About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 445

الشيخ : إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساؤلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز وفوزا عظيما )) أما بعد ، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، قبل أن نقدم إليكم ما ييسره الله لي من ارتجال كلمة حول الدعوة التي بعث الله تبارك وتعالى بها محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أرى لزاما عليّ أن أذكر بأدب من آداب المجالس العلمية التي أخل بها جماهير الناس وفيهم بعض طلبة العلم فإنّنا نجد في كثير من المجالس تعقد حلقة علمية واسعة كما كان الأمر حينما دخلنا في هذا المكان المبارك إن شاء الله تعالى حيث كان المفروض أن الناس يجلسون على أطراف هذا المكان الوسيع لا بأس من الجلوس مثل هذه الجلسة في غير الجلسة العلمية أما الجلسة العلمية فأدبها الانضمام والتجمع والتكتل لكي لا يكون المسلمون المجتمعون لطلب العلم بعيدين بأجسامهم بعضهم عن بعض لأن الظاهر عنوان الباطن كما جاء في أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذه الأحاديث التي تتعلق بأدب الجلوس في طلب العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوما مسجده فرأى الناس متفرقين حلقات حلقات فقال لهم ( ما لي أراكم عزين ) أي متفرقين والحديث هذا في صحيح مسلم فلفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظر الجالسين في المسجد النبوي يومئذ أن لا تتعدّد حلقاتهم وأن يوحدوا الحلقة العلمية وأن يجتمع بعضهم إلى بعض بل ... .

السائل : السّلام عليكم .

الشيخ : و عليكم السّلام و رحمة الله و بركاته , لقد اهتم النبي صلى الله عليه و آله وسلم بتجميع النّاس وحذّرهم من أن يتفرقوا في أجسامهم وأجسادهم حتى ولو كانوا في العراء أو الصحراء فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنه قال كنا إذا سافرنا مع النبي صلّى الله عليه وسلم تفرّقنا في الشّعاب والوديان فقال لنا يوما ( إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان ) ليسوا في جلسة علمية وإنما في سفرة في البرية كانوا يتفرقون كل ينتحي ناحية من أشجار ظليلة أو واد رطب أو نحو ذلك فأنكر عليه الصلاة والسلام ذلك التفرق وقال ( إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان ) ، قال أبو ثعلبة رضي الله تعالى عنه ( فكنا بعد ذلك إذا نزلنا واديا اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا ) استجابوا لله وللرسول حينما دعاهم فكانوا لا يتفرقون في منازلهم وهم قوم سفر مسافرون كانوا يجتمعون ما السر في اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم  في تجميع الناس وأن لا يسمح لهم أن لا يتفرقوا في أبدانهم حتى في الصحراء ما هو السر ؟ سبق مني آنفا الإشارة إلى ذلك ولكن الإشارة في كثير من الأحيان لا تغني عن صريح العبارة بل صريح العبارة تحتاح أحيانا إلى البيان والشرح والتوضيح فلا بد لي من شيء من هذا قلت آنفا لأن ... .

الشيخ : الظاهر عنوان الباطن أي إن المسلمين إذا تفرقوا في ظواهرهم كان ذلك سببا ومدعاة لأن يتفرقوا في قلوبهم وهذا ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصرح به حينما كان يقوم إلى الصلاة ولا يدخل فيها إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف كما هو معلوم لدى الجميع ولكن القليل من الناس الذين أولا يعلمون ماذا كان النبي صلى الله عليه  وآله وسلم يقول للناس حينما يأمرهم بتسوية الصفوف كان يقول عليه الصلاة والسلام ( لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم )  وهذا الحديث مع الأسف الشديد من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم العملية من ناحية والقولية من ناحية أخرى ذلك لأنه كان يسوي الصفوف ويحضهم على الاعتناء بالتسوية ويحذرهم من المخالفة وينبئهم بأن هذه مخالفة تكون سببا للتفريق بين قلوبهم ( لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ، نحن نرى اليوم أنّ أكثر أئمة المساجد لا أستثني منهم أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي فضلا عن غيرها من المساجد كلهم قد أخلّوا بالاهتمام بتسوية الصفوف وتحذير الناس من المخالفة في تسويتها فلا تكاد تسمع منهم أحسنهم من يقول استووا يممينا ويسارا وانتهى الأمر أما النبي صىل الله عليه وآله وسلم أما أصحابه الخلفاء الراشدين من بعده فقد كانوا يهتمون اهتماما بالغا جدا جدا فلا يكبّر أحدهم تكبيرة الإحرام إلا بعد أن يطمئنّ أن الناس استجابوا للأمر بتسوية الصفوف من جهة وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك أصحابه من بعده كانوا لا يكتفون فقط بكلمة استووا استووا ولا أن يقول فقط لهذا تقدم ولهذا تأخر وإنما كان يقدم عليه السلام وأصحابه الكرام بين يدي ذلك المرغبات والمنشطات لأن يستجيب الناس لدعوة الرسول عليه السلام لتسوية الصف بالإضافة إلى الحديث السابق ( لتسوون صفوفكم ) كان يقول عليه الصلاة والسلام ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) وفي رواية ( من حسن الصلاة ) ، ( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من حسن الصلاة ) أو ( من تمام الصلاة ) روايتان صحيحتان وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالشيء يقتضي أن هذا الشيء واجب تطبيقه وتنفيذه لأن  الله عز وجل قال في حق نبيه عليه السلام (( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )) ، وقال (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصبهم عذاب أليم )) ، لهذا ينبغي الاهتمام بأن يستوي الناس في الصلاة وأن يتقاربوا في المجلس العلمي خارج الصلاة استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي بعض هذه الأوامر تعليل ذلك بأن إصلاح الظواهر سبب شرعي لإصلاح البواطن وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى في بعض الأحاديث الصحيحة التي لا بد أنكم كثيرا ما سمعتموها ولكني أعتقد أن القليل من العلماء من يذكركم بالحكمة التي جاء ذكرها أو الإشارة إليها في الحديث الذي سمعتموه دائما ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإنّ لكلّ ملك حمى ألا وإنّ حمى الله محارمه ألا إن ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا ) هنا الشاهد ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ، فإذا صلاح القلب فيه صلاح البدن وهذه من أسرار الشريعة التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث لأنه يشير في هذا الحديث وفي الأحاديث الأخرى أن ظاهر الجسد مرتيط بباطنه ألا وهو القلب والقلب أيضا مرتبط بظاهر البدن فكأن هناك حركة دائمة مستمرة تشبه ما كنا ولا نزال نسمعه وأنهم يحاولون أن يصلوا إلى اكتشاف ما يسمونه بالحركة الدائمة ، الحركة الدائمة أوجدها الله تبارك وتعالى في هذا الإنسان الذي صوره وأحسن صوره ، تلك الحركة هي إذا أصلحت قلبك لزم منه صلاح بدنك وإذا أصلحت جسدك لزم منه صلاح قلبك فإذا لا يقولنّ أحد كما نسمع ذلك في كثير من الأحيان من بعض الشباب الذين لم يربوا تربية إسلامية وأخلوا بكثير من الأركان الشرعية كالصلاة مثلا إذا قيل لهم يا أخي ألا تصل يقول لك العبرة بما في القلب العبرة بما في القلب كأنه يقول أو كأنه يتصور أنه من الممكن أن يكون القلب صالحا وصحيحا وسليما أما الجسد فلا يتجاوب مع الأحكام الشرعية هذا أمر باطل تمام البطلان فلا بد أن نلاحظ هذه الحقيقة ألا وهي ارتباط الظاهر بالباطن وأن صلاح أحدهما لا يعني إلا صلاح الآخر وأن فساد أحدهما لا يعني إلا فساد الآخر إذا من هنا نفهم لماذا كان النبي صلى الله عليه و آله وسلم يأمر الناس بأن يجتمعوا وأن يتضاموا في مجلس العلم لأن هذا التضامن الظاهري البدني يؤثر في تضامن القلوب والتحابب الذي لا بد أن يكون متحققا في قلب كل مسلم كما جاء في كثير من الأحاديث من الحظ على الحب في الله والتزاور في الله مما هو معلوم لديكم والقصد أنني أردت الإشارة إلى هذه السنة التي ينبغي على طلاب العلم ألا يكبّروا الحلقة العلمية وإنما يصغّروها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا فيكون بعضهم قريبا إلى بعض ويكون جميعا قريبين أيضا من هذا الشخص الذي يتولّى تعليمهم وتوجيههم إلى ما ينفعهم في دنياهم وفي آخرتهم بعد هذه الكلمة أريد أن أذكر كما قال تعالى (( والذكرى تنفع المؤمنين )) .

