كيف تترك الغيبة؟
(خطوات عملية)
هناء بنت عبدالعزيز الصنيع
الرياض-1437
@h_sanee3
[email protected]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أكثرُ خطايا ابنِ آدمَ في لسانِه)
كيف تترك الغيبة..؟
مرحبًا بك..
مرحبًا بهمتك العالية التي جعلتك تقلب عينيك هنا بحثًا عن النجاة..
أظن أنك من الأشخاص الذين يتمنون التخلص من شر الغيبة، وإثم الاستماع لها بأسرع وقت..
ومن المؤكد أنك تريد معرفة أيسر الطرق لذلك..
أنت إيجابي حقًا لأنك تدرك معنى قول الله تعالى:
}.. وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أحَدُكُمْ أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ{ ]الحجرات:12[
حسنًا.. تفضل هنا سنساعدك بخطوات عملية على ترك الغيبة، وترك الاستماع لها الذي لا يقل إثمًا عنها..
استعن بالله، ثم ابدأ معنا:
1- لا بد أن يكون لديك إرادة ورغبة قوية في تطهير لسانك من الغيبة..!
واعلم أنه: لا توجد كلمة مستحيل إلا في قاموس الضعفاء!..
قيل لأحد القادة: إن جبال الألب شاهقة تمنع تقدمك، فقال: يجب أن تزول من الأرض.
2- جدد نيتك واصدق مع الله ليوفقك لترك الغيبة وأخواتها:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}
]العنكبوت:69[
لاحظ كلمة }جَاهَدُوا{ فالحصول على ما تريد يحتاج إلى جهاد:
النفس والشيطان.
لا تستصعب ذلك فقد سبق لك أن جاهدت في أمور كثيرة لتحصل عليها ونجحت، كالدراسة و كسب الرزق أليس كذلك؟.. وقد قيل:
"بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى".
3- هل تعلم أن الإكثار من الطاعات القولية والفعلية يمنعك من الغيبة؟
تقول: كيف..!
سأخبرك..
نحن نعلم أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، هذا يعني أن إيمانك سيزيد إذا أكثرت من الصالحات، وعندها ستصبح أقوى في مواجهة المعاصي لاسيما الكبائر ومنها الغيبة.
4- قبل أن تغتاب أغمض عينيك، وتخيل أنك تمضغ لحمًا متعفنًا لإنسان ميت و تلوكه بين أسنانك برائحته الكريهة، ومنظر الدماء المقزز..!
شعورك بهذا المذاق القبيح على لسانك سيشله عن الغيبة تمامًا..
سمعنا كثيرًا عن أكلة لحوم البشر، وما علمنا أنهم يعيشون بيننا، وربما شاركناهم فعلهم ونحن نضحك!..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما عَرَجَ بي ربي عزَّ وجلَّ مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِنْ نحَاسٍ، يَخْمِشونَ وجوهَهم وصدورَههم، فقلْتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، ويقعونَ في أعراضِهِم" صحيح الجامع.
5- اقرأ في سير الشخصيات الناجحة، ولاحظ أنهم لا وقت لديهم للقيل والقال.. هل رأيت عظيمًا يضيع عمره في مكالمات ومجالس للغيبة؟..
نُقل عن عامر بن عبد قيس أحد التابعين الزهاد: أن رجلاً قال له:
كلمني، فقال له عامر: أمسك الشمس.
6- مارس الرياضة لتخرج طاقتك الجسدية، وتشغل نفسك في أمور مباحة تعود عليك بالنفع، ولا تضرك.
7- أشبع رغبتك في الكلام بتلاوة القرآن وترديد الأذكار، وإن كان ولا بد من أحاديث الدنيا فلتكن بما يسر من الأخبار والأحوال المباحة.. ذكر أحدهم أنه كان يجد صعوبة في حفظ القرآن، ولكنه عندما تاب من الغيبة حفظ البقرة وآل عمران في شهر واحد!.
8- أقوالك مكتوبة ومحفوظة، قال الله تعالى:
}ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{ ]ق:18[
}ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ{ ما يتكلم من كلام فيلفظه أي: يرميه من فيه.
}إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ:{ حافظ.
