العلماء والملوك والأمراء في عقيدة أهل السنة والجماعة

فى هذه الرسالة اللطيفة يبين الشيخ - حفظه الله - المذهب الحق وهو مذهب أهل السنة والجماعة الوسطي الذى هو وسط بين الإفراط والتفريط والذى أصاب كثير من العلماء والملوك والأمراء، وبيَّن الشيخ في هذه الرسالة فضل العلماء، وصفات العلماء المخلصين الصادقين، وحقوقهم على الأمة، وحقوق الأمة عليهم.

سلسلة مؤلفات سعيد بن علي بن وهف القحطاني   118   

العلماء والملوك والأمراء
في عقيدة أهل السنة والجماعة
في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة


تقديم معالي العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء
تأليف الفقير إلى الله تعالى الكريم
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني


 
مقدمة معالي العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية
الحمد لله وبعد، فقد اطلعت على كتاب بعنوان «حق
العلماء والأمراء عند أهل السنة والجماعة» للشيخ الدكتور: سعيد بن علي بن وهف القحطاني، فوجدته مفيداً في موضوعه، موضِّحاً لعقيدة أهل السنة والجماعة في هذا المجال الذي كثر فيه الخوض بغير علم، مما نشأ عنه انحراف في الفهم في هذا الأمر، الذي هو من أصول أهل السنة والجماعة، فجزاه اللَّه خيراً، ونفع بعلمه، وصلى اللَّه وسلم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه.


كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
في 17/ 5/ 1436هـ
 
 

 

المقدمة
إن الحمد للَّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل اللَّه فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى اللَّه عليه، وعلى آله، وأصحابه، وسلّم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في «العلماء والملوك والأمراء» في عقيدة أهل السنة والجماعة، كتبتها  عندما رأيت بعض الناس بين المفرِّطين، والمُفْرِطين، في العلماء والملوك والأمراء، والحقُّ الذي عليه أهل السنة: هو الوسط بين الطرفين، فلا إفراط، ولا تفريط، بل يعطون كلَّ ذي حق حقَّه، ويلتزمون بما دل عليه كتاب اللَّه تعالى، وسنة رسوله  من الحقوق، ويبتعدون عما نهى اللَّه عنه ورسوله ، وبيَّنت في هذه الرسالة: فضل العلماء، وصفات العلماء المخلصين الصادقين، وحقوقهم على الأمة، وحقوق الأمة عليهم؛ ولهذا قال الإمام النووي :: «وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ :: اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَخْشَاهُ وَيَتَّقِيهِ حَقَّ تُقَاتِهِ، أَنَّ لُحُومَ الْعُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وعَادةَ اللَّهِ فِي هَتْكِ أسْتَارِ منتقصِيهِمْ مَعْلُومَةٌ، وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي الْعُلَمَاءِ بِالثَّلَبِ، بَلَاهُ اللَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ الْقَلْبِ، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فتنة أو يصيبهم عذاب أليم( )»( )، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: في الصارم المسلول على شاتم الرسول: «ومن الكلام السائر: لحوم العلماء مسمومة، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟»( )، ثم ذكرت أن المُلْك، والإمارة، والولاية مهمة كبرى، وأمانة عظمى، وحِمْلٌ ثقيل، ثم بينت ما للملوك والأمراء المسلمين من حقوق أوجبها اللَّه تعالى على عباده الداخلين تحت ولاياتهم، من: وجوب السمع والطاعة بالمعروف، وعدم الخروج على أئمة المسلمين، ووجوب النُّصح لهم بالحكمة سرّاً ممن يتصل بهم من العلماء وغيرهم، وذكرت أهمية الدعاء لهم بالتوفيق، والصلاح؛ ولهذا قال سهل بن عبد اللَّه التستري :: «لا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء( )، فإن عظموا هذين أصلح اللَّه دنياهم وأخراهم، وإن استخفّوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم»( )، وقد بينت في هذه الرسالة وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة، والالتفاف حول علماء أهل السنة، وولاة أمر المسلمين، وأن ذلك من الأسباب العظيمة في النجاة من الفتن، والسلامة من الوقوع في الهلاك، ومن أسباب: حفظ الدين، والأعراض، والنجاة من سفك الدماء المعصومة بغير حق؛ فإن مخالفة ذلك يُسبِّبُ حلْق الدين، وسفك الدماء المعصومة، وانتهاك الأعراض، وتدمير الأوطان، والممتلكات، وتفريق جماعة المسلمين، ويُسبِّبُ فساد الدنيا والدين،  ولا حول ولا قوة إلا باللَّه، واللَّه المستعان.
وقد نهجت في هذه الرسالة: الاستدلال بالكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة ، ونقلت في ذلك ما تيسر من أقوال التابعين، والعلماء الأئمة الأعلام، المحققين الراسخين في العلم.
وقد استفدت كثيراً من تقريرات، وتعليقات شيخنا الإمام عبدالعزيز بن عبد اللَّه بن باز :.
وما أحسن ما قاله القائل:
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً
        وآفته من الفهم السقيم( )

واللَّه أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، صواباً على سنة نبيه الأمين ، وأن ينفعني بها في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع بهذه الرسالة كل من انتهت إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.
وصلى اللَّه، وسلّم، وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه الفقير إلى اللَّه الكريم
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في يوم الأحد 17/ 5/ 1436هـ
المبحث الأول: فضل العلم والعلماء
أولاً: مدح اللَّه تعالى العلماء، وأثنى عليهم وبين فضلهم:
1-    قال اللَّه تعالى: {شَهِدَ اللَّه أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قائِماً بالقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}( ).
2-    وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}( ).

4-    وقال : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }( ).

6-    وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الأَلْبَاب}( ).
7-    وعن معاوية  قال: سمعت النبي r يقول: ((من يُرِدْ اللَّه بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وَإِنَّمَا أنا قَاسِمٌ، وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هذه الْأُمَّةُ قَائِمَةً على أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ من خَالَفَهُمْ حتى يَأْتِيَ أَمْرُ الله))( ).
8-    وعن أبي هريرة  قال: قال رسول اللَّه r: ((من سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا سَهَّلَ اللَّه له طَرِيقًا إلى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رضاً بمَا يَصْنَعَ، وَإِنَّ العالمَ يَسْتَغْفِرُ له من في السَّمَوات ومَنْ في الْأَرْضِ حتى الْحِيتَانِ في الْمَاءِ، وَفضْلُ الْعَالِمِ على الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ على سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وإنَّ الْأَنْبِيَاءَ لم يُوَرِّثُوا دِينَارًا، ولا دِرْهَمًا إنَّما وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)) ( ).
9-    وعن عبداللَّه بن عمرو بن العاص ب قال: قال النبي r: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ من الناس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حتَّى إذا لم يَتْركْ عَالِمًا اتَّخَذَ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)) ( ).
10-    وعن حذيفة بن اليمان  أن رسول اللَّه r قال: ((فَضْلُ العلمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ العِبَادةِ، وخَيرُ دينِكُم الوَرَعُ)) ( ).
11-    وعن عبداللَّه بن مسعود  قال: قال رسول اللَّه r: ((لا حَسَدَ إلاَّ في اثْنَتَين: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، ورَجُلٌ آتَاهُ اللَّه حِكْمَةً فَهُو يَقْضِي بِها ويُعَلِّمُها)) ( )، والمراد بالحسد في هذا الحديث الغبطة.
12-    وعن أبي هريرة  قال: سمعت رسول اللَّه r وهو يقول: ((الدُّنْيا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونَ مَا فِيْها إلا ذِكْرَ اللَّه ومَا وَلاهُ، وعَالمِاً أو مُتَعَلِّماً)) ( ).
13-    وعن أبي أمامة الباهلي  قال: قال رسول اللَّه r: ((فَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ، وأنَّ اللَّه  ومَلائِكَتَهُ، وأَهْلُ السَّمواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا، وحتَّى الحَوتُ يُصَلُّونَ عَلى مُعَلِّم النَّاسِ الخيرِ))( ).
14-    وعن أبي مسعود الأنصاري  قال: قال النبي r: ((مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْل أَجْرِ فَاعِلُه))( ).
15-    وعن جرير بن عبداللَّه  قال: قال النبي r: ((مَنْ سنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بَها بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أجُوْرِهِم شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئةً كانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهم شَيْءٌ))( ).
16-    وعن أبي هريرة  قال: قال النبي r: ((من دَعَا إلى هُدًى كان له من الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ من تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذلك من أُجُورِهِمْ شيئاً، وَمَنْ دَعَا إلى ضَلَالَةٍ كانَ عَلَيْهِ من الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ من اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذلك من آثَامِهِمْ شيئاً))( ).
17-    وعن سهل بن سعد  قال: قال النبي r لعلي بن أبي طالب : ((فواللَّه لأنْ يَهْدِيَ اللَّه بِكَ رَجُلاً واحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النِّعَم))( ).
18-    وعن أبي هريرة  قال: قال النبي r: ((إذا مَاتَ الإنْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلَهُ إلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أوْ عِلْمٍ يُنتفَعُ بِهِ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ))( ).
19-    العلماء المخلصون الصادقون هم أخصّ الناس بعد الأنبياء بقول اللَّه : ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾( ). وليس هناك أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى اللَّه، وعمل بما يعلم، وطابق قوله واعتقاده فعله.
وهذا فضل عظيم يؤتيه اللَّه من يشاء من عباده، فهو المتفضل على عبده بالعلم النافع ويثيبه على طلبه وعلى نشره.
وما على المسلم الراغب في فضل اللَّه العظيم إلا أن يبذل الأسباب، ويسأل اللَّه العلم النافع والعمل الصالح، وهذه الآيات والأحاديث إنما هي في حق العالِم العامل بعلمه، وأما العالم غير العامل فإنه من أشد الناس عذاباً يوم القيامة، وكذا العالم الذي لم يبتغ بعلمه وجه اللَّه  لا يشم رائحة الجنة، وهو أحد الثلاثة الذين تسعَّر بهم النار قبل الخلائق كلهم( ).
ثانياً: خشوع العالِم للَّه: علم نافع وعمل صالح( ):
1-    عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء  قال : «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ» فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ : كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا، وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ؟! فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا! فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ( ) يَا زِيَادُ! إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟»، قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ: الْخُشُوعُ؛ يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ الجَامِعِ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلاً خَاشِعاً»( ) .
2-    وعن شداد بن أوس  أن رسول اللَّه  قال: «أوَّلُ ما يُرْفَعُ مِنَ النّاسِ الخُشُوعُ»( ).
3-    وعن زيد بن أرقم  عن النبي  أنه قال في دعائه: «...اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا»( ).
وقلب لا يخشع:علمه لا ينفع، وصوته لا يسمع، ودعاؤه لا يرفع( ).
قال الإمام ابن رجب :: «فالعلم النافع هو ما باشر القلوب، فأوجب لها السكينة، والخشية، والإخبات للَّه، والتواضع، والانكسار، وإذا لم يباشر القلب ذلك من العلم، وإنما كان على اللسان، فهو حجة اللَّه على ابن آدم يقوم على صاحبه، وغيره كما قال ابن مسعود : إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب يرسخ فيه نفع صاحبه.
وقال الحسن :: العلم علمان: علم باللسان، وعلم بالقلب، فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان حجة اللَّه على ابن آدم»( ).
4-    وقد قال اللَّه تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾( ).
5-    وقال اللَّه : ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾( ).
6-    ووصف اللَّه العلماء من أهل الكتاب قبلنا بالخشوع، فقال سبحانه: ﴿قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً﴾( )، وقوله سبحانه في وصف هؤلاء الذين أوتوا العلم، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً: مدحٌ لمن أوجب له سماع الكتاب: الخشوع للَّه  في قلبه»( ).
ثالثاً: أفضل العلماء العامل بعلمه: الأخشع للَّه تعالى( ):
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ ( ).
2-    قال أسامة بن زيد : سَمِعْتُ النبي  يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ»( ).
3-    قال سفيان :: «أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل  بما يعلم، وأفضل الناس أخشعهم للَّه»( ).
4-    وقال سفيان أيضاً: «يراد للعلم: الحفظ، والعمل، والاستماع، والإنصات، والنشر»( ).
5-    وقال سفيان أيضاً :: «كان يُقال: العلماء ثلاثة: عالم باللَّه يخشى اللَّه ليس بعالم بأمر اللَّه، وعالمٌ باللَّه عالم بأمر اللَّه يخشى اللَّه فذاك العالم الكامل، وعالم بأمر اللَّه ليس بعالم باللَّه لا يخشى اللَّه فذلك العالم الفاجر»( ).
وسمعت شيخنا ابن باز : يقول: «هذه الكلمات ينبغي أن تنقل»( ).
رابعاً: العلماء العاملون المخلصون المتبعون للنبي  يحبهم الله تعالى:
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ( ).
2-    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ»( ).
3-    وهذا واللَّه هو المدح الزين، والذم الشين، فعَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ ( )، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «ذَاكَ اللَّهُ »( ).
خامساً: مدح اللَّه تعالى الخاشعين القانتين من العلماء ووصفهم بالعلم:
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾( )، والقنوت هنا هو: الخشوع في الطاعة؛ ولهذا قال العلامة السعدي :: « ... القنوت يرد في القرآن على قسمين:
قنوت عام، كقوله تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾( ) أي الكل عبيد خاضعون لربوبيّته، وتدبيره.
والنوع الثاني: وهو الأكثر في القرآن: القنوت الخاص، وهو دوام الطاعة لله على وجه الخشوع، مثل قوله تعالى: ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً﴾( )، وقوله: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾( )، وقوله: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي﴾( )، وقوله: وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ( )، ونحوها»( ).
وقد قال الراغب الأصفهاني :: «القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع، وفُسِّرَ بكل واحد منهما في قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ ( )، وقوله: ﴿كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾( ) قيل: خاضعون، وقيل: طائعون، وقيل: ساكتون، ولم يُعْنَ به كل السكوت، وإنما عُنِيَ به ما قال عليه الصلاة السلام: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَمَّا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ»( )، وعلى هذا قيل: أي الصلاة أفضل؟ قال: «طُولُ القُنُوتِ»( ) أي الاشتغال بالعبادة، ورفض كل ما سواه، وقال اللّه تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً﴾( )، وقال: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾( )، وقال: ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً﴾( )، وقال: ﴿اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾( )، وقال:
﴿وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ﴾( )، وقال: ﴿وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ﴾( )، وقال : ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ﴾( )( ).
والقنوت في الحديث يُروَى بمعانٍ متعددةٍ، فيطلق على: الخشوع، والطاعة، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، وطول القيام، والسكوت، والسكون، وإقامة الطاعة، والخضوع( )، وقد ذكر الحافظ ابن حجر : أن ابن العربي ذكر أن القنوت ورد لعشرة معانٍ، نظمها الحافظ زين الدين العراقي، فقال:
«ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد
        مزيداً على عشرة معاني مرضيَّه

دعاءٌ، خشوعٌ، والعبادة، طاعة
        إقامتها، إفراده بالعبودية

سكوتٌ، صلاة،ٌ والقيام، وطوله
        كذا دوام الطاعة الرابح القنية»( )

ويصرف كل واحدة من هذه المعاني إلى ما يدل عليه الحديث، أو الكلام الوارد فيه، وما يقتضيه سياقه( ) .
سادساً: أثنى اللَّه  على من يوجل قلبه من العلماء لذكر اللَّه :
وبين سبحانه أنه يخافه ويخشاه، ووصفه بالإيمان الكامل:
1-    قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾( ).
2-    وقال اللَّه  عن قول إبراهيم : ﴿إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لَا تَوْجَلْ﴾( ).
3-    وقال اللَّه تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾( ).
4-    وقال اللَّه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾( ).
ووجل القلب: الوجل: استشعار الخوف، يقال: وَجِلَ يَوْجَلُ وَجَلاً، فهو وَجِل( ).
قال ابن كثير :: «﴿وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾: فرقت: أي: فزعت وخافت، وهذه صفة المؤمن ... الذي إذا ذكر اللَّه وجل قلبه: أي: خاف منه، ففعل أوامره، وترك زواجره»( ).
وقال العلامة السعدي :: «أي: خافت ورهبت فأوجبت لهم خشية اللَّه تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللَّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب»( )، وقال :: «الخوف، والخشية، والخضوع، والإخبات، والوجل معانيها متقاربة، فالخوف يمنع العبد من محارم اللَّه، وتشاركه الخشية في ذلك، وتزيد أن خوفه مقرون بمعرفة اللَّه، وأما الخضوع، والإخبات، والوجل، فإنها تنشأ عن الخوف، والخشية، فيخضع العبد للَّه، ويخبت إلى ربه منيباً إليه بقلبه، ويحدث له الوجل، وأما الخشوع: فهو حضور القلب وقت تلبّسه بطاعة اللَّه، وسكون ظاهره وباطنه، فهذا خشوع خاص، وأما الخشوع الدائم الذي هو وصف خوّاص المؤمنين، فينشأ من كمال معرفة العبد ربه، ومراقبته، فيستولي ذلك على القلب، كما تستولي المحبة»( ).

1-    قال اللَّه تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾( )، فحصل لهم قشعريرة الجلد، ثم لين القلب والجلد.
قال الراغب الأصفهاني :: «﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾( ) أي يعلوها قشعريرة»( ) .
وقال الإمام ابن كثير :: «هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار؛ لما يفهمونه من الوعد والوعيد، والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف، ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ كما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ...»( ).
وقال العلامة السعدي :: «﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ لما فيه من التخويف والترهيب المزعج ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: عند ذكر الرجاء والترغيب، فهو تارة يرغبهم لعمل الخير، وتارة يرهبهم من عمل الشر»( ).
ثامناً: العلماء المخلصون الصادقون: لا يكتمون ما أنزل اللَّه :
1-    قال اللَّه : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ ( )، قال العلامة السعدي :: «هذه الآية، وإن كانت نازلة في أهل الكتاب، وما كتموا من شأن الرسول  وصفاته، فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل اللَّه ﴿مِنَ الْبَيِّنَاتِ﴾ الدالات على الحق، المظهرات له، ﴿وَالْهُدَى﴾ وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم، ويتبين به طريق أهل النعيم، من طريق أهل الجحيم، فإن اللَّه أخذ الميثاق على أهل العلم، بأن يُبيِّنوا للنّاس ما منّ اللَّه به عليهم من علم الكتاب، ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك، وجمع بين المفسدتين، كتم ما أنزل اللَّه، والغشّ لعباد اللَّه، فأولئك ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ﴾ أي: يبعدهم، ويطردهم عن قربه ورحمته، ﴿وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ وهم جميع الخليقة، فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة، لسعيهم في غش الخلق، وفساد أديانهم، وإبعادهم من رحمة اللَّه، فجُوزوا من جنس عملهم، كما أن معلِّم الناس الخير، يصلي اللَّه عليه، وملائكته، حتى الحوت في جوف الماء، لسعيه في مصلحة الخلق، وإصلاح أديانهم، وقربهم من رحمة اللَّه، فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل اللَّه، مضادٌّ لأمر اللَّه، مشاقٌّ للَّه، يبين اللَّه الآيات للناس، ويوضحها، وهذا يطمسها، فهذا عليه هذا الوعيد الشديد»( ).
2-    وقال اللَّه تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾( )، قال العلامة السعدي :: «الميثاق: هو العهد الثقيل المؤكَّد، وهذا الميثاق أخذه اللَّه تعالى على كل من أعطاه اللَّه الكتب، وعلَّمه العلم، أن يُبيِّن للناس ما يحتاجون إليه، مما علَّمه اللَّه، ولا يكتمهم ذلك، ويبخل عليهم به، خصوصاً إذا سألوه، أو وقع ما يُوجب ذلك، فإنَّ كلَّ من عِندَه عِلمٌ يجب عليه في تلك الحال أن يُبيّنه، ويُوضّح الحق من الباطل، فأما المُوفَّقون، فقاموا بهذا أتمّ القيام، وعلَّموا الناس مما علّمهم اللَّه، ابتغاء مرضاة ربهم، وشفقةً على الخلق، وخوفاً من إثم الكتمان، وأما الذين أوتوا الكتاب، من اليهود والنصارى، ومن شابههم، فنبذوا هذه العهود والمواثيق وراء ظهورهم، فلم يعبؤوا بها، فكتموا الحق، وأظهروا الباطل، تجرَّؤُا على محارم اللَّه، وتهاوناً بحقوق اللَّه، وحقوق الخلق، واشتروا بذلك الكتمان ثمناً قليلاً، وهو ما يحصل لهم إن حصل من بعض الرياسات، والأموال الحقيرة، من سفلتهم المتَّبِعين أهواءهم، المقدِّمين شهواتهم على الحق، ﴿فبئس ما يشترون﴾ لأنه أخسّ العِوَض، والذي رغبوا عنه -وهو بيان الحق، الذي فيه السعادة الأبدية، والمصالح الدينية والدنيوية- أعظم المطالب، وأجلُّها، فلم يختاروا الدنيء الخسيس، ويتركوا العالي النفيس، إلا لسوء حظهم، وهوانهم، وكونهم لا يصلحون لغير ما خلقوا له»( ).
3-    وقال اللَّه تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾( )، قال العلامة السعدي :: «﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ﴾ فيتلون على العباد آيات اللَّه، وحججه وبراهينه، ويدعونهم إلى اللَّه ﴿وَيَخْشَوْنَهُ﴾ وحده لا شريك له، ﴿وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلا الله﴾، فإذا كان هذا، سنة في الأنبياء المعصومين، الذين وظيفتهم قد أدوها، وقاموا بها، أتم القيام، وهو: دعوة الخلق إلى اللَّه، والخشية منه وحده التي تقتضي فعل كل مأمور، وترك كل محظور، دل ذلك على أنه لا نقص فيه بوجه، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ محاسبًا عباده، مراقبًا أعمالهم»( )، وهذا فيه مدح عظيم، وثناء كبير من اللَّه تعالى للذين يُبلِّغون رسالات اللَّه، ولا يخشون أحداً إلا اللَّه ، نسأل اللَّه  من فضله.
4-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ب، أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( )، قوله : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج»: قال الحافظ ابن حجر :: «قَالَ مَالِكٌ الْمُرَادُ جَوَاز التحدث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَنٍ، أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُهُ فَلَا، وَقِيلَ: الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ... وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ  لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ، فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَهُ، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: «إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ»( )، وَلَمْ يَرِدِ الْإِذْنُ، وَلَا الْمَنْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِمَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ»( ).
5-    وعن جبير بن مطعم  قال: قال رسول اللَّه : «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِمْ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ، وَالنَّصِيحَةُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَائِهِ»( ).
6-    وعن جبير بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ  بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى، فَقَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ، غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ، تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»( ).
7-    وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»( ).
تاسعاً: العلماء العاملون بعلمهم يُرضون الله، ولو سخط الناس:
1-    كَتَبَ مُعَاوِيَةُ  إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ل أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ، وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ، فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ( ) اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ، كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ»( ).
2-    ولفظ ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ ل قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ، سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عليه الناس»( ).
3-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، وَمَعَهُ دِينُهُ، فَيَرْجِعُ وَمَا مَعَهُ شَيْءٌ مِنْهُ، يَأْتِي الرَّجُلَ لَا يَمْلِكُ لَهُ، وَلَا لِنَفْسِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، فَيُقْسِمُ لَهُ بِاللَّهِ: إِنَّكَ لَذَيْتَ، وَذَيْتَ، فَيَرْجِعُ مَا خَلَى( ) مِنْ حَاجَتِهِ بِشَيْءٍ، وَقَدْ أَسْخَطَ اللَّهَ عَلَيْهِ»( ).
4-    وقال ابن مفلح :: «وَقَالَ أَحْمَدُ: ثنا أَبُو دَاوُد، ثنا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود : «إنَّ الرَّجُلَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَمَعَهُ دِينُهُ فَيَلْقَى الرَّجُلَ إلَيْهِ حَاجَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إنَّكَ كَيْتَ إنَّكَ كَيْتَ يُثْنِي عَلَيْهِ وَعَسَى أَنْ لَا يَحْظَى مِنْ حَاجَتِهِ بِشَيْءٍ، فَيُسْخِطَ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا مَعَهُ مِنْ دِينِهِ شَيْءٌ»( ).
5-    وقال ابن بطة :: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ , قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَمَعَهُ دِينُهُ , فَيَلْقَى الرَّجُلَ لَهُ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ , فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَذَيْتَ وَذَيْتَ يُثْنِي عَلَيْهِ , وَعَسَى أَنْ لَا يَحْلَى بِحَاجَتِهِ بِشَيْءٍ , فَيَرْجِعُ وَقَدْ أَسْخَطَ اللَّهَ , وَمَا مَعَهُ مِنْ دِينِهِ شَيْءٌ»( ).
6-    وهذا واللَّهِ هو الذم الشين، فعَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾( )، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «ذَاكَ اللَّهُ »( ).
عاشراً: العلماء الراسخون المخلصون لا يقولون على اللَّه بغير علم:
 يظهر بعض الناس في كلّ زمان فيتكلمون، ويُفتون بغير علم، ولا هُدىً، ويخالفون الكتاب، والسنة، وأصحاب النبي ، والأئمة الأعلام من المحققين من علماء الإسلام، حتى في بعض المسائل العظيمة التي لو عُرِضت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، لجمع لها أهل بدر، والمهاجرين، والأنصار؛ لخشيته للَّه، ومراقبته له ، وهذا يدل على عدم خشيتهم للَّه تعالى، وأنهم من أجهل الناس، ويجهلون ما جاء في الكتاب الكريم، وسنة النبي  من تحريم القول على اللَّه بغير علم:
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾( )، ومعنى القول على اللَّه بغير علم: أي: بغير دليل صريح من كتاب أو سنة صحيحة صريحة، سواء كان ذلك في أصول الدين، أو فروعه.
2-    وقال اللَّه : ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ( ).
3-    وقال : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ ( ).
4-    وقال اللَّه تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ ( ).
5-    وقال : ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾( )، فقد جعل اللّه من شرَّع للناس شيئاً من الدين لم يشرعه اللَّه شريكاً له في تشريعه، ومن أطاعه في ذلك فهو مشرك باللَّه تعالى شرك الطاعة.
وقد ظهر في هذا الزمان من القول على اللَّه بغير علم الكثير من الناس إلا من عصم اللَّه: فهذا يقول: لا بأس بالاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس، والجامعات في الدراسة، وفي الوظائف، وفي المستشفيات وغيرها، وهذا يفتي بجواز خلوة الرجل السائق بالمرأة، وليس معهما أحد، وذاك يقول بجواز سفر المرأة بدون محرم، والآخر يبيح الربا في البنوك باسم المساهمات، أو الفوائد، وذاك يجيز الاقتراض من البنوك بفوائد، وآخر يجيز قيادة المرأة للسيارة، واختلاطها برجال المرور وغيرهم، وآخر يجيز تصوير المرأة، ونشر صورتها، وآخر يجيز الصلاة في البيوت، ولا يرى وجوب صلاة الجماعة على الرجال القادرين، وآخر يبيح الغناء والمزامير، وغير ذلك، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون»، وهذا يُذَكِّرُنا بقول سفيان بن عيينة: «كان يُقال: العلماء ثلاثة: عالم باللَّه يخشى اللَّه ليس بعالم بأمر اللَّه، وعالمٌ بالله عالم بأمر اللَّه يخشى اللَّه فذاك العالم الكامل، وعالم بأمر اللَّه ليس بعالم باللَّه لا يخشى اللَّه فذلك العالم الفاجر»( ).
6- وعن عبد اللَّه بن عمرو ب، قال: سمعت رسول اللَّه  يقول: «إِنَّ اللَّه لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ، فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ، وَيُبْقِي فِي النَّاسِ رُؤُوسًا( ) جُهَّالًا يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ»، هذا لفظٌ لمسلم، وفي لفظ له: «إن اللَّه لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتَّخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً، فَسُئلوا فأفتَوْا بغيرعلم، فَضَلُّوا وأضَلُّوا»، ولفظ البخاري: «إن اللَّه لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَبْقَ عالمٌ اتَّخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علمٍ، فضَلُّوا وأضَلُّوا»( ).
الحادي عشر: ذمّ السلف للرأي المخالف للدليل، والتحذير منه:

2-    وقال عروة بن الزبير : «السنن، السنن، فإن السنن قِوام
3-    وقال سهل بن حنيف : «اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردَّ على رسول اللَّه  أمره لرددته، واللَّه ورسوله أعلم»، وفي لفظ له: «اتهموا رأيكم على دينكم»( )، قال الحافظ ابن حجر :: «أي: لا تعملوا في أمر الدين بالرّأي المجرَّد الذي لا يستند إلى أصلٍ من الدين»( ).
4-    وقال الأوزاعي :: «إذا أراد اللَّه  أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه الأغاليط»( ).
5-    وقال الإمام أحمد :: «لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل»( ).
6-    وما أحسن ما قاله الشافعي ::
كلُّ العلوم سوى القرآن مشغلةٌ

    إلا الحديث وعِلمَ الفقهِ في الدين

العلمُ ما كان فيه حدَّثنا
        

7-    وما أحسن ما قاله القائل:
الْعِلْمُ قَالَ اللَّه قَالَ رَسُولُهُ

 

 
        قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ خُلْفٌ فِيهِ

 

مَا الْعِلْمُ نَصْبُكَ لِلْخِلَافِ سَفَاهَةً
        بَيْنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ رَأْيِ فِقيهِ

 

8-    وللَّه در القائل:
وليس كلُّ خلافٍ جاء مُعْتَبراً

        إلا خلافاً له حظٌّ مِنَ النَّظَرِ( )
 
وقال الحافظ ابن عبد البر : بعد أن ساق آثاراً كثيرة في ذم الرأي ما ملخصه: قال أكثر أهل العلم: إن الرأي المذموم المعيب المهجور الذي لا يحل النظر فيه، والاشتغال به: هو الرأي المبتدع، وشبهه من أنواع البدع( ).
وقال جمهور أهل العلم: الرأي المذموم في الآثار المذكورة هو القول في أحكام شرائع الدين بالاستحسان والظنون، والاشتغال بحفظ المعضلات والأغلوطات، وردّ الفروع والنوازل بعضها على بعض قياساً دون ردّها على أصولها من الكتاب أو من السنة( )، ثم قال: «ومن تدبّر الآثار المرويّة في ذمّ الرأي المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين في ذلك علم أنه ما ذكرنا»( )، فرجَّح : هذا القول ثم قال: و«ليس أحد من علماء الأمة يثبت حديثاً عن رسول اللَّه  ثم يردّه، دون ادّعاء نسخ ذلك بأثر أو بإجماع، أو بعمل يجب على أصله الانقياد إليه، أو طعن في سنده، ولو فعل ذلك أحد سقطت عدالته، فضلاً عن أن يتخذ إماماً ولزمه اسم الفسق، ولقد عافاهم اللَّه  من ذلك»( ).
والحاصل أنه لا يجوز الاعتماد على الرأي، بل يُرجع إلى الكتاب والسنة، أو إلى أحدهما، فإن لم يجد فيرجع إلى الإجماع، فإذا لم يجد الأمور الثلاثة رجع إلى أقوال الصحابة  ، فإن وجد قولاً لأحدهم ولم يخالفه أحد من الصحابة، ولا عُرِفَ نصٌّ يخالفه، واشتهر هذا القول في زمانهم أخذ به؛ لأنه حجة عند جماهير العلماء، فإذا لم يجد قولاً يحتجّ به من أقوال الصحابة، واحتاج إلى القياس رجع إليه بدون تكلّف، بل يستعمله على أوضاعه، ولا يتعسّف في إثبات العلة الجامعة التي هي من أركان القياس،بل إذا لم تكن العلّة الجامعة واضحة،فليتمسّك بالبراءة الأصلية( ).
الثاني عشر: العالم بين أمرين عظيمين يوم القيامة:
1-    إما أن يكون مع الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً؛ لقول اللَّه تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ ( ).
2-    وإما أن يكون أول من تسعر به النار، والعياذ باللَّه تعالى؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ»( ) .
الثالث عشر: قول العالم فيما لا يعلم: لا أدري، أولا أعلم: نصف العلم:
مما يدل على خشية العالم للَّه  أن يردّ علم ما لا يعلمه إلى اللَّه، أو يقول: لا أدري، وقد ثبت عن الصحابة، والتابعين من هذا كثير، ومن ذلك ما يأتي:
1-    قال عبد اللَّه بن مسعود : «يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلْ: اللَّه أعْلَمُ؛ فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِـمَا لاَ يَعْلَمُ: اللَّه أعْلَمُ». قالَ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّهِ : ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْـمـُتَكَلِّفِين﴾ ( )»( ).
2-    وقال عبد اللَّه بن مسعود :«من عَلِمَ علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: اللَّه أعلم؛ فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم»( ).
3-    وقال عبد اللَّه بن مسعود  أيضاً: «إن من يُفتي في كل ما يستفتونه لمجنون»( ).
4-    وسُئل سعيد بن جبير عن شيء فقال: «لا أعلم»، ثم قال: «ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني أعلم»( ).
5-    وقال مالك: «ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري؛ فإنه عسى أن يهيأ له خير»( ).
6-    وقال ابن وهب، وقال له ابن القاسم: ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع من أهل مصر، فقال مالك: «من أين علموا ذلك؟ قال: منك يا أبا عبد اللَّه، فقال: ما أعلمها أنا، فكيف يعلمونها بي»( ).
7-    وقَالَ مَالِكٌ، كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِذَا أَخْطَأَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ»( ).
8-    وعن مالك : قال: «جُنة العالم لا أدري، فإذا أغفلها أُصيبت مقاتلُه»( ).
9-    وقال الهيثم بن جميل: سمعتُ مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ«لا أدري»( ).
10-    وقال خالد بن خداش: «قدمت على مالكٍ بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل»( ).
11-    وعن ابن وهب، عن مالك، سمع عبد اللَّه بن يزيد بن هُرْمُز يقول: «ينبغي للعالم أن يُورِّث جُلساءه قول: «لا أدري» حتى يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه»( ).

13-    وعن عقبة بن مسلم أنه قال: «صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهراً، فكثيراً ما كان يُسأل فيقول : «لا أدري»، ثم يلتفت إليَّ فيقول: «تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسراً إلى جهنم»( ).


