About the article

Author :

محمد بن علي بن جميل المطري

Date :

Sat, Apr 11 2015

Download

التحقيق في حال مسند الإمام زيد بن علي

التحقيق في حال مسند الإمام زيد بن علي



مسند الإمام زيد يشتمل على 600 رواية بعضها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعضها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهل هذا الكتاب ثابت النسبة إليه؟!
 
لا يشك من عنده أدنى معرفة بالروايات أن مسند الإمام زيد مكذوب عليه، فقد تفرد بروايته عنه عمرو بن خالد الواسطي وهو مشهور بالكذب عند المحدثين، وقد روى في هذا الكتاب كثيرا من الأحاديث المعروفة عن عدة من الصحابة لكن جعلها كلها عن علي بن أبي طالب وجعل كل أسانيدها هكذا: حدثني زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أحاديث معروفة في كتب الحديث بأسانيد متنوعة عن عدة من الصحابة، وبعضها معروفة لكن هذا الكذاب زاد في تلك الأحاديث كما هو ظاهر لمن يعرف الأحاديث، والعجيب أن الإمام محمد الباقر وهو أخو زيد بن علي لم يرو شيئًا منها مع أن أباهما علي بن الحسين ومحمد الباقر أكبر من زيد بأربع وعشرين سنة فإنه ولد سنة 56 هـ ومات سنة 118 هـ!!
 
وزيد بن علي ولد سنة 80 هـ وأبوه علي بن الحسين مات سنة 94 هـ فيكون سن زيد عند وفاة أبيه نحو 14 سنة، ولم يرو عنه إلا حديثين ذكرهما أهل الحديث كما في مسند أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه، ومع هذا يتعصب بعض الزيدية ويجزم بنسبة مسند الإمام زيد إليه، ولا عجب في هذا فإن الزيدية لا يهتمون بتحقيق الأسانيد، ونتحداهم أن يأخذوا عشرة أحاديث فقط من مسند الإمام زيد ويأتوا بمتابعة فيها لعمرو بن خالد ولو من رواية أولاده كالحسين بن زيد أو عيسى بن زيد، أو يأتوا بمتابعة لزيد بن علي المفترى عليه، ولو من رواية إخوانه محمد الباقر أو عبد اللَّه بْن علي، أو عُمَر بْن علي، أو علي بْن علي، أو الحسين بْن علي، أو يأتوا بمتابعة لأبيهما علي بن الحسين، أو للحسين بن علي عليهم السلام، فإن لم يستطيعوا فليأتوا بخمسة أحاديث، فإن لم يستطيعوا فليأتوا بحديث واحد فقط من مسند الإمام زيد ويذكروا راويًا واحدًا فقط رواه عن زيد رحمه الله غير عمرو بن خالد الذي تفرد برواية المسند عن الإمام زيد رحمه الله.
 
ولأن بعض القراء لا يعرف معنى المتابعات نقول: إن الحديث الذي يرويه الصحابي يرويه عنه أحد التابعين أو اثنان أو أكثر من التابعين، ثم كل راو من التابعين يرويه عنه راوِ أو أكثر من أتباع التابعين وهكذا، فيكون الحديث كالأهرام يرويه صحابي مثلًا ثم عنه ثلاثة من الرواة مثلًا ثم عنهم عشرة مثلًا ثم عنهم خمسون وهكذا، وبجمع طرق الحديث يعرف المحدثون من زاد ومن نقص ومن أخطأ ومن يكذب؛ لأنهم يقارنون روايات الراوي بروايات زملائه فينظرون من تابعه عن شيخه أو أنه تفرد بالرواية عن شيخه، فينظرون من تابع شيخ شيخه وهكذا.
 
وهذه مقارنة بين حديث من مسند الإمام زيد وبين نفس الحديث من كتب أهل الحديث:
جاء في مسند زيد رقم (122) قال عمرو بن خالد الواسطي: حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة تنزيل السجدة ثم يسجد بها، ويكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه؛ وفي الثانية قرأ بعد الفاتحة بـ: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾.
 
