موقف الإمام الطبري من النحاة | د. محمد عوض السهلي

موقف الإمام الطبري من النحاة ضمن فعاليات الأسبوع العلمي الثاني الذي نظمته كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالتعاون مع مركز تفسير للدراسات القرآنية بعنوان دراسات في تفسير الإمام ابن جرير الطبري
وهذه المحاضرة قدمها فضيلة الدكتور/ محمد بن عوض السهلي، الأستاذ المشارك بقسم التفسير وعلوم القرآن فافتتحها بالتعريف بالإمام؛ وذكر مولده، وبلده، وعناية والده به، وطلبه للعلم مبكرا، ورحلاته شرقا وغربا، ثم وفاته.
وذكر فضيلته أن الإمام ألف كتبا عظيمة النفع في فنون شتى، وأن تفسيره كان شيئا عجبا، حتى قال الإسفراييني رحمه الله: "لو سافر أحد إلى الصين في طلبه لما كان كثيرا".
وولج فضيلته صلب الموضوع، فبين أن من يطالع تفسير هذا الإمام يقف على ما له فيه من صولات وجولات مع النحو والنحويين؛ إذ فيه عن الخليل وسيبويه ولم يسمهما، وذكر بعض آراء يونس بن حبيب الضبي، وصرح باسم أبي جعفر الرؤاسي ونقل عنه، وكثيرا ما نقل عن معاني القرآن للكسائي، ومعاني القرآن للفراء تلميذ الكسائي، ومعاني القرآن للأخفش، ونقل عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ولم يصرح باسمه إلا قليلا، ونقل شيئا من آراء قطرب من غير تصريح باسمه، ونقل عن أبي العباس ثعلب ومدحه ووصفه بالحفظ.
ونبه فضيلته على أنه لكي ننسب الإمام إلى مذهب معين ينبغي أن ننظر في اختياراته النحوية، وأنه نظر فوجد الإمام كثيرا ما يختار آراء الكوفيين، حتى قال فيه ثعلب: "ذاك من حذاق الكوفيين".
وعلل فضيلته ميله لنحو الكوفة بصحبته لثعلب، ووجوده في مناطق نفوذ المذهب الكوفي.
ستعرض فضيلة الدكتور جملة من المصطلحات الكوفية التي استعملها ابن جرير، واستعرض ما يقابلها عند البصريين؛ كالإجراء ويقابله الصرف، والجحد ويقابله النفي، والكناية والمكني ويقابله الضمير، والعماد ويقابله ضمير الفصل، وغيرها من المصطلحات الكوفية.
وذكر فضيلته في المقابل أنه لا يكاد لا يوقف على مصطلحات بصرية عنده، ما عدا مصطلحات معدودة ؛كالحال والصفة والعطف.
وأوضح الدكتور أنه – رغم ما تقدم - تجده يخالف الكوفيين في كثير من الآراء، ويأخذ برأي البصريين.
وعرض فضيلته كثيرا من آراء الإمام الموافقة للكوفيين، وثنى بنماذج لآرائه التي استقل فيها عن الكوفيين والبصريين، وثلث بنماذج لآرائه التي خالف فيها الكوفيين وفاقا للبصريين، وبين أن اعتراضاته على الكوفيين يدل على عمق ودقة نظر.
واستخلص فضيلته أن الإمام يميل إلى الكوفيين؛ لتأثره بهم في الصغر، خصوصا أبا العباس ثعلب، لكنه لا يتعصب لهم ولا يجمد على رأيهم، ويخالفهم متى ما رأى الصواب عند غيرهم؛ وذلك لسعة علمه وثاقب نظره.