About the article

Author :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

Date :

Sat, Sep 20 2014

Category :

Fatwa (Q&A)

Download

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 385

الحويني : بالنسبة للنهي عن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر هل ذلك يشمل أيضاً النهي عن صلاة الجنازة في ذلك المسجد ؟.

الشيخ : أليست صلاة! لا تصلي أي صلاة في مسجد فيه قبر لنهي الرسول عليه السلام عن ذلك في أحاديث متواترة كنا قد جمعناها أو جمعنا ما تيسر لنا يومئذ في كتاب تحذير الساجد عن اتخاذ القبور مساجد.

الحويني : بعضهم علل النهي بالركوع والسجود يعني قال صلاة الجنازة لا سجود فيها فبالتالي النهي عن الصلاة في المسجد فيه قبر قد يتوهم بعضهم أن هذا يسجد ويركع للميت للمقبور مثلاً فقال حيث انتفت العلة فانتفي الحكم، فهل هذا صحيح ؟.

الشيخ : ما هي العلة ؟.

الحويني : إيهام السجود لصاحب القبر.

الشيخ : من أين هذه العلة جاءت؟ هذه علة عقلية، وليست نقلية ولذلك فلا يجوز أن يبنى عليها حكم شرعي يخالف النصوص العامة. ينتهي قبل كل شيء هذا السؤال لأن هناك آخ يرفع يده، انتهيت أنت من هذا السؤال إذن استرح .

أبو ليلى : ... .

الشيخ : ... معليش ... أنا ايش أقول له حول هذا السؤال وإلا سؤال جديد قال سؤال جديد ... .

أبو ليلى : جزاك الله خيرا .

الحويني : بالنسبة لمسح الوجه بالراحتين بعد الدعاء قال ذكروا أن الحافظ بن الحجر حسنه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا عليه وكذلك حديث ابن الزبير، فيقول هذا يكفي في إثبات المشروعية إذ لا مخالف له، يعني يقولون ابن عمر من فعله وكذلك عبد الله بن الزبير من فعله، فهذان اثنان من الصحابة ولم يعني يصح عن أحد خلافهما فهذا كافٍ في إثبات مشروعية المسح على الوجه بعد الدعاء فهل هذا صحيح ؟.

الشيخ : أنا أجيب الآن بجواب مجمل لا أستحضر الآن أنه ثبت عن الصحابيين الذيْن سميتهما آنفاً أنهما كانا يمسحان وجوههما براحتيهما بعد الدعاء إن ثبت ذلك فأنا أقول به، ولكن ذلك لا يصحح حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وله عبارته الخاصة فإذا كان المقصود بالسؤال هل يثبت شرعية مسح الوجه بالكفين بعد الدعاء إذا ثبت ذلك عن الصحابيين؟، جوابي ... أما هل ثبت ذلك فهذا ... .

الحويني : فضيلة الشيخ إذا كان شخص عليه دين ثم أتى إلى الحج فهل يتنافى مع شروط الحج المبرور حيث يحتج عليها أن يكون طيب وهو إدخار مقدار من المال للحج هذا العام .... الدين ؟.

الشيخ : هذا ... المال الحرام لا ... عنه ما ادخره من المال مالا حراما ولكن إذا كان هذا الحاج عليه دين وقد حل وفاؤه أي وجب عليه الوفاء و لم يأذن صاحب الدين له بالحج وقد توفر له المال الذي به يتمكن من الوفاء فقال لصاحب الدين أنا أريد الحج فإذا أذن له فلا إشكال في أن حجه يكون يعني مشروعا والمال في أصله حلال، ولكن إن كان صاحب الديْن لم يأذن له فهو يقع في مخالفة المماطله له التي جاء فيها حديثان اثنان أحدهما في الصحيحين وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( مطل الغني ظلم ومن أحيل على مليء فليتبع )، والحديث الآخر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لَـيُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته )؛ لَـيُّ : هو بمعنى المطل المماطله المعروفة، الواجد: هو الغني؛ غني يعني عنده المال الذي يستطيع به أن يفي ما عليه من ديْن، فهو مماطل وقد سمعتم في الحديث الأول قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( مطل الغني ظلم ) فإذًا كيف يحج وهو ظالم لأخيه المسلم، أما إن سمح له هو جائز. كذلك إن كان لم يحل الموعد بعد وباستطاعته أن يفي بعد أن يقضي حجته فلا مانع من حجه، ما دام عنده من مكسب حلال نعم. حول هذا؟

السائل : حول الحج .

