك فهو يعلم أنّ في علماء المسلمين الآخرين فيهم خير كثير وكثير جدا ولذلك هو أبى على أبي جعفر المنصور أن يحمل المسلمين على مذهب مالك فقط لأنّ هذا معناه تضييق دائرة العلم لأنّ العلم إنما هو في الكتاب والسنة كماتعلمون من كلمة ابن القيم الجوزية رحمه الله "

العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه .

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرّسول وبين راي فقيه .

كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذرا من التعطيل والتشبيه " فهذا من كمال مالك أنه لم يرض لذلك الحاكم المسلم أن يحمل المسلمين على مذهب مالك وحده لأن العلم لم ينحصر في علم مالك بل هو موزع في كل علماء المسلمين في كل أقطار الدنيا لم يكن العلم محصورا في المدينة كان هناك علماء في مكة كان هناك علماء في الطائف كان هناك علماء في بغداد في دمشق إلى آخره ولذلك فإباء مالك في الواقع عبرة لهؤلاء المقلدين الذين يتعصبون بآراء مذهبهم ولا يحاولون أن يستفيدوا من مذاهب الأئمة الآخرين شيئا فهذا هو توجيه إباء الإمام مالك أن يفتى بمذهبه أو يعمل بمذهبه فقط . نعم . 

السائل : نصلي ولا نكمل ؟

الشيخ : تريدون أن تصلوا هنا أم في المسجد ؟

السائل : هل يجوز البقاء في الدرس و لا يذهب إلى المسجد ؟

الشيخ : نعم عندما يكون فيه درس يعني مستمر فأنا أرى الآن لو كان السؤال والمحاضرة قائمة العلمية فيجوز التأخر أما الآن عبارة عن أسئلة سؤال وجواب فما يفوت الخير فيما إذا نطلقتم وصليتم في المسجد ثم عدنا إلى إلقاء الأسئلة وسماع الأجوبة عليها فالأفضل الآن هو الذهاب إلى المسجد إذا كان شرط الإجابة متحققا وهو أن يكون قريبا ... نعم اللي بده يصل في المسجد وفي اعتقاده هو الأفضل فليتفضل واللي عنده سؤال أو بيجب يسمع الأسئلة والأجوبة يجلس وسنصلي إن شاء الله بعد انتهاء الجلسة .

السائل : مطلب المسلمين الآن تجميع الجهود وليس تشتيتها ولا نعلم أن هناك جماعة إسلامية لا تطلب ولا تسعى للعودة إلى الكتاب والسنة بخلاف الذي نسمع من فضيلتكم نرجوا أن توضحوا ذلك هذ السؤال ؟

الشيخ : الذي سمعه السائل هو الحق ما به خفاء فدعني عن بنيات الطريق ، أنا أقول إن كل الجماعات الإسلامية لا تخالفنا في الدعوة إلى الكتاب والسنة قولا ولكنها تخالفنا عملا وهذا هو الخلاف بيننا وبينهم وكما قال الشاعر :

" فحسبكم هذا التفاوت بيننا *** وكل إناء بما فيه ينضح "