16-    وقال الإمام مالك :: «كل يؤخذ من قوله ويرد» ( )، قلت: يعني إلا رسول اللَّه .
17-    وقال الإمام مالك :: «كلنا راد ومردود عليه»( )، قلت: يعني إلا رسول اللَّه .
اب الجميلة التي تدل على

18-    وقال الإمام مالك :: «كل يؤخذ من قوله ويترك الا صاحب هذا  
19-    وقال الماوردي :: «قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ، فَمَنْ نَالَ مِنْهُ شِبْرًا شَمَخَ بِأَنْفِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُ نَالَهُ، وَمَنْ نَالَ الشِّبْرَ الثَّانِيَ صَغَرَتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ، وَأَمَّا الشِّبْرُ الثَّالِثُ فَهَيْهَاتَ، لَا يَنَالُهُ أَحَدٌ أَبَدًا، وَمِمَّا أُنْذِرُك بِهِ مِنْ حَالِي أَنَّنِي صَنَّفْت فِي الْبُيُوعِ كِتَابًا جَمَعْت فِيهِ مَا اسْتَطَعْت مِنْ كُتُبِ النَّاسِ، وَأَجْهَدْت فِيهِ نَفْسِي، وَكَدَدْت فِيهِ خَاطِرِي، حَتَّى إذَا تَهَذَّبَ، وَاسْتَكْمَلَ، وَكِدْتُ أَعْجَبُ بِهِ، وَتَصَوَّرْتُ أَنَّنِي أَشَدُّ النَّاسِ اضْطِلَاعًا بِعِلْمِهِ، حَضَرَنِي، وَأَنَا فِي مَجْلِسِي أَعْرَابِيَّانِ، فَسَأَلَانِي عَنْ بَيْعٍ عَقَدَاهُ فِي الْبَادِيَةِ عَلَى شُرُوطٍ تَضَمَّنَتْ أَرْبَعَ مَسَائِلِ، لَمْ أَعْرِفْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَوَابًا، فَأَطْرَقْت مُفَكِّرًا، وَبِحَالِي وَحَالِهِمَا مُعْتَبَرًا، فَقَالَا: مَا عِنْدَك فِيمَا سَأَلْنَاك جَوَابٌ، وَأَنْتَ زَعِيمُ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ؟ فَقُلْت: لَا، فَقَالَا: وَاهًا لَك، وَانْصَرَفَا، ثُمَّ أَتَيَا مَنْ يَتَقَدَّمُهُ فِي الْعِلْمِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَسَأَلَاهُ فَأَجَابَهُمَا مُسْرِعًا بِمَا أَقْنَعَهُمَا، وَانْصَرَفَا عَنْهُ رَاضِيَيْنِ بِجَوَابِهِ، حَامِدَيْنِ لِعِلْمِهِ، فَبَقِيت مُرْتَبِكًا، وَبِحَالِهِمَا وَحَالِي مُعْتَبِرًا، وَإِنِّي لَعَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَى وَقْتِي، فَكَانَ ذَلِكَ زَاجِرَ نَصِيحَةٍ، وَنَذِيرَ عِظَةٍ، تَذَلَّلَ بِهَا قِيَادُ النَّفْسِ، وَانْخَفَضَ لَهَا جَنَاحُ الْعُجْبِ، تَوْفِيقًا مُنِحْتُهُ، وَرُشْدًا أُوتِيتُهُ، وَحَقٌّ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْعُجْبَ بِمَا يُحْسِنُ أَنْ يَدَعَ التَّكَلُّفَ لِمَا لَا يُحْسِنُ، فَقَدِيمًا نَهَى النَّاسُ عَنْهُمَا، وَاسْتَعَاذُوا بِاَللَّهِ مِنْهُمَا»( ).
20-    قلت: وقد كنت أحفظ هذه الحكمة على هذا الترتيب: «العلم ثلاثة أشبار: من دخل في الشبر الأول، تكبَّر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه لا يعلم»، ووجدت بعد ذلك نقلاً للعلامة بكر أبو زيد :، قال: «قيل: العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول، تكبر، ومن دخل في الشبر الثاني، تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث، علم أنه ما يعلم»( ).
21-    قال الإمام الطحاوي :: «فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِهِ إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ ، وَلِرَسُولِهِ , وَرَدَّ عِلْمَ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إِلَى عَالِمِهِ»( )، وقال الطحاوي : أيضاً: «ونقول: اللَّه أعلم فيما اشتبه علينا علمه»( ).
22-    وقرأتُ كتاب مسائل الإمام ابن باز :، جمع الشيخ عبداللَّه بن مانع العتيبي، أحد تلاميذ ابن باز، فوجدت في هذا الكتاب اثنتين وأربعين (42) مسألة، يقول فيها الشيخ :: «لا أدري»، أو «لا أعلم»، أو «لا أعرف»، أو «لا أستحضر شيئاً»، أو «ما أخْبُر»، أو «محل بحث»، أو «يحتاج تأمل»، أو «ما أعلم دليلاً واضحاً»، أو «محل نظر»، أو «فيه نظر»، أو «لا أتذكَّر»، أو «يحتاج إلى تثبت»، هكذا إجابات هذا الإمام : على هذه المسائل في هذا الكتاب الصغير، فكيف في فتاويه الأخرى الكثيرة غير هذا الكتاب، وهذا يدل على أن سماحة شيخنا ابن باز : قد بلغ الشبر الثالث في العلم كما تقدم، فعَلِمَ أنه محتاج إلى الازدياد في العلم؛ ولهذا كان يُسأل : في بعض الأحيان، فيعتذر عن الإجابة، فيقول: «وما أوتيتم من العمل إلا قليلاً»، بينما أقرَّ بعلمه العظيم من عرفه من العلماء في زمانه، والخاصة، والعامة شهدوا له بالعلم النافع، والعمل الصالح، وأنه أعلم أهل زمانه بالإجماع عند المنصفين، ومع ذلك يقول هذه الإجابات السابقة، فرحمه اللَّه، ورفع منزلته في الفردوس الأعلى من الجنة.
23-    قلت: حدثني الشيخ الدكتور عمر بن سعود العيد، قال: حدثه العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك، أنه كان جالساً بجانب سماحة الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز :، فسأل سائل سماحة الشيخ، فلم يجبه لأنه لا يحضره جواب المسألة، ثم التفت إلى العلامة البراك، فقال: يا شيخ عبد الرحمن، ما عندنا علم، «وما أوتيتم من العمل إلا قليلاً»، قال عمر العيد: حدثني بهذا الشيخ البراك، ثم بكى أي: البراك، وقال: «هذا ابن باز يقول هذا» أو كما قال.
الرابع عشر: اعتقاد أهل السنة والجماعة في العلماء:
العقيدة لغةً: كلمة ((عقيدة)) مأخوذة من العقد والرَّبط والشّدِّ بقوة، ومنه الإحكام والإبرامُ، والتماسك والمراصّة، يقال: عقد الحبل يعقده: شدّه، ويقال: عقد العهدَ والبيعَ: شدّه، وعقد الإزارَ: شده بإحكام، والعقدُ: ضد الحل( ).
العقيدة اصطلاحًا: العقيدة تُطلق على الإيمان الجازم والحكم القاطع الذي لا يتطرق إليه شكٌّ، وهي ما يؤمن به الإنسانُ ويعقد عليه قلبَه وضميرَه، ويتخذه مذهبًا ودينًا يدين به؛ فإذا كان هذا الإيمان الجازم والحكم القاطع صحيحًا كانت العقيدة صحيحة، كاعتقاد أهل السنة والجماعة، وإن كان باطلاً كانت العقيدةُ باطلة كاعتقاد فرق الضَّلال( ).
السنة في اللغة: الطَّريقة والسِّيرة، حسنة كانت أم قبيحة( ).
والسنة في  اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: الهدي الذي كان عليه رسول الله  وأصحابُه: علمًا واعتقادًا، وقولاً، وعملاً، وهي السنة التي يجب اتباعها، ويُحمد أهلُها، ويُذمُّ من خَالَفها؛ ولهذا قيل: فلان من أهل السنة: أي: من أهل الطريقة الصحيحة المستقيمة المحمودة( ).
والجماعة في اللغة: مأخوذة من مادَّة جمع وهي تدور حول الجمع والإجماع والاجتماع وهو ضد التفرق، قال ابن فارس :: «الجيم والميم والعين أصل واحد يدل على تضام الشيء، يقال: جمعت الشيء جمعًا»( ).
والجماعة في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية: هم سلف الأمة من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين اجتمعوا على الحق الصَّريح( ) من الكتاب والسنة( ).
فعقيدة أهل السنة والجماعة في العلماء على النحو الآتي:
1-    قال الإمام الطحاوي :: «وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْأَثَرِ، وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ, لَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِالْجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ السَّبِيلِ»( ).
2-    قال ابن أبي العز : في شرحه على الطحاوية: «قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾( )،  فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَعْدَ مُوَالَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، خُصُوصًا الَّذِينَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، الَّذِينَ جعلهم الله بمنزلة النجوم، يُهتدى بِهِمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ, وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ، إِذْ كَلُّ أُمَّةٍ قَبْلَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ  عُلَمَاؤُهَا شِرَارُهَا، إِلَّا الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ عُلَمَاءَهُمْ خِيَارُهُمْ، فَإِنَّهُمْ خُلَفَاءُ الرَّسُولِ مِنْ أُمَّتِهِ، وَالْمُحْيُونَ لِمَا مَاتَ مِنْ سُنَّتِهِ، فَبِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا، وَبِهِمْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَبِهِ نَطَقُوا، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ اتِّفَاقًا يَقِينًا عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ , وَلَكِنْ إِذَا وُجِدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَوْلٌ قَدْ جَاءَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بخلافه, فلا بد لَهُ فِي تَرْكِهِ مِنْ عُذْرٍ, وَجِمَاعُ الْأَعْذَارِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَهُ.
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.
وَالثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ. فَلَهُمُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا وَالْمِنَّةُ بِالسَّبْقِ، وَتَبْلِيغِ مَا أُرْسِلَ بِهِ الرَّسُولُ  إِلَيْنَا، وَإِيضَاحِ مَا كَانَ مِنْهُ يَخْفَى عَلَيْنَا، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾( )»( ).
3-    قال سماحة الشيخ ابن باز : تعليقاً على كلام الطحاوي والشارح ابن أبي العز :: «والمقصود من هذا أنه كما يجبُ حبُّ الصحابة  وأرضاهم، وتولِّيهِم، ومحبة أهل البيت، وموالاتهم، كذلك علماء المسلمين بعدهم من أهل السنة والجماعة، فإن الواجب حبهم في اللَّه، وموالاتهم، والذبّ عنهم، وبُغض من عاداهم في اللَّه؛ لأن اللَّه قال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾( )، فالمؤمنون سلفاً وخلفاً أولياء فيما بينهم، فعلى متأخرهم أن يحب متقدمهم، وأن يواليهم في اللَّه ، كما يحب المؤمنين في زمانه، ومن عرفهم من أهل الإيمان، يحبهم في اللَّه، ويواليهم في اللَّه، ويُبغض أعداء اللَّه، ويعاديهم قديماً وحديثاً، حتى لا يكون في قلبه مودة لأعداء اللَّه، ولا يكون في قلبه بغض لأولياء اللَّه»( )، ثم قال : في أعذار العلماء في بعض المسائل، وأنهم: «بين ثلاثة أمور:
الأمر الأول: إما أن الخبر لم يبلغهم فجهلوه، أو بلغهم من وجهٍ غير صحيح.
الأمر الثاني: أن بعضهم قد لا يفهم أن هذه المسألة غير دالة على هذه الجزئية المُعيَّنة، وأن لَدَيْه أدلةً أخرى تُخرج هذه المسألة عن داخل النص.
الأمر الثالث: أن يظن، أو يعتقد أنه منسوخ، وأن ما دلَّ عليه النص جاء ما ينسخه.
وقد بسط القول في هذا: أبو العباس ابن تيمية :، بسط هذه الأعذار، ونوّع في المسألة، وبيّن ما للسلف في ذلك في كتابه «رفع الملام عن الأئمة الأعلام»، وبيّن أعذار العلماء فيما قد يغلط فيه بعضهم، وأن كل عالم يفوته شيء، وليس كل عالمٍ يُحصي ما جاءت به السنة، وما جاء به الكتاب من المعنى، بل يفوته بعض الشيء، وهكذا قد يغلط في الفهم، ويعتقد أن بعض الأحكام منسوخة، وليست بمنسوخة، فالكمال لله وحده »( ).
4-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : في العقيدة الواسطية، بعد أن ذكر جملةً من اعتقاد أهل السنة والجماعة وأخلاقهم:
«... ومنهم أعلام الهُدى، ومصابيح الدُّجى، أولي المناقب المأثورة، والفضائل المذكورة، وفيهم الأبدال، وفيهم أئمة الدين، الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ... »( ).
5-    قال الإمام عبدالعزيز بن عبداللَّه بن باز : تعليقاً على كلام شيخ الإسلام هذا: «... هذه الكلمات التي ذكرها المؤلف عن أهل السنة والجماعة كلماتٌ عظيمةٌ تُكتب بماء الذهب، ينبغي على كلِّ مؤمنٍ أن يعتقدها، وأن يستقيم عليها، وأن يسير عليها؛ لأنها هي قول أهل السنة والجماعة؛ ولأن القرآن العظيم، والسنة المطهرة، قد دلَّا على ذلك ... إلى أن قال :: «وفيهم أئمة الهُدَى، والعلم الذين استقاموا على الدين، وتقيّدوا بالشرع، كلهم داخلون في أهل السنة والجماعة، وفيهم الأبدال، وهم الذين يبدل بعضهم بعضاً، الأبدال؛ يعني: العلماء الذين يخلف بعضهم بعضاً، وينوب بعضهم عن بعض، كلما هلك عالم جاء بعده عالم، حتى يرث اللَّهُ الأرضَ ومن عليها ... »( ).
6-    و عن أَبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ  قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ  يَقُولُ: «لَا يَزَالُ اللهُ  يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ بِغَرْسٍ، يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ»( ).
7-    ولفظ ابن ماجه عن أَبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ»( ).
8-    قال الإمام النووي :: «قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ :: اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَخْشَاهُ وَيَتَّقِيهِ حَقَّ تُقَاتِهِ، أَنَّ لُحُومَ الْعُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وعَادةَ اللَّهِ فِي هَتْكِ أسْتَارِ منتقصِيهِمْ مَعْلُومَةٌ، وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي الْعُلَمَاءِ بِالثَّلَبِ، بَلَاهُ اللَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ الْقَلْبِ، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ ( )»( ).
9-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: في الصارم المسلول على شاتم الرسول: «ومن الكلام السائر: لحوم العلماء مسمومة، فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟»( ).
10-    وقال سهل بن عبد اللَّه التستري :: «لا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح اللَّه دنياهم وأخراهم، وإن استخفّوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم»( ).
الخامس عشر: صِفَات علماء أهلِ السُّنَّة:
1-    علماء أهل السنة هم رؤوس أهل السنة والجماعة: وهم من كان على مثل ما كان عليه النبي  وأصحابُه، وهم المتمسِّكون بسنة النبي ، وهم الصحابة، والتابعون، وأئمة الهدى المُتَّبِعون لَهُم، وهم الذين استقاموا على الاتِّباع وابتعدوا عن الابتداع في أي مكان وفي أيِّ زمان، وهم باقون منصورون إلى يوم القيامة( )، وسمُّوا بذلك لانتسابهم لسنة النبي ، واجتماعهم على الأخذ بها: ظاهرًا وباطنًا، في القول، والعمل، والاعتقاد( )، فعن عوف بن مالك  قال: قال رسول الله : «افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فِرقةً فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقتِ النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون فرقةً في النار وواحدة في الجنة، والذي نفسُ محمدٍ بيده لَـتَفتَرِقَنَّ أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقةً، واحدةٌ في الجنة واثنتان وسبعون في النار»، قيل يا رسول الله، من هم؟ قال: «الجماعة»( )، وفي رواية الترمذي عن عبد الله بن عمرو ب: قالوا: ومن هي يا رسول الله، قال: «ما أنا عليه وأصحابي»( ).
2- العلماء هم أئمة الفرقة الناجية: أي: الناجية من النار؛لأن النبي  استثناها عندما ذكر الفرق،وقال: «كُلُّها في النار إلاّ واحدة»، أي: ليست في النار( ).
3- علماء أهل السنة هم أعلام الطائفة المنصورة: فعن معاوية  قال سمعت رسول الله  يقول: «لا تزالُ طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله لا يضرُّهم من خذلهم أو خالفهُم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس» ( )، وعن المغيرة بن شعبة  نحوه( )، وعن ثوبان  قال: قال رسول الله : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»( )، وعن جابر بن عبد الله  نحوه( ).
4- علماء أهل السنة هم أئمة المعتصمين المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله ، وما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؛ ولهذا قال فيهم النبي : ((ما أنا عليه وأصحابي))( )، أي: هم من كان على مثلِ ما أنا عليه وأصحابي.
5-العلماء هم القدوة الصالحة الذين يهدون إلى الحق وبه يعملون، قال أيوب السختيَانِي :: «إنَّ من سعادةِ الحَدَث( )، والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة»( )، وقال الفضيل بن عياض :: «إن لله عبادًا يُحيي بِهمُ العباد والبِلادَ وهم أصحاب السنة ومن كان يعقل ما يَدخُلُ جَوفَه من حله كان من حزب اللَّه»( ).
6- علماء أهل السنة هم أئمة خيار الناس ينهون عن البدع وأهلِها، قيل لأبي بكر بن عياش: مَن السنّي؟ قال: «الذي إذا ذُكِرَتِ الأهواء لم يتعصب لشيء منها»( )، وذكر ابن تيمية :: أن أهل السنة هم خيار الأمة ووسطها الذين على الصراط المستقيم: طريق الحق والاعتدال( ).
7- علماء أهل السنة هم رؤساء الغرباء إذا فسد الناس، فعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا، فطوبى للغرباء»( )، وفي رواية عن الإمام أحمد : عن عبد الله بن مسعود ، قيل: ومن الغرباء؟ قال: «النُّزَّاع( ) من القبائل»( )، وفي رواية عند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص ب، فقيل: ومن الغرباء يا رسول الله، قال: «أُنَاسٌ صالحون في أُناسِ سوءٍ كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهُم»( )، وفي رواية من طريق آخر: «الذين يصلحون إذا فسد الناس» ( )، فأهل السنة الغرباء بين جموع أصحاب البدع والأهواء والفرق.
8- علماء أهل السنة هم الذين يحملون العلم، وينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ ولهذا قال ابن سيرين :: «لم يكونوا يسألون عن الإسناد،فلما وقعت الفتنة قالوا:سمُّوا لنا رجالكم، فيُنظَرُ إلى أهل السنّةِ فيؤخذ حديثُهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم»( ).
9-    علماء أهل السنة هم أعظم من يحزن الناس لفراقهم؛ ولهذا قال أيوب السّختياني :: «إني أُخبَرُ بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي»( )،وقال: «إن الذين يَتَمَنَّوْنَ موتَ أهلِ السُّنّةِ يريدون أن يُطْفِؤوا نورَ اللَّهِ بأفواهِهِمْ واللَّهُ مُتِمُّ نورِهِ ولَوْ كَرِهَ الكافِرُون»( ).
10-    علماء أهل السنة: موت العالم منهم ثُلْمَةٌ في الإسلام؛ لقول الحسن البصري :: «كَانُوا يَقُولُونَ: مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ»( ).
11-    علماء أهل السنة موتهم: قبض للعلم؛ لحديث عبداللَّه بن عمرو بن العاص ب قال: قال النبي r: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ من الناس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حتَّى إذا لم يَتْركْ عَالِمًا اتَّخَذَ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا)) ( ).