الشيخ : تفضل .

الحويني : معروف رأيكم في رفع اليدين في الدعاء في صلاة الجمعة ودبر الصلوات المكتوبات ولكن الأدلة العامة كقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليستحيي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا )، وتواتر الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام برفع يديه بالدعاء، فمنع بالنسبة لرفع اليدين في الدعاء في صلاة الجمعة مع كون الدعاء يدخل تحت الأدلة العامة .

الشيخ : هذا السؤال يفتح أمامنا بحثاً أصولياً هاما جداً، نستطيع أن نلخصه بالعبارة التالية إذا جاءنا نص عام -طبعاً صحيح- يتضمن جزئيات كثيرة، ونحن نعلم أن جزءا من أجزاء هذا النص العام لم يجر عمل المسلمين عليه فيما مضى من الزمان أيجوز لنا العمل به وهو داخل تحت النص العام؟، جوابي على ذلك: إن كان هذا الجزء من الأعمال الظاهرة التي لا تخفي على الناس عادة، ثم تتوفر الدواعي أيضاً عادة على نقله ثم لم ينقل عن السلف الصالح فلا يجوز لنا العمل بهذا الجزء الذي يدخل تحت النص العام. والمثال بين أيديكم أو تحت سمعكم بعد أن ألقاه أخونا هذا مثل رفع اليدين يوم الجمعة والإمام يخطب والجالسون يرفعون أيديهم، هذه ظاهرة لو وقعت في عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كما قلت آنفاً لتوفرت الدواعي إلى نقله. فإذ لم ينقل دل على أنه لم يفعل. كذلك ولعل المثال التالي أهم من المثال الأول ذلك لأن المثال الأول قلما نراه سواء من الناس الجالسين في الخطبة أو من بعض الأئمة الخطباء، أما المثال الثاني فعلى العكس من ذلك فهو كثير الانتشار فالمثال الثاني شائع جداً وهو الدعاء بعد الصلاة جماعة بعد صلاة العصر مثلاً أو صلاة الفجر هذا أيضاً مما يدخل في الأدلة العامة التي ذكرها السائل آنفاً فهل يشرع؟، الجواب لا يشرع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما فعل ذلك ولا أصحابه، وإنما كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الخطبة لا يزيد على أن يشير بأصبعه عليه السلام أما الجالسون فما كانوا يرفعون أيديهم إلا فيما إذا خطب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- خطبة استسقاء ودعا يطلب فيها السقي من الله -عز وجل- فهو يرفع يديه والحالةُ هذه وكذلك الذين هم يسمعون خطبته؛ كما جاء في صحيح البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:  كان يخطب يوم جمعة حينما دخل رجل من باب من أبواب المسجد فقال " يا رسول الله هلكت الأموال والعيال من قلة الأمطار فادع الله لنا "؛ فرفع -عليه الصلاة والسلام- يديه حتى بان إبطاه مبالغة منه في رفع اليدين وقال: ( اللهم اسقنا، اللهم اسقنا )، وأمَّن الناس ورفعوا أيديهم فعل هذا -عليه الصلاة والسلام- في هذا الأمر العارض، ومن هذا الحديث ذهب بعض العلماء إلى جواز الاستسقاء بالدعاء فقط دون الصلاة. أما في سائر الخطب -خطب الجمعة- فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه ولذلك ثبت في صحيح مسلم أن أحد الصحابة أظن اسمه بن رؤيبة لما رأي أحد الولاة الأمويين يرفع يديه في الخطبة قال: " قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يخطب وما يزيد عن الإشارة بإصبعه "؛ إذن عملٌ من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جرى على خلاف جزء من أجزاء النص العام لا يجوز الاستدلال على شرعية هذا الجزء بالنص العام. فنحن الآن تحدثنا عن مثالين أحدهما رفع اليدين يوم الجمعة والآخر رفع اليدين من الإمام والمقتدين بعد الفراغ من الصلاة-صلاة العصر وصلاة الفجر بصورة خاصة-. لكني أريد أن أقدم إليكم مثالاً لعله ينبه شعوركم واهتمامكم لهذه القاعدة أكثر من المثَلين السابقين لأن من طبيعة الناس أنهم إذا اعتادوا على شيء تساهلوا به وتسامحوا. أما إذا فوجئوا بمثال جديد فيستنكرونه مع أن الحكم واحد بالمثال القديم والمثال الجديد، كل ما في الأمر أن المثال القديم اعتادته النفوس فصار أمراً معتادا فما يتوجه الناس حتى خاصة الناس بالنكير. المثال الذي أريده عندنا نصوص عامة منها قول عليه السلام: ( يد الله على الجماعة )، وعندنا نص آخر أخص بالمثال الذي سأذكره من هذا النص الأول ألا وهو قوله عليه السلام: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين ) وهكذا كلما زاد العدد كلما زاد الأجر والفضل. فالآن المثال هو كالتالي يدخل الناس إلى المساجد استجابة لنادي الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح فينتحي كل فرد منهم ناحية المسجد ليصلي السنن القبلية. فلو أن رجلا بدا له أن يجمع الناس الذين يصلون السنن القبلية فرادى، قال لهم: أيها الناس تعالوا لنصلي جماعة واحتج بالحديثين السابقين: ( يد الله على الجماعة )؛ ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، أيكون استدلاله هذا صحيحاً؟، من تمسك بالاستدلال بالعموم على الإطلاق كما جاء في السؤال يكون استدلاله صحيحاً وعلى ذلك نُشَرع للناس جماعةً، أنا أقطع بأنها لا أصل لها في الإسلام. فكيف الجواب عن الحديثين الذيْن استدل بهما هذا الإنسان خاصة الحديث الثاني: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده )، تتدخل السنة العملية التي نحن نهتم بها ونقول إن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم نقلوا لنا أقواله عليه السلام وأفعاله وحياته بصورة تفصيلية، هل كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا دخلوا المسجد صلى كلٌّ منهم السنة منفرداً أم صلوها جماعة ؟؛ لا أحد من أهل العلم يقول بأنهم كانوا يصلون السنة جماعة. إذن التجميع في صلاة السنة القبلية وعلى ذلك قس سننا أخرى، يكون بدعة ضلالة، ولو أنها تدخل في النص العام؛ وحجتنا في ذلك: أن هذا النص العام بخصوص هذه الجزئية لم يجر عمل السلف عليها، ومن أجل ذلك يقول أهل العلم:

" وكل خير في اتباع سلف ** وكل شر في ابتداع من خلف "