}عَتِيدٌ{: حاضر أينما كان.
هذا يعني أنك ستفكر بالكلمة كثيرًا قبل أن يرميها لسانك.
9- لا أحد يقبل الإفلاس لنفسه لأن المال ثمين، وأثمن منه الحسنات..
تذكر الجهد العظيم الذي بذلته في حياتك لتجمع الحسنات
ثم ها أنت تهديها لمن اغتبته في دقائق!
فيفوز هو وتخسر أنت!
كن قوي الإيمان والإرادة، ولا تقبل أن يأخذ أحدهم حسناتك.
أنت من تعب في جمعها، وأنت الأحق بالتنعم بها..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ،
فقال: إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حسناتُه قبل أن يقضيَ ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه، ثمَّ طُرِح في النَّارِ"
صحيح مسلم.
10- عود نفسك على حماية أعراض المسلمين فتلك عبادة أجرها كبير جدا، وتنجيك من إثم الاستماع للغيبة، وتجعل المغتاب لا يفكر أن يغتاب مرة أخرى أمامك، فتسلم من شره في تضييع حسناتك إذا استمعت له ولم تنكر عليه..
إن عملك بهذا الحديث سيجعلك تترك الغيبة تلقائياً لأن الذب عن الأعراض والوقوع فيها لا يجتمعان..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَن ذَبَّ عَن عِرْضِ أخِيهِ بِالغِيبةِ، كان حقًّا على اللهِ أنْ يُعْتِقَه من النارِ"
صحيح الجامع.
11- قل لنفسك سأختبر قوتي في التحكم بنفسي والسيطرة على شهواتي، فلن أغتاب هذه المرة أحداً مهما كانت الدوافع قوية.. ثم اشعر بلذة الانتصار على النفس والشيطان، هذه اللذة التي تجدها هي الزيادة في الإيمان التي أحدثتها طاعتك
- تركك للغيبة - وكلما كررت الموقف نفسه ستجد انشراحا في صدرك وأنساً تحدثه الطاعات..لا تظن أنك عندما تترك المعصية لله تحمي نفسك من الإثم فحسب بل تؤجر على التروك ويزداد إيمانك وتشعر بحلاوة ذلك في حياتك كلها.
12- ادعُ بصدق وبكثرة للشخص الذي اغتبته..
أو تراودك نفسك أن تغتابه.. لن يفكر الشيطان بعدها أن يوسوس لك أن تغتاب!..أتدري لماذا..؟
لأنك فعلت عكس مراده فهو يريدك أن تهلك كما هلك هو..
لكنك في الحقيقة تزداد حسنات، لا سيئات..
فوسوسته لك أتت بنتائج عكسية تغيظه، ولا تسعده، سيغادرك ليبحث عن شخص ساذج ليضله:
}قَالَ رَبِّ بِمَا أغْوَيْتَنِي لَأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأرْضِ وَلَأغْوِيَنَّهُمْ أجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ]{الحجر:39-40[
أي: أحبب إليهم المعاصي، وأرغبهم فيها.
}إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ{: إِلا من أَخْلَصْته بِتوفيقك فَهديته, فَإِن ذَلك ممن
لا سُلْطَان لي عليه، ولا طَاقَة لي بِه.
13- عليك أن تسعى لتحقيق أهداف عليا في حياتك:
الشخصية، والأسرية، ومجال تخصصك، سيملأ ذلك وقتك بالمفيد وسيصرفك عن - الكبائر- الغيبة وأخواتها..
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غرَبَت فيه شمسُهُ، نقص فيه أجلي، ولم يزدَدْ فيه عملي).
14- العفو من أقوى الأسباب التي تقتل الغيبة في مهدها، فأصحاب الخصومات قل أن تسلم ألسنتهم من نار الغيبة؛ لأن قلوبهم ذابت من حرارة الخصومة..
نصيحة: تخلص من الخصومات بحسمها سريعًا، أو بالعفو، أو بالتغافل لأن بقاءها يؤدي إلى الغيبة..
وما أحكم قائل هذه الأبيات:
لما عفوتُ ولم أحقِدْ على أحدٍ أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ
إني أُحيِّي عدُوِّي عندَ رؤيتِه لأدفعَ الشرَّ عني بالتحياتِ
وأظهرُ البشْرَ للإنسانِ أبغضُه كأنما قد حشَى قلبي محباتِ
النَّاسُ داءٌ، وداءُ النَّاسِ قربُهمُ وفي اعتزالِهمُ قطعُ الموداتِ
15- اختر الأصحاب الأتقياء والجلساء الأنقياء، فهم لايغتابون أحدًا عندك، فتسلم من إثم السماع أو المشاركة في الغيبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تُصاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، ولا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيّ " صحيح الترغيب.
16- أكرم نفسك وارفعها، فإن مصاحبتك لأهل الغيبة - ولو لم تشاركهم فيها- تزري بك، وتحط من قدرك..
قال الشاعر:
وصاحب إذا صاحبت حرًا مبرّزًا ... يزين ويزري بالفتى قـرنـاؤه.
17- لا تحضر مجالس الغيبة عندما توجه إليك دعوة لحضورها، فالعلماء اشترطوا شروطًا لإجابة الدعوة، فإذا لم تتحقق هذه الشروط لم يكن حضور الدعوة واجبًا ولا مستحبًا، بل يحرم حضورها، ومنها:
ألا يكون هناك منكر في مكان الدعوة، فإن كان هناك منكر وهو يستطيع رفعه وجب عليه الحضور لسببين: إجابة الدعوة، وتغيير المنكر، وإن كان لا يمكنه رفعه حرم عليه الحضور.
18- لتنجو من كبيرة الغيبة تخلص فوراً من أصحاب السوء قبل أن يأتي اليوم الذي سيتخلون فيه عنك، وستندم أنت على معرفتهم والأوقات التي أضعتها من عمرك معهم..!
}يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَقَدْ أضلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا{ ]الفرقان:29[.
وحكم هذه الآية عام في حق كل متحابين اجتمعا على معصية الله
سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو الأزواج أو غيرهم.
19- تعاون مع شخص تثق فيه أن ينبهك عندما تغتاب، وتفعل معه الشيء نفسه، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ]المائدة:2[.
20- اقتنِ حصالة غير قابلة للفتح وكلما اغتبت أحدًا ضع فيها مبلغًا ليس زهيدًا لتتصدق به، ستقل الغيبة كثيرًا وربما تلاشت من لسانك.
21- انسَ طول الأمل وأنك ستعيش أعوامًا مديدة، وتذكر كثرة موت الفجأة وانفض غبار الغفلة عنك لترى حقيقة الدنيا عندها ستكون مستعدًا للمغادرة في أي لحظة، لذلك عليك أن تجدد التوبة باستمرار من جميع المعاصي.
22- من حوافز الغيبة:
• الفراغ:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ الصِّحَّة والفراغُ" صحيح البخاري.
فالغبن أن تبيع شيئًا نفيسًا بثمٍن بخس..
نصيحة: أشغل نفسك بما ينفعك، ولا تسمح للفراغ وأهله أن يضيعوا حياتك ومعها حسناتك.
• الحسد:
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".
كل الصفات المذمومة المذكورة في الحديث تؤدي إلى الوقوع في الغيبة بشكل أو بآخر لذلك كن بعيدًا عنها.
• سوء الظن:
قال الله تعالى: }يَا أيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا { ]الحجرات:12 [، وأيضًا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
"إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا" رواه البخاري.
لا تباغَضوا: أي لا تعملوا عملاً يُؤَدي بِكُم إلى أنْ يبغض بعضكم بعْضًا.
والغيبة من أكثر الأعمال التي تجعل الناس يبغض بعضهم بعضًا..
(الفراغ.. الحسد.. سوء الظن) عليك ألا تسمح لهذه الأمور الثلاثة
بأن تفسد علاقتك مع الله، عالجها وطور ذاتك.
23- كن شكورًا لنعمة اللسان.. والبيان
فشكر النعمة يكون في وضعها فيما خُلقت له، فوالله ما خلق الله لك لسانك لتغتاب وتنم وتسب وتلعن!.. بل لغايات عظيمة نبيلة: تلاوة وذكر، علم ودعوة، أمر بمعروف ونهي عن منكر، وكلمة طيبة فيها رضاه إلى يوم تلقاه.