 
المبحث الثاني: الله  مالك الملك يؤتيه من يشاء
أولاً: اللَّه مالك الملك وحده لا شريك له، وهو على كل شيء قدير:
1-    قال اللَّه تعالى:﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾( ).
2-    قال العلامة السعدي :: «يقول الله لنبيه : ﴿قل اللهم مالك الملك﴾ أي: أنت المَلِك المالك لجميع الممالك، فصفة الملك المطلق لك، والمملكة كلها علويها وسفليها لك، والتصريف والتدبير كله لك، ثم فصل بعض التصاريف التي انفرد الباري تعالى بها، فقال: ﴿تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء﴾، وفيه الإشارة إلى أن اللَّه تعالى سينزع الملك من الأكاسرة والقياصرة، ومن تبعهم، ويؤتيه أمة محمد ، وقد فعل وللَّه الحمد، فحصول الملك ونزعه تبع لمشيئة اللَّه تعالى، ولا ينافي ذلك ما أجرى اللَّه به سنته من الأسباب الكونية والدينية التي هي سبب بقاء الملك، وحصوله، وسبب زواله، فإنها كلها بمشيئة اللَّه لا يوجد سبب يستقل بشيء، بل الأسباب كلها تابعة للقضاء والقدر، ومن الأسباب التي جعلها اللَّه سبباً لحصول الملك: الإيمان، والعمل الصالح، التي منها اجتماع المسلمين، واتفاقهم، وإعدادهم الآلات التي يقدرون عليها، والصبر، وعدم التنازع، قال اللَّه تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾( ) الآية، فأخبر أن الإيمان والعمل الصالح سبب للاستخلاف المذكور، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾( ) الآية، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ( )، فأخبر أن ائتلاف قلوب المؤمنين، وثباتهم، وعدم تنازعهم سبب للنصر على الأعداء، وأنت إذا استقرأت الدول الإسلامية، وجدت السبب الأعظم في زوال ملكها ترك الدين، والتفرق الذي أطمع فيهم الأعداء، وجعل بأسهم بينهم، ثم قال تعالى: ﴿وتعز من تشاء﴾ بطاعتك ﴿وتذل من تشاء﴾ بمعصيتك ﴿إنك على كل شيء قدير﴾ لا يمتنع عليك أمر من الأمور، بل الأشياء كلها طوع مشيئتك وقدرتك»( ).
ثانياً: المُلْكُ، والإمارةُ أمانةٌ عظيمةٌ، وحِملٌ ثقيلٌ، ومهمةٌ كبرى:
1-    لا شك أن الولاية مهمة عظيمة وأمانة كبيرة؛ لحديث عَبْدالرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»( ).
2-    ولهذه الأهمية العظيمة قال أَبِو مُوسَى الأشعري : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ  أَنَا وَرَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللَّهُ ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ : «إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ»( ).
3-    وقال النبي  لأبي ذَرٍّ ، حين قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»( )، وهذا يؤكّد وجوب طاعة ولاة أمر المسلمين وإعانتهم على هذا الأمر العظيم طاعة للَّه تعالى؛ لأن عليهم حملاً عظيماً وأمانة عظيمة.
ثالثاً: الإمام العادل يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
1-    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ: اجْتَمَعَا عَلَيْهِ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ»( ).
2-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»( ).
3-    عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، في حديثه الطويل، أَنَّ رَسُولَ الَّله ، قَالَ: «...وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ»( ).
رابعاً: الملك والأمير والوالي مسؤول عن رعيته أمام اللَّه :
1-    عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ب، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» قَالَ: - وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ - «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»( ).
2-    وعن عائشة ل قالت: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ»( ).
3-    وعن معقل بن يسار  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»( ).
4-    ولفظ البخاري عن معقل بن يسار  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يقول: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ»( ).
5-    وفي لفظ للبخاري آخر عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ»( ).
6-    وفي لفظ لمسلم عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ  فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ لَوْلَا أَنِّي فِي الْمَوْتِ لَمْ أُحَدِّثْكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ، وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ»( ).
خامساً: وجوب السمع والطاعة بالمعروف في طاعة اللَّه لولاة الأمر:
من العلماء، والملوك، والولاة، والأمراء( ): طاعة ولاة أمر المسلمين واجبة في المعروف؛ لأدلة كثيرة منها:
1-    قال اللَّه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ( ).
2-    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة؛ لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم: فما له في الآخرة من خلاق»( ).
3-    عن أبي هريرة  عن النبي  قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني»( ).
4-    وعنه  قال: قال رسول الله : «عليك السّمعُ والطّاعةُ في عُسْرِك، ويُسرِك، ومَنشطك ومَكرهك( )،
 وأثرةٍ( ) عليكَ»( ).
5-    وعن أبي ذر  قال: «إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف»( ).
6-    وعن أم الحصين لقالت سمعت النبي  يخطب في حجة الوداع وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اللَّه فاسمعوا له وأطيعوا»( ).
7-    وعن عبد اللَّه بن عمر ب عن النبي  أنه قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبَّ وكره، إلا أن يُؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة»( ).
8-    وعَنْ عَلِيٍّ : أَنَّ النَّبِيَّ  بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ  فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: «لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»( ).
9-    وعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ ، قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ  فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»( ).
10-    وفي لفظ آخر لمسلم عن عُبَادَةَ بن الصامت ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ  عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ»( ).
11-    وعن عبد اللَّه بن مسعود  قال:قال رسول الله : «إنها ستكون بعدي أثرةٌ وأمورٌ تنكرونها»، قالوا:يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منّا ذلك؟ قال: «تُؤدّون الحق الذي عليكم،وتسألون الله الذي لكم»( ).
12-    وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص بفي حديثه الطويل يرفعه: «... إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ»( ).
13-    وعن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ»( )، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ»( ).
14-    وعن حذيفة  قال: «كان الناس يسألون رسول الله  عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كُنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم» قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»( ).
15-    وعن العرباض بن سارية  قال: وعظنا رسول الله  موعظةً وَجِلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودِّع فأوصِنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمّر عليكم عبدٌ؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّو عليها بالنواجذ، وإياكم ومُحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة»( ).
16-    وقال ابن رجب :: «أما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين، ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم، وطاعة ربهم»( ).
17-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «وقد استفاض وتقرر في غير هذا الموضع ما قد أمر به ، من طاعة الأمراء في غير معصية اللَّه، ومناصحتهم، والصبر عليهم في حكمهم، وقسمهم، والغزو معهم، والصلاة خلفهم، ونحو ذلك من متابعتهم في الحسنات التي لا يقوم بها إلاَّ هُم؛ فإنه من باب التعاون على البر والتقوى، وما نهى عنه من تصديقهم بكذبهم، وإعانتهم على ظلمهم، وطاعتهم في معصية اللَّه ونحو ذلك، مما هو من باب التعاون على الإثم والعدوان»( ).
18-    وقال الإمام الطحاوي :: «ونرى الجماعة حقاً، وصواباً، والفرقة زيغاً، وعذاباً»( ).
19-    وقال شارح الطحاوية ابن أبي العز :: «قال اللَّه تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾( )، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾( ) ، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾( )،  وقال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾( )  فجعل أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف، وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾( ) »( ).
20-    وقال سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز :: «والمقصود من هذا أن الواجب هو التمسك بالحق، والاجتماع على الحق، والتعاون على البر والتقوى، وترك الخلاف والنزاع، والخروج على ولاة الأمور، فإن اللَّه جل وعلا أمر الناس بأن يعتصموا بحبله جميعاً، قال اللَّه : ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾( )، وقال : ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾( )، فالواجب هو الاجتماع على الحق، والتعاون على البر والتقوى، وعلاج الأمور التي توجب الاختلاف والشقاق بالحكمة، على ضوء كتاب اللَّه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعدم منع يدٍ من طاعة، بل يجب على الجميع أن يكونوا منقادين لما جاء به الشرع، متمسكين به، متعاونين عليه، متعاونين ضد خلافه، مطيعين لولاة أمرهم في المعروف، تاركين للشقاق والخلاف الذي يفضي إلى النزاع والانقسام، حتى يكون الحق بينهم ظاهراً، وحتى تختفي بينهم الرذائل التي حرمها اللَّه ؛ ولهذا قال [الإمام الطحاوي :]: «نرى الجماعة حقاً وصواباً»، فالجماعة حق وصواب، يجب التمسك بالجماعة، والحذر من أسباب الشقاق والخلاف الذي يضر الجميع، ولا يفيد إلا الأعداء»( ).
سادساً: لا تشترط الطاعة بأن يكون الإمام إماماً عاماً للمسلمين:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين :: «ولا يشترط أن يكون إماماً عاماً للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة، والنبي  قال: «اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي»( )، فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة الإمام العام، وصار قوله نافذاً، وأمره مطاعاً، ومن عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان  والأمة الإسلامية بدأت تتفرق، فابن الزبير في الحجاز، وابن مروان في الشام، والمختار بن عبيد وغيره في العراق، فتفرقت الأمة، ومازال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لمن تأمر على ناحيتهم، وإن لم تكن له الخلافة العامة، وبهذا نعرف ضلال ناشئة نشأت تقول: إنه لا إمام للمسلمين اليوم فلا بيعة لأحد، نسأل الله العافية، ولا أدري أيريد هؤلاء أن تكون الأمور فوضى ليس للناس قائد يقودهم؟ أم يريدون أن يقال كل إنسان أمير نفسه؟ هؤلاء إذا ماتوا من غير بيعة فإنهم يموتون ميتة جاهلية؛ لأن عمل المسلمين من أزمنة متطاولة: على أن من استولى على ناحية من النواحي وصارت له الكلمة العليا فيها فهو إمام فيها، وقد نصَّ على ذلك العلماء مثل صاحب سبل السلام، وقال: إن هذا لا يمكن الآن تحقيقه؛ ولأن الناس لو تَمرَّدُوا في هذا الحال على الإمام لحصل الخلل الكبير على الإسلام، إذ إن العدو سوف يقاتل ويتقدم إذا لم يجد من يقاومه، ويدافعه»( ).
سابعاً: أمر الجهاد موكول إلى إمام المسلمين واجتهاده:
1-    من طاعة ولي الأمر عدم الجهاد إلا بإذنه؛ لحديث عبد الله بن عمر ب قال: جاء رجل إلى النبي  يستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك»؟ قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد»( ).
2-    ولحديث أبي هريرة  عن النبي  قال: «إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه، ويُتَّقَى به، فإن أمر بتقوى الله  وعدل كان له بذلك أجر، وإن أمر بغيره كان عليه منه»( ).
3-    ومما يُفَسِّر ذلك قول الإمام ابن قدامة : تعالى: «وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك»( ).
4-    وقال الإمام الخرقي :: «وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا: المقلّ منهم والمُكثر، ولا يخرجون إلى العدوِّ إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدوٌّ يخافون كلبَهُ – أي شره وأذاه – فلا يُمْكِنهم أن يستأذنوه»( ).
5-    وقال الإمام ابن قدامة :: «فإذا ثبت هذا فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقِلَّتهم، ومكامن العدو، وكيدهم، فينبغي أن يُرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين إلا أن يتعذر استئذانه؛ لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليه؛ لتعيّن الفساد في تركهم، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي ( ) فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجاً من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي  بقوله( ): «وخير رجَّالتنا سلمة» فأعطاه النبي  سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل( ).
6-    وذكر الإمام الخرقي وابن قدامة أيضاً أنه لا يجوز حتى الخروج من العسكر إلا بإذن الأمير، ولا يحدث حدثاً إلا بإذنه( )؛ لقول الله تعالى: ﴿إِنّـَمَا الـْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لـَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لـَهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾( )؛ ولأن الأمير أعرف بحال العدو، ومكامنهم، ومواضعهم، وقربهم، وبعدهم فإذا خرج خارج بغير إذنه لم يأمن أن يصادف كميناً للعدوِّ فيأخذه...»( ).
7-    ولمِا تقدم لا يجوز لأحد من أفراد رعية الإمام المسلم – وإن كان عاصياً – أن يخرج إلى الجهاد إلا بإذنه على حسب ما تقدم. قال الإمام الخرقي :: «ويُغزى مع كل برٍّ وفاجرٍ»، قال ابن قدامة: «يعني مع كل إمام»( ).
8-    ولا يجوز لأحد من رعية الإمام أن يدعو الناس إلى الجهاد بدون إذن الإمام؛ لما في ذلك من المفاسد، والأضرار، ومخالفة إمام المسلمين الذي أمرنا اللَّه بطاعته، وعلى كل مسلم أن يسأل أهل العلم إن لم يعلم.
9-    ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «والواجب أن يُعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، في الباطن الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، فأما أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا»( ).
10-    ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل للصحابة مع رسول اللَّه  في صلح الحديبية حينما اشتد عليهم الكرب بمنعهم من العمرة، وما رأوا من غضاضة على المسلمين في الظاهر، ولكنهم امتثلوا أمر رسول اللَّه  فكان ذلك فتحاً قريباً، وخلاصة ذلك أن سهيل بن عمرو قال للنبي  حينما كتب: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: أكتب باسمك اللهم، فوافق معه النبي  على ذلك، ولم يوافق سهيل على كتب محمد رسول الله، فتنازل النبي  وأمر أن يكتب محمد بن عبد الله، ومنع سهيل في الصلح أن تكون العمرة في هذا العام، وإنما في العام المقبل، وفي الصلح أن من أسلم من المشركين يرده المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يُردُّ، وأول من نُفِّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فردّه النبي  بعد محاورة عظيمة، وحينئذ غضب الصحابة لذلك حتى قال عمر  للنبي : ألست نبي الله حقّاً؟ قال: «بلى»، قال: ألسنا على الحقّ، وعدوُّنا على الباطل؟ قال: «بلى»، قال: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: «إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري»، قال عمر: فَعَمِلْتُ لذلك أعمالاً، فلما فرغ الكتاب أمر النبي  الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة ل فشكا ذلك فقالت: انحر واحلق فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً( ).
11-    فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد الفتح في السنة الثامنة.
12-    وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهيل بن حنيف : «اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أردّ أمر النبي  لرددته»( )، وهذا يدل على مكانة الصحابة  وتحكيمهم رسول الله ، فحصل لهم من الفتح والنصر ما حصل وللَّه الحمد والمنة.
ثامناً: تحريم الخروج على الإمام المسلم:
1-    قال الإمام الطحاوي :: «ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد  إلا من وجب عليه السيف».
2-    وقال الإمام الطحاوي : أيضاً: «... ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعة، ونرى طاعتهم من طاعة الله  فريضة، ما لم يأمروا بمعصيةٍ وندعو لهم بالصلاح والمعافاة...»( ).
3-    وقال سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز : تعليقاً على كلام الطحاوي :: «وهذا أيضاً هو عقيدة أهل السنة والجماعة، أنهم لا يحملون السلاح على أمة محمد عليه الصلاة والسلام، بل هذا شأن الخوارج، وكذلك لا ينزعون يداً من طاعة، بل يطيعون ولاة الأمور ويدعون لهم بالتوفيق والهداية والصلاح، ولا يخرجون عليهم ولا ينزعون يداً من طاعتهم ما لم يأمروا بمعصية اللَّه، فإذا أمروا بمعصية اللَّه فلا يطاعون في المعصية «إنما الطاعة في المعروف»( )؛ ولهذا قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾( ) يعني في المعروف، وقال النبي : «من أطاعني فقد أطاع اللَّه، ومن عصاني فقد عصى اللَّه، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني»( )، وهو مخرج في الصحيحين، وقال : «على المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يُؤمر بمعصية اللَّه، فإذا أُمر بمعصية اللَّه فلا سمع ولا طاعة»( )، فعلى المؤمن أن يعرف ما درج عليه السلف الصالح، وأن يستقيم على ذلك، وأن يدعو لولاة الأمور بالتوفيق والهداية، وأن يناصحهم، وأن يُبيِّن لهم الخير، ويُحذرَّهم من الشر، وأن يدعوَهم إلى كل ما فيه طاعة اللَّه ورسوله، وأن يحذرَّهم من كل ما فيه معصية اللَّه والرسول، وأن يكون عوناً لولاة الأمور في الخير، وعوناً لهم على ترك الشر، سواء كان السلطان نفسه، أو كان مع أمير البلد، وأمير القرية، وشيخ القبيلة، ونحو ذلك، فإن السلطان يتنوّع، فالسلطان الأعظم هو أمير المؤمنين، ورئيس الدولة، ثم يجيء بعد ذلك الأمراء والرؤساء للمدن والقرى، وشيوخ القبائل، كل واحد له سلطان، فالمساعدة على الخير، والمعاونة على طاعة اللَّه ورسوله، والمساعدة على ترك ما نهى اللَّه عنه ورسوله، سواء كانت ولايتهم كبيرة أو صغيرة، لما في هذا من اجتماع الكلمة، والتعاون على البر والتقوى، وتقليل الشر، وتكثير الخير، ولو كان كافراً يُطاع في الخير، ولا يُطاع في الشر، لو بُلِي الناس بأمير كافر، ولم يستطيعوا بالطرق الشرعية أن يعيِّنوا غيره؛ أطاعوه في الخير، لا في الشر، ويجوز الخروج عليه، إذا كانت عندهم قدرة يترتب عليها زواله من دون ضرر أكبر، أما إذا كان يُخشى من ضرر أكبر فلا، يصبرون حتى يأتي اللَّه بالفرج.
وإذا أتى بالكفر الصريح يُنصح، ويُبيَّن له الحق، ويُحذَّر من الكفر والشرك، ويُبيَّن له أن هذا يزيل ولايته، ويجوّز الخروج عليه، لعله ينتهي، فإن هداه اللَّه وسلّم، فالحمد للَّه، وإلا نظروا، إن كان عندهم قدرة يعزلونه، ويُعيِّنون غيره فعلوا، وإلا صبروا حتى يأتي اللَّه بالفرج، فلا يتعرضوا لسفك الدماء بغير طائل، الفرقة أعظم، يصبرون على الجماعة، ويجتهدون في الصدع، فاجتماعهم على الحق، وفي سبيل الدعوة إلى الحق - ولو كان أميرهم يدعو إلى الكفر - خير لهم من أن يتصدعوا على الانتشار، والذبح، وسفك الدماء، وضياع الحق بينهم، فقاعدة الشريعة تحصيل المصالح، وتكميلها، وتعطيل المفاسد، وتقليلها، فلابد من مراعاة المصالح، والنظر إلى المصالح والمفاسد، فإذا كان القيام عليه لا يكون إلا بفساد، وقتل المسلمين، وإضاعة الحق أكثر، لم يجز الخروج، حتى يوجد ما يُعين على إزالة الشر وتقليله، وتكثير الخير، ويكون بتنصيب أهل الحق، مثل ما قال النبي : «إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان»( )، فأباح لهم الخروج إباحة، وليس المعنى قوموا، وإنما معناه الإباحة، إباحة الخروج حتى يزيلوا الباطل، حسب المقام»( ).
4-    وطاعة ولاة الأمر واجبة: سواء كانوا أبراراً أو فجاراً، والجهاد معهم، والحج معهم، والصلاة خلفهم من منهج أهل السنة والجماعة، وإن جاروا وظلموا وفجروا، فجَوْرهم وظلمهم وفُجُورهم عليهم( ).
5-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «... لَا تَجُوزُ مَعْصِيَةُ الْإِمَامِ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا؛ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ( )، وَحُكْمُهُ أَوْ قَسْمُهُ إذَا وَافَقَ الْحَقَّ نَافِذٌ: بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا»( ).
6-    وقال الطحاوي :: «وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَة، وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ»( ).
7-    وقال الإمام ابن باز : في تعليقه على شرح العقيدة الطحاوية: «...الواجب على الرعية أن يكونوا مع ولاة أمورهم في جهادهم، وصلواتهم في الجماعة، وألا يتخلوا عن ذلك؛ لما في إظهار الصلاة في الجماعة من إظهار شعائر الإسلام، ولما في الجهاد من إظهار دين الإسلام، وإعزازه، ودعوة الناس إليه، وجهاد من تخلف عنه، فمصلحته أكبر، وأعظم مما حصل من النقص من الإمام في الصلاة، أو غيره كالجهاد»( ).
8-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : في مُكمّلات العقيدة من مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال التي يتحلّى بها أهل السنة والجماعة: «... ويرون إقامة الحج، والجُمع، والأعياد، مع الأمراء: أبراراً كانوا أو فجاراً ... »( ).
9-    وقال الإمام ابن باز : تعليقاً على كلام شيخ الإسلام هذا: «هذه الكلمات التي ذكرها المؤلف عن أهل السنة والجماعة كلمات عظيمةٌ، تُكتب بماء الذهب، ينبغي على كل مؤمن أن يعتقدها، وأن يستقيم عليها، وأن يسير عليها؛ لأنها هي قول أهل السنة والجماعة؛ ولأن القرآن العظيم، والسنة المطهرة، قد دلَّا على ذلك ... هكذا يرون إقامة صلاة الجمعة، والأعياد، والجُمع، والجهاد مع الأمراء أبراراً كانوا، أو فجاراً، لما في هذا من استقامة الجهاد، وأمن البلاد، واتحاد الكلمة، ووِزْرُه ومعاصيه عليه، ولو كان عنده بعض المعاصي، فيصلون معه الجُمع، والجماعات، ويجاهدون معه، كما جرى في عهد بني أمية، وبني العباس، وغيرهم ... »( ).
10-    قال الإمام ابن أبي العز الحنفي : في شرحه للعقيدة الطحاوية: «وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ب كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِي( )، وَكَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ( )، وَكَانَ الْحَجَّاجُ فَاسِقًا ظَالِمًا»( ).
11-    وَفِي البخاري أيضاً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ»( ).
12-    وقال شارح الطحاوية ابن أبي العز :: «اعْلَمْ، رَحِمَكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ بِدْعَة، وَلَا فِسْقًا، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّة، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الِائْتِمَامِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ اعْتِقَادَ إِمَامِه، وَلَا أَنْ يَمْتَحِنَه، فَيَقُولُ: مَاذَا تَعْتَقِدُ؟! بَلْ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَسْتُورِ الْحَالِ، وَلَوْ صلى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، أَوْ فَاسِقٍ ظَاهِرِ الْفِسْقِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ إِلَّا خَلْفَه، كَإِمَامِ الْجُمْعَة وَالْعِيدَيْنِ، وَالْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْحَجِّ بِعَرَفَة، وَنَحْوِ ذَلِكَ -: فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي خَلْفَه، عِنْدَ عَامَّة السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَمَنْ تَرَكَ الْجُمْعَة وَالْجَمَاعَة خَلْفَ الْإِمَامِ الْفَاجِرِ، فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلَا يُعِيدُهَا، فَإِنَّ الصَّحَابَة  كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمْعَة وَالْجَمَاعَة خَلْفَ الْأَئِمَّة الْفُجَّارِ، وَلَا يُعِيدُونَ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَكَذَلِكَ أَنَسٌ ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ  وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَة بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، حَتَّى إِنَّهُ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ مَرَّة أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ؟! فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا مَعَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ فِي زِيَادَة!! »( ).
13-    وقال الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز :: «هذا إخبار عن الواقع، ما زلنا معك في زيادة، وإن كانوا جالسين لم يقوموا معه، إن صح الإسناد، شارب الخمر يُمنع أن يُصلي بالناس؛ لأنه لا عقل له، لكن إذا كان يسرق، أو يشرب الخمر، ولكنه وقت الصلاة صحيح، يصح أن يُصلَّى خلفه؛ لأنه عاصٍ، ولا تُترك صلاة الجماعة، فإذا كان عقله مع الصلاة صحيحاً، فلا حرج في ذلك، لكن إذا وُجد من هو أصلح منه يُصلَّى معه، فيجب على وُلاة الأمور أن يعيِّنوا من هو أصلح للإمامة إذا أمكن ذلك، وقتل الحجاج للنفوس بغير الحق، وبأدنى شبهة، هذا أعظم من الخمر، ومع هذا صلى معه ابن عمر، وصلى معه أنس، صلى معه جماعة من الصحابة، والتابعين؛ لأنه هو الأمير»( ).
وقال :: «والصواب أنه لا يعيد، فالصحابة ما أعادوا، وفي إمكانهم أن يُصلوا جماعة وحدهم، والمقصود أن الصلاة خلف البر والفاجر جائزة عند أهل السنة والجماعة، ولا سيما في الجُمَعِ والأعياد، والصلاة في الحج، ولو قُدِّر أنه يمكن أن يصلي خلف البَرّ، لأن إظهار الشعائر مع المسلمين، والبعد عن أسباب الفتن، وشق العصا، أمر مطلوب، والقاعدة أن المؤمن يراعي تكميل المصالح، وتثبيتها، وتكثيرها، وتعطيل المفاسد، وتقليلها مهما أمكنه ذلك، وهكذا صلاة الجماعة يُراعي هذه الأصول أيضاً، ويحرص على إقامة صلاة الجماعة، وإن كان الإمام فاسقاً، حتى يتيسر زواله»( ).
14-    وعَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ وَعْلَةَ: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ أَرْبَعًا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُجْلَدَ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ. قَالَ: وَفِيمَ أَنْتَ وَذَاكَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: «بَلْ عَجَزْتَ وَوَهَنْتَ، قُمْ، يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ فَاجْلِدْهُ» فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَجَلَدَهُ، وَعَلِيٌّ يَعُدُّ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ قَالَ لَهُ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: «ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ  فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ صَدْرًا مِنْ خِلافَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ»( ).
15-    وفي صحيح البخاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَالَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ، وَنَتَحَرَّجُ؟ فَقَالَ: «الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ»( ).
16-    وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلَاتُه فِي نَفْسِهَا صَحِيحَة، فَإِذَا صلى الْمَأْمُومُ خَلْفَه لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُه، لَكِنْ إِنَّمَا كَرِه مَنْ كَرِه الصَّلَاةَ خَلْفَه؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ»( ).
17-    وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ( ) يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ( )، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا( )، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ»( ).
18-    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ب أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ»( ).
19-    وعن ابْنِ عَبَّاسٍ بعَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا( ) فَمَاتَ،
إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»( ).
20-    وعن عبد الله بن عمر ب قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ( )، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»( ).
21-    وعن عَرْفَجَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ( )، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ( )، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ»( ).
22-    وفي لفظ آخر لمسلم عَنْ عَرْفَجَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، يَقُولُ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ( )، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ»( ).
23-    وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»( ).
24-    وسَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ  فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ» ( ).
25-    وعن أم سلمة ل أن رسول الله  قال: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا»( ).
26-    وفي لفظ آخر لمسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ل، زَوْجِ النَّبِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ  أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا»( ).
27-    وعن عوف بن مالك  عن رسول الله  قال: «خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم، ويُصلُّون عليكم وتُصَلُّون عليهم( )، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم». قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من وُلاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يداً من طاعة»( ).
28-    وعن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيدَ بن معاوية جمع ابن عمر حَشَمه( ) وولده، فقال: إني سمعت النبي  يقول: «يُنْصَبُ لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة»، وإنَّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع اللَّه ورسوله، وإنِّي لا أعلم غدراً( ) أعظم من أن يبايع رجُلٌ على بيع اللَّه ورسوله ثم يُنْصَبُ له القتال، وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه، ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه ( ).
قال ابن حجر :: «وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وأنه لا ينخلع بالفسق»( ).

