About the article
سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 371
الشيخ : فإذا تعارض قوله عليه السلام مع فعله قدم القول على الفعل لهذا السبب أنّ قوله تشريع عام فعله قد وقد أي قد يكون تشريعا عامّا وقد لا يكون ، لاشكّ أنّه يكون تشريعا عامّا بشرطين اثنين ذكرنا صباحا ، الشّرط الأوّل وهو أن يكون عبادة وأن لا يكون عادة ؛ لأنّ العادات لا تدخل في الشرعيّات , الشرط الثاني أن لا يكون له مخالفا من القول الصّادر من الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كما نحن الآن في صدده , فإذا وجدنا قولا خالف فعله عليه السلام أخذنا بقوله وتركنا فعله لأنّ قوله هو الشّرع العام وفعله قد وقد ؛ الآن نبحث في هذه القدقدة ، كيف نعلّل فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لشيء خلاف ما خاطب به أمّته ؟ من السّهل جدّا أن نقول هذا الفعل إذا لم يكن عندنا دليل يبيّن أنّه جاء بعد القول ، فإذا يحمل على الأصل وهي البراءة الأصليّة لأنّ الشّريعة ما جاءت بالأحكام دفعة واحدة وقصّة الخمر والتّدريج في تحريمها أوضح مثال من الأمثلة التي تدلّنا على أنّ الخمر كانت مباحة على الأصل وقد لا نقول حلالا وإنمّا على البراءة الأصليّة , فإذا جاءنا خبر بأنّ زيدا من النّاس شرب الخمر لكن شربه للخمر ممكن أن يكون في ذلك الزمان فإذا جاء الحديث عن الرّسول عليه السّلام في فعل ما كما نحن الآن في صدده كان يصوم يوم السبت يمكن أن يكون قبل هذا التشريع الجديد بقوله لا تصوموا يوم السّبت فإذا ممكن أن يكون هذا الفعل كان في زمن الإباحة , ثانيا يمكن أن يكون لعذر فعل صدر منه عليه السّلام لعذر فحينئذ نقول مادام يحتمل أن يكون لعذر فنقدّم القول على الفعل كما جاء في القاعدة , ثالثا وأخيرا نقول يمكن أن يكون هذه خصوصيّة للرسول عليه السلام مادام تعارض فعله مع قوله ؛ فالقول مقدم على الفعل ؛ الذي أردت بهذا أن أقول في عدة أحتمالات وهي ثلاث ؛ إمّا كان فعله على الأصل وإنما أنه كان لعذر وإمّا أنه كان لخصوصيّة له عليه الصّلاة والسّلام لا يشاركه عليها أحد من الأنام .
الشيخ : من فائدة هذه القاعدة وتطبيقها على بعض النّصوص المتخالفة ظاهرا أنّه ثبت في السنة الصحيحة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شرب قائما وثبت أيضا في السّنّة الصّحيحة أنّه نهى عن الشّرب قائما ؛ ماذا يفعل الآن الفقيه الذي يريد الحق ولا يتأثّر بالأجواء والعادات الّتي يعيش فيها أو بينها ؟ الآن فلنجرّب تجربة ثانية نقدّم القول على الفعل وسنسمع طبعا اعتراضات كثيرة ؛ لكن هذه الاعتراضات قائمة على خلاف القاعدة ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائما ) يقول بعض القدامى والمحدثين إن هذا النّهي للتّنزيه ؛ لماذا نقول أو نتأوّل النّهي بهذا المعنى وهو كراهة تنزيهية ؟ لأنّه ثبت يقينا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم شرب قائما ، أنا أقول كان من الممكن أن يقال بأنّ هذا النّهي للكراهة التّنزيهيّة ، لو كان عندنا ثابت تاريخيّا أنّ فعله كان بعد النّهي فيكون فعله بيانا لقوله ، ونحن نعرف أنه من قواعد الشّريعة أيضا أنّ فعله صلّى الله عليه وسلّم هو بيان للشّرع سواء كان قولا أو غير قول ، وهذا منصوص في القرآن كما تعلمون (( وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم )) فبيانه عليه السلام يكون تارة بقوله وتارة بفعله وتارة بإقراره ؛ فلو أنّه كان عندنا تاريخ صحيح أنّه شرب بعد النّهي وقال قائل ما بأنّ هذا النّهي للتّنزيه لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم شرب بعد النهي يمكن ؛ لكنني أقول لا أيضا ، وسوف تسمعون السبب سنطبق القاعدة كما طبقناها في بعض الأمثلة السابقة ، يمكن أن يكون شربه عليه السلام على الإباحة مادام ما عندنا التاريخ المذكور آنفا فيمكن أن نقول كان شربه على الإباحة وقبل النّهي ، يأتي الجواب الثاني أو الإحتمال الثّاني وهو أن يكون شرب قائما لعذر ، ومن كان معذورا لا يلحق به من ليس معذورا ، وهذا أمر بدهيّ جدّا ، أخيرا نقول يمكن أن يكون ذلك من خصوصيّاته عليه السّلام لمثل هذا أيضا يجاب عن حديث البخاريّ ومسلم الّذي هو في الصّحيحين من حديث أنس لمّا غزا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خيبر وكان على فرس له فانحسر الإزار عن فخذه عليه السلام ؛ وهو لها لفظان لاشك أن أحدهما وهذا يعود بنا إلى درسنا في الصباح الذين يقولون إنه ما في الصّحيحين مقطوعا بصحته ، هاتوا جواب عن هذه المعارضة الموجودة في حديث واحد رواه البخاري بلفظ ( فحسر الإزار عن فخذه ) ورواه مسلم ( فانحسر الإزار عن فخذه ) فلفظ البخاري ( حسر ) أي قصدا وهنا حينذاك يظهر حكم جديد بينما لفظ مسلم ( انحسر ) أي ليس له كسب في ذلك لأنّه يطارد ويركظ بفرسه ، وبطبيعة الحال الثّوب يطيح مع الهواء وينكشف الفخذ ، هذا المعنى الثاني إذا أردنا أن نرجع وقلنا رواية مسلم أصحّ من رواية البخاري في هذه اللفظة بينما نحن نقرأ في مصلطح علم الحديث أنّ ما رواه البخاري أصحّ ممّا رواه مسلم ، ما رواه مسلم أصحّ مما رواه أهل السنن ، وهكذا إلى آخره من المسانيد ، هذه قاعدة ولكنّها ليس مطّردة ، ربّ حديث لم يروه الشيخان رواه الإمام أحمد في مسنده أصحّ من كثير من الأحاديث الّتي رواها البخاري ومسلم كلاهما معا في الصحيحين ، القاعدة هذه قادة ليست مطّردة وإنما يمكن أن نقول إنهّا قادة أغلبية ؛ فالآن إذا افترضنا أنّ رواية البخاري ( حسر ) الإزار وليس الراجح ( انحسر الإزار ) ، حسر الإزار افترضنا أن هذه الرواية أصح بناء على القاعدة العامة أن ما رواه البخاري أصح مما رواه مسلم ، كيف التوفيق بين هذا الحديث الصحيح وبين قوله عليه السلام ( الفخذ عورة ) ؟ نلجأ إلى القاعدة فنستريح ، الفخذ عورة تشريع عامّ للأمّة عارضه هذا الفعل مع أنّ هذا الفعل فيه ذاك الإشكال ، يا ترى كان قصدا منه أم دون قصد ؟ لكن نفترض أنّه كان بقصد منه ، إذا هذا فعل فقد يكون على الإباحة الأصليّة ، وقد يكون لعذر تضايق وهو يطار فكشف الثّوب وانحسر الثّوب عن فخذه ، وقد يكون خصوصيّة ؛ كذلك يقال عن حديث القليب الّذي دلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم رجليه فطرق طارق الباب وهو أبو بكر الصّديق فاستأذن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال اءذنوا له ، دخل وجلس عن يمين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأدلى رجليه في البئر ، وهكذا جاء عمر عن يساره ، وجاء عثمان فغطّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الرّواية المختلفة فيها أيضا رواية تقول قد انكشف الثّوب عن ركبتيه ، في رواية عن فخذيه ، وفي رواية في صحيح مسلم الشّكّ من الراوي بين فخذه وبين ساقيه ؛ لكن نحن تتبّعنا الرّوايات فوجدنا الرواية الصّحيحة خارج
السائل : عن ساقه ؟
الشيخ : لا ، أنا أريد أن أقول خلاف ذلك ، عن فخذه خارج الصّحيح فهي الّتي ترجّح أحد القولين الذين شكّ بينهما الرّاوي عن فخذه أو عن ساقه ؛ الشّاهد نفترض أيضا أنّ الرّواية الصّحيحة كما قلنا إنه كان كاشفا عن فخذه الذي قال في حديث القول ( الفخذ عورة ) ولمّا دخل عثمان ستر فخذه ، وكانت الصّدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنهما ـ وهذا من فقهها وحرصها على الفقه وهي امرأة محجبة كانت تراقب من الداخل ، من الخارج ؟ ماذا يفعل الرسول ، فلمّا خرج الجماعة قالت يا رسول الله دخل أبو بكر ما غيّرت من وضعك ، دخل عمر كذلك ، لمّا دخل عثمان بادرت فسترت فخذك ؟ قال عليه السلام ( ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة ؟ ) إذا هو كشف فخذه أمام أبا بكر وفخذه أمام عمر ، إذا كيف الفخذ عورة في القول ؟ نقول هذا فعل ويحتمل واحدة من ثلاثة أمّا قوله فهي شريعة عامّة ، ولسنا بحاجة والحالة هذه أن نلجأ إلى بعض أقوال علماء المالكية الذين قسموا العورة توفيقا بين الحديث القولي والحديث الفعلي إلى عورة كبرى وعورة صغرى ؛ فالعورة الكبرى السّوءتان والعورة الصغرى الفخذان ، لا حاجة بنا حينما نطبّق هذه القاعدة الفقهيّة ، فنستريح من مثل هذا التعديل الذي لا مسوّغ له بعد أن عرفنا أن القاعدة العلمية تأمرنا بأن نعود إلى قوله عليه السلام وندع فعله لاحتمال من هذه الاحتمالات الثلاثة ، هذا في الواقع ممّا يساعد طالب العلم والقواعد على أن يعرف كيف يوفّق بين الأحاديث المتعارضة والقواعد في ذلك كثيرة وكثيرة جدّا والحمد لله ؛ لكن الذي يناسب موضوعنا المتعلّق بنهيه عليه السّلام عن صيام يوم السّبت هو ينبني على هذه القاعدة الفقهية ، إذا تعارض القول والفعل قدّم القول على الفعل ؛ تفضل .
السائل : أنّهما قصّتان قصّة دخول أبي بكر وعمر ، ثم تلاهما عثمان ، هذا في بيت عائشة يعني في هذه الحالة كان كاشفا عن فخذه وسألت عائشة هذا السّؤال ؛ أما قصّة حديث أبي موسى وتدلية الرسول وأصحابه أرجلهم في البئر فليس فيها إلا أنه كشف عن ساقه وجاء أبو بكر وكشف عن ساقه وجاء عمر وجلس عن يساره وكشف عن ساقه ثم قال بشّر عثمان في بلوة تصيبه وجاء ولم يجد مكانا على البئر فأوّل سعيد بن المسيّب بقبورهم فهذه ليس فيها إلا كشف الساقين فقط وليس فيها كشف الفخذ ؟
الشيخ : إذا كان كذلك فهذا الجمع جيّد جزاك الله خيرا .