فهذا الحديث معروف في كتب الحديث بأسانيد محفوظة، ولا يوجد أحد تابع الواسطي الكذاب في رواية هذا الحديث عن زيد، فهذا الحديث رواه أربعة من الصحابة، ورواه عنهم عدد من التابعين، ثم رواه عن التابعين عدد من أتباع التابعين، وهذه بعض أسانيده:
جاء في صحيح مسلم (2 / 599):
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن سفيان، عن مخول بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة: الم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان حين من الدهر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة، والمنافقين ". وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، وحدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، كلاهما عن سفيان بهذا الإسناد مثله، وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن مخول بهذا الإسناد مثله، في الصلاتين كلتيهما، كما قال سفيان. حدثني زهير بن حرب، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، " أنه كان يقرأ في الفجر، يوم الجمعة: الم تنزيل، وهل أتى " حدثني أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح، يوم الجمعة: بالم تنزيل في الركعة الأولى، وفي الثانية هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورا ".
 
وجاء في صحيح البخاري (2 / 5):
حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن هو ابن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر الم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان حين من الدهر".
 
ثم رواه البخاري (1068) أيضًا عن شيخه محمد بن يوسف عن سفيان الثوري إلى آخر الإسناد بنفس المتن.
 
وأخرجه النسائي 2/159، من طريق يحيى بن سعيد عن سفيان الثوري به.
 
وأخرجه الدارمي (1542) عن محمد بن يوسف عن سفيان الثوري به.
 
وأخرجه ابن ماجه (823) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عبد الرحمن الأعرج، به.
 
وجاء هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص، عند ابن ماجه (822)، وأبي يعلى (813).
 
وعن عبد الله بن مسعود، عند ابن ماجه (824)، والطبراني في "الصغير" (986).
 
فهذا الحديث جاء عن أربعة من الصحابة: ابو هريرة وابن عباس وسعد وابن مسعود بأسانيد معروفة تلقاها العلماء طبقة عن طبقة، ولو رُوي هذا الحديث عن زيد بن علي لنقلوه عنه كما نقلوا عنه الحديثين اللذين رواهما، ولو رواه علي بن الحسين لنقلوه عنه كما نقلوا سائر أحاديثه فقد روى عنه جميع أصحاب الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد وغيرهم، بل قال ابْن أَبي شَيْبَة: أصح الأسانيد كلها: الزُّهْرِيّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَن أبيه، عن علي.
 
جاء في تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي (387/20): قال الزُّهْرِيّ: لم أدرك من أهل البيت أفضل من عَلِيِّ بن الحسين.
 
وَقَال عبدالرحمن بْن زيد بْن أسلم عَن أبيه: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين قط.
 
وَقَال عَبْدالعزيز بْن أَبي حازم، عَن أبيه: ما رأيت هاشميًّا أفضل من علي بن الحسين.
 
وَقَال مالك: لم يكن في أهل بيت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مثل علي بن الحسين.
 
وَقَال يَحْيَى بْنِ سَعِيد الأَنْصارِيّ: سمعت علي بن الحسين، وكان أفضل هاشمي.
 
فكذب عمرو بن خالد واضح كالشمس وهذه ترجمته من تهذيب الكمال للمزي:
تهذيب الكمال في أسماء الرجال (21 / 605):
" قال عَبدالله بْن أَحْمَد بْن حنبل، عَن أبيه: متروك الحديث، ليس بشيءٍ.
 
وَقَال أبو بكر الأثرم، عَن أحمد بْن حنبل: كذاب، يروي عن زيد بْن علي، عن آبائه، أحاديث موضوعة، يكذب.
 
وَقَال عَباس الدُّورِيُّ عَنْ يحيى بْن مَعِين: كذاب غير ثقة، ولا مأمون.
 