1- ثبت عن النبي  أنه قال: «نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها، وبلّغها، فَرُبَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفْقَهُ منه، ثلاثٌ لا يغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم»( ).
فقد دعا النبي  بالبهجة ونضارة الوجه والحُسن الذي يُكسى به الوجه من آثار الإيمان وابتهاج الباطن به، وفرح القلب وسروره به، وَالْتِذَاذِهِ لمن سمع كلامه، ووعاه، وحفظه، وبلّغه غيره، فمن قام بهذه المراتب الأربع دخل تحت هذه الدعوة النبوية المتضمّنة لجمال الباطن والظاهر( ).
2- قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في شرحه لهذا الحديث: «وقوله: : «ثلاث لا يغِلُّ عليهن قلب مسلم...» أي: لا يحمل الغِلَّ، ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة؛ فإنها تنفي الغل والغش وفساد القلب، وسخائمه، فالمخلص لله إخلاصهُ يمنعُ غِلَّ قلبه، ويخرجه ويزيله جُملةً؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه، فلم يبقَ فيه موضع للغش.
وقوله : «ومناصحة أئمة المسلمين...» هذا أيضًا منافٍ للغل والغش؛ فإن النصيحة لا تجامع الغلَّ، إذ هي ضدُّهُ، فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل.
وقوله : «ولزوم جماعتهم...» هذا أيضاً مما يُطَهِّر القلب من الغلِّ والغشِّ، فإن صاحبه - للزومه جماعة المسلمين - يُحبُّ لهم ما يحبُّ لنفسه، ويكره لهم ما يكرَهُ لها، ويسوؤهُ ما يسوؤهم، ويسرّه ما يسرّهم، وهذا بخلاف من انحاز عنهم، واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذّمِّ، كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم؛ فإن قلوبهم مُمتلئةٌ غِلاًّ وغِشَّاً؛ ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشَّهم للأئمة والأُمَّة، وأشدَّهم بُعداً عن جماعة المسلمين.
وقوله : «فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم...» هذا من أحسن الكلام وأوجزه، وأفخمه معنىً، شبَّه دعوة المسلمين بالسور والسِّياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوِّهم عليهم، فتلك الدعوة التي هي دعوةُ الإسلام - وهم داخلوها - لَـمّا كانت سوراً وسياجاً عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم، فالدعوةُ تجمع شمل الأمة، وتلمُّ شَعَثَها، وتحيط بها، فمن دخل جماعتها أحاطت به وشَمِلَتْهُ»( ).
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور، ومناصحتهم واجب على الإنسان وإن لم يعاهدهم عليه، وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكّدة، كما تجب عليه الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام، وحج البيت، وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة، فإذا حلف على ذلك كان ذلك توكيداً وتثبيتاً لِمَا أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور، ومناصحتهم، فالحالف على هذه الأمور لا يحل له أن يفعل خلاف المحلوف عليه... فإن ما أوجبه الله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم واجب وإن لم يحلف عليه، فكيف إذا حلف عليه، وما نهى الله ورسوله  عن معصيتهم وغشهم محرم، وإن لم يحلف على ذلك»( ).
4- وعن تميم الداري  أن النبي  قال: «الدِّينُ النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمَّة المسلمين، وعامَّتهم»( ).
5- قال ابن رجب :: «أما النصيحة لأئمة المسلمين: فحبُّ صلاحهم ورُشدهم وعدلهم، وحب اجتماع الأمة عليهم، وكراهة افتراق الأمة عليهم، والتدين بطاعتهم في طاعة الله ، والبغض لمن رأى الخروج عليهم، وحبّ إعزازهم في طاعة الله »( ). وقال في موضع آخر: «والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفقٍ ولطفٍ، ومجانبة الوثوب عليهم، والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك»( ).
6- وقال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي :: «وأما النصيحة لأئمة المسلمين: وهم ولاتهم من السلطان الأعظم إلى الأمير إلى القاضي، فهؤلاء لمّا كانت مهماتهم وواجباتهم أعظمَ من غيرهم، وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم، وذلك باعتقاد إمامتهم، والاعتراف بولايتهم، ووجوب طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحث الرعية على طاعتهم، ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله ، وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم، وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم، كل أحد بحسب حاله، والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق؛ فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم، واجتناب سبِّهم، والقدح فيهم، وإشاعة مثالبهم؛ فإن في ذلك شرّاً، وضرراً، وفساداً كبيراً( ).
عاشراً: من أهان السلطان المسلم المُقسط العادل أهانه الله:
1-    عن زياد بن كُسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب، وعليه ثياب رقاق، فقال: أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفُسّاق، فقال أبو بكرة: اسكت، سمعت رسول الله  يقول: «من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله»( ).
2-    ولفظ الإمام أحمد بدون ذكر القصة: «من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة»( ).
3-    ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري :: «لا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفّوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم»( )، ومعنى تعظيم العلماء والسلطان: طاعتهم بالمعروف، وإنزالهم منازلهم، بلا إفراطٍ ولا تفريط؛ للحديث الوارد في ذلك عن عائشة ل:
4-    قال الإمام مسلم :: «وقد ذُكر عن عائشة ل أنها قالت: أمرنا رسول اللَّه  أن ننزل الناس منازلهم»( ).
الحادي عشر: درجات إنكار المنكر:
إنكار المنكر مشروط بأن لا يحصل منكر أنكر؛ لأن إنكار المنكر له أربع درجات كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
الأولى: أن يزول، ويخلفه ضده.
الثانية: أن يقل، وإن لم يزل بجملته.
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.
الرابعة: أن يخلفه شر منه.