الحلبي : شيخنا في سؤال تكرّر كثيرا وأجبتم عنه مرارا لكن أخونا السائل يلحّ أن يسأل عن هذا ليستفيد الإخوة كلهم ، يقول هناك من ينتقد الدعاة السلفيين بأنهم ليس لهم منهج ولا تنظيم فما هو الجواب ؟ ثم هل هناك ضرورة للتنظيم على غرار الأحزاب المعاصرة وجزاكم الله خيرا ؟
الشيخ : نبرأ إلى الله من أن نتشبّه بمن يخالف نصوص الكتاب والسّنّة الّتي تنهى عن التفرّق ، ومن أقوى أسباب التفرق الحزبية العمياء الصمّاء البكماء ، فنبرأ إلى الله أن نتشبّه بمن يتّخذ الحزبيّة وسيلة للدّعوة إلى الإسلام ولا يشعرون أنّ الحزبيّة تفرّق المسلمين فوق تفرّقهم الّذي يحييونه ويعيشونه في هذا الزمان ، وكان أثرا من آثار تفرّق سابق قديم نحن نعيش الآن في أسوأ هذه الآثار ولا نكتفي بذلك حتّى نوجد أسبابا ووسائل حديثة تزيد الفرقة بين المسلمين بل وبين الطّائفة الواحدة الّتي تنتمي إلى العمل بالكتاب والسّنّة فينشئ هناك حزب باسم الحزب السّلفيّ يختلف عن السّلفيّين بعامّة أنّه منظّم هذا التّنظيم باعتقادي الذي عليه بعض الأحزاب الإسلامية التي لا تنتسب لا إلى الدعوة التي تسمّى في بعض البلاد بالدعوة السلفية ، وفي بلاد أخرى بدعوة أنصار السنة المحمدية وفي بلاد أخرى ثالثة بدعوة أهل الحديث ، هناك بعض الأحزاب التي لا تنتمي إلاّ إلى إسلام لا مفهوم له عندهم وإن كان له مفهوم فهو ذو وجوه متعدّدة ومتعارضة أشدّ التّعارض ، يكتفون فقط بأن يجتمعوا على الإسلام ، أمّا ما هو الإسلام ؟ ما هي عقيدة الإسلام ؟ كل واحد يجيبك من هذا الحزب الواحد بجواب يختلف عن الآخر ، لا غرابة بالنّسبة لمثل هؤلاء الأحزاب الّذين لا يتبنّون الدّعوة السلفيّة منهجا لهم في فهمهم لدينهم سواء كان عقيدة أو كان أحكاما أو كان سلوكا ، لا غرابة في ذلك ؛ لأنهم لا يعلمون ؛ لكن ما بالنا نسمع في هذه الآونة ناسا منّا وفينا يدعون بدعوتنا ويوحّدون توحيدنا ويتّبعون سنّة نبيّنا معنا ، الآن تأثّروا بالجماعات الأخرى فتحزّبوا وتكتّلوا ، وليس ضدّ الأحزاب الأخرى بل ضدّ من كانوا معهم لأنّهم لم يتحزّبوا معهم فصاروا أعداء وخصوما لهم ، ذلك من شؤم مخالفة مثل قول الله عزّ وجلّ (( ولا تكونوا من المشركين من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون )) فالإسلام لا يتعرّف على التحزّب إطلاقا وإنمّا يجب أن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسّهر ؛ لكنّ الحزبيّة قد جرّبناها قبل الحزب الجديد ، جرّبناها ففرّقت صفوف النّاس المسلمين الذين تجمعهم دعوة الإسلام ، لماذا ؟ لأنهّم أعلنوا ذلك في كثير من الأحيان أن جماعة المسلمين هي فقط الحزب الفلاني ، هؤلاء فقط جماعة المسلمين ، هذا من شؤم التّحزّب والتّكتّل والتفرّق في الدعوة إلى الإسلام ... .
الشيخ : ونحن عشنا في سوريا سنين طويلة مع جماعة الإخوان المسلمين ندعوهم إلى الكتاب والسّنّة ولا ننتمي إليهم ، ثم كتب الله لي أن أهاجر من دمشق إلى عمّان وبدأت هناك أن أدعو كما كنت أفعل وأنا في دمشق كنت أزور الأردن وأدعو بقدر ما يساعدني الانتقال من دمشق إلى عمّان لكنّي لما سكنت واستوطنت عمّان أخذت نشاطا في الدّعوة أكثر وأكثر بكثير من قبل وكان من نتيجة ذلك أن وشى بنا إلى المسؤولين هناك ، الله أعلم نحن ما نتّهم شيخا صوفيّا أو مذهبيّا مقلّدا أو حزبا معيّنا ، الله أعلم ؛ لكن كان عاقبة تلك الوشاية أن أعادوني رغم أنفي وفي صورة لا داعي لتفصيلها إلى دمشق بمراقبة المخابرات ثمّ بعد نصف سنة تقريبا سمحوا لي بالرّجوع إلى عمّان بعد أن كنت بنيت فيها دارا وبدأت أنقل مكتبتي إليها سمحوا لي والحمد لله بالرّجوع والسّكن فيها مرّة أخرى ، وبدأت في نشاطي ، فماذا كان موقف حزب من الأحزاب هناك أن أعلنوا على ملئهم بوجوب مقاطعة الشيخ الألباني وليس في شخصه فقط بل وبكلّ من يحمل دعوته ؛ فكنا نمر بمن كنا نسلم عليهم من قبل ويسلم علينا وإذا به ينزوي عنّا وينحرف ، لماذا ؟ لأنّه صدر الأمر من القيادة العليا زعموا بأنّه يجب مقاطعة الألباني ، واستمر هذا القانون سنة كاملة ، وفيهم ناس ...
السائل : هذا قانون طوارئ لا تزعل الطالب .