الشيخ : ...كل مسلم يعلم أن الإسلام بني على أصلين لا ثالث لهما ألا و هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه حقيقة لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها عنزان كما كانوا يقولون في قديم الزمان وحينئذ إذا كانت هذه حقيقة يعني يعرفها كل مسلم فلماذا اختلف المسلمون قديما وحديثا وكلهم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يتم إيمان مسلم إلا بهاتين الشهادتين بالكلمة الطيبة لا إله إلا الله وبالشهادة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة والرسالة ولكن هل يكفي لينجو المسلم في الدنيا قبل الآخرة أن يقول هذ الكلمة الطيبة والشهادة الثانية بلسانه ولما يفقه بعد ما معنى لا إله إلا الله وما لوازمها ولا يدري أيضا ما  لوازم قوله وأشهد أن محمدا رسول الله ؟ يجب أن أن نقف عند هذه النقطة  وأكرر التنبيه كل المسلمين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله فإنه فرض أن أحدا يأبى فهو ليس من الإسلام بسبيل وإذا الأمر كذلك فما هو السر ما هو السبب فيما وقع قديما ولا يزال يقع حديثا من الاختلاف الذي أخبر الله عز وجل عنه إخبارا مجملا وفصله النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أحاديثه تفصيلا قال تعالى (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، خبر الله لا يمكن أن يتأخر ومن أصدق من الله قيلا ،  (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، هذا خبر من الله في كتابه مجمل (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، تفصيل هذه الآية الكريمة في الحديث الذي أيضا لا بد أنكم سمعتموه أو قرأتموه كثيرا وكثيرا ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام .

الشيخ : ... ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) إذا هذا الحديث يفصّل (( ولا يزالون مختلفين )) قال ستختلفون إلى ثلاث وسبعين فرقة ثم بين عليه الصلاة والسلام ما أشار ربنا في الاستثناء في الآية السابقة (( إلاّ من رحم ربّك )) من هؤلاء المرحومين ؟ قال في تمام الحديث ( كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يارسول الله ؟ قال هي الجماعة ) وفي رواية الأخرى وهي مفسرة ومبينة للرواية الأولى قال ( الفرقة الناجية هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي ) ، إذا قد أعطانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفة الفرقة الناجية التي هي واحدة من ثلاث وسبعين فرقة ومعنى هذا أن المسلم لا ينبغي أن يكتفي بأن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله لأن هذه الأمة التي ستقول هذه الكلمة الطيبة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا فرقة واحدة فإذا على المسلم أن يكون حريصا كل الحرص أن يعرف صفة هذه الفرقة عقيدتها أن يعرف عقيدتها أن يعرف فقهها أن يعرف سلوكها , تعاملها بعضها مع بعض تعاملها مع خصومها مع أعدائها وهكذا ,من أين يمكن للمسلم أن يصل إلى معرفة هذه الأمور المتعلقة بالفرقة الناجية ؟ هذه هي النقطة التي أريد أن أدندن حولها وأن أفصّل الكلام فيها بعض التفصيل ، ذلك لأننا قلنا أن لا خلاف بين المسلمين أن الإسلام لا إله إلا الله ولكن الواقع يشهد أن أقل المسلمين هم الذين يحرصون ليعرفوا أنفسهم هل هم من الفرقة الناجية أم لا  ؟ كيف يمكن معرفة الفرقة الناجية ؟ لعلنا نعلم جميعا بعضنا يعلم يقينا لكن لعلنا جميعا نحن الحاضرين نعلم الآية التالية قال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) ، (( وأنزلنا إليك الذكر )) أي القرآن الكريم حيث قال تعالى (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافطون )) الآية الأولى يقول ربنا عز وجل فيها (( وأنزلنا إليك )) يا محمد هذا الذكر القرآن لماذا لتتلوه فقط على الناس ؟ لا بد من أين يتلوه ولو لم يتله عليه السلام ما عرفناه ولا ما وصل إلينا ولكن هل واجبه عليه الصلاة والسلام قاصر على أن يتلو القرآن فقط على الناس و أن يتعلموه منه كما وقع أم هناك واجب آخر أمره ربنا عز وجل بأن يقوم به ؟ الجواب نعم ، حيث قال (( وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم )) ، ففي هذه الآية ما يمكن الإشارة إليه ، بكلمتين اثنتين أو بلفظين الأول في هذه الآية مبيَّن ألا وهو القرآن وفي هذه الآية مبيِّن ألا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام  ، فالقرآن المبيّن هو كلام الله وكلام الرسول المبيّن هو حديثه وهو سنّته إذا لا سبيل لكي نكون على معرفة بما كانت عليه الفرقة الناجية إلا باللّجأ إلى سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه أيضا حقيقة لا يختلف فيها أحد من المسلمين إطلاقا أي أن القرآن تولّى الرسول عليه السلام بيانه ومن وأضح الأمثلة على ذلك أننا نصلي في كل يوم خمس صلوات لا نجد في القرآن الكريم خمس صلوات يفهمه عامة المسلمين كما يفهمون اليوم يصلون في خمس أوقات خمس صلوات ، كذلك لا نجد في القرآن الكريم تفاصيل الركعات الصبح ركعتان الظهر والعصر والعشاء أربع والمغرب امتازت عن كل هذه الصلوات بأنها ثلاث ركعات من أين عرفنا هذه التفاصيل ؟ من المبيِّن و هو الرسول عليه الصلاة والسلام بيانه إذا في سنته صلى الله عليه وآله وسلم سنته كما يذكر علماء الحديث تنقسم إلى ثلاثة أقسام قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره , قوله وفعله وتقريره , قوله صلى الله عليه وآله وسلم معلوم كل ما جرى على لسانه عليه الصلاة والسلام مما يتعلق بذلك البيان (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فهذا هو قوله كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه كان في مجلس فيه خليط من المشركين وكان ابن عمرو هذا رضي الله تعالى عنه من بين كل الصحابة أحرصهم على الكتابة أن يكتب ما يسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرصا منه على حفظه فأورد المشركون في ذلك المجلس عليه إشكالا قالوا له أنت تكتب عن رسول الله ما يتكلم به في حالة الرضا والغضب كأنهم يقولون معقول أن تكتب عنه ما يتكلم به في حالة الرضا أما وأن تكتب أيضا ما يقوله في هذا الغضب أنكروا عليه هذا الحرص الشديد على الكتابة كأنه دخل في نفسه شبهة فسارع إلى النبي صلى الله علي وآله وسلم وذكر له ما قال له المشركون فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن رفع أصبعه إلى فمه وقال له ( اكتب فو الذي نفس محمد بيده لا يخرج منه إلا حقا ) ، هذا من السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم القسم الثاني فعله فكل ما فعله صلّى الله عليه وآله وسلم ففيه الهدى والنور على تفصيل لا مجال الآن لذكره يأتي القسم الثالث ما رآه عليه السلام فعلا من غيره ثم سكت عنه وأقرّه فهذا دخل في السنة التي ينبغي نحن أن نتمسّك بها لا نفرّق بين قوله وبين فعله وبين تقريره ، يأتي هنا بعد هذا البيان للسنة بيان لشيء جاء ذكره في حديث الفرقة الناجية ,الآن الوضع الطبيعي والحمد لله الجو طيب ، قال عليه السلام وأرجو أن تتذكروا معي قوله لما سئل عن الفرقة الناجية  قال ( ما أنا عليه وأصحابي ) ، لم يقتصر على قوله على قوله ( ما أنا عليه ) أي ما هو عليه من السنة القولية والفعلية والتقريرية ، أضاف إلى ذلك وأصحابي إذا لا نستطيع أن نغض الطرف عما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لماذا ؟ إذا تأمّلتم في القسم الثالث من سنّته عليه السلام و هو أن يرى غيره يعمل عملا ويأتي فعلا ثم يقره صار هذا الشيء من السنة من الذي كان يعمل هذ العمل ؟ هو غيره عليه السلام هو أصحابه إذا لا يستطيع المسلم أن يعيش حياة إسلامية صحيحة إلا بأن يعرف سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف ما كان عليه أصحابه ومن هنا تعرفون معي أهمية ما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه الذي قال فيه وعظنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله أوصنا قال ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولّي عليكم عبد حبشي و إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) اربطوا الآن بين هذا القول وبين الآية السابقى (( ولا يزالون مختلفين إلا من رّحم ربّك )) قال عليه السلام ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بستنتي ) ثم عطف عليها وقال ( وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وفي الحديث الآخر ( وكل ضلالة في النار ) هكذا تجدون الأحاديث تتجاوب بعضها مع بعض ويأخذ بعضها برقاب بعض وكلها ومجموعها يلفت نظرنا إلى أنّ من كان يريد حقّا أن يكون من الفرقة الناجية فعليه أن يعرف ليس فقط سنة الرسول عليه السلام بل وما كان عليه أصحابه الكرام هذه النقطة الأخيرة أكثر المسلمين اليوم عنها غافلون كلهم يقولون سنة رسول الله وكلهم يدعون إلى اتباع سنة رسول الله وإن كانوا يختلفون في تطبيق هذه السنة لأنهم يختلفون في كثرة التعرف عليها علما أو قلة التعرف عليها ولكن كما قال تعالى (( ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون )) أكثر لا ينتبهون إلى ما جاء في حديث الفرقة الناجية وفي حديث العرباض بن سارية من الأمر أيضا بشيء آخر إضافي على سنة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وهي سنّة الصّحابة وبخاصّة الخلفاء الراشدين منهم .هل القرآن الكريم الذي أحصى كل شيء مما يتعلق بأصول الدين وقواعده هل في القرآن الكريم ولو عبارة واحدة تشير إلى هذا المعنى الذي لممته وجمعته لكم من أحاديث عديدة وعديدة ؟ الجواب، نعم قال تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) نلاحظ هنا ملاحظة هامة جدا جدا جدا ، وهي أن الله عز وجل كان بإمكانه وهو الحكيم العليم القدير أن يقول مثلا ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا أي دون أن يعطف على مشاققة الرسول قوله (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) كان الله على ذلك قديرا فلماذا إذا ؟ ما الحكمة من عطفه عز وجل قوله (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) على (( ومن يشاقق الرسول )) أظن عرفتم السر في ذلك من الأحاديث التي أوردناها لكم (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) السر أنّ هؤلاء المؤمنين الأوّلين هم الذين نقلوا إلينا ما سمعوه من الرّسول عليه السّلام من فمه غضّا طريّا و وجدوه مطبقا في عهده عليه الصلاة والسلام تطبيقا عمليا فهم يستطيعون أن يفهموا ما أنزل الله على نبيّه من كتابه و ما نطق به هو نبيّه عليه السّلام بلفظه هم يستطيعون أن يفهموا ذلك أحسن من كل من يأتي من بعدهم كيف لا والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام ( الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ) ،  خذوا مثلا قال تعالى (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما )) فاليد في اللغة تطلق ويراد الكف وتطلق ويراد مع الكف الذراع وتطلق ويراد بها الذراع مع العضد ترى كيف بنا أن نفهم اليد في هذه الآية (( فاقطعوا أيديهما )) كما أن هناك في آية التيمم (( فتيمموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم )) كيف نفهم الأيدي هنا أنفهمها كما هي هناك أو بمعنى أوسع ؟ إذا لم نعد إلى المبين المشار إليه في الآية الأولى (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) اختلفنا واضطربنا ذلك لأن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين و اليد لها هذه المعاني عديدة لكننا حينما نعود إلى الصحابة ونجدهم ينقلون أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قطع يد السارق من عند المنكب ولا قطعها من عند المرفق وإنما قطعها من عند الرسغ كذلك لما نعود وأرجو الانتباه لما أقول إلى الأحاديث الصححية وهذه اللفظة الصحيحة لا بد لي من أن أتطرق لها قريبا إن شاء الله وإذا رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة التي نقلها لنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله فيما يتعلق بآية التيمم (( فامسحوا بوجوهكم و أيديكم )) لوجدناهم أنهم رأوا الرسول وإذا رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة التي نقلها لنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله فيما يتعلق بآية التيمم (( فامسحوا بوجوهكم وأيدكم )) لوجدناهم أنّهم رأوا الرّسول يسمح بكفّيه وسمعوا من الرسول يقول ( التيمّم ضربة واحدة ) وليس ضريتين ويمسح بهما كفيه ووجهه ، إذا لا نستطيع إطلاقا أن نستغني عن سبيل المؤمنين لأن هؤلاء المؤمنون هم الذين نقلوا إلينا شريعة الله مطبقة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفهموا هذه الشريعة فهما صحيحا فلا جرم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أثنى عليهم فقال ( خير الناس قرني ) وقال ( أكرموا أصحابي ) وقال ( أحسنوا إلى أصحابي فو الذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه ) ... فإذا على كل من كان يريد أن يكون من الفرقة الناجية أن لا يقنع فقط أن يعرف القرآن والسنة فقط فهو إن قنع وإن استطاع أن يصل إلى فهم الكتاب والسنة فقط ولو بهذا التّفقيط فسيخسر أن يكون من الفرقة الناجية أن يكون على ما كان عليه أصحابه عليه الصلاة والسلام ، إذا يمكننا أن نلخّص الآن ما مضى من الكلام مفصّلا مشروحا لنبني على هذه الخلاصة بحثا جديدا ... .