24- اعمل على بناء ثقافتك الشخصية حول موضوع (حفظ اللسان)اقرأ كثيرًا عن آفات اللسان لتعرف الآيات والأحاديث وأقوال الصالحين حول ذلك، فالجانب المعرفي مهم في ردعك عن الغيبة, والعالِم ليس كالجاهل في القدرة على حبس النفس عمّا يضرها.
25- لا تقضِ وقتًا طويلاً في المكالمات الهاتفية، وكذا في الزيارات الودية، فإن الإطالة قد تؤدي أحيانًا إلى الاستطالة في أعراض المسلمين.
ومن آداب الزيارة تقصير وقتها، ففي سورة الأحزاب عاتب
الله سبحانه وتعالى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم أطالوا الجلوس في بيته.
26- كما تتقبل عدم الكمال في شخصك، توقعه أيضًا في غيرك وكف لسانك عنهم إلا مِن أمر بمعروف أو نهي عن منكر..
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
إذا رمتَ أن تحيا سليمًا منَ الرَّدى وَدِينكَ مَوفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ
فَلاَ يَنْطقن مِنْكَ اللسَانُ بِسوأة ٍ فَكلّكَ سَوءاتٌ وَلِلنَّاسِ أعْينُ
وعَاشِرْ بمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعتَدَى ودافع ولكن بالتي هي أحسنُ
27- كن هادئًا عندما يثيرك أحدهم ولا تغضب؛ لتحسن التصرف، واحرص دائمًا على التحكم بردود أفعالك، فالتوتر والانفعال يحفزان على الغيبة وغيرها من الأمور التي ستندم عليها لاحقًا.
28- الإكثار من تلاوة القرآن تطهير للسانك وقلبك
فإذا جئت لتغتاب سيميز قلبك الحي الغيبة وسيضطرب خوفًا من الله
وستشعر بثقل في لسانك، ولن تستلذ بها بل لن تكملها..!
أتدري لماذا؟.. لأن بركة القرآن ظهرت عليك فعظمت الله وخشيته.
29- عندما تبتلى بحصول الغيبة في التجمعات العائلية يمكنك استضافة شخص يتحرج الحاضرون من الغيبة أمامه، وتقوم أنت بمساعدة الجميع على إدارة الأحاديث الهادفة.
30- لا تتحمس كثيرًا لمعرفة ما يدور من أحاديث جانبية بين اثنين، فربما تقترب منهم بحسن نية لتشاركهم الحديث الشيق فتتفاجأ أنها أحاديث غيبة وغيرها من آفات اللسان العظيمة التي لا يعلم بها إلا الله، والله سبحانه ذم النجوى إلا في المعروف:
}لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أوْ مَعْرُوفٍ أوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا{ ]النساء:114[
}لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نجْوَاهُمْ{ يعني: كلام الناس.
}إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ{ أي: إلا نجوى من قال ذلك.
}وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله{ أي: مخلصًا في ذلك محتسبًا ثواب ذلك عند الله عز وجل.
}فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا{ أي: ثوابًا كثيرًا واسعًا.
31- كن ثابتًا، ولا تدفعك غيبة شخص لك إلى أن تغتابه أنت، فتخسر كما خسر، فما سلم أحد من ألسنة الناس!
قال ابن دريد الأزدي:
وَما أحَدٌ مِن ألسُنِ الناسِ سالِما وَلَو أنَّهُ ذاكَ النَبِيُّ المُطَهَّرُ
فَإِن كانَ مِقدامًا يَقولونَ أهوَج وَإِن كانَ مِفضالاً يَقولونَ مُبذِرُ
وَإِن كانَ سِكّيتًا يَقولونَ أبكَم وَإِن كانَ مِنطيقًا يَقولونَ مهذرُ
وَإِن كانَ صَوّامًا وَبِاللَيلِ قائِمًا يَقولونَ زَرّافٌ يُرائي وَيَمكُرُ
فَلا تَحتَفِل بِالناسِ في الذَمِّ وَالثَنا وَلا تَخشَ غَيرَ اللَهِ فَاللَهُ أَكبَرُ
32- إن كنت تخاف من أن تُسكت المغتاب فيغضب عليك
فاﻷولى أن تخاف أن تسمعه فيغضب الله عليك..!
