نحن نكره من يكرهه الله ورسوله ونحب من يحبه الله ورسوله
قرأت في جريدة الوطن – العدد الصادر في يوم الاثنين 9 من ذي القعدة مقالاً بعنوان: [لماذا نحول ديننا إلى دين كره لكل مختلف عنا] للكاتبة: ليلى الأحدب تدعو فيه إلى محبة الكفار تقول لأنهم اخترعوا المخترعات النافعة دون نظر إلى دينهم متناسية أو ناسية قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) وعدو الله هو الكافر كما قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) وقال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) وقال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) فهل نترك هذه الآيات وأمثالها وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن سلف الأمة وأئمتها التي تدل على وجوب بغض الكفار ومعاداتهم في الله هل نترك ذلك كله لرأي ليلى الأحدب ومن شاركها هذا الرأي الضال – إن عقيدة الولاء والبراء في الكتاب والسنة باب عظيم من أبواب عقيدة المسلمين سوف نتمسك به – إن شاء الله – وندرسه لأولادنا رضي من رضي وسخط من سخط فنحن نطلب رضا الله ولا نطلب رضا الناس قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فهم لا يرضون عنا إلا إذا تركنا ديننا واتبعناهم ولا يقولون بحرية العقيدة كما تقول الكاتبة وأما المخترعات المفيدة التي اخترعوها فنحن نستعملها ونستفيد منها لأنها مما أخرجها الله لنا كما قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ونحن نشتريها منهم بأموالنا فليس لهم فيها منة علينا وفضل وهذا من التعامل المباح معهم ولا يعني محبتهم وإنما هو تبادل مصالح مشتركة أما اقتراح الكاتبة أننا لا نعلم أطفالنا عقيدة الولاء والبراء الواردة في الكتاب والسنة فهو اقتراح خاطئ لأننا إذا لم نعلمهم أصول العقيدة باعتدال ووسطية فسيعلمهم إياها غيرنا بغلو وتطرف وأما الإحسان إلى من لم يسيئ إلى الإسلام والمسلمين منهم فقد أمر الله تعالى به من باب المكافأة لا من باب المحبة قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وكذا الإحسان إلى الجار الكافر واجب بحكم الجوار ولا يعني ذلك محبتهم فنحن نحسن إليهم وإن كنا لا نحبهم لأن ديننا دين الوفاء والإحسان من غير مداهنة وتنازل عن شيء من ديننا هذا وأرجو من الكاتبة أن لا تدخل في مواضيع لا تحسنها لاسيما إذا كانت مواضيع من أصول الدين كالولاء والبراء فتعرض نفسها لمثل هذا الخطأ وأما استدلال الكاتبة بقول الله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) فهو استدلال في غير محله لأن الآية تعني سد الذريعة التي تفضي إلى مسبة الله سبحانه وتعالى بحيث إذا سببنا آلهتهم سبوا الله تعالى عدواً بغير علم ولا تعني الآية النهي عن البراءة من الكفار وكذلك استدلال الكاتبة بقوله تعالى: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) على عدم كراهية المؤمن للكافر استدلال في غير محله فالآية تعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية القلوب لأن ذلك لا يقدر عليه إلا الله قال تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) ولا تعني الآية ترك عقيدة الولاء والبراء ولا ترك الدعوة إلى الله التي هي هداية الدلالة والإرشاد ولا تعني الآية تركهم على كفرهم وعدم دعوتهم إلى الله بحجة أن لهم الحرية في عقيدتهم كما تقول الكاتبة هذا وأترك بقية ما ذكرته الكاتبة في مقالها من مغالطات تحملها النصوص القرآنية بغير علم وأسأل الله لنا ولها الهداية لمعرفة الحق والعمل به إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
© Copyright Islam land أرض الإسلام . All Rights Reserved 2017