O Fatwa

Data :

Sun, Oct 26 2014
Pytanie

يسأل عن صحة حديث يدل على استرقاق ابن الزنا !!

السؤال : قرأت حديثًا لأبي داود في كتاب النكاح رقم 2126 يقول: أن رجلا من الأنصار يقال له بصرة قال: ( تزوجت امرأة بكراً في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد عبد لك ، فإذا ولدت -قال الحسن – فاجلدها ، وقال ابن أبي السري : فاجلدوها أو قال: فحدوها هل هذا الحديث صحيح أم لا؟ وإذا كان ضعيفا ، فما سبب ضعفه ؟ وما الحكم المأخوذ من هذا الحديث ؟
Odpowiedź
Odpowiedź
الجواب : الحمد لله : أولاً : هذا الحديث رواه أبو داود في سننه (2131 ) من طريق ابن جريج عن صفوان بن سليم عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ ، قَالَ : تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا ، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ ، فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا ، أَوْ قَالَ : فَحُدُّوهَا ). وقد حكم نقاد الحديث وحفاظه على هذا الحديث بالضعف ؛ وذلك لأنه من وراية ابن جريج ، وهو مشهور بالتدليس . وقد دلس هذا الحديث ، فرواه عن صفوان بن سليم ، وهو في حقيقة الأمر يرويه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم . وإبراهيم بن أبي يحيى متروك عند أهل الحديث . قال أبو حاتم : " وَمَا رَوَاهُ ابنُ جُرَيج ، عَنْ صَفْوان بْنِ سُلَيم، عن ابن المسيّب... لَيْسَ هُوَ مِنْ حَدِيثِ صَفْوان بْنِ سُلَيم. ويَحتمِلُ أَنْ يكونَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيج ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ صَفْوان ابن سُلَيم ؛ لأنَّ ابْنَ جُرَيج يُدلِّسُ عَنِ ابْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَفْوان بْنِ سُلَيم غَير شَيْءٍ ". انتهى من "علل الحديث لابن أبي حاتم" (4/ 65) . وقال البيهقي : " فهذا الحديث إنما أخذه ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سليم " . انتهى من "السنن الكبرى" (7/157). وقال عبد الحق الإشبيلي : " فابن جريج إنما رواه عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي يحيى الأسلمي ، عن صفوان ، وإبراهيم هذا متروك الحديث " . انتهى من "الأحكام الوسطى" (3/156) . ويؤكد ذلك أن عبد الرزاق رواه في مصنفه (6/ 249) عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. ثم رواه عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حُدِّثْتُ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلَهُ . قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: " حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ , هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى , عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ " انتهى . وينظر : " سنن الدارقطني" (4/ 368) . قال الخطيب البغدادي : " أراد عَبْد الرزاق بهذا القول البيان أن ابْن جريج إنَّما سمعه من إِبْرَاهِيم بْن أَبِي يَحْيَى عن صَفْوَان ، ودلسه إذ رَوَاهُ عن صَفْوَان نفسه ". انتهى من " الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" (5/386) . قال ابن القيم: "هذا الحديث قد اضطُرِبَ في سنده وحكمه واسم الصحابي راويه ... وله علَّة عجيبة ، وهي : أنه حديث يرويه ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُليم ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عن رجل من الأنصار . وابن جريج لم يسمعه من صفوان ؛ إنما رواه عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي يحيى الأسلمي ، عن صفوان . وإبراهيم هذا متروك الحديث ؛ تركه : أحمد ابن حنبل ، ويحيى بن معين ، وابن المبارك ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة الرَّازيان وغيرهم . وسُئل عنه مالك ابن أنس : أكان ثقة ؟ فقال: لا ! ولا في دينه ". انتهى من "تهذيب السنن" (3/60). وللحديث علة أخرى أيضاً ، وهي : أن أكثر الرواة قد رووه عن سعيد بن المسيب مرسلاً . قال ابن القيم : " المعروف أنه إنما يُروى مرسلاً عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كذا رواه : قتادة ، ويزيد بن نعيم ، وعطاء الخراساني ، كلهم عن سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "تهذيب السنن" (3/61) . وقال أبو حاتم الرازي : " هَذَا حديثٌ مُرسَل لَيْسَ بِمُتَّصل". انتهى من " علل الحديث لابن أبي حاتم" (4/ 65) . وقال عبد الحق الإشبيلي: " والإرسال هو الصحيح ". انتهى من "الأحكام الوسطى" (3/156). والحديث ضعفه كذلك الإمام أحمد ، كما في "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه " (7/3708) . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى : " فتخلص أن هذا الحديث بهذا الإسناد فيه ثلاث علل: الأولى : عنعنة ابن جريج ، وهو مدلس. الثانية : أن ابن جريج يرويه عن ابن أبي يحيى ، وهو: متروك . الثالثة : أنه قد اختلف في وصله وإرساله ، والذي عليه الأكثر روايته مرسلاً ، وهذا هو المعروف . وعليه : فإن الحديث بهذه العلل لا يكون حجة ، والله أعلم". انتهى من "الحدود والتعزيرات عند ابن القيم" صـــ 151. ثانياً : هذا الحديث - على ضعفه - اشتمل على جملة من المسائل والأحكام ، نسوقها باختصار : 1- أن من تزوج امرأة وتبين له أنها حامل من الزنا ، فنكاحه باطل ، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم . قال ابن القيم : " وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْحُكْمُ بُطْلَانَ نِكَاحِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًى ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ". انتهى من " زاد المعاد " (5/ 96). 2- أنه إذا دخل بهذه المرأة وجب لها مهرها كاملاً ، وهذا الحكم قد ثبت بأدلة أخرى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَلَا يَسْقُطَ الْمُهْرُ بِمُجَرَّدِ زِنَاهَا ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلَاعِنِ لَمَّا قَالَ: مَالِي ، قَالَ : لَا مَالَ لَك عِنْدَهَا ، إنْ كُنْت صَادِقًا عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا ، وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا عَلَيْهَا فَهُوَ أَبْعَدُ لَك". انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/320) . 3- أن الحمل يكفي دليلا على وقوع الزنا ، إذا لم تكن المرأة ذات زوج ؛ فيقام الحد عليها ولو لم تعترف ، أو تقم بينة أخرى ، بناء على هذا الحديث . وفي هذه المسألة خلاف بين العلماء ، والذي عليه جمهور أهل العلم أن الحبل لا يكفي لإقامة الحد على المرأة ، لإمكان أن يكون ذلك الحمل عن إكراه ، أو وطء شبهة ؛ وأما الزنى فلا يثبت إلا ببينة ، أو اعتراف . وللاستزادة ينظر : "الحدود والتعزيرات عند ابن القيم" صـ 153، للشيخ بكر أبو زيد . 4- أن ابن الزنا يصير عبدا لمن تزوج بأمه . وهذا الحكم ليس في الشرع ما يدل عليه إلا هذا الحديث ، وهو حديث ضعيف لا حجة فيه على الإطلاق . ولذلك لم يقل به أحد من العلماء . قال البيهقي : " وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا مِنَ الْحُرَّةِ يَكُونُ حُرًّا ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا مَنْسُوخًا ، وَاللهُ أَعْلَمُ ". انتهى من "السنن الكبرى" (7/ 255). وقال الخطابي : " هذا الحديث لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به ، وهو مرسل ، ولا أعلم أحداً من العلماء اختلف في أن ولد الزنا حر إذا كان من حرة ، فكيف يستعبده ؟!! ويشبه أن يكون معناه إن ثبت الخبر : أنه أوصاه به خيراً ، أو أمره باصطناعه ، وتربيته ، واقتنائه ؛ لينتفع بخدمته إذا بلغ ، فيكون كالعبد له في الطاعة ، مكافأة له على إحسانه وجزاء لمعروفه ". انتهى من " معالم السنن" (3/ 218) . والحاصل : أن الحديث المذكور شديد الضعف ، لا تقوم به حجة في الشرع ، وأن ما دل عليه من الأحكام يعرض على أصول الشرع وأدلته الثابتة . والله أعلم. موقع الإسلام سؤال وجواب