كن واضحًا وصريحًا مع المغتاب برده وعدم إعطائه الفرصة ليكمل غيبته، وقل له: بصراحة أنا تعبت في جمع حسناتي ويهمني أن أحافظ عليها.. وبين له أن الغيبة من الكبائر، ولا تجامل أحدًا في دينك.
قال الشاعر بهاء الدين زهير:
ما قلتَ أنتَ ولا سمعتُ أنا هذا حديثٌ لا يليقُ بنا
إنّ الكرامَ إذا صحبتهمُ سَترُوا القَبيحَ وَأظهَرُوا الحَسَنَا
33- ﻻ تجلس بجوار شخص معروف بها، وﻻ تخالطه، وﻻ تقض معه وقتًا طويلاً..
أما إن جلس هو بجوارك..!
فيمكنك أن تُوجد سببًا للمغادرة وعدم العودة..
وإن اضطررت للعودة فاجلس بعيدا عنه.
34- لتنجو من كبيرة الغيبة أكثر من الدعاء بحفظ لسانك وسمعك وقبلهما قلبك، وما أجمل هذا الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهمَّ اجعلْ في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، ومن فوقي نورًا ، ومن تحتي نورًا، ومن أمامي نورًا، ومن خَلْفي نورًا، واجعلْ لي في نفسي نورًا، وأَعظِمْ لي نورًا " صحيح الجامع.
35- من دوافع الغيبة الشعور بضيق في الصدر، فيوسوس لك الشيطان بأنك سترتاح عندما تغتاب..! فيضيق صدرك أكثر لأنك ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب، بينما الحل الفعال للشعور بالضيق هو تلاوة كلام ربك الذي سيزيل جبال همومك، وستجد الانشراح والسعة في صدرك، ولن تفكر بعدها لا بغيبة ولا قيل وقال.
36- عندما تبدأ بالغيبة تخيل الشخص الذي تغتابه جالسًا أمامك ينظر إليك، أظنك ستختار كلامًا لا يمت للغيبة بصلة..
}وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أحَقُّ أَن تَخْشَاهُ{ ]الأحزاب:37 [
والأعظم من ذلك اليقين بأن الله يراك:
}ألَمْ يَعْلَمْ بِأنَّ اللَّهَ يَرَى{ ]العلق:14[ فاستح من ربك واخشه..
قال أحد الصالحين لأصحابه: أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث
إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء؟ قالوا: لا، قال: فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل.
37- ﻻ تحشر نفسك في أمور ﻻ تعنيك، وأشغل نفسك فيما يعنيك؛ لأن الفضول المذموم يؤدي إلى الغيبة، وإن لم يكن فهو ضياع لوقتك بل عمرك!
و قد قيل:(من علم أن كلامه من عمله قل كلامه).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يا مَعشَرَ من أسلمَ بلِسانِه، ولم يُفْضِ الإيمانُ إلى قلبِه! لا تُؤذُوا المسلِمينَ، ولا تَتَّبِعوا عوراتِهم؛ فإنَّه مَن تَتَبَّعَ عَوْرةَ أخِيِه المسلم تَتَبَّع اللهُ عَوْرتَه، ومَن تَتَبَّع اللهُ عورتَه؛ يَفضحْه، ولو في جَوفِ رَحْلِه"
صحيح الترغيب.
38- عندما تجلس مع فرد أو مجموعة بادر أنت بفتح حوار مفيد، بعيدًا عن الكلام في الناس وحياتهم الخاصة، هذه طريقة عملية لحفظ لسانك وألسنتهم ولك ثواب الإحسان إليهم بصرفهم عن الكبائر، ودلالتهم على ما ينفعهم.
39- أشغل لسانك بذكر الله، سينشغل تلقائيًا عن ذكر خلقه.
قال مكحول: (ذكر الله تعالى شفاء وذكر الناس داء).