لا يكفي أن نقول كل الطوائف تدعو إلى الكتاب والسنة أن أعرف هذا ولذلك نقول نحن وفي محاضرة قريبة ألقيناها في وادي السير الأربعاء الماضي قلنا لا توجد طائفة إسلامية على وجه الأرض مهما كانت عريقة في الضلال تقول نحن لسنا على الكتاب و السنة , الشيعة والزيدية والخوارج والإباضية و و إلى آخره كلهم يقولن بقولنا فما الفرق بيننا وبينهم لأجل أن هذه كلمة يقولها كل المسلمين الكتاب والسنة نقول لا بد هناك من مزيّة شرعية وهذا الذي ندندن حوله ونقول دائما الكتاب و السنة وعلى منهج السلف الصالح و لنا محاضرات حول هذه الكلمة على مهج السّلف الصّالح لكن نقول الكتاب والسنة دون منهج السلف الصالح لأنه ما من طائفة مهما كانت عريقة في الضلال إلا وتقول على الكتاب والسنة وأنا أضرب على ذلك أمثلة وأمثلة كثيرة وكثيرة جدا خذوا طائفة القاديانية , طائفة القاديانية يؤمنون بما نؤمن نحن به من الأركان الإسلامية الخمسة أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكن نحن نقول محمد رسول الله خاتم النبيين لا نبي بعده هم يقولون لا . فيه أنبياء بعد محمد وقد بعث عهدهم و هو المسمى بميرزا غلام أحمد القادياني ويصرحون بأنه سيأتي أنبياء آخرون من بعده إذا هؤلاء التقوا معنا كتاب و سنة ولكن خرجوا عن الكتاب والسنة كيف خرجوا على الكتاب و السّنّة ؟ هل أنكروا قوله تعالى (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) ؟ لا . لأنه أي مسلم إذا أنكر آية من القرآن كفر بالله و رسوله يعني انكشف أمره وطلعت رائحته , كلهم يقولون كتاب و سنّة وهؤلاء القاديانين من هؤلاء فإذا ... في آية  (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) يلفون حولها ويديرون المعنى فيها وإذا بهم يقولون أنتم أخطأتم في فهم الآية أنها تعني خاتم النبيين يعني لا نبي بعده إذا إيش المعنى يا جماعة ؟ قالوا خاتم النبيين أي هو زينة النبيين كما أن الخاتم في الأصبع هو زينة الأصبع فرسول الله هو زينة الأنبياء إذا ما أنكروا الآية آمنوا معنا بالآية ولكن تأولوها وهذا هو الفرق بين الفرقة الناجية و الفرق الضالة مثلا المعتزلة الذين ينكرون القدر والذين ينكرون رؤية الله من المؤمنين في الآخرة هل ينكرون بعض الآيات الواردة في الرّؤية كقوله عز وجل (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )) هل ينكرونها ؟ لا ما ينكرونها هل يؤمنون بأن المؤمنين كما قال الشاعر الفقيه  :

" يراه المؤمنون بغير كيف *** وتشبيه وضرب من مثال "