والحقيقة أن هذه البدع الكثيرة التي عمت البلاد الإسلامية على اختلاف أشكالها وأجناسها إنما أصلها الاستدلال بالعمومات التي لم يجر عليها العمل، ولذلك فقد أحسن الإمام أبو إسحاق الشاطبي -رحمه الله- في كتابه الاعتصام حينما قسم البدعة إلى قسمين: البدعة الأولى أو القسم الأول سماها بالبدعة الحقيقية ولسنا الآن في صددها، والبدعة الأخرى هي البدعة الإضافية وها نحن في موضوعها الآن يقول الإمام الشاطبي : البدعة الإضافية هي التي إذا نظرت إليها من جانب وجدتها مشروعة؛ وإذا نظرت إليها من جانب آخر وجدتها غير مشروعة، ويضرب على ذلك بعض الأمثلة المهمة سبق مني أن ذكرتها آنفا ومنه استقدتها وهي ما يسمى في بعض البلدان -بختم الصلاة- ختم الصلاة في السنة كما جاء في الحديث الصحيح: ( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم )، هذا هو ختم الصلاة، أما عند أهل البدعة ما ختمت الصلاة بهذا السلام بل لابد من أن يلقن الإمام أو المبلغ من خلفه سبحوا احمدوا كبروا ، (( قل هو الله أحد )) ثلاثا (( قل أعوذ ... ))، ما يبدأون بشيء حتى يبدأ الإمام ثم يرفع يديه ويدعو ويؤمنون على دعائه وبذلك تختم الصلاة، هذه الهيئة ذكرها الإمام الشاطبي في جملة الأمثلة في البدعة الإضافية من أين هنا يصح أن يقال أنها من جهة مشروعة لأنها دعاء ولأن رفع اليدين كما جاء في السؤال في الحديث الصحيح: ( إن الله ليستحيي أن يرد دعاء عبده أو يديه خائبتين ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام فإذاً هذه الهيئة أو هذا هو الختم باعتبار أنها داخلة في عمومات فهي مشروعة، لكن باعتبار أنها صورة لم تكن في عهد الرسول عليه السلام فهي بدعة إضافية، وهو يقرر ببيان راسخ وجميل جدا أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وأصغر بدعة هي ضلالة وإن كانت البدع غير متساوية الأقدام في الضلالات لكن أصغرها ضلالة.

ويضرب على ذلك مثلا هو الاستغفار عقب الصلاة جماعة فيقول الاستغفار له أصل في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( كان إذا سلم من الصلاة استغفر الله ثلاثاً، ثم قال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام )؛ هذا أصله، لكن الاجتماع بصوت واحد على هذا الاستغفار وعلى هذا الدعاء هو ما أضيف إلى أصل مشروعية هذا الذكر بعد الصلاة فصارت بدعة إضافية ولذلك ألحقت بقاعدة -كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار-. وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .

الحويني : ما حكم من تعجل بالانصراف من مزدلفة بعد منتصف الليل لمن معه نساء ؟.

الشيخ : كيف ؟

الحويني : ما حكم من تعجل بالانصراف من مزدلفة بعد منتصف الليل لمن معه نساء ؟.

الشيخ : إذا كان الرجال الذين مع النساء محرم فهو يذهب معهن لشفاعتهن، يعني ليس للرجال أن ينصرفوا من المزدلفة إلا بعد أن يصلوا صلاة الفجر، أما إذا كان مع النساء فله أن ينطلق معهن بعد نصف الليل.

السائل : إذا كان محرم ومعه المحارم ولكن في حافلة واحدة في سيارة واحدة أربع نسوان مع إخوان ومعنا اثنان ما هم محارم ولكن مشاركين فيه؟.

الشيخ : هذا ما يجوز لهؤلاء، هؤلاء يجب عليهم أن يركبوا أقدامهم وأن يظلوا في المزدلفة وينزلوا على أقدامهم إن لم يتيسر لهم سيارة تأخذهم عند إلى الجمرة.

السائل : إذا كان .

سائل آخر : خلاص الله يهديكم .

إخوة الإيمان والآن مع مجلس آخر .