وَقَال هاشم بْن مرثد الطَّبَرَانِيّ، عَنْ يَحْيَى بْن مَعِين: كذاب، ليس بشيءٍ.
 
وَقَال إسحاق بْن راهويه، وأبو زُرْعَة: كَانَ يضع الحديث. وقَال أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، ذاهب الحديث، لا يشتغل بِهِ.
 
وَقَال أَبُو عُبَيد الأجري: سألت أبا داود عن عَمْرو بْن خالد الَّذِي يروي عَنْهُ أَبُو حفص الأبار، فَقَالَ: هَذَا كذاب.
 
وَقَال فِي موضع آخر: سألت أبا داود عن عَمْرو بْن خالد، فَقَالَ: ليس بشيءٍ.
 
قال وكيع: كَانَ جارنا فظهرنا مِنْهُ عَلَى كذب، فانتقل. قُلْتُ: كَانَ واسطيا؟ قال: نعم.
 
وحكى غيره عن وكيع، قال: كَانَ فِي جوارنا يضع الحديث، فلما فطن لَهُ تحول إِلَى واسط.
 
وَقَال النَّسَائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه" انتهى.
 
وقال محدث العصر الألباني في السلسلة الضعيفة (13/ 116): اعلم أن هذا "المسند" حاله عندنا كحال "مسند الربيع بن حبيب" [مرجع الإباضية] أو أسوأ؛ فإنه من رواية عمرو بن خالد أبي خالد الواسطي عن الإمام زيد. والواسطي اتفق أئمتنا على أنه كذاب وضاع؛ فراجع ترجمته في "الميزان" وغيره. انتهى.
 
هذا وقد قرأت لبعض الزيدية بحثا في إثبات صحة مسند زيد وفيه جهالات كثيرة ومغالطات عديدة، ومن ذلك ادعاء أن صحيح البخاري تفرد به من الرواة عن البخاري راو واحد وهو الفربري وهذا كلام جاهل أو مغالط ففي فتح الباري لابن حجر (1 / 491) قال: وذكر الفربري أنه سمعه منه [أي سمع صحيح البخاري من الإمام البخاري] تسعون ألفا وأنه لم يبق من يرويه غيره، وأطلق ذلك بناء على ما في علمه، وقد تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمد بن علي بن قريبة البزدوي وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ذكر ذلك من كونه روى الجامع الصحيح عن البخاري أبو نصر بن ماكولا وغيره، ومن رواة الجامع أيضًا ممن اتصلت لنا روايته بالإجازة إبراهيم بن معقل النسفي وفاته منه قطعة من آخره رواها بالإجازة، وكذلك حماد بن شاكر النسوي انتهى.
 
فهؤلاء ثلاثة يروون صحيح البخاري غير الفربري: البزدوي والنسفي وحماد بن شاكر.
 
ثم إنه لو تفرد الفربري برواية صحيح البخاري فلا يضر؛ لأن عامة أحاديث صحيح البخاري يتابعه عليها غيره من أصحاب الصحيح والسنن مثل الإمام مسلم وابن خزيمة وابن حبان والترمذي وأبي داود والنسائي وتوجد كتب المستخرجات تروي الحديث من غير طريق البخاري، ومثل هذا لا يوجد في مسند زيد ولو في حديث واحد فقط فاعتبروا يا أولي الأبصار!!
 
