عن المقال

المؤلف :

Muhammad Naasiruddeen al-Albaanee

التاريخ :

Sat, Sep 20 2014

التصنيف :

فتوى

تحميل

سلسلة الهدى والنور - الشريط رقم : 399

الشيخ : في عديد من الأحاديث الصّحيحة أمره عليه السّلام كلّ مصلّ سوى المقتدي بالإمام باتّخاذه السّترة فقال عليه الصّلاة والسّلام ( إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) كثيرا ما نحدّث النّاس و نذكّرهم بهذا الحديث و بخاصّة إذا كان في غرفة مثلا و نراه يصلّي لا إلى سترة , فيكون جوابه لجهله لهذا الحديث و ما جاء  في آخره ( لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) يكون جوابه على البداهة يا شيخ ما في أحد هنا الغرفة الّتي هو يصلّي فيها يقول ما فيها أحد حتّى يقطع عليه الصّلاة فنحن نجيبه يا أخي في أحد لكن أنت لا تراه , هناك شياطين الجنّ الّذين وصفهم الله عزّ و جلّ وصف أباهم و ذريّته بقوله (( إنّه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )) فإذا لا تغترّ بقيامك في غرفة محصورة ليس فيها أحد سوى أنت تصلّي فتصلّي كيفما اتّفق لا إلى سترة , أو بعيد عن السّترة بزعم أنّ لا أحد يمكن أن يمرّ , فاعلم أنّ هناك خلقا لا تراهم بعينك , ربّنا عزّ و جلّ خلقهم و ابتلانا بهم وهم شياطين الجنّ لذلك قال عليه الصّلاة والسّلام ( إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشّيطان ) أي خشية أن يقطع الشّيطان عليه صلاته , هذا الشّيطان قد يكون من شياطين الإنس وقد يكون من شياطين الجنّ , فإذا كنت تصلّي في مكان تظنّ أنّه ليس فيه ساكن أو لا يحتمل أن يمرّ أحد من الإنس بين يديك فتذكّر أنّ هناك خلقا آخر يمكن أن يمرّ بين يديك مرورا ليس مرورا ماديّا تشعر به أنت كما تشعر بمرور الإنسان الّذي هو خلق من الطّينة الّتي أنت خلقت منها , تذكّر هذه الحقيقة و تذكّر معها أنّ النّبيّ صلّى لله عليه وسلّم الذي جاء في بعض الأحاديث الصّحيحة ( أنّ الله عزّ وجلّ وكّل بكلّ إنسان قرينه من الجنّ قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال و لا أنا ولكنّ الله أعانني عليه فأسلم ) وفي رواية أو في ضبط ( فأسلم ) يعني أسلم من شرّه , مع هذه الخصوصيّة الّتي خصّ الله بها نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فقد روي وهو قائم يصلّي بأصحابه يوما فوجئ أصحابه بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مدّ يده هكذا كأنّه يقبض على شيء , لكن المصلّين من خلفه لا يرون شيئا فلمّا صلّى عليه الصّلاة والسّلام سألوه عن هذه الحركة الّتي ليس من عادته أن يأتيها في صلاته , فقال عليه الصّلاة والسّلام وهنا الشّاهد ( إنّ شيطانا هجم عليّ وفي يده شعلة من نار يريد أن يفسد عليّ صلاتي فأخذت عنقه بيدي وشددت عليه حتّى وجدت برد لعابه في يدي ولولا دعوة أخي سليمان عليه السّلام (( ربّ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد )) من بعدي لربطته بسارية من سواري المدينة حتّى يصبح الصبيان يلعبون به ) فإذا كان الشّيطان همّ بإفساد صلاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو سيّد البشر وهو المعصوم , ومن عصمته أنّ الله أعانه على شيطانه فأسلم كما سمعتم فإذا كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وهذه منزلته عند ربّه همّ الشّيطان أن يفسد عليه صلاته والنّاس من خلفه لا يرون شيئا من ذلك فإذن نحن يجب أن نتذكّر هذه الحقيقة حينما قال عليه السّلام ( إذا صلّى أحدكم فليصلّي إلى سترة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) لا تتصوّروا أنّ هذا الشّيطان المقصود به جنس أو نوع من البشر فقط , قد يكون هذا وقد يكون من شياطين الجنّ كما رأيتم في الحديث الصّحيح ثمّ جاء في حديث آخر , وهذا يجب الانتباه له أيضا ( إذا صلّى أحدكم فليدن من سترته ) الحديث الأوّل أمر بالسّترة الحديث الثّاني يتضمّن حكما جديدا وهو أن يقترب من سترته أيضا العلّة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته , ما مقدار الاقتراب من السّترة ؟ جاء في صحيح البخاريّ أنّه كان بين موضع مصلّى النّبيّ أي سجوده عليه السّلام وبين السّترة ممرّ شاة , مقدار شبر أو شبر و نصف تقريبا ومعنى هذا أنّ المصلّي لا يقترب من السّترة بحيث لا يكون هناك فجوة , وإنّما يبتعد عنها قليلا ولا يبتعد عنها كثيرا فتخرج السّترة عن كونها سترة شرعيّة , والمسافة هو ما سمعتم  ممرّ شاة مقدار شبر أو شبر ونصف . هذا فيما يتعلّق بأمره عليه السّلام بالسّترة وتحديد المسافة الّتي تكون بين موضع سجود المصلّي وبين السّترة , من أهميّة هذه السّترة شرعا أمورا منها أنّك إذا كنت تصلّي إلى غير سترة وأراد أن يمرّ بين يديك أحد من النّاس فلا يجوز لك أن تمنعه وعلى خلاف ذلك إذا كنت تصلّي إلى سترة وأراد أن يمرّ أحد فنبيّنا يأمرنا بقوله ( فليدفعه ) فليدفعه أي بالّتي هي أحسن , فإن أبى فليقاتله , فإنّما هو شيطان أي من شياطين الإنس , وقد يكون من شياطين الجنّ , لأنّ من صلاحيّة و من قدرات الجنّ أنّهم يتمثّلون بصور الإنس وغيرها , إذن من كان يصلّي إلى سترة له حقّ أن يدفع المارّ بل وأن يقاتله , أمّا إذا كان يصلّي هكذا في العراء لا إلى سترة و أراد أحد أن يمرّ بين يديه فليس له هذا الحقّ بأن يصدّه و أن يدفعه , أهم من هذا أنّ هناك من الأشخاص إذا مرّ بين يدي المصلّي ولم يكن يصلّي إلى سترة تبطل صلاته , تبطل صلاته هذا يقع كثيرا , خاصّة في المسجد الحرام وفي المسجد النّبويّ , ثمّ سرت عدواهما إلى كثير من المساجد ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم ولعلّي أنهي الجواب عن هذا السّؤال بهذا الحديث قال عليه السّلام ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرّحل المرأة والحمار و الكلب الأسود , قالوا ما بال الكلب الأسود يا رسول الله ؟ قال إنّه شيطان ) أيضا هذا الحديث يشير إلى ... ( فادفعه فإن أبى فقاتله فإنّما هو شيطان ) , يمكن أن يكون من شياطين الجنّ تمثّل بصورة الإنس فإذا مرّت المرأة بين يديك و أنت تصلّي إلى سترة فلا شيء عليك و صلاتك صحيحة , أمّا إذا كنت تصلّي لا إلى سترة فقد بطلت صلاتك بمجرّد مرور المرأة كذلك الحمار وكذلك الكلب الأسود , ولذلك فينبغي للمسلم أن يحرص على أن يصلّي دائما و أبدا لا فرق بين فريضة ونافلة أن يصلّي إلى سترة , أوّلا تجاوبا مع أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم و ثانيا حتّى لا يقع في مخالفة دفع من يمرّ بين يديه إذا لم يكن اتّخذ سترة و ثالثا و أخيرا حتّى لا تبطل صلاته فيما إذا مرّ بين يديه أحد الأشخاص الثّلاثة الّذين ذكروا في الحديث الصّحيح تفضل ارفع صوتك .

السائل : كيف أسلم شيطان النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ؟ كيف أسلم وهو ملعون ؟

الشيخ : أوّلا يجب أن نعلم أنّ الله عزّ وجلّ لمّا خلق الإنس و الجنّ ما خلقهم جميعا شياطين كفّارا عصاة وإنّما خلقهم على الفطرة فكما أنّه يوجد في الإنس صالحون و طالحون فيهم من لقّبهم ربّ العالمين بأنّهم شياطين ,كذلك الجنّ ولا فرق أبدا من هذه الحيثيّة يوجد فيهم الصّالح و الطّالح , وهذا مذكور صراحة في سورة الجنّ و على لسان الجنّ (( و أنّا منّا القاسطون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا )) فكما يوجد في الإنس صالح و طالح فكذلك يوجد في الجنّ صالح و طالح , فمن أسلم من الجنّ فهو صالح و من لم يسلم فهو كافر أو فاسق على الأقلّ , ولذلك فلا إشكال على إحدى الرّوايتين في قوله عليه الصّلاة والسّلام ( ولكنّ الله أعانني عليه فأسلم ) لا إشكال في هذا لأنّ الجنّ ليس كلّهم كفّارا منهم الصّالحون ومنهم دون ذلك فإذن حديثه فأسلم يشير إلى هذه الحقيقة أنّ من الجنّ الصّالح ومنهم الطّالح , ونحن نعلم جميعا أنّ إبليس بصريح القرآن (( كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه )) فمن كان من ذريّته يفسق أيضا و يخرج عن أمر ربّه فهو مثله ومن أسلم وأطاع ربّه فهو جنيّ مسلم , فلا فرق إذا بين الإنس و الجنّ من حيث أنّ فيهم المؤمن والكافر فيهم المؤمن الصّالح و فيهم المؤمن الطالح هذا جواب ما سألت .

السائل : منهم من يردّ حديث الكلب الأسود شيطان ويقول بأنّ هناك حديث ( لا يقطع الصّلاة شيء ) فما الرّد على هؤلاء ؟

الشيخ : لا يصحّ أن يقال منهم من يردّ حديث أنّ الكلب يقطع الصّلاة ... .

أبو ليلى : يقطع الصّلاة ؟

الشيخ : لا . يرد الحديث الّذي يقول أنّ الكلب يقطع الصّلاة هكذا كان السّؤال , الجواب عن هذه الشّبهة بعد أن سمعتم قوله صلّى الله عليه و سلّم أنّه يقطع الصّلاة بالشّرط المذكور هذه الأشياء الثّلاثة المرأة و الحمار و الكلب الأسود تأتي هنا شبهة أنّ هناك حديثا يقول ( لا يقطع الصّلاة شيء ) وجوابنا عن هذا الحديث و عن هذه الشّبهة أنّ الحديث النّافي لقطع الصّلاة حديث منكر ضعيف الإسناد لم يروه أوّلا أحد الصّحيحين و ثانيا في إسناده إنّما رواه أبو داوود و غيره و في إسناده من لا تقوم به حجّة و ثالثا وأخيرا عفوا قبل الأخير أنّ هذا الحديث مع ضعف إسناده فهو يخالف أحاديث كثيرة صحيحة تصرّح بأنّ الشّيطان يقطع الصّلاة مع التّفصيل بأنّ هذا القطع قد يكون بمعنى الإبطال كما في الحديث الأخير و فيه المرأة و الحمار و الكلب الأسود و قد يكون القطع بتقليل فضل الصّلاة و تنقيص أجرها فهذه الأحاديث الّتي تصرّح بأنّ هناك شيئا يقطع الصّلاة مجموع هذه الأشياء أنّه لا يتّخذ سترة فلا يصحّ حينئذ أن يعارض هذه الأحاديث و بخاصّة الحديث الأخير الذّي هو في صحيح مسلم حديث الثّلاثة لا يجوز أن يعارض بمثل حديث ( لا يقطع الصّلاة شيء ) لأنّه ضعيف الإسناد , منكر المتن , هذا ثالثا ورابعا و أخيرا إذا جاء روايتان صحيحتان و لا يمكن ردّ إحداهما حينئذ وجب التّوفيق بين الرّوايتين بوجه من وجوه التّوفيق فنقول ( لا يقطع الصّلاة شيء ) إمّا أن يقال بأنّ هذا كان على الأصل على البراءة الأصليّة قبل أن يأتي الحكم الجديد وهو إثبات القطع المشار إليه في تلك الأحاديث وإمّا أن نقول أن  القطع المنفيّ هو القطع الكامل أي القطع المنفي هو الّذي يفسّر بمعنى بطلان الصّلاة وهذا صريح في الحديث الأخير إنّما الحديث الأوّل ( إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) هذا القطع حقيقة عند العلماء كما سبقت الإشارة إليه ليس بمعنى الإبطال وإنّما هو بمعنى نقص الثّواب و الأجر كما جاء في الحديث الصّحيح ( إنّ الرّجل ليصلّي الصّلاة ما يكتب له منها إلاّ عشرها ) و هكذا حتّى قال عليه السّلام ( أو نصفها ) فهذا النّقص في فضل الصّلاة هو الّذي يتعرّض له الّذي يصلّي إلى غير سترة فعلى هذا المعنى لو صحّ حديث ( لا يقطع الصّلاة شيء ) يحمل أمّا حديث مسلم ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرّجل المرأة و الحمار و الكلب الأسود ) إلى آخره فهذا قطع أخطر من القطع الأوّل , وهو يعني الإبطال وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله إلاّ في رواية عنه توقّف في موضوع الكلب الأسود , ولا ينبغي لنا أن نتوقّف بعد أن صحّ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قرن الكلب الأسود مع الحمار ومع المرأة , والمرأة في هذا الحديث يراد بها كما جاء في رواية الحائض أي البالغ , فإذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ سنّ التّكليف , فهذه لا تقطع الصّلاة لقوله عليه السّلام في سنن أبي داود بلفظ المرأة الحائض و ليس المقصود المرأة الّتي هي في حالة الدّورة الشّهريّة لأنّ هذه من الأمور الباطنة الّتي لا يعقل أن تكلّف الشّريعة المؤمنين بها , لأنّ امرأة مرّت بين يديك حتّى لا سمح الله لو كانت متبرّجة من أين لك أن تدري أنّها حائض أو طاهر , فما بالك إذا كانت وهي متحجّبة بالجلباب الشّرعيّ فالمقصود بالحائض إنّما هي البالغ . تفضل .

الشيخ : ايش عندك نعم

السائل : السّترة عن اليمين أم عن اليسار ؟

الشيخ : أيوه أحسنت جاء في سنن أبي داود بإسناد ضعيف لا تقوم به حجّة ( أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا صلّى إلى سترة لا يصمد إليها صمدا وإنّما عن يمينها أو عن يسارها ) هذا مع ضعف إسناده كما ذكرت آنفا فهو يخالف ظواهر الأحاديث الّتي ذكرنا آنفا بعضها فليصلّي إلى سترة ظاهر العبارة إلى سترة أي متوجّها إليها , ولو كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يريد أن لا يصمد المصلّي إليها صمدا لقال فليصلّي إلى يمينها أو إلى يسارها , كذلك جاء في صحيح البخاريّ ومسلم من حديث أبي جحيفة السوائي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان إذا خرج لصلاة العيد خرج بلال ومعه العنزة وهي عصاة معكوفة الرّأس فتنصب بين يديه في المصلّى فيصلّي إليها فكلّ الأحاديث متوافرة متضافرة على أنّه سواء ما كان منها فعليّة أو قوليّة على أنّ السّترة يتوجّه إليها و يصمد إليها صمدا و لا يميل يمينا و يسارا , لأنّ الحديث الّذي ورد في ذلك حديث ضعيف .

السائل : ماذا عن طول السّترة ؟ وهل يجزئ الخطّ أو الشّيء إذا كان مفتوحا من أسفل ؟

الشيخ : طول السّترة جاء الإشارة إليه في حديث ما يقطع الصّلاة من الأمور الثّلاثة وهو قوله عليه السّلام ( إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرّحل ) مؤخرة الرّحل رحل البعير وأنتم العرب أهل البعران أدرى من الأعاجم بمؤخرة الرّحل وهي العصاة الّذي تكون في مؤخرة الرّحل ويعلّق عليها الرّاكب زاده و متاعه ونحو ذلك وهي في العادة تكون نحو شبر ونصف شبرين إن طالت فنحو هذا ينبغي أن تكون السّترة من حيث الطّول , أمّا من حيث السّماكة فليس هناك حدّ ولو كان سهما رفيعا أو عمودا كهذا أو أرفع فهو سترة , أمّا حديث الخطّ الّذي جاء السّؤال عنه أخيرا , فهو كما أقول في مثل هذا السّؤال إنّه حديث ضعيف مضروب عليه بخطّ فإنّه يعارض الأحاديث الصّحيحة ومنها ( إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرّحل ) ولا يتكلفنّ أحد فيقول و إذا كان في الصّحراء فلم يجد هناك سترة فهل يخطّ خطّا ؟ نقول هذه والله أعلم فرضيّة قلّ ما تتحقّق حتّى على سطح القمر , فلا بدّ أن يكون هناك شيء مرتفع يمكن الإنسان أن يتوجّه إليه إمّا نبتة صغيرة و إمّا صخرة ناتئة و إمّا أيّ شيء فأن نتصوّر إنّه الصّحراء الّتي يسافر النّاس فيها لا يجدون سترة إلاّ أن يخطّوا بين أيديهم خطّا فنحن لا نتصوّر هذا و لكنّنا نتوسّع في الجواب و نقول إن وقع شيء من ذلك فلا خطّ لأنّ القول بالخطّ تشريع جديد و لا يجوز للمسلم أن يشرّع في دين الله إلاّ بالنّقل عن الله و رسوله و إذا لم يكن هناك من السّترة ما يحقّق الأمر النّبويّ حينذاك نقول (( لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها )) القاعدة العامّة ( صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) فإذا ما استطعت أن تحصل السّترة الشّرعيّة فلا تخترع سترة من ذهنك و هو الخطّ على الأرض , هذا جوابي .

السائل : هل يكوم كومة من الرّمل هل يجزئه ؟

الشيخ : ممكن قد يقول لك ما في رمل .

السائل : واحد أشكل عليه يقول كيف أستطيع السّجود و المسافة شبر ونصف ؟ لم يفهم الكلام .

الشيخ : سائل يقول كيف أستطيع السّجود والمسافة شبر ونصف نحن قلنا بين مصلّى النّبيّ أي موضع سجوده ليس بين قيامه وبين سترته والآن أقول لمّا دخل الرّسول عليه السّلام الكعبة في غزوة الفتح وصلّى ركعتين قال بلال و نقل ذلك عنه عبد الله بن عمر بن الخطّاب كان بين الرّسول وبين جدار الكعبة ثلاثة أذرع , فليطمئنّ السّائل فنحن ما قلنا بين قيامه و بين سترته شبر و نصف لا, وإنّما بين موضع سجوده أي بين رأسه وبين سترته نحو شبر ونصف أمّا بين قيامه وبين السّترة فنحو ثلاثة أذرع فقط . نعم .

السائل : نحن جماعة درسنا مناسك الحجّ على تفاصيل كتابيكما حجّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومناسك الحجّ والعمرة لكن رغم هذا بتنا خارج حدود المزدلفة حسب العلامات المستعملة جهلا منّا بالمكان لا بالحكم فما يترتّب علينا ؟

الشيخ : كيف حسب العلامات يعني باتوا في المزدلفة ؟

السائل : لا . يقول حسب العلامات باتوا خارج مزدلفة .

الشيخ : آه , باتوا خارج مزدلفة .

السائل : جهلا منا بالمكان لا بالحكم فما يترتّب علينا ؟

الشيخ : إذا كان بياتهم خارج المزدلفة مع إمكانهم البيات في المزدلفة فحينئذ تكون حجّتهم غير صحيحة , أمّا إذا كان لم يمكنهم إلى ذلك , فأعتقد أنّ عذرهم هنا مقبول , ولكنّي لا أفهم كيف يعلمون حكم البيات في المزدلفة و يرون اللاّفتات تحدّد المنطقة ؟

السائل : ما رأوا اللافتات هم ناموا وفي الصّباح تبيّن لهم اللاّفتات هكذا حسب السؤال  والله أعلم .

الشيخ : السّؤال يقول إنّه مع علمهم أوّلا بالحكم , وثانيا ... .

السائل : جهلوا المكان فقط , واللاّفتات رأوها في الصّباح .

الشيخ : على كلّ حال .

سائل آخر : يا شيخ نمنا في اللّيل ولم نر العلامات

الشيخ : كيف

السائل : لم نر العلامات ... وحرصا منّا على اتّباع السّنّة المبيت قبل المشعر الحرام , ثمّ نأتي في الصّباح المشعر الحرام ولم نرى العلامات لكنّ الحكم نعرفه أن المبيت في مزدلفة واجب وتحرينا ..

الشيخ : طيّب ما رأيت النّاس يومّمون ويقصدون مكانا ؟

السائل : كثير من النّاس ما زالوا حولنا , فقبل منّا .

الشيخ : المهمّ أن لا تنزل أنت حولهم لأنّهم يكونون على جهل فهل رأيت الجماهير مثلا ييمّمون شطر جهة معروفة ؟ أم أنت انغششت بهؤلاء الّذين نزلوا قبلك ؟ المهمّ الجواب في مثل هذه القضايا يوكل الأمر الى المكلّف بعد التّفصيل إن كان المكلّف قد فعل المستطاع لتطبيق حكم الشّرع الّذي قرأتموه في الكتاب ثمّ ما وفّقتم إلى ذلك فربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا , بلغ  أمّا إن كان هناك تقصير يسأل عنه المقصّر فحينئذ المسألة كالّذي يصلّي صلاة وهي باطلة , كالذي يصلّي بدون طهارة فهذا لا عذر له لأنّ أمر شرطيّة الطّهارة بالنّسبة للصّلاة لا يخفى على إنسان , فإذا فعلتم المستطاع لمعرفة المزدلفة والبيات فيها ثمّ لم توفّقوا فأنا أظنّ أنّ حجّتكم صحيحة , أمّا إذا كان الأمر لا سمح الله أنّكم قصّرتم وكان لسان حالكم يقول أيّها النّاس اتّبعوا النّاس بينما هذا ليس شرعا , أيّها النّاس اتّبعوا سيّد النّاس فإذا كان لا سمح الله لسان حالكم هكذا هي النّاس نحن ... ومثل ما بقول بعض الجهلة والله نحن مع النّاس , إن دخلوا الجنّة دخلنا معهم وإن دخلوا النّار والعياذ بالله دخلنا معهم , لا . فمن إذن فعل الواجب وأخطأ فلا شيء عليه أمّا من قصّر فهنا تأتي المسؤوليّة . نعم .

السائل : هل الرّجل المكيّ إذا حجّ عن رجل مات من أصحاب الآفاق هل عليه طواف وداع ؟

الشيخ : من أصحاب إيش ؟

السائل : آفاقي يعني رجل هو مكيّ حجّ عن رجل آفاقيّ .

الشيخ : أيوه .

السائل : مات فهل عليه طواف وداع ؟

الشيخ : لا بدّ مادام أنّ المحجوج عنه آفاقيّ .

السائل : رجل خرج من بلده وهو ناو الحجّ لوالدته واعتمر ولبّى لوالدته , وعند الحجّ لبّى لوالده بدل أن يلبّي لوالدته , فما الحكم ؟

الشيخ : إن كان تلبيته الثّانية عن والده سبق لسان ونيّته لم تتغيّر فحجّه صحيح وهذا كما يقال بالنّسبة لكثير ممّن ابتلوا بالتّلفّظ بالنّية , هنا الّذين ذهبوا إلى شرعيّة التّلفّظ بالنّيّة , توسّعوا في هذه المسألة بعض التّوسّع محاولة منهم لمعالجة بعض الأخطاء الّتي تقع من بعض المصلّين الّذي يتلفّظون بالنّية , فقالوا إذا دخل المصلّي المسجد ليصلّي صلاة الظّهر فقال بلسانه نويت أن أصلّي صلاة العصر و هو يريد أن يصلّي صلاة الظّهر , فهل صلاته صحيحة أم باطلة ؟ قالوا وهذا حقّ العبرة بنيّته وليست بلفظه فإن كانت نيّته أن يصلّي الظّهر فعلا وهو وقت الظّهر فصلاته صحيحة ولا يضرّه خطؤه لفظا , وهو قوله نويت أن أصلّي صلاة العصر , وعلى العكس من ذلك إذا كان شارد الذّهن والبال والخاطر , ولمّا دخل ليصلّي صلاة الظّهر قال نويت أن أصلّي صلاة الظّهر لفظه صواب لكن في نيّته العصر لشرود باله فصلاته باطلة لأنّ العبرة بما في القلب وليس بما في اللّفظ فهنا نقول بالنّسبة لتلبية هذا الرّجل عن أبيه فيما بعد , إن كان هذا سبق لسان فلا قيمة له , و إن كان غيّر نيّته فهو ما حجّ لا عن أمّه و لا عن أبيه وعليه أن يعيد الحجّ من عامّ قابل عن أمّه .

السائل : ما دليل عدم صحّة حجّ من لم يبت في مزدلفة ؟ هذا السّؤال جاء الآن ونريد تفصيل مسألة الحجّ عن الغير .

الشيخ : هو قوله عليه السّلام الصّحيح الصّريح لمّا جاءه رجل أظنّه من طيّ وقال أنّه ما ترك جبلا إلاّ صعده ولا واديا إلاّ هبطه حتّى جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو في المزدلفة يسأل عن حجّه هذا مع جهده الكثير هل هو صحيح أم لا ؟ فأجابه عليه الصّلاة والسّلام بقوله ( من صلّى صلاتنا هذه معنا في جمع وكان قد وقف في عرفة ساعة من ليل أو نهار , فقد قضى تفثه وتمّ حجّه ) قرن أوّلا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم الصّلاة في المزدلفة والوقوف على عرفة ساعة من ليل أو نهار قرنهما أوّلا مع بعض , وثانيا ربط على مجموعهما أنّ من فعل ذلك فقد قضى تفثه وتمّ حجّه , ومعنى ذلك أنّه من أخلّ بأحد المقرونين أحدهما بالآخر فما قضى تفثه وما أتمّ حجّه أي من كان وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار ولكن ذهب سراعا إلى منى فما صلّى الفجر في المزدلفة فقد أخلّ بهذا الشّرط تماما كما لو صلّى في المزدلفة ولم يكن وقف في عرفة أخلّ بالشّرط هذا وهو الأوّل فحينئذ حجّته لا تتمّ , نعم .

السائل : كان لشخص حادث سيّارة في عرفات ومنع من قبل الشّرطة أن يبيت فبات في عرفات ولم يستطع أن يبيت في مزدلفة حتّى الصّباح أفرج عنه فهل هذا يأخذ حكم المكره ؟

الشيخ : أنت تقول منع أن يقف في عرفات ؟

السائل : لا , وقف في عرفات .

الشيخ : إذن ؟

السائل : ولكن حبس في عرفات ولم يطلق صراحه إلاّ في الصّباح ولم يبت في مزدلفة .

الشيخ : طيّب هو البيات غير صلاة الصّبح في مزدلفة يعني البيات كلّ اللّيل من بعد أن يفيض النّاس من عرفات إلى مزدلفة وينامون هناك , هذا هو البيات هذا هو الواجب لكن أهمّ من هذا الواجب صلاة الصّبح في مزدلفة فإن كان صلّى الصّبح في المزدلفة

السائل : لم يصلّ الصّبح يا شيخ .

الشيخ : أيضا ! معناها مرّ مرورا .

السائل : نعم مرورا .

الشيخ : أي نعم يعود هذا الجواب عن مثل ما سبق بالنّسبة للذين باتوا خارج المزدلفة أيضا هذا مضطرّ وليس مسؤولا عن تقصيره فنرجو أن لا يؤاخذ على ذلك .

السائل : هل يلزمه دم ؟

الشيخ : ما يلزم .

السائل : الالتزام ما بين الرّكن و الباب هل بعد العمرة ؟ أو قبل العمرة ؟ أو بين الأشواط ؟

الشيخ : لا , إنّما هو عند الطّواف بين الأشواط .

سائل آخر : شيخ جزاك الله خيرا بالنسبة لما ذكرتموه قبل قليل بخصوص من نوى عن والدته أن يحجّ عن والدته ولكن بالحج نسي أن يلبّي لوالدته ولبّى لوالده.

الشيخ : نسي تقول أنت ؟

السائل : نعم نسي .

الشيخ : هذا خطأ نحن قلنا العبرة بالنّيّة , وليس باللّفظ .

السائل : ولكن في نيّته كان عن أمّه .

الشيخ : عن أمّه , طيّب .

السائل : عن والده في الحجّ كان ينوي نسيانا إنّه نوى لوالده كان يفتكر أنّه لم يحجّ لوالده , ولكن النّيّة الأصليّة كانت لوالدته.

الشيخ : إيه ولمّا حجّ ؟

السائل : لبّى عن والده .

الشيخ : يعني قصد ذلك ؟

السائل : لا نسيانا .

الشيخ : نسيانا ؟

السائل : أي نعم .

الشيخ : أيضا يظمّ النّسيان إلى سبق اللّسان فالحكم واحد , نعم .

السائل : هل يجوز تغطية الرّأس و الوجه أثناء الإحرام والرّجل محرم يعني ؟

الشيخ : طبعا لا يجوز للمحرم أن يغطّي رأسه ووجهه لحديث الّذي وقصته النّاقة فمات , فأمر عليه الصّلاة والسّلام بأن يكفّنوه في ثوبيه و أن لا يخمّروا رأسه ووجهه , نعم .

السائل : دخلت بنيّة التّمتّع .

الشيخ : نعم هناك شخص يريد أن يسأل؟

السائل : دخلت بنيّة التّمتّع

الشيخ : نعم

السائل : دخلت بنيّة التّمتّع وبعد التّحلّل الأصغر من عمرتي تحلّلت واعتمرت عن والدتي ؟

الشيخ : كيف اعتمرت عن والدتك ؟

السائل : خرجت إلى التّنعيم بعد الإحرام لبّيت لبّيك اللهمّ عمرة عن والدتي وطفت وسعيت .

الشيخ : هذا لا يشرع إذا أردت أن تعتمر عن والدتك فينبغي بعد الحجّ بأيّام أن تعود إلى ميقاتك و تحرم من هناك بعمرة عن والدتك . نعم .

السائل : لماذا لا تجوز الانتخابات ؟ وكيف الوصول إلى إقامة الدّولة المسلمة ؟

الشيخ : هذا بحث طويل أنا أقول بإيجاز الانتخابات طريقة أوروبيّة شركيّة وثنيّة لأنّها قائمة على خلاف المنهج الإسلامي في كثير من الأمور من ذلك أنّ قوله تعالى (( وأمرهم شورى بينهم )) لا يشمل كلّ المسلمين صالحهم و طالحهم , عالمهم وجالهم وإنّما يقصد (( وأمرهم شورى بينهم )) الخاصّة منهم إيمانا وعلما وفهما ومعرفة بأحوال النّاس و حاجاتهم فضلا عن أنّ هذه الآية الكريمة الّتي هي الأصل في مجلس الشّورى لا يعني المؤمن والكافر أمّا الانتخابات المعروفة فهي لا تفرّق أوّلا بين مسلم وكافر , وثانيا بالأولى و الأحرى أن لا تفرّق بين المؤمن الصّالح و الطّالح , بين المؤمن العالم والمؤمن الجاهل , وهذا أمر معروف ومشاهد في كلّ الدّول الّتي تتبنّى نظام الانتخابات على طريقة البرلمانات لذلك نعتقد أنّه لا يجوز للدّولة المسلمة أن تستنّ بسنّة هؤلاء المشركين الّذين يصحّ لنا أن نخاطبهم بقول ربّ العالمين (( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون )) أماذا كيف يمكن استئناف الحياة الإسلاميّة و إقامة الدّولة المسلمة فهذه في الحقيقة من أهمّ المسائل ألّتي تشغل بال الدّعاة الإسلاميّين اليوم , وهم مختلفون مع الأسف الشّديد أشدّ الاختلاف ونحن من منطلقنا , من قول نبيّنا صلّى الله عليه و سلّم  في خطبه كلّها ( وخير الهدى هدى محمّد ) نرى أنّ استئناف الحياة الإسلاميّة و إقامة الدّولة المسلمة يجب أن تكون بنفس الطّريقة الّتي جرى عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى مكّن الله له و لأصحابه في الأرض و أقام دولة الإسلام وقضى على دولة الكفر ذلك بالنّسبة إلينا يتلخّص في كلمتين وشرحهما يحتاج إلى محاضرات عديدة وهناك تسجيلات متكرّرة في تفصيل هاتين الكلمتين وهما التّصفية والتّربية تصفية الإسلام ممّا دخل فيه في كلّ النّواحي الشّرعيّة فيما يتعلّق بالعقائد وما يتعلّق بالرّقائق وما يتعلّق بالأحاديث تمييز صحيحها من ضعيفها وما يتعلّق بالفقه وما دخل فيه من آراء مخالفة للسّنّة الصّريحة , ثمّ أخيرا تصفية الإسلام من التّصوّف الّذي فيه كثير من الانحرافات و أخطرها القول بوحدة الوجود , هذا القول الّذي هو كفر باتّفاق علماء المسلمين ولكنّه مع الأسف الشّديد يلتقي مع قول لبعض الفرق الإسلاميّة و لاتزال قائمة في عصرنا هذا هم الّذين يقولون إذا سئلوا السّؤال النّبويّ ( أين الله ؟ ) قالوا الله في كلّ مكان هذه هي فكرة وحدة الوجود حينئذ لا بدّ من تصفية هذا الدّين من هذه الأمور الدّخيلة على هذا التّفصيل المجمل الّذي ذكرته , والشّيء الثّاني قلت التّصفية و التّربية , التّربية , تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفّى وحينئذ يوم يسير المسلمون على هذه التّصفية و يربّون أنفسهم وأهليهم على ذلك يومئذ تبدأ تظهر تباشير تحقيق المجتمع الإسلاميّ ثمّ إقامة الدّولة المسلمة . أمّا وبقاء كلّ شيء على ما ورثناه وفيه الغثّ و السّمين كما يقال فهذا مثله كمثل الدّواء الّذي خلط فيه الدّاء فهو إن لم يزد المريض مرضا فسوف لا يحصل به الشّفاء , ذلك مثل الإسلام إذا لم يصفّ ممّا دخل فيه من هذا التّفصيل الموجز الّذي ذكرته آنفا , نعم .