الشيخ : الانضمام وعدم التفرق فمن شاء أن يستمع للعلم فلينضم إلى الحلقة. فقد جاء في السنة في مسند الإمام أحمد -رحمه الله- من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: " كنا إذا سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فنزلنا منزلا تفرقنا في الوديان والشعاب فقال لنا ذات يوم: ( ألا إن تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان )؛ قال: فكنا إذا سافرنا بعد ذلك ونزلنا منزلا اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا "، جمع غفير ويمشون في الصحراء فإذا نزلوا منزلا حضهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أن لا يتفرقوا فيه وعلى أن يجتمعوا وأن يتضاموا لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -  : ( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثيراً من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى ... يوشك أن يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )، والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )؛ ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحاً وطلاحاً، إذا صلح القلب صلح الجسد وإذا فسد القلب فسد الجسد ومن هنا نأخذ مبدأ هاما جداً يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم الذين لم يتلقوا شيئا من العلم الشرعي وإنما شرعهم عقولهم وأهواؤهم فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي مثلا يقول العبرة ليست بالصلاة وإنما العبرة بصلاح الباطن ويتجاهل هذه الحقيقة أنه لو كان باطنه أي قلبه صالحا لنضح صالحا والعكس بالعكس. ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتم بإصلاح ظاهره وأن لا يغتر في أن الأمر بما وقر في قلبه لأن الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولاً ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرقوا في المنزل ولو في الصحراء الواسعة الأطراف، أمرهم أن يجتمعوا لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرب القلوب بعضها إلى بعض. ولعلكم ما نسيتم ما ذكرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم مما ذكرته ساعتئذ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين الوجوه )؛ فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به عليه السلام فيما إذا أخل به القائمون في الصف أن يضرب الله قلوب بعضهم ببعض. فإذن لا يجوز للمسلم أن يستهين بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح لأنه يكون أولاً يكذب على نفسه فضلاً على أنه يكذب على غيره. لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاءون متفرقين بعضهم عن بعض؛ بل عليهم أن ينضموا وأخيراً جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:" دخل ذات يوما المسجد فوجد الناس متفرقين فيه فقال لهم: ( مالي أراكم عزين، مالي أراكم عزين ) "؛ أي: متفرقين. فإذًا علينا أن نتذكر هذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقة لتعليم الناس ألا وهو أن يجلس الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب سواء كان من التفسير أو من الحديث أو الفقه المستقى من الكتاب والسنة، أو يقرأ عليه أحدهم ثم هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضا عليهم. على هذا أردت التذكير بهذا الأدب لنتوجه أخيراً إلى الاستماع إلى ما قد تجمع من بعض الأسئلة لننظر فيها ونجيب عليها بقدر ما يوفقنا الله تبارك وتعالى، وييسر لنا من العلم فيها.

السائل : سؤال عن صلاتنا الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع فقوله في للظرفية قطعاً ولاحظت على فضيلتكم هل عندكم سنة أنه يكبر قبل الشروع في الركوع أو وهو واقف؟.

الشيخ : يجوز يا أخي التكبير مذكور في صفة الصلاة، يجوز التكبير قبل الشروع في الركن وبعيده أيضاً هذه من ناحية، من ناحية أخرى باعتبار أن الجمع هنا يتطلب تسميعهم فقد أرى التعجيل بالتكبير قبل الشروع في الهوي، ولذلك كنت أرى أن يكون هناك شيء للاستعداد وأن يكون في هنا الأسفل أيضاً لاقط حتى نتجاوب نحن مع السنة في التكبير وعلى الركن كما تشير أنت في ملاحظتين في حرف الجر هذه . نعم .

الحويني : ما حكم الصلاه في المسجد الحرام مع التصاق الرجال والنساء وحكم السترة فيه ؟.