فلنأخذ أول حديث في صحيح البخاري وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات) وننظر من تابعه على روايته:
قال "البُخَارِي" في أول حديث في صحيحه (1): حدَّثنا الحُمَيْدِي، عَبْد اللهِ بن الزُّبَيْر، قال: حدَّثنا سُفْيان. وفي (54) قال: حدَّثنا عَبْد اللهِ بن مَسْلَمَة، قال: أَخْبَرنا مالك. وفي (2529) قال: حدَّثنا مُحَمد بن كَثِير، عن سُفْيان. وفي (3898) قال: حدَّثنا مُسَدَّد، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد. وفي (5070) قال: حدَّثنا يَحيى بن قزعة، قال: حدَّثنا مالك. وفي (6689) قال: حدَّثنا قُتَيْبَة بن سَعِيد، قال: حدَّثنا عَبْد الوَهَّاب. وفي (6953) قال: حدَّثنا أبو النُّعْمان، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد. فهؤلاء سبعة من مشايخ البخاري يروي الإمام البخاري الحديث من طريقهم في سبعة مواضع من صحيحه وكلهم يروونه عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني مُحَمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمِي، أنه سَمِعَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".
 
وأخرجه الحُمَيْدِي في مسنده (28) قال: حدَّثنا سُفْيان. و"أحمد" في مسنده (168) قال: حدَّثنا سُفْيان. ورواه أحمد أيضًا في مسنده عن شيخ آخر (300) قال: حدَّثنا يَزِيد. وأخرجه "مسلم" في صحيحه (4962) قال: حدَّثنا عَبْد اللهِ بن مَسْلَمَة بن قَعْنَب، قال: حدَّثنا مالك. وفي (4963) قال: حدَّثنا مُحَمد بن رمح ابن المهاجر، قال: أَخْبَرنا اللَّيْث، ورواه الإمام مسلم أيضًا في صحيحه عن شيخ ثان فقال: حدَّثنا أبو الرَّبِيع العتكي، قال: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد ورواه مسلم أيضًا عن شيخ ثالث فقال: وحدَّثنا مُحَمد ابن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا عَبْد الوَهَّاب، يعني الثَّقَفِي ورواه مسلم أيضًا عن شيخ رابع فقال: وحدَّثنا إِسْحَاق بن إبراهيم، قال: أَخْبَرنا أبو خالد الأَحْمَر، سُلَيْمان بن حَيَّان ورواه مسلم أيضًا عن شيخ خامس فقال: وحدَّثنا مُحَمد بن عَبْد الله بن نُمَيْر، قال: حدَّثنا حَفْص، يعني ابن غِيَاث، ويَزِيد بن هارون ورواه مسلم أيضًا عن شيخ سادس فقال: وحدَّثنا مُحَمد بن العَلاَء الهَمْدَانِي، قال: حدَّثنا ابن المُبَارك ورواه مسلم أيضًا عن شيخ سابع فقال: وحدَّثنا ابن أَبي عُمَر، حدَّثنا سُفْيان. وأخرجه "أبو داود" (2201) قال: حدَّثنا مُحَمد بن كَثِير، قال: أَخْبَرنا سُفْيان. وأخرجه "ابن ماجه" (4227) قال: حدَّثنا أبو بَكْر بن أَبي شَيْبَة، قال: حدَّثنا يَزِيد بن هارون ورواه ابن ماجه أيضًا عن شيخ ثان فقال: وحدَّثنا مُحَمد بن رمح، قال: أنبأنا اللَّيْث بن سَعْد. وأخرجه "التِّرمِذي" (1647) قال: حدَّثنا مُحَمد بن المُثَنَّى، قال: حدَّثنا عَبْد الوَهَّاب الثَّقَفِي. وأخرجه "النَّسائي"1/58، قال: أَخْبَرنا يَحيى بن حَبِيب بن عربي، عن حَمَّاد ورواه النسائي أيضًا عن شيخ ثان فقال: وأخبرنا سُلَيْمان بن مَنْصُور، قال: أنبأنا عَبْد اللهِ بن المُبَارك. ورواه النسائي أيضًا عن شيخ ثالث 1/58 فقال: قال: الحارث بن مِسْكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: أخبرني مالك. ورواه النسائي أيضًا عن شيخ رابع 6/158فقال: أَخْبَرنا عَمْرو بن مَنْصُور، قال: حدَّثنا عَبْد اللهِ بن مَسْلَمَة، قال: حدَّثنا مالك. ورواه النسائي أيضًا عن شيخ رابع /13، وفي فقال: أَخْبَرنا إِسْحَاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا سُلَيْمان بن حَيَّان. وأخرجه "ابن خزيمة" في صحيحه (142) قال: حدَّثنا يَحيى بن حَبِيب بن عربي الحارثي، وأحمد بن عَبْدَة الضَّبِّيّ، قالا: حدَّثنا حَمَّاد بن زَيْد. ورواه ابن خزيمة أيضًا عن شيخ ثان (143) فقال: حدَّثنا مُحَمد بن الوَلِيد، قال: حدَّثنا عَبْد الوَهَّاب، يعني ابن عَبْدالمَجِيد الثَّقَفِي.
 