الثاني عشر: النصيحة لولاة الأمر تكون سرّاً بين الناصح وبينهم:
1-    على من رأى من ولاة الأمور ما لا يحل، أن ينبههم سرّاً لا علناً، بلطفٍ وعبارة تليق بالمقام، ويحصل بها المقصود؛ فإن هذا هو المطلوب في حق كل أحد، وبالأخص ولاة الأمور؛ فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص، واحذر أيها الناصح لهم - على هذا الوجه المحمود - أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم، وقلت وقلت؛ فإن هذا عنوان الرياء، وعلامة ضعف الإخلاص، وفيه أضرار أُخر معروفة»( ).
2-    وعن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم رضي الله عنهما: ألم تسمع بقول رسول الله : «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدّى الذي عليه»( ).
3-    قيل لأسامة بن زيد ب: لو أتيت فلاناً( ) فكلَّمته، قال: «إنكم لترون أني لا أُكلِّمُه إلا أُسْمِعُكم، إني أُكلِّمه في السِّر [وفي رواية لمسلم: والله لقد كلَّمته فيما بيني وبينه] دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه...»( ).
فقد استخدم أسامة  أسلوب الحكمة مع الأمير العظيم عثمان  وأرضاه؛ لِأَنَّ النصيحة لولي أمر المسلمين لا بد فيها من مراعاة مركزه، وحاله؛ لأن إنزال الناس منازلهم من صميم الحِكمة؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر :: «وفي الحديث تعظيم الأمراء، والأدب معهم، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم( )؛ ليكفُّوا ويأخذوا حذرهم بلطفٍ، وحسن تأدية، بحيث يبلغ المقصود من غير أذيَّة للغير»( ).
وقال النووي : على قول أسامة: «دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه»: «يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ كما جرى لقتلة عثمان ، وفيه الأدب مع الأمراء، واللطف بهم، ووعظهم سرّاً، وتبليغهم ما يقول الناس فيهم، ليكفّوا عنه...»( ).
4-    ولا شك أن الإنكار على ولي أمر المسلمين جهاراً أمام الرعية، وبحضرتهم يسبّب شرّاً كثيراً في الغالب، وربما حصل بذلك فرقة، أو خروج على إمام المسلمين، وولي الأمر لا بد له أن يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ثم لا يأمن أن يقع منه تقصير؛ لأنه بشر، ولكن يعالج سرّاً، وبالحكمة والمداراة المحمودة، ويُتلطف به، ويُنصح برفق ولين، وذلك أجدر بالقبول( ).
5-    قال سماحة العلامة الإمام المحقق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز :: «ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلاب، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضرّ ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير، وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى، وينكر الخمر، وينكر الربا، من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها: لا حاكم ولا غير حاكم... »( ).
الثالث عشر: الدعاء لولاة الأمر من المسلمين:
من حقوق السلطان على رعيته الدعاء له:
1-    ولهذا كان السلف الصالح: كالفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما يقولون: «لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان»( )، وما ذلك إلا لأن السلطان إذا صلح صلحت الرعية، وإذا فسد فسدت.
2-    ولهذا يُذكر عن عثمان بن عفان  أنه قال: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» ( ).
3-    ولهذا قال الإمام الحسن بن علي البربهاري :: «إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى»( ).
4-    وقال الفضيل بن عياض: «لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا للسلطان، قيل له:يا أبا علي فَسِّر لنا هذا؟ قال:إذا جعلتها في نفسي لم تعْدُني، وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العباد والبلاد،  فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم،وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم،وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين»( ).
5-    وهكذا أيضاً تكون النصيحة والدعاء للعلماء إذا حصل منهم قصور أو نسيان؛ لأنهم بشر وغير معصومين، وهم من أعظم ولاة أمر المسلمين، فلا يجوز سبهم، ولا التشهير بهم، ولا تتبع عثراتهم ونشرها بين الناس؛ لأن في ذلك فساداً كبيراً؛ ولهذا قال الإمام النووي :: «وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ :: اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ، وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَخْشَاهُ وَيَتَّقِيهِ حَقَّ تُقَاتِهِ، أَنَّ لُحُومَ الْعُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وعَادةَ اللَّهِ فِي هَتْكِ أسْتَارِ منتقصِيهِمْ مَعْلُومَةٌ، وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي الْعُلَمَاءِ بِالثَّلَبِ، بَلَاهُ اللَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ الْقَلْبِ، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾( )»( )، والله المستعان، وعليه التكلان.
الرابع عشر: الخارجون على أئمة المسلمين وصفاتهم
الخارجون على الإمام المسلم أربعة أصناف:
الصنف الأول: قوم امتنعوا عن طاعة الإمام، وخرجوا عن قبضته، فهؤلاء قطاع طريق، ساعون في الأرض بالفساد.
الصنف الثاني: قوم لهم تأويل إلا أنهم نفر يسير لا منعة لهم: كالواحد والاثنين والعشرة ونحوهم، فهؤلاء قطاع طريق في قول أكثر الحنابلة، وهو مذهب الشافعي، وقيل: لا فرق بين القليل والكثير، وحكمهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام.
الصنف الثالث: قوم من أهل الإسلام يخرجون عن قبضة الإمام ويريدون خلعه؛ لتأويل سائغ، وفيهم منعة يحتاجون إلى جمع الجيش، فهؤلاء البغاة.
الصنف الرابع: الخوارج الذين يكفّرون بالذنب، ويكفّرون عثمان، وعليّاً، وطلحة، والزبير، وكثيراً من الصحابة ( ).
والخوارج يكفّرون أصحاب الكبائر، ويستحلُّون دماءَهم، وأموالهم، ويخلدونهم في النار، ويرون اتّباع الكتاب دون السنة التي تخالف ظاهر الكتاب - وإن كانت متواترة - ويكفّرون من خالفهم، ويستحلّون منه - لارتداده عندهم - ما لا يستحلّونه من الكافر الأصلي( )، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقّاً واجباً( )، وقد بيّن النبي  صفاتهم( )، وأوضحها للناس، ومن ذلك ما يأتي:
1-    أن رجلاً منهم قال للنبي  - وهو يقسم غنيمةً بالجعرانه -: يا محمد اعدل. قال: «ويلك ومن يعدلُ إذا لم أكن أعدل، لقد خبتَ وخسرتَ إن لم أكن أعدل»، فقال عمر بن الخطاب : دعني يا رسول الله، فأقتل هذا المنافق؛ فقال : «معاذ الله أن يتحدَّث الناس أني أقتل أصحابي. إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن
لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرميَّة»( ).
2-    وكان النبي  يقسم ذهباً، فجاء إليه رجل فقال: «اتقِّ الله يا محمد»! فقال رسول الله : «فمن يطع الله إن عصيته! أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني»، ثم قال: «إن من ضئضئِ هذا( ) قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوزُ حناجرهم( ) يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعُون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميَّة( )، لئن أدركتهم لأقتلنَّهم قتل عاد»( ).
3-    وعن أبي سعيد الخدري  قال سمعت رسول الله  يقول: «يخرج فيكم قومٌ تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرميَّة»( ).
4-    وقال علي بن أبي طالب : سمعت رسول الله  يقول: «سيخرج في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام( )، يقولون من خير قول البريَّة( )، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرميَّة، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة»( ).
الخامس عشر: الاعتصام بالكتاب والسنة وخاصة أيام الفتن:
يجب على المسلم أن يعتصم بالكتاب والسنة، والالتفاف حول العلماء المخلصين، وولاة الأمر من المسلمين، وخاصة في أيام الفتن:
1-    ولهذا حذَّر النبي  من الفتن واستعاذ منها، وأمر بلزوم جماعة المسلمين، فقال : «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن»( ).
2-    وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: «يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج» قالوا: يا رسول الله، أيما هو؟ قال: «القتل، القتل». وفي لفظ: «يتقارب الزمان، وينقص العلم...»( ).
3-    وقد بيّن النبي  أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرّ منه، فعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال: «اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم» سمعته من نبيكم ( ).
4-    وحث النبي  على الأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة، فقال: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظلمِ، يُصبحُ الرَّجلُ مُؤمِناً ويُمْسِي كَافراً، أو يُمْسِي مُؤمِناً ويُصْبِحُ كَافراً، يَبيعُ دِينَه بعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا»( ).
5-    وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرَّف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به»( ).
السادس عشر: المخرج من جميع الفتن المضلة:
1-    التمسك والاعتصام بالكتاب والسنة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن من خالف ذلك فهو من الضالين.
2-    قال الله : ﴿وَمَا كَانَ لـِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لـَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا﴾( )، وقال : ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾( ).
3-    وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لـِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾( ).
4-    وقال تعالى فيمن يخالف أمر النبي : ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾( ).
5-    وثبت عن النبي  أنه قال: «وَجُعِلَ الذُّلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم»( ).
6-    وجاء في السنن والمسانيد ما أُثر عن النبي  أنه قال: «لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكة( ) يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثله معه ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم»( ).
7-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول ، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعاً لقوله، وعمله تبعاً لأمره، فهكذا كان الصحابة ، ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس ديناً غير ما جاء به الرسول ، وإذا أراد معرفة شيء من الدين نظر فيما قاله الله  والرسول  فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة»( ).
8-    ولا شك أن الاختلاف يسبب الشرور الكثيرة، والفرقة، والعذاب؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لـَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾( ).
9-    وقد بيّن النبي  بقوله: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»، قيل: من هم يا رسول الله، قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي» وفي لفظ: «الجماعة»( ) أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
10-    وعن حذيفة  قال: «كان الناس يسألون رسول الله  عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كُنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم» قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: «نعم وفيه دخن»، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك»( ).
قال الإمام النووي :: «وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق، وعمل المعاصي: من أخذ الأموال، وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله ، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها»( ).
11-    ولا شك أن أمة محمد  لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى تقوم الساعة؛ لحديث معاوية ، قال: سمعت رسول الله  يقول: «لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس»( ).
اللهم يا وليّ الإسلام، وأهله، مسِّكْنا بالإسلام، وثبِّتنا عليه، حتى نلقاك عليه( ).
واللَّه أسأل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، مقرباً لي، ولمن انتهى إليه من الفردوس الأعلى، وأن ينفعني به في حياتي، وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وصلى اللَّه وسلّم على نبيّنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
الفقير إلى اللَّه الكريم
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر في يوم الأحد 10/ 5/ 1436هـ.

 

 

 


 

 


الفهارس العامة

1- فهرس الآيات القرآنية.
2- فهرس الأحاديث النبوية والآثار.
3- فهرس الكلمات الغريبة.
4- فهرس الأشعار
5- فهرس الموضوعات.


 
1- فهرس الآيات القرآنية
م    الآية    رقمها    الصفحة
سورة البقرة
1-        ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ﴾    159    22
2-        ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا﴾    168- 169    29
3-        ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ ﴾     176    66
4-        وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ.....................        238    16
سورة آل عمران
5-        ﴿شَهِدَ اللَّه أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ.}    17    6
6-        ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ﴾        26    54
7-        ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾    31    15
8-        43    17
9-        ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾
103    66، 67
10-        وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن    106    66، 103
11-        ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ﴾    187    23
سورة النساء
12-        فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ     34    18
13-        يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا..    59    74
14-        ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا    64    101
15-        أَنْعَمَ﴾    69    34
16-        ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ...﴾    115    44

سورة الأنعام
17-        ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾     159    66
سورة الأعراف
18-        ﴾    33    29
سورة الأنفال
19-        ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ    3    19
20-        45- 48    55
21-        62- 63    55
سورة التوبة
22-        ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ....﴾    71    45
سورة يونس
23-        ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ.....﴾    59- 60    29
سورة هود
24-        ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ*إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾     118- 119    66
سورة الحجر
25-        إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لَا تَوْجَلْ    52    19
سورة النحل
26-        ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ﴾    116    29
27-        إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا     120    17
سورة الإسراء
28-        قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ    107- 109    13
سورة طه
29-        ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً    124-126    101

سورة الحج
30-        ﴿وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ﴾     34    19
سورة المؤمنون
31-        وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ    60    19
سورة النور
32-        ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا...﴾    55    54
33-        إِنّـَمَا الـْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ..    62    70
34-        ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ........﴾    64    4، 48، 96، 101
سورة العنكبوت
35-        .}    49    6
6
سورة الروم
37-        وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ..    26    16، 17
سورة الأحزاب
38-        31    18
39-        35    17، 18
40-        ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ...﴾    39    24
41-        ﴿وَمَا كَانَ لـِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ..    36    101
سورة فاطر
42-        {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء......}    28    6، 13
سورة الزمر
43-        أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً    9    13، 16
44-        {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ}    9    6
45-        اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً...    23    20
46-        تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ    23    21
47-        ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ     23    21
سورة فصلت
48-        ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ﴾    33    10
سورة الشورى
49-        ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا﴾    21    29
سورة الحجرات
50-        ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ..﴾    4    15، 28
ادلة
6
سورة الحشر
45
سورة الصف
53-        ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا.....﴾    2- 3    14

 
 
2- فهرس الأحاديث النبوية
م                        الحديث أو الأثر                                    الصفحة
1-    أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، ومبتغ في الإسلام    82
2-    اتهموا رأيكم على دينكم     [سهل بن حنيف] 32
3-    اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع    [سهل بن حنيف]32، 73
4-    أجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ«لا أدري     [مالك]37
5-    أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل  بما يعلم    [سفيان]14
6-    أحي والداك؟    69
7-    إِذَا أَخْطَأَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ     [ابْنُ عَبَّاسٍ]37
8-    إذا أراد اللَّه  أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه    [الأوزاعي]32
9-    إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا,    83
10-    إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى     [البربهاري]95


13-    إذا مَاتَ الإنْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلَهُ إلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ    10
14-    اسمعوا وأطيعوا ولو تأمَّر عليكم عبد حبشي    68
15-    اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ    84
16-    اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى     100
17-    افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على     49، 103

19-    ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا    57
20-    أمرنا رسول اللَّه  أن ننزل الناس منازلهم    90


23-    أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ، وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ     [مُعَاوِيَةُ] 26


26-    إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَمَعَهُ دِينُهُ, فَيَلْقَى الرَّجُلَ لَهُ    [عَبْدِ اللَّهِ]27
27-    إِنَّ الرَّجُلَ لِيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، وَمَعَهُ دِينُهُ، فَيَرْجِعُ     [عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ]27
28-    إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ    15
29-    إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ من الناس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ    7، 31، 53
30-    إِنَّ اللَّه لَا يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ    31
31-    إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن    [عثمان بن عفان]94
32-    إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ    57
33-    أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ أَرْبَعًا     [الْحَارِثِ بْنِ وَعْلَةَ] 81
34-    أن أنس بن مالك كان يصلي خلف الحجاج    78
35-    إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ     35
36-    أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا،    62
37-    إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ     [رجل صحابي]16
38-    إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف    61
39-    أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ب كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِي    78

 

43-    إن من يُفتي في كل ما يستفتونه لمجنون     [عبد اللَّه بن مسعود]36
44-    إِنْ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَمَّا هُوَ التَّسْبِيحُ    17
45-    إِنَّا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ    56


48-    إنما الطاعة في المعروف    64، 74

50-    إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ    63
51-    إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ    84
52-    إنها ستكون بعدي أثرةٌ وأمورٌ تنكرونها    62
ي]52
54-    إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري    72
55-    أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمّر عليكم عبدٌ    65