الشيخ : لا شك أن هذه من الأمور التي يتساهل فيها بعض الناس، سواء كانوا رجالا أو نساء والغالب أن الخطأ من النساء وليس من الرجال لأنهن يتقدمن ويختلطن مع الرجال، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول: ( خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )؛ ففي هذا الحديث حض النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - النساء على أن يتأخرنَّ عن الرجال مهما وسعهم الأمر واتسعت بهن أرض المسجد. فإذا ما تعدت النساء صفوفهن وتقدمن إلى صفوف الرجال وكما قيل قديماً -اختلط الحابل بالنابل- حينئذ فالمسئولية إنما تقع على المعتدي فإذا كان المعتدي إنما هي المرأة كما هو الغالب، فالإثم عليها وإذا كان المعتدي هو الرجل؛ بمعنى هو الذي خالط صف النساء أو صفوفهن فيكون الإثم عليه. أما الصلاة ففي كل من الحالتين أي سواء كان المعتدي المرأة أو الرجل فالصلاة صحيحة؛ لأنه لا يوجد في السنة فضلاً عن الكتاب، بل ولا في الآثار السلفية التي نستنير بها في فهم الكتاب والسنة -كما نذكر دائماً أبداً-  لا يوجد في شيء من ذلك ما يدل على بطلان صلاة من حاذ المرأة أو من حاذته المرأة، لا شيء من ذلك سوى مخالفة نظام تسوية الصفوف؛ هذا النظام الذي سمعتموه آنفاً في حديث: ( خير صفوف الرجال أولها؛ وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها؛ وشرها أولها )، هذه المخالفة تستلزم الإثم والمعصية ولا تستلزم بطلان الصلاة، لأن البطلان حكم مستقل لابد له من دليل خاص، وهذا فيما علمنا مما لا وجود له نقول هذا ذاكرين أن هناك في بعض المذاهب المعروفة اليوم من مذاهب أهل السنة أن المرأة إذا وقفت حتى لو كانت هي المعتدية لو حاذت الرجل بطلت صلاة الرجل!، لكن هذا إنما هو الرأي ولا دليل عليه في الشرع فحسبنا إذن أن نذكر الرجال والنساء معاً ألا يقعن في الإثم وفي مخالفة حديث الرسول - عليه السلام - وبخاصة وهم جميعاً قد خرجوا للحج إلى بيت الله الحرام هذا الحج الذي لا يستفيد منه إلا من التزم أحكام الشرع كما قال تعالى في القرآن الكريم: (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )) ، وقال عليه الصلاة والسلام بياناً لمن التزم هذا النهج القرآني فلا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج، قال - عليه الصلاة والسلام مبينا فضيلة هذا الذي التزم هذا النهج بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( من حج فلم يرفث، ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )؛ فالمقصود من كل الحجاج رجالا ونساءً، كبارا وصغارا، إذا قصدوا الحج أن يكون غايتهم من وراء ذلك أن يعودوا إلى بلادهم كما ولدتهم أمهاتهم؛ أتقياء أنقياء من كل الذنوب والآثام، لا أن يعود أحدهم إلى بلده مفتخراً بأنه حج إلى بيت الله الحرام، واكتسب لقب الحاج فصار الناس ينادونه بالحاج فلان.

إن من يبتغي الحصول بسبب الحج على هذا اللقب فهذا يخشى عليه أن يعود من حجته بخفي حنين أو كما قال ذلك الأعرابي لزميله يوم رجع من حجته " وما حججتَ ولكن حجتِ الإبل "، فالمقصود من الحج أن يعود المسلم تقيا نقيا كما ذكرنا وليس متشرفا بلقب الحاج فهذا مما يبطل العمل لأن الله - عز وجل - يقول: (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ))[البينة : 5].

الحويني : بالنسبة للسترة في المسجد الحرام.