وهؤلاء العشرة (سُفْيان بن عُيَيْنَة، ويَزِيد بن هارون، ومالك، وسُفْيان الثَّوْرِي، وحَمَّاد بن زَيْد، وعَبْدالوَهَّاب، والليث بن سَعْد، وأبو خالد الأَحْمَر، وحفص بن غِيَاث، وعَبْداللهِ بن المُبَارك) عن يَحيى بن سَعِيد الأَنْصَارِيّ، قال: أخبرني مُحَمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمِي، أنه سَمِعَ علقمة بن وَقَّاص اللَّيْثِي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر الحديث.
 
وهذا أول حديث من مسند زيد نتحدى جميع علماء الزيدية وليستعينوا بالإنس والجن على أن يأتوا له بمتابعات كما أتينا لأول حديث في صحيح البخاري بمتابعات من بعض كتب الحديث، ولو أردنا الاستقصاء لطال الأمر لكن نريد منهم متابعة واحدة فقط لعمرو بن خالد فإن لم يأتوا بها فليعترفوا بكذبه على الإمام زيد رحمه الله:
قال أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي في أول مسند زيد (1): حدثني زيد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، عن جده الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبٍ عليهم السلام، قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ فغسل وجهه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، وتمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه مرةً مرةً، وغسل قدميه ثلاثًا)).
 
فمن روى هذا الحديث عن زيد بن علي غير عمرو بن خالد؟!! من تابعه من الرواة عن زيد؟!! ومن روى هذا الحديث عن علي بن الحسين من الرواة غير زيد بن علي فيما ادعاه عليه الواسطي؟!!
 
نريد جوابا علميا ونقلا واضحا بذكر المتابعات فإن لم يجدوا فليعترفوا بالحقيقة وإن كانت مرة وهي أن مسند زيد مفترى عليه وأن عمرو بن خالد الواسطي كذاب كما ذكر ذلك أهل الحديث من قبل ألف سنة.
 
فيا أيها الزيدية اتركوا التعصب واهتموا بدراسة الحديث النبوي، وجميع فقهائنا من آل البيت وغيرهم فوق العين والراس نحبهم ونجلهم ونستفيد من أقوالهم وفقههم سواء الإمام زيد أو أخوه الإمام محمد الباقر أو ابن أخيه الإمام جعفر الصادق أو الإمام أبو حنيفة أو الإمام مالك أو الإمام الشافعي أو الإمام أحمد بن حنبل وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته.
 
وأختم هذا البحث بما قاله الإمام الحافظ أَبُو بكر بن أبي داود السجستاني:
تمسك بِحَبل الله وَاتبع الْهدى 
وَلَا تَكُ بدعيًا لَعَلَّك تفلح 
وَدِن بِكِتَاب الله وَالسّنَن الَّتِي 
أَتَت عَن رَسُول الله تنجو وتربح 
ودع عَنْك آراء الرِّجَال وَقَوْلهمْ 
فَقَوْل رَسُول الله أزكى وأشرح 
وَلَا تَكُ من قوم تلهوا بدينهم 
فتطعن فِي أهل الحَدِيث وتقدح