40- حاول السيطرة على تعابير وجهك وحركة جسدك (الغمز.. واللمز.. والتقليد) من الغيبة، قال الله تعالى: }وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ{ ]الهمزة:[1
قال ابن عباس: }هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ{ طعان معياب.
وقال الربيع بن أنس: (الهمزة) يهمزه في وجهه، و(اللمزة) من خلفه.
وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
قال ابن كيسان: (الهمزة) الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ.
و(اللمزة) الذي يومض بعينه ويشير برأسه، ويرمز بحاجبه وهما نعتان للفاعل.
(وَيْلٌ) خزي، أو عذاب، أو هلكة، أو واد، في جهنم يسيل من صديد أهل النار وقيحهم.
41- التحق بإحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، سترى أثر القرآن وبركته ليس على لسانك فحسب بل على حياتك كلها.
42- هذه الفكرة طُبقت ونجحت، جربها..
وضع أحدهم في مكتبه لوحة كتب عليها هذه العبارة:
(لا يبلغني أحد عن أحد شيئًا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأَنا سليم الصدرِ)..
فأراح نفسه من سماع الغيبة واستراح من المجاملة والمشاركة فيها.
يمكنك أيضًا أن تطبق هذه الفكرة في منزلك مع إضافة لمسات جمالية للوحة.
43- ضع أمامك مرآة كبيرة وأنت تغتاب لترى الملامح الشيطانية التي ستظهر لك!.. لاحظها جيدًا..
نظرات عينيك حارة وحادة!..
طريقة تنفسك وكلامك فيهما توتر واضح!
شاهد لغة الجسد لديك كلها تعبر عن الكراهية!.. التي تفسد عليك دنياك وأخراك..
توقف عن الغيبة فورًا وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..!
} إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ{ ]الحشر:[16.
44- ضع نفسك مكان الشخص الذي تغتابه، هل سترضى أن يغتابك شخص واحد، فضلاً عن مجموعة أشخاص؟..
أو أن تكون فاكهة لمجالس الناس يسخرون منك، ويضحكون عليك أو يمكرون بك؟..
لا أظنك ترضاه أبدًا.. فأحب لغيرك ما تحبه لنفسك فحرمة المسلم عند الله عظيمة..
نظر ابنُ عمر رضي الله عنه إلى الكعبةِ فقال: (ما أعظَمَك، وما أعظمَ حُرمتك) والمؤمنُ أعظمُ حُرمةً عند اللهِ منك).
45- " لا تغضب "، نصيحة لم أقلها أنا لك!
إنما قالها نبيك صلى الله عليه وسلم، لأن نار الغضب تجعلك تحرق حسناتك بالغيبة وأخواتها فانتبه!.. عليك فقط أن تستعيذ بالله من الشيطان، و تتوضأ، وستهدأ، وينتهي كل شيء، وستحمد الله أنك أمسكت لسانك، قال نبيك صلى الله عليه وسلم:
"أمسِكْ عليك لسانَك" صحيح الترغيب.
46- اذكر الله بصوت مسموع عندما تلاحظ أن أحدهم بدأ يغتاب، فإن لذكر الله قرعًا في القلوب يزجرها ويهزها هزًا، ستلاحظ أن المغتاب لن يكمل، أو سيختصر ولن يعود لها مرة أخرى.
47- انظر إلى اليوم الذي لم تغتب فيه كإنجاز رائع يحفزك إلى المزيد..
(قيل لأحدهم: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أشتهي عافية يومٍ إلى الليل. فقيل له: ألست في عافية في كل الأيام؟ فقال: العافية يومٌ لا أعصي الله تعالى فيه) ومن العافية أن يمر يومك ولم تقع في الغيبة.
48- قبل أن تتكلم تذكر هذا الحديث ثم قرر: هل ستقول ما لديك، أم الأفضل أن تصمت؟.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ)صحيح البخاري.