الشيخ : نعم ، لا أنا ما أزعل (( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم )) كان من هؤلاء الأفاضل الذين تأثّروا بقرار اللّجنة هناك أو الإدارة أو ما أدري ماذا يسمّونه الرّجل الّذي نفع الله به فيما أعتقد كثيرا في أفغانستان وهو الدّكتور عبد الله العزّام ، هذا الرّجل أمره عجيب ، كان هو الحزبيّ الوحيد الّذي كان يحرص على أن يحضر جلساتي ، فعنده دفتر صغير وقلم رقيق ناعم لطيف مثله ، كلّما سمع فائدة من الألباني سجّلها عنده ؛ ولكن لما صدر القرار ما عاد يسلّم علينا ؛ جمعني لقاء معه وأنا خارج من المسجد هناك قلنا له كيف هذا يا دكتور ؟ قال ما معناه سحابة صيف عمّا قريب تنقشع ، قلنا خير ، مضى ما شاء الله من الشّهور وهو على هذا الإزورار ؛ أمّا أفراد من الحزب فكانوا يحضرون حلقاتنا دون إذن من القيادة العليا زعموا ، وكنّا نثير هذه القضية ، ما الّذي حمل جماعتكم على إصدار هذا القرار الظّالم ؟ وها أنتم الآن تحضرون ؟ ولو كنتم تعتقدون بأنّ هذا القرار عادل ما تخالفونه لكن تشعرون بأنّه ظالم ولذلك تحضرون هذه الجلسات ؛ ختاما جاء الدّور أنّ هذا القرار كما يقولون أخذ إيش ؟ مداه ومفعوله ورجع الجماعة الذين كانوا يسلّمون علينا إلى سلامهم ثمّ فوجئت بمجيء الدّكتور المرحوم إن شاء الله إلى دار صهري كنت ساهرا عنده دخل هو وشخص من إخواننا السّلفيّين سلّموا وجلسوا وقال نحن جئنا إلى دارك وطرقنا الباب وما سمعنا جواب ، ثم بعد ذلك ذهبنا إلى دار فلان وجلسنا ننتظر فقيل لنا إنّه يمكن راح لعند ابنته عند صهره ، وها نحن جئناك ؛ قلنا له أهلا وسهلا ، قال عندي أسئلة فأريد أن تتفضّل بإفادة جواب عنها ؟ فقلت له خلاف عادتي قلت له مقابل كل سؤال مشوار ، مقابل كل سؤال مشوار يعني كلّ سؤال بدّك تسألني إياه تأتي لعندي على الدار ؛ أما أنّك تأخذ جواب عن كلّ الأسئلة في جلسة واحدة لا ، قال لما ؟ قلت لما أصدرتم هذا القرار الجائر الظالم ؟ ما الذي فعلته معكم ؟ سوى أنّني أدعو إلى الكتاب والسنة ؟ قال أنت كفّرت سيّد قطب ، قلت أنت تسمعني هل سمعتني أكفّر سيد قطب ؟ قال لا لكن بعض شبابنا بلّغونا ذلك ؛ قلت سبحان الله كأنّك ما قرأت قوله تعالى (( يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) وذكرت له الحديث الآخر ( بحسب المرء من الكذب أن يحدّث بكلّ ما سمع ) فأنت لم تكتفي بأن تحدّث بأنّ الشّيخ الألباني يكفّر سيّد قطب بل بنيت على ذلك الهجر والمقاطعة الّتي تخالف السّنّة الصريحة ( لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ) ثمّ أنت بصورة خاصّة من بين كلّ جماعتك حيث كنت تحضر جلساتي تعلم أنّني أقول لا يجوز المبادرة إلى تكفير المسلم إلا بعد إقامة الحجّة ، ألم تسمع هذا الكلام منّي مرارا وتكرارا ؟ قال بلى ؛ قلت إذا كيف لم تدافع عنّي وفي غيبتي لمّا أتخذ هذا القرار الجائر الظالم على الأقلّ أن تقول والله لازم نرسل شخص نستوضح من الشّيخ صحيح أنّه كفر سيد قطب ، هذا شيء ؛ والشّيء الثّاني كيف صدقت بأنه أنا أكفر سيد قطب وأنا ذكرته بخير في بعض المقدّمات ، فلو كان كافرا عندي ما تعرّضت لذكره ، وجرى نقاش طويل وطويل جدا بيني وبينه ؛ الشاهد أثر الحزبية واضح جدا في تحقيق التّدابر والتّقاطع بين المسلمين وهذا مثال جديد مع الأسف حيث صار السلفيّون في بعض البلاد الإسلامية طائفتين وكانت تجمعهم الدعوة ولا تفرّقهم ؛ فلمّا دخل في الدعوة ما يسمّونه اليوم بالتّنظيم وهو التحزب والتّكتّل ضد ّكلّ من لا ينتمي إلى هذا التّكتّل والتّحزّب فإذا صدق ربنا عزّ وجلّ حينما قال (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) هذا الحزب حتى في الجماعة الواحدة منهجا وعقيدة يفرّق بين الشيخ وتلميذه ، يفرّق بين التّلميذ وزميله ، هذه أثار وكما قيل قديما " هذا آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار " .
السائل : بارك الله فيكم يعني في هذا البلد بالذات وفي بلدان تقاربه تهتمّ بأمور المسلمين تبني لهم المدارس والمساجد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بشيء من واجبات الإسلام ؛ لكن مثلا خذ مثلا إخواننا المسلمين في الهند ، الحكومة يعني تقاوم الإسلام تريد انهاءه في هذه القارة يعني يضطرّ المسلمون من تنظيم أنفسهم كي يحافظوا على دينهم وكرامتهم فينظموا أنفسهم لجمع الأموال لبناء المساجد والمدارس ، إذا ما قاموا بمثل هذا ضاعوا تماما ، السلفيّين عندهم خمول في التّنظيم مثلا عندهم شبه ما ينظّموا أنفسهم ، هؤلاء بارعين في التّنظيم كل ما يربّي السلفيّين جيل احتواها هذه التنظيمات تحتويه الشباب ويعمل طاقة لما يشغله ما يجد شيء أمامه ، عند السلفيين ما عندهم برامج فتأخذه هذه الجماعات وهذه الأحزاب ، تأخذه جيل أوّل والثّاني والثّالث فتأتيهم مثل هذه الشبهة ؛ فما الذي يمنعنا من النظام يعني ثماره طيّبة بناء مساجد ، بناء مستشفيات ، بناء مدارس ، إذا ما نعمل هذا العمل ما تقوم لنا قائمة ولا يثبت لنا شباب فبماذا نجيبهم ؟
الشيخ : أنا أقول بارك الله فيكم ، سبب الفرق بين الفريقين أنّ الفريق الّذي أثنيت عليه بتعاونهم بعضهم من بعض ليس عندهم شيء يشغلهم عن ذلك فهذا هو شغلهم ، شأنهم كشأن النّصارى ليس عندهم هم إلاّ بالتّبشير الذي يوافق هوى النّاس وهوى المدعوّين ؛ كذلك هؤلاء النّاس المنظّمين فهم متوجّهون إلى هذا العمل ولا عمل آخر لديهم يشغلهم عنه ، والعكس تماما ؛ السلفيون يشغلهم شغل عظيم جدّا وهو اهتمامهم بفهم الإسلام أوّلا فهما صحيحا وعلى منهج الكتاب والسّنّة والسّلف الصّالح ، ثمّ أن يعنى كلّ فرد منهم في تطبيق هذا الذي يتعلّمه على نفسه على زوجه على ولده ، هذا الاهتمام يشغلهم عن القيام ببعض الواجبات الأخرى ، ذلك لأنّ طاقة النّفوس البشرية محدودة كما لا يخفى على الجميع ، فبقدر ما يهتمّ الإنسان في جانب يقصّر في جانب آخر ؛ فإن كان هذا التّقصير في الجانب الآخر هو وإن كان واجبا ولكنّه دون الاهتمام بالأمر الأوّل ؛ فإن لمناهم نلومهم بقدر ؛ أمّا أولئك فاللّوم عليهم أكبر لأنهم لا يعنون بهذا الأمر الأوجب وإنما يعنون بما تعتني به النصارى الكفار المشركون ، فهم عندهم تنظيم بهذا المعنى أدقّ بكثير من تنظيمات الجماعات الإسلاميّة الأخرى ، صحيح أنّه على السلفيّين أن يأخذوا الإسلام كلّا لا يتجزأ ، وهذه من دعوتنا كفكر ولكن هل بالمستطاع أن يعمل العالم مثلا المسلم في كل جوانب الحياة ؟ لا يمكنه أن يقوم بذلك ، لا يستطيع أن يكون العالم متخصّصا في علم التفسير ، متخصّصا في علم الحديث ، متخصّصا في الفقه المقارن ، متخصّصا في اللّغة ونحو ذلك ؛ ولكن عليه أن يلمّ بهذه العلوم بقدر ثم يتخصّص بعلم واحد لكي تكون إفادته للنّاس أقوى وأشمل فيما هو متخصّص فيه ؛ فلذلك فأنا لا أتعجّب من مثلا اهتمام جماعة التّبليغ بهذا الخروج الّذي سلب عقول بعض الخاصّة فضلا عن العامّة لأنهّم لا شغل لهم ، نقول لهم اجلسوا ، ادرسوا العلم ونذكّرهم بقوله عليه السلام : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ... ) ما يفعلون ذلك ولو فعلوا لما استطاعوا أن يخرجوا هذا الخروج وبخاصّة أن في هذا الخروج تحقيق لشهوات خفيّة في النّفوس هم يظنّونها ديانة وأكاد أقول أنّه يكاد ينطبق عليهم قوله تعالى في القرآن الكريم (( قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالا الّذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا وهم يحسبون أنهّم يحسنون صنعا )) يخرجون جماعات بالعشرات والمئات وأكثرهم ما عرفوا التّوحيد بعد ، اجلسوا يا جماعة في المساجد وتدارسوا كتاب الله وحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلأن يتفقّه أحدهم في دين الله يساوي هذا الخروج الذي يسمّونه ظلما وجهلا الخروج في سبيل الله ، طلب العلم في سبيل الله لماذا لا يطلبون العلم ؟ لأنّه لا يوافق هوى في نفوسهم ؛ هكذا الجماعات الأخرى يهتمّون بأشياء فعلا لا يهتمّ بها السّلفيّون لأنّهم ليسوا بالمستطيعين من هذا الجانب ؛ لذلك أنا أقول كلمة قد يتسغربها بعض إخواننا ولكنّني أعتقد أنه الحقّ وهو لا أرى مانعا من أن يكون هناك جماعات متعدّدة لكن ضمن منهج واحد إلاّ أنّ كلّ جماعة لها عملها الخاصّ بها بحيث أنّه تجمعهم الدّعوة الواحدة فلا يتباغضون ...
السائل : والغاية الواحدة .
الشيخ : والغاية الواحدة وإلى آخره ، لكن اختصاص مثل الأفراد نقول في جماعات ...
السائل : هذا الذي نريده ولكن ينسب إلينا وإليكم أنّنا هذا ما يجوز عندنا ...
الشيخ : هذا من الكذب الّذي ينسب إلينا بارك الله فيك .
السائل : أنا أريد أن أسجل هذا الكلام بارك الله فيك .
الشيخ : هذا مسجّل بارك الله فيك ، وإخواننا يشهدون بذلك ، أينعم .
السائل : نحن نقول الغاية واحدة وتكون مئات الجماعات وتنشئ المشاريع الخيريّة في بناء المساجد والمدارس ؟
الشيخ : فليكن ، أنا أقول حكم الجماعات كحكم الأفراد ، إذا واحد لا يعرف من الفقه سوى الشيء الضروري ولكن هو مهندس كهرباء ، مهندس بناء ونحو ذلك مادام معنا في القاعدة فجزاه الله خيرا فهو يقوم بواجب ، نقول هذا في الأفراد ونطلقه على الجماعات أيضا ؛ لكن أيّ الجماعات هذه ؟ هل هي الموجودة اليوم في السّاحة ؟ المتباغضين المتباعدين المتدابرين ؟ مختلفين في المنهج الأساسي ؟ نقول لهم قال الله قال رسول الله ، يقولون هذا ليس الآن أوانه ؛ متى يكون أوانه ؟ حينما يحتلّ الكفر في أذهان المسلمين بدل الكافر المستعمر السّابق ؟ الله المستعان ؛ نحن نقول هذا بارك الله فيكم منذ ثلاثين سنة في سوريا ، أي نعم .