57-    أوَّلُ ما يُرْفَعُ مِنَ النّاسِ الخُشُوعُ    11
    [عمر بن الخطاب]31
59-    بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَناً كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظلمِ، يُصبحُ الرَّجلُ مُؤمِناً    100
60-    بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ  عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ    62
61-    بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء    51
62-    بل عجزت ووهنت     [علي] 81
63-    بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ    24
64-    تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسراً إلى جهنم    [ابن عمر]38
65-    تسمعُ وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك،وأخذ مالك،فاسمع وأطع,     62
66-    تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن    99
67-    تُؤدّون الحق الذي عليكم،وتسألون الله الذي لكم    62
68-    ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ! إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ,     11
69-    ثلاث لا يغِلُّ عليهن قلب مسلم    86
70-    جُنة العالم لا أدري، فإذا أغفلها أُصيبت مقاتلُه    [مالك]37
71-    خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم، ويُصلُّون عليكم وتُصَلُّون    84
72-    الدُّنْيا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونَ مَا فِيْها إلا ذِكْرَ اللَّه ومَا وَلاهُ، وعَالمِاً أو مُتَعَلِّماً    8
73-    الدِّينُ النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله    88
74-    ذاك اللَّه     16، 28


77-    سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ    56
78-    سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ    84
79-    ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي    100
80-    سمعتُ مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة    [الهيثم بن جميل]37
81-    السنن، السنن، فإن السنن قِوام الدين أزهد الناس     [عروة بن الزبير]32
82-    سيخرج في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام    99
ر] 38

85-    الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ     [عثمان]81
86-    ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ  فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، وَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ    81
87-    طول القنوت     17
88-    الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ، فَمَنْ نَالَ مِنْهُ شِبْرًا شَمَخَ بِأَنْفِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُ نَالَهُ    [الشَّعْبِيُّ]39،41
89-    العلم علمان: علم باللسان، وعلم بالقلب، فعلم القلب هو العلم    [الحسن] 12
90-    على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبَّ وكره، إلا أن     61
91-    عليك السّمعُ والطّاعةُ في عُسْرِك، ويُسرِك، ومَنشطك ومَكرهك    60، 74
92-    فَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أدْنَاكُمْ، وأنَّ اللَّه  ومَلائِكَتَهُ    8
93-    فَضْلُ العلمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ العِبَادةِ، وخَيرُ دينِكُم الوَرَعُ    7
94-    ففيهما فجاهد    69
95-    فما أجابني منها إلا في خمس مسائل [من أربعين مسألة]     [مالك]37
96-    فمن يطع الله إن عصيته! أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني    98
97-    فواللَّه لأنْ يَهْدِيَ اللَّه بِكَ رَجُلاً واحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ    9
98-    القتل القتل    98
99-    قدمت على مالكٍ بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا    [خالد بن خداش] 37
ود] 38
101-    قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر    8، 64، 101
102-    كان أنس بن مالك  يصلي خلف الحَجّاج    78
103-    كان الناس يسألون رسول الله  عن الخير وكنت أسأله عن الشر.[    حذيفة]64، 103
104-    كان يُقال: العلماء ثلاثة: عالم باللَّه يخشى اللَّه ليس بعالم    [سفيان]14، 30


38، 39
108-    كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ    58
39
110-    كُلُّها في النار إلاّ واحدة,     50
111-    لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكة يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به     102
112-    لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم    50
113-    لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم    50، 104

115-    لا حَسَدَ إلاَّ في اثْنَتَين: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقِّ،    8
116-    لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ    62
117-    لَا، مَا صَلَّوْا    84

119-    لَا يَزَالُ اللهُ  يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ بِغَرْسٍ، يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ    47
120-    لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ    48


123-    لما خلع أهل المدينة يزيدَ بن معاوية جمع ابن عمر حَشَمه    85
124-    اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ     12
125-    اللهم يا وليّ الإسلام، وأهله، مسِّكْنا بالإسلام، وثبِّتنا عليه، حتى    105
126-    اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ    58
127-    لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ    62
128-    لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان     [الفضيل وأحمد]94، 95

130-    ما أعلمها أنا، فكيف يعلمونها بي     [مالك]37


133-    مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ، وَيَنْصَحُ،    59
134-    مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ     59
135-    مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ    59
136-    مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ    59
137-    معاذ الله أن يتحدَّث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرؤون    97
138-    مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ    83
139-    من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبده علانية ولكن يأخذ بيده     92
140-    من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله    60، 74
141-    من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة    90
142-    مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ    26، 27
143-    من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله    90
144-    مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً    80
145-    مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ    83

147-    مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْل أَجْرِ فَاعِلُه    9
148-    مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ     82
149-    من سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا سَهَّلَ اللَّه له طَرِيقًا إلى الْجَنَّةِ    7
150-    مَنْ سنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بَها بَعْدَهُ    9
151-    من عَلِمَ علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: اللَّه أعلم؛ [عبد اللَّه بن مسعود]    36
152-    من يُرِدْ اللَّه بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وَإِنَّمَا أنا قَاسِمٌ    6
153-    مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ     [عبد اللَّه بن مسعود], 53
154-    نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا،فَرُبَّ حَامِلِ    26، 27، 86
155-    نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ، غَيْرُ فَقِيهٍ    26
156-    نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا    26
157-    النزاع من القبائل    51
158-    نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها    64، 104
159-    هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ    11
160-    هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي     103
161-    وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ    57
162-    وَجُعِلَ الذُّلُّ والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو     101
163-    ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اللَّه فاسمعوا له وأطيعوا    61
164-    ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني أعلم     [سعيد بن جبير]36
165-    ويلك ومن يعدلُ إذا لم أكن أعدل، لقد خبتَ وخسرتَ إن لم     97
166-    يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ    56
167-    يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ     [عبد اللَّه بن مسعود] 36
168-    يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ 55
169-    يا ولي الإسلام وأهله ثبتني به حتى ألقاك     105
170-    يا ولي الإسلام وأهله مسكِّني به حتى ألقاك     105
171-    يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشح، وتظهر الفتن    99
172-    يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ    14
173-    يخرج فيكم قومٌ تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم     98
174-    يراد للعلم: الحفظ، والعمل، والاستماع، والإنصات، والنشر    [سفيان]14
175-    يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وَإِنْ أَخْطَؤُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ    79
176-    يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي    63
177-    ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري     [مالك]36
178-    ينبغي للعالم أن يُورِّث جُلساءه قول: لا أدري     [عبد اللَّه بن يزيد] 37
 
179-    ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة    85
 
3- فهرس الألفاظ الغريبة
1-    الأريكة    102
2-    ألفين     102
3-    تقشعر     21
4-    ثكلتك أمك    11
5-    الجماعة     43
6-    جميع    83
7-    الحَدَث والأعجمي     51
8-    حشمه     85
9-    الخشوع للَّه    11، 14
10-    رؤوساً جهالاً    31
11-    سفهاء الأحلام    99
12-    السنة     42
13-    شبراً    82
14-    ضئضئ    98
15-    عسرك ويسرك    60
16-    العقيدة     42
17-    عِمِّيّة     82
18-    الغرباء    50، 52
19-    قلوبهم قلوب الشياطين    64
20-    القنوت     18
21-    لا حجة له    83
22-    لا يتحاشى     82
23-    لا يجاوز حناجرهم    98
24-    لقاح    70
25-    مكرهك    60
26-    من خير قول البرية    99
27-    من قول خير البرية    99
28-    النزاع من القبائل    51
29-    الهنات    83
30-    وأثرة عليك     61
31-    وجل القلب     19
32-    يشق عصاكم    83
33-    يصلون عليكم    84
34-    يمرقون من الدين    98


 
4- فهرس الأبيات الشعرية

1- وليس كلُّ خلافٍ جاء مُعْتَبراً

        إلا خلافاً له حظٌّ مِنَ النَّظَرِ
     -    33
2- وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً
        وآفته من الفهم السقيم
    -    5


    إلا الحديث وعِلمَ الفقهِ في الدين
    الشافعي    32
العلمُ ما كان فيه حدَّثنا
        
    
4- ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد
        مزيداً على عشرة معاني مرضيَّه
    العراقي    18
دعاءٌ، خشوعٌ، والعبادة، طاعة
        إقامتها، إفراده بالعبودية
        
سكوتٌ، صلاة،ٌ والقيام، وطوله
        كذا دوام الطاعة الرابح القنية
        
5- الْعِلْمُ قَالَ اللَّه قَالَ رَسُولُهُ

 

 
        قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ خُلْفٌ فِيهِ
 
    -    33
مَا الْعِلْمُ نَصْبُكَ لِلْخِلَافِ سَفَاهَةً
        بَيْنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ رَأْيِ فِقيهِ


        

 

 
 