هل يؤمنون بهذه الرؤية ؟ لا . إذا هم يقولون بالكتاب والسنة ولكن يتأولون الآيات والأحاديث التي تخالف عقيدتهم لذلك نحن نقول اليوم لا يكفي أن نقول كتاب وسنة وإنما منهج السلف الصالح أيضا ، جاء في سؤال السائل نحن نريد أن نجمع ولا نريد أن نفرق نحن هؤلاء وليسوا هم أولئك كيف ذلك ؟ فنحن نسألهم الآن على أي قاعدة تريدون أن تجمّعوا المسلمين هل أنتم معنا على الكتاب والسنة ؟ إن قالوا نعم ، نقول هاتوا برهانكم هل صلاتكم على الكتاب والسنة ؟ صيامكم على الكتاب والسنة ؟ حجكم على الكتاب والسنة ؟ عقيدتكم على الكتاب والسنة ؟ ضربنا لكم بعض الأمثلة آنفا هم لا يدندون حول هذه القضايا إطلاقا ولذلك فأنا أعتقد أن الأخ الذي وجه هذا السؤال هو يؤمن معنا كما تؤمن الطوائف الأخرى كلّها كتاب وسنة و لكن لا يمشي معنا ، لا يمشي معنا على الخط كما أشرت آنفا في الحديث الصحيح و يحسن بي الآن أن أذكر الحديث الذي يفسّر الآية السابقة (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ، قال عليه الصلاة و السلام ذات يوم و هو جالس بين أصحابه وقد خط لهم خطا مستقيما قال ( هذا صراط الله وخط حول هذا الخط المستقيم طرقا قصيرة قال وهذه طرق وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه, ثم قال عليه السلام (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ) إذا السبل التي يسلكوها الإسلاميون فضلا عن غيرهم هي متعدّدة كما أشرنا آنفا وأنا أتمنّى لو أن هذا السائل يمكنه أن يوجّه السّؤال مباشرة حتّى أسأله السّؤال التقليدي أين الله ؟ فسأقول له جوابك إما أن يكون على السنة الله في السّماء كما قالت الجارية أو يكون كما يقول الناس " الله موجود في كل موجود " ، فأنت مع من ؟ إن قال أنا معكم نقول الحمد لله أنت معنا أما الجماعات هذه ليست معنا فلذلك التكتل يجب أن يكون ليس قولا فقط بل قولا و عملا حينما تتوحّد عقيدة المسلمين عبادات المسلمين صلاتهم صيامهم إلى آخره حينئذ نحن نقول نجمع ولا نفرق لكن مع ذلك مثل هذا السؤال يذكرني بشيء قد تستغربونه وأنتم معنا إن شاء الله على الخط ولكنه من العلم العزيز لقد جاء في صحيح البخاري أن من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم المفرق من أسماءه عليه السلام المفرق لماذا ؟ أولا يفرق بين الحق والباطل وهذه مسألة بديهية طيب إذا فرق بين الحق والباطل ألا يفرق بين المحق و المبطل ، لا بد من ذلك أمران متلازمان لذلك من أسماء الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل فالرسول صلى الله عليه وسلم لما بعث بدعوة الحق هذه ألم يفرق بين الأب والابن ؟ ألم يوجد في السيرة النّبويّة أب قاتل ابنه وابن قاتل أباه ؟ هذا كله وجد فإذا لا ينبغي لهؤلاء الدّعاة أن يظلوا عند كلمة تجميع بدون إيش ؟ عقيدة بدون منهج لأن هذا التجميع لا يفيدهم شيئا والواقع فهناك أحزاب وجماعات كثيرة معروفة بعضها يكاد يمر عليها قرن من الزمان ثم لم تصنع شيئا إطلاقا منذ ذلك الزمان القديم وهم يدعون لإقامة دولة الإسلام ولكن ما صنعوا شيئا إطلاقا وإنما هم يتحركون ويسمون أنفسهم بالحركيين وأنا أقول صدقوا ولكن حركتهم  يقف عند نظرة عسكرية فقط وهي " مكانك راوح " فيه حركة لكن ما فيه تقدم إن لم يقترن مع هذه الحركة التأخر ، هناك حكمة قالها بعض هؤلاء الدعاة لو أنهم وقفوا عندها لانتفعوا ولنفعوا غيرهم ولكنهم أعرضوا عنها هي قول ذلك الحكيم " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم " أول ما ينبغي على المسلم أن يقيم من دولة إسلام في قلبه هي العقيدة الصّحيحة فإذا خلا القلب من العقيدة الصّحيحة المستقات من الكتاب و السنة فكيف يمكنهم أن يقيموا دولة الإسلام على أرض الإسلام وهذه تحتاج إلى مؤهلات كثيرة وكثيرة جدا أسها وأصلها هو العقيدة الصحيحة وهم لا يدندون حول هذه العقيدة والمثال بين إيديكم الآن اسألوا من شئتم من هؤلاء الدعاة أين الله ؟ بيقولوا إيش هذا السؤال هذا السؤال لا يجوز هذا فيه تحديد لرب العالمين تجسيم أعوذ بالله يجهلون حتى هذا الحديث المتلقى من الأمة بالقبول والمروي في صحيح مسلم وموطأ مالك ومسند أحمد ودواوين السنة بالاتفاق أن الجارية سألها الرسول عليه السلام ( أين الله قالت في السماء قال لسيدها أعتقها فإنها مؤمنة ) فإذا سألتهم هذا السؤال أنكروا عليك السؤال فضلا عن أن يجيبوا الجواب ليس لأن الجارية قالت هكذا ، لأن الله سبقها إلى ذلك وعلّمها فقال تعالى في السور التي نقرأ الكثير منا في كل ليلة (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير )) ، ماذا فعلوا  بهذه الآية ؟ ما فعل القاديانيون بآية (( ولكن رسول الله وخاتم النبين )) ، ماذا فعل المعتزلة بآية (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )) تأولوها تأولوها تأولوها معهم قالوا (( أأمتنم من في السماء )) يعني الملائكة (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور )) قالوا الملائكة قلنا لهم فماذا تقولون في قوله عليه السلام ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) أيضا هدول الملائكة الحديث يحكي عن الرحمن (  الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، ما بينكروا الحديث لكن يلفوا ويدوروا ما ينكروا الآية لأنهم إذا أنكروها كفروا صراحة لذلك نحن نريد من إخواننا هؤلاء الذين يظهر من بعض أسئلتهم أن قلوبهم طيبة وصافية ولكنهم مع الأسف ما فهموا حقيقة الخلاف هو بالتعبير العصري اليوم وضع النقاط على الحروف الكتاب والسنة كلمة سواء ولكن تطبيق حياتنا العقدية والسلوكية والتعبدية على الكتاب والسنة هذا غير مطبق إطلاقا وأنا أتمنى يكون هناك إنسان يخالف هذا الذي أقوله حتى نتناقش معه بالتي هي أحسن وتتجلى الحقيقة لكل ذي عين .