49- غادر المكان الذي ﻻ تستطيع اﻹنكار فيه على المغتابين، أو حاولت الإنكار ولم تفلح، قال الشاعر:
إذا لم أجــد خلاً تقيًا يؤانســني
فوحدتي خير وأشهى من غوي أعاشره
وأجلـــس وحدي للعبادة آمنًا
أقرَّ لعيني من جلــــيس أحاذره
50- عليك أن تدرك أنه لا فائدة تجنيها من مجالسة المغتابين، وأنك المتضرر الأول من ذلك، فمن يثرثر لك سوف يثرثر
عنك حتمًا كن واثقًا من ذلك!..
ثم إن المسألة تتعلق بحسناتك لابد أن تفهم معنى ذلك هنا في الدنيا قبل أن تراه بعينيك هناك في الآخرة.
51- ذكَر أحدهم أنه يكثر من الدعاء بحفظ لسانه قبل اختلاطه بالناس و وجد لذلك أثرًا طيبًا بفضل الله.
52- لا تكتبها.. احذر من الغيبة المكتوبة بأي طريقة كانت،
ومنها كتابتها في وسائل التواصل الاجتماعي
قل لنفسك: يستحيل أن أكتب الغيبة فأهلك نفسي بسيئات تجري آثامها
علي في حياتي و بعد مماتي!.. ويتسابق الناس في نشرها أعوامًا طويلة
ليضحكوا من شخص سخرت أنا منه!
أو يتعجبوا من شخص فضحته بكلامي!
سأكون أنا الضحية.. ضيعت حسناتي و حملت آثام الناس!.
53- تخيل قذارة الغيبة كلما هممت بها، ونزه لسانك الطاهر الذاكر عنها، فقد قيل: الغيبة مائدة طعام الكلاب، وإدام الفساق، ومن أعمال أهل الفجور.
54- معرفتك للأحاديث التي تنهى عن الغيبة رادع قوي لك، ومنها
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق" صححه الألباني في السلسلة الصحيحة
الربا في اللغة: الزيادة.
المعنى: إن أشد الربا غيبة المسلم، سمى الغيبة ربا لأنها زيادة على ما شرع الله، وليس الربا خاصًّا بالبيع والشراء، والحديث فيه التحذير من الغيبة وأنها من كبائر الذنوب، ومن أشد المحرمات.
55- لا تحرص على الحديث عن الناس مع الآخرين، فكثيرًا ما يؤدي ذلك إلى الغيبة منك أو منهم، بل حدثهم وتحدث معهم عن ما يحبه الله، وبين لهم ما يكرهه؛ أي حدثهم عما خُلقنا جميعًا لأجله (عبادة الله) وهكذا لن يكون هناك مساحة للغيبة أبدًا، والموفق من وفقه الله.
56- أثناء جلسة الغيبة، وبعدها ذكر جلساءك بأعمالهم الصالحة التي تعبوا في عملها، وقل لهم: يا لَحَظِّ من اغتبتموه! أخذ من حسناتكم حتى شبع وجُعتم، وحتى اغتنى وافتقرتم، وحتى تنعم وتعذبتم!
هكذا تكون أوقفت الغيبة بالتذكير بعاقبتها.
57- تذكر هذا الحديث لتحفز نفسك على التوبة من الغيبة، فحفظ اللسان طريق إلى الجنة ضمنه حبيبنا لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَن يَضْمَنْ لي ما بين لَحْيَيْهِ، وما بين رِجْلَيْهِ، أَضْمَنْ له الجنةَ"
صحيح الجامع.
58- يمكنك عمل مسابقة في موضوع هذا الكتيب للأشخاص الذين تخالطهم، وذلك لرفع الوعي لديهم بخطورة الغيبة، فتساعدهم بذلك على النجاة منها، وتنجو أنت قبلهم، فإن لم يتركوا الغيبة، فلن يغتابوا عندك على الأقل، وهذه خطوة عملية وإيجابية ستفيدك كثيرًا.
59- في كل مرة تغتاب فيها اندم وتحسر على تفريطك، وأكثر من الاستغفار وقول لاحول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل، واستعن بالله على جهاد نفسك ورغباتها المهلكة.
60- إذا اغتبت أحدًا قم وصلِ ركعتين واستغفر ربك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ:"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة
أَوْظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
صححه الألباني في صحيح أبي داود.