الشيخ : بقي السترة، أما السترة فقضية السترة أصبحت في اليوم نسياً منسياً في بلاد الإسلام كلها إلا القليل جداً منها أما في المسجد الحرام فقد كُسيت ثوبا لا يليق بها؛ لأن هذا الثوب قضى على شرعيتها لقد جاءت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أحاديث عدة فيها الأمر باتخاذ المصلي السترة في أي مكان كان على الإطلاق، سواء كان في الصحراء؛ أو كان في البنيان أو كان في مسجد أو في مسجد جامع ولو كان المسجد الحرام، فقد جاءت أولاً الأحاديث مطلقة أو عامة يقول -عليه الصلاة والسلام- في بعضها: ( إذا صلى أحدكم فليصلِّ إلى سترة لا يقطع الشيطان عليه صلاته )، آنفاً حينما خرجت من خيمتي إلى الصلاة رأيت بعضهم يصلي لا إلى سترة، والسترة هي أي عمود بل لو كان هناك شخص جالس فيمكن للمصلي أن يتخذه سترة يصلي إلى هذا الشخص، فقوله - عليه السلام -: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة )، لماذا؟، يأتي الجواب مباشرة خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته, لا يقطع الشيطان عليه صلاته أي خشية أن لا يقطع الشيطان عليه صلاته، ومعنى هذا أن هناك وسائل شرعية لا يمكن للعقل البشري أن يدرك تأثيرها, هذه الوسائل تحول بين المصلي وبين أن يتعرض الشيطان للإخلال بصلاته على الأقل أو لإبطالها من أصلها، فنحن نسمع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول في هذا الحديث آمراً لكل مصلٍّ أن يصلي إلى سترة، وهنا أدب آخر جاء بيانه في رواية أخرى فينبغي التنبه لها ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ( إذا صلى أحدكم فليدن من سترته )، الحديث الأول أو الرواية الأولى كانت فليصلِّ إلى سترة, لكن قد يسأل الإنسان إذا صليت أنا هنا والسترة هناك فهل هذه سترة؟، الجواب في الرواية الثانية :( إذا صلى أحدكم فليدن من سترته )، فلابد أن يكون قريباً منها؛ وهذا القرب جاء بيانه أيضاً في السنة، وهكذا السنة يكمل بعضها بعضا، فهل يقترب المصلي من السترة بحيث أنه يكاد أن يمس برأسه السترة التي بين يديه أم لابد أن يكون بين رأسه وبين سترته فسحة وفراغ؟, الجواب: نعم؛ لابد أن يكون بين موضع سجود المصلي وبين السترة ممر شاة, جاء في الحديث: " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان بين مصلاه؛ -أي: موضع سجوده- وبين السترة ممر شاة ", فإذاً لا يبتعد عنها ولا يدن منها بحيث يكاد ينطحه برأسه؛ لا  وإنما يجعل بينه وبينها ممر شاه تقريباً شبراً أو قريباً من شبر. إن من أهمية هذه السترة كما سيظهر لكم تظهر هذه الأهمية في المسجد الحرام لكثرة ابتلاء المصلين بالمارة بين أيديهم وبخاصة مرور النساء فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل : المرأة والحمار والكلب الأسود )، فإذاً للسترة هذه وظيفتان الوظيفة الأولى عامة، وهي أنها تحول بين الشيطان وبين أن يعرض صلاة هذا المصلي وراء السترة لشيء من النقصان . والأهمية الأخرى هي أن هذه السترة تحول بين المصلي وبين بطلان صلاته إذا مر بين يديه واحد من الأمور الثلاثة المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود؛ أما إذا كان يصلي إلى سترة فلا يضره بعد ذلك ما مر بين يديه سواء كان جنسا من هذه الأجناس الثلاثة أو كان شيئا آخر أما الذي يصلي إلى لا سترة ولو في المسجد الحرام فصلاته معرضة للنقصان أو للبطلان على حسب الجنس الذي يمر بين يدى المصلي.

هذا ما ينبغي أن نذكره بمناسبة السترة وأنها واجبة في كل مسجد حتى المسجد الحرام، ولذلك كان بعض السلف إذا صلى في المسجد الحرام وضع بين يديه سترة ومنهم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما كنت ذكرت ذلك ونحوه في كتابي تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد . نعم .

الحويني : إخواننا في المخيم المجاور كانوا يصلون العصر معنا فكانوا سجوداً فسمعوا تكبيرك هنا فرفعوا رؤوسهم فإذا الإمام ساجد فسجدوا مرة أخرى فما حكم صلاتهم ؟. يعني هم ظنوا التكبير أن الإمام عندهم كبر فرفعوا رؤوسهم فوجدوا الإمام ساجد بينما التكبير كان هنا.

الشيخ : يعني هم ظنوا أن هناك إمام لهم غير الإمام الذي هنا .

الحويني : لا .. يعني كانوا سجودا فسمعوا التكبير هنا فظنوا أن إمامهم كبر ليرفعوا رؤوسهم من السجود فرفعوا رؤوسهم فإذا الإمام ساجد .

الشيخ : إمامهم الخاص .

الحويني : إمامهم الخاص .

الشيخ : يعني هم سمعوا تكبيرنا هنا فظنوا أنه تكبير الإمام .

الحويني : نعم. نعم.

الشيخ : حسنًا فهم لما سمعوا التكبير من هنا فظنوا أنه تكبير إمامهم رفعوا رؤوسهم ثم تداركوا الأمر فشاركوا الإمام في السجود، فلا شيء عليهم .

الحويني : لا شيء عليهم.

الشيخ : لا شيء عليهم .

سائل آخر : في المسجد الحرام ... النساء لا سيما إذا كان الرجال في الدور الثاني والنساء في الدور الأول خلف مقام إبراهيم فيكون الرجال خلف النساء إيش حكم صلاتهم ؟.

الشيخ : هذا فُهم من الجواب السابق، ولعله يظهر هل صلاة المرأة بجنب الرجل أشد تأثيراً أم إذا صلى الرجل خلف المرأة وليس بجانبها ماذا تقول أو ترى أيهما أشد تأثيراً؟.

السائل : المحاذاة.

الشيخ : وإذا كنت عرفت أن المحاذاة لا تبطل الصلاة فإذن الصلاة خلف المرأة لا تبطل الصلاة، ويعود البحث السابق أنه ينبغي النظر هل الرجل هو الذي يسأل عن صلاته خلف المرأة فيكون آثماً أم المرأة هي التي تسأل لأنها تقدمت فوقفت أمام الرجل فتكون هي الآثمة، أما الصلاة فعلى كل حال هي صحيحة، بطبيعة الحال إذا توفرت شروط الصحة المعروفة في الصلاة. الجواب هو هو إذن ... واضح . غيره .

الحويني : هل يجوز الجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع بنية واحدة، وهل يجوز تأخيره إلى اليوم الثاني عشر ؟.

الشيخ : تقول ماذا طواف الإفاضة.

الحويني : نعم إلى اليوم الثاني عشر.

الشيخ : هذا يبدو أن هذا سؤال يكثر إيراده وهناك قاعدة أنه لا يغني واجب عن واجب، وقد يغني واجب عن مستحب، والسؤال الآن هل يمكن أن يستغني الحاج بطواف الإفاضة عن طواف الوداع؟، نقول لو كان طواف الوداع سنة كنا نقول يكفي أن ينوي في قلبه الفرض وهو طواف الإفاضة ويزيد على ذلك نية أخرى هي أداء سنة طواف الوداع، هذا على افتراض أن طواف الوداع سنة، ولكن طواف الوداع واجب أمر به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وفارق بينه وبين طواف الإفاضة فجعل طواف الإفاضة لابد للمرأة الحائض لو حاضت لابد لها من أن تتأخر وأن لا تطوف وهي حائض مهما طال بها الحيض حتى تتطهر وتطوف طواف الإفاضة طاهراً، أما طواف الوداع فقد أسقط الشارع الحكيم وجوبه عن المرأة الحائض تخفيفاً من ربها عنها، فإذن لا يجوز الاكتفاء بطواف الإفاضة عن طواف الوداع، لأن كل منهما واجب وأحدهما أوجب من الآخر وهو طواف الإفاضة. كثيرا ما يقع المسلم في مثل هذا الأمر سواء كان رجلا أو امرأة مثلا امرأة عليها غسل جنابة ثم طرأ عليها الحيض وبقيت حائضا عادتها أياما معدودات ثم طهرت فهل يجب عليها غسل واحد أم يجب عليها غسلان احدهما غسل الجنابة والآخر غسل الحيض اذا عرفنا القاعدة أن واجبا لايغني عن واجب  فلا بد لها من غسلين اثنين أحدهما غسل الجنابة .