زنت قبل زفافها وحملت فأسقطته ، هل يكون زواجها صحيحا ؟
السؤال :
كنت على علاقة غير شرعية بأحدهم قبل زفافي بأسبوع بشخص آخر ، وبعد بضعة أشهر اكتشفت أني حامل من الشخص الأول ، وليس من زوجي ، فقمت بإجهاض الحمل ، ثم حملت بعدها من زوجي ، وحتى الآن لا يعرف أحد شيئا عن هذا الأمر ، وفى بعض الأحيان أشعر برغبة في الاعتراف لكنى أتردد . وسؤالي هو : هل زواجي صحيح ؟ وكيف يؤثر ذلك على طفلي من المنظور الإسلامي ؟
Ҷавоб:
الجواب:
الحمد لله
أولا : إذا كان فعل هذه الفاحشة بعد العقد ، ولو قبل الزفاف ، فزواجك هذا صحيح ، وعليك التوبة من هذا الجرم الذي وقعت فيه . قال ابن قدامة رحمه الله :"وإن زنت امرأة رجل , أو زنى زوجها , لم ينفسخ النكاح , سواء كان قبل الدخول أو بعده , في قول عامة أهل العلم " انتهى من "المغني" (9/565) . ثانيا : إذا كان الزنا قد وقع قبل العقد ، لم يصح العقد إلا بعد استبراء الرحم بحيضة ، على القول الراجح .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" نِكَاحُ الزَّانِيَةِ حَرَامٌ حَتَّى تَتُوبَ سَوَاءٌ كَانَ زَنَى بِهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ وَهُوَ مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : مِنْهُمْ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى جَوَازِهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ ؛ لَكِنْ مَالِكٌ يَشْتَرِطُ الِاسْتِبْرَاءَ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ الْعَقْدَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا ؛ لَكِنْ إذَا كَانَتْ حَامِلًا لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ وَالشَّافِعِيُّ يُبِيحُ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ مَاءَ الزَّانِي غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَحُكْمُهُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ ، هَذَا مَأْخَذُهُ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ ؛ فَإِنَّ الْحَامِلَ إذَا وَطِئَهَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا لَيْسَ مِنْهُ قَطْعًا ؛ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَامِلِ ، وَمَالِكٌ وَأَحْمَد يَشْتَرِطَانِ " الِاسْتِبْرَاءَ " وَهُوَ الصَّوَابُ ؛ لَكِنْ مَالِكٌ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ يَشْتَرِطَانِ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَأَتْبَاعِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَطْ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (32 /110) .وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (13/382) : " بل إن القول المروي عن أبي بكر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن المزني بها لا عدة عليها إطلاقاً ولا تستبرئ ، لا سيما إذا كانت ذات زوج ؛ لقول الرسول عليه الصلاة السلام: (الولد للفراش) ، بل ينبغي للإنسان إذا علم أن زوجته زنت - والعياذ بالله - وتابت أن يجامعها في الحال ، حتى لا يبقى في قلبه شك في المستقبل ، هل حملت من جماع الزنا أو لم تحمل ؟ فإذا جامعها في الحال حُمِلَ الولد على أنه للزوج ، وليس للزاني . أما إذا كانت المرأة الزانية ليس لها زوج فلا بد أن تستبرئ بحيضة على القول الراجح " انتهى .
ثالثا : لما كانت هذه المسألة فيها خلاف معتبر بين أهل العلم ، وكان فسخ النكاح والإقرار بالزنا بعد هذه المدة سيؤدي إلى شر عظيم ، وكشف لستر الله عليك ، ويعرضك للفتنة : فنرى – والله أعلم – أنه لا يجب عليك في هذه الحالة أن تخبري زوجك بما حصل حتى يجدد العقد ، وفي القول الآخر الذي ذهب إليه بعض أهل العلم من عدم اشتراط الاستبراء : سعة . وهذا ، كما قلنا ، إذا كان الزنا حصل قبل العقد ، وقبل الاستبراء .
وحيث إن الله تعالى ستر عليك فاستري على نفسك ، ولا تهتكي ستر الله ، وقد روى البخاري (6069) ومسلم (2990) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) .وروى مسلم (2590) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .وروى البيهقي (18056) عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن رجم الأسلمى قال : ( اجتنبوا هذه القاذورة التى نهى الله عنها فمن أَلَمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (663) .رابعا : ابنك الحالي هو ابن شرعي لزوجك ، ولا إشكال فيه ، إن شاء الله .
وأما الجنين الذي أسقطتيه ، فإن كان قبل نفخ الروح فيه – أي قبل أربعة أشهر - فلا كفارة فيه ولا دية ، ولكن التوبة والندم والاستغفار. وإن كان بعد أن تم له أربعة أشهر فعليك فيه الدية والكفارة .
والدية : غُرّة ، عبد أو أمة ، فإن لم توجد ، فقدرها وهو خَمس من الإبل .وأما الكفارة : فعتق رقبة ، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين .وينظر جواب السؤال رقم (106448) . والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب