About the fatwa
النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة على الإطلاق
Answer
الجواب :
الحمد لله
أولا :
النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة ، وهذا مما فضله به ربه على العالمين .
روى مسلم (197) عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ ) .
وروى الإمام أحمد (12469) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ ، وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا فَخْرَ )
قال الألباني في "الصحيحة" (4/ 100): " سنده جيد، رجاله رجال الشيخين " .
ثانيا :
روى البخاري (1149) ، ومسلم (2458) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ : ( يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ ) قَالَ: " مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي : أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا ، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ " .
دف نعليك : يعني حركة نعليك وصوتهما في الأرض .
وروى الترمذي (3689) عن بُرَيْدَةَ ، قَالَ: " أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ : ( يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ ، فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي ، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا : لِرَجُلٍ مِنَ العَرَبِ ، فَقُلْتُ : أَنَا عَرَبِيٌّ ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقُلْتُ: أَنَا قُرَشِيٌّ ، لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ) ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بِهِمَا) ".
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال ابن القيم رحمه الله :
" نتلقاه بالقبول والتصديق ، ولا يدل على أن أحدا يسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجنة ، وأما تقدم بلال بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة : فلأن بلالا كان يدعو إلى الله أولا في الأذان ، فيتقدم أذانه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم دخوله بين يديه ، كالحاجب والخادم .
فتقدمه بين يديه : كرامة لرسوله ، وإظهار لشرفه وفضله ، لا سبقا من بلال ؛ بل هذا السبق من جنس سبقه إلى الوضوء ، ودخول المسجد ونحوه ، والله أعلم " .
انتهى من "حادي الأرواح" (ص 116) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَمَشْيه بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ مِنْ عَادَته فِي الْيَقِظَة ، فَاتَّفَقَ مِثْله فِي الْمَنَام , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ دُخُول بِلَال الْجَنَّة قَبْلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ فِي مَقَام التَّابِع , وَكَأَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَقَاء بِلَال عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي حَال حَيَاته ، وَاسْتِمْرَاره عَلَى قُرْب مَنْزِلَته , وَفِيهِ مَنْقَبَة عَظِيمَة لِبِلَالٍ " انتهى من "فتح الباري" (3/35) .
وقال القاري رحمه الله :
" وَهَذَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْخَادِمِ عَلَى الْمَخْدُومِ ، وَلَعَلَّ فِي صُورَةِ التَّقْدِيمِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ عَمِلَ عَمَلًا خَالِصًا، وَلِذَا خُصَّ مِنْ بَيْنِ عُمُومِ الْخُدَّامِ بِسَمَاعِ دَفَّ نَعْلَيْهِ الْمُشِيرِ إِلَى خِدْمَتِهِ ، وَصُحْبَتِهِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الدَّارَيْنِ وَمُرَافَقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَلكِ : وَهَذَا أَمْرٌ كُوشِفَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ فِي نَوْمِهِ ، أَوْ يَقَظَتِهِ ، أَوْ بَيْنَ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ ، أَوْ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، وَمَشْيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيلِ الْخِدْمَةِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَقَدُّمِ بَعْضِ الْخَدَمِ بَيْنَ يَدِيِّ مَخْدُومِهِ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمَا رَآهُ لِيَطِيبَ قَلْبُهُ وَيُدَاوِمَ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلِتَرْغِيبِ السَّامِعِينَ إِلَيْهِ " .
انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 984) .
وينظر أيضا: "تحفة الأحوذي" ، للمباركفوري (10/ 120) ، "دليل الفالحين" لابن علان (6/ 614-615) .
وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك على سبيل التمثيل ، فلا يتعدى كونه رؤيا منامية ، رآها النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ، ولا يلزم أن يكون الأمر على ذلك يوم القيامة .
قال بدر الدين العيني رحمه الله :
" وَأما سبق بِلَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّخُول فِي هَذِه الصُّورَة : فَلَيْسَ هُوَ من حَيْثُ الْحَقِيقَة ، وَإِنَّمَا هُوَ بطرِيق التَّمْثِيل ؛ لِأَن عَادَته فِي الْيَقَظَة أَنه كَانَ يمشي أَمَامه ، فَلذَلِك تمثل لَهُ فِي الْمَنَام ، وَلَا يلْزم من ذَلِك السَّبق الْحَقِيقِيّ فِي الدُّخُول " انتهى من "عمدة القاري" (7/ 208) .
وقال العراقي رحمه الله :
" إنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى رُؤْيَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ أَمَامَهُ فِي الْجَنَّةِ كُلَّمَا دَخَلَ ، مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؛ فَكَيْفَ مَعْنَى تَقَدُّمِ بِلَالٍ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا؟
فالْجَوَابُ : أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا : إنَّهُ يَدْخُلُهَا قَبْلَهُ فِي الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّمَا رَآهُ أَمَامَهُ فِي مَنَامِهِ، وَأَمَّا الدُّخُولُ حَقِيقَةً : فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا مُطْلَقًا، وَأَمَّا هَذَا الدُّخُولُ فَالْمُرَادُ بِهِ سَرَيَانُ الرُّوحِ فِي حَالَةِ النَّوْمِ ؛ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .
انتهى من "طرح التثريب" (2/ 58) .
والله أعلم .