الشيخ : ... لا بد لكل مسلم بعد أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يعلم أن طريق معرفة ما كان عليه رسول الله هي السنة وهي الصحابة وبعبارة أخرى السلف الصالح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتواتر ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، فلابد من أن يتعرف المسلم على ما كان عليه أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم وإلا ضل ضلالا بعيدا من حيث إنه يحسب أنه يحسن صنعا ، الشيء الجديد الآن الذي أريد أن أتوسع فيه قليلا هو ما هو الطريق لمعرفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير وما ورثه أصحابه عليه السلام منه من الهدي أو الهدى والنور ما هو الطريق ؟ لو سألنا سائل ما هو الطريق لمعرفة كلام الله عز وجل ؟ فالجواب والحمد لله ميسر مذلل هو القرآن الكريم ليس لدينا كتاب تعهد الله عز وجل بحفظه إلا هذا القرآن الكريم كما قال في الآية السابقة الذكر (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) فالله عز وجل تعهد بحفظ هذا الكلام الإلهي ألا هو القرآن لم يتعهد بحفظ التوارة ولا الإنجيل ولا صحف إبراهيم وموسى ذلك لأن حكمته اقتضت أن تكون هذه الشرائع السابقة تمهيدا للشّريعة الإسلامية التي لا شريعة بعدها فكان من الحكمة البالغة أن يتعهّد ربّنا عزّ وجلّ بحفظ هذا القرآن الكريم إذا جواب السؤال كيف الطريق لمعرفة كلام الله ؟ هو القرآن الكريم , ولكن السؤال المهم جدا جدا ، ما هو السبيل لمعرفة سنة الرسول عليه السلام وما كان عليه أصحابه الكرام هنا البحث المهمّ جدا جدا ، هو ما يسمى عند علماء المسلمين كافة بعلم الحديث وعلم الآثار علم الحديث وعلم الآثار " والله أكبر الله أكبر " علم الحديث يتضمن علمين اثنين  أحدهما يعرف بعلم مصطلح الحديث والآخر علم الجرح والتعديل علم مصطلح الحديث عبارة عن قواعد علمية جمعها علماء الحديث مع مرور الزمن ودونوها وصنفوها وذللوها وبينوها للنّاس حتى يتمكنوا من تمييز الصحيح من الضعيف من الحديث , تمام هذا هو العلم الثاني علم الجرح والتعديل يدور حول معرفة تراجم الألوف المؤلّفة من روّاة الحديث و السنة لعلكم جميعا تعرفون شيئا يعرف عند علماء الحديث بالإسناد , الإسناد عو عبارة عن السلسلة من الرجال يأخذ بعضهم عن بعض يبدأ الصحابي ينقل عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم التابعي عن الصحابي تابع التابعي عن التابعي ، وهكذا دواليك حتى دوّنت هذه الأحاديث بهذه الأسانيد في كتب السنة المعروفة والتي عددها ما شاء الله تجاوز الألوف المؤلفة كان أشهرها هي الكتب الستة وهي المتداولة اليوم على أيدي علماء السنة هذا الإسناد مركب من رجال هؤلاء الرجال يعدون الألوف المؤلفة كل رجل منهم له ترجمة في كتب الجرح التعديل يبينون متى كان هذا الراوي ومتى ولد متى عاش ومن هم شيوخه ومن هم تلامذته الآخذون عنه وهكذا يضاف إلى ذلك هل هو ثقة ؟ هل هو عدل ؟ هل هو فاسق ؟ هل هو حافظ ؟ هل هو سيّء الحفظ ؟ كل هذه الاوصاف وغيرها أيضا مذكورة في هذا العلم علم الجرح والتعديل وكلكم في ظني يعرف بأن الأحاديث الموجودة في بطون الكتب والمتداولة على ألسنة الناس فيها ما صح وفيها ما لم يصح إذا إذا أردنا أن نعرف ما كان عليه الرسول صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وما كان عليه أصحابه الكرام فلا مناص من التعرف على هاذين العلمين ودراستهما دراسة واسعة جدا مصطلح الحديث والجرح والتعديل فمن جمع بين هذين العلمين يتمكن من تمييز الصحيح من الضعيف فأين نحن اليوم من هذا العلم الذي يمكننا من معرفة الصحيح من الضعيف هذه المعرفة هي التي تربطنا بالفرقة الناجية وإلا فنكون بعيدين بعدا بعيدا كثيرا أو قليلا على حسب العلم والجهل بهذا العلم الحديث وعلم الجرح والتعديل إذا عرفتم هذه الحقيقة فالخلاف الذي وقع قديما بين الفرق الإسلامية والذي لا يزال مستمرا  إلى هذا اليوم من أعظم أسبابه هو انصراف لا أقول عامة المسلمين بل أقول انصراف خاصة المسلمين عن دراسة هذا العلم وعن إشاعته و عن تقديم ثمراته إلى كافة المسلمين ليكونوا كما قال رب العالمين في القرآن الكريم (( قل  هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة  )) ...باختصار علم الحديث هناك سبب آخر  كان هذا قديما كان قبل أن يتوفر لجمع السنة علماء سخرهم الله عز وجل لخدمة الإسلام بخدمة سنة النبي عليه الصلاة والسلام أما اليوم فهذا السبب قد زال وبقى سبب إهمال دراسة هذ العلم أما السبب الذي قد زال فيجب أن تعرفوه جيدا لأنه يترتب من وراء ذلك أن تعرفوا سبب اختلاف علماء المسلمين قديما حتى اليوم في بعض المسائل الفقهية . أنتم تعلمون جميعا إن شاء الله بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أحوال حينما يتكلم تارة يتكلم في المسجد وعلى حسب الناس عدد الناس الموجودين في المسجد يكون الحافظون لحديثه تارة يكون هناك في المسجد بعض الأصحاب فيتحدث فيحفظون منه أما الأصحاب الآخرون فهم لا يعلمون ما تحدث به الرسول في ذلك المجلس الذي لم يكن حوله إلا أفراد قليلون كذلك كان يسافر فمن كان معه من المسافرين أخذوا منه من العلم ما فات المقيمين في المدينة أو في مكة أو إلى آخره و هكذا الصور تتعدّد وباستطاعة كل واحد منكم أن يتفنن في تعدادها وفي استحضارها في ذهنه من ذلك مثلا أنه كان يعيش في داره مع أهله مع أزواجه مع أحفاده فكان يجري بينه عليه السلام وبين أهله من الكلام الذي هو حديث لا يعلمه أصحابه إطلاقا الذين هم خارج الدار ليس عندهم علم إنما أهله نساءه هم الذين يعلمون ما جرى في الدار فإذا لا نستطيع أن نتصور فردا من أفراد الصحابة أحاط علما بكل أحاديث الرسول عليه السلام  هذا أمر مستحيل لأنه لا يمكن أن يكون فرد هو ظل الرسول عليه السلام حيثما ذهب حيثما حضر , حيثما جلس , حيثما سافر يكون معه هذا أمر مستحيل والمقصود من هذا الكلام كله وهو بدهي جدا أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم و قد عرفنا أنها قوله وفعله وتقريره كانت متفرقة بين أصحابه ، فهل وجد شخص في ذلك الزمان يستطيع أن يتّصل مع كل فرد من أفراد الرسول عليه السلام  ويجمع منهم ما سمعوه وما شاهدوه منه عليه السلام هذا تصوره يغنيكم عن أن تقولوا أنّ هذا أمر مستحيل وبخاصة إذا تذكرتم الفتوحات الإسلامية التي اقتضت أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يتفرقون في البلاد فالذين كانوا في مكة كانوا في المدينة كانوا في الطائف كانوا في اليمن شرقوا وغربوا وتفرقوا في البلاد في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل وكما تعلمون ما شاء الله الفتوح السلامية وصلت شرقا إلى الصين وغربا إلى إسبانيا التي كانت تعرف يومئذ بالأندلس هل كان يمكن يومئذ لشخص أن يق بهؤلاء الصحابة  الذين تفرقوا في البلاد في سبيل الجهاد هذا أمر أيضا مستحيل ولكن بدأت نواة كمحاولة أولى لجمع ما عند بعض هؤلاء الأفراد من بعض التابعين كانوا وقد حرصوا على أن يتصلوا ببعض الصحابة و الذي سن لهؤلاء التابعين سنة الجمع من مختلف الصحابة على ما يتيسر لهم هو أبو هريرة رضي الله عنه , أبو هريرة هو الحافظ الذي يمكن أن يستحق هذا اللفظ من بين أصحاب الرسول عليه الصّلاة والسلام مع أنه ما أسلم إلا قبل و فاته عليه السلام بنحو سنتين ونصف مع ذلك كان أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديثا لماذا ؟ هو يحدثنا عن نفسه يقول كنت أقنع شبع بطني بلقيمات ثم بعد ذلك أجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخذ الحديث منه ويضيف إلى ذلك إلى أن أصحابه عليه السلام مشغولين بالصفق في الأسواق مشغولين بالتجارة لكن هم الذين مدحهم رب العالمين بقوله (( لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله  وإقام الصلاة )) ، لكن أبو هريرة تفرّد عنهم بأنه كان زاهدا وكان يكتفي بلقيمات ثم سائر الوقت مع الرسول عليه الصّلاة والسّلام وكأنّه عرف أنه تأخر إسلامه فأراد أن يعوّض على نفسه ما فاته من الصّحبة الطويلة التي حظي بها أمثال أبو بكر وعمر والسّابقون الأولون من الصحابة ولذلك أعرض عن الدنيا كلها وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيء الثاني مما جعله حافظ الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذات يوم ( من يبسط ثوبه ثم يحفظ كل ما يسمعه مني ) فكان السابق لذلك أبو هريرة فبسط ثوبه ثم طواه قال أبو هريرة فما نسيت بعد ذلك شيئا سمعته من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هذا السبب الثاني والسبب الثالث وهو الشاهد ما كان يقنع بأن يسمع من الرسول فقط كان يروح عند الصحابة أبو بكر وعمر وغيره وغيره ويلتقط منه ما كان حفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو الذي سن للتابعين ولمن بعدهم جمع الأحاديث من مختلف الرواة ولذلك يلاحظ الدارس لحديث أبي هريرة أنه يجد أحاديثه تنقسم إلى قسمين في بعضها يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثرها يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من دقته وأمانته ، فيما كان سمعه منه عليه السلام سمعت رسول الله وفيما سمعه من غيره ما يقول سمعت من رسول الله وإنما يقول قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، السبب هو أنه تأخر إسلامه وما سمعه من الرسول كان قليلا فأراد أن يستدرك ما فاته أن يتصل مع أصحابه القدامى فجمع منهم فكان بهذه الأسباب الثلاثة أكثر أصحاب الرسول عليه السلام حديثا ولذلك الآن المشتغلون بعلم الحديث وبكتب الحديث يجدون أحاديث أبي هريرة في كل كتاب من كتب السنة لها السبق الأعلى في العدد وفي الكمية خذوا مثلا مثالا واضحا جدا مسند الإمام أحمد ستة مجلدات المجلد الثاني منه نصفه هو لأبي هريرة من الستة مجلدات فيها أحاديث الصحابة كلهم اللي للإمام أحمد استطاع بالطريقة التي أشرت إليها الاتصال مع الناس وجمع الأحاديث فكان مسند أبي هريرة في مسند الإمام أحمد أخذ نصف المجلد الثاني أي واحد من اثنا عشر فبارك الله عز وجل لأبي هريرة لهذه الأسباب ومنها التي بها يتمكن المسلم من أن يجمع أكبر كمية ممكنة من السنة بسبب تفرق الصحابة أولا ثم التابعين تفرقت السنة ولكن بدأ التابعون يجمعون من هذا الصحابي من هذا الصحابي فلو اقتصر على أحاديث صحابي واحد لكانت الكمية قليلة لكنه ضم إليها أحاديث الصحابي الثاني والثالث على حسب ما يتيسّر له ثم جاء دور أتباع التابعين فاتّسعت دائرة الجمع ثم جاء دور أتباع أتباع التابعين وفيهم الأئمة الستة أصحاب الكتب الستة الإمام البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه فهؤلاء بسبب سفرهم إلى البلاد التي كان الصحابة الأولون افتتحوها ثم تبعهم التابعون وهكذا بسبب هذا الانتقال توفر لكل منهم ما شاء الله من السنة الكثيرة كان أكثرهم الإمام أحمد رحمه الله لأنه سافر في سبيل جمع الحديث إلى أكثر بلاد الدنيا يومئذ وقد شهد له بالحفظ الإمام الشافعي علما أن الإمام الشافعي من شيوخ الإمام أحمد في الحديث والتفسير والفقه ، الإمام الشافعي من شيوخ الإمام أحمد لكن الإمام أحمد امتاز على علماء عصره بأن تفرغ كأبي هريرة تماما فلم يعبأ بالدنيا وزخرفها طاف في البلاد واتصل مع رواة الحديث فجمع الألوف المؤلفة من السنة شهد له بذلك شيخه الإمام الشافعي فقال له يا أحمد " أنت أعلم بالحديث مني " الشيخ يقول لتلميذه " أنت أعلم بالحديث مني فإذا جاءك الحديث صحيحا فأخبرني به أو أعلمني به سواء كان حجازيا أو شاميا أو مصريا أو أو إلى آخره " يشير إلى أن الإمام أحمد طاف وسافر إلى هذه البلاد و جمع من السنة ما لم يتمكن إمامه الشافعي أن يجمعها ولذلك قال له أنت أعلم بالحديث مني الشاهد من هذا الكلام كله أن من أسباب اختلاف العلماء الأربعة الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد هو هذا الذي أقول لكم أنّ السّنّة كانت تفرقت بتفرق حملتها من الصحابة ثم التابعين وبعد ذلك جاء دور الأئمة الأربعة هؤلاء لأن أوّلهم كما تعلمون أبو حنيفة رحمه الله فهو توفي سنة مائة وخمسين هجرية فهو يعتبر من التابعين الصغار لكنه رحمه الله كان تخصص في الفقه ولم يخرج من الكوفة إلاحاجا أو معتمرا فكان حديثه قليلا جاء من بعده الإمام مالك حيث ولد الإمام مالك في السنة التي مات فيها أبو حنيفة وأقام في دار الهجرة المدينة المنورة والمدينة المنورة كما هو واقعها اليوم باعتبار أنها مطروقة ومقصودة من العمار والحجاج فيكون هناك العلماء كثيرون ولذلك كان حديث مالك وهو أيضا لم يسافر ولم يخرج لجمع الحديث كان حديثه أكثر من أبي حنيفة ثم جاء دور الإمام الثالث وهو الإمام الشافعي فهو أقام رحمه الله في بغداد وبغداد كانت عاصمة الخلفاء العباسيّين كما تعلمون فكانت أيضا موؤلا وملجأ لمختلف العلماء فحصل من العلم والسنة ما شاء الله ثم سافر من بغداد إلى مصر ومن هنا حصّل مادّة جديدة من العلم وخاصة علم الحديث ففاق الإمامين الأولين الإمام أبا حنيفة والإمام مالك بسبب أنه أقام شطرا كبيرا من حياته في بغداد بالإضافة إلى أنه كان يحج ويعتمر ثم في آخر حياته قضاها في مصر فاجتمع له من الحديث مالم يجتمع للإمامين الأولين فجاء الإمام الفقيه الرابع وهو أحمد بن حنبل ففاق ليس فقط الأئمة الثلاثة فاق جماهير من علماء الحديث لكثرة الإحاطة للسنة فكان أحفظهم للسنة وأعلم من أكثر من كثير من علماء الحديث بالحديث لهذا السبب كان العالم مثل أبي حنيفة يسئل عن مسألة فينظر فيما ما عنده من كتاب الله ومن حديث رسول الله فيفتي على ما عنده فإن لم يجد اجتهد والاجتهاد ضروري لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ) ولكن كما تفهمون من هذا الحديث الاجتهاد معرض للصواب معرض للخطأ فقد يسئل أحد الأئمة الآخرين نفس السؤال فيجيب بجواب مما عنده من مادة الحديث التي لم يحصل عليها الإمام الذي أفتى بالاجتهاد من عنده فإذا عرفتم هذه الحقيقة التاريخية المتعلقة بطريقة جمع الحديث زال الاضطراب من أذهانكم لأن هؤلاء الأئمة ليش اختلفوا والاختلاف ذكرنا آنفا قوله تعالى (( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) ، وهم بلا شك مرحمون فلماذا اختلفوا ؟ معذورون لأنهم لم يتمكنوا يومئذ من جمع السنة فأما اليوم فلسنا معذورين والسبب أننا اليوم نستطيع أن نجمع جهود الأئمة الذين مضوا وقضوا حياتهم في كل العصور نجمع بتشتري ثروتهم التي لا تقدر بثمن بدراهم معدودة وهو كتاب مسند أحمد ست مجلدات حياته العلمية ضمنها فيه أنت ممكن تخصص من حياتك سنة فقط بالكثير فتحصّل على علم الإمام أحمد ما حصله في السنين وبالجهد الكبير الكثير وهو التطواف في البلاد والسفر إليها ولكن علة الناس اليوم هو الزهد في علم الحديث والإعراض عن دراسة الحديث والقناعة بأن أي حديث وجدناه في أي كتاب مثل ما أنا داخل البدوي خوش حديث ، لكن أنت تعرف أن أحاديث الرسول عليه السلام فيها الصحيح وفيها الضعيف والرسول عليه السلام كان الله عز وجل قد نبأه سلفا بأن الناس سيكذبون عليه ويكذبون عليه حتى في عهده عليه السلام في قيد حياته وجد من كذب عليه فقال صلى الله عليه وآله وسلم ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) ، كيف كان هذا ؟ رجل أحب امرأة فذهب إلى أهلها يخطبها منهم ولكي يتجاوبوا معه ولا يردوه قال لهم أنا رسول رسول الله إليكم يأمركم بأن تزوجوني فتاتكم استغرب الناس ولي الفتاة مثل هذا الأمر لأنهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفه رب العالمين (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، معقول أن الرسول يبعث لهم أمر زوجوا فلانا وهم ما بيعرفوه مش معقول إذا ممكن يكون وحي أو شيء إذا نبعث إلى رسول الله فلما جاؤوا إليه وقالوا يا رسول الله أنت أرسلت فلانا قال ( لا أدركوا الرجل فإن لقيتموه فحرقوه بالنار وما أرى أنكم تدركونه )  وفعلا لما لحقوا به وجدوا آفة حية لدغته وكان موته فيها هذا سبب قوله عليه السلام (  من كذب عليّ متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) ، وقد قال عليه الصلاة والسلام ( إنه سيكذب عليّ فمن كذب عليّ  ) إلى آخره وجاءت أحاديث أخرى لكي لا يغتر المسلم أنا والله ما بتعمد الكذب عليه فيستهون رواية الحديث ونسبة الحديث إلى الرسول عليه السلام دون أن يتثبت من صحته فقال عليه الصلاة والسلام ( من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ) ،  من حدث بحديث وهو يظن أنه كذب على رسول الله فهو أحد الكذابين فلكي تعرف أنّ هذا الحديث مكذوب على الرسول أم لا ؟ ما هو الطريق ؟ طريق من طريقين لا ثالث لهما كالأحكام الشرعية لتعرف أنه هذا حلال وأن هذا حرام  ما هو الطريق ؟ طريق من طريقين إما أن تطلب العلم لتصبح عالما فتعرف من كتاب الله ومن حديث رسول الله الحلال والحرام وإما أن تكون من عامة الناس حينئذ يتوجه إليك قوله تعالى في القرآن الكريم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فإما أن تكون عالما فاستفت نفسك وإما أن تكون غير عالم فاستفت عالمك (( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، كل علم له رجال سواء كان هذا العلم شرعيا أو كان دنيويا أي إنسان الآن يريد أن يبني دارا ما يركب رأسه لكن يسأل المهندس بيجيب المعماري البناء وهكذا بده يعالج نفسه بده يعالج المريض ما بيجي هو ويعمل طبيب وإنما يروح عند الطبب والطبيب مختص إلى آخره ، العلم الشرعي بقسميه الحديثي والفقهي أولى أن يعنى المسلمون بهذه القاعدة التي وضعها رب العالمين في الآية السابقة (( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فما هو طريق معرفة الحلال والحرام ؟ قلنا إما أنت عالم فاسئل علمك وأما لست بعالم فاسئل الفقهاء ما هو طريق معرفة الحديث الصحيح من الضعيف ؟ إن كنت عالما فاسئل علمك إن كنت غير عالم (( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) الناس اليوم لم يعطوا علم الحديث حتى في هذا الجانب الأخير ما يستحقه من الاهتمام الفقه أكثرهم يهمتون بدينهم أن يعرفوا الحرام والحلال ولذلك الناس في هذه الزاوية لا يزالون بخير لكن نادر جدا جدا من يهتم بمعرفة الحديث الذي يسمعه أو الحديث الذي يقرأه أن يسأل أهل العلم أن هذا الحديث صحيح أم لا بمجرد أن يسمع أو يقرأ يقف عندما سمع أو قرأ ولا يتذكر الوعيد المحذر عن رواية الأحاديث إلا بعد تبين صحتها إذا هنا لا بد أيضا من خلاصة بعد تلك الخلاصة ، فأقول ليكون المسلمون من الفرقة الناجية   "  كمل من هنا يا أستاذ كمل من هنا على السنة " ليكون المسلم على السنة وعلى ما كان عليه الصحابة فلا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة علم الحديث فعلم الحديث هو الذي يعرفك ما كان يقوله عليه السلام وما يفعله وما كان يقره وعلم الحديث هو الذي يدلك على ما كان عليه أصحابه صلّى الله عليه وسلّم من الهدي من العلم من الأخلاق والسلوك ونحو ذلك فأنا أنصح كل المسلمين بعامّة أن يهتمّوا إذا بعلم الحديث والتثبّت فيما يقرأون وفيما يسمعون وأنصح خاصتهم أن يعنوا بدراسة علم الحديث حتى يذيعوا في الناس الأحاديث الصحيحة لأن هذه الأحاديث الصحيحة فقط هي التي توصلهم إلى أن يعرفوا أولا الفرقة الناجية وأن يكونوا منها ثانيا وإلا كانوا على خطر عظيم وبهذا القدر كفاية لا سيما وأرى أنّ بعض العيون قد بدأ النّعاس يداعبها وفي تجربتي أن نفتح باب الأسئلة قد يوجد شيء من الحركة ومن اليقظة والبركة إن شاء الله فمن كان عنده ملاحظة من كان عنده سؤال يتعلق بما سبق طرحه وبيانه من النّهج العلمي الّذي يجب على المسلمين خاصّتهم وعامّتهم أن يسلكوه  فيؤثر ويقدّم السؤال المتعلق بما مضى وإذا كان لا يوجد أي سؤال يتعلق بما مضى فنحن نتقبل أي سؤال آخر يتعلق بالتفقه في الدين فالآن ترفع يد هنا ويد هنا فأسأل سؤالك حول الموضوع فإن كان نعم فأنت المقدم وإن كان لا نسأل هنا .