السائل : سمعنا أن عبد الله الهرري نسخ حديث الجارية من صحيح مسلم ؟

الشيخ : السؤال فيه غرابة يا أخي نحن نتأدب بأداب القرآن قال تعالى (( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )) ، هذا عبد الله الحبشي من المعطلة لكن ما معنى السؤال نسخ هذا الحديث كيف معنى هذا ؟ لا يستطيع إنسان أن ينسخ حديثا فما معنى السؤال ؟

أبو ليلى : شيخنا في طبعة جديدة وجدت في لبنان طبعت طبعها نفس الهرري هذا ما وضع فيها حديث الجارية ؟

الشيخ : بس ما يقال إنه نسخ الحديث .

أبو ليلى : طيب من هم الأحباش يا شيخنا الأحباش ؟

الشيخ : أتباع عبد الله الحبشي هذا قلت لكم آنفا هذا من المعطلة ومن الذين يكفرون أئمة السلف كابن تيمية وابن القيم الجوزية وغيرهم وهؤلاء لهم خطورتهم في لبنان الآن مع الأسف لأن لبنان الآن خاوية على عروشها ليس فيها دعاة إسلاميين فهؤلاء يعني كما قيل قديما " خلا لك الجو فبيضي واصفري " غيره .

السائل : ما حكم التصوير وهل هناك فرق بين الصور التي لها ظل والتي ليس لها ظل ؟

الشيخ : هذه المسألة من هذه المسائل التي لا يزال المسلمون يختلفون فيها يقسمون الصّور إلى قسمين صور مجسمة لها ظل وصور غير مجسمة لا ظل لها هذا التقسيم لا شك يراعي الواقع لكن الشارع الحكيم هل فرق بين واقع و واقع ؟ كل المسلمين اليوم الدعاة الإسلاميين اليوم لا يخفى عليهم الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صىل الله عليه وآله وسلم كان في سفر فلما رجع و أراد أن يدخل وقف خارج البيت فسارعت عائشة إليه وقالت يا رسول الله إن كنت ألممت بذنب فإني أستغفر الله قال ( ماذا هذا القرام ) القرام هي ستارة عليها تصاوير قالت اشتريته لك يا رسول الله يعني لاستقبالك وأزين البيت بقدومك فقال عليه الصلاة و السلام ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة هؤلاء المصورون يقال لهم أحيوا ما خلقتم ) هل هذه الصورة كانت مجسمة ؟ لا . منقوشة على القماش ليست صنما هذا الصنم هو الذي يعبرون عنه بأنه مجسم أما الصورة على القماش على الورق على الجدار ليس له ظل هذا ليس مجسما فهذه الصورة لم تكن مجسمة وإنما كانت مطرزة أو مدهونة كماترون اليوم في كثير من الثياب وتأملوا الآن مصيبة العالم الإسلامي بهذه الفتاوى التي تصدر من بعض الناس ليسوا من العلماء ليسوا من الفقهاء يقينا هم مثقفون لكن ليس كل مثقف هو عالم ليس كل مثقف فقيها الفقيه الذي قال الرسول عليه السلام في مثله ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) هؤلاء يأخذون بعض النصوص التي تؤيد آراءهم ويعرضون عن النصوص الأخرى تخالف آراءهم ، فهذا الحديث موجود في صحيح البخاري ومسلم فبماذا تخلصوا منه قالوا يومئذ حرم الرسول عليه السلام حتى هذه الصور الغير مجسمة و التي لا ظل لها لأنهم كانوا حديث عهد بالشرك فلقطع دابر الشرك بينهم هؤلاء المسلمين وبين الشرك حرم عليهم الصورة بتاتا ما كان منها مجسما و ما كان منها غير مجسم ، خوف وخشية أن تعبد من دون الله تبارك و تعالى هذا من زخرف الكلام لماذا ؟ لأن الأحاديث التي جاءت في تحريم الصور هي أحاديث مدنية والعهد المدني كما تعلمون في ظني جميعا إن شاء الله هي المرحلة التي تلت العهد المكي الذي قضى فيه الرسول عليه السلام دعوته إلى التّوحيد ومحاربة الشرك بكل أنواعه وأشكاله وبكل وسائله ومن ذلك أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم حرّم على هؤلاء المسلمين في العهد المكي أن يزوروا قبور المسلمين ولكن في العهد المدني قال لهم ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها فإنها تذكّركم الآخرة ) ، في هذا العهد حرّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ليس في العهد المكي في العهد المدني حرّم عليهم التصوير بكلّ أشكاله وأنواعه سواء ما كان منه مجسّما له ظل أو غير مجسم ليس له ظل وحديث القرام وغيره وأحاديث كثيرة وكثيرة جدا قالوا فالرسول حرم ذلك عليهم حرصا على عقيدتهم يا ترى هل يعقل مثل هذا الكلام أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت النبوة في بيت عائشة التي قال لها عليه الصلاةوالسلام ذات يوم في المدينة في بيتها يا عائشة ( هذا جبريل يقرأك السلام ) قالت عليك وعليه السلام يا رسول الله ترى ما لا نرى هل يخشى الرسول عليه الصلاة والسلام على السيدة عائشة أنها لو بقيت هذه الصورة هذا القرام بقي في بيتها أن تعود إلى الشرك وهي لم تكن يوما ما مشركة أبدا لأنها ولدت في الإسلام فهو عليه السلام يخشى عليها أن تعود إلى الشرك ولذلك حذرها من هذا القرام من هذه الصورة إن سلمنا جدلا وهذا التسليم باطل فمتى يا مسلمون متى صارت هذه الصور مباحة إذا كانت في عهد المدني و في بيت النبوة و الرسالة كان محرما ففي أي وقت صار حلالا في عصر القرن العشرين حيث الطواغيت منتشرة في الدنيا كلها فهم يريدون أن يعودوا بالمسلمين إلى الوثنيّة السّابقة ويجب أن تعلموا حقيقة تاريخية كونية طبيعيّة الشر لا ينتشر بين الناس طفرة وفجأة وإنما يمشي رويدا رويدا كما قال ذلك الشاعر العربي في زمن الدولة العباسية أم الأموية قال المهم :