السائل : يقول ابتليت الأمّة بالتّحزّب مثل ما ابتلي السّلف بالفرق و الخلف بالتّمذهب فما موقف المسلم منها ؟ ثمّ ما حكمها وحقيقتها وحقيقة التّنظيم ؟ وسؤال آخر من غيره ما هو موقف المسلم من التّحزّب والتّجمّع الدّعوي من ناحية الولاء والبراء والمحبّة ؟

الشيخ : لقد تكلّمنا عن هذه القضيّة في جلسة سابقة ولا أرى الوقت الآن مناسب لنخوض فيه أيضا بتفصيل وربّما يكون تفصيلا آخر , ولكنّنا نقول ... بأنّ الحزبيّة في الإسلام أقول الآن عبارة صريحة هي بدعة ضلالة فيما يتعلّق بالبدعة فيه تفصيل دقيق , البدعة الضّلالة هي كلّ أمر حادث يقصد به التّقرّب والتّعبّد به إلى الله تبارك وتعالى , هذه البدعة إذا حدثت ولم تكن مخالفة للشّرع من جهة أخرى فيكفي في بدعيّتها أن يكون المقصود بها زيادة التّقرّب إلى الله تبارك وتعالى وتكون بدعة ضلالة لأنّ التّعبّد إلى الله عزّ وجلّ قد انتهى أمره بنزول قوله تعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم )) الآية وببيانه صلّى الله عليه وسلّم في مثل قوله كما في صحيح مسلم ( ما بعث الله نبيّا إلاّ كان عليه حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم ) والحديث الآخر ( ما تركت شيئا يقرّبكم إلى الله و يبعّدكم عن النّار إلاّ ونهيتكم عنه ) فإذا لا مجال للإحداث لبعض الأمور بقصد زيادة التّقرّب إلى الله , فمن فعل ذلك فقد شرع في الدّين ما لم يشرّعه الله وهذا عليه نكير شديد كما تعلمون (( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به الله )) لكن شرّ البدع وهنا المقصود من هذا الكلام أن يتقرّب المسلم إلى الله بمعصية الله عزّ وجلّ , مثلا نضرب مثالا قائما في كثير من البلاد الإسلاميّة قبل هذا الزّمان بسنين طويلة إنّهم يصلّون إلى قبور صالحيهم و أوليائهم وهذا أمر منهيّ عنه كما تعلمون ولا حاجة للتّفصيل , ومع  النّهي فهم يتقرّبون إلى الله تماما كما حكى ربّنا عزّ وجلّ في القرآن الكريم عن المشركين (( والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى )) وهم يشركون بالله من جهة ويتقرّبون بهذا الشّرك إلى الله من جهة أخرى هذا شرّ أنواع البدع أن يتقرّب المسلم بما حرّم شرعا من ذلك أيضا من باب التّبرّك زعموا بالصّالحين بناء المساجد على القبور , لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فعل ذلك في أحاديث متواترة مع ذلك فبعض المسلمين بجهلهم وسكوت العلماء في بعض البلاد عنهم يتقرّبون ببناء المساجد على القبور وقد قال عليه السّلام أذكر حديثا واحدا وقد قال عليه الصّلاة والسّلام ( إنّ من شرار النّاس من تدركهم السّاعة وهم أحياء والّذين يتّخذون قبور أنبيائهم مساجد ) فنقول بناء المساجد على القبور حرام ليس بدعة لأنّ الرّسول نهى عنه , لكن البدعة تأتي من التّقرّب بهذا المحرّم , إذا عرفتم هذه الجملة ممّا يتعلّق بالبدعة الضّلالة , أنّ البدعة الضّلالة تكون بإحداث شيء لا أصل له في الشّرع بقصد التّقرّب إلى الله وشرّ من ذلك أن يتقرّب المسلم إلى الله بما نهى الله عنه , فيقلب المحرّم عبادة , هذا شرّ البدع إذا عرفتم ذلك و تذكّرتم معي أنّ الحزبيّة منهيّ عنها في القرآن فضلا عن السّنّة (( و لا تكونوا من المشركين من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون )) فإذا دعي المسلم إلى هذا التّكتّل و هذا التّحزّب و أقرّ كلّ حزب على وجه الأرض مع أنّه يعلم أن الحقّ واحد لا يتعدّد , وأنّ الله عزّ و جلّ أكّد ذلك بقوله تعالى في القرآن (( فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال )) .