السائل : والله ما سمعته منكم ولكن الحمد لله وصلنا إلى هذه النتيجة .
الشيخ : الحمد لله " وافق شن طبقة " وافقه فعانقه
سائل آخر : هذه التنظيمات يا شيخ التي تعترض على المنهج السلفي وتتّهمه بهذه التّهم ليقدّمون ما يقدمون من مشاريع مزعومة كما تفضلتم أشهر ما تقوم به المشاريع التبشيرية على حساب ضياع أنفسهم وأهليهم ؟
الشيخ : هذا الذي نقوله .
سائل آخر : قبل أيام في حادثة هنا في المدينة رجل وجد أولاده في آخر الليل يطاردهم بعض الفسّاق .
الشيخ : الله أكبر .
سائل آخر : فجاء الله بالشّرطة وبالمسئولين جزاهم الله خيرا فأنقذوا الأولاد ، فسألنا الأولاد لماذا ؟ ما الذي أخرجكم في هذه الساعة ؟
الشيخ : أبوهم مشغول في الدعوة .
سائل آخر : قالوا أبونا خرج منذ أربعة أشهر ولا ندري مصيره .
الشيخ : هذا هو .
سائل آخر : ولا ندري هل هو حي أو ميّت ، وتركنا وأنا خرجت أذهب بأخي إلى المستوصف فاعترضني هذا الفاسق وطاردني .
الشيخ : الله أكبر .
سائل آخر : ونعم هذه حقيقة قبل أيام قليلة في شعبان حصلت .
أبو ليلى : أين ذهب والده ؟
السائل : ذهب مع جماعة التبليغ .
الشيخ : حاليا كنّا نحكي معك فيها ... .
سائل آخر : نعم هي التي تفضلتم وأنا قلته تأييدا لكم .
الشيخ : أي نعم ، لا ، أقول لصاحبنا هنا قبل أن نأتي إلى هذه البلدة ...
السائل : يا شيخ هناك من يقول إن الجماعات الحالية على واقعها الحالي بمناهجها الحالية أنّها مكمّلة بعضها لبعض وأنّ وجودها خير وينبغي أن نتعاون فيما بينها وأن الخلاف كالخلاف بين المذاهب الأربعة ؟
الشيخ : هذا الكلام صحيح على ضوء ما سمعتم آنفا ، لمّا يكون المنهج الواحد والعقيدة واحدة والمرجع هو الكتاب والسّنّة حينئذ يكمّل بعضهم بعضا ؛ أمّا أن نقول (( تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به ولا يتّخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله )) يقولون هذا ليس أوانه ؛ هذا يكمّل بعضه بعضا ؟ هذا مستحيل ؛ أنا أقول لكم قصّة لمّا كنت مدرسا في الجامعة الإسلاميّة كنا مجتمعين في دار أحد إخواننا فيهم يومئذ ـ تذكره جيدا ـ كان مدير المكتبة عمر الأشقر ، تذكره ؟
السائل : أذكره نعم .
الشيخ : طيّب وفيه حسن الطفي الحلبي تذكره جيدا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وناس من إخواننا ، الغرفة ساعتها قريبة من هذه والإخوان حضروا جميعا واستندوا إلى الجدران الأربعة لما دخل علينا رجل تعرفونه جيدا لكن لا أحب أن أسمّي الأشخاص ، هو رئيس جماعة من الجماعات الإسلامية ، جهوريّ الصّوت خطيب ويدّعي بأنّه سلفي وأنّ له كتابا في الصّلاة ، دخل فما أحد منّا قام له ، هذه أوّل صدمة بالنّسبة إليه ، واتّفق أنّني كنت جالسا عند عتبة الباب كما لو كنت هنا مكان الأخ هذا ، فهو بدأ يصافح واحدا بعد واحد وأنا أتفرّس في وجهه وأرى التلاميح تتغيّر ، لما جاء إليّ وصافحني آخر من صافح قلت له يا أستاذ عزيز بدون قيام ، هكذا يقولون في بلاد الشّام ، فاندفع ليقول يا أستاذ هذه مسائل تافهة ونحن مشغولين الآن بأمر أهمّ ، نحن يجب أن نشتغل بالأمور الأهمّ وندع هذه القشور وهذه الأشياء كما تعرفون يجب أن نحارب الشّيوعيّين والبعثيّين و و إلى آخره ، ولا نختلف في شيء ؛ قلت له يا أستاذ هذا كلام خطير ، لا نختلف في شيء ، أنت تعلم أنّ المسلمين في هذا الزّمان قد اختلفوا في تفسير كلمة النّجاة من الخلود في النّار ، الكلمة الطّيبة لا إله إلاّ الله فقد وجد شيخ عندنا في سوريا ألّف رسالة وفسّر لا إله إلا الله بمعنى لا ربّ إلا الله ، مش لا معبود بحقّ في الوجود إلاّ الله ، لا ربّ إلاّ الله ؛ فإذا الإختلاف موجود حتّى في العقيدة فمعنى كلامك أنّه نتوجّه إلى محاربة البعثيّين والشّيوعيّين والدّهريّين ونحو ذلك وندع قومنا المسلمين هؤلاء على ضلالهم يعمهون ؟ هكذا معنى كلامك ؟ قال نعم يجب أن ندع كلّ خلاف ونتوجّه إلى محاربة هؤلاء ؛ يا شيخ تحاربهم بمن ؟ إذا كان هم مشركون حقيقة وموحّدون لفظا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم كيف تتمكّن من محاربتهم ؟ هذا رئيس جماعة من الجماعات القائمة اليوم على وجه الأرض الإسلامية ؛ ولذلك فالكلمة الّتي ذكرتها إنه كل جماعة تتمّ الأخرى هذا كلام صحيح وهذا الّذي نقوله حينما يكونون في منهج واحد وفي دعوة واحدة لا يختلفون يقول هذا حنفي وهذا شافعي ، هذا حزبيّ ، هذا تحريري ، هذا ما شابه ذلك ، أبدا هذا كلام على خلاف الواقع تماما ، هذا يفرّق المسلمين وواقعنا اليوم أكبر شاهد لكن حينما يستجيب المسلمون لنا ويكونون معنا في دعوة الحقّ الرّجوع إلى الكتاب والسّنّة وعلى منهج السّلف الصّالح فكما قلت آنفا أنا رجل أشتغل بالحديث ، فلان يشتغل بالفقه ، الآخر يشتغل بالتّفسير ، آخر يشتغل بالهندسة , بالفيزياء بالكيمياء وعلوم آخرى هي من الواجبات الكفائية ، فكلّ واحد منّا يكمّل جهد الآخر بشرط أن نكون على كلمة سواء ؛ هذا الشّرط اليوم مفقود ، والّذي قلناه في الأفراد نطبّقه في الجماعات تماما ، فإذا اتحّدوا على منهج واحد وتخصّصت كل جماعة للقيام بواجب فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ؛ لكن هذه الدعوة هي من جملة تضليلات الجماعة لهذه الشّعوب المسلمة الّذين يريدون تضليل النّاس عن دعوة الحق بمعنى كل جماعة تكمل جهد الأخرى ، هذا كلام غير صحيح ، إذا ظلّوا كما هم مستمرين متباعدين عن العمل بالكتاب والسنة وعن الخضوع لحكم الكتاب والسنة كيف هم يقولون أنّ الإشتغال الآن بتصحيح الأحاديث وبتضعيفها وبالقول بأنّ هذه سنّة وهذه بدعة ، هذا كلّه سابق لأوانه ؛ إيش الذي يجب أن نعمل في هذا الأوان ؟ هو أن نعمل لإقامة دولة الإسلام ؛ لكن كيف تقوم دولة الإسلام على العلم ؟ أم على الجهل ؟ يعني الأمر عجيب وهو من المتناقضات الأمر الذي يضطرّنا أن نقول أحيانا أن كثيرا من الحزبيّين ليسوا مخلصين في دعوتهم إلى الإسلام ، ولو كان إسلاما عامّا ليسوا مخلصين لماذا ؟ لأنّهم لا يهتمّون بفهم الإسلام ، وإذا كان الله عزّ وجلّ قد يسّر لهم من يفهمهم الإسلام فيبغونه أن يكون منهم وقد سبق في دمشق أن بعض إخواننا قدم طلبا للإخوان المسلمين بإسمي أنا يريد أن ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين فرفض ؛ لماذا ؟ لأنّ هذا رجل وهّابي ، رجل وهّابي يدعوا إلى الكتاب و السنة ، وتقولون عنه رجل وهّابي ، أنا أعرف السّبب ، السّبب أنني إذا دخلت في جماعة الإخوان المسلمين وأعتبرت منهم سيصيب الجماعة إنقلاب فكري عظيم جدّا وخطير بالنّسبة إليهم وهم يريدون التّكتيل ، أنا أعرف أنّ رئيسا من هؤلاء هو سلفي العقيدة في نفسه لكنّه كان إذا لقي أحد الشيوخ الصوفيّين يقبّل يده ، كيف هذا ؟ السياسة تقتضي ذلك ؛ أمّا نحن فلا نريد للأخ المسلم أن يخضع هذا الخضوع ، وما أحسن كلمة ابن عبد البرّ رحمه الله حينما قال تقبيل اليد السّجدة الصغرى ؛ فنحن ما نريد من إخواننا المسلمين بعامّة أن يسجدوا سجدة صغرى بطريق الخضوع هذا للرّؤساء أو للكبراء أو نحو ذلك ؛ لهذا لا يقبلون ، وأنا أقول كلمة حقّ ولكنّ أكثر الناس لا يشعرون ، لا تجد في الإخوان المسلمين عالما ، لا تجد في الإخوان المسلمين عالما ، لماذا ؟ لأنّ هذا العالم سيدعو الناس إلى دعوة الحقّ ، ودعوة الحقّ تفرّق الصّفّ وهم يريدون أن يكتّلوا وأن يجمّعوا وكنا نقول ولا نزال نقول الفرق بين دعوتنا ودعوة غيرنا ، دعوتنا تقوم على أساس ثقّف ثم ّكتّل ، دعوة غيرنا تقوم على أساس كتل ثم ثقّف ، ثم لا ثقافة ولا شيء بعد ذلك ؛ لأنّنا نجد مثلا الإخوان المسلمين مضى عليهم نصف قرن من الزّمان يعيش أحدهم ولا يعرف عقيدة الجارية عقيدة الجارية الّتي امتحنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقوله ( أين الله ؟ قالت في السماء ) اسأل من شئتم من رؤوس هذه الجماعات أين الله ؟ يقولون لقد قفّ شعري ممّا قلت ، هذا سؤال لا يجوز شرعا ، الله أكبر ! كيف يا شيخ ما يجوز ؟ والرسول هو الذي وجه مثل هذا السؤال ، وكان ذلك تعليما منه لنا كيف تقول أنت لا يجوز ؟ طيّب يا سيدي أنا أخطأت فعلت ما فعل الرّسول مع الجارية لكنّي أخطأت فأريد الجواب ، ما هو الجواب ؟ الجواب الله في كل مكان ، هذه عقيدة الإعتزال وعقيدة الأشاعرة الّتي خالفوا فيها أهل السّنّة والجماعة حقّا ؛ إذا ما فائدة هذا التّكتّل ؟ يمضي عليهم خمسون سنة وأكثر وهم لم يتعلّموا شيئا من الإسلام في تصحيح العقيدة على الأقلّ ؛ أمّا العبادات ، أمّا الصّلاة فهنا يصلح بالنّسبة إليهم الحديث الّذي لا يصحّ ( عليكم بدين العجائز ) العجائز نعم ، فهم يصلّون كما وجدوا آباؤهم وأجدادهم ، ما يتعرفون على صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، يحجّ أحدهم لا يدري كيف يحجّ ؟ أإفرادا أم قرانا أم تمتعا ؟ لماذا ؟ لأنه لم يدرس حجّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ولم يدرس ما انتهى إليه الرسول عليه السالم في قوله في القصة المعروفة في السنة الصّحيحة لما أمرهم بأن يتحلّلوا ، قال (( يا أيها الناس تحللوا ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة فأحلّوا أيّها الناس فأحلّوا جميعا ) ما يفعلون هكذا اليوم ؛ لأنّهم لا يعلمون ؛ فإذا ما هي فائدة اللعلعة ورفع الصوت والهتاف بالجهاد ؟ وهو قائدنا ورسولنا و و إلى آخره ، ثم لا شيء لا تقدّم في السّياسة ولا تقدّم في العقيدة ولا في العبادة ولا شيء إطلاقا ، لأنّه في الواقع أنّ الأمر كما قال تعالى في القرآن الكريم (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) هؤلاء والله أعلم لا يجتهدون وهم يبتغون إعلاء كلمة الله عزّ وجل ّكما جاء في حديث أبي موسى في الصّحيحين لما قال رجل يا رسول الله ( الرّجل منّا يقاتل حمية هل هو في سبيل الله ؟ قال لا ، قال الرجل منا يقاتل شجاعة هل هو في سبيل الله ؟ قال لا ) قال الثالث والرابع ، وأخيرا قالوا فمن في سبيل الله ؟ قال عليه الصّلاة والسّلام ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) وأنا أعتقد أنّ هؤلاء يعملون فقط للسّياسة وبالتالي وبالعبارة الصحيحة للوظيفة فقط ليكونوا رؤساء في الدولة ويجلسون على الكراسي ويتحكّمون في رقاب النّاس ، بماذا ؟
سائل آخر : السّلام عليكم
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته ,بالإسلام الذي لا مفهوم له في صدورهم ؛ تفضّل
السائل : مسألة الإمارة في الدعوة بحيث أنّ هناك بعض الجماعات أو حتّى من السلفيّين من يطلبون الإمارة ويستدلّون بحديث السّفر ، كذلك يلزمون من يكون معهم بالإمارة عن طريق قولهم إن المؤمنين عند شروطهم ، وكذلك بالنّذر أنّ هذا يقاس على النّذر أن الإنسان إذا نذر نذرا فإنه يلتزم به ، فكذلك ... ؟
الشيخ : عفوا هذه الأخيرة ما فهمتها أيش هي ؟
السائل : النذر .
الشيخ : النذر ما باله ؟
السائل : أن الإنسان إذا التزم بالنذر وجب عليه الإيفاء ، فكذلك الإنسان إذا دخل داخل هذه الجماعة وسلّم لهذا الأمير فإنّه يجب عليه الطّاعة لهذا الأمير قياسا على النذر ، وكذلك على قوله : ( إن المؤمنين عند شروطهم ) في البيوع وغير ذلك ؛ فتجدهم يضعون أميرا وقد يكون هذا الأمير ليس من علماءهم ولا من العلماء إنما فقط أن يكون رجلا منظما ومدبرا وقد يكون صاحب وظيفة عادية من مهندس أو دكتور أو غير ذلك .
الشيخ : أوّل ذلك يخطر في بالي أن أقول من الذي قاس هذا القياس ؟ هل هو عالم أم جاهل ؟ سيقال إنّه عالم ، هل هو عالم بالمعنى الحقيقيّ الشّرعي أم هو مقلّد ؟ وقد لا يكون عالما بالتّقليد أيضا ؛ فهذه من عجائب ما يقع في هذا الزّمان ، يجتهد من لا يحسن التّقليد ، لماذا ؟ لتنفيذ أحكام وتضليل النّاس باسم أيش ؟ القياس ، القياس يا إخواننا هو الدّليل الرّابع كما تعلمون وأنّه لا يصار إليه إلا للضّرورة ، إلا للضّرورة كما يقول الإمام الشّافعي رحمه الله في بعض كتبه ولعلّها الرسالة " القياس ضرورة فإن لم يكن هناك ضرورة فلا يشرع اللجوء إلى القياس " الآن هؤلاء يستدلون بمثل هذه الأمور التي ذكرتها ومنها القياس لتسليك واقعهم المخالف للشرّع والمفرّق لجماعة المسلمين ؛ أمّا من كان سلفيّ العقيدة وكان عالما بطبيعة الحال بالدعوة السّلفيّة القائمة على الكتاب والسّنّة وعلى ما كان عليه سلفنا الصّالح فهو يجد أنّ هذه الاستدلالات إنمّا هي من باب ذرّ الرّماد على العيون ليقولوا للنّاس نحن عندنا أدلة من الكتاب والسنة والقياس الصّحيح ؛ فنحن نقول لقد جرى المسلمون في العهد الأوّل على البيعة الشرعيّة ثمّ مع الأسف تفرّق المسلمون فيما بعد إلى دويلات تشبه دويلاتنا القائمة الآن ، ولو أنه ربمّا تكون أقلّ عددا وأوسع دائرة ، وما أحد من هذه الدول سلك سبيل هذه الجماعات والأحزاب ليسوّغوا هذا التفرّق الّذي كان قائما بين الدّول الإسلاميّة يومئذ ؛ ذلك لأنّهم كانوا لا يزالون على شيء من العلم بالنّسبة لعلمائهم ؛ أمّا الناشئة الجديدة اليوم والذين يدعون إلى تكتل ما وتحزّب ما فليس فيهم ما كان في أولئك من العلماء ، العلماء حقيقة على الأقلّ علماء بالمذهب ، هؤلاء ليس عندهم علماء حقيقة ولا علماء وقد أحسن حيث أخطأ كثيرا الدكتور البوطي حينما سمّى نفسه وأمثاله من العلماء إنهم علماء مجازا كانت هذه في الواقع يعني فلتة لكن رمية من غير رامي ، أصاب الحقّ دون أن يقصده لقد كان فيهم يومئذ على الأقل علماء مجازيين يعني علماء بالمذهب ولا يوجد في المذاهب مثل هذه الأحكام التي أنت حكيتها آنفا فضلا عن أن يوجد مثلها في الفقه المستقى من الكتاب والسنة ... .
انتهت مادة التسجيل .