 
5- فهرس الموضوعات
المقدمة    3
المبحث الأول: فضل العلم والعلماء    6
أولاً: مدح اللَّه تعالى العلماء، وأثنى عليهم وبين فضلهم:    6
1-    قال اللَّه تعالى: {شَهِدَ اللَّه أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ}    6
2-    وقال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}    6
    6
4-    وقال : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }    6
    6
6-    وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا}    6
7-    وعن معاوية  قال: سمعت النبي r يقول: « من يُرِدْ اللَّه بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في    6
8-    وعن أبي هريرة  قال: قال رسول اللَّه r: « من سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه    7
9-    وعن عبداللَّه بن عمرو بن العاص ب قال:قال النبي r:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ    7
10-    وعن حذيفة بن اليمان  أن رسول اللَّه r قال:«فَضْلُ العلمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ    7
11-    وعن عبداللَّه بن مسعود  قال: قال رسول اللَّه r:«لا حَسَدَ إلاَّ في اثْنَتَين    8
12-    وعن أبي هريرة  قال: سمعت رسول اللَّه r وهو يقول: «(الدُّنْيا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونَ مَا    8
13-    وعن أبي أمامة الباهلي  قال: قال رسول اللَّه r: «فَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ    8
14-    وعن أبي مسعود الأنصاري  قال: قال النبي r: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ    9
15-    وعن جرير بن عبداللَّه  قال: قال النبي r: «مَنْ سنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً    9
16-    وعن أبي هريرة  قال: قال النبي r: «من دَعَا إلى هُدًى كان له من الأجْرِ    9
17-    وعن سهل بن سعد  قال: قال النبي r لعلي بن أبي طالب : «فواللَّه    9
18-    وعن أبي هريرة  قال: قال النبي r: «إذا مَاتَ الإنْسانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلَهُ    10
19-    العلماء المخلصون الصادقون هم أخصّ الناس بعد الأنبياء بقول اللَّه     10
ثانياً: خشوع العالِم للَّه: علم نافع وعمل صالح:    11
1-    عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء  قال : «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، فَشَخَصَ    11
2-    وعن شداد بن أوس  أن رسول اللَّه  قال: «أوَّلُ ما يُرْفَعُ مِنَ النّاسِ    11
3-    وعن زيد بن أرقم  عن النبي  أنه قال في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ    12
قال الإمام ابن رجب :: «فالعلم النافع هو ما باشر القلوب،.    12
وقال الحسن :: العلم علمان: علم باللسان، وعلم بالقلب، فعلم القلب    12
4-    وقد قال اللَّه تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ    13
5-    وقال اللَّه : أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ    13
6-    ووصف اللَّه العلماء من أهل الكتاب قبلنا بالخشوع، فقال سبحانه: قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ    13
ثالثاً: أفضل العلماء العامل بعلمه: الأخشع للَّه تعالى:    14
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ﴾    14
2-    قال أسامة بن زيد : سَمِعْتُ النبي  يَقُولُ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ    14
3-    قال سفيان :: «أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل    14
4-    وقال سفيان أيضاً: «يراد للعلم: الحفظ، والعمل، والاستماع    14
5-    وقال سفيان أيضاً :: «كان يُقال: العلماء ثلاثة: عالم باللَّه يخشى اللَّه    14
وسمعت شيخنا ابن باز : يقول: «هذه الكلمات ينبغي أن تنقل»    15
رابعاً: العلماء العاملون المخلصون المتبعون للنبي  يحبهم الله تعالى:    15
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾    15
2-    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا    15
3-    وهذا واللَّه هو المدح الزين، والذم الشين، فعَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، فِي قَوْلِهِ    15
خامساً: مدح اللَّه تعالى الخاشعين القانتين من العلماء ووصفهم بالعلم:    16
1-    قال اللَّه تعالى: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ     16
قنوت عام: كقوله تعالى: وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ    16
والنوع الثاني: وهو الأكثر في القرآن: القنوت الخاص، وهو دوام الطاعة لله    16
والقنوت في الحديث يُروَى بمعانٍ متعددةٍ، فيطلق على: الخشوع، والطاعة    18
سادساً: أثنى اللَّه  على من يوجل قلبه من العلماء لذكر اللَّه :    19
1-    قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ    19
2-    وقال اللَّه  عن قول إبراهيم : إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لَا تَوْجَلْ    19
3-    وقال اللَّه تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ    19
4-    وقال اللَّه تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ    19
ووجل القلب: الوجل: استشعار الخوف،    19
قال ابن كثير :: فرقت: أي: فزعت وخافت    20
وقال العلامة السعدي :: «أي: خافت ورهبت فأوجبت لهم خشية اللَّه تعالى    20
ده عند قراءة القرآن:    20
1-    قال اللَّه تعالى:اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ    20
قال الراغب الأصفهاني :: «﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾    21
وقال الإمام ابن كثير ::«هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار،المهيمن    21
وقال العلامة السعدي ::«تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ لما فيه من    21
ثامناً: العلماء المخلصون الصادقون: لا يكتمون ما أنزل اللَّه :    22
1-    قال اللَّه : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ﴾    22
2-    وقال اللَّه تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ﴾    23
3-    وقال اللَّه تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾    24
4-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ب، أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً،    24
5-    وعن جبير بن مطعم  قال: قال رسول اللَّه : «نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي    25
6-    وعن جبير بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ  بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى     25
7-    وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ:«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي    26
تاسعاً: العلماء العاملون بعلمهم يُرضون الله، ولو سخط الناس:    26
1-    كَتَبَ مُعَاوِيَةُ  إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ل أَنِ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي    26
2-    ولفظ ابن حبان عَنْ عَائِشَةَ ل قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :«مَنِ الْتَمَسَ رِضَى    26
3-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيَخْرُجُ مِنْ    27
4-    وقال ابن مفلح :: «وَقَالَ أَحْمَدُ: ثنا أَبُو دَاوُد، ثنا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ    27
5-    وقال ابن بطة ::حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ    27
6-    وهذا واللَّهِ هو الذم الشين، فعَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ،فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿إِنَّ﴾    28
عاشراً: العلماء الراسخون المخلصون لا يقولون على اللَّه بغير علم:    28
1-    قال اللَّه تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ﴾    29
2-    وقال اللَّه : ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ﴾    29
3-    وقال : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا﴾    29
4-    وقال اللَّه تبارك وتعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ ﴾    29
5-    وقال : ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾    29
6-    وعن عبد اللَّه بن عمرو ب، قال: سمعت رسول اللَّه  يقول: «إِنَّ اللَّه لَا    31
الحادي عشر: ذمّ السلف للرأي المخالف للدليل، والتحذير منه:    31
    31
2-    وقال عروة بن الزبير : «السنن، السنن، فإن السنن قِوام الدين أزهد    32
3-    وقال سهل بن حنيف : «اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل    32
4-    وقال الأوزاعي :: «إذا أراد اللَّه  أن يحرم عبده بركة العلم ألقى    32
5-    وقال الإمام أحمد :: «لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي    32
6-    وما أحسن ما قاله الشافعي ::    32
7-    وما أحسن ما قاله القائل:    33
8-    وللَّه در القائل:    33
وقال الحافظ ابن عبد البر : بعد أن ساق آثاراً كثيرة في ذم الرأي ما ملخصه    33
وقال جمهور أهل العلم: الرأي المذموم في الآثار المذكورة هو القول في أحكام    33
والحاصل أنه لا يجوز الاعتماد على الرأي، بل يُرجع إلى الكتاب والسنة.    34
الثاني عشر: العالم بين أمرين عظيمين يوم القيامة:    34
1-    إما أن يكون مع الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء    34
2-    وإما أن يكون أول من تسعر به النار، والعياذ باللَّه تعالى؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ     35
الثالث عشر: قول العالم الرباني فيما لا يعلم: اللَّه أعلم نصف العلم:    35
مما يدل على خشية العالم للَّه  أن يردّ علم ما لا يعلمه إلى اللَّه:    35
1-    قال عبد اللَّه بن مسعود : «يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ    36
2-    وقال عبد اللَّه بن مسعود :«من عَلِمَ علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: اللَّه أعلم    36
3-    وقال عبد اللَّه بن مسعود  أيضاً: «إن من يُفتي في كل ما يستفتونه    36
4-    وسُئل سعيد بن جبير عن شيء فقال: لا أعلم، ثم قال: ويل للذي يقول    36
5-    وقال مالك: «ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري    36
6-    وقال ابن وهب، وقال له ابن القاسم:ليس بعد أهل المدينة أحد أعلم بالبيوع    37
7-    وقَالَ مَالِكٌ، كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِذَا أَخْطَأَ الْعَالِمُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ    37
8-    وعن مالك : قال: «جُنة العالم لا أدري، فإذا أغفلها أُصيبت مقاتلُه»    37
9-    وقال الهيثم بن جميل: سمعتُ مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة    37
10-    وقال خالد بن خداش: «قدمت على مالكٍ بأربعين مسألة، فما أجابني    37
11-    وعن ابن وهب، عن مالك، سمع عبد اللَّه بن يزيد بن هُرْمُز يقول: «ينبغي    37
    38
13-    وعن عقبة بن مسلم أنه قال: «صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهراً،    38
    38
    38
    38
    39
أدري    39
18-    وقال الإمام مالك :: «كل يؤخذ من قوله ويترك الا صاحب هذا    39
19-    وقال الماوردي :: «قَالَ الشَّعْبِيُّ: الْعِلْمُ ثَلَاثَةُ أَشْبَارٍ، فَمَنْ نَالَ مِنْهُ    39
20-    قلت: وقد كنت أحفظ هذه الحكمة على هذا الترتيب:«العلم ثلاثة أشبار    40
21-    قال الإمام الطحاوي :: «فَإِنَّهُ مَا سَلِمَ فِي دِينِهِ إِلَّا مَنْ سَلَّمَ لِلَّهِ     40
22-     قرأتُ كتاب مسائل الإمام ابن باز :، جمع الشيخ عبداللَّه بن مانع    41
23-    قلت: حدثني الدكتور الشيخ عمر بن سعود العيد، قال: حدثه العلامة    41
الرابع عشر: اعتقاد أهل السنة والجماعة في العلماء:    42
العقيدة لغةً:    42
العقيدة اصطلاحًا: .    42
السنة في اللغة     42
والسنة في  اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية:    43
والجماعة في اللغة:    43
والجماعة في اصطلاح علماء العقيدة الإسلامية:    43
فعقيدة أهل السنة والجماعة في العلماء على النحو الآتي:    43
1-    قال الإمام الطحاوي :: «وَعُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ    43
2-    قال ابن أبي العز : في شرحه على الطحاوية: «قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ﴾    44
وَجِمَاعُ ْأَعْذَارِ العلماء المخالفين لبعض السنن ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ    44
أَحَدُهَا: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَهُ.    44
وَالثَّانِي: عَدَمُ اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ.    44
وَالثَّالِثُ: اعْتِقَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ. فَلَهُمُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا وَالْمِنَّةُ بِالسَّبْقِ    44
3-    قال سماحة الشيخ ابن باز: تعليقاً على كلام الطحاوي والشارح ابن أبي العز    45
الأمر الأول: إما أن الخبر لم يبلغهم فجهلوه، أو بلغهم من وجهٍ غير صحيح.    46
الأمر الثاني: أن بعضهم قد لا يفهم أن هذه المسألة غير دالة على هذه.    46
الأمر الثالث: أن يظن، أو يعتقد أنه منسوخ، وأن ما دلَّ عليه النص جاء ما ينسخه.    46
وقد بسط القول في هذا: أبو العباس ابن تيمية :، بسط هذه الأعذار    46
4-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : في العقيدة الواسطية، بعد أن ذكر جملةً    46
5-    قال الإمام عبدالعزيز بن عبداللَّه بن باز: تعليقاً على كلام شيخ الإسلام هذا    47
6-    وعن أَبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ  قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ  يَقُولُ: «لَا يَزَالُ اللهُ     47
7-    ولفظ ابن ماجه عن أَبي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيَّ ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ    47
8-    قال الإمام النووي: «قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرٍ :: اعْلَمْ يَا أَخِي    48
9-    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: في الصارم المسلول على شاتم الرسول:    48
10-    وقال سهل بن عبد اللَّه التستري: «لا يزال الناس بخير ما عظَّموا السلطان    48
الخامس عشر: صِفَات علماء أهلِ السُّنَّة:    49
1-علماء أهل السنة هم رؤوس أهل السنة والجماعة:    49
2- العلماء هم أئمة الفرقة الناجية:    50
3- علماء أهل السنة هم أعلام الطائفة المنصورة:    50
4- علماء أهل السنة هم أئمة المعتصمين المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله     50
5-العلماء هم القدوة الصالحة الذين يهدون إلى الحق وبه يعملون    51
6- علماء أهل السنة هم أئمة خيار الناس ينهون عن البدع وأهلِها    51
7- علماء أهل السنة هم رؤساء الغرباء إذا فسد الناس    51
8- علماء أهل السنة هم الذين يحملون العلم    52
-9    علماء أهل السنة هم أعظم من يحزن الناس لفراقهم؛    52
-10    علماء أهل السنة موت العالم منهم ثُلْمَةٌ في الإسلام    53
11-    علماء أهل السنة والجماعة موتهم قبض للعلم من الناس    53
المبحث الثاني: الله  مالك الملك يؤتيه من يشاء    54
أولاً: اللَّه مالك الملك وحده لا شريك له، وهو على كل شيء قدير:    54
1-    قال اللَّه تعالى:﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ ﴾.    54
2-    قال العلامة السعدي :: «يقول الله لنبيه : ﴿قل اللهم مالك الملك﴾ أي:    54
ثانياً: المُلْكُ، والإمارةُ أمانةٌ عظيمةٌ، وحِملٌ ثقيلٌ، ومهمةٌ كبرى:    55
1-    لا شك أن الولاية مهمة عظيمة وأمانة كبيرة؛ لحديث عَبْدالرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ    55
2-    ولهذه الأهمية العظيمة قال أَبِو مُوسَى الأشعري : دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ     56
3-    وقال النبي  لأبي ذَرٍّ ، حين قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟    56
ثالثاً: الإمام العادل يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:    56
1-    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ    56
2-    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ    57
3-    عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، في حديثه الطويل، أَنَّ رَسُولَ الَّله     57
رابعاً: الملك والأمير والوالي مسؤول عن رعيته أمام اللَّه :    58
1-    عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ب، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ    58
2-    وعن عائشة ل قالت: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا    58
3-    عن معقل بن يسار  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ    58
4-    ولفظ البخاري عن معقل بن يسار  قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يقول: «مَا    59
5-    وفي لفظ للبخاري آخر عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ    59
6-    وفي لفظ لمسلم عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ     59
خامساً: وجوب السمع والطاعة بالمعروف في طاعة اللَّه لولاة الأمر:    59
من العلماء، والملوك، والولاة، والأمراء    59
1-    قال اللَّه تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ    60
2-    قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد    60
3-    عن أبي هريرة  عن النبي  قال: «من أطاعني فقد أطاع اللَّه    60
4-    وعنه  قال: قال رسول الله : «عليك السّمعُ والطّاعةُ في عُسْرِك، ويُسرِك    60
5-    وعن أبي ذر  قال: «إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع    61
6-    وعن أم الحصين لقالت سمعت النبي  يخطب في حجة الوداع    61
7-    وعن عبد اللَّه بن عمر ب عن النبي  أنه قال: «على المرء المسلم السمع    61
8-    وعَنْ عَلِيٍّ : أَنَّ النَّبِيَّ  بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا فَأَوْقَدَ نَارًا    61
9-    وعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ     62
10-    وفي لفظ آخر لمسلم عن عُبَادَةَ بن الصامت ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ     62
11-    وعن عبد اللَّه بن مسعود  قال:قال رسول الله : «إنها ستكون بعدي أثرةٌ    62
12-    وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص بفي حديثه الطويل يرفعه: «إِنَّهُ لَمْ    63
13-    وعن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ    63
14-    وعن حذيفة  قال: «كان الناس يسألون رسول الله  عن الخير.    64
15-    وعن العرباض بن سارية  قال: وعظنا رسول الله  موعظةً وَجِلت منها    65
16-    وقال ابن رجب :: «أما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين    65
17-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «وقد استفاض وتقرر في غير هذا الموضع    65
18-    وقال الإمام الطحاوي :: «ونرى الجماعة حقاً، وصواباً، والفرقة زيغاً    66
19-    وقال شارح الطحاوية ابن أبي العز :: «قال اللَّه تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾    66
20-    وقال سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز :: «والمقصود من هذا أن الواجب    67
سادساً: لا تشترط الطاعة بأن يكون الإمام إماماً عاماً للمسلمين:    68
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين :: «ولا يشترط أن يكون إماماً عاماً.    68
سابعاً: أمر الجهاد موكول إلى إمام المسلمين واجتهاده:    69
1-    من طاعة ولي الأمر عدم الجهاد إلا بإذنه؛ لحديث عبد الله بن عمر ب    69
2-    ولحديث أبي هريرة  عن النبي  قال: «إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه.    69
3-    ومما يُفَسِّر ذلك قول الإمام ابن قدامة : تعالى: «وأمر الجهاد موكول إلى الإمام    69
4-    وقال الإمام الخرقي :: «وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا.    69
5-    وقال الإمام ابن قدامة :: «فإذا ثبت هذا فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير    70
6-    وذكر الإمام الخرقي وابن قدامة أيضاً أنه لا يجوز حتى الخروج من العسكر.    70
7-    ولمِا تقدم لا يجوز لأحد من أفراد رعية الإمام المسلم وإن كان عاصياً    71
8-    ولا يجوز لأحد من رعية الإمام أن يدعو الناس إلى الجهاد بدون إذن الإمام    71
9-    ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «والواجب أن يُعتبر في أمور الجهاد    71
10-    ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل للصحابة مع رسول اللَّه     71
11-    فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح.    72
12-    وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهيل بن حنيف : «اتهموا رأيكم    73
ثامناً: تحريم الخروج على الإمام المسلم:    73
1-    قال الإمام الطحاوي :: «ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد     73
2-    وقال الإمام الطحاوي : أيضاً: «... ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا    73
3-    وقال سماحة الإمام عبدالعزيز بن باز : تعليقاً على كلام الطحاوي :    73
وإذا أتى بالكفر الصريح يُنصح، ويُبيَّن له الحق، ويُحذَّر من الكفر    75
4-    وطاعة ولاة الأمر واجبة: سواء كانوا أبراراً أو فجاراً، والجهاد معهم    76
5-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «لَا تَجُوزُ مَعْصِيَةُ الْإِمَامِ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا    77
6-    وقال الطحاوي :: «وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَة    77
7-    وقال الإمام ابن باز : في تعليقه على شرح العقيدة الطحاوية: «الواجب    77
8-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : في مُكمّلات العقيدة من مكارم الأخلاق    77
9-    وقال الإمام ابن باز : تعليقاً على كلام شيخ الإسلام هذا: «هذه الكلمات    78
10-    قال الإمام ابن أبي العز الحنفي : في شرحه للعقيدة الطحاوية    78
11-    وَفِي البخاري أيضاً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ    79
12-    وقال شارح الطحاوية ابن أبي العز :: «اعْلَمْ، رَحِمَكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا    79
13-    وقال الإمام عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز :: «هذا إخبار عن الواقع    80
14-    وعَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ وَعْلَةَ: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ    81
15-    وفي صحيح البخاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ    81
16-    وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلَاتُه فِي نَفْسِهَا صَحِيحَة، فَإِذَا صلى الْمَأْمُومُ خَلْفَه لَمْ تَبْطُلْ    82
17-    وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ    82
18-    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ب أَنَّ النَّبِيَّ ، قَالَ: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ    82
19-    وعن ابْنِ عَبَّاسٍ بعَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ    82
20-    وعن عبد الله بن عمر ب قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا    83
21-    وعن عَرْفَجَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ    83
22-    وفي لفظ آخر لمسلم عَنْ عَرْفَجَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، يَقُولُ:    83
23-    وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ    84
24-    وسَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ  فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ    84
25-    وعن أم سلمة ل أن رسول الله  قال: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ    83
26-    وفي لفظ آخر لمسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ل، زَوْجِ النَّبِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ  أَنَّهُ قَالَ    84
27-    وعن عوف بن مالك  عن رسول الله  قال: «خيار أئمتكم الذين    84
28-    وعن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيدَ بن معاوية جمع ابن عمر حَشَمه    85
قال ابن حجر :: «وفي هذا الحديث وجوب طاعة الإمام    85
تاسعاً: وجوب النَّصيحة بالحكمة، والموعظة الحسنة لولاة أمر المسلمين    86
1-    ثبت عن النبي  أنه قال: «نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها    86
2-    قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في شرحه لهذا الحديث.    86
3-    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وما أمر الله به ورسوله    87
4-    وعن تميم الداري  أن النبي  قال: «الدِّينُ النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟    88
5-    قال ابن رجب :: «أما النصيحة لأئمة المسلمين: فحبُّ صلاحهم ورُشدهم    88
6-    وقال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي :: «وأما النصيحة لأئمة     89
عاشراً: من أهان السلطان المسلم المُقسط العادل أهانه الله تعالى:    89
1-    عن زياد بن كُسيب العدوي قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر    89
2-    ولفظ الإمام أحمد بدون ذكر القصة: «من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى    90
3-    ولهذا قال سهل بن عبد الله التستري :: «لا يزال الناس بخير    90
4-    وقال الإمام مسلم :: «وقد ذُكر عن عائشة ل أنها قالت: أمرنا رسول اللَّه 90
الحادي عشر: درجات إنكار المنكر:    91
إنكار المنكر مشروط بأن لا يحصل منكر أنكر؛ لأن إنكار المنكر له أربع درجات    91
الأولى: أن يزول، ويخلفه ضده.    91
الثانية: أن يقل، وإن لم يزل بجملته.    91
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.    91
الرابعة: أن يخلفه شر منه.    91
رّمة    91
الثاني عشر: النصيحة لولاة الأمر تكون سرّاً بين الناصح وبينهم:    91
1-    على من رأى من ولاة الأمور ما لا يحل، أن ينبههم سرّاً لا علناً    91
2-    وعن عياض بن غنم أنه قال لهشام بن حكيم ب: ألم تسمع بقول رسول الله     92
3-    قيل لأسامة بن زيد ب: لو أتيت فلاناً(    92
    93
4-    ولا شك أن الإنكار على ولي أمر المسلمين جهاراً أمام الرعية، وبحضرتهم يسبّب    93
5-    قال سماحة العلامة الإمام المحقق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز :    93
الثالث عشر: الدعاء لولاة الأمر من المسلمين:    94
من حقوق السلطان على رعيته الدعاء له:    94
1-    كان السلف الصالح: كالفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل    94
2-    يُذكر عن عثمان بن عفان  أنه قال: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن    94
3-    قال الإمام الحسن بن علي البربهاري :: «إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان    95
4-    وقال الفضيل بن عياض: «لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا للسلطان    95
5-    تكون النصيحة والدعاء للعلماء إذا حصل منهم قصور أو نسيان    95
الرابع عشر: الخارجون على أئمة المسلمين وصفاتهم    96
الخارجون على الإمام المسلم أربعة أصناف:    96
الصنف الأول: قوم امتنعوا عن طاعة الإمام، وخرجوا عن قبضته    96
الصنف الثاني: قوم لهم تأويل إلا أنهم نفر يسير لا منعة لهم    96
الصنف الثالث: قوم من أهل الإسلام يخرجون عن قبضة الإمام.    96
الصنف الرابع: الخوارج الذين يكفّرون بالذنب، ويكفّرون عثمان، وعليّاً    97
1-    أن رجلاً منهم قال للنبي  وهو يقسم غنيمةً بالجعرانه -: يا محمد اعدل    97
2-    وكان النبي  يقسم ذهباً، فجاء إليه رجل فقال: اتقِّ الله يا محمد    98
3-    وعن أبي سعيد الخدري  قال سمعت رسول الله  يقول: «يخرج فيكم    98
4-    وقال علي بن أبي طالب : سمعت رسول الله  يقول: «سيخرج في آخر الزمان    99
الخامس عشر: الاعتصام بالكتاب والسنة وخاصة أيام الفتن:    99
يجب على المسلم أن يعتصم بالكتاب والسنة، والالتفاف حول العلماء، وولاة الأمر    99
1-    وحذَّر النبي  من الفتن واستعاذ منها، وأمر بلزوم جماعة المسلمين    99
2-    وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: «يتقارب الزمان، وينقص العمل    99
3-    وقد بيّن النبي  أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرّ منه    100
4-    وحث النبي  على الأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن.    100
5-    وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : «ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم    100
السادس عشر: المخرج من جميع الفتن المضلة:    101
1-    التمسك والاعتصام بالكتاب والسنة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم    101
2-    قال الله : وَمَا كَانَ لـِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ،    101
3-    وقال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا .    101
4-    وقال تعالى فيمن يخالف أمر النبي : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ.    101
5-    وثبت عن النبي  أنه قال: «وَجُعِلَ الذُّلُّ والصغار على من خالف أمري.    101
6-    وجاء في السنن والمسانيد ما أُثر عن النبي  أنه قال:«لا ألفين أحدكم متكئاً.    102
7-    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :: «فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء.    102
8-    ولا شك أن الاختلاف يسبب الشرور الكثيرة، والفرقة، والعذاب.    103
9-    وقد بيّن النبي  بقوله: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة    103
10-    وعن حذيفة  قال: «كان الناس يسألون رسول الله  عن الخير.    103
قال الإمام النووي :: «وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم.    104
11-    ولا شك أن أمة محمد  لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة.    104
اللهم يا وليّ الإسلام، وأهله، مسِّكْنا بالإسلام، وثبِّتنا عليه، حتى نلقاك عليه    105
الفهارس العامة    107
1- فهرس الآيات القرآنية    108
2- فهرس الأحاديث النبوية    112
3- فهرس الألفاظ الغريبة    121
4- فهرس الأبيات الشعرية     123
5- فهرس الموضوعات    124


 
 

 

 

العلماء والملوك والأمراء في عقيدة أهل السنة والجماعة

Letöltés

A könyvről

Szerző :

Saeed Bin Ali Bin Wahf Al-Qahtani

Kiadó :

www.islamland.com

Kategória :

Erkölcsök és illemek