السائل : نعم بارك الله فيك .

الشيخ : تفضل .

السائل : بالنسبة للرافضة ينكرون أبا هريرة لماذا يا شيخ ؟

الشيخ : لأنه قصم ظهورهم بكثروة حديثه رضي الله عنه .

الشيخ : نعم .

السائل : بداية ... .

الشيخ : عفوا سؤالك حول الموضوع ؟

السائل : نعم ، نعم .

الشيخ : تفضل .

السائل : بداية يعني الشكر الجزيل لفضيلتكم وقد ورد في بداية الحديث أن فضيلتكم قال كل أمر للرسول يعني الوجوب فأين المندوب ؟

الشيخ : عفوا أنا ما قلت يعني الوجوب !

السائل : هذا ما سمعت ! كما أن فضيلتكم قال

الشيخ : نحن لم نقل أن كل أمر يفيد الوجوب ولا عالم يقول إن فعل الرسول للوجوب !

السائل : السؤال الثاني نعتذر عن سوء الاستماع ابتداء ، صلاح الظواهر سبب شرعي لإصلاح البواطن وعلمنا من سادتنا وكبرائنا في العلم أن السبب ينتج المسبب قطعا كزوال الشمس أو غروبها سبب في وجود الصلاة فهل إصلاح الظاهر يوجد قطعا إصلاح الباطن إذا كان هذا سببا شرعيا فما بال عبد الله بن أبي بن سلول كان ممن صلح ظاهرهم ولكنه كان منافقا وشكرا ؟

الشيخ : نعم آه لكل قاعدة شواذ لأنك وأنت السائل لا تستطيع أن تقول لأنه إذا صلح قلب المسلم لا يصلح ظاهره لا يمكن لمسلم أن يتصوّر أنه إذا صلح قلبه لا يمكن أن يصلح ظاهره أليس كذلك ؟ حتى أمضي في كلامي وأعيد ما أقول لا يمكن لمسلم أن يتصور أن قلبه صالح ومع ذلك يظل ظاهره طالحا هل يتصور هذا ؟

السائل : الحقيقة أن السؤال كان ... .

الشيخ : أنا عارف سؤالك .

السائل : إصلاح الظاهر ؟