هاجر إلى بلد إسلامي فرأى ضعف التعليم فهل يعود ليكمل دراسته
Jawapan
الحمد لله
الهجرة من بلاد الكفر يختلف حكمها باختلاف حال الإنسان ومدى قدرته على الهجرة وعلى إظهار دينه هناك .
فتجب الهجرة على من عجز عن إظهار دينه ، واستطاع الهجرة .
وأما من قدر على إظهار دينه ، فتستحب له الهجرة ولا تجب ، ومن عجز عن الهجرة ، فقد عذره الله تعالى .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب :
أحدها : من تجب عليه , وهو من يقدر عليها , ولا يمكنه إظهار دينه , ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار , فهذا تجب عليه الهجرة ; لقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه , والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
الثاني : من لا هجرة عليه ، وهو من يعجز عنها , إما لمرض , أو إكراه على الإقامة , أو ضعف ; من النساء والولدان وشبههم , فهذا لا هجرة عليه ; لقول الله تعالى : ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) ؛ ولا توصف باستحباب ; لأنها غير مقدور عليها .
والثالث : من تستحب له , ولا تجب عليه ، وهو من يقدر عليها , لكنه يتمكن من إظهار دينه وإقامته في دار الكفر , فتستحب له , ليتمكن من جهادهم , وتكثير المسلمين , ومعونتهم , ويتخلص من تكثير الكفار , ومخالطتهم , ورؤية المنكر بينهم . ولا تجب عليه ; لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة " انتهى من "المغني" (9/236) .
وعليه ؛ فإذا كنتم قادرين على إظهار دينكم كما ذكرت ، فإن الهجرة لا تجب عليكم ، لكن الانتقال إلى بلد من بلدان المسلمين أفضل وأسلم ، تخلصا من تكثير الكفار ومخالطتهم ومشاهدة منكراتهم ، وبعدا عن الفتن وأسباب الانحراف الطاغية في تلك المجتمعات ، ثم حرصا على الذرية التي تولد للمسلمين هناك، من الضياع والانحراف في المجتمعات الغربية.
هذا من حيث العموم ، وقد يكون الإنسان في موضع من تلك البلدان يعيش بين أكثرية مسلمة ، ويقوم بدوره في الدعوة والتعليم والبيان ، فتكون المصلحة في بقائه وعدم هجرته .
فوازنوا بين المصالح والمفاسد ، وقدموا مصلحة حفظ الدين على غيرها من المصالح ، فإن الدين هو رأس مال العبد الذي لا يجوز التفريط فيه .
وأما العودة ـ مؤقتا ـ من أجل تحصيل الدراسة الأفضل : فنرجو ألا يكون عليكم بأس في ذلك ، خاصة إذا كانت دراسة تحتاجونها ، أو فيها منفعة للمسلمين ، لكن مع اجتهادكم في الحفاظ على فرصة الإقامة المستقرة في بلاد المسلمين .
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .