تحريم ضرب النساء في الإسلام

يتناول هذا الكتاب الرد على شبهة ضرب المرأة في الإسلام, والتي دائما ما تثار في البلاد الغربية متهمين الإسلام بالحض على العنف الأسري والإسلام مما يفترونه عليه برئ, ويتناول الكتاب الموضوع بإستفاضة كافية لدحض إفتراءاتهم على الإسلام وبتسلسل منطقي مستدلا بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة والتي توضح جل الأمر, والتي منها يتضح أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي نص على تحريم ضرب المرأة تصريحا بينا, أما باقي الأديان والمجتمعات الآخرى وخصوصا الغربية فقد كان رأيها مختلفا. نسأل الله العلي العظيم أن ينير قلوبهم بنور الإسلام وأن يفتح أعين عمياء وآذانا صماء بهدى من عنده إنه ولي ذلك والقادر عليه.

تحريم ضرب النساء في الإسلام

 

كتبه

أحمد الأمير

 

 

المقدمة


   الحمد لله الذي أرسل محمدا بشيرا ونذيرا, وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا, وفضل صحابته ومنحهم فضلا كبيرا, فصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه صلاة وسلاما متتابعا كثيرا.
أما بعد:
   فقد كتبت هذا الكتاب ردا على شبهات من غرهم الشيطان وأضلهم ضلالا كبيرا, فقد أثيرت مسألة ضرب النساء في الإسلام في مجالس كثيرة, ورأينا العديد من المواقع الإلكترونية والتي تفتي في الأمر على غير فطنة وبصيرة, وقعد الكثير من الحاقدين على الإسلام من الأمر كل مقعد وافتروا كذبا وزورا من الكلام ماليس له لا فرعا ولا جذورا, فأحببت أن أضع بين يدي القارئ الكريم موقف الإسلام من ضرب الزوجة وإختلافه مع موقف باقي الأديان إختلافا مبينا, فهو الدين الوحيد الذي نص على تحريم ضرب النساء سواء كانت طفلة أو كبيرة, وإليكم الأمر على التفصيل ثم تحكمون أنتم على الأمر بعد إطلاع وبصيرة.


المؤلف
الثامن عشر من محرم لعام 1435

 


الفصل الأول
تصنيف الأفعال طبقا للشريعة الإسلامية

إن جميع الأعمال والأفعال البشرية يتم تصنيفها في ظل الشريعة الإسلامية تحت المصنفات الآتية إجمالا حتى يتبين حكم الفعل بين الإباحة والنهي:
1- فرض : وهو أعلى مراتب التكليف, وهو ما طلب الشرع فعله جازما بدليل قطعي لا شبهة فيه, كالأمر بالصلاة والصيام وقراءة القرءان, وحكمه هو لزوم فعله والإتيان به مع ثواب فاعله وعقوبه تاركه.
2-    مستحب : هو كل ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام, فيثاب فاعله ولا يأثم تاركه, مثل التسوك بالسواك قبيل الصلاة.
3- مباح : هو كل ما لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه, كالمشي والركوب ونحوهما من كل مأذون فيه من الأعمال الإعتيادية في حياتنا اليومية.
4- مكروه : هو كل ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام, فيثاب تاركه إمتثالا ولا يأثم فاعله, ولكن يستحب تجنبه والإبتعاد عنه وعن مقتضياته ومقدراته وعدم الإلتجاء إليه ولا يثاب أو يأثم فاعله, ولكن قد يسبب تكراره والاعتياد عليه إلى تعدي حدود الله والانقياد إلى ما حرم عز وجل من الأفعال, والسبب من وراء عدم تأثيم فاعل المكروه على الرغم من أن الفعل مكروها لاحتمال أن تقتضي الضرورة القصوى والواقع الحياتي للشخص أن يقوم بفعل هذا الأمر المكروه شرعا, فمثلا ربنا تبارك وتعالى يكره الطلاق ولكنه لم يحرمه على عباده للتوسعه لهم إذا إقتضته الضرورة.
5- حرام : هو كل ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام بدليل قطعي لا شبهة فيه, فيأثم فاعله, ويثاب تاركه إمتثالا, مثل تحريم شرب الخمر.

التفريق بين الحلال والحرام:

إن معرفة الحلال وتفريقه عن الحرام هو قوام الإسلام ودليل الإيمان, وهو يتصل بأعمال القلوب كما يتصل بأعمال الجوارح, والأصل في الأشياء الحل والإباحة ولا حرام إلا ما ورد نص صحيح صريح بتحريمه, فالتحريم والتحليل من حق الله تعالى, لكونه خالقا ومربيا وميسرا ومنعما فيحل ما يشاء لعباده ويحرم عليهم ما يشاء, ولكنه تعالى رحمة منه بعباده وفضلا, جعل التحليل والتحريم لأسباب معقولة راجعة لمصلحة البشرأنفسهم, وعليه فلم يحل عزوجل إلا طيبا ولم يحرم إلا خبيثا.

إنتقال الفعل من مصنف إلى مصنف آخر:

1- إنتقال الفعل المباح من خانة الإباحة إلى خانة التحريم, والعكس:
الفعل المباح قد ينتقل إلى خانة التحريم إذا وجدت أسباب تجعله يتحول بدلا من أن يكون فعلا طيبا تستطيبه النفس إلى فعلا خبيثا ضارا بالنفس, فعلى سبيل الإيضاح فالحكم الشرعي للتجوال في الشوارع هو الإباحة, ولكن قد يتحول الحكم الشرعي للتجوال من مصنف الإباحة إلا مصنف التحريم إذا أصدر الحاكم الشرعي للبلاد قرارا بحظر التجوال بعد الساعة العاشرة في بعض الشوارع أو المدن نظرا لظروف أمنية معينة قد تؤدي إلى هلاك الفرد.
    وقد ينتقل الفعل المحرم إلى خانة الإباحة إذا وجدت أسباب تجعله ضرورة للحفاظ على النفس من الهلاك, كشرب الخمر ، فالخمر محرما شرعا ولكنه قد يصبح أمرا مباحا إذا ضل المرء طريقه في الصحراء وكاد أن يهلك من العطش ولم يجد أمامه إلا خمرا, فعندها يشرب بالقدر الذي يحافظ به على حياته من الهلاك ولا يتعدى هذا.
2- إنتقال الفعل الفرض من خانة الواجب إلى خانة التحريم, والعكس:
الفعل الفرض قد ينتقل إلى خانة التحريم, وقد ينتقل الفعل الحرام إلى خانة الوجوب, على نفس المنوال السابق شرحه, فالصلاة على سبيل المثال فرض ولكن قد تصبح فعلا حراما إذا صلى المرء في بيته أثناء وقوع زلزال شديد أيقن معه المصلي هلاكه إن لم يخرج من ذاك البيت مسرعا !! والإعتداء على شخص بقطع رجله علي سبيل المثال هو فعلا حراما ولكن إذا تعذر على الطبيب المعالج إنقاذ المريض إلا إذا بتر رجله وإلا تسبب في هلاكه فعندئذ يصبح بتر رجل المريض فرضا على الطبيب المعالج وإن لم يفعل يأثم الطبيب ويجرم ويعاقب على عدم بتر رجل المريض.
3- إنتقال الفعل المكروه من خانة الكراهة إلى خانة الإستحباب, وإنتقال الفعل المستحب أو المندوب إلى خانة التحريم:
   الفعل المكروه قد ينتقل إلى خانة الإستحباب أو حتى إلى خانة الوجوب والفرض, فالطلاق على سبيل المثال هو فعل في حكم الشرع مكروها يكرهه الله عزوجل, ولكن في بعض الأحيان قد يقود عدم تطليق الزوجة إلى محظور شرعي لا يمكن رفعه إلا بطلاقها, كما لو كانت المرأة ناقصة العفة وعجز عن إصلاحها, فهنا نقول الأفضل أن تطلق, وهكذا أصبح الفعل المكروه مستحبا.
   وقد ينتقل الفعل المستحب إلى خانة التحريم, فإستخدام السواك على سبيل المثال هو أمر مستحب وقد يصبح مكروها أو حتى حراما إذا كانت أسنانك تتداعى للسقوط وعلمت أنه لو تسوكت لسقطت أسنانك, ففي هذه الحالة يتعارض التسوك مع القاعدة الشرعية في الإسلام أنه (لا ضرر ولا ضرار).

الخلاصة:

خلاصة ما سبق شرحه هو أن الإسلام ليس بدينا أعمى لا يرى ولا يقدر ظروف الناس ومقدراتهم الحياتية واليومية, وإنما العمى في الحقيقة في قلوب أعداءه الذين أرادوا من إثارة الشبهات والأكاذيب حول الإسلام أن يطفئوا نور الله تعالى والله متم نوره ولو كره الكافرون.
    ولعلك عزيزي القارئ قد فطنت إلى أن الإسلام ليس بدين ظلم ولكن هو دين العدل, والعدل من أسماء الله الحسنى, فالتحريم والإباحة في الإسلام بنيت على العدل وليس على العمى, أما الظلم بكافه أنواعه فهو محرم شرعا في الإسلام.


 
الفصل الثاني
معاملة الزوجة في ضوء القرءان الكريم والسنة المطهرة

في ضوء نصوص القرءان الكريم نرى أن الله تبارك وتعالى قد أمر بالإحسان إلى الزوجة وإكرامها  ومعاشرتها بالمعروف حتى عند إنتفاء المحبة القلبية , فقال تعالى في كتابه الحكيم :
 وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا  سورة النساء الآية 19.
ويقول صلى الله عليه وسلم : "لا يفرك مؤمن مؤمنة , إن كره منها خلقا رضي منها آخر". مسلم

وبين الله عز وجل أن للمرأة حقوقا على زوجها كما أن للزوج حقوقا عليها , فقال جل وعلا : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ  سورة البقرة الآية 228.
وكانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته الاهتمام بالمرأة وإكرامها وعدم ظلمها وهضم حقوقها فقال:"إستوصوا بالنساء خيرا". مسلم
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم " رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح وهو في صحيح الجامع رقم : 1230
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لاهلي " رواه ابن حبان في صحيحه والترمذي  حديث رقم : 3314 في صحيح الجامع .

وأمر بالصبر على أخطاءها وتحمل هفواتها والصفح عن زلاتها موضحا طبيعة المرأة التي جبلها الله تعالى عليها , فقال صلى الله عليه وسلم : "إن المرأة خلقت من ضلع , لن تستقيم لك على طريقة , فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج , وإن ذهبت تقيمها كسرتها , وكسرها طلاقها". مسلم
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا, فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه, فإن ذهبت تقيمه, كسرته, وإن تركته, لم يزل أعوج, فاستوصوا بالنساء خيرا". البخاري

هل ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من زوجاته قط ؟

الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين ألزمهم الله بإتباع سنته فقال تعالى:
 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا   سورة الأحزاب الآية 21
فهو المثل الأعلى والخلق الأسمى بعثه الله بحنيفية سمحة أدبه ربه فأحسن تأديبه فكانت مكارم الأخلاق وحسن السجايا متمثلة فيه، قال الله تعالى :  وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ   سورة القلم الأية 4

 طبق مكارم أخلاقه عملياً على أرض الواقع وجعلها شاهد ملموساً، بقوله صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). أورده مالك في الموطأ و البخاري في  الأدب المفرد  وهو في " الصحيحة " ( رقم 45 )

وتقول عنه زوجته عائشة رضي الله عنها التي تعرف عنه من ناحية التعامل أكثر مما يعرف عنه أصحابه  :(كان خلقه القرءان). رواه أحمد صحيح الجامع(4811)
أي ممتثلاً لأوامره منتهاُ عن نواهيه فما من خلق حميد حث عليه القرآن إلا كان النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الناس تخلقا به ، وما من خلق سيء نهى عنه القرآن إلا كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس اجتنابا له .
   
لم يرد في سيرته صلى الله عليه وسلم أنه قد ضرب امرأة أو طفلا قط ؟!!!!

بل إن المتتبع لسيرته والمتأمل في أحاديثه الشريفة ليرى بوضوح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر منه اشد التحذير، تقول عنه زوجه عائشة رضي الله عنها :" ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة  ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله . وما نيل منه شيء قط . فينتقم من صاحبه . إلا أن ينتهك شيء من محارم الله . فينتقم لله عز وجل" رواه مسلم  [ ( نيل منه ) أي أصيب بأذى من قول أو فعل ( إلا أن ينتهك ) معناه لكن إذا انتهكت حرمة الله انتصر لله تعالى وانتقم ممن ارتكب ذلك وانتهاك حرمته تعالى هو ارتكاب ما حرمه ]

بل حتى أعدائه الذين يحاولون تشويه دعوته والصد عنها لم يثبتوا ما يفيد خلاف ما ذكرنا .

ولنرى ما يقول عنه أقرب الناس له وأكثرهم ملازمة له ولاشك أن دوام الملازمة تبين معدن الملازم وخلقه، فيقول  عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه الذي خدمه عشر سنين:
"خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين, فما قال لي: أف قط, وما قال لشئ صنعته : لم صنعته ؟ ولا لشئ تركته : لم تركته ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا".  مسلم والترمذي

 
الفصل الثالث
حكم ضرب الزوجة في الإسلام ؟

إن مصدر الشريعة الإسلامية هو نصوص كتاب الله تعالى وسنه نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الصحيحة ومنهما سنستدل وفي ضوءهما سنتبين تصنيف حكم ضرب النساء في الإسلام هل هو على الفرض أم الاستحباب أم الإباحة أم الكراهية أم التحريم من خلال الحديث الذي رواه إياس بن عبد الله حيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تضربوا إماء الله), فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (ذئرن النساء على أزواجهن), فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم). رواه أبو داود وابن ماجه والدارمي. قال الألباني : صحيح  

من خلال تحليل الحديث الشريف السابق يتبين لنا الآتي:
أن الحديث الشريف لم يقوله صلى الله عليه وسلم في موقف واحد وفترة زمنية واحدة, وإنما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم في ثلاث فترات زمنية مختلفة:-
الفترة الزمانية الأولى : قال فيها صلى الله عليه وسلم (لا تضربوا إماء الله) وهنا إنتهى الموقف الأول والفترة الزمنية الأولى.
وعليه فكل من سمع هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم علم يقينا بأن حكم ضرب النساء في الإسلام هو التحريم لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك وبأن فاعله آثم ويجرم لتعديه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الفترة الزمانية الثانية : مجيء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وقت يختلف عن الوقت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تضربوا إماء الله"  ليشتكي من النساء قائلا: ذئرن النساء على أزواجهن. بمعنى أنهن قد اجترئن ونشزن وغلبن أزواجهم, وهنا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب النساء آخذا في رأيه فقه الواقع والضرورات الحياتية والتي لا تستقيم الحياة إلا بها , ولكن ما هي كيفية هذا الضرب ؟ وهذا ما سنتناوله بعد قليل في البحث التالي .

الفترة الزمانية الثالثة : بعد إذن الرسول صلى الله عليه وسلم للأزواج بضرب زوجاتهم اللاتي نشزن واجترئن على أزواجهم، جاء نساء كثير يشكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم".
 وفي هذه الفترة الزمنية الأخيرة استبان الحكم النهائي لضرب النساء في الإسلام وهو الكراهة أو التحريم إذا تعدى الزوج حدود الله - وهو ما سنشرحه فيما بعد-  هل يفهم من نص الحديث أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حث على ضرب النساء ؟ أو أثنى على من يضرب زوجته ؟ إن كلامه صلى الله عليه وسلم فيه من التعنيف ونفي الخيرية عن من يضرب زوجته ؟!!!
ولقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم فحوى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلموا يقينا بأن من يضرب زوجته لن ينال رضي واستحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أن ما لايرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل في حكم الكراهية الشديدة التي قد تصل إلى التحريم.

هل يمكن أن ينتقل ضرب النساء من خانة الكراهة إلى خانة التحريم ؟

  لقد رأينا كيف أن الأصل والحكم الأول في الإسلام بالنسبة لضرب المرأة هو التحريم ثم انتقل إلى خانة الإباحة لأسباب ودواعي معينه ثم انتقل إلى الكراهة المغلظة, ولكن متى يكون ضرب النساء حراما ؟ يكون ضرب النساء حراما إذا كان تعديا بلا مبرر فكل أشكال التعدي في الإسلام محرمة إذا كانت ظلما وعدوانا, قال الله تعالى في كتابه الحكيم محذرا من كل أنواع الظلم :  ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا  سورة الفرقان الآية 19
ويقول صلى الله عليه وسلم: (اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مسلم
وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتقوا دعوة المظلوم و إن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب " أحمد وصححه الألباني
فالإسلام يحرم الايذاء أياُ كان بجميع صوره واشكاله سواءً كان لفظياً لقوله تعالى :  ‏‏إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ‏‏ ‏سورة ‏النور‏الآية 23‏
أو كان الإيذاء حسياً بالضرب وماشابهه من أنواع الايذاء إلا بالحق ؛ لقول الله تعالى:  وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا   سورة الأحزاب الآية 58

أو كان الإيذاء بأكل المال بالباطل ، يقول الله تعالى :  وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ  سورة البقرة الآية 188
ويستوي في هذا جميع البشر ذكرهم وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم مسلمهم وكافرهم ، فعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم )  سنن النسائي -  قال الشيخ الألباني : حسن صحيح
فمن قال أن الإسلام يحث على التعدي أو العدوان أو ضرب المرأة فقد إفترى على دين الله افتراءا عظيما .

حكم القضاء الشرعي (الإسلامي) من ضرب المرأة:

  القضاء الإسلامي يأخذ قضية ضرب المرأة وإيذائها من قبل زوجها مأخذ الجد وعدم الهوادة فينصفها في تأديب الزوج المعتدي ظلماً وعدواناً عليها ويطبقه تطبيقاً عملياً بحكم شرعي في حال رفع تلك القضايا له فعلى سبيل المثال القضية التالية:
1- نشرت صحيفة الرياض على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت بتاريخ 12/12/2012 الخبر التالي:
حكمت المحكمة الجزئية في محافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية على زوج اعتدى على زوجته بالضرب, بأن يتم جلده 30 جلدة في مكان عام حتى يكون عبرة لغيرة من المعتدين على زوجاتهم, كما حكم عليه أيضا بأن يدرس لمدة عشرة أيام في إحدى المعاهد المتخصصة بفن التعامل مع الزوجة والشأن الأسري, وأن يقدم إختبار تحريري يرفق في ملف القضية.
وعلى نفس المنوال في هذه القضية فإن جميع المحاكم في جميع البلدان الإسلامية تعاقب الزوج الذي يتعدى على زوجته بالضرب, بل ومن الطريف أن بعض النساء يخوفن ويهددن ويكيدن لأزواجهن ظلما فيقمن بخدش أجسادهن خدشا بسيطا ثم يذهبن لقسم الشرطة لعمل محضر لأزواجهن ظلما وعدوانا على الرغم من براءة الزوج من هذا الإتهام.
والشاهد من تلك القضية ان المسلم العاقل المتبع لتعاليم الإسلام لايرضى بظلم المرأة أو الإعتداء عليها, كما أن ديننا لم يعلمنا أو يأمرنا بهذا وإنما حرمه  علينا وجعله من ضمن الظلم المحرم, بل أمرنا بالعفو والصفح والصبر والتسامح ودفع السيئة بالحسنة, علماً أن الإسلام لم يجعل ضرب المرأة أمراً مباحا وإنما جعله استثناءا في حالات لا يمكن أن تستقيم الحياة الزوجية إلا به وقيده بشروط تجعل الالتجاء إليه نادرا جدا لتحقيق غرض واحد وهو الحفاظ على البيت وعلى الأخلاق العامة في المجتمع ككل.


 
الفصل الرابع
الأحكام الشرعية في حالة  نشوز الزوجة

 لقائل أن يقول أليس الأجدر بالرجل نصح زوجته الناشز بدل ضربها ، فنقول بلى وهذا هو حكم المولى عزوجل الذي قال في كتابه الحكيم:
 وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا   سورة النساء الآية 34
وقال رسوله الكريم  صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :
"ألا واستوصوا بالنساء خيرا , فإنما هن عوان عندكم , ليس تملكون منهن غير ذلك , إلا أن يأتين بفاحشة مبينة , فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح , فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا . ألا إن لكم على نسائكم حقا , ولنسائكم عليكم حقا" الترمذي قال الشيخ الألباني : حسن

وهكذا نرى كيف بين الله عز وجل الحكيم في حكمه الخبير بشئون عباده ورسوله الكريم  الطريقة لعلاج مشكلة الزوجة الناشز وجعلها بالتدرج على ثلاث مراحل:
1-    المرحلة الأولى :
أن يسلك الزوج طريق الوعظ والنصح كحل لإصلاح الزوجة الناشز قبل أن يلجأ إلى طريق الهجر في الفراش وهذا الترتيب واجب عند جمهور الفقهاء فيجب على الرجل التقرب إلى قلب زوجته بلطف الحديث وإسماعها من الكلام ما يرقق قلبها ويشعرها بأهميتها عنده وأنه محب للخير ناصحا لها وأن يستنفذ قدراته في نصحها ووعظها محاولا إصلاح شأنها , علما أن الوعظ لا يأتي من قلب جاف ولا بأسلوب خشن وإنما بلطف في الحديث ورقة في التعامل كشراء هدية للزوجة حتى تستقبل من زوجها الكلام بقلب راضي وبخاطر طيب وبالطبع يجب على الزوجة الذكية ذات الأخلاق الحميدة أن تتعظ من كلام زوجها واضعة نصب عينها مستقبل بيتها وأولادها, أما إذا كانت الزوجة عنيدة سيئة الطباع لا ينفع معها نصحا ولا وعظا  ولا إرشاداً وإستنفذ الزوج طاقاته في ذلك فينتقل الزوج للخطوة الثانية في الترتيب كما أمرنا الله عزوجل وهو الهجر في الفراش.
2-    المرحلة الثانية  :
أن يسلك الزوج طريق الهجر في الفراش وذلك بأن يعطيها ظهره في الفراش ولا يعاشرها معاشرة الأزواج لمدة ثلاثة أيام كحد أقصى لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ) الموطأ متفق عليه
حتى يشعرها بعدم رضاه عن فعلها وهذا الحل هو بمثابة فرصة ثانية للزوجة لتراجع نفسها آخذة هذه الفترة الزمنية - وهي الثلاثة أيام - فرصة للتفكير لأنه لو هجرها فوق ذلك فهو بهذا يعذبها ولا يقومها, فإن راجعت نفسها وعادت لرشدها وجب عليه أن يقطع هجره لها وأن يتسامح معها ويصفح عنها, وإن تمادت وعاندت وتكبرت وتجبرت ولم يُجد نفعاً هجره لها انتقل للمرحلة الثالثة.
3-    المرحلة الثالثة  :
إذا حاول الزوج إصلاح زوجته الناشز بالنصح والوعظ وحسن الكلام والهدايا ولكن لم يجدي هذا نفعا ثم حاول عن طريق الهجر في الفراش وإظهار عدم رضاه بفعلها ولكن هذا أيضا لم يجدي نفعا , فعندها سمح للرجل أن يؤدب زوجته بضربها ضربا غير مبرح ولا مؤثر وقد أجمع جمهور العلماء على وجوب هذا الترتيب كحل لمشكلة الزوجة الناشز وهو الوعظ ثم الهجر في الفراش ثم الضرب. , وقد قال عطاء قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه !! وقال الحسن البصري : يعني ضرب غير مؤثر.
   فبالله عليك عزيزي القارئ أي ألم قد يحدثه السواك ( وهو عود لايتجاوز طوله وسمكه قلم الرصاص)  ؟!!! وهل يمكن أن يسمي الضرب به عنفا أسريا ؟
فإذا كنت تعتبر أنه إذا ضرب الزوج زوجته ضربة خفيفة بالسواك عنفا أسريا, فتعالى سويا نرى كم من الأفلام الغربية المنتجة في هوليود وغيرها يصور لنا حديث غاضب بين رجل وآخر أو بين رجل وإمرأة أو مدير وعاملين تحت إدارته , وفي أثناء الحديث يضع شخص سبابته في صدر الآخر محذرا إياه أو حتى يخبط بسبابته أو بقلم رصاص في يده على صدر الآخر , وفي كثير من الأحيان يصفع هذا الشخص الشخص الآخر , وفي كثير من أفلامهم زوجة يصل بها الحديث مع زوجها إلى أن تصفعه صفعة قوية على وجهه أو يصل الحديث بالزوج أن يصفع زوجته صفعة قوية على وجهها ثم يغادر المكان , وكل هذا لا يعتبره الغرب عنفا أسريا وإنما هي مشاعر دفعت الزوج أو الزوجة لصفع الآخر , بل ويعتبرون أن هذا الزوج أو الزوجة شخص متحضر, علماُ أن الصفع على الوجه محرم في الإسلام إلا إنهم يهاجمون الإسلام ويقولون كذبا أنه يحض على العنف.
وعلى الرغم من أن الإسلام قد سمح للرجل الذي إستنفذ قدراته في المرحلة الأولى والثانية أن ينتقل للمرحلة الثالثة إلا أن الإسلام قد أعطى المرأة أيضا الحق قبل الوصول لهذه المرحلة طلب الطلاق وهو ما يسمى بالخلع إن هي فظلته عليها فلها في هذه الحالة تقرير مصيرها : وهو ما سنتحدث عنه فيما يأتي بأمر الله تعالى.
علما بأن مراحل النصح ثم الهجر ثم أخيرا الضرب هي ليست لحل المشاكل اليومية بين الزوجين, وإنما هي لحل المشاكل الكبيرة بينهما, فعلى سبيل المثال لو قال الزوج لزوجته: أطبخي اليوم لنا رزا وسمكا, فنسيت الزوجة وطبخت رزا ودجاجا فهل تطبق الآية السابقة في حقها بأن ينصحها أو يهجرها أو يضربها ؟!!!!
   بالطبع لا فهذه أمور عادية يجب أن تمر بسلام ودون حتى عتاب, ولكن إذا كانت الزوجة إمرأة سيئة الخلق عنيدة الرأس وقد بدأ الزوج يرى منها بادرة السقوط والفجور أو العصيان والتكبر والتجبر !! فهنا نحن أمام امرأة ناشز تحتاج لتقويم وإصلاح وإرشاد وعلاج لمشكلتها كالمريض الذي يحتاج إلى دواء , وتخيل معي عزيزي القارئ إستمرار تلك المرأة على عنادها وتكبرها وإستمرارها في تلك الأفعال التي من شأنها أن تهدم بيتها وتصل بها إلى الطلاق وقد إستنفد الزوج معها ولوقت طويل مرحلة النصح والإرشاد والهجر في المضجع ولكنها لم تستجب لكل هذا, فأيهما أفضل الطلاق أم الضرب الغير مبرح؟!!!! فإذا كان الضرب عور والطلاق عمى فإن العور أفضل من العمى بل وإن ترك مثل تلك الزوجة على ما هي عليه سيؤدي بالتبعية لإنهيار الأسر وإنهيار المجتمع ككل !!
 
الفصل الخامس
معنى ومدلول كلمة الضرب في الإسلام

   قبل أن تشجب منظمات حقوق الإنسان في العالم العنف الأسري للزوجة والأبناء فقد سبقها الإسلام بشجب ذلك وحرمه وجرم مرتكبه بعقاب دنيوي وأخروي ولم يقتصر التجريم على الفعل بل شمل التجريم والتحريم القول بألفاظ غير لائقة أيضا فهو بهذا اشمل وأكمل من الأنظمة التي تعتمد على العقوبات الدنيوية فقط، فمنذ أكثر من 1400 عام مضت قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
"المسلم من سلم الناس من لسانه ويده, والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"  أحمد والترمذي و النسائي   قال الشيخ الألباني : حسن صحيح
 وقد قال أيضا صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذئ". رواه البخاري في الأدب المفرد و الترمذي وصححه الألباني
 ولسائل أن يسأل كيف نص الإسلام على نبذ العنف وفي نفس الوقت أباح ضرب الزوجة الناشز ؟!!
   وللإجابة عن هذا السؤال يجب أن نوضح أولا الفرق بين مدلول كلمة الضرب في حياتنا اليومية المعاصرة وبين مدلولها الشرعي في الإسلام , ففي حياتنا المعاصرة عندما يسمع شخص ما أن رجلا قد ضرب زوجته فعندها يأتي في تفكيره صورة بشعة ووحشية لهذا الزوج العنيف الظالم والذي قد إنهال على زوجته باللكمات والركلات وصورة لتلك الزوجة المظلومة التي تم الاعتداء عليها وجسدها ممتلئ بالكدمات والإصابات والكسور المختلفة , وهذا هو مدلول كلمة ضرب في حياتنا المعاصرة والذي إكتسبناه من خبراتنا الحياتية من صور لرجال همج إعتدوا على زوجاتهم ضربا , أما إذا قلت لك أني قد ضربت جرس الباب فهل ستفهم عندئذ أنني إعتديت على الباب ضربا ؟!! أو إذا قلت أنني سأضرب لك مثالا فهل ستفهم أنني سوف أعتدي على المثال بالضرب ؟!! إذن كلمة ضرب تتغير كلية حسب الإستخدام اللغوي وحسب مقصد المتحدث وشخصيته وأخلاقه فكل هذا يرسم في عقولنا مقصده من كلمة ضرب, ولهذا فإن مفهوم كلمة ضرب في الإسلام تختلف تماما عن مفهومها في حياتنا المعاصرة فمفهوم الضرب في الحياة المعاصرة محرم ومجرم بشدة في الإسلام وعليه فلا سبيل أن يتلاقا المفهومان أبدا  فكلاهما يناقض الآخر ولو أردنا الإنصاف فيجب أن نقول أنه لا يوجد ضرب للزوجة في الإسلام ولم يسمح به بل إنه نهى عن إهانتها أو الإساءة إليها أو التحدث إليها بقبح الكلام , وإنما مفهوم كلمة الضرب في الإسلام تعني ضربا مثل القرص البسيط كما مثلنا ( مثل ضرب الجرس ) والذي يهدف فقط إلى إشعار الزوجة بأنها مخطئة في حق زوجها وأن لزوجها الحق في إصلاحها وتقويمها ., وقد وضع الإسلام للزوج مراحل لحل مشكلة الزوجة الناشز وهي مراحل تسبق مرحلة الضرب  وجعل الضرب هو الحل الأخير لمن لم تصلح معها الحلول الأخرى وقد وضع الإسلام العديد من المحاذير الشرعية على الزوج والتي إذا تعداها أصبح آثما متعديا لحدود الله عزوجل مستحقاً للعقاب الدنيوي والأخروي وهذه المراحل هي :

ضوابط التأديب بالضرب :

1-    التدرج في حل المشكلة وذلك بأن يستنفذ طاقته وجهده في المرحلتين السابقتين للضرب من الوعظ والنصح والإرشاد ثم الهجر في الفراش.

2-    أن يكون الضرب بالسواك ونحوه وهو عود لايتجاوز قلم الرصاص طولا وسمكاً.

3-    عدم مس الوجه أو الأماكن الحساسة في جسدها لأن الاسلام يحرم ضرب الوجه سواء أكان المضروب رجلا أو إمرأة أو حتى حيوانا فالوجه مكرم والتعرض له يؤذي الحواس، كما يحرم أيضاً التعرض للمناطق الحساسة في الجسد ويشدد على ذلك، وتلك حدود الله ومن يتعداها فهو آثم.

4-    ألا يكون التأديب بمرأى من الناس بأي حال من الأحوال فلا يجوز أن يضرب الرجل زوجته أمام الناس وخصوصا أولاده , لأن هذا فيه إهانة للمرأة أولا ثم سيتسبب في سؤ تربية الأبناء ثانيا , فأي تربية يربيها هذا الزوج لأبناءه وهو يضرب أمهم أمامهم أو على مسمع منهم ؟!!!

5-    أن لايكون الضرب مبرحاً يترك آثاراً ظاهرة على جسد الزوجة كأن يدميها أو يسبب أثرا على جسدها من جرح أو كسر، فالزوج الذي يسبب لزوجته أثرا أو جرحا أو كسرا أو نزيفا هو آثم وهو ذاك الزوج الوحش الكاسر الذي لا يريد إصلاح زوجته وإنما يريد الانتقام منها والتسبب لها في عاهات وحسب ووفق الشريعة الإسلامية السمحة يجب مسائلته ومعاقبته قضائيا.


 
الفصل السادس
ضرب النساء في الاديان الأخرى

 إن مسألة ضرب الزوجة ليست مسألة وقتية أو مكانية ارتبطت بزمن أو بمجتمع معين وإنما هي موجودة في جميع المجتمعات وعلى مر العصور بلا استثناء ومن أراد أن يطلع على مكانة المرأة في المجتمعات القديمة فتوجد العديد من الكتب التي تتحدث في هذا الشأن وعن مكانة المرأة في المجتمع اليوناني والروماني والصيني والهندي القديم ... الخ, وعليه كيف تعاملت الديانة اليهودية والنصرانية مع ظاهرة ضرب المرأة والتي كانت مسألة إعتيادية منتشرة في المجتمعات القديمة حتى في مجتمع السيد المسيح نفسه وهل تحدث السيد المسيح عليه السلام عن تحريم ضرب المرأة قط ؟!!! وهل وجد في  الكتاب المقدس للنصارى سواء العهد القديم أو الجديد نصوص تتحدث عن تحريم أو كراهة ضرب المرأة ؟!! من خلال البحث يتبين عدم وجود ما يشر لذلك .
إذا ضرب نصراني زوجته فهل يأثم ويجرم لهذا من الناحية الدينية وما هي عقوبته وفقا لنصوص الكتاب المقدس ؟  بالطبع لا يأثم وذلك لعدم وجود نص يدل على ذلك في الكتاب المقدس سواءً في العهد القديم أو العهد الجديد!!
كما أنه أيضا لا يجرم من الناحية القانونية ولا يعاقب إلا إذا ظهرت أثار الاعتداء على الزوجة مثل ظهور كسور أو كدمات أو سحجات, أما إذا لم تظهر أي علامات على جسد المرأة فكيف لها أن تثبت ضربه لها!!! بمعني آخر الضرب غير المبرح لا يعاقب عليه لا دينيا ولا حتى قانونيا عندهم!!!
ولننظر لليهودية وكذلك والبوذية أيضاً هل يوجد فيها نصوص تحرم ضرب المرأة ؟!!!
بالطبع لا يوجد أي نص ديني في أية ديانة يحرم ضرب الزوجات إلا في الإسلام فقط !!!!!! حتى وبعد أن انتقل ضرب الزوجة من مصنف حرام إلى مصنف مكروه  فإن الإسلام الدين الوحيد الذي نص على كراهة ضرب المرأة !! أما باقي الأديان فلم تتعرض مطلقا لهذه المسألة سواء بالتحريم أو بالكراهة.
كما أنه لم تتعرض أية ديانة لضوابط وحدود ضرب المرأة إلا الإسلام , بمعنى إذا فقد زوج نصراني السيطرة على نفسه في لحظة ما وضرب زوجته , فما هي الضوابط أو الحدود التي لا يجب أن يتعداها ؟ هل نصت النصرانية على حدود للزوج في ضرب زوجته كأن لا يضرب وجهها أو يترك أثرا على جسدها ...ألخ ؟ بالطبع لا يوجد .
فالمتأمل للواقع اليومي الذي نعيشه سيجد أن هناك أرقاما قياسية لضرب الزوجة من أزواجهن من نصارى أو يهود أو غيرهم من غير المسلمين , إطلع بنفسك على محاضر الشرطة والقضايا في المحاكم الأمريكية والأوروبية لترى أرقاما خيالية لعدد الأزواج الذين يمارسون عنفا أسريا ضد زوجاتهم وأبنائهم !!!!
حتى في المجتمع الجاهلي قبل الإسلام كانت العرب تجلد زوجاتهم جلد العبيد وكان أمرا عاديا وإعتياديا غير محرم ولا مجرم من أي شريعة أو قانون, وعندما بعث محمد صلى الله عليه وسلم  إنتقد هذا الأمر انتقاداً شديداً فقال :
"يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من أخر يومه" متفق عليه واللفظ للبخاري , ففي هذا الحديث ينتقد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يضرب زوجته بالنهار ثم يأتي بالليل يريد أن يضاجعها !! بمعنى آخر كيف تكون فظا غليظا معها بالنهار وتريد أنسها ولطفها بالليل !!

مقتطفات عن مكانة المرآة من الكتاب المقدس في  العهد القديم والجديد:

غالبا ما يصور لنا أصحاب الديانة النصرانية أن السيد المسيح عليه السلام هو المدافع الأول عن حقوق المرأة وأنه هو الذي أعطاها حقوقا لم تعطيها لها أي ديانة آخرى, وبأن الكتاب المقدس أنصفها ورفع من شأنها !!! ولكن هل يطابق هذا الكلام الواقع العملي ؟!!!
    فكل يعلم أن الكتاب المقدس يحرم على المرأة دخول الهيكل بداخل الكنيسة وهو الذي به قدس الأقداس أو المذبح المقدس, سواء تلك المرأة طفلة كانت أو فتاة أو شابة أو سيدة كبيرة, فالأمر لا علاقة له بالسن بل بالجنس بالنسبة للنساء, ولم يذكر الكتاب المقدس بعهديه القديم أو الجديد أي إشاره لإمكانية دخول المرأة للهيكل, ولا حتى يسمح للمرأة بسر الكهنوت أبدا, فالمرأة غير مسموح لها بأن تتكلم في الكنيسة أو أن تعلم أي أحد بداخل الكنيسة وغير مسموح لها بتقلد أي مناصب كهنوتية وإنما يمكنها فقط أن تتقلد رتبة الشماسة وهي رتبة خدمية وليست رتبة كهنوتية !!!!! وقد قدم الكتاب المقدس لنا أنواع الكهنوت وكلها من الرجال, سواء كهنوت الأباء البطاركة الأول مثل نوح وأيوب وإبراهيم وإسحاق ويعقوب, أو الكهنوت الهاروني, أو كهنوت ملكي صادق, أو كهنوت الرسل وخلفائهم من الأساقفة, كلها كهنوت رجال, ولو كان للمرأة أن تتقلد أي منصب كهنوتي لكانت السيدة مريم العذراء هي الأولى بتقلد المناصب الكهنوتية, ولكن وفق لتعاليم الديانة النصرانية فالمرأة محرومة من هذا !!!!!
ولنورد بعض النصوص من داخل الكتاب المقدس لنرى وضع المرأة ومكانتها :

1.    المرأة تعاقب بذنب الرجل  :
سفر إرميا (23 : 34) : " فالنبي أو الكاهن أو الشعب الذي يقول: وحي الرب, أعاقب ذلك الرجل وبيته. "

2.    حرق المرأة الزانية بالنار:
سفر اللاويين (21 : 9) :
" وإذا تدنست ابنة كاهن بالزنى فقد دنست أباها. بالنار تحرق. "

3.    قطع يد المرأة لأسباب غير معقوله:
سفر التثنية (25 : 11) : " إذا تخاصم رجلان بعضهما بعضا, رجل وأخوه, وتقدمت امرأة أحدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه, ومدت يدها وأمسكت بعورته, فاقطع يدها, ولا تشفق عينك. "

4.    االمرآة المطلقة أو الآرملة والزانية سواء :
سفر اللاويين (21 : 9) : " والكاهن الأعظم, ... هذا يأخذ امرأة عذراء. أما الأرملة والمطلقة والمدنسة والزانية فمن هؤلاء لا يأخذ, بل يتخذ عذراء من قومه امرأة. ولا يدنس زرعه بين شعبه لأني أنا الرب مقدسه. "

5.    خضوع المرأة المطلق لزوجها :
رسالة بولس إلى أهل أفسس (5 : 22) : " أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب, لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة, وهو مخلص الجسد. ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح, كذلك النساء لرجالهن في كل شئ. "

6.    التزام المرآة الصمت داخل الكنيسة:
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (14 : 34) : " لتصمت نساؤكم في الكنائس, لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن, بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا. ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئا, فليسألن رجالهن في البيت, لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة. "

7.    المرآة سبب الغواية :
رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس (2 : 11) : " لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل, بل تكون في سكوت, لأن آدم جبل أولا ثم حواء, وآدم لم يغو, لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد, إن ثبتن في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل. "

8.    قوامة الرجل على المرأة :
رسالة بطرس الأولى (3 : 1) : " كذلكن أيتها النساء, كن خاضعات لرجالكن, ... ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية, من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب, بل إنسان القلب الخفي في العديمة الفساد, زينة الروح الوديع الهادئ, الذي هو قدام الله كثير الثمن. فإنه هكذا كانت قديما النساء القديسات أيضا المتوكلات على الله, يزين أنفسهن خاضعات لرجالهن, كما كانت سارة تطيع إبراهيم داعية إياه "سيدها".
سفر التكوين (3 : 16) : "وقال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك, بالوجع تلدين أولادا. وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك. "

9.    رجم المرأة الزانية حتى الموت:

سفر التثنية (22 : 13) : " إذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها أبغضها, ونسب إليها أسباب كلام, وأشاع عنها اسما رديا, وقال: هذه المرأة اتخذتها ولما دنوت منها لم أجد لها عذرة, يأخذ الفتاة أبوها وأمها ويخرجان علامة عذرتها إلى شيوخ المدينة إلى الباب, ... فيأخذ شيوخ تلك المدينة الرجل ويؤدبونه ويغرمونه بمئة من الفضة, ... ولكن إن كان هذا الأمر صحيحا, لم توجد عذرة للفتاة. يخرجون الفتاة إلى باب بيت أبيها, ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت. "
سفر التثنية (22 : 22) : " إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل, يقتل الإثنان: الرجل المضطجع مع المرأة, والمرأة. فتنزع الشر من إسرائيل. "
سفر التثنية (22 : 23) : " إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل, فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها, فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا"
10.    المرآة مرتبه أدنى من الرجل  :
رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (11 : 3) : " ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح, وأما رأس المرأة فهو الرجل, ورأس المسيح هو الله. كل رجل يصلي أو يتنبأ وله على رأسه شئ, يشين رأسه. وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى, فتشين رأسها, لأنها والمحلوقة شئ واحد بعينه. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى, فليقص شعرها. وإن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق, فلتتغط. فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل. لأن الرجل ليس من المرأة, بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة, بل المرأة من أجل الرجل. لهذا ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها, من أجل الملائكة. "

11.    تعاليم الدسقولية للنساء :
الباب الثاني من الدسقولية بعنوان (يجب على النساء أن يخضعن لأزواجهن ويسرن بحكمة) يقول : " والمرأة فلتخضع لزوجها لأن رأس المرأة هو زوجها, ... خافي أيتها المرأة زوجك, واستحي منه وارضيه وحده بعد الله, كمثل ما قلنا, أريحيه في خدمتك لكي يطويك زوجك أيضا عنده, ... إن أردت أن تكوني مؤمنة ومرضية لله فلا تتزيني لكي ترضي رجالا غرباء, ولا تشتهي لبس المقانع والثياب الخفيفة التي لا تليق إلا بالزانيات ليتبعك الذين يصيدون من تكون هكذا. وإن كنت لا تفعلين هذه الأفعال القبيحة للخطيئة, فإنك بتزينك وحده تدانين, لأنك بذلك تضطرين من يراك أن يتبعك ويشتهيك, فلماذا لا تتحفظين لئلا تقعي في الخطيئة, ولا تدعي أحدا يقع في شك (أو غيرة) لأجلك, إذا أخطأت باعتمادك هذا الفعل فأنت أيضا تسقطين, لأنك تكونين سببا لهلاك نفس ذلك الرجل. ثم إذا أخطأت على واحد بهذا الفعل دفعة واحدة فهو يكون سببا في أنك تخطئين على كثيرين, وأنت في قلة الرجاء, كما يقول الكتاب المقدس: (أنه إذا سقط المنافق في شرور كثيرة فإنه يزدري ويجذب له ألما وعارا), كل واحدة تفعل هكذا تهلك بالخطيئة وتصيد أنفس الجهال بلا وقار. لتعلم ما يقوله الكتاب المقدس لمن يفتري على الذين هم هكذا بقوله: (تبغض المرأة السيئة أكثر من الموت, هذه التي هي مصيدة للجهال), وأيضا في موضع آخر يقول: (مثل دود يأكل في خشب, هكذا تهلك المرأة السيئة زوجها) ويقول أيضا: (جيد هو السكن في زاوية من سطح أفضل من السكن مع امرأة مهذارة (غدارة) حرونة). لا تتشبهن بهؤلاء النساء أيتها المسيحيات إذا أردتن أن تكن مؤمنات, اهتمي بزوجك لترضيه وحده. وإذا مشيت في الطريق فغطي رأسك بردائك, فإنك إذا تغطيت بعفة تصانين عن نظر الأشرار. لا تزيني وجهك الذي خلقه الله, فليس فيه شئ ينقص زينة, لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدا, ولا يحتاج إلى زينة, وما زيد على الحسن فإنه يغير نعمة الخالق. يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل, وأنت مغطاة من كل ناحية, ابعد من كل حميم غير لائق يكون في حمام مع ذكور, كثيرة هي أشراك الفسقة, لا تستحم امرأة مؤمنة مع ذكور. وإذا غطت وجهها فتغطيه بفزع من نظر رجال غرباء ... والذي يجب عليك إن كنت مؤمنة أن تهربي من كل نوع من الفضول, ومن نظر أعين كثيرة ... (إن السكن في البرية خير من السكن مع المرأة الطويلة اللسان الحرونة). "


 
الفصل السابع
ضرب النساء في المجتمعات الغربية النصرانية

حاول الكثير من أعداء الإسلام إثارة بعض الشبهات حول الإسلام ومنها مسألة ضرب المرأة مستخدمين في ذلك مقصهم السحري المعتاد حيث يقصون من آيات القرءان الكريم ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كل كلام يرد على شبههم ويبقون مايخدم شبههم،  فالضرب في الإسلام مثلاً  يذكر مجرداً من الكلام قبله والكلام بعده محاولين بهذا إثارة شبهات كاذبة عن الإسلام بحيلهم الرديئة المتدنية ومبتعدين تماما عن الحقيقة والموضوعية فلا يطرح الموضوع بشكل كامل بل بشكل مبتور ينتج عنه سوء فهم والتباس راغبين بهذا خدمة افتراءاتهم على الإسلام ومدعين تحضرهم ورقيهم في تعاملهم مع المرآة وزوجاتهم خاصة , ولكنهم في الواقع غضوا الطرف عن الحقائق الآتية:

أولا: إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أشار إلى علاقة الرحمة والمودة بين الزوجين وهو الدين الوحيد الذي يمنع الاعتداء والإيذاء سواءً بالقول أو الفعل، فقال الله تعالى :  وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً   سورة الروم الآية 21
علماً أن هذه المودة والرحمة لأتأتى إلا من خلال عقد صحيح جائز شرعا.

ثانياً: إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي انتقد ضرب المرأة وإهانتها والنظر لها بعين النقص  والازدراء منذ ألف وأربعمائة عام مضت وعد ذلك منقصة للرجل.
ولو فتشنا في الكتاب المقدس للنصارى سواءً العهد القديم والعهد الجديد لا نجد فيه إشارة لا من قريب ولا من بعيد بتحريم ضرب المرأة.