61- احفظ فتاوى مؤثرة عن حكم الغيبة لتطرحها موضوعًا للحوار في المجالس التي يغلب على ظنك أن الغيبة ستدور فيها، فتكون أنت قد بادرت بقطع جذور الشر قبل أن تُسقى
وتنمو..
هذه الفتاوى ستساعدك على ذلك وهي للعلامة ابن باز رحمه الله:
الفتوى الأولى:
السؤال:
هناك عادة عند بعض الناس، وهي: الغيبة والنميمة، ولا يوجد من ينهى عن هذا المنكر، وأنا أحيانًا أسمعهم وهم يتكلمون في الناس، وأحيانًا أتكلم معهم لكن أشعر أن ذلك حرام، ثم أندم على عملي هذا وأتجنبهم، ولكن قد تجمعني بهم بعض الظروف، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب:
الغيبة والنميمة كبيرتان من كبائر الذنوب، فالواجب الحذر من ذلك، قال الله سبحانه: }وَلَا يَغْتَب بعْضُكُم بَعْضًا{ ]الحجرات:12[،وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لما عَرَجَ بي ربي عزَّ وجلَّ مرَرْتُ بقومٍ لهم أظفارٌ مِنْ نحَاسٍ، يَخْمِشونَ وجوهَهم و صدورَهم، فقلْتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ، ويقعونَ في أعراضِهِم" صحيح الجامع، هم أهل الغيبة.
والغيبة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ذكرك أخاك بما يكره"،
هذه هي الغيبة، ذكرك أخاك بما يكره..
" قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: إن كان فيه ما تقولُ، فقد اغتبتَه، وإن لم يكنْ فيه، فقد بهتَّه" صحيح مسلم.
فالغيبة منكرة وكبيرة من كبائر الذنوب، والنميمة كذلك، قال الله جل وعلا: }وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مهِينٍ*هَمَّازٍ مشَّاء بِنَمِيمٍ{ ]القلم:10-11[
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلُ الجنةَ نَمَّامٌ " صحيح مسلم.
"مرَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ بقبرينِ فقال: إنَّهما ليعذَّبانِ وما يعذَّبانِ في كبيرٍ، أمَّا أحدُهُما فَكانَ لا يستبرئُ من بولِهِ، وأمَّا الآخرُ فَكانَ يمشي بالنَّميمةِ" صحيح النسائي.
فالواجب عليك أيتها الأخت في الله الحذر من مجالسة هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويعملون بالنميمة، وإذا جلستِ معهم، فأنكري عليهم ذلك، وحذريهم من مغبة ذلك، وأخبريهم أن هذا لا يجوز، وأنه منكر، فإن تركوا وإلا فقومي عنهم، لا تجلسي معهم، ولا تشاركيهم في الغيبة، ولا في النميمة.
الفتوى الثانية:
السؤال:
هل كفارة المجلس تكفر ما حصل من غيبة ونميمة أثناء الحديث؟
الجواب:
"سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك"، هذه كفارة المجلس، أما الغيبة لا، لابد يتحلل صاحبها، أو يدعو له ويذكر محاسنه التي يعرفها عنه، في المواضع التي اغتابه فيها، هذا حق آدمي، الغيبة حق آدمي، لابد يتحلله فإن لم يتيسر ذلك يذكره بالمحاسن والأعمال الطيبة التي يعرفها منه في المواضع التي اغتابه، يتوب إلى الله ويندم على ذلك ويستغفر، ويعزم أن لا يعود، هذه التوبة من الغيبة، إذا عجز عن استحلاله.
'' قبل الوداع ''
أظنك الآن اتخذت القرار السليم:
لا...لضياع حسناتي
لا...للمجاملات الاجتماعية التي فيها خسارتي لديني
سأكون شخصية جديدة.. و سأكون واضحًا مع الجميع
وسأقول بحزم:
لا...للغيبة
اللهم اجعل لساني بالحق ناطقًا وللباطل منكرًا
و احفظ جميع جوارحي عن الحرام..
ربِ استعملني فيما يرضيك وباعدني عما لا يرضيك
وارزقني الإخلاص والقبول.
اللهم صلِ وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد عدد ما خلقت
والحمد لله الحميد.