" أرى خلل الرماد وميض نار *** ويوشك أن يكون لها ضرام .

فإن النار من عودين تذكى ***  وإن الحرب أولها الكلام "

هكذا الشر يأتي رويدا رويدا ولذلك كان من كمال الشريعة الإسلامية أنّها جاءت بنوعين من التشريع حرام لذاته حرام لغيره حرّم كل وسيلة هذه الوسيلة ليست محرّمة لذاتها وإنّما لأنها قد تؤدّي إلى أمر محرّم بذاته نحن نعلم يقينا أن أيّ مسلم يأخذ دبوس ويغطه في الخمر ويعمل هكذا ، ما تؤثر فيه هذه القطرة من الخمر الذي تعلقت برأس الدبوس لكن هذا حرام لماذا؟ لأن هذه القطرة قد تتبعها قطرة وقطرة إلى آخره  كما أننا نعلم يقينا أن النظرة الأولى لك والثانية عليك إذا وجّهت نظرتك الثانية إلى امرأة لا تحل لك فهذه النظرة ما ضرتك يقينا ولا أصابت المرأة التي نظرت إليها بسوء إطلاقا ومع ذلك قال ( هي عليك ) وقال ( اصرف بصرك ) في الحديث الآخر لماذا ؟ لأنّ هذ النظرة قد تتبعها نظرة و نظرة تتبعها ثم لا يكفي وكما قال شوقي في شعره المعروف .

" نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء " ، وهذا ما أخذه من قوله عليه السلام ( كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدركه لا محالة فالعين تزني وزناها النظر والأذن تزني و زناها السمع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) إذا حرم هذه الأشياء المقدمات كي لا تصل إلى النهاية وهو الزنا الفاحشة الكبرى هكذا حرّم الرسول عليه السلام الصّور بكل انواعها خشية أن يعود النّاس إلى عبادة الصّور والأصنام كما وقع الأمر في الجاهليّة الأولى وهل يمكن أن يقع مثل هذا لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول صنم لهم يسمى ذو الخليصة ) إذا لا بد أن يعود الشرك الأكبر إلى الناس مع الزمن فهل يأتي فجأة هذ الشرك أم تأتي على السنة التي ذكرناه آنفا " أرى خلل الرماد وميض نار  "  من هذا الوميض صدور فتاوى اليوم تفرق بين الصور المجسمة والصور غير المجسمة والأحاديث لم تفرق إطلاقا بين أي صورة لا فرق بين مجسمة وغير مجسمة يكفيكم قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ) صورة في اللغة أنتم معشر العرب صورة في اللغة لا تعني مجسمة أو غير مجسمة كلها صورة كذلك يكفيكم قوله عل