ثالثًا: إن الإسلام حث على المعاملة الكريمة للمرأة  فجميع الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة المتعلقة بعلاقة الزوجين بعضهما البعض تحث على المعاملة الكريمة والإحسان من كلا الزوجين لبعضهما البعض،يقول الله تعالى :  وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ    سورة البقرة 228

رابعاً:: أن الإسلام جعل التعاملات الإنسانية الراقية خاصة بين الزوجين من موجبات الثواب وجالبات الأجر، فقال صلى الله عليه وسلم : " ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها، حتى اللقمة تجعلها في امرأتك" متفق عليه

خامساً: أن الإسلام قد أباح ضرب المرأة كاستثناء وليس كقاعدة, وتحت شروط تعيق الزوج من أن يلجأ إلى الضرب كحل إلا في ظروف إستثنائية وكحل أخير لابد منه كدرء مفسدة أكبر، وذلك لكون النساء لسن على شاكلة واحده في جميع العصور والمجتمعات والعائلات. فما قد يصلح لمجتمع قد لا يصلح لمجتمع آخر بل قد يضره بدلا من أن يصلحه, وما يصلح من تعامل مع امرأة قد لا يصلح لامرأة أخرى من مجتمع أخر أو في عصر آخر مهما حاولت أن تجعله يصلح لها وهذا من شمولية الإسلام وتغطيته لجميع الاحتمالات.

سادساً: أن ظاهرة العنف الأسري منتشرة على مستوى واسع في أكثر البلدان تحضرا وتقدما في العصر الحديث، فكم من رجل نصراني غربي قام بالاعتداء علنا على زوجته أمام الناس في مطار أو مطعم أو حانة أو حتى في الشارع العام أمام المارة وهذه ليست أسرار بل تتداول عبر بعض وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة.
وكم من امرأة نصرانية غربية في كل من أمريكا وكندا وأوروبا وإستراليا توجهت لقسم الشرطة لعمل محضر تعدي عليها بالضرب من قبل زوجها، وهذه المحاضر لاتعتد إلا بوجود أدلة ظاهرة كما سبق وقلنا سواءً كانت كسور في العظام أو كدمات تحت العين أو في الوجه نتيجة الضرب، ومن سيبحث في الإحصائيات الرسمية لأقسام الشرطة في أمريكا وأوروبا وإستراليا سيتبين له ذلك .

انتشار ظاهرة الضرب في المجتمعات الغربية

لبيان انتشار ظاهرة العنف الأسري في الغرب الذي يدعي الحضارة والتطور واقصد به التطور الإنساني وليس المادي مايلي:-
1.    انتشار المنظمات والهيئات الحكومية والغير حكومية في الدول الأوروبية والتي تناهض مشكلة الاعتداء على الزوجات والعنف الأسري والتي عجزت عن القضاء على مشكلة الاعتداء العنيف على الزوجات من أزواجهن.
2.    وتلك الإعلانات المتكررة والدائمة في وسائلهم الإعلامية  المرئية أو المسموعة التي تحث على الإبلاغ فورا عن أي حالة تعدي من أحد الجيران على زوجته؟
3.    الأسئلة التي توجه بشكل دائم لأفراد المجتمعات الغربية والتي منها :-
     هل سبق لك وأن ضربت زوجتك ولو مرة واحدة؟
     هل رأيت أو سمعت يوما أبيك يضرب أمك؟
     هل سمعت قبلا أن أحدا من عائلتك قد ضرب زوجته؟
     هل سمعت قبلا أحدا من جيرانك يضرب زوجته؟
 
  والمقصود من سرد تلك الأسئلة فقط إثبات وجود ظاهرة الاعتداء على الزوجات من أزواجهن النصارى في كل من أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا , وهي ظاهرة منتشرة هناك إنتشارا كبيرا.
 
أخيراً يتبين لكل منصف فضل الإسلام على المرآة  وأنه هو الدين الوحيد الذي كرمها ورفع من شأنها وسما بها عن كل ما يخدش كرامتها ويمتهن عفتها وحذر اشد التحذير من ظلمها فقال صلى الله عليه وسلم :" إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم والمرآة " أحمد والنسائي وابن ماجة وهو في صحيح الجامع 2447

وصلى اللهم على سيدنا وحبيبنا المصطفى
وعلى آله وصحبه وسلم .....
 
تعليق على إسم الكتاب
والآن وبعد أن عرضنا موضوع ضرب المرأة في الإسلام من كافة جوانبه قد يقول قائل أنه يرى أن إسم الكتاب وهو تحريم ضرب النساء في الإسلام يتعارض مع الآية القرآنية الكريمة واضربوهن, ولكن نرد عليه بأنه قد قص الكلام بذاك المقص السحري والذي سبق وأن تحدثنا عنه في داخل الكتاب, فقد قص من الآية القرآنية الكلام الذي يسبق كلمة الضرب والكلام الذي بعد كلمة الضرب وترك لنا فقط كلمة الضرب, كمن يستشهد بالآية القرآنية لا تقربوا الصلاة دون أن يكمل الآية وأنتم سكارى, فقد قال الله عزوجل واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (سورة النساء الآية 34) وعلى هذا فالآية القرآنية تتحدث عن الزوجة الناشز ولا تتحدث عن المرأة على الإطلاق والتعميم!! ولكنها قيدت وحصرت الأمر على الزوجة الناشز, فلكأني قلت قطع يد الرجل بدلا من أن أقول قطع يد السارق, فالسارق والزاني والمرأة الناشز تطبق عليهم أحكام بصفتهم وشخصهم, أما الإسلام فلم يحل لا ضرب رجلا ولا إمرأة ولا طفلا, ولا أن يظلم أحدا أحد, وإنما رخص في تأديب الزوجة الناشز, والرخصة لا تعني القاعدة, وهذه حدود كما قلنا تطبق على المذنب بصفته وشخصه ولا تطبق على جنس معين رجلا كان أو إمرأة, كما تحظر الكنيسة على جنس المرأة على العموم من دخول الهيكل بداخل الكنيسة.
وهل المقصود من قوله تعالى واضربوهن هو الأمر بالضرب أم أن الضرب خيار متاح للرجل يعد الوعظ والهجر في الفراش؟ وهل في قوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا, وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض, وقوله تعالى فالآن باشروهن, وقوله تعالى فإذا تطهرن فأتوهن أمر بالفعل أم جواز للفعل إذا شئت أن تفعله ؟!!!
إن الظلم بكافة أنواعه محرم في الإسلام, ونحن نفخر بأن الإسلام هو الدين الوحيد والذي نص صراحة كحكم أول بتحريم ضرب النساء ثم إستثنى من ذلك تأديب الزوجة الناشز, خلافا لباقي الأديان الأخرى والتي ليس بها لا تحريم أو حتى كراهة لضرب النساء, ولم تضع حتى حدود للزوج إذا ضرب زوجته الناشز بألا يقرب الوجه أو يترك أثرا ... إلخ

 
الفهرس

المقدمة

الفصل الأول
تصنيف الأفعال طبقا للشريعة الإسلامية
التفريق بين الحلال والحرام

الفصل الثاني
معاملة الزوجة في ضوء القرءان الكريم والسنة المطهرة

الفصل الثالث
حكم ضرب الزوجة في الإسلام ؟
حكم القضاء الشرعي (الإسلامي) من ضرب المرأة

الفصل الرابع
الأحكام الشرعية في حالة  نشوز الزوجة

الفصل الخامس
معنى ومدلول كلمة الضرب في الإسلام

الفصل السادس
ضرب النساء في الاديان الأخرى

الفصل السابع
ضرب النساء في المجتمعات الغربية النصرانية